الإعلان الذي وزّعته
إدارة الـ«موسترا» (مهرجان البندقية السينمائي) الـ69 قبل أيام، انقلاب
حاسم في
طرائق المّشاهدة عن بُعد. يتعلّق الأمر بمغامرة محسوبة العواقب، متمثّلة
ببثّ عشرة
أفلام طويلة وثلاثة عشر فيلماً قصيراً، مُختارة كلّها من خانة «آفاق»، عبر
الكمبيوتر كخطوة أولى، يُمكن أن تتبعها خيارات أخرى من فقرات
موازية. هذه ليست
مزحة. إنها الـ«نيو ميديا» في عزّ مشاكساتها، وهي تخرق الطقوس العريقة
للسينما
وظلمة صالاتها، وتقلب مفاهيم سحرها وألق دهشتها الأزلية. من باب آخر، هي
إعلان عن
«كسر»
قدسيّات المهرجانات السينمائية ونخبويتها. السينما تعبر حدود «مرتزقتها» من
النقّاد والصحافيين الذين يتبجّحون بأسبقياتهم، وتُشرِّع منافسات تقييم
نصوص
مبدعيها أمام جمهور عادي، متنوّع ومُتباعِد جغرافياً. بعبارة
أخرى، هي إضافة جديدة
إلى جيش الوسطاء، الذين يستغلّون خدمات «إنترنت» لـ«اصطياد» المهووسين
بالفن
السابع. بيد أن الجديد هو إقدام أعرق مهرجان عالمي، تأسّس قبل ثمانين
عاماً، على
خطوة شراكة كمبيوترية. لا خلاف فيها على حقوق العرض، ولا خشية
من القرصنة، ولا عداء
مع الموزّعين. إنها هزّة مهرجانية، تستمد اختلافها الأساسي من تحويل
الاحتفاء
الفيلميّ إلى حاضنة شرعية للعرض العالمي الحقّ.
لا ريب في أن إعلان الـ«موسترا»
يُشكّل تفتيتاً إعلامياً على المدى البعيد لإغواء فكرة القدوم إلى مهرجان
سينمائي
كبير، أو على الأقلّ ما كان سائداً بحصريته إلى جيش النقّاد ومنتفعي
الصحافة
ومهووسي النجوم. إن الوصول الحرّ إلى أي مُتفرِّج في كل مكان
لأفلام طازجة، يتطلّب
وصولها إلى شاشات العروض الشعبية وقتاً طويلاً وانتظاراً مُعتَبراً، يُمثّل
نقلة
نوعية إلى ما نعتناه بـ«الفيلم السايبيري» («السفير الثقافي»، 23 كانون
الأول
2011).
فمع شيوع تقنية عرض الأشرطة عبر تأجير خطوط «إنترنت» والوسائط الذكية،
مثل «آي
بود» و«آي فون» والألواح الكمبيوترية وغيرها، وما تبثّه مئات مواقع القرصنة
السينمائية على الشبكة، تأتي مبادرة الـ«موسترا» حاذقة
وديناميكية في آن، كونها
تهدف إلى «تعزيز الأفلام الجديدة ودعمها، وكذلك مؤلّفيها الشباب»، كما جاء
في
الإعلان الرسمي، الذي كشف أيضاً أن خانة «آفاق» ستُقدِّم «بواكير سينمائية
وأشرطة
روائية طويلة أنجزها مخرجون خوارج (على النظم التجارية)،
بالإضافة إلى نصوص تستكشف
أساليب سينمائية مبتكرة وذات أصالة إبداعية». هذا يعني أن فريق المدير
الفني الجديد
ألبيرتو باربيرا عَزَم على جعل هذا العرض «السايبيري» خانة إضافية ضمن
المهرجان،
تجري فعالياتها داخل صالة عرض افتراضية، تضمّ 500 كرسيّاً يجب
حجزها مُسبقاً، وهي
متوافرة على مدى 24 ساعة، لمصلحة مُشاهد مجهول، يكون عليه دفع 4 يورو،
للحصول على
تذكرة افتراضية، عن كل فيلم طويل أو فيلمين قصيرين، يشاهدهما بعد أن
يُسجِّل اسمه
على موقع «بينالي البندقية». الأمر اللافت للانتباه أن العروض
تجري بمعدل فيلم طويل
واحد في اليوم، ويتزامن بدء الـ«ستيمنغ» (تدفّقه) على «إنترنت» في الوقت
نفسه مع
عرضه الرسمي في صالات الـ«ليدو».
من الأفلام التي ضُمَّت إلى القائمة
«السايبيرية»،
جديد صاحب «عين شمس» (2008) و«حاوي» (2010) المخرج المصري إبراهيم
البطوط «الشتا اللي فات»، تمثيل عمر واكد الذي يؤدّي دور ناشط يتعرّض
للتعذيب، قبيل
ثورة «25 يناير». يسلّط الفيلم الضوء على الحراك السياسي الذي أنهى نظاماً
بوليسياً
فاسداً. يتوافر العمل على الموقع المذكور في الأول من أيلول
2012، وفي السادس منه،
يتوافر نصّ المخرجة الجزائرية جميلة صحراوي «ياما»، عن السيدة وردية، التي
تجتهد في
إعادة ترتيب حياتها بعد فاجعة مقتل بكرها الجندي، الذي تظن أنّه صُفِّيَ
على يدي
شقيقه الإسلامي المتشدّد إبان حرب الجبال ضد أنصار «الجبهة
الإسلامية».
على
الطرف الـ«سايبيريّ» الآخر، يشهد الـ«موسترا» واحدة من أكثر النشاطات
السينمائية
إثارة ومدعاة للفخر. إنه الإعلان الرسمي عن الفائز بالجائزة الكبرى لـ«يور
فيلم
فيستيفال»، وقيمتها نصف مليون دولار أميركي، برعاية صاحب
«غريب» و«مملكة الجنّة»
و«المصارع»، المخرج البريطاني ذائع الصيت ريدلي سكوت ومواطنه الممثل مايكل
فاسبندر،
بطل فيلمه الأخير «برومثيوس»، بالإضافة إلى الخطوط الجوية «الإمارات». من
المتأهّلين العشرة لنهائيات المسابقة الدولية اللبناني نعيم
عيتاني وعمله «سوبر.
فل»، عن حلم عامل آسيوي في محطّة وقود، يسعى إلى الاحتفال بعيد ميلاد
زوجته،
وكلاهما أبكمين، واصطحابها إلى العشاء في فندق فخم في الدوحة. أُنجز العمل
بمساعدة «مؤسسة الدوحة للأفلام». هناك أيضاً نصّ
المصري رامي الجابري «هذا الزمان»، حول ابن
عاق ينكِّل بوالدته.
السفير اللبنانية في
30/08/2012
'الأصولي
المتردد' يثير الاستفهام في البندقية حول 'صانع'
الارهاب
ميدل ايست أونلاين/ البندقية (إيطاليا)
المخرجة الهندية ميرا ناير تشارك في مهرجان البندقية بفيلم جديد، تحاول من
خلاله تغيير فكرة الغربيين عن الإسلاميين.
افتتح الأربعاء مهرجان البندقية السينمائي الدولي بعرض فيم "الأصولي
المتردد" للمخرجة الهندية ميرا ناير المأخوذ عن قصة بنفس العنوان للكاتب
الباكستاني محسن حميد.
ويحكي الفيلم قصة شاب لامع يعمل في وول ستريت حي المال والبورصة في
نيويورك ثم يصبح موضع اشتباه بخصوص أنشطة إرهابية وتلاحقه المخابرات
الأمريكية.
ومخرجة الفيلم ميرا تاير تعيش في نيويورك حيث رأت النظرة إليها وإلى
الآسيويين عموما تتغير في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول التي نفذها متشددون
إسلاميون.
وحضرت ناير مع أفراد مجموعة العمل في الفيلم مؤتمرا صحفيا صباح
الأربعاء بمقر مهرجان البندقية قبل حضور حفل الافتتاح في المساء.
وعبرت ناير في حديثها للصحفيين عن أملها أن يشجع 'الأصولي المتردد'
على المزيد من التواصل بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي.
وقالت المخرجة في المؤتمر الصحفي "كلنا نعلم أن انشقاقا كبيرا حدث..
جدار.. بين الشرق والغرب في العقد الماضي. سعيت إلى حوار بين أميركا
والعالم الإسلامي في (الأصولي المتردد) لمحاولة بناء الجسور وتضميد الجراح
والتواصل الذي يتجاوز القوالب النمطية ويتجاوز النظرة القصيرة والجهل. شعرت
أن أمامي فرصة فريدة لأفعل ذلك لأنني عشت في الغرب وفي أميركا وفي نيويورك
أكثر مما عشت في شبه القارة الهندية لكني أنتمي إلى الاثنين بالتساوي".
ويروي "الأصولي المترد" قصة تشانجيز الشاب الباكستاني الذي ينتظره
مستقبل مرموق في عالم المال في وول ستريت إلى أن تقلب أحداث 11
سبتمبر/أيلول عام 2001 حياته رأسا على عقب.
ويصبح الشاب موضع اشتباه وتلاحقه نظرات الريبة أينما ذهب فيسافر إلى
باكستان ليعمل بالتدريس في لاهور حيث تفاتحه خلية إسلامية متشددة في
الانضمام إلى أنشطتها العنيفة ضد المصالح الغربية.
ويظل المشاهد يتساءل طوال الفيلم عن الطريق الذي سيختاره تشانجيز الذي
يؤدي دوره الممثل البريطاني ريز أحمد.
وقال أحمد الذي ينحدر من أصل باكستاني للصحفيين في البندقية إنه وجد
بعض التشابه بينه وبين شخصية تشانجيز.
وقال الممثل الصاعد للصحفيين "استطيع بالتأكيد أن أجد نفسي فيه لأنني
بريطاني باكستاني.. من الناحية الثقافية ولأنني درست في جامعة كنت فيها
مختلفا عن معظم الآخرين من ناحية الخلفية الاجتماعية. لذلك أعتقد أني
أستطيع أن أجد نفسي فيه وأتمنى أن يعثر الجميع على روابط بينهم وبينه..
الشعور الذي وصقه محسن (حميد) بأننا إلى حد ما مصنفون ببطاقات معلقة في
رقابنا وليس هذا أمرا نختاره بل نولد به".
وتشارك في الفيلم الممثلة كيت هدسون التي حضرت حفل افتاح مهرجان
البندقية بصحبة خطيبها ماثيو بيلامي عضو فريق ميوز الموسيقي.
ويأمل المسؤولون عن مهرجان البندقية أقدم المهرجانات السينمائية في
العالم أن يكون فيلم "الأصولي المتردد" بداية مناسبة لأحد عشر يوما من
البريق خلال الدورة التاسعة والستين.
ولا يشارك الفيلم في المسابقة الرسمية للمهرجان.
وكانت المخرجة ميرا ناير قد فازت بجائزة الأسد الذهبي لأفضل فيلم من
مهرجان البندقية عام 2001.
ميدل إيست أنلاين في
30/08/2012
بدعم من شركة «روتانا»
المخرجة السعودية هيفاء المنصور تمثل المملكة في مهرجان
فينس
جدة: «الشرق الأوسط»
تستعد المخرجة السعودية هيفاء المنصور وإدارة شركة «روتانا ستدويوز»
ممثلة في الرئيس التنفيذي للشركة الأستاذ فهد السكيت، والسيدة ليالي بدر
مديرة إدارة الإبداع والمبيعات، لحضور العرض الأول لفيلم المنصور «وجدة»
الذي تم اختياره مؤخرا من قبل مهرجان فينس الدولي للأفلام ضمن قسم مسابقة
آفاق، أحد أهم أقسام المهرجان العريق.
ويعد اختيار إدارة المهرجان لإدراج فيلم المنصور رسميا في مسابقات
المهرجان نقلة نوعية للسينما الخليجية والسعودية الواعدة. فهيفاء المنصور
تعتبر المخرجة السعودية الأولى، إذ إن نجاح أفلامها القصيرة والإشادة
الدولية التي حازها فيلمها الوثائقي «نساء بلا ظل» عام 2005، خلق موجة
جديدة في صناعة السينما في السعودية وفتحت بالتالي النقاش حول مسألة فتح
دور السينما في المملكة. هذا وقد حصلت المنصور على دعم الأمير الوليد بن
طلال خلال مسيرتها السينمائية، لا سيما أن فيلمها «وجدة» هو أول فيلم يتم
تصويره بالكامل داخل الأراضي السعودية وبطاقم سعودي كامل. والفيلم هو من
بطولة الممثلة السعودية ريم عبد الله والطفلة وعد محمد.
وقد حصلت المنصور على إشادة لتشجيع النقاش حول مواضيع مهمة وحيوية
داخل المجتمع السعودي، مثل التسامح وحاجة السعوديين لإلقاء نظرة ناقدة على
ثقافتهم التقليدية. والجدير بالذكر، أن فيلم المنصور «وجدة» حاز عدة جوائز
خلال مرحلة التطوير، مثل «جائزة الشاشة» من لجنة أبوظبي للأفلام، كما حظي
بدعم من مؤسسات سينمائية عالمية مثل معهد صندانس للأفلام الروائية في
الولايات المتحدة الأميركية ومهرجان دبي الدولي للسينما.
فيلم «وجدة» من إنتاج شركة «روتانا» الرائدة في دعم السينما السعودية،
وشركة «ريزر» فيلم الألمانية الحائزة على غولدن غلوب وترشيحات الأوسكار
لأفلامها مثل فيلم «رقصة الفالس مع بشير» والجنة الآن، وشركة «هاي لوك»
السعودية وبمشاركة «يونايتد تلنت إيجنسي» الأميركية، و«ماتش فاكتري» من
ألمانيا.
ويعد هذا الفيلم التعاون المشترك الأوروبي الأول في دول الخليج
العربية مما يشكل نموذجا جديدا في طريقة إنتاج الأفلام الخليجية وتسويقها
دوليا.
الشرق الأوسط في
31/08/2012
مَن ينتصر في الحرب بين روما والبندقية؟
البندقية – منير معمّر
حتى وإن كان من الممكن القول إن «الحرب» اندلعت فعلاً بين روما
والبندقية، فإن لا شيء في اليومين الأولين لبدء المهرجان البندقي عروضَ
دورته الجديدة، يفيد بأن على حضور هذا المهرجان الإيطالي العريق ان يشعروا
بوجود تلك الحرب التي تضعه في مجابهة من نوع جديد مع المهرجان السينمائي
الذي سوف تقام دورته الجديدة في العاصمة الإيطالية بعد اسابيع قليلة... ومع
هذا، فالحرب موجودة، ولعل من أبرز علاماتها انتقال المبرمج الشهير ماركو
مولّر من مسؤولية مهرجان مدينة الدوقات العريق الى مسؤوليات المهرجان
الروماني، فيما عاد سيّد البندقية السابق ألبرتو باربيرا اليها، بعدما كان
ترك المكان لمولّر خلال الأعوام القليلة الماضية.
مهما يكن من الأمر، لا بد من انتظار انعقاد مهرجان روما في تشرين
الثاني (نوفمبر) المقبل قبل الحكم على ايِّ المهرجانين انتصر على الآخر،
مسجلين فقط أن مهرجان روما يتباهى منذ الآن بحصوله على ما لا يقل عن ستين
فيلماً عالمياً في عروضها الأولى. وهو على أي حال تباهٍ يجيب عليه أنصار
«البندقية» بتعداد أفلام يعتبرون مهرجانهم «انتزعها» من مهرجان «كان» نفسه،
ومنها جديد تيرنس ماليك وبول توماس أندرسون وبريان دي بالما وأوليفييه
السايس (راجع حول هذه الأفلام مكاناً آخر في هذه الصفحة)... غير ان هذه
الأفلام ليست طبعاً كل ما يمكن مهرجان البندقية ان يزهو به، فالحال ان
«البندقية»، على عادته، يحفل بالكثير من جديد الإنتاج العالمي، اضافة الى
تظاهرات ومناسبات وتكريمات أخرى يبدو فيها متفرداً، ناهيك بأنه في ما
يخصنا، نحن العربَ، ويخصّ سينمانا، استطاع ان ينتزع من المهرجانات العربية
المقبلة (القاهرة، دبيّ، ابو ظبي، الدوحة...) عروضاً كان يمكنها ان تتباهى
بها، وهي عروض تبدو منذ الآن لافتةً، على قلتها... كما سنرى.
ولأن افلام المسابقة الرسمية تفرض نفسها، باعتبارها عروضَ التظاهرة
الأكثر اهمية، نبدأ هنا بها، حيث يتضمن البرنامج الأساسي عدداً لا بأس به
من الأفلام الجديدة، والتي يمكن القول إن معظمها كان منتظراً بشغف، إذ يحمل
تواقيع بعض كبار سينمائيي اللحظة الراهنة في شتى البلدان والقارات... ولئن
كانت الأفلام الأربعة التي نتحدث عنها في مكان آخر من هذه الصفحة، تُعتبر
الأبرز من ناحية مكانة أصحابها، فإن في وسعنا ان نضيف اليها وفي السياق
التقييمي نفسه، أفلاماً من آسيا، مثل «بييتا» للكوري كيل-دوك كيم، و «ما
وراء الهيجان»، الذي يبدو ان الياباني تاكيشي كيتانو يستكمل فيه حروب
العصابات الدامية التي كان بدأها في فيلمه السابق «هيجان» المعروض قبل
عامين في «كان»... ومن الفيليبين يعود بريانتي مندوزا، بعد سنوات من
«خدمات»، بفيلم جديد عنوانه «سينابوبونان».
من العالم كله
ولئن غابت السينمات العربية -كالعادة- عن هذه التظاهرة، لتظهر بقوة
نسبية في التظاهرة الثانية «اوريزنتي» (آفاق)، فإن إسرائيل حاضرة من خلال
فيلم عنوانه «ملء الفراغ»... أما فرنسا، فتحضر بكثافة استثنائية نسبياً،
ولكن مواربة، إذ الى جانب فيلم أوليفييه السايس «بعد شهر أيار»، تتمثل جارة
إيطاليا الأقرب بما لا يقل عن ثلاثة افلام تدخل في انتاجها لكنها تحمل
تواقيع مخرجين من بلدان اخرى: «الحسناء النائمة» للإيطالي المخضرم ماركو
بيلوكيو، وفيلم بريان دي بالما «شغف»، شراكةً مع المانيا، وفيلم «لينياس دي
ويلنغتون» للبرتغالية/ الإيطالية فاليريا سيرمينتو... ويمكننا ان نضيف هنا
أيضاً فيلم النمساوي اولريك سيدل «الفردوس-الإيمان»، المعتبر حلقة ثانية من
فيلم بالعنوان الأول ذاته كان عُرض في «كان» الفائت. ومن الأفلام الأخرى
المعروضة في المسابقة، الروسي «خيانة» لكيريل سيريبرينيكوف، والفيلمان
الأميركيان «بأيّ ثمن» لرامين بحراني و«محطمو الربيع» لهارموني كورين...
وكل هذا اضافة الى مشاركات بلجيكية وإيطالية وألمانية... والى جانب تظاهرة
المسابقة الرسمية هناك إذاً، تظاهرات اخرى، منها «كلاسيكيات البندقية»
(وفيها عروض لأفلام كانت حققت حضوراً في دورات سابقة للمهرجان، ومنها أعمال
لإنغمار برغمان وعن اورسون ويلز وبيتر بروك)... وهناك أيضاً تظاهرة أفلام
تُعرض خارج المسابقة الرسمية، واحياناً في احتفاليات خاصة، ومنها «الرجل
الذي يضحك» لجان بيار آميريس و «انطون توت ريادون» للروسي ليوبوف آركوس
و«الحب هو كل ما تحتاجه» للدانمركية سوزان بيار عن حكاية عاطفية لرسامة من
الدانمرك، و «ابحثوا عن هورتانس» للفرنسي باسكال بونيتزر... اضافة الى عرض
شديد الخصوصية لفيلم «كلاريسا» للإيطالية المخضرمة ليليانا كافاني، التي
تحضر هنا وتكرَّم بعد غياب طويل لم يُنْسِ هواةَ السينما بعض روائعها، مثل
«بواب الليل»... أما السينما العربية، فإنها تتمثل هنا بالفيلم التونسي «يا
من عاش»، وهو عمل وثائقي للمخرجة الشابة هند بوجماعة.
الحضور العربي منوّع
والحال أن ذكر «يا من عاش» يقودنا مباشرة الى الحضور العربي، الذي
سيبدو لافتاً في هذه الدورة من البندقية، ولا سيما في تظاهرة «اوريزنتي»
التي تشارك السينمائية اللبنانية نادين لبكي في لجنة تحكيمها الخاصة، ففي
هذه التظاهرة، هناك أفلام آتية من مناطق عديدة من العالم تتوزع على القارات
الخمس وتحمل تواقيع يبدو معظمها جديداً ويخوض تجاربه الأولى، فيما نعرف ان
البعض الآخر مخضرم او صاحب اسم ثابت في سينما اليوم (كيانوش اياري من ايران
بفيلمه الجديد «بيت الأب»، او منغ تساي ليانغ من تايوان بالفيلم المنتظر
القصير «دياموند سوترا»)... أما من الناحية العربية، فهناك طبعاً
السينمائية السعودية هيفاء المنصور في روائيِّها الطويل الأول «وجدة»،
والمصري المميّز ابراهيم البطوط في فيلمه الجديد «الشتا اللي فات»، من
انتاج عمر واكد وتمثيله، وأخيراً الجزائرية جميلة صحراوي بفيلمها الجديد
«يما»... ويمكننا ان نتصوّر منذ الآن مقدار السجالات التي ستكون هذه
الأفلام موضوعَها بالنظر الى ان هيفاء منصور تقدم واحداً من اول الأفلام
السعودية، بعدما كان مواطنُها عبد الله المحيسن سبقها قبل سنوات بالفيلم
السعودي الروائي الطويل الأول والفريد حتى ظهور «وجدة»، وهو «ظلال الصمت»،
بالإضافة الى كون المنصور امرأة سعودية، وهو امر سيتوقف عنده أهل المهرجان
بوفرة، كما يمكننا ان نتوقع منذ الآن... اما فيلم البطوط، فإنه بالتأكيد
سيفتح السجالات واسعة من حول الربيع العربي – المصري تحديداً – وعلاقة
السينما به، خاصة ان منتجه وممثله عمر واكد لم يكفّ عن الإعلان عنه خلال
حضوره دورتين متعاقبتين لمهرجان «كان»، بالإضافة الى ان سينما مخرجه
إبراهيم البطوط كانت كوّنت لنفسها مكانة عالمية عبر فيلميه السابقين «عين
شمس» و «الحاوي»، بعدما كان انطلق انطلاقة قوية بفيلمه الشاعري الأول «إيتاكا»...
أما فيلم جميلة صحراوي، فإن من شأنه أيضاً ان يفتح نقاشات واسعة حول
الإرهاب وحول أحوال الجزائر، من خلال حكاية فجائعية –حتى ولو كانت خطّية–
عن أمٍّ في الريف الجزائري تدفن ابنها الدركي، الذي ثمة مؤشرات إلى أنه قتل
بيد ابنها الآخر المتزعِّم تنظيماً إرهابياً.
بهذه الأفلام، التي تبدو سجالية في شكل او في آخر، تحضر السينمات
العربية الجديدة في مهرجان «البندقية» إذاً... لكنها إن استندنا الى بيان
اصدره مهرجان دبيّ للمناسبة، لأنه «على شراكة مع المهرجان الإيطالي»، لن
تكون كلّ شيء، حيث يقول البيان إن مهرجان دبيّ يعرض «عشرة أفلام عربية
لمجموعة من المخرجين المبدعين من دولة الإمارات والمنطقة، خلال أنشطة سوق
فينيسيا السينمائيّ...»، ويذكر البيان ضمن عروضه «المشاركة في البندقية
بفيلم «وجدة» للمخرجة السعودية هيفاء المنصور، والفيلم الروائي «يما»
للمخرجة الجزائرية جميلة الصحراوي، حيث تم تمويل الفيلمين من برنامج إنجاز
التابع لمهرجان دبيّ السينمائي الدولي لدعم الأفـــلام قيد الإنجاز»، ويضيف
البيان: «في هذه المناسبة، قالت شيفاني بانديا، المدير التنفيذي لمهرجان
دبيّ: «يأتي تعاوننا مع مهرجان فينيسيا ضمن حرص مهرجان دبي على التشارك
والتعاون المستمر».
وأفـــاد البيان بأن قائمة الأفلام العربية التـــي ستعرض في سوق
البندقية تضم الأفـــلام التالية: «عمو نشأت» للأردني أصيل منصور، و«يامو»
للبناني رامي نيحاوي، و«القطاع صفر» للبناني نديم مشلاوي، و«الجمعة
الأخيرة» للأردني يحيى العبد الله، و«عاشقة من الريف» للمغربية نرجس نجار،
و«فرق سبع ساعات» للأردنية ديما عمر، و«الحوض الخامس» للبناني سيمون الهبر،
و«حبيبي راسك خربان» للفلسطينية سوزان يوسف، و«شي غادي وشي جاي» للمغربي
حكيم بلعباس، واخيراً «أمل» للإماراتية نجوم الغانم».
الحياة اللندنية في
31/08/2012
مايكل تشيمينو بعد سنوات من الكسل والنسيان الظالم
البندقية – «الحياة»
ذات يــــوم كان عالم النقــــد السينمائي في الولايات المتحدة
الأميركية كما في انحاء عديدة من العالم، يعتبر المخرج، الشاب في ذلك
الحين، مايكل تشيمينو واحداً من اصحاب الأسماء التي ستكون ذات شأن كبير في
مستقبل السينما. والرجل، بعد فوزه المبهر بالأوسكار عن فيلمه «صائد
الغزلان» الذي كان في العام 1976 واحداً من اول الأفلام الكبيرة التي تتصدى
لحرب فييتنام وتأثيرها على الأميركيين انفسهم، لم يخيّب الآمال التي عقدت
عليه. فهو حقق خلال الأعوام التالية عدداً من الأفلام الناجحة... غير ان
هوليوود عادت لتتخلى عنه بالتدريج بعد ان راح الجمهور يدبر عن افلامه
لأسباب تعصى حتى اليوم على اي تحليل منطقي.
ابتعاد متدرّج
والغريب في الأمر ان حركة الجمهور تجاه افلام تشيمينو راحت تتقلص بشكل
منتظم منذ عرضت تحفته الإستثنائية التالية لـ «صائد الغزلان»، «باب الجنة»
مروراً بأفلامه التالية «عام التنين» (1985) و «الصيقلي» (1987) – وهذا عن
رواية لماريو بوتزو مؤلف «العراب» – ثم «ساعات يائسة» (1990) وصولاً الى «سانتشيزر»
في العام 1996 والذي بعدما رشّح لنيل السعفة الذهبية في مهرجان «كان»
السينمائي في ذلك العام اعتبر واحداً من افشل الأفلام تجارياً في تاريخ
هوليوود الحديث، حيث ان مداخيل عروضه الأولى لم تزد على ثلاثين ألف دولار
(!)... ما اضطر المخرج الى التوقف عن الإخراج نهائياً مكتفياً بعد ذلك
بتحقيق فيلم من ثلاث دقائق ضمن اطار فيلم جماعي لمهرجان «كان» في العام
2007. وفي تلك الأثناء انصرف الى كتابة الرواية محققاً هنا نجاحاً لا بأس
به، ومؤكداً ربما في طريقه على ما قالته عنه الناقدة الراحلة بولين كايل من
انه صاحب افكار جيدة لكنه لا يعرف كيف يقف وراء الكاميرا.
قد يكون هذا الحكم ظالماً لكن الحقيقة تبقى ماثلة: من بين كل
السينمائيين الهوليووديين الأحياء، يتفرد تشيمينو بكونه صاحب العدد الأكبر
من المشاريع السينمائية التي لم تتحقق، او بالأحرى لم يحققها هو... وذلك
لأننا اذا استعرضنا نحو خمسة عشر عنواناً لأفلام كان من المفترض ان يحققها
هو اول الأمر، سنجد ان معظمها اسند الى غيره من المخرجين بعد تفكير... انها
لعنة اكيدة.
ومع هذا ها هو مهرجان البندقية يعيد الإعتبار الى هذا الفنان المنسيّ،
عبر تكريم خاص اقيم في حضوره مساء أمس الخميس بعد عرض خاص لفيلمه الأجمل،
والكارثي كذلك من ناحية فشله في استقطاب ما يكفي من المتفرجين لتحقيق
مردودات توازي المبالغ الضخمة التي انفقت عليه يوم كان لا يزال في وسع
المخرج ان يملي شروطه على هوليوود، حيث من المعروف ان فيلم «الويسترن
الإنساني» هذا لم يدخل منذ عرضه الأول اكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون
من الدولارات مقابل ثلاثة اضعاف هذا المبلغ انفقت عليه.
عودة الى الجذور
مهما يكن من أمر، بخسارة او من دونها، يبقى «باب السماء» وغيره من
أفلام تشيمينو علامات أساسية في تاريخ السينما... ولعل هذا ما من المفترض
ان يكون قد شعر به كلّ واحد من المتفرجين المشاركين الذين احتفلوا امس بهذا
الفنان المنسيّ في اول تكريم له... وبالتحديد في وطن جدوده وآبائه، إذ
علينا الا ننسى هنا ان مايكل تشيمينو، مثله في هذا مثل فرانسس فورد
كوبـــولا ومارتن سكورسيزي وبرايان دي بالما، من أصول ايطالية... ولعل
فيلمه «الصيقلي» من تمثيل الفرنسي كريستوفر لامبرت، كان خير معبر عن
ارتباطه بتلك الجذور.
الحياة اللندنية في
31/08/2012
مهرجان البندقية السينمائي يحتفي بالثورة المصرية
كيرستين يانكوفسكي/ تقى هلال
المحرر أحمد حسو
يحتفي مهرجان البندقية السينمائي بفيلم "الشتا اللي فات"، من إخراج
إبراهيم البطوط وبطولة عمرو واكد وصلاح الحنفي وفرح يوسف. وتم تصوير هذا
الفيلم خلال فترة ثورة 25 يناير ليمثل مصر الثورة في الدورة التاسعة
والستين للمهرجان.
يسترجع الممثل المصري عمر واكد ذكرياته خلال تصوير الفيلم ويقول:
"كانت ظروف العمل صعبة للغاية، فالثورة كانت في أوجها والفوضى تعم المكان
والناس في كل مكان. لكننا شئنا أن تلهمنا أحداث هذه الثورة وطاقتها
المبدعة". وأطرق قليلاً متذكراً في الوقت الذي لمعت فيه عيناه الزرقاوان
لتبحر كلماته في أعماق أفكاره قائلاً: "مهولة كانت قوة الثورة حتى أنها
أجبرت الجميع على الإصغاء لنبضاتها آمرة إيانا بطاعتها".
انطلق تصوير الفيلم في ميدان التحرير في العاشر من فبراير 2011 اليوم
السابق لانقشاع ليل حكم حسني مبارك بتنحيه عن منصب رئيس مصر. بدأت رحلة
التصوير من ميدان التحرير، ميدان أكبر التجمعات المعارضة للنظام المصري
السابق في شتاء 2011، ليكون مسرحاً لأحداث الثورة ونقطة انطلاق مثالية لأول
مشاهد فيلم "الشتا اللي فات".
هكذا سحبتهم دوامة الثورة، إذ يوضح واكد: "تركنا للثورة دور القيادة
لتلهمنا رسالة الفيلم". أما مخرج الفيلم إبراهيم البطوط، فقد تملكته آنذاك
فكرة شجاعة طبقها فريق العمل بارتجالية وإبداع في الوقت الذي كان المال فيه
قليلاً والسيناريو مغيباً. ولم يكتفِ صلاح الحنفي بلعب دور رجل المخابرات
بارد المشاعر، بل ساهم أيضاً في الإخراج، لتكون بذلك المرة الأولى له
للوقوف أمام الكاميرات. ويعقّب الحنفي على ما قاله البطوط بخصوص المال
قائلاً:" كنا نعلم أن ميزانية متواضعة تكفي لإنتاج فيلم يقدره الجمهور".
ثورة ميدان التحرير كمصدر للإلهام
تحركات صور الفيلم بطيئة، إذ كثيراً ما تثبت على بعض المناظر وهو
الأمر الذي يبرز الممثلين وأدوارهم. فمثلاً فرح يوسف، التي تلعب دور صحافية
تلفزيونية شابة، تنفجر غضباً ضد نظام البروباغندا السائد إعلامياً أيام
حسني مبارك. ويتبع هذا المشهد انهمار دموع يأس فرح وغضبها على ذاتها
والنظام الإعلامي لدقائق. فهي أيضاً صديقة عمر (عمر واكد)، الناشط السياسي
الذي تخطفه وتعذبه المخابرات المصرية بسبب نشاطاته، ليلتقي في أحد جلسات
التحقيق برجل الاستخبارات عادل (صلاح الحنفي). ولا يتوانى عادل عن تعذيب
إخوانه المصريين لفظياً وجسدياً في سبيل ما يحسبه حباً لوطنه. أما الدور
الذي تلعبه الثورة، فهو أنها توقظهم من سباتهم لتزيل الغشاوة وتفتح أعينهم
من جديد على قيمهم الإيجابية والسلبية على السواء.
و سيشارك فيلم "الشتا اللي فات" في الأول من أيلول/ سبتمبر 2012 في
مهرجان البندقية السينمائي التاسع والستين، حيث سيقوم فريق العمل المصري
هناك بتمثيل بلدهم مصر الذي أعطته الثورة سمعة جديدة سياسياً واجتماعياً.
ويشير صلاح الحنفي إلى أهمية الثورة فنياً فيقول: "الثورة أعلنت ساعة ميلاد
شكلٍ فنيٍ جديد، فطاقة ميدان التحرير أصبحت المحرك الرئيسي للبلاد
والفنانون لعبوا دوراً فعالاً في ذلك". ويشاركه عمر واكد وجهة نظره قائلاً:
"بالرغم من قلقنا حول ما سيأتي عقب الثورة، إلا أننا نرحب أيضاً بحرية
جديدة مبدعة".
إحياء الثورة للمصريين
تعود علاقة صلاح الحنفي وعمر واكد إلى أيام الدراسة المدرسية
والجامعية ليكلل هذه العلاقة فيما بعد لقاؤهما بعد سنوات طويلة في إحدى
مطاعم القاهرة وتوقهما إلى نجاح سينمائي مصري. وهو ما حققاه من خلال فيلمهم
"الشتا اللي فات". أما الآن فيثوران على النهج السينمائي، إذ يقول صلاح
الحنفي: "غالبية منتجي الأفلام أثرياء دون شغف سينمائي، فجلّ همهم جمع
المال على خلافنا، فنحن مازلنا يانعي الفكر والإبداع ونعلم ما يهواه قلب
الجمهور وعشقه للسينما".
وسينال الفيلم من خلال مشاركته في المهرجان السينمائي في إيطاليا ما
يستحقه من الاهتمام العالمي، إذ يعد مهرجان البندقية أحد أهم المهرجانات في
هذا المجال. فيبين ذو الأربعين عاماً: "تكمن أهمية عرض الفيلم في البندقية
في كون ذلك شاهداً على جودته وهو ما يشجعنا على دعمه كفيلم منخفض التكلفة.
فما يهم هو جوهر ورسالة المنتج السينمائي وليس كلفته. فيلم الشتا اللي فات
هو أول أفلام شركة زاد للإعلام والإنتاج وهو تحقيق لأحد أحلامنا". ويضيف
أخيراً والآمال تتملكه: "العديد ظنوا أن السينما المصرية ميتة، لكنها ما
زالت حية بفضل إحياء الثورة للمصريين".
دويتشه فيله في
30/08/2012 |