كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

«سواق الأتوبيس».. يتوقف فى محطته الأخيرة «بتوقيت القاهرة»

محمود عبدالشكور

عن رحيل

هرم العطاء

نور الشريف

   
 
 
 
 

لو كان النجم الكبير الراحل نور الشريف قد ظل متمسكا بأدائه فى أعماله الأولى التى يعلو فيها صوته، أو يحرك يديه بطريقة مسرحية، لما قدم هذه البصمات المهمة فى تاريخ السينما المصرية، ولما ظل يثير الاهتمام حتى دوره الرائع فى آخر أفلامه «بتوقيت القاهرة» من كتابة وإخراج أمير رمسيس.تخرج نور الشريف و(اسمه الأصلى محمد جابر محمد عبد الله) الذى جاء من منطقة شعبية، من معهد الفنون المسرحية فى عام 1967، استمر فى رحلة إضافة ونضج وتعلم طوال عمره الفنى، نجح فى تطوير أدائه، ثم واصل رحلة العشق والوعى والاجتهاد لكى يقدم الجديد فى كل مرحلة عمرية، تستطيع أن تعتبره نموذجا فى هذا المجال للفنان المثقف الذى يوظف ما نجح فى تحصيله لصقل موهبته بذكاء ومهارة، لقد استفاد تماما من المخرجين الذين عمل معهم، ومن قراءاته، ومن الشخصيات التى عرفها، وجعل ذلك كله فى خدمة أعماله.

نجح نور فى أن يسبق محمود ياسين وحسين فهمى فى الظهور، كانت السينما المصرية فى نهاية الستينيات تجدد أبطالها، وكان عماد حمدى ويحيى شاهين قد اختارا بالفعل أدوار الآباء، وكان كمال الشناوى وشكرى سرحان يقدمان أدوارا أكثر تركيبا، فانفتح المجال نسبيا للأجيال الجديدة وقتها، بترشيح من عادل إمام اقتنع حسن الإمام بأن يمنح الوجه الجديد نور الشريف دور كمال المهم فى فيلم «قصر الشوق»، وفاز نور أيضا بدور فى مسلسل شهير ناجح هو «القاهرة والناس» من إخراج محمد فاضل، ولكننا نلاحظ ارتباك نور فى تجاربه الأولى بين مستلزمات السينما والتليفزيون، وإعداده الأصلى كممثل مسرحى، رغم أن نور قال فيما بعد إن حسن الإمام علّمه أن يقول الحوار بعينيه قبل أن يقوله بلسانه، وهى إحدى القواعد الجوهرية فى فن أداء ممثل السينما.

مع مخرج كبير مثل سعيد مرزوق، قدم نور أحد أفضل أدواره الأولى فى «زوجتى والكلب»، إنه يقف هنا أمام العملاق محمود مرسى بمنتهى الرسوخ، ويلعب شخصية شاب شهوانى يثير غيرة مرسى، بعد أن يتورط فى إرساله إلى زوجته الجميلة (سعاد حسنى)، سيجمع مرزوق بين نور وسعاد حسنى فى فيلمه الثانى «الخوف» ولكن بأداء أقل بريقا، ومن أدوار نور الشريف الأولى اللافتة دور كامل فى فيلم «السراب»، وهى شخصية مركبة، وشديدة الصعوبة، ولكنه تخصص تقريبا فى أداء دور الشاب الندل الذى يغرر بالفتيات، ويرفض الزواج منهن (كما فى فيلمى «كلمة شرف» و«غدا يعود الحب» وكلاهما أمام نيللى).

لن تجد ممثلا اعترف مثل نور الشريف بأن نجاحه السريع فى السينما أفقده توازنه، ودفعه إلى قبول أدوار متواضعة، بل إنه قدم فى بيروت فى مطلع السبعينيات بعض الأفلام التافهة، قال نور أيضا إنه اشتهر فى تلك المرحلة بعدم الالتزام فى العمل، يوقع عقدا لفيلم مصرى ثم يتركه إلى بيروت، تراجع اسم نور فى سوق المنتجين، وتقدم محمود ياسين وحسين فهمى، وأصبحا فى الصدارة، كان يمكن أن ينتهى نور تماما، صعود سريع، وانطفاء أسرع!! ولكن اجتهاده، وقدرته على التعلم، والاستفادة من أخطائه، كل ذلك أعاده بقوة فى أدوار متتالية فى السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، بل إنه بدأ الإنتاج ليقدم مخرجين جددًا فى أعمالهم الأولى مثل سمير سيف فى فيلم «دائرة الانتقام»، ومحمد خان فى فيلمه الأول «ضربة شمس» الذى كان خان سيضع فيه تحويشة العمر، ولكن نور تحمل المخاطرة بدلا منه، وحقق الفيلم نجاحا كبيرا، ومثل محمد النجار فى فيلمه الأول «زمن حاتم زهران»، وقد أخرج النجار لنور فيما بعد فيلم «الصرخة» الذى لعب فيه دور شخص أبكم ببراعة وقوة. 

وعْي نور الشريف جعله يعود إلى المقدمة بأداوره المهمة كما فى «أبناء الصمت» من إخراج محمد راضى حيث يلعب نور دور شخصية شاب عاشق وخائف، وفى «قطة على نار» حيث شخصية معقدة ومركّبة، وكما فى دور المفتش فى فيلم «سونيا والمجنون»، ودور الابن العاق الذى ينكر وجود الله فى فيلم «الأخوة الأعداء»، والفيلمان لحسام الدين مصطفى، وقدم من إخراج حسام أيضا دورا مميزا للغاية فى فيلم «الشياطين» عن رواية لديستوفيسكى، ولا ننسى دوره المهم فى فيلم «ولا يزال التحقيق مستمرا» من إخراج أشرف فهمى.

تنوعت أدوار نور الشريف تنوعا واضحا ما بين رومانسية دوره فى «حبيبى دائما» من إخراج حسين كمال، والكوميديا الاجتماعية فى دوريه فى فيلمى «غريب فى بيتى»، و«آخر الرجال المحترمين»، والفيلمان من إخراج سمير سيف، وبين التراجيديا كما فى اثنين من أفضل أدواره فى فيلمى «أيام الغضب» من إخراج منير راضى فى فيلمه الأول، و«قلب الليل» من إخراج عاطف الطيب، ومع الأخير قدم نور بعضا من أفضل أعماله مثل دوره فى فيلم «ليلة ساخنة»، ودوره فى فيلم «كتيبة الإعدام»، وفى فيلم «دماء على الأسفلت» الذى كتبه أسامة أنور عكاشة، وفى فيلم «ناجى العلى» حيث لعب شخصية فنان كاريكاتير فلسطينى معروف تم اغتياله فى لندن.

####

نجوم الفن يروون تجاربهم فى التمثيل أمام غول السينما

محمد رفعت

رغم أنه كان يصارع المرض منذ أكثر من عام، ورغم أن الكثيرين قد توقعوا ألا يصمد طويلاً أمام هذا الصراع غير المتكافئ، إلا أن وفاة النجم الكبير نور الشريف الذى كانوا يلقبونه بغول السينما قد جاءت كالصاعقة بالنسبة للكثيرين من أصدقائه وزملائه الذين تعلموا منه ويحكون لنا من خلال السطور القادمة تجربتهم فى العمل معه.فى البداية، قالت الفنانة وفاء عامر، إنها تعاونت مع النجم الكبير نور الشريف فى عملين، الأول كان فى بداية مشوارها الفنى من خلال فيلم لعبة الانتقام مع المخرج محمد عبد العزيز، والثانى هو الجزء الثالث من مسلسل الدالى، مشيرة إلى أن هذه الأعمال ساعدتها على التعرف عن قرب عليه.

وأضافت: اكتشفت تفانيه وإخلاصه الشديد فى العمل، فهو إنسان كبير قبل أن يكون فنانا كبيرا، وهو يهتم بأدق التفاصيل فى دوره، وأيضا فى الممثل الذى يقف أمامه، ويحاول أن يعلو معه بأدائه، ومن شدة إعجابى بهذه المدرسة قررت منذ أول عمل جمعنى به أن أتبع نفس المدرسة، فأنا أعشق طريقته فى تقمص أدواره.

أما الفنانة هالة صدقى فقالت: «عملت مع نور الشريف مرتين، الأولى فى فيلم قلب الليل مع المخرج عاطف الطيب، والثانية فى مسلسل عرفة البحر الذى تم تقديمه قبل 3 أعوام، مشيرة إلى أن الفنان الراحل كانت شخصيته تختلف عن كل الزملاء الذين تعاونت معهم فى أعمالها، لافتة إلى أن أقرب نموذج له هو الفنان الكبير صلاح السعدنى، فهو يعشق الممثلين الذين يعملون معه، ويهتم بتفاصيل أدوارهم، وقد يوقف التصوير حتى يأخذ لقطة معينة بأداء معين، وهو بعيد كل البعد عن الأنانية.

فيما يحكى نجم الكوميديا أحمد بدير عن تجربته فى العمل معه فى فيلم «العاشقان»، وهو الفيلم الوحيد الذى أخرجه نور فيقول: «إن الشريف أقدم على هذه التجربة بعد خبرة كبيرة فى السينما، وأصبح ملما بكل كبيرة وصغيرة بها، لافتا إلى أنه يعتبر هذه التجربة ناجحة لنور الشريف حتى لو لم يحصل الفيلم على تقدير كبير بعد عرضه فى السينمات أو فى المهرجانات التى شارك فيها، مضيفا أن التعامل مع نور فى التصوير سهل العملية كثيرا لأنه شخص واعٍ بالسينما وأدواتها كما أنه يمتلك رؤية مختلفة.

فيما قال الناقد السينمائى نادر عدلى: «على عكس كثير من النجوم، سواء من جيله أو سابقيه أو اللاحقين، لم يكن نور الشريف يوما مجرد ممثل يهتم بالنجومية، وتحقيق الشهرة والمال، لكنه كان عاشقا للسينما مهتما بقضاياها، حريصا على ظهور أجيال جديدة وإنتاج أفلام متميزة، كما فعل الكثيرون فى مشروعات اقتصادية بعيدة عن الفن، لكنه كان دائم الإنتاج.
وأضاف: «نور لم يكن يبحث عن المكسب المادى، لذلك نجده يغامر بأمواله من أجل اكتشاف مواهب إخراجية جديدة، مثل سمير سيف، ومحمد خان، ومحمد النجار، الذين قدموا معه مجموعة من أجمل أفلامهم.

وأنشأ نور شركة الإنتاج السينمائى إن. بى عام 1976، مع زوجته وقتها بوسى، وظهرت باكورة إنتاجها بفيلم دائرة الانتقام المأخوذ عن رواية الكونت دى مونت كريستو، وهو أول أفلام سمير سيف أيضا، الذى قدم ثانى أفلام نور الشريف كمنتج أيضا، وهو فيلم قطة على نار عام 1977.

كما أنتج نور الشريف فيلم مدينة الصمت للمخرج وكاتب السيناريو كمال عطية، مع محمد إسماعيل رضوان. وفى عام 1981 قدم نور الشريف مع بوسى والمخرج حسين كمال فيلم حبيبى دائما ، قصة وسيناريو كوثر هيكل وحوار رفيق الصبان، وحقق الفيلم نجاحا جماهيريا كبيرا، وفى نفس العام أنتج نور أيضا فيلم ضربة شمس ليقدم من خلاله المخرج محمد خان فى أول أفلامه الطويلة.

وأنتج نور الشريف فيلم آخر الرجال المحترمين، من تأليف وحيد حامد، وإخراج سمير سيف، عام 1984.

وفى عام 1988 قدم فيلم زمن حاتم زهران، وقدم من خلاله المخرج الشاب محمد النجار، الفيلم قصة وسيناريو وحوار عبد الرحمن محسن، وشاركه البطولة كل من بوسى، ومشيرة إسماعيل، وصلاح السعدنى.

ويتحدث المخرج محمد خان عن تجربته مع نور الشريف كمنتج، فيقول إنه كان يطمح هو ومجموعة من أصدقائه منهم مدير التصوير سعيد شيمى والمونتيرة نادية شكرى، إلى إنتاج فيلم ضربة شمس، لكن لم تكن معهم الأموال الكافية، فذهب إلى نور الشريف فى أثناء تصوير أحد أفلامه، وعرض عليه فكرة الفيلم، فتحمس لها بشدة، ثم عرض أن يقوم هو بإنتاج الفيلم، وهو ما حدث فعلا، مشيرا إلى أنه اشترط عليه أن لا يتدخل فى الفيلم، وقد التزم نور الشريف بالرؤية المكتوبة بالفعل، وسلم نفسه تماما لخان كمخرج، مؤكدا أنه لم يتدخل إطلاقا فى عمله كمخرج لأنه فنان محترف، لافتا إلى أنه كان قادما من الخارج لا يعرفه أحد، ومع ذلك تحمس له النجم الراحل نور الشريف.

####

وسقطت ورقة فيلسوف السينما

سعاد سلام

فى لحظة صمت تساقطت ورقة جديدة من عمر إنسان وفارق حياتنا الفنان الرائع نور الشريف ودعنا وقلوبنا تدمع فأشرقت الشمس حزينة بغياب الفنان المبدع نور والإنسان بكل ما تحمله هذه الكلمة من المعانى الإنسانية لكن عزاءنا أن أعماله باقية بيننا التى عبر فيها عن كل ما بخلده من أحاسيس ومشاعر سطر فيها كل أفراحه وآلامه.

كم هو مؤلم فقدان قيمة عظيمة وإنســان وأب عزيز علينــــا وأصبــــح يغرقنــا الحـزن حتى أصبحنا نعتاد عليه فى كل يوم نفقد عزيز علينا.

رحل عاشق التأمل فيلسوف السينما المصرية عاشق التليفزيون والمسرح والذى شارك فى إنتاج العديد من كلاسيكيات السينما المصرية ووقوفه مع الوجوه الجديدة فهو مؤسسة فنية رائعة وفى كل عمل قام به عبر فيها عن مكنون ذاته و عن صدقه الذى يطيربه إلى آفاق عالية بعيدة كل البعد عن أكاذيب البشر وخداعهم لن نقول وداعًا لأن أعمالك التى تجاوزت 120 فيلمًا و20 مسلسلًا فهى باقية بيننا وسيرتك العطرة ستظل دوما معنا نستودعك الله الذى لاتضيع ودائعه ووعد بدعاء لاينضب لكن هى تلك الحياة دائما ناس تتلقى وتفارق ويكون له تاثير على كل من حوله وسيرته العطرة تتفوح فى كل ركن.

ومكان فى مصر والعالم العربى فهى روائح اب وذكرى عبقرى متع الجماهير العريضة فى مشارق الارض وغربها من دراما مليئة بمشاهد عبر فيها عن أحزانه وأفراحه ومن وصاياه أن يتم اعادة بث مسلسله عمر بن عبد العزيز وأعجبنى فى حواره الأخير مع مدحت العدل الذى تكلم بكل صراحة والمهموم بقضايا وطنه والأمة العربية والذى تحدث عن أوضاع البلد وحرصه عليها وعلى الفقراء وثقافة هذا الفنان الرائع عندما قال إن الإنسان كلمة فالكلمة تدخل الإنسان النار والكلمة تدخل الإنسان الجنة والموت كلمة وتذكرت قصيدة نزار قبانى فى رحيل والده عندما قال مات ابى وتعذر فى رحيلك ما اقول.

فإننى لا استطيع أن أوفيه هذا الإنسان الرائع حقه ولكن ترك لنا روائح منه ه بناته مى وساره وزوجته بوسى ألهمهم الله الصبر والسلوان ولكن عزاءنا أنك باقى بيننا بأعمالك الخالدة التى لا تموت.

####

أصعب «5» مواقف فى حياة الراحل نور الشريف

شيماء مكاوي

مشوار الفنان الراحل نور الشريف كان مليئًا بالنجاحات والعقبات فى نفس الوقت ولكنه رغم العقبات والمواقف الصعبة التى مر بها خلال مشواره وتاريخه الفنى إلا أنه استطاع أن يقف صامدا أمام تلك المواقف الصعبة ويتحدى بها الجميع ليثبت أنه لا يوجد شىء سيوقفه عن نجاحه ومشواره الفنى الزاخر بالنجاح.

ومن ضمن تلك المواقف الصعبة عندما قرر تجسيد شخصية رسام الكاريكاتير الفلسطينى (ناجى العلى) حيث وضع أمام عينيه هدفًا واحدًا قائلا «سأقدم شخصية رسام الكاريكاتير الفلسطينى ناجى العلى.. شاء من شاء وأبى من أبى»، هكذا كان عزم الراحل فى أواخر الثمانينيات ، وكان وقتها محققا للعديد من النجاحات فى أفلام «ضربة شمس» و«سواق الأتوبيس» و«العار» و«حدوتة مصرية»، وأهمل كل ذلك ليقدم مغامرة «ناجى العلى».

لم يساوره شك طيلة أسابيع تصوير الفيلم الطويلة فى أن يقدم عملا مهما سيحكى الجميع عنه، عملا يدخل ضمن أهم أفلام السينما العربية كلها ولكن عندما عرض الفيلم فى السينمات، تعرض لهجوم شرس قادته إحدى الصحف القومية المهمة ، ولم تتجاوز مدة عرضه أسبوعين، ثم جاء قرار رفع الفيلم من دور العرض وتسبب الفيلم فى خسارة مادية لنور الشريف كمنتج، ليس هذا فقط، بل خسارة معنوية أيضا.

حيث تم وصف طاقم العمل بالكامل وكأنهم مجموعة من الخونة صنعوا فيلماً ضد مصر، حتى أن الأقلام وقتها كتبت لتقول «إن نور الشريف قام ببطولة فيلم الرجل الذى (شتم) مصر فى رسوماته» .

اتهم بالخيانة العظمى، وصدر قرار سرى بألا يتم ذكر اسمه فى صحف ومجلات مصر، هكذا عانى نور الشريف فى أسوأ فترات حياته، حتى فكر بالفعل فى الهجرة إلى لندن للعمل فى الصحافة ، ابتعد عنه المخرجون (إلا عاطف الطيب وبعض شركائه) وابتعدت عنه شركات الإنتاج. 

ومن المواقف الصعبة التى عاشها نور الشريف فى حياته وأثرت على مشواره الفنى هو مرض ابنته الكبرى سارة حيث إن الأطباء عجزوا عن إيجاد مسمى للمرض التى عانت منه لسنوات طويلة مما استدعى سفرها للعلاج فى لندن حيث كانت تعانى من فيروس نادر يصيب الأمعاء وبعد سنوات طويلة تم شفاؤها ولكن رحلة العلاج والمرض أثرت كثيرا على الفنان نور الشريف .

ومن ضمن المواقف الصعبة التى عاشها هو نشر إحدى الصحف المصرية لخبر تورط الفنان نور الشريف مع الفنان خالد أبو النجا فى شبكة شذوذ جنسى وقدم نور الشريف وأبو النجا ببلاغ للنائب العام ضد الصحيفة، واتهماها بترويج شائعات تمس سمعتهما. 

واجتمع النائب العام المصرى عبدالمجيد محمود بالشريف وأبو النجا، ليصدر بعد ذلك بيانا ينفى فيه ما تم نشره بالصحيفة، وأنه تم استدعاء مسئولى الصحيفة للتحقيق معهم.

ثم بعد التحقق تم وقف ترخيص الجريدة ومعاقبة رئيس التحرير والصحفيين ولكن ظلت الشائعات تتداول رغم ذلك وأثرت كثيرا على نور الشريف وأسرته .

من المراحل الصعبة فى حياة الفنان نور الشريف انفصاله عن زوجته الفنانة بوسى بعد زواج دام لمدة 30 عاما بعد أن كانا مثالا لقصص الحب والارتباط .

وترددت شائعات كثيرة عن أسباب الطلاق كان أهمها زواج الفنان نور الشريف بإحدى الوجوه الجديدة.

وبعد إعلانه.. انتشرت الأقاويل وانقسم الوسط الفنى إلى أحزاب مع وضد ولكن بقت كلمة « من الجائز أن يرجعا إلى بعضهما مرة أخرى» الحل الأمثل حتى تخرس كل الألسنة التى حاولت استثمار الخبر.

وجاء نبأ الطلاق وسط فرحة نور بفيلمه عمارة يعقوبيان وماحققه من نجاح ملفت للأنظار فى مهرجان برلين.

ولكن قبل وفاته عادا إلى بعضهما مرة أخرى بعد انفصال دام 9 أعوام.

مرض نور الشريف قبل وفاته بعام وكان مرضه من أكبر الصعاب التى مر بها فى حياته حيث تمت إصابته بمرض خطير أثر عليه بشكل كبير. وذكر فى حديث له أن الدم لا يصل إلى رجله اليمنى، لافتاً إلى أن الأطباء نصحوه بإجراء جراحة لتوسعة الشرايين، «وقبل إجراء الجراحة تم اكتشاف وجود مياه فى الرئة ونتج عن هذه المياه حدوث التهاب فى الغشاء البلورى، ولهذا توقف عن التدخين من عامين». 

وذكر أنه يتلقى علاجاً للرئة وإزالة الالتهاب الموجود فى الغشاء البلورى، وحتى الآن غير معروف حقيقة مرض نور الشريف الذى أدى إلى وفاته.

أكتوبر المصرية في

16.08.2015

 
 

سينما 2015 تقدمها: خيرية البشلاوى

ألاقي زيك فين يا حسن؟!!

"سائق الأتوبيس" و"الزمار".. وبطل الاثنين الذي رحل "نور الشريف"!!

حسن "سائق الأتوبيس" "1982" وحسن "الزمار" "1985" شخصيتان لعبهما نور الشريف في مرحلة زمنية قصيرة جداً.. الشخصية الأولي لعبها في إطار فيلم حقق نجاحا كبيرا يستحقه ودخل تاريخ السينما المصرية كواحد من أفضل انتاجها وعلامة بارزة في مسار تطورها.

"سواق الأتوبيس" عمل كاشف ونافذ إلي عمق المرحلة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شهدت أحداثه فهو عمل مهم جداً لأي باحث يريد أن يسبر أغوار مرحلة مشهودة بعد حرب أكتوبر 1973 وأعني مرحلة "السداح مداح" أي الانفتاح الاقتصادي بلا روابط تحكمه!
العملان أخرجهما عاطف الطيب "1947 - 1995" ولكن الفيلم الثاني "الزمار" الذي أخرجه بعد ثلاث سنوات فقط عاني من الفتور ولم يتحقق القبول الجماهيري لأسباب قد يكون من أهمها انه ليس علي نفس القدر من القوة والكفاءة الفنية ومن الجاذبية بالنسبة لجمهور السينما المعتادة علي الاشتباك المعنوي القوي بينه وبين ما يدور علي الشاشة أمامه.. ومن ثم جاءت ردود الأفعال ليست مرضية والعروض التي نالها قليلة جداً
.

و"حسن" في العملين شخصية علي قدر كبير جدا من الايجابية والالتزام الإنساني ولكن الأول واقعي وصاحب موقف اجتماعي عملي وإنساني وسياسي واضح ولديه إرادة مقاتل خاض حرب أكتوبر 1973 هو ورفاقه الذين تركوا ميدان القتال منتصرين وباءوا بالفشل والإحباط الشديدين في مجال الحياة المدنية عندما تحولت النزعة المادية إلي دين ودنيا وسيطرت علي سلوك الناس فكان علي "حسن" أن يخوض معركة وحرباً أخري لإنقاذ الورثة مصدر رزق الأسرة ومحط كبريائها أيضاً.

حسن في "الزمار" مقاتل رومانسي ـ شاعر يمتلك حساسية المتأمل والقارئ لمفردات الحياة وجوهر الوجود ويؤمن بالعدل والحرية ويكره الظلم الاجتماعي ولا يتهاون ولا يهادن الظلمة ولا يكتم أفكاره.

حسن "الزمار" ينفس عن مشاعره ومخزون همومه وتأملاته بالعزف علي الناي وترديد المواويل والأشعار ونقل قناعاته وتأملاته إلي الآخرين أملاً في تحقيق قدر من العدالة.

ويهبط حسن علي قرية في الصعيد قادماً من أخري أو مكان ما.. فهو مطارد من السلطة. مطرودا من الجامعة.. وكان طالباً في كلية الهندسة وممثلاً في فريق التمثيل ولم ترض إدارة الجامعة ولا المسئولين عن أمنها عن أفكاره التي تشيعها أعماله الفنية انه حالة خاصة.

وعندما يترك الجامعة مضطرا ينتقل من مكان إلي آخر ناقلا معه أنغام الناي وأفكاره التي يعزفها وينقلها إلي الآخرين.

القرية واسمها "العرابة" التي هبط فوقها باحثا عن مكان تنتظر بأمل كبير تنفيذ مشروع "فنطاس" المياه الحلوة بدلاً من المياه الملوثة التي اعتادوا أن يشربوها والمشروع يتربص به من يمتلكون السلطة بدءاً من شيخ الغفر مروراً بمسئولي الأمن وانتهاء بمسئول الحكومة القادم إلي القرية علي متن "القطار المجري".

العمال في الطوابير الممدودة أمام مكتب شيخ الغفر يوعدون بأجور لا تفي بالجهد المبذول في تشييد الفنطاس.. والمشروع نفسه "سبوبة" بالنسبة لمن يخططون للاستفادة المادية منه وفي نفس الوقت يعتبر أملا للخروج من الفقر المدقع لعشرات الشباب العاطلين في القرية.

ويحاول "حسن" بما يملك من شفافية وسماحة وروح شاعر محب للناس ولأهل القرية أن يغرس قدراً من الوعي في نفوس الشباب عمال المشروع ويدفعهم للمطالبة بحقوقهم والتمسك بالوحدة والتلاحم حتي يحققوا الحرية والعدل الذي ينشدونه.. انه "يؤذن" في بلد كفرت بإمكانية الإصلاح ويأست من فكرة الانتصار للعدل وبات معظم شبابها قانعين بأنه ليس بالإمكان أحسن مما هو حاصل الآن ولكنه لم ييأس!

الفيلم الذي كتب له السيناريو والحوار كل من الدكتور رفيق الصبان والشاعر عبدالرحيم منصور عن مسرحية لتبيسي ويليامز "هبوط أورفيوس" يستعرض أحوال قرية مصرية في مرحلة ما بعد حرب أكتوبر أيضاً وبعد دخول التلفزيون الأبيض والأسود والملون الذي لا يمتلكه إلا القادرون.

من بين الأحوال المرصودة في "الزمار" أحوال المرأة المصرية في مجتمع ذكوري ظالم وبالغ القسوة في نظرته للمرأة ولم يكتف بنموذج المرأة الفلاحة مريم "محسنة توفيق" ولا الأخري المتعلمة "دولت" بوسي ولا الطيبة الخانعة "عنايت" ناهد سمير وإنما عالج أيضاً فكرة القسوة والتعنت الذي تمارسه المرأة نفسها علي المرأة متكئة علي منظومة القيم التقليدية التي باتت راسخة جدا ومستقرة في النظر إلي وضعية المرأة وحقوقها المهدرة بقوة الأمر الواقع والأيدولوجية السائدة.

وفي خضم الصراع الذي يخوضه حسن الزمار يواجه الفساد المستشري بين شرائح من الفلاحين أنفسهم وبين نسبة من الشباب أسلمت بالأمر الواقع وحاولت أن تهادن السلطة وبين التواطؤ بين بعض رجال الأمن المنوط بهم تنفيذ القانون وبين بعض رجال الحكومة الذي يقدم الفيلم نموذجاً منهم في شخصية أحمد بدير البيروقراطي العقيم المهموم بما يحققه من مكاسب من جراء المشروع والقفز علي مقدراته حتي ينال نصيباً من الكعكة.

يعيب الفيلم الرتابة التي تصيب المتلقي بالفتور أثناء الفرجة بسبب الإيقاع البطيء وأحياناً المترهل الذي يولده عملية التكرار والمط السردي.. والمعالجة الباردة لحكايات يفترض انها مشحونة بالتوتر والصراعات الداخلية والإحباطات وأذكر حكاية "عبدالله" "صلاح السعدني" وعشقه المكتوم "لدولت" "بوسي" التي فقدت الزوج والابنة وحاولت أن تجد متنفساً في ممارسات خرافية مثل "الزار" و"المشايخ" إلخ إلخ.. ثم علاقة حسن نفسه وتعاطفه الذي يصل إلي درجة الانجذاب العاطفي لمريم "محسنة توفيق".

بعض البورتهات الخاصة بالمرأة تبدو حية ومتلونة وجذابة مثل شخصية "نبوية" "نعيمة الصغير" العانس التواقة إلي علاقة حسية مع "حسن الزمار" فتحاول غوايته.

نور الشريف يقدم في "الزمار" "حسن" حالم غير "حسن" السواق. مثالي جداً ونظري.. علي عكس ابن البلد المقاتل صاحب التجربة الحياتية العملية العريضة في ميدان القتال والميادين المدنية التي تبعثرت فوقها أفراد أسرته طامعين في تحقيق الثروة السريعة في زمن الانفتاح الاقتصادي المدمر الذي عرفته مرحلة حكم الرئيس السادات والتي مازال "ميراثها" الأيدولوجي مستمراً ومتجذراً حتي بعد غيابه بسنوات.

ويعتبر الفيلم تجربة فنية جادة ومعبرة عن تلك المرحلة التي ظهر فيها "حسن" سائق الأتوبيس و"حسن" الزمار وفي الحالتين وأمام نموذج الشخصيتين نستطيع أن نرصد سمة بارزة في شخصية الفنان الذي لعب دور الشخصيتين وأدائه وموقفه المحترم من وسيط الفيلم كعمل ثقافي واجتماعي وفني وبالضرورة "هادف" ولكن بشرط أن يتواصل مع أكبر عدد ممكن من جماهير الفيلم.. والجماهير المعنية ليست فقط تلك التي تدفع ثمن التذكرة وتشاهد الفيلم في دار العرض.

الجماهير العريضة موجودة في المنازل أمام الشاشة الصغيرة تمثل نوعية أخري ليست أقل أهمية فهناك شرائح تطول ربات البيوت والموظفين والعاملين والعاملات وكافة المغرمين بالسينما في ربوع الوطن وعشاق الممثلين النجوم مثل "نور الشريف" ألف رحمة علي روحه.

"حسن" ابن صاحب الورشة وحسن الزمار الطالب الجامعي المطرود والمهاجر من مكان إلي مكان والفيلسوف الذي يترجم أيامه ولياليه ومحتوي صراعاته مع الحياة والناس والوجود إلي لحن بالناي الحزين يعزفه أينما يذهب أو يجلس تحت شجرة أو في فضاء واسع أو داخل حجرة من الطين يملكها قهوجي يقدم الشاي لشباب القرية والسايلة.

كلمات "حسن" وأشعاره وألحانه تصل إلي قلوب البسطاء وإلي أناس يدركون بغريزتهم الأولية وحسهم البدائي عذوبة معانيها ويتفاعلون مع صاحبها ويعرفون انه وبما يحمله من أفكار يمضي إلي طريق محتوم. فهو بالضرورة عاجز ومقضي عليه طالما ظلت الحالة الاجتماعية والسياسية السائدة هي تلك الحالة التي تسود القرية وطالما ظلت المرأة إلي هذا الحد ضحية وعاجزة أمام قوي التخلف المفترية التي تشل قدرتها علي العطاء والإنجاب.

الواقع الذي صوره "الزمار" عقيم رجاله ونساؤه.

إنهم لا يملكون أجهزة التحكم في مقدرات حياتهم.

والواقع في المدينة التي عاشها حسن سائق الأتوبيس أو تلك التي زارها وهو يبحث عن شقيقاته ويطلب منهم معونة لإنقاذ ورشة الأب. مثله مثل الواقع الذي يسود قرية "العرابة" في الصعيد.. "الواقعتين" و"الحسنين" "السائق والزمار" أبطال أو فرسان في عاصمة أجهضت حق المقاتلين الذين حرروها في أكتوبر 1973 وفي قرية أجهز علي مشروع المياه الصالحة للحرب عملاء لسلطة فاسدة تتصدي لأصحاب "الرسالة" حتي لو تجردوا من الغرض وكانوا علي قدر من المسئولية.. ولكن "حسن" الأول أكثر حظاً من الثاني.. وإن ظل مصير الاثنين لا يحقق المعادل الموضوعي أو حتي الحد الأدني المطلوب مصير حزين وآخر مأساوي.

"الزمار" الفيلم لم يجد حظاً وافياً في ظروف عرضه علي شاشة التلفزيون ولا السينما وهو عمل يحتاج إلي تسليط الضوء عليه ليس فقط لأهميته الموضوعية وأهمية "بطله" الذي رحل عن عالمنا منذ أيام وإنما لعقد مقارنة سريعة بين فيلم من أعمال الثمانينيات وأفلام مرحلة ما بعد طلاق هذا الوسيط مع العشرة الثانية من الألفية الثالثة لمفهوم المسئولية المجتمعية للفن الجماهيري.

المساء المصرية في

16.08.2015

 
 

أعمال نور الشريف الممنوعة عن جمال مبارك و"مولانا" و"الحسين"

مهدى مبارك

· «أمن الدولة» منع عرض «اللجنة» بسبب «توريث الحكم»

· «منير» رفض تسجيل أغنيات المسرحية: «ملغّمة ضد النظام»

· ظروف الإنتاج منعت تصوير «نقطة النور»

· «الطيب» رفض تجسيد «حفيد الرسول».. و«الأزهر» اعترض 4 مرات

كان «نور» ظلّ «نجيب» فى السينما، قدّم بطولة ١٣ عملًا من روايات أديب «نوبل»، الذى حاول أن يتقرَّب إليه، ويقترب منه، كان مخلصًا - تماما – لما يقدمه، فقد أعاد تمثيل مشهد ١١ مرة.. لماذا؟ لأنه فى فيلم عن رواية «نجيب»، وبالتحديد رواية «السراب»، التى تحولت إلى فيلم سينمائى عام ١٩٧٠.

يروى ما جرى فى حوار قديم: «اضطررنا إلى إعادة المشهد ١١ مرة لأن صوتى كان أحيانا يحتبس بداخلي، ومرة لأننى أتلخبط، وأتلعثم فى الحوار، وثالثة لأننى لا أستطيع أن أرفع صوتي، وهكذا حتى قدمته بشكل يرضينى فى المرة الـ١٢».

هل نقترب من علاقة «نور الشريف» بالأدب أكثر؟

نعى أحمد حلمى لأستاذه فى التمثيل بعد وفاته مباشرة اختصر ما يمكن أن نقوله فى الإجابة عن السؤال، قال: «أول مرة قابلته كنت لسه فى سنة أولى فى الأكاديمية، قال لي: (أنا هانصحك.. لازم تقرأ كتير، القراءة هتغذى روحك وعقلك، القراءة هتخليك فى حتة تانية، وهتفهم أبعاد تانية كتير).. سألته: أبدأ بإيه؟.. رد: اقرأ لنجيب محفوظ فى الأول، نجيب أكتر واحد بيرسم الشخصيات».

يرى نور الشريف نفسه صاحب المسئولية الكاملة فى صياغة عقل المشاهد.. هذا دوره، أو هكذا يعتقد، ومن بين أقواله إن «عادل إمام دوره يضحك الناس، ومحمود ياسين يقدم ملاحم شعبية، وأنا دورى أنوّر للناس الطريق بالسينما».. يميل إلى صيغة المفكر، ليس فقط ممثلًا.

كانت فكرة «نور» تدور حول الانفراد بمنطقة، واختار - بالفعل – منطقة تشبهه، حكى لى أحد المقرَّبين منه إنه كان فيلسوفًا متوسعا فى إطلاق الآراء والأفكار التى تصل إلى الله وذاته المقدسة خلال قعداته الخاصة، لم يستسلم الرجل لما سمعه فى مساجد القرية التى جاء منها.. اعتقد – فى لحظة من اللحظات – أنه أقوى من الجميع فكان له مسلسل «الدالي»، الذى أعاد به أسطورة فيلم «الأب الروحي».. خليفة الله على الأرض الذى لا يهزم.. «سعد الدالى مابيموتش».

ما الذى يعيد ذكريات «نور» مع السينما والأدب ونجيب محفوظ الآن؟

٣ قصص «مجهولة» وأفلام ومسلسلات ومسرحيات لم تخرج إلى الشاشة، ولن تخرج أبدًا.. «نور» مات.

هالة جلال مخرجة أفلام وثائقية أرادت أن تدخل السينما من «نقطة النور»، رواية بهاء طاهر، التى لا تزال سيناريو كتبه بلال فضل، وحبست فى درج مكتبه، و«فلاش ميموري» تحمله «هالة»، تدور به على منتجين وممثلين.

رأت فى نور الشريف صورة «مولانا العاشق» الذى يناسب الجو الصوفى للرواية فلم تتردد فى أن تطلب ميعادا فى بيته، كان ودودًا ومشجعًا بما يكفي، منتج الفيلم موجود، يحيى شنب، والسيناريو متاح.. لم يبق إلا توقيع نور الشريف.

وكان اللقاء الأول، أعجب بالفكرة، التى راقت له منذ اللحظة الأولى، فيلم مأخوذ عن رواية لأديب كبير بحجم بهاء طاهر.. فمن يقدمه إلا نور الشريف؟.. تقول «هالة»: «وافق على لعب دور البطولة، واستقبلنا فى بيته الهادئ، الراقي، وكان ودودًا وكريمًا، وجادا، ومرحًا فى آن واحد.. وما زال يتمتع بشغف كبير تجاه الفن، حيث تعاطف مع مخرجة أول مرة تصنع فيلما طويلا».

ظروف إنتاجية منعت ظهور الفيلم.. إلا أنه بقى بقلبه يبحث له عن منتج.

هل لا يزال سيناريو «نقطة النور» جاهزًا وساخنًا للتقديم الآن؟ بالطبع نعم، لكن «مولانا» انتقل إلى عالم آخر كله أفلام وموسيقى و«ما يحب ويرضى».

رفض نور الشريف أن يدخل حظيرة الدولة، أعجب بكل فنان أو كاتب حمل مواقفه وكانت ثقلًا على كتفيه، بدأت العلاقة بـ«صنع الله إبراهيم» من هذه الزاوية حين رفض استلام جائزة الدولة التقديرية من وزير الثقافة فاروق حسني، وقال له: «لا أتشرف بالتقدير من الدولة».

طلب أن يعدّ سكريبت مسرحيا لرواية «اللجنة» لـ«صنع الله»، حصل على الموافقة، أعدّ بروفات للنصّ لمدة ٨ أشهر، أعده مسرحيًا، وضم إلى فريق العمل عمرو عبدالجليل، وكان دوره ضابط شرطة من أعضاء اللجنة التى «كبست» على منزل مواطن، وفتشته، واستجوبته.

قرأ محمد منير النص، وقال له: «ده ملغّم وفى حاجة مش مريحة»، واعتذر، وجاء إيمان البحر درويش بديلًا له، واكتفى بالغناء فقط.

قبل عرض المسرحية كانت محطة الرقابة التى طلبت إلغاء «إفيه» احتلّ تركيز نور الشريف عن «أوتوبيس كارتر» الذى حوّله المصريون فى السبعينيات إلى «أوتوبيس طرطر»، ودخل المنتج والممثل والمخرج معارك رقابية انتهت إلى منع المسرحية من العرض على خشبة المسرح، لاعتراض «أمن الدولة» طرح فكرة «توريث مبارك» خلال النص.

ويقول منير مراد، مدير إنتاج مسرحية «اللجنة»: «بعدما انتهينا من البروفات واشترينا الملابس والديكورات النظام منع العرض، والعمل فعلًا كان يتعارض بشدة مع حالة البلد خلال حكم مبارك».

فشل فى تقديم مسلسل «الحسن البصريّ» فكان أمامه مطب آخر، وهو «الحسين شهيدًا»، رواية عبدالرحمن، القيامة قامت على النصّ حين تناثرت أخبار عن قرب ظهوره، مات «نور» قبل أن يحقق حلمه الأهم بتجسيد شخصية حفيد «الرسول»، بل إنه فى أيامه الأخيرة لم يملّ من الحديث عنه، يبدو أنه كان يحلم به حتى آخر لحظة فى عمره، رحمه الله.

لقد أعجب «نور الشريف» طوال الحياة بشخصيات اختارت قدرها، وتلاعبت به، ولم تستسلم لمجارى الحياة.. هذا «الحسين» ثائرًا وشهيدًا.

حاول أشرف زكى أن يتوسط له عند أحمد الطيب، شيخ «الأزهر»، لكن الرد كان جاهزًا.. لا وألف لا.

مرّت رواية «الشرقاوي» منذ صدورها بمن يريد أن يحولها إلى مسرحية على خشبة المسرح القومى ٤ مرات، الأولى كانت عند كرم مطاوع، والثانية عند جلال الشرقاوي، والثالثة من عصام السيد، والرابعة «الأخيرة» قدمها منير مراد.. وفى كل مرة كان «نور» حسينًا جديدًا.. يحضر التاريخ كله فى مكتبه، يرى صليل السيوف، ويشم رائحة دماء المسلمين القذرة والعطرة أيضًا، ويبدأ «البروفات»، وينتهى إلى «المنع».

لدى نور من وراء مسرحية «الحسين» التصور نفسه، الذى صاغه عبدالرحمن الشرقاوي، فى الإهداء: «حاولت أن أقدم أروع بطولة عرفها التاريخ الإنسانى كله دون أن أتورط فى تسجيل التاريخ بشخوصه وتفاصيله التى لا أملك أن أقطع فيها بيقين».

البوابة نيوز المصرية في

16.08.2015

 
 

نور الشريف

بقلمبهيج اسماعيل

الحياة دون فن هى حياة بهيمية. فالفن هو الإبداع الحقيقى للإنسان على الأرض. وهو قديم قدم الإنسان نفسه. والله هو خالق الجمال فى الطبيعة واعطاء الإنسان القدرة على تذوق هذا الجمال والقدرة على الخيال الحامل لذلك الجمال.

وحين يولد فنان تبتهج الحياة وترقص وحين يموت فنان تفقد الحياة شعاعا مضيئا من أشعتها النورانية، خاصة إذا كان هذا الفنان مبدعا حقيقيا جاهد وأضاف وأشاع السعادة فى قلوب الناس.

عاش نور الشريف خمسين عاما يضيء الحياة فيما حوله فى معظم روافد الفن. فى السينما والمسرح والتليفزيون، يدخل البيوت ويدخل القلوب. يعزف ويغنى ويحاور ويغير. يسعد ويسعد.

عرفته فى مستهل حياتى وحياته الفنية فى بداية السبعينيات حيث مثل من كتاباتى فيلمى "الحاجز" ثم "الأبرياء" ـ وهما فيلمان طليعيان شاركته فيهما نادية لطفى ويحيى شاهين وعزت العلايلى وميرفت أمين وذلك قبل أن أتحول إلى المسرح. وقد أتاحت لى معرفته عن قرب ليس ادراك أنه موهوب فقط ولكن أنه ذكى أيضا. وبدرجة عالية. فهو مثقف يقرأ كثيرا فى كل فروع المعرفة. ويعرف كيف يختار ما يمثل. وأما الذكاء فهو الذى يعطى للفنان استمراريته وأما الثقافة فهى تحدد له اختياراته. وقد أتاحت له نشأته فى حى السيدة زينب الشعبى رصيدا هائلا اكتسبه فى طفولته بعينه الراصدة لنماذج البشر مما سيفيده مستقبلا.

وقد بلغ ما مثله فى السينما نحو مائتى فيلم وفى التليفزيون خمسين مسلسلا ما بين الشعبى والتراثى والتاريخى فلا ننس له مسلسلات "عمر بن عبدالعزيز" و"عمرو بن العاص" و"هارون الرشيد" وهى مسلسلات تحتاج إلى دراسة تاريخية وافية كما تحتاج إلى دراية كاملة باللغة العربية الفصحي. كما أنه كان يملك داخله هاجسا بأنه لا يعمل فنا استهلاكيا وانما هناك فى وعيه دائما "فكرة الخلود". البقاء ومن هنا كان تعامله مع روايات نجيب محفوظ ومع أفلام شائكة مثل "ناجى العلي" مما سيبقى بعد رحيله.

- و"نور الشريف" من الفنانين القلائل ـ على مستوى العالم العربى الملم بالسياسة وله فيها آراء ايجابية يمكن الرجوع إليها من خلال لقاءاته الأخيرة التى أجراها معه عدد من المذيعين فهو لا ينظر إلى الحاضر فقط وانما إلى المستقبل. إلى الأجيال الصاعدة. كما أنه لا يجسد المشاكل بقدر ما يضع حلولا ايجابية. كما أنه كان واحدا من الفنانين الذين يضعون الفن أمامهم أولا كرسالة ولا يسعون للمال كهدف فلم يكن متكالبا على الحياة أو داخلا فى مشاريع تجارية واستثمارية كغيره. ولعل وجهه المضيء وابتسامته الطيبة سيظلان مشرقين لا على الشاشات فقط وانما فى قلوب الملايين مما أسعدهم. فالحياة تعد بأمثاله. كما أن مصر الأم لا تنسى أبدا ابناءها المخلصين فقانونها الدائم هى أن تميت المزيفين مهما اثاروا من ضجيج فى حياتهم. تميتهم بمجرد رحيلهم. وأن تعيد إلى الحياة ابناءها الذين أحبوها بصدق. ونور الشريف ممن أحبوا مصر ولهذا فلن تنساه.

الأهرام المسائي في

16.08.2015

 
 

ماجدة خيرالله تكتب:

العار.. ليس ما صنعته مي نور الشريف..

العار في العقليات المريضة

وفاة فنان ما، يثير شهية المرضى، ويخرج الجرذان وصراصير البالوعات والمصارف والمجاري، من مخابئها، وتكتشف أن بيننا يعيش أحقر وأحط أنواع البشر، بل من هم أدني كثيرا من تلك المخلوقات البشعة، ولا أفهم لماذا يتشفي هؤلاء في وفاة الفنان، متى كان الموت عقابا إلاهيا، ولماذا يعتقد هؤلاء ان الله برحمته الواسعة، سيحرم الفنانين بالذات من فردوسه،  على اعتبار أنهم افسدوا في الأرض بما قدموه من أعمال فنية! يصنفونها  كرجس من عمل الشيطان، سواء كانت قطعا موسيقية، أو أفلام ومسرحيات ومسلسلات، مهما كان ما تتضمنه من قيم إنسانيه، وجماليات لا يدركها إلا من أضاء الله بصيرته وقلبه!

يا أخي حتى الحيوان أثبتت التجارب أنه يتأثر ويتفاعل بالموسيقى، الأبقار تدر الألبان بغزارة وهي تستمع للموسيقى الهادئة، والكلاب تهز ذيولها وتشارك أصحابها نغمات الموسيقى التي يفضلونها، إلا هؤلاء الذين يحسبون أنفسهم أفضل من الجميع، لأن لديهم طاقة خرافية على كراهية الحياه بمن فيها، ويمنحون أنفسهم الحق في الحكم على غيرهم، وتحديد مصيره، فهذا سيدخل الجحيم حتما، وذاك سيدخل الجنة ويستمتع بكميات وفيرة من نساء الجنة حور العيون!

وفاة الفنان نور الشريف فتحت شهية هؤلاء للهجوم على الفن والفنانين، وقد تنتابك الدهشة والانزعاج، عندما تدرك أن بعض المجلات والصحف، تمنح هؤلاء الفرصة الذهبية، للانقضاض على سمعة الفنان وحرمة الموت، فعلوا ذلك مع عمر الشريف وميرنا المهندس، وأخيرا نور الشريف، صورة مي نور الشريف وهي تأخذ عزاء والدها مرتدية ملابس بيضاء، أثارت إنزعاج المأفونين المتحدثين دوما باسم الدين تارة، والعادات والتقاليد تارة أخرى، أنا شخصيا لا أفضل المبالغه أو الأفورة، في وصف ما فعلته مي نور الشريف، فلا هو بطولة، ولا هو عار وفضيحة، إنما هو ضرورة حتمية، الرجل توفي ولم ينجب ابنا ذكرا، وليس له اشقاء رجال، ولا اقارب درجه أولى من الذكور، كانت أسرته هي صافيناز قدري “بوسي” التي تزوج منها، وهو في بدايه خطواته الأولى نحو الشهرة والنجاح، أحبها وأحب عائلتها، التي احتوته، واعتبرته أحد ابنائها، وأنجب من بوسي ابنتين، كانتا أعز ما يملك، ورغم أصوله الصعيدية ونشأته الشعبية، إلا أنه لم ينزعج من إنجاب البنات، ولا سعى ليكون له أبناء بنين، بالعكس كان يفتخر بكونه أبا لبنتين من بوسي، وأنشأهما على الاعتماد على الذات، وغرس فيهما مبادىء، بعضها لم يعد لها وجود في مجتمعنا المتآكل المتفسخ، وتوفي الرجل الفنان، وقررت ابنته أن تقف لتأخذ عزاء والدها، فما العيب أو الإثم الذي ارتكبته؟ لكنك سوف تقرأ عجبا وتعليقات تثير الغثيان، واتهامات بالفسق والفجور، وتعليقات من نوعية: كيف تقف الفتاة في سرادق العزاء المخصص للرجال؟ ولماذا تتحدى التقاليد وترتدي ملابس بيضاء، وكان أجدر بها أن تتشح بالسواد وتغطي شعر رأسها، والبعض هاجم بشرتها البيضاء الناصعة، متهما إياها بتعمد الإثارة “شوف الوساخه”، وشيخ مأفون مصاب غالبا”بالزهري” وصورته على صفحته الفيسبوكية وهو يمسك “مصحف” ضخما مفتوحا، ولحيته تتدلى لما بعد السرة، ورغم كل مظاهر الإيمان التي حرص على أن يصدرها لمن يمر على صفحته، إلا أنه لم يتورع من الخوض في أعراض الناس، وكتب تعليقا أسود من قلبه: “إن وجود مي نور الشريف بين الرجال، سوف يؤدي حتما إلى الخطيئة التي سوف تحدث، بمجرد انتهاء العزاء”! وكأن الرجال لا يجتمعون بالنساء في مواقع العمل، ولا في الجامعات، والنوادي، وإنهم لو اجتمعوا فلابد وأن تحدث كوارث وخطايا!َ

متى يرحمنا هؤلاء من هذا العته، الناتج عن تفكيرهم بأعضائهم التناسليه، المُعطله، ولماذا لا تقوم الحكومة بإخصائهم لتريحهم وتريحنا من هذا السفه الذي يفسدون به حياة الناس، ويسحبوننا إلى عصور ما قبل نشأة الحضارة!

موقع "زائد " في

17.08.2015

 
 

نور الشريف: وداعاً أيها الفارس

نضال الأشقر

لقد اخترق نور الشريف جيلاً كاملاً من الفنانين المبدعين المتميزين، فكان من الأكثر لمعاناً والأكثر ثباتاً في مواقفه الفنية والسياسية والثقافية عامة.

عرفته في بداياتنا، وكانت الصداقة الدائمة... المستمرة.

عرفته، فأحسستُ أن ذلك الشاب مختلف بتوجهاته، وخياراته التي أكسبته أحياناً الأعداء في شتى الميادين.

فنان متميز، وأب متميز، وصديق متميز. كان وبوسي رفيقة دربه يمثلان الثنائي الانساني الجميل، والعائلي المتين ــ وحتى آخر حياته ــ في الزواج والصداقة!

منذ شهرين تقريباً، اتصلت به كي أزوره في بيته في ضاحية في القاهرة الجديدة الممتدة عبر الصحراء.
وكنت أعرف في قرارة نفسي أني ذاهبة لوداعه، الوداع الأخير، رغم أني أؤمن بالعجائب، وكنت أود لو تحصل هذه العجيبة، ويبقى نور، نوراً ساطعاً في هذا الكلام الدامس. ذهبت مع صديقة العمر عزة فهمي، ووجدناه في انتظارنا، مبتسماً أنيقاً، فأحسستُ بالتفاؤل يغلب كل توقعاتي
.

وجلسنا، وتحدثنا، وضحكنا طويلاً في كل المواضيع التي تهمنا من سياسية لبنانية، وعربية وعالمية، وثقافة عامة خاصة عن المسرح. وكان المسرح من اهتماماته الرئيسية رغم تألقه في السينما والتلفزيون.

وكان نور الشريف سنة 2014 وفي شهر ديسمبر قد لبّى دعوتي وهو مريض وعبر الهاتف، لدعم «مسرح المدينة» الذي كان يقيم حفلته السنوية الخاصة بجمع التبرعات.

فنان مختلف بتوجهاته، وخياراته التي أكسبته أحياناً الأعداء في شتى الميادين
وقال لي: نضال، سأكون معكم، لا تهتمي بأي تدابير حول السفر والإقامة، فسوف أقوم بذلك بنفسي. وعندما وصل مع العزيزة ليلى علوي التي جاءت خصيصاً لدعم المسرح مع نور، فاجأني بدخوله وأدركتُ أنه فعلاً يسندني حتى النهاية
...

وفي اليوم التالي، أصرّ أن يحضر عرض «الواوية» وأكد لي أنّه سيجيء خصيصاً كي يشاهدني على الخشبة.

وخلال زيارتي له في بيته الجميل بحضور زوجته المحبة بوسي، سألني الكثير الكثير عن المسرح، وأظهر لي تعجبه وإعجابه بقدرتي على الاستمرار.

وشرح لي أنّه سيشيد بناية للسينما وإنتاج السينما قرب بيته، وسألنا ماذا نقرأ في هذه الأيام، فأعطيناه أسماء الكتب التي نقرأها وتهمنا. وكان يكتب ملاحظات على دفتر صغير. ثم صعدنا معه إلى الطابق العلوي، حيث يعمل وينام أحياناً. شقة مليئة بالكتب ولوحات تشكيلية من مصر والعالم العربي.

وعند نزولنا إلى بيته مجدداً، أخذ صليباً كان موجوداً على طاولته وأعطاني إياه وقال: «هذا لك، صليب من الخشب المحفور. قبطي جميل...»، فابتسمت. فقال: «أعرف أعرف ما تفكرين به يا نضال»! وكانت لحظة وجودية بيننا لا تحتاج إلى شرح. ونزلنا إلى الطابق السفلي، وودعناه كي لا نتعبه، ومضينا وقلبنا معه. وبقيت معه كل هذه السنوات نلتقي في كل المناسبات المسرحية والسينمائية. وفي السنوات الأخيرة، كنت أبعث له بالواتساب وهو في لندن والقاهرة، وأخبره عما يحصل معنا، يفرح، ويجيبني أو يتصل بي.

وداعاً أيها الصديق العزيز... وداعاً أيها الفارس الأنيق والآسر... وداعاً!

* مسرحية لبنانية

الأخبار اللبنانية في

17.08.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2015)