كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

ألكسي فيدورتشينكو والروح السلافية في استضافة مهرجان أبو ظبي

"أرواح صامتة": الموت يخلّد الحياة!

أبو ظبي - من هوفيك حبشيان

مهرجان أبوظبي السينمائي الرابع

أبوظبي للثقافة والتراث
   
 
 
 
 

"أرواح صامتة" لألكسي فيدورتشينكو، الذي استعاده مهرجان أبو ظبي بعد عرضه في مسابقة الدورة الأخيرة من مهرجان البندقية، من الأعمال التي يمكن مشاهدتها مرات عدة، وذلك للثراء الفكري والتقني والمشهدي الذي يجعل العمل يحلّق عالياً في سماء الفنّ السابع. يمكن مشاهدة الفيلم مرة للاطلاع على تفاصيل الحكاية، ومرة ثانية، للاستمتاع بجمالية شكلانية تعيد الى الاذهان لحظات كبرى من تراث السينما الروسية، علماً ان الفيلم ابن عصره ولا يلتفت الى الخلف، سوى في مشهد واحد، حين تستدير الكاميرا ضمن حركة دائرية، منتقلة من مقدم السيارة الى خلفها، عاكسةً العقلية التي شيِّد عليها الفيلم برمته: صعوبة الخروج من الماضي.

هذه السيارة تتيح لبطلي الفيلم التنقل من مكان الى آخر، وتجعلنا نجتاز طبيعة روسيا الخلاّبة في فيلم هو أولاً وأخيراً تمجيد للحياة من خلال الموت. النصّ براديكاليته العالية، يقتفي أثر الروح السلافية التي لولاها لما كان من الممكن صناعة مثل هذا الفيلم. فيدورتشينكو متيقن من هذه الحقيقة، ذلك ان عمله مشبع بتلك الروح التي ميزت مئات الأفلام عن غيرها كانت ولدت في أمكنة متفرقة من العالم. مع ذلك، لا يمكن احالة الفيلم على مرجعية معينة، كونه اصيلاً في مفهومه وفكرته، وطريقة طرحهما، ولا يغمز من القنوات السينيفيلية المعتادة، الشيء الذي صار الشغل الشاغل للكثير من السينمائيين الشباب.

انه فيلم طريق اذاً، لكن لا لقاءات على الدرب مع هذا أو ذاك. لا يحتاج الفيلم الى أكثر من رجلين وجثة أمرأة في المقعد الخلفي للسيارة كي نبقى مسمّرين أمام الشاشة. لكن ما نراه هو أشياء بسيطة تجعل الفيلم قصيدة تتخطى الزمن الحقيقي للحوادث الى أزمنة أخرى. هكذا يعمل المخرج، بمنطق المحو التام للاستعراض البصري المكلف، مطلقاً العنان لمخيلة خصبة ومجنونة يستعين بها لاختراع جماعة واطلاق تسمية المرجا عليهم. وفق تقاليد هذه الجماعة غير الموجودة في الواقع، سيحرق احد بطلي الفيلم الذي نتعرف اليه في سياق التطور الدرامي، جثة زوجته المتوفية، بعد أن يعتني بالجثة بحسب الأعراف المتبعة في تلك الجماعة. هذه المساحة المتخيلة من الفيلم، تصبح قابلة للفهم ما ان نتذكر أن فيدورتشينكو سبق أن أنجز وثائقياً كاذباً عام 2005، عنوانه "أوائل على القمر" يروي فيه، من خلال شهادات زائفة، أن الروس كانوا الاوائل في الذهاب الى القمر، عام 1930. هذا الميل عند مخرجنا الروسي الشاب في الوصول الى حقيقة ما من خلال الكذب (ألم يقل جان كوكتو إن السينما كذبة تقول الحقيقة؟) لا يوازيه الإ العبور الذي يقوم به الفيلم من الجسد الى الجثة، ذهاباً واياباً، لتخليد الحياة.

هذا التناقض الخلاّق تقابله صرامة روسية عتيقة في طرح الحوادث القليلة. هنا لا مزاح ممكناً، الوجوه تقول ما تقوله عن مأساتها وفراغها، ولا يفعل المخرج الا فلسفة هذه الوجوه ضمن تقنية تصويرية ترتكز على اللقطات الطويلة والثابتة. يحاول فيدورتشينكو الامتثال الى عبثية ما، قفشة من هنا، ومحاولة للخروج على الحبكة من هناك، لكن راديكاليته تعيده الى الطريق المستقيمة. حتى العصفوران اللذان يرافقان الرجلين الحزينين في جولتهما التلقينية والروحانية لا يستطيعان اضفاء روح الدعابة التي يكاد ينزلق فيها الفيلم، لكنه يعود عنها في اللحظة الأخيرة.

تانيا، المرأة المتوفية، هي القاسم المشترك في الفيلم بين رجلين ينظران الى الماضي بخفي حنين. وهي المرأة الجثة التي تنكأ الجراح وتضع كلاماً كثيراً في الأفواه، بغية "معانقة" حقبة من تاريخ روسيا الحديث، وتعيد الذكريات الأليمة الى الاذهان، مرة أخيرة قبل اندثارها، في محيط النسيان الاولي، شأنها شأن الرماد الذي تصيره تانيا. وهي خاصة وخصوصاً، المرأة التي ستجبر الرجلين على العودة الى الطبيعة التي سيعبرانها بلامبالاة تامة.

على صعيد الشكل، يأتي الفيلم بمعالجة بصرية تسحق القلب. كل لقطة اشبه بلوحة معلّم، مع التذكير بأن هذه الجمالية لم تكن هدفاً بذاتها، أي انها لا تجرؤ في اي لحظة من اللحظات، على الخيار الاستعرائي. عوضاً من الاتيان بمعلومات عن البيئة المرصودة، يفضّل المخرج أن يقدم فيلماً تأملياً اداته الأساسية الصورة. لم يخطئ رئيس تحكيم مهرجان البندقية كوانتين تارانتينو وزملاؤه في اللجنة عندما منحوا هذا الفيلم جائزة أفضل مساهمة تقنية لمدير التصوير ميخاييل كريشمان (حاز ايضاً جائزة "فيبريسي")، فأسلوبية التصوير التي، وإن كانت لا تختلف كثيراً عن "مرآة" تاركوفسكي، تتناغم مع التعليق الصوتي العاطفي الذي يصاحب الشريط. باختصار، فيدورتشينكو موهبة كبيرة نأمل ان تتوافر له الظروف الابداعية والتمويلية للصعود نحو قمم سينمائية عالية. 

"سند" جديد للسينما العربية

لا يكتفي مهرجان أبو ظبي بعرض الأفلام والتحول "فيترينة" لها، بل يدخل مجال الوقوف خلف السينما من خلال تخصيص صندوق دعم يساعد السينمائيين الشباب في إنجاز أعمالهم واصطياد ما يعتقد انه مستجد ومثير من تجاربهم. هذا الصندوق الذي بات يُعرف اليوم باسم "سند"، وضع في تصرف السينمائيين العرب، بدءاً من هذه الدورة، نصف مليون دولار في خدمة مشاريع مختلفة، شرط أن يأتي من واحد من البلدان العربية الإثنين والعشرين. أما الشرط الآخر، فهو أن تشارك في الاستثمار شركة انتاج من داخل البلد المعني بالمشروع. يصل الدعم المالي الى عشرين ألف دولار لفئة "بلورة فيلم"، والى ستين ألف دولار لإتمام عملية التوليف والميكساج، أي كل ما يتعلق بمرحلة ما بعد التصوير.

تحت الخيمة المنصوبة في محاذاة قصر الامارات، يجتمع طالبو الدعم والمال، الذي تراوح أعمارهم بين منتصف العشرينات والخمسينات، على مدار الساعة، ويلتقي بعضهم البعض الآخر، والحديث يدور غالباً حول الأحلام السينمائية المعلّقة، التي باتت اليوم رهينة هذا الجزء من العالم، الخليج، حيث ارادة غريبة وناشئة في حمل راية السينما. فالمهرجانات الخليجية، من دبي الى الدوحة مروراً بأبو ظبي، بعدما كثرت واحتدمت المنافسة المعلنة وغير المعلنة بينها، باتت في حاجة الى أفلام عربية تعرضها، والحلّ الوحيد هو مرافقة مشاريع فتية، لا تجد سبيلاً متوافراً امامها، دعماً وتمويلاً. طبعاً، هؤلاء الأطراف يضربون عصفورين بحجر واحد؛ من جانب "يخطفون" الجزء الأكبر من السينما العربية ويضعونه تحت رعايتهم، ومن جانب آخر، "يتملكون" أهم ما في السوق.

نحو 28 مشروعاً سينمائياً في جعبة "سند"، بعضها لمخرجين مكرّسين (محمد ملص) وبعضها الآخر لمبتدئين يقومون بخطوتهم الأولى خلف الكاميرا، علماً ان التجارب الأخيرة أثبتت، أن جزءاً كبيراً من جيل السبعينات، سواء في سوريا أو لبنان أو مصر أو الجزائر أو المغرب، سقط أمام نظرة الشباب الأكثر نضارة وحداثة للسينما. من الأفلام التي ستحظى بالدعم وباتت في المرحلة النهائية، هناك ثلاثة من اخراج المغاربة فوزي بن سعيدي وليلي كيلاني وكمال الماهوتي. بالاضافة الى المصريين تامر السعيد وصفاء فتحي.

بعد فيلمين أثبت من خلالهما انه واحد من الآمال الكبيرة للسينما المغربية، يموضوع بن سعيدي في "موت للبيع" حوادث فيلمه الجديد في مدينة تطوان المغربية، ملاحقاً يوميات ثلاثة فتيان يتعاطون السرقات الصغيرة، الى أن يأتي يوم يضيقون فيه ذرعاً، فيقررون سلب أكبر محل للمجوهرات في المدينة. لكن، لكل واحد سبب للسرقة يختلف عن سبب الآخر، وغني عن القول، انه في مثل هذه الظروف، لا تنفك تبدأ الصراعات وتتناقض المصالح.

شمال المغرب، هو أيضاً المنطقة التي تضع فيها كيلاني، من خلال شخصية باديا، المرأة الطموحة الحالمة. مدينة طنجة حيث الأحداث بالغة الأهمية بالنسبة الى النص، اذ تقول المخرجة: "المنطقة الحرة الواقعة على ساحل المحيط الأطلسي جنوب طنجة بمنزلة رمز لسوء التعامل العالمي. انها أوروبا على الأرض المغربية، على الأرض الأفريقية. المنطقة الحرة مقفلة، موجودة لكن لا يستطيع دخولها سوى من يملك اجازة عمل. أما المغربي الثالث في اطار المستفيدين من "سند"، كمال الماهوتي، ففيلمه "عن الصراعات الداخلية والصعوبة في أن يكون المرء فرنسياً، عربياً ومسلماً في آن واحد، في أيامنا هذه". في مقابل هذه الشكوك المزمنة حيال الهويات في منطقة المغرب العربي، يبدو المخرج المصري الشاب تامر السعيد منتمياً الى مدينته القاهرة اذ يهدي اليها باكورته الروائية الأولى. "أنجزتُ "في آخر أيام المدينة" حباً لمدينتي لكنه أيضاً لأظهر تناقضاتها: عنفها المتصاعد وسحرها المراوغ، وأيضاً حكاية صمتنا تجاه مشهد مدننا المستعمرة على يد القمع والجهل والتطرف. في القاهرة، شأنها شأن كل المدن الشرق أوسطية، نعرف انه لا يمكن ان تستمر الحال على ما هي عليه، وان النهاية قريبة وقد تكون عنيفة". دائماً من مصر، لكن في فئة الوثائقي، هناك فيلم لصفاء فتحي عن أخيها المصاب بداء.

( hauvick.habechian@annahar.com.lb) 

إيليا سليمان رئيس لجنة وسينمائي مستعاد

فكرة الظلم وحدها أرض خصبة لإيليا سليمان، رئيس لجنة تحكيم مسابقة "آفاق جديدة" في الدورة الحالية من مهرجان أبو ظبي الذي يستعيد أيضاً افلام هذا المخرج الفلسطيني، ذلك القليل الذي أنجزه في العقدين الأخيرين. سليمان يتنقل دائماً بتكثيف خلاّق بين الشخصي والجماعي، ويسعى الى خلق إمكانات توصل المساحة الشعرية الى نوع من دمقرطة، يستطيع المشاهد من خلالها ان يتشارك عملية انجاز الفيلم على النحو الذي يراه، وليس فقط بالشكل الذي يريده المخرج. "السينمائي يخطئ بالاعتقاد انه يلتقط ما يدور امامه من حقائق، لسبب انه يصوّب الكاميرا الى مكان، بينما تكون الحقيقة احياناً على بعد سنتيمترات من ذلك المكان"، كان يقول لنا بعد لقائنا به للحديث عن "يد إلهية"، عام 2002. مع "الزمن الباقي"، فيلمه الثالث، الأنضج لكن ليس الأكثر أهمية، يواصل سليمان هذا الهم، وإن بوحي أقل (الأم بدلاً من الأب)، مصرّاً على سينما ذات وظيفة أخلاقية، دافعاً بالعدو التقليدي الى خارج الكادر، كاشفاً عن صورة أخرى له أقل ارتباطاً بالذاكرة الجماعية العربية.

يتيح سليمان في سينماه مجالاً لأسئلة كثيرة: ما مدى إمكان تصوير شريط سينمائي في ظل الاحتلال؟ ما صعوبة تسجيل واقع معقد على مادة تلتقط تفاصيل الحياة بأشكالها وألوانها؟ كيف يمكن ان تتحول هذه المادة "وثيقة سينمائية" ما دام صاحب النظرة أو العين اختار مسبقاً معسكره؟ ما احتمالات النجاح الجماهيري عندما يأتي العمل الخلاّق معاكساً للتيارات السائدة والمتمثلة في شعارات فارغة وبلهاء لا تؤخر ولا تقدم؟ أيّ من الكتابات السينمائية والخيارات الجمالية هي الحريصة على نقل "الحقيقة" من خلال يوميات تؤكد ان الحياة مستمرة على رغم كل شيء؟... لن يجيب سليمان، هذا الجندي الصامت، عن هذه الأسئلة، الا ايماء وايحاء، عملاً بمقولة "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب"، وعلى غرار ممثل من زمن السينما الصامتة، سيغوص أكثر وأكثر في جذور الفن السينمائي خالقاً مساحة شعرية بينه وبين المشاهد، ومستخدماً عوامل الضحك والفكاهة والسخرية والكوميديا السوداء اللاذعة كحزام أمان يخوّله عبور الحواجز الابداعية بكل اطمئنان. معه، لدينا دائماً الاحساس بأننا لا نعرف أين يبدأ الواقع وأين ينتهي الخيال. ثم نتذكر هذه المقولة الشهيرة لغودار: الواقع الفلسطيني وثائقي والواقع الاسرائيلي روائي. "انطلاقة الروائي عندي هي الواقع في أغلب الاحيان. استنبط دائماً من قصص وأحياناً من قصص لا اعيشها بل تروى لي، لكني اتبنّاها على اثر تعاطفي معها. أبني على اساس هذا المعطى. لم يكن الخيال يوماً مطابقاً للواقع، لأن هناك ما يسمّى البُعد السينمائي، ونشكر الله على ذلك، لأنه لا حاجة أن نصنع سينما اذا كان الهدف الذهاب من واقع الى واقع. وعلى المشاهد أن يقرر اذا كان ما يشاهده لحظة حقيقية أم لا. هنا تتدخل قدرتك كفنان في التعبير عن نفسك استناداً الى البُعد السينمائي. أنا لي طريقتي، ولا ألغي أحتمال أن يكون هناك طرق أخرى".

داوود عبد السيد: بتعمل ده ليه؟

ضمن مسابقة "آفاق جديدة"، عرض المخرج المصري داوود عبد السيد، فيلمه الجديد "رسائل البحر". هنا بعض من خواطره عن السينما ومصر والذوق العام:

"تخرجت من معهد السينما في قسم الإخراج، وليس في قسم السيناريو. لكن كنا ندرس معالجة السيناريو. بعد تخرجي بشهرين، بدأت بالكتابة لمجرد انني كنت أنوي القيام بعمل ما. في تلك الأيام لم تكن الكاميرات الرقمية الصغيرة متوافرة بعد، لذا لم تكن هناك وسيلة لعمل شيء سوى الكتابة. خلال عشر سنين كتبت من أجل متعة الكتابة، وكانت قناعتي الشخصية انني إذا لم استطع القيام بشيء مختلف عن المتوافر، فلا داعي لوجودي في السينما. لذا، كان ذلك نوعاً من التحدي والاختبار إزاء نفسي. ففن الرواية مرتبط بتقاليد السينما المصرية، بمعنى ان السينما المصرية هي سينما تجارية، وتصنع الأفلام طمعاً في الحصول على مردود، تالياً يجدر بها ان تجذب المشاهد من خلال القصة. المشكلة في المجتمع المصري انه دولة مركزية قديمة، نتيجة وجود نهر النيل. بلدنا زراعي، ولأجل التحكم بمياه النيل، يجب ان توجد مركزية في الحكم، وكون مصر دولة مركزية منذ آلاف السنوات، فإن السلطة فيها قوية جداً. وهذا ليس بأمر سيئ لأن السلطة والدولة أمران مهمان. لكن عندما تجد نفسك في ظل أنظمة غير ديموقراطية، فإن السلطة تصبح متهمة، بأي شيء، وفي بعض الأحيان متهمة بالفساد. بالإضافة الى انه في كل أفلامي هناك رفض للسلطة او تمرد عليها. ويجب ان نعترف في النهاية بأنه يجب على السلطة ان تكون قوية ولكن عادلة. في مصر مجتمع مدني ومجتمع ريفي. في المدينة فسحة أكبر للحرية، اذ انك تستطيع التسكع في شوارعها كيفما يحلو لك. في المدينة تتصرف، تحب، وتصادق كيفما تريد، على عكس الريف حيث مفهوم القبيلة، والكل مسؤول عن الكل. لهذا الأمر جانب ايجابي وجانب سلبي. الإيجابي أنك في الريف لا تجوع حتى ولو لم يكن لديك المال. والسلبي ان تأثير الريف على المدينة لا يزال موجوداً. في الأماكن المحافظة على سبيل المثال، لا يسمح للفتاة بأن تزور أصدقاءها ليلاً. وهذا شيء ضد العصر وضد التطور، وضد المدنية. انا ضد هذا التدخل. هذه التصرفات ممكنة في المجتمع القروي، لكن في المدينة لا تستطيع ان تأتي وتقول: "بتعمل ده ليه؟". انا أرغب في مجتمع مدني يصل الى التقدم، يكون المرء فيه مسؤولاً عن نفسه، حيث علاقته بالآخرين علاقة قانون لا علاقة وصاية.

في مصر حصل انهيار للطبقة الوسطى المحافظة على الثقافة، والفن، والتقاليد، والأخلاق. وضربها يعني ضرب الطبقات كافة. ما حصل في مصر هو ان الطبقة الوسطى أفسدت، اذ انها أصبحت غير قادرة مادياً بسبب الإعلام والتلفزيون. هناك انهيار ثقافي في مصر وأيضاً في المجتمع العربي. يقال ان على الفن ان يكون أخلاقياً. ليس للفن علاقة بالأخلاق! والأخلاق أمر يخضع للتعديل باستمرار. عندما نضع الفن في قوالب كهذه، فذلك يعني اننا نرغب في قتله. انا لست ضد اي ذوق، ولكن ضد ان يكون هناك فقط ذوق واحد، وان تختصر السينما في أفلام كوميديا، وان تنحصر الأغاني بأغاني عمرو دياب. اما المسرح التجاري فأصبح للعرب الذين يأتون لتمضية عطلة الصيف.

سينما المؤلف تعبّر عن رؤيتك للعالم والحياة. في ما يخصني، إذا كان أمامي احتمالان: الأول ان يعرض فيلمي في صالة فارغة، والثاني ان يعرض في صالة مليئة، أختار الاحتمال الثاني. لذا، رغبت ان أنجز فيلماً ليعبّر عن رؤيتي ويتم عرضه في صالة مليئة. دائماً أسعى الى فيلم جذاب، ممتع، من دون ابتذال على الإطلاق، ولا يكون فيه تنازلات فنية". 

خارج الكادر

عودة الى راحلين

أدار شابرول في أفلامه ممثلات عديدات، تبقى أهمهن ستيفان أودران المثيرة للريبة. صوّر معها 25 فيلماً بين عامي 1964 و1980! كانت ملهمته على الشاشة وزوجته في الحياة. لكن تعاونه مع ايزابيل أوبير أقحمه في مجالات سينمائية جديدة غير مظنونة. بعد اطلاقها في "فيوليت نوزيير" وحصولها على جائزة التمثيل في مهرجان كانّ عام 1978، لم تلتق طريقهما عقداً من الزمن، قبل أن تتحول أوبير لتصير الرمز النسائي الجديد لسينماه مع "قضية امرأة" (1988)، اذ كان يصوّرها بعطف كثير، معتبراً اياها كإبنته، لكن من دون الاذعان الى منطق نسوي بليد (على رغم ما اتهم به). سبعة أفلام هي في المحصلة ما سينجزانه معاً، في إنتاج يتسم دوماً بالقسوة ويغلب عليه طابع لئيم الى ابعد حّد. ما السر الذي يجعل عملية حسابية مثل شابرول + هوبير = فيلم شرير؟

شرح شابرول: "تعجبني لدى ايزابيل، قدرتها على لعب شخصيات متطرفة في لؤمها، لكن من دون ان تغفل جانبها الانساني. كثر هم الممثلون يستطيعون ذلك، لكن هي تفعله بأسلوب جاف، اي اننا نجهل من اين تخرج النزعة الانسانية لدى الشخصية، لكنها تظهر للعلن. لا ارى من كان يمكنه تقمص هذه الطراوة الصلبة التي تتسم بها. هي التي حضّتني على انجاز "مدام بوفاري" الذي كنت اطمح الى انجازه منذ سنوات، لكني كنت خائفاً. فجأةً، قلت لنفسي: "هيا، صرت في الستين، اذا لم تنجزه الآن، فلن تنجزه ابداً". غير اني نقيض برغمان: لست في حاجة الى ان اطارح ممثلاتي الغرام. لا أحب الصخب على البلاتوه!". أما المخرج الأميركي الكبير جيمس غراي ففي مقابلة جمعته مع شابرول نُشرت في مجلة "بروميير"، حزيران الماضي، قال عن الفنان الراحل: بالنسبة اليَّ، هناك شابرول، فيلليني، كوروساوا، فيسكونتي، جون فورد. في كاليفورنيا، كان لي استاذ يحب أفلامه. عرض علينا مرة "النساء الجيدات" الذي يتضمن أجمل نهاية لفيلم في تاريخ السينما. كان يذكرني بـ"ليالي كابيريا" لفيلليني، لكنه أكثر سواداً منه. أما "الجزّار" ففيه أروع مشاهد الدفن. استلهمت من الموسيقى في أفلامه، أو بالاحرى من غياب الموسيقى، اذ كان يستعمل القليل منها، وهذا ما يصنع الفرق بينه وبين غودار.

• • •

جان لوفيفر يعيدني الى طفولتي من خلال دور فوغاس الذي كرّسه الى جانب الممثل الهزلي الاول في فرنسا لوي دو فونيس، والسلسلة الكوميدية "الفرقة السابعة" مع بيار موندي وهنري غوبي. على رغم انه لم يؤدّ يوماً دور البطولة المطلقة في هذه الاعمال الهابطة على كل حال، لا تزال تعابير وجهه عند تلقيه رد فعل زميل له في معظم ادواره، ماركة مسجلة خاصة بالممثل الذي ساند، في مسار فني امتد 50 عاماً، كبار اسماء الشاشة الفرنسية، وعمل في ادارة مخرجين مكرّسين لا يقلون اهمية عن ايف اليغري، جوليان دوفيفيه وهنري جورج كلوزو الذي اطلقه في فيلمه الشهير Les Diaboliques في العام 1954. وعلى غرار معظم الممثلين في اوروبا الذين تخصصوا في فن الكوميديا، لم يبرز لوفيفر في ادوار مهمة، وظل اسمه مرتبطاً بالاعمال المتواضعة فنياً وبكوميديات من الدرجة العاشرة، اصحابها جان جيرو او جاك بينار او ماكس بيكاس، وفي افضل الحالات جورج لوثنر الذي اعطاه احد اهم ادواره.

في أيامه الأخيرة، عاش في مراكش حيث كان يمارس نشاطاته اليومية على نحو طبيعي في المنزل الذي انتقل اليه قبل 3 سنوات بعد وقوعه تحت سحر المغرب حيث كان يعيش برفقة شريكته، وكلابه، وببغائه. كان يقول: "اغرمت بالمغرب، بضوئه ولطف سكانه". هناك افتتح مطعماً سمّاه "لا بوهيم"، تكريما لصديقه شارل ازنافور. ومن الادوار التي التصقت بلوفيفر، شخصية بول فولفيني، شقيق رجل العصابات راوول فولفيني، التي تقمصها برنار بلييه، ومعاً شكّلا ثنائياً في منتهى الطرافة، على غرار لوريل وهاردي في مجال الفيلم الفرنسي الاسود. ومن المشاهد التي لا تزال ماثلة في الذاكرة، ذلك الذي كان يجري في المطبخ، وفيه قدّم لوفيفر حوارات ممتعة يصعب نسيانها، بعدما شرب احد أنواع الكحول المكسيكية. والى اليوم لا تزال هذه اللقطة راسخة في اذهان السينيفيليين. "اجد فيه طعم تفاح"، كان جان يقول وفي يده كأس الفيتريول. لاحقا حين لاحظ ان رفاقه جميعهم انبطحوا ارضاً بعدما لعبت الخمرة في رؤوسهم، اضاف: "ليس طعم التفاح فحسب... هذا المشروب مكون من شيء آخر، الشمندر ربما؟".  

هـ. ح.

النهار اللبنانية في

21/10/2010

####

 

«مرة أخرى» و«الحفرة» وصولاً إلى كوبا

القوات السورية في لبنان.. وقفزة الصين العظمى

زياد عبدالله – أبوظبي

يعاد الزمن، تؤخذ قطعة منه وترمى في فيلم في محاكاة لما سادها وهيمن عليها، ويمكن لهذه الاستعادة أن تكون متمركزة حول حدث بعينه ومكتفية به تجد بالقدرة على محاكاته رهاناً سينمائياً وتوثيقياً، ولتكون المعالجة الدرامية مبنية على أساس التعزيز من هذا التوثيق والمضي معه نحو بناء حكاية مولودة من رحم ما توثق له، وقد تأتي أحداث الفيلم في سياق درامي تكون المرحلة التي يتناولها مؤثرة تماماً بالأحداث التي نشاهدها.

مقدمة لابد منها مع مقاربة ثلاثة أفلام عرضت ضمن الدورة الرابعة لمهرجان أبوظبي السينمائي، لها أن تكون على اتصال بالمرحلة التي تجري بها أحداثها، لنا أن نجدها في فيلم السوري جود سعيد «مرة أخرى» ضمن عروض مسابقة «آفاق جديدة» وفيلم الصيني وانغ بينغ «الحفرة» المشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة مثلما هو الحال مع فيلم «تشيكو وريتا» لثلاثة مخرجين إسبان على رأسهم فرناندو تروبيا.

إملاءات تاريخية

نبدأ مع فيلم «مرة أخرى» لجود سعيد في أولى تجاربه الروائية الطويلة، التي تشكل ولادة مخرج سوري مميز، ولا نملك على ذلك إلا خير دليل وهو هذا الفيلم تحديداً، وليضيء لنا معبراً إلى جيل جديد من المخرجين السوريين، لا بل إن سعيد سيتناول للمرة الأولى شأناً سورياً لم يسلط عليه الضوء أبداً، ألا وهو العلاقة السورية اللبنانية، من خلال وجود القوات السورية في لبنان لأكثر من 30 سنة أثناء الحرب الأهلية وما بعدها، وعبر أخذه إعادة الزمن كما سبق أن أسلفنا ومن ثم مواكبته وصولاً إلى عام ،2006 بحيث تتحرك حكاية الفيلم ضمن هذا الإطار التاريخي وفي تقطيع زمني مبني بحنكة لجمع كل العناصر والإحاطة بها في تناغم بين حكاية الفيلم وما يراد قوله، ووفق املاءات العالم الذي يراد تقديمه.

فيلم سعيد مستوف تماماً كل عناصر الفيلم المحكم، يتحرك عسكرياً ومدنياً إن صح التوصيف، ومن العسكري يخرج المدني، ومن العسكري أيضاً تنسج العلاقات الاجتماعية بين الشخصيات، التي تتكون شاءت أم أبت وفق املاءات تاريخية، وبالتالي فإن كل الشخصيات وأزماتها وعوالمها هي ابنة هذا المسار. وفي جانب آخر توثيقي أيضاً.

كل ذلك سيحتكم إلى فضيلة مثلى هي تتبع الانساني في التاريخي والعسكري والحربي وهنا يحضر الروائي بوصفه رواية موازية للتاريخي، فمجد شخصية الفيلم الرئيسة لن يكون إلا ابن الحروب اللبنانية رغم أنه سوري، فهو من سيشهد موت والدته في رصاصة قناص، بينما والده قائد فرقة عسكرية سورية موجودة في لبنان، وبالتالي فإنه سينشأ في الثكنات العسكرية، وسيتولى تربيته أبوسعيد (قدم الدور بأداء مميز المخرج السوري المعروف عبداللطيف عبدالحميد)، ومدرسة مجد ستكون مدرسة الراهبات في إهدن، وعندما يفقد ذاكرته وهو طفل فإن ذلك سيكون جراء لعبه بالأسلحة الحقيقة التي يجدها أينما التفت، ورصاصة تصيب رأسه.

وحين يمسي شاباً (قيس الشيخ نجيب) فإنه سيفقد والده (جوني كوموفيتش) أيضاً الذي ما عاد يطيق الحياة الهادئة الخالية من الحروب، والذي بدوره يقدم شخصية الضابط الذي ولد لأن يكون محارباً مع احتكامه على كل الصفات النبيلة من شجاعة ووفاء ورجولة في هذا الخصوص، التي سيقابلها لدى ضابط آخر ما له أن يكون الضابط المـتأقلم المتلون حسب المرحلة والمستفيد دائماً من الحرب والسلم وما بينهما أي الشخصية التي جسدها عبدالحكيم قطيفان، التي ستبقى موجودة وقد تحول ذاك الضابط إلى رجل أعمال ثري.

يتحرك الفيلم في زمنين، أثناء الحرب والاجتياح الاسرائيلي للبنان، وزمن آخر هو ما بعد خروج القوات السورية من لبنان، حيث مجد يعمل في الشركة التي يملكها ذاك الضابط الذي كان زميلاً لوالده، ولتنسج علاقة حب تنشأ بين مجد (قيس الشيخ نجيب) وجويس (بيريت قطريب) التي تأتي من لبنان للعمل في الشركة نفسها، وليكون تموز 2006 موعداً آخر لما له أن يكون «مرة أخرى»، فعلى مجد أن يساعد جويس للوصول إلى ابنتها وأمها المحاصرتين في لبنان، وليبقى بعد نجاحه في ذلك على الجسر بين لبنان وسورية كما لو أنه مصيره أن يبقى عالقاً بينهما مرة أخرى وربما مراراً.

وثيقة سينمائية

سنعود إلى فيلم جود سعيد مجدداً في صفحات السينما بعد المهرجان لأنه يستحق الكثير، وننتقل الآن إلى فيلم الصيني وانغ بينغ «الحفرة» الذي لن يمهلنا ولن يؤسس حكايته إلا في خضم ما يراد تسليط الضوء عليه، كما لو أن بينغ وفي تجربته الروائية الأولى هو الذي عرف بأفلام وثائقية كثيرة، لم يفارق إلا جزئياً الوثائقي، وهو يقدم في هذا الفيلم وثيقة سينمائية يراد لها أن تكون معادلاً روائياً لمخيم «مينغشوي» لإعادة التثقيف، الذي أقيم إبان ما عرف بالقفزة العظمى للأمام في أواخر خمسينات القرن الماضي، وبالتأكيد عبر المراحل التي رسمها الزعيم الصيني ماو تسي تونغ لثورته الثقافية وغير الثقافية ولنضيف هذا الفيلم إلى سلسلة من الأفلام الصينية التي تشكل نبشاً في هذا التاريخ، وتوثيقاً لتلك المرحلة التي لا تخلو من نقدية جذرية، نقدية لا حاجة لها لشيء إلا نقل ما حدث وفي هذا ما يكفي مثلما هو الحال مع فيلم «الحفرة» الذي عرض أول من أمس، وصوّر حياة من عاشوا في ذاك المخيم، أو ماتوا في ذاك المخيم التوصيف الأدق، ما دمنا وطوال الفيلم نشاهد كيف يموت المعتقلون واحدا بعد الآخر، جراء ظروف أعمالهم الشاقة وحرمانهم من الطعام، وهم في صحراء معلقة بين السماء والأرض، ويعيشون في حفر لا شيء فيها إلا انتظار الموت.

في الفيلم مشاهد مفرطة القسوة يراد لها أن تصور ما كانت عليه حياة هؤلاء الذي اعتبروا يمينيين فاقتيدوا إلى هذا المخيم، ومنهم من انتقد ملمحاً من الثورة أو أبدى رأياً مثلما هو حال البروفيسور الذي قال في أحد الاجتماعات إن «ديكتاتورية البروليتاريا ليست صحيحة يجب أن تكون هناك ديكتاتورية الشعب، كل الشعب بمختلف فئاته» فكان مصيره أن يكون في هذا المعتقل ليموت فيه، ونحن نشاهد في مشهد مفرط القسوة من يأكل جرذا ومن ثم نكون شهوداً على آلام معدته، وعندما يتقيأ فإن معتقلاً آخر يقوم بأكل قيئه، وصولاً إلى قيام أحدهم بأكل لحم الجثث، وغيرها من قسوة، لها أن تأخذ منحى درامياً مع وصول زوجة أحد المعتقلين وبحثها عن زوجها الذي يكون قد مر على وفاته أكثر من ثمانية أيام، ونبشها القبور الخالية من الشواهد في بحثها عن جثته لتحرقها لئلا تبقى في هذا المكان البائس.

جاز

نكتفي بما تقدم من فيلم «الحفرة» ونمضي مع فيلم «تشيكو وريتا» والمشارك أيضاً في مسابقة الروائي الطويل، الذي سيمسي ترفيهياً أمام ما تقدم مع أنه ليس كذلك أبداً، لا بل إنه احتفالية سينمائية بموسيقى الجاز والموسيقى الكوبية، احتفالية تتخذ من «الأنيميشن» خير ما يقدم مساحة جمالية بهذا الخصوص، ولتكون الموسيقى زائد «الأنيميشن» مع قصة الحب التي تنسج بين تشيكو وريتا معبراً لأن تكون صالة العرض ممتلئة عن آخرها، والفيلم يتحرك بين أجمل مقطوعات الجاز، وعلاقة الحب المعقدة بين تشيكو عازف البيانو والمؤلف الموسيقي وريتا المعنية الخلاسية الجميلة، ومن مصائرهما بين هافانا ونيويورك، هافانا ما قبل الثورة وما بعدها لئلا نكون بعيدين عن كل ما تقدم.

الإمارات اليوم في

21/10/2010

# # # #

اعتبر رقابة المجتمع على السينما أقوى من الدولة والمؤسّسات

داوود عبدالسيد: ممنوع أن نصنع فناً حقيقياً

إيناس محيسن - أبوظبي 

طالب المخرج المصري داوود عبدالسيد بضرورة تغيير طبيعة الرقابة على الأعمال الفنية في مصر، بأن تصنف الافلام وفقاً للمرحلة العمرية التي يتوجه إليها العمل، موضحاً أن الرقابة تمارس عملها على الفكر وليس على العمل الفني بعناصره المختلفة، مؤكداً أنه ليس هناك بلد لديه صناعة سينما، ويطبق فيه مثل هذا النوع من الرقابة المؤسسية التي تلتزم بمجموعة من القوانين الصارمة.

واعتبر عبدالسيد أن الرقابة المجتمعية التي يمارسها افراد المجتمع أقوى وأكثر تأثيرا من الرقابة المؤسسية، وهي غالبا تقف أمام تقديم صناع الأفلام لأعمال فنية خوفا من نظرة المحيطين بهم إليهم، داعياً إلى العمل على تحديث المجتمع وإشاعة روح التحرر، وهي مهمة ليست بسيطة ولا تتم في فترة قصيرة، بل تحتاج إلى سنوات طويلة، موضحاً أن السينما المصرية شهدت في السنوات الاخيرة تطورا كبيرا في المعدات والتجهيزات الفنية والتقنيات، ولكن في مقابل ذلك شهدت تراجعا في مساحة الحرية المتاحة لها. وأضاف «لا أريد إصدار احكام قاسية، ولكن بات من الممنوع ان تصنع عملا فنيا بالمعني الدقيق لكلمة فن».

ونفى عبدالسيد أن يكون قد واجه في فيلمه الأخير «رسائل البحر» الذي يشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة ضمن مهرجان ابوظبي السينمائي الدولي، تدخلاً من الحكومة المصرية، في مقابل الدعم المادي الذي قدمته له لإنتاج الفيلم، معتبراً ان مصر مازالت من الدول التي لا تتدخل في إنتاج الأفلام بشكل مباشر، خصوصاً أنها لا تقوم بإنتاج الأفلام، ولكن تقدم فقط دعما ماديا يمثل جزءا من الإنتاج. أضاف «مدى تدخل الدولة قضية تختلف من دولة لأخرى وفقا لطبيعة كل دولة، فعلى سبيل المثال تدعم إسرائيل أعمالا فلسطينية تنتقدها بشدة».

تراجع الحرية

وعن المشاهد الحميمية بين بطلي الفيلم، أوضح عبدالسيد خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد عصر أمس، في قصر الإمارات في أبوظبي أنه اذا كان هناك مناخ مختلف، من المؤكد أنه كان سيقدم هذه المشاهد بشكل مختلف. «ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله». وأوضح صاحب «الكيت كات» و«سارق الفرح» أن ما يسعى إلى تحقيقه في أفلامه هو أن تكون هناك دائماً تجربة شعورية في الفيلم، وأن يشعر المشاهد بالمتعة عند مشاهدة فليمه، وكلما شاهده أكثر ازداد شعوره بالمتعة. وقال «ليس هناك صانع فيلم يريد تقديم فيلم لا جمهور له، كما ان فكرة التنازلات لكسب الجمهور بالنسبة لي مرفوضة، ولكن بدلاً من ذلك علينا بذل المزيد من الجهد لجذب الجمهور، ولا أعني بذلك إضافة مشاهد راقصة او أغنيات معينة لتحقيق ذلك، ولكن أعني تقديم العمل في مستوى فني متميز».

إنتاج تجاري

وعن تراجع مستوى السينما المصرية، اشار عبدالسيد إلى انه من الصعب ارجاع الظواهر إلى سبب واحد فقط، فهناك دائما أسباب عدة، مثل المستوى الثقافي والتعليمي للمجتمع، ومدى حيوية السينما المصرية، فعندما يتم انتاج 60 فيلما في العام، يصبح من المنطقي أن تكون نسبة الاعمال المتميزة أعلى منها في حالة انتاج 20 فيلما. لافتاً إلى أنه لا يمكن التخلص من الطابع التجاري للسينما المصرية، طالما ان هناك صناعة سينما وليس فقط انتاج افلام، «المنتج من الطبيعي ان يبحث عن أكبر هامش للربح، وخلال هذا البحث قد يهمل شريحة معينة من الجمهور، باعتبارها الاقل عددا، في مقابل الوصول للشريحة الاكبر، ولكن هذا لا يعني ان الجمهور المصري لم يتقبل سوى الأعمال المتواضعة المستوى، ولكن هذا ما يقدم إليه».

وانتقد عبدالسيد تآكل الكثير من تقاليد صناعة الافلام في مصر نتيجة لعوامل عدة مثل تدخل المنتج في الأعمال الفنية والتقنية كالمونتاج، وكذلك تدخل النجوم في أفلامهم، حتى يمكن اعتبار ان هذه الأفلام «تصنع على حجر النجم ووفقاً لمطالبه الخاصة».

وأشار عبدالسيد إلى أن قدرة مخرج الفيلم على اختيار الفنان المناسب للدور تمثل 50٪ من عوامل نجاحه، بينما تظل النسبة الباقية مرهونة بقدرة المخرج على توظيف الفنان، كما حدث مع المخرجة نبيهة لطفي التي شاركت بالتمثيل في «رسائل البحر» ليحصل منها على الدور المطلوب. وقال ان «أداء بطل الفيلم آسر ياسين كان مفاجأة له، أما بسمة فقد كان يشعر في أدوارها السابقة بأن هناك شيئاً ما ناقصاً لم تستطع الأدوار أن تظهره لديها، ولذلك حرص على اظهار هذا الشيء الناقص، والتركيز على ما تتمتع به من أنوثة لم يلتفت إليها في أعمالها الأخرى». وأشارت بسمة إلى أنها لم تشعر بالقلق من المشاهد الساخنة التي أدتها في الفيلم، لأنها تدرك ان هناك فرقا بين الانسان وبين الأدوار التي يقدمها، معربة عن أملها ان يتمتع الجمهور بهذا الإدراك. وقال آسر ياسين إنه اضطر لتلقي دروسا مكثفة في الأصوات ومخارج الألفاظ ليتمكن من أداء «التأتأة» التي كان يؤديها في دوره، لافتا إلى حرصه على التنويع في الادوار التي يقدمها. في حين اعتبر الفنان محمد لطفي أن الفيلم يمثل فرصة العمر بالنسبة له، مشيرا إلى أنه سيقبل الأدوار المختلفة التي تعرض عليه، لأنه إذا انتظر دورا في عمل بالمستوى الفني نفسه فلن يعمل لسنوات. وقال «شاركت في فيلم عرض أخيرا بعنوان (أولاد البلد)، وهو فيلم خفيف تجاري، ورغم ذلك حقق عائداً يقدر بمليون و450 الف جنيه في يوم واحد من أيام عرضه خلال عيد الفطر الماضي».

الإمارات اليوم في

21/10/2010

# # # #

دعم وتطوير المجتمع السينمائي المحلي وقراءة صناعة السينما الخليجية جوهر المهرجان

أربعة أفلام عالمية بمهرجان أبوظبي السينمائي

أبوظبي - عبدالرزاق الربيعي 

عبَّر المخرج داوود عبدالسيد عن سعادته بمشاركة فيلمه "رسائل البحر" في مهرجان أبوظبي السينمائي الذي أخرجه بعد توقف دام سبع سنوات وعد المهرجان علامة من العلامات السينمائية العربية في وقت يحتاج المشتغلون في صناعة السينما مثل هذه اللقاءات لمراجعة المنجز السينمائي.

وأكد بطل الفيلم "آسر ياسين" إن عرض الفيلم الذي يقوم ببطولته للمرة الأولى في المهرجان مناسبة سارة بخاصة أنه عُرِضَ بحضور والده ووالدته وحشد من السينمائيين العرب والأجانب ويلعب آسر في الفيلم دور (يحيى)، الذي يعاني من التلعثم في الكلام، الذي يجعل التفاهم مع الآخرين صعبا، ما يدفعه بعد وفاة والده إلى ترك مهنة الطب والعودة إلى مدينة الإسكندرية ليعمل صيادا ويبحث عن حبه القديم جارته الإيطالية كارلا لكنه يصاب بالإحباط حين يعلم أن لها ميولا شاذة ويتعرف على (نوره) الغامضة التي كان يظن انها تمتهن البغاء لكن يتضح في نهاية الفيلم انها لم تكن كذلك إضافة إلى أحداث أخرى في الفيلم الذي يعاد عرضه عصر غد الجمعة.

وتواصلت أمس عروض مهرجان أبوظبي السينمائي حيث قدمت أربعة أفلام كعرض عالمي أول في قصر الإمارات، العرض العالمي الأول للفيلم الهندي "بان سينج تومار" ضمن برنامج السينما العالمية للمخرج تيجمانشو دوليا وبحضور النجم الهندي الكبير عرفان خان والنجمة ماهي جيل. يتناول الفيلم قصة شاب اشتهر كنجم في مضمار الألعاب الهندية القومية والألعاب الآسيوية، لكن مجده الرياضي يخبو سريعاً ويتحول إلى ذكرى عندما يعود أدراجه إلى مزرعته في القرية ويتورط في عداوة عائلية عنيفة.

وفي فئة الأفلام الروائية الطويلة قدم العرض العالمي الأول لفيلم "شّتي يا دني" لبهيج حجيج، بحضور النجوم اللبنانيين حسان مراد وجوليا قصار وكارمن لبس ناقش الفيلم قضية المخطوفين والمفقودين خلال الحرب الأهلية اللبنانية من خلال قصة عودة شخص اختفى قبل عشرين عاماً من دون أن تعرف عائلته عنه شيئاً، ليعود إلى الحياة من جديد وهو بعمر الخمسين وجحيم تجربته الماضية يسكنه، ليبقى تائها غير قادر على التأقلم مع الواقع من جديد.

كما تضمنت العروض العالمية الأولى ومن ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية العرض العالمي الأول لفيلم "قصة رجل" لفارون بونيكوس وتدور أحداثه حول مصمم الأزياء أوزفالد بوتينج ذي الأصول الأفريقية الذي عاش في ضواحي لندن الشمالية قبل أن يحقق الثراء وينتقل إلى شارع "سافيل رو" المرموق، ليصور الفيلم عوالم أوزفالد السوريالية النابضة بالثراء والأضواء والشهرة.

وجرى عرض الفيلم المصري "جلد حي" لفوزي صالح الذي يرسم صورة حية لعمالة الأطفال في مصر، عارضاً مقاطع من حياة هؤلاء في المسالخ الموجودة في عشوائيات ضواحي القاهرة الفقيرة بحضور منتجه النجم الكبير محمود حميدة. بالإضافة إلى عروض الأفلام الأخرى التي يعرض معظمها للمرة الأولى في الشرق الأوسط ونذكر منها في الروائي الطويل الفيلم الفرنسي الألماني "كارلوس" للمخرج أوليفييه أساياس، الذي يتناول سيرة المثير للجدل إليتش راميريز سانشيز الشهير بكارلوس. يشكل الفيلم شهادة حية، تجذب المشاهد إلى عوالم هذا الفنزويلي الثائر، ابن العائلة الثرية الذي يجيد سبع لغات منها العربية عاشق السلاح والنساء والمدمن على الخطر والمؤيد الشرس للقضية الفلسطينية، الذي أمضى حياته متنقلا خفية في أرجاء المعمورة منفذا بعض أخطر العمليات العسكرية وأغربها.

أما على صعيد مسابقة الأفلام الوثائقية فقد عرض أيضاً فيلم "شيوعيين كنا" لماهر أبي سمرا، وكان الفيلم قد تلقى دعم المهرجان وعرض العام الفائت من ضمن برنامجه كعمل قيد الإنجاز، قبل عرضه في مسابقة آفاق في مهرجان فينيسيا. يقدم المخرج معاينته الشخصية والمتحررة لموروث الحرب الأهلية في لبنان، عبر أربعة رجال يسردون تجاربهم في ميدان المعركة ويحكون انكسار أحلامهم وسقوط أوهامهم بفعل استمرار أزمات البلد.

وفي مسابقة آفاق جديدة عرض الفيلم الأرجنتيني "المتجول" لأدريانا يوركوفيتش ليروي قصة مزعومة لشخص اسمه دانييل بورميستر، وهو مخرج رحال ذو شخصية غامضة غالباً ما يفكر به الناس على أنه أسطورة في المجتمع السينمائي الأرجنتيني المستقل. وتستمر عروض آفاق جديدة مع الفيلم الإيراني "جوزاء" لزماني عصمتي الذي يتناول موضوعاً جريئاً، يدور حول المخاطرة التي تقدم عليها طالبة إيرانية بائسة لتحافظ على سمعتها. فبعد أن وضعت حداً لعلاقتها بأستاذ شاب طائش، تنتظر في شقة حقيرة منعزلة إجراء عملية «ترميم» لعذريتها، لتبدأ مأساة ستتكشف خيوطها تباعاً في إطار تشويقي وحوارات جريئة. تمثل هذه الدراما الحادة انعكاساً قاتماً لوضع المرأة في مجتمع محافظ.

أما برنامج "ما الذي نرتكبه بحق كوكبنا؟" فقد عرض فيلم "رحلة جاين" للمخرج لورنز كناور ليقدم نظرة عن كثب إلى حياة الأسطورة جاين جودول المعروفة عالميا بأهم خبراء الشمبانزي، ويدعو في الوقت نفسه إلى إنقاذ الكوكب الذي تهتم لشأنه من أعماقها.

كما أقام المهرجان أمس في خيمة المهرجان يوماً من الفعاليات السينمائية التفاعلية التي أقيمت بالتعاون مع أكاديمية نيويورك – أبوظبي السينمائية. يشكل دعم وتطوير المجتمع السينمائي المحلي جوهر مهمة المهرجان ويقدم هذا الحدث الخاص فرصة نادرة للجمهور للتفاعل مع المخرجين الشباب، ولقاء خبراء هذه الصناعة، ومشاهدة تصوير حي للأفلام واختتم باستعادة للأفلام المنتجة من قبل الطلبة في أكاديمية نيويورك – أبوظبي السينمائية منذ إطلاقها في 2008، مما يمنح الجمهور فرصة لقراءة مستقبل صناعة السينما المحلية.

الشبيبة العمانية في

21/10/2010

# # # #

"جلد حي".. يخترق عالم أطفال مدابغ الجلود في مصر القديمة

العرب أنلاين/ أبوظبي 

يخترق الفيلم التسجيلي المصري "جلد حي" عالما لم تدخله كاميرا مخرج آخر إذ يقترب من عالم الأطفال العاملين في مدابغ الجلود في حي مصر القديمة الذي كان على أطراف القاهرة وأصبح في وسط العاصمة.. لكن الاقتراب يخلو من الاستعراض السياحي الاستشراقي ويميل إلى المحبة والتعاطف مع أحلام صغيرة لأطفال يتحملون مسؤولية أسرهم الفقيرة.

ومنطقة المدابغ يحجبها عن المدينة سور أثري هو سور مجرى العيون يبدأ من نهر النيل صعودا إلى قلعة صلاح الدين الأثرية وخلف هذا السور تقام ورش الدباغة التي تعمل فيها أسر فقيرة تتوارث هذه المهنة القاسية حتى إن أحد العمال يعترف بأن نسبة المخاطرة في العمل على إحدى الآلات لا تقل عن 90 بالمئة فمن الوارد جدا أن يصاب العامل بتعب فتلتهم الآلة أحد أصابعه.

وتستخدم في مراحل دباغة الجلود مواد كيماوية يقول الفيلم إنها تصيب الأطفال بالسرطان وأمراض صدرية وجلدية وهي لا تقتصر على حدود الورش فقط بل تصب هذه المخلفات الكيماوية في أزقة وشوارع ضيقة تتحول إلى أوحال من الطين الكيماوي الذي اعتاد الأطفال على السير فيه وصولا إلى بيوتهم المتواضعة.

ولا يتدخل فوزي صالح مخرج الفيلم بالتعليق ولكنه يترك الأطفال يتحدثون عن التحاقهم بهذه الورش منذ سن الخامسة إذ لم يتح لبعضهم دخول المدارس كما تسرب البعض الآخر من الدراسة بعد سنوات قليلة تلبية لاحتياجات أسرهم الفقيرة.

وعرض الفيلم "56 دقيقة" مساء أمس الأربعاء في مهرجان أبوظبي السينمائي الرابع وينظم له مساء اليوم الخميس عرض آخر حيث يشارك في مسابقة "آفاق جديدة" التي تنظم للمرة الأولى هذا العام وتستهدف المخرجين في تجاربهم الأولى والثانية.

ويبدأ الفيلم بمشهد مولد شعبي وينتهي بالمولد نفسه حيث يذهب الصغار في بعض الأحيان للترويح عن أنفسهم فيستمعون إلى الغناء الشعبي ويرقصون ببراءة على أنغام الموسيقى ويمارسون بعضا من شقاوة طفولة حرموا منها.

ويحلم أطفال المدابغ بتجاوز سور مجرى العيون والانخراط في المجتمع بشرط ألا يجدوا أنفسهم مضطرين لعمل لا يناسب أعمارهم كما أنه "بلا مستقبل.. لا تأمينات ولا معاش "بعد بلوغ سن الشيخوخة"" على حد قول عامل ورث المهنة عن أبيه وورثها لابنه وهو كاره ولكنه لا يجد بديلا.

ولكن الفيلم يرصد أن هؤلاء الأطفال الذين شاخوا قبل الأوان ليسوا صيدا سهلا بل يمتلكون قدرا كبيرا من "عزة النفس" فأحدهم يبلغ 12 عاما يعمل حوذيا في بعض الأحيان ويجمع القمامة على عربة خشبية ويقول إن ضابط شرطة ضربه ذات مرة بسوط فاحتمل الضربة ثم جذب السوط وضربه به كما اعتدى على طفل آخر ناداه قائلا "يا زبال".

ويقسم المخرج فيلمه إلى ستة فصول أو ستة أيام وبدلا من أن يختم الفيلم باليوم السابع فإنه ينهيه بتقرير عن خطورة هذه المواد الكيماوية على مئات من الأطفال في مدينة لا ينقصها الزحام حيث يسكنها "20 مليون نسمة" ويعاني كثيرون من فقرائها في تدبير قوت يومهم.

وقال الناقد العراقي سلمان كاصد لرويترز إن الفيلم "كأنه أنجز عمله مقسما في ستة أيام وجلس في اليوم السابع ليستريح ويشاهد جماله" واصفا إياه بالقسوة الناعمة.

وقال المخرج صالح عقب عرض الفيلم إنه عاش قريبا من هذه المنطقة المهمشة ويعرف بعضا من أهلها وأراد أن يسجل كيف يحتفي هؤلاء الأطفال المحرومين بالحياة على طريقتهم.

وأضاف أنه عمل مساعدا للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي عام 2008 وأطلعه على عالم هؤلاء الأطفال فاقترح عليه مشهراوي أن ينجزه قائلا "هذا فيلمك أنت".

وقال منتج الفيلم الممثل محمود حميدة إنه يتحمس لإنتاج أعمال تسجيلية ويشعر بعاطفة مع هذا النوع السينمائي الذي لا يتحمس له كثير من المنتجين لأن عائده قليل.

ومهرجان أبوظبي الذي يستمر عشرة أيام يعرض 172 فيلما من 43 دولة منها 71 فيلما روائيا طويلا و55 فيلما قصيرا و46 فيلما إماراتيا وخليجيا وتعلن جوائزه في حفل الختام غدا الجمعة.

العرب أنلاين في

21/10/2010

# # # #

 

'كرنتينة' يفجر تساؤلات مأزق المجتمع العراقي

 ماذا لو توقف الفيلم عند مشهد قتل بطله؟

أبوظبي ـ من محمد الحمامصي

المخرج عدي رشيد يقدم فيلماً يعد جزءاً مهماً من مسيرته التي تمثل باقتدار جيلاً عراقياً سينمائياً واعداً عربياً وعالمياً.

ماذا لو توقف فيلم "كرنتينة" للمخرج العراقي عدي رشيد الذي عرض في الدورة الرابعة لمهرجان أبوظبي السينمائي الدولي 14 ـ 23 أكتوبر/تشرين الأول، عند مشهد قتل بطله "قاتله المحترف/المأجور" وإلقائه في النهر، ألم يكن ذلك أدعى لطرح المزيد من التساؤلات المهمة حول مصير أبطال الفيلم، رموز العراق الماضي والحاضر والمستقبل، ليوقع مشاهده في مأزق هذا الوطن العربي الكبير حضارة وتاريخاً وثقافة، بدلاً من أن يقدم لنا رؤيته الخاصة بختام تتحرر فيه مريم الفتاة الحامل بابن الشيطان ـ سواء من أبيها المتدين الذي يمثل التيار الديني أو من القاتل المأجور ـ من سطوة الأب/الدين، وتتحرر فيه الأم من سطوة الزوج/الدين وعشيقها/القاتل، هذه المرأة التي تفتقد لرؤية واضحة، ويتحرر فيه الابن/المستقبل/العلم من العالمين أيضا عالم الأب الجاهل والقاتل الذي يكره العلم، هذان العالمان اللذان كان ضدهما طوال الوقت.

لقد قدم الفيلم اضطرابية الرؤية وتعدديتها التي يقع فيها المجتمع العراقي، فهذا الابن القاتل مرفوض من أبيه الذي يطرده من بيته حين يذهب للزيارة، ومرفوض من الأستاذة الجامعية/المرأة التي أحبها وتخلى عنها وكذا من زوجها، وكلاهما زميل الجامعة، حتى عشيقته على ضعفها واستكانتها رفضته حين رأت قسوته وافتقدت فيه روح الحياة والاستقرار، ويرفضه زوجها وإن كان رفضه مختلفاً، ويرفضه الصبي الصغير، وبالنهاية رفضته المجموعة التي يقتل لحسابها ومن ثم أن قتله.

لكن على الجانب الآخر ليس هناك رفض للزوج الجاهل، المتمسك بالتقاليد والأعراف البالية، الجبان، وينحصر الرفض في الزوجة والابنة والابن، ولم تساو رؤية الفيلم بين القاتل/والديني الجاهل، على الرغم من خطورة الأخير التي يمكن أن تكون أشد تهلكة للمجتمع من ذلك القتل المزاجي، القتل الخارج عن سياق المنظمة أو الجماعة.

نحن أمام أسرة صغيرة تتكون من الأم كريمة والزوج صالح والابن مهند والابنة مريم، تعيش في مكان مهجور، تتجلى فيه ملامح ماض اندثر، فيلا قديمة تعيش هذه الأسرة على هامشها، فيما يعيش القاتل المأجور في الطابق العلوي لها، بناء على أوامر من يشار إليه بـ"الأستاذ" لا بد لهذه الأسرة أن تكون في خدمة القاتل المأجور.

لا يعرفنا المخرج على شخصياته بل يدخل مباشرة إلى قلب الأمر، فنجد أنفسنا في مواجهة ترميزاته التي تبدأ في التكشف تدريجياً، ولكن بإشارات غاية في الدقة حتى ليمكن عدم القدرة على رؤيتها.

صالح ديني جاهل، زوجته كريمة ترفضه جسدياً ونفسياً، فيما تقبل القاتل المأجور وتسعى إليه، والابنة في حالة صمت تام تتأمل هنا وهناك رافضة الأكل والحديث أو القيام بأي فعل، الصبي مهند الوحيد الذي يملك ما يريد يعمل ويحاول التعلم ويملك غيظه أحياناً تجاه أبيه وجارهم القاتل المأجور ويحب أخته وأمه ويعطف عليها ويحزن لأجلهما، فيما يظل لأبيه والقاتل نظرة فيها كراهية.

يبدأ فيلم كرنتينة بذاك المشهد الذي سقط فيه القاتل مقتولاً بالنهاية بيد من يعمل لحسابهم عقاباً له على خروجه عن إمرة رئيسها الذي حدد له أهداف بعينها لقتلتها وكذلك نتيجة خروجه على أسلوب القتل، حيث يقتل في وضح النهار في دكان أو شارع، مياه نهر تغطي سطح شاطئه القمامة، زجاجات فارغة وأخشاب وغير ذلك من المهملات، يحركها سقوط القاتل، قد يكون في ذلك دلالة أن هذا القاتل سوف تجرفه المياه مثله مثل القمامة، لذا فإن توقف الفيلم هنا كان ـ برأيي ـ أجدى.

تدخل الكاميرا بعد المياه الراكدة إلى بغداد عبر دبابة تمر في شوارعها، لترمي إلى دلالات الاحتلال، فهل قصد المخرج إلى أن ما سنراه بعد ذلك ما هو إلا آثار الاحتلال وبعض من مصائبه على المجتمع العراقي؟ الإشارات تؤكد ذلك بدءاً فالأب يخون أبوته وتخون الأم زوجها فيما الفتاة لا حول ولا قوة، وكذا الصبي الذي لا يجرؤ على مواجهة عشق أمه، أيضاً تتبدى في ذك الرصيف الذي يضم الصبي الذي يعمل بصباغة الأحذية وتلك المرأة التي تبيع المناديل وذلك الشاب الذي يجلس على حجر دون عمل في كل المشاهد التي ظهر بها.

يضاف إلى ذلك دلالة العنوان "كرنتينة" فهو اسم لمكان يعني حجر المجانين "الحجر الصحي النفسي"، ومن ثم يرمي إلى اختلال ما، الأمر الذي يؤكد دلالة التأثير المروع للاحتلال الأميركي على الوضع النفسي والجسدي للمجتمع العراقي.

لا شك أن ثمة رؤية واضحة لدى المخرج وهو نفسه المؤلف، ينبه من خلالها إلى ما يحدق بالمجتمع العراقي من أخطار يتقدمها الديني الجاهل والقاتل المأجور، ويليها انهيار قيم الأسرة وانتحارها في ظل الوقوع بين عاملين أحلاهما مر مر العلقم، ولعل حلم القاتل المأجور الذي رأى فيه من قتلهم وكذا عشيقته كريمة عاهرة والصبي مشرد والأوراق والصور القديمة مستباحة على الأرض، يتجلى فيه السقوط.

الأخطر من ذلك كله أن يكون الأب صالح قد زنى بابنته مريم، الإشارات ضعيفة، منها هذا الصمت والقهر الذي تعيش فيهما مريم، وتوسله ـ أقصد صالح ـ لله أن يغفر له خطيئته الشيطانية، أي خطيئة تلك التي ارتكبها صالح/الجبان/الخانع سوى أنه زنى بابنته ثم سأل عن الشيطان الذي فعل ذلك، وإذا كان الأمر كذلك فنحن أمام إضاءة تكشف أن أبناء العراق هم من ينتهكون العراق، الأب ينتهك أبناءه، والقاتل المأجور ومن يعمل لحسابهم ينتهكون المجتمع بأسره.

لكن الرؤية كلها على قوتها وحدتها وما تحمل من تفسيرات لا تكفي وحدها، فلو اكتملت لها قوة الكاميرا والرؤية البصرية وآزرتها، لكان الفيلم غير ذلك.

أيضاً لا تبدو في الخلفية أي صور لما هو قائم تشير لسببية الوضع القائم/الاحتلال، والسيناريو لم يبارح مكان شخصياته، ولم يحقق تلك الدرامية الجدلية الثرية بين هذه الشخصيات بالرغم من إمكانية ذلك، وهي الأهم برأيي من كل الترميزات والإيحاءات والإشارات، الصراع القائم بدا صراعاً رومانسياً مستكيناً وليس صراعاً من أجل البقاء أو التحرر أو التغيير أو مواجهة القدر.

الأداء التمثيلي للفنانين المشاركين كان جيداً إلى حد بعيد، فقد جسدت المرأتان كريمة ومريم حالة الانكسار الجسدي والنفسي، كما أن من لعب دور القاتل المأجور أداءه ببراعة حيث استخدم ملامحه وتقاطيع وجهه في تأكيد القسوة واللامبالاة.

على أية حال يظل فيلم "كرنتينة" جزءاً مهماً من مسيرة عدي رشيد الذي يمثل باقتدار جيلاً عراقياً سينمائياً واعداً عربياً وعالمياً.

ميدل إيست أنلاين في

21/10/2010

# # # #

ليلة عراقية في مهرجان ابوظبي السينمائي

ميدل ايست أونلاين/ ابوظبي 

محمد الدراجي ينال جائزة أحسن مخرج في الشرق الأوسط وشذى سالم تمر على البساط الاحمر.

احتفت اروقة مهرجان ابوظبي السينمائي الدولي في دورته الرابعة بالمخرج العراقي الشاب محمد الدراجي بعد ان اختارت "فاراييتي" لمنحه جائزتها السنوية لأفضل مخرج من الشرق الأوسط، في وقت رحب المهرجان بالنجمة السينمائية العراقية شذى سالم التي حلت كضيفة سارت على البساط الاحمر امام العدسات.

واطلقت الجائزة قبل ثلاث سنوات في إطار مهرجان أبوظبي السينمائي (مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي سابقاً) لتكرّم سنوياً مخرجاً من المنطقة استناداً إلى إنجاز حقّقه خلال العام.

وسلّم المخرج الفلسطيني إيليا سليمان الذي سبق وان فاز بالجائزة نفسها العام الماضي والذي شارك في الدورة الرابعة للمهرجان كرئيس للجنة تحكيم مسابقة "آفاق جديدة" الجائزة للدرّاجي بحضور المدير التنفيذي للمهرجان بيتر سكارليت.

وتعدى حضور الدرّاجي الى دورة العام الحالي تسلم الجائزة الى تقديم نسخة غير منتهية من فيلمه الوثائقي "في أحضان أمي" الذي اخرجه مع شقيقه عطية وبطولة الطفل سيف صلاح وهشام الذهبي.

وتدور أحداث الفيلم الذي جرى تصويره في بغداد، حول معاناة مجموعة من الأطفال الذين يعيشون في دار أيتام في مدينة الصدر (الثورة) ببغداد.

ويرصد معاناتهم اليومية ومحاولة مؤسس الدار هشام الذهبي حماية هؤلاء الأيتام الذين فقدوا ذويهم في حكايات محزنة، من التشرد بعد سعى صاحب المنزل التي تقع فيه دار الأيتام لطردهم خارجه.

ويمثل الفيلم حكاية واقعية مؤلمة لهؤلاء الأيتام الذين يمثلون "عراقاً مصغّراً" يحوي كل الطوائف والأعراق والمدن، فهم من خلاله يطلقون صرخة يندى لها جبين البشرية ولعل صداها يصل إلى آذان السياسيين ورجال الدين الذين يحكمون العراق بعد احتلاله عام 2003 فيما هم يتصارعون على الكراسي.

والطفل سيف فقد والديه بتفجير في منطقة شهربان في محافظة ديالى وهو في الدار منذ فترة طويلة ويهوى أن يصبح ممثلاً حين يكبر ويؤدي الأغاني.

وقال مخرج العمل "حين تناهت إلى مسامعي حكاية دار الأيتام هذه والتي لا تحوي سوى غرفتين يحتضنان 32 يتيماً من كافة أنحاء العراق، وحالة البؤس التي يعيشونها، قابلت مدير الدار وراعي الأيتام هشام الذهبي وعرضتُ عليه تصوير الفيلم، فرفض في البداية لأنه يأبى أن يجعل من حكايات هؤلاء الأطفال مادة للترويج الإعلامي والفني، إلا أنه وبعد أن فهم دوافعنا بنقل مأساة هؤلاء الأطفال للعالم وجشع صاحب المنزل الذي يستأجرونه لطردهم، وافق على تصوير الفيلم لعله يسهم في التخفيف من معاناتهم وحمل مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات ذات الشأن للالتفات إليهم".

واضاف "لقد صوّرنا الفيلم بطريقة الوثائقي الواقعي الذي ينقل الحكاية بلغة سينمائية حكائية بعيداً عن حالة السرد والحوار، ولقد أنجزنا منه مدة 35 دقيقة تم مونتاجها، وستكون مدة الفيلم الأصلية ما يقارب 80 دقيقة، وهو إنتاج خاص من مؤسسة عراق الرافدين".

وقال هشام الذهبي مدير مؤسسة البيت العراقي الآمن لرعاية الأيتام وراعي الأيتام والذي يظهر كأحد شخوص الفيلم الرئيسيين "لقد أسست هذه المنظمة التي تعنى بالأيتام بعد سقوط النظام السابق عام 2003، وبعد اندلاع أحداث العنف الطائفي في العراق، اتجهت لإيواء هؤلاء الأطفال الذين فقدوا ذويهم في حكايات مؤلمة، وهم جزء من فيض من ملايين الأطفال العراقيين الأيتام، وأعتبرهم عراقاً مصغراً ففيهم من كل الطوائف والأديان والقبائل والمدن العراقية".

وأكد انه ليس لهيئة مؤسسة البيت العراقي الامن أي ارتباط بأي حزب أو منظمة أو جهة حكومية ولم نتلقَ دعماً من أحد من هذه الجهات سوى تبرعات فاعلي الخير.

واضاف "قبل فترة عمد صاحب المنزل الذي نستأجره لتهديدنا بالطرد من المنزل غير آبه بمصير هؤلاء الأطفال الذين أعتبرهم أغلى وأعز من أطفالي الحقيقيين فنفذت اعتصامات وبعثت برسائل لجميع الجهات الحكومية لردع هذا الشخص الجشع".

وعبر عن اسفه بالقول "أن الجهات الإعلامية العاملة في العراق كلها تتبع هذه الجهة أو تلك فلم أسعَ لإبراز القصة لديهم خشية استخدامها كدعاية مغرضة فيما بينهم".

وشدد بقوله ان مايهمه هو مصير هؤلاء الأيتام "وأول ما سعيتُ إليه في التوجيه التربوي لهؤلاء الأطفال هو أن يجيبوا لكل شخص يسألهم عن خلفيتهم العرقية أو المذهبية أو القبلية هو قول (أنا عراقي) لأني أعتقد أن تلك هي الإجابة الصحيحة لهذا السؤال.

الى ذلك قالت الفنانة شذى سالم "انها سعيدة بعملها استاذة للفن في كلية الفنون الجميلة، ولا يمكن ان تتنازل عن تاريخها الفني بتقديم عمل هابط من أجل الظهور المجرد على الشاشة".

واضافت بطلة الفيلم العراقي التاريخي "القادسية" للمخرج صلاح ابوسيف و"حمد وحمود" مع الفنان حسين نعمة" وعشرات الاعمال التلفزيونية والمسرحية مثل "فتاة في العشرين" و "أعماق الرغبة" و"الجنة تفتح ابوابها متأخرا" "انها تسعى لتخريج جيل فني جديد عبر استمرارها في التدريس بكلية الفنون الجميلة بعد مقاطعتها حركة المؤسسات الثقافية والفنية بسبب تقصيرها في واجباتها تجاه الثقافة والفن في العراق".

ميدل إيست أنلاين في

21/10/2010

# # # #

'فزعة' تقدم صورة متميزة في مهرجان أبوظبي السينمائي

رؤية خاصة تقوم على خلق جيلٍ تطوعي

ميدل ايست أونلاين/ أبوظبي 

متطوعو مبادرة 'فزعة' يقدمون العون والمساعدة في تنظيم النشاطات المختلفة التي يشهدها مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي.

شارك متطوعو "فزغة" (إحدى مبادرات هيئة أبوظبي للثقافة والتراث) بفعالية كبيرة في تقديم كافة أعمال الدعم والمساعدة من النواحي الإدارية والتنظيمية واللوجستية والعلاقات العامة في مهرجان أبوظبي السينمائي 2010، مقدمين بذلك صورة مشرقة عن الشباب الإماراتي ومدى اهتمامهم والتزامهم بنقل صورة مميزة لبلدهم وتأكيد جودة وأصالة الضيافة والاستقبال.

وتضم "فزعة" العناصر المواطنة المؤهلة والمدربة، وعلى درجة عالية من الكفاءة بعد خضوعهم للعديد من الدورات التدريبية بإشراف خبراء في هذا المجال، بما يؤهلهم لإعطاء الصورة الحضارية المتميزة لدولة الإمارات، ويعكس التقاليد الإماراتية الأصيلة.

عملت فزعة خلال المهرجان على تقديم العون والمساعدة في تنظيم النشاطات المختلفة التي يشهدها المهرجان، إضافة لمساعدة الزوار وممثلي وسائل الإعلام من داخل وخارج الإمارات، وتقديم كل جهد تنظيمي ممكن يُسهم في إظهار الصورة الحضارية اللائقة للدولة والتعريف بتراثها الثقافي العريق.

ويذكر أن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ومعهد التكنولوجيا التطبيقية بأبوظبي قد وقعا وخلال معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية سبتمبر/أيلول الماضي، مذكرة تفاهم تقضي بدمج مبادرتي "فزعة" و"سند"، بحيث ينشأ عن هذا الدمج مبادرة تطوعية واحدة تسمى "فزعة".

ويعمل الطرفان على إنجاح مبادرة فزعة وتقديم الدعم لها ونشر ثقافة التطوع وذلك في حدود إمكاناتهما واختصاص كل منهما.

وأوضح عبدالله القبيسي مدير إدارة الاتصال في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، أن الهيئة تنطلق في تأسيسها ورعايتها لمجموعة "فزعة" من رؤية خاصة تقوم على خلق جيلٍ تطوعي يحفظ تراثه ويرقى به، في حين تقوم رسالة "فزعة" بنشر ثقافة العمل التطوعي، حفاظاً على التراث واعتزازاً به، والمحافظة على الثقافة والتراث وتوعية المجتمع بأهمية التطوع، إذ أنها تشجعهم لأن يكونوا أكثر استقلالاً وثقة بالنفس، كما تهدف المجموعة إلى بث روح الاعتزاز والحفاظ على التراث الوطني، ونشر ثقافة المشاركة التطوعية في الفعاليات المختلفة بالهيئة، وتوظيف طاقات الشباب في العمل التطوعي داخل الهيئة وخارجها، وإعطاء صورة طيبة للزائرين لفعاليات الهيئة عن دور شباب الوطن الدؤوب في العمل التطوعي، بالإضافة إلى بدء مشروعات تنبع من شباب الإمارات لدعم ثقافتهم وتراثهم والتفاعل مع الثقافات الأخرى.

كما تعمل الهيئة على إتاحة فرص التدريب للمواطنين والمواطنات لتحقيق أهدافها في مجال تأهيل الكوادر المواطنة الحريصة على تراثها وثقافتها، وتوفير مجالات تدريب واسعة تخدم عمليات الحفاظ على التراث الثقافي لإمارة أبوظبي، وذلك عبر برنامج علمي تدريبي شامل.

ميدل إيست أنلاين في

21/10/2010

# # # #

الكاميرا تبث مشاعرها!

ميدل ايست أونلاين/ ابوظبي 

المخرج التشيلي الشاب ماتياس بيزيه يختصر تاريخا من الاحداث في مكان ضيق ووقت لا يتعدى مساء يوم واحد.

رسم المخرج التشيلي ماتياس بيزيه الدهشة برمتها في فيلم يعبر العمر الفني له "30 عاما عمره الحقيقي" وكأن تاريخ من السينما تنام بين ذائقته البصرية وكاميرته.

فيلم "حياة السمك" يحمل دلالة أكثر في المثولوجيا الاجتماعية، فالسمك يموت بغير الماء، كذلك كانت رسالة هذا الفيلم الذي عرض ضمن فعاليات مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي في دورته الرابعة.

وعبر ماتياس بيزيه لـ "ميدل ايست اونلاين" عندما التقته في اروقة المهرجان، عن سعادته لكونه ترك انطباعا حسيا لدى المشاهد العربي خصوصا.

وقال "كنت اجتهد ان اختصر تاريخا من الاحداث في مكان ضيق ووقت لا يتعدى مساء يوم واحد، الكاميرا كانت تبث مشاعرها مثلما فعلت وجوه الممثلين".

وسبق لبيزيه ان اخرج فيلمين لافتين له هما "في السرير" 2005 و "عن البكاء" 2007، الامر الذي يدفع الى اطلاق سؤال افتراضي عن مستقبل هذا المخرج الشاب! لقد تجاوز وعي عمره الحقيقي في هذا الفيلم.

وجاء تصوير فيلم "حياة السمك" في موقع واحد، لن يفارقه، ونحن نتابع أندريه "سانتياغو كابريرا" يتجول في بيت صديقه هو العائد إلى بلده بعد غياب طويل أمضاه بالتنقل من بلد إلى آخر حتى استقر في المانيا، وهو يكتب عن الأمكنة في منحى سياحي.

ويجب التأكيد هنا أن العناصر التي استخدمها بيزيه كانت ناجحة تماماً في جعلنا نتعقب حياة كاملة ضمن هذا البيت وفي زمن افتراضي يكون فيه اندريه في طريقه للمغادرة، وليأتي دائماً ما يدفعه الى تأجيله قليلاً، وعليه فإننا سنكون أمام حياة كاملة ملؤها الحب والصداقة مع كل الأقانيم التي تجاورها من موت وفقدان وهجران وأخطاء حياة ما عاد من الوارد إصلاحها، وكل ذلك بالاتكاء على الحوار المبني بحنكة والموسيقى التصويرية وأحياناً الأغاني، وصولاً إلى حوض السمك الذي يشكل معادلاً لحياة أندريه الذي غادر بلده تشيلي بعد وفاة صديقه.

الحبيبة في هذا الفيلم معادلا لتاريخ الحنين، فعودة اندريه من أجلها، وهنا نكتشف الزمن الحي والميت في حديث الاستذكار بين الحبيبين، حتى جدران البيت تتحول الى مساحة حسية وتغادر مواصفاتها الجامدة لتكشف عن شوارع وطرقات واسرة ومقاهي وعشق مليء بالدموع.

اللمسة الحسية التي رسمها هذا المخرج التشيلي الشاب في فيلم "حياة السمك" تؤملنا بانه يمسك المستقبل السينمائي بثقة وامتياز.

ميدل إيست أنلاين في

21/10/2010

# # # #

 

«أرواح صامتة»، «لا تتخلَّ عني ابداً»، «سيرك»، «دعني أدخل»، «كرنتينة» في مهرجان أبو ظبي السينمائي

شــعـــــريـــــة الــعـنـــــف

نديم جرجورة / أبو ظبي

العنف ولا شيء غير العنف. سواء اكان جميلاً أم قبيحاً، فإن السينما عرفت متاهاته وجذوره وجمالياته البصرية. أقول السينما، وأعني بها تلك المثابرة على الفضح والكشف والمواجهة، لا على المجانيّة في طرح المسائل بتبسيط وتسطيح قاتلين. عنف جميل، على الرغم من خطورته. وسينما جميلة، وإن غاصت في العنف وعوالمه وتفاصيله، لأنها بهذا تُعرّي الذات والجماعة، وتدفعهما إلى تخوم المواجهة القاسية مع الذات والجماعة أيضاً. والأجمل من هذا كلّه، كامنٌ في العنف المبطّن، الداخلي، الظاهر للعيان بفضل أداء تمثيلي سليم، وحالات انفعالية ومشهدية سوية، وكتابة قادرة على فضح المكنونات الداخلية بصمت، وإخراج مدرك أعماق الهاوية التي يُمكن للعنف إيقاع الناس فيها، فيتجنّب هذا الفخّ.

في الدورة الرابعة لـ«مهرجان أبو ظبي السينمائي»، المنتهية بعد غد الجمعة، عُرضت أفلام منتمية إلى العنف، كاشفةً تفاصيل جمّة عنه، ومصوّرة إياه بلغة سينمائية شفّافة وساحرة. أفلام ارتكزت على العنف إما لفضح أسبابه، وإما لجعله أداة قول وبوح عاطفي بديع، وإما لجعله مرآة مجتمع وناس وتبدّلات. أفلام قدّمت العنف المبطّن غالباً، لكنها لم تتغاض عن وجود عنف ظاهر، فالتقطت نبضه بلغة سينمائية مرهفة وجميلة، على الرغم من كمية الدم المراق على مذبح الفن السابع. منها أفلام مُشاركة في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، كـ«أراوح صامتة» للروسي أليكسي فيدورتشنكو و«لا تتخلّ عنّي أبداً» للأميركي مارك رومانك و«سيرك كولومبيا» للبوسني دانيس تانوفيتش (وإن بدرجة أقلّ). ومنها أفلام مُشاركة في برامج أخرى: «دعني أدخل» للأميركي مات ريفز (عروض عالمية) و«كرنتينة» للعراقي عدي رشيد (آفاق جديدة).

جمال وقسوة

باختصار شديد، هذه أفلام جميلة. فعلى الرغم من قسوة مضامينها الدرامية، المستلّة من وقائع قابلة لأن تكون حقيقية، أو من واقع يكاد يكون أغرب من الخيال، إلاّ أن جمالياتها الفنية والبصرية واضحة ومؤثّرة. غير أن سمة ثانية تجمعها مع بعضها البعض: الحبّ. أو بالأحرى قوّة الحبّ الأقوى من الموت والضغينة والقدر المأسوي. أو بالأحرى براعة الحبّ في نسج الانفعال والبوح الذاتي، وفي جعل المرء أقلّ غضباً وعنفاً، وأكثر إنسانية وروعة. أو بالأحرى قسوة الحبّ في تعطيل العلاقة أعواماً طويلة قبل استعادتها من براثن النسيان والغضب، أو في مقارعة الموت وتحدّيه، بممارسة طقوس الوداع الأخير للحبيب الذاهب إلى غيابه الأخير. أو قدرة الحبّ على منح المرء العنيف شيئاً من حنان مفقود وحنين مؤجّل إلى لحظة مختلفة. العنف والحبّ معاً، وفي آن واحد؟ هكذا قدّمت الأفلام الخمسة تلك ثنائية غريبة في شكلها، رائعة الجمال في مضمونها. فالسؤال المطروح دائماً كامنٌ في أولوية البحث في عجز العنف، مهما كان وحشياً، عن الانقضاض على الحبّ، أو سحقه، أو تجاهله. في الأفلام الخمسة تلك، برز الحبّ سلاحاً فعّالاً في جعل العنف أجمل، أو في تأجيله، أو في إنهائه. الأمثلة عديدة: موت الزوجة الحبيبة، جعل الزوج المقهور عنيفاً، وإن بصمت قاتل، في ممارسة الوداع الأخير لجثمان الراحلة، قبل أن يؤدّي عنفه الصامت هذا به إلى موته هو (أرواح صامتة). عنف مؤسّسة/ أو نظام تربوي واجتماعي متكامل، تبدّى واضحاً في تربية أطفال هم أبناء سكارى وعاهرات ومجرمين (أي أبناء الطبقة الوضيعة في المجتمع، بحسب الفيلم) بهدف تنشئتهم على «صراط مستقيم» يفضي بهم، من دون علمهم مسبقاً، إلى التبرّع الإلزامي بأعضائهم، من أجل حيوات آخرين (لا تتخلّ عنّي أبداً). الغضب والتوتر والصراع السياسي الحادّ دفعت الرجل إلى الهرب من بلدته، قبل عودته إليها وإلى زوجته وابنه بعد عشرين عاماً، ليشهد بداية عنف الحرب وتشرذم البيئة وتمزّق بلد بأكمله تمهيداً لأخذه إلى التهلكة (سيرك كولومبيا). العيش بواسطة دماء الآخرين في مقابل حبّ رومانسي بديع جعل مصّاصة الدماء (12 عاماً منذ زمن طويل) متسامحة ومحبّة أمام قوّة الحبّ الذي قدّمه الصبي (12 عاماً بالضبط) لها (دعني أدخل). مجتمع ما بعد الاحتلال الذي مزّق أواصر عائلات ونماذج بشرية، واقتتال داخلي وخارجي في وقت واحد، وحب موزّع هنا وهناك، من دون أن يخترق تلك الحروب المشتعلة في الأمكنة والحالات كلّها، مع أنه وازن بين عنف الفرد ورغبة هذا الفرد في الخلاص النهائي (كرنتينة).

لا شكّ في أن هذا كلّه اختزال نقدي للجماليات الحاضرة في الاشتغال السينمائي والجانب الإنساني، وللقراءات المتعدّدة للعنف وتفاصيله ومذاهبه واتجاهاته وتأثيراته. أميل إلى القول إن «لا تتخلّى عنّي أبداً» و«دعني أدخل» أجمل الأفلام الخمسة عنفاً (الأول عنفه مبطّن، والثاني ظاهر). إن عنف «أرواح صامتة» خاضعٌ لسطوة الشعر في رسم الصورة السينمائية عن ذاك الحبّ المختلف والعنيف. إن عنف «سيرك كولومبيا» لم يتغلّب على حبّ بدا أنه دام عشرين عاماً، وعلى حبّ نشأ حديثاً. إن عنف «كرنتينة» مارس لعبة ذكية في علاقة ذهاب/ إياب بين المجتمع الكبير والعائلة المشوّهة والمسحوقة أمام عنف فردي. هذه نماذج مختلفة، أفضت كلّها إلى تأكيد مقولة العنف والحبّ ومتاهاتهما المدوّية وسط تحوّلات ومسارات ومصائر. أميل إلى القول إن عنف «لا تتخلّ عنّي أبداً» أقساها، من دون أن ينال من بهاء الحبّ فيه. إن عنف «دعني أدخل» أجملها، لأنه تساوى والحبّ الطاهر بين مراهقَين أنهكهما المجتمع والصرامة والمتاهات أيضاً. هذا لا يُلغي جمالية العنف في الأفلام الأخرى، مع أن «أرواح صامتة» و«سيرك كولومبيا» ظلاّ على مسافة أكبر منه، بإتاحة مجال أوسع للحبّ.

الشعر

في «أرواح صامتة»، طغى الشعر. القصيدة بصرية. الكاميرا (ميخائيل كريتشمان) هادئة في التقاط نبض الحياة البسيطة والمتواضعة لرجلين قاما برحلة جغرافية كي يتعرّفا الى جغرافيا الروح والانفعال. الأداء توافَق والرغبة في كتابة هذه القصيدة البصرية (إيغور سيرغييف ويوري تسوريلو). موت الزوجة الحبيبة أطلق تلك الرحلة المنتهية، بعد إجراء الطقوس المعتادة في بقعة روسية مختلفة، في الموت أيضاً. دائرة مغلقة؟ ربما. لكن الزوج قرّر المضي، به وبصديقه، في مغامرة ما بعد موت الزوجة، فإذا بالعنف الداخلي الناتج عن تداعيات حياة مريرة وقاسية، يرسم لوحة إنسانية شفّافة، زادتها براعة استخدام الألوان الرمادية والغامقة شفافية ورقّة. لكن الشعر موجودٌ أيضاً في العلاقات القائمة بين ثلاثة أصدقاء التقوا في المؤسّسة التعليمية والتربوية «هاليشام»، المعروفة في أوساط طبية واجتماعية عدّة بتجهيز تلامذتها لوهب أعضائهم: «إنها آخر مؤسّسة التزمت أخلاقيات وهب الأعضاء». قسوة النصّ السينمائي الدرامي في «لا تتخلّ عنّي أبداً» موجودة في ثنائية الرومانسية والعنف الداخلي. هذه مؤسّسة فاشية. تبريراتها لا تنفع. المعالجة الدرامية (سيناريو أليكس غارلاند عن رواية بالعنوان نفسه للروائي الياباني كازيو إيتشيغورو) مزجت كَمّاً هائلاً من الانفعال والبوح والألم، بكَمّ هائل من العنف المبطّن المصطدم، دائماً، بحبّ مقدّس بين الأصدقاء الثلاثة. هنا، بدا الشعر مرسوماً بلوحات بصرية مذهلة، عن معنى الحبّ في مواجهة عنف الفاشية التربوية. والشعر، أيضاً وأيضاً، مكتوب بشفافية مبسّطة في «سيرك كولومبيا»: ماذا تعني استعادة حبّ قديم لم تنحره عشرون عاماً من الغياب؟ لم تقتله التمزّقات الحاصلة في البلدة الصغيرة بين مذاهب وطوائف؟ لم تخفّف من عنفه الجامح، وإن اختبأ لزمن طويل في الغضب والألم والتوتر؟ ماذا يعني انبثاق حبّ جديد في جيل جديد، عشية اندلاع الحرب الأهلية في يوغوسلافيا السابقة، مطلع التسعينيات الفائتة؟ أليس حبّ من هذا النوع، مولودٌ للمرّة الأولى (الجيل الجديد) أو مولود مجدّداً (الجيل القديم)، أقوى من عنف الحروب والانهيارات؟

الشعر أيضاً. أكاد أراه سمة ثالثة للأفلام الخمسة تلك. أليس الحبّ القائم بين مصّاصة دماء وابن الأعوام الاثني عشر، في «دعني أدخل»، مكتوبا بشفافية شاعر أراد تخليده (الحبّ)، كخلود مصّاصي الدماء؟ كيف يُمكن لحبّ يتوازن والعنف ألاّ يكون شعراً مكتوباً بالصوَر والتفاصيل البصرية، ما دام صنع الصور والتفاصيل البصرية بأبسط المفردات وأجملها؟ وماذا عن «كرنتينة»: فعلى الرغم من كونه أقلّها شعراً في رسم الملامح والعلاقات، إلاّ أن الفيلم الروائي الطويل الثاني لعدي رشيد، المستفيد من منحة «سند» (صندوق أطلقه «مهرجان أبو ظبي السينمائي» لتمويل الإنتاجات السينمائية في مرحلتي التطوير والإنتاج، مقدِّماً إلى صنّاع الأفلام في العالم العربي دعماً يعينهم على تطوير أفلامهم الطويلة الروائية والوثائقية، أو إكمالها)، لم يتحرّر كلّياً من الشعر، بفضل قدرة التصوير (أسامة رشيد) على التقاط التفاصيل الجانبية بشفافية مرهفة، خصوصاً استخدامه الألوان واللقطات الهادئة واستنباط العوامل الذاتية في الأفراد.

استوحى «كرنتينة» حكايته الدرامية (سيناريو عدي رشيد) من قصّة حقيقية: هناك قاتل متجوّل في شوارع بغداد، لاصطياد ضحاياه. رشيد بدّل القاتل المتجوّل إلى قاتل مأجور، يُنفّذ تعليمات رئيس مجهول لا يظهر إلاّ لدقائق قليلة قبيل انتهاء الفيلم. يقيم القاتل في مبنى واحد وعائلة تعاني تمزّقاً هائلاً في أواصرها: أب أوحى السياق أنه اغتصب ابنته، وابنة صامتة ومنعزلة، وزوجة/ أم حائرة بين جبن بعلها أمام القاتل وقسوته عليها وعلى أولاده من جهة أولى، وعشقها المدوّي للقاتل نفسه من جهة ثانية، وصبي تائه بين مسح الأحذية والرغبة الموؤودة للتعلّم والعجز عن حماية أمّه من قسوة الأب. تفكّك العائلة قد يكون صورة لتفكّك العراق. والقاتل في الفيلم قد يكون مجهولاً في الواقع، أو واضحاً وضوح الشمس (الاحتلال، الأنظمة السياسية الساعية إلى التحكّم بالبلد، الصراعات الإقليمية، إلخ.). لكن، يُمكن للفيلم أن يبقى فيلماً سينمائياً، أثبت مخرجه قدرته على تطوير أدوات اشتغاله السينمائي، بعد خمسة أعوام على تحقيقه فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح للعرض». على الرغم من هذا، هناك ثغرات درامية: أداء شخصية القاتل مثلاً، لم يكن مقنعاً على مستوى التحوّل الذي أصابه من طالب جامعي وعاشق إلى قاتل مأجور، ثم إلى قاتل يعمل لحسابه، ثم إلى صديق يريد مساعدة أصدقاء قدماء، وأخيراً إلى الموت. مسار مدمِّر وساحق، لم يُترجم تمثيلاً موفّقاً في تأدية دور متماسك وعميق وأقدر على التأثير.

هذه نماذج أكّدت مصداقية السينما الجدّية في التعاطي مع العنف. فالسينما، هنا، ارتأت إضافة الحبّ والشعر على العنف، فنتجت أشكال بصرية جميلة، روت سير أناس محطّمين وغاضبين ومشحونين بالألم والارتباك والرغبة في الخلاص.  

كلاكيت

السينما لا تصنع القسوة

نديم جرجورة

هناك من لا يزال يتّهم السينما بتجميل العنف وشرعنته وانتشاره. لا ينتبه هؤلاء إلى كمية العنف الحاصل في المجتمعات البشرية الحديثة. لا يُبالون بما تفعله الشاشات التلفزيونية، ببثّها اليومي لساعات طويلة مشاهد عنيفة مستلّة من وقائع العيش الحيّ داخل أنفاق طويلة من البؤس والألم. لا تقول السينما شيئاً مخالفاً للواقع. تستمد حكاياتها منه أصلاً. لا تُجمّل العنف ولا تجعله وسيلة نجاح، وإن أبدع سينمائيون عديدون بتصميم كوريغرافيا جمالية خاصّة به في لقطات عدّة في نتاجاتهم السينمائية. لا تُشرعنه، ما دامت الأنظمة الحاكمة والأحزاب الفاشية كلّها (بما فيها تلك المدّعية منهجاً ديموقراطياً أو علمانياً أو مدنياً) والطوائف الكثيرة والمذاهب المنعزلة والسلطات المختلفة وأنماط التربية الفردية والجماعية ووسائط الإعلام والثقافة الذاهبة بلغتها إلى أبشع الكلام وأكثره تحريضاً على النبذ والجنون والضياع، ما دامت هذه كلّها لا تتخلّف لحظة واحدة عن جعل العنف وسيلة عيش يومي، في مجتمعات مُصابة بألف لعنة ولعنة، هنا وهناك.

العنف حاضرٌ بقوة في الأمكنة كلّها واللحظات كلّها. ما فعلته السينما معاكسٌ، تماماً، لرأي هؤلاء: نجحت، فنياً وإبداعياً ودرامياً وإنسانياً وأخلاقياً، في تسليط الضوء دائماً على ما يعتمل في داخل المجتمعات البشرية من عنف مبطّن وظاهر. وما يعتمل في ذات الفرد أيضاً، وهو (أي الفرد) نتاج المجتمعات البشرية. يُقال إنها أثّرت في عقول كثيرين، دافعة إياهم إلى ترجمة المشهد السينمائي إلى واقع حي. هذا خطأ. ذلك أن الذين يمارسون العنف متأثّرون، منذ ولادتهم، بتداعيات تربوية لا علاقة للسينما بها. مُصابون بارتباكات مخفية لا تظهر إلى العلن بسبب السينما، بل لأن لحظة ما في الحياة اليومية تجعل البعض منصاعاً لاضطراباته وكوابيسه. هنا، تدخل السينما، ربما: لعلّ مشهداً ما أو فيلماً معيّناً أطلقا العنان للاضطرابات والكوابيس. مع هذا، لا يزال العنف السينمائي أقل خطراً بكثير مما تصنعه أساليب التربية بالفرد، وهي أساليب عائلية ومدرسية/ جامعية واجتماعية وثقافية وفكرية وإعلامية وسياسية واقتصادية وعسكرية/ أمنية. العنف السينمائي مستلّ، أصلاً، من هذه الأساليب ونتائجها وتأثيراتها، ومُسلّطٌ الضوء عليها.

أعيد طرح سؤال العنف والسينما إثر مشاهدة أفلام راوئية طويلة، مُشاركة في «مهرجان أبو ظبي السينمائي» حالياً. عكست هذه الأفلام جزءاً من الغليان المعتمل في نفوس ومجتمعات. نفوس متأثّرة بما يحدث في المجتمعات، وهذه الأخيرة مرتبكة بسبب ارتباك نفوس حطّمتها المجتمعات. أفلام شكّلت مدخلاً إلى العوالم الداخلية للفرد والجماعة، مشرّحة قسوة الواقع وبعض العقل البشري، الذاهب بخياله إلى حدود الإجرام والفاشية والقبح، وهذه أمور تؤدّي، غالباً، إلى ممارسة العنف. أفلام هزّت حساسية مشاهدين. أرهقت انفعالاتهم وعقولهم. جعلتهم يقفون أمام ذواتهم وينظرون إلى ما هو أبعد منهم بقليل، على الأقلّ. وإن للحظات.

تريدون معرفة أسباب العنف ونتائجه وتأثيراته؟ شاهدوا بعض السينما الجادّة على الأقلّ.

السفير اللبنانية في

21/10/2010

# # # #

 

نجوم مصر يضيئون سماء آبو ظبي !

اعداد: محمد كمال

خطفت أبوظبي أنظار عشاق السينما في الوطن العربي علي مدار الأيام الماضية، وأضاء سماءها نجوم الصف الأول من مصر وهوليوود الذين بحثوا علي مدار عشرة أيام مشاكل الفن السابع وقضاياه التي فرضت نفسها علي الساحة في الآونة الأخيرة، واستمتع الجمهور الإماراتي بوجبة دسمة من أروع الأفلام العربية والأجنبية التي أنتجت العام الحالي.

كما شهد المهرجان عدداً من المفاجآت أهمها مفاجأة الفخراني مع »شيخ العرب همام« و»طلعت حرب« وكذلك اتجاه شركة جود نيوز للعودة إلي الإنتاج من جديد بعد غياب.

تختتم بعد غد السبت فعاليات مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي في دورته الرابعة التي تقام حاليا وتستمر حتي ٣٢ أكتوبر الحالي بمشاركة ما يقرب من ٢٧١ فيلما وبمشاركة مصرية وعربية مميزة ودولية أيضا حضر الفعاليات من مصر يحيي الفخراني ويسرا وسمية الخشاب ولبلبة وخالد أبوالنجا ومصطفي شعبان والسورية سلاف فواخرجي والاعلامية »هالة سرحان« التي حملت حقيبة مكتوبا عليها جملة »بحبك.. وحشتيني« وهي العبارة التي لفتت الأنظار وحظيت بتفسيرات عديدة من جمهور المهرجان ورشيد عساف وسوزان نجم الدين والنجم الأمريكي »ادريان برودي« بطل الفيلم الشهير »عازف البيانو« للمخرج رومان بولانسكي الحاصل علي ثلاث جوائز الأوسكار والنجم الانجليزي كليف أوين وريز ميريس وماتيو ريفز والمخرج الايراني الشهير عباس كياروستامي ومن العراق المخرجين محمد الدراجي وعطية الدرااجي ووصلت في اليوم الخامس للمهرجان النجمة الأمريكية »جوليان مور« وأقامت إدارة المهرجان ندوة خاصة ترحيبا بها وظلت مور حتي نهاية المهرجان لحضور حفل الختام  ومن المتوقع خلال اليومين القادمين حضور النجمة الامريكية »أوما ثورمان« كان المهرجان قد ابتكر منهجها جديدا عندما عرض فيلمين في حفل الافتتاح هما الفيلم الايراني القصير »أوكرديون« آخر أعمال المخرج الايراني المعروف »جعفر بناهي« الذي تعرض للسجن العام الماضي وهدفت ادارة المهرجان من خلال عرض هذا الفيلم لدعم الاعلان العالمي لحقوق الانسان ودعم المهرجان أهمية التعبير الحر والأفكار المتفتحة أما فيلم الافتتاح الرئيسي فكان الأمريكي »سكرتارية« بطولة جوي ماكلوفيتش وديان لاين.

اللقاءات الحوارية

أقامت ادارة المهرجان العديد من اللقاءات الحوارية الهدف منها التواصل بين النجوم والجمهور عن طريق جلسات حوارية مباشرة بين النجوم والجمهور وكانت الجلسة الأولي مع الممثل الانجليزي »كليف أوين« ثم الجلسة الثانية مع الفنان »يحيي الفخراني« وأدار هذا الحوار خالد أبوالنجا وشهد اللقاء حضور عدد كبير من الجمهور الذي تفاعل بطريقة مميزة جدا مع النجم المصري وخلال الندوة أكد يحيي الفخراني أنه يكره تقديم الأعمال القائمة علي السير الذاتية والشخصيات التاريخية رغم أنه قدم مسلسلاً عن السيرة الذاتية لشيخ العرب همام ملك صعيد مصر.

وبرر وجهة نظره قائلاً: السير الذاتية تتبعها الكثير من ردود الفعل الغاضبة، وإذا كانت الشخصية التي يؤديها الفنان غير محبوبة، فقد تؤثر علي مسيرة من يقدمها، وأضاف أنه رفض مؤخراً تقديم مسلسل عن طلعت حرب، وهو أعظم اقتصادي مصري لأن تاريخ طلعت حرب لم يكن مليئاً بالأحداث الدرامية، لذلك بعد أن وقعت عقد المسلسل تراجعت عن تمثيل الدور.

وحول مسلسله الأخير »شيخ العرب همام« الذي أثار غضب البعض قال: أثناء تصوير المسلسل وجدت بعض أبناء قبيلة همام الهواري، يسألون عن أحداث المسلسل ويرفضون ذكر خيانة إحدي الشخصيات التي رافقت شيخ العرب.

وعن الاستعداد لتصوير مسلسله الجديد عن محمد علي قال: هذه الشخصية معروفة للجميع ولابد أن يلتزم المؤلف بالوقائع التاريخية، وهو ما لم يحدث في مسلسل شيخ العرب، إذ كان شخصاً مجهولاً للكثيرين وكان من حق المؤلف إضافة أحداث من خياله.

وأشار الفخراني أن بعض أفراد عائلته كانوا يطلبون منه ترك الفن وممارسة الطب وفقاً لشهادته الجامعية، لكنه لم يستجب لهم، وبعد نجاحه كفنان باتوا يستقبلونه أفضل استقبال.. وأضاف أنه عندما ترك الفن لمد عام وامتهن الطب أصيب باكتئاب فقرر العودة إلي التمثيل.

وأشاد الفخراني بالسينما المستقلة في مصر، مؤكداً أنها فرصة لتخريج أجيال فنية متميزة، وأبدي استعداده للمشاركة في هذه الأفلام لدعمها، بشرط أن تكون جيدة فنياً.. كما دعا إلي تحقيق التكامل العربي في صناعة السينما لأن مصر تمتلك القدرات الفنية البشرية وهناك دول عربية »تملك المال« وإذا استفادت من الفنانين المصريين فسوف تصنع سينما عربية قوية.

 تم تخصيص الجلسة الثالثة للفنانة »يسرا« والجلسة الرابعة كانت مع الفنانة »لبلبة« وأدار اللقاء الناقد »كمال رمزي« وتحدثت لبلبة عن حياتها ومسيرتها الفنية الطويلة وتجربتها الأخيرة في فيلم »عائلة ميكي« الذي شاركت فيه مع مجموعة من الشباب الصاعد والاستفادة التي حققتها فكرة تواصل الأجيال في السينما.

منحة الشاشة

منحة الشاشة هي جائزة تقدمها ادارة المهرجان للمواهب السينمائية الشابة وتم الاعلان عن الجائزة خلال ختام مؤتمر »ذي سيركل« أو »الدائرة« الذي يقام منذ الدورة الأولي للمهرجان  واقيم المؤتمر في الفترة من ٣١لي ٥١ اكتوبر وتبلغ قيمة الجائزة ٠٠١ ألف دولار واقتسمها مشروعان الأول هو »الاختطاف« للبنانية »ريما حمدان« والثاني هو »الملجأ« للمصري »قاسم خرسا« اما جائزة لجنة التحكيم الخاصة فحصل عليها »رنا كزكز« و»انس خلف« علي مشروعهما »الدمشقيون«.

أوتجراف

شهد المهرجان العرض العالمي الأول للفيلم الهندي »أوتجراف« للمخرج سيرجيت موكيرجي والذي قال عنه بيتر سكارليت المدير التنفيذي للمهرجان ان هذا الفيلم سيكون مفاجأة وهدية للضيوف والجمهور وبالفعل نال الفيلم اعجاب الحضور وقدموا الشكر لادارة المهرجان التي أحضرت هذا الفيلم في اللحظات الأخيرة والفيلم من بطولة الممثلة الهندية »ناندانا سين« والممثل البنغالي »بروستيجيني تشارترجي« والممثل الصاعد في السينما الهندية »سينجو بتار«.

النساء بطلات

يقدم المهرجان في هذه الدورة عددا من الأفلام التي تتناول موضوعات تخص قضايا المرأة وممارسة العنف والقهر ضدها وانكار حقوقها الأساسية وانعدام المساواة في الوظائف والمهن وهذه الأفلام هي »مملكة النساء« للبنانية دانا أبورحمة والفيلم الانجليزي »ساري زهري« للمخرجة »كيم لونجينوتو« والفيلم الفرنسي »النساء بطلات« للمخرجة جي آر والفيلم الاماراتي »ثوب الشمس« للمخرج »سعيد سالمين« والفيلم الايراني »جوزاء« للمخرج لزماني عصمت والفيلم الفرنسي »بين يديك« للمخرجة »لولا دوابون« وهذا بالاضافة الي فيلم الافتتاح »سكرتارية« الذي تدور أحداثه حول امرأة تحقق نجاحاً في سباقات الخيول التي كانت مهنة ينفرد بها الرجال فقط.

ديبارديو بالعكاز

أقامت ادارة المهرجان احتفالية خاصة للفيلم الفرنسي »مزهرية« في احتفالية خاصة للسينما الفرنسية في قصر الامارات ظهر فيها النجم الفرنسي جيرار ديبارديو مستنداً علي عكاز ويسير بمساعدة عيسي المزروعي مدير إدارة المشاريع بهيئة أبوظبي، وبيتر سكارليت المدير التنفيذي للمهرجان.. وكان ديبارديو قد تعرض لحادث دراجة نارية قبل المهرجان بأيام، وأعرب عن سعادته بوجوده في أبوظبي رغم صعوبة وقوفه وتحركه بالعكاز لكنه التزم مع إدارة المهرجان بكلمة.. كما أنه حرص علي أن يكون متواجداً أثناء عرض فيلمه »مزهرية« للمخرج فرانسوا اوزون ويشاركه البطولة النجمة الفرنسية كاترين دينوف الذي أبدي الجمهور الحاضر إعجابه بالدور الذي قدمته في الفيلم.

جود نيوز تعود للإنتاج

خلال تواجده بالمهرجان أعلن المخرج عادل أديب عودة شركة جود نيوز جروب للإنتاج بقوة مرة أخري بدءاً من ديسمبر المقبل، واستغل أديب فرصة تواجده بالمهرجان ليعقد عدداً من الاجتماعات مع بعض المشاركين من صنّاع السينما في الوطن العربي والعالم.

وكانت إدارة مهرجان أبوظبي السينمائي قد اختارت المخرج عادل أديب للاشتراك كمتحدث في ندوات بثلاثة أقسام مختلفة أقيمت الندوة الأولي يوم ٣١/٠١ في قسم »الشاشة« وضم عدداً من المتنافسين في قسم السيناريو الذي وقع اختيار إدارة المهرجان عليهم.

أما الندوة الثانية فقد أقيمت بقسم »شركاء إقليميون« حيث اختير للتحدث عن صناعة السينما المصرية وأهم تطوراتها ومشاكلها، وقد رأس هذا القسم الإعلامية نشوي الرويني، وشارك من لبنان المخرج أبي خليل جاد، ومن الكويت وليد العوضي، ومن سوريا المخرج نجدت إسماعيل ليتحدث كل منهم عن صناعة السينما في بلده.

وعقدت الندوة الثالثة في محور »الأسواق الشرق أوسطية المتنامية« والذي كان موضوعه كيفية ربط الأسواق المحلية بالأسواق العالمية ورأسته الإعلامية هالة سرحان، وشارك فيه كل من المخرج عمرو عرفة والإعلامية نشوي الرويني والمخرج مالك العقاد.. كما شارك العديد من رؤساء الشركات الأوربية والأمريكية ومنها شركات فوكس وبارابون ونيو جينس وبيكتشرز.

وقبل يومين من ختام المهرجان توقع الكثير من النقاد والنجوم الحاضرين حصول الفيلم الروسي »الأرواح الصامتة« علي اللؤلؤة السوداء وهي الجائزة الكبري في المهرجان.

أخبار النجوم المصرية في

21/10/2010

# # # #

يختتم رابع دوراته السبت المقبل

«أبوظبي السينمائي» يحتفي بـ «بناهي» وينفرد بالعرض الأول لأفلام عالمية

الوسط - محرر فضاءات 

افتتح مهرجان أبوظبي السينمائي دورته الرابعة التي تقام في الفترة 14 - 23 أكتوبر/ تشرين الثاني بفيلم راندل والاس الدرامي المشوق «سكريتيرييت». وأعلن المهرجان من خلال حفل الافتتاح انطلاق عروضه وفعاليته في قصر الإمارات في أبوظبي طيلة عشرة أيام يقدم فيها تجربة سينمائية استثنائية، حيث يعرض 172 فيلماً من 43 بلداً، تتضمن 32 عرضاً عالمياً أول و26 عرضاً دولياً أول، بالإضافة إلى البرامج الأخرى من الفعاليات الخاصة، والحوارات وورش العمل.

يستند فيلم «سكريتيرييت» وهو من بطولة جون مالكوفيتش وديان لاين، على قصة حقيقية مميزة عن الحصان الفائز بكأس التاج الثلاثي 1973، والذي أسر نجاحه وتخطيه كل الصعاب مخيلة الناس في جميع أنحاء العالم. تدور أحداث الفيلم حول بيني تشينري (ديان لاين) التي تنتقل من كونها ربة بيت إلى خوض غمار تجربة إدارة اسطبلات والدها المريض رغم افتقارها للمعرفة بسباقات الخيل، وذلك بمساعدة المدرب المخضرم لوسيان لوران (مالكوفيتش). تتمكن تشينري من مجابهة مخاطر مهنة يسيطر عليه الرجال لتشهد في النهاية فوز الحصان «سكريتيرييت»بكأس التاج الثلاثي لأول مرة خلال 25 عاما ما جعل الحصان يذكر حتى الآن. ويشكل حفل الافتتاح هذا العام فرصة للتعريف والتذكير بالدور الحيوي الذي يلعبه المهرجان في منح فرصة اللقاء وتبادل الأفكار لأعضاء المجتمع السينمائي العالمي. وقبل عرض الفيلم الرئيسي قدم عرض لآخر أعمال المخرج الإيراني المعروف جعفر بناهي، ويأتي عرض هذا الفيلم القصير كجزء من مشروع دولي لدعم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لكن بناهي الذي كان مسجوناً الربيع الماضي لا يزال ممنوعاً من السفر، لذلك وكما حصل مؤخراً في مهرجانات كان والبندقية ونيويورك السينمائية، يعمل مهرجان أبوظبي السينمائي على عرض فيلمه كبادرة تدعم أهمية التعبير الحر والأفكار المنفتحة.

بالإضافة إلى قائمة عروض الأفلام، قدم المهرجان أيضاً برنامجاً من الفعاليات الخاصة حضرها في هذا العام العديد من الممثلين والسينمائيين المعروفين من جميع أنحاء العالم إلى أبوظبي ليس فقط لحضور المهرجان، ولكن لتبادل الخبرات مع المجتمع الأوسع أيضاً. وقد استضاف المهرجان لقاءات حوارية حصرية مع أدريان برودي، وأوما ثورمان، وجوليان مور، وخالد أبو النجا، وعباس كياروستامي، ولبلبة، ويحيى الفخراني ويسرا. وتضمن برنامج المهرجان أيضاً مجموعة متنوعة من الحوارات المفتوحة، والفعاليات التعليمية التفاعلية والعروض الموسيقية الحية.

ويعرض المهرجان للنجم الفرنسي جيرار ديبارديو فيلمه الأخير «مزهرية» إخراج فرانسوا أوزون وبطولة النجمة الفرنسية كاترين دونوف التي تقدم واحداً من أقوى أدوارها في الفترة الأخيرة حيث تلعب دور المرأة التي تعيش على الهامش حياة مرفهة لكن فارغة تحت رحمة زوجها المتسلط، لكن سرعان ما تنقلب على وضعها عندما يتهدد المعمل الذي كان لوالدها وأصبح بإدارة زوجها إضراب عمالي.

وضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة يعرض الفيلم المرتقب «لا تتخلَ عني» للأميركي مارك رومانك، والذي يستمد قوته من المعاني الجميلة التي يقدمها من خلال العلاقات الإنسانية وتصارع العزلة مع الحياة الاجتماعية وصولاً إلى مسعى الإنسان للهرب من ماضيه وكل ذلك في بناء درامي عالي الحركة.

كذلك يفخر المهرجان بتقديم العرض الدولي الأول لعدد من الأفلام مثل الفيلم الهندي «أوتوغراف»، الذي يمثل التجربة الإخراجية الأولى للمخرج سيرجيت موكيرجي. ويعرض الفيلم المرتقب ضمن قسم العروض العالمية الذي يخصصه المهرجان لعرض أهم الأفلام الروائية الطويلة من العالم.

الفيلم من بطول الممثلة الشهيرة ناندانا سين، والممثل البنغالي المحبوب بروسينجيت تشاترجي والوجه الجديد الصاعد فيما يعرف بالسينما الموازية اندرانيل سينغوبتا. تدور قصة «أوتوغراف» حول قصص حياة نجم سينمائي ومخرج شاب وممثلة مسرحية يجتمعون لصناعة فيلم، فتغيرهم هذه التجربة للأبد. وقد حضر أبطال الفيلم سن وتشاترجي وموكيرجي إلى أبوظبي لتقديم العرض العالمي الأول للفيلم لجمهور المهرجان وضيوفه.

وفي هذا الإطار علق المدير التنفيذي للمهرجان بيتر سكارلت بقوله: «يسعدنا الترحيب بهذا الفيلم الجديد ضمن مجموعة أفلام المهرجان ونتطلع إلى أن نقدم للجمهور المحلي المنجز الأول للمخرج الموهوب الذي تميز باختياراته للممثلين والمواد السينمائية. وإنه لمن دواعي سرورنا أن نشهد أبوظبي وهي تغدو الميناء الموثوق الأول لإطلاق الأفلام الهندية عالمياً»،

يدنو الفيلم بأسلوب آسر عميق الأفكار من ثقافة المشاهير ومطبات عالم السينما، ليخبرنا قصة مخرج شاب تعيس أتاح له الحظ الفوز بفرصة العمل مع حامل لقب نجم توليوود (كما يشار إلى السينما البنغالية عادةً) وفكرته المستهجنة عن صنع فيلم حول نجم سينمائي متأثر باثنين من كلاسيكيات السينما وهما فيلم البطل (1966) للمخرج ساتجيت راي، و التوت البري (1957) للمخرج إنغمار بريغمان.

بعد اختيار ممثلة مشهورة للعمل، يباشر الثلاثي رحلة من الاضطرابات العاطفية والمهنية خلال مسار الفيلم؛ لنشهد أحداث فيلم داخل فيلم، ولتدور الأحداث في شقين متوازيين تضيع فيهما الحدود الفاصلة بين الواقع وعالم توليوود السينمائي الزائف. يتشابك المساران لتتقافز القصة بين الأحداث السينمائية والحقيقية بينما يتتبع أحد المسارين العلاقة غير التقليدية التي تتكون بين النجم وصحافية، إضافة إلى التفاصيل الأخرى للمثلث العاطفي الذي يجمع المخرج بالممثلة والنجم الشهير.

عرف موكرجي كاقتصادي سابق، كانت أولى محاولاته الإخراجية مستوحاة من مهمته ككاتب أغان وممثل في الفيلم الموسيقي الأخير للمخرج أنجان دوت بنغالي بجنون (2009)، تلاها دوره كمخرج مساعد وشاعر غنائي وممثل في فيلم إتي مريناليني (2010) للمخرج أبارنا سين. وتنتج فيلم أوتوغراف شركة شري فينكاتيش للأفلام بالتعاون مع المنتج مادو مانتينا.

وضمن الأفلام المشاركة في مسابقة «آفاق جديدة» عرض المهرجان فيلمين جديدين هما «سلاكستان» و«كرنتينة»، إذ يرصد الأول في إطار كوميدي حياة مجموعة من الشبان ينتمون للطبقة الوسطى درسوا في بريطانيا وعادوا إلى مدينتهم إسلام آباد. الفيلم من إخراج حماد خان في أولى تجاربه الإخراجية في الروائي الطويل. أما «كرنتينة» فهو ثاني أعمال العراقي عدي رشيد بعد فيلمه «غير صالح للعرض» الذي كان أول الأفلام التي صورت بعد الاحتلال الأميركي للعراق. ويرصد رشيد من خلال فيلمه هذا التحولات الأخلاقية في المجتمع العراقي وذلك بتقديمه مجموعة من العلاقات التي تجري في بناء مهجور.

يشار إلى أن فيلم «كرنتينة» هو أحد الأفلام التي دعمها صندوق «سند» الذي أطلقه مهرجان أبوظبي السينمائي هذا العام لتمويل الإنتاج السينمائي في مرحلتي «التطوير» و«الإنتاج النهائية».

أما على صعيد مسابقة الأفلام الوثائقية فقد عرض المهرجان الفيلم الخاص والمميز «دموع غزة» للمخرجة النرويجية فبيكه لوكبرغ والذي توثق فيه ما عاشه سكان غزة إبان الغزو الإسرائيلي الوحشي لمدينتهم عبر شهادات حية تجسد معنى المقاومة والصمود في وجه مجرمي الحرب.

إلى جانب ذلك، يعيد المهرجان تقديم فعالية اليوم العائلي، برعاية من رؤية الإمارات، التي تقام في يوم السبت 23 أكتوبر/ تشرين الثاني، وتتضمن عرضين خاصين، هما فيلم شارلي شابلن «السيرك» (1928) وبرنامج أفلام الرسوم المتحركة القصيرة التي اختيرت من بين أبرز ما قدم في دورة 2010 من عروض مهرجان آنسي السينمائي الدولي لأفلام الرسوم المتحركة الذي أقيم بفرنسا.

وفي تعليق على هذا الحدث يقول مدير المشاريع في المهرجان، عيسى سيف راشد المزروعي: «يمثل المهرجان تتويجاً لجهودنا لتعزيز الثقافة السينمائية في المنطقة والاحتفال بروح الحوار الثقافي والتميّز في صناعة الأفلام. تشهد السينما العربية تقدماً متوالياً وبمساعدة من صندوق «سند» الذي أنشأناه حديثاً سنتمكن من دعم السينمائيين العرب لتحقيق ما يطمحون إليه طوال العام».

الوسط البحرينية في

21/10/2010

# # # #

جائزة فارييني لـ «الدراجي» في مهرجان أبوظبي السينمائي

الوسط - محرر فضاءات 

أعلن مهرجان أبوظبي السينمائي عن اختيار المخرج العراقي محمد الدراجي من قبل مجلة «فارييتي» للفوز بجائزة «مخرج الشرق الأوسط» التي تقدمها المجلة في كل عام، والتي تسلمها في حفل خاص في قصر الإمارات يوم 19 أكتوبر/ تشرين الثاني 2010.

تأتي هذه الجائزة لتضاف إلى جوائز كثيرة أخرى حصدها الدراجي بعد أن حاز فيلمه «ابن بابل» الذي قدم عرضه العالمي الأول في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي (مهرجان أبوظبي السينمائي حالياً) على اهتمام كبير ليعرض عالمياً في مسابقة مهرجان ساندانس، وتظاهرة «بانوراما» بمهرجان برلين السينمائي ومهرجانات عدة أخرى، ما يجعل المهرجان المكان الأمثل لهذه المناسبة.

وقد وصفت مجلة «فارييتي» الدراجي بأنه «السينمائي الأكثر اجتهاداً في المنطقة» وأشادت بتصويره الآسر للحياة في عراق ما بعد صدام، الموضوع الذي تناوله في كلّ من أعماله الوثائقية والروائية.

عاش الدراجي في بغداد. درس الإخراج المسرحي، وعمل مصوراً في هولندا بعد انتقاله إليها العام 1995، قبل أن يغادرها إلى المملكة المتحدة لدراسة السينما وليؤسس هناك مكانة له عبر عدد من الأفلام القصيرة والوثائقية. في العام 2005، نال الدراجي إعجاب النقاد على فيلمه الروائي الطويل الأول «أحلام» والذي قدم من خلاله تصويراً صادماً للحياة في بغداد زمن الحرب. عرض الفيلم في عشرات المهرجانات السينمائية حول العالم. وكان الدراجي قد صوّر «أحلام» في العراق رغم تعرضه للكثير من الصعوبات والمخاطر كإطلاق النار على موقع التصوير في شارع الرشيد من قبل الجنود الأميركيين عام 2003، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر بالإضافة إلى الافتقار للتمويل الكافي والمخاوف الأمنية. ليقدم بعدها فيلمه الطويل الثاني وهو الفيلم الوثائقي «حب وحرب ورب وجنون» الذي يعتبر كفيلم «ميكنغ أوف» سجل خلفيات العمل على صنع فيلم «أحلام» وقد عرض في مهرجان روتردام السينمائي الدولي وبعض المهرجانات الدولية الأخرى.

فيلمه الروائي الطويل الثاني جاء بعنوان «ابن بابل» (2009)، والذي فتح الطريق أمامه نحو العالمية. تلقى فيلم «ابن بابل» منحة مهرجان أبوظبي السينمائي لدعم إنتاجه في مرحلة الإنتاج النهائية وذلك قبل إطلاق الأخير صندوق «سند»، وقدم عرضه العالمي الأول ضمن احتفاليات المهرجان العام الماضي. وقد تم ترشيح الفيلم إلى مسابقة جائزة الأوسكار للأفلام الأجنبية للعام 2011، وبهذا يدخل التاريخ كأول فيلم عراقي يترشح لهذه الجائزة العالمية. يتناول فيلم «ابن بابل» الذي صور في العراق أيضاً، مشكلة العراقيين المفقودين عبر قصة فتى كردي يبلغ من العمر 12 عاماً يقرر مع جدته البحث عن أبيه الذي لم يعد إلى المنزل منذ حرب الخليج العام 1991.

يحضر الدراجي إلى أبوظبي هذا العام، ليس فقط لتلقي جائزة «فارييتي» كمخرج الشرق الأوسط لهذا العام، وإنما أيضاً ليقدم مشروعه الحالي «بين ذراعي أمي» الفيلم الفائز بمنحة صندوق «سند» الذي أطلقه مهرجان أبوظبي السينمائي مؤخراً وذلك لدعمه في مرحلة «التطوير» ويعرض هذا المشروع خارج المسابقة الرسمية كعمل قيد الإنجاز هذا العام.

وفي هذا الإطار علق بيتر سكارلت المدير التنفيذي لمهرجان أبوظبي السينمائي قائلاً: «تتسم أفلام الدراجي سواء التسجيلية أو الروائية، بالرؤية الواسعة التي تكسر الأفكار المسبقة للناس، لتظهر لهم العالم من منظور مختلف. وبالنسبة لي، فتلك هي واحدة من السمات المميزة لصناعة الأفلام الكبيرة. لقد تتبع المهرجان منذ فترة طويلة تطور الدراجي كمخرج، ونحن فخورون وسعداء بأن عمل هذا المخرج الموهوب المرتبط بالمجتمع يكرم الآن من قبل المجلة التي يعتبرها الكثيرون الموجه الأساسي للرأي في عالم السينما».

وعلق الدراجي قائلاً: «بعد أن عرض فيلم ابن بابل في مهرجان أبوظبي العام الماضي، تم اختياره ليعرض في مهرجان ساندانس. لقد دعمت أبوظبي الفيلم منذ أن كان مجرد صورة تتراءى في عينيّ، كما أني قد حصلت على تمويل من صندوق «سند» لكلّ من المشروعين الجديدين اللذين أعمل عليهما، وبالنسبة لمخرج مثلي يعمل في ظروف صعبة للغاية فإن هذا الدعم لا يقدر بثمن».

وفي السياق نفسه تحدث مدير مشروع المهرجان عيسى سيف راشد المزروعي: «عندما خصصت مجلة فارييتي هذه الجائزة منذ ثلاث سنوات مضت، سرّنا أن يرحب بالسينمائيين من الشرق الأوسط بهذه الطريقة في المجتمع السينمائي الدولي، وبالتأكيد فإنه يسعدنا دائماً أن نرى المواهب التي عرضنا أعمالها في المهرجان تتلقى إشادة دولية، ونحن نتطلع إلى العمل مع كل من الدراجي ومجلة «فارييتي» طويلا في الفترة المقبلة».

وفي تعليقه على منح هذه الجائزة قال تيم غراي محرر مجلة فارييتي: «أردنا تكريم محمد الدراجي هذا العام، ليس لأنه مخرج كبير من الشرق الأوسط، لكن وببساطة لأنه مخرج كبير صادف أنه من هذه المنطقة» وأضاف «لقد أردنا من خلال هذه الجائزة أن نوجه اهتمام الناس إلى هذه المنطقة، فمنذ عامين فقط لم يكن الكثيرون في هوليوود يعرفون أين تقع أبوظبي، ولكن المهرجان ومؤتمر «ذا سيركل» والمبادرات المختلفة الأخرى ومن ضمنها هذه الجائزة قد ساعدت على لفت انتباه العالم إلى صناعة السينما في هذه المنطقة».

يشار إلى أن فارييتي منحت جائزة «مخرج الشرق الأوسط» لإيليا سليمان العام الماضي.

الوسط البحرينية في

21/10/2010

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)