كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان كان يدق أجراس دورته الجديدة

افتتاح أميركي وأفلام عربية وزبائن تعود إلى المهرجان من جديد

هوليود - محمد رضا

مهرجان كان السينمائي الدولي الثاني والستون

   
 
 
 
 

بين اثنين

أعلن مهرجان (كان) السينمائي الدولي قبل أيام قليلة عن أنه، وللمرّة الأولى، سيتم افتتاحه بفيلم أنيماشن جديد عوض اختيار فيلم حي، كما جرت العادة خلال سنواته الإحدى والستين السابقة. الفيلم المختار هو أميركي من إنتاج شركتي بيكسار وديزني يعمل عنوان Up وهو للمخرج بيت دكتر الذي كتب القصّة الأصلية لفيلم (وول إ)، ذلك الأنيماشن السابق للشركتين المذكورتين الذي نال أوسكاراً هذا العام، ومخرج فيلم أنيماشن سابق هو (وحوش) قبل ست سنوات.. وثمّة ما يجمع بين الفيلمين (وحوش) و(فوق) وهو أن كليهما يدور حول بيت. الأول بيت تسكنه وحوش مخيفة والثاني بيت يطير في الفضاء على غرار ما شاهدناه في فيلم ياباني قبل نحو ثماني سنوات بعنوان: (قلعة هاو المتحركة) لهايواو ميازاكي لكن القصّة هنا مختلفة: عجوز في بيت لا يحب الصغار ولا الأولاد وفي ذات يوم يدق بابه مجموعة منهم لجمع تبرّعات. يخيفهم فيركضون هرباً باستثناء أحدهم ذي أصل آسيوي (صيني أو ياباني) إذ قبل أن يغادر المكان يجد أن المنزل بأسره قد ارتفع عن الأرض وطار في الفضاء، وذلك بعدما قطع العجوز الحبال التي تربط البيت بالأرض وأبقى على تلك التي تربطه بألوف البالونات، العجوز يعتقد أن لا أحد معه في هذه الرحلة التي يريد القيام بها فوق أميركا الجنوبية، بينما عند باب البيت يقف ذلك الولد مرتجفاً من الخوف. هذا بالطبع قبل أن يكتشف العجوز وجوده ويقبله على مضض، لجانب أن إنتاجات بيكسار وديزني (الأولى تقوم بالإنتاج الفني والثانية بالتمويل) قد أصبحت من بين أفضل الأفلام الكرتونية في تاريخ الغرب، هي أيضاً استحقّت السمعة التي استحوذتها على أساس أنها تحمل دائماً رسالات ذهنية وليست مجرد رسوم متحركة لتسلية الصغار. في العادة، هي رسالات تمجّد الأمس وتنظر إلى المتغيّرات الحديثة بالريب والنقد.. هذا يختلف من حيث أن لا قديم يمكن تقديره (إلا إذا اعتبرنا أن الطيران باستخدام البالونات هو المقصود) لكنه لا يختلف من حيث براعة تقنياته.

استشفاف

كما يقول المهرجان هي المرّة الأولى التي سيتم افتتاحه بفيلم أنيماشن، بل هي أيضاً المرّة الأولى التي سيفتتح فيها فيلم أنيماشن أي مهرجان سينمائي دولي، النقلة مهمّة على صعيدي التنويع وإعلان الاهتمام بالنوع السينمائي لكن من المشكوك فيه أنها مهمّة فنيّاً. من دون أن نتعرّف على أفلام (كان) عينياً هذه السنة لا يمكن معرفة قيمة كل منها ومن يصلح منها للافتتاح أو لا، لكن المرء يتمنّى وهو الآن على بعد شهر ونصف من الافتتاح أن يكون في جعبة الدورة المقبلة أعمال أهم من (فوق).الأسماء توعد بذلك. صحيح أن الإعلان الرسمي عن قوائم الأفلام المشتركة لم يتم بعد، لكن الصحافة الفرنسية تستشف، قبل غيرها، وتتحدّث عن مجموعة من الأفلام التي تعتبرها مؤكدة سواء في المسابقة أو خارجها. في هذا النطاق تتحدّث مثلاً عن أفلام للبريطاني كن لوتش والأميركي كونتين تارانتينو، والإسباني بدرو ألمادوفار التركي فاتح أكين من بين آخرين، هذا إلى جانب حفنة من الأفلام العربية التي لم يتأكد ما إذا كان أحدها سيقتحم المسابقة بالفعل. أفلام لإيليا سليمان ومرزاق علواش ومروان حامد.

مروان حامد هو المخرج المصري الذي سبق وأطلّ على العالم السينمائي الخارجي عبر فيلمه الروائي (عمارة يعقوبيان). الآن انتهى من تصوير فيلمه الثاني (إبراهيم العبيد) وأرسل نسخة عمل لمشاهدتها من قبل المهرجان على أساس قبول الفيلم في المسابقة.

الفيلم من بطولة محمود عبدالعزيز وهند صبري وأحمد السقّا والإنتاج لشركة (غود نيوز سينما) لصاحبها عماد الدين أديب. فيلم مرزاق علواش هو (حرّاقة) وهو أيضاً انتهى للتو من تصويره عن رواية رشيد بو جدرة وتبدو ميزته الرئيسية حقيقة تطرّقه إلى مآسي المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون الوصول إلى الشواطيء الأوروبية عبر مراكب التهريب، مرزاق علواش، كما لابد من الذكر، هو المخرج الجزائري الذي كان انطلق جيّداً عبر أعماله الكوميدية الساخرة ومنها (عمر قتلاتو) و(باب الواد سيتي)، وهو غاب عن لعب دوره الرئيسي في السينما طوال السنوات العشر الماضية موفّراً أفلاماً لم تحدث ذات الرهجة أو البهجة التي سبق لأفلامه الأولى أن أحدثتهما.

أما المخرج الفلسطيني إيليا سليمان، فهو دخوله المسابقة هو الأكثر توقّعاً بسبب النجاح الكبير الذي حالفه قبل أربع سنوات حين قدّم (يد إلهية) بذات الأسلوب السردي الفني الذي يعجب النظّارة الباحثين عن متعة فنيّة جنباً إلى جنب القصّة بصرف النظر عن سياستها.

في فيلمه الجديد (الزمن الذي يبقى) يمضي قدماً في تسجيل الذاكرة الفلسطينية وما صاحبها من شتات عمره الآن ستين سنة، البطولة لعلي سليمان (الذي قدّمه عالمياً هاني أبو أسعد في فيلمه الذي رشّح للأوسكار عن (الجنّة... الآن)، وصالح بكري والإسرائيلي آفي كلاينبرغر مع دور رئيسي لإيليا سليمان نفسه.

مهمّة في الجانب الآخر

غربياً فإن عدداً كبيراً من المخرجين المعروضين على خيارات رئيس المهرجان ومديره الفني واللجنة التي يوكل إليها المساعدة في التنقيب والمشاهدة، سبق لهم أن حضروا العديد من الدورات السابقة. في الحقيقة هؤلاء عادة ما هم معفيون من ذات الشروط المطبّقة على الآخرين. لا أعني أن أحداً لا يشاهد أفلامهم قبل القبول بها، لكن أحداً لا يرفضها أيضاً. تصوّر لو أن المهرجان قال لا لبدرو ألمادوفار أو لكونتين تارانتينو أو الأخوين كووَن او لارس فون تراير كيف سيكون وضعه في الأعوام اللاحقة?.. كل من هؤلاء هو زبون ربّاه كان ويريد الاحتفاظ به. ومعظمهم يستحق أن يحتفظ به المهرجان الفرنسي وهو يعود مقدّراً ذلك بدوره آملاً في نيل أهم جائزة عالمية من مهرجان ليس ككل المهرجانات (دون أن يعني ذلك أن سواه ليس أفضل منه- لكن ذلك موضوع آخر).إذاً الأميركي كونتين تارانتينو، الذي شوهد هناك قبل عامين بفيلمه (برهان موت) مرشّح للعودة عبر فيلم حربي عنوانه (الأوغاد غير المتألّقين) الذي يتحدّث عن مجموعة من المرتزقة الذين سيشتركون في مهمّة صعبة وهي قتل أكبر عدد من النازيين خلف خطوط القتال وذلك انتقاماً من قيام النازيين بقتل اليهود (ولو أن هذا قد لا يكون السبب الوحيد الوارد ذكره في الفيلم). ينفّذ المهمّة بعض الأسماء التي اشتغلت سابقاً تحت إدارة هذا المخرج ومنهم مايكل ماسدن وتيم روث لجانب جدد تحت جناحه في مقدّمتهم براد بت الذي عليه أن يقنع بأنه يستطيع القيام بدور قائد لديه نزعة شريرة بعد كل هذه الأدوار التي لعبها مجسّداً أدواراً ذات وقع حسن في النفوس أو ذات ملامح رمادية مقبولة.

المخرج الأسباني بدرو ألمادوفار هو من أولئك الذين اختصروا الطريق ملتزمين بمهرجان كان وحده. فيلمه الجديد بعنوان: (العناق المكسور) مع بينيلوبي كروز في الدور الرئيسي. فيلم عاطفي مع موسيقى تشبه تلك التي كان برنارد هرمان يكتبها لألفرد هيتشكوك. الفيلم افتتح تجارياً في عموم إسبانيا ملاقياً الرواج المعهود لأفلام مخرج البلاد الأول، وعروضه المتوقّعة في (كان) ستكون الأولى على صعيد عالمي.

هناك الفيلم الجديد للمخرج البريطاني كن لوتش، وهو أيضاً من زبائن المهرجان ولو أنه ليس ملتزماً به إذ يعرض أيضاً في فانيسيا وبرلين، وعنوانه (البحث عن إريك) ويدور حول ساعي بريد بمشاكله الاجتماعية المتزايدة وحبّه بكرة القدم. إنه ليس قصّة حياة لاعب الكرة إريك كانتونا، لكن إريك كانتونا يؤدي دور إريك في الفيلم لجانب الأيرلندي ماثيو مكنولتي، وهو ممثل شاب لعب مؤخراً شخصية المخرج الأسباني لوي بونويل في فيلم بعنوان (رماد قليل) عن حياة الرسّام سلفادور دالي.

المخرج النمساوي ميشيل هانيكي الذي قدّم في (كان) سابقاً (مخبوء) و(لاعبة البيانو) من بين أفلام أخرى أرسل بفيلمه الجديد (الشريط الأبيض لقصّة المدرّس) وغالباً سيتم إدراجه. إنه قصّة نظام المدارس المتشدد في حكاية تقع رحاها سنة 1913 في ألمانيا. أما فيلم الدنماركي لارس فون ترايير (ضد المسيح) مع الأميركي ويليم دافو والفرنسية شارلوت غينسبورغ. فيلم رعب لكن المخرج المعروف يعد بأنه لا يشابه أفلام الرعب الأميركية. قصّته تدور حول زوجين خسرا ولديهما في حادثة مفاجئة فقررا ترك المدينة والإنعزال في كوخ في الغابة. قرار سيعود عليهما بمتاعب غير متوقّعة.

صول كيتشن

وثمة مخرجين لا زالوا يعملون على أفلامهم الجديدة وقد يلحقون ب(كان) مستخدمين نفوذهم الفني كأصحاب أصوات سينمائية منفردة. من المجر قد يشترك بيلا تار بفيلمه الجديد (حصان تورينو).. هذا إذا ما استطاع إنجاز فيلمه في الوقت المناسب? بيلا تار كان شارك قبل عامين بفيلمه (رجل من لندن) الذي ووجه بتذمّر المشاهدين (من نقاد وجمهور) بسبب بطئه، علماً بأنه أحد أهم الأعمال التي ظهرت منذ ذلك الحين وإلى اليوم.

أيضاً هناك الأميركي ترنس مالك الذي ينجز اللمسات الأخيرة على (شجرة الحياة)، فيلمه الأول منذ أربعة أعوام حين قدّم (العالم الجديد) حول المواجهة بين المستوطنين الأميركيين الجدد والقبائل الأميركية التي كان على المستوطنين مواجهتهم. قصّة ثلاثة أولاد يترعرعون في أميركا الخمسينات. من مصدر هوليوودي على معرفة من المشكوك به أن يستطيع المخرج إنجاز الفيلم في موعده لكي يدخل به المسابقة علماً بأن عروضه الأميركية تم تحديدها في مطلع العام المقبل ما يعني أن الخطّة لإنجاز الفيلم هذه السنة لم تكن أساساً موجودة.

التركي فاتح أكين لا يزال يبحث في الثقافة والثقافة المضادة. بعد (صِدام) و(حافة الجنّة) يعرض (مطبخ روحي) Soul Kitchen والكلمة تستخدم تعبيراً عن الطعام الأفرو- أميركي ولو أنها هنا قد تحمل عنواناً مختلفاً تبعاً لموضوع الفيلم كذلك هناك أعمالاً باتت جاهزة من الأميركي فرنسيس فورد كوبولا (تترو) الصيني آنغ لي (حول ووودستوك)، الإيطالي جوزيبي تورناتوري (باريا). هذا الأخير عبارة عن رحلة المخرج في البلدة التي وٌلد فيها تشابه -من حيث المبدأ- الرحلة التي قام بها قبله فديريكو فيلليني حين قدّم فيلمه الشهير (أتذكر) أو (أماركورد).

وفي السنوات الأخيرة، باتت الأفلام التي تعرض خارج المسابقة تثير نفس الاهتمام التي تثيرها أفلام المسابقة.. هذا العام لن يختلف في هذا المهرجان. الأفلام التي تنتظر الكلمة الفاصلة في هذا المجال تحتوي على فيلم رون هوارد (ملائكة وشياطين) وفيلم مارتن سكورسيزي (أشكليف) وفيلم مايكل مان (أعداء الشعب) وربما (مادة بيضاء) لكليز دنيس و(حرية) لتوني غاتليف.

المؤتمر الصحافي الذي سيؤكد وجود هذه الأفلام ويضيف إليها أعمالاً لا تزال قيد التنقيب حالياً سيُعقد في الثالث والعشرين من شهر نيسان - إبريل المقبل.. إلى ذلك الحين ستبقى الشائعات تملأ الأثير حول من سيدخل ومن سيخرج من (كان). وعمّا إذا ما كانت هناك مفاجآت مهمّة هذا العام بالفعل.لكن واحداً من أهم المسائل التي يرقبها المرتادون إلى المهرجان الفرنسي هذه السنة هو ما إذا كان المهرجان سيتعرّض لتأثير الأزمة الاقتصادية العالمية. من الآن، العيون تبحث بدقّة عن أي إشارة في هذا الصدد. لكن لا شيء يوحي بذلك حتى الآن.

الجزيرة السعودية في 27 مارس 2009

 
 

"الزمن المتبقي" الفلسطيني ينافس على سعفة «كان»

باريس- العرب أونلاين-وكالات

كشف مهرجان "كان" عن الافلام العشرين التي تتنافس للفوز بجائزة السعفة الذهبية للعام 2009 في مسابقة تهيمن عليها اسماء مخرجين كبار من اوروبا واسيا مع مشاركة المخرجين كين لوخ وبيدرو المودوفار وانغ لي وجاين كامبيون وكوينتن تارانتينو والان رينيه خصوصا.

ومن الشرق الأوسط يشارك فيلم وحيد في المسابقة للمخرج الفلسطيني ايليا سليمان بعنوان "الزمن المتبقي".

وسبق لسليمان ان شارك في مهرجان كان مع فيلم "يد الهية" العام 2002 الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم.

والى جانب الان رينيه مع فيلم "لي زيرب فول" ثمة ثلاثة مخرجين فرنسيين اخرين هم جاك ادويار مع "لو بروفيت" "النبي" وكزافييه جيانولي مع "آ لوريجين" "في البدء" وغاسبار نويه مع "سودان لا في" "فجأة الحياة".

ومن رواد مهرجان كان المعتادين، يعود المخرج الاميركي كوينين تارانتينو الفائز بالسعفة الذهبية العام 1994 عن فيلم "بالب فيكشن"، مع فيلم "اينغلوريوس باستيردر" المرتقب جدا حول الحرب العالمية الثانية من بطولة براد بيت ودايان كروغر.

وهو الاميركي الوحيد في المسابقة التي تفرد حيزا كبيرا للسينما الاوروبية والاسيوية.

وفي المسابقة الرسمية كذلك، البريطاني كين لوخ مع فيلم "لوكينغ فور اريك" "البحث عن اريك" مع لاعب كرة القدم الفرنسي السابق اريك كونتونا فضلا عن الدنماركي لارس فون ترير مع فيلم "آنتي كرايست" والنمسوي مايكل هانيكي الذي حاز فيلمه "عازفة البيانو" العام 2001 الجائزة الكبرى.

ويشارك كذلك المخرج الاسباني بيدرو المودوفار مع فيلم "لوس ابراثوس روتوس" "العناق المتكسر" والايطالي ماركو بيلوكيو الذي يروي فيلمه "فينتشيري" "الانتصار" قصة ابن موسيليني غير الشرعي.

وتشارك ستة افلام من آسيا بينها "انتقام" لجوني تو الذي صور في هونغ كونغ مع مغني الروك الفرنسي جوني هاليداي والصيني لوي يي الذي يتعرض للرقابة في بلاده مع فيلم "سبرينغ فيفر" "حمى الربيع" وهي قصة حب جارف.

ويعود الفيليبيني بريانتي ميندوزا الذي شارك في المسابقة العام الماضي، الى جانب الكوري الجنوبي بارك تشان-ووك والمخرجين من تايوان انغ لي وتساي مينغ-ليانغ.

العرب أنلاين في 23 أبريل 2009

####

مهرجان كان الثاني والستون يزخر بمخرجين كبار من اوروبا واسيا

ريبيكا فراسكيه  

باريس (ا ف ب) - تزخر المسابقة الرسمية لمهرجان كان للسينما التي كشف النقاب عنها الخميس باسماء العديد من كبار مخرجي اوروبا واسيا على حساب القارة الاميركية الممثلة فقط بكوينتن تارانتينو في حين يقتصر حضور سينما الشرق الاوسط على فيلم فلسطيني.

وقال المسؤول العام للمهرجان تييري فريمو لوكالة فرانس برس "دورة المهرجان هذه السنة تزخر بالاسماء الكبيرة في اوساط السينما العالمية".

وتعليقا على الغياب شبه الكامل للوجوه الجديدة في المسابقة التي يتنافس فيها عشرون فيلما اشار الى ضرورة النظر الى "الافلام المختارة" في الفاعليات الاخرى للمهرجان مثل "نظرة ما" التي تعد منبتا للمواهب الجديدة والتي تضم 52 فيلما.

ومن بين رواد مهرجان كان المعتادين الاميركي كوينتن تارينتينو الفائز بالسعفة الذهبية العام 1994 عن فيلم "بالب فيكشن"، والذي يعود هذا العام بفيلم "اينغلوريوس باستيردس" المرتقب جدا حول الحرب العالمية الثانية من بطولة براد بيت ودايان كروغر.

وهو الاميركي الوحيد في المسابقة. وعزا فريمو هذا الامر الى اضراب كتاب السناريو في هوليوود.

والى جانب الان رينيه مع فيلم "لي زيرب فول" تتنافس ثلاثة افلام فرنسية على السعفة الذهبية هي "لو بروفيت" (النبي) لجاك ادويار "آ لوريجين" (في الاصل) لكزافييه جيانولي "سودان لو فيد" (فجأة الفراغ) لغاسبار نويه.

ويعرض في ختام المهرجان فيلم "كوكو شانيل وايغور سراتفينسكي" للمخرج يان كونين حول علاقة الحب السرية التي ربطت بين مصممة الازياء والمؤلف الموسيقي، وهو بطولة آنا موغلاليس.

ومن الشرق الاوسط يشارك فيلم وحيد في المسابقة الرسمية للمخرج الفلسطيني ايليا سليمان بعنوان "الزمن المتبقي". وسبق لسليمان ان شارك في مهرجان كان العام 2002 بفيلم "يد الهية" الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم.

وفي المسابقة الرسمية كذلك، البريطاني كين لوخ مع فيلم "لوكينغ فور اريك" (البحث عن اريك) مع لاعب كرة القدم الفرنسي السابق اريك كونتونا فضلا عن الدنماركي لارس فون ترير مع فيلم "آنتي كرايست" والنمسوي مايكل هانيكي الذي حاز فيلمه "عازفة البيانو" العام 2001 الجائزة الكبرى.

وتتضمن اللائحة كذلك مخرجين اسبانيين هما بيدرو المودوفار مع فيلم "لوس ابراثوس روتوس" (العناق المتكسر)، وايزابيل كويتشيت مع "مابا دي لوس سونيدوس دي طوكيو" (خريطة ضوضاء طوكيو) ومخرجا ايطاليا هو ماركو بيلوكيو الذي يروي فيلمه "فينتشيري" (الانتصار) قصة ابن موسيليني غير الشرعي.

اما النيوزيلندية جاين كامبيون وهي اول مخرجة تفوز بالسعفة الذهبية العام 1992 مع "ذي بيانو" فتشارك بفيلم "برايت ستار" (نجمة ساطعة) حول علاقات الشاعر الرومانسي جون كيتس الغرامية. وهي واحدة من ثلاث مخرجات يشاركن في المسابقة الرسمية الى جانب كوتشيت والبريطانية اندريا ارنولد مع فيلم "فيش تانك".

وتشارك ستة افلام من آسيا ابرزها "انتقام" لجوني تو الذي صور في هونغ كونغ مع مغني الروك الفرنسي جوني هاليداي والصيني لوي يي الذي يتعرض للرقابة في بلاده مع فيلم "سبرينغ فيفر" (حمى الربيع) وهي قصة حب جارف.

ويعود الفيليبيني بريانتي ميندوزا الذي شارك في المسابقة العام الماضي، مع فيلم "كيناتاي" الى جانب الكوري الجنوبي بارك تشان-ووك الذي يعرض فيلم عن مصاصي الدماء بعنوان "باك-جوي".

اما التايواني آنغ لي الغائب عن مهرجان كان منذ فيلم "النمر الطائر والتنين المختبىء" العام 2000 والحائز جائزة الدب الذهبي مرتين في مهرجان البندقية، فيعود مع فيلم "تايكينغ وودستوك" حول اسطورة مهرجان الهيبي في حين يعرض مواطنه تاي مينغ-ليانغ فيلم بعنوان "الوجه".

وتتألف لجنة التحكيم التي تترأسها ايزابيل هوبير من الكاتب البريطاني حنيف قريشي والمخرج الاميركي جيمس غراي والممثلتين روبن رايت وشو كي.

فرانس 24 في 23 أبريل 2009

 
 

تاريخ فلسطين لأكثر من نصف قرن يمثل السينما العربية في «كان»...

حين ينافس إيليا سليمان ألمودوفار وتارانتينو وفون تراير مجتمعين

كتب إبراهيم العريس

هل يمكن أحداً إحصاء عدد الأخبار التي أتت من هذه العاصمة العربية أو تلك، خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، متحدثة عن فيلم من هنا أو آخر من هناك بوصفه سيشرّف دورة هذا العام من مهرجان «كان» بحضوره؟ في النهاية أعلنت ظهر أمس أسماء الأفلام التي ستعرض خلال الدورة آتية من شتى أنحاء العالم. ومن بين كل الأفلام العربية التي كان كثر تحدثوا عنها، نفد فيلم عربي واحد بجلده، هو «الزمن الباقي»، لإيليا سليمان... هو فيلم جديد من فلسطين التي اعتادت خلال السنوات الفائتة أن تمثل، وحدها، تقريباً، كل السينمات العربية في «كان» وفي غير «كان»، وأحياناً – ويا للغرابة! – الى جانب أفلام يحققها مخرجون إسرائيليون باتت تعتبر شوكة في خاصرة اليمين الإسرائيلي، كي لا نتحدث إلا عنه.  

فيلم إيليا سليمان الجديد، والذي ينجز آخر اللمسات عليه في هذه الأيام، هو العربي الوحيد في التظاهرات الرئيسة في «كان» الذي يقام بين 13 و24 أيار (مايو) المقبل... لكنه، لن يكون أي فيلم كان... ذلك أن سليمان يروي في هذا الفيلم، وعلى طريقته الفريدة، أكثر من نصف قرن من تاريخ فلسطين وتاريخ «القضية» مقسماً إياها على أربع مراحل، تتشابك فيها التواريخ الكبرى بالتواريخ الصغرى: يلتقي ضياع فلسطين بحكاية غرام فؤاد وثريا... هنا عبر الضياع والمعارك، وعبر خيبات الحب، وفي حضور شخصيات أخرى وأماكن أخرى، يحاول سليمان أن يروي ما نفترض أنه لم يرو بعد. طبعاً حتى الآن لم يشاهد أحد الفيلم بكامله، لكننا نعرف حكايته... ولأننا، وغيرنا، بتنا نعرف سينما إيليا سليمان جيداً، من أعماله القصيرة حتى فيلميه الكبيرين «تاريخ اختفاء» و «يد إلهية»، يمكننا أن نتوقع – أن نأمل بالأحرى – أن يحقق «الزمن الباقي» بعض، أو كل، أو أكثر مما، حقق «يد إلهية»، حين نال ثاني أكبر جائزة في «كان» عام 2002. مهما يكن، عودة إيليا سليمان مرة ثانية الى «كان» مأثرة في حد ذاتها، في هذا الزمن السينمائي العربي المربك...

و «الزمن الباقي» الذي عليه أن ينال رضا وإعجاب لجنة تحكيم ترأسها إيزابيل هوبير، لا ينافس أعمالاً هيّنة، هذه المرة أيضاً... فحين تكون متبارياً مع بدرو المودوفار (في «عناقات محطمة») وماركو بيلوكيو (في «انتصار») وجين كامبيون (في فيلمها الجديد «نجم براق»)، ومايكل هاينكي وانغ لي وكين لوتش (في جديده «البحث عن اريك»)، ثم خصوصاً المخضرم آلان رينيه (في عودة الى «كان» بعد عقود من الغياب في «العشب المجنون») وكذلك الكبيرين لارس فون تراير (في «عدو المسيح») وكوينتن تارانتينو (في «بناديق سيئو السمعة»)... لن تكون مهمتك هيّنة. ولكن أولم يعرّف إيليا سليمان نفسه ذات مرة بأنه «سينمائي المهمات الصعبة»، لا سيما حين يقف وراء الكاميرا وأمامها في وقت واحد، كما كانت حاله دائماً تقريباً، وكذلك هذه المرة أيضاً؟ وبعد كل شيء هل هناك، يا ترى، ما هو أصعب، كمهمة، من أن تعرض تاريخ فلسطين خلال عقود، أمام جمهور من الواضح أن أزمة العالم الاقتصادية دفعته الى السأم من السياسة وأهلها، ثم تأمل بألا تخرج من «المولد بلا حمّص» بعد كل شيء؟

الحياة اللندنية في 24 أبريل 2009

 
 

فيلم عراقي في تظاهرة أسبوع النقاد في «كان»

 باريس- العرب أونلاين-وكالات

اختير عشرة أفلام لأسبوع النقاد الذي ينظم في اطار مهرجان كان السينمائي الثاني والستين، بينها فيلم عراقي لمخرج كردي شاب تدور احداثه على الحدود العراقية الايرانية.

وقال المنظمون انه تم اختيار عشرة افلام طويلة لتظاهرة اسبوع النقاد الثامن والاربعين، بينها "العم الطائر" للمخرج العراقي شاهرام اليدي.

وكتب المدير الفني لاسبوع النقاد جان كريستوف بيرجان ان سبعة فقط من هذه الافلام التي تم اختيارها من بين 900 عملا، ستشارك في المسابقة.

وقال ان "التظاهرة في الاساس لا تضم الكثير من الافلام لكنها اقتصرت على هذا العدد هذا العام بعد اختيار الاعمال من بين لافلام ال900 التي تمت مشاهدتها".

وبين الاعمال العشرة تعتبر تسعة افلام من بين الاعمال الاولى في العالم فيما يقدم فيلم هو الشريط الثاني لمخرجه.

ويروي الفيلم العراقي الذي ولد مخرجه في طهران ودرس فيها، سيرة "العم الطائر" الذي يمارس طيلة سنوات مهمة توزيع البريد وهو اشرطة صوتية مسجلة في قرى كردستان الجبلية العراقية.

وفي احد الايام يطلب منه رجل تسجيل صوت ابنه، فيذهب "العم الطائر" الى قريته لكنه يجد انه تم اجلاء الجميع الى احد الوديان حفاظا على سلامتهم فيروح يجد السير للوصول الى حيث هم.

وقد شارك في انتاج الفيلم الذي تدور احداثه في المنطقة البجبلية على الحدود الايرانية العراقية، مخرجه ومنطقة كردستان ووزارة الثقافة فيها.

وتتمثل المشاركة الفرنسية في اسبوع النقاد بفيلمين اولين اجتماعيين كما يشارك في المسابقة فيلم صربي من انتاج مشترك صربي فرنسي وفيلم من البيرو مخرجاه زوجان هما جيسيكا ودوورث وبيتر بوسنس.

كما يشارك فيلم بلجيكي ناطق بالفلمنكية وفيلم من تشيلي وآخر من الباراغواي.

اما في الفيلم القصير الذي يحرص مقدمو التظاهرة على عرضه دائما قبل كل فيلم طويل فتشارك اعمال من الباراغواي وكرواتيا

وسيقام اسبوع النقاد في اطار فعاليات مهرجان كان السينمائي الثاني والستين بين 14 و22 ايار/مايو.

العرب أنلاين في 26 أبريل 2009

 
 

مخرجون منفوخون:

تارانتينو.. كروننبيرغ.. كياروستامي والأخوان كووَن

هوليود - محمد رضا

بين اثنين

الاستماع إلى آراء النقاد المسبقة واللاحقة لعرض فيلم لبعض المخرجين، يشبه الاستماع إلى نشيد غير وطني في رحلة مدرسية في حافلة تشق طريقها فوق أرض جدباء. والواضح أنه عندما يجتمع بعض النقاد على حب أو كره شيء فإن الحالة تنتشر سريعاً بين من هم أصغر وبين من هو خارج مجال النقد أساساً ولو كان في المجال الإعلامي ذاته.

هذا هو الحال بالنسبة لعدد من المخرجين يتقدّمهم حالياً أربعة أو خمسة إذا ما اعتبرنا الأخوين جووَل وإيتان كووَن اثنين فعلاً، هو الأمريكي كونتِن تارانتينو، الكندي ديفيد كروننبيرغ، الإيراني عبّاس كياروستامي والأميركيين المذكورين جووَل وإيتان كووَن، هناك آخرون بلا ريب، لكن الغاية هنا ليست سرد لائحة بقدر ما هي الحديث عن المتقدّمين في هذا الشأن، شأن نفخ بوالين هؤلاء المخرجين وإجبار الغالبية الاعتقاد بأنهم فعلاً من كبار المخرجين في العالم.

المسألة ليست ذوقية، وليست محض رأي يمنحه المرء بعد الفيلم، بل هي عملية لولبية تبدأ بالمخرج ذاته إذ ينجز فيلمين أوّلين أو ثلاثة تثير الانتباه وتجد صداها عند نقاد الغرب المعروفين -عموماً- بحبّهم للتبنّي فإذا بأفلام السينمائي المعني تستحوذ على الانتباه المطلق من بين الإعلاميين ويمتد الإعجاب ببعضها الأول ليسود مدى الحياة كما لو أن المخرج غير مقبل على مطبّات الحياة وإبداعه غير متأثّر بظروفها أو كما لو كان عمله في الأساس يستحق كل هذا المدح منقطع النظير.

تهليل

الصورة في الغالب أن تلك الأفلام الأولى تستحق الانتباه وفي أحيان الإشادة، لكن الفارق هو أنها في نهاية المطاف محدودة حين المقارنة بكلاسيكيات السينما وبإبداع مخرجين آخرين موجودين أو راحلين. والتبنّي، في نحو مؤلم، يقوم به صحافيو الجرائد والمحطّات التلفزيونية، وليس -بالضرورة أو دائماً- النقاد المهمّين الذين قد تختلف معهم لكنك تحترم آراءهم.

على هذا الوضع أفاق جمهور التسعينات على كونتين تارانتينو حين أطلق في العام 1992 فيلمه الروائي الأول Reservoir Dogs شريط بوليسي حول مجموعة من اللصوص الناجين من معركة مع البوليس إثر عملية سرقة. كل واحد من هؤلاء السبعة، يرتاب في أن الآخر هو الذي وشى بالمجموعة ما يثير النزاع بينهم.

بلا ريب فيلم لافت وصغير من تلك التي لا يمكن أن تضيع في ركاب الأفلام المتكاثرة حتى ولو كانت أكبر حجماً، فيه حسنات أكيدة، لكنه يبقى أفضل لو اعتبر عملاً صغيراً إذ يؤكد أن مخرجه وصل فيه إلى سدّته التي في متناول اليد. لكن الذي حدث مع المخرج في فيلمه اللاحق (بالب فيكشن) أن تارانتينو كبّر حجم الحدث من دون أن يكبر حجم الموهبة، فإذا بالفيلم -الجيّد إلى حد- ينقلب عند النقاد الرائجين فيلماً جيّداً بلا حدود منظورة. والمنوال استمر حين أخرج لاحقاً (اقتل بل) في جزءيه (الثاني أفضل من الأول) و(مضاد للموت) ثم هاهو النقد يهلل له من الآن قبل عرض فيلمه الجديد Inglorious Bastards ولا يمكن للمرء أن ينسى كيف يتحلّق النقد حول مسائل يذكرها واحد فيدّعيها الجميع من دون كثير بحث أو تنقيب، ولا حتى ببعض الاختلاف. في أفلام تارانتينو كافّة هناك دائماً مشاهد حوارية طويلة تقع بين شخصين أو ثلاثة وتحاول أن تكون ذات أثر ما على الدراما التي ستقع من خلال فتح المجال لفهم الشخصيات ومنطلقاتها?.. في فيلمه الأخير (مضاد للموت) نحو عشر دقائق لثلاث نساء يجلسن في السيّارة ويتحدّثن حديثاً طبيعياً لدرجة أنه يستنفذ أهميّته بسرعة متحوّلاً إلى مط لا فائدة مرجوّة منه. الأفدح هو ما دار بين سامويل ل. جاكسون وجون ترافولتا في مشهد توجّههما للقيام بجريمة قتل في فيلم (بالب فيكشن). من الطبيعي أن يدور بينهما حديث حول أشياء لا علاقة لها بالمهمّة المتوجّهان لتأديتها، ومن الطبيعي أن يكون عن الطعام وبل عن الهمبرغر، لكن هل من الطبيعي أن يتحلّق النقاد حول العبارات ذاتها كما لو كان فيها معانٍ أبعد من ذلك، كل هذا والصفات الجيّدة في أفلام تارانتينو أكثر توفّراً منها في أفلام الآخرين المذكورين هنا.

خلطة كبيرة

أمر مشابه، إنما أفدح أثراً، مع الأخوين جووَل وإيتان كووَن، أحدهما عادة يكتب والثاني يخرج وقد تنقلب الأدوار او تتعدد فيصبح الفيلم الواحد من أعمالهما عبارة عن لقطة منك لقطة مني. الأفلام الأولى، كانت بلا ريب تأسيسية ناجحة لسينمائيين شابّين يهيمان حبّاً بالفيلم البوليسي الأسود، هذا حينما أقدما على تحقيق أفلام بوليسية خالصة مثلما فعلا حين قدّما Blood Simple وMillerصs Crossing وFargo لكن حين خلطا الطبخة بوصفات كوميدية أدّى الأمر إلى بعض أسخف ما أصدرته السينما الأمريكية من أفلام بأسماء كبيرة كما الحال في O Brother, Where Art Thou? وIntolerable Cruelty و Burn After Reading.

إلى ذلك، بعض أعمالهما هي أضعف بكثير من أفلام أخرى كما الحال في (رئيس هدسكر) و(قسوة لا تحتمل) أو (قتلة السيدة). وإذا لم يكن هذا كافياً، فإن طريقة معاملتهما للشخصيات جميعاً تبقى طريقة تتوخّى الوصاية ووضع مسافات واحدة منها جميعاً ما ينتج عنه الإحتفاء بالمجرمين وتصوير الأبطال كما لو كانوا وُلدوا خاسرين أساساً.

هذا يتّضح في أفلامهما الأخيرة أكثر مما اتضح في أفلامهما السابقة. في (قسوة لا تحتمل)، وهو فيلم كوميدي حول علاقة بين محام (جورج كلوني) وامرأة تطلب الطلاق (كاثرين زيتا جونز) لا يمكن أن تقع معجباً بأي من هاتين الشخصيّتين ولا أي من الشخصيات الأخرى. كذلك في فيلمهما اللاحق (قتلة السيّدة) حيث السؤال حول لماذا فيلم يتجنّب التعاطف ويعامل الجميع كما لو كانوا تحت قيادة عليا تنظر إليهم كضحايا يمكن الاستغناء عنها. هذا يشمل أساساً الممثل توم هانكس بطل المجموعة? لاحقاً في آخر ما شاهدناه لهما، وهو (أحرق بعد القراءة) يخرج المرء وهو لا يكترث لأي من الشخصيات على أي خط من الخطوط لأنها جميعاً إما ذات نوايا شريرة أو ذات رؤوس غبية أو مجرّد خراف آيلة إلى السقوط في أي حال.

على نحو مختلف فإن الإعجاب بالمخرج الإيراني عبّاس كياروستامي تنامى بأقل قدر ممكن من المبررات الفعلية. ففي حين ما ذكرته أعلاه قد يعبّر عن نظرة قابلة للنقاش كونها مليئة بالتفاصيل الفنية، إلا أن المسألة مع أفلام عبّاس كياروستامي (وعدد من المتماثلين بأسلوبه داخل وخارج إيران) هي أن أفلامه ليست أعمالاً سينمائية إلا من حيث إنه استخدم الكاميرا (وكاميرا الدجيتال) لتصويرها. هناك منحى لديه، ولدى عدد آخر من سينمائيي اليوم، لفرض أسلوب يؤدي لا إلى كسر التقليد (ولن نبحث في هذا الأمر لضيق المجال) بل إلى كسر السينما ومفرداتها لأن كياروستامي -وببساطة متناهية- لا يعرف مبادئ ومفردات العمل السينمائي الحقيقي، فتراه ينأى عنها جميعاً لتصوير فهمه الخاص منها مبتدعاً أسلوبه فيها القائم على التصوير ثم المزيد من التصوير وأكثر من ذلك من التصوير بحيث تمر الساعة والنصف فإذا بها لم تكن أكثر من مشهد واحد أو بضعة مشاهد متشابهة. نوع من ال Home Movie الذي تشبع منه قبل أن يصل إلى منتصفه. الأفدح هو أنه صنع، فيما صنع، فيلماً سمّاه (عشرة) وقف فيه أمام الكاميرا يتحدّث عن عشرة أسس يراها ضرورية للسينمائي الجيّد. ليس منها ما صنع تاركوفسكي وهيتشكوك ووايلر وكوروساوا ورنوار وبونويل وفيلليني وانطونيوني وعشرات سواهم مخرجين عباقرة.

رعب بيولوجي

بالنسبة للمخرج الكندي ديفيد كروننبيرغ، فإن المختلف هنا هو أن إعجاب النقاد الغربيين (وبعض العرب به) انتقل إليهم ليس عبر عادة التبنّي من الصغر أساساً، بل من خلال أعمال مخرج لديه مشاكل نفسية حادّة مع الجسد بحيث لم يكف عن نهشه وتصويره منبعاً -بذاته- لكل ما هو غير طبيعي وموحش. مخرج تلفزيوني ذي مهارة فنية محددة اتجه للسينما منذ سنة 1977 بسلسلة أفلام رعب تخرج وحوشاً من بطون نسائها أو من تحت جلود رجالها. على عكس جورج أ. روميرو، أستاذ أفلام الرعب الحديثة، لم يكترث لمنح الأفلام أبعاداً اجتماعية وسياسية، بل كرّر مفهومه الخاص حتى أصبح المرء على ثقة من أن المخرج هو من بحاجة إلى طبيب نفسي يعالج نظرته إلى الحياة وليس شخصياته التي المشوّهة وحدها.

الإعجاب به انتقل من نقاد أفلام الرعب ومعجبيها إلى بعض الكبار في الحياة السينمائية في الوقت الذي انتقل فيه المخرج من الأفلام الصغيرة إلى تلك الأكبر حجماً ولو أنها لا زالت تعاني من حدودية تعاطيه مع المفردات السينمائية ذاتها.. فيلمه (صدام) و(وجود) ثم (سبايدر) قد لا تحتوي على مشاهد رعب من النوعية السابقة، لكنها رعب كنتائج فنية نظراً لخلوّها من العاطفة، كشأن أعمال الأخوين كووَن، ثم من الموضوع المهم لما بعد القصّة- أي لخلوه من البعد الذي من أجله يحضر المشاهد الفيلم أساساً.

حين هلل النقاد لفيلمه المعنوان (تاريخ العنف) (2005) هلّلوا، كما قرأنا، إلى ثمة فكرة مفادها رجل أخفى ماضيه لكن الماضي عاد إليه فانطلق يقتل زوّاره ثم ينتقل إلى رأس العصابة ليواجهه في مشهد طويل جدّاً وغير مثير على الإطلاق.

لاحقاً في (وعود شرقية)، كتب النقاد -الأوروبيون خصوصاً- عن كيف أن المخرج أحاط بالحياة التحتية للعصابات الروسية في لندن اليوم. في الواقع، أحاط بقصّة. أما عالم العصابات الروسية المنظّمة فهو مشار إليه لضرورة الإشارة. من يريد أن يبحث عن عالم متكامل لن يجده في فيلم كروننبيرغ بل في أي من أفلام سكورسيزي عن العصابات آخرها (المغادر) كما في أي من ثلاثية فرنسيس فورد كوبولا (العرّاب). ذلك أن المسألة بالنسبة لكروننبيرغ، كما لبعض سواه من المذكورين، هي مسألة فكرة فقط. ونقاد اليوم يعتبرون أن الفكرة هي ذاتها العمق أو الإحاطة أو البعد.

في النهاية، تتعلّق مسألة التقييم إلى المعرفة الشاملة. من يقيّم كتاباً هو الأول بالنسبة لمطالعاته غير من يقيّم ذات الكتاب إذا ما كان قرأ قبله عشرات الكتب. كذلك الحال بالنسبة إلى السينما: بعض النقاد يعتبر أن النقد بدأ مع وصوله هو إلى الميدان، وهو يلغي ما سبق من أعمال إلا إذا أتيحت له مشاهدتها إذ وصلت هي إليه، عوض أن يبحث هو عنها. وبما أنه لم يبحر في الأمس فإن الحاضر لديه هو كل شيء وعلى مقياسه هذا يعمل ويرى ويكتب ويرفع من يريد إلى فوق تبعاً لحكم ذاتي فقير في حد ذاته.

الجزيرة السعودية في 1 مايو 2009

 
 

"يد إلاهية".. أول خطوة إلى مهرجان "كان"

 انتفاضة في «كان‌»!

حذام خريّف 

كشف مهرجان "كان" السينمائي الدولي مؤخرا عن قائمة الأفلام العشرين المتنافسة على السعفة الذهبية للدورة الـ62، ولم يسجّل في قائمة أفلامه سوى فيلم عربي واحد في "كان"، هو الفيلم الفلسطيني "الزمن الباقي"، لإيليا سليمان، وهو أمر لم يعد غريبا عن فلسطين التي اعتادت خلال السنوات الماضية أن تحفظ، وحدها تقريبا، ماء وجه السينما العربية في "كان" وفي غيره من المحافل السينمائية الدولية.

ظهرت تبريرات كثيرة للوقوف على أسباب ندرة الأعمال العربية في المهرجانات السينمائية العالمية، فمنهم من ذهب إلى اعتبار أن صناعة السينما العربية لا تزال متأخرة، خاصة أن أغلب الأعمال التي تشارك في المهرجانات تنتمي إلى فئة سينما المخرج، التي تعاني من مشاكل التمويل. جهات أخرى فسّرت الغياب بعنصرية المهرجانات العالمية واتّهمتها بمعاداة الفيلم العربي.

ولكن إذا كان عدم رواج السينما العربية عالميا، ظاهرة تتعدى حدود المهرجانات لتشمل قاعات السينما والفضائيات، لكأنّ العيب فينا إذا لا في الآخر.. وما يؤكد ذلك القفزة التي حققتها الأفلام الفلسطينة، رغم كلّ ما تواجهه من ظروف صعبة: تواضع الماديات، وأحكام عنصرية مسبقة، ومحاولات اسرائيلية شرسة لوأد كلّ عمل فلسطيني... وقد تفوقت هذه السينما على نظيراتها العربية واقتحمت أكبر مهرجان سينمائي عالمي لا يزال إلى اليوم المهرجان الحلم لكل فيلم عربي وهو "أوسكار السينما العالمية".

شهدت الحركة السينمائية الفلسطينية "انتفاضة" كبرى دخلت على إثرها غمار العالمية حين تم ترشيح فيلم "يد إلهية" لإيليا سليمان لمهرجان كان السينمائي الدولي 2002 وحصوله على جائزة هيئة التحكيم.. "انتفاضة" أوصلت فيلم هاني أبو أسعد "الجنّة الآن" إلى جائزة "الغولدن غلوب"، وانتزعت اعجاب كبرى المهرجانات بأفلام عديدة على غرار "ملح هذا البحر" لآن ماري جاسر و"عيد ميلاد ليلى" لرشيد مشهرواي. "انتفاضة" جعلت السينما الفلسطينية/ التي يعيش روّادها تحت ضغط الاحتلال وظلمه، تغازل الأوسكار في عاصمة السينما العالمية التي يدير دفّتها اللوبي اليهودي. فلا غرابة إذن في أن يكون فيلم إيليا سليمان الجديد، الفيلم العربي الوحيد المشارك في التظاهرات الرئيسية لمهرجان "كان" السينمائي الدولي.

و"الزمن الباقي" الفلسطيني/ العربي يقف في الصف متباريا مع أهم مخرجي العالم على غرار المخرج الاسباني بدرو المودوفار في "عناقات محطمة" وماركو بيلوكيو، أحد كبار فناني السينما الإيطالية المعاصرة، الذي يشارك بفيلم "انتصار"، إضافة إلى التايواني آنغ لي الغائب عن مهرجان كان منذ فيلم "النمر الطائر والتنين المختبىء" عام 2000 والذي يعود مع فيلم "تايكينغ وودستوك" حول اسطورة مهرجان الهيبي في حين يعرض مواطنه تاي مينغ-ليانغ فيلم بعنوان "الوجه"، إلى جانب المخرج الفرنسي آلان رينيه الذي يعود إلى مهرجان "كان" بعد عقود من الغياب مع فيلم "العشب المجنون" وكذلك ابن "كان" المدلل المخرج الدنماركي لارس فون تراير في "عدو المسيح". ومهما يكن من أمر التتويج بـ"سعفة كان" فإن حضور فلسطين في فيلم إيليا سليمان مرة ثانية إلى "كان" يعدّ في حدّ ذاته خطوة هامة، في الوقت الذي عجزت فيه الأفلام العربية الأخرى عن العبور إلى "كان".

إن السينما لغة عالمية تتخطى حدود الجنسيات واللغات والأديان، وقد أصبحت، مع تطور تقنياتها، من العوامل الأكثر تأثيرا في المجتمعات، وقد حاول المبدع الفلسطيني استغلال هذا "السلاح الأبيض" الشرعي للتعريف بقضيته عالميّا، وكأنّ ما يحمله من وزر غير كاف حتى يحمل عبء تمثيل السينما العربية من مشرقها إلى مغربها مرورا بخليجها في المهرجانات العالمية.

إن التجربة السينمائية الفلسطينية تقدم مثالا ناجحا لنوعية الأفلام التي يحتاج إليها، قبل المتلقي الغربي، مشاهد عربي، أغلبه شباب يطالب، إلى جانب أفلام الترفيه، بأفلام جادة تركز على المبدأ قبل المكسب. والسينما سلاح مهم وخطير ويكون ناجحا إذا تم توظيفه بالشكل السوي، يؤثر في الرأي العام وينجح في التعريف بقضية البلد في المحافل الدولية، وأحيانا بشكل أفضل مما يقوم به رجال السياسة والدبلوماسيون.

ومن هذا المنطلق دخلت القضية الفلسطينية عالم الفن السابع، واقتحمت الشاشات العالمية، قبل العربية، حاملة الألم الفلسطيني إلى العالم بوجهة نظر مختلفة خرجت من رحم المأساة على عكس ما تعود عليه معظم الإنتاج السينمائي العربي الذي طرح القضية الفلسطينية تبعا لتوجهات أنظمتها.

استطاعت السينما الفلسطينية أن تتجاوز الحواجز الخطرة، للتواصل مع المشاهدين العرب والأجانب، وتقول الحقائق المغيبة، وترصد الأحداث والصراعات الساخنة على الأرض، بلغة فنية راقية، يمكن أن نكتشفها في أعمال عشرات السينمائيين الفلسطينيين من أجيال مختلفة. وكانت أول سينما عربية تحصل على جوائز عالمية بهذا الشكل، وتصل إلى المنافسة على "الأوسكار"، وقد نجحت فيما فشلت في تحقيقه السياسة بأن أوصلت صرخة الفلسطينيين إلى العالم.

hadhami@alarab.co.uk

العرب أنلاين في 1 مايو 2009

####

مهرجان كان أحد أبرز مهرجان السينما في العالم

الركود لم يفقد مهرجان "كان" بريقه ‏ 

كان ـ عندما يبدأ السوق العالمي للسينما نشاطه الاسبوع المقبل في كان في واحد من أبرز مهرجانات السينما في ‏العالم سيجد البعض على الارجح أن المارثوان السينمائي الذي يعقد على مدى 11 يوما قد فقد جزءا من سحره ‏وتوهجه المعهود. ‏

ففي ظل تأثير الازمة الاقتصادية على صناعة السينما العالمية على مدى العام الماضي واجه مخرجو السينما من ‏هوليود وحتى بوليود إجراءات تتعلق بخفض التكاليف واستغناءات عن العاملين في استوديوهات السينما بل ‏وجدوا جيشا من المنتجين وممولي هذه الصناعة الذين يتملكهم الحذر . ‏

ظهرت مؤشرات بالفعل على أن صناعة السينما والقائمين على رعايتها قد قرروا إلغاء الحفلات الفاخرة ‏وفعاليات الترويج التي تنفق عليها أموال طائلة والتي تعد من أحد معالم المهرجان. ‏

بيد أنه في حين قد لا تنساب الشمبانيا بسخاء هذا العام فإن هناك عددا كبيرا من الافلام في السباق أملا في الفوز ‏بجائزة السعفة الذهبية وهو ما يعني أن المهرجان لم يفقد أيا من بريقه. ‏

ويشمل المهرجان الذي يعقد هذا العام في دورته الثانية والستين في المسابقة الرئيسية لهذا العام أفلاما لمخرجين ‏بارزين في العالم مثل فيلم "زمن الحرب " للمخرج الامريكي كوينتين تارانتينو و"الاحضان المحطمة" للمخرج ‏الاسباني بيدرو ألمودوفار. ‏

كما يظهر عدد كبير من الافلام الاسيوية في مهرجان العام الحالي مثل فيلم "حمى الربيع" للمخرج الصيني لو لي ‏وهو يدور حول ثلاثة أشخاص يتملكهم النهم الجنسي وفيلم "العطش" للمخرج الكوري الشهير بارك تشان الذي ‏يتناول قصة كاهن ينقلب إلى مصاص دماء. ‏

وفي إطار تزايد الاهتمام الدولي بالسينما الفلسطينية تم أيضا اختيار فيلم "الزمن الذي يبقى" للمخرج إيليا سليمان ‏المولود في الناصرة ضمن المسابقة الرئيسية. ويدور الفيلم حول حياة أسرة فلسطينية قبل سبعة عقود. ‏

ويحتمل أيضا أن يكون معرض مجلة فانيتي الامريكية قد ألغى احتفاله السنوي الذي يقيمه في فندق إيدن روك ‏الفاخر في أنتيب كما يحتمل أيضا أن يكون قد تم إلغاء تأجير اليخوت أثناء المهرجان بالاضافة إلى احتمال تقلص ‏عدد الحاضرين في المهرجان. ‏

يحتمل كذلك خفوت الوهج التقليدي لهوليود في كان هذا العام نظرا لتراجع صناعة السينما الامريكية والعدد ‏الصغير نسبيا للافلام الامريكية التي تم اختيارها للمهرجان. ‏

لكن رغم ذلك من المرجح أن يحتفل مهرجان كان بصناعة السينما وبكوكبة من النجوم هذا العام بقدر كبير من ‏الرقي والروعة. ‏

فخلافا لمهرجان السينما في فينيسيا "البندقية" الذي يقام في مطلع الخريف أو مهرجان برلين الذي يقام في الشتاء ‏فإن مهرجان كان يقام مع بدء فصل الصيف في الريفيرا الفرنسية فيما تعج مياه البحر المتوسط باليخوت. ‏

وهو ما دعا فيم فينديرز بعد عرض أخر أفلامه في مهرجان العام الماضي للتصريح قائلا إن " السينما لها قلب ‏وهو لا ينبض بشكل واضح جدا مرة كل عام إلا في كان". ‏

وهناك العديد من المهرجانات في مختلف أنحاء العالم "لكن القلب ينبض في كان" حسبما يقول فينديرز. ‏

وربما يأتي مهرجان كان هذا العام في أعقاب مهرجان ضعيف في فينيسيا ومهرجان باهت في برلين وهو ما ‏يؤكد رأي الكثير من المعلقين وهو أن عام 2008 كان عاما سيئا بالنسبة لصناعة السينما. ‏

بل أن دولا كثيرة ستحاول فيما يبدو المشاركة بأفلامها التي سبق أن اشتركت بها في المهرجانات الاخرى لكي ‏تجرب حظها مع لجنة الاختيار بمهرجان كان. ‏

لكن الجميع تقريبا في عالم السينما - بدءا من جاري كوبر وألفريد هتشكوك وصوفيا لورين إلى جان كوكتو ‏وبالطبع بريجيت باردو وجدوا في مرحلة معينة أن إغراء كان لا يقاوم. ‏

وتتوجه كوكبة من النجوم إلى بلدة كوت دا أزور بشواطئها الشهيرة لحضور عرض أحدث أفلامهم. ‏

ومن أبرز النجوم المحتمل حضورهم مهرجان هذا العام بينلوبي كروز وجيرارد ديباردييه وجودي لو وكولين ‏فاريل وجوني ديب وبراد بيت. ‏

لكن الامر الاهم هو أن تقليص عدد الحفلات الفاخرة لا يحتمل أن تثبط حماس رواد السينما في كان. ‏

وبعد أن يسدل الستار على المهرجان فإنه قد يترك بحق مجالا أكثر للتركيز على ما آلت له صناعة السينما.‏

العرب أنلاين في 5 مايو 2009

 
 

المودوفار واستكشاف الحد الفاصل بين الفن والواقعية

مدريد - من سينيكا تارفينين

يحكي فيلم المخرج الأسباني بيدرو ألمودوفار الجديد (أحضان محطمة)، قصة مخرج (ماثيو) الذي يقع في غرام الممثلة الأولى (لينا) التي تعيش حياة من التعاسة مع منتج الفيلم العجوز الثري.

وتتذبذب العاطفة بين الطرفين بكل انفعالات قصص الحب العظيمة، غير أنها تقترن في الوقت نفسه بنوع غير مألوف من الخصوصية، وكما لو أن الفن ينبض بالحياة أكثر من الحياة نفسها.

إن الاستشراف الدائم للحد الفاصل بين الحياة والسينما لهو واحد من أهم السمات المميزة للمخرج الأسباني البالغ من العمر سبعة وخمسين عاما والمرشح فيلمه للحصول على إحدى جوائز مهرجان كان السينمائي الدولي.

وتشارك مخرجة أسبانية أخرى هي إيزابيل كويكست في المسابقة الرئيسية للمهرجان هذا العام بفيلمها 'خريطة أصوات طوكيو'.

إن أي نصر تحققه السينما الأسبانية في مهرجان كان في دورته المقبلة سوف تعطي صناعة السينما في أسبانيا زخما، تلك السينما التي ذاع صيتها لحداثتها وإبداعاتها في فترة التسعينات من القرن الماضي، لكن إقبال أهلها عليها شهد تراجعا في الفترة الأخيرة حيث هبط عدد مرتادي دور العرض السينمائية في أسبانيا إلى 14 مليون مشاهد العام الماضي مقارنة بـ 22 مليون عام 2004.

ويقول القائمون على صناعة السينما ردا على النقاد الذين يتهمونهم بالاعتماد على المعونات الحكومية إن شغف مواطني أسبانيا بمشاهدة الأفلام السينمائية لم يقل، الأمر كله أنهم أصبحوا يفضلون شراء النسخ غير الأصلية أو تنزيل الأفلام من الانترنت.

وتمنح الحكومة الأسبانية صناعة السينما الوطنية نحو 100 مليون يورو (130 مليون دولار) في شكل معونات سنوية لمساعدة الصناعة في الدفاع عن حصتها البالغة 13% من السوق العالمية، من أن تأتي عليها أفلام هوليوود بميزانياتها الضخمة.

لقد عرف عن ألمودوفار أنه طفل السينما الأسبانية المشاغب، غير أن محاولات تصنيفه تلك صارت طي النسيان عندما أصبح نمطا سينمائيا منفردا بذاته.

كتب ألمودوفار ذات مرة عن أمه التي كانت تكتب خطابات وتقرأها على العامة البسطاء في القرية التي قضى بها قدرا من طفولته جنوب غربي أسبانيا :' كان الواقع يحتاج بعض الخيال كي يكتمل، كي يكون أرق وأسهل للتعايش معه '.

ويستطرد المخرج - الذي تبدو أعماله وكأنها محاولة متعمدة لتجاوز الحدود الجنسية والاجتماعية وحدودا أخرى - بقوله إن الخيال يلعب دورا أيضا في 'كشف الأشياء من كل جوانبها الظاهرة منها والخفية '.

وتصلح قصة ألمودوفار - منذ أن كان فتى قرويا يانعا وحتى فوزه بجائزة أوسكار كمخرج وشخصية تحظى بشهرة عالمية - أن تكون نصا روائيا لفيلم في حد ذاتها.

ولد ألمودوفار لأسرة قروية متواضعة في إقليم لامانشا الأسباني، وهو المكان الذي حارب فيه دون كيشوت بطل رواية (دون كيشوت دي لا مانشا) للمؤلف الأسباني الشهير ميجيل دي ثربانتس، طواحين الهواء، ثم انتقل بيدرو ألمودوفار وأسرته لمنطقة إكستريمادورا في الجنوب الغربي من أسبانيا.

وأرسل بيدرو إلى مدرسة كاثوليكية داخلية في كاثيريس ليصبح قسا، لكن المدينة كان بها مسرح فني.

عندما انتقل إلى مدريد عام 1976 عرف أنه يريد أن يصبح مخرجا، وحصل على وظيفة في شركة (تليفونيكا) للاتصالات ليقتات منها فيما يشق أولى خطواته على طريق عمله الفني.

لقد أصبح ألمودوفار شخصية محورية في حركة (موفيدا) وهي حركة ثقافية محمومة ظهرت في مدريد في أعقاب وفاة الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو عام 1975 وعملت على تقويض كل المحظورات الجنسية والاجتماعية.

بعد ذلك بثلاثة عقود بدأت الجوائز تنهال على ألمودوفار، ومن بينها جائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي عن فيلمه (كل شيء عن أمي) عام 1999 وجائزة أوسكار عن أفضل نص أصلي لفيلمه (تحدث معها) عام 2002.

وأبرزت أفلامه أسماء عدد من الفنانات اللاتي شققن طريقهن في الحقل السينمائي من خلال أعماله هو في الغالب، ومنهن كانت كارمن ماورا وفيكتوريا أبريل.

ساعد ألمودوفار في تقديم اثنين من ألمع نجوم أسبانيا العالميين، وهما النجم أنطونيو بانديراس والنجمة بينلوبي كروز وهي التي تلعب دور (لينا) في فيلمه أحضان محطمة.

وتهاجم الأعمال القصصية للمخرج ألمودوفار الذي ولد في بلدة كالزادا دي كالاترافا كل القوالب الدينية الجامدة بحس فكاهي وتتلمس طريقها للأمور الحياتية البسيطة مع تركيزها على الأسرة وفي الوقت نفسه تتهكم على الدين وتستكشف الجانب الجنسي بجرأة، وكلها أمور تحظى بالإعجاب بوصفها السمات المميزة لنمطه الفريد، برغم أنها تمثل صدمة لبعض الأوساط.

إن حدود الهوية الإنسانية تخلب لب ألمودوفار، وبخاصة الحدود الجنسية، حيث تظهر العديد من أفلامه شخصيات مثلية.

ويقول المخرج (المثلي) المعروف بفهمه لنفس وعقلية الأنثى :' إن الهدف من كل أفلامي هو الحصول على المزيد من الحرية '.

وتسع إبداعات ألمودوفار أشكالا متعددة من أنماط الفن الروائي، وروايته ' أحضان محطمة ' تدمج بين الميلودراما والكوميديا التي تلقي بظلال قاتمة.

يقول ألمودوفار 'إن الأحضان المحطمة فيلم يمزج بين عدد من قصص الحب الحادة والانفعالية... لكن هناك أيضا قصة حب أساسية.. حبي أنا للسينما'.

ويحوي الفيلم إشارات لأفلام أخرى أخرجها أشخاص آخرون، وليس هذا فحسب، بل يحكي أيضا قصة فيلم يتحول صناعه إلى ممثلين في قصص حياتهم الدرامية.

تنتهي قصة الحب بين ماتيــــو ولينا بطــــلي الفيلم نهاية مأساوية لا خلاص منها سوى إنهاء الرواية التي يمثلانها. (د ب أ)

القدس العربي في 6 مايو 2009

 
 

مخرجون بارزون مثل تارانتينو والمودوفار يتنافسون في دورته الثانية والستون:

مهرجان كان لا يزال يشع بريقا رغم الركود

كان ـ من أندرو مكاثي

عندما يبدأ السوق العالمي للسينما نشاطه الاسبوع المقبل في كان في واحد من أبرز مهرجانات السينما في العالم سيجد البعض على الارجح أن المارثوان السينمائي الذي يعقد على مدى 11 يوما قد فقد جزءا من سحره وتوهجه المعهود.

ففي ظل تأثير الازمة الاقتصادية على صناعة السينما العالمية على مدى العام الماضي واجه مخرجو السينما من هوليوود وحتى بوليوود إجراءات تتعلق بخفض التكاليف واستغناءات عن العاملين في استوديوهات السينما بل وجدوا جيشا من المنتجين وممولي هذه الصناعة الذين يتملكهم الحذر.

ظهرت مؤشرات بالفعل على أن صناعة السينما والقائمين على رعايتها قد قرروا إلغاء الحفلات الفاخرة وفعاليات الترويج التي تنفق عليها أموال طائلة والتي تعد من أحد معالم المهرجان.

بيد أنه في حين قد لا تنساب الشمبانيا بسخاء هذا العام فإن هناك عددا كبيرا من الافلام في السباق أملا في الفوز بجائزة السعفة الذهبية وهو ما يعني أن المهرجان لم يفقد أيا من بريقه.

ويشمل المهرجان الذي يعقد هذا العام في دورته الثانية والستين في المسابقة الرئيسية لهذا العام أفلاما لمخرجين بارزين في العالم مثل فيلم 'زمن الحرب ' للمخرج الامريكي كوينتين تارانتينو و'الاحضان المحطمة' للمخرج الاسباني بيدرو ألمودوفار.

كما يظهر عدد كبير من الافلام الاسيوية في مهرجان العام الحالي مثل فيلم 'حمى الربيع' للمخرج الصيني لو لي وهو يدور حول ثلاثة أشخاص يتملكهم النهم الجنسي وفيلم 'العطش' للمخرج الكوري الشهير بارك تشان الذي يتناول قصة كاهن ينقلب إلى مصاص دماء.

وفي إطار تزايد الاهتمام الدولي بالسينما الفلسطينية تم أيضا اختيار فيلم 'الزمن الذي يبقى' للمخرج إيليا سليمان المولود في الناصرة ضمن المسابقة الرئيسية. ويدور الفيلم حول حياة أسرة فلسطينية قبل سبعة عقود.

ويحتمل أيضا أن يكون معرض مجلة 'فانيتي' الامريكية قد ألغى احتفاله السنوي الذي يقيمه في فندق إيدن روك الفاخر في أنتيب كما يحتمل أيضا أن يكون قد تم إلغاء تأجير اليخوت أثناء المهرجان بالاضافة إلى احتمال تقلص عدد الحاضرين في المهرجان.

يحتمل كذلك خفوت الوهج التقليدي لهوليود في كان هذا العام نظرا لتراجع صناعة السينما الامريكية والعدد الصغير نسبيا للافلام الامريكية التي تم اختيارها للمهرجان.

لكن رغم ذلك من المرجح أن يحتفل مهرجان كان بصناعة السينما وبكوكبة من النجوم هذا العام بقدر كبير من الرقي والروعة. فخلافا لمهرجان السينما في فينيسيا (البندقية) الذي يقام في مطلع الخريف أو مهرجان برلين الذي يقام في الشتاء فإن مهرجان كان يقام مع بدء فصل الصيف في الريفيرا الفرنسية فيما تعج مياه البحر المتوسط باليخوت.

وهو ما دعا فيم فينديرز بعد عرض أخر أفلامه في مهرجان العام الماضي للتصريح قائلا إن ' السينما لها قلب وهو لا ينبض بشكل واضح جدا مرة كل عام إلا في كان'.

وهناك العديد من المهرجانات في مختلف أنحاء العالم 'لكن القلب ينبض في كان' حسبما يقول فينديرز.

وربما يأتي مهرجان كان هذا العام في أعقاب مهرجان ضعيف في فينيسيا ومهرجان باهت في برلين وهو ما يؤكد رأي الكثير من المعلقين وهو أن عام 2008 كان عاما سيئا بالنسبة لصناعة السينما.

بل أن دولا كثيرة ستحاول فيما يبدو المشاركة بأفلامها التي سبق أن اشتركت بها في المهرجانات الاخرى لكي تجرب حظها مع لجنة الاختيار بمهرجان كان.

لكن الجميع تقريبا في عالم السينما - بدءا من كاري كوبر وألفريد هتشكوك وصوفيا لورين إلى جان كوكتو وبالطبع بريجيت باردو وجدوا في مرحلة معينة أن إغراء كان لا يقاوم.

وتتوجه كوكبة من النجوم إلى بلدة كوت دا أزور بشواطئها الشهيرة لحضور عرض أحدث أفلامهم.

ومن أبرز النجوم المحتمل حضورهم مهرجان هذا العام بينلوبي كروز وجيرارد ديباردييه وجودي لو وكولين فاريل وجوني ديب وبراد بيت.

لكن الامر الاهم هو أن تقليص عدد الحفلات الفاخرة لا يحتمل أن تثبط حماس رواد السينما في كان.

وبعد أن يسدل الستار على المهرجان فإنه قد يترك بحق مجالا أكثر للتركيز على ما آلت له صناعة السينما. (د ب أ)

القدس العربي في 6 مايو 2009

 
 

'كان' الفرنسية تحتفي بالسينما المكرسة في الدورة 62  لمهرجانها السينمائي على وقع الازمة المالية وانفلونزا الخنازير

زياد الخزاعي

القاريء لمنفستو قيصر كان جيل جاكوب الذي اعلن فيه قبل اسبوع عن قائمة افلام خانات الدورة الثانية والستين واسماء محكميها (من 13 وحتى 24 من الشهر الجاري)، يكتشف انه نقل تساؤله عن مصير مهرجانه الباذخ خلال خمس سنوات قادمة والاشكال السينمائية التي ستقلب موازين العروض العامة في ارجاء المعمورة الى سجاله المعمق عن البرزخ الفني الذي ستكون عليه سينمات العالم وافكارها ورموزها وتقنياتها. ويقول جاكوب ان السؤال الوحيد الذي وجدته هاماً هو ما يدور حول مستقبل السينما المستقلة، وسينما المؤلف التي ستُعني بالمهرجانات السينمائية الدولية ومستقبلها. ويتساءل ثانية: 'كيف سنتيقن ان حقبة سينمائية ما انتهت واخرى بديلة انبثقت؟، هناك تواريخ بالطبع ترتبط بالتقدم التقني: وصول الصوت، الالوان، السينما سكوب، 70 مليميترا، الابعاد الثلاثية، السينراما، ايماكس، الفيديو، الديجيتال، الانترنت ... وهناك الحقب في التاريخ: الحروب، ايار 68... هناك المدارس والانواع والدول والمواهب. هناك التيارات والحلقات. لكن ما الذي سيحدث لو ان حقبة انتهت من دون ان يعلن الجديد عن وصوله؟'.

ويبدو تساؤل جاكوب مفتوحا على فضاءات فن الحداثة الاكبر الذي لا ينازعه فن آخر في الالفية الثالثة ويلمح الى نهايات قطعية في حيزيه الاوروبي والغربي، فهو بعد ان يقابل بين مصائر قامات السينما الكلاسيكية وخياراتهم لو جاؤوا الى يومنا هذا، يفتح قمقم التأويل الفني بقوله: 'لكن يبدو ان علينا القبول بفكرة ان السينما، على عكس ما يشاع، غير موجودة اطلاقا، او على اقل تقدير ليست في شكلها النهائي (الذي لن تصل اليه)، بل وحتى شكلها المستقبلي ايضا. وان زمن اعادة اكتشاف الابداعات المثيرة لم يزف بعد، واذا اتت فان اعلانها لن يتم بقرع صناجة (شركة) رانغ (البريطانية للانتاج السينمائي والتي اشتهرت بسلسلاتها الحربية والكوميدية)، بل عن طريق احدى بلدان الشرق القريب او البعيد'.

وهذا التلميح المقصود الى النهضة السينمائية الاسيوية في الحقبة الاخيرة، يرجعها قيصر كان الى ان سينمائيي الشرق لا تحاصرهم مرجعية سينمائية ما، وليست لديهم قوانين واشكال وتقاليد سينمائية يخضعون لها. هم على حد قوله: 'يستدعون شريطا شهيرا: لنرمي الكتب بعيدا ونحتشد في الشوارع. عليه فهم لن ينضبوا من الافكار المرئية'.

منفستو جاكوب يضرب، بمواراة محسوبة، على وتيرة جغرافية السينما وصناعها الشباب الذي يرى انهم يعيدون اختراعها، ويشير الى ان هؤلاء المخرجين بابداعهم وحماساتهم غير المحدودة وتفردهم 'يخطون باصرار خارج حدود سينما الماضي'. ولكي يُعلي من شأن ادارته ويؤكد انتصارها الى مبدأ المشاركة والتعاضد مع سينماهم المستقلة والتي ازيحت هذا العام من المسابقة الرسمية حيث جاءت الغلبة المرّة هذه الى الاسماء المكرسة، فجر جاكوب ـ الذي نشر للتو مذكراته عن امجاده على الكروازيت ـ قنبلة كعادته السنوية واعلن عن تخصيص قناة اليكترونية على شبكة المهرجان لعرض خمس دقائق مقتطعة من الافلام المعروضة ضمن المسابقة الرسمية، على ان يختارالمخرج بنفسه المقطع سواء من بداية فيلمه او نهايته، وان لا تكون لها علاقة بالمقاطع الترويجية التقليدية التي تعرض في دور السينما ويقول بهذا الصدد: 'هل هو (المخرج الامريكي روبرت) ألتمان أم (المخرج الفرنسي الكبير جان) رينوار الذي قال ان افضل صنيع لجهابذة السينما يُبان في البكرة الاولى او الاخيرة من اشتغالاتهم'. والفكرة كما اشار جاكوب هي تحفيز المشاهدين الشباب على التخلي عن الالعاب الاليكترونية والشروع في اكتشاف ما يحدث في الصالات.

يعكس منفستو جاكوب قوة مهرجان كان وحرص القائمين عليه على التفرد بفتح الحدود بين النص البصري المستحدث ومتفرجه في كل مكان. ان الحاسم في ايام كان السنوية تنويعها على سياسة الانتقاء السينمائي وضمان جودة المعروض وموازاته مع المستحدث التقني الذي اعلن عن ولادة متفرج جديد ومستخدم اكثر تعدادا وذكاء ومختلف الى حد كبير في مغامراته الفنية، ذلك ان اسئلة جاكوب الضمنية تهجس بموت المهرجانات بصيغها التقليدية كسلة عروض وتدعو الى وجوب استنساخ تبويبات ذائقية، ان صح التعبير، ذات ديناميكية عالية الجودة وتمتلك الهاجس العصري للقراءات الايديولوجية والسياسية والسوسيولوجية للمحيطات الاجتماعية وتواريخها وانقلاباتها الكبرى. ان اختيار شريط مزدوج الصنعة مصنوع كرسوم كمبيوترية ومصور بطريقة الابعاد الثلاثية الجديدة ويدور حول تعاطي جيلين (رجل سبعيني وصبي بدين) بحل مشاكل ذات توريات مسيسة وهم في منزل طائر في السماء بواسطة بالونات ملونة في شريط 'الى الاعلى' للمخرجين بيتر دوكتور وبوب بيترسون وهو جديد شركة 'بيكسار' الامريكية التي سبق وقدمت 'حكاية دمية'، يَصُب في التفكير الخاص بجاكوب وفريقه على تكريس المغامرة السينمائية واعتبارها خيارات لا بد من تشجيعها ومثلها متفرجها واسواقها ومنتجيها وصانعيها. اما شريط الختام فخصص الى امبراطورة الموضة العالمية كوكو شانيل للمخرج يان كونين وعنوانه 'كوكو وايغور سترافينسكي' وهو احد فيلمين عن حياتها، وجد فريق جاكوب ـ فيرمو ان هذا هو الافضل كنص يخص قامة فرنسية.

هزّة كان الاقتصادية

الازمة المالية في كل مكان، وكان ليست في منأى من عض الاصابع الاقتصادية، فبعد خيبة المراهنة على شركات ومبرمجي وضيوف سوق 'ميب تي في' للافلام التلفزيونية الذي انعقد في قصر المؤتمرات الشهر الماضي في تحقيق ارباح معتبرة لاصحاب العقارات والفنادق، شاعت الاحترازات بينهم في ما يتعلق بمهرجان السينما المقبل، فهاهم الامريكيون يسربون اقاويل انهم لن يأتوا بجيوش من السكرتيرات والمضاربين والتجار الصغار كما هو الحال كل عام، حين تتحول المدينة الى مستعمرة عالمية تعج بكل اصناف المغامرين والمكرسين في تجارة السينما وصناعتها واذرعها التوزيعية والقانصة للسيناريوهات والافكار والمواهب.

وهذا القرار وجد صداه في تسريب جيل جاكوب في ان التوقعات تشير الى ان اعداد زوار كان خلال المهرجان سيتناقصون كثيرا، الى ذلك فان الضحايا الكبار سيكونون من ايقونات كان، فحفلة 'فانتي فير' الباذخة اصبحت في خبر كان اثر قرار ملتزميها اطفاء اضواء هرجها ومرجها هذه الدورة والتي كانت تستقطب اكبر تجمع من نجوم العالم، الى ذلك تراجعت نسبة ايام تأجير اليخوت الفارهة من 12 يوما الى اربعة كأدنى حد للشركات التي تنوي اقامة حفلاتها الليلية امام شواطئ المدينة، وهي حالة التراجع الكبيرة التي اصابت اغلب الفنادق التي تخلت عن سياسة الالزام المتبعة منذ سنوات طويلة في تأجير الغرف الفارهة طوال فترة المهرجان (12 يوما) واعلنت اغلب اداراتها انها قبلت على مضض انقاص حجوزاتها الى خمسة ايام، في وقت كشفت فيه فنادق كثيرة عن تراجع دراماتيكي للحجوزات وان غرفها لن تمتلئ بالمهوسين كما هو العهد. وعن هذا الوضع نقلت تقارير صحافية عن رئيس جمعية الفندقة في كان قوله: 'ان الازمة بانت بقوة بعد تسريبات حول عزم الشركات ارسال وفودها باقل عدد من الموظفين، على ان تقضي اياما اقل'.

ومع المؤشرات المتصاعدة حول تحول فيروس انفلونزا الخنازير الى وباء اثر وصوله الى اوروبا، فان انتشاره سيعني صداعا مؤثرا على كان ومهرجانها، وانتكاسة اقتصادية حقيقية في حالة تشديد السلطات الفرنسية على منافذها الجوية التي يعتمد عليها مهرجان جيل جاكوب الى حد بعيد في تأمين مشاركات واسعة وزحمة مطاعم ومقاصف ومطاعم وكباريهات راقية. لا يخفي المرء شكوكه حول اصابة مهرجان كان بانفلونزا عروض واستقطاب مشاهدة، فالفيروس أشاع حالة ذعر حقيقية بين الناس رغم التطمينات باقنعة الوقاية الطبية وحبات ردعه، بيد ان السؤال الاحترازي الذي بدأ يطل برأسه في المدينة الوادعة هذه الايام: مَنْ يضمن عدم اكتساح الفيروس لقصر السينما وقاعات العروض الرئيسية التي يتوقع احتشاد الاف النقاد والصحافيين فيها خلال العروض التي تُنظم على مدى اليوم؟ لا احد يجيب، ويبدو ان لا احد يرغب في سماع السؤال اصلا، فكل تنبيه حول الازمتين يعني إنكفاء اعداد جديدة وإلغاء قدومها.

واذا كانت الحصانة من الفيروس ستتكفل بها المصالح الطبية الفرنسية، وذكاء القادمين الذين سيحملون معهم ادوية عافيتهم، فان فريق جاكوب تحصن بدوره هذا العام باسماء مخرجين مكرسين ونتاجاتهم التي يتوقع ان تثير جدالات واسعة لتباين موضوعاتها واشتغالاتها وقيمها الفنية والتأويلية. ولا بد ان الحرج الذي صادف رئيس لجنة تحكيم الدورة السابقة الممثل الامريكي شون بين في اختيار فيلم السعفة الذهب حتى ايامها الاخيرة، بعد ان فلح المخرج لوران كانتيه في اتمام فيلمه السجالي 'الصف المدرسي' في الوقت المناسب وعرضه ضمن المسابقة، ليعتبره صاحب 'في البرية' (2007) و'العداء الهندي الاحمر' (1991) 'معجزة سينمائية انقذت كان من الحرج'، لن يُكتب لفريق رئيسة لجنة التحكيم الممثلة الفرنسية الموهوبة ايزابيل أوبير ورفاقها من الممثلات الأمريكية روبين رايت ـ زوجة شون بين - والإيطالية آسيا آرجينتو والتايوانية شي كي والمخرج التركي نوري بيلغي جيلان والنجم الكوري الجنوبي لي تشانغ- دونغ والكاتب البريطاني حنيف قريشي، ذلك ان قائمة المسابقة الرسمية (21 فيلما) ستشهد مفاضلات كثيرة وحسابات نارية الطابع بين قامات من امثال صاحب 'فولفير/ العودة' و'تحدث معها' و'كل شيء عن امي' المخرج الاسباني بيدرو المظفر وجديده 'عناقات متكسرة' الذي يحمل الرقم 17 في قائمة افلامه، وهو هنا يغزل حكاية متداخلة تعرض كتداعي سينمائي بطلته لينا (بينلوبي كروز) التي يقع في ولهها كاتب سيناريو ضرير ومخرج سينمائي سابق في وقت تصبح عشيقة لمنتج نافذ الذي يرغم ابنه المثلي على مراقبتهما، قبل ان يقود هوس هذا الاخير الى الوقوع بغرام الرجل الاعمى!. ويعود صاحب سعفة عام 2006 البريطاني المميز كين لوتش (72 عاما) الى المسابقة بفيلم 'البحث عن أريك' عن ساعي بريد يسعى الى احتراف كرة القدم على يد نجم مانشستر يونايتد المتقاعد اللاعب اريك كانتونا. زميله الفرنسي المخضرم صاحب 'العام الماضي في مارينباد' و'هيروشيما حبيبي' الان رينيه سيعرض اخر نصوصه 'العشب البري' وهو اول اقتباس ادبي في تجربة هذا المعلم الكبير عن رواية كريستيان جيلي عن علاقة ملتبسة بين طبيبة اسنان وقائدة طائرة هاوية (سابين أزمي) التي تطارد ناهبي حقيبتها اليدوية في موقف سيارات والتقائها مع رجل مستوحد ويعاني من ماض مضطرب يعيد لها الحافظة. والشريط يستعير خطاب رينيه السينمائي المتداخل ويقع في ثمانية مقاطع هي تماثلات مع استعدادات الامان قبل اقلاع الطائرة.

زميلهما الامريكي كوينتن تارانتينو الذي حصد سعفة عام 1994 عن 'بالب فيكشن/ رواية شعبية' سيثير الكثير من الغبار عبر شريطه 'أولاد زنى شائنون' مع النجم الهوليوودي براد بت وهو اقتباس لفيلم المخرج الايطالي إينزو كاستيلاري بنفس الاسم انجزه عام 1978. ويتتبع حكايتين: مغامرات فرقة من اليهود الامريكيين الذين يكلفون بمهمة اصطياد النازيين. والاخرى عن امرأة يهودية تسعى للانتقام من النازيين بعد تصفية عائلتها.

وهذه الاسماء التي اعلن عنها المدير الفني للمهرجان تيري فيرمو ضمن قائمته جاء بعد تصفيات لـ1670 فيلما طويلا جاءت من 120 بلدا، وقال ان غياب السينما الامريكية يعود الى ان اغلب كبارها لم يسعفهم الوقت لاتمام افلامهم. ومع تارانتينو يكون الصيني المميز انغ لي وفيلمه 'اكتساح وودستوك' بموضوعه الامريكي حول الايام الموسيقية الشهيرة وضع هوليوود والسينما المستقلة الامريكية في بوتقة واحدة لن ترضي الكثيرين.

صاحبة 'درس البيانو' النيوزلندية جين كامبيون التي تُعد اول مخرجة امرأة تحصد سعفة ذهب عام 1993 في تاريخ المهرجان عن هذا العمل المفاجئ بغناه الصوري وحكايته المريرة، تتنافس هذا العام بـ 'نجمة مضيئة' وهو عنوان قصيدة رومانسية كتبها الشاعر الشهير جون كيتس الى جارته، والفيلم من بطولة بن وايشو. وتقف معها في التنافس المخرجة البريطانية اندريا ارنولد وعملها 'خزان الاسماك' حول الصبية مايا (15 سنة) التي تنقلب حياتها عندما تقع والدتها بحب رجل غريب، ليتعزز حضورها الدولي الذي انطلق حينما حصلت على جائزة لجنة تحكيم دورة عام 2006 عن عملها الاول 'رد رود/ شارع رد'.

وحده صاحب 'يد إلهية' (جائزة لجنة تحكيم دورة عام 2002) المخرج الفلسطيني ايليا سليمان سيقف من العرب مع قامات عالمية لخطف السعفة الذهب بنصه الجديد 'الزمن المتبقي' الذي وضع تحت اسماء الدول التالية: اسرائيل ـ فرنسا ـ بلجيكا ـ بريطانيا باعتبارها جهات انتاج الفيلم، الامر الذي يعني ان علم فلسطين لن يرتفع في سماء كان كإعلان عن مشاركة احد ابنائها! والشريط يتابع حكاية شاب فلسطيني شهد سقوط الناصرة عام 1948، مروره باربع مراحل على خلفية علاقة حب مستحيلة بين البطلين فؤاد وثريا. والعمل من اداء صالح بكري ولطف نويصر وعلي سليمان وعامر حليحل.

الى ذلك، ستعرض الفلسطينية ـ الاردنية شيرين دبس التي ولدت في نبراسكا الامريكية عام 1976، وانجزت اشرطة قصيرة منها 'ذكريات زوجة اب شريرة' و'ندى' و'اتمنى'، باكورتها الروائية 'أمريكا' ضمن خانة 'اسبوعي المخرجين' بعد عرضه في مهرجان 'ساندانس' الامريكي، وهو عن محنة عائلية لام فلسطينية تعيش في مغتربها. وكانت تقارير صحافية ذكرت ان إدارة المهرجان أدرجت الفيلم القصير السعودي 'الصمت' وتبلغ مدته 14 دقيقة عن معاناة عائلة صماء تعاني من فقدان الأب والأم في حادث مروري. بينما يحاول البطل مواجهة آلامه عبر العزف على الجيتار. كما سيعرض شريط ناطق بالكردية ويمثل العراق عنوانه 'العم الطائر' للمخرج شاهرام العيدي الذي ولد في طهران ودرس فيها، وتدور احداثه حول ساعي بريد من طراز خاص يدعى 'العم الطائر' يوّصل اشرطة صوتية مسجلة بين سكان قرى كردستان العراقية. وذات مرة يطلب منه رجل غريب تسجيل صوت نجله، لتبدأ رحلته الطويلة عند الحدود العراقية ـ الايرانية.

في وقت تستعير صاحبة 'يا كنزي' (عرض في خانة اسبوع النقاد عام 2004) الاسرائيلية كيرين يدايا اسم مدينة 'حيفا' عنوانا لفيلمها الروائي الثاني الذي سيُكرم ضمن العروض الخاصة ويتصدى لعلاقة متفجرة بين صاحب ورشة تصليح سيارات اسرائيلي وعامليه الفلسطينيين، وهما اب وابنه الشاب الذي يقع في حب ابنة رب العمل.

ويعرض المخرج الدنماركي الطليعي لارس فون ترايير عمله الذي يتوقع ان يحدث خضة نقدية تقارب الاعلان عن تياره 'دوغما 95' واعماله المشاكسه ذات النباهة السينمائية عالية الجودة مثل 'مجانين' 1998 و'تكسير الامواج' 1996 و'مندرلاي'2005 و'الراقصة في الظلام' 2000 وهو تحت عنوان 'المسيح الدجّال' عن زوجين شابين ينفيان نفسيهما في كوخ وسط غابة اسمياه 'عدن' بحثا عن شفاء لروحيهما اثر مصاب عائلي جلل، غير ان للطبيعة حولهما قولا آخر في معاني المأساة الذاتية. والفيلم من اداء الامريكي ويليم دافو والفرنسية شارلوت غينسبورغ.

مخرج مشاكس اخر يعود الى الكروازيت هو الفرنسي غاسبار نويه الذي كان فيلمه 'غير معكوس' حدث العام 2002 مع مشهد اغتصاب الحسناء الايطالية مونيكا بيلوتشي، هذه المرة سيعرض 'دخول الفراغ' عن شاب يقرر اثر مقتل والديه حماية شقيقته الصغيرة. وفيما صور نويه عمله في اجواء طوكيو الليلية، فان زميله الماليزي تسي مينغ ـ ليانغ اتخذ من باريس ومحيط متحف اللوفر العريق مسرحا لعمله الروائي العاشر'وجه' وهو تحية لقطب الموجة الجديدة الفرنسية فرانسو تروفو وممثله جان بيير ليدو. ويداور صاحب 'لا اريد ان انام وحيدا' و'يعيش الحب' و'النهر' و'الثقب' بين حكايات وشخصيات ميثيولوجية مثل سالومي ويوحنا المعمدان. ووفاء لتروفر كلف مينغ ـ ليانغ كل من عشيقات تروفو وزوجته فاني اردان وجان مورو وناتالي باي تأدية الادوار الرئيسية.

من الكبار الذين ستزين افلامهم المميزة (لنا عودات نقدية خلال تغطية فعاليات المهرجان) شاشات كان نذكر: 'خارطة لضجيج طوكيو' للاسبانية إيزابيل كوخيت و'في البدء' للفرنسي زافيير جيانوللي و'نبي' لمواطنه جاك أوديا و'شؤون عائلية' للمخرج الفلبيني بريلانته ميندوزا و'عطش' للكوري الجنوبي بارك تشان ووك، و'إنتقام' للصيني جوني توو، و'الانتصار' للايطالي ماركو بيلوكيو.

ناقد سينمائي من العراق

القدس العربي في 6 مايو 2009

 
 

الأفلام الفلسطينية تحصد الجوائز الدولية

رام الله - من ماهر أبوخاطر

المخرج والمؤلف والممثل الفلسطيني إيليا سليمان ليس غريبا على مهرجان كان .

فعلاوة على أنه ألقى خطابا في الذكرى الستين لتدشين المهرجان عام 2007، ومشاركته في لجنة التحكيم، فقد فاز سليمان بالعديد من الجوائز عن أفلامه، ومنها ثاني أعماله الروائية الطويلة (يد إلهية)، وكوميديا عن تراجيديا حياة الفلسطينيين تحت نير الاحتلال الإسرائيلي.

ويشهد مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته هذا العام أيضا ثالث أفلام سليمان الروائية الطويلة بعنوان (الوقت المتبقي) والذي يحكي قصة أسرة فلسطينية منذ أن فقد الفلسطينيون منازلهم وتحولوا للاجئين في أعقاب إعلان قيام دولة إسرائيل في الخامس عشر من أيار/مايو عام 1948.

ويأتي إدراج الفيلم للمنافسة على جائزة السعفة الذهبية لدورة المهرجان هذا العام على خلفية الاهتمام الدولي المتنامي بالسينما الفلسطينية مع سعيها الحثيث كي تخلق لنفسها موطئ قدم على الساحة الفنية العالمية في ظل عدم وجود بنية تحتية سينمائية وسينما واحدة فقط في كل الأراضي الفلسطينية.

عندما بلغ إيليا سليمان- الذي ولد في الناصرية أكبر المدن العربية في إسرائيل - سن الحادية والعشرين، انتقل إلى نيويورك وبدأ حياته الفنية كمخرج هناك. وفاز أول أعمال سليمان الروائية الطويلة بعنوان (سجل اختفاء)- والذي قام بإخراجه عام 1996 ويصور حياة الفلسطينيين في إسرائيل والضفة الغربية - بالجائزة الأولى في مهرجان فينيسيا السينمائي.

غير أن الروايات التي عمل عليها سليمان ومخرجون فلسطينيون آخرون استوحيت أحداثها من الحياة القاسية التي يعيشها الفلسطينيون، وخبرات حياتهم في ظل الاحتلال الإسرائيلي والعيش في مجتمع منغلق نسبيا وتقليديا.

وقال رشيد مشهراوي وهو مخرج آخر له إنجازاته في السينما الفلسطينية لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): 'تأثرت السينما الفلسطينية لسنوات طويلة بالوضع السياسي .. خاصة الأفلام التي أنتجتها منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل السياسية الأخرى'.

وأردف مشهراوي الذي يقيم في رام الله ' كانت الأفلام إما دعائية أو تهدف إلى حشد الجموع خلف الثورة ... لقد صورت هذه الأفلام الشعب الفلسطيني كضحية أو مقاتل ' . غير أن المشهراوي /47 عاما /- الذي يضم رصيد أعماله عشرين فيلما على الأقل، فاز أحدها بجائزة كان عام 1994 وهو فيلم (حظر تجول) - يعتقد أن صناعة السينما الفلسطينية تشهد موجة تغيير . واستطرد موضحا ' غير أن السينما بدأت -خلال العشرين عاما الأخيرة - التركيز على صناعة الأفلام كإنتاج فني ' .

وأضاف 'صحيح أننا لا نزال متأثرين بالموقف والقضية السياسية الفلسطينية .. لكننا لم نكن لنحظى بهذا الاعتراف الدولي، ما لم تكن أفلامنا تتفق وأرقى المعايير الدولية ' .

كان آخر أفلام المشهراوي الروائية فيلمه (عيد ميلاد ليلى) وهو تصوير لمتناقضات الحياة اليومية في رام الله ونقاط التفتيش الإسرائيلية، الفيلم فاز حتى الآن بعشر جوائز من بينها جائزة أفضل فيلم روائي آسيوي في مهرجان سنغافورة السينمائي الدولي . ومن المقرر عرضه دوليا في غضون الأشهر القليلة المقبلة . وقال خالد عليان المدير التنفيذي لمسرح وسينما القصبة في رام الله وهو المسرح السينمائي الوحيد في الأراضي الفلسطينية ' إن السينما صناعة ليس لها وجود في فلسطين ' .

وأضاف ' ليس لدينا سوق لصناعة كهذه ... تتطلب وجود شركات إنتاج ضخمة وقاعات عرض سينمائي ' .

ويسلم المشهراوي على ما قاله عليان ' لدينا مشكلة مع الإنتاج ... فهناك شخصان أو ثلاثة فحسب يمكنهم إنتاج أفلام روائية، إن مسألة إيجاد جهة تمويل ليست مسألة سهلة، إن صناعة السينما تحتاج لدولة تقف ورائها .. لا يستطيع الأفراد وحدهم إقامة صناعة كهذه ' .

وقال المشهراوي ' إن إنتاج عمل سينمائي يمثل صناعة ونشاطا تجاريا ... لا يكفي أن تنتج فيلما ليعرض في فلسطين فقط ' .

وتساءل قائلا ' علاوة على ذلك، نحن لا نملك دور عرض سينمائي في فلسطين ... ليس لدينا مشاهدون يرتادون دور العرض السينمائي .. كيف لهذا النشاط أن يلقى رواجا دون عرضه للعالم؟' .

لهذا السبب يعتمد مخرجو الأفلام الفلسطينيون بشدة على التمويل الدولي . لكن المشهراوي يوضح أن من بين ثلاثين طلب تمويل، لا يحظى بالقبول سوى عملين فحسب ويرفض 28 عملا وذلك في الغالب بسبب ميول تلك الاعمال السياسية القوية .

يقول المشهراوي ' يصعب إخراج فيلم دون وجود شركة إنتاج ضخمة .. دون المعدات الملائمة والفنيين والممثلين المناسبين ' .

وأضاف 'في فلسطين، نفتقد كل المقومات التي تحتاجها السينما، لدينا الثقافة، شأننا شأن كل بلدان العالم .. لكن ليس لدينا الصناعة ' .

ومع ذلك نجحت الأراضي الفلسطينية في إفراز أسماء أعلام في صناعة السينما، أمثال ميشيل خليفة /50 عاما/ من الناصرة والذي يعتبر أبو السينما الفلسطينية الحديثة بفيلمه الأول (ذاكرة خصبة) إنتاج عام 1981 .

وفاز فيلمه الروائي الطويل والذي يعد أيضا أول فيلم روائي فلسطيني (عرس الجليل ) إنتاج عام 1987 بجائزة النقاد في مهرجان كان .

كما فاز فيلم فلسطيني آخر لمخرج من أبناء الناصرة هو فيلم (الجنة الآن) للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد بجائزة (غولدن غلوب) لأفضل إنتاج أجنبي ورشح أيضا للفوز بجائزة أوسكار عام 2006

ويعتقد المشهراوي أن قائمة المخرجين الفلسطينيين البارعين سوف تزداد مع ازدياد اهتمام الشباب الفلسطيني من الموهوبين بالصناعة .

لكنه يخشى من أن تبقى فرص النجاح محدودة دون إنشاء أكاديمية للسينما واهتمام قوي من القطاعين العام والخاص بهذا النشاط .

(د ب أ)

القدس العربي في 6 مايو 2009

 
 

كان يهرب من الأزمة إلى الأمام: دورة المخرجين الكبار

هوليود - محمد رضا

بين اثنين

في حين تتألّف لائحة مهرجان برلين أو لائحة مهرجان نيسيا من خليط من المخرجين الجدد والمتوسّطين والقدامى، تتألف لائحة مهرجان كان عادة من خليط من المخرجين الكبار. الجدد موجودون لكن بحدود، والتفضيل لمن يحمل اسماً أكبر من قصر المهرجانات ذاته.

هذا العام لا يختلف إلا في أن عدد المخرجين (الكبار) المشتركين فيه أعلى من عددهم في السنوات السابقة..

فمن بين الأفلام العشرين المشتركة في المسابقة نجد تسعة عشر مخرجا سبق لهم الاشتراك في دورات كان السابقة.. الوحيد الذي يشترك لأول مرّة هو المخرجة الفرنسية إيزابيل كواكست التي تتقدّم بفيلمها Map of the Sounds of Tokyo وهو فيلم تشويقي صوّرته المخرجة في اليابان مع فريق مختلط من الممثلين بينهم الياباني رينكو كيكوتشي والفرنسي سيرغي لوبيز ويدور حول موظّف في سوق السمك في الظاهر بريء مثل سمكة خرجت من الماء وفي الباطن قاتل مأجور.

زبائن المهرجان

أكثر المخرجين الذين يؤمّون هذه الدورة الثانية والستين التي تنطلق بعد أسبوع، تردداً على كان هو البريطاني كن لوتش الذي أم المهرجان عشر مرّات من قبل.. هذا العام هو في فيلم مختلف بعض الشيء عن أعماله الاجتماعية - السياسية السابقة هو Looking For Eric دراما خفيفة حول ساعي بريد يطمح للاشتراك في مباريات كرة قدم لكن في حياته ومستواه البدني كما النفسي أموراً لا تسمح له بذلك.مخرج آخر من المترددين كثيراً هو الفرنسي الآن رينيه الذي أمّ المهرجان الفرنسي أول مرّة سنة 1959م حين قدّم (هيروشيما حبيبيتي) الذي نال عنه السعفة الذهبية.

أما الباقون، من أمثال الأسباني بدرو المودوفار والفرنسي جاك أوديار والإيطالي ماركو بيلوكيو والهولندي ميشيل هانيكَ والأميركي آنغ لي والفلسطيني إيليا سليمان والكوري بارك تشان- ووك والأميركي الآخر كونتين تارانتينو والدنماركي لارس فون تراير... كلّهم سبق لهم الاشتراك من قبل وبذلك يؤلّفون مفهوم (الزبون) الذي يشتري من محل ما فيداوم العودة إليه في كل مرّة لديه فيلماً جديداً.. ليس إن (كان) يشكو من تكرار الأسماء.. بالنسبة إليه، وفي محيط من المآزق الماديّة، فإن عودة المخرجين المعروفين (أو (الكبار) كما يفضل البعض القول) هي هديّتهم إلى المهرجان الذي سبق لهم وإن دفع بمشاويرهم المهنية إلى الأمام حين اختاروا الاشتراك فيه من قبل.

إذا أردت، هي مسألة إفادة متبادلة: المخرج يعود إلى رحاب المهرجان الأكبر في العالم، والمهرجان يجد سهلاً الحفاظ على أهميّته تلك وتخطّي المنافسات باستقبال العائدين إليه من زبائنه السينمائيين في كل مرّة. وفي خضم الأزمة المالية، فإن آخر ما يريده كان لنفسه هو أن يتعثّر ويقع لأن النهوض ليس هيّناً على الإطلاق. وهو يتجنّب الوقوع طالما أنه قادر على إثارة اهتمام الإعلام والمحفل السينمائي بأسره بما يعرضه من أعمال. إذا ما سقط في تجربة استحواذ هذا الاهتمام بحث هؤلاء عن بديل. وحتى ولو لم يفعلوا سريعاً، فإن الوضع الاقتصادي والغلاء كان كافيان للبقاء بعيداً عن احتفالاته وقراءة أخباره ونشاطاته بواسطة الإنترنت.

الإبداع العربي بالغياب

إذاً هذا المهرجان، وبعض أهم المهرجانات العالمية الأخرى، ليس أمامه سوى الهرب إلى الأمام في مواجهة الأزمة وغايته النجاة. والأسماء الكبيرة التي يحشدها هذا العام هي حزام أمانه والسبب المهم الذي به سيصادر الأزمة الاقتصادية القائمة عوض الاستسلام لها أو تركها تصادره.. لكن باستقبال هذا العدد الكبير من المخرجين المعروفين، فإن شكل الدورة لا يمكن أن يحوي أعمالاً من اتجاهات العالم الأربعة أو من قاراتها الخمس.. مثلاً الإبداع العربي متمثّل بالمخرج الفلسطيني إيليا سليمان، على الرغم من أن الإنتاج إسرائيلي، لكن في المقابل سوف نجد أن السينما اللاتينية الأميركية غير متوفّرة على الإطلاق لا في المسابقة ولا في التظاهرات الرسمية الأخرى.

وفي حين أن الأفلام القادمة من أقطار آسيوية (غالباً شرق آسيوية) تحتل مكانة مهمّة بوجود أعمال كورية وفيليبينية وتايوانية إلى جانب الفيلم الفلسطيني وعنوانه (الزمن الذي يبقى)، فإن أوروبا الشرقية من روسيا إلى المجر ورومانيا وبولندا وجمهورية التشيك وسواها إما غير موجودة أو موجودة بصورة محددة مكتفية بالإطلالة الموجزة.

والهند بدورها غير موجودة كذلك القارة الإفريقية (باستثناء فيلم واحد خارج المسابقة) ولا داعي لنكرر أن الدول العربية تبتعد مجدّداً كما لو كانت آتية من كوكب بعيد ولن تصل إلى المنصّة إلا بعد ألوف السنوات الضوئية.

فلا المصرية تملك الوسيلة، ولا اللبنانية والسورية والخليجية تملك القدرة، وحتى الدول القريبة من الحدود الفرنسية مثل المغرب والجزائر وتونس، تجد نفسها عاماً بعد عام غير قادرة على اجتياز المسافة بين الساحلين بأفلام جيّدة.

والناقد أو السينمائي العربي الموجود هناك يحاول أن لا يبدو متأثّراً لكنه يدرك، إذا ما سمح لنفسه ببعض التأمّل، أنه منتم هنا إلى أقليّة لا محل لها من الإعراب. تكمن في خانة هامشية لا يُكترث لها كثيراً إذا ما أم المهرجان أو لم يحضره مطلقاً.. يتسلّى البعض، كما فعلت في العام الماضي، بفكرة أنه من عداد لجنة التحكيم التابعة لاتحاد النقاد الدوليين العرب، لكنه في الوقت ذاته يعلم أن الأمور الفاصلة في هذا المحفل ليست بيد أي ناقد من أي مستوى أو من أي مكان.

تبادل ثقافات

على الرغم من ذلك، يشعر الواحد أنه من الأفضل أن يحضر على أن لا يحضر. يدرك أن لديه مسؤولياته تجاه قرائه وهي مسؤوليات مساوية تماماً لأي ناقد فرنسي أو أميركي أو بريطاني تدعوه إدارة المهرجان على حسابها. كل ما في الأمر أن معظم النقاد العرب إما يشاركون صحفهم بالتكاليف أو يدفعون التكاليف كلها من جيوبهم الخاوية، هذا ما يفسّر السبب الذي من أجله انحسر حتى الإقبال الإعلامي العربي من معدّل 50 صحافياً وناقداً في الثمانينات إلى نصف هذا العدد (أو أقل قليلاً) في السنوات الثلاث الأخيرة.

هذا كله لا يدخل بالطبع ضمن المواضيع المطروحة على الشاشة.. لن يفكّر أحد في إخراج فيلم عن ناقد يحب السينما ويخاف أن يغيب عن عيدها الكبير هنا فيؤلب عليه الديون وينكش آلام أوضاعه المادية لأجل أن يحضر.. ما نجده هنا، هذا العام تحديداً، مجموعة من الأفلام التي يغلب عليها موضوع التبادل الاجتماعي والثقافي بين الدول. بكلمات أوضح: أبطال عدد من الأفلام هم شخصيات غريبة على المجتمع الذي تزوره، أو هي من المجتمع ذاته لكنها غريبة عنه على أي حال.. ربما فتحت المخرجة الأميركي صوفيا كوبولا والمخرج التركي فاتح أكين الباب بشكل موسّع حين حققا قبل أربعة أعوام فيلمين في هذا المجال. صوفيا أنجزت (مفقود في الترجمة) عن الأميركي الذي يمضي أياماً معزولة في اليابان، وفاتح أكين حقق (صّدام) حول التركي- الألماني الذي يعود بحثاً عن فتاة سبق لها الهجرة إلى ألمانيا ثم عادت أدراجها إلى تركيا وكيف تعاملت مع التباين الثقافي والاجتماعي بين البلدين.. هذا لأن هذا الوضع نراه مطروحاً في عدد من الأفلام الجديدة عبر قصص مختلفة.

في (وجه) الذي يقدّمه المخرج التايواني تساي مينغ-ليانغ في إطار مسابقة هذه الدورة نجد قصّة مخرج فرنسي يصوّر فيلمه في تايوان. فيلم المخرج الصيني (المولود في هونغ كونغ) جوني تو، وعنوانه (انتقام) يدور حول قاتل فرنسي سابق يعيش ويعمل الآن طبّاخاً في بعض المطاعم الشهيرة، مطلوب منه العودة إلى هونغ كونغ لينتقم من قتلة ابنته التي كانت تعيش هناك.

في (الفراغ) لغاسبر نو نجد حكاية شاب فرنسي وشقيقته يعيشان في طوكيو ويعملان في تجارة المخدّرات. والعيش في البلد الأجنبي ضمن متاعب مزدوجة هو موضوع فيلم (خريطة الأصوات في طوكيو) لايرابيل كواكست كما سبق القول.

بالنسبة لهذه الأفلام فإن الغربة أو الانتقال عبر الثقافات إلى البلد الآخر ناتج عن رغبة في العمل خارج القانون لأي سبب كان. بذلك، فإن العديد من الأفلام المشتركة في المسابقة هي أفلام تشويقية (او ثريلر) طبعاً تختلف في أنها تحاول أيضاً أن تكون فنيّة، لكن تحقيق الفيلم التشويقي الناجح لا علاقة صميمة له بأن يكون فيلماً فنيّاً ناجحاً وسنجد عن المخرج الدنماركي فارس فون تراير أزمة تبرير انسياقه صوب السينما التشويقية في فيلمه الجديد (ضد المسيح) الذي يعرضه في المسابقة.

طبعاً ليست كل الأفلام المشتركة في المسابقة تدور حول الجريمة، وإلا لكان المهرجان قرر أن ينقلب إلى مهرجان متخصص بالسينما البوليسية مثلاً، لكن الواضح أن مشاهدة الجثث والاستماع إلى طلقات الرصاص سوف يتكرر في أكثر من فيلم دون أن يعني هذا أن كل الأفلام المشتركة على هذه الشاكلة.

مثلاً سيكون بالإمكان الاتكال على الأسباني بدرو المودوفار ليقدّم الفيلم العاطفي الكوميدي ذي الرقّة حين يعرض فيلمه الجديد (عناقات مكسورة) مع ممثلته المفضلة بينيلوبي كروز، وعلى المخرج كن لوتش ليقدّم لنا فيلما بريطانياً صميماً في (البحث عن أريك) أو على المخرج الفرنسي الآن رينيه ليقدّم لك موضوعاً فرنسياً مفعما بحب الفن في (مجانين الأعشاب).

أما الاشتراك الأميركي فمحكوم بخصوصية مخرجيه. طبعاً الافتتاح هو للفيلم الكرتوني الجديد Up الذي لا يدخل المسابقة، لكن الفيلمين الآخرين القادمين من الولايات المتحدة وهما (أنذال غير جديرين بالمجد) لكونتين تارانتينو و(اخذ وودستوك) متباعدان بعد السماء عن الأرض. الأول مخرج إثاري جيد الناصية عموماً، لكنه أكبر حجماً بقليل مما يستحق، والثاني مخرج يؤمن بأدواته الدرامية وباختياراته (السلمية) غير الاستعراضية وهو يبحث هذه المرّة عن بعض جوانب الحياة الأميركية في الستينات

الجزيرة السعودية في 8 مايو 2009

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)