كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

سينما - "برليناله 64":

الطفولة تدفع الثمن

برلين - هوفيك حبشيان

مهرجان برلين السينمائي الدولي الرابع والستون

   
 
 
 
 

الويك اند الأول للمهرجان بدا باهتاً، فاقداً للروح والحماسة، كما يحصل عادة في المهرجانات السينمائية، عندما لا تكون الأفلام الدسمة مبرمجة في مطلعها. الأيام الاولى بدت مملة تدور بنا في حلقة مفرغة لولا "نمفومنياك" وحضور لارس فون ترير الصامت على هامش المؤتمر الصحافي لفيلمه "الاسطوري" حيث جاء بقميص يحمل "سعفة" كانّ وعليه "شخص غير مرغوب فيه"، ثم مغادرة شيا لابوف ذلك المؤتمر الى السجادة الحمراء واضعاً على رأسه كيساً يرفع شعار "لم اعد مشهوراً". وحده الدانماركي الكبير، المستبعد من كانّ بسبب مزحة عن هتلر، كان يمكنه رفع حرارة البرليناله على هذا النحو، وإن كانت الحرارة (بالمعنى الحرفي للكلمة) رؤوفة بنا هذه السنة، اذ اتيحت لرواد المهرجان في دورته الرابعة والستين فرصة الاستمتاع بمقاهي ساحة بوتسدامر.

منذ اعلان التشكيلة الرسمية، كان واضحاً ان المدير الفني ديتر كوسليك يراهن على الطاقات الشبابية الناشئة، لكن المغامرة لا تكون دائماً مضمونة النتائج. ثم جاءنا جورج كلوني من خلف المحيط بفيلم خفيف كاد "يخنق" أحد الصحافيين في الصالة، الأمر الذي استوجب وقف العرض ونقل "الضحية" الى المستشفى. عندما ارتفعت فجأة الأصوات التي تطالب بقطع الفيلم، اعتقد بعضهم أن الصورة الكاريكاتورية التي يرسمها كلوني المخرج عن الألمان في "رجال التحف" (خارج المسابقة)، أغضب أحد الوطنيين. فالفيلم يقدّم صورة هابطة جداً عن الألمان باعتبارهم ناهبي ثروات ومدمّري تراث. بعد مرور حادث العارض الصحي، وجد كثيرون في هذا الاقتباس الأرعن والسطحي مادة للضحك. بعضهم ضحك على الفيلم وبعضهم الآخر ضحك مما يراه: مجموعة خبراء تحف من جنسيات عدة يُرسلون في مهمة الى أوروبا في آخر أيام الحرب العالمية الثانية لاستعادة ما سرقته جماعة الفوهرر من لوحات ومنحوتات من أهم ما كانت تقتنيه المتاحف الأوروبية.

هذا كله حوّله كلوني الى درس صبياني استحق ما استحقه من استقبال كارثي في برلين. في نهاية العرض، بدت الخيبة واضحة على الوجوه، خصوصاً ان كلوني اعطى السينما أفضل من هذا بكثير. قلة صفقت، والبعض منا صار ينظر الى الآخر: "ما هذا الهراء الذي شاهدناه؟". الفيلم يشبه، في لحظات، "النزهة الكبيرة"، لكن من دون لوي دو فونيس وبورفيل، وفي لحظات اخرى يتحول الى باروديا لـ"انقاذ الجندي راين"، لكن امام كاميرا كلوني يصحّ ان نعنونه "انقاذ السنيور ميكال أنجلو". لا يمكن التصديق للحظة ان جون غودمان ينزل في النورماندي (انزال مضحك) حرصاً على التحف وليس حباً بجبنة الكامامبير الفرنسية. كاريكاتورية السينما الأميركية عندما تحاضر في ضرورة حماية الانسان وتاريخه، والمحافظة على الفنّ الاوروبي وثرواته. هذه احدى زلات المهرجان البرليني الذي لم يترك فيلماً عن النازيين الا حشره في التشكيلة الرسمية، على الرغم من افلاس هذا الـ"جانر" - اذا صحّ اعتباره جانراً-منذ زمن طويل، وعدم قدرته على التعبير عن أيّ جديد.

لحسن الحظّ، كان هناك فيلم الافتتاح، "فندق بودابست الكبير" (مسابقة) لوس اندرسون الذي يجمع 16 من نخبة الممثلين في السينما الأميركية والأوروبية (رالف فاينز، أدريان برادي، ماتيو امالريك، بيل مواري، وليم دافو، جف غولدبلوم، ليا سايدو، الخ) وعدد منهم كان حاضراً في ليلة الافتتاح التي غلب عليها الطابع الهزلي مع تسلم المقدمة الظريفة مهام تقديم الحفل مستعينة بـ"هيومر" ألماني يجمع بين الغرائبية والكلام الصاخب. تخللت الحفل جولتان موسيقيتان لفريق روك، قبل صعود اعضاء لجنة التحكيم إلى المنصة يتقدمهم السيناريست والمنتج الأميركي جيمس شايموس. في العودة الى فيلم أندرسون، عمل متقن الصنع، اوريجينال وظريف، يعيد مخرجه الشاب الموهوب الى ساحة بوتسدامر للمرة الثالثة في مساره، علماً ان هذه هي المرة الثانية يفتتح فيها مهرجاناً سينمائياً، كان الأول مع "مملكة صعود القمر" في افتتاح كانّ 2012. تجري الأحداث في أحد بلدان أوروبا الخيالية بإسم زوبروفكا. نمضي في رحلة برفقة غوستاف اش (رالف فاينز)، كبير الحجّاب في فندق زهري اللون، وصديقه (طوني ريفولوري) اللذين سيعيشان مفارقات لها بداية وليس لها نهاية بعد سرقة لوحة من عصر النهضة لا تُقدّر بثمن. ألّف موسيقى الفيلم الكسندر ديبلا، المايسترو الفرنسي الكبير الذي دخل عالم اندرسون عام 2009، وتعمّق التعاون بينهما منذ ذلك الحين الى ان استقر هنا على معزوفات استعان ديبلا لتأليفها بآلات موسيقية مستخدمة في اوروبا الوسطى. نحن أمام قطعة فنية خالصة، معقدة في مضمونها وغرائبية في شكلها، مع هوس اندرسون منذ سنوات بالتفاصيل والديكورات وكل تلك العناصر التي تصنع خصوصية هذا المخرج الأميركي الممتاز الذي استوحى هنا من بعض كتابات ستيفان سفايغ لطرح رؤيته.

الخيبة الثانية بعد فيلم كلوني تمثلت أيضاً في فيلم رشيد بوشارب، "رجلان في المدينة" (مسابقة)، الذي حمل مخرج "بلديون" الى مغامرة اميركية، يسميها هو "ثلاثية"، كون الجزء الأول منها كان الفيلم التلفزيوني "كامرأة"، والحالي ثاني تلك الثلاثية. الفيلم ريميك لعمل سبق ان أخرجه خوسيه جيوفانيّ، وكان من تمثيل ألان دولون وجان غابان. غارنيت (فوريست ويتكر)، يخرج الى الحياة الطبيعية بعد 18 سنة خلف القضبان لارتكابه جريمة قتل. بمساندة الضابطة ايميلي سميث (بليندا بليثين)، عليه العودة الى ممارسة حقه الطبيعي في العيش، بعدما دفع دينه الى المجتمع. ولكن، هذا ليس رأي الجميع فيه، فالبعض يعتقد بأنه كان يستحق الاعدام. فنحن في ولاية أميركية على حدود المكسيك، والتسامح ليس ما يؤرق سكانها. ما ان يخرج غارنيت من السجن، حتى يجد نفسه امام بيئة عدائية وليس اقلهم عدائية شريف المنطقة، بيل اغاتي (هارفي كايتل) الذي يطارد غارنيت من مكان الى آخر، ويريده أن يدفع ثمن قتله لمعاونه غالياً. هناك تفصيل صغير لا يمكن تجاوزه: غارنيت اعتنق الاسلام خلال فترة سجنه. هذه احدى النقاط غير المفهومة في الفيلم. لا نعرف ما المقصود تحديداً منها. في البداية، نرى الشريف يهتم بمهاجرين مكسيكيين، مظهراً رأفة تجاههم، ثم يعنّف غارنيت. الشخصيات لا سوداء ولا بيضاء، ولكن بوشارب يبقى على سطحها ولا يخرق خصوصيتها. غارنيت سيلاحَق ويطارَد على مدار ساعة ونصف الساعة وسيُدفع الى ارتكاب جريمة في نهاية الجولة. نعلم جيداً ان الجريمة ستقع من شدة ما هي متوقعة في سياق التطورات الدرامية. الفيلم لا جيد ولا سيئ، قوي بصرياً وهشّ خطابياً، يأتي ويرحل كنسيم منعش من دون أن يترك أثراً كبيراً.

فيلم آخر قد ينال الاعجاب لخطه السينمائي ولاخراجه المتماسك ولبطله ايفو بيتسكر الذي هو أصغر بطل في أفلام برلين هذه السنة: "جاك" لادفارد برغر (مسابقة). هذا المخرج الالماني المتخرج في الولايات المتحدة، يذكّر فيلمه هذا بسينما الأخوين داردين نظراً لهمّه الاجتماعي وقدرته على التقاط تفاصيل الواقع اليومي بكاميرا محمولة ترافق الشخصيات أينما حلت. ما ينجزه برغر هنا هو الـ"روزيتا" الخاص به. هل تتذكرون حكاية تلك المراهقة المتروكة لمصيرها وعذاباتها في بيئة قاسية؟ هنا، النسخة الذكورية من ذلك الفيلم الشهير الذي نال "سعفة" كانّ، مع تعديلات عدة. جاك صبيٌ في العاشرة، ربّته أمّ لا تهتم لأمره كثيراً، كونها عزباء وتعمل نهاراً وتخرج ليلاً. جاك ليس مسؤولاً عن نفسه فقط، بل يهتم بشقيقه مانويل الذي يصغره سناً، وهذا ما يمنحه شعورا بالاعتزاز. ذات يوم، تحترق ساق مانويل وهو يضعه في المغطس الذي اعده له جاك. سبب كافٍ لمسؤول الشؤون الاجتماعية لارسال جاك الى مدرسة داخلية حيث سيعاني من الوحدة والاستبعاد. هو يريد أمه ولا يشعر بالراحة والطمأنينة الا في حضنها، أمّا هي فتجد دائماً الاعذار لإشباع رغباتها وانانيتها. ينطوي الفيلم على ديناميكية حركية مدهشة، فالكاميرا لا تتوقف عن الدوران والتحليق فوق رؤوس الشخصيات، مقتفية خطى جاك الذي يكاد يكون ممثل الفيلم ومخرجه. يعرف برغر كيف يتوحد مع ألم الطفلين الشريدين وكيف يخرج ألمهما ووحدتهما ونقصهما العاطفي الى العلن، مرتّباً الأحداث في قلب عاصمة (برلين) تنبض بالحياة ولكن يلوح فيها أيضاً الخوف مما يخفيه المستقبل!

أعلنها ديتر كوسليك في مقابلة قبل انطلاق المهرجان: هذه دورة فيها الكثير من الصغار سناً. كأن السينمائيين، من خلال جعل الأطفال والمراهقين في قلب التجاذبات الأخلاقية والسياسية والاجتماعية، ارادوا وضع الإصبع على الجرح لإلقاء نظرة على ما سيكونه المستقبل في ظل الاهمال الفظيع للطفولة المشردة والمعذبة التي تعكسها حكاية جاك وشقيقه مانويل. عدد كبير من أفلام داخل المسابقة فيها أطفال، ولو انهم يجسدون شخصيات ثانوية أحياناً، ولكن معبرة. فالطفولة موجودة في "فندق بودابست الكبير"، وفي "تاريخ الخوف" (الفيلم المدّعي والمفكك للأرجنتيني بنجامين نشتات الذي لم نفهم منه شيئاً)، وفي "ماكوندو"، وفي "دروب الصليب"، وفي "تدليك" للصيني لو يي (من أضعف أفلام المسابقة)...

الحديث عن الطفولة المعذبة او المستغلة أو المتروكة لشأنها او المحشورة بين نيران الكبار، يحملنا الى جديد المخرج النروجي القدير هانس بيتر مولاند (1955) الذي قدم عدداً لا بأس به من الأفلام المهمة في مهرجان برلين. مولاند واحد من اهم المخرجين الأحياء، وإن لم يكن السينمائي النجم الذي تغنجه المجلات المتخصصة على صفحاتها. منذ ان اكتشفناه في بيروت عام 2005 مع "بلاد جميلة" الذي انتجه وقتها تيرينس ماليك (كان الموزع جاء به من طريق الخطأ الى بيروت) ونحن نتابع ما ينجزه. فيلمه الجديد "بحسب اولوية الاختفاء" زينة مهرجان برلين هذه السنة. النروج: وسط طبيعة قاسية تغمرها الثلوج وتسيطر عليها العزلة، تتساقط الجثث واحدة بعد الاخرى في اسلوب يذكّر بتارانتينو لكن يتخطاه بأشوط من حيث الفرادة والسخرية الهدامة والايقاع المتواصل لفيلم يخطف الأنفاس بجماله الشكلي وبراعته السردية. ينطلق الفيلم ولا يبدو ان احداً قادر على توقيف هذا القطار الذي يسير على سكة جهنمية. فالحكاية بسيطة جداً: رجل (ستيلان سكارسغارد) سائق جرافة تفتح في الشتاء القطبي القارس الطرق المطمورة بالثلوج. عندما يقتل افراد عصابة خطرة ابنه، يتحول رجلنا آلة قتل بلا رحمة. ينطلق في رحلة القبض على المجرمين واحداً بعد آخر ليقتلهم ويرميهم في اسفل شلال ضخم. هو يقتل ومولاند يعدّ الجثث وفق أولوية اختفائها. يستغل المخرج حكاية هزلية جداً ــ على الرغم من قسوتها ــ ليطرح فيها كل شيء، من العنصرية الى المثلية فالموت والقتل المجاني والعنف والعلاقات الملتبسة، ولا يوفر حتى افلام العصابات من سخريته. لكن هذا كله بطريقته التي تبتعد كثيراً عن المنطق السياسي السليم. عند مولاند يمكن الضحك من كل شيء، وفي الفيلم الكثير الكثير من الطرافة "القطبية" التي لا تقلد. ضربة معلم.

عنوان قوي آخر ابهرنا ايضاً في هذه الدورة، هو "71" للمخرج الفرنسي البريطاني يان دومانج. تجري الأحداث، كما يشير اليها العنوان عام 1971. يُرسل الجندي الانكليزي المدعو غاري الى بلفاست (شمال ايرلندا)، مدينة تشهد صراعاً دموياً بين البروتستانت والكاثوليك. ولكن، بعد تعرضه لحادثة اثناء احدى التظاهرات، يقع غاري ورفيقه في يد احدى الفرق المحسوبة على الجيش الجمهوري الايرلندي. يحاول غاري الهرب والانخراط، لكن بذلته العسكرية تشير الى هويته. أجواء الفيلم مشحونة بالتوتر، وخصوصاً مع وقوع غاري بين سندان الجيش الذي ينتمي اليه ومطرقة الطرف الآخر! يقدم دومانج تشويقاً بارعاً وفعالاً ويثبت مواهبه (صوّر العديد من الفيديو كليبات) في اطعام الفيلم بحركة ومده بالمشاعر والانفعالات. التجربة ناجحة ايضاً في استعادتها حقبة السبعينات، علماً ان التركيز يجري أكثر على مستوى الحبكة اذ لا يذهب النصّ عمودياً في قلب الشخصيات ولا يقاربها نفسياً.

مع عرض الفيلم اليوناني القبرصي "ستراتوس"، بدأ يتأكد لنا ان المهرجانات السينمائية باتت تحسب حساباً مهماً للسينما اليونانية التي تعيش حراكاً مميزاً بعد سنوات من الضمور. فبعد "ميس فايلنس" لأفراناس في مهرجان البندقية الماضي، ها اننا امام عمل آخر يتناول الواقع اليوناني المعقد بأسلوب مضطرب وكئيب الى حد لا يُحتمل. هذا رابع فيلم ليانيس ايكونوميديس الذي يبحر هنا على أمواج السينما "السوداء" ومفرداتها وأجوائها الشاحبة ومواقع تصويرها ذات الظلام المشتد. وهذا لا شيء امام ما تعتمل به النفوس. فانجيليس موريكيس يضطلع هنا بدور قاتل مأجور سيجرنا معه من مهمة الى أخرى. ايكونوميديس مخرج مناخات أكثر منه مخرج حبكة. فالشريط من أوله الى آخره يلعب بأعصاب المشاهد حدّ اتلافها. رحلتنا معه طويلة وشاقة تجتاز بمراحل هبوط في الايقاع. لكن مجمل المشروع يقول الكثير عن حال اليونان وأزمتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي سلكت طريق اللاعودة الى السينما.

hauvick.habechian@annahar.com.lb

ماريا الممتلئة ايماناً!

نحو نصف عدد الأفلام المتسابقة على "الدب الذهب" عُرض لحظة كتابة هذه الأسطر، لكن فيلماً واحداً تقدمها جميعها، جمالياً وفكرياً، وهو الى الآن الأوفر حظاً لنيل الجائزة الكبرى: "دروب الصليب" للألماني ديتريتش بروغمان المولود عام 1976. هذه الاطلالة الرابعة لبروغمان عبر البرليناله، وهو اعرب عن سعادته المطلقة بأن يكون هنا عندما اعتلى خشبة المسرح، قائلاً ان السينما ديانته والصالة الكنيسة وكوسليك الحبر الأعظم. الفيلم يصوّر الغوص التدريجي لفتاة اسمها ماري (ليا فان أكن) في الفكر الكاثوليكي المتزمت، الذي سيقودها الى الموت بعبثية ومجانية لا يقبلهما أيّ منطق انساني. ابنة عائلة تتبع الدين على اصوله وحرفيته، ماريا ليست سوى ضحية تفخيخها بإيديولوجيا راديكالية ترى في الموسيقى شيطاناً وفي المتعة خطيئة وفي الحياة تضحية من اجل المصلوب. السبب خلف هذا كله، أمّ ماريا (فرانزيسكا فايتس) التي تربّيها على العذاب والقهر. الفيلم على عدد المراحل التي قطعها المسيح على درب الجلجلة. ببرودة تجمد الدماء في الشرايين، تعبر ماريا على مرأى منا مراحل تلقيمها أصول الديانة الى ان تصبح مقتنعة بأن التضحية من اجل الله هي ما يعطي حياتها المعنى المنشود. كاميرا بروغمان لا تكاد تتحرك، الا في لحظات قليلة، مقتصدة في المشاعر والموارد المستخدمة، مذكِّرة ايانا بأسلوب النمسوي اولريش زيدل. لكن لا سخرية هنا، بل نزول تدريجي الى جحيم الايمان. منذ الافتتاحية، يضع الفيلم النبرة الراديكالية التي يراها تليق به: مشهد من لقطة واحدة يشرح فيها الراهب (فلوريان ستاتر) لبعض التلامذة الذين يستمعون اليه بعناية، كيف ان لا حياة خارج الايمان. حقاً، هذا الفيلم ليس مزحة!

النهار اللبنانية في

13.02.2014

 

تراجيديا ثلوج ودماء «وفق تسلسل للاختفاء»

القتلة يطفون على شاشة «برلين السينمائي»

زياد عبدالله - برلين 

القتلة يطفون على الشاشة ويطوفون أرجاء الفيلم، وبالتأكيد يقتلون بكثرة، إنها أفلام يتسيّدها القتل تتنافس في مسابقة الدورة 64 من مهرجان برلين السينمائي، إنه قتل يدفع للضحك أو للتجهم، وله أيضاً أن يكون آتياً من حبكة بوليسية، وهو نرويجي، ويوناني، وصيني، وحين أورد كل ذلك يبدو الأمر أقرب للجنون كأن يتساءل المرء وهل القتل يحمل جنسية؟ وهل هو مدعاة للضحك؟ وهكذا أسئلة لها أن تتضح تباعاً في سياق التقديم للأفلام التي أتناولها هنا.

المخرج النرويجي هانس بيتر مولاند في فيلمه «وفق تسلسل الاختفاء» (In Order of Disappearance ) له أن يقودنا إلى القتل المتبوع بالضحك وليس الموت ضحكاً، ولعل الفيلم متأسس على ما أسس له بقوة تارنتينو والأخوان كوين، من دون أن نغفل عن الفيلم خصوصيته أيضاً الآتية من جوانب عدة، أولها البيئة الاستثنائية التي تجري فيها أحداث الفيلم، حيث الثلوج تغمر كامل مساحة الفيلم، وهو فيلم بالأبيض كلون استثنائي يستحوذ بصرياً على من يشاهد الفيلم، ونيلس (ستالن سكارسغارد) يعمل على آليات متعددة مهمتها فتح الطرقات التي تغمرها الثلوج، وهكذا نجد الآلية الضخمة تزيح الثلوج وترمي بها يمنة ويسرة على طرفي الطريق، ولتنطلق الأحداث كلها ومنعطفاتها من لحظة تلقّي نيلس نبأ وفاة ابنه بجرعة زائدة من المخدرات، وهو يقول لضابط الشرطة: «ابني لا يتعاطى المخدرات»، بينما الضابط يقول له: «إن كل الآباء يقولون الشيء نفسه»، لكنه سرعان ما يثبت صحة رأيه، ولكن بعد أن تهجره زوجته، وقد تركت له رسالة لم تكتب فيها حرفاً واحداً، مغلف يفتحه ليقع على ورقة بيضاء، فابنه كما سيكتشف قُتل على أيدي عصابة، وموضوع الجرعة الزائدة تمَّ عن طريقهم، وهناك سيكشف نيلس عن قدرة خارقة في القتل وتصفية أفراد العصابة بدءاً من أصغرهم وبالتوالي، ووفق تسلسل الاختفاء، كما عنوان الفيلم، فلازمة الفيلم الرئيسة تكون بأنه كلما قتل أحدهم تظهر شاشة سوداء عليها اسم المقتول وفوقه علامة الصليب، أو أية علامة أخرى لها أن توضع على القبر، وهكذا سيمسي الأمر بالتوالي، وسيتكرر أيضاً قيام نيلس بالتخلص من كل جثة بالطريقة نفسها عبر لفها بما يشبه السياج المعدني ورميها من على شلال هائل.

ستتعقد الأمور مع وصول ذلك إلى زعيم العصابة الطريف والمأزوم في علاقته مع طليقته وابنته، وستدخل على الخط عصابة صربية، كون زعيم العصابة التي ينتقم منها نيلس لن يتبادر إلى ذهنه أن هذا فعل انتقام شخصي، بل هو من صنيع العصابة الصربية المنافسة في تجارة المخدرات.

لن نخوض في تفاصيل الميتات الكثيرة التي سنشهدها والتي ستكون مدعاة للضحك والطرافة، بما فيها قطع الرأس وكل تلك القسوة التي بإمكان مخرج الفيلم أن يحولها إلى ملهاة، لنكون حيال ملهاة القتل وليس التراجيديا، ولعل القول إن مخرجه مولاند قد قدّم لنا فيلماً خاصاً وجميلاً مرر من خلاله الكثير أمر له من الحقيقة الكثير، والشاشة السوداء التي تحمل أسماء القتلى تزدحم بالأسماء في النهاية وعلامات الصليب.

بالانتقال إلى فيلم المخرج اليوناني يانس أكونوميدس «ستراتوس»،(Stratos) فإن التراجيديا ستطل برأسها، وهنا اطلاق هذا التوصيف ليس إلا على أساس ملمح تراجيدي يتمثل بنهاية الفيلم بميتات كثيرة هنا كما تعريف التراجيدي منذ أرسطو يشمل بطل الفيلم ستراتوس نفسه الذي لا ينتمي إلى طبقة الملوك والرجال العظام، كما التراجيديا أيضاً، لكنه بطل الفيلم المطلق، وقد جسّد شخصيته بأداء مدهش الممثل فانجليس موريكس، هو الذي يحمل ملامح غريبة يمكن وصفها بالقاسية وبغير القاسية، لكنها لا تمنح فسحة للتعاطف، ولعل الحوار في الفيلم أول ما سيستوقف المشاهد، وبالتأكيد الشخصيات التي تتشكل وفق حوارها العجيب والمتشابه بما يجعل من الشخصيات جميعاً متفقة في منطقها الذي يكون ستراتوس خارجاً عن سياقه بصمته الكثير، وهو ليس إلا قاتل محترف لنا أن نتعرف إليه من المشهد الأول، وليكون ستراتوس شخصية عجيبة، كونه يعمل في مصنع للمعجنات، ويعمل بشكل رئيس قاتلاً، وكل الأموال التي يتلقاها جراء القتل يضعها في عهدة أخيه الذي يحفر نفقاً يفضي إلى السجن الذي فيه صديقه الذي أنقذه من الموت حين كان ستراتوس في السجن نفسه، وهكذا سيواصل القتل بدافع تمويل النفق، لكن أخاه سيختفي ومعه أمواله ولن ينجز النفق ليصل السجن، كما أن صديقه سيلقى حتفه داخل السجن، وفي سياق مجاور هناك صديق له وزوجته وابنتهما، لكن صديقه سيهب زوجته لزعيم عصابة ليفي له نصف دينه، لا بل إنه سيهبه ابنته التي لم تتجاوز 12 من عمرها مع موافقة الأم، وهكذا سيقوم ستارتوس بقتلهما، بعد أن يطمئن بأن الابنة عند جدتها، بعد أن يأخذ الوالدين إلى حفلة، ومن ثم يقتلهما في النفق سابق الذكر، ومن ثم يترك نفسه بانتظار من يكلفه بكل مهام القتل بأن يقتله، وهذا ما سيحصل، لكنه سيتلقى موته كما لو أنه ميت قبل أن يموت، كما هو آلان ديلون في فيلم «الساموراي»، حين يمضي للقتل ومسدسه خالٍ من الرصاص، كما لو أنه يريد أن يُقتل فقط. الرهان في فيلم على شخصية «ستراتوس»، وليموت الجميع في النهاية، والتراجيديا هنا محيرة أيضاً، ونحن حيال قاتل نبيل، مصرّ على عمله كما البشر العاديين، أو كما يقول له صديقه «نعرف أنك قاتل، بينما تمثل علينا أنك من الطبقة العاملة».

مقتلة كبرى

المقتلة الكبرى التي ينتهي بها فيلم «وفق تسلسل الاختفاء» لن تكون تراجيدية أبداً، وبطله نيلس سينجو وزعيم العصابة الصربية، الذي سيفقد جميع أولاده بمن فيهم ذاك الذي كان يجرب الطيران الشراعي بعيداً عن أرض المعركة فإنه سيلقى حتفه أيضاً، وينتهي به الفيلم وهو يهوي بطائرته الشراعية، الأمر الذي لا نملك حياله إلا الضحك.

شخصية عجيبة

ستراتوس شخصية عجيبة، كونه يعمل في مصنع للمعجنات ويعمل بشكل رئيس قاتلاً، وكل الأموال التي يتلقاها جراء القتل يضعها في عهدة أخيه الذي يحفر نفقاً يفضي إلى السجن الذي فيه صديقه الذي أنقذه من الموت، حين كان ستراتوس في السجن نفسه، وهكذا سيواصل القتل بدافع تمويل النفق، لكن أخاه سيختفي ومعه أمواله ولن ينجز النفق ليصل السجن، كما أن صديقه سيلقى حتفه داخل السجن.

«فحم أسود.. ثلج رقيق»

الحبكة التي يتأسس عليها الفيلم الصيني، دايو يانان، في جديده «فحم أسود.. ثلج رقيق» لا تشبه ما أوردناه في الفيلمين سابقي الذكر، فهنا ستكون البداية مع ظهور أعضاء بشرية في شاحنات محمّلة بالفحم، بحيث أن الجثة نفسها تكون مقطعة على عدد كبير من معامل الفحم الحجري في مقاطعة صينية بحيث يصعب التعرف إليها، ومن هنا سينطلق الفيلم نحو متاهات بوليسية ولغز محيّر يتكشف رويداً رويداً من خلال شخصية الفيلم الرئيسة، زانغ زيلي (لايو فان)، الذي يعمل حارساً في معمل الفحم، لكنه يكتشف اللغز من خلال زوجة أول ضحية، لنكون حيال قصة حب غريبة، فالقاتل لن يكون إلا الزوج الذي يعد في البداية أنه الضحية، وهو يقوم بقتل كل من يحب زوجته ، لكن إبقاء الفيلم ضمن هذا السياق سيحرمه من الكثير الذي حفل فيه، وأول ذلك آليات السرد السينمائية، والأجواء التي يؤسس لها تمضي في مستويات عدة تكون فيها قسوة القتل تمضي، جنباً إلى جنب، مع اكتشافات تتفرع من خط السرد الأساس في الفيلم، ولعل تنقلات الفيلم تمضي وفق التأسيس لمشهد يحمل مفاجآت آتية من التكوين البصري، وتمشي المفاجآت البصرية إلى جانب الدرامية منها، في جمالية خاصة وثرية.

الإمارات اليوم في

13.02.2014

 

«شهوانية» لارس فون ترير تستحق جدل مهرجان برلين السينمائى

رسالة مهرجان برلين - خالد محمود  

عندما كتبت فى الرسالة السابقة ان شاشة مهرجان برلين السينمائى الدولى الـ٦٤ كشفت عن مناهج سينمائية تفوق الخيال فى صورتها وتتجاوز التصورات فى افكارها، بالقطع كنت اقصد افلاما مثل «نيمفومنينيك» أو الشهوانية «او بمعنى اخر» «الشبق»، للمخرج الدنماركى الكبير والمثير للجدل لارس فون ترير، والذى يأتى بعد فيلمى (المسيح الدجال) و«ميلانكوليا»..وكأنه يريد ان يكمل تلك الثلاثية النفسية المركبة.

الفيلم عرض جزؤه الاول فى بيرلينال بو تسدام خارج المسابقة، وهو ما يدعو للدهشة فهو يغوص فى عالم الشبق الجنسى عبر دراما تتعلق بتطور مفهوم البلوغ والرشد والرغبات المكبوتة، ويحتوى على مشاهد حميمية صريحة يلعب بطولتها على مدار ساعتين ونصف ستاسى مارتن وشارلوت جينسبورج فى دورى بطلة الفيلم «جو» فى مرحلتى الشباب والكبر، إلى جانب عدد من نجوم السينما مثل أوما ثورمان وشيا لابوف ووليام ديفوا.

بدون شك يحمل الفيلم عناصر جذب كبيرة وهو ما بدا واضحا من الأعداد الكبيرة من الرواد أمام دور السينما واعتقد ان هذا الجذب ليست وراءه سخونة المشاهد وجرأة ابطاله، ولكن ايضا لهذه الطريقة من السرد السينمائى المشوق والسيناريو المقنع بتوالى الاحداث وتعليقاتها بل وربطه احيانا بين الشبق الجنسى والشهوة الجنسية، حيث يعتمد على الحكى وكذلك الصورة التى مزجت بين الابيض والاسود والالوان، فى البداية نرى الفتاة المراهقة تبدى استعدادا لخوض هذه التجربة مع العالم الحسى، ثم نرى مشهد الفتاة وقد كبرت ملقاة على الارض فى الشارع بحالة يرثى لها ، ويلتقطها رجل عجوز يعطف عليها ويأخذها إلى بيته بعاطفة أب، وفى المنزل وبينما يعطيها فنجانا من الشاى يسألها: ما حكايتك، وترد بنظرة عميقة تأخذنا إلى المشوار، هى تروى والرجل يعلق والمشاهد يكتم انفاسه وبداخله شعور بأقصى درجات الاندهاش مما يقدمه المخرج من صورة غير متوقعة لواقع حياة فتاة لديها كل هذه الرغبة الجنسية بصراحة، حتى دون ان تتفاعل الشخصية مع ما تفعله بمشاعر متعة حقيقية وكأنها تهرب من شىء ما أو تعيش فى اللاوعى.

تروى الفتاة انها وصديقتها كانتا تتراهنان على جذب اكبر كم من الرجال اثناء رحلة قطار، وتستعرض انواع وصفات الرجال ما بين طيب وشرس وقبيح وهم على الفراش، وفى كل مرة يقدم المخرج الماضى بالابيض والاسود، ثم يعود إلى تساؤلات العجوز بالالوان والتى كانت تساؤلات مدهشة لاندماجه فى قصة حياتها.

الفيلم بحق اثار اعجابى كثيرا لتجاوزه كل ما هو متخيل من مخرج كبير مثل ترير، لكن ولِمَ لا وقد اعترف انه يعانى من كآبة ويريد ان يدهش العالم بأفكار جديدة ، وهو ما اطلقت عليه وسائل الإعلام بـ«ملحمة جنسية جديدة»، بتقديمه «امرأة تروى قصة حياتها الشهوانية، ومغامراتها الجنسية، ورجل ينقذها من حادث اعتداء.، والمخرج لا يتخلى عن استفزاز الجمهور، سواء فى مواقفه الحياتية، كما فعل فى مهرجان كان السينمائى منذ عامين، الذى اضطر إلى طرده بسبب تصريحاته حول هتلر وإسرائيل، أو فى أفلامه التى غالبا ما تتناول موضوعات شائكة مُعقدة..فهناك جدل دائم حول مسيرته فى عالم السينما.

وقد رفض الدنماركى لارس فون ترير «٥٧عاما» حضور المؤتمر الصحفى الخاص بفيلمه وبدلا من ذلك، ظهر فقط أمام المصورين يرتدى تى شيرتا يحمل شعار مهرجان كان السينمائى مكتوبا عليه عبارة: «نفس الشخص غير المرغوب فيه»، حيث كان قد جرى إعلان ان فون ترير «شخص غير مرغوب فيه» من قبل مهرجان كان فى عام 2011 بعد أن أطلق مزحة بشأن هتلر وبدا انه أدلى بتعليقات معادية لإسرائيل فى المؤتمر الصحفى لفيلمه الأخير «ميلانكوليا» (أو الكآبة) الذى يدور حول نهاية العالم.

والواقع انه لم تقل تصرفات النجم شيالابوف غرابة عن تصرفات مخرج فيلمه، فقد دخل قصر المهرجان وعلى رأسه «كيس» ورقى يغطى وجهه، ومكتوب عليه «لم أعد مشهورا من الآن». وعندما حضر المؤتمر انصرف فجأة بعد عشر دقائق من دون سبب واضح على الرغم من الجدل الكبير الذى أثاره فيلم المخرج الكبير لارس فون ترير الجديد «Nymphomaniac»، منذ أعلن عن نيته لصنعه، إلا أن إدارة مهرجان برلين السينمائى الدولى، وهو من أعرق المهرجانات واﻷحداث السينمائية فى العالم، قد قررت عرض الفيلم كاملا وبدون حذف ضمن الفاعليات وهو امر بحق جيد.

حنان عبدالله تلفت أنظار مهرجان برلين السينمائي بفيلمها «القاهرة.. الثابت والمتغير»

رسالة مهرجان برلين - خالد محمود  

فى قسم «الملتقى» بمهرجان برلين تم عرض نسخة عمل من الفيلم التسجيلى الطويل «القاهرة: الثابت والمتحول» إخراج حنان عبدالله، وكرسيدا تروى مصورة فيلم «الميدان»)، وموضوعه يتناول أربعة من المرشحين فى أول انتخابات رئاسية بعد ثورة يناير، من خلال رصد مجموعة كليبات مصورة سينمائيا تعكس بورتريها خاصا لكل مرشح.

وقد أقيمت ندوة خاصة لمناقشة العمل بعد العرض وأدارتها فيولا شفيق. وقد أبدى جمهور الحضور إعجابا كبيرا بالعمل ورؤيته ونظرته الثاقبة والجريئة، والذى جاء اختيار مهرجان برلين السينمائى له ليمنحه قيمة أكبر.

حنان عبدالله من المخرجات الشابات اللاتى تهتمين بقضايا المرأة المصرية، وتمزج دائما ما بين همومها الاجتماعية والأوضاع السياسية، وقد قدمت من قبل فيلمها «فى ضل راجل»، الذى شارك فى إنتاجه الأمم المتحدة، وفاز بجائزة أفضل فيلم تسجيلى من مهرجان الدوحة السينمائى، ورصدت فيه برؤية واعية وصورة شديدة الواقعية وضع المرأة المصرية ومعاناتها عبر أجيال متعددة، وكشفت عن طموح احدى بطلاتها الساسية، وكذلك نماذج أخرى تعاملت مع مشاكلها بالسلب، وأخرى بالإيجاب. وقد حظى هذا الفيلم أيضا بردود فعل كبيرة، وقد عرض الفيلم فى مهرجان برلين السينمائى أيضا عام ٢٠١٢، حيث أراد المهرجان حينئذ أن يسلط الضوء على التحولات التى تحدث فى العالم العربى، وقالت حنان: «لقد كان شعورا غامرا، ومازلت حتى الآن متأثرة من أنهم اختاروا هذا الفيلم لعرضه فى البيرلينالة».

الشروق المصرية في

13.02.2014

 

الدورة 64 لمهرجان برلين السينمائي.. قراءة أولية

برلين: قيس قاسم  

تشي القراءة الأولية في مسابقة أفلام الدورة ال64  لمهرجان برلين السينمائي بغياب الأسماء الكبيرة عنها، في العموم، ما يطرح أسئلة حول قدرة المهرجان على استقطاب المخرجين الكبار، سيما وهو المتنافس من حيث الأهمية مع مهرجان "كان" الذي يتسابق الكبار عليه قبل غيرهم، هذا في جانبه الإبهاري التجاري الذي لا يوليه برلين كثيراً من اهتمامه بسبب طبيعته كمهرجان شعبي موجه الى الناس، عكس كان النخبوي، الى جانب ما تعطيه اكتشافاته من تميز اضافي يكمن في بروز أفلام مهمة لمخرجين غير معروفين كثيراً لكنهم يقدمون منجزاً سينمائياً غاية في الأهمية كما لاحظنا في العام الفائت حيث أزدحمت بأفلام أصحابها أغلبيتهم من أوربا الشرقية، وربما سيتكرر هذا الشيء في الدورة الحالية، وقد تظهر أفلام لأسماء غير معروفة، وهذا كله سيبقى طبعاً في موضع التخمين على الأقل في الأيام الأولى منه، التي شهدت فيلم افتتاح مهم جداً للمخرج ويس أندرسون، صاحب الأسلوب السينمائي الخاص وعنوانه "فندق بودابست الكبير"، وفيه يعالج موضوعاً يتعلق بالأبداع الكتابي، والسؤال الملحاح حول الكيفية التي يكتب بها المؤلف حكايته؟ اجابة أندرسون على السؤال كانت سينمائية مكثفة صيغت باسلوب مرح، ارتكن على خيال مفتوح يسمح بإستخدام وسائل تعبير بصرية متعددة، تقربه من حكايا الأطفال ويتضمن أفكاراً غاية في العمق تتعلق بالموهبة والموقف من القضايا الإجتماعية والسياسية حين صنع لنفسه عالماً خيالياً غير محدد الجغرافية مع ان اسم الفندق يجره الى موضع ثابت فخيال مؤلفه يعمل بالضد فينقله من حيز الى الى آخر ومن طبيعة سردية الى ثانية مختلفة وكأننا أزاء حكايا ما قبل النوم، أو أمام عمل سينمائي قال أشياء كثيرة بروح مرحة فكك خلالها الزمن وأدخلنا في عالم منفلت الحدود يقبل أضافة حكايات لا حصر لها على الحكاية الأولى في محاولة فلسفية لتفسير معنى الكتابة وكيف يصوغ الكاتب روايته ويروضها وفق ما يريد ومتى شاء. على مستوى ثانٍ تدخل الأفلامألمانية المسابقة بقوة، مع أن أثنين منها، عرضا في اليومين الأول والثاني،  لم يكونا في مستوى ما كان منتظراً من مشاركتها وهما: "جاك" لأدوارد بيرغر الذي تناول موضوعاً اجتماعياً حساساًيتعلق بالطفولة والأمهات الوحيدات وغياب الأب عن العائلة، بطله طفلان قدما منجزاً تمثيلياً هائلاً، وهما من حملا على أكتافهم الفيلم. أما الثاني فعن الشاعر الكبير شيللر وعلاقاته مع كبار أدباء المانيا خلال القرن التاسع عشر. مشكلة فيلم دومنيك غراف "حبيب لأختين" أنه طويل أكثر مما ينبغي لفيلم سيرة. أغرق في التفاصيل وأتعب صوت المعلق على الأحداث التاريخية مشاهده، مع أن فيه من البحث البصري الكثير والجهد في الاحاطة بعالم واحد من أكبر شعراء ألمانيا، وعلاقته العاطفية التي أنعكست خلالها مرحلة مهمة من مراحل تاريخ الإبداع الألماني، وحركاته التحررية على مستوى الفلسفي والأدبي، على عكس ما جاء في فيلم "رجال الآثار" الأمريكي خارج المسابقة، الذي دخل مرحلة الحرب العالمية الثانية عبر تجربة حقيقية، كتبها المؤرخ روبرت اتسيل لكنها صيغت سينمائياً بخفة شديدة لم يفلح معها وجود جورج كلوني على رئس فريق عمل ضم أسماء ممثلين أمريكان كبار، بل برهنت التجربة ان المعالجة السينمائية الجادة هي من يحسم الأمر، لا الأسماء الكبيرة ولا صحة الحكاية نفسها كما رأينا في عمل كلوني حين صار مخرجاً، وأراد تسجيل منجزاً أمريكياً تاريخياً بطريقته الأمريكية أيضاً، فظهر الأمريكان كالعادة المنقذين الملائكة، متجاهلاً أدوار شعوب لعبت دوراً حاسماً في دحر النازية وأن اراد كلوني أن يحدد مساحة فيلمه بالمجموعة المختصة بالأعمال التشكيلية والنحتية التي أوكلت اليها مهمة انقاذ التراث الانساني الابداعي من الحرق والدمار التي أراد أن ينهي هتلر بها خاتمة حياته وحلمه الجنوني، لكنها ومع كل التبسيط الذي جاء في الفيلم، وعلى عكس الأسلوب السردي الهوليوودي المشوق في أغلب الأعمال التجارية،خلا من عنصر الاقناع فجاء هزيلاً مسطحاً، لدرجة لا تعطي للمهرجان فرصة لتبرير اشراكه في عروض الدورة مع فهم المعنيين بالحقل السينمائي الى الحاجة لوجود أسماء لامعة تلمع واجهات المهرجانات الكبيرة وتسلط الضوء قوياً على نجوم يريد الناس الاقتراب منها خلال أيام المهرجان.  

في درجة مقاربة تبدو حكاية الرجل المسلم، في فيلم رشيد بوشارب "رجلان في المدينة" غير مشبعة درامياً، وكأنها الصقت عنوة برجل أسود دخل السجن لأسباب جرمية ولم يتعرض الى ضغط الشرطة حين خرج من السجن لكونه مسلماً بل لموقف اجتماعي مسبق من كل الذين يدخلون السجن ولا يسمح لهم  بالتكيف مع العالم الخارجي ثانية، ولا تسمح أجهزة الشرطة لدورها غير التربوي بقبوله كشخص أخطأ ودفع ثمن خطأه، بل تعامله كمجرم منبذوب عليه العودة الى السجن ثانية. الغريب أن بوشارب لم يعمق شخصيته وفق ما تتعرض له من ضغط بسبب الموقف من الاسلام، كما يجري اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية وبخاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر، بل ترك الأمر مفتوحاً على افتراض مسبق بأن المشاهد سيعطيه من عنده ما يحتاج أن يعطيه البطل من مواقف وأفكار، حين يجسد دور شخصية ما على الشاشة أمام المشاهد. في النهاية وبغض النظر عن أهمية الموضوع المختار تناوله فأن ما مجسد أمامنا على الشاشة جاء مفككاً، وغير مقنع، لدرجة تساءل النقاد بعد خروجهم من صالات العرض عما أراد الفيلم قوله، وهل كان إلزاماً على صانعه أن يلصق صفة المسلم ببطله مادامه لم يبرر سينمائياً.

المدى العراقية في

13.02.2014

 

شاعر ألمانيا ارتبط بعلاقة غرام مع أخت زوجته

فيلمان عن شيلير وسان لوران يفضحان المستور

برلين - ابراهيم توتنجي 

سيرتان ذاتيتان لشخصيتين أوروبيتين عالجتهما السينما، وعرضت فصولاً من حياتهما في «برلين السينمائي»: الشاعر الألماني الشهير شيلر، والمصمم الفرنسي الشهير سان لوران. وعلى الرغم من اختلاف الحقبة التاريخية التي عاش فيها كل واحد منهما، واختلاف صنعتهما، فإن ما يجمعهما قصة حياة لا تخلو من الشغف الذي تحبه شاشات السينما والجمهور.

فصول غير مروية

شكّل فيلم «بيلوفد سيترز» Beloved sisters الذي تناول فصولاً من سيرة حياة الشاعر والفيلسوف الألماني فريدريش شيلر، صدمة لمحبي هذه الشخصية التي تعتبر من الشخصيات التاريخية الرئيسة في تاريخ الأدب الألماني. ولم يكن يعلم كثير من الذين توافدوا على عرض الفيلم الذي ينافس على جائزة «الدب الذهبي»، أن الشاعر الذي تزوج في عمر التاسعة والعشرين شارلوت فون لينقفيلد، وأنجب منها أربعة أولاد، ربطته في واقع الأمر علاقة غرامية متينة بأختها كارولينا، بل إن الثلاثة، أي الشاعر والأختين، كانوا قد أبرموا اتفاقاً على العيش معاً، في علاقة «ثالوث» غرامي!

ويوهان كريستوف فريدريش فون شيلر هو الشاعر والمسرحي الكلاسيكي والفيلسوف والمؤرخ الألماني الذي يعتبر هو وجوته مؤسسي الحركة الكلاسيكية في الأدب الألماني، ويعتبر من الشخصيات الرئيسة في التاريخ الأدبي الألماني، إلا أنه من النادر أن تروى سيرة حياته الكاملة على هذا النحو.

وتميز الفيلم الذي أخرجه دومينيك غراف بأداء قوي للشخصيات الثلاثة الأساسية هانا هيرزبرينغ وفلوريان ستيلير وهينريت كونفيريوس، ابتداء من لقاء الثلاثة عام 1788، إذ كان الشاعر لا يزال يشق طريقه في عالم الشهرة، وإقامته على مقربة من بيت الأختين الصيفي، وصولاً إلى السنوات القليلة التي سبقت موته عن عمر مبكر، عام 1805.

تجارب إنسانية

وفي تلك الفترة ازداد اهتمام شيلر بالتاريخ الذي يعتبر المنبع الحقيقي للتجارب الإنسانية. ومن كتابات شيلر التاريخية: تاريخ سقوط الأراضي الواطئة من الاحتلال الإسباني. وقد أصبح أستاذاً للتاريخ في جامعة يينا عام 1787، وذلك بتوصية خاصة من جوته. وكانت محاضرته الأولى بعنوان «ما المعنى والهدف من دراسة التاريخ العالمي؟». وكان مشهد إلقائه لهذه المناظرة من أكثر المشاهد تأثيراً في الفيلم الذي استغل المخرج سياقه التاريخي، لكي يوجه رسالة عن ألمانيا في كل العصور على لسان الشاعر، مفادها «ألمانيا لا تنهض إلا بالحب والجمال».

وكان شيلر وسط الأزمات المادية التي تلاحقه، يريد أن يستقر مادياً، ليتفرغ لأعماله، فارتحل إلى فايمار، بعد أن دعاه الدوق إلى المجيء إليها في عام 1784. وفي فايمار التقى شيلر بجوته الذي ربطت بينهما صداقة عميقة، كانت من أشهر الصداقات في التاريخ الأدبي. ولا يظهر غوته في الفيلم، وإنما يشار إليه في سياق الحوارات أكثر من مرة، لكونه الشخصية الملهمة بالنسبة إلى الشاعر الشاب.

النسخة غير المرخصة

يبدو أن أيقونة الموضة المصمم الراحل إيف سان لوران سيشغل الصالات السينمائية أكثر من عام، عبر فيلمين يتناولان سيرة حياته، أحدهما عُرض في «برلين السينمائي»، والآخر ربما يجد مكاناً لعرضه الأول في «كان» المقبل بحسب ما تناقلت الأنباء. النسخة الأولى للفرنسي من أم جزائرية جليل ليسبريه، وهي نسخة «غير مرخصة»، بمعنى أن المقربين من لوران لم يبدوا موافقتهم عليها، أما الثانية فهي بمباركة صديق لوران المقرب بيار بيرجيه.

وبعد مضي أكثر من ست سنوات على رحيل المصمم الذي كان واحداً من الذين غيّروا صناعة موضة «الهوت كوتور» النسائية تحديداً في العالم، لا يزال اسمه قادراً على جذب محبي الموضة، وأفلام السير الذاتية، إلى الصالات، بسهولة.

في «إيف سان لوران» نسخة جليل ليسبريه الذي عرض في صالات فرنسا الشهر الماضي، قبل أن يجد طريقه إلى العرض ضمن برنامج «بانوراما» في برلين هذا العام، الكثير من الإيقاع الذي يشبه إيقاع مسلسلات الدراما التي يتخصص فيها المخرج أيضاً، من دون أن يشي ذلك بتقليل من شأن المجهود السينمائي الكبير الذي يتجسد بأداء الممثلين والسينماتوغرافيا.

يصعب، فعلاً، الاستيعاب كيف تمكّن الممثل بيير نيني من أن «يستنسخ» لوران، على هذا الشكل، في مراحل حياته المختلفة من الرجل الذي يناضل لكي يجد مكاناً لأفكاره في عالم الموضة سنة 1957 إلى الرجل الأيقونة عام 1976، كل شيء: الصوت، طريقة المشي، ردود الأفعال، كلها أجادها نيني بشكل لافت.

ويبدأ الفيلم من أول عرض منفرد قدّمه سان لوران في حياته، إذ التقى خلاله السيدة بيرجيه (دور مهم أدته غويوم غاليان) التي تتميز بخصالها الذكورية، في الوقت المعروف عن لوران «أنثويته»، وهو الأمر الذي جعلهما، ربما، يتعلقان ببعض، في رحلة من الدعم النفسي والتجاري الذي قدمته بيرجيه للمصمم.

ويُظهر الفيلم شخصيات معروفة في عالم الموضة والفن والسياسة عاصرت لوران في فترات من حياته، كما جون كوكتو، أندي ورهول وكارل لاغرفيلد، إلا أن الممثلين الذين أدوا أدوار هذه الشخصيات، تفاوت أداؤهم بين الجيد وغير المتمكن. بينما أدت لورا سميت دورها باقتدار، بوصفها الصورة الملهمة للمصمم.

مساعدات لوجستية

النسخة الأخرى من قصة حياة «سان لوران» مرشحة بقوة لأن تعرض في دورة «مهرجان كان السينمائي الدولي» العام المقبل، مدعومة بالمساعدات اللوجستية السخية التي قدمها رفيق لوران، وشريكه التجاري المقرب على مدى عقود بيار بيرجيه الذي لا يزال في عمر 83 قوياً، لكي يدعم بقوة النسخة المشروعة لقصة حياة رفيقه التي يخرجها بيرترون بونيلو، ويقوم بدور المصمم الشهير هذه المرة غاسبارد أوليار.

أوما ثورمان توقع لمعجبيها

تشارك الفنانة أوما ثورمان بفيلمها «نيمفومانياك» ضمن فعاليات مهرجان برلين السينمائي، ويتخذ الفيلم شكل حكايات «ألف ليلة وليلة»، فشارلوت غينسبورغ تتحدث طوال الليل عن مغامراتها، وكلما بدأت جزءاً جديداً منها نقلتنا الكاميرا إلى ذلك الجزء لتصويره. وفي الصورة تظهر أوما ثورمان وهي توقع أوتوغرافات لمعجبيها إثر وصولها لعرض فيلمها.

جزائري ينافس بفيلم عن المثليين

ينافس مخرج جزائري برازيلي هو كريم عينوز على جائزة "الدب الذهبي" في فيلم لن يجد طريقه إلى العرض في العالم العربي، اذ يركز على علاقة مثلية بين رجلين تدور احداثها بين البرازيل والمانيا.

ويشارك فيلم عينوز " شاطئ المستقبل" في المسابقة الرئيسية للأفلام، وهو الفيلم الخامس في مسيرته المهنية. وقد جرت العادة على أن تعرض أفلام عن حياة المثليين في "برلين السينمائي" في تظاهرة "بانوراما"، الا أن بعض هذه الأفلام يجد طريقه الى المسابقة الرسمية.

itoutanjipress@gmail.com

البيان الإماراتية في

13.02.2014

 

إسرائيل تروج نفسها واحة الصناعة السينمائية في المنطقة

برلين - ابراهيم توتنجي 

وسط غياب لأي تواجد عربي، تروج دولة الإحتلال لنفسها بوصفها "واحة الصناعة السينمائية" في منطقة الشرق الأوسط. وفي "سوق الفيلم الأوروبي"، الذي تجري فعالياته على هامش مهرجان برلين، وتشارك فيه أكثر من 600 شركة تمثيل وتوزيع افلام من مختلف مناطق العالم، يحجز الإحتلال الإسرائيلي لنفسه جناحاً ضخماً تحت عنوان " استثمر في إسرائيل حيث تحصل الأحداث الجذابة".

وتقدم دولة الإحتلال عرضاً جذاباً لمن يريد أن يقوم بالتصوير في "أراضيها" او عمليات الإنتاج وما بعد الإنتاج، 20 % حسومات على الضرائب، وتطرح نفسها بوصفها دولة ذات نكهات ثقافية وتاريخية متعددة، من دون الإشارة إلى القومية العربية بأي طريقة في سياق تعدادها لهذا التنوع.

واطلعت "البيان"على الملصقات واللافتات الترويجية التي تروجها من أجل جذب الاستثمارات، ويلاحظ التركيز على كلمة "شرق أوسطي" من دون ذكر كلمة عربي، وبالطبع غياب أي كلمة تحت مسمى فلسطين.

" من الشواطئ إلى الجبال إلى الغابات.. لديك كل شيء هنا بمتناولك وفي أقل من ساعة قيادة تستطيع أن تحصل على كل شيء". وفي الوقت الذي تعلن فيه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن الدولة هي حكر "قومية يهودية" ما يزيد من الاستيطان، ويطرد آلاف العرب الفلسطينيين ذوي الحقوق التاريخية من أراضيهم ويغدون لاجئين فيها، تطرح "إسرائيل" وجهها البراق لأكثر من 8 آلاف منتسب إلى "سوق السفر الأوروبي"، الذي يعتبر من أكبر الفعاليات التي يلتقي فيها منتجو وصناع ومروجو السينما في العالم.

أفلام مشتركة

وتعلن "اسرائيل" عن أسماء الدول التي شاركت بأفلام مشتركة معها خلال السنوات الماضية طمعا بجذب المزيد. وتتصدر فرنسا اللائحة بأكثر من 28 فيلماً روائياً تم انتاجها بشكل مشترك مع "تل أبيب"، ثم ألمانيا مع 14 فيلماً، فكندا بأربع أفلام، كما تضم اللائحة أيضاً كلاً من إيطاليا وبلجيكا وأستراليا وبولندا.

وتشارك هذه النوعية من الافلام في منصات أساسية في "برلين السينمائي" كل عام وتفوز بالجوائز. وفازت افلام اسرائيلية خلال السنوات الماضية بالدب الفضي ودب الكريستال ضمن "برلين". وفي كثير من المرات تحمل هذه الأفلام رسائل موجهة عن "الإرهاب الفلسطيني" في مواجهة "التحضر والسلام الإسرائيلي".

وعرض المهرجان 15 فيلماً طويلاً وقصيراً من اسرائيل هذا العام والذي سبقه.

وجوه عربية

وتشارك وجوه عربية في هذه الأفلام، من بينها الممثلة الفلسطينية هيام عباس التي تعتبر وجهاً رئيساً في أفلام الانتاج المشترك، مثل "العروس الفلسطينية"، الذي يروج له ملصق "استثمر في إسرائيل"! وتحمل اللافتات الترويجية لصناعة الافلام في دولة العدو عبارة "إلهام، ابتكار وتطوير"، مع صور لآثار رومانية وأبراج حديثة وزهور دوار الشمس وجمال وصحراء وجبال ووجوه مبتسمة وسعيدة.

وتغيب دول ذات تاريخ وثقل رئيس بالنسبة إلى صناعة السينما، كما مصر أو المغرب العربي، عن المشاركة في هكذا النوع من التظاهرات، كما تغيب أجهزة أخرى في دول الخليج متخصصة بالترويج لمدنها كونها وجهات لاستقطاب الأعمال الإنتاجية وخدمات الأفلام اللوجستية.

من جهة أخرى، يفتح "برلين السينمائي" لبعض الشباب العربي منصات من أجل التحدث بحرية عن أعمالهم، التي تطال القضية الفلسطينية، من وجهة نظرهم. وتعرض هذه الأفلام في صالات صغيرة نسبياً قياساً إلى الصالات التي تعرض فيها الأفلام الإسرائيلية.

وقد تمكن المخرج اللبناني الشاب روي ديب هذا العام من عرض فيلمه القصير "مونديال 2010"، الذي يصور رحلة متخيلة بين صديقين يقودان السيارة من بيروت إلى رام الله في ظهيرة يوم "مضجر" من أيام مونديال "كأس العالم 2010". ويصور المخرج رام الله عبر شرائط طلب من اصدقاء له تصويرها، ليقوم هو بتركيب قصة متخيلة حولها. وفي النقاش الذي تلا عرض فيلمه قال:" طالما هناك احتلال إسرائيلي للمدن الفلسطينية فهناك خوف أن تختفي هذه المدن وتاريخها العربي".

آلاف المستوطنات

بعيداً عن الصورة الزاهية التي تروجها دولة الإحتلال الإسرائيلي للسينما كونها "أرض الأحداث التي تخطف الأنفاس"، قام الكيان الصهيوني بقتل أكثر من 73 فلسطينياً فقط في العالم الماضي وتشريد الآلاف ونهب أراضيهم واستبدالها بآلاف المستوطنات.

itoutanjipress@gmail.com

البيان الإماراتية في

13.02.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)