كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

ذهبية مهرجان دمشق السينمائي للفيلم الكوري الجنوبي "الجبل الاجرد"

هدى ابراهيم

مهرجان دمشق السينمائي الدولي

الدورة السابعة عشرة

   
 
 
 
 

دمشق (ا ف ب) - تمكن الفيلم الكوري الجنوبي "الجبل الاجرد" للمخرجة سو يونغ كيم من انتزاع ذهبية مهرجان دمشق السينمائي الدولي في ختام دورته السابعة عشرة التي اقيمت في دار الاوبرا في دمشق بعد سبعة ايام من العروض والتنافس بين افلام تميزت بالتنوع الجغرافي.

وتسلم مدير المهرجان محمد الاحمد الجائزة من رئيس لجنة التحكيم ريجيس فارنييه واعدا بان يسلمها للمخرجة بعد ايام في القاهرة حيث ستكون حاضرة مع فيلمها الذي منحته لجنة التحكيم ارفع جائزة كونه "يتناول ببساطة اخراجية الطريق التي يتم قطعها لتقبل الآخر" ويدعو الى "حب الآخر قبل كل شيء".

ويتناول الفيلم وهو الثاني للمخرجة، عالم الطفولة وقضية تصديق الطفل للكبار وايمانه بهم وبحثه عن ذاته ووجوده من خلالهم، ويسبر العلاقة بين شقيقتين في ظل غياب الام التي تركتهما لعمتهما واعدة بان تعود من دون ان يحدث ذلك.

وعرفت المخرجة كيف تدير الطفلتين غير المحترفتين ليكون اداؤهما صادقا وتجسيدا لكيفية تحول الطفل الى شخص مسؤول.

وكانت الجائزة الفضية من نصيب الفيلم الايراني "عشرون" وقد تسلم المخرج عبد الرضا كاهاني الجائزة من يد المنتج الهندي اكبر خان عن فيلمه الذي تدور احداثه في افق مغلق داخل مطعم يضطر صاحبه الى بيعه.

وقالت لجنة التحكيم انها منحت "عشرون" الجائزة كونه "يتحدث عن مجموعة من الناس العاديين عبر معركة تدور يوميا من اجل البقاء والاستمرار في الحياة". واشادت اللجنة ب"حساسية النظرة التي امتلكها المخرج".

اما جائزة مهرجان دمشق السينمائي البرونزية فحصل عليها فيلم "كازانيغرا" للمخرج المغربي نور الدين لخماري وتسلمتها الممثلة ميساء المغربي في غياب المخرج من النجم السوري قيس شيخ نجيب.

ومنحت جائزة مصطفى العقاد لافضل اخراج للفيلم البرازيلي-الايطالي "مراقبو الطيور" لماركو بيتشيس، وسلم هذه الجائزة النجم المصري وعضو لجنة التحكيم حسين فهمي الذي قال ان "العقاد لا يزال بيننا".

ومنحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة للفيلم السوري "مرة اخرى" وهو اول اخراج لجود سعيد مشيرة الى انه شريط "خاص وواعد وشجاع يتناول موقفا سياسيا وانسانيا معقدا". وقدمت الفنانة المصرية نيللي الجائزة لجود سعيد الذي منح ايضا جائزة لجنة تحكيم الفيلم العربي التي تراسها كاتب السيناريو السوري حسن م يوسف.

وسلمت الفنانة اللبنانية سيرين عبد النور سعيد الجائزة فاهداها الى والدته ودعا الجمهور الى احتضان شريطه.

وكان النقاد الحاضرون في المهرجان انتقدوا جوانب في هذا الفيلم، غير ان لجان التحكيم كان لها راي آخر.

وفي مجال الفيلم العربي ايضا، منحت لجنة التحكيم جائزتين خاصتين لشريطي "كازانيغرا" المغربي و"واحد صفر" المصري للمخرجة كاملة بو ذكري الموجودة في بلجيكا لمشاركة فيلمها في مهرجان هناك، لذلك تسلمت الفنانة الهام شاهين الجائزة نيابة عنها.

ومنحت جائزة افضل ممثل مناصفة لبطلي الفيلم الروسي "عنبر رقم ستة" للمخرج كارين شاخنازاروف، وهما فلاديمير ايلين واليكسي فيرتكوف، وقد تسلم مخرج الفيلم الجائزة. اما جائزة افضل ممثلة فمنحت للايطالية ميشيلا سيسون عن دورها في فيلم "الانتصار" للمخرج ماركو بللوتشيو.

وفي مجال الفيلم القصير، نال الفيلم الالماني "واجاه" للمخرجين سوبريو سين ونجب بلغرامي الجائزة الذهبية.

واستهل الحفل بعرض قدمته فرقة انانا الفولكلورية السورية يمثل جزءا من العمل الاستعراضي "الملكة ضيفة خاتون"، تلته كلمة مدير المهرجان محمد الاحمد. ثم تحدث وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا فاشاد بجميع من عملوا على انجاح المهرجان وبالفنانين "الذين يطيبون عيشنا وهم الضوء الذي يتناثر في كل مكان".

ويشار الى ان الجوائز ليست مالية هذا العام بسبب الميزانية الصغيرة لمهرجان دمشق.

واصدر المهرجان هذا العام 25 كتابا تتناول مختلف مجالات السينما بعضها مترجم وبعضها الآخر خاص بالسينما العربية، ومن ضمنها نصوص لسيناريوات اعمال معروفة.

وكرم المهرجان المخرج الصربي امير كوستوريتزا والمنتج الهندي اكبر خان والنجمة الاميركية اورسولا اندرس اضافة الى الممثلة السورية امل عرفة.

وضم المهرجان الى مسابقته الرسمية عددا من التظاهرات الموازية ابرزها تظاهرة "فلسطين بعيون السينما" وتظاهرات خاصة بكل من مارلين مونرو وآلان ديلون وستانلي كوبريك ونيكيتا ميخايلكوف وفيتز لونغ، اضافة الى تظاهرات اخرى اتاحت لجمهور دمشق ان يطلع على اهم انتاجات السينما عبر العالم سواء في جديدها او بعض القديم.

الـ AFP في

09/11/2009

####

مهرجان دمشق السينمائي: دورة انتهت وأخرى "تبدأ" 

دمشق ـ أعلن المدير العام للمؤسسة العامة في سوريا محمد الأحمد عن خارطة الدورة المقبل من مهرجان دمشق السينمائي الدولي والتي ستقام في العام 2010.

وكشف الأحمد في مؤتمر صحافي عقده الاحد بدمشق لمناسبة اختتام الدورة الـ17 من مهرجان دمشق السينمائي أن النسخة المقبلة ستتضمن تظاهرات لستة خرجين هم ديفيد لينش "10 أفلام" وأورسون ويلز "8 أفلام" وريدلي سكوت "16 فيلما" وتشين كايغي "7 أفلام" وفرانسوا تروفو "17 فيلما" وسيرغي ايزنشتين "7 أفلام".

وأشار إلى تخصيص تظاهرات للنجمة الفرنسية بريجيت باردو والنجم تايلون باور ولرواية "البؤساء" في السينما، بالإضافة إلى تظاهرة الأب والابن في السينما، وأخرى بعنوان "مقهى السينما العالمية"، تتضمن 20 فيلما من مختلف أنحاء العالم وأخرى عن السينما الاستعراضية تحت عنوان "في الدراما بإيقاع موسيقي".

وأضاف أن الأقسام الثابتة ستبقى كما هي والتي تضم "المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة، المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة، درر السينما العالمية، سوق الفيلم الدولي، البرنامج الرسمي"، معلناً عن إعداد تظاهرة لتاريخ السينما التسجيلية في سوريا.

ونفى وجود أي مجاملة في فوز الفيلم المصري "واحد صفر" بجائزة خاصة، مشيرا إلى أنه لم يحضر جلسات التحكيم، لكنه أبدى استغرابه من عدم فوز فيلم مصري آخر هو "المسافر" بأي جائزة.

وردا على سؤال عن عدم عرض الفيلم السوري "الليل الطويل" للمخرج حاتم علي، قال الأحمد إن هذا "الفيلم لم يتم إشراكه لأن أي فيلم سوري يجب يكون عرض أول عدا عن كون مخرجه عضوٌ في لجنة التحكيم الخاصة بالمهرجان.

وانتقد الأحمد قيام بعض الفنانين السوريين بالتوقيع على بيان لمقاطعة المهرجان، مؤكدا أن كل من وقع على البيان لديه مشاكل شخصية مع مدير المؤسسة، ومشددا على أن كل النجوم السوريين الكبار حضروا فعاليات المهرجان.

ولفت إلى أن "المخرج عمر أميرالاي قدم سيناريو عن مواقع أثرية واكتشفنا أنه يعد فيلما مسيئا للوطن، والمخرج محمد ملص أراد أن يظهر زوجته السابقة بمظهر غير لائق في فيلم جديد له، والمخرج نبيل المالح هاجمنا بعد أن حصلنا على حكم محكمة يجبره على تسديد مبلغ 55 ألف دولار للمؤسسة، والممثلة سحر فوزي لم يعجبها عدم تكريمنا لها رغم أن مشاركتها في السينما تقتصر على نصف دقيقة في فيلم أحلام مدينة".

وقاطع عدد من المخرجين والكتاب والفنانين السوريين مهرجان دمشق السينمائي في دورته الحالية بسبب ما أسموه "الدجل السينمائي" الذي تقيمه الإدارة الحالية لمؤسسة السينما في سوريا لتغطية العجز والخراب السينمائي الذي لحق بهذا القطاع في البلد.

وأشاد الأحمد بعدم توقيع الممثل السوري بسام كوسا على البيان على رغم وجود مشكلة خاصة بيني وبينه".

وأوضح أن المخرج البوسني أمير كوستوريتسا "غادر دمشق بسبب ارتباطه بمشروعه السينمائي الجديد وبسبب تجواله الدائم".

ورأى الأحمد أن السينما في بلاده "بخير بالمعنى العريض"، لافتا إلى سعي مؤسسته لتعزيز تجربة الإنتاج المشترك بين القطاعين العام والخاص.

يذكر أن الفيلم الكوري الجنوبي "جبل عار من الأشجار" فاز بالجائزة الذهبية للأفلام الروائية الطويلة في الدورة 17 من مهرجان دمشق، فيما نال الفيلم السوري "مرة أخرى" جائزة لجنة التحكيم الخاصة للأفلام الروائية الطويلة وجائزة أفضل فيلم عربي، التي منحتها له لجنة تحكيم الفيلم العربي الروائي الطويل، في حين حصل الفيلم الألماني "واجاه" على الجائزة الذهبية للأفلام الروائية القصيرة.

العرب أنلاين في

09/11/2009

 
 

«مرة أخرى» الحائز جائزة أفضل فيلم في مهرجان دمشق

لبنانية وسوري.. منتصف المسافة ودعوة إلى النسيان

راشد عيسى

حاز فيلم «مرة أخرى»، التجربة الأولى للمخرج جود سعيد في الفيلم الطويل، جائزتين في مهرجان دمشق السينمائي؛ جائزة أفضل فيلم عربي، إلى جانب جائزة لجنة التحكيم الخاصة. ولم تتجاوز الأفلام العربية في مسابقة الفيلم الطويل سبعة أفلام هي السوري «بوابة الجنة» لماهر كدو، والمغربي «الدار السوداء» لنور الدين لخماري، والجزائري «مصطفى بن بو لعيد» لأحمد راشدي، والمصريان «واحد صفر» لكاملة أبو ذكري، و«المسافر» لأحمد ماهر، بالإضافة إلى التونسي «ثلاثون» للفاضل الجزيري.

في «مرة أخرى» يحكي جود سعيد حكاية مستلهمة من وضعه الشخصي كابن ضابط سوري سابق في لبنان، وهو قد كتب بنفسه سيناريو الفيلم، ما يعيدنا مجدداً إلى موجة سينما المؤلف في سوريا، خصوصاً أن المخرج قد عمل من قبل على موضوعة لبنان - سوريا، وهو ينوي، كما يقول، أن يتابع البحث في هذه العلاقة الشائكة.

العلاقة بين لبنان وسوريا في الفيلم لا توارب، تدخل فوراً من باب العسكر، فمسوّغ التطرّق إلى هذه العلاقة وجود ضابط كبير وعائلته في لبنان، وما الفيلم إلا سيرة هذه العائلة. يبدأ الفيلم على وقع أحداث العام 1982 حيث الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وفي الخلفية نشرة أخبار تحكي عن التصدي السوري، كما تصدي المقاومة الوطنية. حينذاك كان مجد، وهذا هو اسم بطل الفيلم، ابن الضابط، لا يزال طفلاً، لكن الحكاية تُحكى في زمنين بشكل متناوب، ما بين عامي 82 وحرب تموز 2006، حيث ان مجد (قيس الشيخ نجيب) شاب مدير لقسم المعلوماتية في أحد البنوك.

مجد يقع بغرام المديرة الجديدة لفرع البنك في المزة، التي يصادف أنها لبنانية (تؤديها اللبنانية بياريت قطريب)، رغم أنه «بيتنكرز من اللبنانيين» كما تقول عنه إحدى الشخصيات، والسبب نراه في بداية الفيلم حيث تقتل أمه وهما معاً في السيارة على يد قناص يحمل سلاحاً إسرائيلياً، وقد كان الأب هو المقصود. أما هي فمن الواضح أنها أرغمت على العمل في سوريا، ومن الواضح أيضاً أن لسوريا علاقة بمقتل أبيها. لكل منهما إذاً ثأر مع الآخر، أو مع ما يمثله الآخر. وهذا ما يفسر فقدان الذاكرة، فقد الشاب ذاكرته بعد أن نجا من حادث إطلاقه النار على رأسه وظل طويلاً في غيبوبة إلى أن أفاق منها بلا ذاكرة (هنا يعلّق الأب الضابط: «وبلاها هالذاكرة»، وفي مرة أخرى يقول: أتمنى أن ينصفنا الزمن، ويغفر لنا الناس.. اعتراف واضح بما ارتُكب هناك). يقول الشاب السوري لحبيبته اللبنانية مع نهايات الفيلم: لا أتذكر شيئاً من أمي، كنت صغيراً حين ماتت. وتقول اللبنانية لحبيبها السوري: لا أتذكر شيئاً من أبي، كنت صغيرة حين مات. هناك إذاً علاقة حب محمّلة بالرموز، ليست مجرد قصة حب عادية، وربما كان الفيلم برمته يكمن في رمزية هذه الحكاية، أو لعلها نوع من الأنسنة لعلاقات السياسة والعسكر.

الشاب مجد، ومديرة البنك جويس، اللذان بدآ خصمين، قادتهما الخصومة إلى حكاية حب جميلة، وبعد مشاجرات وتلصص تنتهي الحكاية أثناء حرب تموز 2006، حين تطلب جويس من مجد، الذي ما زال مسلحاً بالسلطة كلّها وراءه، بأن يوصلها إلى لبنان حيث أمها وابنتها في انتظارها، يأخذها إلى جسر خشبي على الحدود في غاية الرومانسية، من المستبعد أن يكون موجوداً في الواقع، تمضي هي في مشهد شاعري عبر الجسر إلى بلدها، ويبقى هو معلقاً في منتصف المسافة، هو الذي تنوس هويته أصلاً بين بلدين.

لكن الشخصية التي تسيطر على أجواء الفيلم، إلى جانب قصة الحب هذه، شخصية الأب (أداها جوني كوموفيتش، وهو ليس ممثلاً بالأساس)، الضابط الكبير، وقد أراده الفيلم نوعاً من الفارس المحارب، الذي يبدي قسوة تتطلبها شخصية العسكري، لكنه لا ينسى أن يخبئ ابتسامة لنفسه حين يأتيه خبر استيقاظ ولده من الغيبوبة. هو نوع من المحارب الذي يجد نفسه في الحرب لا في السلم، يقول: سيقتلني هذا الهدوء. وهو يقصد هدوء ما بعد الحرب في لبنان. وما عبثه بالمسدس إلا توطئة لانتحار لم يتأخر كثيراً.

مسرحية رحبانية

حين أخذ الفيلم عنوان «مرة أخرى»، أراد أن يقول إن سوريا التي تمد اليد للمساعدة في حروب لبنان، كما في اجتياح 1982، عادت مرة أخرى العام 2006 لتمد يد العون، وإن كان هذه المرة عبر الناس لا السلطة، وبذلك يقدم الفيلم نفسه كما لو كان فيلم دعاية سياسيا، والعنوان لا يترك لبساً ولا تأويلاً، ولا ندري كم سيرضى سينمائي أن يساق فيلمه في غرض من هذا النوع. بل يصل الأمر إلى حدّ استخدام نشرات الأخبار في الخلفية لبعض التلميحات السياسية، كخبر عن لقاء جنبلاط لمسؤول سوري، استبقاه على الغداء، وصرّح بعدها أن العلاقة مع سوريا مصيرية. أو ظهور الأمين العام لحزب الله في أحد خطاباته أثناء الحرب على شاشة في مقهى.

وفي المقابل وجهت انتقادات لحال البلد عبر عبارات متناثرة هنا وهناك على لسان مختلف الشخصيات؛ تقول اللبنانية جويس لشقيقتها: أحس بنفسي كأنني أعيش مسرحية من تأليف الأخوين رحباني. وهي تقصد أن الحياة هنا نسخة عن الحياة هناك، كانت تتحدث وعلى وجهها علامات التذمر، أو حين يعلّق مجد وهو يراقص حبيبته في سهرة: لا أحد برجوازيا هنا إلا البنت التي تعزف البيانو.

لكن الفيلم يظلم نفسه حين يغوص في السياسة، فهو يقدم مشهدية مشغولة بعناية وصبر، وفي بعض الأحيان إلى حدّ الترف، مثل تلك اللقطة التي تنقطع فيها الكهرباء عن مشهد، فيدخل الفانوس إلى الغرفة ليقدم إضاءة مختلفة عما سبق، لم يكن للأمر ضرورة درامية إلى هذا الحدّ، ومن الواضح أن ثمة ولعاً بتكوين الصورة والضوء (مديرة التصوير جود كوراني)، كذلك الأمر في مشهد الختام عند عبور الجسر في الليل، وتلك اللقطة للّذين يعبرون النهر وهم يحملون الفوانيس، واللقطة قد تكون أقرب إلى الشعر من الواقع. كذلك فإن توزيع العابرين للنهر في هذه اللقطة يذكّر بالعناية التي أولاها الإخراج عموماً للميزانسين، كما لو كنا أمام تشكيلات مسرحية. فقد كان المخرج مولعاً أيضاً برسم حركة الشخصيات في كل مشهد.

على المستوى السينمائي اعتُبر الفيلم واعداً بسينمائيّ سوري جديد ومختلف، بل بجيل سينمائي شاب ذي ذائقة جديدة. لكن إذا كانت أفلام السينمائيين السوريين البارزين عانت صراعاً مريراً مع الرقابة، هي التي أنتجت في ظل المؤسسة العامة للسينما نفسها التي أنتجت «مرة أخرى»، وظلّ بعضها ممنوعاً من العرض الجماهيري حتى اللحظة، كفيلم أسامة محمد «نجوم النهار»، فإن هذا الفيلم يبدو كأن الرقابة بالذات هي من أنتجه، خصوصاً حين يوظف نفسه للدعاية السياسية.

(شارك في التمثيل عبد اللطيف عبد الحميد، عبد الحكيم قطيفان، كندة علوش، فادي صبيح، آنجو ريحان جمال شقير مجد رياض. ووضع الموسيقى نديم مشلاوي).

)دمشق(

السفير اللبنانية في

12/11/2009

####

أفلام إيطالية وجزائرية وأسبانية وكورية في «مهرجان دمشق السينمائي»

أبطال بلا بطولة وخيال يتحول إلى وثيقة

راشد عيسى 

يحكي فيلم السيرة الذاتية الإيطالي «الانتصار» قصة صعود الزعيم الفاشي موسوليني، وفيه يسلط المخرج ماركو بيلوتشيو الضوء على جانب من حياة الزعيم الإيطالي، حين يبدأ من قصة حبه مع إيدا دالسيرا، التي تعلّقت به مذ كان يعمل في صحيفة اشتراكية. آمنت إيدا به، وبطموحه الكبير في القيادة. تزوجت به، وأنجبت منه ولداً، ولكن موسوليني سرعان ما ينقلب عليها، هي التي باعت كل ما تملك لتساعده في الوصول. الزعيم لم ينقلب عليها وحسب، هو الذي انقلب على تاريخه بالذات، فتحول من اشتراكي إلى فاشي كاثوليكي طمعاً بأن يساعده تحالفه مع الفاتيكان في السيطرة. لكننا هنا لا نتعرف على سيرة موسوليني بشكل مباشر، ولذلك يصلح أن يكون الفيلم نوعاً من بروفيل، إنها سيرته ولكن من زاوية جانبية. هذا إذا لم نقل إن الفيلم ما هو، بصورة ما، إلا سيرة تلك الزوجة المخدوعة التي أفاقت ذات يوم لتجد أن عقد زواجها قد اختفى، لتقضي من ثم كل عمرها وهي تسعى لإثبات زواجها من الزعيم، وبالتالي النسب الشرعي لولدها.

لكن الزعيم لا يكتفي بهجرها، وعدم الاعتراف بها، بل بوضعها في مصح عقلي تقضي فيه جلّ حياتها، أما الابن فيقضي في كنيسة، ليكبر في ظل عقدة أب غائب، لا يعترف به، وهو فوق ذلك جاثم فوق كل شي من حوله، يكبر الابن هو يقلد على نحو مسرحي وهزلي خطابات الزعيم ووقفته أمام الحشود، لكن شخصيته لا تخلو من خلل نفسي يشوبها إثر ما فعل بأبنائه. وإلى جانب ما يقدمه الفيلم من صورة كاريكاتيرية لطاغية، فهو يقدم أيضاً الصورة التي يصير إليها الناس في ظل الطاغية. «الانتصار» فيلم مشغول بعناية على مستوى الإيقاع، وعلى مستوى التمثيل الكبير لمختلف أدواره. ولقد حازت، للمناسبة، الممثلة جيوفانا ميزوجورنو، بطلة الفيلم، جائزة أفضل ممثلة.

وإذا كانت هذه السيرة مليئة بكل ما ينبغي للدراما أن تحمله، من مقاصد أو شخصيات نبيلة، وثغرات وخيانات وانقلابات، فإن فيلم سيرة ذاتية جزائرياً يحكي سيرة المجاهد مصطفى بولعيد، ويحمل الفيلم اسمه، يكاد يخلو سوى من سيرة البطولة والشجاعة، هو الذي يعدّه مخرجه أحمد راشدي أول فيلم جزائري عن شخصية مناضلة. ويحكي الفيلم حكاية المجاهد بولعيد منذ كان محارباً في الجيش الفرنسي في الحرب العالمية الأولى، ثم عاد إلى بلده ليكون مناضلاً سياسياً يحاول إخراج الفرنسيين من الجزائر بالطرق السلمية، إلى تأسيس الثورة واللجوء إلى القتال في الجبال، إلى أن يعتقل الرجل هارباً من بوليس الحدود في طريقه إلى المشرق العربي من أجل تأمين السلاح للقتال. وهنا، في السجن، تجربة أخرى مع المعاناة والبطولة، حيث يشترك المعتقلون في حفر نفق يقودهم خارج السجن. تنبع الدراما في هذه السيرة من هذه المطاردة مع الموت، في الجبال في مواجهة قوة الاحتلال العاتية، ومن ثم في في السجن، وصولاً إلى اغتياله بعبوة مفخخة في نهاية الفيلم. «مصطفى بولعيد» عمل متقن في مجاله، ولكنه في النهاية مجرد سيرة ذاتية بطلة تخلو من الدراما الحقيقية.

سِير الزعماء والمناضلين لا تقف هنا، فقد قدم الفاضل الجزيري، المسرحي التونسي السابق، الذي اعتزل المسرح، الذي يعتبر أحد أعلامه ومؤسسيه في تونس، ليعلن نفسه سينمائياً، فيلماً بعنوان «ثلاثون»، ولعله يحذو بهذا العنوان حذو زميله الفاضل الجعايبي في مسرحيته «خمسون»، وفيلمه يتناول شخصية المصلح والمناضل التونسي الطاهر الحداد، ولكن يبدو من الصعوبة تناول سيرة الحداد من دون التطرق إلى شخصيات عاصرته كالحبيب بورقيبة، والمناضل النقابي محمد علي الحامي، وأبو القاسم الشابي. الفيلم يوثق لفترة من تاريخ تونس، كما لمقاطع من سير صانعيها. ولأن المخرج من أصل مسرحي فقد ظلت أجواء المسرح مسيطرة على الصورة السينمائية، وعلى إيقاع الفيلم، حتى بدا «ثلاثون» كما لو أنه عمل مسرحي جرى تصويره بالمصادفة للسينما. الحق أنه عمل مرهق، حتى بمقاييس المسرح.

الشوارع ذاتها

مع «عنبر رقم ستة» قصة تشيخوف الشهيرة، التي استلهمت مرات عديدة للمسرح، سنجد أنفسنا أمام واحد من الأعمال القليلة في مسابقة الفيلم الطويل، التي تعتمد على أصل أدبيّ، ولكن الغريب في هذا الفيلم، الذي أخرجه كارين شاخنزاروف، أنه يحول النص الأدبي إلى ما يشبه العمل الوثائقي، وإذا كانت العادة أن نحوّل الوثيقة إلى عمل أدبي، درامي، إبداعي، فإن قصة تشيخوف قد تحولت إلى ما يشبه الفيلم التسجيلي، وكأن الفيلم أراد أن يؤكد واقعية الحكاية. وقد جاء الأداء الرائع للممثلين اللذين لعبا دوري الدكتور أندريه والمريض غروموف ليؤكد روعة الحكاية وصدقيتها (وقد ذهبت جائزة أفضل ممثل في مسابقة الفيلم الطويل لكل من فلاديمير ايلين واليكسي فيرتكوف عن دورهما في هذا الفيلم).

عالم العنبر، قد يفضي إلى عالم مشابه في فيلم «الدار السوداء»، من إخراج نور الدين لخماري، وتجري أحداثه في الدار البيضاء المغربية، ذلك أن العالم في كلا العملين قاتم ومعتم، وتكاد المدينة في الفيلم المغربي تتحول برمتها إلى ما يشبه العنبر ( الفيلم حاز الجائزة البرونزي).

الفيلم يحكي عن شابين في مقتبل العمر، أحدهما يوظف مجموعة من الأطفال في بيع السجائر، والثاني يحلم بالهجرة، كسائر شبان بلادنا، تقودهما الظروف إلى محن شتى من بينها محاولة سرقة من شأنها أن تكون فرصة العمر أو نوعاً من الخلاص. المشاهد سيقضي الفيلم وهو يلهث مع الراكضين، إما وراء لقمة الخبز، أو أمام رجال البوليس. والكاميرا ستظل تدور تلهث وتصور العمارات العالية على نحو مدوّخ، إلى أن تعود بالشابين في نهاية الفيلم إلى النقطة التي انطلقا منها؛ حيث المدينة ذاتها، والشوارع ذاتها، والفقر والركض والشبان أنفسهم. فيلم جميل ومؤثر وصارخ بالألم.

مع الفيلم الإسباني «زهور عباد الشمس العمياء» لخوسيه لويس كيوردا، نحن أمام قصة من قصص الرعب في ظل الأنظمة الدكتاتورية، إنها حكاية من زمن فرانكو، حيث يحفر زوج مطارد حفرة في جدار المنزل يختبئ فيها، في الوقت الذي ترسل العائلة بالابنة الشابة مع حبيبها للهرب عبر الحدود مع البرتغال. الابنة الحامل تسقط حملها في الغابات على الحدود، تموت هي ويموت الطفل، ويجن الزوج الشاب، إلى أن يقتل على يد شرطة الحدود. أما الزوج المطارد فيكمل حبيس المنزل مع زوجته وطفله الصغير، حيث تلتقي الأم أثناء ذهابها معه إلى مدرسة الكنيسة بكنسيّ شاب، يظل يطاردها ويتحرش بها وصولاً إلى غرفة نومها، وهنا يضطر الزوج المختبئ أن يظهر ليدافع عن زوجته، ويعرض نفسه لخطر السجن، وهنا يلقي الزوج بنفسه من النافذة العالية درءاً لمصير أكثر رعباً.

الفيلم الكوري «الجبل الأجرد» للمخرج سو يونغ كيم، وهو قد حاز ذهبية المهرجان، يحكي قصة طفلتين، اكبرهما في السادسة من العمر، وعند غياب الوالدة الشابة التي تضطر للذهاب للبحث عن الأب، وتترك الطفلتين عند عمة لا تقوى على رعايتهما، ستجد الطفلة الأكبر نفسها مضطرة لرعاية أختها وتقديم الحنان والرعاية لها. الفيلم هو هذا التيه والضياع الذي نجده في عيون الطفلتين في كل لحظة. هل هناك دراما أقسى من هذا الضياع؟ لا شيء يحدث في الفيلم بعد غياب الأم في بداية الفيلم، لا شيء أبداً سوى هذا النوسان في المكان، والانتظار المعذب لطفلتين ولا أجمل، ما يجعل إيقاع الفيلم بطيئاً وبارداً، رغم كل اللقطات الجميلة فيه. أما عن الملل من إيقاع الفيلم البارد، فلقد سمعت أيضاً من خرج من أفلام لفيلليني، المسرحي الإيطالي الشهير والمبدع، وقد شعر بالملل.

)دمشق(

السفير اللبنانية في

11/11/2009

 
 

خواطر نافد السينما المصريه اخذت صفر في دمشق

طارق الشناوي

علي مسرح دار الأوبرا في سوريا حيث أقيم حفل توزيع جوائز مهرجان »دمشق« مساء السبت الماضي كان الأمر سيبدو لمن يتابع المهرجان بدون معرفة مسبقة بحقيقة ما يجري أننا بصدد مهرجان مصري سوري مشترك وأن هذه الاحتفالية هي ليلة إعلان الحب الذي يملأ صدور السوريين تجاه كل ما هو مصري وهو ما رد عليه المصريون أيضا بمشاعر أكثر سخونة تؤكد أن سوريا لها في القلب مساحة لايطاولها أحد.. كنا بصدد مهرجان سينمائي دولي توجهه العربي واضح ولاشك إلا أن مصر احتلت علي الأقل 09٪ من كل ما هو متاح لكل البلاد العربية وليس هذا غريبا علي »دمشق«.. الدورات السابقة بالمهرجان كلها تشهد بذلك.. في بعض الحفلات التي تقام علي هامش المهرجان لايتم دعوة سوي الوفد المصري فقط ورغم ذلك كان هناك إحساس يسيطر علي أغلب الحاضرين من الوفد المصري بعد إعلان النتائج وهو أننا كنا نستحق جائزة أفضل فيلم عربي في المهرجان لفيلم »واحد صفر« لكاملة أبوذكري التي حصل عليها الفيلم السوري »مرة أخري« إخراج »جود سعيد« وتكرر الأمر مرة أخري في اللجنة الدولية مع نفس الفيلم الحاصل علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة.. ما هو نصيب السينما المصرية؟ لاشيء أكثر من شهادة تقدير من خلال لجنة التحكيم العربية وهي تبدو مجرد ترضية شكلية.. الأفلام العربية المشاركة في المهرجان وعددها سبعة فيلمان مصريان »المسافر« أحمد ماهر و»واحد صفر« كاملة أبوذكري.. »كازانياجرا« المغربي إخراج »نور الدين الخماري«.. الفيلم الجزائري »مصطفي بولعيد« الجزائري اخراج »أحمد راشدي«.. »ثلاثون« التونسي إخراج »فاضل الجزيري« بالاضافة إلي الفيلمين السوريين »بوابة الجنة« ماهر كدو و»مرة أخري« لجود سعيد ولو سألتني عن أفضل الأفلام العربية لقلت بضمير مستريح أن »واحد صفر« لكاملة أبوذكري « يأتي في المقدمة ثم »كازنياجرا« المغربي لنور الدين لخماري الثاني والثالث »مرة أخري« لجود سعيد السوري.. ومن الضروري بالطبع ألا يعتبر أحد أنه المرجعية الوحيدة ويصادر علي قناعات لجنة التحكيم ولكن علينا أن نتخذ قول سيدنا »علي بن أبي طالب« رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.. وهكذا أري أن تجاهل اللجنتين العربية والدولية للفيلم المصري »واحد صفر« يصطدم بقناعاتي الفنية ولكن ما حدث في الحقيقة يتجاوز القناعات إلي اتهامات ترددت همسا وصراحة في جنبات المهرجان؟! هل خضع كل من »سمية الخشاب« في لجنة الفيلم العربي و»حسين فهمي« في اللجنة الدولية لضغوط من أجل استبعاد الفيلمين المصريين »المسافر« لأحمد ماهر و»واحد صفر« لكاملة أبوذكري.. لا أنكر أنه قد يحدث داخل لجان التحكيم في عدد من المهرجانات نوع من »التربيطات« تأتي النتائج وهي لاتعبر علي وجه الدقة عن القيمة الفنية وتنتقي العدالة إلا أنه لايجوز علي المقابل أن نشرع في تقديم الاتهامات ونعتبرها هي الحقيقة بعينها ولا أتصور أن »حسين فهمي« أو »سمية الخشاب« يخضعان إلي أي نوع من الضغوط لكن ربما - وهذا وارد جدا - تأتي النتائج علي غير ما يعتقدان.. الفيلم السوري »مرة أخري« أثار الكثير من التساؤلات يتناول الفيلم العلاقة بين دمشق وبيروت وكان ينبغي للنص السينمائي أن يمشي علي الأشواك وهو يتبني وجهة النظر الرسمية السورية التي تشعر بمسئولية أدبية عن لبنان وفي نفس الوقت تري أن من حق لبنان أن يختار مصيره ويحدد موقفه.. الفيلم دراميا يبدو وكأنه يقيس الموقف بميزان من ذهب حتي لاتنحرف الرؤية السياسية عما تريده الدولة بالضبط ومن المؤكد أن السيناريو تمت قراءته أكثر من مرة وبأكثر من منظور من أجل الوصول إلي ذلك الهدف.. وتستطيع أن تدرك أن حصول الفيلم علي جائزتين هامتين الأولي أفضل فيلم عربي والثانية جائزة لجنة التحكيم الخاصة وهي تؤكد تفوق الفيلم السوري.. لا أدري هل لعب الأعضاء السوريين في لجنة التحكيم دورا إيجابيا في تعضيد موقف الفيلم السوري.. يظل هذا يحمل مجرد اتهام لكنه لايملك دليل قاطع؟!

نعم يتاثر بعد كل المهرجانات شذرات من الكواليس من خلال تسريب خبر يتناقله الجميع ومن خلال مشاركتي السابقة في عدد من لجان التحكيم أستطيع أن أجزم بأن أغلب ما يتردد يخاصم الواقع.. لقد طالب البعض مثلا بأن تقاطع مصر المهرجانات العربية التي لا تمنح السينما المصرية ما تستحقه من جوائز ولم تكن هذه هي أول مرة أستمع فيها إلي هذا الاقتراح وهو في حقيقة الأمر يظهر أن هناك من لايدرك دور مصر فلا مهرجان عربي بدون فيلم مصري ولانجم مصري يشارك في فعالياته هذه حقيقة لا ينبغي أن تغيب عن أحد.. ولايمكن أن يصبح المقابل لتواجد مصر هو جائزة.. مهرجان »كان« علي سبيل المثال ظل 02 عاما لايمنح السينما الفرنسية »السعفة الذهبية« حتي عام 8002 عندما حصل عليها الفيلم الفرنسي »بين الجدران«.. وعندما تتحدث الأرقام ينبغي أن تنصت.. نصيب مصر من الجوائز الذهبية في مهرجان دمشق السينمائي الدولي لم يسبق أن حصلت عليه مصر في أي مهرجان عربي آخر.. لنا منه ثلاث جوائز هي »الكيت كات« داود عبدالسيد، »القبطان« سيد سعيد، »جنة الشياطين« أسامة فوزي.. في مهرجان »قرطاج« حصلنا علي »التانيت« الذهبي عن مجمل أعمال »يوسف شاهين« رغم أنه اشترك في التسابق بفيلمه »الاختيار«!!

ستظل قرارات لجان التحكيم تحمل خصوصية.. كل لجنة تملك مفاتيحها حتي تصل إلي نتيجة نهائية!!

لايعبر بالضرورة قرار اللجنة - أي لجنة - عن الأفضل ولكن ربما تعبر عن قناعات عضو لجنة التحكيم صاحب النفس الطويل القادر علي إقناع الآخرين بعدالة وجهة نظره كما أن هناك معادلات تحدث من الداخل أو الخارج قد تؤثر علي سير اللجنة وقد تتغير قناعات وتوجهات الأعضاء الآخرون.. علينا أن ندرك أن من حقنا الاختلاف مع لجان التحكيم ولكن ليس من حقنا أن نصادر علي حق الآخرين في الاختلاف معنا وليس من حق أحد أن يرفع شعار مقاطعة المهرجانات العربية وهو قرار لاتملكه لا الدولة ولا النقابات الفنية ثم أهم من كل ذلك أنه لاينظر الدور الحقيقي لمصر والذي ينبغي أن تمارسه في كل المجالات الإبداعية من الممكن أن نشارك في مهرجان ولانحصل علي جوائز نستحقها مثلما حدث في دمشق ومن حقنا أن نعلن غضبنا ثم نواصل الاشتراك في الدورة القادمة للمهرجان!!

أخبار النجوم المصرية في

12/11/2009

####

دمي ودموعي وابتساماتي .. بالسوري

موفق بيومي 

قائمة طويلة -بل مفرطة الطول- من العناوين تجمع بين البلدين تضم في بعض تفاصيلها اللغة والدين والانتماء والاجتماعات المشتركة وايضاً.. الفن حيث لم تخل العلاقة بين البلدين في القرون الاخيرة من عمليات »تصدير واستيراد« مشتركة لمعطيات الفن واسبابه ورموزه وابطاله وصانعيه في شتي المجالات من الأدب إلي الصحافة ومن المسرح إلي السينما.. عشرات بل مئات إن لم يكن آلاف من رواد الفن المصري المعاصر والحديث من أصول شامية -سورية ولبنانية وقت أن كان القطران بلدا واحدا -لاتكفي مساحتنا بأكملها لإستعراض أهمهم وقد عملوا في التمثيل والتأليف والإخراج والديكور والتوزيع وغيرها من مجالات النشاط المسرحي والسينما وفي المقابل كانت بلاد الشام هي المقصد الثاني -بعد الإسكندرية- لفرق مصر الفنية خلال الموسم الصيفي منذ بدايات القرن العشرين كما كانت دور العرض السينمائي في القطر السوري واحدة من أهم بنود ميزانية التوزيع والارباح لأفلام مصر العلاقات السينمائية المصرية -السورية أمتدت لتشمل -فيما شلمت- استغلال الطبيعة الخلابة للشام في تصوير الكثير من مناظر الأفلام المصرية هناك بدءا من الثلاثينيات وحتي اليوم حول واحد من أفلام مصر التي تم تصوير اجزاء منها هناك تدور حكاية اليوم من ..

ايام زمان

خدمات مادية وبشرية

كان فيلم »دمي ودموعي وابتسامتي« واحداً من الأفلام الهامة التي انتجها رمسيس نجيب في بدايات السبعينيات من القرن الماضي وقام ببطولته من النجوم الشباب حسين فهمي وميرفت امين في حين عهد بالاخراج الي حسين كمال وقد تم تصوير جانب من الفيلم في الجمهورية السورية حيث لدينا ملف متخم بالمستندات والعقود الخاصة بـ»مصاريف التصوير في سوريا« وقد تخيرنا منه عقدين يشيران الي بعض النقاط الهامة المتعلقة بظروف السينما واسعارها في ذلك الحين.

يشير العقد الأول والموقع مابين »المدير العام للمؤسسة العامة للسينما في القطر السوري« وبين رمسيس نجيب في ديسمبر ٢٧٩١ الي تقديم المؤسسة السورية لخدمات مادية وبشرية تتعلق بتصوير الفيلم مقابل اجر مادي للأطراف التي تؤدي هذه الخدمات وكان منه بين التفاصيل ان مهندس الصوت السوري يتقاضي خمسين ليرة كأجر يومي في حين يتقاضي مساعدوه خمسة وعشرين بالاضافة الي عشر ليرات للفرد كبدل طعام يومي اذا كان التصوير داخل العاصمة دمشق وقضي الاتفاق ان يتم عمل كشوف يومية بأسماء المتعاونين مع طاقم الفيلم المصري ويتم التسديد الي المؤسسة التي تتولي بدورها دفع الأجور لموظفيها والعاملين بها اما فيما يتعلق بمن يحتاجهم الفيلم من ممثلين سوريين فقد اشارت نصوص الاتفاق الي وجوب عمل عقود منفصلة معهم تتمدد فيها الاجور والاتعاب طبقا لاسم ومكانة كل ممثل وحجم الدور الذي يؤديه في الفيلم.

خارج دمشق

كان العقد الثاني موقعاً بين رمسيس نجيب ايضاً و»ريجسير« سوري هو الاستاذ محمود أحمد ابراهيم الذي تعهد بتقديم مجموعات الكومبارس التي يحتاجها العمل في الفيلم وذلك مقابل ثلاثين ليرة يومياً للرجل وخمسة وأربعين للفتاة او السيدة وهو أجر كما نري يفوق اجر الفنيين ويقترب بالنسبة للسيدات- من أجر مهندسي الصوت! ويشير العقد إلي ان التعامل يتم مباشرة بين نجيب والمتعهد السوري الذي يتولي دفع الاجور لمواطنه بعد خصم المستحقات التي يحددها لنفسه ومكتبه الفني ومن الجدير بالذكر ان هذا الأجر كان لايتضمن مصروفات الانتقال في حالة التصوير خارج مدينة دمشق وهي المصروفات التي تعهد رمسيس بتحملها مثلما تكفل بتقديم وجبة طعام لجميع الافراد اثناء التصوير .. انتهت اشارتنا السريعة الي العقود التي تعد واحدة من حلقات كثيرة جميعها تؤكد وحدة مصر وسوريا في كثير من التفاصيل حتي في .. تصوير الأفلام.

أخبار النجوم المصرية في

12/11/2009

 
 

مهرجان دمشق يتحول الي عيد للسينما

إيريس نظمي

مهرجان دمشق السينمائي هو المهرجان العربي الوحيد الذي تحس فيه بالألفة والحميمية.. فالشعب السوري يحب مصر وشعب مصر ونبادله نفس الشعور. وتعتبر دورته الـ ٧١ أحسن دورات المهرجان.. وبالرغم من انه اقتصر علي سبعة أيام فقط.. فقد تحول الي عيد في دمشق عيد السينما.

وتميز مهرجان هذا العام الذي أصبح يعقد كل عام بدلا من كل عامين.. بالافلام الواقعية التي تعكس اضطهاد الشعوب والبسطاء في العصور المظلمة. أيضا ظاهرة الاقبال علي الافلام من الشباب.. وعروض الافلام والندوات في مواعيدها. وهذا يرجع الي مدير المهرجان محمد الاحمد وكتيبته التي يقودها.. ولذلك سيكتسب المهرجان صفة الشرعية من اتحاد المنتجين في باريس.

كان ضمن ضيوف المهرجان هذا العام المخرج الصربي العالمي أمير كوستاريكا الذي قدم فيلم عن اسطورة الكرة »مارادونا« وهو فيلم تسجيلي طويل عن حياة ساحر الكرة المعجزة أيضا نجمة الستينيات والسبعينيات اورسولا اندروس.. ونجومنا المصريين الذين لقوا الكثير من الترحيب من الشعب السوري والمعجبين الذين تزاحموا علي باب فندق الشام ويلتقطون معهم الصور التذكارية. وقد فاز الفيلم المصري واحد/صفر بجائزة أحسن فيلم عربي لمخرجته كاملة أبوذكري تسلمتها النجمة إلهام شاهين.

مجموعة كبيرة من الافلام الروائية الطويلة وأفلام المسابقة والافلام القصيرة تستحق المشاهدة، وقد اخترت من بينها بعض الافلام التي أحببتها وتأثرت بها منها الفيلم الايطالي »انتصار« والفيلم الاسباني »زهور عباد الشمس العمياء« وفيلم »مارادونا«.

السينما تنصف زوجة موسوليني التي تجاهلها التاريخ!

الحكومات تزور أحيانا التاريخ لمصلحتها.. وتخفي الجوانب التي تسيء اليها.. لكن السينما تستعيد ذاكرة التاريخ لتقدم لنا الحقيقة.. واقع هؤلاء الزعماء من مجرمي الحروب.. وتستعيد المصداقية بكشف الحقائق.

وفي الفيلم الايطالي »انتصار« من اخراج المخرج العالمي الكبير »ماركو بيلوتشيو«.. وتقديم الزعيم الفاشستي موسوليني كمجرم حرب وشخصية فظة.. لم يعترف ببنوة ابنه.. كما الحق زوجته مستشفي الامراض العقلية.

تعود احداث الفيلم الي عام ٤١٩١ حين كانت ايطاليا مشحونة باجواء الحرب.. تعيش اجواء سياسية وحزبية وشعارات ومظاهرات.

في المشهد الاول يقدم المخرج لنا موسوليني يتزعم مظاهرة لإلغاء الملكية مناديا بالاشتراكية.. وحين يهجم عليهم رجال البوليس يقوم موسوليني بتقبيل فتاة جميلة كانت أمامه قبلة طويلة حارة ليتخفي من البوليس.

هذه الفتاة الجميلة »ايدا« احبته وأصبحت زوجته فيما بعد.. كانت نفسه الخط لانها وقعت في حب هذا الرجل الفظ حتي في علاقته الحميمية.. كان موسوليني يعمل في صحيفة اسمها »أفانتي« تذهب اليه »ايدا« في مقر عمله وتشجعه علي تحقيق طموحاته في قيادة الشعب الايطالي الي مستقبل اشتراكي.. فهي مفتونة بكاريزما موسوليني وتؤمن بأفكاره.. وتقدم له »ايدا« كل ما تملك لكي تحقق له طموحاته فتبيع مجوهراتها وصالون التجميل الذي تديره.. كما تبيع منزلها وأثاث بيتها ليصدر صحيفة اطلق عليها »شعب ايطاليا«. لكن طموحاته لم تتوقف عند حد للوصول الي الحكم.. بل انه يتحول من اشتراكي الي ناشستي كاثوليكي صارم فيتحالف مع الفاتيكان ليساعده علي السيطرة علي الحكم وفعلا يصل الي ما يريد.

تفاجأ »ايدا« باختفاء قسيمة الزواج.. وتصعق حين تسمع نبأ زواجه بامرأة أخري، وتذهب إلي المحاكم لاثبات شرعية ابنها.. بل تهاجمه علنا فيضعها هي وابنها تحت المراقبة حيث تعيش الأم وابنها حالة من الفقر المدقع بعد ان فقدت كل شيء.. ولا تهدأ فيلحقها بمستشفي الامراض العقلية بعيدة عن ابنها الذي الحق في دار ملحقة بالكنيسة يعامل معاملة صارمة ومن المشاهد المؤثرة التي تعكس الكبت في نفسية الطفل حين يصحو ليلا من نومه ويصل الي تمثال موسوليني ويلقي به علي الارض ثم يفر الي فراشه لكي لا يراه أحد.. اما معاناة الام في مستشفي الامراض العقلية فهي لا توصف خاصة وهي لا تعلم شيئا عن ابنها. يكبر الطفل.. ويرسل لأمه رسالة لأول مرة يقول لها انه يحبها. تتعاطف معها احدي الراهبات وتلبسها ملابسها وتهرب »ايدا« متنكرة في ملابس الراهبات.. وتصل في النهاية الي المكان الذي اودع فيه الابن وهي متلهفة شوقا لرؤيته واحتضانه في صدرها.. لكنها تفاجأ بعدم وجوده!

ورغم اخفاء التاريخ لحقيقة الزوجة المنكوبة ومحو اسمها الا أن السينما تنصفها.. فهي بطلة الفيلم والشخصية المحورية.. وبهذا تعيد السينما الاحداث التي تصاحبها وفقا لترتيبها التاريخي الذي كان مفترضا ان يخلد »ايدا« زوجة موسوليني وأم لابنه الشرعي.. فكان ذلك انتصارا للحقيقة.

قدم المخرج التاريخ بترتيب الوثائق فأدخل لقطات تسجيلية »أبيض وأسود« من أرشيف السينما ليعطي المصداقية للفيلم الروائي.

الفيلم مليء بالمشاعر الدرامية التي تتدفق فيها العواطف والآلام النفسية التي عاشتها الشخصية الحقيقية. وقد أدت البطولة في هذا الفيلم الممثلة الرائعة »جيوفانا جيورنو« التي تتمتع بامكانيات كبيرة.. تتنازعها مشاعر الحب واللهفة والتضحية والقلق والضعف والقوة والاستسلام، وفي رأيي انها تستحق جائزة أحسن ممثلة في المهرجان. أما الممثل الذي مثل دور موسوليني »ايريستو كوستيلا«.. فقد حاول أن يجسد شخصية موسوليني وملامحها القاسية ونظرات عينية المخيفة.

كما استطاع المخرج بيلوتشيو ان يقدم لنا حقبة مظلمة في حياة الشعب الايطالي.. وزعيمها الناشستي الذي فقد كل مشاعره ولم يعترف ببنوة الابن وأدخل زوجته التي حققت له طموحاته مستشفي الامراض العقلية وكما انصفتها السينما انصفها المهرجان بمنحها جائزة أحسن ممثلة.

من أقوال موسوليني في الفيلم »يمر الحظ أمامنا مرة واحدة وعلينا أن نفتح له الباب حتي يمر«!!

زهور عباد الشمس العمياء

ومن أهم الافلام التي تعكس اضطهاد الشعوب ومعاناتهم من سياسات حكوماتهم في حقبة ما.. الفيلم الاسباني »زهور عباد الشمس العمياء« وفكرة الفيلم تبدو من عنوانها.. فزهور عباد الشمس العمياء لا تري نور الحق والشمس.. وانما هي عمياء مستسلمة للظلمة.

الفيلم من اخراج »خوسيه لويس كيدردا« الذي يجسد أيضا فترة تاريخية مهمة من الحياة في اسبانيا وصراع الحرية والاضطهاد من خلال أسرة تتواصل فيها الاحداث لتثبت أن هناك أشخاص محكوم عليهم بالموت مهما حاولوا الهروب منه.

بطلة الفيلم »ايلينا« التي تعيش ظروف في منتهي القسوة.. وبالرغم من ذلك فهي تحاول أن تبدو امرأة عادية فتخفي القلق والحزن ومرارة العيش التي تكتنفها.. فابنتها المراهقة حملت من صديقها.. وحاولا الهروب الي الحدود بطريقة غير مشروعة بحثا عن حياة أفضل.. لكنهم يدفعون حياتهم ثمنا لذلك.. ففي الغابات وفي جو قاسي شديد البرودة تلد الابنة طفلا.. لكنها يموتا.. كما يقتل الاب برصاص رجال البوليس علي الحدود.

أما زوج »ايلينا الكاتب الشيوعي الذي يبحث عنه البوليس فقد أصبح أسيرا في مكان صنعه بنفسه ملحق بغرفة النوم.. وهو مذعور دائما لكل حركة أو طرقة باب.. وقد أصيب بالاكتئاب لهذه الحياة.

أما الابن الاصغر فتسجله الام في مدرسة البلدة التابعة للكنيسة.. لا تثير الشك في حياة زوجها وابنتها. رآها الشماس الشاب سلفادور »راؤول ريفالو« الذي كان مجندا في الجيش حيث يقتلون هناك بلا مشاعر فيحاول أن يطهر نفسه من خطاياه.. فيذهب إلي أب الاعتراف ليعترف بكل ذنوبه فيعينه القاص شماسا ومدرسا بالمدرسة يدرس ابن ايلينا الطفل، يحاول الايقاع بالأم ظنا انها أرملة.. ويستدرج الطفل ليعرف أخبار الأسرة.. فيقول الابن ان أبيه توفي وان أمه هي المسئولة عن كل شيء فتحركه غوايه الشيطان الذي في داخله.. فيذهب إلي منزلها وقد ارتدي ملابسه العسكرية بعد أن فشل في كل محاولاته.. للمسلسل ليستغل سلطته كرجل عسكري بعد ان استغلها ككاهين.. في الوقت الذي تبقي »ايلينا« تعاني فيه من الحرمان العاطفي والجسدي لكنها تبقي أسيرة حبها واخلاصها لزوجها.. تقاوم رغبتها حين يحاول اغتصابها فتصرخ ويخرج الزوج المختبيء من محبسه كالفأر وينفض لكرامته كالأسد محاولا ان يخلص زوجته من هذا الوحش.. ولكي لا يفتضح أمره فهو يقفز من النافذة منتحرا.. ويتحرك ضمير الشاب واحساسه بالذنب لانه كان سببا في انتحاره.. ولا تجد »ايلينا« سبيلا الا بترك القرية.

حاول المخرج ان يقدم طقوس الاعتراف في البداية وذلك حين عاد »سلفاتور« من الجيش ويده ملوثة بدماء القتلي ليعترف بخطاياه ويصبح شماسا يترقب ترقيته الي كاهن.

أما في النهاية فيرتدي ملابس الجيش ليشعر انه مركز سلطة ليلعب علي الاثنين.. الدين والسلطة والفيلم يرصد حياة البسطاء في تلك المرحلة من تاريخ أسبانيا بأسلوب مأساوي لكنه الواقع.

مارادونا بطل فيلم كوستكاريكا

من أهم رموز السينما وأشهرها من ضيوف المهرجان المخرج الصربي العالمي أمير كوستاريكا الذي ولد في سراييفو والذي عرض له فيلم تسجيلي طويل اجتماعي سياسي موسيقي عن حياة لاعب الكرة الاسطورة الارجنتيني »دييجو مارادونا« يذهب أمير كوستاريكا الي بلده بعد صداقة طويلة ليعيش معه.. ويتناول بصورة أساسية المفارقات التي نشأت بين صورة الاسطورة في مخيلة معجبيه حول العالم.. ومارادونا الانسان الذي يحمل أفكاره الخاصة التي تبرز شخصية ساخطة وثورية وعابثه في نفس الوقت.. ورب أسرة ومدمن مخدرات.

نشأ مارادونا في عائلة متواضعة جدا.. يقول لكوستاريكا الذي يظهر معه في كل اللقطات.. لكننا كنا نأكل.. وتحس أمي بوجع في بطنها اذا غنا بدون عشاء ويأخذنا كوستاريكا الي البيت الذي عاش فيه مارادونا وظهرت فيه موهبته منذ كان طفلا.. ليتوقف عند أهم المحطات التي صنعت مارادونا والزوايا المظلمة في حياته.. ويكشف لنا مارادونا تفاصيل حياته التي لم تصل اليها وسائل الاعلام.. وتمكن كوستاريكا من معايشة النجم الارجنتيني ليسير الي جانبه طوال الوقت في جولة عن الاماكن المحببة الي قلب النجم الارجنتيني.. بيته القديم الذي تربي فيه.. كما قدم لقاءات ومقابلات مع أصدقائه المقربين.. وأيضا لقائه مع الزعيم الكوبي ينديل كاسترو ليبين مدي استحواذ الشخصية العالمية بمارادونا. مستعينا بموسيقي تجعلنا نعيش في أجواء الملاعب ولقطات من أهم المباريات التي خاضها مستعرضا بأسلوب كاريكاتوري ساخر الاعداد التقليديين.. »بوش« و»ملكة بريطانيا« اللذان يظهران في الملعب مشوشين تائهين أمام فن صاحب الكرة الساحرة تلعب موسيقي فرقته »مانوتشاو« دورا مهما في الفيلم. ورغم اننيلست كروية.. لكنني استمتعت جدا بالفيلم وعشتا في اجواء حياة الانسان الاسطورة مارادونا الذي يتمتع بالسخرية وخفة الظل.

اورسولا اندروس: لم أجر عملية تجميل لأعيش مراحل حياتي

اورسولا اندروس نجمة السينما في الستينيات والسبعينيات وواحدة من رموز الجمال والاغراء، كنا قد دعوناها في بداية مهرجان القاهرة السينمائي.. شابة جميلة جذابة وكنت قد اجريت معها حديث في ذلك الوقت وجذبتني شخصيتها.

حاليا بدت خطوط الشيخوخة علي وجهها الجميل.. لكنها لم تجر أي عملية تجميل كما تقول - وهي صادقة في كلامها - لانها تعيش مراحل حياتها.

بدأت اورسولا اندروس حياتها كفتاة موديل في روما.. ثم اختيرت للعمل في السينما في أفلام جيمس بوند كما شاركت الفيس بريسلي في فيلم »اكابوكلو« عام ٣٦٩١ ومع فرانك سيناترا في فيلم »

أخبار النجوم المصرية في

12/11/2009

 
 

أمير كوستاريكا في مؤتمر صحافي في دمشق:

السينما سلاح مطلق للتعبير عن المشاعر... مع ذلك افضل الموسيقى

أنور بدر/ دمشق

لم يحقق أمير كوستاريكا إلا تسعة أفلام فقط، لكنها كانت كافية لوضعه في قائمة أهم مخرجي السينما في العالم، ويكفي أنه حاز السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي مرتين، وحصل على جائزة أفضل إخراج في كان أيضاً، بينما توزعت جوائزه الأخرى في مهرجانات البندقية، برلين، وفي يوغسلافيا، كما نال جوائز تقديرية عن مجمل أعماله في كندا، فرنسا، بلغراد، إيطاليا.

ولد أمير كوستاريكا في عام 1954، في سراييفو ضمن جمهورية يوغسلافيا السابقة، والتي تشظت لاحقاً إلى ثلاث دول، درس في أهم معاهد السينما في براغ، وعمل في التلفزيون كما دّرس في معهد الفنون المسرحية في سراييفو، وقد اهتم بالموسيقى إلى جانب اهتمامه بالإخراج السينمائي، فأسس لاحقاً فرقة 'أوركسترا ممنوع التدخين' التي حظيت بتقدير عالمي.

مع ذلك يعاني هذا المخرج من إنكار البوسنيين له، ومعاداة الصرب، لأنه يطمح إلى بلد يجمع كل الأعراق والأديان، ويدين الحرب في البلقان أو فلسطين وصولاً إلى العراق.

ربما يكون أمير كوستاريكا أهم شخصية سينمائية ممن كرّموا وحضروا في مهرجان دمشق السينمائي، حيث عبر عن سعادته بزيارة سورية وتقديره لحفل الافتتاح الكرنفالي على حد وصفه، في المؤتمر الصحافي الذي عقده في قاعة الربوة ضمن فندق الشام الدولي.

مع أنه كأغلب فناني العالم لم يعرف السينما السورية قبل حضوره إلى دمشق، إلا أنه يقدر بعض المخرجين العرب الذين التقى بهم ضمن المهرجانات السينمائية كالأخضر حامينا من الجزائر، كما أشاد بغناء الشاب خالد الجزائري أيضاً.

أما بخصوص أهمية السينما بحياة البشر، فأكد أنه سلاح مطلق للتعبير عن المشاعر العميقة للإنسان، تلك المشاعر التي تجسّر العلاقة بين الناس وتعمق الأحاسيس المشتركة باتجاه التسامح والحب ومناهضة كل أشكال العنف والحرب.

مضيفاً أن السينما التي يصنعها تختلف من حيث الأفكار والطروحات عما نشاهده في سينما هوليوود، وهذه السينما الجادة لا يمكن أن تعود إلى أهميتها السابقة في ظل سيادة أقراص الـ DVD المقرصنة ومتابعة الأفلام على الإنترنيت أو وسائط النقل حيث لا توجد متعة بصرية، شرط ازدهار السينما مرتبط برأيه بعودة المشاهد إلى صالة السينما، وعودة الطقس السينمائي الجميل، فالفيلم أشبه بالأوبرا لا يمكن أن نتابعه خارج الصالة.

أما عن أفلامه فيؤكد كوستاريكا أن النص هو الأساس لصناعة فيلم جيد، لكن المرحلة الأهم تبدأ مع الدخول في التصوير، حيث يصبح المخرج عرضة لشتى الضغوط المتعلقة بالعمل، وإن كان هو يسعى إلى الابتعاد عن المؤثرات الخارجية في هذه الفترة، ولا يستسلم لإغراءات نجوم السينما، فالممثلة الناجحة هي التي تتمتع بجمال داخلي وقدرة على إيصال المشاعر إلى المتلقي، وهذا ينسجم مع كون السينما وسيلة ديمقراطية للتعبير عن الآراء والمشاعر.

وأوضح أن دوافعه لإنجاز فيلم 'مارادونا' تكمن في غنى وتناقضات لاعب الكرة الأرجنتيني، فهو كإنسان يشكل إغراء لصناع السينما، أما بخصوص المهرجانات والجوائز فهي قطعاً لن تكون حاضرة في ذهنه أثناء الاشتغال على أفلامه، مع أنها تفتح في المحصلة أبواباً واسعة أمام العلاقات والفرص لمزيد من الإنتاج السينمائي.

المحور الآخر في المؤتمر الصحافي تركز حول علاقة أمير كوستاريكا بالموسيقى، فاستشهد بمقولة المخرج الياباني أكيرو كيرا ساوا أنه في إنجاز أفلامه يتبع دقات قلبه المتدفق بالموسيقى، وحتى المخرج الإيطالي فيدريكوفليني كان يُعرّف السينما بأنها موسيقى.

ولدى سؤاله أيهما يفضل أكثر الموسيقى أم السينما؟ أجاب بوضوح وبشكل حاسم أنها الموسيقى، فالسينما أو صناعة فيلم تشكل له معاناة حقيقية.

المحور الأخير من الأسئلة التي وُجهت إلى أمير كوستاريكا الذي عانى من تقسيم بلاده وحروب الطوائف، كانت حول التشابه بين ما يحدث في منطقتنا وما حدث في البلقان، فأكد أن العناصر التي اشتغلت على تقسيم يوغسلافيا هي ذاتها التي اشتغلت أو تشتغل على تقسيم فلسطين أو العراق. وأبدى رعبه من الخبر الأخير الذي سمعه بأن عدد القتلى في العراق وصل إلى رقم مليون إنسان، وربما يكون أكثر من ذلك، وأضاف أنه رغم المسافة القصيرة بين غزة والضفة الغربية إلا أن معاناة الإنسان الفلسطيني هناك تبدو رهيبة أيضاً. والصورة السينمائية لما جرى في البلقان أو يجري في المنطقة العربية تبدو واحدة في المشاهد الثلاث، فالصورة هي الأقدر على المزج ما بين الواقع المعاش والواقعية السحرية أو المتخيلة سينمائياً. وهو ما يذكره باستمرار بمعاناة أهله وأصدقائه في البوسنة.

القدس العربي في

12/11/2009

 
 

أهل التلفزيون على هامش مهرجان دمشق السينمائي

ماهر منصور/ دمشق :

عندما اعتلى خالد تاجا ونجدت أنزور وأمل عرفة مسرح مهرجان دمشق السينمائي في دورته السابعة عشرة، كان جلياً ان القاعة امتلأت بكثير من التصفيق لبراعة أداء الثلاثة في التلفزيون وليس في السينما. إذ كرّم المهرجان ثلاثة من أبرز نجوم التلفزيون، كل في ميدانه، خصوصاً ان للنجوم الثلاثة تجارب متفاوتة في السينما، فالفنان تاجا كان نجم السينما السورية في بداياتها، والمخرج أنزور بدأ بالتأسيس للسينما الأردنية ونفذ قسماً من فيلم يعول عليه كثيراً لإحداث ما يسميه «انقلاباً» في السينما العالمية، بينما ظهرت النجمة عرفة في فيلم «صعود المطر» بأداء ساحر..

حركة معاكسة

وبعيداً عن التكريم، تمكن ملاحظة توجه لافت عند الفنانين السوريين، فخلافاً لنجوم مصر الذين يدخلون التلفزيون من بوابة السينما، يبدو أن السوريين يعدون لحركة معاكسة تماما مع تحركهم باتجاه السينما من باب التلفزيون. إذ يعود شيخ المخرجين هيثم حقي إلى قواعده السينمائية من باب الإخراج في «التجلي الأخير لغيلان الدمشقي»، ومن باب التأليف من خلال فيلم «الليل الطويل» ومن باب الإنتاج للفيلمين السابقين ولأفلام ثمانية أخرى، منها ما نُفِّذ ومنها ما هو قيد التنفيذ. وبالمثل يكمل المخرج حاتم علي تجربته السينمائية ليرتفع عدد أفلامه إلى ثلاثة، فبعد فيلم «عشاق» المأخوذ عن مسلسله «أحلام كبيرة» أنجز المخرج علي فيلمه «سيلينا»، ومؤخراً فيلمه «الليل الطويل» الذي حصد أكثر من جائزة في مهرجانات سينمائية مهمة. أما على صعيد التمثيل، فالقائمة بدأت تطول مع نجوم السينما السورية: بسام كوسا، فارس الحلو، أديب قدورة، ناجي جبر، سمر سامي، سلاف معمار.. وآخرين كثر، كما لا يغيب نجوم سوريون يشاركون في السينما العربية والعالمية مثل سلاف فواخرجي، جمال سليمان، غسان مسعود، جمانة مراد، باسم ياخور، باسل خياط، تيم حسن..

تكريم منتجين بلا صحافيين

في المهرجان أيضا، كرمت لجنة صناعة السينما والتلفزيون منتجي الدراما السورية، من شركات الإنتاج الخاصة التي أنتجت أفلاماً هذا العام، وصولاً إلى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بصفتها منتجة للدراما التلفزيونية، وذلك ضمن حفل ترحيب بضيوف مهرجان دمشق السينمائي السابع عشر. إلا أن الصحافيين منعوا من دخول قاعة التكريم، فاكتفوا بتلقف الفنانين الداخلين إلى القاعة، بينما نقلت وسائل إعلامية ومواقع الكترونية سورية أخباراً عن انزعاج عدد من المنتجين من الطريقة التي تم تقديمهم بها، والتي حملت شيئاً من الإساءة في مكان يفترض أن يتم تكريمهم.

حضور لبناني أم غياب؟

بدورها، غابت السيــــنما اللبنانية عن منافسة المهرجان، لكن النجوم اللبنانيين حضروا بكثافة، ســـواء تمثيلاً في الأفلام الســـورية حيـــث لعب عمار شلق بطولة «بوابة الجنة» وبيارت قطريــــب في فيلم «مرة أخرى»، أو حضوراً في حفلي الافتــــتاح والخــــتام كما عندما قدمت سيرين عبد النور جـــائزة أفضل فيــلم عربي وقطريب إحدى جوائز الأفـــلام القصيرة، أو تحكيماً مثلما فعل المخرج أسد فولدكار.

السفير اللبنانية في

12/11/2009

####

بعد فيلمه «مرة أخرى» عن العلاقات السورية ـ اللبنانية

جود سعيد: عملي الثاني سيكون في لبنان المدينة لا الثكنة العسكرية

ماهر منصور/ دمشق

ما إن انتهى المخرج السوري الشاب جود سعيد من تصوير فيلمه «مرة أخرى» حتى داهمته كآبة لم يكن يتوقعها كما يقول (ربما مردها استمتاعه بتجربته السينمائية الروائية الطويلة الأولى). كآبة لم يفك قيده عنها، إلا الشروع مجدداً، وفي اليوم التالي من انتهاء التصوير، في كتـابة فيلم جديد.

كشف المخرج الشاب في حوار مع «السفير» أنه سيعود في فيلمه الجديد إلى مقاربة الموضوع ذاته الذي قاربه فيلم «مرة أخرى»، أي العلاقات السورية - اللبنانية من بوابتها الإنسانية، على أن يعقبه فيلم ثالث (أفكاره الرئيسية واضحة منذ الآن) في الاطار نفسه. وذلك ضمن مشروع سينمائي خاص بجود يضم ثـــلاثة أفلام «كنوع من الوقوف على هذه الذاكرة كشاهد، وإبداء الرأي فيها».

يتكئ الفيلم الثاني الجديد (لم يستقر حتى الآن على اسمه) في حكايته على التيمة الأساسية لحكاية فيلم «مرة أخرى» أي علاقة الأولاد بالآباء والارتباط بذاكرة الماضي، ولكن «هذه المرة من وجهة نظر مغايرة ومختلفة تماماً». ولو أن أحداث الفيلم الجديد بحسب جود «ستجري في لبنان أيضاً، ولكن في لبنان المدينة وليس الثكنة العسكرية كما كانت الحال في فيلمي الأول (أي «مرة أخرى»)». المخرج يصر ان تقاطع الفيلمين الحالي والمقبل في العنوان الرئيسي لا يعني تشابههما فـ«الحكاية في الفيلم الجديد ستكون أكثر لبنانية بعدما كانت في «مرة أخرى» أكثر سورية، الابن في الفيلم الجديد سيكون عبارة عن مزيج لبناني - سوري، فهو كان ثمرة لقاء أم لبنانية وأب سوري، وسيبدأ الفيلم بتناول حكاية الأب والأم وما سيؤول مصير علاقتهما المرهونة بالفراق، ومن ثم سيعرض الفيلم لحكاية أولادهما -الابن والابنة - على ان تتأرجح الحكاية بين زمنين ولكن ضمن بناء مغاير ومختلف عن «مرة أخرى»، حيث سنبدأ من لحظة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وننتهي مع حرب الالغاء، ومن ثم ننتقل الى لحظة خروج الجيش السوري من لبنان ونتابع مع الابن الذي سيبقى في لبنان». وبحسب جود ينطلق الفيلم الجديد باتجاه المدينة، وبالتالي «ستــــكون بيروت نفسها إحـــدى أبطال الفيلم. وستكون العلاقات الانسانية أوسع من خلال تناول عدة علاقات حب».

يشارك في كــــتابة النص الجديد الكاتبة الدرامية لبنى مشــــلح، ولاحقاً سيلتحق بها وبالمخرج سعيد المـــخرج والمونتير اللبناني سيمــــون الهبر، وبالتالي «سيكون النـــص المكتوب سورياً ـ لبنـــانياً بوجود المخرج الهـــبر، وسيـــحمل وجهة نظرنا نحن الثلاثة، وجهة نظر جيلنا...».

ولفت المخرج سعيد إلى أن المخرج هيثم حقي أبدى حماسته لإنتاج العمل مبدئياً، بالإضافة إلى جهات إنتاجية فرنسية، وتوقع المخرج سعيد أن يبدأ تصوير الفيلم في نهاية العام المقبل.

ولفت المخرج سعيد أخيراً إلى أن منطق فيلمه «مرة أخرى» وفيلمه المقبل قائم على رسالة مفادها كشف «عبثية الحروب، وأن الحياة تستمر ولو في أحلك الظروف..»، مؤكداً: «هذا ما عشته، هي ليــست سيرتي الذاتيـــة ولكنــــني أتكئ على ذاكرتـــي وذاكرة الناس الـــذين عاشوا حولي، وما عايشـــناه وما قرأناه عن تلك الفترة».

السفير اللبنانية في

13/11/2009

 
 

فيلم 'مرة أخرى':

سينما محفوفة بالحساسيات الرقابية عن الوجود العسكري السوري في لبنان!

محمد منصور

بحصول الفيلم السوري (مرة أخرى) على جائزتي لجنة التحكيم الخاصة، وأفضل فيلم عربي، تكون السينما السورية قد حققت بعض الحضور في مهرجان دمشق السينمائي السابع عشر، الذي اختتم فعالياته في السابع من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، في ظل تراجع إنتاج السينما السورية كماً ونوعاً، وتزايد الانتقادات لإدارة المؤسسة العامة للسينما، حول ما أسماه بعض السينمائيين في بيانهم الذي أعلنوا فيه مقاطعة المهرجان: (الدجل السينمائي الذي تقيمه الإدارة الحالية لتغطية العجز والخراب السينمائي الذي لحق بحال السينما في البلاد) إلا أن فيلم (مرة أخرى) يأتي وسط هذا الجو المشحون كاستثناء يعيد بعض الأمل في جيل جديد للسينما السورية، ناهيك عن أنه يقترب من موضوع إشكالي وسياسي شائك هو الوجود العسكري السوري، وإن بشكل ملتبس وموارب وفيه الكثير من مساحات التأويل المفتوحة!

قصة حب لبنانية سورية!

يسعى فيلم (مرة أخرى) إلى مقاربة الوجود العسكري السوري في لبنان، بمعزل عن استعراض تاريخ الصدام مع المليشيات والأطراف المتصارعة على رقعة الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان في سبعينيات القرن العشرين، وفتحت الباب أمام دخول الجيش السوري.

وباستثناء مشهد القناص الذي يحاول اغتيال مسؤول عسكري سوري كبير، فيقتل عوضاً عنه زوجته التي كانت تستقل السيارة هي وابنه الطفل، فإن الفيلم لا يدخل تفصيلياً في استقراء شكل الوجود العسكري السوري الذي كان قائماً في لبنان والأخطاء التي ارتكبها، وإن كان يوحي بوجود جبروت سلطة مسيطرة ذات هيبة أمنية ونفوذ واسع على كامل الرقعة اللبنانية.. وذات صرامة شديدة حتى في التعامل مع أبنائها وجنودها من العسكريين.

وعبر خطين متوازيين: الأول يعود إلى عام 1982، والثاني يستعرض واقعاً جديداً انطلاقاً من عام 2005، تسير الأحداث الأساسية في الفيلم، لتروي قصة حب تجمع بين ابن مسؤول عسكري سابق في لبنان، وبين سيدة لبنانية شابة تأتي إلى دمشق بعد خروج الجيش السوري من لبنان، لتعمل مديرة إحدى البنوك الخاصة التي بدأت تنتشر في سورية، بعد كسر احتكار الدولة للعمل المصرفي منذ سنوات قليلة.

العودة بالزمن ربع قرن إلى الوراء بالتوازي مع ما يحدث (الآن) تحقق للفيلم أكثر من هدف درامي... الأول استحضار الجو العام لشكل الوجود السوري في لبنان في تلك الفترة، والثاني إضاءة ماضي البطل (مجد) ابن الضابط الكبير الذي عاش طفولته في كنف أبيه بعد مقتل والدته، حيث عهد بتربيته إلى أحد مساعديه العسكر المقربين من أبناء ضيعته، فانطبعت طفـــولته بأجواء الحياة العسكرية، إلى الدرجة التي تحولت فيها الأسلحة إلى ألعاب مفضلة لديه... وهكذا في أثناء عبثه بإحداها تنطلق رصاصة من فوهتها بالخطأ إلى رأسه... ليرقـــد في غيبوبة طويلة في إحدى مستشفيات لبنان لمدة ثلاث سنوات، قيـــل إنه كان يعاني خلالها من فقدان ذاكرة. وبانتهاء الحرب اللبنانية، يشعر والد (مجد) بالسأم، فالعسكري الشديد الصرامة والقسوة لا يريد أن يتحول إلى شرطي، ولذلك يقرر الانتحار، فيما يتولى صديق آخر له، أمر رعاية ابنه الذي كان قد أرسل للدراسة والمزيد من العلاج في لندن!

صورة كل هذه الأحداث، تتقاطع بالتوازي مع صورة (مجد) الحالية، لنراه وقد أضحى مهندس اتصالات في بنك خاص يلمح الفيلم أن صديق والده الضابط العسكري الكبير له حصة أساسية فيه، ونراه يعيش حياة لاهية وباذخة وشديدة الترف، فهو يعامل كل من حوله باستهتار وفوقية، ويترجم هواه القديم بالإدمان على ألعاب فيديو عنيفة، قوامها الحروب والقتل والدماء... ويعيش حياة متقلبة مع نساء يعشقهن سريعاً ويمل منهن سريعاً، إلى أن تأتي مديرة البنك الجديدة اللبنانية الجنسية، فيحاول التعرف عليها بطريقة فظة لكنها تصده... فيقوم بالتجسس على اتصالاتها الشخصية من أجل معرفة كل شيء عنها، وينجح في كسر الحاجز معها، بالتوازي مع كسر حاجز الخوف الداخلي الذي كانت تعيشه كلبنانية تأتي إلى سورية لأول مرة، في الوقت الذي كانت تمر فيه العلاقات اللبنانية السورية بأقوى أزماتها بعد خروج الجيش السوري عام 2005!

لكن معرفة (جويس) اللبنانية بحقيقة أن (مجد) يتجسس عليها، تدفعها إلى قطع علاقتها به، وتأتي حرب تموز(يوليو) عام 2006، لتخلق واقعاً جديداً... حيث نرى أصداء الحرب في سورية، ونسمع خطابات حسن نصر الله في المقاهي... وبسبب الحاجة إلى مساعدته كي تصل إلى ابنتها وأمها اللتين كانتا تحاولان القدوم إلى دمشق هرباً من الحرب، ثم علقتا في الشمال اللبناني، تلجأ (جويس) مجدداً، إلى (مجد) فيقوم بمساعدتها بنبل، وتشعر بسبب شهامته معها بحبها الحقيقي له، إلا أن الفيلم يقفل على مشهد وداع رومانسي لا يخلو من دلالة، فوق جسر متحرك تعبر عليه (جويس) نحو لبنان، فيما يبقى فيه (مجد) إلى سورية!

رواسب الماضي ومشاعر الحاضر!

ثمة الكثير من الإشارات والدلالات التي تسعى دراما الفيلم لتشريح العلاقة السورية اللبنانية من خلالها، فالفيلم يركز بشكل حاد على صرامة الحياة العسكرية حتى بين الضباط والعسكر السوريين، لتوصيف نوع وشكل الوجود العسكري السوري الذي كان سائداً في لبنان، لكنه يتحاشى الحديث عن أخطاء وممارسات ارتكبت بشكل واضح، وشكلت مصدراً من مصادر الكراهية في أحيان كثيرة وللأسف... وإن كان لا يغفل بعضها، كما نرى حين يستيقظ ابن المسؤول العسكري من غيبوبته بعد ثلاث سنوات، فلا يكون من العسكري (أبو سعيد) الذي يتولى رعايته، سوى أن يطلق وهو داخل المستشفى، عدة طلقات من مسدسه ابتهاجاً باتجاه نوافذ الغرفة متلذذاً بتهميش زجاجها!

وهكذا يبدو الوجود العسكري الذي كان، هو الخلفية للحديث عن العلاقة الآنية التي نراها تنشأ اليوم، والتي حاول الفيلم أن يختزلها في شكل قصة حب، تنهار معها (لدى جويس على الأقل) كل الأفكار والمشاعر المسبقة عن الشام ، المخيفة التي يكتب فيها الجميع التقارير الأمنية، فإذا بها تكتشف أن السوريين يسمعون فيروز في كل الأوقات، وإن هم أرادوا أن يغيروا يسمعون قليلا لوديع الصافي، وأن الحياة في الشام كما رأتها، هي أشبه بمسرحية للأخوين رحباني!

لكن المشكلة الأساسية في معالجة هذه العلاقة درامياً، أن الفيلم يبرر كل آثامها بمبررات الحاجة والضرورة... لقد اكتشفت (جويس) أن (مجد) كان يتجسس عليها وعلى اتصالاتها الشخصية بطريقة أمنية فيها اعتداء على حريتها وخصوصيتها وتدخل سافر في شوؤنها... فقررت إخراجه من حياتها، لكنها في النهاية قررت العودة للجوء إليه لأنها (بحاجة لمساعدته) وهكذا يمكن القول إن على اللبنانيين أن يغفروا أخطاء الماضي لأنهم بحاجة دائماً لمساعدة سورية... وما الجسر الذي رأيناه في نهاية الفيلم، إلا ترجمة لشكل الحاجة الطارئة إلى سورية، صحيح أن هذا الجسر يبدو هشاً ومتحركاً على الصعيد الرمزي، لكنه في النهاية هو جسر اضطراري في زمن حرب وأزمة... وأعتقد أن هذه القراءة لشكل العلاقة، تفتقد لشرف الاعتراف بالأخطاء ونقد الذات قبل الطلب من الآخرين نسيان صفحة الماضي... صحيح أن هناك أخطاء لبنانية في المقابل، يشير إليها الفيلم، كما حين يستحضر صوتياً تناقض موقف جنبلاط الذي كان ينادي بالأمس بأهمية التعاون والتحالف مع الشقيقة سورية من أجل هزيمة المخططات الأمريكية في لبنان (حسب نص المقتطف الصوتي الذي أورده الفيلم) لكن هذه الأخطاء تبقى مسؤولية اللبنانيين، وهم من يجب أن يصححوها ويعترفوا بها!

لكن خارج حساسية هذا الموضوع الشائك والمعقد، قدم الفيلم للمواطن السوري صورة (صادمة بصرياً) رغم أنها يعرفها طبعاً، عن هذا البذخ والترف الذي يعيشه ابن مسؤول عسكري سابق... فالصورة فيها كثير من الجرأة في نقد حالة الثراء غير المشروع، وحالة السفه في تبديد أموال، وتحويلات بنكية، واعتبار سيارة المرسيدس التي يحلم بها ثلاثة أرباع الشعب السوري (عجوز كركمة) من المعيب ركوبها، كما يقول صديق والد (مجد) الذي تحول بدوره من ضابط سابق في لبنان، إلى ثري من أثرياء المال، وأصحاب الفيلات والقصور، والإدارة الخفية للبنوك... لكن الفيلم قدم هذه الإشارات في سياق منضبط وحذر نقدياً، وحاول التخفيف من وقعها الرقابي حين أضفى جاذبية فنية على ابن هذا المسؤول السابق، وجعله في النهاية (عاشقاً فارساً نبيلا) يستحق أن يعشق، بل وأن يتعاطف المشاهد السوري واللبناني معه!

جماليات لغة السينما!

في كل الأحوال... تبقى دراما الفيلم ثرية بالدلالات إن في تشريح العلاقة السورية اللبنانية وإبداء وجهة نظر ما فيها، وإن في تشريح بعض صور الواقع الداخلي السوري أيضاً متمثلة في نمط حياة أولاد المسؤولين... ولعل هذا ما يجعل الفيلم عملاً هاماً كمشروع فني يحمل فكراً خاصاً على الأقل... ويريد أن يقول أفكاره بكثير من العمق والتأمل، والقدرة على تقديمها في سياق تحليلي يبتعد عن السطحية والمباشرة.

يعاني الفيلم على صعيد الإيقاع في شيء من البطئ في البداية، وهو يرهق مشاهده بسبب المزج بين مستويين زمنيين، يبدوان متداخلين دون أي تمييز، حتى ليختلط السرد، قبل أن تتكشف لعبة تداخل الأزمنة ويمضي الفيلم في مساره نحو الزمن الحاضر... إلا أن ذلك لا يغفل المزايا الأخرى التي تجعل حتى من هذا السرد المرهق، شكلاً قــــادراً على إمتاع المشاهد وإثارة رغبتـــه في متابعة خيوط دراما الفيلم... ومما لا شك فيه أن لغــــة جود سعيد الفنية، وهو مخرج شاب لم يتم الثلاثين من العمر بعد (مواليد 1980 يحمل شهادة ماستر في الإخراج السينمائي من جامعة لويس لوميير ـ فرنسا) ساعدته على تقديم عمل فني متماسك وجدير بالاحترام، وخصوصاً على صعـــيد تقديم لـغة سينمائية أخاذة في التصوير وبناء الكادر السينمائي، وتحقيق جماليات عصرية تقودها عين نظيفة وذائقة متطلبة تعي خصوصية السينما كفن ولغة في آن معاً. ومن الغريب فعلاً أن مديرة التصوير (جود كوراني) التي بدت في فيلم (بوابة الجنة) ذات أداء متواضع، تحقق مع جود سعيد هنا مستويات شديدة التميز... تجعل من تعاونها المثمر مع مخرج (مرة أخرى) إحدى ملامح النجاح البارزة.

وعلى العموم ثمة تكامل واضح في كافة عناصر الفيلم الفنية، من تصوير وموسيقى وديكور، ناهيك عن سوية عالية من الأداء التمثيلي لبطل الفيلم (قيس الشيخ نجيب) في واحد من أجمل أدواره... ومهندس الصوت المعروف (جوني كوموفيتش) الذي أدى دور المسؤول العسكري بإحساس داخلي عميق وشديد التناغم مع الحركة الخارجية، والمخرج السينمائي (عبد اللطيف عبد الحميد) في حضور شعبي ومتدفق بالروح الكوميدية إنما من دون تهريج... إلى جانب الأداء المتوازن والمدروس للممثلة اللبنانية (بياريت قطريب) والحضور المقبول لكندة علوش!

وجه سينمائي جديد

إن فيلم (مرة أخرى) يأتي منسجماً مع سياق السينما السورية التي طالما طرحت قضايا سياسية واجتماعية إشكالية بعمق على أيدي مخرجين كبار... لكن أهميته أن يحمل توقيع وجه جديد على السينما السورية ومخرج شاب، يحاول أن يقول ما لديه بلغة فنية جيدة، وإحساس درامي عميق... بعيداً عن الإنتاج الرديء والمتوسط الذي طبع أفلام المؤسسة العامة للسينما في السنوات العشر الأخيرة... ويبقى ما قدمه مجرد وجهة نظر تستحق الكثير من التأمل والسجال، في موضوع شائك ومحفوف بحساسيات رقابية لا يمكن تجاوزها بسهولة في عمل فني من انتاج مؤسسة حكومية سورية!

القدس العربي في

13/10/2009

####

مرة أخرى” دعوة لنسيان ماضي العلاقات السورية – اللبنانية 

لا تزال مسألة وجود القوات العسكرية والاستخبارية السورية قبل خروجها من لبنان في 2006 تشكل مادة شهية ودسمة لكثير من الكتاب والمبدعين متابعي العلاقة المشتركة بين الجانبين.

ولعل فيلم “مرة أخرى” الذي كتبه وأخرجه المخرج السوري الشاب جود سعيد من إنتاج مؤسسة السينما السورية دليل اضافي على أن علاقات اللبنانيين والسوريين ستبقى محل حوار بعد مرور بضع سنوات على خروج الجيش السوري من لبنان.

ويقول جود سعيد لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن الفيلم الذي عرض مساء أمس الأول في مسابقة الأفلام الطويلة في مهرجان دمشق السينمائي “يروي حكاية مجموعة من العسكريين السوريين وعلاقاتهم ببعضهم بعضاً وعلاقاتهم أيضا مع اللبنانيين”.

وأضاف أن الفيلم يروي “كيف أثرت الحرب الماضية فيهم جميعا وامتد تأثيرها إلى كل تفاصيل الحياة بما في ذلك أدق التفاصيل الحميمية وبالتالي نجد ان الحرب الأخيرة تعيد إنتاج نفس دورة الحياة من التأثير السلبي في الطرفين من أبناء البلدين”.

ويروي الفيلم الذي اجتذب مئات من الجمهور حيث غصت صالة السينما بهم جلوسا ووقوفا قصة ضابط سوري كبير عانت حتى أسرته من صلابته وكيف حول حياته الأسرية الى ما يشبه “ثكنة عسكرية” أثناء أدائه لخدمته في لبنان ثم تقتل زوجته برصاص قناص بينما يصاب ولده الصغير الجالس في حضن والدته.

وبعد بضع سنوات يصيب الطفل نفسه برصاص من إحدى البنادق لأن ألعابه كلها مجموعة من الأسلحة فهو كطفل لا يجد حوله إلا الأسلحة والعسكر في مشهد يعكس صعوبة العيش لطفل فقد أمه ووالده بعيد عنه دائما وإن وجد فهو قاس على طفله.

ويعهد الأب (الضابط) بمسألة تربية طفله لأحد مساعديه العسكر (المخرج السوري المعروف عبداللطيف عبدالحميد في دور المساعد أبوسعيد) الذين يثق بهم ويحسبون على دائرة مقربيه الصغرى.

لم يمت الطفل مجد(الممثل السوري قيس الشيخ نجيب) الذي أصاب نفسه بالرصاص لكنه يدخل في غيبوبة لأكثر من ثلاث سنوات يرقد خلالها في مشفى الراهبات المسيحيات في بيروت، ومع توالي مشهد الحياة اليومية للثكنة العسكرية السورية في لبنان التي يشرف عليها والد مجد من تدريب واعمال روتينية يومية تتخلل هذه المشاهد عودة الى مشاهد ماضية من حروب اشتبكت بها القوات السورية مع الجيش “الإسرائيلي”، في اشارة الى ان الهدف الرئيس لوجود الجيش السوري في لبنان يكمن في منع “اسرائيل” من احتلاله وليس كما اراد البعض ان يروج لهذا الوجود على انه سلبي دوما.

والفيلم لا يبرر هذا الوجود بل يعتبره اصبح حالة من الماضي.

يقول المخرج جود سعيد “لا أحد ينكر الأخطاء التي حدثت في الماضي حتى القيادة السورية تحدثت عن ذلك وأقرت بها ولكن السؤال الابرز برأيي في الفيلم: هل نبقى أسيرين لذلك الماضي أم نتجه سويا لبناء علاقة مستقبلية سليمة ومملوءة بالثقة بديلا عن سيطرة الشك المتبادل”؟

وأضاف: شارك في الفيلم عشرات الاشخاص من لبنان فبطلته الفنانة بياريت قطريب لبنانية.

وأكد محمد الأحمد مدير مؤسسة السينما الجهة المنتجة، في كلمة مقتضبة له قبيل افتتاح الفيلم إنه “يقدم رؤية الجيل الشاب للأشياء والأحداث والمؤسسة سهلت عملية اخراجه للنور”.

وقال “أعرف أن هناك من سيحب الفيلم ومن سيرفض تقبله لكنني أستطيع القول انه نبض مهم في السينما السورية لذلك أشجع جود في عمله المهم هذا”. وبلغت تكلفة الفيلم حوالي نصف مليون دولار أمريكي وجرت كل عمليات التصوير في سوريا حسبما أكدت مصادر رسمية في الفيلم ل(د.ب.أ)، مشيرة الى ان الفيلم قد يعرض عروضا خاصة أو جماهيرية.

من ناحية اخرى، ربما يكون للفيلم الفرنسي “جدار في وجه الأطلسي” والمأخوذ عن رواية للكاتبة الفرنسية مارجريت دورا عام 1950 والذي أخرجته فالريثي في العام الماضي، دور كبير ومهم في تحديد سير جوائز مهرجان دمشق في دورته الحالية.

الفيلم الذي عرض سابقا ولعدة مرات حتى الآن في الصالة الرئيسية لدار الأسد للثقافة والفنون( دار الأوبرا) بدمشق يعيد المشاهد إلى الماضي، وتحديداً إلى قرابة 90 عاماً، في الفترة التي كانت فيها فرنسا تحاول إقامة مستعمرات حول العالم، حتى حط بها الرحال عند شواطئ الصين العتية.

.ويشير النجم السوري طلحت حمدي إلى أن الفيلم (حسب القصة) سيكون له تواجد قوي مؤثر في عملية توزيع الجوائز، لا سيما أنه آت من رواية مهمة كتبت في عصر الروايات الخالدة (خمسينات القرن الماضي).

ولعل ما يقرب بين الفيلم والجائزة (ربما لا تكون الذهبية) أن أفضل عشرة أفلام في تاريخ السينما تنتمي إلى الفئة الآتية عن الروايات، لذا فليس غريبا أن يحوز (جدار في وجه الأطلسي) على جائزة في مهرجان دمشق.

الخليج الإماراتية في

07/11/2009

 
 

مهرجــان دمــشق والصــراع بيــن المخرجيــن والمؤسســة العامــة للســينما

هــل هــي أهــواء وأمزجــة أم سياســة آن أن تنتــهي؟

سامر محمد اسماعيل

تعود الدورة السابعة عشرة لمهرجان دمشق السينمائي بعد ثلاثين عاماً على البيان الذي أصدرته لجنة المهرجان عام 1978 حيث جاء هذا النظام مفتوحاً في خطوطه العريضة لمزيد من التطور والاتساع ليكون مهرجاناً توأماً لمهرجان قرطاج السينمائي، إذ جاء بيان اللجنة تحت شعار «من أجل سينما متقدمة ومتحررة» شعار كان يبدو في السبعينيات ذا طموح نظري لا تعززه إلا الرغبة الحارة في صناعة سينما تقيس ذاتها بأحلامها، إذ لم يكن القياس مع معايير السينما العالمية وارداً، وحيث لم يكن هناك ما يمنع منذ اللحظة الأولى ولادة طفل سينمائي جميل كما يسميه «محمود عبد الواحد» في كتابه «مهرجان دمشق السينمائي..ألبوم وذكريات ـ منشورات وزارة الثقافة السورية 2005. لكن ما الذي حدث اليوم وما هي الأسباب التي تقف خلف مقاطعة السينمائيين السوريين للمهرجان وإبعادهم عن عجلة الإنتاج السينمائي الوطني؟ وما هي حقيقة الاتهامات التي وجهها المدير العام للمؤسسة في المؤتمر الصحافي الذي انعقد مؤخراً لإعلان الخارطة النهائية لمهرجان دمشق السينمائي السابع عشر؟ والذي ترافق مع توزيع بعض الشبان والشابات لنسخ من أفلامهم التي مُنعت من العرض في سوريا على الصحافيين الخارجين لتوّهم من مكان انعقاد المؤتمر في صالة سينما الكندي، يقول محمد الأحمد المدير العام للمؤسسة».. بأن المؤسسة العامة للسينما السورية لم تُبعد أحداً في تاريخها، بل السينمائيون هم من ابتعدوا، فالمخرج أسامة محمد حقق فيلمه (صندوق الدنيا) الذي أنتجته له المؤسسة وجال المهرجانات مسافراً مع فيلمه إلى كل أنحاء العالم؛ لكن عندما انتهت رحلة الفيلم قاطع أسامة المؤسسة من دون أن يبدي السبب إلى هذا اليوم، وأنا سمعت اليوم أنه يريد بناء علاقة جديدة مع المؤسسة كونه يملك فيلماً آخر ونحن نرحب به وبغيره، لكنني لن أكون صديقاً له بعد اليوم على الصعيد الشخصي، فنحن لا نقود الأمور بمشاعر شخصية بل بمشاعر احترافية، وهذه المؤسسة هي مؤسسة أسامة محمد ومحمد ملص وكل المخرجين الذين لهم موقف منها، لكن ليس ذنبي حين يريد محمد ملص أن يقدم سيناريو يسيء فيه لزوجته السابقة وتعترض فنقول له إن زوجتك السابقة اعترضت وإذا بقي السيناريو كما هو ستقاضينا، نرجو منك أن تعدل السيناريو، يدير ظهره ويقاطع ويقول أنا متبعد».

يصف المخرج محمد ملص القصة بأنها ليست قصة بناء ثقة، فالأمر ليس مطروحاً بهذا الشكل؛ في العمل السينمائي لا تحتاج الأمور لإعادة بناء الثقة على الصعيد الشخصي، بل هناك سؤال جوهري وأساسي: هل المشروع الذي يقترحه يستحق أم لا؟ والسينمائي هل هو قادر على تحقيق فيلم ذي أهمية على الصعيد الجمالي أو الثقافي والفكري أم لا؟ هذا هو المرجع الوحيد للأمر، ويشعر صاحب أحلام المدينة بالغثيان لتكرار هذه الكلمات الخاوية من المعنى والكاذبة التي تتشدق بقضايا بعيدة عن السينما وعن جوهر العلاقة مع المشروع السينمائي والنهوض بواقع السينما سواء ما يخص الفيلم أو الإنتاج السينمائي بشكل عام، يقول ملص :«إيانا أن نقع بما تريد هذه العقلية المخاتلة والرديئة وأن تقودنا إليه حول قضية الثقة، فالموضوع بيني وبين محمد الأحمد ليس موضوعاً شخصياً يتعلق بسيناريو، وهو عندما يتهم أسامة محمد أو عمر أميرلاي يريد أن يجرد الحالة السينمائية من جوهرها، ويردها إلى قضية شخصية ومزاجية قائلاً إنه لا يفهم ولا يعرف لماذا قاطع أسامة محمد المؤسسة، هذه كلها محاولات للقفز والاحتيال على الفكرة الجوهرية، فأنا حين أكون قادراً على صناعة السينما يصبح الفيلم السينمائي الخط الوحيد أمامي الذي أقاتل من أجله سواء كنت مخرجاً أو مؤلفاً أو مديراً لمؤسسة... هذا الموضوع هو المغيب في عقلية مدير المؤسسة العامة للسينما وهي عقلية لا تريد للسينما السورية أن تنهض وتتحقق».

السلطة لا تخاف من السينما...

يتساءل ملص أين هي السينما السورية اليوم ويشبّه قصته مع إدارة المؤسسة بحكاية الفيلم السينمائي الذي حققه عام 1974 بعنوان (الكل في مكانه وكل شيء على ما يرام سيدي الضابط) ويتساءل: «حيث أنه كل صباح يمر الضابط الصغير على الزنازين ويتفقد كل شيء ثم يقدم الصف لرئيسه ويخبره أن الكل في مكانه وكل شيء على ما يرام سيدي الضابط؛ هذه الحقيقة تدل على العقلية التي تسير الأمور في المؤسسة كما يشخصها صاحب فيلم الليل، فالضابط الصغير أشبه بأي مدير عام لمؤسسة السينما وليس عليه إلا أن يضرب أخماساً بأسداس ويجري الكثير من الاتصالات والسفر إلى المهرجانات الدولية ويجمع الأفلام بعجرها وبجرها ثم يأتي ليصدح بالأرقام الكبيرة ويعلن أن كل شيء على ما يرام سيدي الضابط. يقول ملص بأن هذه العقلية تتضخم يوماً بعد يوم جسديا وذهنياً سنة بعد أخرى، وهي تردد باستمرار موالها عن الحرفية والمهنية، وللأسف أن هؤلاء المدراء الذين حكموا المؤسسة مدة 35 عاماً هم عبارة عن ضباط صغار يرددون يومياً العبارة ذاتها لرئيسهم المباشر وكأن مهرجان السينما جردة حساب وتبييض وجوه وترديد شعارات في تجميل وجه الوضع وتجميل وضع الزنازين أمام الضابط الكبير».

يعزو ملص القصة بأنها «ليست خلافات مهنية أو شخصية كما يردد الأحمد في كل مناسبة عن حكاية الفيلم التي احتجت عليه زوجتي السابقة فعلاقتي مع أيٍ ممن كان مديراً عاماً للسينما لم تكن شخصية ولم تكن مهنية لأن المهنة عالم يجهلونه، وهم لا يملكون الضمير للاعتراف بهذا الجهل، القصة وما فيها أنه يجب أن يملكوا ضمير الموقع الذي يحتلونه والمسؤولية التي يتشدقون بها، فحين يأتي هذا المدير ويخرب السينما، عليه أن يعترف بذلك، نحن نحتاج إلى عقلية تعيد صياغة الوضع السينمائي وترتيبه من أجل المزيد من الإنتاج والحيوية والحضور السينمائي السوري وليس بكمية الكتب التي تأكلها الرطوبة في أقبية المؤسسة العامة أو بكمية الأفلام الكبيرة التي يعرضها مهرجان دمشق حيث لا يتاح للناس رؤيتها في سبعة أيام، لتنتهي جنازة مهرجان دمشق ويعود الناس إلى حياتهم اليومية الخاوية المعذبة التي تنضح بالفراغ والخواء».

هذا الجرد السينمائي يحيله ملص إلى «الأحمد» بأن «القصة ليست قصة فيلم أو فيلمين وإذا كان لها علاقة بالصالات فكل من يتجول في دمشق سيعرف جيداً الوضع المتردي لصالات العرض في هذه المدينة».

السلطة لا تخاف من السينما يقول صاحب فيلم المنام « الخوف عند المخاتل الوحيد وهو مدير عام السينما الذي يخشى على كرسيه ويعتقد من خلال العقلية التي يحكم بها المؤسسة أن ذلك هو الطريق الذي يحميه على مدى السنوات ببعثرة وتمزيق الحالة السينمائية السورية وتحويلها إلى أشلاء»، ويفترض ملص أنه لو اجتمع السينمائيون السوريون تحت إدارة مختلفة تريد النهوض بالسينما وقدمت مشروعاً لإعادة صياغة المؤسسة وتقدمت به بإلحاح وقناعة من الإدارات العليا في الدولة وليس على مستوى وزارة الثقافة لتمكنوا من صياغة وضع سينمائي جديد، مبرراً عدم القدرة على تحقيق ذلك بأن «الإدارة حالياً تكره السينما وكفى كذباً وادعاءً بأن كل الأمور على ما يرام وكفى لهذا الضابط الصغير الذي يردد كل صباح أن كل شيء في مكانه».

يرد ملص على الدعوة التي وجهها المدير العام للمؤسسة له بأنه اليوم غير معنيّ بهذه الدعوة لأنها دعوة للدخول في النفق المظلم ذاته، «فأنا لم أخسر سوى عمري لكن السينما هي التي خسرتني، ولا أعرف اليوم إن كان من أحد يصدق ما يقوله المدير العام، أنا أقترح أن نجري استفتاء على طريقة برنامج الاتجاه المعاكس وسيكون السؤال هل تصدق المدير العام للسينما أم لا تصدقه؟ ومع ذلك كله أتمنى أن تشارك المؤسسة في إنتاج أفلامي وإن لم أستطع تحقيق ذلك سأقوم بتحقيق أفلامي، لوحدي مع أصدقائي أو الجهات الخارجية التي حققت معهم فيلم «باب المقام».

تحايل على القوانين وشراء للضمائر

سنوات طويلة مرت على مشاركته بفيلم «عن ثورة» الذي حققه باسم اليمن بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة اليمنية، وبتمويل من الحزب الشيوعي اللبناني قدمه في الدورة الأولى لمهرجان دمشق السينمائي، ونال عنه جائزة السيف الذهبي للأفلام التسجيلية القصيرة في المهرجان ذاته. يسجل «الأحمد» اعتراضه على المخرج عمر أميرالاي وعن أزمة ثقة أخرى مع صاحب فيلم «الدجاج» فيقول الأحمد:« أميرالاي ليس ابن المؤسسة ولم تنتج له المؤسسة إلا عام 1974 وهو أراد أن يقدم لنا فيلماً عن الآثار فكان فيلماً بعنوان «الطوفان في بلاد البعث»، أراد أن ينتج فيلماً غير الذي قدمه لنا فحقيقة الثقة بيننا غير متوافرة ولا أثق بأي مشروع يقدمه أميرالاي، فالتجربة هي عنوان الثقة، وعندما يأتينا عبد اللطيف عبد الحميد نقر على بياض أما أميرالاي، أقولها بملء الفم، فلن أتعامل معه. فهناك تجربة وهناك مؤسسة أنا مؤتمن عليها وهناك أعراف علي أن أضعها أمامي حين أعمل».

علاقة الخصومة هذه بين أميرالاي والمؤسسة كهيئة رسمية بدأت منذ منتصف السبعينيات وليس من جديد على هذا الصعيد، فكان يقترب منها كلما اقترب من تحقيق أفلامه السينمائية ويبتعد بقدر ما تتنكر له هذه المؤسسة ولمهمتها التي وجدت من أجلها. يسرد قصة المخرجين السوريين منذ البداية فهم كسينمائيين كانوا يتجنبون أن يمسك بالسينما السورية فرد من الأفراد، لذلك كان أميرالاي برفقة زملائه رغم اختلاف رؤيتهم السينمائية؛ يجتمعون على محبتهم وحرصهم أن ينشأ في سوريا سينما تحترم نفسها، وقادرة على مواكبة تحول وتطور الوعي في المجتمع السوري، وبقدر الإمكان أن تكون هذه السينما عيناً على مشاكل على هذا المجتمع وتحولاته، لذلك واجه هؤلاء السينمائيون أثناء مواكبتهم لسينما القطاع العام ممثلاً في المؤسسة أشكالاً من التقارب والتنافر، ففي فترة السبعينيات كان التنافر له وجه واضح مبني على التناقض في الرؤية السياسية حيث أرادت الدولة أن تستعيد مؤسسة السينما التي كانت تعتبرها منفلتة عن هيمنتها كقطاع عام وأيديولوجيا حزب حاكم.

يتذكر أميرالاي تلك السنوات: «عام 1974 وضعت الدولة أحمد قرنة مديراً عاماً للمؤسسة وقد سعى لترويض المؤسسة أيديولوجياً مدخلاً إياها في قفص الولاء، وطبعاً نجح بأن يبعدنا عن المؤسسة وصنع سلسلة من الأفلام التي لا تُذكر في تاريخ السينما السورية وامتدت هذه المرحلة حتى بداية الثمانينيات، ومع أنها كانت الأكثر غزارة إلا أنها كانت الأكثر ولاءً، أما بالنسبة للتنافر المعاصر مع المؤسسة فكان على قاعدة مختلفة لها علاقة بالسينما، لكن للأسف لها علاقة بالأخلاق، ووقتها ومع وصول الإدارة الحالية لهذه المؤسسة كان الفساد خفوراً ولا يذكر، وكان على شكل تحايل على القوانين الجائرة لوزارة المالية أكثر منه شراءً للضمائر ونفوس السينمائيين كما يحدث اليوم، لكن في الفترة الحالية بات هذا الفساد يشكل السبب الرئيسي في القطيعة مع السينمائيين، لأن هذا الفساد أصبح وقحاً ولم يظل هذا الفساد مالياً بل أصبح فنياً أيضاً بسبب تسرب عصبية ما وهي خطيرة وليس لها سابق في تاريخ المؤسسة، عصبية على أكثر من مستوى وبالتالي من الطبيعي جداً أن يتم استثناء سينمائيين آخرين لم ينضموا إلى هذه العصبية لأنهم لا ينتمون إلى منطقها».

هذا الانحراف الخطير لمؤسسة رسمية كما يوصفه أميرالاي «غيّر من طبيعة المؤسسة التي كان عليها أن تحتضن جميع السينمائيين وأن تكون حريصة ألا تستثني أحداً لأي سبب كان، لأنها يجب أن تكون مؤسسة وطنية تمثل الجميع، إضافة إلى انحطاط عام في المعايير والقيم عوّم منطق الاستزلام والتزلف لدرجة أصبح من المعيب استمرار هذه السياسة في المؤسسة وآخر ما عرفته عن هذه الممارسات هو إرسال موظفين إداريين في المؤسسة ليكونوا أعضاء لجان تحكيم في مهرجانات دولية. وأحياناً تبعث المؤسسة بعارضي أفلام وموظفين من الدرجة الثانية والثالثة لتمثيل السينما السورية في الخارج، وهذا يعبر عن حالة من الفساد المنظم لشخصية السينما السورية في غياب ممثليها الحقيقيين.

أما ما يختص بالمهرجانات التي تقيمها المؤسسة فيصنفها أميرالاي: «بالأمر غير الجديد في شراء البكارة السياسية لدى القائمين على مؤسسة السينما، وهذا ليس في مؤسسة السينما لوحده وإنما في بقية المؤسسات العامة التي تقيم الندوات والاحتفالات والتظاهرات من أجل إيصال رسالة أساسية هي تجديد الولاء وكسب رضى السلطة، وتذكير السلطة بوجودهم كمسؤولين على رأس مؤسسات الدولة. وأكثر ما يهم هؤلاء هو تطيير برقية الافتتاح والختام ويا ليتها تذهب باسم هذا أو ذاك وإنما باسم المهرجان وتفرض على ضيوفه الذين لا حول لهم ولا قوة، والأنكى من ذلك تطير هذه البرقيات باسم السينمائيين والسينما السورية وهذا الفعل الممقوت لا يمثل لا السينما ولا السينمائيين السوريين، فالسينما في سوريا درجت ألا تقدم الولاء لأحد وإنما للسينما كفن، ومع الوقت تطور هذا الشكل من أشكال تقديم الولاء من البرقيات والتصريحات البلاغية إلى ما يشبه البغاء الفني الذي يستقطب ضيوفاً لا علاقة لهم بالسينما وإنما من أجل نفوس اليعاقبة التي تدير هذه المهرجانات، ووصل الأمر بدعوة ممثلة بورنو من فرنسا في الدورة الماضية للمهرجان»...

يرفض عمر أميرالاي التماهي مع مهرجان دمشق مستذكراً الدعوة اليتيمة التي ُقدمت له في التسعينيات «وجهها لي مدير عام سينما سابق هو مروان حداد عندما طلب منا المؤازرة في أحد المهرجانات وأراد وقتها أن يغير من الوضع السائد. لبيت دعوته وقتذاك من أجل السينما، وانتهت هذه المشاركة بتخويننا من قبل الصحافة السورية وخصوم السينما، وذلك لأننا دعونا وقتذاك السينمائي التونسي نوري بوزيد ليشارك بفيلم يتضمن شخصية يهودي تونسي فكانت التهمة هي محاباة الصهيونية مما جعلنا نصدر بياناً كسينمائيين عام 1992 نستنكر فيه منع هذه الأفلام التونسية في سوريا. وتم انسحابنا من المهرجان وانسحب معنا مجموعة من السينمائيين العرب، وهكذا انتهت هذه المشاركة اليتيمة في مهرجان دمشق. أجل انتهت كما يجب أن تنتهي بفضيحة، وذلك لأنه لا يمكن أن تقدم شيئاً شريفاً للسينما في سوريا من دون أن تصطدم بالسلطات الرسمية فنياً أو سياسياً أو حتى أخلاقياً. لذلك ابتعدت عن شر المهرجانات ولم أغنِّ لها بل ندبتها».

وعن موقفه تجاه ما يجري يقول أميرالاي إن تقصيرنا مخجل تجاه المواقف بشكل عام، لكن هذا يعبر بالدرجة الأولى عن نظرة السلطة إلى الثقافة باحتقارها عبر تعيين مسؤولين على هذا المستوى من الاحتقار، ففي بلد مثل سوريا يتمتع فيه المثقفون بصحة ذهنية ووجدانية ونضالية من المفروض ألا يقبلوا بوضع كهذا وأن يسجلوا موقفاً، وأنا أدعو أن يقوم المثقفون السوريون وكل من يعلن نفسه كمثقف بتحرير وإصدار بيان يستنكرون فيه هذه المعاملة المهينة للثقافة والمثقفين، فإذا كانت هذه الثقافة تحترم الثقافة والمثقفين يجب أن يكون لديها الجرأة أن تخلص الثقافة من هؤلاء، ولكن غالباً ما يكون الشخص الذي يعيّن مسؤولاً عن الثقافة في سوريا مكافأة لمسيرة من الفساد والموالاة الكاذبة والتزلف للسلطة، لذلك لا يختلف مساره عن مسار الآخرين. والقصة لن تُحل إلا برحيل يهوذا السينما السورية وأن يكون مهرجان دمشق الحالي هو العشاء الأخير له».

المالح وديون مؤسسة السينما

الأحمد يسرد أيضاً قصة نبيل المالح وديون بذمته للمؤسسة وصلت إلى 55 ألف دولار أميركي لقاء توزيعه أفلام للمؤسسة في محطات فضائية: «المالح حزين لأننا طالبناه بأموال المؤسسة، قلنا له نريد المال لأنه مالٌ عام ليس من حقك، وعندما رفعنا عليه دعوى ألزمته المحكمة بدفع ذاك المبلغ، وحين سدد المبلغ بدأ بمهاجمتنا. الخلافات شخصية ضيقة لكن أنا اليوم إن جاء وقدم مشروعاً على اللجنة الفكرية سيحصل على الموافقة وسننتجه له بكل احترام فالخلاف ليس احترافياً وإنما ينبع من مشاعر ضيقة.

خلافاتنا ليس شخصية مع هؤلاء المخرجين وأنا أتحداهم في أي مناظرة عامة أن يقولوا ما عندهم وأنا سأقول ما عندي».

المالح الذي استذكر علاقته مع الأحمد في ممرات التلفزيون السوري ورئاسة هذا الأخير لقسم الدراسات في المؤسسة قال :«أنا أشعر بالأسف للجهة التي عينت محمد الأحمد كمدير عام للسينما لأنها تحملت فيما بعد لعنات السينمائيين السوريين على مدى العشر سنوات الأخيرة. لذلك بُني عقل المؤسسة بهذا المنطق «معنا أو ضدنا» وتم تصنيف الأشخاص بعصر بائد وعصر جديد، على ذلك كان الأحمد يعتمد في علاقته مع السينمائيين. ما لاحظته أن العشر سنوات الأخيرة من عمر المؤسسة لم تحمل أي احترام للسينمائيين أو للمنجز السينمائي السوري. هناك رغبة في عدم معرفة مداميك السينما السورية التي لم تختلف كثيراً على مدى ثلاثين عاماً. صحيح أنه أُضيف لها القليل من الأسماء لكن السينما السورية هي ذلك الإرث الذي كون الواجهة السورية بامتياز، أما مسألة الديون التي يتحدث عنها مدير عام المؤسسة فهذا الشيء موجود في كل أنحاء العالم، وهذا يتعلق في النهاية باتفاق أو اختلاف على عقد مع هذه المؤسسة. أنا لم أنكر مع أن قرار المحكمة كان مجحفاً، لكن ما هو أهم أنه لا يوجد دولة في العالم تحاول أن تنال من سمعة فنانيها الذين عملوا على مدى أربعين عاماً لصنع سمعة طيبة على مستوى العالم. وللأسف من دمر هذه السمعة ليس الإسرائيلي وليس الأعداء المذهبيون أو المحافظون الدينيون، بل من أساء لهذه السمعة هو المدير العام للمؤسسة، وهذا ما جرى معنا كلنا كسينمائيين».

ويفسر المالح ذلك بضيق أفق المدير العام واصفاً إياه بأنه «شخص كان ولا يزال بلا تاريخ، وإن استطاع أن يحمل تاريخاً اليوم، فهو تدمير الحالة السينمائية السورية وتدمير علاقة السينمائيين بمؤسستهم وبالتاريخ الفني الذي صنعوه، لبنة فوق لبنة، بشروط استثنائية في صعوبتها وتعقيدها بعد معارك خاضها هؤلاء مع كل الطارئين الذين نزلوا بالمظلة على الواقع السينمائي السوري».

ما يحزن صاحب «ع الشام ع الشام» أن سوريا لا يجوز لها أن تهدم بأي شكل من الأشكال هذه الطاقات في حين أن العالم كله يستقطب الفنانين من أي مكان في العالم، ويقول: «للأسف أننا نستقبل في الخارج كفاتحين في حين يساء لنا في الداخل، وهذه الإساءات لم توجه لنا فقط بل إلى الثقافة السورية. الفيلم السينمائي السوري له حضوره الثقافي الاستثنائي خارج البلاد، وعلى الرغم من ذلك قوبل بمهانة داخلية أحمّل مسؤوليتها لوزارة الثقافة التي سمحت باستمرار هذه الحالة في مؤسسة السينما، ومديرها الذي عطل طاقات إبداعية هائلة على مدى عشر سنوات. الغريب في الأمر أن الأمور تم تحويلها إلى أيدي موظفين ثانويين في المؤسسة، وهذا ما يحدث الآن بتزوير مستمر لما يجري وتحميلها لأشخاص آخرين ليسوا في موقع القرار، هذا ليس خافياً على أحد، فرائحة المؤسسة تزكم الأنفاس، طبعاً هذه الحالة لن تستمر لكن الجريمة التي ارتكبت بحق السينما لا يمكن غفرانها. يمكنني أن أسمح بهذا التخريب المنهجي والمنظم، وللأسف أن الجهة التي عينت محمد الأحمد، وأمنته على المؤسسة تتحمل اليوم تبعات وغضب أناس لم يخطئوا في شيء سوى أنهم كانوا مخلصين للحالة الثقافية الوطنية بامتياز».

ويبرر المالح القضية التي رفعت بحقه أن «حكاية العقد الذي أبرمته مع المؤسسة بتوزيع الأفلام السينمائية كان لمدة خمس سنوات، في حين كنت أعتقد أنه لمدة ثلاث سنوات، وهذا لم يشكل فارقاً لي ورغم ذلك دفعت ما استحق علي، وكسبت المؤسسة توزيع أفلامها لأول مرة في التاريخ بشكل جيد منذ قيام المؤسسة العامة للسينما. الأفضل أن يسكت محمد الأحمد لأنني لا أريد أن أدخل في مسألة الغش. المُلح اليوم هو إيقاف هذه المهزلة التي تسمى مؤسسة السينما وتحويلها إلى منظومة إنتاج مختلفة بإقامة صندوق وطني للسينما في سوريا وإعادة الاعتبار للسينما السورية كقيمة ثقافية وحضارية وسحب ورقة الاعتماد للأحمد التي تخالف مبدأ الإبداع الثقافي، وبالتالي تحويل مؤسسة السينما إلى شركة خدمات بما تضمه من معدات وتقنيات يمكن توفيرها للصندوق الوطني السينمائي. والأهم من ذلك هو إعادة الاحترام للسينمائيين السوريين أصحاب الرؤية الحقيقية لهذا الفن وليس للبيروقراطيين المعطلين بذوقهم السينمائي المتخلف، وأن ينتهي حكم المكاتب والمصالح المادية. من المعروف أن الرقابة والتفتيش أنجزت مهمتها في المؤسسة وما أرجوه ألا تحال المسؤولية على ضحايا صغار ولو كانوا شركاء، وأن توجه أصابع الاتهام إلى صاحب العلاقة».

المؤسسة العامة للسينما كانت منذ البدء منظومة وطنية وأهم حدث ثقافي في الوطن العربي. لكن ما يجب أن يعترف به الجميع برأي المالح أن المؤسسة لم تصنع سينمائيين بل على العكس. هو يطالب كذلك بأن يذهب تمويل هذه المؤسسة المُستَغل اليوم لاستقبال الضيوف وإقامة المهرجانات وسفر المسؤولين إلى إنتاج الفيلم السوري. المعيب أن نذهب نحو الأشياء الشخصية التي تنقص من قيمتنا كمثقفين وكسوريين عندما يصبح الفنان والمبدع هدفاً للتشهير.

كما يطالب صاحب فيلم «الكريستال المقدس» الرقابة والتفتيش بأن تبحث في الأسماء التي ترشحها المؤسسة للسفر إلى مهرجانات دولية على حساب المال العام، فهي إضافة، إلى كونها لا تستحق فيها، مسيئة لسمعتنا الثقافية عندما يرشح موظف صغير ليس له علاقة بالسينما لا من بعيد أو قريب لتمثيل سوريا سينمائياً، وأنا أشكك إذا كان المدير العام للسينما قد شاهد الأفلام السورية أو يعرف شيئاً عن هذه الأفلام وأنا أتحداه».

نجوم سينما وسيّاح

تاريخ السينما السورية مليء بالجوائز العالمية، إلا أن هذه السينما بقيت سينما مخرجين. لكنها ظلت سينما التنوع والغنى والاستثنائية لتعدد المدارس التي يشتغل ضمنها هؤلاء المخرجون واختلاف رؤاهم السينمائية. يقول المالح: «لا يستطيع أحد أن يضعني مع زملائي السينمائيين الذين يقفون ضد المد الذي مارسته المؤسسة على مدى 10 سنوات، وكل من حاول ذلك أصبح اليوم في مزبلة التاريخ وعلى رأسهم عبد الحليم خدام الذي وقف في وجه السينما التي نقدمها، والذي ندفع اليوم ثمن جرائمه. لسوء الحظ كان هذا مكلفاً بالنسبة لنا كفنانين، وللأسف أن محمد الأحمد لا يقول حقائق، وكل ما يستشهد به من أقوال للذين يأتون إلى مهرجان دمشق مثل كاترين دونوف وغيرها يعتبره المالح عيباً، «فأنا» كسوري لست في انتظار أن يشهد لي أحد، وأنا ضد تلك البروباغاندا التي تأخذ نجوم السينما العالمية كسيّاح أجانب، لا يهمني من يقولون كم هذا البلد جميل ومتقدم لأننا كسوريين لسنا بحاجة لتقييم من أحد، الإعجاب شيء وأن ندعو شخصاً إلى مهرجان ليمدحني شيء آخر، فتسييح الثقافة ينتقص من قيمتنا كمثقفين. ما نجح فيه الأحمد حتى اليوم هو تحويل الفيلم السينمائي من حالة إبداعية إلى حالة هلامية وكل ما أنتجه هو سهرات تلفزيونية مصورة بطرق وأدوات سينمائية وليس بلغة سينمائية. فمسلسل بقعة ضوء فيه محاولات سينمائية أكثر بكثير مما أنتجته المؤسسة في العشر سنوات الأخيرة».

يا صديقي الحبيب سأطلق عليك النار

يذكر المالح أنه حاول تقديم ثلاثة سيناريوهات للمؤسسة هي «حروب الزهرة»، «الوشم السابع» و«الشلال» تم رفضها، مع أن حروب الزهرة ينتج اليوم من قبل ثلاث دول أوروبية والشلال انتقي من ضمن 2000 سيناريو وبقي مع عشرين سيناريو أخرى من جميع أنحاء العالم تم ترشيحه في مهرجان السينما آرت في نوتردام. كذلك الحال مع الفنان بسام كوسا الذي تقدم بسيناريو فيلم قصير بعد تجربتين مع المؤسسة في «سهرة مهذبة» و«دواليك»، لكن الأحمد يقول:«إن اللجنة الفكرية لم تفهم السيناريو الذي قدمه كوسا، وعندما حاولت اللجنة مناقشته في الأمر أدار ظهره للمؤسسة عندما طلبت اللجنة مناقشته في السيناريو». كوسا يصف موضوع مؤسسة السينما برمته بأنه «أصبح يدعو للملل والسخف، فالمشكلة ليست أن أعمل فيلما قصيراً أو طويلاً حسب زعم الأحمد لكن هذا الموظف المسكين يقزّم الموضوع دافعاً الأمور باتجاه الشخصنة التي يعتمد عليها في مجمل تفاصيل حياته المهنية، واللافت للنظر على ـ حد تعبير كوسا ـ هو هذا العطاء العظيم الذي يقدمه للوطن (ولم نكن منتبهين) ولذلك يتساءل بطل فيلم الكومبارس: ماذا كنا سنفعل وكيف سيؤول حالنا لولا وجود هذا الكاهن في حياتنا الثقافية والسياحية والأخلاقية والسياسية وأخيراً السينمائية؟ ويطالب كوسا جميع المثقفين والفنانين من سينمائيين وتشكيليين وروائيين وشعراء أن يخرجوا جميعاً بمظاهرة في شوارع دمشق يطالبون من خلالها المعنيين أن يسندوا لهذا المدير الاستثنائي إضافة لمهامه المتعددة مهمة إدارة الإذاعة والتلفزيون «رغم كل ما يقال عن عمل لجان الرقابة والتفتيش في مؤسسته النزيهة فالإقطاع الثقافي الذي يمثله الأحمد ـ كما يصفه كوسا ـ حوّل المؤسسة إلى مزرعة شخصية بعد أن ردد باستمرار ذرائع شخصية عن زوجة المخرج محمد ملص وديون نبيل المالح ليدافع عن نفسه بأسلوب الكاهن الذي يمارسه باستمرار على نحو (بكل محبة يا صديقي الحبيب سأطلق عليك النار...) لذلك هو يردد دائماً أن خلافي معه هو بسبب سيناريو الفيلم القصير الذي قدمته للمؤسسة وهذا غير مقبول لأنني أستطيع أن أنتج هذا الفيلم بمفردي ولديّ جهات كثيرة ترغب في تمويله، فأنا مللت من الفرص والشغل لكن ما أريده ألا تطوى ملفات الرقابة والتفتيش كما يحدث دائماً بقوى إلهية غامضة. لأن ذلك يدفع إلى الجلطة، أنا أتحدث هنا عن هيكلية مؤسسة وبناء وهو يحكي في الشخصي فعلاً هذا سخيف للغاية».

)دمشق(

السفير اللبنانية في

13/11/2009

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)