الجرئ.. كاسر القوالب النمطية.. المتحرر من الثوابت الاجتماعية.. رائد
التجربة الفانتازية المصرية.. يتطلب منك مشاهدة أحد أفلامه التحرر من
قناعاتك الشخصية.. ومحاولة البحث في الدلالات الرمزية لأبطاله وتفاصيل
الحبكة الدرامية التي تجمعهم على لوحة فنية واحدة.
إنه رأفت الميهي الذي وافته المنية، الجمعة، عن عمر يناهز 74 عامًا، بعد
تدهور حالته الصحية، لتسدل الشمس ستائر الغروب على من أنهى حياته الفنية
مع المدرسة الواقعية بالجزم بأن «للحب قصة أخيرة»، فغاب عن الواقع الذي تاق
إلى تحديه وخرق قواعدة بأفكار كانت تلح عليه طيلة الوقت، فلجأ إلى بلورتها
في إطار فانتازي يستهدف النفاذ إلى تابوهات المجتمع وسلطة الدين، وحتى سلطة
التقاليد التي جعلت من الإنسان أسيرا لها وسحقته.
الميهي من مواليد المنوفية 1940، مخرج مصري وأحد المخرجين الذين أبدعوا في
مجال التجريب، تخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، ثم حصل على دبلوم
معهد السينما عام 1964، مارس كتابة القصة القصيرة والمقالات السياسية، وكتب
روايتين أدبيتين هما «سحر العشق» و «الجميلة حتمًأ توافق»، واتجه للإخراج
وأبدع في مجال التجريب، فصار أبرز أعلامه، كما اتجه إلى كتابة السيناريو
والإنتاج السينمائي، ليصبح رمزًا فنيًا متعدد الأوجه.
كتب رأفت الميهي أول سيناريو للسينما سنة 1966، وهو سيناريو فيلم «جفت
الأمطار»، وأصبح أبرز أبناء جيله من كتاب السيناريو، في سبعينات القرن
العشرين تعاون مع المخرج كمال الشيخ في أفلام، «غروب وشروق» و« شئ فى صدرى»
و«الهارب» و «على من نطلق الرصاص».
وفي عام 1981 أعلن رأفت الميهي عن نفسه كمخرج سينمائي عندما عرض فيلمه
الأول «عيون لا تنام» عن مسرحية «رغبة تحت شجرة الدردار» ليوجين أو نيل،
غير أنه وبمجرد أن قرر الانتقال من المدرسة الواقعية، واتجه لكتابة
الفانتازيا، صار «الميهي» أيقونة إثارة الجدل في الشارع المصري، الذي انقسم
حول متفهمين لطبيعة دلالات ورموز أفلامه وأخرين معارضين رأوا أن أفلامه بها
من الفجاجة والخرق لما هو متعارف عليه وساد اتباعه ما لا يمكن السكوت عنه.
ويرصد المصري لايت في التقرير التالي أهم 10 أفلام أثارت الجدل أخرجها
الميهي، أو ألف قصتها وكتب السيناريو الخاص بها، أو أنتجها.
10. عيون
لا تنام 1981
الفيلم أخرجه الميهي عام 1981، بطولة فريد شوقي، أحمد زكي، ومديحة كامل،
ومأخوذ عن مسرحية
Desire Under the Elm
للكاتب الأمريكي، إيجونيه أونيل، وتدور قصته حول العجوز «إبراهيم»، الذي
يتزوج من «محاسن» الفتاة الفقيرة، رغم اعتراض أخوته خوفا من مشاركتها لهم
في الميراث.
يشعر «إسماعيل»، الأخ غير الشقيق لإبراهيم بالكراهية نحوه فقد استولى على
نصيبه في قطعة الأرض التي تقع عليها الورشة والمنزل وهو يعمل لديه
بالأجرة، مع أخويه.
يتبادل كل من إسماعيل ومحاسن الحيل لإثارة المشاكل للآخر. يلفق إسماعيل
لمحاسن تهمة سرقة إبراهيم، يعتدى عليها زوجها بالضرب فتتحرك مشاعر إسماعيل
نحوها ويعترف بجريمته فيطرده إبراهيم من عمله بالورشة.
تبادل «محاسن» «إسماعيل» مشاعر الحب وتتورط في علاقتها معه. يتفقان على
الزواج إذا ما استطاعت الحصول على الطلاق من إبراهيم ، وعندما تكتشف محاسن
أنها حامل نتيجة علاقتها بإسماعيل يطلب منها أن تستمر مع إبراهيم، حتى يضمن
أن الورشة ستئول لابنه وبذلك يعود حقه الضائع وتثور عليه محاسن لانانيته،
وفى موعد الولادة يكتشف الطبيب أن حياة محاسن في خطر فيطلب من إبراهيم أن
يختار بين الأم والجنين فيفضل الجنين، يثور عليه إسماعيل ويقتله، تموت
محاسن بعد الولادة ويتم القبض على إسماعيل.
ويركز الفيلم على أنانية الأشخاص عندما يتعلق الأمر بالمال لدرجة قد تصل
إلى اختيار البعض التضحية وخداع الآخرين طمعًا في الوصول إلى هدفه، وذلك
نتيجة للمادية التي أصبحت تسيطر على المجتمع.
9. الأفوكاتو
1983
الفيلم بطولة عادل إمام ويسرا، وحسين الشربيني، وصلاح نظمي، وتدور أحداثه
حول محامي يدعى حسن سبانخ، يحاول التأقلم مع أوضاع السجن أثناء قضاءه عقوبة
الحبس لمدة شهر بسبب إهانته للمحكمة في أحد القضايا، يتمكن سبانخ من إقامة
العديد من العلاقات الملتوية أبرزها مع تاجر المخدرات حسونة محرم، وسليم
أبو زيد أحد مراكز القوى في الستينيات.
يلعب سبانخ على جميع الحبال ويبدأ في تحريك النظام القضائى وأوضاع المجتمع
المقلوبة كعرائس الماريونيت. ينجح سبانخ في إخراج حسونة محرم من السجن،
وإعادته لواجهة المجتمع مرة أخرى، وذلك تمهيداً لقيام سبانخ نفسه بالنصب
على حسونة في «خبطة العمر».
تضمنت خطة سبانخ الاتجار في العملة، وتزويج شقيقة زوجته لحسونة، ولأن وقعة
«الشاطر» بألف، وسقطة سبانخ نفسه تحسب بألفين فقد نجح حسونة في الإيقاع
بالمحامى البهلوان وإرغامه على دخوله السجن، ولأن سبانخ يعشق التلاعب فإنه
سرعان ما يستأنف نشاطه من داخل أسوار السجن، متحالفاً مع سليم أبو زيد في
عملية جديدة تبدأ كما انتهى الفيلم بالهروب، وبدء حياة «ملتوية» جديدة.
الفيلم يعد هو الخطوة الأولى فى الطريق الذى أطلق عليه بعض النقاد
«الفانتازيا» التى ظلت مرتبطة باسم رأفت الميهى، وقد أحدث ضجيجًا، عندما تم
تقديم المخرج وبطل الفيلم للمحاكمة بتهمة إهانة النظام والسخرية من القضاء،
وهو الفيلم الذي تقدم بسببه مرتضى منصور باستقالته من القضاء بعد عرضه.
وقد عرض الفيلم فى مهرجانات برلين، فالنسيا ميلانو، باستيا، و حصل على
تنويه خاص من مهرجان
VIVE
بسويسرا، كما حصل الفيلم على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان
V. V
عام 1985.
8. للحب
قصة أخيرة 1986
الفيلم كتبه وأخرجه الميهي عام 1986، بطولة يحيي الفخراني، تحية كاريوكا،
معالي زايد، ويحكي قصه رجل يداهمه المرض، وتساعده زوجته التي تقوم بدورها
الفنانة معالي زايد، وتمثل دور الزوجة التي تبقى مع زوجها بالرغم من الظروف
والفقر والمرض.
وقد مثل الفيلم مصر فى مهرجانات برلين، كارلوفي فيفاري، فالنسيا، نيو دلهى.
كما حصل على شهادة تنويه خاصة من كارلوفي فيفاري واختاره النقاد كواحد من
أهم أفلام السينما العربية.
7. السادة
الرجال 1987
الفيلم بطولة معالي زايد ومحمود عبد العزيز، ويحكي عن أحمد(محمود عبد
العزيز)، وزوجته فوزية (معالي زايد) التي تقرر أن تجري عملية جراحية وذلك
نتيجة الخلافات القائمة بينهما والتي تقهرها وتقضي عليها كامرأة فتستغل سفر
زوجها وتقدم على تلك التجربة الغريبة وتمكنها من التحول إلى جنس الرجال
والتي تنجح بالفعل وتبدا في العيش داخل عالم الرجال محاولة الاحتفاظ
بزواجها من احمد واموماتها لطفلتها.
حقق الفيلم أكبر الإيرادات فى عام عرضه، كما اشترك فى أكثر من عشرة
مهرجانات منها
VIVE
بسويسرا، نيو دلهى، دمشق، باريس، للأفلام العربية، تورينو بايطاليا.
6. سمك..
لبن.. تمر هندي 1988
الفيلم بطولة محمود عبد العزيز – معالى زايد وبداية من العنوان، فإن الفيلم
يعبر عن السخرية من محاولات تحقيق الانسجام بين ما لا يمكن أن ينسجم، وهو
تجربة جديدة فى الشكل السينمائى وتدور قصة الفيلم حول الطبيب البيطري
(أحمد)، الذي يرتبط بفتاة (قدارة) ويخططان للزواج، ليفاجأ أحمد بوفاة والده
الذي يعمل بالخارج، ويجد أحمد نفسه متورطاً في شبكة دولية، حيث يطارده ضابط
من الإنتربول يعتقد أن والده كان عضوا بمنظمة إرهابية.
حقق القيلم أعلى الإيرادات فى عام عرضه، كما عرض فى مهرجانات ميلانو،
باريس، دمشق، تطوان ، وبرشلونة.
5. سيداتى
آنساتى 1989
الفيلم بطولة محمود عبد العزيز ، معالى زايد، عبلة كامل، عائشة الكيلاني،
صفاء السبع، أخرجه رأفت الميهي، تدور قصة الفيلم حول «محمود» الذي يعمل
كساعي ومشرف بوفيه فى المصنع بالرغم من حصوله على الدكتوراه فى الطبيعه
حيث أنه يفضل الدخل الأعلى.
تقرر الأربع صديقات دريه وعزيزه وآمال وكريمه الزواج من رجل واحد حتى
يتجنبن مشكلة الشقه حيث تكون العصمه فى أيديهن، ويخترن محمود الذى يعمل
معهم بنفس المصنع ويوافق، وبعد الزواج تحدث عده مفارقات حيث يترك محمود
العمل ويقوم بالأعمال المنزلية، ومع مرور الوقت تحدث عده مشكلات فتطلقه
آمال ودريه وتتزوجا رجلًا آخر فى نفس الشقه ولكن الزوجان لايطيقا ذلك
فيقررا الزواج من آخريات لكن الزوجات تكتشف ذلك وتطردهن من الشقه وتطلقهن
وتبحث كل منهن عن زواج أفضل فى مكان آخر.
يطرح «الميهي» من خلال الفيلم سؤاله العبثي الذي لا يختلف عن عبثية الواقع
متسائلا: «ماذا لو تبادل الرجل الدور مع المرأة في هذا المجتمع، هل سيصبر
على ما يوجهه له المجتمع من إهانات، ومسئوليات لا قبل له بها؟».
4. قليل
من الحب.. كثير من العنف 1995
الفيلم بطولة ليلي علوي، هشام عبد الحميد، هشام سليم، ومحمود حميدة، وتدور
قصته حول زواج المهندس طلعت ابن التاجر الثرى «مرسى» من الفتاة الفقيرة
«فاطمة» تلبية لرغبة والده الطاغية، وذلك بعد أن ترفض «فاطمة» الزواج من
سيد العتر الذى يحبها ولكنه فقير، حيث يعمل عند «طلعت»، صاحب الشخصية
القوية الذي
3. تفاحة
1996
الفيلم أخرجه رأفت الميهي عام 1996، وتدور قصته حول فتاة تدعى «زينات»،
عاملة في وزارة المالية، يطلق عليها الجميع تفاحة لجمالها، وتعاني من تسلط
«قدرية» المديرة، التي تعاني من عدم الإنجاب رغم زواجها التاسع من «فؤاد»،
تقترح «قدرية» على «حسن» الفطاطري زوج «زينات» أن يطلق زوجته ليتزوجها
«فؤاد» تسعة أشهر لتنجب طفلة تتبناها قدرية، فيطلقها في الوقت الذى تسعى
فيه «جانيت» اليونانية التي تقيم في مصر المصابة بمرض عضال الزواج من
«حسن»، حتى يرثها بعد موتها، تنشأ العديد من المواقف الكوميدية والمفاجآت
نتيجة هذه العلاقات المتشابكة.
حصل على جائزة الهرم الذهبى من مهرجان القاهرة 1996 و هى الجائزة الذهبية
الأولى التى تحصل عليها السينما المصرية من مهرجان دولى معترف به من
الاتحاد الدولى للمهرجانات.
2. ميت
فل 1996
الفيلم أخرجة رأفت الميهي عام 1996، وتدور قصته حول «كمال» الذي يقع في حب
«دلال» ويتزوجان ولكنهما يعانيان من الفقر ، فيقرران استبدال والديهما ،
وإقناع المليونير حسين بأن يتبناهما من دون أن يخبراه أنهما زوجان يوافق
حسين وخاصة أنه يعاني الوحدة ، وليس لديه غير ابن واحد يعاني من تأخر عقلي
أطلقت عليه أمه «خيبتك يا».
يعمل الابن على الإيقاع بين والده وكمال ودلال فيوعز إليهما بسرقة صندوق
مجوهرات، ويقبض عليهما، ولكن كلاً من كمال ودلال يقنعان والديهما بالتنكر
لهما، وبذلك تستمر حياتهما مع حسين الذي لم يعد في إمكانه التخلص منهما.
1. علشان
ربنا يحبك 2000
هو آخر أفلامه، وهو من كتب السيناريو وأخرج الفيلم، وتدور قصته حول سعاد
التي تحاول قتل زوجها رجل الأعمال بطرق مختلفة ومتنوعة، وذلك لفشلها فى
الحياة الزوجية معه ولإرتباطها بعلاقة عاطفية مع كمال الذى يشكو أيضًا من
زوجته النكدية الطبيبة، ومن جهة أخرى فرجل الأعمال لا يطيق زوجته التى تكيد
له وتتمنى الخلاص منه دون خسارة ما. وعن طريق الدجال الذى يدور فى شوارع
القاهرة وزوجته ويمارس الشعوذة بالكمبيوتر، يقترح أن يسقط الزوج رجل
الأعمال فى حب الطبيبة النفسية أناهيد.
وتدور أحداث الفيلم بعد ذلك فى ثنايا تحقيق هذه المؤامرة العاطفية، وتمر
عشرات المواقف لتكشف بنظرة نقدية كل مظاهر حياتنا الاجتماعية: المزايدات
المزيفة، حفلات الكوكتيل المثيرة للسخرية، ويصل الحال بالجميع إلى مستشفى
المجانين، حيث ما زالوا يتناحرن فيما بينهم.
يعد الفيلم أول تجربة سينمائية مصرية تعتمد على وجوه جديدة في جميع عناصر
الفيلم من تمثيل وإدارة إنتاج وإدارة الإخراج والتصوير، يمثل الفيلم أحد
أفلام العبث التي تتبع نهج المدرسة العبثية في الكتابة والتي يمثلها في
الأدب العربي توفيق الحكيم برائعته العبثية «يا طالع الشجرة». |