كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

افتتاح أفلام نور الشريف في «صور» بفيلم إشكالي

نور الشريف (1946 2015): تحية سينمائية

نديم جرجوره

عن رحيل

هرم العطاء

نور الشريف

   
 
 
 
 

بعد 18 يوماً فقط على رحيله، يُستعاد بعض أفلامه في لقاء مفتوح مع مشاهدين يأتون إلى عوالم متفرّقة له، كي يعودوا بها إليه، أو إلى أسلوبٍ في الاشتغال السينمائي يُقارب أحوال أناس، أو يرسم ملامح إبداع. في 11 آب 2015، يرحل الممثل المصري نور الشريف (مواليد القاهرة، 28 نيسان 1946). بدءاً من مساء اليوم السبت، 29 آب 2015، تُعرض في «مسرح إسطنبولي» (صور) أفلامٌ له تُشكّل نوعاً من تذكّر، أو لحظة تأمّل، أو اختباراً لتنويعٍ يُتقنه نور الشريف في لعبة الأداء المفتوح على أساليب مختلفة (الدخول مجّاني).

اختير للافتتاح فيلمٌ إشكاليّ. «ناجي العلي» (1992) لعاطف الطيّب (1947 ـ 1995) يُعتبر أسوأ أعمال الثنائي، الممثل والمخرج معاً. إشكاليته نابعةٌ من ارتباك الصُنعة البصرية أساساً. الحملة ضد الفيلم وصانعيه، وضد نور الشريف تحديداً، سببها سياسي سطحي بحت. مصريون عديدون «يشتمون» الفيلم من دون مشاهدته. يرونه «إهانة» لمصر، لأنه يتناول شخصية عربية تُقارع النظام المصري. لم ينتبهوا إلى أن الشخصية بحدّ ذاتها لم تُهادن أحداً. في القاهرة، لم يُناقَش الفيلم سينمائياً. التحدّي الكبير يصنعه سعد الدين وهبه كرئيسٍ لـ «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، باختياره إياه لعرضه في دورة العام 1992. لكن «ناجي العلي» عملٌ يشذّ عن المسارين الفنيين الجميلين للشريف والطيّب معاً. محاولة اختزال فصول مختلفة من سيرة الكاريكاتوريست الفلسطيني ناجي العلي (1938 ـ 1987) لم تُترجَم فنياً بما يليق بالشرط الإبداعي لصناعة فيلم سينمائي. الخلل معقودٌ على النصّ المكتوب، كما على المعالجة والتصوير والمونتاج والتمثيل. القيمة الكبيرة للشخصية المختارة تطغى، بثقليها المعنوي والإبداعي، على المشروع برمّته.

يبقى «ناجي العلي» حنيناً إلى زمن وحالة. الاختلاف حاصلٌ بينه وبين أفلام أخرى مختارة لعرضها في «مسرح إسطنبولي». مثلٌ أول: «الظالم والمظلوم» (1989) لحسام الدين مصطفى (1926 ـ 2000). حب وانتقام. شهامة وحقارة. سمات طيّبة في مقابل وحش السلطة. عامل في ميناء الإسكندرية يُغرم بصبيّة فيتزوّجها. ابن النظام السياسي الحاكم، ممثّلاً بـ «الاتحاد الاشتراكي»، يمارس سلطته. يريد المرأة. الغريزة الحيوانية أقوى. النفوذ أيضاً. 25 عاماً يمضيها الزوج ظلماً في السجن. يخرج. ابنه ضابط، لكنهما لا يعرفان أحدهما الآخر. صراع المظلوم مع الظالم حتميّ، أو نوعٌ من استعادة حقّ مسروق. الانتقام قدرٌ، أو حاجة. الحبّ المعطوب أساسيّ أيضاً في «حبيبي دائماً» (1980) لحسين كمال (1932 ـ 2003). هذا مثلٌ ثانٍ في برمجة «مسرح إسطنبولي». يُمنع على الشابين حبّاً رومنسياً، لأن سلطة ذكورية تفرض مصالحها عليهما. رجل الأعمال أقوى نفوذاً من طالب الطب. نجاح الدراسة طريقٌ إلى إثبات الوجود الذاتي. اللقاء بينهما يتمّ لاحقاً. لكن مرضاً وخراباً يُصبحان خاتمة لمسار قلق ومضطرب. يوصف الفيلم بأنه رومنسيّ. لكن فيه من واقعية حياة قاسية ما يحوّله إلى شكل آخر من لغة الواقع. مثلٌ ثالث: «المطارد» (1985) لسمير سيف (1947)، المقتبس عن رواية «الحرافيش» (1977) لنجيب محفوظ (1911 ـ 2006). هناك غوصٌ في واقعية من نوع آخر، فيها من الحبّ ما يجمع الفيلم بالعملين السابقين. ابن عائلة تفقد لقب الفتوة يُغرم بفتاة يريدها آخر بالقوّة. لكنه، إزاء موقف كهذا، يختفي وقتاً للتدرّب على الفتوة، وللعودة إلى بيئته للانتقام. هناك قتل وفساد وعلاقات ملتبسة ومعلّقة. هناك أسلوب محفوظ في التمعّن في أحوال واقع وتفاصيله وهوامشه وعوالمه، وهناك لغة سيف في إعادة بلورة المكتوب الروائيّ في نسق سينمائيّ.

أفلامٌ تستعيد ممثلاً ومخرجين، وتضع أمام المُشاهدين خيارات وتنويعات لمتعة وتأمّل.

السفير اللبنانية في

29.08.2015

 
 

مواقف وأزمات في حياة نور الشريف:

مسيرة فريدة في الصعود إلى القمة

كمال القاضي

القاهرة – «القدس العربي» : بعد رحيل المبدع والفنان يذهب الحزن تدرجيا وتقل درجة الإحساس بالفقد فتصبح القدرة على قراءة أعماله ممكنة بعيدا عن التأثر بوجع الموت والفراق، ومن ثم فإن النظر إلى ميراث الراحلين الفني في إطار التقييم الموضوعي لا يجوز إلا بالتخلص من الشحنات العاطفية التي قد يكون لها دور في وجهة النظر تجاه من نحب، سواء كانوا نجوما سينمائيين أو شخصيات مهمة من فصائل أخرى لها اعتبارها.

وفي حالتنا فإن الكتابة عن مشوار فنان ورحلة كفاحه ونجاحه لا يمكن أن يلتزم فيها الكاتب ببعد واحد للشخصية بمعنى أن يقتصر التناول على البداية والنهاية، وأهم الأفلام والمسرحيات والمسلسلات، فهذا الجانب برغم أهميته إلا أنه لا يكفي لتغطية حياة الفنان بألفها وقسوتها ومحطات الإنكسار والإنتصار فيها أوجه كثيرة ومتعددة لرحلة نور الشريف الفنية والإنسانية يدركها من اقترب منه وعايشه ورآه خارج إطار الشاشة المحدود فعرف خصاله وصفاته وما يضحكه وما يبكيه الأفلام التي لعب بطولتها لا تدل عليه بقدر ما تدل على الشخصيات الدرامية التي رسمت على الورق وتقمصها في محاولة منه لإقناع الجمهور بها.

لا يمكن أن يشبه نور كل شخصياته حسن في فيلم «سواق الأتوبيس» أو جابر في «جائرة الإنتقام» أو الفتى الحائر في «قلب الليل» أو المصور الصحافي في «ضربة شمس» أو ناجي العلي، فهي ملامح من بشر يشبهونه ويفارقونه في الصفات والسمات، لأن اختياره له دلالة وبالقطع كان للبطل دور في ما يؤديه، قدم نور الشريف نحو 150 فيلما بعضها تجاري ومعظمها عبر فيه عن قناعاته الشخصية في القضايا السياسية والإجتماعية، فهو من أدان الإنفتاح الإقتصادي في «أهل القمة» وجسد الصورة العبثية لصعود اللص زعتر النوري فبات من كبار التجار وعمالقة التهريب فظفر جراء ذلك فالفتاة الحسناء «سعاد حسني» شقيقة الضابط عزت العلايلي.

وأيضا قدم الموهوب دوره التاريخي في «الكرنك» مدفوعا بإغراء الشخصية وفضول الإطلاع على تفاصيل هذه الفترة الحرجة من حكم الرئيس عبد الناصر حاملا نوازع الرفض لما أسماه بالحكم البوليسي في تبريره للقيام بالدور الشائك والمناقض لانتمائه السياسي والوجداني لتلك الحقبة وفي «الرقص مع الشيطان» كان مع حرية العقل في التفكير والتأمل وصولا إلى الإيمان المطلق بوجود الخالق بعد رحلة من البحث، مجسدا شقاء شاب ملحد عصفت به رياح التشتيت، كما قدم الفنان الراحل أجزاء من رائعة الكاتب الكبير نجيب محفوظ «الحرافيش» في دور «شطا» مع الفنان القدير فريد شوقي وبعدها بسنوات عاد ليقدم «المطارد» مع سهير رمزي برؤية بدت أنضج بكثير من التجارب الأخرى التي أخذت عن الرواية نفسها.

وقد تنوع أداء الفنان القدير بتنوع الأدوار، فلم يتوقف عند نمط واحد وإنما بتداعي الظروف والمراحل وازن بين رغبته في تقديم الجيد والرصين وبين ما يحبه الجمهور كان التباين واضحا بين أفلام مثل البحث عن «سيد مرزوق» و»جري الوحوش» و»الزمار والصرخة» و»دماء على الأسفلت» و»أيام الغضب» و»شوارع من نار» وأفلام أخرى كـ»عيون الصقر» و»لهيب الانتقام» و»كروانة» وغيرها من البضاعة التجارية التي كان يعي ضرورة وجودها في رصيده إرضاء لجمهور الدرجة الثالثة القاعدة العريضة لأن فنانا هذا ما يتصل بدورة حياته السينمائية وكيفية إدارتها أما عن الخفي من الصراعات والمعارك، التي دارت فوق السطح وتحته فلها أوجه مختلفة لم يكن يعرف تفاصيلها إلا هو شخصيا وحده من كان على دراية بما يحاك ضده وما يتم ترتيبه بليل لا لشيء غير أنه عصي على التطويع ولديه شجاعة الرفض في ما لا يرتضي القيام به من مهام ومأموريات وهو ما جلب له المتاعب على مدار رحلته الطويلة وتبلورت مظاهره في أيامه الأخيرة ونحن نشير إليه في هذا المقام ليس من باب الإجترار للوقائع السيئة ولكن من باب التصحيح وهي شهادة ليست لفنان قدير وكبير رحل عن دنيانا، وأصبح في ذمة الله وإنما شهادة للتاريخ وأمانة نضعها بين يد القارئ الفطن ليتبين الحقيقة من الاجتراء ويكون على علم بما جرى.

وتتلخص الأزمات العابرة للفنان في أنها كانت من صنع عصبة أرادت أن تقصيه بعيدا عن المشهد السياسي بعد عدة أعمال مهمة قدمها كان من بينها مسلسل «ما تخافوش» و»سعد الدالي» و»الرجل الآخر»، وكرد فعل عدواني وبأثر رجعي لأعمال سينمائية ومسرحية وتلفزيونية عرضت في مراحل حرجة وكان فيها البطل مواجها مثل «ناجي العلي» ومسرحيات «القدس» و»يا مسافر وحدك» و»الأميرة والصعلوك» والمسلسلات سالفة الذكر جاءت الرغبة المريضة في الإنتقام بمحاولة تشويه السمعة لكنها محاولة باءت بالفشل ولم تزد النجم الكبير إلا إصرارا وصلابة فقد ظل مقاوما حتى النزع الأخير مبدعا حتى النهاية فمن «الثلاثية» في مطلع الشباب إلى فيلمه الأخير «بتوقيت القاهرة» امتد المشوار وانتهت الرحلة.

القدس العربي اللندنية في

30.08.2015

 
 

فجر يوم جديد: {مشوار نور}!

كتب الخبرمجدي الطيب

شاءت الأقدار أن ألتقي النجم الكبير نور الشريف في شهر ديسمبر من العام الماضي، في صالة كبار الزوار بمطار دبي الدولي، حيث ذهبت لحضور فعاليات الدورة الحادية عشرة لمهرجان دبي السينمائي، وكان هناك، رغم متاعبه الصحية، وآلامه التي تنهش فيه بقسوة، ليشارك بفيلمه الأحدث «بتوقيت القاهرة» في برنامج «ليال عربية»، وقوبل الفيلم باستحسان جماهيري ونقدي كبيرين كانا سببا في ارتفاع روحه المعنوية بدرجة ملحوظة.

لم نكن نقيم في فندق واحد، لكن كان يجمع بيننا المطعم المخصص لإفطار ضيوف المهرجان، وكنت أتابع حرص جميع المشتغلين بصناعة السينما العربية، من ممثلين ومخرجين ونقاد وصحافيين، على حجز أماكن يومية على مائدة النجم نور الشريف، أو التقاط صور فوتوغرافية معه، على أقل تقدير، غير أنني توقفت طويلاً عند طقس يومي اعتاده النجم الكبير صبيحة كل يوم، يتمثل في قيامه بتوزيع كتاب على ضيوفه، ومريديه، وبفطنته، وحدسه الذي لا يخيب، لمحني ذات صباح، وأدرك أنني في حيرة من أمره وطقسه، فبادرني قائلاً: «هذا الكتاب عزيز إلى قلبي».

كنت أملك في مكتبتي نسخة من هذا الكتاب الذي حمل عنوان «نور الشريف...

مشوار في طريق الفن والفكر والسياسة»، ويتصدره إهداء كتبه النجم الكبير بقلمه يقول: «مشوار طويل جمعنا سوياً في عالم الإبداع والصحافة وكان لقاء العريش في أسبوع الأصالة آخر خطوة منه ولن تكون الأخيرة بإذن الله مع شكري الجزيل» وتعود قصة الكتاب إلى ربيع العام 2001 عندما قررت إدارة مهرجان يحمل اسم «أصالة»، ويُقام بمدينة العريش المصرية (عاصمة محافظة شمال سيناء الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط)، تكريم النجم الكبير نور الشريف، ومع الأفلام التي عُرضت في إطار تكريمه صدر الكتاب الذي قام بإعداده الناقد دسوقي سعيد صاحب فكرة المهرجان، ومديره، فيما تولى تقديمه أ.د. فوزي فهمي رئيس أكاديمية الفنون وقتها.

عقب صدمتي في وفاة النجم الكبير بحثت عن «نور الشريف...

مشوار في طريق الفن والفكر والسياسة» في مكتبتي، وكانت فرحتي طاغية عندما عثرت عليه، إذ أدركت لماذا تكبد النجم الكبير مشقة أن يحمل على كاهله هذا العدد الضخم من النسخ ليتولى توزيعها في دبي، ولماذا اختار أن يفعل هذا في آخر مهرجان شارك فيه؟

يقع الكتاب في 184 صفحة باللغة العربية بالإضافة إلى عشر صفحات باللغة الإنكليزية تم تخصيصها لضيوف المهرجان الذي كان مزمعاً أن يُصبح دولياً، فضلاَ عن ملحق ضم صور نادرة للنجم الكبير مع الأديب الإيطالي الشهير ألبرتو مورافيا، الأديب الكبير توفيق الحكيم (أثناء تصوير فيلم «عصفور الشرق») وصورة له وهو يجري حواراً إذاعياً مع الفنان القدير صلاح منصور وأخرى مع ابنته سارة لحظة ولادتها في العام 1976 كما اشتمل الكتاب على النبذة التي سيقت في التعريف بالممثل المصري نور الشريف في القاموس الفرنسي الشهير «لاروس»، وفيلموجرافيا كاملة تقف عند العام 2000 الذي أنجز فيه فيلم «العاشقان»، بالإضافة إلى إحصائية بالمخرجين الذين تعاون معهم والممثلات اللاتي وقفن أمامه والأفلام التي أنتجتها شركته والجوائز التي حصل عليها طوال مشواره.

كعادة كتب السيرة الذاتية يحمل الفصل الأول من الكتاب عنوان «بدايات»، وفيه يروي نور الشريف على لسانه عن سنوات طفولته، وعن أبيه الذي رحل عن الدنيا بعد أن أنجبه بعام واحد، وأمه التي تركته «لكن إلى رجل آخر حل محل أبي في حياتها»،  وعاش اليتم مع شقيقته عواطف التي تكبره بعدة أعوام، واقترابه من عمه «إسماعيل»، الذي تجسدت فيه صفات الرجولة والشهامة، وكان يُعيد التذكير دائماً بأنه يستعيده في كل مرة يجسد فيها على الشاشة شخصية ابن البلد.. الجدع.

انفرد الكتاب أيضاً بالحديث عن تجربة نور الشريف في الكتابة الصحافية تحت عنوان «من قلبي وعقلي»، ومشاركته الكاتبة الصحافية نعم الباز في إجراء حوارات مع الشيخ أحمد حسن الباقوري والأديب نجيب محفوظ، وقيامه منفرداً بمحاورة الكاتب الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل، ونشر نماذج من هذه المقالات والحوارات، كما خصص الكتاب فصلاً للحوارات الصحافية التي أجريت معه، ومقتطفات من المقالات النقدية التي تناولته، وآخر يكشف موقفه السياسي، وأزمته مع «ناجي العلي»، وعلاقته بالمسرح والتليفزيون واستئثار السينما بحياته، رغم تخرجه في المعهد العالي للفنون المسرحية، ودوره في دعم صناعة السينما المصرية، ومناهضته لتخريبها، من خلال بيع التراث والأصول، أو هدم دور العرض، بالإضافة إلى سن القوانين الفاسدة، ودعوته إلى دراسة فكرة دخول التليفزيون كشريك في الإنتاج السينمائي، ومراجعة نظام المنتج المنفذ.

الجريدة الكويتية في

31.08.2015

 
 

يعرض اليوم في عمان تكريما لـ نور الشريف:

«بتوقيت القاهرة»… قهر المجتمع للمشاعر الإنسانية

آية الخوالدة

عمان ـ «القدس العربي»: تكريما للفنان المصري الراحل نور الشريف، تعرض مؤسسة عبد الحميد شومان في العاصمة الأردنية عمان فيلم «بتوقيت القاهرة» ضمن أيام الثلاثاء المخصصة للأفلام. 

الفيلم الذي أعاد نور الشريف بعد غياب دام ستة أعوام، تجري أحداثه في يوم واحد وتدور حول ثلاث قصص، كما شهد عودة ميرفت أمين وسمير صبري، بالإضافة إلى نخبة من الممثلين المصريين، محققا نجاحا كبيرا لعام 2014. 

يطرح الفيلم الروائي الطويل للمخرج المصري أمير رمسيس، الكثير من الأسئلة الشائكة التي تدور في مناخات محملة برؤى وأفكار مستمدة من واقع صعب يطل على المستقبل حينا، والماضي القريب حينا آخر، عبر تحولات في العلاقات الإنسانية.

ويقدم الفيلم موضوعه الذي يبحث في مصائر أجيال من الممثلين في السينما المصرية، بإحساس فطن ومتين للغة البصرية، وفيه الكثير من قصص وحكايات أولئك النجوم السابقين في حياتهم الخاصة، وهم على رغم خلافاتهم البسيطة، إلاّ أنهم أصدقاء يتضامنون معا في المواقف الصعبة، بعد ان أجبرتهم ظروف مرورهم بخريف سنوات العمر، إلى الانطواء والعزلة رغم ما يبدو حولهم من معارف وأقارب ومعجبين.

تتمحور قصة الفيلم حول ثلاث حكايات تحدث جميعها على مدار يوم واحد في مدينة القاهرة، أولى هذه الحكايات مع الممثلة المعتزلة ليلى السماحي وتقوم بدورها الفنانة ميرفت أمين التي تمر بعلاقة متوترة مع زوجها سامح كمال، الذي يلعب دوره الفنان سمير صبري، وثاني هذه الحكايات حكاية سلمى ووائل وهما آيتن عامر وكريم قاسم وهي حكاية اثنين يتواعدان للمرة الأولى في شقة أحد الأصدقاء، والثالثة حكاية يحيى وهو نجم سينمائي يعاني من بداية فقدان الذاكرة (نور الشريف)، قابع في منزله وإلى جواره أسرته التي تنظر إليه بغير حنان، بل في عتب على ماضيه، باستثناء ابنة تعمل قدر استطاعتها على أن تقف إلى جواره، ثم يمضي هذا النجم الذي انحسرت عنه الأضواء في طريق البحث عن نجمة زميلة له شكل معها ثنائيا ناجحا في أفلام حقبة عقد السبعينيات من القرن الفائت يحتفظ بصورة لها من دون أن يتذكر من هي.

لا يجد النجم من يصحبه إلى هدفه هذا، سوى مهرب مخدرات شاب يعاني من المتابعة الكثيفة لدوريات مكافحة تجارة الممنوعات، وهناك أيضا الجماعة التي يعمل لحسابها التي تلاحقه للانتقام منه جراء تخليه عن شحنة ممنوعات تلافيا للقبض عليه من قبل كمين للشرطة.

تجري غالبية أحداث الفيلم في الطريق وتلامس الهموم التي طالما عانى منها نجوم السينما في خريف العمر، فالكاميرا في الفيلم تظل مشدودة إلى الذاكرة والحنين معا لتلك اللحظات الحميمة، ثم تنسج منها شخصيات آثرت أن تتوارى عن الأضواء تحت وطأة الزمن بعيدا عن متطلبات الظاهرة النجومية في السينما العربية، بفعل ضغوط الحياة اليومية، إلا أنها فجأة تجد ذاتها تدلف إلى واقع جديد تبدو فيه كأنها هائمة وباحثة عن ملاذ للنجاة والاستقرار، رغم ما تتمتع به من حضور طافح بقيم ومزايا الإيثار والإخلاص والحب والنبل والبساطة، إلاّ أن الواقع يأبى إلاّ أن يواصل إلقاء ظلاله على مصائر هؤلاء الأفراد من نجوم ونجمات الأمس.

في حديث للمخرج رمسيس عن الفيلم يقول «وأكد رمسيس أن الفيلم يناقش قهر المجتمع للمشاعر الإنسانية وتجريمه للحب، وكذلك نظرة المجتمع السلبية للفن، خصوصا بعد الفتاوى التي طُرحت في الفترة الأخيرة ضد الفن والفنانين»، مشيرا إلى أن العمل لا يظهر مجتمع مصر بشكل كئيب فهو مبني في إطار الكوميديا السوداء، ومن الصعب أن يقدم المخرج الفن وهو بمعزل عن المجتمع، حيث أن سينما المؤلف التي ينتمي إليها ازدهرت في الفترة الماضية، وهي جزء لا يتجزأ من الواقع». 

يرسم الفيلم خطوطا وفواصل تعرض كثيرا من الأحداث داخل هذه الشريحة الاجتماعية، التي يبدو أشخاصها كأنهم محصورون في البيت، نادرا ما يخرجون منه إلى الأمكنة المحيطة في شوارع القاهرة الصاخبة والمليئة بالمصادفات التي تجعلهم يقتربون بعد غياب، الأمر الذي يحفزهم على محاولة حل وفك وتركيب طلاسم ذكريات ومصادفات العمل أمام الكاميرا السينمائية.

برع المخرج رمسيس في وضع هذه الشريحة المتنوعة من الناس داخل بوتقة من المتعة والبهجة، رغم الكثير من المواقف والمحطات السوداوية التي تنتاب حياتهم.

يحسب أيضا للعمل اختيارات مخرجه وإدارته المحكمة والجريئة لطاقات أدائية راسخة إلى جوار تلك الوجوه الجديدة، جميعهم ساهم في إثراء العمل بطاقات تعبيرية مشحونة بالأحاسيس والمشاعر الإنسانية البليغة المغموسة بالحنين إلى تلك السينما الآتية من زمان مضى، من خلال تتبع ملامح أطياف من ذكريات لثلاثة من نجوم السينما المصرية ابني حقبة عقد السبعينيات من القرن الفائت: نور الشريف ميرفت أمين وسمير صبري، بعد تمكن المخرج الشاب من إقناعهم بالوقوف أمام الكاميرا بعد سنوات من الغياب. 

الفيلم الذي أهداه المخرج إلى زمن شادية، يسلط الضوء على حقبة ذهبية من تاريخ السينما المصرية التي كانت مجبولة بأفلام الرومانسية قبل أن يأفل بريقها في الوقت الراهن، وهو من الأفلام المصرية النادرة التي نجحت في تقديم إدانة ساخرة إلى ثقافة سائدة اختلطت مفرداتها بين الحقيقة والخيال.

القدس العربي اللندنية في

31.08.2015

 
 

نور الشريف حقَّقَ نبوءة صلاح أبو سيف

د. هاني حجاج

2015؛ عام آخر لم يتوقَّف عن خطف النجوم، وفجأةً امتلأت قائمة الرحيل والخسارة بفقدان الدراما والسينما أسماء سكنت وجدان الجمهور العربي على امتداد جغرافيّته: فاتن حمامة، إبراهيم يسري، حسن مصطفى، سامي العدل، عمر الشريف، ميرنا المهندس، علي حسنين، كلهم رحلوا على التوالي، وفي 11 أغسطس/آب التحق بهم نور الشريف عن عمر يناهز 69 عاماً، بعد صراع طويل مع المرض. 

لم يكتسب نور الشريف (محمد جابر) اسمَه اللامع بعد الشهرة، كما جرت العادة، بل كان الحلم والهدف منذ الطفولة، عندما كان يكتب على كرّاسات المدرسة «الاسم: نور الشريف» تَيَمُّناً بالفنّان عمر الشريف وتطلُّعاً إلى مكانة مشابهة، ولعله كان يعرف وقتها أن تاريخه السينمائي سوف يزيد على أي وصف. قرأ بِنَهَم وأَعَدَّ لنفسه مكتبة خاصّة تخدم فنّه، وفي صدر بيته وضع لوحة عملاقة لأديب نوبل نجيب محفوظ، الذي ألهمه الانضباط وترتيب كرّاسات يدوِّن فيها ملامح كل شخصية يقدّمها، ببناء هندسي متين.

عندما أخرج حسن الإمام أوّل أفلام ثلاثية محفوظ، «قصر الشوق»، عام 1966 وقع في حيرة شديدة: أين يجد الوجه الشابّ الذي يحقّق معادلة أديب نوبل الصعبة، في البطل الفعلي للرواية، «كمال عبد الجواد»؟؛ فتى ضخم الرأس، كبير الأنف، مجعّد الشعر، وأبعد ما يكون عن مواصفات النجم في تلك الأيام، لكنه حالم قلِق مُفعَم بالرومانسية، ويَنشُد الكمال. وكان نور الشريف هو الحلّ، بتوصية من صديقه عادل إمام، ولم يكن مجرّد كومبارس يؤدّي الغرض، كالعشرات الذين تعجّ بهم أفلام أواخر الستينيات، فهو الأوّل على دفعته في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1967، وسرعان ما انجذبت القلوب والعيون نحو أدائه المميَّز، ووجهه الذي تحبّه الكاميرا، وفيما بعد سوف يكون له نصيب الأسد في تجسيد شخصيات نجيب محفوظ. وحين قرّر بدرخان تحويل قصّة محفوظ «أهل القمّة» التي تناقش الانفتاح وفساد مؤسَّسات الدولة إلى فيلم، تعجّب محفوظ من قدرة نور الشريف على تمثيل دور النشّال «زعتر النوري». ولأنه اختار القيمة الأدبية إلى جوار أفلامه العاطفية المرحة، تنبّأ له المخرج صلاح أبو سيف بأنه سيخلف جيل العمالقة؛ ففي بداياته جسّد، بحِرَفيّة واقتدار، شخصية إيفا كارامازان، الشاب الذي عصفت به الحيرة الدينية إزاء القدر وتيّارات التمرّد العقلي، في رواية دستوفسكي المعروفة «الأخوة كرامازوف» التي قدَّمتها السينما تحت عنوان «الأخوة الأعداء»، ولم ينزعج المشاهد أمام زيّه الغريب الأقرب إلى ثياب قساوسة الغرب إمعاناً منه في الدقّة البصرية والدقّة النفسية، كما اختار لشخصية البطل في «كتيبة الإعدام» الثياب التي تسقط عنها الأكتاف إلى الأسفل دلالةً على الانهيار، وقمصان «ناجي العلي» الأقلّ قياساً حتى توحي بالاختناق.

قَدَّم نور الشريف، في مشواره السينمائي، أكثر من 190 فيلماً، بدايةً من «قصر الشوق» 1966، وانتهاءً «بتوقيت القاهرة» 2014، فضلاً عن أعماله التليفزيونية المعروفة، كـ(لن أعيش في جلباب أبي، الرجل الآخر، عائلة الحاج متولي)، والمسلسلات التاريخية التي على رأسها (هارون الرشيد، وعمر بن عبد العزيز)، وتُعَدّ الأفلام التي مَثَّلَ فيها من أيقونات السينما المصرية، وتعكس تنوّع الأدوار التي قام بها نور الشريف وغناها، ففي«البحث عن سيد مرزوق»، 1990، لداود عبد السيد، كان من المفترض أن يمثِّل شخصية سيد مرزوق، لولا حماسه لشخصية يوسف كمال، المثقَّف اليساري المنعزل على هزيمته الداخلية وتمرُّده الأخرس، والذي يعيد اكتشاف أحوال الناس بالصدفة، في أجواء رمزية سريالية، وقَدَّم شخصية الرأسمالي البارد عديم الرحمة في «زمن حاتم زهران»، 1988 الذي أنتجه هو بنفسه، في سادس تجربة إنتاجية له، قَدَّمَ فيها مخرجاً جديداً هو محمد النجار. وفي فيلم «حبيبي دائماً»، 1981 الذي أخرجه حسين كمال، مَثَّل نور الشريف شخصية الطبيب الرومانسي اللامع في قصّة عاطفية معقّدة تنتهي بنهاية مأساوية، وفي «حدوتة مصرية» 1982 ليوسف شاهين قَدَّمَ سيرة يحيى الكبير، في رحلة من المكاشفة وعصف الأفكار تعكس صراع الفنان والكاتب... إضافةً إلى أدواره المهمّة في أفلام كبيرة، كما في فيلم «زوجتي والكلب» إخراج سعيد مرزوق (1971)، «ضربة شمس» لمحمد خان (1978)، «أهل القمة» لعلي بدرخان (1981)، «الطاووس» كمال الشيخ (1982)، «العار» لعلي عبدالخالق (1982)، «ليلة ساخنة» لعاطف الطيب (1995)، «سواق الأتوبيس» لعاطف الطيب (1982) و«الصعاليك» لداود عبد السيد (1984)...

أقرَّ نور الشريف لنفسه قاعدةً تريحه من خلافات ترتيب الأسماء على التتر: «الذي يزيد أجره على أجري، يكتب اسمه قبل اسمي». هكذا تنازل بأريحيّة تامّة عن اسم الصدارة لفريد شوقي، في عدّة أفلام، ولعادل إمام في «عمارة يعقوبيان».

عندما رافقته بعض الوقت خلال مرضه في مستشفى الصفا، كان يذكر كافّة نجوم الصفّ الثاني بحزن، لغياب الاهتمام اللائق بدورهم الجليل، ويؤكِّد على أن الممثِّل ليس هو الأساس، وإنما النصّ المكتوب، وهو تواضع كبير، لأن نور الشريف إضافةً هائلة إلى كل كادر سينمائي، يسدّ ثغرات كثيرة في أي سيناريو، وعندما سألته مذيعة في لقاء تليفزيوني: «ألا تثير غيرتَك نجوميةُ كلّ من عادل إمام وأحمد زكي؟» أجابها بهدوء باسم ورضى: «كُلّ يلعب في منطقته، لا أحد يمثِّل مثل زكي، وعادل إمام يتولّى مهمّة إضحاك الناس، أما أنا فأحرص على توعية الجماهير بأعمال تاريخية واجتماعية، مثل «رجل الأقدار»، و«لن أعيش في جلباب أبي»، حتى إذا حانت وفاتي.. يتذكَّرون ما قَدَّمت، ولا ينسوني أبدا!».

مجلة الدوحة القطرية في

01.09.2015

 
 

الفنان العاشق!

كتب : جيهان الجوهري

إذا سألت عن الفنان العاشق لاكتشاف المواهب بمعنى الكلمة ستكون الإجابة نور الشريف بلا منازع، ونظرته الثاقبة للموهوبين ليست فى مجال التمثيل فقط، بل فى الإخراج والتأليف فهو بثقافته وخبرته وحسه الفنى يستطيع التقاط الموهوبين بين الآلاف والعلاقة بينه وبين الأجيال الجديدة علاقة من نوع فريد، فهو حريص على تشجيعهم بجميع الطرق، فإذا طلب منه معهد الفنون المسرحية دفع مصاريف بعض الطلبة لا يتردد، وإذا وجد أن هناك مواهب لا ينقصها إلا الدعم المادى لخروج أعمالهم الفنية للنور فهو السند لهم، وإذا وجد أن هناك ممثلين موهوبين يحتاجونه ليحتضنهم فنياً فى مسلسلاته وأفلامه ليختصروا سنوات من عمرهم الفنى فهو يفعل بكل حب، فهو مع كل ما هو جديد وطازج من أفكار ومواهب.

على مستوى الأعمال الدرامية يعتبر نور الشريف من أهم النجوم الذين يهتمون بمنح فرص للموهوبين من خلال الأعمال التى يلعب بطولتها ليشاهدهم جمهوره من مختلف الدول العربية. والمؤكد أن تواجد هؤلاء الوجوه الجديدة فى مسلسلاته تختصر لهم سنوات من مشوارهم الفنى، ومن الأشياء التى كان يحرص عليها هو تواجد كل الوجوه الجديدة فى أى مسلسل له بجميع الندوات التى يحضرها ليستمتعوا بنجاحاتهم معه.

آخر تلاميذه

وإذا بدأنا من آخر اكتشافات نور الشريف للوجوه الجديدة سنجدها بقوة فى مسلسل «الدالى» بأجزائه، الذين قدمهم كان أغلبهم يقف لأول مرة أمام الكاميرا كممثلين وأبرزهم حسن الرداد الذى كان لايزال طالباً فى معهد فنون مسرحية، وقد رشحته سميرة محسن الأستاذة بالمعهد لنور الشريف ليلعب دور ابنه بالمسلسل، أيضا تحمس نور الشريف لعمرو يوسف الذى كان يعمل كمقدم نشرة فنية على إحدى القنوات الفضائية، ووقتها صرح عمرو فى حالة نجاحه بالمسلسل سيترك عمله الأساسى ليتفرغ للتمثيل، وبالفعل أصبح عمرو حاليا أحد نجوم السينما والدراما والإعلانات أيضاً. الشىء نفسه تكرر مع كل من إيناس كامل التى كانت مذيعة بقناة «دريم» ودينا فؤاد التى كانت تعمل مذيعة بإحدى الفضائيات، أما أحمد صفوت فقد شهد مسلسل «سكة الهلالى» ليحيى الفخرانى أول ظهور له، لكن مسلسل «الدالى» الذى صُنع بعده بعام هو البداية الحقيقية له لما حققه من تألق فى دور خالد «آلة الشر» فى عائلة «الدالى».
شجع الاحتكار

أهم حدث للأبطال الذين اكتشفهم وتحمس لهم الفنان الراحل نور الشريف هو تشجيعهم على توقيع عقد احتكار لمدة خمس سنوات مع محمد فوزى منتج مسلسل «الدالى»، ولكن بشرط ألا يسيطر المنتج عليهم كلياً بمعنى أنه يحرص على صناعة نجوميتهم من خلال تحمله جميع نفقات تعليمهم كل ما له علاقة بالفن من خلال المدارس المتخصصة مثل تعليم الرقص وأى عنصر آخر يحتاجه عملهم مع صرف مرتبات شهرية لهم، وفى الوقت ذاته لا يمانع فى اشتراكهم بأعمال أخرى بشرط الرجوع للشركة للتأكد من جودة هذه الأعمال، والدليل اشتراك حسن الرداد كبطل رئيسى فى فيلم «احكى يا شهر زاد». ويبدو أن الفنان نور الشريف قد فعل ذلك نظرا للمعاناة التى يجدها من الذين صنعهم ثم لا يجدهم عندما يريدهم فى أعماله سواء برفع أجورهم بشكل مبالغ فيه أو إهدار موهبتهم فى أعمال ضعيفة.. وأذكر أول لقاء جمعنى مع نور الشريف كان فى مسرحية «خطابات حراجى القط» بمسرح الهناجر فى منتصف التسعينيات تقريبًا، وكانت ابنته سارة هى مخرجة العرض، وقد اعتقدت أنه جاء للاحتفاء بها كأى أب فقط لا غير، لكن بعدها بعام تقريبا وجدته يحضر لمسرحية «يا مسافر وحدك»، وفيها أسند لمنى زكى دورًا مهمًا بالمسرحية تأكيدا لموهبتها التى ظهرت فى مسرحية «بالعربى الفصيح» لمحمد صبحى ووقتها كانت منى لاتزال طالبة بكلية الإعلام وتحرص على المذاكرة فى الكواليس، وكان معها بالمسرحية ياسمين النجار التى لمح موهبتها نور الشريف فى مسرحية «حراجى القط» للراحل عبد الرحمن الأبنودى فضمها بلا تردد لمسرحية «يا مسافر وحدك».
وإذا بدأنا رحلته مع الوجوه الجديدة منذ نهاية التسعينيات فى الدراما وبالتحديد فى مسلسل «لن أعيش فى جلباب أبى» للمخرج الراحل أحمد توفيق والمؤلف مصطفى محرم سنجد به حنان ترك وكانت فى بداياتها لتنطلق فيما بعد بالسينما والدراما والمسرح، أيضاً يحسب لهذا العمل وضع محمد رياض فى مكانة فنية جيدة ويكفى أنه رغم مرور عشرين عاما تقريباً على هذا العمل أن الجمهور يعتبر دور محمد رياض به من أفضل أدواره
.

ليلعب فيما بعد نور الشريف بطولة مسلسل «الرجل الآخر» لملك الدراما مجدى أبو عميرة الذى شاركته البطولة فيه ميرفت أمين وسنجده هوصاحب فكرة ضم الوجه الجديد وقتها «حلا شيحا» فى أول وقوف لها أمام الكاميرا لتلعب دور ابنته بعد اعتذار ياسمين عبدالعزيز لعدم موافقة الجهة المنتجة للمسلسل على الرضوخ للأجر الذى طلبته، مع ملاحظة أن ياسمين عبدالعزيزلم تكن وصلت بعد للنجومية التى تسمح لها بفرض شروطها، ونظراً للنجاح الساحق الذى حققه مسلسل «الرجل الآخر» تسابق المنتجون للتعاقد مع حلا شيحا بأكثر من فيلم سينمائى، ولم تكن حلا شيحا هى المحظوظة الوحيدة، بل كان العمل فاتحة خير على الموهوب أحمد زاهر الذى كان له تجارب بسيطة لا تذكر واختاره نور الشريف بنفسه وكسب الرهان بعد اعتذار كريم عبدالعزيز لنفس سبب اعتذار ياسمين عبدالعزيز  فى «الرجل الآخر» عندما لفت أحمد زاهر إليه الأنظار بقوة فى هذا العمل، وكان يشعر برد فعل الجمهور تجاه دوره بعد كل حلقة بدرجة جعلته لا يصدق حجم هذا النجاح لينطلق فيما بعد فنيًا. أيضا شهد المسلسل تألق الوجه الجديد وقتها أحمد رزق فى أهم وأول أدواره، وأعلن عن نفسه كممثل من العيار الثقيل لينتقل فيما بعد لمصاف النجوم بأدوار متنوعة تجمع بين الكوميديا والتراجيديا سواء فى السينما أو التليفزيون.

ليأتى فيما بعد مسلسل «الحاج متولى» مُحققاً نجاحًا كبيرًا وضم المسلسل مجموعة من الأسماء فى بداية مشوارهم الفنى وأصبحوا بعد هذا المسلسل الذى اختصر لهم سنوات عديدة فى مشوارهم الفنى من نجوم الصف الأول أبرزهم سمية خشاب التى رشحها نور الشريف بنفسه، وكذلك مصطفى شعبان وغادة عبدالرازق.

أيضا منح نور الشريف فرصة كبيرة لـ «زينة» فى مسلسل «حضرة المتهم أبى»، ولفتت إليها الأنظار لتصبح إحدى نجمات الدراما فيما بعد وكذلك آيتن عامر التى ضمها فيما بعد لأبطال مسلسل «الدالى».

البداية

بدأت رحلة نور الشريف فى اكتشاف الموهوبين من خلال المخرجين فهو أول من أعطى فرصة للمخرج سمير سيف عندما أنتج فيلم «دائرة الانتقام» فى منتصف السبعينيات وقام فيه أيضا بدور البطولة وتحمس للمخرج عاطف الطيب فى النصف الأول من الثمانينيات عندما أسند له إخراج فيلم «سواق الأتوبيس» أيضًا فى بداية الثمانينيات أعطى فيلم  «ضربة شمس» لمحمد خان فى أول تجاربه كمخرج، وأيضا أعطى فرصة جيدة للمخرج الشاب أمير رمسيس فى إخراج آخر أفلامه «بتوقيت القاهرة».. وعلى مستوى التأليف كان من أشد المُتحمسين لاكتشافهم ووافق على لعب بطولة فيلم «ضربة شمس» للمؤلف الشاب وقتها فايز غالى.

وفى الدراما كانت لديه وجهة نظر صائبة فى المؤلفين الجدد من أول قراءته لملخصات أعمالهم أو الحلقات الأولى لأعمالهم. أريد فقط التوقف عند المؤلف الجديد وقتها مجدى صابر الذى كتب له ملخص مسلسل «الرجل الآخر» عام 2000 وعندما قرأه نور الشريف وقع العقد وقال للمؤلف الشاب: من يكتب هذا الملخص قادر على كتابة سيناريو جيد، وبالفعل لم يتدخل الفنان الراحل فى السيناريو. الشىء نفسه تكرر مع وليد يوسف مؤلف مسلسل «الدالى» الذى كان يقدم تجربته الأولى وقدم للفنان الراحل 9 حلقات من «الدالى» ولم يسجل الفنان الراحل ملحوظة واحدة وقال للمؤلف الشاب: «اشتغل فى باقى الحلقات». أيضا تحمس الفنان الراحل للمؤلف الشاب عبدالرحيم كمال الذى كتب مسلسل «الرحايا»، وكان من الأعمال المُتميزة فى مسيرة الفنان الراحل.

رحم الله الفنان المحترم الذى كان مؤمنا بكل ما هو طازج سواء على مستوى الأفكار أو الوجوه الجديدة.•

صباح الخير المصرية في

01.09.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2015)