حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان أبوظبي السينمائي السادس

«مهرجان أبوظبي السينمائي».. أفلام قالت حقيقتنا

نديم جرجورة

 

يكتشف المُطّلع على النصّ الرسمي الكامل للدورة السابعة (24 تشرين الأول ـ 2 تشرين الثاني 2013) لـ«مهرجان أبو ظبي السينمائي» أن ما ينتظره من أفلام وبرامج واحتفالات وتكريم يُشكّل مساحة واسعة من التعابير السينمائية المختلفة. البرامج، المرافقة للمسابقات الرسمية المعتادة، مليئة باستعادات وأعمال جديدة: أفلام أولى لمخرجين باتوا اليوم في واجهة المشهد. هيام عبّاس، الممثلة والمخرجة الفلسطينية التي تحتلّ مكانة بارزة في الصورة الدولية. إيقونات كلاسيكية. مئة عام على السينما الهندية. إلخ. المسابقات الرسمية، الخاصّة بالأفلام الروائية والوثائقية الطويلة، إلى جانب «مسابقة أفلام الإمارات» والأفلام القصيرة و«آفاق جديدة»، تتضمّن عدداً لا بأس به من عناوين «سطع نجمها» في المهرجانات الدولية، وها هي اليوم تنتظر لحظة إطلاق الدورة الجديدة هذه، لتُقدّم على الشاشات الكبيرة في إمارة أبوظبي شيئاً من «الحماسة الإنسانية»، كما كتب الزميل زياد الخزاعي في مقالته المنشورة في الموقع الإلكتروني للمهرجان (2 تشرين الأول 2013).

«الحماسة الإنسانية»؟ وصفٌ لافت للانتباه. وصفٌ يتناول مضامين أفلام غاصت في متاهات الشقاء، وفي مقاربات متنوّعة لـ«همّ الكائن الحداثيّ، الذي يواجه صعوداً غير مسبوق للعسف السياسي وحروبه، والظلم الاجتماعي وضحاياه الهامشيين، والمهانات الشخصية وخراب الضمائر، وتراجع الإيمان وخطايا ناكريه، وضياع الهويات واختلاط الأنساب وتعاظم الهجرات». أفلام تعكس مصائر أناس، وتحاول أن تقول شيئاً من واقع الخراب الإنساني والحضاري الذي أصاب العالم في هذا العصر المليء بالتناقضات. لكن، إلى جانب هذا كلّه، اختارت إدارة المهرجان «السينما الهندية» للاحتفاء بمرور مئة عام على ولادتها، واستعادت أفلاماً عربية أولى لمخرجين باتوا اليوم في واجهة المشهد السينمائي العربي والدولي، كالجزائري مرزاق علواش («عمر قتلته الرجولة»، 1977)، والسوري محمد ملص («أحلام المدينة»، 1983)، والمصريين رضوان الكاشف («عرق البلح»، 1993) وداود عبد السيّد («الصعاليك»، 1984)، والتونسي فريد بوغدير («حلفاوين، عصفور السطح»، 1990)، والعراقي عدي رشيد («غير صالح للعرض»، 2005)، واللبناني زياد دويري («بيروت الغربية»، 1998) وغيرهم: «يحرص المهرجان على توفير أكبر حيّز ممكن لمنجزات السينمائيين العرب من خلال تنظيم برامج خاصّة حول عناوين ومحاور على صلة بالسينما العربية»، كما جاء في التعريف الرسمي لهذا البرنامج، الذي أضاف أنها المرّة الثالثة على التوالي التي يتمّ فيها تخصيص حيّز مستقلّ بالسينما العربية، بعد «نجيب محـفوظ والسينما» (2011)، و«50 عاماً على السينما الجزائرية» (2012): «نواصل هذا العام المنحى عينه، ذاهبين إلى التجارب الأولى لمجموعة مختارة من السينمائيين العرب المميزين، الذين لم تكتف أعمالهم الأولى بالإعلان عن مواهبهم اللافتة، بل شكّلت أيضاً دالّة هامة على مسيرتهم المقبلة، وتعدت ذلك لتكون علامات فارقة في تاريخ السينما العربية».

بالإضافة إلى هذا، هــناك «شــذرات من الزمــن: ايقونات كلاسيكيــة»، تتضمّن 6 أفــلام أجنــبية، في إطار قناعة مفادها أن «قدرة الفيلم على قول حقيقتنا، أحياناً بعد عقود على عرضه، هي ما تمنح الفيلم أهميته». وأيضاً: «القوة الخالدة لهذه الأفلام المدهشة تأتي من استدعائها الحياة، وتجسيدها المشاعر الإنسانية على الشاشة. السرد والتجريد والسرعة والحركة والسكون والحياة والدهشة والموت... كلّها عناوين تستكشفها هذه الأفلام، مخلّفة لحظات لا تُنسى»: «أطلب الرمز ميم للقتل» (1954) لألفرد هيتشكوك، و«إفطار في تيفاني» (1961) لبلايك إدواردز، و«حدث ذات مرّة في الغرب» (1968) لسيرجيو ليوني، و«الحذاء الأحمر» (1948) لمايكل باول وإمريك بريسبورغر، و«لصّ بغداد» (1940) لباول وتيم ويلن ولودفيغ بيرغر، و«مظلاّت شيربور» (1964) لجاك ديمي.

بين برنامجي الأفلام العربية والأجنبية القديمة والمسابقات الرسمية وغيرها، يُقدّم «مهرجان أبوظبي السينمائي» مساحة ثقافية للتأمّل في أحوال الدنيا والحياة والعالم، من خلال تنويعات جمّة لمخرجين منتمين إلى أجيال مختلفة.

كلاكيت

صناعة المهرجانات

نديم جرجورة

بات الأمر واضحاً: مهرجانات سينمائية عربية "تقليدية" باتت في حكم "الموت السريري" (وربما "غير السريري" أيضاً)، ومهرجانات سينمائية عربية "جديدة" احتلّت مواقع أولى في خارطة المهرجانات العربية الدولية. بدأت هذه المعادلة بتثبيت مقولتها منذ أعوام عدّة. لا علاقة لـ"الحراك العربي" بالخراب الذي أصاب المهرجانات التقليدية، وبعضها كان "تقدّمياً" بمقاييس أزمنة تأسيسه. الخراب موجود لأسباب متعلّقة بسوء الإدارة والتنظيم، وبغياب كل أفق ثقافي وفني واضح، وبانعدام كل أشكال الخطط المستقبلية لتطوير أدوات التعبير، ولحماية المُنجَز من كل انهيار
الأفكار التي ساهمت في تأسيس المهرجانات في دمشق والقاهرة وقرطاج التونسية تعاني مآزق جمّة، لارتباطها بإيديولوجيات وحالات وانفعالات لم تعد قائمة في زمن الصورة والحركة والتطوّر التقني الهائل، الذي أفاد السينما كثيراً. الإيديولوجيات "قتلت" الإبداع، فبات الموت قدر مهرجانات بَنَت صيتها على الترابط الوثيق بين السينما والنضال السياسي والتغيير الاجتماعي والإصلاح الثقافي. وعندما انتهى مفعول الإيديولوجيات والمهرجانات الناشئة منها، بدا واضحاً أن هناك من يُفترض به أن يحتلّ واجهة المشهد، فبرزت مهرجانات خليجية ومغربية شكّلت، في الأعوام العشرة السابقة على الأقلّ، حيّزاً أهمّ وأكبر وأفضل من المهرجانات التي لا يزال بعضها يُصارع من أجل البقاء حيّاً بأي وسيلة ممكنة

لم يكن المال الوفير وحده سبباً لولادة مهرجاني دبي وأبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدّة. لم تكن رغبة في إطلالة دولية مختلفة وحدها سبباً لبروز مهرجان مراكش في المغرب. المال حاجة أساسية. لكن الأفكار الجديدة، التي تذهب إلى أنماط تجديدية في السينما العربية والأجنبية، مساعد جوهريّ على جعل المهرجان مكاناً للتواصل والنقاش. وإذا حافظ مهرجان مراكش على مصداقية دولية ما، جرّاء الخبرات الفرنسية والمغربية، والدعم شبه الكامل من القصر الملكي له، فإن مهرجاني دبي وأبو ظبي وجدا في برنامجي "إنجاز" و"سند" ما "يورّطهما" في الإنتاج السينمائي، ويجعلهما منخرطين في صناعة السينما، بدلاً من الاكتفاء بعروض ولقاءات. هذا ما حاولت قطر أن تفعله أيضاً عبر "مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي الدولي"، الذي فشل فشلاً ذريعاً في تثبيت مكانة ما له، فتمّ إلغاؤه وإتاحة المجال أمام اختبارات أخرى ستشهدها الدوحة في العام 2014.

يُمكن القول إن إمارتي دبي وأبو ظبي حاولتا ابتكار نمط جديد في صناعة المهرجان السينمائي، منبثقٍ من مزيج المال والرغبة في التفوّق وجدّية العمل والوعي المعرفي السليم بأهمية الفعل الثقافي للصناعة السينمائية. ومع مهرجان مراكش، بات عليهما مواكبة التحوّل الذي عرفته السينما العربية، تقنياً ودرامياً وجماليات، كي يستقيم حضورها في العصر واللحظة الراهنة. بات على هذه المهرجانات الثلاثة أن تبحث عن مزيد من أدوات ومفاهيم جديدة تتلاءم والفعل الإبداعي لصناعة سينمائية عربية متحرّرة من الخطاب الجماعي، ومن التقوقع في أطر "القضايا الكبيرة".

فهل بات للمهرجانات الجديدة "قضية كبيرة" واحدة، هي السينما؟

السفير اللبنانية في

24/10/2013

 

مهرجان أبوظبي السينمائي السابع يحتفي بتجربتها الثرية

السينما الهندية: مئوية الإبهار والواقعية الحالمة

إبراهيم الملا 

يحتفي مهرجان أبوظبي السينمائي في دورته السابعة التي تنطلق مساء اليوم بقصر الإمارات بالسينما الهندية العريقة التي تحتفل هذه الأيام بمرور مائة عام على انطلاقتها.

ويقدم مهرجان أبوظبي لجمهوره السينمائي في الإمارات بهذه المناسبة مجموعة متنوعة من الأفلام التاريخية والجماهيرية والمستقلة التي قدمتها السينما الهندية بصيغ فنية وبصرية وروائية متعددة، استطاعت من خلالها أن تتصدر صناعة الأفلام في العالم بإنتاجها لأكثر من 100 فيلم في العام الواحد، وبأرباح تتجاوز سقف الأربعة مليارات دولار، وهو رقم قابل للنمو بعد أن بدأت شركات الإنتاج في بوليوود بالتعاون مع شركات الإنتاج الشهيرة في هوليوود مثل ديزني وفوكس وورنر برذرز من أجل تمويل الموجة القادمة من هذه الأفلام.

ومع وجود فرص التمويل المتنوعة والمتزايدة هذه، يتوقع النقّاد أن تصل الأفلام الهندية قريبا للجودة الفنية المضاهية لأفلام الغرب، وأن تتجاوز الكثير من العقبات التقنية والمناهج التقليدية للتوليف والمعالجة الإخراجية والكتابة السينمائية.

ويقدم مهرجان أبوظبي في دورته الحالية برنامجا خاصا يضم مجموعة مختارة من أبرز الأفلام الهندية ولألمع المخرجين المعروفين في المشهد السينمائي الهندي والدولي، وتشكل هذه الأفلام علامة فارقة في إيجاد حساسية فنية ولغة سينمائية جديدة في الوقت الذي تعكس فيه الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي من خلال تجارب سينمائية تطمح إلى التميز والاستقلالية، خصوصا لدى مناقشتها لمواضيع ساخنة ومتوترة مثل الظلم والفساد وعدم المساواة، وتقديم هذه الحكايات المتراوحة بين الحلم والانكسار وبين الألم والنشوة في قالب بصري فائض بالأحاسيس وبالاكتشافات الصادمة لواقع الحياة في القارة الهندية الشاسعة.

ويأتي في مقدمة الأعمال المخصصة لهذه الاحتفالية فيلم “الرياح الحارقة” المنتج في عام 1974 والذي قدمه المخرج م. ج. ساتيو وترشح لجائزة الأوسكار في ذلك العام، وهو الفيلم الذي قدم اسم (ساتيو) كأحد الملهمين والرواد لظاهرة الموجة الجديدة في السينما الهندية، ويحكي الفيلم قصة كفاح وعذابات عائلة مسلمة بعد تقسيم الهند.

كما يعرض مهرجان أبوظبي في سياق الاحتفالية مختارات من أعمال المخرج الراحل (جورو دوت)، الذي يعد أحد أهم أعمدة السينما الهندية على مدى تاريخها، والذي اعتبره البعض (أورسون ويلز) الهند، وقد اختارت مجلة “التايم” في عام (2005) عملين من أعماله من بين أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما العالمية، وسيعرض المهرجان شريطه المهم “الظمأ” الذي أنتجه ومثّل فيه فضلاً عن إخراجه، ويحكي فيه قصة شاعر يبحث عن الاعتراف به إبان مرحلة ما بعد استقلال الهند، كما سيعرض ضمن هذا البرنامج فيلم “خيط الذهب” الذي أنتج عام 1965 لريتوييك جهاتاك، الذي أُدرج نقدياً ضمن تيار الواقعية الجديدة، والذي حاز المرتبة الحادية عشرة في استفتاء للنقاد السينمائيين أجرته مجلة “سينمايا”. وعلى الرغم من شهرته المتواضعة عند وفاته، كان لأسلوب (جهاتاك) الأثر الواضح على عدد من المخرجين الشبان مثل تلميذه المخرج ماني كول، الذي سيعرض له المهرجان فيلما بعنوان مثير وهو “حيرة في عقلين” من إنتاج العام (1973).

وبجانب هذا البرنامج المستقل، سيستضيف مهرجان أبوظبي مجموعة من الأفلام الهندية ضمن مسابقاته الرسمية المختلفة، ومن هذه الأفلام “سيدهارت” للمخرج ريتشي مهتا وهو من إنتاج هندي وكندي مشترك، ويعرض ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، أما فيلم “قصة” للمخرج أنوب سينغ وهو إنتاج هندي وألماني وفرنسي مشترك فيعرض في مسابقة آفاق جديدة المخصص للمخرجين الشبان في أعمالهم الروائية الأولى أو الثانية.

أما قسم العروض السينمائية العالمية في مهرجان أبوظبي فسوف يستضيف فيلمين هنديين هما “صندوق المجوهرات” للمخرج أبارنا سن، وفيلم “خنزير” للمخرج ناغراج مانجولي.

توابل بصرية

يعد المخرج (دادا صاحب بهالكي) المؤسس الأول للسينما الهندية بمقاييسها التطبيقية التي تجاوزت فنون الفرجة واستعادة الملاحم التاريخية في المسرح الهندي، وذلك عندما قدم أول فيلم روائي طويل في تاريخ السينما الهندية، وبالتحديد في 21 أبريل عام 1913 وحمل الفيلم عنوان “راجا هاريشندرا” ـ وذلك قبل اكتشاف تقنيات الصوت ـ وهو فيلم مقتبس من الأساطير الهندية المشحونة بالغرائبيات والأبعاد الميثولوجية العميقة الجذور في الثقافة الهندية، وتناول هذا العمل الصامت حكاية قديمة لملك شريف ضحى بمملكته وزوجته وأطفاله كي يوفي بوعده لأحد القديسين، وما زال هذا الملك أو (الراجا) حاضرا في المخيلة القصصية الهندية كرجل أسطوري نبيل يجسد المثاليات النادرة عند الأبطال الهنود التاريخيين.

وكان عرض الفيلم في ذلك الوقت حدثا استثنائيا لا يمكن إهماله لأنه أطلق الشرارة الأولى لسينما باتت الآن متفردة وتحمل مذاقا خاصا ومزدحما بالبهارات والتوابل البصرية والسمعية والتي ما زال وقعها اللاذع والحاذق حاضرا ومتوهجا إلى اليوم في أغلب صالات السينما في العالم.

ويذكر المؤرخون أن البداية الحقيقية لتعرف النخب المثقفة في الهند على الصورة السينمائية كانت في العام 1896 عندما عرض الأخوان الفرنسيان لوميير في بومباي (مومباي حاليا) ستة أفلام قصيرة صامتة، وقبل عام من عرضها بشكل رسمي في العاصمة الفرنسية باريس.

ومع ظهور فيلمه الأول أصبح (دادا صاحب بهالكي)، هو الأب الروحي للسينما الهندية، واتخذه المخرجون الذين أتوا من بعده نموذجا ومثالا للشغف السينمائي الناطق بخصوصية التاريخ والجغرافيا الهندية سواء في المستوى الأفقي المتماهي مع الأحداث اليومية والراهنة، أو مع المستوى العمودي الذي يناقش إشكالات اللغة والدين والطبقية والفوارق الاجتماعية داخل هذا النسيج الواسع من الإثنيات العرقية الحائرة بين الصراع والاندماج وبين الوحدة القومية والشتات العقائدي.

وتشير مدونات الأرشيف السينمائي الهندي أن بدايات هذا الفن الطليعي كانت مليئة بالمفارقات، حيث لم يكن مسموحا في ذلك الوقت للنساء بالقيام بأدوار في الأفلام، وكانت تتم الاستعاضة بالرجال لتمثيل الأدوار النسائية، وهو الأمر الذي شهد ثورة معاكسة بعد سنوات قليلة عندما أصبحت المرأة هي عصب ونواة ومحور الأفلام الناطقة، كما تصدرت المرأة معظم الأفلام الملونة في الستينيات وما بعدها عندما أصبحت التابوهات الاجتماعية في الهند محلا للنقاش والجدل، بل أن بعض الممثلات قمن بأداء أدوار لشخصيات نسائية تاريخية كرموز نضالية ضد التهميش والإقصاء والنظرة الدونية التي عانت منها المرأة الهندية لحقب طويلة.

وكان عام 1931 عاما تاريخيا بالنسبة للسينما الهندية، بفضل إدخال الصوت في الأفلام، فظهر أول فيلم سينمائي ناطق، وهو “ألام آرا”، وكان باللغة الأوردية الشائعة وحقق شهرة مدوية في جميع أنحاء الهند، وتلاه في نفس العام فيلم “بهاكتابراهلادا” بلغة التيلوغو ثم فيلم “كاليداس” باللغة التاميلية.

أحدث الفيلم الناطق تغييرا جذريا في السينما الهندية، حيث لعبت النساء أدوارا في الأفلام وكانت هناك محاولات لإنتاج أفلام ناطقة في الثلاثينيات بلغات محلية مختلفة، وأحدثت فكرة أن يسمع ويشاهد المرء فيلما بلغته الأم انتشارا لصناعة الأفلام في جميع أنحاء الهند. ومع تقدم تقنيات الصوت في الثلاثينيات، شهدت السينما الهندية إدخال الموسيقى، من خلال إنتاج أفلام غنائية مثل “إندراسابها” و”ديفي ديفياني” معلنة بذلك بداية الأفلام الهندية التي تتميز بالاستعراضات الغنائية، ثم انتشرت استوديوهات التصوير بتسارع مذهل في المدن الكبرى مثل مدراس وكلكاتا ومومباي، حيث أصبحت صناعة السينما حرفة معروفة وقائمة بذاتها بحلول العام 1935.

وفي العام 1937 شهدت الهند ظهور أول فيلم ملون بعنوان “كسيان كانيا” ومن تنفيذ المخرج أردشير إيراني، وفي العام الذي تلاه نفذ ذات المخرج فيلماً ملوناً آخر هو “أمنا الهند” أو Mother India مع ذلك لم تشهد الأفلام الملونة حضورا شعبيا حتى نهاية الخمسينيات. ففي ذلك الوقت كانت الأفلام الموسيقية الرومانسية ذات الإنتاج الضخم وأفلام الميلودراما هي المصدر الرئيسي للدخل في السينما، وكان من ضمن الممثلين الناجحين في تلك الفترة كل من ديف أناند وديليب كومار وراج كابور، أما الممثلات الناجحات فكان منهن: نرجس ومينا كوماري ونوتان ومادوبالا.

أحلام الفقراء

رغم تفاوت الأفكار والمواضيع والقصص التي تناولتها السينما الهندية في بداياتها، ورغم ميلها الواضح لبث الحياة في الحكايات الخرافية اللصيقة بمغامرات العشاق وسير الشخصيات المعروفة التي لم تستطع الكتب والمسرحيات أن تمنحها هذا الدفق البصري الملامس لحواس المشاهدين البسطاء في الهند، إلا السينما هناك وبتأثيرها السحري وخلطتها المشحونة بالميلودراما والكوميديا والرقص والغناء، استطاعت في حقبة الستينيات وما بعدها أن تخلق واقعا بديلا لقسوة التبدلات الاجتماعية والكثافة السكانية التي جلبت معها ظواهر جديدة مثل غياب الطبقة المتوسطة وشيوع الفقر والبؤس كحالة عامة ومسيطرة، وهو الأمر الذي حول السينما إلى ما يشبه الغيبوبة اللذيذة التي أمّنت للطبقات المسحوقة رغيفا من الأحلام المؤقتة، ووجبة من الخيالات والأوهام العاطفية المخففة نوعا ما من وطأة الإحساس الواقعي المؤلم لدى هذه الطبقة.

ولذلك فليس من المستغرب عندما تتباهى الهند بإنتاج ما يقرب من ربع إنتاج العالم من الأفلام بلغات متعددة بما يزيد على 13.000 دار عرض ويصل عدد مشاهديها إلى 15 مليون مشاهد يوميا، رغم الحقيقة المرة، وهي أنها مدفوعة بالاختلافات الحادة في الدين والطبقة الاجتماعية والعرق واللغة، “لكن الجميع يضحكون ويبكون معا أثناء مشاهدة هذه الأفلام” حسب وصف الناقدة الهندية براكريتي غوبتا.

لقد قدمت السينما الهندية أنواعا مختلفة من الترفيه، من الرومانسية التي تعطي مذاقا للفيلم إلى الاستعراضات الغنائية المتعددة في مواقع التصوير المحلية المدهشة، والحركات المثيرة في عالم الجريمة، إلى الميلودراما الاجتماعية القوية والقصص الوردية المبهجة. ومن الأفلام الأخاذة التي تلقى رواجا حتى ضمن الأفلام المتعددة المنتجة خصيصا للهنود الذين يتحدثون الإنجليزية، والأفلام الخاصة بالهنود غير المقيمين في الهند التي تتميز بالمحتوى المؤثر والمشبع بالحنين والاقتران بالوطن.

ويمكن القول إن ذروة صناعة السينما الهندية بمفهومها التجاري انطلقت في الستينيات من القرن الماضي مع ولادة الجيل الذهبي الذي بشّر به ممثلون سيطروا لزمن طويل على الشاشة الهندية وتحولوا إلى ما يشبه الأيقونات والأساطير الحية في تلك الفترة ونذكر منهم الممثل راجيش كاناه، وبران، ووحيد رحمان، وسونيل دوت، والممثلة ممتاز، بالإضافة إلى العديد من النجوم الآخرين كالنجم راج كومار وشاشي كابور وشرميلا طاغور، حيث قدموا نتاجات ما زالت خالدة في ذاكرة عشاق السينما الهندية مثل فيلم “وقت” الذي ظهر مدويا في العام 1965، وفيلم “ديفار” أو (جدار) في العام 1966 من بطولة النجمين دارمندرا وكيشور كومار.

وجاءت فترة السبعينيات والثمانينيات لتكون المرحلة الأكثر ازدهارا في ذلك الوقت، حيث عرفت تطورا ملحوظا في تقنيات الإخراج والأداء التمثيلي وتقديم قصص توازن بين الرصد الاجتماعي ونقد الواقع وبين الترفيه كجرعة نفسية تمنح أملا افتراضيا وتفاؤلا معنويا للطبقات الكادحة والمهمشة في الهند، وتحول ممثلون سيطروا على تلك الحقبة أمثال أميت باتشان الذي يمثل جيل الغضب، ومعه فيروز خان وفينود خانا إلى شخصيات كاريزمية وملهمة لقطاع واسع من الشباب الهندي المتمرد الباحث عن مستقبل أفضل وحياة تتجاوز الظروف القاسية.

رومانسية وإثارة

وبرز هذا الهاجس التغييري بشكل واضح في فيلم مهم وهو فيلم “شعلة” أو Sholay الذي استطاع أن يحقق المطلب الجماهيري دون أن يتنازل عن الشرط الفني وتقديم قصة مؤثرة في قالب روائي محكم.

ومع أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات عرفت السينما الهندية طفرة وقفزة نوعية من جميع النواحي، حيث عرفت تطورا لا بأس به في استعمال تقنيات بصرية جديدة والتطرق لمواضيع شبه محظورة كما عرفت ظهور نجوم بارزين، ورغم أن قصص هذه الأفلام بقيت تتخذ نفس منحى مثيلاتها القديمة حيث إنها تجمع بين الرومانسية والإثارة والتشويق، إلا أنها عرفت نجاحا أكثر بسبب الإقبال الكبير عليها خصوصا بعد ظهور ممثلين حملوا بالصدفة لقبا مشتركا هو (خان): أمير خان، وسلمان خان، وشاه روخ خان، الذين استطاعوا بسط سيطرتهم على بوليوود وأصبحت لهم شعبية جارفة، ومن الأفلام التي لاقت نجاحا باهرا في اوائل التسعينيات فيلم “قلب” أو (Dil).

وخلال منتصف التسعينيات عرفت السينما الهندية انفتاحا أكثر على العالم الخارجي حيث أصبح المخرجون يلجأون إلى دول أوروبية للتصوير فيها، أبرزها سويسرا التي صورت بها العديد من الأفلام.

كما عرفت تطورا أكثر في كلفة الإنتاج فكانت الحصيلة ظهور أفلام عرفت نجاحا ساحقا نافست مثيلاثها الغربية وبالخصوص الأميركية منها، وازدادت هذه الأفلام تطورا أكثر فباتت تنافس السينما العالمية، وذلك من خلال تطرقها لمجمل المواضيع السينمائية سواء في الأفلام الرومانسية أو أفلام الحركة أو الأفلام السياسية، أو حتى الجريئة في مشاهدها العاطفية، حيث أصبحت السينما الهندية حاليا تتطرق لمواضيع كانت تعتبر محرمة بالسابق.

ومع دخول القرن الواحد والعشرين ازداد بريق السينما الهندية بعد استعانتها بالتقنيات الحديثة، وانتشرت في جميع أنحاء العالم واستطاعت الحصول على احترام الجميع حتى أصبح حلم الكثير من الممثلين والمخرجين العالميين هو العمل في هذه السينما القادمة بعنفوان وطموح من قلب الشرق.

والمتابع للأفلام الهندية الحديثة يجد ميلا للتطرق إلى سينما الرعب والخيال العلمي بشكل غير مسبوق، ورغم الحسابات الربحية الحذرة التي تفرضها هذه النوعية من الأفلام إلا أن وجود الممثلين النجوم وتوافر التقنيات الحديثة، صنع لهذه الأفلام سوقا رائجة بين جمهور كبير من المراهقين وعشاق الأفلام الغرائبية.

الممثل علي خميس: شاهدناها في سينما (هارون) واستخدمنا (الريل) لتسجيل حواراتها واستعاداتها

السينما الهندية في الإمارات: غواية التقليد.. الأعمى

تزامن عرض الأفلام الهندية في الإمارات مع بدايات ظهور دور السينما بأنماطها المتواضعة والبسيطة والمتناسبة مع قلة الكثافة السكانية في الفترة التي سبقت قيام دولة الاتحاد، ويورد لنا الفنان الإماراتي المعروف علي خميس بعض التفاصيل الشخصية هنا حول علاقته بالأفلام الهندية في بداياتها، ويقول: “تعلقت منذ طفولتي بالأفلام الهندية التي كنت أشاهدها في سينما (هارون) بالشارقة في الستينيات، لأنه لم يكن هناك من جاذب لي غير طقس المعايشة الخيالية مع جو الفيلم الهندي ذي الطابع الخاص والطعم المختلف، ثم أنني ومن شدة تعلقي بأبطال الفيلم كنت أقوم بتقليدهم في كل شيء ابتداء من الملابس وطريقة المشي وليس انتهاء بتسريحة الشعر، وكان أهلي وأصدقائي يطلقون علي لقب (راجيش كنّا) الذي كان من أشهر الممثلين الهنود في أواسط الستينيات، حيث كنت أتقمص شخصيته بشكل أعمى ولا إرادي”.

ويضيف علي خميس: “من الأشياء الطريفة التي أذكرها الآن، أننا وفي الأيام المخصصة لعروض النساء كنا نلتحف العباءات النسائية ونتحمل المخاطرة حتى لا تفوتنا الأفلام التي لم نشاهدها، وكنا نذهب للسينمات الأخرى في دبي وعجمان ونلاحق الفيلم الهندي الجديد أينما عرض، ومع أننا كنا نقلد الأبطال الطيبين في الأفلام، إلاّ أن شريحة أخرى من أصدقائنا كانت تقلد الشخصيات الشريرة أمثال الممثلين (بران) و(آجيت)، وأذكر أن حلمي الكبير الذي كنت أعلنه على أصدقائي في المدرسة هو المشاركة في الأفلام الهندية مستقبلا، وحاولت في السبعينيات أن أراسل إحدى الجامعات الهندية المختصة بالسينما كي أدرس فنون التمثيل بالمراسلة، ولكن شرط الجامعة كان يتمثل في الحضور الشخصي ولم أذهب لارتباطي بالعمل، ولكن حلمي الشخصي بالتمثيل في قلب (بوليوود) لم يجهض، وتحقق فعلا عندما شاركت مؤخرا في الفيلم الهندي العالمي “تاج محل” للمخرج المعروف (كبير خان)”.

ومن الطرائف التي يوردها علي خميس أن بعض الأشخاص كانوا يحضرون معهم أثناء مشاهدتهم للأفلام الهندية في السينما مسجلات (الريل) القديمة، وكانوا يسجلون كل ما يرد في الفيلم من أغان وحوارات، وفي طريق عودتهم الطويلة إلى بيوتهم مشيا على الأقدام، كانوا يعيدون سماع الفيلم مرة أخرى ويستعيدون كل أحداثه وبالتفصيل!”.

ويضيف علي خميس: “إن وجود السينمات الأولى في الإمارات ساهم في خلق مناخ من الحرية والفضول والمغامرة والرغبة في السفر، ورؤية العوالم السينمائية كما هي في أماكن تصويرها الحقيقية، لقد خلقت هذه السينمات ثقافة التسامح مع الجنسيات والديانات الأخرى، وثقافة الحوار والتبادل المعرفي مع الآخر، ورغم أن معظم هذه الأفلام كانت قائمة على عنصرين أساسيين هما الخيال والمبالغة الدرامية، إلا أنها ساهمت في تعلقنا بالتمثيل وتشجيعنا على خوض المغامرة الدرامية المحلية، وخلق الملامح الأولى للتمثيليات والسهرات التلفزيونية والأعمال المسرحية في الإمارات أواسط الستينيات وما بعدها”.

في سياق مضاد ومختلف يرى بعض المعاصرين لفترة ظهور السينما الهندية في فترة مبكرة من تاريخ الإمارات أن الأفلام الهندية في الستينيات والسبعينيات ساهمت وبشكل سلبي في التبشير للطقوس البوذية، كما أنها ساهمت في هروب كثير من الشباب من الدراسة، وتكوين ظاهرة العصابات العشوائية التي امتهنت الجريمة وممارسة السرقة كنوع من التقليد الأعمى لأبطال وأشرار الأفلام الهندية. ويوضح هؤلاء المنتقدون لهيمنة السينما الهندية في تلك الفترة، أن سبب إقبال الجمهور عليها كان يعود لخلطتها السحرية التي تجمع بين الميلودراما والأغاني العاطفية والمواضيع الخيالية التي جعلت جيوب موردي هذه النوعية من الأفلام تمتلئ ذهبا، وكانت صالات سينما (ميترو) في منطقة البحيرة حاليا بالشارقة، وسينما النصر هي الوحيدة التي لم تكن تعرض أفلاما هندية، وكأنها تغرد وحيدة خارج السرب. ويشير بعضهم إلى أنه في منطقة السطوة بدبي كانت هناك سينما تعرض الأفلام الإيرانية فقط، وكانت هذه الأفلام أكثر واقعية وأكثر تناولاً للمشاكل الإنسانية والاجتماعية مقارنة بالأفلام الهندية المنسوخة قصصها من الأفلام العالمية الشهيرة والمليئة بالمشاهد اللامعقولة وبالأبطال الخارقين والأحداث التي لا يمكن أن تتحقق سوى في الأحلام!

الإتحاد الإماراتية في

24/10/2013

 

تطلق مهرجانها السينمائي السابع اليوم في قصر الإمارات بفيلم إماراتي أميركي

أبوظبي.. في طقس السينما

شهيـرة أحمـد 

تدخل أبوظبي اليوم في مزاج مختلف.. وللمدن أمزجة متكررة لا تختلف عن بعضها إلا نادراً. اليوم.. تفرج أبوظبي عن بعض ما تحمله الحياة من جماليات، ربما تغيب عن الكثيرين لأسباب كثيرة، تلك الجماليات التي تفتحها في أرواحنا السينما، بكل سحرها وجمالها ودالتها على القلوب والعقول. اليوم، في السابعة مساء على وجه الدقة، تفتح صالة العروض الكبرى في فندق قصر الإمارات ستارتها لتعرض فيلم “حياة الجريمة”، معلنة انطلاق فعاليات الدورة السابعة لمهرجان أبوظبي السينمائي الدولي، ومعها تفتح العاصمة المشهد السينمائي العالمي لتدخلنا فيه، فيما هي تدخل في مزاج ثقافي محمول على ألق الصورة.

بالكادر والشريط والصورة ولغتها المشهدية تعلن المدينة هذا المساء حضورها السينمائي بوصفها واحدة من المدن التي تحتضن مهرجاناً بارزاً يعنى بالفن السابع.

لا تنبع أهمية مهرجان أبوظبي السينمائي من كونه يفتح العين على الصورة السينمائية بكل ما تحمله من جماليات وسطوة سحرية، وإنما أيضاً من كونه ينتبه إلى أثر السينما البليغ والبالغ في الأفراد والمجتمعات، وبالتالي في تغيير الناس، ومع التغيير بكل ما يحمله من دلالات ومعان وإشارات يمكنك أن تضع ما تشاء أيضاً من ألفاظ تفيد معنى بناء الإنسان روحياً وجمالياً خصوصاًً في منطقتنا العربية التي تعاني كماً هائلاً من اللاجمال لأسباب كثيرة تبدأ بالأمية والجهل ولا تنتهي بمشاهد القتل التي تجري على قدم وساق في غير ساحة عربية. بهذا المعنى، يقوم مهرجان أبوظبي السينمائي، مثل كل فعل ثقافي آخر، على جملة من التصورات والبرامج والفعاليات التي تمنحه قسماته.

وتشكل ملامحه العامة.. فيما تتكفل العروض السينمائية وحواراتها والأنشطة المصاحبة لها بإكمال التفاصيل.

أرقام.. وأقسام

يكرّس مهرجان أبوظبي السينمائي جهوده لاكتشاف أفلام جديدة، لتقديم أفضل الأعمال التي عرضت في أبرز مهرجانات العالم. وبحسب علي الجابري، مدير المهرجان، فإن المهرجان اختار “باقة من الأفلام والأسماء السينمائية التي حققت حضوراً في المشهد السينمائي العالمي وحازت ثناءً نقدياً كبيراً.. وجمعت فقرات هذه الدورة أفضل ما أنتج سينمائياً على الصعيدين العربي والعالمي لهذا العام”.

ويعرض المهرجان في دورته السابعة التي تستمر حتى الحادي عشر من نوفمبر المقبل (166 فيلماً) من 51 دولة في أقسامه المختلفة، (92 روائياً طويلاً، 72 فيلماً قصيراً من العالم العربي والعالم ). ومن بين الأفلام المعروضة 11 فيلماً في عرضها العالمي الأول، و 6 أفلام في عرضها الدولي الأول ويقصد به عرضها لأول مرة خارج بلد الإنتاج.

وتعكس عروض المهرجان ومسابقاته طيفاً واسعاً من التقنيات والأساليب الإخراجية ونوعيات الأفلام (روائية ووثائقية وتسجيلية، طويلة وقصيرة)، والموضوعات (21 حقلاً ونوعاً أدبياً تكاد تغطي مجالات الحياة الإنسانية في تجلياتها المختلفة، منها على سبيل المثال: أفلام الإثارة، الاغتراب، التحريك، الحرب، الخيال العلمي، الدراما، الرعب، الرومانسية، السياسية، الموضة والكوميديا وغيرها). ويضم المهرجان ست مسابقات هي: (مسابقة الأفلام الروائية، مسابقة الأفلام الوثائقية، مسابقة آفاق جديدة، عالمنا، مسابقة الأفلام القصيرة ومسابقة أفلام من الإمارات)؛ فضلاً عن عروض السينما العالمية التي تعرض نخبة من الأفلام التي حازت صدى إعلامياً لدى عرضها في مهرجانات السينما العالمية، مثل: “فصل في حياة جامع خردة” لدانيس تانوفيتش، “لمسة الخطيئة” لجيا زانجي، “غيرة” لفيليب جاريل، “لهؤلاء الذين لا يبوحون بالحكايات” لياسميلا زبانيتش، “إيدا” لبافل بافليكوفسكي، “الولد سر أبيه” لهيروكازو كور- إيدا، “الأحباء وحدهم تركوا أحياء” لجيم جارموش، “فيلومينا” لستيفن فريرز وفيلم الافتتاح “حياة الجريمة” لدانييل سكشتر من بطولة تيم روبنز وجينيفر أنيستون.

ويتنافس في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة 16 فيلماً: “إعادة البناء” لخوان إستيبان تراتوتو، “إيدا” لبافل بافليكوفسكي، “بلادي الحلوة.. بلادي الحادة” لهينر سليم، “تحت رمال بابل” لمحمد جبارة الدراجي، “تحركات ليلية” لكيلي رايخات، “حكايات الحلاق” لجون روبلز لانا، “السطوح” لمرزاق علواش، “سيدهارث” لريتشي مهتا، “عدو” لدني فيلنوف، “غيرة” لفيليب غاريل، “فرش وغطا” لأحمد عبدالله، “فصل من حياة جامع خُردَة” لدانيس تانوفيتش، “فيلومينا” لستيفن فريرز، “لمسة الخطيئة” لجا جنكي، “لهؤلاء الذين لا يبوحون بالحكايات” لياسميلا جبانيتش.

أما في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة فهناك 14 فيلما: “بلح تعلق تحت قلعة حلب” لمحمد سويد، “ثورتي المسروقة” لناهيد بيرسون سارفستاني، “جدران” لفرانشيسكو كونفرسانو، نيني غرينيافيني، “جمل البروُطة” لحمزة عوني، “الحوت الأسود” لجابرييلا كوبرثوايت، “الدكتور فابر سيعالجك” لبيير كوليبوف، “فريق القتل” لدان كراوس، “في الحياة الواقعية” لبيبان كدرن، “القيادة في القاهرة” لشريف القشطة، “مدرسة بابل” لجولي برتوتشيللي، “من هو دياني كريستال؟” لمارك سيلفر، “هذه الطيور تمشي” لعمر موليك، باسم طارق، “همس المدن” لقاسم عبد.

ويتنافس في مسابقة آفاق جديدة 15 فيلماً: “أحبّني” لهانه ميرين، “اسمي همممم” لأنييس تروبليه، “بستاردو” لنجيب بلقاضي، “بِل” لأَما آسانتي، “بوتوسي” لالفريدو كاسريوتا، “حياة ساكنة” لأوبيرتو بازوليني، “زرافاضة” لراني مصالحة، “سالفو” لفابيو جراسادونيا، أنطونيو بياتسا، “الشبيه” لريتشارد أيودا، “الظلّة” لآرون ويلسون، “فيللا 69” لأيتن أمين، “قبل سقوط الثلج” لهشام زمان، “قصَة” لأنوب سينغ، “مصطلح مختصر 12” لدستن دانييل كريتون، و”مواعيد عشوائية” لليفان كوغواشفيلي.

وعلى جائزة “عالمنا” تتنافس 8 أفلام هي: “اتسينكي: قصة رعاة بقر القطب الشمالي” لجيسكا أوريك، و”إفراغ السماوات” لدوجلاس كاس، و”الحقل المقدس.. الحرب المقدسة” لليخ كوفالسكي، و”الحوت الأسود” لجابرييلا كوبرثوايت، و”المساعدة المهلكة” لراوول بيك، و”هارلوك: قرصان الفضاء” لشينجي أراماكي، وأخيراً و”عد باندورا” لروبرت ستون.

وتضم مسابقة أفلام الإمارات (المنصة الأولى للإماراتيين والخليجيين لعرض أفلامهم ومشاركة تجاربهم) مجموعة متنوعة من الأفلام، منها 16 فيلماً روائياً قصيراً: “أبجديات الأبوة” لحمد العور، “ترام” لهالة مطر، “ثلج” لعمر إبراهيم، “سراب” لمريم فروحي، “صافي” لأحمد زين، “غرفتي زهرية اللون” لفشان شارما، “كتاب الرمال” لبدر الحمود، “مدرسة” لديفيد مور ومحمد بن إسحاق، “بدون” لمحمد الإبراهيم، “تمرد” لابراهيم المرزوقي، “سيد الأفكار” لبلال أنتيلي، “عبور” لهيثم الموسوي، “عيد ميلاد يونس” لمحمد العتيبة، “فلسفة ديك” لياسر النيادي، “كاتشاب” لحسن الجابري، و”مع الزمن” لملاك قوته.

أما الأفلام الوثائقية القصيرة في مسابقة أفلام من الإمارات فهي: “إطعام خمسمائة” لرافد الحارثي وري حداد، “أناس صغيرة” لدانيال ملاك، “بدر” لسارة السعدي وماريا أسامي ولطيفة الدرويش، “التداوي بالجمل” لفهد الكندري، “تركيب الأمل” للطيفة الدرويش وروضة المغيصيب. ويتسع البرنامج لأفلام تعرض خارج المسابقة وهي: “أوراق” لعبد العزيز البطاشي، “التاجر” لحمزة سامي، “تضحية ملكية” لراشد النعيمي، “حادث” لياسر القرمزي، “سائق التاكسي” لشداد المسلمي، “قهر الرجال” لسعيد الماس، “ماريونيت الدمي المتحركة” لصوفيا جواد، “هدية” لصادق بهبهاني.

انتباهات

ثمة عدد من الانتباهات والالتفات التي تميز مهرجان أبوظبي السينمائي هذا العام، منها جائزة جديدة مهمة تضاف إلى جوائزه المعروفة وهي “جائزة حماية الطفل” التي تم استحداثها بالشراكة مع مركز حماية الطفل بوزارة الداخلية الإماراتية، وتهدف إلى لفت الانتباه إلى ذلك النوع من الأفلام التي تعزز الوعي بالقضايا المتعلقة بالأطفال، وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لحمايتهم من سوء المعاملة والإهمال. تبلغ قيمتها مائة ألف دولار أميركي تمنح لأفضل فيلم بواقع 70 ألف دولار وأفضل سيناريو بواقع 30 ألف دولار. ويتنافس على جوائزها 13 فيلماً طويلاً و7 أفلام قصيرة من أهمها: “الولد سر أبيه” لهيروكازو كوري – أيدا، و”مدرسة بابل” لجوني برتوتشيللي، و”اسمي هممممم..” لأنيس تروبليه، و”زرافاضة” لراني مصالحة.

وفي لفتة إلى الأعمال التي حققت حضوراً في المشهد السينمائي العربي بشكل خاص والعالمي بشكل عام، يقدم المهرجان تحت تظاهرة بعنوان الفيلم الأول استعادات لتسعة أفلام لسينمائيين عرب: “أحلام المدينة” لمحمد ملص، و”بيروت الغربية” لزياد دويري، و”الرحلة الكبرى” لإسماعيل فروخي، و”عرق البلح” لرضوان الكاشف، و”الصعاليك” لداود عبد السيد، و”صمت القصور” لمفيدة تلاتلي، و”عصفور السطح.. حلفاوين” لفريد بوغدير، و”غير صالح للعرض” لعدي رشيد. وإذ يستعيد المهرجان هذه الأفلام فإنه يقدم صورة لحالات سينمائية مميزة في بدايتها الأولى، ليضعهم على الطريق التي من خلالها يمكن إنتاج فيلمهم الأول المهم.

ومن الملامح التي لا تخطئها عين الراصد أن المهرجان يكتظ بأفلام المخرجين الشباب والصاعدين، الذين تمكنوا من حجز مساحة لهم على خريطة السينما الجادة: “تحت رمال بابل” لمحمد الدراجي، “بستاردو” لنجيب بلقاضي، “فرش وغطا” لأحمد عبدالله، “فيلّلا 69” لأيتن أمين، “زرافاضة” لراني مصالحة وغيرهم.

وحين يقدم المهرجان هذه التجارب إلى جانب تجارب أخرى سبقتهم في هذا المجال (مرزاق علواش، محمد سويد، قاسم عبد، وهينر سليم) علاوة على الأفلام المستعادة، فإنما يتيح للعين أن تشاهد بانوراما سينمائية واسعة وأن تقرأ السينما العربية في تشكلاتها العامة وفق تسلسل تاريخي وزمني، فضلاً عن كونه يلقي ضوءاً زائداً على أسماء حاضرة بقوة في السينما العربية المعاصرة. ويمكن القول: إن المهرجان يركز بشكل واضح على الأصوات الجديدة الجريئة من السينما العربية، ولعل هذا يتصل بدور أبوظبي كعاصمة ثقافية في المنطقة، تضع نصب عينيها أن يتميز المهرجان باختياراته، وانحيازاته الفنية والجمالية والفكرية، بحيث يكون مرآة لما يجري في العالم العربي على الصعيد السينمائي.

وتأتي التفاتة المهرجان الثالثة نحو الممثلة والمخرجة الفلسطينية هيام عباس التي سيمنحها المهرجان جائزة الإنجاز المهني باعتبارها من الممثلات العربيات القليلات اللواتي منح حضورهن السينمائي بعداً استثنائياً، ولعبت هيام عباس أدواراً مهمة في أفلام عدة، منها: “عرس الجليل” لميشيل خليفي، و”حيفا” و”حتى إشعار آخر” لرشيد مشهراوي، و”ساتان أحمر” لرجاء عماري، و”باب الشمس” ليسري نصرالله، و”ميونيخ” لستيفن سبيلبيرج، و”حدود السيطرة” لجيم جارموش، و”ميرال” لجوليان شنايبل.

كما أخرجت أفلاماً قصيرة وفيلماً طويلاً عنوانه “ميراث” عام 2012. وفي تكريم المهرجان لهذه الفنانة تكريم لحضور المرأة المبدع في العمل السينمائي وتحية لسينما جادة مؤرقة بهاجس الوطن والإنسان.

فيلم الافتتاح «حياة الجريمة»:

نجمة حسناء وكوميديا سوداء

تفتتح عروض الدورة السابعة لمهرجان أبوظبي السينمائي الليلة، بفيلم “حياة الجريمة”، للمخرج دانيال شيكتر، الذي كتب سيناريو الفيلم أيضا، مقتبسا موضوعه عن مضمون كتاب لـ”ألمور ليونارد”، ويجسد أدوار وشخصيات الفيلم النجمة جينفر أنستون، تيم روبنز، ومعهما كل من: جون هاوكس، موس ديف.

يقوم فيلم “حياة الجريمة” على تصوير هذا العالم البشع والمخيف في عالم الجريمة، وربما يتماهى في حكايته مع مضمون فيلم “ألم ومكسب” للمخرج مايكل باي عن سيناريو للكاتبين كريستوفر ماركوس وستيفن مكفيلي، ويروي قصة ثلاثة رياضيين مشهورين في لعبة كمال الأجسام، خرجوا للتّو من سجنهم بعد انقضاء فترة عقوبتهم، ليعودوا إلى عالم الجريمة وممارسة مهنة قتل الأبرياء والضحايا من الأثرياء وكبار السّن. لكن الفيلم في الواقع يتضمن أجواءً إنسانية مفعمة بالتساؤل حول مصير الإنسان المعاصر في ظل تنامي ظاهرة العنف، وهيمنة القوة لكسر الإرادات.

وفيلم “حياة الجريمة”، إنتاج أميركي، في 94 دقيقة، وهو من نوع أفلام الكوميديا السوداء، التي تدور حول مدانين سابقين، يخططان لخطف زوجة تاجر عقارات، إلا أن خطتهما لا تسير وفق أحلامهما، فيدخلان السجن، ثم يخرجان منه بكفالة، بسبب ارتكابهما لجريمة سرقة كبيرة لمجموعة من السّيارات. بداية الفيلم تطلعنا على المهنية العالية والاحترافية للمدانين بالتخطيط لجرائمهما، والمشهد الافتتاحي يشير إلى روبي (يلعب دوره الممثل موس ديف)، وإلى زميله في عالم الجريمة “غارا” (يلعب دوره جون هاوكس)، وهما يضعان اللمسات الأخيرة على خطة اختطاف ميكي (تلعب دورها جينفر أنستون) زوجة تاجرالعقارات “فرانك”، المختلس في ولاية ديترويت (يلعب دوره الممثل تيم روبنز)، أما حبكة الفيلم فتقوم على سقطة أو قل على خطأ تراجيدي يقع فيه الرجلان، حيث إنهما لم يضعا في الحسبان أن لفرانك عشيقة شابّة، وأنه، أي فرانك، غير مكترث بأمر إنقاذ زوجته ميكي بسرعة...

ربما يكون أهم ما يلفت الانتباه في هذا الفيلم، هو الحضور المؤثر للنجمة العالمية الحسناء، جينفر أنستون، المولودة عام 1969.. حضور جميل، واختيار موفق من جانب المخرج دانيال شيكتر، لنجمة يعرفها الجمهور العربي والعالمي من خلال دورها في مسلسل “الأصدقاء”، ونالت عنه جائزة أفضل ممثلة تلفزيونية أجنبية، كما حصلت على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “الانفصال” من مهرجان اختيار المراهقين السينمائي، كما نالت جائزة أفضل ممثلة لعام 2002 عن مجمل أعمالها من مهرجان هوليوود السينمائي. وبحسب عدد من النقاد الذين أشادوا بدورها في فيلم “حياة الجريمة”، فربما يكون دور “ميكي” الذي أدته ببراعة واحداً من أهم أدوارها في السنوات الأخيرة، بعد أن خطفتها دراما التلفزيون لسنوات طويلة.

إلى جانبها كان الممثل تيم روبنز (مواليد عام 1958) من أهم اختيارات دانيال شيكتر، للأدوار الرجالية، وأيضاً على مستوى حرفياته السينمائية كاتباً، ومخرجاً، ومنتجاً، فعلى مستوى ثنائية التمثيل، فعلى الرغم من المفارقة الدرامية المحسوبة في علاقته مع زوجته ميكي (جينفر أليسون)، إلا أنه نجح في أن يصنع من هذه الثنائية جواً كوميدياً مفعماً بالتشويق وإثارة التساؤلات والغموض، حول الحياة الزوجية التي تقوم على الرفاهية والكذب، وغير أدائه الراقي المتوازن وتشكيله لأجمل ثنائية عرفتها هوليوود مع النجمة سوزان سارندون، فهو ممثل كبير ومن العيار الثقيل، فقد رشّح لأكثر من مرة لجائزة الأوسكار، وحازها عام 2003 عن فيلمه “ميستيك ريفر”، كما رشح لجائزة الغولدن غلوب، وتعتبر أفلامه: وداعا شاوشناك، نهر غامض، ثوب قرمزي، رياضة البسيبول، الحارس، من أهم أعماله السينمائية كممثل، مضافاً إلى كل ذلك شهرته الواسعة كممثل تلفزيوني في أعمال مثل “كوينز العليا”، “مقتل رجل يمشي”، “بوب روبرتس”، “الآثار الجانبية المحتملة”، وربما يكون عمله المكثف في التلفزيون بما يتوازى مع عمل جينفر أنيستون في المجال ذاته قد ساهم في إنجاح ثنائيتهما في فيلم الليلة المرتقب، بعد أن حققا تناغماً مؤثراً على إيقاع الفيلم والأحداث، بكل تفاصيلها وإشكالياتها.

الإتحاد الإماراتية في

24/10/2013

 

«طريق روما الدائري» فاز بأسد البندقية الذهبي فهل يحصد لؤلؤة أبوظبي السوداء؟

قاع المدينة في محيطها 

ضمن منافسات مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، يعرض الفيلم الإيطالي “ساكرو” (طريق روما الدائري) للمخرج جيان فرانكو روزي، وقد فاز هذا الفيلم مؤخرا بجائزة الدّب الذهبي لأفضل فيلم وثائقي في ختام الدّورة السبعين لمهرجان البندقية السينمائي الدّولي، وهو يتناول حياة مجموعة من النّاس يعيشون على امتداد الطريق الدائري ذي السمعة السيئة، والذي يجري إنشاؤه حول مدينة روما. وبالنسبة لنا، فهذه مفاجأة تحمل في طياتها الكثير من المعاني والدلالات، وبخاصة أن هذا الفيلم، يقف الآن أمام 15 فيلما تتنافس على اللؤلؤة السوداء في هذه الدورة، أما عن مخرجه فكانت أول تعليقاته على الفوز بقوله “هذا شرف عظيم لي”، كما كانت أولى مبادراته بعد هذا النجاح الساحق، أن أهدى الجائزة إلى شخصيات فيلمه الذين أتاحوا لي المجال للدخول في تفاصيل حياتهم، كما وجه الشكر إلى رئيس الدورة السبعين لمهرجان البندقية “برناردو برتولوتشي” لمنحه هذه الجائزة، وهي المرة الأولى التي تمنح فيها لفيلم وثائقي، كما أنها المرة الأولى التي يفوز فيها عمل إيطالي، منذ فوز الفيلم الشهير “كوسي ريديفانو”، للمخرج جياني إميليو، عام 1998.

ويبدو من تحليلات موضوع الفيلم، فإنه جاء في سياق الدورة السبعين لمهرجان البندقية، التي ركزّت الاهتمام على الأفلام القائمة التي تتناول انهيار القيم والروابط العائلية والاجتماعية، والجنون، وانعدام الأمل في الحياة والحب، في ظل عولمة لا تنحاز لكرامة الإنسان، وكان فيلم “الطريق الدائري” بشكل أو بآخر يلامس تلك الاتجاهات ذات الجانب الإنساني.

لم يكن روزي، يتوقع حصد مثل هذه الجائزة، وقال: “لم أكن أتوقع الفوز بمثل هذه الجائزة الكبيرة والقيمة، مقابل مشاركتي بفيلم وثائقي، لقد كانت خطوة لجنة التحكيم خطوة شجاعة، لقد قمنا أخيراً بكسر أحد الحواجز، التي تقف في وجه الوثائقي أمام الروائي، وبخاصة في المهرجانات”. لكننا في الواقع نرى أن حصول روزي على هذه الجائزة، لم يكن من قبيل المصادفة أو من باب المجاملة، فإن المجهود الخرافي المبذول لمدة عامين، لإنجاز الفيلم بصورته الحالية، لا يجعلنا نتشكك لحظة في مكانة وأهمية الرجل في عالم السينما، فقد قضى عامين كاملين في سيارات (الميني فان)، كان يبحث من خلالها عن حلمه بفيلم وثائقي كبير، وقد ضم “الطريق الدائري” مئات الحوارات والمحادثات مع مختلف أطياف المجتمع الإيطالي، وتجاوز عقبات التصوير وسط ضوضاء المدينة، وطريقة تجهيز مواقع التصوير، ومن ثم عمليات المونتاج المضنية، وأخيراً تقديم صورة صادقة لحياة مجموعة من الإيطاليين الفقراء الذين يعيشون على هامش هذه المدينة المتخمة بكل الكماليات، والرفاهية، من خلال طريقها الدائري الذي بات يشكل حديث الناس.

ولد روزي في أرتيريا، ويحمل الجنسيتين الإيطالية والأميركية، وأخرج خلال حياته المهنية ثلاثة أفلام وثائقية، حققت نجاحاً نقدياً وجماهيرياً طيباً، وتدور حول شخصيات هامشية، قلقة، من المجهول، مثل، بحار هندي، ومستوطني الصحراء في كاليفورنيا، وقاتل مكسيكي محترف، وربما يكون أهم أفلامه ذلك الذي حمل عنوان “تحت مستوى البحر” الذي فاز بجائزة أفضل فيلم تسجيلي في مهرجان البندقية عام 2008، فيما عكف على إنجاز فيلمه “الطريق الدائري” نحو عامين، مخرجاً ومصوراً ومصمماً للصوت، ومن دون سيناريو محدد، بحسب عناوين الفيلم التي تظهر في مقدمته، وقد نجح بمجهوده الكبير، ومجهود رفاقه في الفيلم، في أن يصيغ أسلوباً درامياً قوياً، يجمع بين المشاهد التسجيلية الخالصة والمشاهد التي يوجّه فيها شخصياته المختارة من الواقع الإيطالي، حيث كانوا يقومون بتلقائية واضحة بتمثيل حياتهم في الطريق الدائري.

أما روزي هذا سارق الأضواء من كبار المخرجين المخضرمين الذين شاركوا في المهرجان، فهو رجل متعدد الاهتمامات والثقافات، وقد أفاد من جولاته ورحلاته الواسعة في تشكيل أفلامه، فهو رحّالة درس في نيويورك، ويقيم حالياً في باريس، وأن هذه الرحلات المتواصلة التي يقوم بها إلى مناطق مجهولة من العالم، قد أفادته كمصادر طبيعية حقيقية لصناعة أفلامه القليلة جدا، والتي لم تزد عن خمسة أفلام عبر مسيرة سينمائية تزيد على 20 عاماً، فهو كما يردد، لا يأبه للوقت، إنه يريد صناعة أفلام كبيرة، وأن فيلماً واحداً متكاملاً ممتازاً، مختلفاً، مبتكراً في لغته وأسلوبه ومفرداته وفكره، يوازي عشرات الأفلام المتشابهة، ومن ذلك منجزه “الطريق الدائري حول روما”، الذي رفع أسهمه عالياً في سماء التظاهرات السينمائية، ليس لجودته فقط، ولكن لحسه الإنساني، الذي يديننا، لنسيان هذه الفئة المهمشة التي تعيش حول هذه الطريق، فئة محرومة، قابعة خلف الأسوار وداخل الحدود المرسومة بدقة هندسية لا تخطئها العين. لكن ربما يكون أهم تحدٍ واجهه روزي بعد إعلان فوزه تلك الانتقادات اللاذعة التي أصابته من بعض النقاد، الذين اعتبروا أن قيمة الجائزة أكبر بكثير من فيلمه الوثائقي. في التفاصيل يبدأ الفيلم بلقطات تجريدية، يجري التقاطها ليلاً، على أنوار السيارات التي تخترق الشارع، تتابع اللقطات وتنتهي، لتتركز الأخيرة منها على شاشات مراقبة الطريق، ما يتيح لنا مشاهدة واستكشاف كل جوانبها في وقت واحد، ونتابع بشكل متوازٍ مجموعة من الشخصيات مثل: خبير في زراعة الأشجار، يفحص كل شجرة في الطريق، ويدوّن ملاحظاته، وصياد فقير، يتحرك في قارب متهالك عبر النهر، ويعيش حياته بالكامل مع زوجته في كوخ صغير معدم، وهنا أرستقراطي سبعيني، يعيش واقعه المترف، المتخم في فيللا فاخرة، توازياً مع ظهور ثلاث عائلات، واحدة منها من المهاجرين غير الشرعيين، عائلات تحتل ثلاث شقق، يجري تصويرها بحرفية عالية من خارج نوافذ العمارات المطلة على الطريق، وتصبح هذه النوافذ وكأنها شاشات داخل الشاشة، ثم هناك المسعف العالم في إحدى سيارات إسعاف الحوادث، ونراه في تقطيعات مختلفة بين عمله وحياته في شقته القريبة من والدته المريضة المسنة الصامتة. كل هذه الشخصيات والخطوط تتقاطع في “الطريق الدائري”، متمازجة مع مشاهد لحظية تتداخل بسرعة مع المشاهد الرئيسة على جانبي الطريق، مثل امرأتين في منتصف العمر، تعيشان حياتهما البائسة داخل سيارة نوم متنقلة، ومن المشاهد الصغيرة أيضاً رؤية مجموعة من نساء الليل، وفرسان سباق الخيل في الصباح المبكر، وعمّال يفكّون التوابيت في مقبرة تقليدية، ويعيدون دفنها في مقابر جماعية، تمهيداً لاستخدام الأرض لأغراض لا نعرفها.

يخلو الفيلم من الموسيقى التصويرية، واستعاض المخرج عنها بأصوات عبور الطائرات على شريط الصوت بين الفينة والأخرى، إلى جانب المؤثرات الصوتية الطبيعية الصادرة عن حركة الطريق الدائري ومهمشيه.

أخيرا كانت الطريق بالنسبة لمخرج الفيلم، مجرد مفردة إتكأ عليها، لكي يعبر منها إلى العالم الإيطالي، بكل ما يحتويه من متناقضات وإشكاليات، وتبقى إشارة أخيرة، ربما يسجلها نقاد مهرجان أبوظبي، حول الفيلم ومخرجه، فهل ينال “الطريق الدائري” جائزتين من مهرجانين في وقت واحد؟

الأفلام المرممة تستعيد هيتشكوك وسيرجيو ليوني و «لص بغداد»

أفلام من زمن البدايات

تحت عنوان “شذرات من الزمن: أيقونات كلاسيكية”، تخصص الدورة السابعة لمهرجان أبوظبي السينمائي، برنامجاً خاصاً بالأفلام الكلاسيكية المرممة، يخاطب كل الأجيال والفئات العمرية.

في البرنامج فيلم الفريد هيتشكوك “أطلب الرمز ميم للقتل” (1954) الذي صوره قبل هذا التاريخ بعام واحد وبصيغة الأبعاد الثلاثية التي لم تكن سائدة آنذاك، ولم تنتشر إلا بعد ذلك بعقود عدة. كما سيحتفي عشاق أفلام “الوسترن” بالاستمتاع بفرصة مشاهدة النسخة الرقمية المرممة الكاملة لفيلم سيرجيو ليوني “حدث ذات مرة في الغرب” (1968) على الشاشة الكبيرة، وبمصاحبة الموسيقى التصويرية الشهيرة لإنيو موريكوني بصيغتها الرقمية المجسمة. ومثلما اعتبر هذا الشريط على نطاق واسع واحداً من أعظم أفلام “الويسترن” على مدى التاريخ، فإنه أعاد الاعتبار لأهمية هذا النوع من السينما.

وسيستمتع الرومنسيون بالفيلم الموسيقي “مظلات شيربور” لجاك ديمي (1964)، من بطولة كاترين دونوف، وشريط بلايك إدواردز “إفطار في تيفاني” (1961) مع أودري هيبورن في دورها الأيقوني “هولي غولايتلي”.

ويحتفى البرنامج بالسينما البريطانية الكلاسيكية من خلال رائعة المخرجين مايكل بويل وإمريك بريسبورغر “الحذاء الأحمر” (1948)، الذي استغرقت عمليات ترميمه أكثر من عامين. الفيلم اقتبست أجواؤه من حكاية خرافية لهانس كريستيان أندرسون حول صعود نجم راقصة بالية. وقد أَثّر الفيلم في أجيال عديدة من محبي السينما من خلال الأداء الرائع وجماليات الصورة.

وضمن البرنامج عينه، سيكون جمهور المهرجان باختلاف فئاته العمرية، على موعد مع فانتازيا المغامرة “لص بغداد” (1940)، الذي تعاون على إخراجه ثلاثة مخرجين هم: لودفيغ بيرغر، مايكل باولوتيم ويلن. يعد هذا الفيلم علامة فارقة في هذا النوع من أفلام الخيال والمغامرة، بما يجعل النسخة المرممة حديثاً تحية لملكة الخيال.

تعليقاً على البرنامج، يقول علي الجابري، مدير المهرجان: “هذه الأفلام الكلاسيكية والمرممة تغني برنامج المهرجان، وتلفت الانتباه إلى تاريخ الفن السينمائي. نحن فخورون بتقديم هذه الأفلام البارزة التي تشع من جديد بفضل عمليات الترميم الرائعة التي تظهرها أحياناً بأفضل مما كانت عليه في الأصل. هذان البرنامجان الخاصان بأفلامهما التاريخية هما فرصة حقيقية لكل الجمهور ليكتشف أو يعيد اكتشاف أفلام كبيرة وخالدة. ولهم أن يكتشفوا بأنفسهم كيف أن رواة الحكايات الكبار قادرون على تجاوز الزمن بحكاياتهم التي تخاطب قلوبنا وعقولنا اليوم”.

الإتحاد الإماراتية في

24/10/2013

 

آسر ياسين‏:‏ فرش وغطا فيلم مهرجانات

هبة إسماعيل 

يشارك فيلم فرش وغطا في عدد من المهرجانات بمسابقات الافلام الطويلة بها‏,‏ حيث ينافس أحمد عبد الله مخرج العمل في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة ضمن الدورة الـ‏35‏ من مهرجان مونبلييه لأفلام البحر المتوسط في فرنسا‏,‏ والذي يقام ابتداء من غد الجمعة حتي‏2‏ نوفمبر المقبل‏,‏ ومن المقرر أن يعرض الفيلم ضمن فعاليات المهرجان في يومي‏27‏ و‏31‏ من الشهر الحالي‏.‏

كما يشارك فرش وغطا حاليا في منافسات مسابقة الأفلام الروائية الطويلة ضمن الدورة السابعة من مهرجان أبوظبي السينمائي التي تجري في الفترة من اليوم وحتي‏2‏ نوفمبر‏.‏

وقال آسر إنه ليس جديدا تقديمه افلاما مصرية تشارك في مهرجانات دولية‏,‏ وسبق له الحصول علي جوائز من مهرجان قرطاج‏,‏ كما سبق لمخرج الفيلم أحمد عبدالله المشاركة في عدد من المهرجانات عالمية‏.‏

وقال الفنان آسر ياسين أن فيلمه فرش وغطا هو فيلم مهرجانات‏,‏ وانه سعيد لمشاركة العمل في اكثر من مهرجان‏,‏ موضحا إنه ليس جديدا تقديمه افلاما مصرية تشارك في مهرجانات دولية‏,‏ وسبق له الحصول علي جوائز من مهرجان قرطاج‏,‏ كما سبق لمخرج الفيلم أحمد عبدالله المشاركة في عدد من المهرجانات عالمية‏.‏

وأضاف انه مثلما توجد أفلام تناسب موسما معينا‏,‏ هناك أفلام تناسبها طريقة عرض معينة‏,‏ مضيفا أن الفيلم جمهوره هو جمهور المهرجانات‏,‏ وذلك لشكله وتركيبته الفنية‏,‏ واختلافه في طرح الموضوع والتناول والصورة‏.‏

ويحمل الفيلم تجربة جديدة علي السينما المصرية باعتماده علي أدني حد من الحوار بين شخصياته مع التركيز علي الحكي من خلال الصورة‏,‏ في إطار يعتمد علي الشكلين الوثائقي والروائي‏,‏ وتدور أحداثه حول هروب أحد المسجونين خلال الأيام التي تلت‏28‏ يناير‏2011,‏ وما تلاها من فتح للسجون وانهيار للأمن‏,‏ حيث يقوم آسر ياسين بدور هذا السجين الذي ينتقل بين عدد من أحياء القاهرة التي تعاني من التهميش‏.‏

وقد شارك فرش وغطا مؤخرا في المسابقة الرسمية لـمهرجان لندن السينمائي التابع لـمعهد السينما البريطاني‏,‏ والذي انتهت دورته الـ‏57‏ في‏20‏ أكتوبر الجاري‏,‏ ليصبح بذلك الفيلم العربي الوحيد المشارك بالمسابقة الرسمية لهذا العام‏,‏ ولتشهد العاصمة البريطانية العرض الأوروبي الأول للفيلم‏,‏ وكان مهرجان تورنتو السينمائي الدولي قد استضاف العرض العالمي الأول للفيلم في‏9‏ سبتمبر الماضي ضمن قسم سينما العالم المعاصر‏.‏

ويشارك في التمثيل بالفيلم بجانب اسر الفنان عمرو عابد‏,‏ محمد ممدوح‏,‏ سيف الأسواني‏,‏ يارا جبران‏,‏ ولطيفة فهمي‏,‏ وقد تم تصوير مشاهد الفيلم بالكامل في أماكن حقيقية في منشية ناصر والقاهرة القديمة‏,‏ الفيلم تاليف واخراج أحمد عبد الله الذي بدأ رحلته السينمائية من خلال غرفة المونتاج‏,‏ حيث شارك في عدة أفلام كان أبرزها فيلم عين شمس‏,‏ ثم قدم في‏2010‏ أول أفلامه هليوبوليس الذي يدور حول مجموعة قصص تحدث في حي مصر الجديدة‏,‏ ثم قدم فيلم ميكروفون عن فرق مستقلة تقدم الموسيقي والفنون علي هوامش مدينة الإسكندرية‏.‏

الأهرام المسائي في

24/10/2013

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)