حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كان السينمائي الدولي السادس والستون

سمير فريد يكتب من «كان»:

اليوم تُعلن جوائز المهرجان

تعلن اليوم جوائز مهرجان «كان» 2013 في ختام 12 يومًا، سميت الذهبية في المدينة الفرنسية التي أصبحت من أشهر مدن العالم منذ أن أصبح المهرجان العيد السنوي الكبير للسينما.

مسابقة الأفلام الطويلة بصفة عامة لم تكن على مستوى الأسماء الكبيرة التي شاركت فيها، وقد توقفت النشرات اليومية مع العد التنازلي للنصف الثاني للمهرجان. فقد توقفت «فارايتي» بعد العدد السابع، و«هوليوود ريبورتر» ونشرة «السوق» بعد العدد الثامن، و«سكرين إنترناشيونال» و«فيلم فرانسيه» بعد العدد التاسع.

حسب استفتاءات النقاد التى تنشر في «سكرين إنترناشيونال» لعشرة نقاد من أمريكا وأوروبا، وفي «فيلم فرانسيه» لـ15 ناقداً فرنسياً، والتي لا تشمل كل أفلام المسابقة، وإنما ما عرض منها حتى صدور العدد الأخير من كل منهما، فإن الأفلام الخمسة الأولى فى «سكرين إنترناشيونال» هي حسب ترتيب عدد النجوم:

1- الفيلم الأمريكى «لوين دافيز من الداخل» إخراج إيتان وجويل كوين.

2- الفيلم الصيني «لمسة خطيئة» إخراج جيا زانج-كى.

3- الفيلم الإيطالي «الجمال الكبير» إخراج باولو سورينتينو.

4- الفيلم الفرنسي «الماضي» إخراج الإيراني أشجار فارهادي.

5- ويتقاسم المركز الخامس الفيلم الياباني «مثل الأب مثل الابن» إخراج هيروكازو كوري-إيدا والفيلم الأمريكي «خلف الشمعدانات» إخراج ستيفن سودربرج.

11 سعفة ذهبية لفيلم «حياة أديل»

يضع استفتاء «فيلم فرانسيه» صورة «السعفة الذهبية» أكبر جوائز المهرجان بدلاً من التقدير بـ5 نجوم، والمراكز الخمسة الأولى حسب عدد السعاف هي:

1- الفيلم الفرنسي «حياة أديل» إخراج التونسي عبداللطيف قشيش، وقد حصل على 11 سعفة من النقاد الـ15، وهو عدد غير مسبوق في تاريخ المهرجان، وعلى ثلاثة نجوم من «لوموند»، و«كراسات السينما»، ونجمة واحدة من ناقد واحد هو إريك نيوف ناقد «الفيجارو»، وهي صحيفة اليمين السياسي الفرنسي.

وجدير بالذكر أن استفتاء «سكرين إنترناشيونال» صدر قبل عرض الفيلم.

2- «الماضي».

3-«لمسة خطيئة».

4- «لوين دافيز من الداخل».

5- «الجمال الكبير».

استفتاء جالا

وفى عدد خاص من مجلة «جالا» الفوتوغرافية صدر الخميس الماضي، استفتاء بين 10 نقاد من أوروبا جاءت المراكز الخمسة الأولى حسب عدد السعاف هي:

1- «الماضي».

2- «لوين دافيز من الداخل».

3-«حياة أديل».

4- «الجمال الكبير».

5- «مثل الأب مثل الابن».

هذه مؤشرات عن أغلب أفلام المسابقة التي يترقب الجميع جوائزها التي تقررها لجنة التحكيم برئاسة ستيفن سبيلبيرج.

قشيش الذهبي

كان المهرجان قبل عام 1979 يعرض أفلام المخرجين الذين فازوا بالسعفة الذهبية خارج المسابقة، حتى أصر كوبولا على عرض «يوم القيامة الآن» في مسابقة ذلك العام، رغم فوزه بالسعفة عام 1974 عن «المحادثة». وبعده فاز بها مرتين كوستوريتشا وبيل أوجست والأخوين دارديني.

لكني مازلت من الذين يرون أن القاعدة التي كانت قبل 1979 هي الأصح، وهل يمكن مثلاً أن يفوز أديب بجائزة نوبل مرتين، ولماذا، وما الذى تضيفه الجائزة الثانية إليه. وسوف يكون من الغريب فوز «لوين دافيز من الداخل» أو «خلف الشمعدانات» بالسعفة، ليس فقط لأن الأخوين كوين وسودربرج سبق أن فازا بها، وإنما كذلك لأن الفيلمين الجديدين ليسا من أهم أفلامهما. وكلاهما بالصدفة يدور فى عالم الموسيقى والغناء عن حياة مغنيين وموسيقيين أمريكيين.

ورغم أن «حياة أديل» لا يرقى لمستوى فيلم قشيش السابق «فينوس السوداء»، والذي يعد من تحف السينما المعاصرة، إلا أن فوزه بالسعفة عن فيلمه الجديد سوف يكون خبراً سعيداً من دون شك لأنه موهبة كبيرة جديرة بهذه الجائزة العظيمة.

ومن المتوقع فوز «الجمال الكبير» و«لمسة خطيئة» و«الماضي»، ولكن ليس بالسعفة. ولابد من ملاحظة أن هذه المؤشرات وتلك التوقعات تأتي قبل عرض فيلمين كبيرين من أمريكا، وهما «نبراسكا» إخراج ألكسندر باين، و«المهاجر» إخراج جيمس جراي، والذي يشترك في تمثيله يواكيم فونيكس وماريون كوتيلار، وهما من أعلام التمثيل في العالم اليوم. وكذلك هناك فيلم بولانسكي «فينوس في الفراء» وفيلم جيم جارموش «ويبقى العشاق».

قطر والسينما

من أهم الأخبار التي أعلنت في مهرجان كان هذا العام إلغاء مهرجان الدوحة - ترايبكا الذي كان من المقرر أن يعقد دورته الجديدة فى نوفمبر القادم.

وقد أعلنت مؤسسة الدوحة للسينما أنها سوف تنظم مهرجانين جديدين بدلاً من المهرجان الذى ألغي، وهما مهرجان أجيال لأفلام الأطفال فى نوفمبر، ومهرجان كومارا في مارس العام القادم، والذي سيخصص مسابقته للأفلام الطويلة الأولى والثانية لمخرجيها مثل مهرجان روتردام في هولندا ومهرجان سالونيك في اليونان.

وليس من الواضح حسب الأخبار المنشورة في نشرات المهرجان إن كان المخرج الفلسطينى العالمى إيليا سليمان تعاقد مع مؤسسة الدوحة ليكون مستشاراً لمهرجان كومارا أم مستشاراً للمؤسسة. لكن المؤكد أن فاطمة الرميحي هي مديرة مهرجان أجيال لأفلام الأطفال، كما صرح عبدالعزيز الخاطر رئيس المؤسسة.

ولا شك أن إلغاء مهرجان الدوحة - ترايبكا يعني الاعتراف بالحق، وهو فضيلة، والحق أنه كان مهرجاناً فاشلاً، وكان الأول من نوعه الذى يقترن اسمه باسم مهرجان آخر فى نيويورك. ومن المدهش أن يسمى مهرجان أفلام الأطفال أجيال، وأن يسمى مهرجان المخرجين الجدد كومارا، وكأن هناك تعمدا لعدم وجود اسم الدوحة رغم أن كل مهرجانات الدنيا تسمى بأسماء المدن التي تقام فيها. واللافت أن المهرجان الأعرق فى قطر، وهو الجزيرة للأفلام التسجيلية يخلو من اسم الدوحة أيضاً!

وفى إعلان كبير على صفحة كاملة نشرت مؤسسة الدوحة عناوين الأفلام التى قررت دعم إنتاجها في إطار مسابقة «مينا»، وهي الحروف الأولى بالإنجليزية من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولا أحد يدري لماذا لا تسمى العالم العربي، أم أنها تشمل دعم أفلام من أفغانستان وباكستان وتركيا وإيران.

ومن بين الأفلام التي حصلت على دعم الدوحة خمسة أفلام مصرية هي «نوارة» إخراج هالة خليل، و«غرفتان وصالة» إخراج شريف البنداري، و«جان دارك المصرية» إخراج إيمان كامل، و«العرض القادم» إخراج السوري نضال الدبس، و«داخل وخارج الشوارع» إخراج ياسمين متولي وفيليب رزق الذي كان المشروع المصري الوحيد الفائز بدعم أتيلييه مهرجان كان هذا العام.

وزارة السياحة ومهرجان القاهرة

ذكرنا في رسالة «المصري اليوم» من مهرجان «كان» عدد الاثنين الماضى أن المؤتمر الصحفي الذي نظمه مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وأعقبه حفل غداء في فندق كارلتون أقيما بدعم عدد من شركات السينما المصرية، لكن تبين أن وزارة السياحة قدمت الدعم الأساسي.

وقد صرح سكرتير الاتحاد الدولي للمنتجين ومقره باريس والذي يضع مهرجان القاهرة في الفئة الأولى من المهرجانات الدولية أنه سوف يصدر بياناً دولياً يدين فيه المهرجان إذا لم يدفع القيمة المالية للجوائز التي قررها في الدورة الماضية، وذلك بحد أقصى أول يوليو القادم.

ومن أخبار السينما المصرية في المهرجان عرض فيلم «باب شرقي» إخراج أحمد عاطف في سوق الفيلم الدولي، وعرض فيلم «قصة حب على الفيس بوك» إخراج محيي الدين قندور، وهو أول فيلم يمثله الفنان الشاب محمد كريم بالإنجليزية.

samirmfarid@hotmail.com

«دويتشه فيلة»:

فيلم فرنسي عن «المثلية الجنسية» مرشح لسعفة «كان» الذهبية

رويترز/ حاتم سعيد 

سلط تقرير مطول لموقع «دويتشه فيلة» الضوء على الأفلام التي ستفوز مساء الأحد، بجوائز الدورة 66 لمهرجان «كان» السينمائي الدولي، وذكر التقارير أن «لجنة التحكيم في مهرجان (كان) للأفلام، برئاسة ستيفن سبيلبرج، ستجد نفسها في حيرة من أمرها بشأن اختيار أفضل فيلم في المهرجان هذا العام، بعد أن أوشكت الدورة على الانتهاء ولم يفرض فيلم نفسه باستثناء فيلم فرنسي تدور قصته حول علاقة حب بين فتاتين سحاقيتين في سن المراهقة، وفيلم أخر يروي حكاية كفاح مضني لمغني شعبي أمريكي، وفيلم صيني تدور أحداثه حول هجوم صيني على الفساد».

ويعتقد بعض النقاد طبقًا للتقرير أن «فوز الفيلم الفرنسي حول علاقة الحب بين سحاقيتين مراهقتين قد يؤجج الخلافات من جديد داخل المجتمع الفرنسي، حيث شهدت باريس مظاهرة احتجاجية كبيرة عقب موافقة المجلس الوطني على قانون يجيز زواج المثليين في البلاد».

وذكر التقرير أن «هناك أفلام ينظر إليها على أنها من المحتمل أن تفوز بجوائز المهرجان الكثيرة، ويتنافس في المهرجان 20 فيلما، فيما يهيمن المخرجون الأوربيون والأمريكيون على الساحة السينمائية في (كان)».

ولفت التقرير إلى أن «قارات آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية تشارك بستة أفلام فقط، ورغم ذلك يعتقد بعض النقاد أن فيلم The Past للمخرج الإيراني، أصغر فرهادي، والذي يحكي قصة ثلاثة أشخاص راشدين يكافحون من أجل طي صفحة علاقات الماضي، قد يحصل على جائزة»، خاصة أنه يعتبر الفيلم الأول له منذ فوزه بجائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي عن فيلم (الانفصال) عام 2012، وهو أيضًا أول فيلم له ينافس في مهرجان (كان)».

وعاب التقرير على فيلم (الماضي) كونه «صنع في فرنسا بفريق عمل معظمه من الفرنسيين بقيادة الممثل برينيس بيجو الذي مثل الفيلم الصامت (الفنان)، مما يجعله بمثابة إعادة معالجة للعديد من الموضوعات التي طرحت في فيلم (الانفصال)، لكنه يفتقر إلى الخلفية الإيرانية التي أعطت فيلم (الانفصال) ميزة تفضله على (الماضي)».

رومان بولانسكي في «كان»:

نساء هذا العصر أكثر ذكورية.. ومنحهن الزهور «مؤسف» 

رويترز/ إفي : قال المخرج البولندي رومان بولانسكي، إنه «من الخطأ أن نحاول مساواة الجنسيين، هذا أمر غبي تمامًا، هذا الأمر جاء نتيجة لتقدم الطب، وقد يراني البعض متطرفًا، لكن في الحقيقة أرى أن الحبوب والأقراص غيرت النساء كثيرًا في هذا العصر، لقد جعلتهن أكثر ذكورية، تفقد اللمحة الرومانسية في حياتنا، وهذا أمر مؤلم جدًا».

أضاف «بولانسكي» أثناء تقديم فيلمه The Venus in Furs، السبت، على هامش الدورة 66 لمهرجان «كان» السينمائي، ردًا على سؤال بخصوص رؤيته لكيفية تطور المرأة خلال السنوات الماضية: «أعتقد أن منح أزهار للنساء يعتبر أمرًا مؤسفًا».

يشار إلى أن أحداث فيلم «بولانسكي» الجديد تدور حول مخرج مسرحي يبحث عن فتاة لتجسيد شخصية بطلة مسرحيته الجديدة، ويشتكي بشأن أداء المترشحات الضعيف، إذ يرى أن كلهن لا تمتلك الموهبة الكافية لتأدية الدور الأساسي، وقبل أن يستعد لمغادرة المسرح تظهر فتاة يراها نشيطة وحرة لكنها وقحة في تصرفاتها، فهي لديها كل ما يمقته في فتاة «بذيئة وسخيفة ولا تتردد في فعل أي شئ للحصول على ما تريده»، لكنه يوافق عليها مرغماً ويسمح لها بتأدية مشهد، وحينها يكتشف أنها تحولت إلى «فاندا» بطلة مسرحيته، وتفهم الشخصية فهمًا جيدًا، دون أن تتزود بملابس وأكسسوارات، ومن هنا تتحول كراهيته لها إلى انجذاب، ثم إلى هوس.

المصري اليوم في

26/05/2013

 

السينما سلاح للدفاع عن هوية الأكراد

طارق الشناوي 

ماذا تفعل لو كنت مكانى وأنت تسير فى الشارع وجدت من تفتح لك ذراعيها وتأخذك بالأحضان، وقبل أن تستيقظ من الحضن الأول تجد حسناء أخرى تمنحك الثانى، وأنت فى حالة الذهول والدهولة تفاجأ بحضن ثالث، وإذا لم تسارع بالاحتماء بالرصيف ربما يصل الأمر إلى عشرة أحضان، وانت وحظك، حيث إنك لن تضمن فى هذه الحالة أن كل الأحضان من نساء جميلات، حيث إنه فى الزحام لا مجال للانتقاء.

هذا هو ما حدث لى بالضبط وأنا أسير أمام قصر الباليه فى «كان» قبل ساعات قليلة من نهاية المهرجان، واكتشفت أن الأمر مجانى ويُمنح لكل عابر أمام القصر، وأن هذه هى المرة الثالثة.

عدت مباشرة إلى «النت» لأكتشف الحكاية ووجدت أن هناك منظمة عالمية تحمل اسم «أحضان مجانية» بدأت نشاطها قبل ست سنوات، واختارت موعدا ثابتا لها وهو السبت الأول من يوليو فى كل عام، وحيث إننا لم نكن فى الأول من يوليو ولكنه سبت، ولأن هناك حدثا عالميا تعيشه مدينة «كان» فإن أعضاء هذه المنظمة قرروا أن يحطموا القاعدة ويمنحوا الأحضان المجانية يوما إضافيا مجانيا!

إنها أحضان بريئة فى كل الأحوال. والحكاية بدأت من مدينة سيدنى بأستراليا عندما عاد رجل من الغربة إلى بلده، وكان محبطا فوجد من أحس به فى الشارع فمنحه حضنا، ومنذ ذلك الزمن وهو يبحث عن كيفية العمل على اتساع دائرة الأحضان لمن هم مثله يعيشون مشكلات ولا يجدون من يتعاطف معهم، وهى بالتأكيد مشكلة عالمية، ولكن ما حدث هو أن السلطات الأسترالية اعتبرت أن هذه الأحضان بها اعتداء على الخصوصية فحرّمتها، وبعد ذلك استضافته المذيعة الشهيرة أوبرا وينفرى وانضم إليه الآلاف تضامنوا معه، فلم يعد هناك ما يستحق التحريم، حيث إن الأمر فى كل الأحوال لا يتم عنوة، لأن من حقك لو أردت أن تمنع هذه الأحضان.

الأعمال الفنية أيضا بعضها يمنحك قُبلات والآخر يمنحك صفعات، وأغلب ما رأيته فى المهرجان ينتمى إلى النوع الثانى.

فى كل مرة نترقب الفيلم بسبب اسم مخرجه، وفى عديد من المرات يخذلنا الفيلم برغم اسم المخرج، مثلا كان لأمريكا فيلما «المهاجر» لجيمس جراى و«العشاق فقط ظلوا على قيد الحياة» لجيم جاراموش. الفيلم الأخير يقدم حياة وحب مصاصى الدماء، ولكنه لا يبحث عن شىء أعمق مما تناولته كل الأفلام التى سبقته، وهى تعلى من شأن الدماء باستثناء أنه قدم لنا دماء مثلجة يتم تناولها مثل الآيس كريم، وأخرى يتم التهامها على طريقة التورتة، ويضعونها بدلا من الشيكولاتة. ولا أدرى لو أوغلنا قليلا هل سنجدها مقدمة على طريقة رغيف حواوشى.

الدورة بالفعل كانت مخيبة للآمال العريضة التى كثيرا ما ترتبط بالمهرجان، حتى إن عددا من المخرجين الكبار لم نجدهم على قدر هذا الترقب، باستثناءات قليلة مثل المخرج رومان بولانسكى، 80 عاما، أكبر المخرجين عمرا فى المسابقة الرسمية بفيلمه «فينوس بمعطف من الفرو» وكان آخر فيلم عرض داخل التسابق ويستحق منا وقفة قادمة.

لا يزال القسم الأفضل فنيا فى المهرجان هو «نظرة ما» وكان للسينما الكردية حضورا مميزا مع المخرج ساليم هينر، الذى أطلق عليه «أرض بيبر الحلوة» وتجد فى الفيلم هذا الحضور الخاص للهوية التى يعيش من ينتمون إليها، وهم فى الحقيقة يحملون جنسيات متعددة فى جواز السفر ولكنهم لا يعتزون سوى بالهوية الكردية.

الأكراد يصل عددهم كقومية تعايشت فى أغلبها بجوار القومية العربية والفارسية والتركية 30 مليون نسمة، وهم يتاخمون فى الحدود تركيا والعراق وسوريا وإيران، تستطيع أن ترى من خلال عديد من المهرجانات أن السينما هى إحدى وسائل الحفاظ على الهوية التى تعنى الأصل العرقى، وكم شاهدنا فى العالم كثيرا من حالات الاندثار التى تختفى فيها ملامح ولغات وثقافات لعدد من الشعوب، ولكن الأكراد يدركون أن الفن وسيلة للدفاع المشروع عن البقاء، ولهذا فإن مثلا من يقطنون منهم المناطق العربية مثل كردستان فى العراق يتحدثون أيضا العربية، إلا أنهم يحرصون أن تظل أفلامهم ناطقة بلغة بلدهم الأصلية، وهو ينطبق على الأكراد فى تركستان التركية، حيث يعيش القسط الأكبر من الأكراد فى الجانب التركى ويجيدون التركية التى هى اللغة الرسمية، ولكنهم يتعاملون بلغتهم، ولهم أكثر من قناة فضائية ناطقة ليس فقط باللغة الأصلية ولكن بعاداتهم وثقافاتهم التى توارثوها عبر الأجيال.

الفيلم تجرى أحداثه فى هذا الجزء الشمالى المتاخم لتركيا. يحاول المخرج محاكاة الطابع الغربى فى ما يعرف بأفلام «الويسترن» الأمريكية. وإذا كان الإيطاليون سخروا من تلك الأفلام لما تقدمه من مبالغات فى ما هو معروف بالويسترن «الإسباجيتى»، فإن الأكراد فى هذا الفيلم يقدمون من خلال المخرج هاينر تحية دافئة إلى هذا اللون بكل مبالغاته، حيث إن البطل يمتطى حصانه ويذهب للشمال لإقرار العدالة ويواجه بقوته وحيلته قوى الشر بمفهومها التقليدى.

وفى الأحداث نرى النجمة الأفغانية التى أدت دورها جولشفتين فاراهانى، وسبق أن كتبنا عنها كثيرا عبر تلك الصفحة بفيلمها «حجر الصبر» الأفغانى، الذى عرض فى مهرجان أبو ظبى الأخير واستحقت عنه جائزة أفضل ممثلة، حيث تلعب فى الفيلم الجديد دور مدرسة وتتعرض للمضايقات والمطاردات، الفيلم ملىء بالمفردات التقليدية فى أفلام الغرب الأمريكى مثل مركز الشرطة الذى يتم اقتحامه وصراع دموى وحاد قدمه المخرج ليس بين البشر هذه المرة، ولكن شاهدنا حصانين وهما يتناحران بضراوة فى مشهد من الممكن أن تستمتع به منفردا بعيدا عن السياق التقليدى للفيلم، ولكن فى برنامج «رائب عالم الطبيعة»، شاهدت الجبال الكردية الساحرة وتلك الأجواء التى تسيطر عليك بجمالها، ولكنى لم أجد بعد الفيلم الساحر الذى لا يغادر المشاعر. نعم الرسالة التى أرادها الفيلم فى عمقها قد وصلت، وهى أن الأكراد قومية بكل ما تعنيه الكلمة، وأن السينما هى السلاح المشروع للدفاع عن تلك القومية ولكن ماذا بعد.

مساء اليوم وتحديدا فى الثامنة مساء تعلن جوائز المسابقة الرسمية للمهرجان، وأعتقد أن أفلاما مثل الفرنسى «الأزرق اللون الأكثر دفئا» لعبد اللطيف كشيك والأمريكى «نبراسكا» لألكسندر بان وأيضا الأمريكى «فينوس بمعطف من الفرو» لرومان بولانسكى، سوف تتوزع عليها الجوائز والأول هو الأقرب إلى السعفة الذهبية.

التحرير المصرية في

26/05/2013

 

ستة أفلام تتنافس على السعفة الذهبية

اليوم.. ختام مهرجان "كان" السينمائى الدولي

كتبت- حنان أبوالضياء: 

اليوم تحسم المنافسة بين المبدعين وأفلامهم فى مهرجان كان.. ومجلة الفيلم الفرنسى ومجلة سكرين إنترناشيونال اتفقت على مجموعة من الأفلام للفوز بجوائز المهرجان الماضى و«لمسة خطيئة» الفيلم الأمريكى الجديد للأخوين كوين «Inside Llewyn Davis»، والفيلم الإيطالى «الجمال العظيم» لباولو سورينتينو، الفيلم الأمريكى «وراء الشمعدان» Liberace لسودربرج.. ولكنهما أختلافاً حول الفيلم اليابانى «ولد مثل أبيه».. ومن الملاحظ أن تلك الاعمال أعتمدت على أطروحات مختلفة وقضايا متباينة ولكنها جميعا ذات رؤية فنية مميزة.

«الماضى» للمخرج الإيرانى أصغر فرهادى تم تصويره بفرنسا عن فكرة الماضى، الذى يمنع شخصيتين مختلفتين من التقدم إلى المستقبل.. قصة الفيلم تروى رحلة جسدية ونفسية تؤدى إلى عودة «أحمد» للسفر من طهران إلى باريس لاستكمال إجراءات طلاقه من زوجته الفرنسية السابقة «مارى»، فيكتشف أن ابنتها من تعانى مشكلة نفسية وتعارض بشدة ارتباط أمها برجل آخر، فيقرر عدم مغادرة باريس قبل معرفة السبب.. وتؤدى الفنانة الفرنسية برينس بيجو دور البطولة فى الفيلم إلى جانب الفنان الإيرانى على مصفا.

والفيلم الصينى «لمسة خطيئة» Tian Zhu Ding (ملامسة الخطيئة) مستوحى من أربعة أحداث عنيفة للغاية، ما يسميه الصينيون بـ«tufa shijian» الفاجعات، وكعادته، عمل المخرج على مزج الخيال بالوثائق. لقد تقصى عن هذه الأحداث وذهب إلى المكان الذى حدثت بها وسأل الناس. كما عمل مع العديد من الممثلين غير المحترفين وصور واقع الصينيين فى المناطق القروية وفى المدن والفيلم أظهر براعة مدير تصوير «هو يو ليكواى» الذى ساعد المخرج فى إبراز قسوة وجرأة الظلم الاجتماعى وتهميش الملايين من العمال وبقائهم خارج الاهتمام، مما يؤدى إلى حالة اكتئاب جماعى ووقوع كوارث حقيقية تودى بحياة مئات الآلاف من البؤساء والفقراء فى حين لا تكف الدعاية عن الحديث عن «النهضة الصينية»، بعد أن أصبحت الطبقة الجديدة تلتهم كل شىء.!

الفيلم الأمريكى الجديد للأخوين كوين «Inside Llewyn Davis»، ويدور فى ستينات القرن القرن الماضى. بطولة أوسكار إيزاك، مع كارى موليجان، وجاستين تمبرليك، ويدور حول الوضع المتغير لشباب الستينات، الأكثر ثورية مما قبلهم، وذلك من خلال أجواء الموسيقى وتطورها فى تلك الفترة. ويقتطع الفيلم جانباً من حياة الموسيقى «ديف فان رونك»، الذى كان جزءاً من ذاكرة تلك الفترة، بينما يلعب تمبرليك وموليجان دورى زوجين، يقدمان موسيقى منافسة لرونك الفيلم يختلط فيه الجد بالهزل، وهو نوع من الكوميديا السوداء، لكن أبرز ما فيه أنه يرسخ رؤية الأخوين كوين للعالم.. لأمريكا.. للبشر الذين قد نراهم جميعا شديدى الغرابة والتطرف فى سلوكياتهم ومواقفهم، وكأن العالم كله قد تحول إلى مصحة عقلية يلعب فيه البشر أدوارا معروفة من قبل.. ويدورالفيلم ما بين نيويورك وشيكاغو.

والفيلم الإيطالى «الجمال العظيم» لباولو سورينتينو يصور روما من أجل إبراز انزعاج أنصار الطبقة النبيلة التى تجمع بين الفنانين والمثقفين فى واقع ملىء بالمظاهر، النميمة والخسة، وقد أكد باولو سورينتينو تصوريه لهذا التباين. إن روما البطلة الصامتة لإنسانية جوعى ومنحطة ليست روما La Dolce Vita، التى يصورها فيديريكو فيلينى، ولتصوير هذه البرجوازية الرومانية الخانقة، ابتكر سورينتينو قصة تتطور فيها شخصية الصحفى المحترف «جيبو» ذى النظرة الفلسفية التى تجعله ميالاً للسخرية فى مواجهة الآخرين بما فيهم.، ويلتقى بشخصيات كثيرة يجرى معها حوارات، منها رجل دين (أسقف كاثوليكى).

ومرشح بقوة الفيلم الأمريكى «وراء الشمعدان» لسودربرج. يدور فى إطار الكوميديا الخفيفة من عام 1977 حتى 1982 ثم ينتهى الفيلم بمشهد فى 1986 حينما يتصل فيراتشى ليطمئن على صحة صديقه القديم سكوت بعد أن أصيب فيراتشى بمرض (الإيدز) ونجا منه سكوت، وسرعان ما يتوفى فيراتشى متأثرا بالمرض اللعين.

والعلاقة بين فيراتشى وسكوت شبيهة تماما بأى قصة عشق جسدى بين شخص ثرى وآخر أدنى اقتصادياً يحصد مكاسب من تلك العلاقة، ولكن فجأة يجد نفسه مرتبطاً عاطفياً بمن يحبها ويرعاها.. فيصاب بصدمة من أن فيرواتشى الذى يتخلى عنه ويتركه.. والفيلم يظهر فيه الاداء لمايكل دوجلاس الذى يعود إلى الشاشة لكى يقدم أقوى أدواره معتمداً على فهم عميق للشخصية ومعتمداً على الإيماءات والنظرات، والحركات الجسدية الموحية بطبيعة الشخصية مع الملابس الشديدة البهرجة والمبالغة التى يرتديها. وهناك الفيلم اليابانى «ولد مثل أبيه». والفيلم عبارة رؤية شخصية حول معنى الأبوة من خلال عائلة يابانية كباقى العائلات.، مكونة من زوج وزوجة بورجوازيين يكتشفا أن الطفل الذى ربياه ليس ابنهما البيولوجى بل تم استبداله عند ولادته بطفل عائلة أخرى وان ابنهما الحقيقى ترعرع فى أوساط متواضعة. ولقد استفاد المخرج الشاب من أبوته الجديدة لمعالجة مسألة نقل المشاعر الابوية. فيقول: «عند ولادة ابنتى قبل خمسة أعوام، تساءلت كثيراً عن الوقت الذى يصبح فيه الأب أباً. هل تقاسم الدم يجعل من الرجل أباً أو أنه الوقت الذى يقضيه الأب مع ولده الذى يجعله كذلك؟»..

مهرجان كان يختتم فاعلياته بـ "زولو"

كتبت- حنان أبوالضياء:

تختتم الدورة 66 لمهرجان كان اليوم مع عرض فيلم الإثارة «زولو» الذى تم تصويره بالكامل فى أفريقيا الجنوبية من قبل المخرج جيروم سال باعتباره اقتباساً لرواية كاريل فيراى التى تحمل العنوان نفسه.

تجرى أحداث الفيلم فى كايب تاون فى أفريقيا الجنوبية التى كانت العنصرية تسودها فى تلك الأوقات حيث كانت الأحياء الفقيرة مجاورة للأحياء الأكثر رخاءً. يتورط رجل شرطة فى قضية تحقيق مأخوذة.. والفيلم بطولة «فورست وايتكير» و«أورلاندو بلوم» صاحب أفلام سيد الخواتم وفيلم تلة الصقر الأسود Black Hawk Down لريدلى سكوت، وظهر فى فيلم قراصنة الكاريبى: لعنة اللؤلؤة السوداء أمام جونى ديب، وفيلم نيد كيلى Ned Kelly مع هيث ليدجر وناعومى واتز، وTroy مع براد بيت، مملكة الجنة، ومدينة إليزابيث وقراصنة الكاريبى: صندوق الرجل الميت. الجزء الثالث من قراصنة الكاريبى تحت اسم قراصنة الكاريبى: فى نهاية العوالم أما الممثل فورست وايتكير فمعروف عنه دوره المميز فى فيلم «آخر ملوك اسكتلندا»، حيث برع فى تقمص شخصية ديكتاتور أوغندا السابق عيدى أمين. وكان «ويتكر» قد سبق له الفوز بجائزة أفضل ممثل فى «كان» عام 1988 عن فيلم Bird من إخراج «كلينت إيستوود». شارك فى كتابة فيلم «زولو» جوليان رابنو، الفائز بجائزة مان بوكر العريقة للرواية لعام 2011 وذلك عن كتابه The Sense of an Ending الإحساس وسبق لبارنز الوصول ثلاث مرات إلى القائمة القصيرة لجائزة «المان بوكر» ويبلغ جوليان بارنز من العمر 65 عاماً، وهو صاحب 10 روايات، وثلاثة كتب تضم قصصاً قصيرة، وثلاث مجموعات صحفية، ترجمت أعماله لأكثر من ثلاثين لغة، وحصل على العديد من الجوائز العالمية.. وزولو قائد. يُنسب إليه الفضل فى تحويل قبائل الزولو من مجرد تنظيمات قبلية إلى أمة تسيطر على معظم مناطق جنوب إفريقيا بين نهرى بونجول وزيمخولو. اشتهر على نطاق واسع بمهارته العسكرية العالية، وميله إلى التدمير. تصنفه مقالة الموسوعة البريطانية على أنه عبقرى عسكرى اشتهر بإصلاحاته وابتكاراته فى المجال العسكرى، بينما يميل كُتاب آخرون إلى الحد من حجم إنجازاته العسكرية والسياسية. وعلى الرغم من ذلك، فإن فطنته السياسية والعسكرية، وقوته وحماسه لاستيعاب جيرانه ضمن نطاق حكمه، وطريقته فى الحكم بالوكالة تجعلانه أحد أعظم زعماء الزولو على الإطلاق.

الوفد المصرية في

26/05/2013

 

غاتسبي العظيم 

كتب الخبر ناصر الظفيري 

قبل أن نذهب لمشاهدة النسخة الأخيرة 2013 من فيلم غاتسبي العظيم عن رواية سكوت فيتزجرالد الشهيرة، دار نقاش بسيط بيني وبين ابنتي حول الفيلم والرواية. كانت ترى أن الفيلم يقدم رؤية أجمل من الرواية المكتوبة لاعتماده على مؤثرات بصرية وصوتية وقدرة على استخلاص الحوار بينما تتخذ الرواية بعدا واحدا وهو البعد القرائي.

وكانت تعتمد في استنتاجها هذا على مجموعة الروايات التى تقرأها مثل Hunger games لسوزان كولنز أو متتالية ستيفاني ماير وكان الدفاع عن مقدرة الرواية على التفوق هو أن تتمكن ابنتي من الخروج من رواية الفيلم الى رواية الرواية. فالرواية التي تعتمد في خيالها على السينما تتغلب عليها السينما في تحويلها الى فيلم أما الرواية التي تعتمد في خيالها على الرواية فتعجز السينما عن تأطيرها في ساعتين أو أكثر مهما بلغت التقنية السينمائية من ابهار يصل حد الاعجاز.

كانت رواية غاتسبي العظيم هي الرهان الأمثل. الجمال الروائي والنثر الوصفي الرائق لفيتزجرالد وارتباط الرواية بتاريخها الذي كتبت فيه لتصبح من أهم عشر روايات في العالم تمت الاساءة لها بقدر كبير من المخرج باز ليرمان رغم الجهد الاخراجي والانفاق السخي على الفيلم ليماثل حياة الناس في عام 1922.
ما توصلنا اليه، ابنتي بالذات، أن الأعمال الروائية العظيمة تتضاءل أمامها الأعمال السينمائية فلا يوجد مخرج بامكانه انصاف فولكنر أو جيمس جويس أو ماركيز في ساعتين أو أكثر. ورغم محاولات المخرج الجادة في الاعتماد على النص الروائي المكتوب وطرح مجموعة من عباراته الا أن الأجواء التي خلقتها الرواية هي الأجمل دون شك.

فشل المخرج في صناعة الراوي "نك كاراوي" والذي بدا ساذجا مرتبكا وتشابهت شخصياته النسائية "ديزي وجوردان" ولم يتفوق سوى غاتسبي الذي قام بدوره الممثل ليوناردو دي كابريو في اضفاء الجاذبية والأمل على شخصية البطل. ذكرني الممثل الذي بدأ قويا منذ "تايتنك" ببداية مارلون براندو في عربة اسمها اللذة ومدرسة ايليا كازان، والذي ولد في اسطنبول أيام الخلافة العثمانية لأبوين من الأقلية اليونانية، التي أخرجت للسينما الأسطورة الآخرى جيمس دين في شرقي عدن.

والمشهد الأكثر ابداعا في الفيلم هو اللقاء بين ديزي وزوجها بوكانن وحبيبها السابق غاتسبي بحضور الراوي كاراواي وجوردان والذي أدى فيه ليوناردو مشهدا قد يرشحه لجائزة أفضل ممثل لهذا العام. أما عدا ذلك فالفيلم يبدو مملا يكاد يقرأ الرواية ويفشل.

اعادة غاتسبي العظيم كان من المفترض أن تعيد الاعتبار للروائي الذي أرهقه العمل الأدبي في حياته كأحد الأدباء المهاجرين في باريس والذي كان يكتب ما يتفق ورغبات قراء المجلات وما كان يسميه همنجواي "العهر".

وبالرغم من تأثيره على أجيال من الكتاب حتى أطلق عليه ت.س. أليوت صاحب الخطوة الثانية نحو الرواية الأميركية بعد هنري جيمس المهاجر حينها الى بريطانيا. تحسنت حالته المادية في السنوات الأخيرة من حياته ولكنه توفي شابا في الرابعة والأربعين.

فشل السينما الكبير في تقديم الأعمال المهمة في الفن الروائي يؤكد أن القراءة والقراءة فقط هي السبيل للوصول الى جوهر العمل الأدبي ورفعته ولا تستطيع كاميرا أن تكون بديلا عن السرد الفني قدر استطاعتها تجسيد ما يكتب للسينما من أجل السينما.

الجريدة الكويتية في

26/05/2013

 

محمد عاطف يكتب:

"جاتسبي العظيم" قراءة في عظمة الحب والسينما 

دائمًا ما تذكرني عبارة "بس الرواية أجمل م الفيلم" بشقيقتها في السذاجة "بس أنا بحب اسكندرية أكتر ف الشتا" كعلامة على الذوق الرفيع، أو استعراض لثقافة مُصطنعة.. فعند سماعها يعجز اللسان عن الإجابة الساخرة المناسبة "بس انت جبت التايهة" بسبب اعتبارات المعرفة القديمة، أو أعراف الذكاء الاجتماعي الغبية، أو الاندهاش المفعم بالأسى إن كان قائل العبارة له علاقة بالأدب أو السينما، فشبه بديهي أن يحتوي العمل الأدبي على كمية أكبر من التفاصيل الدقيقة، والأحداث، والحوارات الداخلية للشخصيات، وغيرها من العوامل التي تساعد المتلقي على التحليق داخل القصة، ولعل ذلك هو أحد الأسباب الهامة وراء إحجام عدد من القامات الأدبية عن كتابة أعمالهم في صورة سيناريو للسينما أو التليفزيون.

فشل نسبي

قد يقوم عزيزي صاحب الجملة "الإكليشيه" الآنف ذكره بإلقاء انتقاده على العمل السينمائي جزافًا دون مشاهدته، وأحيانًا دون قراءة العمل الأدبي، وذلك كلما كلما ذاع صيت الرواية، أو انتمت إلى كلاسيكيات حقبة مميزة، والمعيار الأصح هو مقارنة العمل أو الأعمال السينمائية المأخوذة عن الرواية ببعضها من حيث الأكثر نجاحًا في ترجمة الفكرة الموجودة بالنص الأدبي داخل المعالجة السينمائية، كتلك التي في حالة فيلم "The Great Gatsby/ جاتسبي العظيم" بنسخه الأربع انتاج أعوام 1926، 1949، 1974، 2013 المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب الأمريكي الكبير ف. سكوت فيتزجارد، والتي تعتبر من علامات الأدب الأمريكي في النصف الأول من القرن العشرين، ولعل أهم معالجاتها السينمائية هي نسخة عام 1974 إخراج "جاك كليتون"، التي لعب فيها "روبرت ريدفورد" دور "ج.جاتسبي"، والنسخة الجديدة لهذا العام إخراج "باز لورمان"، وبرغم أن 40 عام كفارق زمني بين النسختين يعتبر مجحفًا لنسخة 1974، إلا أن مشكلات النسخة الحديثة ساعدت في التعرض لهما على قدم المساواة بضمير مطمئن.

لا أنكر أن طموحي قبل مشاهدة النسخة الحديثة لفيلم "The Great Gatsby" كان مرتفع مبدئيًا لصالحها، وربما تأثر بما شاهدته من نجاح للأفلام التي أُعيد انتاجها لروايات عالمية في العام الماضي رُشحت وحصدت عدد كبير من الجوائز مثل أفلام "ANNA KARNINA/ آنا كارنينا" و " Les Misrables/ البؤساء"، إلا أن آمالي قد خابت مع المشاهدة الأولى، وتأكد لدي ضعف توقعي مع المشاهدة الثانية، فقد جعل المخرج "باز لورمان" الصنعة غالبة على الفكرة، بدلًا من تطويعها لخدمة وتأكيد الفكرة، كما بدا بشكل ملحوظ أن مبدع الروائع "Moulin Rouge!" 2001 و " Australia" 2008 قد وجد أن إعادة انتاج أفلام قديمة مأخوزة عن روايات عالمية ظاهرة هوليوودية جديدة يمكن استغلالها واللعب على حالتها بشكل تجاري جيد، سيما وإن كان ذلك من خلال عمل بتقنية 3D الرائجة جماهيريًا، طمعًا في الفوز بالحسنيين (جمهور النوعيتين).

يروي الفيلم قصة "نيك كاراواي/ توبي ماجواير" ابن ريف شيكاغو العشرينات الذي قرر الانطلاق إلى عالم المدينة والمدنية من خلال العمل والإقامة في نيويورك، وهناك يتصادف مجاورته لقصر الثري الغامض "ج.جاتسبي/ ليوناردو دي كابريو" الذي يحرص دائمًا على استضافة صفوة المدينة في حفلات صاخبة تبرز ثراؤه الفاحش، وتعزز من الأساطير التي يُشرف بنفسه وينفق الكثير من أجل ترويجها حول شخصيته، بينما لا يظهر في تلك الحفلات إلا نادرًا مكتفيًا بمشاهدة هذا العالم من عال، ويتم دعوة "نيك" بصفته جار جديد إلى عالم "جاتسبي" الصاخب ليتصادف أن هذا الجار ابن عم حبيبة "جاتسبي" القديمة "ديزي بوكنان/ كاري موليجان" المتزوجة من "توم بوكنان/ جويل إدجارتون" أحد أكبر اثرياء نيويورك وابن واحدة من أعرق العائلات بها، والذي يخون زوجته مع عشيقته "ميرتل/ ايسلا فيشر" زوجة عامل البنزينة الفقير "جورج ويلسون/ جيسون كلارك"، لتتصاعد الأحداث بعد ذلك وتنكشف جميع الأساطير الوهمية حول "جاتسبي" الذي لا يعدو إلا أن يكون واجهة لرجل الأعمال الكبير "ماير فولفشيم/ أميتاب باتشان" صاحب الأنشطة غير المشروعة في تجارة الخمور والمضاربة بالأسهم، لكن "جاتسبي" لا يعبأ بانكشاف أمره أمام رغبته الجامحة في الحصول على حبيبته مجددًا لينتهي الأمر بمقتل "جاتسبي" على يد "جورج" بسبب وشاية "توم" به ظلمًا، حيث يدعي "توم" أن "جاتسبي" هو الذي قتل "ميرتل" تحت عجلات سيارته المسرعة التي كانت تقودها في الحقيقة زوجته "ديزي"، وذلك عقب المشادة العنيفة بين "جاتسبي" وغريمه "توم" الذي مهد لتلك المشادة ليتثنى له تعرية حقيقة "جاتسبي"، ولا تجد جثة "جاتسبي" رفيقًا لها حتى النهاية سوى "نيك" الذي يصاب بعقدة نفسية يقرر على أثرها الابتعاد عن تلك المدينة والمدنية الزائفة ليكتب مذكراته عنها في رواية "جاتسبي العظيم".

آثر "فرانسيس فورد كوبولا" مؤلف نسخة " The Great Gatsby" 1974 سرد القصة بلا تدخل خارجي من أي نوع، الأمر الذي كان له أثر جيد على تسلسل الأحداث بسلاسة وتركيز، بينما اختار "باز لورمان" الذي اشترك في كتابة " The Great Gatsby" 2013 مع رفيقه المفضل "كريج بيرس" سرد القصة بطريقة استرجاع الأحداث " Flash Back" فوقع الاثنان في فخ مشاهد كثيرة لم يحضرها الراوي كي يُفصلها بالطريقة التي عُرضت داخل الفيلم، كما قدم "جاك كليتون" مخرج نسخة 1974 بطله "جاتسبي/ روبرت ريدفورد" بشكل هادىء مهد دون صدمة مزعجة لانكشاف حقيقته، فقد نجح "جاك كليتون" في توجيه "جاتسبي/ روبرت ريدفورد" على التصرف الحذر أمام الكاميرا كثري عظيم غامض.. بينما اهتم " باز لورمان" مخرج نسخة 2013 بإظهار بطله "جاتسبي" في صورة غاية في التشويق والبهرجة ساهمت في إخراج المتلقي من الاندماج والتعاطف مع الشخصية عند انكشاف طبيعيتها سريعًا، حيث تاهت تلك التفصيلة من "باز لورمان" الذي اهتم بالشكل، بصورة ضيعت جزء كبير من رسم التصرفات المناسبة للشخصية فظهر "جاتسبي/ ليوناردو دي كابريو" بعد مشهده الثالث تقريبًا كمُحدث نعمة ينطلق بسيارته بسرعة جنونية، ويتباهى بالإفصاح عن شخصيته أمام ضابط المرور، رغم مرور دقائق معدودة بين هذا المشهد ومشهد الحفلة الصاخبة التي كان المدعوون فيها يتجاذبون حديث النميمة فيما بينهم عن غموض "جاتسبي" الذي لم يراه كثير منهم رغم مواظبتهم على حضور حفلاته!!

اختصر "باز لورمان" في نسخته الحديثة من " The Great Gatsby" تفاصيل علاقة "توم بوكنان" بعشيقته "ميرتل" بشكل غير مبرر ساهم بعض الشىء في تعاطف المتلقي مع هذا الزوج الخائن المفعمة روحه بحب الامتلاك، بينما ساهم إظهار "جاك كليتون" لتفاصيل تلك العلاقة في نسخة عام 1974 أن يعقد المتلقي موازنة مطلوبة وهامة بين موقف "توك" كزوج خائن وموقف "جاتسبي" كعاشق مخلص مترفع آثر الإخلاص لحبه القديم ورفض إقامة أي علاقات نسائية أخري – ولو عابرة على سبيل الهروب من مأساته- وذلك رغم ثراؤه وعدم التزامه تجاه زوجة، الأمر الذي جعله يستحق عن جدارة لقب "العظيم".

نجاح لا بأس به

توقف المقارنة بين نسختي " The Great Gatsby" لأعوام 1974 و 2013 على العوامل السابق ذكرها يكاد يكون كفيل برفض النسخة الحديثة إجمالًا، لولا عدة عوامل إبداعية أنقذت "باز لورمان" من فداحة معالجته السينمائية في كتابة نص أو إخراج تلك القصة الرائعة، لعل أبرز تلك العوامل الأداء المرهف لأبطال عمله الجديد وعلى رأسهم النجم "ليوناردو دي كابريو" فهو من ناحية صاحب علاقة قوية بالرواية ترجع إلى مرحلة دراسته الثانوية حيث قرأ الرواية عدة مرات وسحره عالم "جاتسبي"، ومن ناحية أخرى فهو ابن روحي للمخرج الكبير "فرانسيس فورد كوبولا" كاتب نص نسخة 1974، كما يعيش "دي كابريو" الآن مرحلة نضج فني تتفوق على تلك التي كانت لدى ابن هوليوود المخضرم "روبرت ريدفورد" وقت لعبه لدور "جاتسبي" عام 1974، فقد استطاع "دي كابريو" وضع بصمته البارزة على "جاتسبي" بشكل طبع صورته في الذهن لتلك الشخصية المركبة، أما عن "توبي ماجواير" الذي لعب دور "نيك كاراواي" فقد جسد باقتدار سيكولوجيا الريفي البسيط الذي يفضل دائمًا القرب الحذر من الأحداث لمراقبتها دون محاولة التدخل فيها، فالريفي القادم حديثًا يعرف تمامًا أن قواعد اللعبة في المدينة تختلف عنها في الريف، فالجميع يتناحرون تحت مظلة من منظومة قيمية مشتركة تختلف عن تلك التي نشأ عليها، إلا انه لا يحاول الاشتباك معها رغم تشوهها من وجهة نظره.

تفوق الأداء النسائي لبطلات النسخة الحديثة على نظيره في نسخة 1974 بشكل ملحوظ، فلم تحتاج "كاري موليجان" إلى تلك الضجة الإعلامية التي قامت بها "ميا فارو" بطلة نسخة 1974 لتبرير ضعف آدائها لدور "ديزي" متعللة بمشكلاتها أثناء تصوير الفيلم مع "روبرت ريدفورد"، فقد لعبت "كاري موليجان" دور "ديزي" بلا الافتعال المعتاد في الأداء عند لعب تلك النوعية من الأدوار، كما عبرت نظراتها البارعة وتوترها الناعم عن حب ممزوج بأسى لعاشقة لم تنس حبيبها القديم، وتحاول جاهدة التخلص من رباط زوجها الخائن الذي يؤكد دائمًا على ملكيته لها.

المؤثرات السمعية والبصرية في النسخة الحديثة أكثر من مبهرة، حيث تعكس صورة الفيلم المليئة بالتفاصيل الدقيقة احترافية المخرجين الفنيين "Art Directors" في المحافظة على روعة التكوين وخاصة في مشاهد الحفلات، كما احتوى الفيلم على عدد كبير من اللقطات البانورامية لنيويورك العشرينات التي بُني من أجلها موقع تصوير ممتاز بسيدني يبرر الميزانية الضخمة للفيلم التي تعدت 100 مليون دولار أمريكي، أما عن الموسيقى فيحسب للمخرج "باز نورمان" الاستعانة بأحد أمهر مؤلفي الموسيقى التصويرية في هوليوود "كريج أرمسترونج" والذي وضع لنورمان أيضًا موسيقى فيلم "Moulin Rouge!"، فقد أسهمت الرؤية الموسيقية للفيلم في تقديم جو المدينة الصاخب لنيويورك العشرينات كما لو كان لم يتغير إلى الآن عن طريق استخدام موسيقى حديثة، في إشارة لوحشية وصخب المدينة التي تزيد يومًا بعد الأخر.

عظمة الحب

يصعب على أي من هواة الدراما الرومانسية تفويت فرصة مشاهدة فيلم " The Great Gatsby" في نسخته الحديثة، فبالإضافة إلى أن القصة تنتصر لعظمة الحب والوفاء الحقيقية على بهرجة وزيف عظمة المادة والحياة الصاخبة المفرغة من أي روح، فالفيلم يمثل تجربة جديدة لعشاق السينما في مشاهدة أول فيلم رومانسي بتقنية ثلاثية الأبعاد 3D تحول المشاهد إلى شريك في أحداثها، ليصبح الخيار متروكًا له في التعامل معها بروح المراقب للحالة مثلما فعل بطل الرواية الثاني "نيك"، أو الانغماس في الحالة والاستمتاع بعظمة الحب رغم أي معوقات مثلما فعل "جاتسبي العظيم".

للتواصل مع الكاتب عبر تويتر: @Atef_Cinemania

Albedaiah at: Saturday, May 25, 2013 - 00:59

عرض الطبعة الأولى من رواية "جاتسبي العظيم" للبيع في مزاد في يونيو

قالت دار مزادات سوذبي يوم الخميس إن نسخة من الطبعة الأولى لرواية "جاتسبي العظيم" للكاتب الأمريكي فرنسيس سكوت فيتزجيرالد ستعرض للبيع في مزاد الشهر القادم وقد يصل سعرها إلى 150 ألف دولار.

وسيعرض الكتاب الذي كان يملكه الناقد والكاتب مالكوم كاولي مع مجموعة من رسائل فيتزجيرالد وقصيدة غير منشورة في مزاد الكتب والمخطوطات في 11 يونيو حزيران في نيويورك.

وقالت سوذبي في بيان لإعلان المزاد "يوجد الآن اعتراف شبه عالمي بأن الكتاب من بين الانجازات العظيمة للأدب الأمريكي في القرن العشرين".

وكتب فيتزجيرالد الرواية في عصر الجاز عندما كان يعيش في فرنسا. وعلى الرغم من أنها لاقت شهرة عند نشرها في 1925 لكنها لم تحظ بإشادة كإحدى اهم الروايات الامريكية إلا بعد وفاة فيتزجيرالد في 1940.

وتأتي انباء المزاد بعد أسابيع قليلة من العرض الاول لفيلم (جاتسبي العظيم) للمخرج باز لورمان بطولة ليوناردو دي كابريو الذي يجسد دور بطل قصة الحب المأساوية.

البداية المصرية في

26/05/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)