ملفات خاصة

 
 
 

«آخر أيام المدينة» الاغتراب في قاهرة تامر السعيد

إعداد وحوار: آلاء حسانين

عن فيلم

«آخر أيام المدينة»

   
 
 
 
 
 
 

«آخر أيام المدينة» الاغتراب في قاهرة تامر السعيد

بواسطة آلاء حسانين

إعداد وحوار: آلاء حسانين

 

(كان أملي هو أن أصنع فيلماً يتعدد بتعدد مشاهديه، بحيث إذا شاهد الفيلم ثلاثون شخصاً، فإننا نكون أمام ثلاثين فيلماً، ولا أعرف إذا نجحت بهذا الأمر أم لا، لكن تمنيت أن يسمح الفيلم لكل مشاهد بإعادة تركيبه على طريقته، بحيث يشتبك الفيلم مع الجمهور، ويحصل كل منهم على قصته)... تامر السعيد

وأنا أشاهد فيلم آخر أيام المدينة لتامر السعيد، طرأ على بالي غريب كامو (مارسو) ووجدت بداية شبهاً بينه وبين خالد، بطل تامر السعيد، وهو يعبر مدينته صامتاً، غير متفاعل مع شيء حوله، ولو سئل عن ذلك، فربما لن يستعير قول مارسو إذ يقول: (إنني لا أجد شيئاً ذا أهمية أقوله، فأصمت.) بل خالد، ربما سيصمت عند هذا أيضاً.

صمت خالد هو المعادل العكسي لصخب القاهرة في الفيلم، وهو ما يمنحه التوازن، كما أنه التعبير الأمثل عن كل ما تراه عيناه، أعني إذا ما اضطر أن يشتبك مع القاهرة، لأنه لا يتفاعل مع محيطه إلا للضرورة.. ينسل من بين الزحام كأنه يعبر فوقه، يمر على الأحداث أو تمر عليه، دونما تفاعل.. لكن صمته ليس نابعاً من هدوء داخلي، بل على العكس، فهو ممتلئ بالصخب الذي لا يعرف كيف يتعامل معه، كما أنه محاط بالوحدة.. فعلى الرغم من أن لديه أصدقاء تربطه بهم صداقات عميقة، وحبيبة، وأم، وأمكنة يلجأ إليها، إلا أنه وحيد كُليّاً، ومعزول. ولا شيء بإمكانه أن يفعله ليوقف ذلك، لأنه يتصدع، كما المدينة من حوله.. ويتداعى معها: رفاقه يتفرقون في الأرض، وحبيبته تفلت منه، وأمه على وشك أن تموت.

ويعي خالد بأنه لا يملك أن يفعل شيئاً ليوقف انجراف المدينة، ولا يمكنه أن يرتق حياته بمعزل عنها، لأنه في المحصلة الأخيرة مجرد فرد آخر، سينزلق حتماً إذا ما بدأ سيل المدينة الكبير، وستجرف حياته معه، مثل خشبة أو جرذ ميت. وبناء على ذلك، يقف متفرجاً، ويلام ممن حوله على كونه سلبياً، ولا يعيش.. لكنه يلتزم الصمت هنا أيضاً، إذ كيف سيقول لهم إن الطوفان قادم، وإن الأمل نفسه، ستسيل محاجره السوداء على وجه المدينة.. وإن الناس سيعلّقون أنفسهم، ليس على الكروم هذه المرة.. بل على جذوع ميتة، ويابسة.. إذا وجدوها.

يعيش خالد مُثقلاً بالخوف واليأس، ومتجاوزاً لهما في الآن ذاته، أو مُتجاهلاً. فهو لم يحرق نفسه هلعاً، ولم يتشدق على النقيض، بأمل كاذب ينبع في الأصل من هلع آخر، ففريقا الأمل واليأس كلاهما خائفان، ويعجلان في انهيار المدينة. أما خالد، فيمشي فيها وهو يبصر الخراب الذي سيحل، ينظر إلى الأبنية ولا يرى سوى ركام، يعرف يقيناً أن المدينة آيلة للهدم، وأن جميع الأنبياء ماتوا، وإذا ما أنصتنا قليلاً، فإننا سنسمع صهيل القيامة القادمة على خيول سوداء.

وللتعامل مع هذا الوضع، يختار خالد أن يراقب، وأن يُسجل، ليس بدافع التغيير، أو الرغبة فيه.. فهو يعرف أنه ما من جدوى من ذلك، لكنه يرفع كاميرته ويصور، دون أهداف أو خطط واضحة، غير أن يحفظ وجه المدينة، الذي سيشيخ قريباً. يصور أمه وهي تحتضر، يصور أصدقاءه، إذ يجتمع بهم في القاهرة بعد انقطاع طويل، يصور حبيبته التي خنقتها القاهرة، ودفعتها للمغادرة، كما يصور شخصيات أخرى، طالباً منهم أن يحكوا وحسب.. لا يريد أن يغير شيئاً، أو أن يعالج شيئاً، أو أن يحيي شيئاً، لكنه ربما يريد أن يقبض على شيء قد يزول سريعاً. وبما أن الأشياء كلها تتركه، وهو مستسلم لذلك، فيكتفي، متجاوزاً ليأسه، أن يحتفظ ببعض الذكريات، قبل أن يفلت يده.

ذات ليلة هرع خالد إلى أحد أصدقائه، فسأله بينما يعد له القهوة: ما بك؟ أجاب بنبرة هادئة وممتلئة: لا شيء، الأشياء فقط كثيرة. ومن هذا الزخم يمكن النظر إلى خالد، فهو يقول لا شيء، بينما صوته يجيء محملاً بالأشياء كلها. ولا عجب أن اسم الفيلم الأولي كان: قصة طويلة عن الحزن، فالحزن الناجم غالباً عن الخسارة، هو ما يوحد بين الشخصيات، ويختلفون فقط في طريقة تعاطيهم معه.

ففي المشفى، تحكي أم خالد عن خسارتها لابنتها الصغيرة في حادث أثناء عودتهم من ليبيا، فتقول: حتى الآن، ما زلت أشعر بها تركض خلفي وتمسك بثيابي. ورغم مرور عدة عقود على هذا الحادث، إلا أنها ما تزال تجره خلفها، وتحمل كل ليلة جثة ابنتها الميتة وتضعها في الفراش.

يسأل خالد أمه: هل تتألمين؟

فتقول: نعم، ثم تسأله، ما بي؟

فيجيبها: لا شيء، فقط كبرتِ في السن.

وقد تكون غرفة الأم في المشفى هي أكثر الأمكنة التي يشعر خالد بالأمان فيها، فهو من حين لآخر يهرب إليها من الوحش الذي تمثله المدينة، كأنه -بتعبير سيلفيا بلاث- يزحف عائداً إلى الرحم.

ثم يغادر مرة أخرى ليعيد الاشتباك مع القاهرة، وليكمل بحثه الأبدي على منزل، إذ يقول له أصدقاؤه ساخرين: أنت لا تغادر، فقط تبحث إلى الأبد.. فبشكل يوميّ، يقوم بجولة برفقة سمسار عقارات على شقق في محيط وسط البلد، لكنه لا يجد ما يناسبه، ينتقل من شقة إلى أخرى وهو يقول: لا، ليست هذه. وبصوت متعجب يقول: كل ما أريده هو حجرة وصالة!

فرغم ضآلة ما يبحث عنه، إلا أنه يشقى في إيجاده.

عم يبحث خالد بالضبط؟ فهو لا يكف بالدوران حول نفسه، في مدينة لا أول لها ولا آخر، يتجنبها مثلما يتجنب حبيبة قديمة، إذ تقول له حنان، وهي إحدى شخصيات الفيلم، إن حبه للقاهرة مشوب بالحزن، وتلومه لأنه لا يعيش حياته، فهو حتى لا يفتح نوافذ منزله، لكن كيف سيقول لها إن النوافذ ستسمح للمدينة بالدخول، وإنه يريد منها أن تبقى في الخارج؟

يتحرك خالد في دوائر محددة، فرغم أن القاهرة مدينة شاسعة، غير أنه بالكاد يخرج من منطقة وسط البلد، فهو يألفها، ويعرفها، وفيها، تتضاءل حتمية ضياعه.

يطلب خالد من حنان أن تحكي عن منزل أمها، الذي على وشك أن يهدم، لكنها لا ترغب بأن تتحدث عن الماضي، وتطلب منه أن يغادر ماضيه، ويجلس قبالة الحاضر.

وهذا بالضبط ما بعث به إليه صديقه العراقي حسن، إذ يجيء صوته من الماضي مسجلاً فيقول: خالد، صديقي، اعبر البداية، ابدأ من المنتصف، افتح باب روحك للهوا، وعيش!

لكن كيف يعيش خالد وسط هذه المدن المحقونة بالموت؟ كيف يعبر الشوارع دون أن يدوس على الجثث، التي كانت، والتي ستجيء؟ كيف يمكنه على الأقل ألا يرى الدم يتقطر من مواسير المياه في الشارع؟ وهذا بالضبط ما ناقشه أصدقاؤه الثلاثة باسم وطارق وحسن حين جمعت بينهم القاهرة، وهم صناع أفلام من العراق وبيروت، إذ خاضوا نقاشات طويلة عن الأوطان في ليل يقطر شجناً..

فباسم، وهو عراقي اختار مغادرة بغداد إلى برلين، يقول لهم، ربما مبرراً تفضيله وثيقة المهاجر على البقاء في العراق: فكرتكم عن مدنكم عاطفية للغاية، بالنسبة لي، بغداد هي فكرة، أستطيع أن أحملها في أي مكان، أن أزرعها مثل أية نبتة، وستثمر.

ثم يحاول إقناع حسن ليترك بغداد ويذهب معه إلى برلين، فيقول: لا تدفع الثمن! تعال إلى برلين وجرب حياتك هناك. غير أن الآخر يثور غاضباً: هل حياتي مجرد حقيبة أحملها فقط وينتهي الأمر؟

وعلى مدار الفيلم يحتد النقاش بينهما، فهما يحبان بغداد، كل على طريقته. لكن طارق لم يستطع تحمل رؤية مدينته تتغير، وتفجرت رغبته بالمغادرة بعدما مرت من أمامه ذات يوم سيارة تحمل جثة في صندوقها، وخيط طويل من الدم يسيل منها ويمتد على طول الطريق. أما حسن، فقد بقي، لأنه أراد، بعاطفة شديدة، أن يمسح هذا الدم الممتد منذ مئات السنين.. ولم يستطع. ينتهي الفيلم بصوته قادماً من بعيد عبر الهاتف، يقول: خالد.. ثم يصمتُ طويلاً، وأخبار عن انفجارات في بغداد تتردد عبر محطات الأخبار.

من منهما كان مُحقّاً؟ ولأجل ماذا انقضت ساعات نقاشهما الطويلة في ليالي القاهرة، ما دام البقاء في الوطن ليس أفضل من مغادرته، وإن قدم لك المنفى امتياز أن تختار موتك.

أما باسم، الذي يحمل في يده كاميرا على الدوام ويحاول التقاط كل شيء في القاهرة، إذ يقول: هذه القاهرة تمنحك صوراً طارفة، ولا أظن بأن هناك مدينة في العالم تستطيع أن تمنحك أكثر من عشرين ألف صورة في الثانية مثلما تفعل القاهرة. أظن أن المرء إذا جلس هنا لوقت أطول، فإنه سيتوقف عن الرؤية، لأن هذه الصور ستتحول إلى ضجيج. ثم يتنهد حين يُسأل عن عدم تصويره لبيروت حتى هذه اللحظة ويقول: لأن بيروت كذبة، أخاف إذا صورتها أن أكتشف أنني بلا مدينة، حينها سأضطر أن أذهب أنا أيضاً إلى برلين.. ثم يضحكون ساخرين، والذي يضحك هنا، هو الحزن، المرثية الطويلة التي يُنشدها الفيلم، فخالد إذ يمشي في القاهرة، في مدينة مزدحمة بكل شيء، إلا أنه بالكاد يختلط مع محيطه، بالكاد يتحدث مع أحد، ويشتبك في أي نزاعات.. يمر من بين الاشتباكات، يرى أناساً يُضربون بقسوة في الأزقة.. عربات للأمن تأتي وتذهب، متظاهرون ومشجعون لكرة القدم، نيران في كل مكان، وهو لا يفعل شيئاً غير أن يمر، ويشاهد فقط.. مهما تغيرت الظروف الخارجية، مهما تبدلت، فعلى مدار أكثر من عشر سنوات، وخالد، يشاهد فقط، ويبحث عن شقة.

تقول له حنان، إحدى شخصيات الفيلم: لا أريد أن أعيش في الماضي. رافضة بذلك أن تحكي حكايتها، أو بالأحرى، حكاية منزلها في مدينة الإسكندرية الذي على وشك أن يهدم.

وإضافة إلى ذلك، يحاول خالد التقاط ترسبات الزمن على وجه مدينته، ربما ليبقى بعيداً عن صراعاته الداخلية، التي تظهر جلية في كل ما حوله، فالقاهرة هنا، ليست محيطاً خارجياً فحسب، بل هي مرآته. بكل تناقضاتها، بالزحام، بالباعة المتجولين، بالمانكان العارية التي صارت تُغطى بالجرائد، وهذا يعكس تحول المدينة في فترة ما، لكن خالد لا يحاول التعامل مع هذا التغيير، ليس مثل أصدقائه الذين حسموا أمرهم مع مدنهم، أحدهم غادرها، والآخر اختار أن يموت فيها، والثالث تجرأ وقام بتصويرها أخيراً، بل وواجه خوفه القديم بأن مشى لأول مرة في زقاق ضيق، كان شاهداً على حرب ما.

حتى حبيبته، ليلى، حسمت أمرها مع المدينة وقررت تركها، وتركه.. فيما رنين الهاتف المتروك دون إجابة هو ما يجمع بينهما، ويفصل أيضاً.

أما مريم، وهي إحدى شخصيات الفيلم الذي يصوره خالد، والتي حكت عن والدها الذي مات في حريق مسرح في بني سويف فتقول: أحياناً وأنا أصنع القهوة أقرب يدي من النار، لأعرف كيف يبدو الأمر.. تحسم أمرها هي أيضاً بأن تنتقل من شقتها لأجل أن تعيد جمع أشلاء روحها. وهذا الفعل الذي لم يقدر عليه خالد، فأشلاؤه متناثرة في شقته، وفي المدينة، وفي حياته التي يحاول أن يُركب قطعها، ما بين أمه التي تحتضر في المشفى، وذكرى أخته التي ماتت في طفولتها، ووالده الميت الذي يحاول أن يعرف عنه أكثر، فيذهب ليلتقي بزملائه ويسألهم عنه، لكنه يفاجأ بأنهم لا يتذكرونه.

البعض يقول إن آخر أيام المدينة هو فيلم عن الخسارة، ليست فقط لأنها عامل مشترك بين جميع الشخصيات بما فيهم المدينة، بل أيضاً لكونها قدراً محتماً، لا يمكن الفرار منه حتى بالذهاب إلى برلين. والبعض الآخر يقول إنه فيلم عن الصداقة، حتى تامر السعيد نفسه، الذي يشير إلى أن في الفيلم احتفاء غير معهود بالأصدقاء، لأنهم أحد أسباب النجاة الرئيسية في حياته، وأيضاً في حياة الفيلم، الذي ما كان ليظهر لولا وجود أصدقاء يؤمنون به ويدعمونه.

هناك أيضاً من يرى أن الفيلم عن المدينة الكبيرة، أو عن الشعور بالعزلة في المدينة القاهرة. وليس من الصواب في نظري أن يكون للفيلم موضوعاً محدداً، أو هدفاً، أو مغزى.. لأن الفيلم أولاً قد يحمل كل ذلك، وأكثر. وثانياً ربما لأنه لا وجوب لشيء في الفن، فهو المكان الذي تختفي فيه الحدود، وهو إحدى المساحات الضئيلة، التي يستطيع فيها المرء أن يكون أي شيء، أو لا يكون حتى.. دون أن يضطر إلى تبرير نفسه، أو عمله.

وبالحديث عن الحدود، يقر تامر السعيد بكرهه التام لها، حيث يقول إن المطارات مثلاً هي أكثر الأمكنة التي يكرهها، لأنها تذكر الناس باختلافهم الذي قد يكون شكلياً وواهياً.. لذلك حاول في فيلمه أن يموه الحدود تماماً، الحدود بين الدرامي والوثائقي، بين الواقعي والخيالي، بين الكلام الذي قيل والكلام الذي لم يمنح الفرصة ليُقال، فصار صمتاً.

وبالرغم من أن خالد هو بطل فيلم آخر أيام المدينة، غير أن تامر السعيد يقول إن الفيلم ليس عن خالد، فقد قصد تامر السعيد أن تكون شخصية خالد مسطحة، بحيث يمكنه أن يكون كل واحد فينا، فخالد ما هو سوى انعكاس للخوف فينا، وبتعبير أفضل، هو (الشبح) الذي نخشى كلنا أن نصيره مثلما يقول، كما أنه حلقة وصل بين جميع شخصيات الفيلم، بما فيهم المدينة.

ومن الملاحظ أن الفيلم يضم شخصيات نسائية عديدة، فيقول المخرج تامر السعيد: النساء في الفيلم رغم ظهورهن البسيط، غير أنهن فاعلات، وقد كنتُ محظوظاً بمعرفة العديد من النساء المؤثرات في حياتي واللواتي تعلمت منهن الكثير. كما يضيف: كل شخصية في الفيلم تمثل نفسها، فليلى مثلاً، لا تعبر عن النساء في مصر أو ما شابه، بل عن ليلى فقط، وما يهمها أو يحزنها، وكذلك بقية الشخصيات. فالقصص عرضت بشكل إنساني بحت، ورغم انزعاج البعض من الشخصيات الرجالية في الفيلم، إلا أنها شخصيات إنسانية حقيقية لم تخجل من التعبير عن ضعفها وحزنها وهشاشتها.

وإذا صح أن يكون الفيلم عن شيء ما، فهو عن المدينة التي تقهر أبناءها، وبالعودة إلى سنة بداية صناعته أي 2007، فيقول تامر السعيد: بدأت بصناعة الفيلم في ذلك الوقت لأني أردت أن أكتشف ماذا تعني لي المدينة، كما أنني كنت مأخوذاً بسؤال: من تقهر القاهرة الآن؟ لأن سبب تسمية القاهرة بهذا الاسم هو أنها تقهر الأعداء.

استمرت رحلة تامر السعيد في صناعة الفيلم عشر سنوات، وآخر أيام المدينة ليس فيلماً واحداً، بل مجموعة أفلام تضم قصصاً حقيقية لشخصيات إنسانية عديدة، وتطرح أسئلة كثيرة عن علاقة الأفراد بمدنهم، بماضيها الثقيل وحاضرها الهش ومستقبلها المجهول.

وبرأيي فإن أية كتابة ستكون قاصرة أمام تحفة سينمائية عظيمة مثل آخر أيام المدينة، حيث يعده البعض أهم فيلم مصري في العقد الأخير، لكن ربما نشير إلى بعض الأشياء المميزة في الفيلم، مثل شريط الصوت الذي اشتغل المخرج عليه بالتوازي مع اشتغاله على صورة الفيلم، فصوت آخر أيام المدينة يمكن أن يعد فيلماً منفصلاً، حاول فيه تامر السعيد أن يخلق من صخب القاهرة وشجن أبنائها هذه السمفونية الآسرة، فيقول إنه اشتغل مع فريقه على الصوت فقط مدة عام كامل.

كما نشير أيضاً إلى اختيار اللون الأصفر الترابي للفيلم، مما منحه حساً غبارياً، يستطيع معظم من يشاهده أن يستعيد هيئة أجواء القاهرة الخانقة.

والآن، وبعد عشر سنوات من صناعة الفيلم، الذي عرض لأول مرة في مهرجان برلين عام 2016، من يستطيع أن يلوم خالد؟ الذي صرناه كلنا بشكل أو بآخر. ففي عالم يتداعى، يُعد بقاء المرء حياً فقط هو إنجاز جبار يستحق أن يُحتفى به.

حصل فيلم آخر أيام المدينة على جوائز عديدة منها: الجائزة الكبرى لأحسن فيلم وجائزة لجنة تحكيم الشباب في مهرجان أفلام القارات الثلاث الذي عقد بمدينة (نانت الفرنسية)، كما حصل على جائزة (كاليجاري) في مهرجان برلين 2016، وجائزة أحسن إخراج في مهرجان بوينس آيرس في الأرجنتين، والجائزة الكبرى لأحسن فيلم في مهرجان آفاق جديدة في مدينة فروسلاف البولندية، وأحسن فيلم روائي طويل في مهرجان سان فرانسيسكو للفيلم العربي في الولايات المتحدة الأمريكية، كما حصل على جائزة النقاد في مهرجان كان السينمائي 2016.

وما يزال فيلم آخر أيام المدينة يحصد العديد من الجوائز حتى الآن، ويعرض في بلدان مختلفة وينال استحسان الجماهير، ومن المؤكد أن السينما العربية ستتذكر هذا الفيلم طويلاً.

 

المجلة العربية في

06.07.2020

 
 
 
 
 

فيلم اخر ايام المدينة للمخرج تامر السعيد

موفق الرسام

قلّما اُقدم فيلماً عربياً..وبالذات من السينما المصرية لاني تعبت من الافلام الاستهلاكية التي تستهدف شباك التذاكر فقط ولا تتوخى ذائقة المشاهد..ولان مخرجي مصر من السابقين واللاحقين باتوا يتهيبون من التجريب لما فيه من مخاطرة مادية...مع بعض الاستثناءات طبعاً لكنها بالكاد تُذكر..وفيلمنا اليوم يحمل كل معطيات المخاطرة السينمائية بكل ما تحمل من معنى..

بداية من اختيار الثيمة المُركّبة...وانتهاءا باستخدام ممثلين هم مجموعة مخرجين ونقاد سينما شباب مغمورين..وليسو بكل تاكيد نجوم شباك..وهؤلاء هم ابطال مستوى واحد من مجموع مستويات الفيلم...

قبل كل شئ اود ان انوّه ان اختلاف هذا الفيلم عن اي فيلم مصري او عربي اخر هو انه فيلم بصري اولاً..وليس فيلم قصة..انه لا يحكي لنا حدوتة ما.. لها بداية ووسط ونهاية " زي الناس" - على الاطلاق- وهو من الافلام التي لا تستطيع كمشاهد ان تترك الفيلم للحظة او حتى ثانية لتُعدّ لنفسك كوباً من الشاي..ناهيك عن ان تشاهده وانت تتناول وجبة ما..انه يقدم لك الوجبة التي لا غنى عنها ولو سهوت لحظة..عليك ان تُعيد الشريط لتفهم.. انه فيلم تتحدث فيه الكاميرا اكثر من حوارات الممثلين ..بل ان الممثلين مهمتهم ان يشغلونا عن القصة الحقيقية..ولم يقوموا ابدا بتوضيحها لنا كمشاهدين..بل يبثون همهم الذاتي رغم انه ليس موضوع الفيلم بتاتاً

وتلك لعبة لعبها المخرج بادراك عال لتبعاتها لانه قدم لنا فيلماً يبدو انه يشبه الافلام الوثائقية في ستايل التصوير وحركة الكاميرا المحمولة ورغبته الجامحة دوما والجانحة الى مفاجاة من يصورهم بل ان يمنح بعضهم حرية ان يصوروا لقطات ومشاهد يضمها الى شريطه..ناهيك عن اللقطات القريبة من الوجوه لترصد خوف عيونهم ورغبتها العارمة بالهرب..الى اين ؟..لا ندري..وكل ذلك ليس بالعبث ولا رغبة بزيادة مذاق اللمسة الوثائقية..

وهنا ساعطيكم مثالا واضحا على ما اراد المخرج الشاب والواعد تامر السعيد ان يقدمه...اجزم ان كل من يقرا الان قد شاهد فيلم "الجمال الامريكي" American Beauty والذي كان من بطولة المبدع كيفن سبيسي والرائعة انيت بانينغ ومن اخراج سام ميندس والذي حصل على جوائز اوسكار عدّة...وفيه تبدو لقطة عابرة لكنها تحمل ثيمة عظيمة استخدمها تامر السعيد اجمل استخدام..اللقطة العابرة كانت عندما يدعوالممثل الشاب حبيبته لمشاهدة اجمل فيديو التقطه بكاميرته الشخصية وكانت المفاجاة ان الفيديو هو لمجرد كيس بلاستيكي تتلاعب به الريح بحركة دائرية..تتحكم به لدقائق فلا هو يستكين ولا هو يكمل طيرانه....انتهى المشهد من الفيلم الاميريكي.

هنا ياتي تامر السعيد ليُضمّن فيلمه اكثر من قصة صغيرة وحدوتة لا اهمية لها الا انها تستمد جمالها من عمرها القصير وعبثية اللحظة بل من عدم قدرة الاشياء بالتحكم بمصائرها وهنا كانت مصائر كل ابطال الفيلم..انها ثيمة وجودية عميقة عالية الفلسفة , فائقة الجمال وكان مصير خالد بطل الفيلم ليس افضل من اي عنصر من عناصره...لذا نراه يصور بيتا ايلا للسقوط وكل تفاصيل عملية الهدم..وكيف ان من يهدمون البيت لم يتجشموا عناء رفع الاثاث من داخل الشقق بل هدموا البيت عليها فيهيلون التراب على الذكريات ويلتقطون من الرُكام رسائل حب او فواتير مستشفى او ربما وصل امانة ويتوقف العامل عن الهدم ليطلع على الورقة او الرسالة لقراءتها ومعه نحن في ترقب...وناملُ ان يحتفظ بها في جيبه..الا انه يمزقها ويرميها للريح فتلتقطها الكاميرا وتراقب سقوطها البطئ وكانه حلم لانسان مر من هنا وها هو الحلم يندثر..مشاهد مؤلمة وبعضها يقتل الروح وبعضها يزرع العشق للحياة...وعلى هذا المنوال نرى مشاهد من مدُن حزينة يرسلها اصدقاء تامر من عواصم اخرى كبغداد اثناء احداث الغزو والقتل والموت المجاني ومشاهد لانعكاسات مياه نهر دجلة ووجه صديقه العراقي حسن.. الخائف العاشق لمدينته المسكونة بالرعب والموت لكنها تبقى جميلة كحسناء احترق وجهها ومع ذلك بقي جميلا...ومشاهد اخرى من بيروت التي ترفل بالامان الا ان صديقهم باسم لا يستطيع تصوير المدينة لفرط ما يخفي جمالها قبحا والما يغطيه بريق سهرات النوادي ومجون الحفلات الراقصة التي يعزفُ عنها باسم مكتفيا بتصوير سياج حديدي على البحر او ان يقول لصديقه لا سامحك الله كيف جعلتني اصور خوفي وهلعي من مدينتي...

ان ثيمة الفيلم تُختصر بمشهد عابر عندما يكون المونتير جالسا في جلسة مونتاج مع مخرج الفيلم وبطله خالد ..ثم يتوقف فجاة رافضا الاستمرار. فيلحق به خالد متساءلاً لماذا فيجيب المونتير ويمنحنا دون ان نعلم ثيمة الفيلم: لا ادري ماذا تُريد ..ولا ادري ما الرابط بين مشاهد والدتك المحتضرة ومشاهد حطام البيوت ومشاهد بغداد وبيروت..ثم تصور من وسط البلد في القاهرة...اني احس انني اضيّع وقتي...

ان ثيمة الفيلم هي انه ليس اخر ايام المدينة...بل هو اخر انفاس يلفظها الانسان..انسان يفقد انسانيته جزءاً فجزءاً في كل لحظة..عندما يخسر حبيبته المهاجرة..وعندما يعلم ان من عملوا مع والده في التلفزيون لا يتذكرونه على الاطلاق..وعندما يهاجر الصديق من مدينته التي يعشقها الى برلين ويمنحونه الحماية بشرط ان لا يزور العراق وبغداد وعندما يخاف ابن بيروت من تصويرها لانه يخاف من زيف ذلك الجمال وعندما يكون هناك شخص معمّر..تُختصر حياته بان يجلس في بالكونة شقته وحيدا لا يجد حتى من يستذكر الذكريات معه..انه موت الانسان..ومغادرة الروح للجسد قبل الموت....ولياتي الموت على مهله....

في الفيلم لقطات قناص للمجتمع وحكاياته..فمن يُصلّون في الشوارع ويغلقونها بوجه المارة وتعج بهم احياء المدينة يتشابهون مع عساكر مكافحة الشغب الذين يغلقون الشوارع بوجه كل من ينادي بالحرية..وعندما يكون في الفيلم قبلة واحدة يتيمة من خالد لحبيبته في غفلة من الزمن ولكي يتكثّف الشعور بخرق القانون نرى حبيبته تنزل من شقته لترى شرطي المرور يمنحها مخالفة لانها ركنت سيارتها بطريقة تخالف القانون...وعندما نرى خالد يفتح شبابيك بيته وهو يهمُّ بالقفز للانتحار...

وهناك مشاهد تجعلنا نبكي ونضحك بنفس الوقت..! عندما تسرد لنا الكاميرا حكاية مانيكانات محل الملابس...فعندما ياتون بالمانيكان بلا ملابس تكون الاجسام الانثوية الفارعة الطول من اجمل ما يمكن بحركات ودلال وجمال صارم...تسترعي انتباه خالد لكن سرعان ما يبدا صاحب المحل بتغطية زجاج المحل بالجرائد لمنع المارة من مشاهدة الاجساد العارية حتى ولو كانت لتماثيل...ثم تتبعها لحظة اماطة اللثام عن المحل فاذا بالمانيكانات الجميلة ذات الملامح الاوروبية قد البسوها الاثواب الاسلامية السوداء وغطوا وجوهها بالخمار الاسود...فلا جمال ولا ملامح...ولا شئ البتة...انها اشكالية المجتمع وقيوده وتكبيل الروح عن التحليق..حتى تموت وتتلقفها الريح مثل ذلك الكيس البلاستيكي...ولا نحتاج لبيان الى ماذا يرمز كل هذا..

فيلم حساس جدا..يلمس موضوعا انسانيا..هو اننا نموت ونحن احياء ان تركنا الحياة يتلقفها منا من يرفضون ويقننون ويكبتون..فترفرف ارواحنا تواقة للحرية..واحيانا للموت..

موسيقى الفيلم هي موسيقى خاصة تتتلخص بحوارات بين التين وعازفين على الة التشيللو والكمان وهما فيكتور مويس و اميلي ليجراند وهي موسيقى حائرة تحمل الما وتوقاً للهرب..دون ايقاع ودون ريتم..تتشابه الى حد ما مع الموسيقى اليابانية التقليدية...الوتريات هي افضل معبر عن ازمة الروح و تيهها ... واختيارها كان ليصور بالموسيقى قفز الروح المعذبة كعصفور في قفص او مثل تساقط اوراق الشجر ..انقطاع.. طيران ثم سقوط..

وايقاع الفيلم يتارجح بين ابتسامات الم وضياع وتيه ومشاهدات لثوار وعساكر ..وكلهم اسرى في ذات المحيط يعيشون على مضض..

اخر ايام المدينة..اخر ايام الانسان...

 

الـ FaceBook في

21.01.2021

 
 
 
 
 

مصر: الموافقة على عرض فيلم "آخر أيام المدينة" بعد 4 سنوات من التقاضي

القاهرة/ صفية عامر

بعد أربع سنوات من التقاضي، قررت محكمة القضاء الإداري المصرية اليوم الأحد 25 يوليو/تموز، قبول الدعوى رقم 16441، المقامة من المخرج، تامر سعيد، ضد وزير الثقافة ورئيس المجلس الأعلى للثقافة منذ عام 2017.

ويطعن سعيد في امتناع الإدارة المركزية للرقابة على المصنفات الفنية عن منح فيلم "آخر أيام المدينة" ترخيصاً بالعرض العام، وهو ما صرح به محامي مخرج الفيلم محمود عثمان، عبر صفحته على "فيسبوك".

وكتب المحامي: "ألف مبروك لينا يا تامر ولكل صناع السينما، بعد كفاح 4 سنين أخيراً فيلم "آخر أيام المدينة" مصرح له بالعرض العام، بقوة القانون وبرأي هيئة مفوضي الدولة وحكم محكمة القضاء الإداري". 

وكانت الرقابة على المصنفات الفنية قد رفضت منح الفيلم تصريحاً لإجازة عرضه بدور العرض السينمائية، بعد قرار التأجيل الذي اتخذته لجنة المشاهدة بالرقابة لحين الانتهاء من مشاهدة النسخ كاملة، لأن الفيلم، بحسب القرار، يحمل إسقاطات سياسية وجدتها اللجنة في حينها مبالغاً فيها، وكذلك بسبب تورط صناع العمل في عدد من المشاكل.

الفيلم من إﺧﺮاﺝ تامر السعيد، وشاركته رشا سلطي في كتابة السيناريو، ومن بطولة خالد عبد الله، ومريم صالح، وعلي صبحي. تم تصوير الفيلم على مدار عامين ونصف قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011 ، وتم الانتهاء من المونتاج بعدها.

وتدور أحداثه في عام 2009، داخل العاصمة المصرية القاهرة، حول المخرج الشاب خالد الذي يحاول أن يصنع فيلماً عن تلك المدينة، والأحلام التي تملأ سكانها. في الوقت الذي يواجه فيه احتمالية أن يتم طرده من شقته، وأن تهاجر الفتاة التي يحبها خارج مصر.

الفيلم حاز جائزة كاليجاري من مهرجان برلين السينمائي الدولي لعام 2016، وكان من المقرر عرض الفيلم ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته من نفس العام، ثم اعتذرت إدارة المهرجان عن قبوله. وفي بيانها أوضحت أن أسباب الرفض هي كون الفيلم قد تم عرضه بما يقارب الـ10 مهرجانات، وهو ما يخالف لائحة المهرجان.

وكتبت يسرا الهواري: ‏"انتصارات كبيرة، ولو بعد حين، مبروك لتامر ولصناع الفيلم، وللمحامي محمود عثمان". 

وعلقت الصحافية رشا عزب: ‏"الناس اللي اتعمل عنها ومنها الفيلم، من حقها تشوف فيلم آخر أيام المدينة، بعد عشر سنين من الشغل وإشادة نقدية مصرية ودولية واسعة وكمان حكم قضائي، علي الرقابة المصرية السماح بعرضه".

 

العربي الجديد اللندنية في

25.07.2021

 
 
 
 
 

بعد نزاع 4 سنوات.. القضاء الإداري يلزم الرقابة بالتصريح بعرض فيلم "أخر أيام المدينة"

كتب-مصطفى حمزة:

بعد نزاع قضائي دام 4 سنوات، قررت الدائرة الثانية لمحكمة القضاء الإداري، إلزام جهاز الرقابة على المصنفات الفنية بإصدار ترخيص بالعرض العام لفيلم "آخر أيام المدينة" للمخرج تامر السعيد.

المستشار القانوني محمود عثمان "محامي مخرج الفيلم"، قال في تصريح خاص لـ"مصراوي": "الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري أصدرت اليوم الأحد، حكما بقبول الدعوى المقامة من المخرج تامر السعيد ضد وزيرة الثقافة، ورئيس المجلس الأعلى للثقافة، طعنا على امتناع الإدارة المركزية للرقابة على المصنفات السمعية والسمعية البصرية (المصنفات الفنية) عن منح الفيلم ترخيص بالعرض العام، وإلغاء قرار الجهة الإدارية".

وأضاف: "الحكم في الدعوى التي تحمل رقم 16441 لسنة 72 قضائية، نهائي وواجب النفاذ".

فيلم "آخر أيام المدينة" قد أثار أزمة عقب تعثر عرضه عام 2016 في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وتكرر الأمر نفسه في مهرجان شرم الشيخ للسينما العربية والأوروبية.

يُذكر أن الفيلم من إخراج تامر السعيد، بطولة خالد عبدالله، مريم صالح، علي صبحي، حنان يوسف، حيدر حلو، ليلى سامي، من تأليف رشا سلطي وتامر السعيد، وسبق عرضه بمهرجان برلين السينمائي، كما حصل على عدة جوائز بمهرجانات دولية مختلفة في روسيا وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية.

الفيلم تدور أحداثه في عام 2009، وداخل مدينة القاهرة العريقة، حول "خالد" المخرج الشاب الذي يحاول أن يصنع فيلمًا عن تلك المدينة، وما تحمله من أحلام، في الوقت الذي يعاني فيه من احتمالية أن يُطرد من شقته، والفتاة التي يحبها تريد أن تهاجر خارج مصر، ووسط كل هذا يتذكر أيام طفولته عندما كانت القاهرة مكانًا أكثر إشراقًا.

 

####

 

"أخر أيام المدينة".. القصة الكاملة من منع الفيلم إلى العرض بحكم القضاء الإداري

كتب- عبد الفتاح العجمي

بعد نزاع قضائي دام سنوات، أصدرت الدائرة الثانية لمحكمة القضاء الإداري، يوم الأحد، حكما بإلزام جهاز الرقابة على المصنفات الفنية بإصدار ترخيص بالعرض العام لفيلم "آخر أيام المدينة" للمخرج تامر السعيد.

المستشار القانوني محمود عثمان، محامي مخرج الفيلم، قال في تصريح خاص لـ"مصراوي": "الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري أصدرت يوم الأحد، حكما بقبول الدعوى المقامة من المخرج تامر السعيد ضد وزيرة الثقافة، ورئيس المجلس الأعلى للثقافة، طعنا على امتناع الإدارة المركزية للرقابة على المصنفات السمعية والسمعية البصرية (المصنفات الفنية) عن منح الفيلم ترخيص بالعرض العام، وإلغاء قرار الجهة الإدارية.. الحكم في الدعوى التي تحمل رقم 16441 لسنة 72 قضائية، نهائي وواجب النفاذ".

الفيلم الذي أخرجه تامر السعيد وبطولة خالد عبدالله، كان ممثلا للسينما المصرية في مهرجان برلين 2015، ومن بعدها شارك في أكثر من خمسة عشر مهرجانا دوليا، إلا أنه مُنع عرضه في المهرجانات المصرية.

وأثار "آخر أيام المدينة" أزمة عقب تعثر عرضه عام 2016 في الدورة 38 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وتكرر الأمر نفسه في مهرجان شرم الشيخ للسينما العربية والأوروبية في دورته الأولى.

وكان من المقرر عرض الفيلم ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، قبل أن تعتذر إدارة المهرجان عن قبوله، وأرجعت ذلك في بيان صادر عنها أن الاتفاق جاء في البداية ليُعرض ضمن مسابقة آفاق السينما العربية، لكن المخرج تامر السعيد طالب بعرضه ضمن المسابقة الدولية، ووافقت اﻹدارة بشرط عدم إرسال الفيلم ﻷية مهرجانات أخرى لحين عرضه ضمن مهرجان القاهرة، ولكن الفيلم عُرض في قرابة العشر مهرجانات، مما دفع المهرجان للاعتذار عن عرض الفيلم ضمن فعالياته.

الفيلم تدور أحداثه في عام 2009، وداخل مدينة القاهرة العريقة، حول "خالد" المخرج الشاب الذي يحاول أن يصنع فيلمًا عن تلك المدينة، وما تحمله من أحلام، في الوقت الذي يعاني فيه من احتمالية أن يُطرد من شقته، والفتاة التي يحبها تريد أن تهاجر خارج مصر، ووسط كل هذا يتذكر أيام طفولته عندما كانت القاهرة مكانًا أكثر إشراقًا.

وتم تصوير الفيلم على مدار عامين وثلاثة فصول شتوية، وذلك قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتم مونتاجه بعدها، وذكر المخرج تامر السعيد عن فيلمه "أخر أيام المدينة" في تصريحات له، أنه صنع هذا الفيلم في سبيل الدفاع عن حبه لمدينته محاولًا إظهار التناقضات التي وجدت فيها.

الناقد طارق الشناوي قال عن الفيلم في مقالة له في يناير عام 2018: "تامر السعيد رصد حالة التمرد في مصر ضد حكم مبارك، فلقد شارك في الثورة، لكنه لم يشأ أن يضع خط الثورة وإجبار مبارك على التنحي لتصبح هي الذروة للشريط السينمائي، لأنها كانت في هذه الحالة ستحجب الرؤية عن هدفه العميق، ما يقدمه الفيلم من فساد لم ينته بإزاحة رأس النظام، فلاتزال تعشش بالمدينة جذور الفساد، وأظهر القاهرة هي العشق وتحديدا قلب العاصمة وسط البلد، خالد عبدالله يؤدي دور المخرج، وهو يلتقط كل شيء، مثل مظاهرات (كفاية) التي لعبت دورا في طرق الباب للثورة وفضحت بصوت عال سيناريو التوريث البغيض".

وحصل الفيلم على جوائز عدة منها، الجائزة الكبرى في مهرجان نانت للقارات الثلاث بفرنسا، وجائزة أحسن فيلم بمهرجان سان فرانسيسكو للفيلم العربي بالولايات المتحدة الأمريكية، وجائزة كاليجاري من مهرجان برلين السينمائي الدولي، وجائزة أحسن مخرج من مهرجان بوينس أيرس السينمائي الدولي في الأرجنتين، وغيرها.

الفيلم من إخراج تامر السعيد، بطولة خالد عبدالله، مريم صالح، علي صبحي، حنان يوسف، حيدر حلو، ليلى سامي، من تأليف رشا سلطي وتامر السعيد.

 

موقع "مصراوي" في

25.07.2021

 
 
 
 
 

القضاء الإداري أنصفه.. عرض فيلم آخر أيام المدينة بعد وقفه 5سنوات

 رنا أشرف

أصدرت محكمة القضاء الإداري حكما بالسماح بعرض فيلم " آخر أيام المدينة" وذلك بعد نزاع قضائي استمر لسنوات فالفيلم من إنتاج عام 2016 وألزمت المحكمة جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية بإصدار ترخيص بالعرض العام.

وأثار الفيلم أزمة بعد تعثر عرضه في الدورة 38 عام 2016 من مهرجان القاهرة السينمائي وتكرر الأمر نفسه في مهرجان شرم الشيخ للسينما العربية و الأوروبية و ذلك بسبب امتناع الإدارة المركزية للرقابة على المصنفات السمعية و البصرية (المصنفات الفنية) عن منح الفيلم ترخيصا بالعرض العام.

الفيلم أخرجه تامر السعيد و بطولة خالد عبدالله ومريم صالح  و تدور أحداثه في عام 2009، داخل مدينة القاهرة العريقة، حول "خالد" المخرج الشاب الذي يحاول أن يصنع فيلمًا عن تلك المدينة، وما تحمله من أحلام، في الوقت الذي يعاني فيه من احتمالية أن يُطرد من شقته، والفتاة التي يحبها تريد أن تهاجر خارج مصر، ووسط كل هذا يتذكر أيام طفولته عندما كانت القاهرة مكانًا أكثر إشراقًا.

وشارك الفيلم في أكثر من خمسة عشر مهرجانا دوليا إلا أنه تم منع عرضه في السينمات المصرية وتم تصويره علي مدار ثلاثة فصول شتوية وحصل الفيلم على جوائز عدة منها، الجائزة الكبرى في مهرجان نانت للقارات الثلاث بفرنسا، وجائزة أحسن فيلم بمهرجان سان فرانسيسكو للفيلم العربي بالولايات المتحدة الأمريكية، وجائزة كاليجاري من مهرجان برلين السينمائي الدولي، وجائزة أحسن مخرج من مهرجان بوينس أيرس السينمائي الدولي في الأرجنتين، وغيرها.

 

صدى البلد المصرية في

26.07.2021

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004