كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

«حقن المشاعر» نظرية سينمائية ولدت فى «كان»

كتب ــ خالد محمود

مهرجان كان السينمائي الدولي السابع واالستون

   
 
 
 
 

• مخرج «نوم الشتاء» صاحب سعفة كان: نجاحى الأكبر أن يشعر المشاهد بالخجل

• مايك لى يعيد الرسام الأسطورة «تيرنر» إلى الحياة ويقول: الجمال يولد من القبح

«على المخرج أن يخاطب روح المتفرج.. إذا تمكنت فى أفلامى من حقن بعض المشاعر فى أرواح الناس فهذا فى حد ذاته النجاح بالنسبة لى. وإذا استطاعوا أن يتعلموا الخجل من بعض الأفعال، فيكون ذلك نجاحا أيضا».

هكذا تحدث المخرج التركى نورى بيلجى سيلان الفائز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائى عن منهجه الفنى، ورؤيته العميقة وبالفعل تحققت فى اعماله، وآخرها فيلمه السابع «نوم الشتاء» المتوج من اكبر مهرجانات العالم السينمائية، والذى رصد كيف تسمو الروح بالعقل ليكون اكثر ادراكا ووعيا بما يدور من حوله، فالاحاسيس عند سيلان هى التى تمردت وانتفضت أولا على واقع اجتماعى وسياسى تؤلمه حتى الضحكات.

كان المدهش ان هذا الفيلم «نوم الشتاء» الذى يعد أطول فيلم فى المهرجان، ثلاث ساعات وسبع عشرة دقيقة اتفق على تميزه وحرفيته معظم نقاد العالم وقوبل بأستحسان فاق أى فيلم آخر، وبالفعل فاز بجائزهم «الفيبرسى»، ووصفته صحيفة لوموند الفرنسية بأنه «رائع».كما انه اعتبر العمل الذى تسلل إلى منصة التتويج دون اثارة جدل نعهده غالبا فى افلام الجوائز الاولى.

أحداث الفيلم، تعالج بحسب شهادة مخرجه، الفجوة الهائلة بين الأغنياء والفقراء ومن يملك السلطة ومن لا يملكها فى تركيا المعاصرة، وهو لا يستند إلى الأحداث الراهنة التى تعيشها البلاد بل القصد منه هو استخلاص الدروس المستفادة.

وعلى الرغم من أن الفيلم صور فى فندق بقلب تركيا عند سفح جبال الأناضول، إلا أن الأجواء فيه خانقة بصورة ومحتوى يخاطب الوجدان، حيث يدور الفيلم حول الممثل المسرحى السابق المتقاعد الثرى أيدين، الذى يؤدى دوره الممثل هالوك بلجينر، يعيش فى قرية جبلية، حيث يملك فندقا وعقارات أخرى ويكتب مقالات فى صحيفة محلية ويريد تأليف كتاب عن تاريخ المسرح التركى الذى يستغل قدراته ومركزه للاستئساد على المستأجرين لديه والذى يضرب زوجته «نهال» التى تصغره بسنوات كثيرة وتعمل فى المجال الخيرى، وشقيقته نجلاء التى انفصلت حديثا عن زوجها لترويعهما..حيث يشاهد الجميع دخول الشتاء تدريجيا على الهضبة، لنرى برودة الجو وسقوط الثلج والذى يغطى الاناضول، وتكشف الصورة هنا كيف تنعزل الشخصيات داخل البيت معظم الوقت وتتصارع فيما بينها فكريا.، والنقاش الذى يدور بينهم يدور حول المبادئ والمثل، ويكشف تساؤلات ملحة حول حقيقة ما ندعيه من مبادئ أو نعتقد صادقين أننا نملكها وجاء ذلك عبر اسلوبا سينمائيا خاصا وصورة تجمع بين برودة الخارج بثلجها وسحبها ودفء الداخل بالالوان البرتقالية الحميمة فى المشاهد المصورة فى الداخل ويحركها دائما شخصيات دائمة التحول عبرحوار كتبه المخرج نفسه بالاشتراك مع ذوجته، وهنا نتذكر شهادة سيلان»خلال عمل الصياغة، وقعت بيننا جدالات كثيرة. كان ذلك ضروريا حيث أنه خلال هذه الجدالات، كنا أكثر إبداعا بعشرة أضعاف! فى نقاش مثل نقاشنا اليوم، لما كنت قد وجدت الكلمات المناسبة للفيلم. عندما نتجادل، تخرج الكلمات لوحدها».

المخرج التركى يقول إن الشخصية التى يجسد من خلالها استغلال السلطة وهى لرجل مهووس بكبريائه مأخوذة عن قصص الروائى الروسى الشهير أنطون تشيكوف، وهنا نرى حب المخرج للتعامل مع الجوانب الخفية للناس وهو ما برع فيه حيث تحمس الجميع لاعادة اكتشاف حقائق الواقع عبر ديكور، أراده بيلج سيلان على صورة تطور شخصياته.

رسام النور

هناك ادوار تعد محطات كبرى فى حياة من يجسدها من الممثلين، وربما تكون محطة العمر مثلما حدث مع الممثل البريطانى تيموثى سبال، عندما جسد شخصية الرسام البريطانى الشهير «جى. دبليو.تيرنر « فى فيلم «السيد تيرنر» الذى اطلق عليه رسام النور واقتنص به جائزة احسن ممثل من مهرجان كان السينمائى.

بدون شك جاء من خلف ابداع تيموثى المخرج الكبير مايك لى، الذى يعد أحد أهم مخرجى بريطانيا فى العقودِ الأخيرة، بفضل قدرته فى الحكى عن أشياءٍ يومية فى الحياة، فهو يجعلنا دائما نؤمن بنظرية، «خصوصية أن نكون عاديين»، وهو يقدم شخوصه كما هم مستخدما مفرداته الذكية فى الصورة والاضاءة وايضا الغوص فى مكنون الشخصية، ومن الملاحظ انه ــ كما اكد مايك لى ــ صبغ الهامة بالهام الرسام تيرنر الذى اعتبره احد ملهميه المباشرين.، حيث حكى عن حياة تيرنر نفسه التى تأثر هو بها فى حياته.

بطل الفيلم واحد من أهم رسامى بريطانيا عبر العصور، وهو هنا يعود للقرنِ الثامن عشر، ليلقى الضوء على الـ25 عاما الأخيرة فى حياة الرسام الرومانسى الاسطورة اثناء حكم الملكة فيكتوريا، والذى وُصف بأكبر رسام لمناظر الطبيعية فى القرن التاسع عشر.بضجيجها وصدماتها وجنونها وحتى يأسها، حيث يصور مواصفات رجل غريب، ثورى وبصير، ثرى قدم حوالى ٢٠٠٠٠ لوحة، وهى حياة مليئة بالترحال من عالم لأخر جادى وعميق وساخر، وعلى حد قول المخرج اذا كان صحيحا ان تيرنر فنان انفعالى ورائع وملهم فهو ايضا بنى ادم له ميزاته وعيوبه، وكان هناك تميز كبير لمدير التصوير ديك بوب فى لقطات تحكى السيرة من قلب لوحات تيرنر التى تحرك فى ثناياها مثل «لاعب البلياردو، الفنان والمعجبون به «وبالتالى تحقق حلم مايك لى فى ان يعيد قراءة حياة الرسام من فنه وبساطته العبقرية، ليشكل لوحات بصريه مضيئة كما اشار العديد من النقاد.

الفيلم يظهر كيف عاش هذا الرسام الرحالة حياةَ الوحدة، التى لم تخل من ولع وشغف بأمور عديدة، ف تيرنر عاش مع أبيه وخادمته الوفية، ونرى علاقته بزوجته التى انفصل عنها وبناته منها، بحيث أصبح لا مباليا، يميل إلى العزلة، يبحث عن مكان يطل على البحر ليرسم لوحاته، يؤمن بالضوء كمصدر للحياة، يستلهم من الطبيعة أكثر مما يرى فى البشر، ينجح فى اقامة علاقة مع أرملة تعيش بمفردها،، وتصبح رفيقته حتى وفاته، لا يبدو على وفاق مع أقرانه الرسامين المشهورين فى الأكاديمية الملكية للفنون، وبفضل موهبته وغرابة أطواره ذاع صيت هذا الفنان الذى وُصف بأكبر رسام لمناظر الطبيعية فى القرن التاسع عشر، والواقع ان الممثل تيموتى سبال، الذى قدم من قبل مع نفس المخرج فيلم « الحياة حلوة « جسد باقتدار دور رسام النور الطليعى متقمصا الشخصية ومعيدا إليها الحياة، فى حركاتها وايماءاتها وصوتها، وقال تيموثى عن تحضيره للشخصية «، خصصت سنتينن، لكى أتعلم الرسم. عكفتُ علىى دراسة عواطفه وعلاقته مع أمه التى تركت ندبات فى قلبه وكان نفسيا مضطربا بالكامل، وعلى وجه الخصوص مع النساء.

قدم مايك لى الذى عرف بواقعيته الشديدة فيلما مغايرا بفلسفة الجمال يولد من القبح من معاناة بطله لحظة ابداعه وعلاقته بالحياة والبشر والالوان كمسيرة مختلفة عن تيرنر الفنان،وكيف يتجه نحو الكهولة، ثم كيف تتدهور صحته تدريجيا ويصبح مهددا بالموت بسبب مرض فى عضلة القلب، وتوقفه عن جولات المشى التى كان يقوم بها فى الأماكن المفتوحة بجوار البحر وفى الجبال التى يستوحى منها لوحاته، فبدت صورة العمل عبر الملابس والاكسسوارات والديكورات والإضاءة بنفس عمق صاحب القصة الذى يريد أن تكون لوحاته ملكا للشعب وليست حبيسة قصر تغيب فيه عن العيون الذين صنعت لأجلهم أساسا ليوحى بأشياء فى نفوس فنانين اخرين وقال مايك « عن حياة تورنر: «كان رساما كبيرا ورائعا.. أدركت أنه كان من الممكن الاستلهام من حياة هذا الرجل الرائع بشتى الطرق.. كانت حياة تيرنر صعبة، ومما لا شك فيه أنّى أشعر بهذا التفهم وكان من مسؤوليتى أن أُنشيء حقيقة تاريخية، ولكن كانت هناك أيضا الحاجة إلى ابتكار شخصية للفيلم. وعليه، فقد بحثنا واطلعنا على وثائق رائعة.

الشروق المصرية في

04.06.2014

 
 

ماريــون كوتيــار فى «يومان وليلة» الممثلـة الأفضــل فى أجمل الأفلام!

رسالة كان: عصام زكريا 

من بين عشرات الأفلام التى عرضت خلال الدورة السابعة والستين من مهرجان «كان» السينمائى الدولى، والتى عقدت من 41 وحتى 52 مايو الماضى فى مدينة «كان» المطلة على شاطئ الريفيرا الشهير، اخترت لقراء «صباح الخير» عددا من روائع هذه الدورة التى تميزت بمشاركة فنية ثقيلة من بعض كبار مخرجى العالم مثل الفرنسى جان لوك جودار والإنجليزيين كين لوش ومايك لى والكنديين أتوم إيجويان وديفيد كروننبرج والروسى أندرية زيجانتسيف وغيرهم.

اتسمت معظم الأفلام المشاركة فى المسابقات الكبرى، المسابقة الرسمية، نظرة ما، أسبوع المخرجين، أسبوع النقاد، بالميل إلى الموضوعات الإنسانية البسيطة أو الأفلام التى تتناول حياة شخصيات فنية راحلة، وخلا المهرجان تقريبا من تلك الأفلام المثيرة للجدل على عكس سنوات كثيرة ماضية.

«يومان وليلة».. الأجمل محروم من الجوائز!

أجمل فيلم فى مهرجان «كان» هو «يومان وليلة» للأخوين جان- بيير ولوك داردان... والجمال هنا ينبع من شيئن: أولا الجمال الفنى بالمقاييس النقدية وثانيا المتعة الجمالية التى يولدها الفيلم. هناك أفلام جيدة فنيا ولكنها قد تكون ثقيلة على المشاهدين، وهناك أفلام ممتعة للمشاهدين ولكنها لا تستطيع الصمود أمام النظرة التحليلية النقدية. «يومان وليلة» من الأفلام النادرة التى تتحقق فيها الجودة الفنية والمتعة الجماهيرية. لست أعلم دوافع لجنة التحكيم التى استبعدت الفيلم من الجوائز، ولكن الأخوين داردان كانا يستحقان السعفة الذهبية بالتأكيد. وعلى الأقل كان الفيلم يستحق جائزتى السيناريو للأخوين داردان والتمثيل لبطلته ماريون كوتيار.

كوتيار التى عرفها جمهور السينما فى العالم من خلال فيلم «الحياة وردية» الذى حصلت عنه على الأوسكار تقدم هنا تمثيلا بديعا لا أعلم كيف يمكن لأى لجنة فى العالم أن تتجاهله، وسوف تكشف الشهور القادمة عن مدى الخطأ الذى وقعت فيه اللجنة عندما تكتسح كوتيار كل جوائز التمثيل فى أوروبا وأمريكا.

المشكلة الوحيدة التى ربما تكون واجهت لجنة التحكيم فيما يتعلق بفيلم «يومان وليلة» هى أن داردان حصلا على السعفة الذهبية من قبل مرتين عن فيلميهما «روزيتا» و«الابن»، كما حصلا من مهرجان «كان» أيضا على جوائز أفضل سيناريو وتمثيل وإخراج عن أفلام أخرى. ربما قال أعضاء اللجنة لنفسهم: داردان أصبحا أكبر من الجوائز، ولعل الأفضل أن نمنحها لصناع أفلام آخرين يستفيدون منها أكثر. هذا الكلام تردد فى أروقة المهرجان قبل إعلان الجوائز، ولكن لم يقنعنى. ليس من حق اللجنة أن تنظر إلى نتائج سنوات سابقة أو أن تضع فى ذهنها اعتبارات خارج الأفلام التى تقوم بتحكيمها. ولو كانت إدارة المهرجان ترى أن حصول داردان على سعفة ثالثة أمر غير مستحب فقد كان ينبغى عليها أن ترفض إدراج الفيلم فى المسابقة أو أن تصدر قاعدة جديدة تقول أن المخرج الحاصل على السعفة مرتين لا يحق له التنافس عليها مجددا.

مع ذلك فقد كان من الممكن تجنب كل هذا اللغط لو أن اللجنة منحت فيلم «يومان وليلة» جائزتى السيناريو والتمثيل، أو حتى التمثيل فقط، خاصة أن كوتيار تستحق الجائزة عن جدارة، والأكثر من ذلك أنها لم تحصل عليها من قبل بالرغم من مشاركتها فى المهرجان سابقا بأكثر من دور رائع!

يدور «يومان وليلة» حول امرأة عاملة فى أحد المصانع الصغيرة، اسمها ساندرا، زوجة وأم لطفلين يتم فصلها من عملها بناء على تصويت جرى بين زملائها تم فيه تخييرهم بين الحصول على العلاوة التى يطالبون بها وبين فصل زميلتهم. ساندرا، الخارجة لتوها من اكتئاب شديد، توشك على الانهيار مجددا، وتتماسك فقط بفضل مساندة إحدى زميلاتها بالمصنع التى تصر على اصطحابها للمدير وإقناعه بإعادة التصويت مجددا بعد نهاية العطلة الأسبوعية. ساندرا تتماسك أيضا بفضل مساندة زوجها، وهو طباخ بسيط فى كافيتريا لا يكفى راتبه لدفع إيجار الشقة وبقية تكاليف المعيشة. الزوج يشجعها على الذهاب لزيارة زملائها فى بيوتهم ومحاولة إقناعهم بالتصويت لأجلها. وتدخل فى سباق مع الزمن ومقاومة الإحساس بالهوان ومواجهة شبح الاكتئاب للحصول على تسعة على الأقل من أصوات زملائها الستة عشر خلال يومين ونصف يوم.

خلال هذه الزيارات يستعرض الأخوان داردان نماذج بشرية متباينة عرقيا ودينيا وأخلاقيا. كل واحد، أو واحدة، منهم له دوافعه التى نفهمها حتى لو كنا نرفض رد فعلهم على طلب ساندرا.

أهم ما يمكن ملاحظته فى هذا الفيلم ليس ما يعرضه الأخوان داردان على الشاشة ولكن ما ينأيان بنفسهما عن عرضه. ساندرا تعرض طلبها بدون الدخول فى مناقشات سياسية أو أخلاقية من أى نوع، وبدون أدنى محاولة لابتزاز عواطف زملائها، أو مشاهدى الفيلم. تعاطف المشاهد هنا يأتى من تأمل حياة الشخصيات وواقعهم وليس من كلماتهم. فى أحد المشاهد مثلا هناك شاب صوت فى المرة الأولى ضد ساندرا ولكنه يشعر بالذنب الشديد لأنها طالما ساعدته فى بداية عمله بالمصنع، وهو يبكى عندما تذهب إليه ولكن المشهد مقدم بشكل كوميدى خفيف يحول دون وقوع المشاهد فى فخ الانفعال الزائد الذى يمكن أن يفسد الحالة الأساسية التى يريد صناع الفيلم إيصالها. التعاطف هنا يشمل معظم الشخصيات، فيما عدا نوع واحد من البشر هو هؤلاء الذين يفقدهم الجشع وحب المال أى شعور إنسانى أو مبدأ أخلاقى. ينتمى إلى هؤلاء واحد من زملاء ساندرا هو أصغرهم سنا، شاب عنيف لا يفكر سوى فى كسب المال وشق طريقه العملى إلى الأمام ولو فوق جثث الجميع، وآخر ينتمى لنفس العمر والنوعية هو زوج لإحدى زميلاتها يحاول إجبار زوجته على التصويت ضد ساندرا، وهو ما يؤدى إلى نشوب مشاجرة بين الاثنين تنتهى بانفصالهما.. هذه النوعية ينتمى إليها أيضا رئيس الوردية المباشر فى العمل الذى اعتاد على تدبير المكائد والكذب، والذى يتبين أنه المدبر الحقيقى لفكرة التخلص من ساندرا. فيما عدا هؤلاء الثلاثة يتعاطف الفيلم مع الجميع، خاصة المهاجرين والفقراء الذين يعانون من ظروف شديدة السوء. مع ذلك فإن أكثر شخصية نبيلة فى هذا الفيلم هو شاب أسود يعمل فى المصنع بشكل مؤقت يهدده رئيس الوردية وزملاؤه بعدم تجديد عقده إذا قام بالتصويت لصالح ساندرا، ورغم أنه أكثر الجميع احتياجا فإنه يصوت لصالحها مخاطرا بتعريض نفسه للعقاب والتشرد.

فى النهاية تنقسم أصوات الزملاء إلى ثمانية مع التضحية بعلاوتهم وثمانية مع التضحية بساندرا، وهو ما يعنى خسارتها للتصويت، وعملها. العالم لا يغلب عليه الخير، ولكن لا يغلب عليه الشر أيضا، ومن يحدد ما إذا كان العالم يستحق الكفاح والنضال أم لا يستحق الحياة فيه من الأصل هو موقفك أنت واستعدادك الشخصى ودرجة تمتعك بالإنسانية والأخلاق. المدير الأعلى لساندرا، الذى يعجب بقدرتها على إقناع نصف زملائها بالتنازل عن علاوتهم من أجل زميلتهم يدعوها لمكتبه ويخبرها بأنه ينوى تشغيلها فى أقرب فرصة قادمة، بالتخلص من أحد العاملين بعقود مؤقتة.. تصبح ساندرا فى الموقف نفسه الذى كان يعانيه زملاؤها: حياة أسرتها مهددة بالفقر وخطر الطرد فى الشارع وكل المطلوب هو غض النظر عن تعرض إنسان آخر لهذا الظلم الاجتماعى بدلا منها...ضع نفسك مكانها، فماذا أنت فاعل؟؟.

صباح الخير المصرية في

03.06.2014

 
 

في فيلم "جريس أميرة موناكو"

الفن والجمال ينتصران علي السياسة.. ونيكول كيدمان في أعظم أدوارها 

أصبح من المعتاد ان يشاهد الجمهور المصري فيلم افتتاح مهرجان كان في القاهرة ثاني يوم عرضه بالمهرجان. حدث ذلك العام الماضي وشاهدنا فيلم "جاتسبي العظيم" للنجم ليوناردو دي كابريو. والاسبوع الماضي شاهدنا فيلم "جريس أميرة موناكو" هنا في القاهرة ثاني يوم افتتاح المهرجان الكبير. الفيلم اخراج الفرنسي أوليفر داهان وبطولة النجمة نيكول كيدمان في واحد من أروع أدوارها منذ فيلم "الساعات" 2003 عن حياة الأديبة البريطانية فرجينيا وولف. 

ميزة الأفلام التي تشبه "جريس موناكو" انها تعيد التذكير بوقائع تاريخية تجاوزها الزمن لأن أحداثه وقعت خلال عام 1962. في الوقت الذي كان العالم مشغولاً فيه إما بحرب تحريرالجزائر أو بأزمة خليج الخنازير في كوبا بين أمريكا والاتحاد السوفيتي. لذلك لم ينتبه أحد لتلك المقاطعة الصغيرة المسماه "موناكو" التي يحكمها الأمير الشاب رينيه الثالث "1923- 2005" الذي تزوج من نجمة هوليوود الأمريكية جريس كيلي عام 1956 وكانت نجمة شهيرة. في ذلك الوقت حصلت علي الأوسكار. وقيل ان رينيه تزوج جريس لتشجيع السياحة في إمارته الصغيرة. وكما قالت جريس في الفيلم ان حكام فرنسا كثيراً ما كان لهم اطماع في تلك الامارة الصغيرة مثل لويس الرابع عشر ونابليون واستمرت الامارة الجميلة محافظة علي استقلالها. لكن الرئيس الفرنسي شارل ديجول أظهر غضبه علي الامارة بسبب الغائها للضرائب علي المستثمرين. لقد كانوا يذهبون الي موناكو تاركين فرنسا! 

كتب سيناريو الفيلم أراش إميل واستطاع ان يحقق مقولته في بداية الفيلم "أنه سرد خيالي لأحداث حقيقية" وان كنا لا نعلم كيف يحدث ذلك في السينما.. لكن رفض أسرة أمير موناكو الحالي "ابن جريس كيلي" للفيلم يؤكد ان به الكثير من السرد خيالي. 

المخرج أوليفر واهان شاهدنا له قبل 3 سنوات فيلم "الحياة الوردية" عن حياة المطربة الفرنسية الشهيرة أديث بياف وقامت بدورها ماريون كوتيار وحصلت علي الاوسكار. ويبدو ان نجاح داهان في تقديم السيرة الذاتية لمطربة فرنسا جعله يفكر في تقديم سيرة أميرة موناكو. وان كان السيناريو اختار سنة واحدة وهي عام 1962 لسرد أحداث الفيلم. وما كان أحد يتوقع ان يجد السيناريست أو المخرج شيئاً ذا قيمة درامية مثيرة تجذب المشاهد في حياة جريس كيلي التي تركت هوليود وأصبحت أميرة لمقاطعة صغيرة جميلة "موناكو" بعيدة عن كل المشاكل السياسية والصراعات الشهيرة. ولكن الفيلم صنع كل هذا سواء علي المستوي الشخصي في حياة الأميرة التي أظهرها الفيلم تعاني من التعاسة الزوجية مع الأمير رينيه بعد انجاب طفلين. أو صراعها الدااخلي عندما استجابت لدعوة المخرج الشهير هتشكوك للعمل معه واستقبلته بالفعل في قصرها ولم تخرج جريس من صراعها الداخلي بين الفنانة والأميرة الا عندما واجهت التهديد الفرنسي للامارة فاختارت الوقوف الي جانب زوجها وأسرتها وشعب الامارة من أجل الحفاظ علي استقلالها. 

أشار الفيلم الي مؤامرة شقيقة الأمير رينيه ضده من أجل وصول ابنها لحكم الامارة. ولا أحد يعرف ان كان ذلك من "السرد الخيالي" أم من "الوقائع الحقيقية"!. كما أكد الفيلم علي العلاقة الروحية القوية بين الأميرة جريس والأب فرنسيس تاكر والذي قام بدوره الفنان العظيم فرانك لانجيلا. لكن لماذا ترك الامارة وعاد الي وطنه أمريكا؟.. وهل لذلك علاقة بالشائعات التي كانت تتحدث عن علاقات غرامية لجريس خارج الزواج. لكن السيناريو تعمد عدم الاشارة الي ذلك لان من الطبيعي ان يرفض الأب تاكر ان يظل أباً روحياً لزوجة خائنة! 

جاءت المشاهد الأخيرة في الفيلم قوية ومعبرة قبل وأثناء انعقاد مؤتمر الصليب الأحمر والذي دعي اليه الرئيس الفرنسي ديجول. نزلت جريس من السيارة وصافحت أفراد من شعب الامارة قبل ان تصافح ديجول. كذلك وجهت الدعوة لمغنية الأوبرا الشهيرة ماريا كالاس لتغني في الحفل. في اشارة الي الدور العظيم للفنون في قهر السياسة. وبالفعل تنتصر الأميرة جريس بالفن والجمال علي المؤامرات السياسية. وهنا علق ديجول بغضب قالاً "انها أفروديت موناكو" وهي ربة الجمال عند الاغريق. كما حضر وزير الدفاع الأمريكي للمؤتمر في اشارة لوقوف أمريكا مع موناكو ضد الاطماع الفرنسية. وكان أداء نيكول كيدمان أكثر من رائع لأنها في الحقيقة لا تقل عن جريس كيلي سواء في الجمال أو قوة الشخصية. وقال أحد الحاضرين هل يستطيع ديجول ان يلق بقنبلة علي جريس الجميلة.. لقد انتصرت وانتصر المخرج اوليفر داهان كواحد من أفضل مخرجي السيرة الذاتية في تاريخ السينما. 

الجمهورية المصرية في

03.06.2014

 
 

أسامة عبد الفتاح يكتب: 

"جريس أميرة موناكو" فيلم مناسب لافتتاح "كان".. فقط! 

** الوقائع التاريخية تاهت وسط الخيال البوليسي الركيك.. وأداء نيكول كيدمان أكبر من الفيلم

** الولايات المتحدة رفضت توزيعه رغم تمجيده "البطلة الأمريكية".. والعائلة الملكية تبرأت منه

للعام الثاني على التوالي، يشاهد المصريون فيلم افتتاح مهرجان "كان" السينمائي الدولي، الذي اُختتمت دورته السابعة والستون أمس الأول الأحد، في نفس توقيت عرضه بالمهرجان الأهم والأشهر حول العالم، وذلك بعد عرض فيلم "جاتسبي العظيم" بدور السينما المصرية في نفس يوم افتتاح الدورة السادسة والستين العام الماضي، وإن كان فيلم "جريس أميرة موناكو" – فيلم افتتاح العام الحالي – بدأ عرضه في مصر في اليوم التالي لافتتاح "كان"، أي الخميس 15 مايو الحالي.

وبعد أن شاهدت الفيلم في إحدى دور العرض بالقاهرة الأسبوع الماضي، اكتشفت أنه يحقق معادلة خاصة به وحده، حيث أنه – من ناحية – مناسب تماما لافتتاح مهرجان "كان"، لكنه – من ناحية أخرى – فيلم صغير وغير متماسك ومخيب للآمال والتوقعات الكبيرة التي سبقت عرضه، سواء لأهمية وثراء الشخصية التاريخية التي يتناولها، وهي النجمة الهوليوودية الشهيرة جريس كيلي (12 نوفمبر 1929 – 14 سبتمبر 1982)، التي أصبحت أميرة موناكو بعد زواجها من الأمير رينييه الثالث في 18 أبريل 1956، أو لأهمية مخرجه الفرنسي أوليفييه داهان (47 عاما)، الذي سبق له تحقيق نجاح دولي كبير عندما قدم سيرة أخرى، هي قصة حياة المطربة الفرنسية الشهيرة إديت بياف، في فيلمه "الحياة الوردية" عام 2007، والذي فاز بجائزتي أوسكار، إحداهما لبطلته الفرنسية ماريون كوتيار عن تجسيدها دور بياف، والأخرى لفنان الماكياج ديدييه لافارني.

كان الفيلم مناسبا لافتتاح "كان" لأنه يتناول سيرة نجمة شهيرة وأميرة محبوبة، وتلعب بطولته نجمة شهيرة أخرى من شأنها إثراء حفل الافتتاح إذا سارت على بساطه الأحمر، وهي نيكول كيدمان، بالإضافة إلى أن مخرجه مواطن فرنسي.. أما أهم الأسباب، فهو أن أحداثه تدور في إمارة موناكو التابعة بشكل أو بآخر لفرنسا، والقريبة جدا من مدينة "كان" الفرنسية نفسها، حيث لا يفصل بينهما سوى 55 كيلومترا.

خفة وسطحية

لكن الفيلم لا يصلح لما هو أكثر من افتتاح مهرجان "كان"، ولا يصمد للمنافسة في مسابقة أي مهرجان دولي، ولذلك عرضته إدارة "كان" خارج المسابقة، رغم أنها كثيرا ما أشركت فيلم الافتتاح في المسابقة في السنوات الماضية.. ولا يعني ذلك أنه فيلم جماهيري، فهو لا يصلح أيضا لتحقيق إيرادات عالية في أي دولة حول العالم، لأنه عمل ضعيف وغير متماسك، ويسيطر عليك بعد مشاهدته الشعور بأنه فيلم صغير، ليس لأن ميزانيته محدودة (30 مليون دولار فقط)، ولكن لأنه يفتقد إلى العمق ويتميز بالخفة والسطحية، ويعاني من ركاكة السيناريو وحبكته الدرامية الخائبة القائمة - في جزء كبير منها - على حلول بوليسية ساذجة.

وربما لذلك تم تأجيل العرض التجاري للفيلم في الولايات المتحدة إلى أجل غير مسمى، رغم تمجيده "البطلة الأمريكية" جريس، التي يظهرها في صورة منقذ موناكو المخلِّص.. وجاء ذلك على خلفية خلاف حاد بين مخرجه وبين الموزع الأمريكي هارفي واينستاين، الذي طلب إعادة مونتاج الفيلم وإدخال تعديلات عليه رفضها داهان، واتهم واينستاين في الصحف بأنه خان الفيلم وقيمته  الفنية لأسباب تجارية خسيسة. وقال إن هناك حاليا نسختين للفيلم، إحداهما خاصة به والأخرى خاصة بالموزع الأمريكي، واصفا ذلك بأنه كارثة بكل المقاييس.

ولعل سطحية الفيلم أيضا كانت وراء وصف العائلة الحاكمة في موناكو له بأنه "مهزلة"، مؤكدة أنه بعيد عن الواقع كل البعد. وقال الأمير ألبير الثاني، أمير موناكو الحالي، وشقيقتاه الأميرة كارولين والأميرة ستيفاني، أبناء جريس كيلي والأمير رينييه الثالث، إن الفيلم يعتمد على "مصادر تاريخية خاطئة ومشكوك فيها"، وإن طبيعته "خيالية تماما."

وأضافوا - في بيان مشترك - أن العائلة الأميرية لا تريد بأي حال الارتباط بهذا الفيلم الذي لا يعكس الواقع وتبدي أسفها لسرقة تاريخها لأغراض تجارية محضة. وأوضحوا أن المخرج أوليفييه داهان والمنتجين رفضوا أن يأخذوا في اعتبارهم الملاحظات التي أبداها القصر والتي تشكك في النص كله وشخصيات الفيلم.

عرض هيتشكوك

ومن ناحيتها، أعربت النجمة الأسترالية نيكول كيدمان، بطلة الفيلم، عن استيائها لوصف العائلة الحاكمة فى موناكو للفيلم بـ"مهزلة تاريخية" قبل مشاهدته كاملا. ويُذكر هنا أن الأمراء الثلاثة كانوا قد شاهدوا المقدمة الدعائية للفيلم فقط. وقالت: "أعرف أنه من الصعب على أبناء الأميرة جريس أن يشاهدوا قصة حياتها على شاشات السينما، ولكن أود أن يعلموا أن كمية هائلة من الحب والاحترام كانت وراء كل مشهد بالفيلم". وأشارت إلى أنها آسفة لعدم تلبيتها دعوة العائلة الملكية لتناول الغداء معهم قائلة: "لقد دعوني إلى تناول الغداء ولكنني وقتها كنت أعمل 6 أيام في الأسبوع ولدي أطفالي الصغار بالإضافة إلى عنايتي بوالدتي، ومن الصعب اصطحاب كل هؤلاء الأشخاص إلى القصر لتناول الغداء".

ويدور الفيلم حول الفترة التي تلت زواج جريس من الأمير رينييه حاكم إمارة موناكو بست سنوات، أي عام 1962. وقد اختار كاتب العمل، أراش أميل، هذه الفترة تحديداً لأنها السنة التي عرض فيها المخرج الكبير ألفريد هيتشكوك على جريس العودة للتمثيل وقبول بطولة فيلم "مارني".. وقد فكرت الأميرة في الموافقة، إلا أنها قررت في النهاية الرفض للوقوف إلى جانب زوجها خلال أزمة بلاده مع فرنسا.. ففي نفس السنة، هددت باريس إمارة موناكو بدفع الضرائب أو بضمها إلى فرنسا، وفرضت حصارا على البلد الصغير للضغط عليه.

كان من الممكن أن يكفي هذا المحور، الذي لا يسرد سوى جزء يسير من قصة حياة جريس، لعمل فيلم جيد لو كان صناعه قد تعمقوا فيه ومنحوه ما يستحق من بحث ودراسة وكتابة درامية رصينة، لكن الفيلم اتسم بالخفة في التناول والمعالجة، بدءا من رسم بعض الشخصيات الرئيسية وحتى الحبكة الدرامية نفسها.. وعلى سبيل المثال، تم تقديم شخصيتي ديجول وهيتشكوك - وكلاهما من العظماء - بشكل كاريكاتوري مضحك نال منهما ومن تأثيرهما في الفيلم، ولم يكن لذلك أي مبرر درامي.

خطبة عصماء

واتسمت الحبكة الدرامية بمسحة بوليسية خائبة كما أسلفت، فوصيفة الأميرة جريس هي التي تكشف مؤامرة الأميرة أنطوانيت، شقيقة رينييه، للإطاحة بشقيقها من العرش والجلوس مكانه بالاتفاق مع فرنسا، ويتم ذلك بطريقة أمريكية نمطية، حيث تستأجر - من تلقاء نفسها - مخبرا خاصا لتصوير الأميرة الأخت وإثبات خيانتها.. وعلى طريقة أجاثا كريستي، يجعلنا الفيلم نشك في البداية في الوصيفة نفسها قبل أن "يفاجئنا" بخيانة الشقيقة، وكان ذلك كله غريبا على أجواء الفيلم.

ووسط هذا الخيال البوليسي الركيك، تاهت الحقائق التاريخية.. صحيح أن الأميرة أنطوانيت تآمرت على شقيقها، وتم نفيها من الإمارة بمعرفة جريس كيلي، لكن التاريخ لا يذكر شيئا عن الوصيفة وخطتها الأمريكية، والأهم أن ذلك تم قبل عام 1962 بفترة طويلة.. كما أن التاريخ لا يذكر شيئا عن حفل الصليب الأحمر الدولي الذي استضافته موناكو في نفس العام، والذي حضره ديجول، ولا عن الخطبة العصماء التي ألقتها الأميرة جريس خلاله، وأثرت بها على الزعيم الفرنسي وجعلته يفك الحصار ويتراجع عن طلب الضرائب، في نهاية سعيدة وغير مقنعة ترضي غرور الأمريكيين الساعين دائما لأدوار البطولة حول العالم، والمتعطشين دائما لانتصار ثقافتهم الوليدة على الثقافات الأخرى مهما كانت عراقتها.

والحقيقة أن فرنسا ديجول كانت مشغولة في ذلك العام (1962) بأزمة خليج الخنازير بين أمريكا وروسيا، والحصار الأمريكي لكوبا، والذي بدا معه حصار فرنسا لموناكو مضحكا. كما كانت باريس مشغولة بالاستفتاء على انتخاب الرئيس بشكل مباشر من قبل الشعب وليس عن طريق البرلمان، ولذلك أنهى ديجول أزمة موناكو سريعا، بعد الاتفاق على الاكتفاء بجباية الضرائب ممن لا تتجاوز مدة إقامتهم في الإمارة خمس سنوات، ومن الشركات ذات الأصل الفرنسي التي لا يتجاوز حجم أعمالها في موناكو ربع إجمالي أعمالها.. وليس هناك أي إشارة لأي دور لعبته جريس لإنهاء الأزمة.

أفضل ما في الفيلم كان أداء نيكول كيدمان في حدود السيناريو المتاح، ولا أبالغ إذا قلت إنه أكبر من العمل ككل.. ويبدو أن المخرج انبهر مثلنا بأدائها، وبعينيها الجميلتين، فانشغل طوال الوقت بتصوير لقطات قريبة جدا لوجهها، وزاد الأمر عن حده في الكثير من الأحيان، مما تحول إلى عيب آخر في الفيلم، الذي لا تنقصه العيوب.

جريدة القاهرة في

02.06.2014

 
 

العالم السرى للفنانين فى ثلاثة أفلام عالمية

كان: احمد عاطف 

مغلق هو رغم اتساعه، وشخصي رغم معانقته العالم، ومؤلم رغم محاولته لانتاج البهجة. تلك هى صفات الحياة الشخصية للفنانين كما قدمتها ثلاثة أفلام مهمة بمهرجان كان السينمائى الدولي الذي انتهى منذ ايام.

أول تلك الافلام هو مستر تيرنر للمخرج البريطانى الاشهر مايك لى.  وهو بورتريه شديد الحدة للرسام الانجليزى العظيم ويليان تيرنر. يغوص الفيلم في عصر الملكة فيكتوريا وبداية الثورة الصناعية في اوروبا حيث بدأ سوق الفنون في انجلترا في الرواج ولعب دورا كبيرا في الحياة الاجتماعية، ليصبح الفن التشكيلي اهم سلعة في السوق كما لم يكن من قبل. يركز الفيلم علي اخر عشرين عاما من حياة مستر تيرنر قبل ان يلفظ انفاسه الاخيرة. وعلى قدرما عكست لوحات الرجل عشقه للخطوط اللا نهائية وللافق الفتوح المتمثل في لوحات البحر، لكن روحه لم تكن بكل تلك الرحابة. حيث يبدو الرسام الكبير في الفيلم بلا قلب تقريبا. لا شىء يشغل تفكيره ولا ايامه سوى اللوحات الجديدة. لا يعطى اى وقت لابنته بل يكاد لا يعترف بها، ولا تبدو عليه ملامح تعاطف مع والده المريض الذي يساعده في كل اعماله، ولا اى رحمة تجاه خادمته المصابة بمرض جلدى يتفاقم شيئا فشيئا. لكن الفيلم فرصة رائعة لمحبي الاعمال التشكيلية العظيمة لمطالعة اهم اللوحات بالرويال اكاديمى بلندن، او بمقر اللورد ايجريمونت التاريخى احد داعمى تيرنر. وبتأمل لوحتيه الخالدتين : جسر برايتون وقناة شيشستر، او حتى لاستعادة عظمة مرسمه الخاص بشارع كوين ان الشهير. حتى عندما اقترن ويليام تيرنر بسيدة صاحبة فندق، لم يعطها اى وقت او اهتمام حقيقى لها لانغماسه الكامل في لوحاته، وهي قبلت لانها ببساطة احبته وآمنت بما يفعل. يظهر الفيلم كيف دبت الغيرة في اوصال تيرنر عند بداية اختراع التصوير الفوتوغرافي وبدأ يتحدى نفسه بمزيد من الاعمال الفنية الرائعة التى بقيت مع الزمن مثل لوحة العاصفة الثلجية ( 1942). وظل حلم تيرنر الذي تحقق ان تبقي اعماله ليشاهدها مجانا محبو الفنون وان تكون ملكا للشعب البريطانى وهو ما جعله يرفض مبالغ ضخمة عرضت عليه لشراء مجموعته الكاملة.

وكل ذلك جعل الفيلم يحصل على جائزة احسن ممثل للفنان الانجليزى المخضرم تيموثي سبال.

آما الفيلم الاخر الذي حبس الانفاس من هذه الفئة فكان فيلم خرائط النجوم للمخرج الكندى الكبير دافيد كروننبرج وهو التى حصلت به النجمة الامريكية جوليان مور علي جائزة احسن ممثلة بالمهرجان. الفيلم عن بشاعة المنافسة في مجتمع هوليوود المعاصر داخل عوالم الممثلين ونجوم الصف الثانى.  فجوليان مور تلعب دور هافانا الممثلة الناجحة التى  تسيطر عليها كل المشاعر السلبية للخوف من الفشل. وتبدو في سعيها للعب دور في فيلم جديد عن شخصية امها المتوفاة كمن يبيع روحه للشيطان وعلى استعداد لفعل اى شيء من اجل الحصول على الدور. من ممارسة الجنس كرشوة مع وكيل المخرج، لارسال وكيلتها لحياكة مؤمرات لخطف الدور، حتى تمني الموت للطفل ابن الممثلة التى تم اختيارها للدور. تقبل هافانا فتاة تعمل لديها سكرتيرة شخصية وتتعجب ان اجزاء من جسمها محروقة. تضع الفتاة الاعذارالمناسبة لهافانا قبل ان نكتشف ان هى التى اضرمت النار في بيتهم القديم في ولاية اوراجون وكادت تحرق عائلتها واخيها الاصغر. نعرف لاحقا انها جاءت للوس انجلوس لتطلب الصفح من ابيها وامها ، لكنهما يرفضان ويطردها ابوها بعنف من منزلهم. تبدو الفتاة عازمة علي الانتقام منهم فتسرق خاتم زواج والدها، ثم تذهب لتعرض نفسها على اخيها المراهق الذي اصبح من النجوم الاطفال في هوليوود. تمضي في قصة حب مع سائق ليموزين هو الاخر يكتب السيناريوهات ويبحث عن فرصة لاختراق مصنع الاحلام. يموت الطفل ابن الممثلة التى تلعب دور ام هافانا فيعود الدور لها، وتسرق هافانا السائق من حبيبته سكرتيرتها وتمارس معه الجنس، فتقتلها السكرتيرة ثم تذهب لتصب لعنتها لتقتل امها شخصيا حيث يظهر انها تمارس السحر  ، ثم تذهب تلك الفتاة  للزواج من اخيها المراهق الممثل المشهور وهى تؤدى معه طقوسا ملعونة. عالم تسيطر عليه هواجس السادية والاكتئاب والمهدئات والكوابيس المزعجة ، هو ما يراه كروننبرج في مجتمع هوليوود الحالي. عالم لا يقود الذين يعيشون فيه او الطامحين في اختراقه الا الى مزيد من اللعنات والصور المتقدمة من بشاعة الروح

ثالث الافلام في كان عن حياة الفنانين كان فيلم سان لوران عن اسطورة الموضة ايف سان لوران. لم يتحدث هذا الفيلم فقط عن الروح الجدباء لايقونة الازياء الشهيرة، لكنه استخدم اسلوبا سينمائيا جافا هو الاخر رغم العالم الصاخب الملون الذي احتلته احداث الفيلم. لم يستطع المخرج برتران بونيلو ان يقدم اي بعد انسانى رحيم او عميق بحياة سان لوران، انما مشاهد طويلة من السهر والمخدرات وممارسة الجنس المثلى مع رفقاء بأجساد بلا ارواح كما قال سان لوران بلسانه عنهم في الفيلم. لم يقدم الفيلم اسباب عبقرية هذا الفنان او حتى مصادر وحيه او المشاعر التى يكنها لاى شخص. حتى كلبه الذي ينعته بانه ابنه طوال الوقت، جعله يتناول المخدرات مثله حتى مات. الانانية هنا ايضا هى الملمح الاساسى في حياة مصمم الموضة الاسطوري، لكن وظيفة المعالجة الدرامية  عادة ان تجعل هذه الصفة تظهر بجوار صفات اخري ولا تحتل المشهد وحدها للدرجة التى تجعل اى متفرج قد لا يتعاطف مع الشخصية الرئيسية للفيلم. و لعل هذا ما جعل فيلم سان لوران لا يلقي اى نجاح بالمهرجان. كم هي مؤلمة عوالم الفنانين لأصحابها، لكن هل يقصد مخرجو تلك الافلام ان يظهروا كم هى سوداء ومغلقة بلا اى انسانيات امام الجمهور ايضا؟

الأهرام اليومي في

30.05.2014

 
 

ترانيم الإنسان المعذب فى أفلام مهرجان كان 

كعادتها كل عام، استطاعت الافلام المعروضة بمهرجان كان السينمائى الدولى ان تمنح فرصة ضخمة لتأمل حال الانسان فى العالم. ليس فقط بأفلام المسابقة لكن بكل الاقسام الموازية. وجعلتنا نستطيع ان نرى ان الظرف العالمى الخالى يدخل الإنسان فى متاهات وانفاق مظلمة ربما أكثر من التى كان يعانيها فى ظل ازمنة اقل تطورا،

 وعوالم اقل فرصا من الممنوحة له اليوم. شاهدنا حفنة من الافلام لاهم صناع السينما فى العالم عن فشل الانظمة الاجتماعية الاوروبية فى ضمان الحد الادنى من الكرامة لمواطنيها. منها فيلم ( يومان وليلةلمخرجى بلجيكا الاكبر الأخوان بيير ولوك داردان،  الذى ارتكز على موقف درامى عبقرى يترجم الخلل فى المجتمعات المسماة نيولبيرالية.

فالفيلم التى قامت ببطولته النجمة الفرنسية ماريون كوتيار يحكى عن ساندرا الموظفة فى احد مصانع الطاقة الشمسية التى تتعرض لانذار بالفصل من العمل بسبب مرضها بالاكتئاب اكثر من مرة. لكن مديرها يعقد الموقف بقيامه باقتراع سرى بين زملائها لاستبعادها فيوافقون. الحبكة الدرامية قائمة على طلبها من المدير اعادة اجراء الاقتراع مرة اخرى لانها تتهمه بالتأثير عليهم. وطوال الفيلم تقوم ساندرا بالمرور على زملائها لاقناعهم بالتصويت لها، خاصة بعد ان قال المدير لهم انه سيخصم مبلغ 1000 يورو قيمة مكافأتهم السنوية لتدبير مرتب زميلتهم.  وعلى قدر ما تواجه ساندرا بردود فعل كثيرة عنيفة من بعضهم، تدفعها للانتحار بعد احدى المرات. لكنها تفاجأ برقة قلب كثيرين حتى ممن هم ظروفهم اسوأ منها ماديا. مثل شاب من افريقيا عقده مؤقت ومهدد من المدير، ورجل من اصول عربية، بل وسيدة بلجيكية زميلة لها تركت زوجها وطلبت منه الطلاق عندما كاد يضربها بسبب رغبتها فى الوقوف بجانب زميلتها. التباين فى المواقف الانسانية تجده فى اى بلد بالطبع، لكن الصدمة هنا ان نظاما اجتماعيا اوروبيا مثل البلجيكى -التى تستضيف مقر الاتحاد الاوروبي-لا يوجد به ضمانات كافية لحماية الموظفين من الطرد فى اى لحظة. وهو ما يضحد الاساطير عن احترام البشر الى اقصى حد فى البلدان الاوروبية. وليس الحال بافضل فى روسيا مثلا، ففيلم   Leviathan الحائز على جائزة السيناريو بالمهرجان يتحدث عن نهاية العالم بالمعنى الانسانى والفلسفى من خلال رجل مهدد بالطرد من بيته فى شمال روسيا مع زوجته وابنه، من عمدة المدينة الذى حصل على الارض المقام عليها بيت، بحيلة وبسعر بخس . وعنوان الفيلم المستمد من الكتاب المقدس معناه«وحش يمزج بين الحوت والتمساح والثعبان فى ذات الوقت»، وهو رمز للمجتمع الذى يلتهم الانسان بفضل كثرة الصراعات التى يخوضها والاطماع التى تحيك به. عمدة المدينة الثمل البارد الذى يريد طرد الرجل يذكرك ببطل فيلم كل رجال الملك(1949) وكذلك بشكل بوريس يلتسين !! يلجأ البطل لصديقه المحامى الذى قدم لانقاذه من موسكو ليتضح بعد ذلك ان هذا لم يكن هدفه. بل اقامة علاقة مع زوجة صديقه وهذا ما نجح فيه. يظهر الفيلم عالم من الرجال المليئين بالعنف النفسى والجسدى ينفثون نارا طوال الوقت ورغبة فى الايذاء. بينما يسخر الفيلم فى مشهدين بالمحكمة من تلاوة آلية لنصوص قوانين جائرة لا تطبق الا على الضعفاء. كثيرة هى ملامح التأثر فى هذا الفيلم بالافلام العالمية الشبيهة مثل العهد القديم لاليا كازان، والتضحية للروسى العظيم تاركوفسكى وكذلك بأعمال تشيكوف. وبفيلمه السابق الينا وبهذا الفيلم اصبح المخرج اندريه زفياجنتسيف من اهم مخرجى روسيا واروربا

اما ما سمى بتحفة المهرجان هذا العام فكان فيلم ( البيات الشتوى ) للمخرج نورى بلجى سيلان. و نحن هنا بإزاء ترنيمة اخرى حادة من عذابات البشر. قصة الممثل المتقاعد أيدن الذى مازال يحلم بلعب دور ( آلهرغم أنه تقاعد ويقيم بفندق يديره ضمن عدة املاك فى منطقة الاناضول. وعندما يهجم الشتاء تبدأ معاناة الشخصيات فى الظهور. يبدو البطل كرجل نبيل مشغول الان بكتبه ومقالاته فى مجتمع جاهل وبدائى حتى يسقط القناع عنه ليبدو شخصا انانيا ومستعبدا للاخرين كما تتهمه زوجته الشابة التى بدأت تبحث عن طلاقها منه، رغم انشغالها فى العمل بالمشروعات الخيرية. اهل القرى المجاورة يكرهونه لاذلالهم عن طريق رجاله وحتى اخته تعبر عن كونه شخصا لا يحتمل. ومساحة الفيلم الطويلة ( 3 ساعات ونصفسمحت بروح تأملية هائلة سواء لعالم القاهرين او المقهورين. البيات الشتوى الذى يذكرنا بأعمال المخرج السويدى الاشهر انجمار برجمان، يظهر الى اى درك سحيق من التوحش والبؤس وصلت النفس البشرية فى المجتمع الحديث. امام القرية حمدى لا يتوقف عن اذلال نفسه تزلفا للبطل الغنى، بينما يترك الاخير نفسه لشيطان الكبر والغرور وعبادة الذات. وبعد لقطات رائعة للاناضول فى وقت الشتاء مع مصوره المعتاد جوخان ترياكي، لا يجد البطل حلا لانقاذ حياته الا بالذهاب لمدينة اسطنبول مع زوجته. لكن بلا جدوى حيث لا امل فى انقاذ نفوس تيبست بفعل تحكم اسوأ الطباع فيها فى أسوأ الظروف. آفة الفيلم انه متخم بالحوار حيث لا مكان لاى متفرج لكى يتأمل أو يتفاعل، لكنه فى النهاية نوع من السينما السيكولوجية وجدت لها صدى عند متفرجى المهرجان ولجنة تحكيمه.

يبقى ألطف افلام المسابقة الرسمية وليس اعظمها هو ( حكايات متوحشةللارجنتينى داميان زيفرون وانتاج المخرج الاسبانى الكبير بدرو المودوبار. وعن حق استطاعت القصص التى يحكيها الفيلم ان تؤكد لنا ان الحياة فى احد وجوهها هى العبث بعينه. لست قصص عن ستة شخصيات تصاب بالغضب والجنون بسبب مواقف اجتماعية تخرجها عن العقل وتضطرها لفعل اشياء غريبة خارج السياق المقبول. اول قصة قبل التترات عن موديل تكتشف على متن طائرة ان حبيبها السابق  جمع كل من قهروه وظلموه فى حياته على متن طائرة لينتقم منهم جميعا باسقاط الطائرة. حتى الناقد الذى كتب عنه بشكل سيئ وصديقه الذى خانه ومعلمته التى ضربته، الكل. وقصة اخرى عن مشاجرة لفظية بين سائقين على الطريق تتطور لسلسلة من ردود الفعل  الانتقامية التى تؤدى بهما لكى يحترقا سويا. وثالثة عن مهندس يقرر تفجير موقف ادارة المرور التى دأبت على سحب سيارته بالونش لوقوفها بأماكن مخالفة لكن ليست عليها علامات ممنوع الانتظار. وقصة اخرى عن رجل ثرى يريد التغطية على جريمة قتل خطأ قام بها ابنه الشاب وهو يقود، فيقع فى سلسلة من المؤامرات من محاميه والمحقق. وشابة تكتشف اثناء حفل زفافها ان عريسها دعا احدى عشيقاته للفرح، فتقرر تحويل الحفل لفضيحة كبيرة وتخونه مع الطباخ على سطح الفندق ثم تحطم عظام العشيقة، قبل ان ترتمى فى احضانه صافحة عنه فى النهاية. الروح الكوميدية الوثابة بالفيلم لا تمنعنا من تحليل المجتمع الارجنتينى وما فعله بشخصياته الى حد وصولهم لهذا الجنون. ثمة ثقوب وخلل بالنظام الاجتماعى هناك يصل بالفرد الى هذا الخرف. طبعا تحتل الهوة كبيرة بين الاغنياء والفقراء رأس المثلث وانتشار الفساد احد اضلاعه، وانهيار القيم يحتل الضلع الاخير. كل تلك الافلام وغيرها اثبتت ان وضع الانسان فى العالم الان هو منتهى البؤس، وانه لا حل له بالانعاق من هذا الهوان الا بالبحث عن حلول اخرى اكثر روحانية.

الأهرام اليومي في

28.05.2014

 
 

«نوم الشتاء» يفوز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان ومخرجه يهدى الجائزة لشباب تركيا ضحايا المظاهرات

جوليان مور أفضل ممثلة.. تيموثى سبال أفضل ممثل يعترف بمرضه ويحمد الله لبقائه على قيد الحياة

خالد محمود  

فى لحظة هى الاهم لصانعى الافلام المشاركة فى اكبر مهرجانات السينما العالمية، اعلنت مساء امس جوائز مسابقة الدورة السابعة والستين لمهرجان كان السينمائى الدولى، التى شهدت منافسات قوية لحوالى 18 فيلما، كلها جاءت محملة بهموم واقع واحلام مستقبل.

كشفت لجنة التحكيم برئاسة المخرجة النيوزيلاندية جين كامبيون عن فوز الفيلم التركى نوم الشتاء نورى بيلج سيلان بجائزة السعفة الذهبية، وقد اهدى نورى السعفة لشباب تركيا وخصوصا لمن ماتوا فى مظاهرات العام الماضى حسب قوله «انها مفاجأة كبيرة لى، لم أنتظرها، ولا اعرف ما أقوله. نشهد هذا العام الذكرى المئوية للسينما التركية، وبالتالى فهذه صدفة رائعة. أشكر مهرجان كان الذى وفر الدعم لهذا المشروع الطويل. وشكرا للجنة التحكيم ولتييرى فريمو ولجيل جاكوب مسئولى المهرجان.. وأود اهداء هذه السعفة الذهبية الى الشباب فى تركيا والى كل من فقَد حياته هذا العام»، «وفاز الممثل تيموثى سبال بجائزة افضل ممثل عن دوره فى فيلم «السيد تيرنر» وبدا الممثل متأثرا للغاية وشكر المخرج مايك ليى، صديقه منذ 33 سنة وممثله فى سبعة أفلام. كما تحدث الممثل عن مرضه بسرطان الدم وشكر الله على بقائه على قيد الحياة، بينما فازت النجمة جوليان مور بجائزة افضل ممثلة عن دورها عن فيلمه «ليفياثان» فى فيلم «خريطة النجوم»، وفاز المخرج الروسى أندريه زياجنتسيف وأوليغ نيغين بجائزة افضل سيناريو عن فيلم «ليفياثان»، وكانت المفاجأة السارة عندما فاز المخرج الكندى الشاب الموهوب كزافييه دولان بجائزة لجنة التحكيم الخاصةعن فيلم «امى» مناصفة مع المخرج الكبير جان لوك جودار الذى شارك فى المهرجان بفيلمه «وداعا اللغة» وكان دولان متأثرا عندما صرّح: «أنا شديد الامتنان للجنة التحكيم والقدر الهائل من الحب الذى يجعلنى أدرك أنّى أقوم بهذه المهنة لكى أحب ولكى يحبنى الآخرون. فى شكل من الأشكال»، وفاز المخرج الامريكى بينيت ميلر بجائز افضل مخرج عن فيلمه صيد الثعالب والذى قال «أود اهداء هذه الجائزة الى الممثلين فى الفيلم. انه لشىء خارق أن تجد من يثق بعملك، وهذا ما يسر فعلا»، وقامت النجمة صوفيا لورين بتسليم المخرجة الايطالية اليس رورواشير بالجائزة الكبرى، وذهبت جائزة أفضل سيناريو لأندريه زياجنستاف وأوليغ نيغين للفيلم، وفاز فيلم «فتاة الملاهى» بجائزة الكاميرا الذهبية.

ربما تجىء هذه النتائج مرضية للكثيرين وتوافقت مع ترشيحات عديدة، وربما لم تكن مرضية للبعض الذى يرى ان هناك اعمالا كانت تستحق نصيبا من الجوائز، لكن يبقى الشىء الاهم ان قيمة الافلام المشاركة سواء فازت بالسعفة الام فنيا، لأنها تمثل محطات سينمائية كبرى، لتبنيها افكارا ملهمة لاعادة اكتشاف النفس والحياة والعالم، تلك القيمة هى ما يحسب دائما لمهرجان كان السينمائى

على الهامش

القاعة تقف وتصفق دقائق طويلة لجيل جاكوب الرئيس التاريخى للمهرجان والذى يشارك فيه لآخر مرة.

فريق ادارة مهرجان كان قد قرر الإعلان عن الفائزين بجوائز الدورة السابعة والستين مبكرا عن الموعد المحدد بيوم واحد يوم السبت 24 مايو بسبب الانتخابات الأوروبية يوم 25 مايو.

وتعرض كل أفلام الاختيار الرسمى مرة أخرى يوم 24 و25 مايو فى قاعات القصر. بينما يختتم المهرجان اليوم الأحد بعرض الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية.

* فى اطار احتفال خاص بالذكرى الخمسين لمولد أفلام الغرب الإيطالية فى عام 1964، اختتمت ليالى المهرجان بالاحتفاء بحياة المخرج سيرجيو ليونى وأعماله وذلك بعرض فيلمه «حفنة دولارات» امس عبر نسخة جديدة استثنائية رممتها تشينيتيكا دى بولونيا.، وقد عرض «حفنة دولارات» فى ذلك العام وهو من بطولة كلينت إيستوود وجيان ماريا فولونتى.

وقدم هذه المناسبة المخرج كوينتين تارانتينو الذى اعترف بالتأثير الكبير لأساتذة أفلام الغرب الإيطاليين العظام.

الشروق المصرية في

25.05.2014

 
 

السبات الشتوي التركي يحصد السعفة الذهبية

خالد الإختيار 

ما زال الرهان على المطولات السينمائية التي تحتفي بالعاديات اليومية قائماً على ما يبدو، وما زال المسرح يتمتع بسطوته الأبوية على حياة بقية أفراد عائلة الفنون التي خرجت من عباءته. وما فوز المخرج السينمائي التركي نوري بليجي جيلان (أمس) بسعفة "كان" في دورته الأخيرة عن فيلمه "سبات شتوي" سوى دليل ذهبي جديد يضيفه أصحاب هذه النظرية إلى خزانتهم المترعة أصلاً بنماذج مشابهة من السينما الفرنسية، والإيرانية، واللاتينية.

فلجنة تحكيم الدورة السابعة والستين من المونديال السينمائي الفرنسي هذه السنة، والتي ترأستها النيوزلندية جون كامبيون، لم تستطع الإفلات من إغراء وضع الإكليل الذهبي على هامة التركي الخمسيني، رغم أنّه كان من زوار آل بيت الكروازيت المواظبين خلال الثماني سنوات الأخيرة، حاملاً هداياه المصورة إلى مريدي الشاشة الكبيرة من خلال "بعيد" (2003)، و"ثلاثة قردة" (2008)، و"حدث ذات مرة في الأناضول" في 2011 (الجائزة الكبرى وأفضل إخراج ثم الكبرى مجدداً).

اللجنة فضّلت أن تجعل المفاجأة في مكان آخر، بعد أن طلبت من مخرجَين اثنين تفصل بينهما في العمر والخبرة (ليس في الإبداع على حال) ستة عقود، أن يقفا سوية ليتشاطرا "جائزة لجنة التحكيم الخاصة"، وهما العراب الفرنسي/السويسري جان لوك غودار (1930) عن شريطه "موت اللغة"، والشاب الكندي كازافييه دولان (1989) عن فيلمه "مومي".

"نعاس الشتاء"، أم "نوم شتائي" ، أم "سبات شتوي" (بحسب الترجمات العربية المتضاربة دائماً)، لا يهمّ. ما هو مهم حقاً أنّ جيلان لم يكن على عجلة من أمره لمغادرة الشواطئ الفرنسية كأقرانه للإدلاء بصوته في الانتخابات الأوروبية. فتركيا لم تدخل بعد الاتحاد الأوروبي، لكنّ أحداً لن يجرؤ على أن ينكر على الأتراك تصويت الذوّاقة السينمائيين لهم للمرة الثانية، بعد يلماز غوني (من أصل كردي) وفيلمه "الطريق" عام 1982، ليكونوا على إحدى أعلى القمم السينمائية الأوروبية.

"جيلان مصور فوتوغرافي صبور، ومتأن، وتلميذ متفان لمدرسة السرد الروسية"

جيلان مصور فوتوغرافي صبور، ومتأن، وتلميذ متفان لمدرسة السرد الروسية التي فتحت لعقود فصولاً مكرسة للواقعية التي يستثقل ظلها بعض النقاد، فيما يرى آخرون فيها الطريقة المثلى لطبع الصورة القاسية لصراع طبقات هذا العالم على القماش الأبيض العريض، ودعوة الناس للجلوس وتأمل الألم في الوقت الحقيقي لحدوثه.

الصراع هذه المرة في بلد المخرج، تركيا، والفيلم ذو الساعات الثلاث (و16 دقيقة) لن يثير طوله اعتراض معلمه أنطون بافلوفتش تشيخوف. أما الضيعة الجبلية المنسية، إلا من سواح الاستشراق، فمكان طبيعي ملائم ليُخرج البشر مكنونات صدورهم، الملون منها، والأسود. وهذا بالضبط ما يقوم به بطله "آيدن".

فالممثل المتقاعد (يلعب دوره هايوك بيلجنر) الذي قرر دخول عالم الأعمال عبر إدارته فندقاً صغيراً، لم يخرج تماماً من هوسه المثقفاتي، إذ يلجأ منذ البداية إلى استعارات شكسبيرية لحياته القادمة، ليطلق بجرأة على نزله اسم "عطيل". وهو اسم لن يدرك معانيه الملتبسة بسهولة أولئك السكان المحليون "البسطاء" من حوله. الأمر الذي يدلل، من جهة أخرى، على أنّ الرجل لم يسقط بعيداً كفاية عن شجرة عائلته الإقطا/برجوازية التي تمتلك أراض شاسعة وعقارات عديدة في المنطقة.

تلتقط هذا التناقض، بضجر، الزوجة الشابة (الممثلة ميليسا سوزان) بعد مشادات كلامية مع زوجها على خلفية حادثة تتلخص في النهاية بطفل يقرر، وهو يلعب، أن يرمي بحجر على سيارة الكاتب العاكف، في مكان آخر، على أرشفة تاريخ المسرح التركي، وإرسال المقالات إلى مجلة محلية لم يسمع بها أحد.

إذ تثور ثائرة "آيدن"، علماً أن الانتهاك ليس كبيراً بمقاييس إسطنبول، لكنه كذلك في تلك القرية القابعة على طرف جبل على هامش العالم. ويصل الأمر بذوي الطفل إلى الطلب من "المتهم" الصغير طأطأة رأسه وتقبيل يد "السيد".

وفي الوقت الذي ستتطور فيه الأحداث لتصل إلى تلك النقطة؛ يتيح المخرج لشخصيته الرئيسية المفصومة أن تتلو برتابة مثالياتها الطوباوية، إمّا مع الأخت "نجلاء" التي بالكاد خرجت من تجربة زواج مريرة (الممثلة ديميت أكباج)، عن فلسفة العامود الصحفي الذي لا يقرؤه أحد؛ أو مع سائح أجنبي حول كذبة وجود قطعان كبيرة من الخيول في المنطقة، التي تروّج لها بطريقة ما صفحة الفندق الدعائية على الإنترنت.

لا إطلاق للرصاص، ولا مطاردات مميتة بالسيارات على منعرجات الدروب الصاعدة الوعرة. فقط خواء إنساني، ومُثُلٌ أسيرة فهارس الكتب، والخطب العصماء.

سيجرّ العمّ ابن أخيه الصغير في رحلة ثلجية مضنية إلى منزل المثقف المالك الذي يرفض "مبدئياً" فكرة تقبيل اليد، لكنه يمدها، مع ذلك، أمام الشفتين المرتجفتين للصغير الذي شاهد الشرطة من قبل وهي تهين والده الكحولي وتصادر تلفزيونه بعد عجزه عن تسديد نقود أجرة المنزل لـ"آيدن"، وسرعان ما يخرّ الصبي مغشياً عليه.

أمّا الزوجة، فستنخرط في مشروع خيري لمساعدة أسرة الطفل المذنب، وبالطبع سيتبرع "آيدن" بمبلغ من المال لهذا المشروع، بشيزوفرينية تكفيرية، لكن العائلة الفقيرة تلقي بالنقود في موقد الحطب في لحظة صفاء ومكاشفة مع الذات، وذلك الآخر.

العربي الجديد اللندنية في

25.05.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)