كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

من أفلام الأوسكار

«الحالة الغريبة لبنجامين باتون» ووسيط قادر على إثارة الدهشة

كتب عماد النويري

أوسكار

2009

   
 
 
 
 

ماذا يمكن ان يحدث لو انك ولدت بالعكس اي بدلا من ان تولد طفلا صغيرا قابلا للنمو متجها نحو مرحلة الشيخوخة، تولد شيخا مسنا ومن ثم تعود الى الوراء حتى تتلاشى وتصبح مرحلة الطفولة هي نقطة النهاية في حياتك؟

هكذا تخيل الكاتب الاميركي سكوت فيتزجرالد حياة بطله بنجامين باتون في قصته الخيالية القصيرة «الحالة الغريبة لبنجامين باتون» التي كتبها في 25 صفحة، والتي تحولت إلى فيلم مهم ترشح مؤخرا لـ13 جائزة اوسكار.

مشكلة الزمن

ربما أراد فيتزجرالد الذي قدم لعالم الأدب روايته الشهيرة «جاتسبي العظيم» ان يتسلى بالكتابة عن شخصية تولد بالعكس وتتربى في بيت للمسنين، ليلعب على التناقضات الإنسانية عندما يتربى طفل يولد عجوزا في بيت للمسنين، وكيف ستكون الحال مع مرور الايام عندما تأتي ساعة الرحيل لكي يغادروا الحياة بينما بنجامين الطفل المسن سيبدأ رحلته في الحياة. وربما أراد فيتزجرالد دون أن يوضح ذلك بشكل مباشر ان يناقش مشكلة الزمن والوجود تلك المشكلة التي شغلت الفلاسفة على مر العصور. وربما وللمرة الثالثة أراد فيتزجرالد الذي عبر في مجمل روايته عن خواء الحياة، وضرورة البحث عن معنى سواء كنا صغارا ونكبر أو كنا كبارا ونصغر فالمحصلة واحدة وتختلف إذا نجحنا ان نجد معنى لهذه الحياة.

وانطلاقا من هذه القصة الخيالية واستنادا إلى شخصية بنجامين الغريبة عمل كاتب السيناريو اريك روث الذي يذكر له انه كاتب «فورست غمب» والعديد من الأعمال السينمائية المهمة ليعالج لنا هذه القصة في فيلم طويل مدته ساعتان ونصف الساعة يحمل عنوان القصة الأصلية لكن لا يمت بصلة كبيرة إلى المصدر الأدبي المأخوذ منه، ويمكن القول ان المعالجة السينمائية تأتي لتجسد نجاحا كبيرا على المستوى البصري وعلى مستوى العمق الفكري والانساني وعلى مستوى طرح الأسئلة الكثيرة عن الحياة بشكل عام. وهي أسئلة نبيلة وجليلة.

علاقة حب

في الفيلم تجسد كيت بلانشيت شخصية الراقصة ديري، التي يتعرف عليها بنجامين وهي طفلة صغيرة حينما كان عجوزا بعد ميلاده، وعندما تكبر فإنها تصبح راقصة بالية مشهورة ومع ظهورها مرة ثانية يقع بنجامين في حبها وتقع هي أيضا في حبه وتصبح علاقة الحب بينهما هي العلاقة المحورية التي تبنى عليها الأحداث. وبينما نلاحظ، التغيرات التدريجية التي تطرأ عليها بفعل تقدم السن بها، إلى أن تصبح في نهاية المطاف عجوزاً هزيلة لا تقوى على التقاط أنفاسها، يكون بنجامين في طريقه إلى مرحلة الطفولة حتى يصل إلى قدره المحتوم.

أما براد بيت، فيجسد شخصية بنجامين في معظم مراحل حياته. ونعرف ان بنجامين ولد في عام 1918 لعائلة معروفة من نيو أورليانز، حيث يبدو لحظة ولادته أشبه برجل في السبعين من عمره. ونقول هنا في معظم مراحل حياته، لأنه عندما يقترب الفيلم من نهايته، يتم استبدال براد بيت بأطفال أصغر وأصغر سناً للدلالة على تقدمه المعاكس (أو تراجعه) في السن.

منذ البداية يبدو بنجامين هذا المخلوق الصغير والمليء بالتجاعيد يحمل في الوقت ذاته مواصفات الولد اليافع والرجل البالغ، لكن في كل مشهد من مشاهد الفيلم يضيق الفرق بين هاتين الصفتين إلى أن يظهر في مرحلة معينة وبشكلٍ تدريجي رجلٌ واحد بمواصفات واحدة يمثل دوره النجم المعروف براد بيت.

مسيرة حياة

وفي الوقت الذي تتحول مسيرة حياة بنجامين إلى محرك لأحداث الفيلم، نجد أنه يصبح (وكما يوحي عنوان الفيلم) أقرب إلى مادة للتأمل منه إلى إنسانٍ حقيقي مكوَّن من لحم ودم ويستحق أن يحظى بتعاطف المشاهدين، قبل تعرفه على ملذات الجسد والخمر في المدينة التي شهدت ولادته.

يذهب باتون للعمل على متن باخرة جوالة حيث يمكث لفترة وجيزة في روسيا، ويجرب الكافيار والعلاقات العاطفية في بيت للدعارة . وعندما يعترف ابوه الذي تركه وهو صغير عجوز وقبيح بأبوته تبدأ مرحلة جديدة في حياته ويكون على وشك الوصول إلى منتصف العمر وعندما يتلاقى مع ديزي وينجب ابنته كارولين بعد تردد يكون عليه ان يرحل خوفا من مصيره كأب يتجه نحو مرحلة الطفولة. وبالرغم من أنه جنوبي أبيض ترعرع في كنف سيدة سوداء، فإنه يبدو غير معني بالاضطرابات العرقية أو بأي شيء آخر باستثناء طبيعة مصيره الغريب والفريد من نوعه.

عناصر الإبداع

وتأتينا قصة حياة بنجامين بكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة وهي تُقرأ على ديزي من قبل ابنتها (التي تجسد دورها الممثلة جوليا أورموند) في غرفة أحد المستشفيات بولاية نيو أورليانز في العام 2005، وذلك بشكلٍ متزامن مع اقتراب إعصار كاترينا من المدينة. قد يكون استحضار الإعصار في هذا الفيلم كنوع من الإسقاط على اقتراب معرفة الحقيقة التي اخفتها ديزي عن ابنتها لمدة طويلة.

على صعيد الفيلم «الفن» نحن بالفعل أمام تحفة سينمائية توافر لها العديد من عناصر الابداع فعلى صعيد المؤثرات الخاصة البصرية والصوتية استطاع المخرج ديفيد فينشر تكريس خبرته التي تعرفنا عليها من قبل في أفلامه مثل «اللعبة» و«غرفة الرعب» و«نادي القتال» و«سبعة» و«زودياك». استطاع فينشر ان يقنعنا الى حد كبير بما فعله بديزي وبنجامين في مراحل العمر المختلفة. ويمكن القول ان هذا الفيلم يمثل خطوة متقدمة في عالم السينما الرقمية التي قدمت تجارب ناجحة من قبل على يد مجموعة من رواد الإخراج من أمثال ستيفن سبيلبيرغ وبيتر جاكسون وروبيرت زيميكيس.

وبالرغم من تميز المؤثرات الخاصة فان إبداع فينشر يتجلى أيضا من خلال تركيزه على المكان والشخصيات، وزوايا التصوير والقدرة على توظيف الإضاءة واختيار موسيقى تصويره مؤثرة ومعبرة.

وهناك إشارة أيضا إلى تألق النجمة كيت بلانشيت في دورها، ولا ننسى الأداء المتميز للنجم براد بيت الذي يثبت مع كل فيلم قدرته الفائقة على فهم الشخصية التي يلعبها مجسدا كل ملامحها الداخلية والخارجية.

فيلم «الحالة الغريبة لبنجامين باتون» يعتبر من الأفلام الغريبة التي قدمت خلال الفترة الأخيرة ورغم كل الغرابة في فكرته التي لا تستند إلى اي أساس علمي فان الفيلم يمثل حالة سينمائية متفردة تثبت ان السينما هذا الوسيط الجميل قادرة دائما على التجدد وقادرة ايضا على طرح الاسئلة التي تتعلق بوجودنا.

القبس الكويتية في 28 يناير 2009

 

سينمائيات

ترشيحات الأوسكار.. ملاحظات أولية

كتب عماد النويري:  

كما يحدث كل عام فان ترشيحات جوائز الأوسكار لاتكون مفاجئة ولا تأتي من فراغ وإنما تكون هناك العديد من النقاط التي يتم تجمعيها منذ عرض الأفلام وحتى الإعلان عن الجوائز في فبراير المقبل. ويساهم في جمع هذه النقاط عرض وترشيحات وفوز هذه الأفلام من خلال المهرجانات والجمعيات السينمائية المختلفة.

عن فيلم «فيكي كرستينا برشلونة» للمخرج وودي الان تم ترشيح بينلوب كروز للحصول على جائزة أفضل ممثلة في دور ثانوي.. وكان الفيلم قد فاز بجائزة الغولدن غلوب كأحسن فيلم كوميدي وقبلها عرض الفيلم في مهرجان «كان» خارج المسابقة.

ومن مهرجان فينسيا يأتي «المصارع» إخراج دارين أنوفسكي وتمثيل مبكي رورك بعد غياب طويل عن الشاشة.. وقد فاز الفيلم بالأسد الذهبي وليس غريبا ان يرشح ميكي لجائزة الأوسكار كأفضل ممثل وان يتم ترشيح ماريسا تومي عن الفيلم ذاته كأفضل ممثلة ثانوية. ويذكر ان فيم فيندرز رئيس لجنة التحكيم في مهرجان فينيسيا احتج علناً على لائحة المهرجان التي تحول دون فوز أي فيلم بأكثر من جائزة، وقال إنه كان يود أن يفوز رورك بجائزة أحسن ممثل، وأنه لذلك لن يشترك في أي لجنة تحكيم بعد ذلك. وفي مسابقة غولدن غلوب فاز رورك بجائزة أحسن ممثل أيضا وقد يؤهله كل ذلك للفوز بجائزة الأوسكار في المنافسة الشرسة بينه وبين شون بين عن «ميلك» وريتشارد جينكبيز عن «الزائر» وفرانك لانغيلا «فروست /نيكسون» وبراد بيت «الحالة الغريبة لبنجامين باتون».

وهناك ثلاثة أفلام لم تعرض في أي مهرجان، وإنما عرضت تجارياً في لوس أنجلوس في نوفمبر لكي يكون لها الحق في التسابق على الأوسكار قبل نهاية العام. وهذه الأفلام هي «ميلك» إخراج جوس فان سانت الذي فاز في مسابقة نقاد نيويورك بجوائز أحسن فيلم وأحسن ممثل شون بين وأحسن ممثل في دور مساعد جوش برولين، وبجائزة أحسن ممثل شون بين في مسابقة الجمعية القومية لنقاد السينما الأميركيين، و«القارئة» إخراج ستيفن والدري الذي فاز بجائزة أحسن ممثلة في دور مساعد كيت وينسليت في مسابقة «غولدن غلوب» و«الحالة الغريبة لبنجامين باتون» ويذكر ان قد اختير للعرض خارج المسابقة في مهرجان برلين (5 - 15 فبراير 2009).

في أوسكار 2008 لأفلام 2007 حصلت 6 أفلام على الترشيحات العشرة لأحسن فيلم وأحسن إخراج، كان منها 2 من كان و2 من فينسيا وفيلم من برلين وفيلم من روما، وكان من بين الأفلام الخمسة المرشحة لأوسكار أحسن فيلم أجنبي 3 من برلين وفيلم من فينسيا، ولكن يبدو أن الأمر يختلف في أوسكار 2009 لأفلام 2008، فالفيلم البريطاني الأميركي «المليونير المتشرد» إخراج داني بويل الذي فاز بأحسن فيلم في مسابقة «غولدن غلوب»، وكذلك أحسن إخراج وأحسن سيناريو وأحسن موسيقى، وبجائزة نقاد نيويورك لأحسن تصوير، كان عرضه الأول في مهرجان تيليرويد الأميركي (كما جاء في توثيق للناقد سمير فريد).

وبالنسبة للافلام «فروست - نيكسون» إخراج رون هوارد فقد عرض في ختام مهرجان سالونيك باليونان، و«شك» إخراج جون باتريك شانلي عرض في افتتاح مهرجان لوس انجلوس، و«نهر يتجمد» إخراج كورتناي هونت فقد فاز بالجائزة الكبرى في مهرجان صاندانس، وجائزة أحسن فيلم أول لمخرجه في مسابقة نقاد نيويورك. وكان الممثل الراحل هيث ليدجر رشح قبل عام لجائزة الاوسكار لافضل ممثل مساعد عن تجسيده لشخصية جوكر في فيلم «باتمان - فارس الظلام» الذي حاز سبعة ترشيحات لجوائز الاوسكار.

وتبدو السينما البريطانية محظوظة في انتاجها الذي حققته العام الماضي، الامر الذي أهلها لجوائز عدة هذا العام، فالممثلة كيت وينسليت حصلت على جائزتين من «غولدن غلوب» الاميركية كأحسن ممثلة وأحسن ممثلة مساعدة عن دوريها في الفيلمين «طريق الثوري» و«القارئ». الجهة نفسها منحت فيلم المخرج داني بويل «المليونير المتشرد»، اربع جوائز رئيسية، بينها أحسن فيلم وأحسن اخراج، اً. والفيلم حصل أيضاً على جوائز جمعية النقاد في نيويورك وتلك الموازية لها في لندن. وأخيراً توجته البافتا البريطانية ومنحته احد عشر ترشيحاً.

ومن الافلام التي تغيب عن الترشيحات الاوسكارية هذا العام دون اسباب معقولة فيلم «كتلة اكازيب» للمخرج ريدلي سكوت ومن بطولة ليوناردو دي كابريو وراسل كرو وكان الفيلم قد عرض ضمن افلام الدورة الثانية لمهرجان الشرق الاوسط في ابوظبي ويغيب ايضا فيلم كلينت.

جدير بالذكر ان مسابقة الأوسكار والتمثال الذهبي رمز جوائزها، هي الأشهر في عالم السينما والأعرق والأهم بحكم قوة السينما الأميركية التي تهيمن على السينما في كل الأسواق ربما ما عدا الصين والهند ومصر، وهي الأسواق الكبيرة التي تحدد عدد الأفلام الأميركية وعدد النسخ المعروضة منها.

القبس الكويتية في 25 يناير 2009

 
 

بنجامين بتون في انتظار 13 جائزة آوسكار

كتب أحمد بيومي

أيام قليلة ويشهد مسرح كوداك الاسطوري الحفل رقم ١٨ لأهم جوائز السينما في العالم.. العمل يجري علي قدم و ساق، لاستقبال اهم نجوم السينما العالمية . هذا العام قد يكون عاما تاريخا للأوسكار مثل عام ٧٩٩١ الذي شهد ترشيح فيلم واحد للحصول علي ٤١ جائزة »تيتانيك« فالسيناريو يتكرر هذا العام مع فيلم »بنجامين بتون« الذي رشح لنيل ٣١ جائزة.

هذه الترشيحات للفيلم الذي يلعب بطولته براد بيت لم تأت من الفراغ، فالفيلم الرومانسي الحالة الغريبة لبنجامين بتون« نال استحسان النقاد ولعب فيه براد بيت دور رجل يصغر بدلا من ان يكبر، علي الدراما الي صور في الهند عن فتي يصبح مليونيرا بعد فقرة في فيلم المليون الشعوائي« الذي رشح لعشر جوائز، وحصل فيلم »بنجامين باتون« علي ترشيحات لأكبر جوائز الاوسكار من بينها أفضل فيلم وافضل مخرج فيما رشح بطل الفيلم براد بيت لجائزة أفضل ممثل.

وبترشيحه ل ٣١ جائزة يكون فيلم بنجامين بتون« حصل علي ثاني أعلي عدد من الترشيحات في تاريخ الاوسكار بعد فيلم »تيتانيك« الذي رشح ل ٤١ جائزة في ٧٩٩١ وفيلم all adout lier للممثلة بيتي ديفيس في الخمسينيات، وفاز الفيلمان بجائزة افضل فيلم.

الأمر المثير للدهشة والذي دفع الكثير من الصحف الأمريكية والانجليزية إلي التعليق هو عدم ترشيح فيلم »فارس الظلام« أفضل فيلم وأفضل مخرج والذي كان مرشح لها بقوة، الا ان الفيلم حصل علي ترشيح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل في دور ثانوي للممثل هيث ليدجر بعد عام واحد من وفاته واذا نجح ليدجر في الفوز بالجائزة سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه لانه سيكون الممثل الوحيد الذي يحصل علي الجائزة بعد وفاته تم ترشيح ليدجر لأدائه دور الشرير في فيلم باتمان ويرجح فوزه بالجائزة في الحفل الذي سيجري في ٢٢ فبراير في مسرح كوداك في هوليوود.

وأعادت الترشيحات الامل لفيلم »بنجامين بتون« الذي جري اهماله قبل أسابيع في جوائز جولدن جلوب في الوقت الذي فاز فيه فيلم »المليونير العشوائي« بأربع جوائز. الا ان فيلم »بنجامين بتون« الرومانسي اصبح الفيلم الذي يتمتع باكبر فرصة للحصول علي الجائزة حيث اثبتت التجربة ان الفيلم الذي يحصل علي أكبر قدر من الترشيحات هو الذي عادة يفوز باوسكار أفضل فيلم.

ومن الافلام المرشحة للفوز بجائزة أفضل لعام ٩٠٠٢ الدراما السياسية فروست/ نيكسون« وفيلم »ميلك بطولة شون بين الذي يلعب دور السياسي المثلي الجنس هارفي ميلك. وفي جائزة افضل ممثل تم ترشيح براد بيت في دوره في فيلم »بنجامين باتون« الذي يتنافس مع ميكي رورك في دور مصارع في فيلم المصارع« وشون بين عن دوره في فيلم »ميلك« وفرانك لانجيلا الذي يلعب دور الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون في فيلم فروست/ نيكسون« وريتشارد جينكينز عن فيلم »الزائر«.

اما انجلينا جولي فقد رشحت لجائزة افضل ممثلة عن دورها في فيلم »البديل« لتنافس كيت وينسلت وميريل ستريب وان هاثاوي وميليسا ليو أما جائزة أفضل مخرج فقد رشح لها ديفيد فينشر عن فيلم »بنجامين باتون« لينافس البريطاني داني بويل »المليونير العشوائي«.

ورشح دون هاورد الذي نال جائزة الاوسكار عن اخراجه فيلم »عقل جميل« لفيلم »فروست نيكسون« وستيفن دالدري لاخراجه القاري« وجاس فان سانت عن فيلم »ميلك«.

أما ترشيحات افضل ممثل في دور ثانوي فقد تصدر ليدجر القائمة التي ضمت كذلك جوش برولين عن فيلم »ميلك« وفيليب سيمور هوفمان عن »داوت« وروبرت داوني جونيور عن الرعد الاستوائي ومايكل شانون عن فيلم »طريق ثوري«.

اما جائزة افضل ممثلة في دور ثانوي فقد رشحت لها النجمة الاسبانية بينلوبي كروز عن فيلم »فيكي كريستينا برشلونة« من اخراج وودي الان، وانضمت إليها فيولا ديفيس عن »شك« وماريسا تومي عن المصارع وتاراجي بي هينسون عن »الحالة الغريبة »بنجامين باتون« وايمي ادامز عن »شك«.

وفي جائزة افضل فيلم اجنبي يتنافس فيلم »رقصة فالس مع بشير« (اسرائيل) مع »بادر مينهوف كومبلكس« (المانيا) والفيلم الفرنسي »الفصل« و»مغادرة« (اليابان) و»ريفانش« (النمسا)، وفي قائمة أفضل فيلم ر سوم متحركة يتنافس فيلم »وال - اي« و »كونج فو باندا« و»بولت«.

أخبار النجوم المصرية في 29 يناير 2009

 
 

ويل سميث.. مخيب للآمال

هل يخرج «بنجامن بوتن» خالي الوفاض ؟

مخرج (الساعات).. يقدم (القارئ) بعد ست سنوات

جميع المؤشرات كانت تقول بأن النجم الأمريكي ويل سميث جاء لينافس بقوة على جوائز العام 2008 بفيلمه الأخير (سبعة باوندات-Seven Pounds) لكن النتيجة ظهرت مخيبة لآمال النقاد ولآمال ويل سميث نفسه الذي سعى لتوفير كافة إمكانيات المنافسة من قصة درامية مؤثرة إلى مخرج متميز كانت له نجاحات في مهرجانات السينما هو المخرج الإيطالي «غابرييلي موتشينو». ولجوء ويل سميث لهذا المخرج للمرة الثانية يعطي دلالة على الرغبة القوية التي كانت تسيطر عليه للحصول على جائزة مهمة يعزز بها نجاحاته الأخيرة. خاصة أن المخرج «موتشينو» هو نفسه من أخرج الفيلم الإنساني (البحث عن السعادة-The Pursuit of Happyness) الذي ترشح عنه ويل سميث لأوسكار أفضل ممثل قبل سنتين.

ويؤدي ويل سميث في فيلم (سبعة باوندات) دور رجل يفقد الرغبة في الحياة، ولإحساسه بالذنب من كارثة تسبب بها في الماضي يسعى لإنقاذ سبعة أشخاص يعيشون أزمات صحية مختلفة يختارهم بعشوائية ومن بين هؤلاء شابة تدعى «إيميلي» تعاني من ضعف في القلب يرتبط معها بعلاقة رومانسية. المأخذ الرئيسي على الفيلم أنه أغرق في الحزن دون أن يشرح «لماذا» يتصرف البطل على هذا النحو، فالدوافع لم تتضح بشكل كامل وأول إشارة لتفسير الدوافع ظهرت بعد مرور ساعة كاملة من مدة الفيلم كان البطل خلالها يبكي ويئن ويساعد الناس دون أن يفهم المشاهد سبب الحزن وسبب الرغبة الملحة على مساعدة أناس غرباء.

فكرة الفيلم الإنسانية لم تكن بحاجة لكل هذا الغموض ولا لكمية الدموع التي نثرتها الشخصيات دون معنى والتي حولت الفيلم إلى شحنة عاطفية مجردة من أي حدث أو صراع درامي، ما أفقد الفيلم القدرة على الإقناع. وفي هذا يقول ناقد أمريكي متهكماً: «ىقلد قدم ويل سميث في أغلب أفلامه شخصيات لأبطال خارقين، البطل الذي ينقذ كوكب الأرض من غزو مخلوقات الفضاء في فيلم (يوم الاستقلال-Independence Day)، والروبوت الذي يواجه استغلال البشر في (أنا روبوت-I, Robot)، والبطل الخارق في (هانكوك-Hancock).. لكن كل هؤلاء لا يجارون البطل الخارق في فيلم (سبعة باوندات-Seven Pounds) والذي يستميت من أجل مساعدة الناس بلا سبب». كان ويل سميث بطلاً خارقاً في هذا الفيلم الذي خطط له منذ البدء أن يكون بسيطاً وواقعياً و لكن جاءت النتيجة مخيبة للآمال.

 

الرازي يختار آل باتشينو أسوأ ممثل في عام 2008

أعلنت جائزة «الرازي» عن ترشيحاتها لأسوأ الأفلام والممثلين في العام 2008 وكان من بين المرشحين النجم «آل باتشينو» الذي سينافس على جائزة أسوأ ممثل عن دوره في فيلم (88 دقيقة) ودوره في فيلم Righteous Kill وكلا الفيلمين للمخرج جون أفنت. كما ضمت القوائم أسماء النجمات كاميرون دياز, كيت هِدسون, جيسيكا ألبا, باريس هيلتون وميغ رايان بالإضافة إلى النجوم مارك وولبرغ وإدي ميرفي وبيرس بروسنان وبين كينغسلي والمخرج نايت شايملان كمرشحين لجائزة أسوأ الإنجازات السينمائية خلال العام الماضي. هذا وستوزع الجوائز عشية حفل الأوسكار في 21 من فبراير المقبل. 

مخرج (الساعات).. يقدم (القارئ) بعد ست سنوات

في العام 2002م قدم المخرج البريطاني ستيفن دالدري واحداً من الأفلام العظيمة التي لن ينساها تاريخ السينما هو فيلم (الساعات - The Hours) الذي تألقت فيه الممثلة نيكول كيدمان بأدائها لشخصية الأديبة الإنجليزية فيرجينيا وولف واستحقت عنه أوسكار أفضل ممثلة. ومنذ ذلك الحين توارى ستيفن دالدري عن الأنظار ولم يظهر إلا في نهاية العام 2008م أي بعد ست سنوات من الغياب حاملاً معه فيلمه الجديد (القارئ - The Reader) الذي تلقى خمس ترشيحات للأوسكار من بينها أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل ممثلة رئيسية للممثلة كيت وينسلت.

فيلم (القارئ) مأخوذ عن رواية ألمانية تحمل نفس الاسم صدرت عام 1995م للبروفيسور بيرنارد شلينك. وتؤدي فيه كيت وينسلت دور البطولة إلى جانب الممثل البريطاني رالف فينش. وتجري أحداث الفيلم في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية في ثلاثة فترات زمنية مختلفة أبطالها شاب وفتاة يرتبطان بعلاقة غريبة تتقاذفها ظروف الحياة ومآسيها. الفتاة اسمها «حنا» -كيت وينسلت- والشاب «مايكل بيرغ» -رالف فينش - يلتقيان أول مرة عام 1958م في الحافلة التي تعمل فيها «حنا» محصلةً للتذاكر. وقد لفتها منظر الفتى الصغير «مايكل» وهو يقرأ رواية «مغامرات هاكلبري فين» والأوديسة فارتبطت معه بعلاقة استمرت ثلاثة أشهر ثم اختفت فجأة دون أن تبلغ أحداً بوجهتها. وفي العام 1966م يكتشف المحامي «مايكل بيرغ» أن صديقته القديمة «حنا» متهمة في قضية حرق 300 امرأة يهودية عام 1944م في معسكر أوشفيتز النازي فيتطوع للدفاع عنها.    

هل يخرج «بنجامن بوتن» خالي الوفاض ؟

حصول فيلم (الحالة الغريبة لبنجامن بوتن) على ثلاثة عشر ترشيحاً للأوسكار والتي أعلن عنها الخميس الماضي لا يعني أن الفيلم هو الأقرب للظفر بهذه الأوسكارات. وقد يخرج خالي الوفاض منها جميعاً، وذلك لأن كل فئة من الفئات التي ترشح لها تضم منافسين آخرين لهم حظوظ أكبر بالفوز عطفاً على نتائج الجمعيات السينمائية الموازية. ففي فئة أفضل فيلم والتي ترشح لها الفيلم إلى جانب أربعة أفلام أخرى هي (المليونير المتشرد-)، (فروست نيكسون-)، (ميلك-) و(القارئ-)، تكاد تجمع التوقعات على فوز «المليونير المتشرد» بأوسكار أفضل فيلم خاصة بعد حصوله على جائزتي أفضل فيلم في جمعية المنتجين وجمعية الممثلين منتصف هذا الأسبوع.

أما فئة أفضل ممثل فالنتيجة شبه مضمونة لصالح «شون بين» عن دوره في فيلم (ميلك-) والذي فاز منذ يومين بجائزة أفضل ممثل من جمعية الممثلين الأمريكيين، وعليه يصبح وجود النجم «براد بيت» بطل «بنجامن بوتن» في قائمة أوسكار أفضل ممثل مجرد حضور شرفي وسيكتفي بمجرد الترشيح. ونفس الأمر ينطبق على فئة أفضل مخرج، حيث يقف مخرج الفيلم «ديفيد فينشر» أمام منافسين يمتلكون حظوظاً أكبر مثل «داني بويل» عن (المليونير المتشرد) و«ستيفن دالدري» عن فيلم (القارئ). مع ذلك فسيتبقى ل(بنجامن بوتن) عشرة ترشيحات أخرى أغلبها في أقسام فرعية وهي: أفضل سيناريو مقتبس، أفضل تصوير، أفضل أزياء، أفضل تحرير، أفضل مكياج، أفضل أغنية أصلية، أفضل تحرير صوتي، أفضل مؤثرات بصرية، أفضل ممثلة مساعدة، وأفضل Art Direction) ورغم أنه لا يمكن الجزم بقدرته على المنافسة في فئة أفضل سيناريو مقتبس إلا أنه يمتلك نسبة من الأفضلية في بقية الترشيحات وتحديداً في الفروع التقنية مثل المكياج والمونتاج وال Art Direction (الذي يعني تصميم موقع التصوير وصناعة الديكور بشكل مطابق لما هو مرسوم في السيناريو) فالفيلم من هذه النواحي متميز فعلاً وإذا فاز بأي أوسكار فلن يخرج عن هذه الفروع.  

ميريل ستريب وشون بين.. أفضل الممثلين

وزعت الأحد الماضي جوائز جمعية الممثلين في أمريكا وحصلت النجمة الكبيرة ميريل ستريب على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم (شك-Doubt) فيما حصل شون بين على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم (ميلك-Milk) الذي يجسد فيه شخصية النائب الأمريكي هارفي ميلك. وهذه هي المرة الثانية التي تفوز فيها ميريل ستريب بجائزة من «جمعية الممثلين» من أصل أحد عشر ترشيحاً تلقتها من الجمعية حيث سبق لها الفوز بجائزة أفضل ممثلة في مسلسل تلفزيوني عام 2003 عن دورها في مسلسل (ملائكة في نيويورك-Angels in America). وتؤدي ميريل في فيلمها الأخير (شك) دور راهبة متزمتة في مدرسة كاثوليكية تشن حملة تفتيش ضارية ضد زميلها الأب فلين وتسعى بكل السبل لتوريطه وإدانته بعد أن شكت في تصرفاته وفي فكره المتحرر. وقد نالت عن دورها هذا ترشيحاً لأوسكار أفضل ممثلة لتعزز بذلك من مكانتها كأكثر ممثلة تحصل على ترشيحات الأوسكار في تاريخ هوليود بخمسة عشر ترشيحاً منذ أول ترشيح لها عام 1978 عن دورها في فيلم (صائد الغزلان -The Deer Hunter).

الرياض السعودية في 29 يناير 2009

 
 

أبطال مغمورون وفلاش باك متعدد

«المليونير المتشرد».. كيف ترشح لجوائز الأوسكار؟

عـبـداللـه السـمـطي

حاز الفيلم البريطاني - الهندي: «المليونير المتشرد- Slumdog Millionaire) للمخرج البريطاني: داني بويل، على عشرة أصوات في ترشيحات جوائز الأوسكار للموسم (81) التي ستوزع في الثاني والعشرين من شهر فبراير 2009م، حيث رشح لجائزة أفضل فيلم، وجائزة أفضل مخرج، وهو كان قد حصد خمسة جوائز في مسابقة الجولدن جلوب، حيث حصل على جوائز أفضل تصوير وإخراج لمخرجه داني بويل، وسيناريو لمؤلفه: سيمون بيوفوي وتمثيل للنجم ديف باتيل، وتأليف موسيقي ل آر . رحمن. بهذا يعد فيلم «المليونير المتشرد» من الأفلام المهمة لسنة 2008 والتي يجب تأملها وقراءتها بعمق.

اعتمد مخرج الفيلم على آلية الاسترجاع «الفلاش باك» بوصفها الآلية التي تربط زمنياً بين حياة الشاب جمال مالك وقت ظهوره في المشهد الأول الرئيسي للفيلم وهو مشهد مشاركته في برنامج: «من سيربح المليون». وجاءت هذه الآلية من خلال ثلاثة أبعاد، يسترجع فيها بطل الفيلم أحداث الماضي المؤلم الذي مر به، فيما هو يجيب على كل سؤال يتم توجيهه إليه من قبل مقدم البرنامج مشيراً بشكل رمزي إلى ثقافات هندية متعددة.

٭ البعد الأول يتمثل في استرجاع مرحلة الطفولة القاسية، والبعد الثاني يتمثل في تذكر مرحلة الصبا والتشرد، فيما يتم استرجاع مرحلة المراهقة وبداية الشباب في استعادات متواترة لمختلف هذه الأبعاد كلما جوبه جمال مالك بسؤال جديد. ومن خلال هذه الأبعاد الثلاثة المسترجعة يمكن أن نتعرف على قصة الفيلم وأحداثه، حيث تمثل هذه الأبعاد البنية المركزية للفيلم.

وقد لجأ المخرج لهذه الآلية الزمنية «الفلاش باك» لأمرين: الأول: صغر سن بطل الفيلم، وبالتالي فإن التركيز على هذه اللقطات والأبعاد التي كان يمكن أن يدمج في بعد واحد ليعبر عن مرحلة الطفولة والصبا، بيد أن حرفية المخرج هنا جعلته يركز أكثر في تقسيم المراحل العمرية للبطل، ليضيء عدة جوانب تتعلق بالحالة الاجتماعية المأساوية له. الثاني: تنويع المشاهد، ورصد التحولات المشهدية في تسلسل سينمائي يبدل من أمكنة المشاهد، ومن تصرفات البطل في كل مرحلة.

تبدأ مشاهد الاسترجاع من مرحلة الطفولة البائسة من حي فقير في بومباي في الهند، حيث الأطفال الذين يرتدون ملابس رثة، ممزقة، يلعبون الكركيبت، ثم تتم مطاردتهم من قبل جنود الأمن بلا سبب سوى أنهم يلعبون في إحدى ساحات الطرق الرئيسية، ويتبين من مشاهد المطاردة والركض بؤس المكان الذي يعيش فيه الأطفال، في مشاهد تصويرية بديعة متتابعة، يتم فيها تقديم المشهد بشكل بطيء أحياناً، ثم مشهد من فوق المكان ليبين غرف الصفيح والصاج البائسة، ودهاليز صغيرة، وحارات جانبية، حتى يصل الأطفال إلى مخابئهم فيما يصل الصغير جمال مالك إلى أمه.

وهنا تتوقف المطاردة، لتأتي بعض المشاهد المقززة، لتعبر عن حالة المكان، فابتهاج البسطاء بزيارة النجم أميتاب باتشان لقريتهم، ثم مقتل الأم في حادث طائفي ديني. يهرب ثلاثة أطفال من هذا الحادث المأساوي: جمال مالك، وسليم، والبنت «لاتيكا» ويقعون في قبضة عصابة تمتهن التسول فتقوم بعمل إعاقة لبعض الأطفال بقطع اليدين أو الأرجل، أو كف البصر، وفي لحظات ليلية يستطيع الثلاثة الهرب من هذه العصابة التي تستطيع الإمساك بالبنت التي تعمل راقصة بعد ذلك في أحد الملاهي، فيما يهرب جمال مالك وسليم عبر القطار إلى مدينة مومباي، حيث تنتقل المشاهد بهما وقد كبرا قليلا فيعملان في بيع الورد، والفواكه، والبالونات، ثم يعمل جمال مالك في محل اتصالات.

وما بين مشاهد تعذيب جمال مالك ظناً من الشرطة أنه يقوم بنقل المكالمات، أو التجسس على بعض الشخصيات، وبين مشاهد من برنامج: «من سيربح المليون» تنقل الكاميرا أحداثاً مختلفة مثل قصة الحب بين جمال مالك والبنت، وصعوده تدريجياً لربح جوائز البرنامج.

تتمثل جمالية الفيلم في اختيار المخرج البريطاني لمجموعة من الممثلين الهنود المغمورين، الذين برعوا في تمثيل الحالة البائسة للمهمشين في الهند، وفي اختياره أماكن التصوير، وحرية تحريك الكاميرا في التقاط المشاهد السريعة المتتابعة، كما تتمثل في توليده رؤية فيلمية جديدة تتجلى في تجاور الفلاشابكات زمنياً، في مراحل متداخلة مع قطع هذه الفلاشاباكات والعودة بها إلى الزمن الرئيسي للفيلم وهو حضور البطل في برنامج: «من سيربح المليون».

لم يكن سيناريو الفيلم على القدر المأمول فقد كان سيناريو وظيفياً لا عمق فيه ولا تأمل، سوى في مشاهد تعذيب البطل الشاب، بيد أن لقطات الفيلم التصويرية كانت على مستوى عال من الأداء والحنكة التي تجلت خاصة في تصوير حالة المكان الذي أدى إلى تشرد هذا الطفل، ونقل الصورة البائسة للمشاهد بكل تفاصيلها دون مواربة رمزية.

الرياض السعودية في 29 يناير 2009

 
 

الترجيحات النهائية لجوائز الأوسكار...

‏‏لا مفاجآت... ولا صخب احتجاجات

لعل المفاجأة الوحيدة التي طبعت إعلان الترجيحات والترشيحات النهائية لأوسكارات أفلام العام 2008، هي اللامفاجأة، اذ ان الأمور سارت، والأسماء وردت، تماماً كما كان معلناً عنها منذ أسابيع، وتقريباً بالترتيب نفسه الذي كانت عليه ترشيحات «الغولدن غلوب» و «البافتا» (الأوسكارات الإنكليزية)، ومن هنا بدلاً من الترقب والتشويق في مجال من سيتبارى، حل ترقب وتشويق حول من سيفوز. ويمكن القول أن «أم المعارك» ستكون في مجال «أوسكار افضل ممثل»، لأن بين الخمسة نجوم المرشحين، اثنين يحمى وطيس المعركة بينهما، هما شين بن (عن فيلم «ميلك»، الذي يترجمه بعض الصحافة العربية بـ «حليب»، مع ان الكلمة هي اسم شخصية بن في الفيلم)، وميكي روركي (عن فيلم «المصارع»). يعمل لمصلحة الأول أداؤه الرائع في فيلم يتحدث عن حاكم لولاية كاليفورنيا امضى جزءاً من حياته يدافع عن مثليته الجنسية لينتهي قتلاً. وضده أنه لم يمض عليه زمن طويل منذ نال أوسكاراً. فيما يعمل لمصلحة الثاني قدرته على العودة مثل طائر الفينيق، لاحتلال الصف الأول، بعد عبور صحراء طال كثيراً، منذ ظهوره الأول نجماً وممثلاً أواخر السبعينات. لكن روركي وبن، لن يكونا وحدهما في المعركة، حتى وإن كانا الاسمين المرجحين أكثر من زملائهما. فهناك ايضاً فرانك لانجيلا عن دوره المميز في «فروست/ نيكسون»، وبراد بيت (الذي قد يكون فلتة الشوط عن دوره في «حالة بنجامين باتون الغريبة»، حيث لعب دور رجل يصغر عمراً بدل ان يكبر، ما اضطره الى خوض أعمار عدة برع فيها كلها). وهناك أخيراً ريتشارد جنكنز (عن فيلم «الزائر» الذي عليه ان يكتفي من الترشيحات الكبرى بهذا الترشيح بعدما سادت تكهنات كثيرة في شأنه).

ونحن إذا كنا أوردنا اسماء هذه الأفلام، فإنما هي - باستثناء اسم اثنين فقط أسماء الأفلام المرشحة لجائزة أفضل فيلم، إذ يحل هنا فيلما «القارئة» من إخراج ستيفن دالدري، و «المليونير الصعلوك» لداني بويل، بدلاً من «المصارع» و «الزائر». وبالتالي فإن أسماء المرشحين لأوسكار افضل مخرج، تتطابق، كما هي الحال غالباً، مع أسماء الأفلام، حيث يتنافس بويل ودالدري، مع دافيد فنشر (صاحب «حالة بنجامين باتون الغريبة)، ورون هاوارد (عن «فروست/ نيكسون» الذي يعيد لهذا المخرج الذي كنا نعرفه ممثلاً شاباً أخرق في مسلسل «الأيام السعيدة»، ويبدو إخراجه هنا لهذا الفيلم السياسي المميز عن مسرحية لبيتر مورغان، فعل تعويض على إخراجه الأخرق قبل أعوام لفيلم «دافنشي كود»)، وأخيراً غاس فان سانت (عن فيلم «ميلك»).

وبما ان معظم الأفلام التي ذكرنا، حتى الآن، تبدو أفلاماً ذكورية بالكاد تعطي مكانة لنجمة تؤدي في أي منها دوراً جيداً، يتعين الالتفات، في مجال أوسكار افضل ممثلة، ناحية أفلام أخرى، في معظم الحالات، حيث يغيب، في هذا الحيز، أربعة أفلام ليبقى «القارئة» الذي يعطي كيت ونسليت دوراً مميزاً - فازت عنه بغير جائزة وتنويه حتى الآن، ما يكاد يشي بأن الأوسكار سيكون من نصيبها، خصوصاً انها تحضر هذا الموسم في فيلم آخر مميز هو «الطريق الثوري». إذاً ونسليت مرشحة لجائزة أفضل ممثلة، لكن عليها ان تخوض في سبيل ذلك، تنافساً صعباً، على الأقل مع أنجلينا جولي (عن «الإبدال») وميريل ستريب (عن «شكوك»)، ثم مع ممثلتين تبدوان، حتى الآن على الأقل، أقل حظاً: آن هاتاواي («راشيل تتزوج») وميليسا ليو («النهر المتجمد»).

وبالنسبة إلى أوسكار افضل ممثل ثانوي هناك جوش برولين (عن «ميلك» بعدما كان مرجحاً ليتبارى عن «دبليو» لأوسكار افضل ممثل) وفيليب سايمور هوفمان (عن «شكوك») والراحل هيث لدجر (عن «الفارس الأسود») ومايكل شانون (عن «الطريق الثوري») ولكن خصوصاً روبرت داوتي جونيور (عن «عاصفة استوائية»). في مقابل هؤلاء يخوض مباراة افضل ممثلة مساعدة، كل من آري آدمز (عن «شكوك») وماريزا طومي - أو طعمة - (عن «المصارع»)، وفيولا دايفز (كذلك عن «شكوك») وتاراجي هنسون (عن «حالة بنجامين باتون الغريبة») وخصوصاً بينيلوبي كروز (عن فيلم وودي آلن «فيكي كريستينا برشلونة» حيث أعطاها المخرج الأميركي الكبير دوراً يمكن ان يليق حقاً بجائزة افضل ممثلة، لا أفضل ممثلة مساعدة).

وإذا كانت ثلاثة أفلام تحريك استبقيت لخوض أوسكار افضل فيلم تحريك (هي «بولت»، «كنغ فوباندا» و «والي...»، فإن خمسة أفلام تخوض مباراة افضل فيلم أجنبي، لعل أشهرها وأكثرها ترجيحاً هو فيلم «فالس مع بشير» للإسرائيلي آري فولمان، الذي سبق ان اختير في بلدان عدة، وفي استفتاءات أكثر عدداً، فيلم العام. «فالس مع بشير» الذي مُنع من العرض في لبنان وبلدان عربية أخرى، هو افضل وأقسى عمل حقق حتى الآن عن مجازر صبرا وشاتيلا التي وقعت في لبنان عام 1982. الفيلم المشغول على طريقة وثائقي - رسوم متحركة المبتكرة، لم يشفع له، لدى الرقابات العربية انه سدد سهماً حاداً جداً لإسرائيل وجيشها، فتلقفه العالم مدهوشاً للموقف العربي منه. مهما يكن يبدو ان معركة «فالس مع بشير» للفوز بأوسكار افضل فيلم أجنبي لن تكون صعبة، حتى وإن كان من بين من يجابهه فيلم «السعفة الذهبية» في كان «بين الجدران»، وفلم ألماني مميز عن مطاردة جماعة بادار ماينهوف ومقتلها.

أما في مجال جائزتي السيناريو: المكتوب اصلاً للسينما، والمقتبس. فالتنافس، بالنسبة الى الأولى هو بين «ميلك» و «النهر المتجمد» و «رح سعيداً محظوظاً» و «في بروج» و «والي». أما بالنسبة الى النوع الثاني فهناك «حالة بنجامين باتون» و «شكوك» و «فروست/ نيكسون» و «القارئة» و «المليونير الصعلوك»، وكلها بالتالي مقتبسة إما عن روايات وإما عن نصوص مسرحية. وهنا إذا استثنينا جائزة افضل وثائقي التي تتنافس عليها خمسة أفلام لفتت أنظار محبي النوع طوال العام («الخيانة» و «لقاءات عند آخر العالم» و «الحديقة» و «رجل فوق حبل مشدود»، و «حرك الماء») تبقى لدينا الجوائز التقنية، من افضل موسيقى («حالة بنجامين باتون»، «تحدي»، «ميلك»، «المليونير الصعلوك»، و «والي») وأفضل أغنية (ثلاث اثنتان منها في «المليونير الصعلوك» والثالثة في «والي»)، وأفضل توليف («حالة بنجامين باتون»، «الفارس الأسود»، «فروست/ نيكسون»، «ميلك» و «المليونير الصعلوك») وأفضل تصوير («الإبدال»، «حالة بنجامين...»، «الفارس الأسود»، «القارئة» و «المليونير الصعلوك»)، إضافة الى «افضل ملابس» و «أفضل صوت» و «أفضل ديكور»، وهي جوائز ستوزع في معظم الحالات على الأفلام الرئيسة نفسها، مع فلتة شوط من هنا وأخرى من هناك...

وهكذا، يبدو واضحاً غياب المفاجآت، ويقرر أهل المهنة السينمائية (5000 شخص عادة) لمن سيعطون جوائزهم هذا العام. ومن جديد، وكما الحال في السنوات الأخيرة، تتوزع الترجيحات، على أفلام أثبتت في شكل أو في آخر حضوراً شعبياً قوياً، داخل الولايات المتحدة وخارجها، بحيث يمكن ان يقال هذا العام، من جديد، ان الأفلام الجيدة حقاً، التي طلعت من هوليوود وغيرها هذا العام (أي - طبعاً - العام 2008)، هي الأفلام التي رشحت، مع ظلم من هنا («الطريق الثوري» و «الإبدال») وغض نظر من هناك. اما الذين قد يرون مناسباً ان يحتجوا على هذه الاختيارات إما من موقع نخبوي، أو موقع جماهيري، فإن عليهم ان ينتظروا سهرة توزيع الجوائز نفسها حتى تكتمل ظروف أو مبررات احتجاجهم... أليس كذلك؟

الحياة اللندنية في 30 يناير 2009

 
 

أول فيلم تحريك يرشح لأوسكار أحسن فيلم أجنبى

بقلم   سمير فريد

تقدمت إلى مسابقة أوسكار أحسن فيلم أجنبى «أى غير ناطق بالإنجليزية» ١٣ من أفلام التحريك الطويلة فقط فى كل تاريخ المسابقة الأعرق فى العالم حيث تقام منذ عام ١٩٢٧، ولكن ولأول مرة يصل فيلم تحريك إلى منافسة الأفلام الروائية الطويلة على هذه الجائزة، وهو الفيلم الإسرائيلى «الرقص مع بشير» إخراج أرى فولمان، كما كان مطلع هذا الشهر أول فيلم تحريك وأول فيلم أجنبى يفوز بجائزة أحسن فيلم فى مسابقة الجمعية القومية لنقاد السينما الأمريكيين، وهو من الأفلام التى شهد مهرجان «كان» عرضها الأول العام الماضى، وكان من أحداثه البارزة.

وقد يتصور البعض ممن لم يشاهدوا الفيلم أن وصوله إلى ترشيحات أوسكار أحسن فيلم أجنبى، ودخوله التاريخ كأول فيلم تحريك يتنافس على هذه الجائزة يرجع إلى «تعاطف» أغلب أعضاء الأكاديمية «نحو ٦ آلاف عضو» التى تنظم الأوسكار مع إسرائيل، حيث يتم الترشيح والفوز بعد ذلك من خلال التصويت الفردى المباشر، ولكن من واقع مشاهدة الفيلم، ومن دون إنكار التعاطف السائد فى الغرب عموماً مع إسرائيل بالحق أو الباطل، فإن السبب فى رأيى ليس التعاطف مع إسرائيل بقدر ما هو تأييد السلام، وتقدير الفيلم من الناحية الفنية حيث يعتبر نقلة نوعية فى أفلام التحريك، كما سبق أن أوضحت فى مقالى بـ «المصرى اليوم» فى اليوم التالى لمشاهدته أثناء مهرجان «كان».

لم يحدث أبداً، فى حدود معلوماتى، أن تم إنتاج فيلم يصور مخرجه ضباط وجنود جيش البلد الذى ينتمى إليه على شكل كلاب مسعورة عيونها حمراء تنقض على مدينة فى ظلام الليل كما فعل آرى فولمان، وهو يصور غزو بيروت عام ١٩٨٢. وبالطبع فإنه ليس من المعقول ولا المقبول أن يعتبر تقدير الفيلم فنياً وفكرياً من ناقد مصرى أو عربى، تأييداً لسياسات إسرائيل، أو وقوفاً ضد حقوق الشعب الفلسطينى، لمجرد أن الفيلم من إسرائيل، أو دعوة إلى عرض الفيلم فى مصر أو أى بلد عربى فى إطار التطبيع، فالطبيعى هو الطبيعى، والتطبيع هو افتعال ما لايمكن تحقيقه إلا بعد السلام.

وكما رشح «المصارع» إخراج دارين أرنوفسكى، وهو فيلم الأسد الذهبى فى «فينسيا ٢٠٠٨» لجائزتى أوسكار، رشح الفيلم الفرنسى «بين الجدران» إخراج دوران كانتيه الذى فاز بالسعفة الذهبية فى «كان ٢٠٠٨» لأوسكار أحسن فيلم أجنبى مع الفيلم الإسرائيلى، والألمانى «عقدة بادر مانيهوف» إخراج أولى إيدل، واليابانى «المغادرون» إخراج يوجيرو تاكيتا، والنمساوى «انتقام» إخراج جوتز سبيلمان، وأصبحت السينما الفرنسية بهذا الترشيح صاحبة العدد الأكبر من الترشيحات لهذه الجائزة «٣٥ ترشيحاً».

المصري اليوم في 29 يناير 2009

  

ميريل ستريب تحقق أكبر عدد من الترشيحات للأوسكار

بقلم   سمير فريد 

حققت ميريل ستريب أكبر عدد من ترشيحات الأوسكار لأحسن ممثلة وأحسن ممثلة فى دور مساعد فى تاريخ المسابقة السينمائية الأشهر فى العالم (نوبل السينما) بحصولها على ترشيح لأحسن ممثلة فى المسابقة رقم ٨١ هذا العام، وذلك عن دورها فى فيلم «شك» إخراج جون باتريك شانلى، وبذلك يصل عدد ترشيحاتها إلى ١٥ ترشيحاً.

وقد رشح الفيلم لـ٥ جوائز أوسكار منها ٤ فى التمثيل وهى إلى جانب ترشيح ميريل ستريب أحسن ممثلة فى دور مساعد (فيليب سيمور هوفمان)، وأحسن ممثلة فى دور مساعد (إيمى آدامز) وأحسن ممثلة فى دور مساعد (فيولا دافيز). ومن الواضح أن عبقرية ميريل ستريب أدت إلى مباراة رائعة فى التمثيل أدارها المخرج الذى حصل على الترشيح الخامس لأوسكار أحسن سيناريو عن أصل أدبى.

ويصنع التاريخ فى أوسكار ٢٠٠٩ أيضاً فنان السينما البريطانى ستيفن والدرى مخرج «القارئ»، المرشح لأوسكارات أحسن فيلم وأحسن إخراج وأحسن سيناريو عن أصل أدبى (دافيد هار) وأحسن ممثلة (كيت وينسليت) وأحسن تصوير اشترك فيه كريس منيجز وروجر ديكنز، وهما من أعظم المصورين فى تاريخ السينما، فقد أصبح والدرى بهذا الترشيح لأوسكار أحسن إخراج أول مخرج يرشح لهذه الجائزة عن أفلامه الثلاثة الأولى على التوالى بعد أن رشح عن إخراج «بيللى إليوت» و«الساعات».

ويصنع التاريخ الموسيقى الهندى (أ. ر. راحمان) فىِ فيلم «المليونير العشوائى» إخراج دانى بويل، وذلك بترشيحه لثلاث أوسكارات عن موسيقى الفيلم، وألحانه لأغنيتين من أغانيه حيث اشترك فى تأليف إحداهما أيضاً. والأغانى المرشحة ثلاث فقط، والثالثة من فيلم التحريك «وول - إى» إخراج أندرو ستانتون.

وإلى جانب «وول - إى» يتنافس للفوز بجائزة أحسن فيلم تحريك طويل ٣ أفلام فقط هى إلى جانب الفيلم الذى حقق ٥٠٠ مليون دولار فى عرضه الأول «بلوت» و«كونج فو باندا»، وهى الأفلام الثلاثة التى توقعنا ترشيحها فى «صوت وصورة» يوم ١٨ يناير. كما توقعنا يوم ١٩ يناير ترشيح «رجل على الحبل» إخراج جيمس مارش، و«متاعب المياه» إخراج تيا ليسين وكارل ديل للترشيح لأوسكار أحسن فيلم تسجيلى طويل،

وكلاهما عرض لأول مرة فى صاندانس، ولكن خاب توقعنا لترشيح «إجراءات عملية عادية» إخراج إيرول موريس عن قضية التعذيب فى سجن أبوغريب، والذى فاز بالأسد الفضى فى مهرجان برلين، ويبدو أن أغلبية من يصوتون للأوسكار يفضلون إغلاق موضوع الحرب فى العراق.

المصري اليوم في 28 يناير 2009

 

 ٢٤ فيلمًا فازت بـ ٨٤ ترشيحًا لـ ١٨ جائزة أوسكار

بقلم   سمير فريد 

أعلنت ترشيحات الأوسكار التى تعلن جوائزها فى ٢٢ فبراير القادم. حصل ٢٤ فيلمًا على ٨٤ ترشيحًا لجوائز الأفلام الروائية الطويلة الـ ١٨، وكان الاستثناء الوحيد فيلم التحريك الطويل «وول - إى» إخراج أندرو ستانتو، الذى رشح لـ ٥ من الجوائز الـ ١٨ إلى جانب جائزة أحسن فيلم تحريك طويل.

تميزت ترشيحات أوسكار ٢٠٠٩ لأفلام ٢٠٠٨ بالاتساق، رغم أنها تقوم على التصويت الذى لا يضمن ذلك، حيث رشحت الأفلام الخمسة المرشحة لأحسن فيلم لجائزة أحسن إخراج أيضاً، وحصلت على ٤١ ترشيحًا من الترشيحات الـ ٨٤، أى نحو النصف.

وهذه الأفلام مرتبة حسب عدد الترشيحات: «حالة بنيامين بوتون الخاصة» إخراج ريتشار فينشر «١٣ ترشيحًا»، و«المليونير العشوائى» إخراج دانى بويل «١٠ ترشيحات»، و«ميلك» إخراج جوس فان سانت «٨»، و«القارئ» إخراج ستيفن والدرى «٥»، و«فروست / نيكسون» إخراج رون هوارد «٥».

حصل «الفارس الأسود» إخراج كريستوفر نولان، الذى حقق أعلى الإيرادات العام الماضى على ٨ ترشيحات، وحصل «شك» إخراج جون باتريك شانلى على ٥ ترشيحات، وحصل كل من «الاستبدال» إخراج كلينت إستوود، و«طريق ثورى» إخراج سام مينديس، على ٣ ترشيحات لكل منهما، وحصلت ٥ أفلام على ترشيحين لكل منها، و٩ أفلام على ترشيح واحد لكل منها.

اللافت أن أربعة من الأفلام الخمسة المرشحة لأوسكار أحسن فيلم عرضت عرضًا عامًا فى الشهرين الأخيرين من العام، وأن فيلمين منها عرضا لأول مرة فى مهرجانات متوسطة، «المليونير العشوائى» فى تيليرويد الأمريكى و«فروست / نيكسون» فى سالونيك اليونانى، ومن بين الأفلام الأخرى الـ ١٩ عرض «شك» فى مهرجان لوس أنجيليس،

أما أفلام المهرجانات الكبرى الثلاثة «برلين وكان وفينيسيا» التى حصلت على ترشيحات مسابقة الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم السينمائية فهى «خالى البال يعيش سعيدًا»، إخراج مايك لى الذى رشح لأوسكار واحد «أحسن سيناريو»، وكان من الغريب ألا ترشح بطلته سالى هوكنز لأحسن ممثلة، رغم فوزها فى برلين وفى العديد من جوائز النقاد فى أمريكا،

وإلى جانب «الاستبدال» الذى عرض فى كان هناك «فيكى كرستينا برشلونة» إخراج وودى آلان، الذى رشح لأوسكار واحد «أحسن ممثلة فى دور مساعد بينلوب كروز»، ومن فينيسيا «المصارع» إخراج دارين أرنوفسكى «أحسن ممثل ميكى رورك وأحسن ممثلة فى دور مساعد ماريزا تومى»، و«راشيل تتزوج» إخراج جوناثان ديمى «أحسن ممثلة آن هاثاواى».

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في 27 يناير 2009

 
 

خواطر ناقد

الأوسكار.. جائزة غير كل الجوائز

طارق الشناوي

العالم كله يتطلع الي نهاية شهر فبراير لكي يترقب الملايين عبر شاشات التليفزيون الحدث الأكبر وهو توزيع جوائز الأوسكار.. يقال ان ربع سكان المعمورة يحرصون علي متابعة كل او جزء من الحدث العالمي وجوائزه التي تصل الي ٤٢ جائزة حيث تواكب تلك الفروع كل المستجدات الحديثة في السينما لاننا لو عدنا الي بدايات الأوسكار عام ٧٢٩١ لاكتشفنا فقط ان الجوائز لاتتجاوز ٠١ لأنه قد اضيفت مثلا جوائز المؤثرات البصرية والسمعية والرسوم المتحركة والقصيرة والتسجيلية لم تكن تلك الفروع لها جوائز في البدايات!!

التغطية الاعلامية منحت جائزة الأوسكار الأمريكية كل هذا التألق ووضعتها علي قمة الهرم الذهبي في الجوائز التي تمنحها السينما في العالم كله.. النجوم والنجمات الذين يحصلون علي هذه الجائزة كثيرا ما تنهمر دموعهم الحقيقية علي خشبة مسرح »كوداك« في لوس انجلوس بولاية كاليفورنيا.. وطبقا للدراسات العلمية فإن الأعمار التقديرية للنجوم والنجمات تطول بمعدل من ٣ الي ٥ سنوات كما ان اجورهم ترتفع بمعدل يصل الي ٠٢٪ من اجورهم قبل الاوسكار.. ومن الناحية العلمية فإنه من المعروف ان الانسان عندما يحقق نجاحا او يستعيد ذكري لنجاح استثنائي في حياته فإن هذا يشكل حائط صد يزيد قدرة جهازه المناعي علي التصدي للأمراض والفيروسات بل حتي الاستعداد الوراثي للاصابة بالأمراض تقل خطورته مع زيادة مساحة الأكتفاء الذاتي والشعور بالتحقق المهني.. وهذا الدور تلعبه بكفاءة جائزة مع زيادة مساحة الاكتفاء الذاتي والشعور بالتحقيق المهني.. وهذا الدور تلعبه بكفاءة جائزة الأوسكار تزيد دخل وعمر من يحصل عليها.. الانتشار الفضائي السريع والدعاية الأمريكية الصاخبة منحت هذه المسابقة الوطنية لأنها ليست مسابقة دولية فهي تتخصص فقط في السينما الأمريكية او علي أوسع تقدير الناطقة بالإنجليزية الانتشار الفضائي وفر لها هذا البعد العالمي فأصبح تقييم الفنان بجائزة الأوسكار هو الأهم في حياته.. مثلا »عمر الشريف« حصل قبل ستة اعوام علي جائزة »سيزار« الفرنسية التي تعادل الأوسكار عن دوره في فيلم »الشيخ ابراهيم وزهور القرآن« ولكننا عندما نذكر اسمه مقترنا بالجوائز لانتذكر »سيزار« ويصعد الي الذهن فقط انه كان مرشحا من بين خمسة مرشحين لجائزة افضل ممثل مساعد عن فيلم »لورانس العرب« قبل ١٥ عاما!!

لايمكن اختصار التاريخ السينمائي العالمي ليصبح مقصورا علي السينما الامريكية فقط ليس من المنطقي ان ننسي ان الصين والهند واليابان قدموا افلاما لاتمحي من الذاكرة من الشرق الاقصي وان اوروبا من خلال الافلام الفرنسية والايطالية والالمانية والانجليزية والبلجيكية والسويدية وغيرها حفرت بصمات في تاريخنا السينمائي ليس من الانصاف ان ننسي كل ذلك ولكن امريكا صدرت للناس في كل انحاء المعمورة لغة سينمائية كانت هي الاقرب الي مشاعر الجمهور.. اصبح النجم الامريكي هو نموذج النجومية.. عندما اجرت اذاعة B.B.C البريطانية استفتاء في مطلع القرن الواحد والعشرين عن افضل نجم عرفه العالم في القرن لعشرين اختلف الامريكيون والاوربيون علي اسم النجم لأن لديهم عشرات من النجوم اللامعة وعبر التاريخ منهم من يري »شارلي شابلن«، »جريجوري بيك« ، »جاك نيكلسون«، »آل باتشينو«، »برادبيت«، »جوني ديب«.. الأمريكيون تفرقت مشاعرهم حول اسم النجم بينما الهنود توحدوا علي قلب نجم واحد وكلهم انحازوا الي »اميتاب باتشان« وهكذا عبر التصويت الالكتروني حظي »باتشان« بالمكانة الأولي.. اننا هنا بالطبع بصدد انحياز وطني لا يعبر عن قناعات شعوب العالم ولكن عن دولة هي ثاني دولة في عدد السكان بعد الصين الا ان هذا لايمكن ان يضع »اميتاب باتشان« في مرتبة عالمية اعلي من »توم كروز« او »جورج كلوني« مثلا.. صدرت السينما الأمريكية لكل أنحاء العالم افلامها ونجومها.. في أوروبا عندما اقتربت فرنسا هذا العام من تحقيق شباك تذاكر لأفلامها علي أرضها يتساوي مع السينما الأمريكية التي تعرض بكثافة في فرنسا اعتبرت الحكومة الفرنسية ذلك نصرا مدويا حيث كانت السينما الامريكية تتجاوز ٠٦٪ من الايراد العام للأفلام السينمائية.. امريكا فتحت الباب امام كل الجنسيات لكي يعبروا المحيط ويمارسوا الفن وفي النهاية يصنعون افلاما امريكية صارت هي فاكهة المهرجانات فلا يمكن مثلا ان مهرجان »كان« الفرنسي يقام بمعزل عن الافلام والنجوم الامريكيين.. ولو شاهدنا كيف يقف المعجبون بالساعات امام قصر المهرجان في »كان« ويسهرون حتي الصباح امام ابواب الفنادق التي يقيم فيها كبار النجوم الامريكيين لينالهم مجرد طلة او ابتسامة لتأكد لك ان ما نردده في مصر عن الهوس بالنجوم يجعلنا نبدو عقلاء اكثر مما ينبغي.. بالطبع لايعني ذلك انهم في فرنسا لايهيمون حبا بنجوم بلادهم فالنجوم الفرنسيين ينالهم قسط وافر من الاهتمام لكن للنجوم الامريكيين سحر خاص.. السينما الامريكية غزت العالم بنجومها الا ان حفل الاوسكار الاسطوري يضفي الكثير من التألق والوهج علي مدي ثلاث ساعات زمن الحفل انت تري استعراضات ولقاءات وكلمات في احتفالية ضخمة تظل في الذاكرة عصية علي النسيان.. مثلا حفل توزيع جوائز مهرجانات »برلين« او »فينسيا« او »كان« مجرد حفلات متواضعة بالقياس الي الاوسكار.. الاستعراض والابداع في الاوسكار ثم الاهم من ذلك هو حالة التشويق التي يحرص عليها المهرجان فأنت في البداية تتابع الافلام كلها ومن خلال ترشيحات النقاد والصحفيين ثم جائزة »الجولدن جلوب« تزداد التوقعات حتي تصل الي الترشيحات الخمسة الاخيرة المحاطة بالسرية المطلقة فلا احد يعرف حتي لحظة فتح الظرف علي المسرح من هو اسم الفائز.. فقط شخصان من بين ٦ الاف عضوا في الاكاديمية هما اللذان يعرفان مسبقا النتيجة انهما رئيس الاكاديمية وموظف يتغير كل عام حتي يتم رصد الارقام فهي جائزة قائمة علي الانتخابات وليست لجنة تحكيم ان الذي يصل الي الافضل هو الذي يحقق الارقام الاكبر الارقام التي تحسم النتيجة.. المتخصصون يدلون بآرائهم فيمن يستحق الجائزة وفي كل الفروع حتي التمثال الذين نراه علي خشبة المسرح يتم اعادته مرة اخري لادارة الاوسكار بعد نهاية الحفل ليكتب عليه اسم الفائز وبعد ذلك يتم ارساله للفائز لان هذا يأتي ضمن شروط السرية ربما يتسرب الاسم الفائز لو تدخل اي عامل اخر او زاد العدد عن اثنين فقط يعرفا اسماء الفائزين.. لهذا يظل الأوسكار وعلي مدي ١٨ عاما جائزة غير كل الجوائز!!

أخبار النجوم المصرية في 29 يناير 2009

 
 

سباق الأوسكار

محمد رضا

بدءاً من اليوم سلسلة تتحدّث عن المرشّحين لجوائز الأوسكار من بشر وأفلام في كافّة الميادين

اليوم: الوضع الفريد لفيلم إسرائيلي مرشّح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي  

الرقص مع الأوسكار بالنسبة للفيلم الإسرائيلي

يتمتّع فيلم آري فولمان Waltz With Bashir بما لا تتمتّع به الأفلام الأربعة الأخرى المرشّحة لكسب أوسكار أفضل فيلم أجنبي (أي غير ناطق بالإنكليزية أساساً) وهو الآنية٠

الوضع الفريد لهذا الفيلم، الذي سبق لي وأن كتبت عنه مباشرة من »كان« حين عُرض للمرّة الأولى، أنه يتعاطى والمسألة العسكرية للجيش والحكومة الإسرائيليّتين من خلال ذكريات المخرج الذي كان مجنّداً حين أعطت القيادة الإسرائيلية الضوء الأخضر لليمين المتطرّف اللبناني لشن مذبحة صبرا وشاتيلا٠

في الصميم هو موقف ناقد. لكنه- في الصميم أيضاً- قد يلعب دوراً إعلامياً مؤيّداً لإسرائيل على الرغم من موقفه٠

الفيلم يحكي عن ذكريات المجنّد من قبل المذبحة. دخوله الجنوب اللبناني والمقاومة التي واجهوها والقتل الذي مارسوه على مدنيين (كالعادة) والشعور بالذنب وذلك الكابوس المقلق الذي يعاني منه (يفتح الفيلم عليه ومفاده كلاب شرسة تطارده ليلاً) ثم محاولته البحث عن إجابات لما يعتمر صدره ولاسئلة لا يعرف إجاباتها بما في ذلك الإتصال بالمدان عالمياً أريل شارون للفت نظره الى المذبحة المرتكبة٠

بذلك هو نقدي لممارسات المؤسسة العسكرية وللحرب عموماً كما مراجعة لدوره فيها٠ مجرّد أن يفوز الفيلم بالأوسكار -إذا ما حدث ذلك- فإن هذا النقد المجدي الذي يفتح العين الغربية على مستوى من الحقائق يمكن أن يُفيد أنصار إسرائيل على أساس أن سينماها لديها الجرأة على طرح مواضيع ناقدة لأعلى مؤسسات الكيان الإسرائيلي (طبعاً بينما نحن لا نزال نفكّر إذا ما كان مشهد لصورة زعيم معلّقة في خلفية مشهد ينتقد الحكومة قد يؤدي الى منع الفيلم من قِبل الرقابة- هنيئاً لنا على هذا). وفوزه هو أيضاً فوز إسرائيلي لأول مرّة في مسابقة تشترك فيها كل سنة (على ما أعتقد) منذ ثلاثة عقود او نحوها وإن لم تصل الى المصافات النهائية الا بضع مرّات٠

لكن يجب أن لا نهلع إذا ما فازت. هناك من يبحث عن نقد لإسرائيل بين يهود وغير يهود من أعضاء الأكاديمية وسيرون أنهم إنما يصوّتون لصالح فيلم ينتقد المؤسسة العسكرية التي شنّت الحرب الضروس على غزّة. لذلك فإن الرسالة المبيّتة هي تأييد الفيلم ضد منهج الحرب٠

الى ذلك، لا ننسى أن الفيلم هو أنيماشن على خلفية تسجيلية لكنه يسمح بتمرير مشاهد مؤلّفة (أحلام، كوابيس، رؤى، فلتات تعبيرية روائية الخ...)٠ إنه توليفة غريبة تجمع المجالات الثلاث قد تنتصر في وضعها هذا على الأفلام الأربعة المشتركة في ذات السباق وهي

The Baader Meinhof Complex الألماني

The Class الفرنسي

Departures الياباني

Revanche النمساوي

وفي عدد لاحق سأتعرّض لكل هذه الأفلام (باستثناء النمساوي لأني لم أره ولا سبيل لي لمشاهدته) في تحليل مقارن من زاوية توقعات الفيلم الذي قد يفوز بينها٠

Waltz With Bashir نقد فيلم

في العدد الخامس من »فيلم ريدر« يوم السبت المقبل٠

مدونة ظلال وأشباح في 30 يناير 2009

 
 

من أفلام الأوسكار

«الحالة الغريبة لبنجامين باتون» ووسيط قادر على إثارة الدهشة

كتب عماد النويري

ماذا يمكن ان يحدث لو انك ولدت بالعكس اي بدلا من ان تولد طفلا صغيرا قابلا للنمو متجها نحو مرحلة الشيخوخة، تولد شيخا مسنا ومن ثم تعود الى الوراء حتى تتلاشى وتصبح مرحلة الطفولة هي نقطة النهاية في حياتك؟

هكذا تخيل الكاتب الاميركي سكوت فيتزجرالد حياة بطله بنجامين باتون في قصته الخيالية القصيرة «الحالة الغريبة لبنجامين باتون» التي كتبها في 25 صفحة، والتي تحولت إلى فيلم مهم ترشح مؤخرا لـ13 جائزة اوسكار.

مشكلة الزمن

ربما أراد فيتزجرالد الذي قدم لعالم الأدب روايته الشهيرة «جاتسبي العظيم» ان يتسلى بالكتابة عن شخصية تولد بالعكس وتتربى في بيت للمسنين، ليلعب على التناقضات الإنسانية عندما يتربى طفل يولد عجوزا في بيت للمسنين، وكيف ستكون الحال مع مرور الايام عندما تأتي ساعة الرحيل لكي يغادروا الحياة بينما بنجامين الطفل المسن سيبدأ رحلته في الحياة. وربما أراد فيتزجرالد دون أن يوضح ذلك بشكل مباشر ان يناقش مشكلة الزمن والوجود تلك المشكلة التي شغلت الفلاسفة على مر العصور. وربما وللمرة الثالثة أراد فيتزجرالد الذي عبر في مجمل روايته عن خواء الحياة، وضرورة البحث عن معنى سواء كنا صغارا ونكبر أو كنا كبارا ونصغر فالمحصلة واحدة وتختلف إذا نجحنا ان نجد معنى لهذه الحياة.

وانطلاقا من هذه القصة الخيالية واستنادا إلى شخصية بنجامين الغريبة عمل كاتب السيناريو اريك روث الذي يذكر له انه كاتب «فورست غمب» والعديد من الأعمال السينمائية المهمة ليعالج لنا هذه القصة في فيلم طويل مدته ساعتان ونصف الساعة يحمل عنوان القصة الأصلية لكن لا يمت بصلة كبيرة إلى المصدر الأدبي المأخوذ منه، ويمكن القول ان المعالجة السينمائية تأتي لتجسد نجاحا كبيرا على المستوى البصري وعلى مستوى العمق الفكري والانساني وعلى مستوى طرح الأسئلة الكثيرة عن الحياة بشكل عام. وهي أسئلة نبيلة وجليلة.

علاقة حب

في الفيلم تجسد كيت بلانشيت شخصية الراقصة ديري، التي يتعرف عليها بنجامين وهي طفلة صغيرة حينما كان عجوزا بعد ميلاده، وعندما تكبر فإنها تصبح راقصة بالية مشهورة ومع ظهورها مرة ثانية يقع بنجامين في حبها وتقع هي أيضا في حبه وتصبح علاقة الحب بينهما هي العلاقة المحورية التي تبنى عليها الأحداث. وبينما نلاحظ، التغيرات التدريجية التي تطرأ عليها بفعل تقدم السن بها، إلى أن تصبح في نهاية المطاف عجوزاً هزيلة لا تقوى على التقاط أنفاسها، يكون بنجامين في طريقه إلى مرحلة الطفولة حتى يصل إلى قدره المحتوم.

أما براد بيت، فيجسد شخصية بنجامين في معظم مراحل حياته. ونعرف ان بنجامين ولد في عام 1918 لعائلة معروفة من نيو أورليانز، حيث يبدو لحظة ولادته أشبه برجل في السبعين من عمره. ونقول هنا في معظم مراحل حياته، لأنه عندما يقترب الفيلم من نهايته، يتم استبدال براد بيت بأطفال أصغر وأصغر سناً للدلالة على تقدمه المعاكس (أو تراجعه) في السن.

منذ البداية يبدو بنجامين هذا المخلوق الصغير والمليء بالتجاعيد يحمل في الوقت ذاته مواصفات الولد اليافع والرجل البالغ، لكن في كل مشهد من مشاهد الفيلم يضيق الفرق بين هاتين الصفتين إلى أن يظهر في مرحلة معينة وبشكلٍ تدريجي رجلٌ واحد بمواصفات واحدة يمثل دوره النجم المعروف براد بيت.

مسيرة حياة

وفي الوقت الذي تتحول مسيرة حياة بنجامين إلى محرك لأحداث الفيلم، نجد أنه يصبح (وكما يوحي عنوان الفيلم) أقرب إلى مادة للتأمل منه إلى إنسانٍ حقيقي مكوَّن من لحم ودم ويستحق أن يحظى بتعاطف المشاهدين، قبل تعرفه على ملذات الجسد والخمر في المدينة التي شهدت ولادته.

يذهب باتون للعمل على متن باخرة جوالة حيث يمكث لفترة وجيزة في روسيا، ويجرب الكافيار والعلاقات العاطفية في بيت للدعارة . وعندما يعترف ابوه الذي تركه وهو صغير عجوز وقبيح بأبوته تبدأ مرحلة جديدة في حياته ويكون على وشك الوصول إلى منتصف العمر وعندما يتلاقى مع ديزي وينجب ابنته كارولين بعد تردد يكون عليه ان يرحل خوفا من مصيره كأب يتجه نحو مرحلة الطفولة. وبالرغم من أنه جنوبي أبيض ترعرع في كنف سيدة سوداء، فإنه يبدو غير معني بالاضطرابات العرقية أو بأي شيء آخر باستثناء طبيعة مصيره الغريب والفريد من نوعه.

عناصر الإبداع

وتأتينا قصة حياة بنجامين بكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة وهي تُقرأ على ديزي من قبل ابنتها (التي تجسد دورها الممثلة جوليا أورموند) في غرفة أحد المستشفيات بولاية نيو أورليانز في العام 2005، وذلك بشكلٍ متزامن مع اقتراب إعصار كاترينا من المدينة. قد يكون استحضار الإعصار في هذا الفيلم كنوع من الإسقاط على اقتراب معرفة الحقيقة التي اخفتها ديزي عن ابنتها لمدة طويلة.

على صعيد الفيلم «الفن» نحن بالفعل أمام تحفة سينمائية توافر لها العديد من عناصر الابداع فعلى صعيد المؤثرات الخاصة البصرية والصوتية استطاع المخرج ديفيد فينشر تكريس خبرته التي تعرفنا عليها من قبل في أفلامه مثل «اللعبة» و«غرفة الرعب» و«نادي القتال» و«سبعة» و«زودياك». استطاع فينشر ان يقنعنا الى حد كبير بما فعله بديزي وبنجامين في مراحل العمر المختلفة. ويمكن القول ان هذا الفيلم يمثل خطوة متقدمة في عالم السينما الرقمية التي قدمت تجارب ناجحة من قبل على يد مجموعة من رواد الإخراج من أمثال ستيفن سبيلبيرغ وبيتر جاكسون وروبيرت زيميكيس.

وبالرغم من تميز المؤثرات الخاصة فان إبداع فينشر يتجلى أيضا من خلال تركيزه على المكان والشخصيات، وزوايا التصوير والقدرة على توظيف الإضاءة واختيار موسيقى تصويره مؤثرة ومعبرة.

وهناك إشارة أيضا إلى تألق النجمة كيت بلانشيت في دورها، ولا ننسى الأداء المتميز للنجم براد بيت الذي يثبت مع كل فيلم قدرته الفائقة على فهم الشخصية التي يلعبها مجسدا كل ملامحها الداخلية والخارجية.

فيلم «الحالة الغريبة لبنجامين باتون» يعتبر من الأفلام الغريبة التي قدمت خلال الفترة الأخيرة ورغم كل الغرابة في فكرته التي لا تستند إلى اي أساس علمي فان الفيلم يمثل حالة سينمائية متفردة تثبت ان السينما هذا الوسيط الجميل قادرة دائما على التجدد وقادرة ايضا على طرح الاسئلة التي تتعلق بوجودنا.

القبس الكويتية في 28 يناير 2009

 
 

Benjamin Button

الفيلم المرشح لنيل 13 جائزة أوسكار

ترجمة: ناجي العرفاوي

في فيلم الرعب المثير Zodiac الذي أنتج في السنة الماضية أظهر للجميع المخرج ديفيد فنشر بامتياز ما يمكن للمخرج البارع أن يفعله إذا ما استخدم التكنولوجيا المتطورة المناسبة بالطريقة المناسبة. تدور أحداث الفيلم عن عملية مطاردة القاتل المتعدد "زودياك" وقد لجأ المخرج ديفيد فنشر إلى استخدام طريقة التصوير بالفيديو الفائقة التطور واستطاع أن يبتكر الكثير من الأساليب باستخدام وسائل التصوير السينمائي الذكية في تصوير أحداث القصة التي تدور في السبعينيات في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية.

يمكن أن ينطبق هذا الكلام نفسه على الفيلم الجديد الذي أخرجه ديفيد فنشر واختار له عنوان.The Curious Case of Benjamin Butto يلعب دور البطولة في هذا الفيلم النجم براد بيت الذي يبدو على أنه طفل رضيع لكن في الثمانين من عمره. إنه فيلم مليئ بالرؤى والفنتازيا وخاصة في الساعة الأولى من هذا العمل السينمائي الذي يستغرق ساعتين و47 دقيقة بالتمام والكمال. في هذا الفيلم الطريف والمليء بالمعاني والدلالات تدور الأحداث حول رجل يشيخ بشكل عكسي. يندمج المشاهد في أحداث الفيلم حتى يشعر وكأنه يشيخ تارة ويستعيد شبابه ونضارته تارة أخرى. لقد اقتبست قصة هذا الفيلم من رواية ثانوية كتبها الأديب الأمريكي سكوت فيتجيرالد غير أن كاتب السيناريو طورها وأعطاها أبعادا أكثر شمولية.

يلعب براد بيت دور البطولة وهو يمثل رجلا ولد في مدينة نيو أورليانز في فترة الحرب العالمية الأولى تقريبا ورغم أنه طفل رضيع فقد كان له وجه وهيئة شيخ في الثمانين من العمر. تخلى عنه والده بعد أن أصيب بصدمة عنيفة لهول ما أنجبت له زوجته وتركه عند باب مؤسسة خيرية تعنى بكبار السن. أما والدته فقد لفظت أنفاسها الأخيرة وهي تضعه ولم يتسن لها بالتالي رؤيته فتولت مربية سوداء تدعى كويني (تاراجي بي هنسون) تربيته والعناية به حتى كبر تدريجيا واشتد عوده. كلما تقدم قطار العمر ببنجامين باتن كلما أصبح شابا! فعندما كان في الثانية عشرة من عمره بدا بننجامين وكأنه في السبعين من عمره وقد تعلق بديزي وهي حفيدة أحد المقيمين في دار المسنين وكان شعرها يميل إلى الحمرة وهي في مثل سنه. رغم أن بنجامين باتن كان في هيئة الشيخ المسن فإن المخرج جعل علاقته بديزي بكامل البراءة والتلقائية التي تميز الأطفال..

اسم الفتاة ديزي مستوحى من امرأة تدعى بنفس الاسم في قصة جاتسبي العظيم وهي من تأليف نفس الأديب الأمريكي سكوت فيتجيرالد وعندما تكبر ويشتد عودها في الفيلم تتقمص دورها إلى جانب براد بيت النجمة الأسترالية الحسناء كايت بلانش. يعيش بنجامين باتن، الشيخ المراهق، العديد من المغامرات عندما يخرج إلى العالم الخارجي الواسع.

فقد التحق بإحدى الفرق وفي إحدى الفنادق الروسية تراوده امرأة أرستقراطية روسية تتقمص دورها الممثلة تلدا سوينتون. لدى عودته إلى مدينة نيو أورليانز بالولايات المتحدة الأمريكية يستعيد بنجامين باتن علاقته الحميمة بديزي (كايت بلانش) التي أصبحت راقصة تعيش حياة الغجر... فانتقل معها إلى نيويورك ثم تبعها إلى باريس لأنه هام بحبها ولم يعد يقوى على فراقها. في ذلك الوقت أصبحا في نفس السن تقريبا فبدأ الحب يقوى بينهما. اصطدما بالحقيقة المرة ذلك أن ديزي ستتقدم في العمر وتشيخ فيما يصبح بنجامين بايت أكثر شبابا رغم أن قطار العمر يتقدم به أيضا من دون أن تبدو ملامح الشيخوخة على هيئته. يالها من مفارقة. وهكذا فإن الفيلم يطرح نفس الإشكالية الأزلية المتعلقة بفناء الإنسان ونهاية شبابه.

إن فيلم The Curious Case of Benjamin Button يذكرنا بفيلم آخر بعنوان Forrest Grump علما أن السيناريست إريك روث تولى كتابة سيناريو الفيلمين وهو معروف بميله للجانب الأسطوري في كتابة السيناريو.

يقول السيناريست الفائز بجائزة الأوسكار إريك روث: "في سنة 1922 رزق الأديب سكوت فيتجيرالد بابنة أنثى وعندما بلغت الثالثة من عمرها قرر كتابة الرواية القصيرة واختار لها عنوان The Curious Case of Benjamin Button وهي تعكس بعض أفكاره عن الحياة والموت والفناء و حلم الإنسان في الخلود".

لقد حصل المنتج الهوليودي المعروف راي ستارك (منتج The Night of Iguana على حقوق القصة منذ أواخر الخمسينيات من القرن الماضي واحتفظ بها حتى الثمانينيات وقدم الكثير من كتاب السيناريو محاولات عدية لتحويلها إلى فيلم سينمائي ومن بينهم روبن سويكورد، مؤلف سيناريورLittle Women لقد أبدى المخرج ستيفن سبيلبرج أيضا اهتمامه بالقصة قبل أن يصرف عنها نظره واختار إخراج عدة أفلام أخرى. وفي الحقيقة فإن رواية The Curious case of Benjamin Button ليست من النوع السهل الذي يمكن تحويله ببساطة إلى عمل سينمائي.

عندما بدأ إريك روث يكتب السيناريو تزامن ذلك مع وفاة والدته بمرض السرطان قبل أن يلحق بها والده حزنا عليها وهو ما اوجد حالة من الشجن لدى السيناريست إريك روث وساعده على التفكر في عدة قضايا وجودية تطرحها الرواية على غرار الحياة التي لا تخلو من عبث وحتمية الموت والفناء....

يقول إريك روث: لقد استخدمت كثيرا من الكلام الذي كان يقال لأمي وأبي وهما طريحان في فراش المرض في المستشفى علما أن القصة تروى بالكامل عندما كانت "ديزي" (كايت بلانش بدورها على فراش الموت. استمر تصوير الفيلم الذي تكفلت بإنتاجه استوديو Paramount 150 يوما ما بين لويزيانا ومونتريال ولوس أنجيلوس وصولا إلى فيرجين آيلاندز وكمبوديا.

إن فيلم The Curious Case of Bejamin Button من نوع الأفلام الملحمة ذات الأبعاد التراجيدية عدا ما امتاز به من مؤثرات خاصة رائعة يعود الفضل فيها إلى أحدث الأساليب التكنولوجية في التصوير الرقمي السينمائي. لقد تم ترشيح الفيلم أيضا لنيل 13 جائزة أوسكار وقد ضمن لنفسه بذلك مكانة مرموقة في التاريخ السينمائي إلى جانب أفلام كلاسيكية شهيرة مثل فيلم Titanic وفيلم Gone with the Wind أو فيلم. .Cleopatra

أخبار الخليج البحرينية في 1 فبراير 2009

 
 

قراءة “سنوية” في السيناريوهات

5 أفلام “مقتبسة” على شاشةالأوسكار

محمد رُضا

هذا هو العام الثالث على التوالي الذي تنعقد فيه جلستنا هذه، وعلى مدار أسبوعين متتابعين، لقراءة وتحليل السيناريوهات المرشحة للأوسكار، شئنا أم أبينا، وفي ظرف موات أو غير موات، الأوسكار جائزة أصبحت مفصلاً مهماً في الموضوع السينمائي، ليس لأن الحكم الذي يتوصل إليه أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية هو الصحيح دوماً، بل لأن المنفذ إليه هو مجموعة كتاب السيناريو الأمريكيين الذين تتاح لهم فرصة التصويت أولاً وتحديد الأفلام التي سيجرى التصويت عليها أكثر من سواها.

طريقة ذلك أن كل الأفلام - عملياً - مفتوحة أمام اللجان المختلفة، بما أن أعضاء الأكاديمية مؤلفون من أعضاء في جمعيات المنتجين والممثلين والمخرجين والكتاب وهكذا، فإن هؤلاء الأعضاء يحكمون في الموجة الأولى من الاستفتاء كل حسب تخصصه، بعد ذلك تذهب الأفلام رشحتها المجموعات المتخصصة لتطرح لدى كل الأعضاء ويجري عليها التصويت النهائي.

الأفلام الخمسة المرشحة لمسابقة لأوسكار أفضل فيلم مقتبس (او أفضل اقتباس كما يحلو للبعض الاختصار) هي التالية: “القضية المثيرة للفضول لبنجامين باتون” الإخراج لديفيد فينشر عن سيناريو إريك روث مأخوذ عن قصة سينمائية وضعها روبين سويكورد عن رواية قصيرة للكاتب ف. سكوت فيتزجيرالد و”ريب” الإخراج لجون باتريك شانلي الذي كتب السيناريو بنفسه مقتبساً إياه عن مسرحيته أيضاً، و”فروست/ نيكسون” أخرجه رون هوارد عن سيناريو لبيتر مورغن و”مليونير الزقاق” وهذا الفيلم البريطاني من إخراج داني بويل عن سيناريو كتبه سيمون بيوفوي، و”القارئ”.

وهذا الفيلم من إخراج البريطاني أيضاً ستيفن دولدري.

كان محتملاً دخول بضعة سيناريوهات أخرى هذا السباق، لكن يبدو أنها لم تحظ بالعدد الكافي من الأصوات، من بينها فيلم بعنوان “تحد” وهو للمخرج إدوارد زويك الذي كتب السيناريو بنفسه عن رواية لناخاما تك حول الأخوة بييلسكي الذين، على ما يبدو، قادوا مقاومة يهودية ضد الجيش النازي. و”ريفوليوشنري رود” لسام مندس الذي اقتبسه عن سيناريو لجوستين هايث مقتبس بدوره عن رواية لرتشارد ياتس تتحدث عن انهيار حياة عائلية في ستينات القرن الماضي بفعل اتجاهين متناقضين، اتجاه للزوج (ليوناردو دي كابريو) واتجاه آخر للزوجة (كيت وينسلت).

وهنا، نقف عند كل عمل مرشح لجوائز هذه الفئة بمزيد من القراءة

The Curious Case of Benjamin Button 

القضية المثيرة للفضول لبنجامين باتون:

وضع ف. سكوت فتيزجيرالد هذه القصة القصيرة سنة 1921 ونشرتها مجلة “كولييرز” التي كانت تصدر أسبوعياً قبل أن تجد طريقها كواحدة من عدة قصص قصيرة للمؤلف نشرت في كتاب جامع، وكانت هذه القصة موضع رغبة المنتج الراحل راي ستارك، لكنه توفي قبل إنجازه والفيلم حط بين يدي ديفيد فينشر الخبيرتين.

الرواية غريبة، إذ تتحدث عن ولادة غريبة لطفل في ملامح رجل عجوز، الطفل يستطيع أن يتحدث بل أن ينمو وسط ظروف قاهرة، وكلما نما جسدياً بمرور السنين تغيرت ملامحه متراجعة بذلك يسير هو أيضاً، باتجاهين معاً: يكبر ويصغر في ذات الوقت، بل مهدد أن يخسر عقله ولاحقاً معرفته النطق حين يصبح طفلاً.

السيناريو يختلف عن الرواية الى حد ملحوظ، لذلك نجد في البطاقة الفنية للفيلم أن إريك روث وروبين سويكورد تشاركا في كتابة قصة سينمائية، بمعنى أن النص السينمائي تحرر من الأصل في مناطق فرض أهميتها اعتبار أن القصة السينمائية اختلفت عن القصة القصيرة، طبعاً لجانب أن القصة في الأساس قصيرة ما يحبذ شحنها بأحداث مستوحاة منها لكنها بعيدة عنها.

إنه سيناريو صعب للكتابة ويتطلب جهداً عاطفياً أيضاً إذا ما كان المطلوب التعامل مع الطروحات الذهنية للأصل، روث كان عالج مثل هذه المواضيع الصعبة حين كتب سيناريو “فورست غمب” سنة 1994 عن رواية لونستون غروم ونال الأوسكار في ذلك الحين بالفعل، أمر قد يتكرر هنا ولو أن المنافسة أشد هذه المرة مما كانت عليه حين ترشيح ذلك الفيلم ومن معه إلى أوسكارات عدة.

Doubt ريب:

كتب المخرج جون باتريك شانلي السيناريو عن مسرحيته، وهو كاتب جيد حين يتعامل مع الشخصيات كتب “ضربة قمر” الذي كان أبرز ما فيه التنوع في المواقف بين شخصياته المتعددة ومنها تلك التي لعبها نيكولاس كايج والممثلة شير وهذا الفيلم هو ثاني فيلم له مخرجاً بعد “جو ضد البركان” في 1990.

مشاهدة “ريب” توحي بعدة أمور مهمة، منها أن المخرج يؤسس للبيئة التي تقع فيها الأحداث (ضاحية برونكس في نيويورك) سنة 1964 وبينما من الطبيعي أن يعمد الفيلم الى الاختلاف عن المسرحية بالتوسع في مشاهده حتى يكسر شروط الخشبة، الا أن هناك حساً ملحوظاً مع المشاهد الخارجية ما يعني أن المخرج- الكاتب لم يتكل على جهده السابق كمؤلف مسرحي، ليس في نصف الساعة الأولى، إذ بعد ذلك يتكل شانلي على نصه الأصلي حين يصبح المشهد قائماً على شخصيتين متواجهتين (الراهب والأخت أو الأخت وأم الطفل الخ..).

Fost/Nixon فروست/ نيكسون:

سيناريو بيتر مورغن، الذي كان كتب فيلم “الملكة”، يشترك -والسيناريو السابق- في أنه قائم على أحداث مجتزأة من الوثائقيات، في “الملكة” علاقة الملكة الحالية اليزابث برئيس الوزراء السابق توني بلير، وفي هذا الفيلم علاقة الصحافي ديفيد فروست (مايكل شين الذي لعب دور توني بلير في الفيلم السابق) بالرئيس الأمريكي الأسبق رتشارد نيكسون (فرانك لانجيلا)، جيد في الفيلمين الأزمة المشادة بين الشخصيتين المذكورتين في كل فيلم وكيفية تأسيس فيلم كامل بالاعتماد على وثائقيات ومشاهد تلفزيونية سواء كانت واقعية أو مصورة خصيصاً لهذا الفيلم كما الحال هنا.

لكن في كينونته وخلاصته، سيناريو فروست/ نيكسون الذي يحكي كيف هزم الصحافي المعروف الرئيس الأسبق للولايات المتحدة في مقابلة أرادها الثاني نوعاً من استعادة قوته السياسية فانقلبت عليه، أصغر من أن يُتاح له إظهار ملكية الكاتب الفعلية.

وحسنات هذا النوع من الكتابة محدودة بإمكانية نجاح المخرج في استيعابها واستخراج عمل يتجاوزها نجاحاً، وهذا ما حققه رون هوارد الذي بقدر ما التزم بالمادة المكتوبة بقدر ما نجح في عرف الكيفية الصحيحة لاستغلالها موظفا المونتاج في شكل جيد، الفيلم بأسره علاقة متشابكة بين التأليف والتوليف علماً بأن السيناريو مأخوذ أيضاً عن مسرحية للكاتب - لكن التشابه مع “ريب” في هذه الناحية يتوقف عند هذا الحد، فلكل كاتب طريقته المختلفة تماماً في نقل المسرحية الى سيناريو.

The Reader القارئ:

معظم من قرأ القصة الأصلية التي وضعها الكاتب الألماني برنارد شلينك حول علاقة بين امرأة وشاب في نصف عمرها انتقد فحواها كما أسلوب الكاتب، واثنان من النقاد البريطانيين وصفاها بأنها هزيلة وغير ذات قيمة.

لكن رغم صحة ذلك على نحو عام، إلا أن موضوعها مثير للاهتمام، ليس بسبب تلك العلاقة، بل ما تطرحه الحكاية من مشاعر ذنب تعيشها تلك المرأة حول ماضيها كونها كانت حارسة في سجن اعتقال أيام النازية (تقع الأحداث في مراحل مختلفة ما بين الخمسينات والثمانينينات)، ما وجده السيناريست هير لافتاً أن القصة ليست عن الضحايا (كعادة الأفلام التي تتعامل مع موضوع الهولوكوست) بل عن الذين اختبروه، السيناريو يعمق هذا المنحى جاعلاً الدور الذي لعبته كيت وينسلت (بطلة “ ريفوليوشنري رود”) وهي مرشحة لأوسكارين عنهما)، مثيراً للتعاطف ومبتعداً عن لعبة اللوم التقليدية في هذا المجال.

ديفيد هير واجه معضلة مهمة وتخلص منها جيداً: الرواية مُسردة باستخدام صفة المتكلم، في الرواية هناك مساحة عريضة حين استخدام صفة المتكلم تعفي المؤلف أو المتكلم أو كليهما من تبرير السبب الذي يحكي فيه قصته، ليس دائماً بل في كثير من الأحيان ما دام السبب في النهاية رغبة السارد الذاتية في الكشف عما عاشه.

في السينما، هذا لا ينفع، على الكاتب أن يجد التبرير الذي من أجله على المشاهد متابعة الحكاية بأسرها، وديفيد هير وجده في محاولة بطل الفيلم (المراهق في مطلع الفيلم ثم الرجل من منتصفه وصاعداً مع كثير من النقلات بين الأزمنة) فهم ما الذي حدث معه ولماذا اختفت المرأة التي عرفها وكان أول من أحبها ثم ماذا عن تلك الفترة التي سمع عنها ولم يعشها فترة النازية.

هذا السيناريو يبدو أحياناً أفضل من الفيلم نفسه لولا أنهما مسؤولان عن بعض التطويل معاً.

Slumdog Millionaire مليونير الزقاق:

سيناريو آخر جيد حتى من دون معرفة خلفياته وتفاصيله، رواية فيكاس شواروب تدور حول شاب من الأزقة فاز بمليون روبية في النسخة المحلية من “مَن سيربح المليون”، القصة مبنية على فصول كل منها يفصح عن كيف عرف هذا الشاب الآتي من تلك الأزقة حيث الجريمة والفساد والحاجة الإجابة عن كل سؤال وجه اليه، لأن كل سؤال له خلفية ما في حياته، هذا من دون أن يعرف مقدم البرنامج ومعده ومن حيث لم يخطط الشاب لذلك، هذا البناء بحد ذاته كان تحدياً كبيراً للكاتب من حيث إنها قد تكون زاوية مثيرة كتابياً، لكن هل ستكون مثيرة سينمائياً؟

في الرواية أيضاً ليس كل الأحداث متصلة جيداً بعضها بعضاً، مشاهدة ما حققه الكاتب سايمون بيوفوي في هذا المنحى مهم جداً من حيث إنه تغلب على هذه العقبة وجعل الأحداث تتبع منهجاً محدداً، صحيح أنه أبقى على الخط الأساسي من حيث إن كل سؤال من معد البرنامج ينقلنا الى مرحلة أو جزء من حياة المتسابق، الا أن ما يحدث في هذه النقلات أصبح أكثر اتصالاً وشكل أرضية روائية موحدة وصالحة للعمل بأسره.

الخليج الإماراتية في 1 فبراير 2009

 
 

من أفلام الأوسكار

في «المليونير المتشرد» عشوائيات هندية وحلول وقتية

كتب عماد النويري

حاز الفيلم البريطاني – الهندي «المليونير المتشرد» للمخرج البريطاني داني بويل، عشرة ترشيحات لجوائز الأوسكار للموسم 81 التي ستوزع في الثاني والعشرين من شهر فبراير الجاري، ويذكر ان الفيلم قد حصد أربع جوائز في مسابقة الغولدن غلوب، حيث حصل على جوائز أفضل تصوير وإخراج لمخرجه داني بويل، والسيناريو لمؤلفه: سيمون بيوفوي والتمثيل لديف باتيل، والتأليف الموسيقي لآر. رحمن. وأتصور انها ترشيحات وجوائز مهمة تستدعي التعرف على هذا الفيلم.

لحظات انتظار

سيناريو الفيلم صاغه سيمون بيوفوي الذي سبق أن رشح لجائزة الأوسكار في عام 1997، وقد اقتبسه عن رواية «سؤال وجواب» الذائعة الصيت للروائي والدبلوماسي الهندي فيكاس سوارب والتي كانت الأكثر مبيعا في العديد من الدول وترجمت إلى 36 لغة، وحازت العديد من الجوائز الأدبية والثناء النقدي، وقد اعتمد المخرج على آلية الاسترجاع «الفلاش باك» بوصفها الآلية التي تربط زمنياً بين حياة جمال مالك المراهق الهندي الفقير الذي تربى ونشأ في حواري بومباي ليصبح فجأة محط أنظار الملايين في الهند عندما نجح في الوصول إلى المرحلة النهائية في مسابقة برنامج «من سيربح المليون» وفي لحظات الانتظار للإجابة عن كل سؤال يعود البطل الصغير لتذكر حادثة معينة حدثت خلال حياته وتتراكم الأسئلة ومعها تتراكم الذكريات المؤلمة التي تجسد مراحل الحياة التي مر بها جمال منذ الطفولة المبكرة، وحتى جلوسه أمام مذيع البرنامج وتدريجيا نتعرف على الكثير من طبيعة المجتمع الهندي والكثير من الصور التي تشكل إطلالة مهمة على واقع مأساوي مشحون بالظلم والقسوة.

وضمن ذكريات جمال المتدفقة المتزامنة مع حالة التشويق التي يصنعها البرنامج التلفزيوني الشهير نتعرف على قصة حب جمال لفتاة هندية تربت معه وشاركته أيام الشقاء واليتم. وفي الليلة السابقة على ختام البرنامج يتم اختطاف جمال للتحقيق معه بعدما اثار الشبهات حوله فكيف لشاب صغير فقير تربى في الشوارع ولم يتلق قسطا كافيا من التعليم الإجابة عن كل أسئلة البرنامج التلفزيوني.

طريقة احترافية

المخرج داني بويل نجح إلى حد كبير في تقديم معالجة مرئية لسيناريو مشوق ومحبوك بطريقة احترافية، ورغم ان عبقرية جمال في قدرته على الإجابة عن أسئلة بدت في بعض الأحيان وكأنها أعدت خصيصا لتتلاءم مع ذكرياته فإن اللغة البصرية للمخرج غطت على الثغرات الموجودة في السيناريو من خلال الانتقالات السريعة للقطات والمشاهد والقدرة على توظيف الإضاءة وزوايا التصوير والأداء التمثيلي المقنع لأبطال الفيلم، وهنا إشارات لابد منها إلى الممثل الشاب ديف باتل في دور جمال ومدهور ميتال في دور سليم وانيل كابور في دور المذيع، كل هؤلاء استطاعوا بنجاح تجسيد أدوارهم ونجحوا في التعبير بالأداء الخارجي والداخلي عن الشخصيات المرسومة لهم.

وهناك اشارة ايضا الى المونتاج الذي نجح في التنقل بنا بين زمن وزمن وبين فلاش باك وآخر وبين مشهد ومشهد بإبداع شديد، وربما ساهم عمل المونتير كريس ديكنز والمخرج داني بويل كل على حدة سابقاً في أفلام التشويق والرعب في سيطرتهما على إيقاع الفيلم المشوق.

مظاهرات وتعليقات

يذكر ان مظاهرات رافضة للفيلم خرجت أمام بعض دور العرض الهندية وحملت لافتات مكتوبًا عليها «لا لتشويه صورتنا في هوليوود»، حيث إن الفيلم إنتاج أميركي بريطاني، بينما قادت بعض الصحف الهندية حملات مضادة للفيلم منذ بدء عرضه تهاجم صانعيه وتشويههم لصورة الشعب الهندي.

وعلى مدونته عبر الإنترنت ترك الممثل الهندي الشهير أميتاب باتشان تعليقا أن الفيلم ينشر الغسيل القذر للهند ولدول العالم الثالث، إلا أن باتشان عاد لينفي ذلك الهجوم على الفيلم، مؤكدا أنه لم يكتب هذا التعليق، وربما تركه أحد الزائرين للمدونة، مؤكدا أنه تلقى ردود أفعال سلبية وإيجابية أيضا نحو الفيلم، قام بتسجيلها على المدونة ولكنها لم تكن تعبر عن رأيه هو بل عن رأي أصحابها..

في حين دافع المخرج البريطاني داني بويل عن فيلمه، مؤكدا أنه التزم بالواقعية في تقديم حياة مراهق هندي وكيفية معيشته في الشارع، وأضاف: إن الآراء المتشددة نحو الفيلم منعت نفسها من سماع الحقيقة ورؤيتها خلال الأحداث، وإذا كان الفيلم مظلما أو كئيبا في تصويره للحياة في الهند، فإنني أتمنى العودة لمومباي مجددا لتقديم فيلم كئيب فعلا.

عمليات تجميل

طبعا لا نتمنى ان يعود المخرج الى الهند ولا اعتقد ان الفيلم كئيب الى هذه الدرجة، وانما يقدم صورة ضمن مئات الصور التي يمكن ان تقدم عن الواقع كما هو دون عمليات تجميل كبيرة.

فيلم المليونير المتشرد يمكن اعتباره واحدا من الأفلام التي تصور العشوائيات الفقيرة في الهند، وهو لايفعل ذلك بغرض التشويه أو الانتقام، وإنما يحاول الانتصار للفقراء والمعدمين الذين لا يفقدون الأمل، مهما كانت قسوة الحياة. هذا رغم تحفظنا ان الحل لمشاكل هؤلاء الفقراء من الممكن ان يأتي دائما عن طريق المسابقات.

القبس الكويتية في 4 فبراير 2009

 

أوسكار ..2009

حفل جريئ للغاية ومختلف

(أ.ف.ب( 

وعد منظمو حفل توزيع جوائز الأوسكار أمس الاثنين بأن هذا الحدث الذي يقام في 22 فبراير/ شباط سيكون جريئا بعد سنوات من تراجع عدد مشاهديه على التلفزيون؛ لأنه طويل جدا وممل. وفي مأدبة الغداء السنوية التقليدية التي يجتمع حولها كل الأشخاص الذين سيحضرون الحفل الحادي والثمانين لأعرق الجوائز السينمائية العالمية في أحد الفنادق الفخمة من بيفرلي هيلز (كاليفورنيا غرب)، أكد المنظمون أن الحفل سيكون هذه السنة مختلفا تماما عن الحفلات السابقة. ولم يكشف بيل كوندون ولورانس مارك منتجا الحفل الذي يشاهده مئات ملايين الأشخاص في العالم، تفاصيل عن وقائعه للعام 2009 والذي سيقدمه الممثل الأسترالي هيو جاكمان.

لكن اختيار جاكمان مقدما للحفل هو بحد ذاته تغيير جذري مقارنة مع السنوات الماضية. وأكد رئيس أكاديمية فنون وعلوم السينما سيد غانيس أن ''الحفل سيكون جريئا للغاية''. وبحسب صحيفة ''نيويورك تايمز'' قد يقرر مارك وكوندون مخرج الكوميديا الموسيقية ''دريم غيرلز''، التخلي عن المقدمات الطويلة والمملة واستبدالها بتقديم مرتجل ومباشر. وقد تبقى أسماء الممثلين والممثلات الذين سيسلمون الجوائز للفائزين سرية حتى اللحظة الأخيرة لزيادة حالة الترقب وإضفاء عامل المفاجأة. وأكدت الصحيفة أن استوديوهات السينما قد تبث مقتطفات من أفلامها المقبلة لإثارة اهتمام الجمهور.

كما دعا غانيس الشخصيات التي ستفوز بالجوائز إلى إلقاء كلمات شكر مقتضبة ومؤثرة. وقال غانيس أمام 15 إلى 20 ممثلا مرشحين للفوز بجوائز الأوسكار هذه السنة ''لديكم 45 ثانية. أطلب منكم توجيه كلمة شكر قصيرة ومؤثرة''. ويتنافس ''ذي كيوريوس كايس اوف بنجامن باتن'' الذي نال 13 ترشيحا و''سلامدوغ مليونير'' الذي نال 10 ترشيحات لكنه حصد أكبر عدد جوائز غولدن غلوب على جائزة الأوسكار عن أفضل فيلم.

الوقت البحرينية في 4 فبراير 2009

 
 

كل شيء عن الأوسكار الواحد والثماين| هناك منافسة صعبة بين مخرجين، أحدهم

يحمل رسالة متفائلة والثاني يبحث في حزن الإنسان

محمد رضا

ثلاثة متنافسين على الأوسكار كانوا رحلوا منذ أن أقيم الأوسكار آخر مرّة قبل عام من اليوم٠ إنهم الممثل هيث لدجر، الذي يتحدّث عنه الجميع، والمنتجين والمخرجين سيدني بولاك وأنطوني منغيلا اللذين وقفا وراء فيلم »القاريء« وأعطياه الضوء الأخضر كمنتجين قبل وفاتهما متباعدين بأشهر قليلة، والذين لا يذكرهما أحد اليوم- لكن ربما ورد ذكرهما إذا ما فاز الفيلم في أي من ترشيحاته الخمس أفضل فيلم - أفضل مخرج (ستيفن دولدري) - أفضل تصوير (كريس منجز وروجر ديكنز)- أفضل سيناريو مقتبس (ديڤيد هير) - وبالطبع أفضل ممثلة (كيت وينسلت)٠

المنافسة الصعبة هي في مجال أفضل إخراج . هي دائماً مثيرة ربما أكثر من سواها، لكن هذا العام هناك مسألة بالغة الأهمية تتعلّق بمخرجين وفيلميهما٠

بداية، المخرجون المتسابقون في هذه الدائرة هم

The Curious Case of Benjamin Button ديڤيد فينشر عن

Frost/ Nixon رون هوارد عن

Milk غس ڤان سانت عن

The Reader ستيفن دولدري عن

Slumdog Millionaire داني بويل عن

وبداية أيضاً سيخرج من المولد بلا حمّص المدعو غس ڤان سانت. صاحب »ميلك« و»ميلك« هو إسم الشخصية التي يؤديها شون بن في هذا الفيلم وليس حليب العصافير كما هو المعتاد او الحليب الذي سيشربه ڤان سانت في تلك الليلة التي سيخرج فيها من السباق بلا التمثال الذهبي عوض الويسكي والشمبانيا٠

ثم من المحتمل جدّاً خروج رون هوارد وستيفن دولدري من السباق بلا غلّة. الأول أنجز أفضل فيلم له، والثاني لديه فيلم يستحق اختلاف الآراء، لكن السبب هو أن المنافسة القوية هي بين فيلمي ديڤيد فينشر وداني بويل٠ أحد هذين المخرجين هو الذي سيفوز، في رأيي، هو وفيلمه الا إذا رأى المصوِّتون أن فيلم الأول يستحق وإخراج الثاني هو الذي يستحق وهذا مستبعد رغم حدوثه سابقاً (كما سنة 1989 حين نال ستيفن سبيلبرغ أوسكار أفضل إخراج عن »إنقاذ المجنّد رايان« لكن فيلم جون مادن »شكسبير عاشقاً هو الذي خطف أوسكار أفضل فيلم)٠

جائزة المخرجين هذه السنة التي تمنحها نقابتهم ذهبت الى السينمائي البريطاني داني بويل وهذا عموماً مؤشر جيد له خصوصاً وأنه فاز مسبقاً بجائزة الغولدن غلوب التي كثيراً ما كانت -بدورها- تمهيداً لما سيحصل في حفلة الأوسكار٠

على أن ذلك لا يترك ديڤيد فينشر عارياً من الإحتمالات القوية يشجع على ذلك أن قبول الجمهور (نحو 120 مليون دولار للآن) يعكس قبول أعضاء الأكاديمية الى حد بعيد- بالإضافة الى أن هذا الفيلم يستحق معظم الجوائز الثلاثة عشر المرشّح لها إن لم يكن كلّها (نقده في العدد 6 من فيلم ريدر)٠

ثم هناك مسألة مهمّة أخرى: فيلم داني بويل »مليونير صعلوك« و»قضية بنجامين باتون المثيرة للفضول«فيلمان متناقضان. أعضاء الأكاديمية عليهم أن يحكموا بين فيلم ينقل الى الشاشة حالات إنسانية في بلد غريب (الهند) تحيط بشخصيات فقيرة وصولاً الى نهاية متفائلة ملوّنة وثرية في استعراضاتها المشهدية وبين فيلم ينقل الى الشاشة صور من العزلة النفسية والحزن الشخصي والواقع المشوب بالحالات الإنسانية في تفاصيلها الدقيقة الرائعة٠ أحداث فيلم ديڤيد فينشر تقع في الجوار الأميركي وهو أقرب حسّاً ولمساً في حالاته الإجتماعية والعاطفية وأكثر صدقاً٠

ثم هناك مسألة أريد الخوض فيها إذ يتكاثر الحديث عنها كل سنة. إنها في التساؤل (وأحياناً في التأكيد) على أن الفيلم الفائز بالأوسكار هو ذاك الذي يحقق النسبة الأعلى من الإيرادات تجارياً٠ هذا غير صحيح على الإطلاق

كل ما في الأمر أن الأفلام التي تفوز تحظى بنجاح تجاري تلقائي يعود (بنسبة 30 بالمئة) لعنصر ترشيحه قبل فوزه. أي أن كل فيلم مرشّح (الا في حالات استثنائية) مؤهل لارتفاع إيراداته. وللفيلم الفائز بعد ذلك نسبة لا تزيد كثيراً عن 20 بالمئة تضاف الى الإيرادات التي كان حصدها قبل إعلان النتيجة. الستة آلاف عضو وأكثر لا يدققون بالإيرادات حين ينتخبون ولا يحسبونها لو انتخبت هذا الفيلم لحقق كذا. هذا تبسيط لا يمر في فلتر الحقيقة. لكن صحيح القول أن المصوّتون، وهم من الجسد السينمائي الأميركي في كافة حقوله، يميلون للفيلم الذي يحمل معالم ترفيهية وفنيّة معاً وأحياناً ما ترتفع معالم الترفيه على معالم الفن، لكن يحدث أيضاً العكس٠

مدونة "ظلال وأشباح" في 5 فبراير 2009

 
 

قراءة في الأفلام المرشّحة للأوسكار

هوليود - محمد رضا

بين اثنين

في الثاني والعشرين من الشهر الحالي تقام الحفلة السنوية لمسابقة الأوسكار للمرة الحادية والثمانين. المرّة الأولى كانت في العام 1927 والفارق شاسع بين ما كانت عليه حفلات ذلك الحين وبين ما هي عليه حفلات هذه الأيام، بل سينما تلك الفترة الزمنية وسينما اليوم. كل شيء تغيّر. جاءت أفلام. ذهبت أفلام. جاء سينمائيون وذهب سينمائيون ومستر أوسكار لا يزال حاضراً: (شكل إنسان مع نصف رأسه مُلغى.. النصف الذي يفكّر به).. كما قالت ذات مرّة مارلين مونرو في وصف دقيق ونقد أدق.

لثلاثة أسابيع فاصلة سنوالي هنا نشر حلقات من قراءة شاملة للأفلام والشخصيات المرشّحة للأوسكار هذا العام ونبدؤها بخمسة أفلام تتنافس في عدّة سباقات وذلك ليس برغبة التعريف بهذه الأفلام فقط، بل تقييمها كون هذا الناقد استطاع مشاهدة معظم ما هو وارد في السباقات كلها باستثناء الأفلام القصيرة وبعض التسجيلية.

Slumdog Millionaire

المسابقة: أفضل فيلم للعام بالإضافة إلى تسعة مسابقات أخرى بينها أفضل مخرج (داني بويل).

معلومات: ميلودراما من إنتاج بريطاني/ أمريكي للمخرج داني بويل

****: تقييم الناقد

توقعات: لديه حظ كبير في الفوز بأكثر من أوسكار رغم أنه حدث سابقاً أن رُشحت أفلام لجوائز كثيرة لكنها لم تنل منها شيئاً يذكر.

أخرج داني بويل هذا الفيلم وفي نيّته تحقيق فيلم على غرار أفلام بوليوود إنما مختلف عنها في الوقت ذاته وهذا هو ما استطاع إنجازه فعلاً. في البداية تم التقدّم إليه بنصف الفكرة: (فيلم عن شاب هندي مشترك في النسخة الهندية من (من سيربح المليون) ينجح في الفوز بالجائزة الكبرى وقيمتها مليون روبية. بويل لم يتحمّس وعلى حد قوله أنه لم يكن مهتماً في كيف يمكن لأحد أن يفوز بمليون دولار. لكن حين قرأ السيناريو كاملاً وجد أن صلب الموضوع هو محاولة ذلك الشاب البقاء على شاشة التلفزيون لأكثر فترة ممكنة فلربما شاهدته الفتاة التي أحبّها وأضاعها واتصلت به.

السيناريو مكتوب على نحو لا يخلو من الابتكار: تحقيق في دائرة البوليس مع الشاب حول كيف يمكن لهذا الشاب أن يعرف الإجابة على كل تلك الأسئلة؟ هل هناك غش؟. من مشاهد التحقيق ننتقل إلى مشاهد خلال البرنامج حيث يطرح المقدّم أسئلته. مع كل سؤال ننتقل إلى الماضي في فلاشباك لنرى كيف أن كلمة معيّنة أو صورة أو ذاكرة متعلّقة بالسؤال حدثت مع الشاب في صغره. ليس تماماً ودوماً بذلك الترتيب، لكن النتيجة هي الخروج بحكاية الشاب منذ أن كان صبياً صغيراً إلى اليوم متمحوراً طوال الوقت حول الفتاة التي التقاها حين كان صغيراً وأخلص لها. من خلال ذلك يلقي المخرج نظرة واعية على الأحياء الهندية الفقيرة والبيئة التي تعيش وتعمل فيها. لو كان الفيلم عربياً لاتهم بأنه يسيء سمعة البلد من دون أن يلتفت أحد إلى قيمته الفنية الرائعة.

The Curious Case of Benjamin Button

المسابقة: أفضل فيلم للعام بالإضافة إلى اثنتي عشرة مسابقة أخرى بينها أفضل ممثل (براد بت) وأفضل إخراج (ديفيد فينشر).

معلومات: دراما عن قصّة للكاتب ف. سكوت فتزجرالد

*****: تقييم الناقد

توقعات: الأول في الاحتمالات بالنسبة لأوسكار أفضل فيلم وأفضل تمثيل وأفضل إخراج.

أفضل فيلم أمريكي للعام الماضي بلا أدنى تردد. المشاعر التي يحتويها هذا الفيلم بين طيّاته لم نشهدها في فيلم آخر منذ زمن بعيد. تلك الأحاسيس الإنسانية التي تطفح بها الشخصيات. ذلك الأداء الذي يسجّل لكل المشتركين (خصوصاً من جانب براد بت والممثلة الأفرو- أمريكية تراجي هنسون) ثم ذلك الإخراج المدرك تماماً لكل مفرداته وهو ينتقل بحذر وبراعة في أتون قصّة غير قابلة للتصديق ليحوّلها إلى دراما مشبعة بإيقاع ومفهوم واقعيين جدّاً.

القصّة تدور حول صبي وُلد وهو في الثمانين من العمر. جسده صغير كباقي الأطفال لكن بخلايا هرمة تناسب رجلاً عجوزاً. مع الأيام ومع نموّ بدنه يبدأ سنّه بالتراجع بذلك يقوم برحلتين متعاكستين: رحلة من الطفولة البدنية إلى البلوغ والشدّة، ورحلة من السن الكبيرة رجوعاً إلى الطفولة. لكن الفيلم مفاجئ من حيث كيف تم استنباط أحداث ملائمة تتناول القصّة والوضع ليس كحالة غرائبية بل كحالة إنسانية وعاطفية ثرية. ليست هناك لحظة يسقط الفيلم فيها. ليس هناك مشهداً تخون التعابير أي من الممثلين. ممتع من حيث لا يستطيع المرء التكهّن أو التوقّع.

Wall-E

المسابقة: أفضل فيلم أنيماشن طويل

معلومات: أمريكي من إخراج أندرو ستانتون وإنتاج بيكسار وتوزيع وولت ديزني.

****: تقييم الناقد

توقّعات: آيل إلى الأوسكار في هذه المسابقة بلا ريب.

أفضل الأفلام الثلاث المشتركة في هذه المسابقة والسبب يعود إلى أنه منفّذ بتقنية مختلفة عن تقنية الأنيماشن للتلفزيون التي نجدها طاغية على الفيلمين الآخرين وهما Bold وKung Fu Panda وهو مختلف أيضاً بالنسبة لموضوعه. الفيلمان الآخران موجّهان للجميع والصغار في الصلب. (وول-إ) موجه للجميع والجميع في صلبه. يتحدّث عن روبوت مهمّته جمع وتكبيس القمامة في المدينة وتكديسها فيما أصبح مع الأيام ناطحات سحاب كالمباني التي تتألّف منها المدينة. وول وحيداً في المدينة بعدما هرب أهل الأرض إلى كواكب أخرى يعيشون حياة صناعية تماماً في حياة لا تنويع فيها معتقدين، جيلاً بعد آخر، إنها الحياة الوحيدة المتاحة. الروبوت يكتشف يوماً وصول روبوت أنثى حديثة لمعاينة الأرض وحين ينطلق وراءها في الفضاء بعدما تعلّق قلبه بها، يجد نفسه وقد أصبح فوق واحدة من تلك الكواكب الصناعية وسينجح هو والروبوت الأخرى في جذب الناس لمنح أنفسهم والأرض فرصة أخرى. بالإضافة إلى رسالته المتعلّقة بالبيئة وبالجشع البشري وما إلى تلك المضامين المهمّة، فإن تنفيذه من شركة بيكسار التي هي من بين الشركات القليلة التي تهتم بالاختلاف والتميّز في نطاق هذا الفن.

Waltz With Bashir

المسابقة: أفضل فيلم أجنبي

معلومات: إسرائيلي من إخراج آري فورمان.

****: تقييم الناقد

توقّعات: المنافسة قويّة هنا لكن حظ هذا الفيلم جيّد نسبة للظروف الحالية.

فيلم (الرقص مع بشير) هو تسجيلي مصنوع بتقنية الرسوم المتحركة والسبب -كما قال المخرج في تصريح له حين تم عرض الفيلم في كان- لم يكن متاحاً له أي وثائقيات عن الموضوع الذي اختاره، لذلك تغلّب على هذه المشكلة بسرد الأحداث كأنيماشن.

إنه عن غزو لبنان في الثمانينات ومذبحة صبرا وشاتيلاً التي أقدم عليها حزب الكتائب حينها لكن تحت سمع وبصر القوّات الإسرائيلية وبموافقتها حسب اعتراف الفيلم (إذا لم نرد تصديق شهود عيان عرب). الفيلم ينطلق من ذكريات جندي شارك في الغزوة لكنه الآن يبحث في أسبابها وماذا حققت ولماذا تم القيام بها أساساً. إنه يعاني من كوابيس تقض مضجعه وإذ يبدأ بالتذكر ومراجعة نفسه وسواه، ندرك معه سبب تلك الكوابيس. لكن المخرج لا يقف عند حدود العرض بل يتقدّم منها لنقد المؤسسة العسكرية التي قامت بتلك الاعتداءات، وفي بعض المشاهد يبدو كما لو كان يصف مجزرة غزّة القريبة وذلك عندما يتطرّق لموضوع قتل الضحايا والأبرياء فيقول ما مفاده أنه وسط الحرب فإن الفزع يستولي على الجندي فينسى كل ما تعلّمه ويصبح مستعداً لقتل كل شيء. إنه رسالة حزينة حول الحرب - أي حرب لكنها معنية بتلك المأساة الكبيرة التي تعيشها المنطقة عقداً وراء عقد ومنذ ستين سنة. في الحقيقة فإن اختيار المخرج تقديم هذا الفيلم المنتقد في المناسبة الستين لتأسيس دولة إسرائيل لا يفوت المشاهد أيضاً.

The Reader

المسابقة: أفضل فيلم روائي وأفضل سيناريو مقتبس وسيناريو أفضل ممثلة

معلومات: أمريكي من إخراج ستيفن دولدري وبطولة راف فاينس وكيت وينسلت.

**: تقييم الناقد

توقّعات: حظ أقل من متوسّط في مسابقة أفضل روائي، وأفضل من ذلك بقليل بالنسبة لمسابقة أفضل سيناريو مقتبس. الحظ الأكبر يكمن في مسابقة أفضل تمثيل نسائي حيث من المتوقع أن تفوز وينسلت بها كما فازت بالغولدن غلوب من قبل.

فيلم (القارئ) مقتبس عن رواية ألمانية تنتقل أحداثها من الخمسينات إلى الزمن الحاضر وتتحدّث عن صبي مراهق يتعرّف على امرأة أكبر منه سنّا ويتعلّق بحبها. نتابعهما لفترة من الزمن قبل أن تختفي ويمضي هو في خطواته وقد دخل كلية القانون. ذات مرّة يلتقيها من جديد لكن هذه المرّة كمتّهمة بأنها مسئولة عن إرسال معتقلات يهوديات إلى الموت ودليل المحكمة مستند مكتوب كانت المرأة تستطيع بسهولة ردّه وتبرئة نفسها من التهمة كونها أميّة- لكن كبرياءها منعها. الفيلم مسرود من وجهة نظر الشاب الذي أصبح الآن رجلاً (راف فاينس) يتذكرّ ويتابع وينتظر خروج تلك المرأة (كيت وينسلت) من السجن لكي يهتم بها كونها وحيدة. هناك مفاجآت في القصّة لكن دراما كهذه لا تتعابها لمفاجأتها بل لمضامينها وهي مضامين إنسانية. المشكلة هي في ترتيب الوقائع ودخول الفيلم بعض المتاهات الزمنية التي لا لزوم لها.

الجزيرة السعودية في 6 فبراير 2009

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)