ثورة أم انقلاب فى مهرجان برلين
بقلم سمير فريد
حضر مهرجان برلين السينمائى الدولى، الذى اختتم أعمال دورته الـ٦٤
يوم الأحد الماضى، آلاف الصحفيين من مختلف دول العالم. وبين كل
فيلم وفيلم وأثناء تناول الغداء والعشاء وفى الحفلات لا تدور
الأحاديث عن الأفلام فقط، وإنما تتطرق إلى السياسة أيضاً، وكان من
الطبيعى أن يكون الموقف فى مصر موضوعاً للحوار معى ومع كل الصحفيين
والنقاد والسينمائيين المصريين.
وقد عبرت عن موقفى مع العديد من الصحفيين الأمريكيين والأوروبيين،
ومع ويتر كوسليك، مدير المهرجان، وهو صديق، ومعروف أنه من رجال
الحزب الحاكم فى ألمانيا، ومن المقربين للمستشارة ميركل، ومرشح
لتولى منصب وزير الثقافة.
قلت إن السؤال حول هل ما حدث يوم ٣ يوليو فى مصر انقلاب عسكرى نوع
من الرفاهية الفكرية والتبسيط المخل للواقع والإعلاء من الشكل دون
المضمون. وذلك لثلاثة أسباب محددة، أولاً: إن الجيش فى مصر الحديثة
منذ قانون التجنيد الإجبارى ليس جيشاً طبقياً أو طائفياً، وإنما
يتكون من كل الطبقات والطوائف، وأن الشعب المصرى منذ عهود الفراعنة
يؤمن إيماناً عميقاً بالحاجة إلى جيش قوى، ليس فقط لحماية الأرض
والعرض، وإنما أيضاً لتحقيق العدل.
ثانياً: إن الانقلاب العسكرى وقع فى مصر عام ١٩٥٢، وأيده الغرب
تأييداً كاملاً، ثم عارضه عندما تحول إلى ثورة، ولكنها كانت ثورة
تقوم على حكم الحزب الواحد وترفض الديمقراطية، أى تداول السلطة بين
أحزاب. وثالثاً: إن ثورة ٢٥ يناير كانت ثورة شعبية من أجل
الديمقراطية، وأيد الجيش الثورة، ولكنه استسلم للفكرة الشائعة بأن
الإسلام السياسى يحظى بالأغلبية. وكانت ثورة ٣٠ يونيو شعبية بدورها
ضد حكم الإسلام السياسى بعد سنة واحدة، وأثبتت خطأ هذه الفكرة
الشائعة، بل إنها بداية النهاية للإسلام السياسى الذى بدأ فى إيران
منذ ثلاثين سنة، ومرة أخرى أيد الجيش هذه الثورة فى ٣ يوليو.
وقلت إن المعركة التى يخوضها الجيش المصرى فى سيناء، والشرطة
المصرية فى كل أنحاء مصر، ضد جماعات الإسلام السياسى المسلحة، ليست
فقط للدفاع عن مصر، وإنما عن العالم كله، وخاصة الغرب الذى ينافقهم
اتقاء شرهم.
وأخيراً قلت إن المشير السيسى عندما ألقى بيان ٣ يوليو عن خارطة
طريق ثورة ٣٠ يونيو لم يكن يعبر عن الجيش، وإنما عن كل القوى
السياسية من دون استثناء، وكانت رموزها على يمينه ويساره، وإن
السؤال ليس مدنياً أو عسكرياً، فقد رأينا ماذا فعل المدنى محمد
مرسى فى سنة واحدة، وإنما السؤال ديمقراطية أم فاشية، وقد ثار
الشعب المصرى مرتين فى ثلاث سنوات ضد الفاشية أيا كان الغطاء، ومن
أجل الحرية والديمقراطية. |