كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

مهرجان برلين السينمائي..

"دبّ ذهبي" آسيوي بامتياز

زياد الخزاعي

مهرجان برلين السينمائي الدولي الرابع والستون

   
 
 
 
 

للسينما ولعٌ بالأرقام. "مهرجان برلين السينمائي" لا يشذّ عن القاعدة. بلغت ميزانية دورته الـ64 (6 ـ 16 شباط 2014) 21 مليون يورو. استقطبت عروضها 330 ألف متفرّج دفعوا تذاكر لمشاهدة 409 أفلام من مختلف الأصناف، في مقابل 403 في العام الماضي، منها مئة فيلم أخرجتها نساء، تبارت أربعة منها في المسابقة الرسمية. اختيرت كلّها من 6775 فيلماً تقدّمت للمشاركة قبل التصفيات. استضاف المهرجان 1600 "نجم" عالميّ، وحضره 3695 صحافياً، في مقابل 918 من صنّاع السينما. إنه انتصار مُدوّ لاحتفالية جماهيرية بامتياز، وظَفْرٌ لديتير كوسليك، الذي احتفل بعامه الـ13 رئيساً لـ"البرليناله". الصحافة الألمانية لم تدعه وشأنه. سرّبت أخباراً تقول إنه عزم على مغادرة موقعه لتسلّم شؤون وزارة الثقافة، التي استقال وزيرها النافذ إثر فضيحة ضرائب. بيد أنه نفى الإشاعات سريعاً، مشدّداً على بقائه حتى نهاية عقده في العام 2016، إن لم يرضخ إلى إغواءات القيادة، ويقبل بتجديده لاحقاً.

الصراع على كرسيّ المهرجان لم يخلُ من مناكفات. شنّ إعلاميون حملات مقنّنة انصبّت لعناتها تباعاً على اختيارات المسابقة. بعد كل عرض، تزداد الشتائم على نصوص عدّوها بلا طعم سينمائي، حتّى أنها لم ترحم فيلم "فحم أسود، جليد رقيق" للصيني دياو ينان، الذي خطف "الدب الذهبي" و"جائزة أفضل ممثل" نالها لياو فان في مفاجأة صاعقة، إذ كانت الأنظار مصوّبة على تحفة المخرج الأميركي ريتشارد لينكليتر "صبا" لقطف مجد برلين. الأمر الذي عكس شرخاً بين ذائقة لجنة اختيارات، ومعايير لجنة تحكيم، وهوس نقّاد وصحافيين بالاعتراض والشكوى واللاإنصاف. يبدو أن هذا الشرخ لن يحقّق معادلته أبداً.

"فحم أسود..." بوليسي النزعة. ينتمي إلى نوع "الفيلم نوار" الأميركي الولادة الفرنسي التسمية. أثير بمزاجيته الكامدة التي استعارها من التعبيرية الألمانية، وظلال مشهدياته المتأنّقة، وكرب أبطاله وأقدارهم الدمويّة. كينونات محاطة بانكسارات ومؤامرات وعُقَد درامية، توصلهم في نهاية مطاف مغامراتهم الملعونة إلى فواجع ذاتية. تتحوّل هذه الأخيرة إلى طامّة شخصية في حياة محقّق شرطة سابق شاب يدعى جانغ زيلي، يقوده عناده إلى تورّطه بفكّ خيوط ونوائب جرائم غامضة ومعقّدة، تحوّله إلى طريد خطايا متتابعة. مع فشل زواجه، يصبح عالمه فارغاً ومدمَّراً ومنسلخاً عن آدمية حقّة. رجل ذو مظهر بائس وعنيف يقرّبه من معتوهي الشوارع ومدمنيه. كائن جائل على الدوام، يملك قوة القانون، لكن من دون القدرة على ترتيب ناموسه. هذا الرجل الفاشل والمهرّج هو المعادل الدرامي لقوّة القتل وفعله ومعايشته التي تتجلّى بأطراف مقطّعة لضحايا مجهولي الهويّة، مرمية على أحزمة مناجم فحم. تنتهي حياديته مع تصفية زميل حميم على يديّ قاتل طريد، وقبلها مقتل رفيقين له في تبادل رصاص مع شقيقين مجرمين، في مشهد مدهش بتقشّفه، امتاز بظرافته وعبثيته ووحشيته وسرعته، يُذكر بتشكيلات أفلام الفنلندي المميّز أكي كاوريسماكي، خصوصاً في "أضواء في الغسق" (2006)، من ناحية تلويناتها الفاقعة، وهندسة توزيع شخصياتها وحوارياتهم المختزلة التي تقترب من النُكَت.

يتحوّل لغز القاتل، الذي يتشبّه بشخصية "زودياك" (2007) للمخرج الأميركي ديفيد فينشر، من إغراء إلى مسّ مجنون بشابة تعمل في مغسلة ملابس، ادّعت أن الضحية زوجها الذي اختفى منذ سنوات خمس. يجد جانغ نفسه غارقاً في هوى المرأة الصموتة، كلّما اقترب من فكّ اللغز. بيد أنه، في واقع الأمر، يعيد صوغ ذرائع حياته: انتقامه المؤجّل، ملء فراغات خيباته الشخصية وخساراته، عودة وعيه إلى مسرّات الحياة المتمثّلة بالحب، التَنقّي من أوزار زيجة فاشلة وأبوّة لم تتم، إرْهَاف فطنته التي تقوده إلى سفّاك دماء، هو زوج الشابة قبل أن ترديه رصاصات القصاص إثر وشايتها به للحبيب وشرطته.

الباهر في نصّ المخرج ينان نمذجته للأدوار التي اعتمدت على طبقية واضحة، حيث أن القاتل وضحاياه يتشاركون بأصول وضيعة. إنهم خميرة عصرنة صينية وحشية، صوّرها المبدع دونغ جياسونغ بوَفرَة لونية وظلال وإضاءات مختلفة وفضاءات مضغوطة بصقيع عدائي. وحدها الشابة وو تشيشين (التايوانية كواي لون ميي) تلبّست الخيط الواهي بين الخير والشيطنة. دموعها مفاتيح بوح ملتبس، فهي من جهة تشير إلى مصائبها، ومن أخرى التماسها الفكاك من إثم عميق، يؤدّي لاحقاً إلى نمّها بزوج فتّاك، والمشاركة في إنهاء دمويته. إلى ذلك، صوّر المخرج ينان مشهدياته ضمن عوالم مهمّشة ورَذِلة على شاكلة صالون حلاقة، ومحل قمار، وحافلة نقل تحوّلت إلى مطعم شعبي، وساحة تزلج مرتجلة، وحمامات شعبية، وأخيراً عمارات سكنية متهالكة تنطلق منها، في المشهد الختامي، ألعاب نارية يوجّهها مجهول نحو المحقّقين وعَسَسهم على شكل قنابل ضوئية، في إشارة إلى أن الغلاظة الاجتماعية تتخفّى تحت طيّات كثيرة، وهي قابلة للانفجار في أي وقت أو ظرف، تماماً كما بشّر بنزعاتها مواطنه جيا جانغكي في رائعته "لمسة خطيئة"، التي هزّت مهرجان "كانّ" الفرنسي في دورة العام الماضي.

السفير اللبنانية في

20.02.2014

 

ثورة أم انقلاب فى مهرجان برلين

بقلم   سمير فريد 

حضر مهرجان برلين السينمائى الدولى، الذى اختتم أعمال دورته الـ٦٤ يوم الأحد الماضى، آلاف الصحفيين من مختلف دول العالم. وبين كل فيلم وفيلم وأثناء تناول الغداء والعشاء وفى الحفلات لا تدور الأحاديث عن الأفلام فقط، وإنما تتطرق إلى السياسة أيضاً، وكان من الطبيعى أن يكون الموقف فى مصر موضوعاً للحوار معى ومع كل الصحفيين والنقاد والسينمائيين المصريين.

وقد عبرت عن موقفى مع العديد من الصحفيين الأمريكيين والأوروبيين، ومع ويتر كوسليك، مدير المهرجان، وهو صديق، ومعروف أنه من رجال الحزب الحاكم فى ألمانيا، ومن المقربين للمستشارة ميركل، ومرشح لتولى منصب وزير الثقافة.

قلت إن السؤال حول هل ما حدث يوم ٣ يوليو فى مصر انقلاب عسكرى نوع من الرفاهية الفكرية والتبسيط المخل للواقع والإعلاء من الشكل دون المضمون. وذلك لثلاثة أسباب محددة، أولاً: إن الجيش فى مصر الحديثة منذ قانون التجنيد الإجبارى ليس جيشاً طبقياً أو طائفياً، وإنما يتكون من كل الطبقات والطوائف، وأن الشعب المصرى منذ عهود الفراعنة يؤمن إيماناً عميقاً بالحاجة إلى جيش قوى، ليس فقط لحماية الأرض والعرض، وإنما أيضاً لتحقيق العدل.

ثانياً: إن الانقلاب العسكرى وقع فى مصر عام ١٩٥٢، وأيده الغرب تأييداً كاملاً، ثم عارضه عندما تحول إلى ثورة، ولكنها كانت ثورة تقوم على حكم الحزب الواحد وترفض الديمقراطية، أى تداول السلطة بين أحزاب. وثالثاً: إن ثورة ٢٥ يناير كانت ثورة شعبية من أجل الديمقراطية، وأيد الجيش الثورة، ولكنه استسلم للفكرة الشائعة بأن الإسلام السياسى يحظى بالأغلبية. وكانت ثورة ٣٠ يونيو شعبية بدورها ضد حكم الإسلام السياسى بعد سنة واحدة، وأثبتت خطأ هذه الفكرة الشائعة، بل إنها بداية النهاية للإسلام السياسى الذى بدأ فى إيران منذ ثلاثين سنة، ومرة أخرى أيد الجيش هذه الثورة فى ٣ يوليو.

وقلت إن المعركة التى يخوضها الجيش المصرى فى سيناء، والشرطة المصرية فى كل أنحاء مصر، ضد جماعات الإسلام السياسى المسلحة، ليست فقط للدفاع عن مصر، وإنما عن العالم كله، وخاصة الغرب الذى ينافقهم اتقاء شرهم.

وأخيراً قلت إن المشير السيسى عندما ألقى بيان ٣ يوليو عن خارطة طريق ثورة ٣٠ يونيو لم يكن يعبر عن الجيش، وإنما عن كل القوى السياسية من دون استثناء، وكانت رموزها على يمينه ويساره، وإن السؤال ليس مدنياً أو عسكرياً، فقد رأينا ماذا فعل المدنى محمد مرسى فى سنة واحدة، وإنما السؤال ديمقراطية أم فاشية، وقد ثار الشعب المصرى مرتين فى ثلاث سنوات ضد الفاشية أيا كان الغطاء، ومن أجل الحرية والديمقراطية.

المصري اليوم في

23.02.2014

 

خلاصات مسابقة برلين 64

الآسيوية فازت و"سينما الحياة" تنتصر لنفسها 

قيس قاسم ـ برلين 

يصعب على المتابع للدورة ال64 لمهرجان برلين، الخروج بتقييم نهائي وشامل عنها، بسبب من سعتها وصعوبة الإحاطة بأغلب تفاصيلها، حتى بالنسبة للنقاد، فالوقت المتوفر عندهم لا يكفي لمشاهد أكثرية أفلامها وفعالياتها، وهذة ملاحظة تشمل كل المهرجانات الكبيرة، لهذا يحرص الكثير منهم على متابعة أفلام المسابقة الرسمية كونها تؤشر الى مسار ومستوى كل دورة ويتوقع منها، في الغالب، أن تأتي بالجديد ما يمنحهم فرصة ملاحقته وعدم التأخر في الاطلاع عليه، وبشكل خاص نتائجها التي كثيراً ما تكون محط اهتمام وجدل لإختلاف الذائقة والموقف من كل فيلم فيها.

وهذا التوصيف الأقرب الى ما يتابعه الصحافيون والنقاد العرب لعلاقته القوية بتفصيل تقني يتعلق بطبيعة الصحافة ووسائل الاعلام في منطقتنا والتي لها تصور ومستوى اهتمام مختلف عن بقية وسائل الاعلام في العالم، التي تنظر الى كل مهرجان كبير، بوصفه ميداناً ابداعياً وتجارياً مهماً، الاحاطة به تسلتزم توزيع الأدوار على عدد من المختصين والصحافيين الإخباريين وتنويع جهات التغطية في البلد الواحد فالى جانب الصحافة المكتوبة ينشط مراسلو وسائل الاتصالات السمعية والبصرية والالكترونية خلال أيامه لتغطيته بشكل جيد، ومن هنا فالعبء على الصحافيين والنقاد العرب ثقيل، لأنه في الغالب يقع على كاهل شخص واحد أو مجموعة صغيرة تظل عاجزة عن تشكيل صورة كاملة لفعاليات المهرجانات الكبيرة وبينها مهرجان برلين الدولي، الذي ضمت دورته لهذا العام مئات الأفلام والكثير من الفعاليات، لهذا واتساقاً مع التوصيف نفسه، سنعود الى المسابقة، ونتائجها التي بدت متوازنة في ظل قلة التنافس بين المتباريين عليها، فحصلت المهمة منها على حصة معقولة من كعكة لجنة التحكيم.

نال الصيني "فحم أسود، ثلج رقيق" جائزة "الدب الذهب" فهل خالف التوقعات؟ ربما، فأسم دييو ينان لم يترسخ بعد عالمياً كمخرج من جيل ما بعد الرعيل الخامس، وبسبب موضوعه، أيضاً، الذي ابتعد عن تناول المشاكل والهموم التي تواجه الانسان الصيني اليوم، مباشرة، وفضل عليها الذهاب الى عالم الجريمة والمغامرة البوليسية السوداء، وأن لم يخل من اشارات الى التغيرات الإجتماعية والاقتصادية التي تمر بها الصين في مرحلتها الرأسمالية الناهضة وبروز الطبقة الغنية "المشوهة" التي تعامل الناس بإحتقار وتخيفهم بقوتها الضاغطة وما تفرزه من ردود أفعال عند الناس، تدفع بعضهم الى ارتكاب جرائم بدوافع انتقامية من شدة التباين الاقتصادي بينهم وبين فئة أفرزتها حالة الانتقال الاقتصادي المنفلت في البلاد، والدلالة بين المناخين واضحة: بين فحم أسود يستخرج من المناجم التي كان يجد عمالها الفقراء بين أحزمتها الناقلة وحاوياتها قطعاً من  جثث آدمية ممزقة مخلوطة بترابها المستخرج من بطون الأرض التي دمرتها المكائن العملاقة، وبين الجو العام الذي يكسوه الثلج المائل الى العتمة، رقيق لا يعكس كماً كافياً من الضوء. في كل الأحوال فأن الميل لتجريب موضوعات أقل اشكالية وبأساليب شغل سينمائية مألوفة لا ينتمي بالضرورة "للخصوصية" الصينية أو الآسيوية عموماً يشير الى تجاوز هذة السينمات عقدة "المساحة الفارغة" التي تشير الى تباين يظهر أحياناً بين مستوى النمو الاقتصادي ـ الاجتماعي لبعض البلدان وبين تطور مستوى منجزها الإبداعي والذي يضمر في أحايين كثيرة سوء تقدير لمستوى التطور الحقيقي للبلدان المشار اليها وحالة تركيا على سبيل المثال تصلح مثالاً

فتطور سينمتها الملحوظ في العقدين الأخيرين يؤشر الى مستوى التطور الحاصل فيها على مستويات متعددة، يترافق موضوعياً مع تطورها السينمائي وآسيا كلها لا تخرج عن هذا السياق وأن ركزنا هنا بشكل خاص على اليابان والصين، اللتان استحوذتا على جوائزة الدورة 64 للبرليناله، فالى جانب الذهب فازت الصين بجائزة الدب" الفضي" لأفضل مساهمة فنية عن فيلم "رسالة عمياء" للمخرج لو يي، وحازت بطلة فيلم المخرج الياباني يوجي يامادا "المنزل الصغير" هارو كوركي جائزة أفضل ممثلة أما جائزة أفضل ممثل فثمة احساس عام بالغبن لأنها ذهبت للصيني لياو فان، ولم يأخذها السويدي ستيلان سكاشغورد عن دوره في الفيلم النرويجي السويدي الدنماركي المشترك، الحلو المناخ والروح "نظام الاختفاء" في ترجمته الانكليزية التي أبعدت عنه كثيراً  روحه الساخرة ومزاجه الاسكندنافي المعبر عنها في عنوانه الأصلي "قوة الحماقة". لم تنحصر خيبة التوقع فيه فقط، بل وصلت الى الفيلم الألماني "محطات الصليب" لديتريش بورغمان، الثلاثيني العمر المفعم بقوة اقتحام موضوع اشكالي غاية في الحساسية قدمه بأسلوب سينمائي، مستفز للعقل ولطرح الأسئلة الوجودية المتعلقة بالنص الديني وتفسيره وفق رؤية ايدلوجية تسمح وتبرر فعل العنف والقتل، كما نتلمسه في كثير من التجارب السياسية المبنية على الخطاب الديني المتطرف في عالمنا اليوم. من دون شك ثمة تأثيرات واضحة للنمساوي إلريش سيدل على أسلوبه لكن تميزه الأكبر يكمن في موضوعه ونصه (فاز بجائزة أفضل سيناريو كتباه سوية ديتريش وآنا بورغمان) وطرحا فيه اشكالية التزمت المسيحي في عالمه الخاص، عبر حياة مراهقة ألمانية توزع وعيها بين المضي في مباهج وشروط الحياة السوية وبين الإخلاص للإيمان الديني الصارم الذي سيقودها الى الموت. اختيار الموت لمراضاة الواعز الديني الداخلي نجد تعبيراته المتباينة في أمكنة وثقافات مختلفة لكن أخطر ما فيه تشابه خطابه وغاياته لدرجة يغدو الفصل بينها مستحيلاً بل أن محاولة الفصل تبدو عقيمة إذا ما حاكمنا منطق العقل الذي يستفز به المخرج الألماني تيارا دينياً أوربياً متعصباً يريد اخضاع الحياة كلها لتفسيرات النص الديني وتأويلاته غير المنتهية، على عكس فيلم المخرج الأمريكي ريتشارد لينكلايتر "صبا" الذي ينتمي الى الحياة بكل معانيها وقدرة السينما على تجسيدها بتفاصيل قريبة الى الحياة نفسها، وعلى جهده، الذي أمتد قرابة عقدين من الزمن اشتغل خلالها مع شخصيات أغلبيتها حقيقية، من أقرابئه ومعارفه، وتمكن عبرهم من صنع تحفة سينمائية تحكي عن حيواتنا نحن الذين نشاهدها تتحرك أمامنا خلال ما يقارب ثلاثة ساعات من الزمن، أستحق جائزة أفضل مخرج

وبمقدار معين يمكن اضافة " أحبّ، غني واسكر" للفرنسي المخضرم ألن رينه (92 عاماً)  الى مجموعة الأفلام التي تنتمي الى الحياة، الى جانب فيلم ويس أندرسون "فندق بودابست الكبير، الخارج بجائزة لجنة التحكيم ( راجع ما كتبناه عنه على نفس الصفحة) لقوة  مقارباتها بما يسمح بوضع عنوان جامع لها ضمن المسابقة الرسمية. ما يدهش في عمله (عنوانه في الانكليزية: حياة رايلي) فهمه للكاميرا وترويضها كأداة لإضفاء البعد الرابع على المكان لتفسح مجالاً يمكن للسينما أن تصنع حياتها داخله. فالكاميرا هنا أداة لكسر الأبعاد الثلاثة للمسرح وعبرها يمكن اشراك المشاهد بوصفه العين التي تضفي على المشهد معناه السينمائي والحياتي ومن هنا جاءت أسباب منحه جائزة ألفرد باور (تيمناً باسم مؤسس المهرجان) التي تعطى سنوياً لفيلم يفتح آفاقاً جديدة ما وهو بالفعل فتح هذة الآفاق من منظور مختلف يعتمد على فهم مختلف  للمكان والزمان في العمل السينمائي متقارباً مع المسرحي الألماني بريشت في فهمه للإغتراب ولحركة المسرح خارج تعريفاتها اليونانية الكلاسيكية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه وبغض النظر عن الجوائز التي نالها الفيلم بما فيها جائزة النقاد ("فيبريسي") هو لماذا أشرك في المسابقة؟ أما كان الأجدى بمنظمي الدورة عرضه خارجها كنوع من الاحتفاء بسينمائي كبير، منجزه أكبر من مسابقة وجائزة! كما فعلت مع لارس فون تريه الذي عرضت له الجزء الأول (نسخة طويلة) من فيلمه الجديد  "نيمفومانيك"، الذي يعتبر اشاركه واحداً من تميزات دورة  البرليناله 64 ومكسباً لها على حساب مهرجان كانّ السينمائي الذي تخاصم معه وخسر فرصة عرض فيلم بإكتمال جزئيه سيثير دون شك عاصفة من النقد وردود الأفعال المتباينة.  

الجزيرة الوثائقية في

24.02.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)