كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

طارق الشناوي يكتب:

«جليد فى الجنة» يدافع عن الإسلام

مهرجان كان السينمائي الدولي السابع واالستون

   
 
 
 
 

كنت أترقب نهاية الفيلم، ليس فقط من أجل أن أعرف إلى أين ينتهى مصير البطل؟ ولكنى كنت أتوق لمعرفة رد فعل جمهور أغلبه ينتمى إلى ثقافات دينية وفكرية مختلفة، بينما الفيلم يضع أمامه هدفًا ثابتًا لا يغيب ولا يحيد عنه وهو الدفاع عن الدين الإسلامى، ولا يمكن قراءة فيلم «جليد فى الجنة» البريطانى المعروض فى قسم «نظرة ما» إلا على هذا النحو، فهو مباشر أكثر مما ينبغى ويعلن عن هدفه بلا مواربة للدفاع عن الإسلام، ولكن بلا إطار أو رؤية سينمائية.

فى السنوات الأخيرة صرنا نتابع بين الحين والآخر غضبًا عارمًا يعترى العالم الإسلامى بسبب رسوم مسيئة للرسول، عليه الصلاة والسلام، أو فيلم مسىء إلى الإسلام يغزو النت، ونبدأ فى تدشين جماعات المقاطعة لتلك الدولة أو نجد شخصًا صار مطلوبًا للقصاص بحجة أنه تطاول على الإسلام. صار الدين كأنه هدف ولوحة تنشين للهجوم الضارى، وعلى الجانب الآخر وبالطبع لا يؤدى الأمر إلى شىء، فكان يقينى الدائم أن الأمر ينبغى أن لا ينظر إليه باعتباره مؤامرة غربية تستهدف الإسلام، ولكنْ هناك غياب، كلنا شاركنا فيه، أدى إلى ترسيخ صورة ذهنية سيئة عن الإسلام والمسلمين، وهكذا جاء تصفيق الجمهور مع نهاية الفيلم ليؤكد أن الجمهور فى أغلبه محايد تجاه الدين، يريد فقط المعلومة التى يراها على الشريط، ورغم ذلك فأنا أرى دائما أن الفن ليس فقط فى قيمة الرسالة التى يحملها، سواء كنت موافقًا أو معترضًا عليها بقدر ما هو فى قدرته على التعبير والإمساك بالتفاصيل والانسياب الواجب توفره فى الرسالة المضمرة، وهو مع الأسف ما لم أعثر على أى ظل له فى الفيلم البريطانى.

كان الجامع هو المرفأ والسكن والأمان لبطل الفيلم من العدوان الخارجى الذى بات يحاصره، من الأشرار الواقفين على الباب، يريدون الفتك به، لأنه قرر أن يتوقف عن الاتجار فى الممنوعات.

المخرج أندرو هولم الذى شارك فى كتابة السيناريو يقدم صديقين، داف وطارق، يحاول طارق -الذى نعلم أنه مسلم متدين وليس متطرفًا- أن يثنى صديقه للابتعاد عن هذا الطريق الذى يتعارض مع قناعاته الشخصية والدينية، ولكن داف يبدو أنه لا يلقى بالًا لكل هذا، وليس لديه أى قناعات دينية، وبعد أن يقتل طارق يجد داف أن بعضًا مما قاله صديقه المسلم يحرك شيئًا فى أعماقه، ويبدأ فى طرق باب الجامع.

المرة الأولى يدخل إليه بالحذاء، فهو لا يعرف القواعد، بعدها يتعرف على تلك الطقوس الخاصة، وتأتى إلى مسامعه بعض آيات قرآنية تتناهى إلى سمعه، بالطبع لا يتبينها ولكنها تحمل شيئًا يدفعه إلى أن يعيد مجددًا الإنصات إليها بعيدًا تمامًا عن الاتجار فى المخدرات، بل وتعاطيها، ولكن داف يصر على استكمال المشوار، ويبدو الجامع كأنه قلعة تحميه من العدوان الخارجى «الجليد فى الجنة» اسم يستحق التأمل، لأن البطل يبدأ فى الحقيقة فى اكتشاف الإسلام، ولا ينسى المخرج أن يبث بين الحين والآخر اتهامًا صار لصيقًا بالإسلام مثل الجهاد الذى يعنى فى المفهوم الشائع إزهاق الأرواح وقطع رؤوس الأبرياء لمجرد أنهم أجانب أو مختلفون، ولكن فى حوار بين بطل الفيلم وإمام المسجد الذى يلجا إليه تأتى الإجابة بأن الإسلام برىء من كل هذا.

الكثير من المشاهد والأحداث التى تملأ الفضائيات تؤكد أن الإسلام هو دين العنف والتطرف، وجاءت الإجابة بأن المقصود بالجهاد هو مقاومة النفس الأمارة بالسوء للبعد عن معصية الله.

نتابع بطل الفيلم وهو يغسل أرض الجامع ويتعلم الوضوء ويضع المصاحف فى المكتبة وينتهى الفيلم بمشهد ذكر أرى البطل فى منتصف الدائرة، ويبدأ فى الاندماج على إيقاع الأداء الدينى للأدعية الدينية، ويأتى إلى منتصف الدائرة، كأنه يشبه أداء راقصى التنورة، وطال هذا المشهد أكثر مما ينبغى، طقس الذكر الذى رأيته لا مردود له فى الشيعة أو السُّنة، كما أن هناك استخدامًا لآلة «البونجز» لضبط الإيقاع، وهو ما لا يحدث فى الواقع، حيث إن الدُّف يلعب هذا الدور كأن المخرج يستدعى شيئًا من الذاكرة أو ربما صورة مشوهة تراكمت لديه عن طقس الذِّكر فى الإسلام.

الفيلم متواضع فى بنائه الفنى والفكرى، ففى مشاهد نرى زعيم عصابة المهربين وهو ينكر وجود الله والشيطان فيعتبر نفسه هو الله والشيطان معًا، بينما بطل الفيلم يزداد اقترابًا إلى طريق الإيمان.

هل الإسلام بحاجة إلى عمل فنى؟ بالتأكيد، إنه وسيلة فعالة لتغيير الصورة الخاطئة عن الإسلام، فما تبثه الفضائيات من مشاهد قتل وتعذيب وسفك دماء ممن يطلقون عليهم إسلاميين لعبوا دورًا سلبيًّا ضد الدين.

انتشار «الميديا» الفضائية أسهم بقسط وافر فى ترسيخ صورة الدماء والقتل التى، مع الأسف، صارت لصيقة بشخصية المسلم، بينما العالم العربى والإسلامى لا حس ولا خبر.

يكفى أن نذكر كيف أن المخرج الراحل مصطفى العقاد لم يستطع إكمال الطريق وتقديم مشروعه عن «صلاح الدين» بعد فيلمه «الرسالة» الذى ظل الأزهر الشريف يمنع عرضه أكثر من 30 عامًا بحجة ظهور شخصية سيدنا حمزة بن عبد المطلب، عم الرسول عليه السلام. كذلك فإن الشخصية العربية فى السينما العالمية دائما تميل إلى العنف فى المطلق أو ضد المرأة تحديدًا مثلما شاهدنا مثلًا فى فيلم «يومان وليلة» للأخوين «داردين» عندما تناولا ضمن أحداث الفيلم شخصية الزوج العربى.

وكما ترسخ السينما للثرى الخليجى الذى ينفق أمواله للهو، أحيانا نجد أن هناك ارتباطا شرطيا بين تحية «السلام عليكم» والإرهاب والدموية، فأحيانا نرى المسلم يصلى وبعدها يمارس كل أنواع العنف، نعم فيلم «الجليد فى الجنة» يقدم صورة إيجابية للإسلام، ولكن العمل الفنى ينقصه الكثير لكى تصل بالفعل رسالته.

الفيلم مسؤولية كل مشاهد!!

انتظره كالعادة الجمهور فى المهرجان، المخرج الأكبر عمرًا بين كل المخرجين الذين شاركوا فى المهرجان. أتحدث عن أيقونة السينما الفرنسية جان لوك جودار، الذى لا يزال فى الملعب وهو يقدم سينما خاصة جدا تعتمد فى قسط وافر منها على المتلقى الذى يعيد البناء بين تلك الصور التى تبدو للوهلة الأولى متنافرة، نحن أمام رجل منفصل وامرأة متزوجة وصفقات مالية، نرى فقط شذرات منها. وكلب له مساحة دائمة فى الشريط وسينما يرسم ملامحها جودار ويطلق عليها «وداعا للغة»، حيث يصبح التواصل لا يحتاج إلى حروف الكلمات، ولكن إلى الإحساس. ويأتى المشهد الأخير الذى نستمع فيه إلى نباح كلب وصياح طفل معًا، وتلك هى اللغة التى لا تتكئ على أبجدية. عند انتهاء الفيلم استمعت إلى تصفيق صاخب، إلا أن الفكرة التى أرادها المخرج كان من الممكن أن تصل فى دقائق، فما الحاجة إلى أن يستغرق زمن الفيلم 70 دقيقة؟ لماذا يترك المخرج كل هذه المساحات للجمهور لكى يعيد المتفرج تشكيل الصورة كما يحلو له؟ كما أننى لم أجد أى مبرر لاستخدام تقنية البعد الثالث فما الإضافة التى يحققها التجسيد من خلال فيلم قائم على أن المتفرج طرف فاعل ومؤثر فى اللعبة الدرامية، وهو الذى يتأمل ويربط بين الخيوط، أين هى الإضافة؟ وما المنطق الذى دفع مخرجنا إلى تلك التقنية؟ هل يريد مثلًا، وهو من عاصر سينما الأبيض والأسود فى بداية مشواره، أن يضاف إلى تاريخه السينمائى فيلمٌ مصنوع طبقًا لآخر المستجدات الحديثة؟ لا أتـصور أن هذا من الممكن أن نقبل به كهدف.

البعض يعتبر أن كل ما يصدر عن جودار هو العبقرية، كما ينبغى أن تكون العبقرية، سواء وصل إليه الذى يرمى إليه المخرج أو لم يصل، ما رأيته أشعرنى بالفذلكة ولا يوجد تعبير لغوى آخر!!

الدستور المصرية في

23.05.2014

 
 

أربعة أفلام وأربعة مخرجون:

تجريب وتقليد وتجديد...صدمات الكبار في مهرجان "كان"!

كان من عصام زكريا 

وسط استقبال حافل لم يحظ به صانع أفلام آخر في مهرجان "كان"، عرض فيلم "وداعا للغة" آخر أعمال المخرج الفرنسي جان لوك جودار، البالغ من العمر ثمانون وأربعة أعوام، رائد مدرسة ما عرف باسم "الموجة الجديدة" في السينما الفرنسية خلال الستينيات.

جودار إلى الأبد!

" جودار إلى الأبد!" هكذا صاح أحد الحاضرين في ظلام قاعة العرض في الثواني التي سبقت عرض الفيلم، فضجت القاعة بالتصفيق والضحك. ومع نزول عناوين النهاية ضجت القاعة بمزيد من التصفيق والضحك مع العبارة الختامية للفيلم التي يقول فيها جودار: "لا يمكن أن تعرف متى سيعود هذا الرجل ثانية"! في إشارة إلى عودته لصناعة الأفلام مرة أخرى بعد فترة توقف.

جودار، السويسري الأصل، كان قد أجرى حوارًا مع التليفزيون السويسري قبل المهرجان مباشرة، قال فيه إنه ليس خالدًا وأن العالم يمكن أن يستمر بدونه، وأنه لم يعد لديه شيئا ليقدمه، ولكن عشاق جودار لا يصدقون أن السينما يمكن أن تستمر بدون جودار، هذا المجدد الأسطوري، الذي لا يكف عن اختراع السينما، أو قتلها، مع كل فيلم جديد يقدمه.

في "وداعا للغة" يغير جودار جلده مرة أخرى، ويقدم عملا تجريبيا غريبا بتقنية الأبعاد الثلاثة 3D، التي تميز كثيرًا من الأفلام الهوليوودية التجارية هذه الأيام، ولكن جودار يلعب بهذه التقنية ويخربها، كما يلعب ببقية عناصر الفيلم من سيناريو وبناء لدرجة أنك لا يمكن أن تطلق على ما يفعله وصف "فيلم"، إلا إذا كان قصدك المعنى القاموسي للكلمة الذي يعني "شريط مصور".

"وداعا للغة" هو أقرب لأعمال الفيديو آرت أو الأعمال التجريبية التي يقوم بها الشباب والهواة: مجموعة من المشاهد التي لا يكاد يربط بينها رابط، بعضها تمثيلي وبعضها وثائقي وبعضها أرشيفي، وهي محملة بعشرات العبارات الفلسفية والقوال المأثورة لكبار الأدباء والفلاسفة والسينمائيين، وبعضها من تأليف جودار نفسه...كما لو كان فيلمه هو بالفعل وداعا للأدب والفلسفة واللغة، تمهيدا لعصر جديد قادم تهيمن فيه الصورة ثلاثية الأبعاد هيمنة كاملة!

كين لوش: السياسة بالرقص

جمهور المهرجان احتفل أيضا بمخرج آخر يقترب من الثمانين هو الإنجليزي كين لوش، الذي يشهد العقد الأخير من حياته نشاطا سينمائيا محموما وغير مألوف بالنسبة له، لوش الذي حصل على السعفة الذهبية منذ عدة سنوات عن فيلمه "الريح التي تهز الشعير" معروف بأفلامه السياسية ومواقفه اليسارية الحادة ضد الاستعمار البريطاني والرأسمالية الغربية ومناصرته لحقوق العمال والطبقات الفقيرة والمهمشة.

في فيلمه الجديد "قاعة جيمي" المشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان يتناول لوش السياسة من زاوية مختلفة من خلال تصوير حياة شخصية حقيقية لرجل أيرلندي اسمه جيمي جرالتون قام خلال عشرينيات القرن الماضي بتأسيس قاعة للرقص والاستماع إلى الموسيقى وقراءة الشعر والأدب في إحدى الضواحي الريفية في أيرلندا، وهو أمر قوبل برفض عنيف من قبل المحافظين من رجال الدين والسياسة، انتهى بترحيل جرالتون من البلاد ونزع الجنسية الأيرلندية عنه!

فيلم "قاعة جيمي" يبدو وكأنه يدور في إيران أو إحدى البلاد العربية المتخلفة، ومن المدهش التفكير في أن مصر كانت أكثر ليبرالية وتفتحا في العشرينيات عن أيرلندا والكثير من البلاد الأوروبية الأخرى!

خيبة "الفنان"!

جمهور المهرجان كان على موعد آخر مع فيلم "البحث" للمخرج الفرنسي ميشيل هازانفسيوس الذي "قلب الدنيا" منذ ثلاث سنوات بفيلمه "الفنان" المصور بالأبيض والأسود على طريقة السينما الصامتة، والذي انتزع معظم جوائز الأوسكار وقتها.

هازانفسيوس يعود بفيلم ضخم أمريكي الإنتاج مصنوع على طريقة أفلام سبيلبرج الملحمية، يحتوي على الكثير من العناصر الإخراجية والإنتاجية والتمثيلية الجيدة، بالإضافة إلى موضوعه الذي يدين التدخل العسكري الروسي في الشيشان والمذابح التي ارتكبها الروس بحق المسلمين الشيشان.

معظم التوقعات كانت تشير إلى أن الفيلم سينافس بقوة على السعفة ومعظم عشاق فيلم "الفنان" كانوا ينتظرون عمل هازانفسيوس الجديد، ولكن يمكنني القول أن معظمهم خاب أمله بعد مشاهدة الفيلم. هناك شيء ما في "الطبخة" الفاخرة يجعل طعمها ثقيلا على المعدة أو غير شهيا بدرجة كافية.

صدمة الحوت الروسي

فيلم آخر كان ينتظره جمهور المهرجان وهو "الحوت" للمخرج الروسي أندريه زفياجنتسيف الذي أبهر عشاق السينما الفنية منذ عدة سنوات بفيلمه "العودة".

"الحوت" فيلم جرىء وصادم على مستوى الأفكار التي يقدمها، وهو واحد من أكثر الأفلام تشائما ونقدا لتحالف السلطة السياسية والدينية والقانونية لقهر وسحق الشعوب والأفراد، كما أنه واحد من السيناريوهات الأكثر تركيبا وبراعة، ولكنه في النهاية ليس من النوع الذي يعجب كل الأذواق، إنه ينتمي لذلك النوع من الأفلام التي ستقع في عشقها بقوة، أو تكرهها بنفس القوة!

البوابة نيوز المصرية في

23.05.2014

 
 

مهرجان «كان» يتذكر ثلاثية إيستوود - ليوني

حكايات البداية للممثل الذي قيل له «ابحث لك عن مهنة أخرى»

كان: محمد رُضا 

من بين العروض الخاصّة التي يوفّرها مهرجان «كان» السينمائي في دورته الحالية التي تنتهي يوم الأحد المقبل، ثلاثية المخرج الإيطالي سيرجيو ليوني (1929 - 1989) مع الممثل كلينت إيستوود (83 سنة).

إنها ثلاثة أفلام دخلت تاريخهما المشترك، وإيستوود طالما أكّد أن ليوني من بين من يكن لهم التقدير لدوره في اكتشافه. هذه الأفلام الثلاثة هي «حفنة دولارات» (1964) و«لأجل حفنة دولارات أكثر» (1965) و«الطيّب والسيئ والبشع» (1966) وفيها لعب ذلك الشاب الطويل أدوار المقاتل الذي لا يحمل اسما والذي حط، في الفيلمين الأولين، وسط حرب العصابات، وفي الثالث وسط الحرب الأهلية الأميركية بأسرها.

قبل ذلك، لم يكن الجمهور الواسع عرف ذلك الاسم الذي سيصبح نجما كبيرا قبل نهاية العقد الستيناتي. فهو أم التمثيل سنة 1955 عندما كان لا يزال في السادسة والعشرين من العمر. المخرج جاك أرنولد الذي عرف بأفلام الرعب والتشويق أسند إليه دورا صغيرا في «انتقام المخلوق» (Revenge of the Creature)، وكان ذلك أول ظهور له على الشاشة. الهوليوودي العتيق آرثر لوبين منحه دورين صغيرين قبل نهاية العام ذاته هما «فرنسيس في البحرية» و«لادي غوديفا المنبوذة» (Lady Godiva of Coventry). هذا من قبل أن يعود جاك رينولدز ويمنحه دور الطيّار الذي يقصف العنكبوت الضخم في Tarantula: حكاية عالم مهووس باستخدام مادة إشعاعية تكبر حجم عنكبوت أسود مما يحوّله إلى وحش لا يمكن الحد من فتكه. دور إيستوود لا يزال صغيرا وهو يقود سرب الطائرات الحربية التي ستقصف هذا العدو بالنابالم!

هذا المنوال من الأدوار الصغيرة استمر في العام التالي: «لا تقل وداعا أبدا» لجيري هوبر (لعب إيستوود فيه دور موظف في مختبر طبي). هذا الفيلم من بطولة «النجم» روك هدسون الذي انزعج من كون إيستوود يرتدي نظارة طبية وهو لا فاحتج. بعد تجربة عدّة نظارات لم يجدها هدسون مناسبة تم خلع النظارة من على إيستوود وأعطاها لهدسون كي يسكت.

ثم هو في الوسترن الأول له «نجمة في الغبار» (A Star in the Dust) لتشارلز هاس، وإيستوود فيه أحد المزارعين في مشاهد قليلة، ثم هو في «إبحار القوارب» (Away All Boats) لجوزيف بفني حيث يظهر إيستوود ويختفي في لقطات قليلة ترد في نصف الساعة الأول من الفيلم. المخرج آرثر لوبين عاد فطلبه لفيلم ثالث بينهما هو «أول امرأة أعمال رحّالة» (The First Traveling Saleslady) حيث دوره هنا أكبر قليلا من أدواره السابقة، ثم كان آرثر لوبين مرّة رابعة وأخيرة مخرجا لـ«هروب من اليابان» (1957) حيث ظهر إيستوود في دور صغير كبحّار.

إنها الفترة التي كان مستقبل إيستوود السينمائي فيها في مهب الريح رغم حداثة عهده، فأخذ يعمل في مهن يدوية صغيرة. خلالها طلبه ويليام أ. ولمان لدور كبير في فيلمه الأخير «هذه هي الحرب» (ولمان صاحب أول فيلم حاز الأوسكار وهو «أجنحة» Wings سنة 1927). مرة أخرى غار بطل الفيلم، تاب هنتر، من إيستوود فتنازل ولمان عن رغبته ومنح إيستوود دورا صغيرا. في العام التالي قامت مخرجة غير معروفة اسمها جودي كوبلان بتحقيق فيلم وسترن صغير عنوانه (Ambush at Cimarron Pass) وكان ذلك أول دور فعلي لإيستوود رغم أنه ليس دور بطولة: إنه جندي عنصري ومثير للمتاعب يمتثل، غصبا، لقيادة سكوت برادي الذي عليه النفاذ برجاله من كمين للهنود الحمر.

* وسترن مطبوخ

عند هذا الحد، توقف إيستوود عن التمثيل للشاشة الكبيرة بعدما انتقي للظهور في دور مساند أوّل في المسلسل التلفزيوني الوسترن «روهايد» (Rawhide). هذا المسلسل (1959 - 1965) من إنتاج شركة كولومبيا التي ذكر إيستوود في بعض تصريحاته لاحقا أن مديرها قال له بصراحة «لن تصبح نجما في المستقبل بسبب حنجرتك البارزة. نصيحتي أن تبحث عن عمل آخر». لكن إيستوود لم يبحث عن عمل آخر، وعمله في ذلك المسلسل رفع من شعبيته (كان أكثر شبابا من باقي الممثلين)، ولفت نظر المخرج الإيطالي ليوني الذي طلب منه، سنة 1964، ترك كل شيء ولعب بطولة «حفنة من الدولارات».

لم يكن ليوني نفسه يعرف ما الذي سينجزه هذا الفيلم من ردود فعل. ورد في الحقبة التي انتشرت فيها أفلام «سباغيتي وسترن». سمّيت كذلك لأنها كانت «تطبخ» في الاستوديوهات الإيطالية. لكنها كانت عديدة، ولاحقا ما أقدمت عليها شركات ألمانية وإسبانية من بين أخرى.

إلى أن أخرج ليوني هذا الفيلم كان مضى عليه نحو 25 سنة من العمل ككاتب ومساعد مخرج ثم مخرج وحدات الأكشن في أفلام تاريخية مثل «هيلين الطروادية» (1956) و«آخر أيام بومباي» (1959). هو الآخر وجد أن طريقه لا يؤدي إلى أي ازدهار إلا إذا بدأ إخراج الأفلام، وهو ما فعله بدءا من أول الستينات. حين أخرج «حفنة من الدولارات» كان بات جاهزا ليفاجئ العالم بما سمّاه «الشاعرية الصامتة».

لكن هذا الفيلم الذي لعب فيه إيستوود دور مقاتل يؤلّب عصابتين تحتلان بلدة منسية من بلدات الغرب الأميركي، لكي تتقاتلا، مأخوذ عن فيلم أكيرا كوروساوا «يوجيمبو» (1961)، وليوني وجد نفسه مطالبا بتوضيح نفسه أمام المحكمة. القضية منعت الفيلم من العرض لفترة داخل الولايات المتحدة، مما يمكن معه القول إن إيستوود شهد رواجه سينمائيا خارج أميركا وليس فيها أولا.

بناء على هذا النجاح قام إيستوود وليوني بالتعاون معا في فيلم «من أجل دولارات أكثر»، وهذه المرّة جلب ليوني من هوليوود ممثل أدوار الشر لي فان كليف. وكما جعل ليوني من إيستوود اسما معروفا، جعل من لي فإن كليف اسما معروفا أيضا. ففي السابق كان فان كليف عبارة عن شخصية متوترة في أفلام الوسترن الأميركي. صالح للقاتل في كل الحالات والذي يموت قبل أو مع نهاية كل فيلم. هنا هو في دور البطولة الثانية وشخصيته أكثر هدوءا من ذي قبل. هذا الفيلم كان بداية سلسلة لاحقة من أفلام السباغيتي وسترن التي استغلته ومنها سلسلة «ساباتا». أيضا تحت إدارة ليوني في هذا الفيلم الممثل الألماني كلاوس كينسكي الذي لاحقا وجه المخرج فرنر هرتزوغ المفضّل لحين وفاة الممثل سنة 1991.

حين تم تقديم العرض لإيستوود تم تخييره بين 20 ألف دولار وسيارة «فيراري» أو 25 ألف دولار من دون سيارة. اختار إيستوود السيارة على أساس أن عميله لا يستطيع أن يتقاضى عمولته عن السيارة.

الفيلم الثالث والأخير في ثلاثية ليوني مع إيستوود كان «الجيد والسيئ والبشع» (The Good, The Bad and the Ugly) سنة 1966. تختلف القصة عن سابقتيها لكن إيستوود يبقى بلا اسم. إيلاي والاك (الذي أعجب به ليوني عندما شاهده في دور الشرير الأول في «الرائعون السبعة» (لجون ستيرجز - 1960 والمأخوذ عن فيلم آخر لكوروساوا هو «الساموراي السبعة» (1954) يشارك إيستوود في دور الرجل السيئ ولي فان كليف في دور البشع. والحكاية عن ثروة من المال مدفونة في مقبرة ولا أحد يعرف داخل أي قبر بالتحديد تم دفنها. كل من السيئ والشرير يحاول إجبار الطيّب (إيستوود) على إخبارهما بالمكان. هذا كله على خلفية الحرب الأهلية وعلى نحو ملحمي كان بداية لفيلمين ملحميين كبيرين لليوني هما «حدث ذات مرة في الغرب» (1968) و«حدث ذات مرة في أميركا» (1984).

.. وبعد ذلك

المخرج الآخر الذي صنع شهرة إيستوود بيديه هو دون سيغال الذي تلقفه حال عودة إيستوود إلى أميركا سنة 1968 وأسند له بطولة «خديعة كوغان» (Coogans Bluff) الذي ظهر في الأسواق مع فيلم أميركي آخر من بطولة إيستوود هو «أشنقهم عاليا» (Hang ›em High). عدد الأفلام التي مثّـلها إيستوود تحت إدارة سيغال أربعة. في عام 1971 أخرج إيستوود أول فيلم له هو «أعزف لي ميستي» (Play Misty For Me) الذي لم يكن وسترن أو بوليسيا كما معظم أعماله الأخرى.

شاشة الناقد

مهاجرة تبحث عن أميركا

الفيلم: The Immigrant  إخراج: جيمس غراي

أدوار أولى: ماريون كوتيار، واكين فينكس، جيريمي رَنر

تقييم الناقد:(3*) 

تطلّب الأمر سنة كاملة، منذ افتتاحه في دورة مهرجان «كان» الماضية، حتى أتيح لهذا الفيلم مباشرة عروضه الأميركية. على نحو ما، هي أيضا هجرة إلى الجمهور الأميركي كون الفيلم ليس هوليووديا ولا لجمهور «السوبر هيروز».

بطلته إيوا (مارون كوتيار التي هي دائما أفضل في أفلامها الأوروبية) تصل إلى نيويورك في عام 1921 ومعها شقيقتها الصغيرة ماغدا (أنجيلا سارافيان) المصابة بالسل. بوليس مرفأ نيويورك يقرر إرسالها إلى مصحّة في حين أن إيوا مهددة بالإبعاد ذاتها. هنا ينبري برونو وايز (فينكس) لإنقاذ إيوا من مصيرها فيرشو من استطاع ويأخذها إلى منزله. إيوا ساذجة وتعتقد أن البعض قد يفعل الخير لذاته، لكن برونو يريدها أن تنضم إلى مجموعة فتياته اللواتي يبعن اللذة. تمانع ويصر ويدخل الفيلم في متاهة الدراميات التي تتوقّف أكثر مما تمشي خصوصا بعدما دخل على الخط شاب من النوع الذي كان على إيوا أن تلتقي به أولا (جيريمي رَنر) الذي يحبّها ويريد مساعدتها فعلا.

الفيلم ليس عن الرحلة الشاقّة لإيوا وأختها بل عن نتائجها. من قبل ذلك العام الذي يضع فيه أحداث فيلمه هذا وإلى اليوم، ورغم كل شيء، ما زالت الولايات المتحدة محط الرغبة في اللجوء إليها تحديا للواقع وحلما بمستقبل أفضل. وهناك أفلام انطلقت من هذا الحلم المفصلي بينها فيلم فرنسيس فورد كوبولا «العرّاب 2» (1974) الذي يؤرخ لبداية الحياة الجديدة لدون كارليوني (كما أدّاه شابا روبرت دينيرو) وقبله فيلم إيليا كازان «أميركا.. أميركا» (1963) وتستطيع أن تقتفي الأثر إلى بعض أفلام تشارلي شابلن الصامتة في العشرينات.

لكن المخرج جيمس غراي يريد أن يوسع دائرة البحث في هذا الصدد. لا يكترث لمعاينة مفهوم «الحلم الأميركي» بل يريد أن يبقى في إطار حكاية عاطفية حول خيبة أمل سببها من سبق بطلته الحضور و«التأمرك». في الوقت ذاته، وعن حسن اختيار، أراد تقديم شخصية برونو كشخصية مركبة، وفي هذه الحالة أنت المشاهد، كما وضع بطلة الفيلم، تكاد تشعر صوبه بالعطف لكنك لا توافق عليه.

ما يحسب للمخرج غراي اختياره لمدير التصوير داريوش خندجي معتمدا عليه لتوفير المسحة العشريناتية للفيلم. الألوان حينها لم تكن هي ذاتها اليوم في تلك الأماكن الداكنة، والإضاءة بدورها لم تشع كما هو حال اليوم، وخندجي (المولود في طهران واللاجئ إلى فرنسا من عقود) من بين أفضل من يؤمّن ذلك ومن دون تكلّف يرهق الفيلم.

كوتيار تمنح الشخصية الآتية حديثا من أوروبا التجسيد الذي تستحقه، لكنها تخفق في تأمين كل العمق الذي تحتاجه تلك الشخصية. هي ذات منوال واحد هنا وفينكس هو المتعدد والأعمق. الفيلم بدوره له منوال واحد. نبرة لا تتغير في دراما لا تشتعل أو تنمو، بل تبقى هادئة أكثر مما يجب.

المشهد

أخبار من الخارج

* بينما كان المجتمع السينمائي في «كان» مشغولا بالمهرجان وأفلامه وكاميراته وسوقه التجارية وحفلاته، وفي الوقت الذي كان فيه النقاد والصحافيون يتذمرون، وعن حق، من طول الوقوف على أبواب الصالات ومن عروض «خاصة بالصحافة» نصف من فيها من غير الصحافيين، كانت الأحداث السينمائية خارج المهرجان الفرنسي لا تتوقف بالطبع عن الوقوع. وهذه بعضها:

* مدير التصوير الفذ غوردون ويليس مات يوم الأحد الماضي عن 82 سنة. وقد باشر العمل سنة 1970، وسريعا ما أصبح مدير التصوير المفضل لدى طليعة مخرجي تلك الفترة، فاستخدم موهبته في التصوير بالضوء المخرج هال آشبي في «المالك» وآلان ج. باكولا في «كلوت» و«كل رجال الرئيس» وفرنسيس فورد كوبولا في «العراب» (الثلاثية الكاملة) وروبرت بنتون في «صحبة سيئة»، وكل هذا قبل أن يقوم بتصوير «آني هول» سنة 1977، أول تعاون بينه وبين المخرج وودي ألن. ثم عاد إليه باكولا في بعض أفلامه الأخيرة «ملف البجع» (1993) و«ملك الشيطان» (1997) الذي كان آخر ما صوّره ويليس قبل اعتزاله.

* الأخوان إيتان وجووَل كووَن سيكتبان ذلك السيناريو الذي سيبني عليه المخرج ستيفن سبيلبرغ فيلمه المقبل «The BFG». عادة ما يكتب الأخوان سيناريوهات الأفلام التي سيقومان بإخراجها، لكنهما الآن رصاص في مشط سبيلبيرغ الذي يحضّر لهذا الفيلم الذي سينكش في تاريخ الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في السبعينات. الفيلم من بطولة توم هانكس في تعاون جديد مع المخرج ذاته بعد «إنقاذ المجند رايان» و«ترمينال» من بين أخرى.

* التصوير بدأ في فيلم «باتمان ضد سوبرمان» تحت إدارة مخرج المؤثرات الخاصة - بكثافة زاك سنايدر. فيه يتواجه البطلان الخارقان في معارك ضارية قبل أن يتحدا في مواجهة أعداء مشتركين. أماكن التصوير تنطلق من مدينة ديترويت الأميركية لتتجه لاحقا إلى القارة الأفريقية وجنوب شرقي آسيا. بن أفلك في دور باتمان وهنري كافيل في دور سوبرمان، وتستطيع تأييد من شئت منهما، لكن كن واثقا من أن صانعيه لن يعمدوا إلى إغضاب معجبي أي من هذين البطلين كما سنرى بعد عامين عندما سيباشر بعرض الفيلم في السادس من مايو (أيار) سنة 2016 كما تنص الخطة.

* على غرار «باتمان ضد سوبرمان» هناك فيلم، أكثر واقعية، عنوانه «سينغر ضد إيغان» أحداثه تنطلق عندما رفع الشاب مايكل إيغان الثالث قضية ضد المخرج برايان سينغر (مخرج الفيلم الركيك «عودة سوبرمان» سنة 2006 وسلسلة «رجال إكس» بما في ذلك أحدث جزء فيها الذي سينطلق للعروض خلال أيام قليلة وهو «رجال إكس: أيام المستقبل الماضي»)، متهما إياه بالاغتصاب الجنسي في حادثة تعود إلى عام 2003. سينغر تقدّم من المحكمة بطلب رد القضية على أساس أن إيغان كان سبق أن صرّح في قضية منفصلة بأنه لم يلتق اجتماعيا مع المخرج سينغر.

* وفي عالمنا العربي، هناك شركة مصرية تتمدد بالتدرج المريح اسمها «MAD»، وهي أعلنت أنها اشترت حقوق عشرة أفلام مصرية لتوزيعها عربيا من بينها «غرفة الفئران» (إخراج جماعي وكان عرض في مهرجان دبي الأخير) و«ورود سامة» لفوزي صالح، والفيلم المقبل لمحمد خان «قبل بداية الصيف». تخصص الشركة كان وسيستمر في نطاق الأفلام المستقلة والبديلة، والعروض المتوخاة ضمن صالات إماراتية ولبنانية ومصرية محددة تفاديا لاستثمار واسع قد لا يأتي بالفائدة المرجوّة، كون جمهور هذه الأفلام في العالم العربي لا يزال محدودا.

الشرق الأوسط في

23.05.2014

 
 

رسالة كان | غزافييه دولان يخطف دموع الكروازيت

عثمان تزغارت/ كان 

أهدى السينمائي الكندي غزافييه دولان (1989) الكروازيت واحدة من تلك اللحظات السحرية التي لم نشهد مثيلاً لها إلا ثلاث مرات فقط على مدى السنوات العشرين الأخيرة. التأثر الذي اجتاح الدورة 67 من "مهرجان كان السينمائي الدولي" أمس بعد عرض فيلمه Mommy، أعاد الى الأذهان الحماسة التي أثارتها روائع سابقة استطاعت بدورها هزّ وجدان رواد المهرجان، على غرار ما حدث عام ١٩٩٩، حين قدم بيدرو ألمودوفار رائعته «كل شيء عن أمي»، أو عام 2000، حين قدّم الأخوان كوين فيلمهما O'Brother الذي أصبح اليوم من كلاسيكيات سينما المؤلف، أو عام ٢٠٠٢، حين أبهر آكي كوريسماكي النقاد والجمهور برائعته «رجل بلا ماض».

سؤال واحد كان على جميع الألسن أمس: هل ستمتلك لجنة التحكيم الجسارة الكافية لمنح السعفة الذهبية الى سينمائي في الـ 25 من عمره؟ غزافييه دولان نجح في محو من الأذهان كل أفلام «الكبار» الذين سبقوه في دخول المسابقة (الأخوان داردين، نوري بيلج جيلان، ديفيد كروننبرغ، جان لوك غودار، ناعومي كاوازي...). منح المهرجان مفاجأة مدوية بلغ وقعها حدّ حجب الأضواء عن كين لوتش الذي قُدّم فيلمه Jimmy's Hall هو الآخر أمس الخميس، رغم القيمة الفنية العالية والروح الملحمية للعمل الذي استعاد سيرة زعيم اليسار الايرلندي، جيمي غرالتون (١٨٨٦ - ١٩٤٥).

وكانت الكروازيت قد اكتشفت النابغة الكندي الشاب عام ٢٠٠٩، حين قدم باكورته "قتلتُ أمي"، ضمن تظاهرة "أسبوعي المخرجين" (حصل على ثلاثة جوائز تشجيعة)، ثم عاد عام ٢٠١٠ بفيلمه الثاني «قصص الحب الوهمية»، ونال "جائزة الشباب" في تظاهرة «اسبوع النقاد». ودخل التشكيلة الرسمية للمرة الأولى في «مهرجان كان» عام ٢٠١٢، بفيلمه «لورانس في أحواله». لكن المفوض العام للمهرجان تيري فيرمو قرر عرض الفيلم في برنامج «نظرة ما» بدل مسابقة السعفة الذهبية، مبرراً ذلك «بصغر سنّ مخرجه»، ما أدى الى ملاسنة كلامية حادة بين الرجلين عبر الاعلام. ودفع ذلك الخلاف بدولان الى «مخاصمة» الكروازيت، فحطّ الرحال في «مهرجان البندقية» العام الماضي، بفيلمه الرابع «تومي في المزرعة»، حيث نال جائزة Fipresci. وإذا به يعود هذه السنة ليصنع الحدث في كان بفيلمه Mommy. إنّها قصة عائلية مؤثرة عن والدة تناضل من أجل الاحتفاظ بابنها المراهق المصاب باضطراب نفسي وسلوكي عنيف، رافضة إيداعه مصحةً نفسيةً متخصصةً. فضلاً عن الأداء المبهر الذي ظهر به الثنائي آن دورفال (دور الأم) وأنطوان أوليفييه بيلون (الابن)، أبهر الفيلم جمهور الكروازيت برؤيته الاخراجية العصرية التي استعارت رموز وتقنيات الثقافة الرقمية الشبابية الحديثة. تلاعب المخرج بمقاس الشاشة التي تم تقطيعها عمودياً، بحيث تشبه شاشة الأشرطة المصوّرة عبر كاميرات الهواتف الخليوية، ليراوغ مشاهديه خلال لحظات السعادة النادرة في الفيلم. كانت الصورة تتسع تدريجاً لتتخذ المقاس التقليدي لشاشات السينما، بشكلها المستطيل أفقياً، ثم تعود لتضيق وتصبح عمودية في لحظات التوتر والتأزم في العلاقة الاشكالية بين الام وابنها المشاكس.

واذا وافقت لجنة التحكيم برئاسة الاسترالية جاين كامبيون على الهوى العام لرواد الكروازيت، ومنحت السعفة للنابغة الشاب، سيكون غزافييه دولان أصغر سينمائي ينال «السعفة» منذ لوي مال (١٩٣٢ ــ ١٩٩٥) الذي حازها عام ١٩٥٦ عن رائعته «عالم الصمت».

الأخبار اللبنانية في

23.05.2014

 
 

المخرجة نعومي كاواسا هل تصمد أمام عمالقة السينما

العرب/ عدنان حسين أحمد/ كان 

المخرجة اليابانية تسعى بفيلمها التأملي 'المياه هادئة' إلى إثارة مخيلة أعضاء لجنة تحكيم المهرجان والتتويج بجائزة الإخراج.

حظيت غالبية الأفلام المشارِكة في المسابقة الرسمية للدورة السابعة والستين لمهرجان “كان” لهذا العام بتغطيات صحفية واسعة، لكن النقّاد السينمائيين على وجه التحديد ركّزوا على بضعة أفلام لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، في إشارة واضحة إلى احتمال فوزها ببعض جوائز المهرجان.

هذه الأفلام هي”مستر تيرنر” للمخرج البريطاني مايك لي، و”نوم شتوي” للتركي نوري بلكَه جيلان، و”تمبكتو” للموريتاني عبدالرحمن سيساكو و”المياه هادئة” للمخرجة اليابانية نعومي كاواسا.

يا تُرى، ما الثيمة التي اختارتها المخرجة اليابانية نعومي كاواسا، وهل تستطيع أن تصمد أمام هؤلاء العمالقة الذين خطفوا جوائز عالمية مهمة؟

لا بدّ من الإشارة إلى أن نعومي كاواسا من مواليد مدينة “نارا” عام 1969. درست في مدرسة أوساكا للتصوير، وتتلمذت على يد المصور شونجي دودو.

وحينما أتمت دراستها أمضت أربع سنوات كمحاضرة في المدرسة نفسها قبل أن تُنجز فيلمها المعنون “عناق” مستفيدة من سيرتها الذاتية التي سوف توظفها في غالبية أفلامها، ويبدو أن حياتها الإشكالية كانت أشبه بمنجم الذهب الذي لا ينضب.

لقد تخلى عنها والدها إثر انفصاله المبكر عن زوجته، كما تركتها أمها، فظلت في رعاية عمتها الكبرى التي أغرقتها بالمحبة والحنان. وحينما مات أبوها تفاقم وضعها النفسي، لكن هذه الحوادث المفجعة ستجد طريقها إلى أفلامها التي تجمع بين النفس الروائي والوثائقي.

في فيلمها الجديد المشارك في كان هذا العام “المياه هادئة”، تثير الجثة العائمة التي ألقتها الأمواج العاتية على ساحل البحر أسئلة كثيرة في نفس كيتو، الشاب الانطوائي اليافع الذي يتردد حتى في تقبيل حبيبته كيوكو، الفتاة الذكية التي تساعده في فهم هذه المفاجأة الغامضة التي قدّمها له البحر على غير موعد مسبق.

في جانب آخر من تطور القصة السينمائية ونموها تموت أم كيوكو، المرأة الرقيقة والجميلة ربما بسبب السرطان على الرغم من أن نزعة التقليدية الموروثة لا تميل إلى الاعتراف بالمرض، ذلك لأنهم في اليابان ينظرون إلى الطبيعة نظرة تبجيل أو تقديس إن صحّ التعبير.

وكي يصلوا إلى الاستنارة لا بدّ من خوض تجربة “التعبّد المطلق” التي تحتاج إلى التأمل الطويل، والاستغراق في التفكير بغية الوصول إلى اللحظة التنويرية التي تضيء عتمة الكائن البشري.

وربما يكون فيلم “المياه هادئة” هو خير أنموذج لما نذهب إليه، فهو يلفت عنايتنا إلى الإيمان العميق بقوة الطبيعة التي تحرِّضنا للخلاص من خطايانا، وتخفف من ألمنا الكوني.

  [نُشر في 23/05/2014، العدد: 9567، ص(16)]

مهرجان القاهرة السينمائي يبحث عن عودة جديدة

الناقد سمير فريد يرأس الدورة القادمة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي ينعقد في شهر نوفمبر القادم.

العرب/ القاهرة - كشف وفد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، المشارك في مهرجان “كان”، عن تفاصيل دورته السادسة والثلاثين، والتي ستنطلق في القاهرة في الفترة من 18 إلى 19 نوفمبر القادم، حيث بذل الوفد جهودا دعائية لاستعادة الوجود للمهرجان بعد إلغائه دورتين.

وأصدرت إدارة المهرجان نشرة خاصة بالعربية والأنكليزية وزعتها في مختلف قاعات عرض وندوات المهرجان، تضمنت أهم بنود اللائحة الجديدة، وأقسام المهرجان العشرة؛ ومنها السينما الوطنية وضيف الشرف لهذه الدورة (السينما الكردية)، ومعرض المهرجان عن مئوية ميلاد المخرج المصري الراحل بركات، وحلقة البحث عن المهرجانات السينمائية الدولية في العالم العربي، وجوائز المهرجان والجائزة التقديرية التي تحمل اسم نجيب محفوظ.

ونشرت صحيفة “فارايتي”، السينمائية الشهيرة، في الملحق اليومي الذي تصدره أثناء مهرجان “كان”، تقريرا كتبه “نك فيفاريللي” عن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي تحت عنوان “مهرجان القاهرة يعود برئيس جديد ومفهوم جديد”. ومن المعروف أن “فارايتي” هي أهم وأعرق صحف السينما والعالم، وتصدر يوميا منذ 1905، ويوزع عددها الأسبوعي في أكثر من مئة دولة.

وجاء في التقرير “بعد فترة من الاضطرابات السياسية يعود مهرجان القاهرة برئيس جديد ومفهوم جديد وموعد جديد، مشيرة إلى أن المهرجان والذي يعدّ الأقدم في العالم العربي وأفريقيا، والوحيد المسجل كمهرجان دولي في منظمة (فياف)، يعقد برئاسة الناقد السينمائي سمير فريد”.

وقال فريد إنه اشترط على وزير الثقافة المصرية عندما عرض عليه المنصب شرطين وهما “لا رقابة، والجودة العالية للعروض من حيث الصوت والصورة”.

وحسب رؤيته كان أول تغيير أحدثه فريد أن يتضمن المهرجان الأفلام التسجيلية وأفلام التحريك لأول مرة في تاريخه.

وكشف فريد عن الفيلم الأول الذي سيتمّ عرضه في مسابقة الأفلام الطويلة وهو الفيلم التسجيلي الإماراتي “أحمر أزرق أصفر”، إخراج نجوم الغانم، عن الفنانة التشكيلية الإماراتية نجوم مكي.

العرب اللندنية في

23.05.2014

 
 

فيلم "البحث".. معالجة ناقصة لحرب الشيشان

كان - سعد المسعودي 

يعود المخرج الفرنسي ميشال هازانافيسيوس إلى مهرجان كان السينمائي بعد النجاح الذي حققه فيلمه الحائز على الأوسكار "الفنان" قبل عامين، يعود هذا العام بفيلم "البحث" وتلعب فيه زوجته بيرينيس بيجو أحد الأدوار الرئيسية.

ويروي الفيلم أحداث الحرب الثانية في الشيشان بين الجيش الروسي وانفصاليين من خلال قصة طفل شيشاني يُدعى "حاجي" قُتل والداه أمام عينيه على يد الجيش الروسي، فيهرب مع شقيقه الرضيع الذي يضطر إلى تركه أمام أحد المنازل بعد أن عجز عن حمله وإطعامه ولخوفه أيضاً من بكائه المستمر الذي ربما يكشف اختباءه من قوات الجيش الروسي المنتشرة في مدينته، لكن أختهما "ريسا" تجد الرضيع بعد بحث طويل ومتعب، فيما يصل "حاجي" إلى إحدى المنظمات التابعة للاتحاد الأوروبي وتساعده إحدى المشرفات على حقوق الإنسان "بيرينيس بيجو" وتسمح له بالمبيت والعيش مؤقتاً في بيتها.

الكاميرا تكشف بشاعة الحرب

الفيلم صُوّر بكاميرا ذكية، وهي عبارة عن وثيقة عسكرية قام بتصويرها أحد الجنود الروس يوثق حالة تصفية عائلة "حاجي" وينتهي بها، مروراً ببشاعة حرب عام 1999.

ويقول المخرج عن اختياره لموضوع الشيشان: "هناك أشياء كثيرة منها نسيان من ماتوا وقمعوا في الشيشان، وهذا الفيلم يختلف عن فيلمي السابق "الفنان"، في هذا الفيلم هو موضوع "البحث" بالجرائم البشعة التي ارتكبت من قبل الجنود الروس ضد المدنيين العزل.

متابعة مصير 3 عائلات

يتابع الفيلم مصير أربع شخصيات سيقودها الصراع إلى أن تتقاطع فيما بينها، والشخصيات هي "حاجي" الذي شهد مقتل والديه ومجندة روسية نزع عنها الجيش إنسانيتها، وفتاة مكلفة بمهمة لدى الاتحاد الأوروبي مقتنعة بأنه يمكن للأفكار أن تنتصر على الإدارة.

ولا يتبنى الفيلم وجهة نظر أي من طرفي الصراع، ولكنه يتحدث عمن يتحمّل وزر الحرب، من عسكريين ومدنيين.

أفلام وجوائز

عرض فيلم "البحث" للفرنسي ميشال هازانافيسيوس في مهرجان كان 2014 ضمن المسابقة الرسمية للفوز بالسعفة الذهبية. وكان فيلم "الفنان" لميشال هازانافيسيوس دخل تاريخ جوائز الأوسكار عام 2012 بعد أن فاز بخمسة من الأصنام الصغيرة.

وتتقمص زوجته الممثلة بيرينيس بيجو في الفيلم إحدى الأدوار الرئيسية، وفازت بيجو العام الماضي بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان "كان" عن أدائها في فيلم "الماضي" للمخرج الإيراني أصغر فرهادي.

العربية نت في

23.05.2014

 
 

قصة «السعفة الذهبية»

من صحراء أتاكاما إلى سجادة «كان» الحمراء

باريس - أ ف ب 

في 24 أيار (مايو) تُمنح السعفة الذهبية وتُرفع عالياً وتُقبّل. إنها مؤلفة من 118 غراماً من الذهب مثبتة على كتلة من البلور، مستخرجة من مئات كيلوغرامات من المعدن غير الخالص من صحراء أتاكاما في بيرو، و40 ساعة عمل في سويسرا، إضافة إلى ساعات من القلق لمصمم المجوهرات.

الذهب المستخدم هذا العام متأت من «التجارة العادلة»، إذ اختيرت تعاونيتان حرفيتان من صحراء أتاكاما، وهي من أكثر صحارى العالم قحلاً من قبل صانع المجوهرات السويسري شوبار الذي ينجز ويقدم مجاناً السعفة الذهبية لمهرجان كان للفيلم.

و صحراء أتاكاما منطقة تعصف فيها الرياح والغبار ولا تستمر البلدات المجاورة لمنجمي ارويلسا وسوترامي ألا بفضل الموارد التي يكتنزها باطن الأرض على عمق مئات الأمتار.

منذ أعوام قليلة يصنف الذهب المستخرج من المنجمين على أنه ناجم عن «التجارة العادلة» أي تتوافر فيهما ظروف عمل ممتازة وتقاسم للعائدات وتأمين صحي للعمال واحترام للبيئة التي تعاني من استخدام الزئبق والسيانور.

هذا الشهادة تضيف «رونقاً لا يقدر بثمن على السعفة الذهبية» التي كانت تصنع سابقاً من ذهب أعيد تدويره على ما يؤكد المندوب العام لمهرجان كان تييري فريمو.

غرامات السعفة الـ118 هي من الذهب عيار 18 قيراطاً، وهي مؤلفة بنسبة 75 في المئة من الذهب وخليط من الفضة والنحاس. تؤخذ من مئات الكيلوغرامات من المعدن غير الخالص الذي يستخرج من ممرات من الصخر الصلب فيسحق ويحلل قبل أن يكشف عن هذا المعدن الثمين.

وتتبدل الأجواء في مشاغل شوبار في ميرين وجنيف في سويسرا، اعتباراً من مطلع آذار (مارس). فثمة خمسة أشخاص ينكبون على إنجاز هذه المهمة. ففي كل عام تصنع السعفة في الفترة نفسها.

ويوضح مدير دائرة تصميم المجوهرات الراقية لدى دار شوبار، مارك كوتيه: «إنه تقليد. شبيه بعض الشيء بتقليد البابا الذي يقرع باب القديس بطرس عند افتتاح السنة الطقسية... بالنسبة لنا إنه المفتاح الرمزي الذي يفتح لنا موسم مهرجان كان».

ويستغرق إنجاز الجائزة الشهيرة التي تضم 19 وريقة تكريماً لشعار مدينة كان أكثر من أربعين ساعة بقليل. فينبغي تصميم نموذج مصنوع من الشمع وقالب مطبوخ في فرن على حرارة 760 درجة مئوية وحقنه بالذهب وصقله وتثبيته على قاعدة بلورية من ألمانيا.

أما على صعيد المقاسات فيبلغ ارتفاع هذه السعفة القيمة 13,5 سنتمتراً وطولها تسعة سنتيمترات فيما عرضها تسعة سنتيمترات أيضاً. ويبلغ وزنها الإجمالي حوالى 1,4 كيلوغرام توضع في علبة زرقاء.

وهي حلم كل مخرج يتم اختياره للمشاركة في المسابقة الرسمية. لكن لم تكن الحال كذلك على الدوام.

فحتى العام 1954 كانت لجنة التحكيم تمنح «الجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم» وهي شهادة مرفقة بعمل فني لفنان رائج.

ومنحت أول سعفة ذهبية مثبتة على منحوتة من الفخار في عام 1955 إلى ديلبرت مان عن فيلم «مارتي». لكنها اختفت مجدداً في عام 1964 مع العودة إلى الصيغة السابقة وحصول جاك ديمي على «كأس» من يدي انوك ايميه عن فيلم «مظلات شيربور» بحسب صحافي لم يجد طريقة أخرى لوصف الجائزة.

وبعد عشرة أعوام على ذلك تسلم فرنسيس فورد كوبولا هو أيضاً عملاً فنياً وشهادة كبيرة مربكة عن فيلم «ذي كونفيرسيشن». لكنه كان الأخير.

ففي العام التالي عادت السعفة نهائياً. وصمم النموذج الراهن في العام 1997 كارولين شوفيلي رئيسة شوبار وتبلغ قيمته 20 ألف يورو تقريباً.

وتنجز دار المجوهرات السويسرية نموذجين في كل دورة تحسباً لأي حادثة أو لاختيار فائزين. وهي محاطة بإجراءات أمنية مشددة بطبيعة الحال.

لكن مارك كوتيه يعتبر أن الضغط النفسي والقلق يتأتى خصوصاً من حفل الختام موضحاً: «إننا نشعر في آن بالقلق ونتنفس الصعداء أيضاً».

وتحول كابوسه الأكبر إلى حقيقة في عام 2000. فبينما هو جالس أمام شاشة التلفزيون يتابع حفل الختام شاهد المخرج لارس فون ترير الذي كوفئ عن فيلم «دانسير إن ذي دارك»، يرفع السعفة فوق رأسه مثلما يرفع لاعب كرة قدم الكأس، لتسقط السعفة أرضاً على السجادة أمام عيني كاترين دونوف.

ويضيف: «توقف قلبي عن الخفقان لبرهة» لكن السعفة لم تصب بأي ضرر «فلحسن الحظ كانت السجادة سميكة».

الحياة اللندنية في

23.05.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)