حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كان السينمائي الدولي السادس والستون

قراءة في نتائج مهرجان كان السينمائي 2013

الحرية رهان «حياة أديل» الفائز بالسعفة الذهبية

عبدالستار ناجي

استطاع المخرج الفرنسي التونسي الاصل عبداللطيف كشيش ان يستحوذ على الاهتمام منذ اللحظة التي انتهى فيها فيلمة التحفة حياة اديل او حياة عادلة الذي يذهب بعيداً في طروحاته التي تشتغل على موضوع الحرية واهمية اتخاذ القرار حول المضي قدما في اختياراتنا الانسانية والاجتماعية والعاطفية

لقد كان فيلم حياة اديل هو اقوى المرشحين ولهذا جاء فوزه المظفر تكليلا لتلك الترشيحات وايضا التحليل المتاني والعميق الذي افردته الصحف في جميع انحاء العالم. واستطيع التأكيد انه وعلى مدى مشاركتي في مهرجان كان منذ 38 عاما لم يحظي فيلم ما بكل هذا الكم من الترشيحات كما حظى به هذا الفيلم من حفاوة من قبل جميع النقاد وبجميع اللغات

تلك الحالة من الاتفاق توأمت مع اراء اعضاء لجنة التحكيم برئاسة الاميركي ستيفن سبيلبيرغ الذي أكد انه لا علاقة للسياسة في اختيارات لجنة التحكيم.. بل كان رهانهم التأكيد على الابداع السينمائي والاكتشاف.

فيلم حياة اديل يشتغل على موضوع اساسي يثير الجدل حاليا في اوروبا وفي فرنسا على وجه الخصوص. حيث العلاقات المثلية سواء بين النساء بعضهم بعضا او بين الرجال

حيث نتابع حكاية طالبة المرحلة الثانوية التي ترتبط بعلاقة حميمية مع احدى الفنانات التشكيليات الشاب. وتاخذ هذه العلاقة ابعادها. حتى ياتي القرار بالانفصال في كتابة رفيعة المستوى عن طبيعة هكذا علاقات وتحويلها من علاقة مرفوضة الى علاقة سوية اعتيادية. وهو امر يشكل احد معطيات اهمية هذا الفيلم المثير بكتابتة وشخصياته المحورية بالذات شخصية اديل- وصديقتها

وهذا ما جعل لجنة التحكيم الى اتخاذ قرار استثنائي يذهب الى ان تكون السعفة الذهبية مناصفة بين الفيلم ونجمات العمل. وهو انجاز يشكل اضافة حقيقية لرصيد نجمات العمل ومساحة تأثير العناصر التي تمثل حرفة التمثيل بين اعضاء لجنة التحكيم الذين ذهبوا الى اتخاذذ هكذا قرار فني عال المستوى.

فوز فيلم حياة اديل اكتشاف لمخرج عربي الاصل صاحب مسيرة سينمائية طويلة بدأها كممثل مع نوري بوزيد في تونس ثم لاحقا كمخرج في السينما الفرنسية حيث رسخ حضوره عبر كم من الابداعات الفنية.

الجائزة الكبرى للمهرجان هذا العام ذهبت الى الفيلم الاميركي داخل ليوين دايفز للاخوين ايثان وجويل كوين الذين قدما جوانب من معاناة والم المطرب النيويوركي ليوين دايفز الذي لم يحقق الشهرة والنجومية الا بعد وفاته. في الفيلم اداء عالي المستوى للممثل اوسكار اسحق الذي قدم التفاصيل الدقيقة لتلك الشخصية التي تحملت الكثيرمن اجل بلوغ النجومية.

هذا وذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة الى الفيلم الياباني الابن على خطى ابيه لكوري هيرو كازو الذي يتحدث عن العلاقة بين الاب وابيه. فهل الابن من نربيه او من نلده. حيث تتلقى احدى الاسر اتصالا من المستشفى الذي ولد به ابنهم يفيد بان الطفل ليس بابنهم وقد تم استبداله كما اعترفت احدى الممرضات التي قامت بهذا الامر حقدا على ثراء تلك الاسرة. عندها تبدا المشكلة بين الاسرتين والاطفال وكم اخر من الحكايات.. فمن هو الابن ومن هو الاب وكيف يتم استعادة الابن. بل وكيف ويتم التعامل مع الابن الجديد الذي نشأ وتربى في بيئة مختلفة شكلا ومضمونا.

جائزة افضل ممثل كانت من نصيب النجم الاميركي القدير بروس ديرن وهو اهل للاستحقاق لتاريخه وانجازاته وايضا لمقدرته على تقمص الشخصية حيث الرجل المتقاعد في فيلم نبراسكا للمخرج كريستوف باين.

رجل متقاعد يصل احد الاعلانات التي ترسل بها الصحف دائما من اجل زيادة عدد المشتركين تشير الى انه ربح مليون دولار فيقرر ان يذهب من اتلنتا نبراسكا لاستلام المليون دولار بينما ابناؤه وزوجته يخبرانه بان هذة الجائزة ما هي الا وهم وعليه ان يصرف النظر عن هذه الرحلة

وخلال الرحلة يقترب كثيرا من ابنه وايضا يعود الى حيث عاش ونشا ليستدعي ذكرياته والشخوص والاصدقاء الذين يعرفهم

ويكون ربحه الاهم من المليون دولار هو اقترابه من ابنه واسرته واصدقائه. وقد عاش بروس ديرن تلك الشخصية بكافة تفاصيلها والقيم التي تحملها

اما جائزة افضل ممثلة فكانت من نصيب الممثلة الفرنسية بيرنيس بيجو عن فيلم المخرج الايراني اصغر فرهادي الماضي الذي يتحدث عن الايام الاخيرة لانفصال شاب ايراني عن زوجته الفرنسية. وقد تألقت بيرينيس في تقديم الشخصية مشيرين الى ان العالم كان قد تعرف على بيرينيس منذ عامين في فيلم الفنان الذي فاز باوسكار افضل فيلم.

من الجوائز الاساسية التي شكلت اشارات واضحة على الجدية التي اشتغل بها اعضاء لجنة التحكيم تأتي جائزة افضل اخراج والتي كانت من نصيب المخرج المكسيكي ايمات اسكالانتي عن فيلم هالي الذي يعري بعض عناصر الشرطة في بلاده التي يصفها بالمتورطة بعمليات اغتيال وتعذيب وسرقة مخدرات.

اما جائزة السيناريو فكانت من نصيب المخرج جون زيانج عن الفيلم الصيني لمسة خطيئة الذي يحذر من الاثار المترتبة على الانفتاح الاقتصادي الذي تحضر الصين لتحقيقة في المرحلة المقبلة من تاريخ الصين العظيم.

جائزة الكاميرا الذهبية والخاصة بالتجارب السينمائية الاولى لاصحابها فكانت وللمرة الاولى في تاريخ كان من نصيب المخرج السنغفوري انتوني شين عن فيلم ايلو ايلو الذي عرض في تظاهره اسبوعا المخرجين

هنالك عدد اخر من الافلام التي ورغم تميزها الا انها ظلت بشكل او بآخر بعيدة عن الجوائز بالذات افلام خلف كاندلابيرا اخراج ستيفن سودبيرغ. وفيلم الجمال العظيم للايطالي باولو سورنتيتو الذي قدم بحثا في مفهوم الجمال المطلق ومفهو م كل شخص لذلك الجمال.كما كانت هناك مجموعة من الافلام التي تقدم لنا اكتشافات جديدة.

ويبقى ان نقول كان 2013 يحتفي بالانسان والحرية في شخصية العيش بسلام.

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

29/05/2013

 

النّسَبُ المنحول موضوع فيلمي كوين وهيروكازو الفائزَين في «كانّ»

«حياة أديل» الفائز بـ«السعفة الذهبية» يتحدّى الأخلاق السائدة

زياد الخزاعي (كانّ) 

لم يخذلنا المخرج الأميركي ستيفن سبيلبيرغ، رئيس لجنة تحكيم الدورة الـ66 لمهرجان «كانّ» السينمائي (اختتم مساء الأحد الفائت)، نحن الذين وقعنا في شغف حكاية غرام البطلتين الفرنسيتين الشابتين، في تكريم العمل الإنقلابيّ «حياة أديل الفصل الأول والثاني» (أو «الأزرق أدفأ الألوان») للمخرج التونسي الأصل الفرنسي الهوية عبد اللطيف كشيش بـ«السعفة الذهبية». لم يتعلّق الأمر البتة بمؤامرة فرنسية، أو خصام بين أعضاء لجنة التحكيم، أو ضغوط أطراف داخل المهرجان أو خارجه. فكل ما قيل في هذا الخصوص ترّهات ومواقف عصابية ومنافقة، لم تشاهد نصّاً سينمائياً نارياً وديناميكياً وعميق النظرة إلى طبقية تتصارع بعضها مع البعض الآخر، على جبهات السياسة والإنتاج والإيديولوجيا، لكنها تجتمع، شاءت أم أبت، على ألفة نادرة حول المهجة ولوعاتها، والعواطف وآلامها، والحب وحرائقه، والهوى واشتهاءاته، والشهوة وصباباتها. إن أفعال الحبّ وممارساته ومواقعاته وهزّات جماعه بين الفتاتين، التي شعت بفضل ارتجالية مشهديات كشيش، تلوّنٌ بصريٌ وتشكيليٌ لجسدين نضرين يتقابلان على الهيام، ويتعاهدان على ألفة مثلية. في مجتمع لا يرى ضيراً في تعميم الأخيرة كسلوك اجتماعي يحميه القانون، حقّق صاحب «خطأ فولتير» (2000) اختراقاً سياسياً موازياً، يتماشى مع ما تمّ تشريعه في فرنسا وأوروبا

مشهديات

لكن، هل حقاً يُمكن اعتبار «حياة أديل» إعلاناً ضد الجنسانية التقليدية وتنميطاتها؟ هل هو تثوير لسلوك السينما تجاه المشهد البورنوغرافي وألعابه وخلاعاته؟ لا ريب في أن المشهديات الباذخة للمواقعات الجنسية بين أديل وإيما (أداء خاطف لأديل أكسارخوبولس وليا سيدو، وتصوير فذ للتونسي سفيان الفاني) روّعت الذهن الكهنوتي النقديّ، الذي رفضها بعجالة وضجيج فارغين، مُسقطاً من حساباته وجودها كفعل بشري يومي ولازم، مثلما غضّ اهتماماته عن أحداث تمتد نحو ثلاث ساعات، ومثلها محاورات وشخصيات وبنى اجتماعية، مُعتبراً إياها نفايات سينمائية. وحدهم، أولئك الذين وجدوا في فيلم كشيش نيّة صادقة لصوغ شكل سينمائي مغاير في نبرته وصنعته حول سيرة كائن هامشي، ربحوا رهان فطنتهم، سواء بإجماع رأي أهل النقد العالمي على فرادته، أو «سعفة ذهبية» انتصرت لقوله التثويري

تفشل أديل، ابنة الضواحي، في إقامة علاقة بشاب في مدرستها، ليس لأنها وعت اختلافها، بل لأن «الكائن المؤتلف» لم يظهر في حياتها، إلاّ حينما تقاطع تاريخها صدفة، ووسط شارع باريسي مزدحم، مع صاحبة شعر أزرق، نعرف لاحقاً أنها من محتدّ غنيّ ومثقّف ومنفتح، تدرس الفنون في الـ«بوزار». يُقابل كشيش بين عالميهما، من دون أن يزايد واحد على آخر. أي أن مرّات عرض المشهديات العائلية محسوبة العدد للطرفين، كما أن دقائق عرضها متشابهة في طول أزمنتها، وهو أمر فريد يطاول بنية شريطه بالكامل، ويحوّله إلى تراكم نادر من متابعة دؤوبة لحياتيّ بطلتيه وتفاصيلها المتشعبة (أُشيع أن كشيش صوّر عشرات الساعات، وصرف خمسة أشهر في توليفها مع أربعة مساعدين، بينهم شريكته في كتابة السيناريو غالية لاكرو). 

حياة أديل محكومة ضمن تراتب يومي متباسط إلى حدّ الملل. حتى مضاجعتها فتى ولهاناً «لم يكن خارقاً»، قامت بها كفعل ندّي ضد مناكفة صويحباتها حول «برودتها الجنسية». وحدها، قبلة عابرة من زميلة لها، تفجّر فيها الفضول، تمهيداً لظهور شخصية إيمّا، فتتكرّس مثليتها. لا يضع صاحب «المراوغة» (2003) الجنس كمبرّر لنضج أديل، بل إن انخراطها لاحقاً في العمل، كمربيّة في مدرسة أطفال، يكون الإيذان بتكوّن شخصية أكثر استقلالاً، ما يمهّد ارتكابها زلّة مع معلّم زميل لها، ويصبح انفصالها عن إيمّا حتمياً، نظراً إلى أن الثقة تم اختراقها. تصبح أديل منذ الآن وحيدة حتى النهاية. بدأ شغفها بشعر أزرق، وانتهى وهي ترتدي ثوباً باللون نفسه، سائرة في زقاق باريسي خال من العابرين، إشارة إلى أن ولاءها لصداقاتها وثبات أمانها الشخصي لن يُخترقا. طوق شذوذها لن يمنع انخراطها في مجتمع لا يرى فيها مَنقَصَة

نيويورك واليابان

بعد حصولهما على «السعفة الذهبية» في العام 1991 عن «بارتون فينك»، عاد الأخوان الأميركيان جويل وإيثان كوين إلى واجهة جوائز «كانّ»، مع عملهما التهكّمي «في كيان ليوين ديفز»، الفائز بـ«الجائزة الكبرى»، وهو تكريم لا يفي قيمة عملهما وبصيرته حقهما، هو الذي استعاد الأجواء الموسيقية لنيويورك في ستينيات القرن الماضي، ما يمكن عدّه خيانة من «لجنة سبيلبيرغ». يسعى الشاب ديفيز إلى الفوز بعقد تجاري يكرّسه مغنّياً منفرداً. بيد أن محاولاته تبقيه خاسراً على الدوام. كيانه عصيّ على إدراك حقيقة أن صنعته رهنٌ بمجموعة موسيقية انطلقت موهبته معها. ينهار عالم ديفيز ببطء: حبيبته جين بيركلي تخبره أنها حامل، وتظنّ أنه والد الطفل، قبل أن يكتشف أن صاحب الحانة الشهيرة في حي «غرينتش فليج» البوهيمية، حيث يقدّمان وصلاتهما على مسرحها، هو الذي أغواها وحبّلها. يتساير هذا الانكسار العاطفي مع إعراض مكاتب العملاء في دعم موسيقاه، وتأمين عقود حفلاته، لنراه في خاتمة الفيلم معزولاً، وهو يستمع إلى أولى أغنيات اليافع بوب ديلان، الذي سيصبح لاحقاً إيقونة الموسيقى الأميركية الـ«فولك».

لم تمنع ميلودرامية حكاية فيلم المخرج الياباني كوري ـ أيدا هيروكازو «مثل أب، مثل ابن» من إعلان «لجنة سبيلبيرغ» تكريمه بجائزتها. فهو نصّ مفاجئ يحمل خطاباً مسيّساً لواحدة من خطايا حروب اليابان المعاصرة، من حيث اختلاط النطف، وتيتم أجيال، وتداخل أنساب مجهولين. حكاية البطل ريوتا، الذي تبلغه السلطات أن ابنه كيتا (6 أعوام) ليس من صلبه، قبل أن يكتشف أن فلذة كبده البيولوجي يعيش مع عائلة أخرى ذات أصول وضيعة. تقود سوريالية الجريمة، التي ارتكبتها ممرّضة سعت إلى تغيير أقدار الوليدين، كلا الطرفين إلى شراكة مثيرة. يُقابل هيروكازو بين طبقتين اجتماعيتين في يابان الألفية الثالثة: ريوتا المنتمي إلى النفوذ المالي، ويوكاري سايكي المحصّن بالضواحي المتواضعة، ودماثة العامل الدؤوب. الأول كائن بلا عواطف، ميّال إلى التنظيم. أما الثاني، فهو نموذج مطلق للحيوية والتلقائية. عاطفي، وسريع الإندماج مع الآخرين، وديناميكي حينما يتعلّق الأمر بالفرح والجماعية. الحاسم لدى المخرج هيروكازو أنه لا يدين أو يتنمّر على قدر عائلتين تشهدان عاصفة عاطفية، بل يُعقلن قبولهما إلى قدر أعمى.

حامينا وبغدادي وشاهين وسليمان وكشيش

السينمائيون العرب وجوائز «كانّ»

نديم جرجورة 

لم يكن التونسي عبد اللطبف كشيش (مواليد تونس العاصمة، 7 كانون الأول 1960) السينمائي العربي الأول الذي ينتزع جائزة من مهرجان «كانّ» السينمائي الدولي، المُصنّف «فئة أولى» إلى جانب مهرجاني برلين والبندقية. فعلى الرغم من فوزه بالجائزة الأولى والأهمّ في المهرجان الأول والأهمّ، إلاّ أن حصوله على «السعفة الذهبية» هذه تتويجٌ لمسار سينمائي عربي متواضع في «كانّ»، برز فيه سينمائيون حرفيون ومبدعون من دول عربية مختلفة، أنجزوا أفلاماً شكّلت محطّات أساسية في السياق التاريخي للسينما العربية. ومع أنه تفوّق على سابقيه إلى «كانّ» وجوائزها بنيله هذه الجائزة، إلاّ أن سابقيه هؤلاء صنعوا لحظات بهيّة في المشهد السينمائي العربي، بامتداده الدولي.

الفوز بإحدى جوائز المسابقة الرسمية لمهرجان «كانّ» مهمّ. لكن المشاركة في المسابقة نفسها لا تقلّ أهمية، لأنها تسم الحياة الإبداعية للسينمائيين، وتجعلهم في مرحلة لا شكّ في اختلافها عما سبقها من أعوام مليئة بالعمل والاجتهاد. أي أن الفوز بجوائز متفرّقة من «كانّ» مهمّ، لكن المشاركة مهمّة أيضاً، إذ إن سينمائيين عرباً عديدين شاركوا في المهرجان، سواء في المسابقة الرسمية أو في مسابقات أخرى، قدّموا ما اعتُبر سمات إبداعية أساسية في المشهد السينمائي العربي. آخر هؤلاء المصري يُسري نصرالله، الذي شارك فيلمه الأخير «بعد الواقعة» في المسابقة الرسمية لدورة العام الفائت، من دون أن ينال أية جائزة.

تمكّن «حياة أديل» للتونسي الفرنسي عبد اللطيف كشيش من انتزاع اعتراف دولي مهمّ، بحصوله على «السعفة الذهبية»، التي منحته إياها لجنة تحكيم ترأسها الأميركي ستيفن سبيلبيرغ، المعروف بميله المحافظ في أفلامه كلّها، الخالية من أية قبلة أو مشهد جنسي. ذلك أن «حياة أديل» مرتكز على قصّة حب بين امرأتين، وعلى تفاصيل عيشهما معاً، وسط الانقلابات الحياتية المختلفة. «جرأة» الفيلم كامنة، بحسب تعليقات نقدية أوروبية رصينة ومختلفة، في أنها منسجمة وسياق درامي يذهب بالحكاية إلى أقصى انفعالات شخصيتيها النسائيتين، ويضع هاتين الشخصيتين في مواجهة تحدّيات الحياة والجسد والمشاعر والهواجس.

لكن «جرأة» كشيش لا تختلف عن «جرأة» اللبناني الراحل مارون بغدادي، الذي حقّق «خارج الحياة» مطلع التسعينيات المنصرمة، والذي نال جائزة لجنة التحكيم، برئاسة رومان بولانسكي، في دورة العام 1991، مناصفة مع «أوروبا» للدنماركي لارس فون ترير. سؤال الخطف الذي تعرّض له مواطنون أجانب في لبنان الحرب الأهلية، بعينيّ مخرج تجاوز الغليان اللبناني الحاصل في المستويات كلّها، أيام التمزّق والانكسارات والخيبات، كي يقرأ البُعد الإنساني في العلاقة الملتبسة بين الخاطف والمخطوف. فوز بغدادي بهذه الجائزة جاء بعد أربعة وعشرين عاماً على نيل «ريح الأوراس» للجزائري محمد لخضر حامينا «جائزة العمل الأول» في دورة العام 1967، التي ترأّس لجنة تحكيمها الإيطالي أليسندرو بلازيتي: إنه زمن الاستعمار الفرنسي للجزائر ومقاومته، وزمن الحكايات الفردية لأناس واجهوا وكافحوا وصبروا، من أجل حقّ وغد وتاريخ. بينما تفرّد الفلسطيني إيليا سليمان بجائزة لجنة تحكيم دورة العام 2002 برئاسة ديفيد لينش، عن فيلمه «يد إلهية». هنا أيضاً، ينبهر المُشاهِد بتلك الجماليات البديعة في قراءة اللحظة الفلسطينية داخل الكيان المحتلّ، وبتلك البراعة السينمائية في جعل الصورة انعكاساً لوقائع وحالات وتفاصيل.

أما الحدث الأبرز، فمتمثّل بحصول المصري يوسف شاهين على جائزة العيد الخمسين لمهرجان «كانّ» (1997) عن مجمل أعماله، هو الذي اعتاد المشاركة فيه هنا وهناك، عن أفلام صنعها بشغف الحرفي، فصنعت، أو ساهمت في صنع حكايته الإبداعية.

السفير اللبنانية في

29/05/2013

 

 

«كان» آخر مرة

طارق الشناوي 

أشعر أن علىّ واجبا متراكما لم أفعله، فأنا لم أكتب عن أكثر من حدث مصرى على الساحتين الثقافية والفنية، وعلىّ أن أسارع بمشاهدة فيلمَى «تتح» و«الحرامى والعبيط» اللذين عُرضا فى الأسابيع الماضية، وهناك أيضًا بيان المثقفين الذى وقَّعته مجموعة متنافرة فى توجهاتها ضد وزير الثقافة الجديد علاء عبد العزيز، لاحظت أن بعضهم كان لهم مواقف معلنة وموثقة ضد فساد مبارك وتصدوا للتوريث وبعضهم كان ضالعًا ومشاركًا فى منظومة الفساد واختراق المثقفين لتجنيدهم فى الحظيرة التى أنشأها فاروق حسنى. لا أستطيع أن أتناول شأنًا داخليًّا دون أن أتمكن من الاقتراب من كل التفاصيل والملابسات، ما علمته أن الوزير الجديد سوف يتصدى للفساد المالى فى الوزارة، وهو إعلان له وجهان: الأول أن الوزير لا يجيد اللعب واختيار عبارات فضفاضة ولكنه مباشر فى توجيه الاتهامات وهذا سيؤدى لا محالة إلى زيادة مساحات الخصومة مع كبار موظفيه وسيحاولون اقتلاعه من موقعه، كلنا يدرك أن الفساد المالى يحيط وزارة الثقافة بضراوة خصوصا فى عهد فاروق حسنى، راجعوا أسماء عددًا من كبار الموظفين وهم تحديدًا الأقرب إليه وكيف كان مصيرهم السجن فى قضايا فساد مالى بينما فاروق لم يوجه إليه أحد اتهامًا قبل الثورة. فمن البديهى والحال كذلك أن يزداد الفساد فى كل جنبات الوزارة.

كنت واحدًا من عدد محدود جدًّا داخل دائرة المثقفين الذين تصدوا للتراجعات والتى وصفتها بـ«الشقلباظات» للوزير السابق صابر عرب ومع الأسف أغلبهم التزم الصمت أمام لعبته المكشوفة فى الاستحواذ على جائزة الدولة التقديرية وكان رأيى المعلَن هو أن الوزير ينفّذ أجندة الأخونة وأن لديه لحية على المخ أشد ضراوة من لحية الوجه.

إذا اكتشفت أن الوزير الجديد يسعى للأخونة سوف أتصدى بضراوة ولكنى لن أعتبر أن اكتشافه لفساد موظف أو تغيير موقع لموظف كبير هو معركة أخونة تستحقّ بيان شجب أنتظر أن أرى وقائع إدانة فكرية أواجه بها الوزير الجديد ولكنى لن أفعل مثل البعض الذى وفَّق أوضاعه مع صابر عرب ولم يفضح تلاعباته وتراجعاته وهو الآن يحاول أن يفك شفرة الوزير الجديد ليوفق أوضاعه مجددًا، سأظل أقف فى خندق مصر المدنية ولا يعنينى الشخص لكنى أنتظر الأفعال.

أرجو أن يكون صحيحًا ما قرأته مؤخرًا وهو أن وزير الثقافة قرر صرف قيمة الجوائز المالية التى رصدها مهرجان القاهرة السينمائى ولم يدفعها بحجة ضيق ذات اليد، هذه بداية جيدة للوزير لأنه يحافظ على سمعة المهرجان فلا يليق باسم مصر أن يتردد أنها هربت من دفع قيمة جوائز أكبر مهرجان سينمائى يحمل اسمها.

***

قبل أن أغادر محطة «كان» أقدم لكم بعض أقوال موحية لفن السينما بأقلام عدد من أساطينها تصدرها كراس أصدرته مؤسسة الدوحة للأفلام ضمن فاعليات المهرجان.

«الفيلم كالحلم، كالموسيقى، لا يوجد فن يؤثر فينا كالأفلام فهى تتوجه مباشرة إلى أحاسيسنا العميقة وتغوص فى مكنونات أرواحنا» إنجمار بيرجمان.

«لا أؤمن بأن الفيلم صُنع ليُفهم، فهل نفهم قطعة موسيقى؟ هل نفهم لوحة فنية أو المعنى الحقيقى لقصيدة؟ إنه الغموض الذى يجذبنا إلى عمل ما، وليس فهم المعنى الفعلى للقصة» عباس كيروستامى.

«أعتقد أن كل أفلامى لديها موضوع مشترك فإذا فكرت فى الأمر، ستجد أن الموضوع الوحيد الذى يمكن أن أفكر فيه هو فى الحقيقة سؤال: لماذا لا يمكن أن تكون الناس أكثر سعادة مع بعضها» أكيرا كيروساوا.

«كل ما تعلمته تعلمته من الأفلام» أودرى هيبورن.

«أمنحهم تلك المتعة، تمامًا كتلك التى يشعرون بها عندما يستيقظون من كابوس» ألفريد هيتشكوك.

«لا يعتبر الفيلم جيدًا إلا عندما تكون الكاميرا بمثابة عين فى رأس شاعر» أورسون ويليس.

«السينما تستبدل رؤيتنا بعالم أكثر انسجامًا مع رغباتنا» أندريه بازان.

«خلافًا لكل أشكال الفنون الأخرى الفيلم قادر على تجميد الزمن، إيقافه وتقريبًا امتلاكه فى النهاية، الفيلم ينحت الوقت» أنرى تاركوفسكى.

«أفلامى علاج لاكتئابى المهلك» وودى ألان.

«بلد من دون سينما ومن دون تاريخ سينمائى، كالمنزل بلا مرايا» جلوبرروتشا.

«عندما لا تعرف ما الذى تفعله ويكون هو الأفضل، ذاك هو الإلهام» روبرت بريسون.

ملحوظة أخيرة كل تعبير ذكره هؤلاء يستحق أن نتأمله لنعرف لماذا يتكبد بعضنا كل هذه المشقة المادية والذهنية للذهاب سنويًّا إلى «كان»!!

التحرير المصرية في

29/05/2013

 

سعفة الكلب 

كلب أبيض أجعد الشعر سرق الأضواء من نجم هوليوود مايكل دوجلاس بفوزه بجائزة سعفة الكلب والتي أقيمت علي هامش مهرجان كان السينمائي التي انتهت فعالياته منذ أيام قليلة‏.‏

وقد أشاد النقاد في المهرجان بأداء دوجلاس لشخصية( ليبراس) في فيلم خلف الشمعدان من اخراج ستيفن سودربرج.. لكن الكلب بيبي بوي الأعمي المملوك لعازف البيانو اللامع هو الذي خطف الضوء من النجم السينمائي بفوزه بجائزة سعفة الكلب وهي طوق جلدي مكتوب عليه( سعفة الكلب). وتقام مسابقة سعفة الكلب سنويا علي هامش العروض السينمائية الرسمية لمهرجان كان لتكريم الكلاب صاحبة الأداء الأبرز.

الأهرام اليومي في

29/05/2013

 

هند صبرى: فخورة بفوز التونسى عبد اللطيف كشيش بسعفة "كان"

كتبت - دينا الأجهورى

عبرت النجمة التونسية هند صبرى عن سعادتها بفوز المخرج التونسى عبداللطيف كشيش بالسعفة الذهبية فى مهرجان كان عن فيلمه «الأزرق أدفأ الألوان»، وقالت هند: «مبروك للتونسى عبداللطيف كشيش» وأوضحت أنها فخورة به كمبدع يمثل تونس فى مهرجانات عالمية فى حجم مهرجان كان.

وطرحت هند سؤالا وهو: «هل كان كشيش يصل إلى أعلى جائزة سينمائية فى العالم لو ظل يحاول ممارسة فنه فى دولة ومجتمع لا يقدران الفن والفنانين والحرية والخيال والإبداع؟ وتمنت هند أن تظل دائما أسماء المبدعين العرب لامعة فى المهرجانات العالمية ليعلم الجميع أن لدينا فنانين ومخرجين يستحقون الفوز».

كشيش كان قد عجز عن الكلام عندما صعد إلى خشبة المسرح لتسلم جائزته من الممثلة الأمريكية أوما ثورمان أمام جمهور يعج بالنجوم، وعند تسلمه جائزة السعفة الذهبية وبجواره بطلتا الفيلم اكتفى كشيش بالقول: «كما تعرفون فإنى أحتاج دائما إلى بعض الوقت للتأمل قبل البدء هذه عادتى أعتذر».

يذكر أن كشيش ممثل قام بأول أعماله الإخراجية فى عام 2000 وأهدى كشيش الجائزة إلى شباب تونس التى ولد فيها، وأشاد بصمودهم فى انتفاضات الربيع العربى واصفا إياهم بأنهم أناس «لا يريدون سوى العيش والكلام والحب بحرية» وقد فاز بجائزة السعفة الذهبية للدورة الـ66 لمهرجان كان السينمائى، حيث أعلنت إدارة المهرجان فوز الفيلم منذ لحظات فى حفل الختام، ليسدل بذلك الستار على الدورة الـ66 بعد فعاليات استمرت 12 يوما.

بينما فاز أمات إسكلانت بجائزة أفضل مخرج عن فيلمه «Heli»، وجائزة لجنة التحكيم لفيلم like father like son للمخرج كورى ايدا هيروكاز، وأفضل سيناريو لـفيلم touch of sin إخراج جيا زاهانكى.

وذهبت جائزة أفضل ممثل للنجم الأمريكى بروس ديرن عن دوره فى فيلم Nebraska، بينما فازت الأرجنتينية برينس بيجو بطلة الفيلم الإيرانى the past بجائزة أفضل ممثلة، ونال فيلم safe جائزة أفضل فيلم قصير، ونال المخرجان جويل وإيثان كوين الجائزة الكبرى عن فيلم Inside Llewyn Davis، بينما ذهبت جائزة الكاميرا الذهبية لفيلم Ilo Ilo للمخرج أنطونى شين.

هند صبرى: مبروك التونسى عبد اللطيف كشيش بـالسعفة الذهبية بـ"كان"

كتبت دينا الأجهورى

عبرت النجمة التونسية هند صبرى عن سعادتها بفوز المخرج التونسى عبد اللطيف كشيش بفوزه بالسعفة الذهبية فى مهرجان كان، وقالت هند "مبروك التونسى عبد اللطيف كشيش"، والسؤال: "هل كان كشيش يصل إلى أعلى جائزة سينمائية فى العالم لو ضل يحاول ممارسة فنه فى دولة ومجتمع لا يقدران الفن والفنانين والحرية والخيال والإبداع؟.

اليوم السابع المصرية في

29/05/2013

 

فينتربري يمنح ريتي بان جائزة "نظرة ما" في كان 66

"الصورة المفقودة" وثائقي عن سنوات الجحيم الكمبودي 

كان ـ قيس قاسم 

عَمَلها المخرج الدنماركي توماس فينتربري وأعطى جائزة قسم "نظرة ما"، التي ترأس لجنة تحكيمها في الدورة الأخيرة لمهرجان كانّ السينمائي، الى الفيلم الوثائقي الكمبودي "صورة مفقودة" على رغم المنافسة الشديدة بين أفلام هذا القسم والتي كثيراً ما تتفوق في أهميتها على أفلام آخرى تتنافس في ذات الوقت على جائزة "السعفة الذهبية" أُختيرت لحسابات خاصة بمنظميه وغالباً ما كانت تثير أسئلة حول معايير اختيارها بالمقارنة بأفلام جيدة يوزعونها على خانات ثانية، لا تقلل من شأنها، لأن كل مشاركة في كانّ تميز ولكنها قد تُضيع عليها فرصة الانطلاق الكبرى إذا ما خرجت بإحدى جوائز السعفة الذهبية التي تمثل "جواز سفر" لعبور تجاري ومعنوي عالمي،  لكن في النهاية وبفضل منح فيلم المخرج الكمبودي الأصل الفرنسي الجنسية ريتي بان  جائزة "نظرة ما" أخذ الوثائقي مكاناً يستحقه على قلة الأفلام المشاركة من هذا النوع في الدورة السادسة والستين.

صورة مستعادة بالطين

عن أية صورة يبحث ريتي بان وهو المخرج السينمائي القادرة على خلق مليون صورة؟ عن صورته أم صورة بلاده كلها وقد ضاعت مثل أرواح ملايين الكمبوديين خلال حكم "الخمير الحمر" أبان سبعينات القرن الماضي؟ عن صورة طفولته المعذبة وهجرته المبكرة؟ أم صورة عائلته التي خسرها ولم يعد أمامه من حل سوى استعادتها بالذكرى أو بفيلم وثائقي أفضل عنوان يمنحه له "الصورة المفقودة"؟ .

فالفقدان والصورة يمثلان ثنائية جدلية تستحضر كل منهما الآخرى، تحفزان بعضهما للحضور في الذهن كلما أراد المرء استذكار ماضيه وحنينه الى الأشياء التي افتقدها ومحاولة استعادة تفاصيلها بما يشبه تشكيل جديد لصورة "ذاتية الأبعاد" ليست بالضرورة أن تكون صورة فوتوغرافية أو سينمائية بل يمكن لها أن تكون صورة طينية هي خليط من الماء والتراب وهذا الاختيار قد يقربنا من فهم فكرة توظيفه نماذج بشرية، "فيغرات" جسدها بتماثيل مصغرة من الطين كتلك التي يصنعها الأطفال في كل الدنيا ليحاكوا بها الواقع المحيط بهم وليقارب هو بدوره بها بين طفولته في فنوم بنه وبين رؤيته لفترة أراد سرد تفاصيلها بتلك الوسيلة البعيدة عن "أدواته" التصويرية كسينمائي وفي هذا مفارقة تسترعي التفكير في قدرة الوثائقي على اعادة توثيق العوالم الواقعية بمادة تشكيلية مختلفة عن المادة البصرية الخام، دون الركون التام بالضرورة الى الصورة المؤرشفة أو المصورة مباشرة.

صوت وتماثيل

ألاف النماذج الطينية رُكبت لتشكل مشاهد سينمائية تسرد سنوات "الجحيم" التي عاشها الشعب الكمبودي خلال فترة حكم بول بوت وإرتكب خلالها أبشع جرائم الإبادة البشرية لأسباب ايدولوجية بحتة، كرست بسبب من فكرة الاستبداد الجوهرية في داخلها، القمع وسيلة اخضاع وحيدة لشعب منكوب بالفقر حلم وصدق في أول الأمر ما أدعاه "المنقذ" الماوي الجديد من أفكار تخاطب رغبته في تجاوز واقعه السيء الى العيش في حياة هانئة وكريمة

عبر صوت بان وهو يحكي لنا قصته، سنستعرض تاريخاً مخيفاً عاشه في طفولته وظل عالقاً في ذهنه وسنتعيد عبر "نماذجه" الطينية تجربة والديه اللذان حكما عليهما بالزج القسري في معسكرات "اعادة التأهيل الثقافي" ليموتا فيه جوعاً. أي مصائر مروعة يحكيها لنا بان في فيلمه الشخصي، وأي وسيلة مؤثرة يستخدمها ليقرأ مراحل من تاريخ بلاده؟ إي ذكاء متقد يطوع به خامات الطبيعة ليصبح سلاحاً فكرياً شديد التأثير، يستعيض بها عن "الصورة المفقودة" بآخرى "طينية" ليست أقل اقناعاً عن تلك التي ضاعت أو ضُيعت لعقود وسكت العالم عنها، لكنها لن تنسى بالكامل مادامت هناك ذاكرة حية متوقدة قادرة على سرد ما جرى ولو بعد عقود

حكاية الطفل المُغيب

أذكى ما في فيلم "صورة مفقودة" أنه يحاكي الواقع/ الماضي بصوت طفل/شاهد بريء يقول بعفوية كل ما كان يشعر به ويسرد بذات النبرة الحزينة بعض ما كان يسمعه من الأقربين ولهذا جاءت شهادته قوية، مقنعة، لأنها غير محملة بأفكار مسبقة. انه يحكي ما جرى بلغة شعرية عذبة متسلسلة تاريخياً تبيّن الفرق الشاسع بين ما كان معلناً وطموحاً وما آلت اليه الأحداث على الأرض. فالخمير الحمر جاءوا متسلحين برصانة فكرية وبحماسة الاشتراكيين لبناء وطنهم المثالي لكن مسار حكهم قاد الناس الى تعاسات لم يشهد التاريخي البشرية المعاصر مثلها إلا ما ندر، وبحكم ديماغوجيتهم سيمضون بالبلاد الى فقر متقع واستبداد سلطوي منفلت راح ضحيته أكثر من مليون مواطن. لقد صنع الخمير الحمر تاريخهم الدموي الخاص بتفوق حتى على ملهميهم الماويين، ويشهد التاريخ  لقائدهم بول بوت بأنه من أكثر الديكتاتوريين قسوة، نتلمسها حية أمامنا ونحن نتابع ما صنعه مخرج من تلك البلاد هُرب الى خارجها طفلاً ليعيش في فرنسا ويدرس السينما فيها وليعود وقد بلغ سنوات الحكمة  ويستخدمها وسيلة ابداعية يسهم عبرها في كتابة جزء من تاريخ بلاده بمهارة نادرة استحق عليها جائزة مسابقة فئة "نطرة ما" في كان 66 لتميزه الملهم لصناع السينما الوثائقية في كل مكان، ولإرتكانه وقبل كل شيء على جماليات الصنعة التي استثمرت البساطة النحتية ليستمد منها أفكاراً نقدية عميقة خالية من الانفعال عوضت جزئياً عن تلك "الصورة المفقودة" بل ربما تجاوزتها الى أبعد بكثير.

الجزيرة الوثائقية في

29/05/2013

 

في ختام مهرجان "كان" السينمائي..

فرنسا وأمريكا تتقاسمان الجوائز.. ولجنة التحكيم تأثرت بآراء النقاد 

السينما يقدمها : حسام حافظ

انتهي مهرجان "كان" وبقيت الضجة التي تثار كل عام علي الجوائز. لمن ذهبت.. هل يستحق فيلم "حياة أديل" للمخرج التونسي الفرنسي عبداللطيف كشيش الفوز بالسفعة الذهبية؟.. لماذا تقاسمت أمريكا وفرنسا الجوائز: السفعة للفرنسي والجائزة الكبري للأمريكي وأحسن ممثلة فرنسية وأحسن ممثل أمريكي. وهل تأثر رئيس لجنة التحكيم الأمريكي الشهير ستيفن سبيلبيرج بآراء نقاد فرنسا التي طاردت لجنة التحكيم يومياً علي صفحات الجرائد وعلي المواقع الالكترونية. 

تحت عنوان السعفة الذهبية تذهب الي فيلم "بورنو" فرنسي عن الحب المثلي. كتب الناقد السينمائي أمير العمري عن الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية: لست من النقاد الذين يحكمون علي الافلام من منطلق أخلاقي. بدليل اشادتي بفيلم "وراء الشمعدان" للمخرج الأمريكي ستيفن سودربيرج الذي يتحدث عن علاقة حب تجمع عازف البيانو "فيرانشي" ومساعده "سكوت". والفرق بين الفيلمين هو الفرق بين تناول المشاعر الإنسانية تناولا فنياً رفيعاً وبين استعراض العلاقات الجنسية علي الشاشة دون معرفة الخيط الرفيع الذي يفصل بين أعمال الفن وأفلام الاثارة. 

الاسم الكامل للفيلم الفائز بالسعفة الذهبية "الفصل الأول والثاني من حياة أديل" كتبه وأخرجه التونسي - الفرنسي عبداللطيف كشيش. وهو يقدم بالتفصيل حياة ومشاعر الفتاة أديل التي تنتقل من سن المراهقة الي الشباب. تسعي لفهم رغباتها الجنسية وتعمل معلمة للأطفال في دور الحضانة وتتجه لاقامة علاقة حسية مع فتاة تكبرها بعدة سنوات رسامة تدعي ايما. الفيلم يستعرض العلاقة الجنسية بين الفتاتين ثم ينفصلان وتعيش ايما مع امرأة أخري وتسير أديل وحيدة في النهاية. 

قال الكثير من زوار كان هذا العام ان الصحافة الفرنسية كان لها دور كبير في توجيه لجنة التحكيم للافلام التي تستحق الفوز بالسعفة الذهبية من وجهة نظرهم. حتي ان 11 ناقداً من أصل 15 ناقداً في مجلة "الفيلم الفرنسي" قالوا ان فيلم "حياة أديل" يستحق السعفة الذهبية وهو ما حدث بالفعل. واعتبر البعض ذلك خضوعاً لآراء نقاد فرنسا. 

كما ذكرنا في البداية فإن فرنسا وأمريكا تقاسمتا جوائز المهرجان. حصل الفيلم الأمريكي "داخل لوين ديفير" للأخوين ايثان وجويل كوهين علي الجائزة الكبري للجنة التحكيم. وحصلت الفرنسية برينس بيجو علي جائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم "الماضي" للمخرج الايراني الفرنسي أصغر فارهادي. وحصل الممثل الأمريكي الكبير بروس ديرن علي جائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم "نبراسكا". وحصل المخرج المكسيكي أمات اسكالانتي علي جائزة أحسن إخراج عن فيلم "هيلي". وفاز الفيلم الصيني "لمسة الخطيئة" علي جائزة أحسن سيناريو. وحصل الفيلم الياباني "الولد مثل أبيه" للمخرج هيروكازو علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة. 

"سقوط الأوليمب"..

يكشف الهجوم الكوري علي البيت الأبيض

لا يمر عام إلا وتعبر هوليوود عن مخاوفها من تعرض الولايات المتحدة لهجوم من أعدائها. ويبدو أن هجمات 11 سبتمبر وتدمير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك أصبحت مثل الكوابيس المتكررة التي تزور الإنسان في منامه.. هذا ما يقدمه فيلم "سقوط الأوليمب" للمخرج أنطوان فوكا الذي يحكي عن تعرض البيت الأبيض في واشنطن لهجوم من كوريا الشمالية للاستيلاء علي شفرات قواعد الصواريخ النووية الأمريكية لتدميرها في مواقعها المنتشرة في الولايات المتحدة. 

والأوليمب هو اسم جبل شهير في اليونان كانت قمته مقراً لقصر الإله زيوس. وفي الفيلم يرمز الأوليمب إلي البيت الأبيض مقر الحكم ومكان إقامة الرئيس الأمريكي وعائلته. وكما هي العادة في الأفلام الأمريكية يمجد الفيلم بطولة الفرد القوي الشجاع وهو هنا الحارس الشخصي السابق للرئيس الأمريكي. الذي فقد وظيفته ونقل لوزارة المالية بسبب محاولة اغتيال فاشلة للرئيس ماتت خلالها السيدة الأولي. قام النجم جيرارد بتلر بدور الحارس مايك الذي يستطيع الدخول وحده إلي البيت الأبيض بعد احتلاله من قوات الهجوم الكوري. ويتمكن من إنقاذ ابن الرئيس وإيقاف برنامج التدمير الذاتي للقواعد النووية الأمريكية. وهو بالتالي أنقذ الولايات المتحدة كلها. 

وكما ذكرت فإن الفيلم يعبر عن القلق الأمريكي الدائم من هجوم الأعداء عليها سواء من كوريا الشمالية أو إيران أو تنظيم القاعدة. وقد نفذ الأخير بالفعل هجمات 11 سبتمبر. ولكن هوليوود قبل ذلك التاريخ وهي تتحدث عن هذه النوعية من الهجمات من الاتحاد السوفيتي أحياناً ومن كائنات فضائية من المريخ مثل فيلم "يوم الاستقلال". هل هو قلق الاحتفاظ بالقمة وهي أصعب من الوصول إليها كما يقولون؟.. أم هو قلق المجرم الذي ارتكب الكثير من الجرائم ويتوقع دائماً العقاب؟! 

فيلم "سقوط الأوليمب" لا يقل عن المستوي الفني لفيلم "زيرو دارك" للمخرجة كاترين بيجلو الذي رشح لخمس جوائز أوسكار هذا العام. ولكن ما يميز فيلم المخرجة بيجلو أنه يتناول حادثة حقيقية عن كيفية وصول القوات الأمريكية لأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الهارب في باكستان ثم قتله وإلقاء جثته من طائرة في المحيط وهي وقائع حقيقية وليست من نسج الخيال كما في فيلم "سقوط الأوليمب" وهو الاسم الحركي للبيت الأبيض في الوثائق السرية الأمريكية. 

في الفيلم شخصية مثيرة للجدل ليس من الواضح تقديمها بالصورة التي ظهرت عليها. وهي شخصية الخائن فوربس وقام بالدور الممثل ديلان ماكديرموت. هل هو عميل لكوريا الشمالية أم هو رافض لسباق التسلح النووي في العالم ويسعي لكي تبادر الولايات المتحدة بتدمير قوتها النووية. أم هو من الحزب الديمقراطي المعارض للرئيس الجمهوري كما جاء بالفيلم؟!.. كلها تساؤلات مشروعة حتي استطاع البطل مايك القضاء علي فوربس في النهاية. 

حرص المخرج أنطوان فوكا الإشارة إلي حرق وسقوط العلم الأمريكي من فوق البيت الأبيض. كما أن دعاية الفيلم ذكرت مقولة "عندما يسقط العلم سوف نعرف قيمة الوطن". وهي تعني أن الأوطان تولد من الحروب والصراعات. وكذلك من المعارك التي يخوضها الوطن ويسقط العلم ويحترق ولكن بعد الانتصار يعود العلم إلي الساري ويرتفع مرة أخري. ولكن هذه المرة العلم المنتصر الذي خاض المعارك وهزم الأعداء هل أصبحت هوليوود متهمة بالترويج لفكرة الحرب. لأن الولايات المتحدة سوف تكتشف قوتها الحقيقية وهي تسحق أعداءها؟.. وهي فكرة غير إنسانية وخيالية في نفس الوقت. لأن بعد الحروب هناك المنتصر والمهزوم ولا أحد ينتصر دائماً وكذلك لا أحد يظل مهزوماً إلي الأبد. 

النقاد يرحبون بفوز كشيش..

والعريس يعتبر فوزه "فضيحة"

أعربت الناقدة صفاء الليثي عن سعادتها بفوز فيلم المخرج التونسي عبداللطيف كشيش بالسعفة الذهبية وقالت: سعدنا بهذا الفوز وقلنا جميعا ان الاجابة: تونس. 

وكانت صفاء الليثي قد مثلت مصر في لجنة تحكيم الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية في برنامج "نظرة ما" وقد منحوا جائزة لجنة التحكيم لفيلم "عمر" للمخرج الفلسطيني هاني أبوأسعد. 

قال المخرج ستيفن سبيلبيرج رئيس لجنة تحكيم مهرجان كان هذا العام ان فيلم "حياة أديل" لعبداللطيف كشيش عبارة عن قصة حب كبيرة والجائزة للتميز الفني لثلاثة: المخرج كشيش وبطلتي الفيلم أديل اكسار ولياسيدوكس. 

واضاف سبيلبيرج: نحن سعداء ان أتيحت لنا الفرصة لمشاهدة هذا الفيلم الذي يعكس احداثا واقعية في حياتنا. أما بخصوص المشهد الجنسي الطويل الذي امتد ل 6 دقائق علي الشاشة بين البطلتين قال سبيلبيرج: هذه شجاعة من المخرج لعرض القصة بالطريقة التي عرضها بها وقال انه مقتنع بأن الفيلم سوف يحقق نجاحا تجاريا في دور العرض الأمريكية. 

ووصف الناقد اللبناني ابراهيم العريس فوز فيلم "حياة أديل" بالفضيحة لأنه من أكثر الافلام اباحية في تاريح عروض المسابقة الرسمية في كان وأكد ان الصحافة الفرنسية ضغطت بشراسة علي لجنة التحكيم برئاسة سبيلبيرج حتي خضع لها ومنح الفيلم السعفة الذهبية. 

أبيض وأسود

مستقبل الصحافة الورقية

حسام حافظ

ذكر الناقد السينمائي الكبير أمير العمري في رسالته اليومية من مهرجان كان أن مجلتي "سكرين انترناشيونال" و"فارايتي" توقفتا عن الصدور أثناء مهرجان كان بسبب نفاد الإعلانات. كانت مجلة "سكرين انترناشيونال" أصدرت 9 أعداد فقط ولم تصدر بقية أيام المهرجان ويبدو أن الأزمة الاقتصادية نالت من أشهر المجلات السينمائية العالمية رغم أن مهرجان كان أكبر مهرجانات السينما في العالم وتحضر إليه أكبر شركات الإنتاج السينمائي وبالطبع تقوم تلك الشركات بالإعلان في المجلات التي تصدر طبعات خاصة عن فعاليات مهرجان كان ولكن ألهذه الدرجة بات الاعتماد علي الاعلانات حتي في أشهر المجلات السينمائية. 

وقبل عدة أشهر توقفت جريدة "نيويورك تايمز" عن إصدار طبعتها الورقية واستمرت في الصدور اليكترونيا علي شبكة الإنترنت بسبب تكاليف الطباعة. والحق أن مثل هذه الأخبار السيئة تعني أن الصحافة الورقية أصبحت في مهب الريح. وبالطبع فإن المشاكل التي تتعرض لها الصحافة الورقية في العالم المتقدم سوف تصل إلينا في مصر شئنا أم أبينا. 

مشاكلنا في مصر أكبر بكثير من التي تتعرض لها الصحف الأجنبية فقد قامت عندنا ثورة أثرت بشكل مباشر علي الوضع الاقتصادي العام في البلد وكثير من الشركات ألغت ميزانية الإعلانات في الصحف وبعض شركات الإنتاج السينمائي توقفت عن العمل تقريبا وطبيعي أن تتوقف عن الإعلان لأنه ببساطة عن ماذا تعلن تلك الشركات! كما أن السادة المسئولين عن حكومة ما بعد الثورة يضعون الإصلاح الاقتصادي في المرتبة الرابعة أو الخامسة من تفكيرهم بالتالي فإن الصحافة ينتظرها مزيد من التدهور المالي نتيجة نقص الإعلانات كما أن الصحافة الفنية مهددة بالتوقف تماما لاعتمادها الكبير علي إعلانات شركات الإنتاج السينمائي وعلي ظهور أفلام جديدة تعلن عن نفسها علي صفحات تلك الجرائد والمجلات.. الله وحده يعلم متي تخرج الصحافة المصرية من تلك الأزمة الخانقة. 

hafezhossam@gmail.com

الجمهورية المصرية في

29/05/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)