قرر رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الفنان عزت أبو عوف تقديم
استقالته في ختام الدورة الحالية من المهرجان. في لقائه مع «الجريدة»، يكشف
السر وراء هذه الاستقالة والصعوبات التي واجهته خلال هذه الدورة وتقييمه
لها.
·
أعلنت أنك ستقدم استقالتك من
المهرجان بعد انتهاء هذه الدورة، فهل ما زلت مصراً على قرارك؟
بالتأكيد، واتفقت على ذلك مع مديرة المهرجان سهير عبد القادر التي
ستقدم استقالتها أيضاً، كي نتيح الفرصة لأجيال جديدة من السينمائيين لتتولى
إدارة المهرجان، لا سيما أن الدورات المقبلة منه تحتاج إلى فكر جديد وإدارة
مختلفة تتفاعل بشكل أكبر مع العالم الخارجي.
·
لكن يرى البعض أن الصراع على
إدارة المهرجان أدى دوراً في هذا القرار.
بغض النظر عن هذا الصراع أو المنازعات حول إدارة المهرجان، إلا أنني
قبلت تولي رئاسة المهرجان هذا العام كمشاركة مني في عودة المهرجان إلى
الحياة، لأن غيابه كان سيعرضه للشطب من قائمة المهرجانات الدولية، وهو أمر
يضر بسمعة السينما المصرية، لذا كان عليّ التحرك من منطلق خوفي على مهرجان
بلدي.
·
هل كانت فترة التحضير للمهرجان
كافية؟
بدأ العمل الفعلي لإدارة المهرجان قبل موعده بستة أسابيع فقط، ورغم
الصعوبات الكثيرة التي واجهتنا في ما يتعلق بالدعم المادي والتواصل مع دول
العالم للمشاركة بأفلامهم في الدورة الجديدة، فإن فريق العمل القائم على
التنظيم ساعدني كثيراً في حل هذه المشكلة، بالإضافة إلى استكمال ما بدأته
الإدارة السابقة للمهرجان في ما يتعلق بالتنظيم.
·
لكن المهرجان تأخر في إعلان
أسماء المكرمين الدوليين، وحضور المخرج الصيني زانج بيمو.
يرتبط النجوم العالميون عادة بأعمال أو مشاركات في مهرجانات أخرى،
وحضورهم كان يتم التخطيط والتنسيق له قبل المهرجان بأشهر عدة. أضف إلى ذلك
تخوف البعض من الحضور إلى القاهرة بسبب الظروف السياسية وغيرها، والاعتقاد
بأن مصر غير آمنة. أشير هنا إلى أن المخرج الصيني زانج بيمو قامة سينمائية
كبيرة، وكي أشجعه على الحضور أرسلت له فيديوهات لي وأنا أسير في شوارع
القاهرة والتقط صوراً تدل على أن الحياة تسير بشكل طبيعي في القاهرة.
·
طالما شكّل الفيلم المصري مشكلة
في المهرجان، فهل تكررت هذه الدورة أيضاً؟
بحثنا عن الأفلام المصرية التي يمكن أن تشارك في المسابقة الرسمية،
وعندما تحدثنا إلى شركة «مصور قتيل» المنتجة حول مشاهدة الفيلم ومعرفة مدى
مناسبته للمشاركة في المهرجان تحمست للفكرة، ووجدت لجنة المشاهدة أن العمل
جيد. أتمنى أن يحصل على جائزة، خصوصاً أن تصويره تمّ في ظروف صعبة.
·
قرار تعديل موعد المهرجان قبل
حفلة الافتتاح بيوم، هل كانت له آثار سلبية؟
اتخذنا القرار بعد دراسة الأوضاع السياسية، خصوصاً أن افتتاح المهرجان
في دار الأوبرا وتأمين وصول الضيوف والفنانين إليها بالتزامن مع التظاهرات
المليونية كان أمراً مستحيلاً وقد يحرم عدداً كبيراً من حضور المهرجان، ما
يهدد صورته أمام العالم. هكذا اتخذنا القرار بالتأجيل لمدة يوم، لكن لم
يؤثر التعديل على البرنامج المعد سلفاً.
·
ما حقيقة رفض فريق عمل «الشتا
اللي فات» عرضه في المسابقة العربية؟
لم يحدث هذ الأمر مطلقاً. وجدنا أن «الشتا اللي فات» تحديداً هو
الفيلم الأكثر مناسبة لحفلة الافتتاح لكونه يتحدث عن الثورة المصرية، التي
أهدينا هذه الدورة لشهدائها، ومن ثم كان لا بد من وجود ممثل لأفلام الربيع
العربي في المسابقة العربية، الأمر الذي دفعنا لاحقاً إلى إقامة قسم خاص
تعرض خلاله مجموعة من هذه الأفلام تقديراً منا لهؤلاء الشباب الذين ضحوا
بأرواحهم لأجل تحرير أوطانهم.
·
تعرضت أخيراً لوعكة صحية، فهل
أثرت على قدرتك في التفاعل مع القيمين على المهرجان؟
اضطررت إلى مخالفة أوامر الأطباء في ما يتعلق بالراحة، بسبب العمل
المتواصل في الترتيب للمهرجان. صحيح أنني تعرضت للإرهاق الشديد مرتين، لكن
مع استمرار العلاج ومتابعة الطبيب استطعت التغلب على المرض، وسأحصل على
إجازة طويلة فور الانتهاء من المهرجان.
·
لماذا حذفتم يومين من أيام
المهرجان؟
بسبب الميزانية المالية المخصصة لنا، فرغم وجود رعاة للمهرجان يوفرون
خدمات الدعم فإن الدعم المالي لم يكن كبيراً بسبب الظروف التي تمر بها
الدولة، لذا ولأن الأهم بالنسبة إلينا إقامة المهرجان في موعده كي لا يتعرض
للشطب من قائمة المهرجانات الدولية، قلصنا الفعاليات المصاحبة له ترشيداً
للإنفاق.
·
هل أقيمت الفعاليات في مكان واحد
لدواع أمنية؟
كلا، فالجمع بين مختلف الأفلام المعروضة في مكان واحد كان مطلباً
للسينمائيين منذ فترة طويلة، ذلك لتوفير الوقت ومتابعة الأفلام كافة
والتنقل بين قاعات العرض بسهولة. أتمنى أن تستمر هذه الخطوة في المستقبل،
فقد قلصت حالات الارتباك الناتجة من تأخر وصول الضيوف والندوات، كذلك أتاحت
إمكان إبلاغ الجمهور بالتعديلات في مكان واحد.
·
كيف ترى الانتقادات التي تعرض
لها المهرجان بسبب سوء التنظيم؟
تطاول التعديلات على الفعاليات المهرجانات العالمية كافة، وتنظيم
مهرجان القاهرة هذه الدورة لم يكن سيئاً، بل جاء جيداً للغاية. أما بالنسبة
إلى التعديلات، فكانت بسيطة للغاية وتحدث في المهرجانات العالمية. لكن
للأسف، الصحافة المصرية اعتادت انتقاد المهرجان في كل دورة وبشكل غير مبرر.
نال الجائزة عن دور أبو طارق في الفيلم الكويتي «تورا بورا»
سعد الفرج أفضل ممثل في مهرجان القاهرة
هيثم عسران
حصد الفنان سعد الفرج جائزة أفضل ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي
الدولي في دورته الخامسة والثلاثين، التي اختتمت فعاليتها أمس بإعلان
الجوائز، وذلك عن دور أبو طارق الذي قدمه في الفيلم الكويتي "تورا بورا"
والمشارك في المسابقتين الدولية والعربية للمهرجان.
وتسلم الفرج الجائزة خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في دار الأوبرا
المصرية لإعلان الجوائز أمس، بعد إلغاء حفل ختام المهرجان بسبب الأوضاع
السياسية التي تمر بها مصر، وكان برفقته المخرج وليد العوضي منتج ومخرج
الفيلم الذي قدم التهنئة للفنان القدير، مشيداً بدوره ومجهوده الكبير في
خروج الفيلم إلى النور.
وأعرب الفرج، في تصريحات لـ"الجريدة"، عن سعادته بالجائزة التي حصدها
في المسابقة العربية من مهرجان كبير مثل مهرجان القاهرة السينمائي، مشيراً
إلى أن تفاعل الجمهور مع الفيلم خلال العرض أسعده كثيراً، ولاسيما أنه أحد
الذين نشأوا على السينما المصرية، وكان من بين أحلامه أن تعرض أعماله على
الجمهور المصري المتذوق للسينما.
وأكد الفرج أن حصوله على جائزة أفضل ممثل بمثابة تكريم خاص له ومن
أغلى الجوائز التي حصدها في مشواره الفني، متمنياً أن يتاح عرض الفيلم
تجارياً في مصر وباقي دول الوطن العربي.
وفي السياق، حصد فيلم "موعد في كيرونا" الفرنسي جائزة الهرم الذهبي
كأفضل فيلم سينمائي، بينما حصلت الممثلة الجزائرية عديلة بن ديمار على
جائزة أفضل ممثلة.
وشهد مؤتمر توزيع جوائز المهرجان هتافات سياسية مناهضة للرئيس محمد
مرسي وجماعة "الإخوان المسلمين"، في حين تم تسليم جميع جوائز المهرجان دون
أن تكون هناك أي مراسم احتفالية.
يذكر أن فيلم "تورا بورا" عرض في اليوم قبل الأخير للمهرجان وشهدت
الندوة الخاصة به تفاعلاً بين الجمهور وفريق عمل الفيلم الذي رحب بالنقاش
والنقد البناء الموجه إلى الفيلم.
«القاهرة
السينمائي» يقيم عرضاً خاصاً لفيلم «تورا بورا»
أداء الفرج وإبداع العوضي كانا محل إعجاب وتقدير الجمهور
والمتخصصين
(القاهرة
- كونا)
لم يمر فيلم المخرج الكويتي وليد العوضي «تورا بورا»، مرور الكرام على
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي خلال عرضه في الدورة المنعقدة، حيث واجه
ردود فعل طيبة أشادت جميعها بأداء بطل الفيلم الممثل الكويتي القدير سعد
الفرج، وإبداع مخرجه.
أقام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ35 أمس الأول عرضاً خاصاً
للفيلم الكويتي «تورا بورا»، المشارك ضمن المسابقة الكبرى للأفلام الروائية
ومسابقة الفيلم العربي في المهرجان، وذلك في دار الأوبرا المصرية.
تميز بشهادة الحضور
وأثنى عدد كبير من الجمهور المصري، الذي ضم سياسيين وفنانين ونقاداً
ودارسين للفن السينمائي على المستوى الفني المتميز والراقي للفيلم الكويتي
«تورا بورا»، مشيدين بروعة أداء بطله الفنان القدير الكويتي سعد الفرج،
وتميز العمل في كل نواحيه الفنية خصوصا الإخراج، الذي جاء على يد المخرج
الكويتي العالمي وليد العوضي.
الفرج... أنتوني كوين العرب
من ناحيته، أعرب مخرج فيلم «تورا بورا» وليد العوضي عن سعادته بردود
الفعل الطيبة والجميلة من الحضور المصري حول الفيلم واحتفائهم به وببطل
العمل سعد الفرج، الذي أطلقوا عليه لقب «أنتوني كوين العرب».
وقال العوضي في تصريحه لـ»كونا» إن العمل ليس فيلما وثائقيا يسرد
وقائع حقيقية ولكنه يحمل رسالة خاصة تواجه واقعا نعيشه جميعا، وهو التطرف
سواء كان بالفكر أو الرأي أو العمل وما يترتب على تلك الأمور من عنف في
سبيل فرضها على الآخرين.
وأكد العوضي رفضه لفكرة عدم جواز تناول الدين الإسلامي في الأعمال
السينمائية، وانه خط أحمر، مبينا انه يجب تناول الموضوعات المتعلقة بالدين
الإسلامي واظهار سماحته والوجه الحقيقي له.
وشدد على أن فيلمه رغم احتوائه على مشاهد عنف وقتل تنفذها عناصر إحدى
الجماعات المسلحة، فإنه لا يربط مطلقاً بين العنف والإسلام، بل يجعل من
الأخير محارباً للأول عبر شخصيات عديدة مسلمة تعيش في ذات المنطقة وتساعد
الأب والأم والأخ على ايجاد الابن بل وتحريره من قبضة تلك الجماعات
المتشددة.
وأوضح انه كمنتج يعتبر الفيلم ناجحا لما يحمله من قيمة ورسالة انسانية
عالية دون النظر إلى الإيرادات المتوقعة من جراء عرضه في صالات العرض
التجاري، بيد أنه أكد أن ما ينشده من وراء فيلمه الروائي الطويل الأول هو
اعلاء اسم الكويت وتشريفها في مختلف المهرجانات السينمائية الإقليمية
والدولية.
الجمهور المصري... متذوق
بدوره، عبّر الفنان الكويتي القدير سعد الفرج عن سعادته بإشادة
الجمهور المصري بالفيلم، مضيفاً أن قيمة الفيلم لا تقتصر على الرسالة
الإنسانية برفض التطرف، ولكن بتوجيه رسائل متعددة أهمها ما وجه إلى الآباء
والأمهات بعدم الغفلة عن أبنائهم.
وعن تقدير واحتفاء الجمهور المصري به شخصياً وبأدائه في الفيلم، أعرب
الفرج عن فخره واعتزازه بالجمهور المصري وما يحمله من ذوق ومستو فني رفيع،
معتبراً أن مصر إحدى الدول الرائدة في صناعة السينما بالمنطقة العربية.
وقال إن «هذا الإعجاب المصري لشخصه وللفيلم ترك في نفسه شعورا جميلا ودافعا
له لتقديم المزيد من الأعمال الهادفة الإنسانية بالسينما أو بالدراما
التلفزيونية، التي لن تقل أبداً عن مستوى فيلم تورا بورا».
الجريدة الكويتية في
07/12/2012
فجر يوم جديد:
مهرجان وراء الأسوار
مجدي الطيب
يحتل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي المركز الحادي عشر بين 12
مهرجاناً تتمتع بالصفة الدولية، لكنه انفرد في دورته الخامسة والثلاثين،
التي بدأت أعمالها في 28 نوفمبر الماضي وتستمر حتى اليوم 7 ديسمبر الجاري،
بكونه المهرجان الأول في العالم الذي يُقام خلف الأسوار، وينأى بنفسه عن
الجمهور الذي يُفترض أنه المستهدف من تنظيم أي مهرجان في العالم!
هذا ما حدث بالضبط عندما قرر وزير الثقافة المصري، ووافقه القيمون على
إدارة المهرجان، الذين تقلدوا مناصبهم في غفلة من الزمن، وبقرار شخصي منه
لاقى اعتراضاً ورفضاً من الكثيرين، بألا تخرج عروض وفعاليات دورة المهرجان
الخامسة والثلاثين عن نطاق ساحة دار الأوبرا المصرية، وألا تُقام أي عروض
داخل الصالات التجارية المخصصة للجمهور، ما أدى فعلياً إلى عزلة المهرجان
وسجنه خلف القضبان المُحيطة بساحة الأوبرا، التي تعاني عروضها الأوبرالية
والموسيقية والغنائية من انفضاض الجمهور ظناً منه أنها تخاطب الصفوة، ولا
ترحب بغير النخبة!
ما أريد قوله إن بين رجل الشارع والأوبرا حواجز نفسية كثيرة تجعله
يرهبها، ويخشى الاقتراب من أسوارها، ومن ثم جاءت خطوة «الوزير» و{بطانته»،
باختيارها، بحجة الدواعي الأمنية، كمقر «حصري» لعروض وفعاليات مهرجان
سينمائي «مكانه بين الناس ومعهم»، ليكرس عزلة مهرجان القاهرة السينمائي
وانفصاله عن الجمهور للمرة الأولى منذ انطلاقه!
العجيب أن مسارح الأوبرا ومراكزها لم تكن مؤهلة، باستثناء مركز
الإبداع، لاستقبال عروض الأفلام، نظراً إلى أنها مجهزة لاستقبال العروض
الموسيقية والمسرحية فقط، ومن ثم فشلت المحاولة اليائسة لتجهيز بعض
القاعات، وإعدادها قسراً لاستقبال أفلام المهرجان؛ حيث عانت العروض مشاكل
في الصوت والصورة، وكانت النتيجة وبالاً على الجميع، ابتداء من المنتجين
والمخرجين مروراً بالصحافيين والنقاد وانتهاء بالجمهور القليل الذي واظب
على الحضور، وغالبيته من عشاق السينما، وأعضاء الجمعيات التي تهتم بنشر
الثقافة السينمائية، ولا مكان لرجل الشارع البسيط!
بالطبع بذلت إدارة المهرجان جهوداً مستميتة لاستعادة الجمهور، وإغرائه
بالعودة، وتعويده على «الفرجة» في دار الأوبرا المصرية، حيث طرحت بطاقات
دخول مخفضة، وبأسعار رمزية للغاية، لكن شيئا لم ينقذ مهرجان القاهرة
السينمائي من انفضاض الجمهور، الذي آثر الابتعاد عن القضبان، ورفض أن يسجن
نفسه طواعية وراء الأسوار، فترك الأسوار والقضبان لمن اعتادها من المثقفين
والنقاد والصحافيين! كارثة بكل تأكيد أن يتحول مهرجان سينمائي يهدف في
المقام الأول إلى «تشكيل فضاء للصداقة والحوار حول فن السينما بين فناني
مصر والعالم من جهة والجمهور من جهة أخرى»، حسبما تنص المادة الأولى من
لائحة مهرجان القاهرة السينمائي، إلى «سجن كبير» أو «برج عاجي» للسينمائيين
والنقاد والإعلاميين، نتيجة تعالي إدارته وانفصالها عن الجمهور وجهلها
برسالة السينما وهدف المهرجانات، ومن ثم اقتصرت حوارات مهرجان هذا العام
على الاختصاصيين في ما يُشبه «حوار الطرشان»، بينما الجمهور المستهدف غائب،
ولا أحد يسمع له صوتاً!
إنها الرغبة الشيطانية في الالتفاف حول الفعاليات الثقافية وتحجيم
دورها، خشية تنامي قدرتها على بث روح التغيير، وأملاً في الحد من تأثيرها
على الجمهور؛ فالمهرجانات هي التي تحصن الناس ضد تيارات التطرف الديني، وهي
التي توسع مداركهم، وتضعهم على أعتاب المعرفة بأوطانهم والعالم، وعزلها عن
الجمهور بمثابة أول خطوة في سبيل تدميرها، وهو الهدف الذي حققه مهرجان
القاهرة السينمائي الدولي في دورته الخامسة والثلاثين «بنجاح عظيم»، عندما
تعمد إقصاء الجمهور عن عروضه وفعالياته، وصب اهتمامه على تقديم سينما
يستهلكها منتجوها، ولا تصل إلى المستهدف منها، وكانت النتيجة أن تأثرت سمعة
مهرجان القاهرة سلباً، ولم يجد ضيوف الأفلام من يناقشهم، مثلما عجزوا عن
رصد ردود أفعال الجمهور الحقيقي أمام شاشات العرض التجارية، وليس في
الصالات التي أعدت على عجل بعد قرار «الوزير»، الذي صدر بناء على «هواجس
أمنية»! افتقد مهرجان القاهرة السينمائي «الصخب الجميل» الذي كان يميزه،
واعتاد أن يُشيعه في أرجاء «العاصمة»، بعد ما انكفأ على نفسه وانفصل عن
جمهوره، ولم يعد هناك من يجد في عروضه المتنفس الذي يُفرج الهموم، أو يُدخل
الفرح والسعادة إلى القلوب، وواجب كل من ينتمي إليه، من «الوزير» إلى
«البطانة»، أن يرفع يده عنه ويحمل عصاه ويرحل!
الجريدة الكويتية في
07/12/2012
مهرجان القاهرة السينمائي الـ 35...
غياب الضيوف وإرباك في التنظيم
القاهرة - الجريدة
الارتباك هو السمة الأبرز لفعاليات «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»
في دورته الخامسة والثلاثين التي اختتمت بتسليم جوائز المهرجان، بالإضافة
إلى تسليم الجوائز للمكرمين بعد تأجيلها من حفلة الافتتاح بسبب الظروف
الأمنية.
شهدت مواعيد عرض الأفلام في «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»
ارتباكاً وتعديلا مراراً، رغم إعلان إدارة المهرجان الجدول الخاص بالمواعيد
في صيغته النهائية قبل يوم من حفلة الافتتاح، بالإضافة إلى غياب الضيوف عن
الندوات التي عقدت بعد العرض رغم التنسيق المسبق معهم. مثلاً أدرج «عن
النفط والرمال» في جدول المهرجان النهائي رغم انسحاب مخرجه من المسابقة
العربية قبل يومين من انطلاقه، اعتراضاً على الإجراءات الأمنية ضد
المتظاهرين، ولم يُعلن عن إلغاء الفيلم إلا بعد مرور يومين على فعاليات
المهرجان.
كذلك تم تعديل موعد الندوة الخاصة بالفيلم المصري «مصور قتيل» قبل يوم
من موعدها، لتكون مع العرض المسائي وليس الصباحي كما كان مقرراً. كذلك تكرر
الأمر نفسه مع «مملكة النمل»، إذ كان مقرراً إقامة الندوة الخاصة به بعد
العرض الصباحي، لكن وصول بطلة الفيلم صبا مبارك من الأردن مرهقة دفع إدارة
المهرجان إلى تأجيل الندوة إلى العرض المسائي، ذلك قبل يوم من موعد عرض
الفيلم ومن دون الإعلان عن ذلك.
فشلت إدارة المهرجان أيضاً في الحصول على تصريحات أمنية لفريق عمل
الأفلام الإيرانية المشاركة في المهرجان، ما دفعها إلى إلغاء الندوات
المرافقة لها لغياب صانعيها.
كانت المطبوعات الخاصة بالمهرجان مثار جدل، إذ لم يتسلم الصحافيون
كتيبات بحجة قلة عددها، فيما نجح البعض «المحظوظ» في الحصول عليها. هنا لا
بد من التساؤل عن جدوى طباعتها ما دامت لن توزع للجميع.
في المقابل، سبب إصرار إدارة المهرجان على إقامة العروض في دار
الأوبرا المصرية مشاكل جمة، نظراً إلى الانضباط الشديد الذي تتسم به، إذ
منع جهاز الأمن مخرج الفيلم البولندي «موسم السنة الخامسة» جيرزي
دومارادزكي من الدخول إلى الصالة لمشاهدة العرض الأول لفيلمه بسبب وصوله
متأخراً بعد بداية العرض، فظل واقفاً أمام باب القاعة لنحو 20 دقيقة، قبل
أن يتمكن من الدخول بعد اتصالات مع منظمي المهرجان.
مقاطعات وغضب
عقدت هذه الدورة وسط دعوات للمقاطعة أطلقها سينمائيون شباب، ما يفسر
سبب غياب فريق عمل «الشتا اللي فات» عن ندوة مناقشة الفيلم، ولم يحضرها إلا
الممثل والشريك الإنتاجي في الفيلم صلاح حنفي متأخراً، فيما غاب مخرجه
إبراهيم البطوط وبطلاه عمرو واكد وفرح يوسف، ما اضطر الناقد رفيق الصبان
إلى إدارة الندوة لأكثر من نصف الوقت بمفرده، موجهاً انتقادات حادة إلى
فريق العمل لعدم اعتذاره، وحذا حذوه الحضور الذين قاطعوا الندوة رداً على
عدم احترام صانعيه لهم.
أما ندوة فيلم «مصور قتيل» فشهدت انسحاب كل من درة وعمر السعيد فور
انتهاء العرض، وقد فوجئ مخرجه كريم العدل ومؤلفه عمرو سلامة وبطله إياد
نصار بعدم حضور درّة وعمر السعيد الندوة أو حتى تقديم اعتذار للجمهور عن
انسحابهما المفاجئ، الذي برراه لاحقاً بارتباطهما بمواعيد أخرى.
بدوره، أغضب سوء التنظيم الذي رافق الندوة والتسجيل مع المحطات
الفضائية فريق عمل «مملكة النمل» فانسحب أعضاؤه، ما دفع مسؤولي المركز
الإعلامي إلى احتواء الموقف والاعتذار لهم. كذلك فوجئ جمهور المهرجان ببدء
عرض فيلم «تاكسي البلد» قبل دخوله إلى القاعات وقبل الموعد المحدد سلفاً في
الجدول، ما أحدث إرباكاً.
في هذا السياق، ذكر بطل الفيلم أنه كان أحد أعضاء ورشة العمل التي
تولت مهمة كتابته، واعتبره تجربة خاصة بالنسبة إليه، ليس لكونها المرة
الأولى التي يصوّر فيها عملاً يكتب هو السيناريو الخاص به، إنما لاعتماده
على الحوار الارتجالي في غالبية المشاهد، لافتاً إلى أن صيغة المشاهد
النهائية استغرقت وقتاً طويلاً للوصول إليها.
المحطة الأخيرة
أثار الفيلم البرازيلي «المحطة الأخيرة» جدلاً بسبب أحد مشاهده التي
يظهر فيها بطل الفيلم طارق ينبش قبر زوجته لإخراج جثمانها وغسله على
الطريقة الإسلامية. وقد اعترف مخرج الفيلم مارسيو كوري بأن المشايخ رفضوا
تقديم المشهد ضمن أحداث الفيلم، على اعتبار أنه لا يجوز شرعاً للرجل غسل
المرأه. لكن شيخاً فلسطينياً أجاز له تقديمه، لا سيما أن السياق الذي قدم
فيه المشهد مختلف بسبب طبيعة المجتمع البرازيلي الذي تدور فيه الأحداث.
وتحدث المخرج الأذربيجاني فاهيد مصطفييف خلال ندوة فيلمه «خوجا»
مؤكداً أن عمله كمراسل حربي جعله يفكر في تقديم المآسي التي تقع في الحروب،
خصوصاً أن ملابسه تكون ملطخة بالدماء وتعرضه لمواقف صعبة على المستوى
الإنساني.
وأشار إلى أنه لم يتطرق إلى الجانب السياسي في الحرب لرغبته في
التركيز على العنصر البشري وقصص الحب بعيداً عن الملابسات السياسية، لافتاً
إلى أنه أراد إيصال رسالته إلى العالم كله كي يشعر الجميع بالمعاناة التي
يعيشها الناس في الحروب والدمار الذي يلحق بهم.
أقيمت على هامش المهرجان ندوة لأفلام السينما الجزائرية بمناسبة مرور
50 عاماً على استقلال الجزائر، وعرض «سينمائيو الحرية» الذي يعبر عن واقع
المجتمع الجزائري في تلك الفترة، برأي الناقد السينمائي محمد بن صالح،
ويكشف الوضع الحقيقي الذي أراد المستعمر الفرنسي تزويره من خلال السينما،
ونقل واقع مخالف للحقيقة.
وضمن قسم أفلام التسامح عرض فيلم «الرسالة» بحضور المنتج مالك العقاد،
الذي أكد أن النسختين العربية والإنكليزية نجحتا في إيصال رسالة الإسلام
السمحة إلى العالم، موضحاً أنه لم يكن يميل إلى النسخة العربية في البداية،
لكن مع مرور الوقت وجد الأمر مختلفاً بعدما أوصلت الرسالة سريعاً إلى
المشاهد العربي وبشكل تفاعلي.
أخيراً وعلى هامش المهرجان، أقيم سوق للفيلم السينمائي بمشاركة سبع
دول من بينها مصر والكويت وبريطانيا، وثماني شركات إنتاج سينمائية. كذلك
نظمت ندوة حول الصعوبات التي تواجه السينما الأفريقية وتمنعها من الوصول
إلى العالمية. ورغم الاهتمام المصري بالسينما الأفريقية في الفترة الأخيرة،
إلا أن الندوة لم تشهد حضوراً مصرياً كثيفاً وانسحب منها الفنان محمود
قابيل مبكراً متوجهاً إلى ميدان التحرير للمشاركة في التظاهرات.
الجريدة الكويتية في
07/12/2012 |