بعد صراع مع المرض.. "نور الشريف" خارج "أسوار الدنيا"
جمال عاشور
بعد صراع طويل مع المرض استمر
سنوات، رحل الفنان الكبير نور الشريف، الذى حفر اسمه بحروف من نور،
وسط عمالقة الفن فى مصر والعالم العربى.
ميلاده:
ولد نور الشريف لأسرة من الطبقة
العاملة في مركز مغاغة قرية طنبدي بمحافظة المنيا، واسمه الحقيقي
كاملا "محمد جابر محمد عبد الله"، وحصل على دبلوم المعهد العالي
للفنون المسرحية بتقدير "امتياز" وكان الأول على دفعته عام 1967.
حياته الخاصة:
وتزوج "الشريف" من الممثلة بوسي،
واستمر زواجهما لمدة طويلة حتى افترقا عام 2006، ولهما أولادهما هم
سارة، ومي.
بداياته الفنية:
بدأ التمثيل في المدرسة حيث انضم
إلى فريق التمثيل بها، كما كان لاعبًا في أشبال كرة القدم بنادي
الزمالك، ولكنه لم يكمل مشواره مع كرة القدم بسبب حبه للتمثيل،
ليتجه إليه عن طريق الفنان سعد أردش الذي رشحه للعمل معه، فأسند
إليه دورًا صغيراً في مسرحية "الشوارع الخلفية" ثم اختاره المخرج
"كمال عيد" ليمثل في مسرحية روميو وجولييت.
وأثناء بروفات المسرحية تعرف
"الشريف" على عادل إمام الذي قدمه بدوره للمخرج حسن الإمام ليظهر
في فيلم قصر الشوق ويحصل عن دوره على شهاده تقدير فكانت أول جائزة
يحصل عليها في حياته الفنية.
أعماله:
قام نور الشريف بعدها بعدة أدوار في
السينما المصرية رشحته ليصبح أحد نجومها المميزين، من أفلامه
الحديثة فيلم اختفاء "جعفر المصري" عام 1999، ثم العاشقان الذي قام
فيه بالتمثيل والإخراج، ومن أشهر أفلامه أيضًا "عمارة يعقوبيان"،
وتألق في التليفزيون المصري من خلال مسلسلاته الأشهر "لن أعيش في
جلباب أبي"، و"الرجل الآخر" و"عائلة الحاج متولي"، وعدة مسلسلات
تاريخية أهمها "هارون الرشيد" و"عمر بن عبد العزيز".
الجرأة في الدراما:
أثار فيلم ليلة البيبي دول عام
2007 ضجة كبيرة في عالم السينما العربية؛ حيث أدى نور الشريف دور
سجين في سجن أبو غريب العراقي، وكما في الواقع أدى دوره عاريًا تحت
التعذيب، ودخل السجن كونه مراسل مصري استطاع تصوير إحدى المجازر
التي ارتكبتها القوات الأمريكية ضد المدنيين العراقيين.
لم تظهر مثل هذه اللقطات في تاريخ
السينما العربية سابقًا، ومن الناس من أكبر شجاعته على أداء مثل
هذا الدور وبمثل هذه الصورة من الواقعية، ولكن استهجنه البعض
لظهوره عاريًا تمامًا.
جوائزه:
حصل "الشريف" على العديد من الجوائز
وشهادات التقدير منها "جائزة أحسن ممثل" عن دوره في فيلم ليله
ساخنة وعلى جائزه مهرجان نيودلهى عن فيلم سواق الأتوبيس.
وفاته:
وتوفي الفنان نور الشريف، عن عمر يناهز
74 عامًا، بعد صراع مع المرض، ومن المقرر تشييع الجثمان، غدًا
الأربعاء، من مسجد الشرطة بالسادس من أكتوبر.
####
عاجل.. وفاة الفنان نور الشريف عن عمر يناهز 69 عامًا
ا ش ا
توفي الفنان نور الشريف، عن عمر
يناهز 69 عامًا، بعد صراع مع المرض.
وقال الفنان سامح الصريطي "إن
الشريف توفي، منذ قليل، بعد صراع مع المرض"، مشيرًا إلى أنه من
المقرر تشييع الجثمان، غدًا، الأربعاء، من مسجد الشرطة بالسادس من
أكتوبر.
####
"نور
الشريف" يجاور توأمته الفنية لمشاركته "همه"
جمال عاشور
عرف الفنان نور الشريف، بالقلب
الطيب، والمخلص لدى أصدقائه ورفاقه في العمل أو في الدنيا عامة،
وكشف ذلك علاقته بالمخرج الراحل عاطف الطيب.
وبدأ الثانئي في عرض أعمالهما
سويا، انطلاقا بالمسيرة التي اشتركا فيها، وأصبحت من أهم 10 أفلام
في تاريخ السينما المصرية، ومن بين هذه الأفلام "سواق الأتوبيس"
الذي سبق عرض العمل الأول لهما معا وهوفيلم "الغيرة القاتلة".
واستمرت العلاقة بينهما حتى الوفاة المفاجئة والصادمة
للمخرج عاطف الطيب عام 1995 بعد التعاون الأخير بينهما في فيلم "ليلة ساخنة"، ولم تكن
أبدا العلاقة بين نور الشريف وعاطف الطيب علاقة الفنان أو الممثل
بالمخرج بما يمكن أن تتضمنه تلك العلاقة من روتينية في التعامل.
كون نور الشريف مع عاطف الطيب
توأمة فنية وإبداعية من نوع خاص كان قوامها الأساسي ليس فقط
التفاهم والتناغم الفكري والثقافي ولكن الأهم هو الهم الواحد، فقد
جمعهما سويا نفس الهم الإنساني الذي كان أقوى دافع ومحفز إبداعي
لإنتاج أعمال فنية خالدة خلود السينما كان أهمها على الإطلاق "سواق
الأتوبيس".
نال نور الشريف نصيب الأسد من
مجمل أعمال الراحل عاطف الطيب، فمن بين 21 فيلما فقط تركها عاطف
الطيب كان لنور الشريف أكثرها، ومع مرور الأيام وبعد سنوات من رحيل
"الطيب"، جاوره اليوم "الشريف"، ليشاركه حياته الأخرة.
####
نور الشريف.. بداية ظاهرة "الفنان المثقف"
جمال عاشور
لم يكن الفنان نور الشريف كغيره
من الفنانين الذين تشهدهم الساحة الفنية في الوقت الحالي، فهو
دائمًا كان كثير القراءة ومتابعة للوضع الثقافي، وكل ما هو جديد من
إصدارات للكتب والروايات لكبار الكتاب، كما تمتع بذاكرة قوية تختزن
العديد من الذكريات والمعلومات التي شاهدها في الأفلام والمسلسلات
القديمة لكبار النجوم والفنانين.
وكان ظهور الفنان المثقف نور
الشريف للمرة الأولى على شاشات التليفزيون، في آخر يوم من عام
1967، وكان ذلك مفاجئ للجمهور عندما ذهب المصريون إلى دور السينما؛
لمشاهدة الجزء الثاني من ثلاثية نجيب محفوظ، وهو فيلم "قصر الشوق"،
فاكتشفوا وجود شاب جديد يظهر للمرة الأولى على الشاشة يؤدي دور
كمال عبد الجواد، فشعر كل مشاهد على الفور أنه رأى هذا الشاب من
قبل، وأنه قد يكون ابن عمه أو ابن خالته أو أحد جيرانه.
لم يكن هذا الممثل الجديد سوى نور
الشريف الذي تكمن موهبته في قدرته المدهشة على منح من يراه شعورًا
حميمًا بالألفة والمودة، ولعل هذا ما جعل المخرج حسن الإمام يغامر
بتقديمه في دور بارز ومهم في رائعة محفوظ.
وقال النجم عادل إمام، في ذلك
الوقت، "إن مخرج الثلاثية كان يبحث عن شاب يصلح لدور كمال عبد
الجواد، فاقترح عليه عادل إمام اسم نور الشريف، الذي شاهده -آنذاك-
يمثل على مسرح معهد الفنون المسرحية، واستجاب المخرج لاقتراح عادل
إمام، وذهب إلى المعهد وما أن التقى الشاب الواعد حتى أعطاه الدور
المهم، فتفوق نور وأثبت حضوره بنجاح، رغم أنه وقف في هذا الفيلم
أمام ثلاثة من جبابرة التمثيل، هم: يحيى شاهين، وعبد المنعم
إبراهيم، وآمال زايد.
في أحد اللقاءات التليفزيونية
وصفت النجمة سهير رمزي، نور الشريف بأنه "سوسة قراءة"، وبغض النظر
عن ركاكة التعبير، إلا أنه يوضح لنا غرام بطل "سواق الأوتوبيس"
بالمعرفة، فأمسى يطاردها في كل مكان، لذا لا عجب ولا غرابة أن
يتقمص بشكل آسر شخصية رجل في الأربعينيات، رغم أن عمره كان في حدود
الخامسة والعشرين عندما شرع في تصوير الجزء الأخير من ثلاثية صاحب
نوبل 1988.
وتعتبر شخصية كمال عبد الجواد في
الأدب، من أهم الشخصيات الروائية العربية؛ نظرًا لما يكتنفها من
تناقضات حادة ومشاعر متابينة مرت بها الشخصية بامتداد ربع قرن، وقد
بذل نور الشريف مجهودًا خارقًا حين تصدى لتقمصها في الجزء الأخير
من الثلاثية "السكرية"، إذ كان عليه أن يلوح على الشاشة بوصفه
كهلاً تجاوز الأربعين.
وبالرغم من أنه لم يكمل عامه
السادس والعشرين في الحقيقة، في هذا الفيلم بلغ نور مستوى مشرقا في
فنون الأداء التمثيلي، وشعر كل من شاهد الفيلم أو قرأ الرواية أنه
أمام إنسان حزين، محبط، فقد الإيمان بمبادئه الأولى، بعد أن مات
سعد زغلول، وانهار أمامه بنيان أبيه الجاد، وهجرته المحبوبة
التاريخية، هكذا عايش نور الشريف أجواء الشخصية المنهارة نفسيًا
ببراعة.
انحناءه خفيفة في الظهر، ونظارة
صغيرة مدوّرة، وأناقة كلاسيكية صارمة، وخفوت في نبرات الصوت،
وخطوات هادئة منكسرة، ونظرات شاردة حزينة نحو مجهول غامض وخفي، هي
العدة التي اعتد بها نور الشريف عندما دخل في "ثياب" كمال أحمد عبد
الجواد في "السكرية"، فأقنع الناس وأعجبوا به ربما لأنه يعبر عن
أحزان المصريين بعد الهزيمة، ووفاة الزعيم عبد الناصر، إذ عرض
الفيلم للمرة الأولى في 14 يناير 1973، أي قبل نصر أكتوبر بتسعة
أشهر تقريبًا.
####
"نجيب
محفوظ".. لم يفارق "الشريف" في مشواره السينمائي
جمال عاشور
احتل الفنان نور الشريف، المرتبة
الأولى من بين الفنانين العاشقين للأدب والكتابات الروائية، فقد
وقع منذ أن كان طالبا في المدرسة في غرام أدب نجيب محفوظ، ووجد
نفسه مفتونا بفلسفته ومكوناتها وأفكاره وشخصياته الدرامية.
وكان دائما ما يحلم نور الشريف،
بتجسيد شخصية نجيب محفوظ، في أحد أفلامه، وخلال سنوات استطاع نور
أن يحقق أحد أحلامه كممثل ليصبح صاحب أكبر عدد من الأفلام المأخوذة
عن روايات محفوظ.
وانطلقت أفلام نور التي تدين لأدب
نجيب محفوظ بتميزها وثرائها، وفى عام 1970 قدم المخرج أنور الشناوي
، فيلم "السراب" التي اقتبسها من رواية نفسية، بطلها شاب عاجز
وفاشل نتيجة تعلق أمه به منذ طفولته فينشأ خجولا، معزولا، ويخفق في
دراسته، ويعجز في علاقته بزوجته، فيلجأ إلى طبيب نفسي بحثا عن علاج.
ولفت نور نظر النقاد بأدائه
المبهر لشخصية كامل بطل السراب وهو ما يرصده الناقد الكبير كمال
رمزي في دراسة له نشرها مهرجان أبوظبى ضمن كتاب أصدره بمناسبة
مئوية ميلاد أديب نوبل حيث يقول رمزي: "نور الشريف من أكثر
الممثلين الذين جسدوا المهزومين والخاسرين في أدب نجيب محفوظ، إنه
بطل السراب المتلاشي في قوة شخصية والدته، المنطوي على نفسه،
الفاشل في تعليمه وعمله وزواجه، فهو الذي سرق مرتبات الموظفين من
أجل حبيبته كي يقضى معها أياما جميلة على الشاطئ ويكتشف أنها
خائنة، مخادعة، وتبدأ رحلة جنونه حين يقبض عليه".
وفى عام 1973 يعود نور للثلاثية
في "السكرية" بعد عشر سنوات من فيلمه الأول "قصر الشوق" وقد تمرس
على الأداء وصار أكثر خبرة وتجربة.
ثم يلتقي عام 1975 مجددا مع أدب
محفوظ في فيلم "الكرنك" الذي لعب بطولته أمام كمال الشناوي وسعاد
حسنى ومحمد صبحي، وكتب له السيناريو والحوار ممدوح الليثى وأخرجه
على بدرخان، وكان من أوائل الأفلام التي هاجمت فترة حكم عبد الناصر
التي رآها محفوظ انتهجت سياسة البطش وأهملت الأوضاع الداخلية، حيث
سيطرة مراكز القوى.
ويشهد عام 1981 تجربتين هامتين في
علاقة نور الشريف بأدب الروائي العالمي من خلال فيلمي " أهل القمة"
و"الشيطان يعظ "، ويرصد الأول تأثير الانفتاح الاقتصادى على
المجتمع ويجسد نور شخصية زعتر الذي يعمل في تهريب البضائع ويسعى
للزواج بشقيقة الضابط المتمسك بقيمه وأخلاقياته ويتصدى لهذه الزيجة
وهو الفيلم الذي شارك في بطولته عزت العلايلى وسعاد حسنى وأخرجه
على بدرخان.
وفى "الشيطان يعظ" الذي كتب له
السيناريو والحوار أحمد صالح وأخرجه يحى العلمي يجسد نور شخصية شطا
الحالم بأن يصبح مثل الدينارى الكبير "فريد شوقي" الذي يطلب منه أن
يراقب وداد ليتأكد من أخلاقها لكنه يقع في حبها ويهرب معها.
وتبقى شهادة نجيب محفوظ نفسه عن
تجسيد نور الشريف لشخصيات رواياته وهو ما تحدث عنه للكاتبة الصحفية
نعم الباز في حوار نشر بمجلة آخر ساعة "ديسمبر 1980"، أكد فيه
محفوظ أن نور أدهشه بأدائه لأدوار بعض أبطاله قائلا "إن نور الشريف
حينما يمثل لا يكون ذاته وإنما يكون الشخصية التي رسمتها، والحقيقة
أنه مثل لي روايات عديدة ودخل في نسيج العديد من رواياتي مثل قصر
الشوق والسكرية والسراب والكرنك وأهل القمة والشيطان يعظ وغيرها
لكن إذا بحثت عن شخصيته الأصلية لاتجدينها.
وحين رشحه المخرج حسن الإمام
لشخصية كمال عبد الجواد كان أهم ما يعنينى أن يجسد الخيال كما
صورته تماما وفعلا جسده أجمل تجسيد وأحسست بالتوحد، فهو يتجسد لي
في كل شخصية بقدرة كبيرة، لكنني تعجبت جدا حينما رأيته يجسد شخصيات
أبعد ما تكون عن شخصية كمال عبد الجواد مثل دور زعتر النورى في
"أهل القمة" و"الشيطان يعظ" وحينما أخبروني أنه سيمثل أهل القمة
فرحت وقلقت، فرحت لكونه نجما وفنانا كبيرا، وقلقت لأن الدور بعيد
عن مكوناته، لكنه نجح نجاحا دل على مرونة فنية، ولذلك أكون سعيدا
جدا حينما أعلم أنه سيمثل رواية لي".
####
بالصور.. علوي لنور الشريف:
لن أقول وداعًا لحين نتقابل في عالم آخر
سناء إسماعيل
نعت الفنانة المصرية ليلى علوي،
الفنان الراحل نور الشريف في بيان نشرته عبر صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي
قالت فيه: "لن أستطيع أن أقول وداعًا نور الشريف فالوداع هو الفراق
ولكن مثلك لا يجوز له فراق لأنك تحيطنا بأعمالك وروحك ونصائحك التي
لم تبخل بها على أحد.. فأنت الأستاذ الذي تعلمنا جميعًا في مدرسته
وندين له بجزء كبير مما حققناه".
وأضافت: "لقد كانت تجربتي معك
ثرية بمعني الكلمة بداية من مسرحية "بكالوريوس في حكم الشعوب"،
والتي أعتبرها بمثابة المعهد الذي تخرجت منه رغم صغر سني..ودعمتني
فنيا وإنسانيا في كل مراحل حياتي فلم تبخل علي يوما بنصيحة..ولم
تتركني في أي لحظة إنسانية فلم أنس فلسفتك في الحياة التي تعرفت
عليها حين توفي والدي ونحن في سوريا أثناء تصوير فيلم المصير ولم تتركني في
أي لحظة".
وتابعت: "لقد قدمت معك تاريخا
سينمائيا أتشرف به، "كل هذا الحب"، "المصير"، " كلمة السر" "عصر
الذئاب"، ... وأعتبر نفسي محظوظة بأن أكون جزءا من تاريخك العظيم
والحافل بالأعمال المتميزة التي ستظل فخرًا في تاريخ السينما
المصرية ومرجعًا لكل الأجيال القادمة لذلك أتمني أن يكون تكريمك
بمثابة عطائك المميز لأنه لا يوجد سوي نور الشريف واحد فقط".
واختتمت كلامها قائلة: "الآن ومرة
أخرى لن أقول وداعا لأنك ستظل موجودًا لحين نتقابل في عالم أخر
صديقي وأستاذي نور الشريف، رحمه الله ويصبر أسرته وأصدقاءه ومحبيه
وأرجو منكم قراءة الفاتحة على روحه". |