كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

داعش والنصرة وجهاد النكاح

 

فى «زهرة حلب»!!

 

طارق الشناوي

أيام قرطاج السينمائية السابعة والعشرون

   
 
 
 
 

أول مرة تردد فيها اسم هذا الفيلم لم يكن الخبر مقترنا بافتتاح «قرطاج» فى دورته الاستثناثية «الخمسينية»، ولكن باعتباره أول فيلم روائى يتناول جهاد النكاح وتم تسويق الخبر باسم بطلته هند صبرى.

هو فى الحقيقة خبر عار تماما عن الصحة، لأن ما شاهدناه هو اغتصاب، جهاد النكاح قائم على أن المرأة توافق على إقامة علاقة جنسية كنوع من الجهاد فى سبيل الله، فهى تمنح نفسها لمقاتل يرفع شعار الإسلام عن طيب خاطر، أملا فى دخول الجنة، وهو كما ترى نوع من البلاهة العقلية التى يتم مع الأسف ترويجها باسم الدين، وبعض المثقفات وقعن فيها.

كلنا فى الهم شرق، الحقيقة هى أن الغرب أيضا يكتوى بنيران العنف والتطرف والإرهاب الذى يتدثر عنوة بالدين الإسلامى، القضية تحرك كل التناقضات، التى نعيشها ولا أقول نتعايش معها لأنها صارت نمط حياة.

«زهرة حلب» يستحق، كقضية، بالفعل أن يحظى بشرف افتتاح تلك الدورة، ولكنه كشريط سينمائى يعوزه الكثير، فهو لا يملك روح المغامرة على مستوى اللغة السينمائية، وربما وقع اختيار مدير المهرجان إبراهيم لطيف على الفيلم، لأهمية القضية التى يتناولها بالطبع، والعالم بالفعل مشغول سينمائيا بتلك القضية مثلما تشغله أيضا قضية الهجرة غير الشرعية. فى مهرجان «برلين» شهر فبراير الماضى شاهدت فى قسم «البانوراما» فيلما للمخرج الجزائرى الشهير رشيد بوشارب، الفيلم البلجيكى الجنسية، «الطريق إلى إسطنبول» اختار نقطة مغايرة للسائد، وهو أن تتم الغواية تحت شعار الدين من خلال أسرة أساسا لا تدين بالإسلام ولا توجد لديها أى مرجعية ثقافية عربية تدفع أفرادها لهذا الطريق، ولكن الابنة 18 عاما هى التى تقع تحت تلك المقصلة من خلال صديقها المسلم الذى يقنعها بالهجرة والسفر إلى سوريا عن طريق إسطنبول، للانضمام إلى صفوف المجاهدين، وهو الخط الذى لا يزال ساريا، حتى الآن، رحلة الالتحاق بالإرهابيين فى حلب، حيث الصراع فى سوريا يبدأ أولا من تركيا، القيمة الفكرية التى تبناها الفيلم تحمل فى عمقها أن الشباب أياً ما كانت جنسيته وخلفيته الثقافية من الممكن أن يفقد سيطرته على المنطق ويقع تحت ضغط يتم بعده غسيل المخ فيفقد حتى هويته، وهو ما حدث فى الفيلم البلجيكى حيث شاهدنا أماً تبحث عن ابنتها، أما فى الفيلم التونسى فلقد تابعنا الأم التى أدت دورها هند صبرى وهى تسعى لإنقاذ ابنها من الانضمام لصفوف الإرهابيين.

الاقتراب من القضية السورية بخلفية سياسية كما نشاهد ذلك مثلا فى الأفلام التى تقدمها مؤسسة السينما السورية التى تنحاز للسلطة، وتضع فى النهاية الأمل فى يد بشار والجيش السورى، بينما الأفلام التى يقدمها القطاع الخاص السورى تقف على الجانب الآخر، وتفضح ممارسات هذه السلطة وتحملها مباشرة مسؤولية قتل الأبرياء، لأن الثورة بدأت سلمية، وبسبب عنف السلطة ومواجهة القمع صارت دموية. كل ما تحت الجلد خرج للعيان بعد أن دخلت السلطة فى الصراع، فصار الكل نراه وهو ممسك بمدفع يذود به عن نفسه.. تلك هى حقيقة المأساة التى نعيشها فى سوريا.

الاقتراب من تلك القضية بكل تفاصيلها محفوف بالمخاطر حتى لو توفرت حسن النوايا، ولكن يبقى أن فيلم «زهرة حلب» الذى شارك أيضا المخرج التونسى رضا الباهى فى كتابته لم تكن قضيته أنت مع أو ضد بشار، ولكن أنت ضد الإرهاب والعنف والدماء، وهو الموقف الذى يتبناه الجميع، لا أحد من الممكن أن يقف على الجانب الآخر، وهكذا شاهدنا الشاب الوديع الهادئ الذى يعشق الحياة والموسيقى مع صديقته فى بداية أحداث الفيلم، وفجأة يظهر من ينهره لأن الشيطان ثالثهما، رغم أن ثالثهما تحديدا كان الجيتار، يبدأ الشاب فى قراءة القرآن، وبعد أيام نرى يده وهى تمتد على أوتار الجيتار لتمزقها ثم يطلب من أمه أن ترتدى النقاب بحجة أن هذا هو الإسلام.

الأم مع اللقطات الأولى نتابعها وهى تعمل مسعفة، تنتقل من موقع إلى آخر بجدية وفهم وإخلاص، وهو ما يمنح شخصية هند صبرى ظلالاً إيجابية ونكتشف أنها اجتماعيا منفصلة عن زوجها هشام رستم وهو واحد من أشهر فنانى تونس، حيث إنه لم تكتمل حياتهما معا، لا تستطيع أن تضع يدك بالضبط على الجذور الخلافية التى أدت للطلاق، ولكن الأهم هو سؤال لم يجب عنه الفيلم: لماذا تونس تحديدا صار المجتمع بعدد أفراده القليل نسبيا وثقافته أكثر مرونة؟ حيث حرص الحبيب بورقيبة، أول رئيس تونسى، على أن يضع دائما مسافة بين الدين والدولة، تونس دولة مدنية بقانون مدنى، حتى فيما يخص الأحوال الشخصية، والتيار الإسلامى عندما وصل بعد ثورة الياسمين لسدة الحكم لم يستطع الاقتراب من تفاصيل هذا المجتمع، ورغم ذلك فإننا أول ما سمعنا عن جهاد النكاح كانت المحطة الأولى هى تونس.

الدراما تمضى سريعا حتى نصل إلى سفر مراد ابن هند صبرى إلى حلب وانضمامه للإرهاب الذى يدعى تحرير الوطن وقناعته الشخصية بأنه يناصر الحق ولا تعلم أمه السر وراء اختفائه إلا بعد أن تتلقى اتصالا هاتفيا منه، فتقرر أن تخدعهم وبنفس الحيلة فقدمت نفسها لجماعة الإرهاب والتطرف التى تعمل فى تونس، على اعتبار أنها تريد الجهاد وتذهب إليهم مؤكدة أنها تحلم برفع راية الإسلام عالية خفاقة، ومن إسطنبول إلى حلب ويتم اغتصابها وتقتل من اعتدى عليها وتنتقل إلى الجبهة ويقتلها ابنها وهو لا يدرى، لأنها ترتدى النقاب فى نهاية ميلودرامية، وكأن الفيلم يذكرنا بأنه طلب من أمه أن تنتقب.

هند صبرى تؤدى الدور بحالة من النشوة، هند تعايش شخصية الأم بتفهم وألق ودرجة غير مسبوقة من الحميمية، ولكن يظل المأزق فى الشريط السينمائى، حيث غاب سحر السينما كلغة وقبلها الدراما أيضا لم تتعمق فى البحث عن هذا البلد المؤمن بالحرية وبحق الإنسان فى الاختيار، كيف تسلل إليه التطرف؟ وهل كانت ثورة الياسمين هى التى دفعت البعض لهذا الاتجاه؟ مثلما يحاول بعض كارهى الثورة الادعاء والتى انطلقت شرارتها الأولى من تونس ومن بعدها عاش العالم العربى فى ثورات أجهضوا أحلامها والآن يريدون التشكيك فى معناها وجدواها.

الحدث الصاخب فى الدراما عادة يؤدى إلى صخب فى الرؤية الإخراجية، ولولا احترافية هند صبرى لدفعتها الميلودرامية التى تغلف روح الفيلم إلى زيادة مفتاح التعبير، ولكنها حرصت على أن تحتفظ بقدرتها على الإيحاء.

لا شك أن رضا الباهى واحد من الأسماء التونسية فى الفن السينمائى التى ارتبطت بالسينما المغامرة والمبشرة مثل «شمس الضباع» و«صندوق عجب» وهما من أهم أفلامه، ولكن يبقى أن آخر فيلمين له «براندوا يقابل براندور» و«زهرة حلب» لم يكونا على مستوى الترقب.

لا تملك إلا أن تتوافق مع الفيلم فكرياً، فهى قضيتنا كلنا سواء حمل التطرف اسم داعش أو النصرة أو القاعدة أو بوكو حرام، ولكن من قال إن السينما هى صراخ فكرى! إنها قبل وبعد لغة سينمائية وتعبير بالموسيقى والإضاءة والتكوين وهو ما افتقدته فى «زهرة حلب».

tarekelshinnawi@yahoo.com

المصري اليوم في

31.10.2016

 
 

التونسيون يحتشدون لمشاهدة اشتباك مصر في قرطاج

رسالة تونس‏:‏ أسامة عبد الفتاح

احتشد مئات التونسيين في السادسة من مساء أمس‏-‏ السابعة بتوقيت القاهرة‏-‏ بدار سينما الكوليزيه العريقة بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس‏,‏ لمشاهدة الفيلم المصري اشتباك‏,‏ المشارك في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة‏,‏ أكبر وأهم أقسام الدورة‏27‏ من أيام قرطاج السينمائية‏,‏ التي تختتم السبت المقبل‏,‏ والتي تشهد منافسة شرسة بين‏18‏ فيلما روائيا ووثائقيا علي الفوز بالتانيت الذهبي‏,‏ الجائزة الكبري للمهرجان‏,‏ والجوائز الأخري‏.‏

وحظي الفيلم عقب العرض بإشادة مشاهديه, وتركزت المناقشات حوله علي قيامه بالدور التاريخي الأثير للسينما: طرح الأسئلة, مع الحرص علي عدم السعي إلي أي إجابات, بل والتأكد من عدم الحصول عليها, دون شعارات فارغة أو ادعاءات مغرضة, وعلي خلفية تقنية قوية, حيث اختار مخرجه محمد دياب, الذي كتب السيناريو أيضا بالاشتراك مع شقيقه خالد, ألا تخرج الكاميرا من سيارة ترحيلات حديدية صغيرة مطلقا, في مساحة تصوير لا تزيد عن8 أمتار مربعة, ووسط العديد من الشخصيات, ورغم ذلك تمكن صناع الفيلم من إضفاء العمق علي الصورة والأحداث في نفس الوقت. ولاحظ المشاهدون والنقاد التونسيون أن الالتزام بالصندوق الحديدي لم يعزل دياب وفريقه عن المجتمع الذي يعبرون عنه, حيث تواصلوا معه بلقطات موحية ومختارة بعناية للبيوت والسيارات الأخري في الطريق من داخل هذه السيارة الصماء, ومن خلف نوافذها الصغيرة المغطاة بالأسلاك, مما حول تلك اللمحات العابرة إلي نظرة خاصة علي الثورة المصرية, والربيع العربي كله, يمكن للمتابعين التحفظ عليها, لكن عليهم أن يحترمونها.
والمعروف أن الفيلم عرض في افتتاح قسم نظرة ما الرسمي والرئيسي بالدورة69 من مهرجان كان السينمائي الدولي في مايو الماضي, كما اختير لتمثيل مصر في مسابقة أوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية
.

والحقيقة أن هذا الإقبال لم يحظ به اشتباك وحده, بل تشهد معظم عروض الأيام إقبالا جماهيريا يصل إلي حد الزحام, ومنها الفيلم الذي عرض بعد اشتباك مساء أمس في حفل التاسعة بتوقيت تونس وفي إطار نفس المسابقة, وأقصد(Divines), أو إلهيات(105 دقائق), الفائز بجائزة الكاميرا الذهبية من مهرجان كان الأخير أيضا, وهو الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرجة الشابة هدي بنيامينا(35 عاما), الفرنسية من أصل مغربي.

يركز الفيلم, وهو من بطولة أولايا عمامرة ومجدولين إدريسي, علي ازدواجية الالتزام بالدين وتجارة الممنوعات في نفس الوقت, ويدور حول دنيا, التي تعيش في حي يعج بالمتأسلمين في باريس ويمارس جميع أنواع التجارة غير المشروعة, والتي تقرر- تحت وطأة سعيها للسلطة والمال والنجاح- السير علي خطي تاجرة مخدرات شهيرة وخطيرة. وعرفت الأوساط السينمائية الدولية هدي بعد فيلمها القصير الثاني علي درب الجنة, الذي نال عدة جوائز بينها سيزار للفيلم القصير عام.2013

ولم ينافس جماهيرية السينما في تونس أمس سوي جماهيرية كرة القدم, حيث امتلأت الشوارع بالشباب الذين يرتدون قمصان فريقي الترجي والأفريقي- خاصة الأول, صاحب الشعبية الأكبر- بمناسبة إقامة مباراة الدربي الشهيرة بينهما في السادسة من مساء أمس بتوقيت القاهرة علي ملعب رادس, الذي يعرفه المصريون جيدا.. وقد انتهي اللقاء بالتعادل الإيجابي1/.1

الأهرام المسائي في

31.10.2016

 
 

بالصور: احتفالية مصرية تونسية في قرطاج علي شرف يوسف شاهين

تونس ـ  انتصار دردير

كما لو كان موجودا بينهم، الكل تحدث عنه وكأنه لازال حيا، فرغم سنوات رحيله البعيدة الا ان ذكراه كانت حاضرة في قرطاج، الذي احتفي في خمسينيته بيوسف شاهين المخرج الكبير الحائز علي التانيت الذهبي قبل اكثر من اربعين عاما عن فيلمه الاختيار، كان الحضور قويا من ابطال افلامه وتلامذته واصدقائه، من بينهم جميل راتب، عزت العلايلي، محمود حميدة، خالد النبوي، سيف عبد الرحمن، جابي خوري، يسرا اللوزي، درة وتلميذه النجيب خالد يوسف، والناقد طارق الشناوي، المنتج محمد العدل، سيد فؤاد رئيس مهرجان الاقصر الذي اعد معرصا لصور وافيشات شاهين بالتعاون مع ايام قرطاج السينمائية.

ادار هذا الحشد الناقد اللبناني ابراهيم العريس الذي قال انني لست بحاجة لتقديم شاهين اليكم ولا لذكر فضله علي السينما العربية والمصرية فهو من اتاح للسينما العربية والشخصية المصرية الوصول الي العالم، واضاف: ان شاهين يهتم بالممثل قبل الكاميرا، وافلامه تمثل علامات في تاريخ السينما ونذكر منها باب الحديد الذي يعد اهم فيلم في تاريخ السينما قبل المومياء.

واعطي الكلمة للفنان عزت العلايلي الذي قال ان شاهين المخرج والانسان لاتكفيه جلسة واحدة، فلم يكن ظاهرة فقط بل كان في عمق الاحداث السياسية والفنية، وروي العلايلي قصة اختياره بطلا لفيلم الأرض التي جاءت بالصدفة ثم تجربتهما معا في فيلم الاختيار الذي جاء عقب نكسة 67 وكيف اساء الجمهور استقبال الفيلم في البداية، فقال ذلك ليوسف شاهين الذي طمأنه بأن الجمهور سيستوعب الفيلم فيما بعد، كما تحدث عن مشروعهما الذي لم يتم وكان فيلما من بطولة أم كلثوم، واضاف ان صداقة عميقة ربطت بينهما حتي اخر يوم في حياة شاهين.

وتحدث الفنان محمود حميدة عن علاقة شاهين بالممثل وتجربته معه في افلامهما الاربعة المهاجر والمصير والآخر واسكندرية نيويورك، وقال كنت اتعامل معه مثل ابي فهو مربي ومعلم وقد رحل في نفس الاسبوع مع ابي، وكثيرا ما اختلفت معه وكنت اقوم بتغيير جملة الحوار وكان يوافقني.

لكن يسرا اللوزي اعترفت بانها احبت السينما علي يد شاهين، وقالت ببساطة لا اعرف اذا كان ذلك شيئا جيدا ام لا احيانا اشكره واحيانا لا اعرف لان السينما لعنة نحبها ونتعذب بالعمل فيها ولانستطيع الابتعاد عنها، وروت اللوزي تجربتها معه في فيلم اسكندرية نيويورك قائلة كان عمري 16 سنة، وهو في السبعين لكنه كان اكثر حيوية ونشاط، وحدثني عن فيلمه وعن فيلمين اخرين وقال لي هناك قبلة في الفيلم فهل يعترض اهلك، لكن ابي استاذ المسرح كان متفهما وكان يدعوني واحمد يحيي لبيته يسألنا عن رأينا في الفن والسياسة.

وسأل ابراهيم العريس الفنان خالد النبوي هل كنت تدرك ان رام في المهاجر هو يوسف شاهين، فقال النبوي كان رام هو خالد شاهين، مزيج مني ومنه، وهو بالنسبة لي روح السينما، وسقفها العالي، وكنت اسأل كثيرا في فيلم المصير واقول له عن مشاهد غير مريحة لي فيقول انه يعرف ذلك لكنه يتركها حين تدور الكاميرا لابداع اللحظة عنده كمخرج، لذا كانت تجربة المصير اخطر واحلي تجربة سينمائية عشتها ثم وجه خالد حديثه لشاهين قائلا استاذ يوسف ستظل روح السينما وسقفها العالي.

وتحدث الفنان سيف عبد الرحمن مؤكدا انه محظوظ منذ التقي يوسف شاهين يونية 63 وربطتهما صداقة واخوة وابوة، وقد تعلمنا منه الحياة، فقد كان معلما حقيقيا وكان ضد القبح ومع الجمال، كان مصري لكنه عروبي قوي وانتج هنا في تونس السقا مات الذي اخرجه صلاح ابوسيف، كما حصل علي التانيت الذهبي من قرطاج وتعاون ايضا مع السينما الجزائرية، ورغم انه لم ينجب اولادا فقد اعتبرنا كلنا اولاده وكان يحب ممثليه لذا تجدهم معه في حالات لا تتكرر من الاداء.

وتحدثت درة عن تجربتها معه في فيلم “هي فوضي” قائلة: كانت تجربة ودور صغير لكنه فتح لي افاقا كبيرة وجعلني اتخذ قرارا مصيريا بالمجئ الي مصر والعمل بالسينما المصرية بعد ان حصلت علي جواز مرور مهم من اكبر مخرج بها، فهو كما الاهرامات في مصر.

وقال الناقد طارق الشناوي ان شاهين قام بالتدريس له في معهد السينما، وروي كيف انه كتب نقدا عن فيلم سكوت هنصور بعنوان سكوت هنهرج، وتوالي عليه الهجوم بسبب ذلك، وحين التقي شاهين بعد سنوات وسأله في حوار تليفزيوني ماهو اردأ افلامك فقال سكوت هنصور، واضاف ان شاهين كان جريئا في اعترافه، ووصف شاهين انه كان موسيقارا وان الملحن الكبير كمال الطويل قال للشناوي ان شاهين كان يطلب تغييرا في جمله الموسيقية ويرفض كمال وحينما يعود لبيته ويهدأ ويجرب ما طلبه شاهين يكتشف انه الافضل وينفذه، لذا فشاهين أحال أفلامه الي سيمفونية عظيمة، وهو ما اكده جابي خوري ابن شقيقة شاهين ومنتج افلامه الذي روي كيف اختلف شاهين مع الطويل حول جملة موسيقية وركب كل منهما رأسه وكاد كمال الطويل ان يدخلهما السجن، واشار الي ان شاهين كان دقيقا للغاية في عمله وكان يقول حينما اشعر بالجملة الموسيقية صحيحة فان شعر يدي يقف، وعن شاهين المخرج قال كان افضل مخرج يعمل معه المنتج لانه يعمل بالضبط حسابا لكل مشهد ويعرف مايريده منذ مرحلة كتابته للفيلم.

وربما كان الفنان الكبير جميل راتب اقل الحضور كلاما اذ اكد انه لم ينس ابدا ان شاهين كان الاخ والصديق  والفنان العظيم، وكان اخر المتحدثين المخرج خالد يوسف الذي قال: عرفته كاستاذ وصديق وابن احيانا وكنت واحدا ممن يستطيعون تهدئته في قمة انفعاله وأسترسل قائلا: يوسف شاهين هو من اكتشفني وازعم انني المخرج الوحيد الذي لم تكن السينما من احلامه وقد كنت احلم ان اكون رئيس جمهورية ونحرر القدس، وحينما دعوته لعرض فيلمه العصفور وكنت رئيسا لاتحاد طلاب الجامعة سألني من انت وكان علي ان اتحدث باستفاضة عن نفسي واسرتي، فقال لي موافق علي الحضور، وبعدما حصلت علي موافقة الجامعة لحضوره عادوا وتحججوا يوم الندوة بظروف القاعة فأخبرته، وقال انا في طريقي اليك المهم عندك رجالة، فقلت نعم،  فجاء وهتف معنا حتي اخلوا القاعة وعقدت الندوة وصرت اتردد عليه، فقال لماذا لا تفكر في السينما انت تحكي بصورة مرئية، وبعد تخرجي ذهبت اليه فقال تعالي وحقق احلامك النضالية بها وفعلا تحقق حلمي وقامت الثورات العربية، وانطلق الربيع العربي من تونس الشقيقة ورغم ان اغلب الثورات لم تحقق اهدافها لكني علي ثقة انها ستحققها لانها منطلقة من ارادة الشعوب، واختتم كلامه بقوله مازال شاهين هو باب السينما العالي الذي وضع السينما العربية علي الخريطة العالمية، وفي نهاية الندوة كرم السينمائيون المصريون ابراهيم اللطيف مدير ايام قرطاج وقال المنتج محمد العدل ان شاهين الذي كرمته خمسينية مهرجان كان تكرمه ايضا خمسينية قرطاج التي نقدم لها الشكر نيابة عن نقابة السينمائيين، وقال ابراهيم اللطيف، نحن ابناء شاهين الذين احببنا افلامه وتأثرنا بها ولن نتوقف عن مشاهدتها داعيا الي ترميمها، وموجها شكره لمهرجان الاقصر لمعرض صور افلام شاهين الذي اعده مع قرطاج، واشرف عليه د. محمد حسين بكر الاستاذ بمعهد السينما ويضم لقطات نادرة من افلامه التقطتها عدسه الفنان حسين بكر.

«قرطاج السينمائي» يتذكر اليوم الراحل يوسف شاهين

تونس ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير

في احتفالية خاصة تقام اليوم على هامش فعاليات أيام قرطاج السينمائية يتم تكريم المخرج المصري الراحل يوسف شاهين.

وسبق للمهرجان أن كرم شاهين قبل وفاته في 2008، ويحتفظ شاهين بعلاقة خاصة معه حيث شارك في العديد من الدورات السابقة وفي لجان التحكيم، كما أنه كان يحضر أغلب الدورات، وكان يوسف شاهين أحد الرواد الأوفياء لأيام قرطاج السينمائية وحصل سنة 1970 على التانيت الذهبي في الدورة الثالثة عن فيلمه «الاختيار».

ويوسف شاهين، المعروف بأعماله المثيرة للجدل ولد في 25 يناير/كانون الثاني عام 1926 في أسرة من الطبقة الوسطى، في مدينة الإسكندرية لأب لبناني كاثوليكي من شرق لبنان (مدينة زحلة) وأم من أصول يونانية، وكان قد هاجر أبوه إلى مصر في القرن التاسع عشر.

ودرس في كلية فيكتوريا وحصل منها على الثانوية وبعد إتمام دراسته في جامعة الإسكندرية، سافر إلى أميركا وأمضى سنتين في معهد پاسادينا المسرحي، ودرس المسرح وبعد عودته لمصر ساعده المصور السينمائي ألڤيزي أورفانيللي بالدخول في معترك العمل في صناعة الأفلام وكان أول أفلامه “بابا أمين” عام 1950، ثم توالت الأعمال التي كلما صدر أحدها اصطحب معه ضجة كبيرة.

وشهدت مسيرة المخرج الذي شكل حالة خاصة ونادرة في السينما المصرية، إخراجه أعمالا فنية ظلت أيقونات في تاريخ السينما العربية والعالمية، وبلغت حصيلة حياته المهنية 37 فيلما طويلا و5 أفلام قصار، مكنه بعضها من نيل جوائز عربية وعالمية أهمها جائزة الإنجاز العام من مهرجان كان السينمائي عن فيلم “المصير” عام 1997.

وتوفي يوسف شاهين على إثر نزيف في المخ في مستشفى بالقاهرة، وتم نقله نقله بواسطة طائرة إسعاف خاصة إلى باريس، لكن وضعه الصحي ازداد حرجا وسوءا مما استدعى رجوعه إلى القاهرة حيث توفي في عام 2008.

محمود حميدة في قرطاج لحضور احتفالية تكريم يوسف شاهين

تونس ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير

وصل مساء أمس الفنان محمود حميدة لمقر مهرجان أيام قرطاج السينمائية من أجل حضور احتفالية تكريم المخرج الراحل يوسف شاهين التى ستنعقد صباح اليوم الاثنين بقاعة المؤتمرات، وسيحضر الاحتفالية كذلك النجوم الذين شاركوا فى أفلام المخرج الراحل يوسف شاهين ومنهم خالد النبوي، والفنان القدير عزت العلايلي والمخرج خالد يوسف أحد تلاميذة شاهين بالإضافة للمخرج خالد الحجر، والمنتج جابي خوري والمنتج محمد العدل.

جميل راتب يتحدى المرض

ويتواجد يوميا في «أيام قرطاج السينمائية»

تونس ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير

بالرغم من مرضه وعدم قدرته على المشي لم يفوت الممثل المصري جميل راتب فرصة مهرجان السينما بتونس ويظهر يوميا وسط النجوم الحاضرين وعلى كرسيه المتحرك ويحرص على متابعة حضور الأفلام وتابع بالأمس عرض فيلم “اشتباك” كما يساهم بتواجده في اثراء كل فعاليات الدورة 27 من أيام قرطاج السينمائية.

ومن المعروف أن جميل راتب هو الممثل المصري الوحيد الذي يتقن اللهجة المحلية التونسية حيث قام ببطولة ثلاثة أفلام تونسية وهي شيش خان1991، وكش مات 1994، وصيف حلق الواد عام 1996.

سينماتوغراف في

31.10.2016

 
 

يوسف شاهين يُبعث بصوت الشيخ رفعت فى «قرطاج»

طارق الشناوي

وجاء اليوم الثالث للمهرجان ليبرق مجددا يوسف شاهين، من خلال كلمات أصدقائه وتلاميذه ودراويشه، وما أكثرهم فى عالمنا العربى! هكذا رأيت عزت العلايلى ومحمود حميدة وخالد النبوى ودُرة ويسرا اللوزى وخالد يوسف وسيف عبدالرحمن وجابى خورى والناقدين التونسى خميس خياطى واللبنانى إبراهيم العريس، وكاتب هذه السطور.. كل منا فى الندوة التى أقامها المهرجان، وحضرها مدير قرطاج إبراهيم لطيف- أضاف لمحة ما بحكاية ولمحة وومضة عن يوسف شاهين.

إنه لا يتنفس إلا سينما، ولا يكتمل إلا أمام الكاميرا، ولا بيت له إلا فى الاستديو، وقبل رحيله ودخوله فى غيبوبة، كان يضع الخطوط العريضة لفيلمه الروائى رقم 42 «الشارع لنا»!!

لو أنك حللت كراته الدموية وخلاياه وأنسجته، فلن تجد- كما يعتقد البعض- لقطات وزوايا وشاريوه واستوب وأكشن، ولكنك ستعثر خلف كل ذلك، وقبل كل ذلك، وأهم من كل ذلك- على سلم موسيقى ومفتاح صول ومقامات شرقية وغربية وإيقاعات بلدى وتانجو وفالس وروك أند رول.. إنه الموسيقى «يوسف شاهين» الذى ظل 82 عاماً يخدعنا وهو متنكر فى صورة المخرج «يوسف شاهين».. إنه مبدع الموسيقى المرئية عبر الشريط السينمائى، وتلك هى السينما فى عمقها ونقائها وهذا هو تحديدا ما حرصت على تأكيده فى تلك الندوة.. إنه الموسيقار الذى أحال المسموع مرئيا!!

العلاقة مع يوسف شاهين لا تعرف الوسط، إما أن تتحول إلى أحد المجاذيب، وتدور فى فلكه، أو تقف بعيداً ترفض وتتحفظ وتنتقد، فتصبح خارج المدار، وغير مسموح لك أن تدخل المجرة.. وكنت أرصد يوسف شاهين دائما خارج المجموعة الشمسية الشاهينية.

أقف على الشاطئ الآخر متمتعاً بقدرتى على الحياد، فأنا لست من الذين تأخذهم نشوة الإعجاب إلى حد الدروشة فى حلقات الذكر، ولهذا أقدر سينما هذا الفنان، بقدر لا بأس به من الانتقاد، لأن التقدير يحمل فى داخله مشروعية التقييم والاختلاف على عكس الإعجاب أحادى النظرة والزاوية، وهكذا أعايش أفلام المخرج الكبير الذى استطاع طوال مسيرته فى السينما أكثر من نصف قرن أن يحافظ على قدرته على التنفس الفنى ليسبح خارج السياق أحياناً، وبعيداً عن السباق دائماً، فهو لا يقدم نوعا من السينما متعارفا عليه مسبقا، كما أنه لا يسابق أحدا سوى «يوسف شاهين»!!

حكى، مثلا، عزت العلايلى، فى الندوة كيف أنه عند عرض (الأرض) لأول مرة، 1970 انهالت عليه الشتائم، لأن الجمهور لم يتحمس لما يراه، على الشاشة، فقال له يوسف شاهين انتظر سيألف الناس الفيلم، وبالفعل صار الأرض مع مرور الزمن واحدا من أفضل ما قدمت السينما العربية طوال تاريخها.

يوسف شخصية «كاريزمية»، لها تأثير مغناطيسى على كل من يعرفونه أو يقتربون منه، وعلى المستوى الإنسانى، إذا دخلت مملكته عليك أن تعرف أن الخلاف مع يوسف شاهين هو المستحيل الرابع بعد الثلاثة الشهيرة (الغول والعنقاء والخل الوفى)، لا يتقبل يوسف شاهين بسهولة أن تقف على الجانب الآخر مما يعتقد هو أنه صحيح، رغم أنه دائماً ما يرفع شعار الديمقراطية والرأى والرأى الآخر، إلا أنه يعتبر نفسه هو المرجعية الوحيدة للديمقراطية، ودائماً هو الرأى والرأى الآخر أيضاً.

أتذكر عندما كتبت على صفحات «روزاليوسف» مقالا عنوانه «سكوت ح نهرج» نالنى منه الكثير من الهجوم على صفحات الجرائد والمجلات والتليفزيون الأرضى والفضائى.. وفى حوار لى معه مسجل تليفزيونيا بعد عرض الفيلم بعام واحد فقط سألته عن أسوأ أفلامه والذى لا يطيق أن يشاهده، أجابنى بكل بساطة «سكوت ح نصور»، هو فى داخله مدرك أن هذا الفيلم لم تكن موجته الإبداعية منضبطة تماما، ولكن لا يطيق أن تقولها أنت.. (يدعو على فيلمه ويكره اللى يقول آمين)!!

هذه التركيبة الإنسانية علينا أن نأخذها كما هى بلا فصال أو تفصيل، بحلوها الذى لا يخلو من مرارة ومرها الذى به مذاق الحلاوة، لأنك ترى يوسف شاهين الإنسان دائماً على الشاشة، لا أعنى بذلك رباعيته «حدوتة مصرية» و«إسكندرية ليه» و(وإسكندرية كمان وكمان) و«إسكندرية- نيويورك»، ولكننى أشير إلى ما يربو على 40 فيلماً، قدمها للسينما، كلها تنطق وتهتف، بل تصرخ فى كثير من الأحيان باسم يوسف شاهين فى حركة الكاميرا.. أداء الممثل من خلال هذا التفرد الذى يجمع بين إيقاع الكاميرا وإيقاع الفنان الذى يقف أمام الكاميرا الرؤية التشكيلية فى الكادر.. الوهج البصرى والسمعى- كلها مفردات تقول دائماً إن يوسف شاهين يدير ويوجه ويحلل ويحدد اللقطة، ويراجع أداء الممثل، إنه البصمة الفنية التى لها سحر ومذاق، ولكن تلك الرؤية على المستوى المرئى والمسموع بقدر ما هى غنية بقدر ما تخذلها الرؤية الدرامية التى لا تصل فكرياً إلى شموخ ما تراه وتسمعه وما تتمنى أن تشعر به، ولهذا فإن يوسف شاهين دائماً ما يتناقض مع الكتاب أصحاب الرؤية الذين يتعامل معهم ويصطدم بهم وبعنف غالباً، ومن يتوافق مع يوسف شاهين هو من يسبح فى بحر يوسف شاهين، بأخذ مفردات يوسف الفكرية، بل اللفظية أيضاً، ويلعب عليها.

لقد اصطدم معه مثلاً محسن زايد فى «إسكندرية ليه» 1979 ووصل الخلاف إلى المحاكم مع يوسف إدريس فى «حدوتة مصرية» 1982. وحكى لى الفنان والكاتب الكبير الراحل «حسن فؤاد» أنه كان يذهب إلى الاستديو ومواقع تصوير فيلم «الأرض» يومياً ومعه عصا كبيرة يشهرها فى وجه صديقه «يوسف شاهين» مداعباً إياه بها حتى يضمن ألا يضيف يوسف شاهين شيئاً إلى السيناريو، والحوار الذى كتبه حسن فؤاد عن قصة عبدالرحمن الشرقاوى، وكان على استعداد أن يدخل فى معركة لو لم يلتزم يوسف شاهين. والواقع أن يوسف شاهين حتى عام 1970 «الأرض» كان يمنح مساحة لكى يقدم مذاقاً آخر فى مفردات الحوار ويسبح أيضاً فى بحر فكرى يتوافق معه ويؤمن به، فهو يكتفى بأن يقود سفينة الفيلم، لكنه لا يملك البحر!

لو تتبعت الأسماء التى كانت تكتب أفلام يوسف شاهين، وتنفرد هى فى العادة بالسيناريو والحوار، لوجدت عدداً من المحترفين أمثال السيد بدير، وعلى الزرقانى، وأبوالسعود الإبيارى وعبدالحى أديب، ووجيه نجيب، حتى فى أفلامه الأولى التى كان يشارك يوسف فى كتابة السيناريو مع نيروز عبدالملك أو حسين حلمى المهندس- سوف تلمح أن هؤلاء الكتاب لهم حضورهم على الشريط السينمائى، لكن منذ فيلم «الاختيار» عام 1971 ومساحة يوسف شاهين تزداد، ويسيطر بمفرداته فى أدق التفاصيل، ومنها فى جمل الحوار حتى إنه عندما بدأ فى الاستعانة بجيل آخر من الكتاب فى «وداعاً بونابرت» 1985 مثلاً يسرى نصرالله ومحسن محيى الدين- سوف تلمح أنهما يقدمان فى الحوار مفردات «شاهينية».

إن المطلوب ممن يكتب مع يوسف شاهين أن يلتزم بذلك فى السيناريو أو الحوار، وأكثر من هضم هذه المفردات هو خالد يوسف الذى بدأ رحلته مع يوسف شاهين عام 1994 مع فيلم «المهاجر» ومنذ ذلك الحين فإن خالد يوسف له حضوره فى السيناريو والحوار «المصير» 1997، «الآخر» 1999، «إسكندرية- نيويورك» 2004، وحتى فيلمه الأخير «هى فوضى» كان يساعده فى الإخراج فى البداية ولكن مع استمرار العمل كان خالد يوسف صاحب القرار، لأول مرة، فى «هى فوضى» لأن يوسف لم يعد قادراً على المتابعة لكل التفاصيل، فهو فيلم نلمح فى بنائه «خالد يوسف» ولكن به قدر من نبضات «يوسف شاهين».. إنه حالة خاصة ولهذا كان لا بد أن يكتب الأستاذ اسم تلميذه لأول مرة بجواره، لأنه تجاوز دور المساعد، وأصبح على الشاشة، يعبر عن قناعاته هو، ولو راجعت أفلامه التى ساعد فيها «يوسف شاهين» قبل «هى فوضى» سوف تكتشف أن «خالد» يعيش إلى حد التقمص لروح يوسف شاهين فى الحوار والسيناريو ولكنه لا يعبر بالضرورة عن أفكاره هو، والدليل أنك لو شاهدت أفلام خالد يوسف «العاصفة» و«زواج بقرار جمهورى» و«إنت عمرى» و«ويجا» «خيانة مشروعة» «حين ميسرة» وصولا إلى (كف القمر) لوجدت مذاقاً إخراجياً ودراميا ومنهجاً آخر فى التفكير.

دائماً فن قيادة الممثل أحد الأسلحة المهمة جداً للمخرج، وبالنسبة ليوسف شاهين هو سلاح باتر وحاد، يطبقه وفقا لمفهومه كما أشار بذلك محمود حميدة فى ندوة (قرطاج).

فى أول أفلامه الروائية «بابا أمين» الذى أخرجه فى الثالثة والعشرين من عمره، وأسند بطولته إلى حسين رياض، طلب من هذا العملاق أن يلتزم بأسلوب يوسف شاهين فى الأداء، ولهذا ظل هذا الفيلم مختلفاً عن كل الأفلام التى شارك فى بطولتها حسين رياض الذى كان أقل انفعالاً وخطابية وأكثر شاعرية!!

فى فيلم «الأرض» الذى لعب بطولته محمود المليجى.. قال لى يوسف شاهين إن المشهد الأخير الشهير لمحمود المليجى، وهو ينتقد أهل القرية، ويقول لهم (كنا رجالة ولاد رجالة).. هذه اللقطة أعادها يوسف شاهين أكثر من 25 مرة، واللقطة التى نراها فى الفيلم هى اللقطة رقم «25»، لأنه فى كل مرة كان يطلب من محمود المليجى إعادة الأداء ليحصل منه على تلك الذروة، التى دخلت كلاسيكيات السينما العربية باعتبارها لقطة لا تنسى.. قال لى «يوسف شاهين» إنه بعد أداء «المليجى» 24 مرة كان كل العاملين فى الاستدديو يصفقون إعجاباً بالمليجى.. 24 مرة صفقوا إلا هو لم يقتنع إلا فى المرة رقم «25»، ولكنه لم يصفق!

فى نهاية الندوة، تذكرت لحظة النهاية عندما ودعنا يوسف شاهين فى الكاتدرائية، حيث قال البعض إن وصية يوسف شاهين هى أن يخرج جثمانه من جامع عمر، وبصوت الشيخ محمد رفعت، الذى كان متيما بأدائه للقرآن، وبقصر نظر اعتقدوا أنه بتلك الوصية يُشهر إسلامه، بينما فى الحقيقة، إن يوسف شاهين لم يكن يريد سوى أن يدرك الجميع أنه مع الإنسان بعيدا عن اللون والعقيدة.

وكما تغنى منير فى (حدوتة مصرية) بكلمات عبدالرحيم منصور، وموسيقى أحمد منيب (يهمنى الإنسان ولو ما لوش عنوان)، شعرت أن يوسف شاهين يعود إلينا، فى (قرطاج)، تنفذ وصيته وكأننا نستمع معه إلى صوت محمد رفعت، فى نقاء وصفاء ليبعث من جديد!.

tarekelshinnawi@yahoo.com

المصري اليوم في

01.11.2016

 
 

خالد النبوى:

أحلى أيام حياتى عشتها فى قرطاج أثناء افتتاح فيلم "المهاجر"

تونس: جمال عبد الناصر

قال النجم خالد النبوى لـ"اليوم السابع"، قبل مغادرته لمهرجان "أيام قرطاج السينمائى" إنه سعيد بمشاركته فى احتفالية تكريم المخرج الكبير يوسف شاهين خاصة أن هذا المهرجان من أكثر المهرجانات قربا لقلبه قائلا: "قضيت أجمل أيامى وذكرياتى هنا فى تونس بقرطاج أثناء افتتاح فيلم المهاجر فقد رفعت على الأعناق عقب عرض الفيلم".

وتابع "النبوى"، يوسف شاهين هو روح السينما وسقفها العالى فهو سقف الجميع يريد الوصول إليه ونقل السينما العربية من مكان إلى مكان فقد جعلها تتجه ناحية الإنسانية والآخر.

وأشار "النبوى"، أن علاقتى الخاصة كممثل مع هذا المخرج العظيم لأننى تعلمت منه الكثير ودائما كنت أسأل رغم أن لدى خلافات فنية مثل فيلم "المهاجر" كنت أسأله عن تفسير لمشهد ما ولماذا لم يكتب فى السيناريو كل التفاصيل، ولكنه كان يقول لى أننى "كتبت المشهد كده لكنى سأخبره كده فقد كان يترك مساحة لإبداع المخرج حتى لو كان هو الذى كتب السيناريو".

وأنهى "النبوى" كلامه موجها رسالة يحدث فيها المخرج الراحل يوسف شاهين قائلا: "أنت الآن روح السينما وسقفها العالى وأنت موجود معنا يا أستاذ وروحك تحلق دائما معنا".

بالصور.. عرض فيلم "زيزو" لـ500 سجين

فى حضور فريال يوسف وأبطال الفيلم

تونس - جمال عبد الناصر

لأول مرة فى مهرجانات عربية يُعرض ضمن فعاليات المهرجان مجموعة من الأفلام السينمائية المختارة للمساجين وهذا ما حدث، فى مهرجان "أيام قرطاج السينمائية" فقد عرض الفيلم التونسى "زيزو" للمخرج الكبير فريد بوغدير وأبطال الفيلم سارة الحناش وتوفيق البحرى كما حضرت الفنانة فريال يوسف عرض الفيلم برغم انها ليست من ضمن أبطاله.

الفيلم تفاعل معه المساجين بشكل غير متوقع وحضر اكثر من 500 سجين وحدث قبل عرضه كلمات لرئيس السجن ومحافظة المدينة التى يقع فيها سجن المرناق كما تحدث المخرج فريد بوغدير ورئيس مهرجان ايام قرطاج السينمائية المخرج ابراهيم اللطيف الذى اكد على اهمية تلك الفكرة واستمرارها كل دورة لانها تحدث تواصل مع المسجون وبين العالم الخارجى وهى خدمة انسانية لان المسجون فى النهاية انسان والسينما ربما تغير من مفاهيمه للحياة.

حضر عرض الفيلم أيضا عدد من النقاد والصحفيين منهم طارق الشناوى وعلا الشافعى وأحمد شوقى ورامى عبد الرازق والمذيعة إنجى على وقنوات ووسائل إعلام تونسية ومصرية ويتم التنسيق فى هذا المشروع القائم على عرض الافلام للمساجين داخل السجون من قبل المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب الذى تشرف عليه وتنسقه مع ادارة المهرجان السيدة امتياز بلالى.

عائشة بن أحمد توضح سبب تغيبها

عن حضور عرض فيلمها فى مهرجان قرطاج

كتب محمد زكريا

كشفت الفنانة التونسية عائشة بن أحمد لـ"اليوم السابع" عن سبب تغيبها عن حضور عرض فيلمها التونسى "أجوسطينوس.. ابن دموعها" للمخرج سمير سيف، ضمن فعاليات مهرجان أيام قرطاج بتونس رغم أنها بطلة العمل.

وأوضحت عائشة أنها اعتذرت عن عدم الحضورة لارتباطها بتصوير عمل فنى فى مصر، والذى يشهد أولى خطواتها فى السينما المصرية، مشددة على أنها ستسافر يوم الخميس المقبل إلى مهرجان قرطاج لحضور العرض الخاص الثانى للفيلم المقرر اقامته يوم الجمعه بحضور نجوم الفن والزعيم عادل إمام.

ويتناول الفيلم قصة حياة الفيلسوف التونسى الشهير أغسطينوس الذى ولد فى الجزائر وعاش حياته واستكمل دراسته فى تونس، وتقدم عائشة فيه شخصية "مونيكا" والدة أغسطينوس، وتمر شخصيتها فى أحداث الفيلم بعدد من المراحل العمرية، حيث تبدأ بفتاة شابة ثم أم فى الخامسة والخمسين من عمرها، وتصل فى نهاية الأحداث لأن تصبح جدة.

اليوم السابع المصرية في

01.11.2016

 
 

يوم يوسف شاهين في قرطاج

رسالة تونس‏:‏ أسامة عبد الفتاح

إذا كانت اأيام قرطاج السينمائية ممتدة من‏28‏ أكتوبر إلي‏5‏ نوفمبر‏2016,‏ فيمكن اعتبار أمس يوم يوسف شاهين في هذا المهرجان العريق‏,‏ بل لا أبالغ إذا قلت إن دورته الحالية‏,‏ التي تحمل رقم‏27,‏ دورة اشاهينيةب بشكل أو بآخر فرغم أنها تشهد الاحتفال بمرور‏50‏ عاما علي تأسيس المهرجان‏,‏ الأقدم في المنطقة العربية وإفريقيا‏,‏ إلا أنها حملت روح شاهين منذ اللحظات الأولي في حفل الافتتاح‏,‏ حين صفق الحضور طويلا لاسمه‏,‏ ورددوا وراء صوت محمد منير أغنية اعلي صوتك بالغناب من فيلمه االمصير‏,‏ والتي تم اتخاذها كأحد شعارات الأيامب هذا العام‏.‏

وشهد قصر المؤتمرات بشارع محمد الخامس بالعاصمة تونس أمس ندوة موسعة وحميمة لتكريم اسم شاهين حضرها العديد من النجوم الذين عملوا معه وكذلك كثير من أصدقائه ورفاق دربه وتلاميذه, ومنهم عزت العلايلي ومحمود حميدة وسيف عبد الرحمن وخالد النبوي وخالد يوسف ويسرا اللوزي ودرة, بالإضافة إلي الكبير جميل راتب الذي لم تسمح له ظروفه الصحية بالجلوس علي المنصة وجلس علي كرسي متحرك في الصالة وألقي كلمة قصيرة.

قدم الندوة الناقد التونسي الكبير خميس الخياطي, الذي أعد كتاب خمسينية قرطاج, وأدارها الناقد اللبناني الكبير إبراهيم العريس, الذي أعطي الكلمة أولا للعلايلي الذي روي للحضور ظروف تعرفه علي شاهين عن طريق الصحفي والسيناريست الراحل حسن فؤاد, واشتراكه في فيلم االأرض, ثم تحول علاقته بيوسف إلي صداقة واشتراكه في بطولة العديد من أعماله بعد ذلك, ومنها فيلم االاختيار, الذي فشل جماهيريا في بداية عرضه إلي درجة توجيه الشتائم بالأب والأم للعلايلي الذي أصيب بأزمة نفسية لم تخرجه منها سوي العملاقة أم كلثوم التي قالت له إن الله الذي منحه الموهبة لن يتخلي عنه.

ثم تحدث النجم محمود حميدة عن العلاقة بين المخرج شاهين وبين الممثل عن طريق العلايلي نفسه الذي قال إنه كان معجبا به وكان يتابعه ويطارده في كل مكان ليراقب تصرفاته لأنه- علي حد قول حميدة- أفضل وجه سينمائي رآه علي الشاشة بفضل شاهين, وإن تلك الصورة لم يظهر بها العلايلي مع أي مخرج آخر.

أما علاقة الممثل بالمخرج شاهين, فقد تحدث عنها حميدة بالتركيز علي علاقة العمل التي جمعته هو بيوسف, وكيف أنه اكتشف- أثناء قراءة سيناريوهات أفلام المخرج الكبير- أن اأصواتب الشخصيات تتغير من شخصية إلي أخري لكنها كلها تتحدث بـالغةب شاهين, وأن ذلك لم يعجبه لأنه كان يريد لكل شخصية- خاصة الشخصية التي يؤديها- أن تتحدث بلغتها, ولذلك أقدم- وهو الوحيد الذي فعل ذلك- علي تغيير جمل الحوار الخاصة بشخصيته لتناسبه وتناسبها أيضا, وكيف أن الأستاذ اقتنع بذلك لكن بعد اخناقاتب كثيرة!

وتوالت بعد ذلك كلمات وشهادات الزملاء ورفاق الدرب والتلاميذ, وكان أطرفها شهادة المنتج جابي خوري, ابن شقيقة شاهين ومنتج معظم أفلامه, حيث ضرب العديد من الأمثلة علي اهتمام الكبير الراحل بأدق تفاصيل أعماله, ومنها أنه استدعاه في عز الليل ليتصل بالموسيقار الكبير الراحل كمال الطويل ويبلغه اعتراض شاهين علي نغمة واحدة- وصفها بـاترام ترامب- في أغنية اعلي صوتك بالغناب من فيلم االمصير, وكيف أنه وجد نفسه محرجا بين هذين العملاقين, لكنه اتصل بالطويل في النهاية وبلغ الرسالة, ليعترض الأخير هو الآخر ويقول له إنه سيقاضيه هو واخاله(!), لكن الأمر انتهي باتفاق الكبيرين وخروج الأغنية بالشكل الجميل الذي استمع إليه الجمهور.

وتم بعد ذلك افتتاح معرض صور يوسف شاهين وأعماله بقصر المؤتمرات أيضا بحضور ضيوف الندوة وإبراهيم لطيف, مدير اأيام قرطاج السينمائية, بجهود من عائلة بكر الشهيرة التي تولت تصوير معظم أفلام اجوب ومعظم أفلام السينما المصرية بشكل عام.

الأهرام المسائي في

01.11.2016

 
 

نجوم سينما شاهين يتذكرونه فى قرطاج

قرطاج ــ وليد أبوالسعود:

خالد النبوى: روح السينما وسقفها العالى.. جميل راتب: مخرج عظيم.. العلايلى: فكرة فيلم «الاختيار» ولدت من وحى مناقشاتنا عن النكسة وسببها.. جابى خورى: كان مريحًا للمنتجين.. ودرة: يوسف شاهين غيّر نظرتى للسينما

اقام مهرجان أيام قرطاج السينمائية احتفالية كبرى لتكريم المخرج الراحل يوسف شاهين بقاعة المؤتمرات وسط حضور النجوم والمخرجين الذين شاركوا فى أفلام المخرج الكبير ومنهم عزت العلايلى وخالد النبوى، وجميل راتب وسيف عبدالرحمن ودرة ويسرا اللوزى والمخرج خالد يوسف والمخرج خالد الحجر، والمخرج سمير سيف والمنتج جابى خورى والمنتج محمد العدل، كما حضر السفير نبيل حبشى سفير مصر فى تونس.

فى بداية احتفالية التكريم التى قدمها الناقد اللبنانى إبراهيم العريس تحدث الفنان عزت العلايلى عن ذكرياته مع شاهين وفيلمه «الأرض» وكيف كانت كواليسه وكيف ولدت ايضا فكرة فيلم «الاختيار» من وحى مناقشاتهم على النكسة وسببها وكيف قابل الجمهور عرض الفيلم فى البداية بهجوم جعله يغضب ويذهب لشاهين فى الحسين، كما تحدث العلايلى عن مشروع فيلم عن أم كلثوم كان يكتبه سعد الدين وهبة ويخرجه شاهين ولكنه لم يخرج للنور وكشف عن ترشحه لفيلم المهاجر لكن الدور ذهب لميشيل بيكولى.

وقال الفنان خالد النبوى ان شاهين هو روح السينما وسقفها العالى، كان دائما يدخل موقع التصوير طائرا والباقى يلهثون خلفه.

واضاف ان يوسف شاهين نقل السينما المصرية فى اتجاه الحداثة والإنسانية، واشار النبوى خلال حديثه إلى صعوبة تواصله مع شاهين اثناء تجسيده شخصية الناصر، فى فيلم «المصير» وخاصة ان هناك اشياء كثيرة كان دائم السؤال عنها.

وقال ان شاهين انزعج من كثرة اسئلته فى البروفات وكيف فاجأه أنه لا يستطيع كتابة ما بعقله كشاهين وانهم سيقدمون الشخصية كادر كادر أمام الكاميرا

وأكد الفنان جميل راتب ان يوسف شاهين مخرج عظيم، كان مثقفا وانه متفق معه فى معظم مواقفه وكشف ان شاهين قد أخرج بعض مشاهد فيلم «شقيقة ومتولى».

وقال المنتج جابى خورى ان يوسف شاهين كان مريحا له كمنتج. فهو يفهم آليات الإنتاج وتحدث عن علاقة شاهين بالموسيقى وتركيزه فى التفاصيل وان كواليس صناعة اغنية «على صوتك بالغنا» شهدت صراعا كبيرا بين شاهين والملحن كمال الطويل من أجل رغبة شاهين فى تعديل بعض الجمل اللحنية فى الاغنية.

وقام المنتج والموزع جابى خورى خلال الاحتفالية بتسليم المخرج ابراهيم لطيف مدير أيام قرطاج السينمائية درع نقابة المهن السينمائية تكريما له.

وقال المخرج خالد يوسف انه كان لهذا المهرجان تأثيره الخاص على يوسف شاهين، لأنه من أوائل المهرجانات التى عُرض فيها أفلامه وساعده للوصول للعالمية بعدما حصل عام 1970 على جائزة «التانيت» عن فيلمه «الاختيار» وورثت هذا الحب والتقدير لمهرجان أيام قرطاج من الراحل الاستاذ يوسف شاهين.

واشار إلى أن تكريم المخرج الكبير بعد رحيله يُعد لافتة طيبة.

فيما اشارت الفنانة درة التى شاركت فى فيلم «هى فوضى» ان يوسف شاهين غيّر مجرى حياتها من فنانة تعمل فى تونس لفنانة تونسية تعمل فى مصر وكيف أن شاهين كان يمثل لها الأمان وكم تمنت العمل معه مرة أخرى وهى أكثر نضجا وأنه علم من أعلام مصر كالأهرامات.

«السينما لعنة» هكذا بدأت يسرا اللوزى حديثها عن تجربتها مع شاهين وكيف أنها كانت تتمنى لو كان لها خبرة اطول وقتها حيث طالبها شاهين بتغيير لون شعرها وان هناك قبلة ساخنة فى الفيلم وكشفت يسرا كيف كان لقاؤهم الأول عندما قال لها إنها اطول من البطل وكانت تشعر دوما وهى معه أنه طفل وانها أكبر منه كثيرا وكيف كان يستطلع منهم رؤيتهم كشباب لمصر. وانهم أصبحوا أصدقاء. ودعا الفنان سيف عبدالرحمن الحضور للوقوف دقيقة حدادا على روح المخرج الراحل.

وسبق للمهرجان أن كرم شاهين قبل وفاته فى 2008، ويحتفظ شاهين بعلاقة خاصة معه حيث شارك فى العديد من الدورات السابقة وفى لجان التحكيم، كما أنه كان يحضر أغلب الدورات، وكان يوسف شاهين أحد الرواد الأوفياء لأيام قرطاج السينمائية وحصل سنة 1970 على التانيت الذهبى فى الدورة الثالثة عن فيلمه «الاختيار».

الشروق المصرية في

01.11.2016

 
 

ليلة لا تُنسى فى سجن (مرباج) التونسى!

تجربة اسثنائية تؤكد قوة منظمات المجتمع المدنى

طارق الشناوي

كنت أريد أن أتحدث عن غضب بعض المصريين من الفيلم الرائع (أبدا لم نكن أطفالا) للمخرج محمود سليمان، والمرشح بقوة للتانيت الذهبى- حيث تعلن الجوائز السبت القادم- كأفضل فيلم تسجيلى طويل بعد أن بدأت رحلته مع الجوائز قبل عام فى مهرجان (دبى)، وحصل على المُهر الذهبى أفضل فيلم وأفضل مخرج، مع الأسف لايزال البعض ينظر تحت قدميه متسائلا عن سمعة مصر وكيف تُعرض هذه الأفلام خارج الحدود، وكأننا لم نصل بعد للألفية الثالثة، والتى أسقطت من خلال الصورة وسرعة انتشارها كل الحدود والقيود.

كنت أريد أن أتحدث عن هذا الجمهور التونسى الذى شاهدته يتدفق بالمئات لمشاهدة فيلم تسجيلى مصرى، ومن لم يتمكن من الحصول على تذكرة ضعف عدد من حصلوا عليها، كنت أريد أيضا أن أتحدث عن المرأة التونسية التى تقود وتتصدر المشهد فى الدفاع عن حريتها وحقوقها وفى أبسط الأمور، مثل أن يعاد عرض الفيلم لو تأخروا فى الدخول، وكان السبب هو إدارة السينما، تفاصيل عديدة تستحق التأمل والرصد، ولكنى أرجأت كل ذلك بسبب هذا المشهد الاستثنائى.

لأول مرة أشاهد فيلما سينمائيا فى السجن ومع عدد من النزلاء يتجاوزون 500 مسجون، الفيلم (زيزو) للمخرج فريد بوغدير، المهرجان متخم بالأفلام والندوات، ولكنها تجربة من الصعب تكرارها، ولا يمكن سوى أن تسعى إليها حتى لو كبدك ذلك خسارة 6 ساعات من اليوم المشحون بالأفلام والندوات، أن تشاهد فيلما سينمائيا وأن تحضر نقاشا يتناول كل التفاصيل الفنية مع مساجين لا أظنها دعوة من الممكن أن تقاوم، كل من التقيناهم لديهم أحكام خفيفة نسبيا تتراوح بين شهور وبضع سنوات (جُنح)، ولم أكن أعلم أن الزيارة فى اليوم الثانى لسجن الجنايات رجال، واليوم الثالث جنايات نساء، حيث الجرائم أبشع والأحكام أكثر قسوة وغلظة، لو كنت أعلم كنت اعتذرت عن الجنح وذهبت مباشرة للجنايات، ولكن ولأنه من المستحيل بالطبع أن أترك المهرجان، وما ذهبت لأجله من القاهرة وأتفرغ فقط للذهاب يوميا للسجون، والتى بطبعها كما يحدث فى العالم كله تقع على أطراف المدينة، وتستهلك الكثير من الزمن، حقيقة لم أملك الشجاعة الأدبية لكى أدير المؤشر الخاص بداخلى لأتفرغ فقط للتواجد فى السجون.

اكتشفت أنها لم تكن الأولى، ولكن فى العام الماضى بدأت هذه الرحلة من خلال منظمة أهلية ترفع شعار (لا للتعذيب)، سألت المسؤولة عن أوضاع سجناء الرأى فى تونس؟ أجابتنى: لا يوجد، قلت لها لا أحد يسمى سجناء الرأى سجناء رأى، كثيرا ما نتحايل على التوصيف، ونبحث عن أسباب أخرى، ولهذا يقضون العقوبات باعتبارها أحكاما جنائية وليست سياسية، أكدت لى أنها تدرس كل الحالات، وأن المجتمع المدنى فى تونس يملك قوة أدبية ولا تستطيع الدولة أن تمنعه من ممارسة حقوقه المشروعة فى مراقبة السلطة التنفيذية حتى داخل السجون، وأن المسجون فى تونس له كل الحقوق، والنشاط لتلك المنظمة يتجاوز أيام مهرجان قرطاج، ليقدم طوال العام حفلات غنائية يحضرها مجانا مشاهير المطربين، وأن فريق التمثيل بالسجن ينتقل من جدران الزنازين إلى المسارح العامة ويعرضون مسرحياتهم، لأن الغرض الأساسى من العقاب هو الإصلاح قبل العقاب، صحيح أن الأحكام سالبة بطبعها للحرية، إلا أن التخوف من صدمة ما بعد الإفراج يجعلهم حريصين على التمهيد للإفراج، حيث إن المسجون يعيش عادة صدمتين، الأولى السجن بالطبع، والثانية- خاصة إذا ما طال به البقاء داخل السجن- هى صدمة الحياة بلا جدران، فلا يستطيع أن يتعامل مع المجتمع ببساطة.

من المؤكد أنك تسأل الآن ما هى علاقة جمهور المهرجان بزيارة السجون التونسية؟ ملحوظة منظمات حقوق الإنسان فى مصر هل يتمكن أعضاؤها مثلا من تحقيق هذه الزيارات للمساجين، فما بالكم لو تواكب ذلك مع دعوة ضيوف أجانب؟ المجلس القومى لحقوق الإنسان فى مصر، والذى يرأسه الأستاذ الكبير محمد فائق، كثيرا ما اشتكى أعضاؤه من عدم تمكنهم هم شخصيا من زيارة السجون إلا وفق معايير خاصة وإجراءات صارمة، فما بالكم لو فكرنا، ومهرجان القاهرة السينمائى الدولى على الأبواب، أن ندعو بعض ضيوف المهرجان لزيارة السجون، نعم لو كان الأمر متعلقا بتوصيل صورة للعالم لصالحنا لنفذناها فورا، كما قرروا فى تونس، ولكن لا أظن أننا لدينا هذه الشجاعة فى اتخاذ مثل هذه القرارات، نسيت أن أقول لكم إن مدير المهرجان، إبراهيم لطيف، ترك جانبا كل مهامه وتفرغ لتلك الزيارة، لأنه يعلم سياسيا أهمية أن يرى العالم بعيون غير تونسية ما يجرى فى السجون، هل تتخيل مثلا أن ماجدة واصف، رئيسة مهرجان القاهرة، ويوسف شريف رزق الله، المدير الفنى، يذهبان مع الضيوف إلى سجن القناطر الخيرية.

فى تونس الإجراءات لا تتجاوز أن يحصلوا على بطاقة الهوية، وأن تغلق فقط التليفون المحمول والتصوير مسموح به لو وافق السجين، بالطبع التعليمات هى ألا نجرى حوارا مع المساجين إلا إذا طلبوا هم ذلك، وإن كنت قد لاحظت مثلا أن فى الفيلم عندما بدأت الندوة كانت كاميرا الفوتوغرافيا تصور لقطات عامة ولم يعترض أحد من المسؤولين، ولكن عندما أراد مصور تليفزيونى أن يلتقط سؤالا من مسجون وجهه للمخرج بعد عرض الفيلم، رفض تصوير الكاميرا، وكان له ما أراد، ولقد علمت من مذيعة نايل سينما، إنجى على، أنها أجرت حوارا مع مسجون ملأت لوحاته جنبات السجن، فهو يمارس الفن ويقضى العقوبة بسبب إدمانه المخدرات وهو حاليا يتلقى العلاج، ورغم ذلك فهو لم يشارك فى حضور العرض السينمائى لأنه لا يحب السينما، وأجرت إنجى الحوار صوتا فقط، لأنه رفض أن تلتقطه الكاميرا.

وتوقفت فى الحقيقة أمام اختيار فيلم (زيزو)، زيزو شاب خفيف الظل يعانى فى الحصول على رزقه ويعمل فى العديد من المهن حتى يستقر به الأمر فى النهاية ليصبح بالصدفة بطلا ثوريا، الفيلم يقف على الحدود الزمنية ما قبل ثورة الشعب التونسى ضد بن على، حيث شاهدنا لوحات النفاق التى تدعوه إلى خوض الانتخابات فى 2014، وتحولت إلى 2041، وعندما لاحظ صاحب الشركة هذا الخطأ انزعج فى البداية، ثم وجدها فكرة صائبة لكى يوجه لزين العابدين رسالة أنه يريده 25 عاما أخرى. ملحوظة أغلب الأفلام التونسية المشاركة فى المهرجان رسميا، كانت تلك الفترة الزمنية الشائكة قد شكلت نقطة الانطلاق.

الفيلم بالمناسبة مصنف فوق 18، ومثل هذه الأعمال الفنية لجمهور أغلبه من الشباب ومحروم بالطبع من ممارسة حقوقه الشرعية، تشكل خطورة، ولكن تعامل النزلاء مع كل هذه المشاهد بالتصفيق والضحك.

ما الذى يعنيه أن تذهب للسجن وتجد على الجدران شعار المهرجان؟ أن هذا الشعب يعيش كل التفاصيل السينمائية، لا معنى آخر، وأنه يعتبر قرطاج هو مهرجانه، لا فرق بين مواطن يتمتع بحريته أو فقد حريته داخل السجن إلا أنه لم يفقد انتماءه للوطن.

الفنان التونسى يتواجد بالمهرجان، هكذا رأيت هند صبرى ودرة وفريال يوسف وهن يتجولن فى المهرجان ويوجهن للضيوف الدعوات لحفلات على نفقتهن الخاصة، فهو ليس مهرجان دولة، صحيح أن وزارة الثقافة التونسية هى التى تتولى إقامته منذ نصف قرن، ولكن الصحيح أيضا أن هناك مجتمعا مدنيا يطالب بأن يتولى المسؤولية فى إقامة مهرجانه، ويبقى أن نسأل إدارة المهرجان لماذا شعرنا بأن المهرجان يضع اللغة الفرنسية هى الأولى، وتتجاوز العربية، حتى جدول العروض بالفرنسية، وكان من الممكن أن يقر، وهو أضعف الإيمان، الإنجليزية أيضا بجوار الفرنسية، خاصة أن توجهه العربى- الأفريقى يجعل المساواة بين اللغتين فى حالة الترجمة واجبة، دعونا غدا نناقش تلك النقطة الشائكة، وقبلها سر هذا الجمهور التونسى الرائع العاشق حتى الثمالة للفن السابع!!.

tarekelshinnawi@yahoo.com

المصري اليوم في

02.11.2016

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)