كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

جوائز »مهرجان دبي السينمائي الدولي«

»ملح هذا البحر« و»مسخرة« و»قلب جنين« تفوز

نديم جرجورة/ دبي

مهرجان دبي السينمائي الدولي

الدورة الخامسة

   
 
 
 
 

لم يكن تصرّفها مفاجئاً كثيراً، إذا انتبه المرء إلى المضمون الشعاراتي واللغة الخطابية اللذين تضمّنهما فيلمها الروائي الطويل الأول. فالمخرجة الفلسطينية الأميركية آن ماري جاسر أرادت أن تميّز نفسها عن الفائزين الآخرين، في حفلة توزيع جوائز »المهر« للإبداع السينمائي، في ختام الدورة الخامسة لـ»مهرجان دبي السينمائي الدولي«، مساء أمس الأول الخميس. ولأنها فازت بجائزة أفضل سيناريو روائي طويل عن »ملح هذا البحر«، استغلّت المناسبة، وأعلنت بإنكليزيتها السليمة منح الجائزة لمن رمى بوش بفردَتي حذائه، لتؤكّد انسجامها المطلق والمناخ الشعبي الانفعالي المباشر، إزاء سلوك لا شكّ في أنه انعكاس ما لمدى الغضب الإنساني، إزاء بحر الدم والعنف الذي أغرق العراق والعالمين العربي والإسلامي، بسبب السياسة الرعناء لجورج دبليو بوش، كما لأسباب داخلية جمّة. لكن، أن يلتزم »مثقفون« و»مبدعون« عرب النَفَس التعبوي/ الدوغمائي، فهذا ما يستدعي طرح سؤال الإبداع الذي يصنعونه، ومدى قدرته على أن يكون فناً صافياً وتنويرياً وسجالياً، بدلاً من أن يُسرف في ابتذال المفردات واللقطات. ولأن آن ماري جاسر امتلكت، أقلّه في أعمال سينمائية قصيرة سابقة، حدّاً معقولاً من العمل الإبداعي الجميل؛ ولأن »ملح هذا البحر«، قابلٌ لنقاش نقدي، على الرغم من خلل في مستوياته البصرية والدرامية والتمثيلية؛ بدا تصرّفها مزعجاً، لوقوعه في الخطابية الفجّة، ولتناقضه والمناخ الأرحب والأجمل للسينما، ولابتعاده عن مقوّمات الصناعة السينمائية، التي يُمكنها مواجهة هذا الانحدار القاسي في الحياة اليومية العربية/الإسلامية، أو تبيان مكامن السوء فيها على الأقلّ، بلغة سينمائية حقّة.

لولا التصرّف الاستعراضي الذي مارسته آن ماري جاسر في تلك الليلة، لظلّ الاحتفال سينمائياً إلى حدّ كبير. فبعد مرور ستة أيام متتالية من العروض السينمائية المتنوّعة، أُعلنت النتائج النهائية للمسابقات الرسمية الخاصّة بالأفلام العربية والآسيوية/الأفريقية. وإذا سبق الاحتفال إعلان »الاتحاد الدولي للنقّاد السينمائيين (فيبريسكي)« جائزته، ظهر اليوم نفسه، التي نالها فيلم »مسخرة« للجزائري لياس سالم؛ فإن النتائج النهائية أعلنت في الاحتفال المذكور: ثلاث جوائز تكريمية من إدارة المهرجان لـ»أفضل موهبة إماراتية« لمحمد حيدر و»أفضل مخرجة إماراتية« لنجوم الغانم و»أفضل مخرج إماراتي« لسعيد سالمين المري. كما فاز الألماني »قلب جنين« للثنائي ليون غيلر وماركوس فيتر بجائزة الجمهور. في »مسابقة المهر للإبداع السينمائي للأفلام الآسيوية/الأفريقية« في فئة الأفلام الروائية الطويلة، فاز »جبل مقفر« للكورية الجنوبية سو يونغ كيم بجائزة أفضل فيلم، و»إجازة« للياباني هاجيمي كادوي بجائزة لجنة التحكيم الخاصّة، وآسكات كوتينتشيريكوف بجائزة أفضل ممثل عن دوره في »تولبان« لسيرغي دفورتسيفوي من كازاخستان، وأنْهِ هونغ بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في »قمر في قاع البئر« للفيتنامية فين سون نغوين، والهندية ديبا ميهتا بجائزة أفضل سيناريو عن »جنة على الأرض« لمهيتا نفسها، وسريكار براساد بجائزة أفضل مونتاج عن »فراق« للهندية نانديتا داس، والثنائي يورغا ميسفن وفيجاي لير بجائزة أفضل موسيقى عن »تيزا« للأثيوبي هايل جيريما، وريزا تيموري بجائزة أفضل تصوير عن »إهدأ وعدّ للسبعة« للإيراني رامتن لافافيبور. في فئة »الأفلام الآسيوية/الأفريقية الروائية القصيرة«، فاز الفيلم الصيني »دماء جديدة« لهاولو شو بالجائزة الأولى، و»كل شيء على ما يُرام« (كيرغيستان) لأكجولتوي بيكبولتوف بالجائزة الثانية، و»توقعات« للتشاديّ محمد صالح هارون بجائزة لجنة التحكيم الخاصّة. وفي فئة الأفلام الوثائقية الآسيوية/الأفريقية، فاز »جنون« للياباني كازوهيرو سودا بالجائزة الأولى، و»تجارة سوداء« للكاميرونية أوسفالد ليفات بالجائزة الثانية، و»أغنية النجاة« للصيني غوانغي يو بجائزة لجنة التحكيم الخاصّة.

في فئة الأفلام الروائية العربية الطويلة، فاز »مسخرة« للجزائري لياس سالم بجائزة أفضل فيلم، ومُنحت جائزة لجنة التحكيم الخاصّة لـ»آذان« للجزائري رباح عامر زعميش، الذي فاز أيضاً بجائزتي أفضل مونتاج لنيكولاس بانسيلون وأفضل موسيقى لسيلفان ريفلي. وحصل الفيلم المغربي »كازانكرا« لنور الدين لخماري على جائزتي أفضل تصوير للوكا كوسان وأفضل تمثيل، مناصفة للثنائي أنس الباز وعمر لطفي. وذهبت جائزة أفضل سيناريو إلى آن ماري جاسر عن »ملح هذا البحر«، وجائزة أفضل ممثلة لحفصية حرزي عن دورها في »فرانسيس« (المغرب/ فرنسا) لسعاد البوحاتي. في فئة الأفلام الروائية العربية القصيرة، فاز »الطريق إلى الشمال« للّبناني كارلوس شاهين بالجائزة الأولى، و»ساعة عصاري« للمصري شريف البنداري بالجائزة الثانية، و»بنت مريم« للإماراتي سعيد سالمين المري بجائزة لجنة التحكيم الخاصّة. وفي فئة الأفلام الوثائقية العربية، فاز »ذاكرة الصبار: حكاية ثلاث قرى فلسطينية« للفلسطيني حنا مصلح بالجائزة الأولى، و»مارينا الزبّالين« للمصرية آنجي واصف بالجائزة الثانية، و»سمعان بالضيعة« للّبناني سيمون الهبر بجائزة لجنة التحكيم الخاصّة.

السفير اللبنانية في 20 ديسمبر 2008

 
 

«دبليو» يفتتح دورة مهرجان دبي السينمائي الخامسة ومسك ختامها ..

 مدينة طموحة استعانت بالفن السابع لتسليع صورتها

فيصل عبد الله – دبي

-الطريق من مطار دبي الدولي الى مقر إقامة ضيوف هذه المدينة الناهضة والمحتفلة بدورة مهرجانها السينمائي الخامسة، يدخلك مباشرة في عالم أقرب الى الافتراضي منه الى الواقعي. الأفتراضي هنا يأخذ بتلابيب الزائر ويسقط من يده ما علق في ذهنه من مقارنات بين صور مدن وأنماط عيش. ولعلها الفرادة هنا تدعوك الى أكبر حقل تجريبي لمدينة قيد الإنشاء. أما صيغة صورتها النهائية فهو متروك لقدرة الخيال وسمعة المكان. شوارع فارهة ومتعددة الطوابق والاتجاهات منثورة على أديم رمال هذه الإمارة. فنادق تتعانق عند حدائقها رمال الصحراء والبحر بدل العشاق، كما تجسده حال أسطورة أتلاتنتس. أبراج تناطح عنان السماء بقاماتها. مدن التبضع التي يطلق عليها «ميغا مول».

كم هائل من رافعات البناء، 70 بالمئة من رافعات العالم، وجدت مستقرها الدائم في هذا الحقل. جيوش من العمالة، تقدر بأكثر من خمسة ملايين عامل مقابل أقل من مليون مواطن، تحتل فيها تلك القادمة من شبه القارة الهندية وجاراتها الحصة الأكبر. ومع ذلك، تبدو هذه المدينة غير معنية، في الأقل بالظاهر، بما ترتب على «العضة المالية» التي هزت أسواق العالم. بالمقابل تنهال على الزائر أحاسيس شتى أقلها الغربة والإقصاء. العابرون هنا كثر، وأحسب ان أول ماسيفتقدونه هو الحميمية التي تمنحها  المدن التقليدية بفعل تراتب الزمن. لكن هل هي حقاً تعني المقيم؟. أغلب الظن إن فرص العمل والرزق ووعود الثراء هي ما تلهم الناس أزاء الأزمنة ورزنامات التواريخ الشخصية وتقويماتها الهجرية والميلادية.

-ثمة مفردة تشكل عصب كل هذه التحولات الكبيرة، ألا وهي «الأكبر»، حتى غدت موسوعة غينيز عاجزة عن جمعها في دفات كتابها دأب وصراع، حب وخيانات، وعود وإنتظارات ممضة، أحلام تنقلب الى كوابيس، نجاحات وخسائر، تجتمع كلها في مصهر هذه المدينة على شكل «كولاج» فريد. ألم تستقي السينما من كل هذا الفيض سرديات قصصها وتحولها الى أفلام تحتضنها الشاشة الفضية؟ يستحضر الحديث عن مدينة دبي الحديث أيضاً عن مهرجانها السينمائي. فما صرف من أموال هائلة، وخطط طموحة، وتوظيف خبرات دولية لتكريس صورة هذه المدينة كنقطة جذب مالي واستثماري وسياحي وتسليعها عالمياً. هي نفسها اليوم تقف وراء هذه التظاهرة السينمائية الطموحة ووضعها على الجدولة الرسمية لمهرجانات العالم. فالمتابع للشأن السينمائي، يستطيع القول ان مهرجان دبي السينمائي الدولي، وبعد خمسة أعوام من إنطلاقته، قد خطى خطوات ثابتة في اتجاه تثبيت أهداف موقعه كمهرجان سينمائي للمنطقة العربية. وعبر فقرات مسابقاته الأساسية، الروائية والقصيرة والوثائقية والبرامج الموازيه لها. ولو أضفنا الى ذلك استحداث فقرات جديدة، مسابقة المهر الأسيوي- الافريقي للأفلام الروائية والقصيرة والوثائقية، و أفلام التحريك، وجائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما «فبريتشي»، يكون الرهان قد شمل مناطق جغرافية واسعة. بكلام آخر، انه مهرجان يود قول الكثير من الأشياء، وعلى رأسها ردم الفجوة بين منطقة الخليج والفن السابع، وفي جعبته خطط مستقبلية تعني بترميم تراث السينما العربية. أما اشاراته الأبعد فهو جمع هذا الكم الهائل من السينمائيين تحت شعار (تحيا السينما). تلك التي شدد عليها رئيسه عبد الحميد جمعة في الكلمة الافتتاحية للمهرجان، وهو يستعرض تفاصيل هذه المغامرة الطموحة والخطوات التي تحولت الى واقع فعلي.

- مهرجان دبي السينمائي هو نوع آخر من المهرجانات السينمائية، في الأقل في المنطقة العربية، ولمفهوم المشاهدة. عروض حسب المواعيد المعلنة، نسخ نظيفة عالية الجودة، سيطرة على القاعات لجهة دخول الجمهور وخروجه، الالتزام بعدم استخدام الهاتف النقال داخل دور العرض، منع الثرثرة داخل العروض، تقديم صناع الفيلم السينمائي الى الجمهور قبل العرض والحوار معهم في الختام، صالات أنيقة مزودة بكل التقنيات الحديثة. كل هذه المزايا جعلت أيام المهرجان السبعة، عرض 181 فيلماً من مختلف الأجناس السينمائية، من بينها 19 فيلماً دشنت عروضها العالمية وقادمة من 66 بلداً، وخصوصاً دورته الحالية الأكثر إثارة عن سابقاتها. والاثارة بدأت مع شريط «دبليو» لأوليفر ستون، سبق وان أفتتح عرضه العالمي الأول في مهرجان لندن افتتاحة فقد السينمائي الدولي، والذي سبقه جدل داخل أمريكا وخارجها. وقد أضافت كلمات ستون قبيل العرض والندوة الصحفية التي سبقته، إثارة أخرى كانت كافية لتصفية حساب المخرج مع سيد البيت الأبيض وحاشيته. انه فيلم عن العقلية العدوانية التي تتحكم بنا، حسب كلمات المخرج، ودراسة لمنطقها في التعاطي مع الآخر، وللجهل الأمريكي، ولتعقيدات السياسة التي لم يفهمها جورج دبليو بوش يوماً. فقد اجتمعت في الأخير خصال التهور والغباء والعنجهية وعقد توكيد الذات والبحث عن الشهرة، مضافاً اليها المس الديني الذي اتخذه كقناع لستر شروره. انه مقاربة شخصية لأسوء رئيس امريكي شهدته الولايات المتحدة، ولشخص جاء من لا شئ ليصبح أقوى وأخطر رجل في العالم.

-أما حقيقة جورج دبليو بوش، فقد جمعها ستون من عشرات الالاف من الوثائق والحوارات والمقابلات الشخصية ومن كتاب السيرة الذاتية وما تسرب الى الاعلام من أسرار عائلية. لذا بني الشريط على تقابلات ثنائية الحاضر/الماضي، واللعب على التنقل بين زمنيهما، كون الأول يخبرنا عن الثاني وليس العكس. الإعداد للحرب هو ما يفتتح به الشريط، حيث يجتمع مطبخ صناع القرار لتدارس خطط شنها. ثم ينتقل الفيلم الى العام 1966، ولفترة شباب بوش وحالة العبث التي كان يعيشها، إنغماره في تعاطي الكحول لإثباب رجولته، إنتماءه الى احدى المنظمات اليمينية، ظهور ميلوله الدينية، علاقته المعقدة بوالده الذي ضاق به ذرعاً، حبه للعبة البيسبول، إذ يظهره الفيلم في رحاب ميدان رياضي يعج بجمهور معجب بقدراته. وعلى هذا المنوال يتوقف الشريط عند مراحل بعينها، والغرض نبش التاريخ الشخصي لبوش واماطة اللثام عن ما هو مخفي فيها. وعبر رحلة البحث هذه يكشف الشريط للمشاهد عن ثلاث قضايا محورية، علاقة بوش الأب المعقدة بأبنه الذي لم يأخذه على محمل الجد يوماً، بعد ان فشل هذا الأبن العاق في إثبات كفاءته لأكثر من مرة. مما تطلب من والده الى التدخل الشخصي لإنقاذه سواء من السجن او في إيجاد وظيفة تليق باسم العائلة، وتفضيله الأخ الأصغر جب حاكم ولاية فلوريدا الذي ينتظره مستقبل سياسي واعد. والمسحة الدينية التي اتخذ منها واجهة اعتبارية وسياسية. وقرار شن الحرب على العراق، والذي كان وراءه صقور المحافظين الجدد، وعلى رأسهم ديك تشيني ورامسفيلد وولفوفويتز ومستشارة الأمن القومي وقتها كوندوليزا رايس.

- يمر الفيلم بموقف كولن باول، وزير الخارجية حينها، والذي بدا متردداً بامتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، لكن رايس أحرجته وغير موقفه في آخر الأمر. ما دفع ديك تشيني للتعليق، من ان باول حرق ورقة مستقبله السياسي. كانت الولايات المتحدة تحتاج الى الدعم السياسي العالمي، ووظفت في هذا الشأن التعاطف الدولي أزاء هجمات 11 أيلول 2001 الأرهابية، وثقلها السياسي كأكبر قوة عسكرية واقتصادية، لكن ذلك لم يشفع لها في تغيير الموقف الروسي والفرنسي والألماني. وحتى بريطانيا، كما يظهره الشريط، ظلت تماطل في خيار الحرب، وحجتها الذهاب الى مجلس الأمن من أجل استصدار قرار دولي يوفر غطاء قانوني لمثل هذا الخيار، دور هامشي ومخجل لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير. أما الدول الراغبة « «Welling Nations التي قدمتها جردة رايس لم تكن بذلك الحجم، وللسخرية أبدت المغرب رغبتها في إرسال 1000 قرد مدرب لكشف الألغام. شريط ستون هو في آخر الأمر مسمار في نعش جورج بوش، ووداع لسنواته العجاف، ما جعله يكرر وقوفه وحيداً في ملعب البيسبول تأكله الوحدة.

- ولئن أفتتح المهرجان بشريط مثير للجدل، فان حفل توزيع جوائزه لم يخلو هو الآخر من مفارقة التوظيف السياسي لفعلة الصحافي العراقي منتظر الزيدي. فقد أهدت الفلسطينية آن ماري جاسر، صاحبة «ملح البحر» الذي عرض ضمن فقرة مسابقة المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة، جائزتها له وسط تصفيق جمهور ليلة الختام التي احتضنها منتجع «عين الشمس» الصحراوي.

المدى العراقية في 22 ديسمبر 2008

 
 

دافع عن عرض فيلم 'دبليو' ليلة الافتتاح واعتبر ان السياسة لا يمكن فصلها عن الثقافة

مسعود أمر الله آل علي: لا نريد أن نقفز فوق الحواجز ونقول أصبح لدينا سينما في الامارات

دبي ـ 'القدس العربي' ـ من حسين عبداللطيف

يدير السينمائي الإماراتي مسعود أمر الله آل علي مهرجان دبي السينمائي الدولي الذي إحتفل هذا العام بمناسبته الخامسة. والبارز في الموضوع أن مهرجان دبي واحد من المهرجانات العربية القليلة التي يشرف عليها ويديرها سينمائي فاعل ومعروف. فقد عمل مسعود مخرجاً سينمائياً من قبل واكتسب تجربة إدارية نافذة من خلال تأسيسه مهرجان أفلام من الإمارات وهو المهرجان الذي أقيم في المجمع الثقافي في أبو ظبي قبل أن ينضم إلى إدارة مهرجان دبي السينمائي الدولي. أنه إنسان هادئ الصفات يختار كلماته بعناية، ويتميز بالصدق ما خلق من حوله إجماعاً على أنه الرجل المناسب في المكان المناسب. معه دار هذا الحديث الذي تناولنا فيه شؤون وشجون مهرجان دبي والمهرجانات العربية بشكل عام.

·     هناك انتقادات حول عرض فيلم 'W' في ليلة الافتتاح كونه فيلماً سياسياً في مهرجان ثقافي وفني بالإضافة إلى كون الفيلم ضعيفاً برأي البعض، كيف تردون على ذلك؟

هذه مسألة اختيارات وذوق وفهم. من الممكن أن أدخل أنا وأنت إلى السينما لمشاهدة فيلم ما، فيعجبني ولا يعجبك وهذا لا يعني أنه، بغض النظر، جيد أم لا. أما بالنسبة لكونه فيلما سياسيا، فهل يمكن أن نفصل السياسة عن الثقافة اليوم؟ هل الوثائق العربية الخمس عشرة المشاركة مفصولة عن السياسة؟ هل السياسة عالم والثقافة عالم والاجتماع عالم؟ هناك تداخلات وتأثيرات بينها جميعاً. قد يكون طرح الفيلم سياسي لكننا ننظر إليه من وجهة نظر سينمائية لأن الانحياز للسينما هو الأهم بالنسبة لنا. أوليفر ستون مخرج سينمائي بالدرجة الأولى، قد يطرح فيلما فيه سياسة، لكنه يطرحه سينمائياً.

·     هناك حديث عن تنافس سينمائي من خلال المهرجانات بين ثلاث مدن خليجية هي دبي، أبو ظبي، ومؤخراً تم الحديث عن مهرجان الدوحة، ما الذي سيميز كل مهرجان عن الأخر؟

هل نحزن إذا كان لدينا خمس مكتبات في مدينة واحدة؟ فلتكن هناك مهرجانات، كل مهرجان له سياسته وإستراتيجيته وفهمه الخاص بحسب أوليات وأهداف يضعها لنفسه. كلما كثرت المهرجانات كلما زاد الوعي و استيعاب الجمهور، وشُجِّعَتْ صناعة الأفلام الجديدة. التنافس الذي سيكون موجود سيكون صحيح، وطالما أنه تنافس شرعي فهو مهم. أما إذا كررت المهرجانات نفسها، فهذا هو الخطأ.

·         ألا يمكن أن تضر المهرجانات العربية بعضها بسبب قرب الفترات الزمنية؟

كل مهرجان يغطي مساحته وله أهدافه وجمهوره وهو مختلف تماما عن جمهور وأهداف دبي على سبيل المثال. تزامن المهرجانات مع بعضها يمكن أن يشكل إرباكا بالنسبة للضيوف و نسخ الأفلام. لكن بالنهاية، لكل مدينة ظرفها أيضاً.

·     العام الماضي كان هناك تضارب بين مهرجاني دبي ومراكش، كما أن الكثير من النقاد طالبوا بالتنسيق بين المهرجانات،هل حدث تنسيق هذا العام أو هل سيكون هناك تنسيق في المستقبل ؟

التضارب سيحدث في المستقبل أيضاً، أنا لا أرى المسألة بهذه الحدّية. لماذا لا يطرح النقاد المسائل الايجابية؟، وأتساءل هل كان مهرجان مراكش أو دبي أو أبو ظبي فاشلا، إذا كانت كل المهرجانات ناجحة فأين المشكلة؟

أنا أقول أن هناك تضاربا في بعض الأشياء لكن ليس في كل الأشياء، فجمهور مهرجان القاهرة لم يتأثر عندما تزامن مع مهرجان دبي. لأي مهرجان عدة جوانب منها الصناعي والثقافي؛ بالإضافة، لوجود الرعاة. كما أنني شخصياً لا أعتقد أن الجلوس على طاولة واحدة للتنسيق سيحل المشاكل. فهل نقل مهرجان دبي إلى فترة الصيف الحار سيحقق هدفنا الذي نسعى إليه؟

·         بعد خمس سنوات، ما سر نجاح مهرجان دبي؟

أنا آخر من يمكنه التكلم عن سبب النجاح. نحن نعمل للأفضل، أما مسألة النجاح أو الفشل فهي مسألة نسبية خاضعة للحضور نفسه. لكننا نسعى دائماً لتفادي أخطاءنا أولاً ، ولنقدم شيئاً مختلفا ثانياًً، ثم ثالثاً أن نكون معنيين بالسينما أكثر من أي شيء آخر. كما أننا نجحنا في تحقيق هدفنا في أن نقدم للجمهور فرصة رؤية سينما مجهولة لا تُعرض في الصالات التجارية في دبي.

·         استطاع المهرجان الوصول إلى السينما، لكن هل استطاع توطينها وهل نستطيع أن نرى ملامح لهذه السينما في الإمارات؟

لا يولد الطفل من بطن أمه ومعه شهادة دكتوراة. المسألة تعليمية بالدرجة الأولى، عمر دولة الإمارات 37 عاما وعمر السينما 115 عاما، نحن لا نريد أن نقفز فوق الحواجز ونقول أصبح لدينا سينما، فكل شيء يأخذ وقته. اليوم لدينا في الإمارات أكثر من 140 فيلماً قصيراً ينتج سنوياً؛ هذا الانجاز لم يكن قبل خمس سنوات. هناك فيلمان قصيران من الإمارات في المسابقة الرسمية في المهرجان، وهناك برنامج فيه خمس أفلام إماراتية أخرى، هذا كله حدث في خمس سنوات. لنصعد السلم خطوة خطوة ولا نقفز لأننا سنقع ونعتقد أننا وصلنا إلى السينما بسهولة. السينما ثقافة ووعي وفهم. نحن بحاجة لعوامل كبيرة لنصنع سينما جيدة وهذا لن يحدث بين ليلة وضحاها، لأن هذا الفن حديث في دول المنطقة، رغم المحاولات التي قام بها المخرجون في السنوات السابقة والتي كانت محاولات فردية بحاجة إلى أن تصبح حالة جماعية، الأمر الذي يتطلب وقتاً طويلاً. أنا لست مستعدا لأن أر فيلما مصنوعاً بشكل سيء بسبب الاستعجال. و إذا أخذنا دولا كمصر أو سورية فكم فيلماً موجود عندهما يستحق ان يكون في المهرجانات؟ الجواب هو عدد قليل، فلماذا نحزن على حالنا؟

·     في دبي الآن مهرجان أخر مختص بالسينما الخليجية تنتقون منه أفضل الأفلام لعرضها في مهرجان دبي، ألا تظن أن فصل هذا المهرجان عن مهرجان دبي سيحرم أفلاما جيدة من الإطلالة العالمية؟

فليأت المهتمون إلى الخليج ويشاهدونها، لا يمكن أن يكون البرنامج جزء من مهرجان دبي، مع ذلك هناك برنامج أصوات خليجية يقدم أفلاما من دول الخليج. كما أن مهرجان دبي لا يستوعب 300 فيلم خليجي إذا كانت كل عروضه 181 فيلماً. كما لا يمكن مقارنة عمل تكلفته حوالي مئتي مليون دولار وعمل تكلفته حوالي خمسة الاف دولار، عندها ستكون المقارنة ظالمة جداً. كما أن الهدف من مهرجان السينما الخليجية هو تسليط الضوء على النجوم الخليجيين عندما يمشون على السجادة الحمراء والا سيأتي شخص من الخارج كنيكولاس كيج ويخطف الأضواء.

القدس العربي في 23 ديسمبر 2008

 
 

الكوزموبوليتانية تسيطر علي جوائز مهرجان دبي السينمائي الدولي

دستة من الجوائز وزعت في ختام مهرجان دبي السينمائي الدولي الخامس قبل أن يصل مقدما الحفل الختامي إلي الجوائز الرسمية للمهرجان والتي بلغ عددها 8 جائزة، نصفها ذهب إلي الإبداع العربي السينمائي من خلال ثلاث مسابقات بثلاث لجان تحكيم لكل من الفيلم الروائي الطويل والفيلم القصير والفيلم الوثائقي، الجوائز اسمها جوائز المهر للإبداع العربي، وتمنح للعام الثالث أما المسابقات الثلاث الجديدة المماثلة لها، والتي منحت للمرة الأولي ابتداء من هذا العام فهي مسابقات الإبداع السينمائي الآسيوي الأفريقي.. وبهذه المسابقات الثلاث الجديدة للمهر الإماراتي، أصبح لدول آسيا وأفريقيا أكبر تواجد سينمائي في العالم العربي عبر مهرجان دبي الذي أضاف إلي أعماله الكثيرة عبء العناية بالإبداع السينمائي لدول آسيا وأفريقيا بالتخصيص رغم أن الدول العربية تقع في إطار هاتين القارتين، وقد يكون السبب هو تحول مدينة دبي إلي مدينة شبه كوزموبوليتانية تحمل بين جنباتها أغلب جنسيات العالم يتعايشون فيها برغبة واضحة في البقاء.. والحقيقة أن هذا المهرجان يتغير من عام لعام في اتجاه التفاعل مع كل ما يثريه ويجعله ملتقي الباحثين عن السينما في العالم، سواء بصفتهم باحثين عن الأفلام الجديدة أو تلك التي حصلت علي جوائز مهرجانات العالم السابقة، أي عشاق المشاهدة، أو الباحثين عن التمويل من السينمائيين أنفسهم وحيث حصل ستة منهم علي دعم لأفلامهم القادمة من «ملتقي دبي السينمائي الذي يخصصه المهرجان لبحث مسائل الدعم ويستقدم له لجنة تحكيم من أوروبا وأمريكا لمناقشة مشروعات الأفلام مع مخرجيها ومنتجيها المحليين، وفي هذا العام كان المنتج المصري جابي خوري ضمن المتقدمين بمشروعات عن فيلم للمخرج الشاب «عاطف حتاتة» ولكن الدعم لم يصبه وذهب إلي الأردني محمود بحثاً عن مشروع فيلم هذه صورتي وأنا ميت واللبناني شادي زين الدين وفيلمه حلاقوا المدينة والجزائرية جميلة صحراوي وفيلمها وردية كان لها أبناء، وثلاث جوائز أخري من جهات عربية تمول الأعمال «قيد الإنجاز»، ذهبت لديمة الحر المخرجة اللبنانية عن فيلمها المشترك مع فرنسا كل يوم عيد وللمغرب فوزي بن سعيدي عن فيلمه موت للبيع الذي تشارك في تمويله فرنسا وبلجيكا وللفلسطينية آن ماري جلر لفيلمها لما شفتك إنتاج فلسطيني أردني، وكل هؤلاء الباحثين عن الفرص مخرجون ومخرجات موهوبون، عرضت أفلامهم في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ومن بينهم جميلة صحراوي التي حصلت علي جائزة القاهرة للفيلم العربي العام الماضي عن فيلمها بركات، وآمن ماري جاسر التي حظي فيلمها ملح هذا البحر علي نجاح كبير في القاهرة هذا العام، وحصل هنا في دبي علي جائزة السيناريو.. أقول هذا لأن كل المخرجين والمخرجات العرب الآن أصبحوا يتنقلون بين المدن والمهرجانات العربية بحثًا عن النجاح، ثم التمويل، صحيح أن الكثيرين منهم يجدون جهات تمويل أوروبية، لكنه تمويل محدود لا يؤدي إلا جزءاً من المطلوب.جوائز المساعدة في الإنتاج الستة أضيفت لها جوائز تخص الأفلام الإماراتية وحدها والتي تنافس فيما بينها هذه، بالإضافة للمنافسة في مسابقة المهر وقد حصل المخرج سعيد سالمين المري علي جائزة أفضل مخرج إماراتي لعام 008، وعن نفس الفيلم بنت مريم حصل علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم القصير، وأهدي جائزتيه لبلده التي ترعي صناعة هذه الأفلام الآن، كما حصلت المخرج نجوم الغانم علي جائزة أفضل مخرجة إماراتية وحصل حيدر محمد علي جائزة أفضل موهبة إماراتية صاعدة.. وجاءت جائزة الجمهور في اتجاه آخر، حيث حصل عليها الفيلم الهندي الميلونير الفقير وعلي المركز الأول الفيلم الألماني قلب جنين إخراج ليون فيلر وماركوس فيتر.للمرة الأولي أيضًا، يتيح مهرجان دبي للاتحاد الدولي للصحافة السينمائية الفيبريس إقامه لجنة لاختيار فيلم واحد لجائزة النقاد، وقد كان بين أعضائها الناقد السينمائي المصري حسين بيومي مع نقاد من الهند وفرنسا وتونس وقد أعطت اللجنة جائزتها للفيلم الجزائري مسخرة إخراج إلياس سالم.. ويبدو أن مسخرة قد تحول إلي أحد ظواهر هذا الفيلم السينمائي، فهو قد حصل علي جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي الأخير، وحصل علي جائزة من مهرجان عربي ثالث، وها هو يحصل علي جائزة المهر الذهبي من دبي لأفضل فيلم عربي روائي طويل، بجانب جائزة النقاد، وفي نفس سابقة الإبداع للفيلم الروائي الطويل حصل فيلم آذان إخراج رباح عاو زعميش علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة وعلي جائزتي أفضل موسيقي سيلفت ريفك وأفضل مونتاج كلاوب بانسيلهون ومن المهم هنا ملاحظة أن العناصر الفنية للفيلمين كالتصوير والمونتاج والموسيقي لفنانين فرنسيين بجانب المشاركة في السيناريو ويشترك في هذا الفيلم الثالث الفائز في مسابقة الفيلم الروائي وهو كازانجرا المغربي إخراج نور الدين لخماري، والذي لا تشارك في إنتاجه فرنسا مثل الفيلمين الجزائريين السابقين، وكازانجرا هي الوجه الآخر لـ كازابلانكا، أي كازا السوداء، الوجه الآخر للدار البيضاء الذي يظهره المخرج المؤلف، وقد حصل الفيلم علي فضية الفيلم الطويل كما حصل بطلاه اللذان يمثلان لأول مرة وهما أنس الباز وعمر لطفي علي جائزة التمثيل للرجال أما جائزة التمثيل للنساء فقد حصلت عليها الممثلة الجزائرية الواعدة حفصية حرزي بطلة الفيلم الجميل أسرار الكسكسي في العام الماضي، وهذا العام نافست حفصية نفسها في أفلام المهرجان، فهي أيضًا بطلة الفيلم العراقي فجر العالم وبطلة فيلم ثالث خارج المسابقة.. وهي هنا في فيلم فرانسيس أول أفلام المخرجة المغربية سعاد البوجاتي.13 فيلما روائيًا قصيرًا عرضت في مسابقة هذه النوعية، نكتشف من بينها فيلمين مصريين لمخرجين لا تعرفهما، الأول هو إسماعيل هدي الذي بدأ الإخراج للفيلم القصير والوثائقي عام 1999، وفيلمه في المسابقة زيارات يوم شتوي هو السادس أما الثانية فهي المخرجة هايدي سمعلق وفيلمها الشغالة والمخرجة من مواليد أمريكا قدمت فيلما واحدًا حقق نجاحًا يكفي لحصولها علي منحة لدراسة السينما هناك، وقد نفذت الفيلم في مصر بمساعدة المخرج إسلام العزازي.أما الفيلم المصري الثالث في المسابقة فهو ساعة عصاري للمخرج شريف البنداري وقد حصل علي الجائزة الفضية، وفي هذا الفيلم الذي قام بإنتاجه وتأليفه أيضًا، يستعين بفنان الديكور الكبير صلاح مرعي ويشاركه البطولة باسم سمرة وسهام عبدالسلام.. أما فيلم بنت مريم الحاصل علي جائزة لجنة ا لتحكيم الخاصة للمخرج سعيد ساعيد، وقد حصل الفيلم اللبناني الطريق! الشمال علي ذهبية الفيلم القصير، ومخرجه هو نفسه ممثله كارلوس شاهين وهو ممثل لبناني قدير يقف خلف الكاميرا هنا لأول مرة.لعل فيلم مارينا الزبالين من أكثر أفلام مسابقة المهر للفيلم الوثائقي إثارة، بداية من عنوانه إلي ما يقدمه في تسجيل وتوثيق لحياة أسرة، يعيش في منطقة تجمع الزبالين بجبل الدويقة بالمقطم، إخراج إنجي واصف.. الأمر المحير هنا هو مشاركة مهرجان تريبكا السينمائي في نيويورك في تمويل الفيلم وإنجازه.. فهل كان السبب مجرد الإعجاب بأفلام المخرجة السابقة؟! أم اتجاه جديد لتمويل الأفلام بدلاً من مساعدة مخرجيها علي الحصول علي أي مبلغ نقدي كما تفعل مهرجانات برلين وروتردام وكان ودبي؟ مارينا الزبالين حصل علي الجائزة الفضية للفيلم الوثائقي أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة فقد ذهبت إلي الفيلم اللبناني سمعان بالضيعة للمخرج سيمون الهر في أول أعماله السينمائية بعد إخراج إعلانات وتقارير إخبارية تليفزيونية.. يكاد يكون هذا الفيلم هو الجانب الآخر لفيلم كارلوس شاهين الطريق إلي الشمال.أما الفيلم الحاصل علي الذهبية فهو يقدم صورة أخري للمقاومة، من خلال سكان مجموعة من القري الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة، وتهجيرهم القسري عام 1967 وحتي اليوم، بلا مأوي ولا مكان.. الفيلم هو ذاكرة الصبار حكاية ثلاث قري فلسطينية إخراج حنا مصلح المدرس الجامعي والمخرج المتخصص في الأفلام الوثائقية والقصيرة عن المجتمع والحياة المعاصرة داخل فلسطين اليوم، وفي الفيلم يلجأ المخرج إلي استخدام بنات الصبار رمزًا للذاكرة الباقية وشاهدًا علي شهادات أبطاله وحكاياتهم، خاصة عائشة أبو راجح العجوز الفصيحة التي تحفظ كل شبر من أرضها المحتلة، ومن شارعها المؤلم الجديد. في مسابقة الأفلام الآسيوية الأفريقية، في مسابقة الأفلام الطويلة فاز الفيلم الكوري جبل مقفر إخراج يونج كيم علي الجائزة الذهبية، وحصل الفيلم الياباني إجازة علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة وهو من إخراج هاجيمي كادور، كما فاز الفيلم الأثيوبي تيزا إخراج هايلي جيريما علي جائزة أفضل موسيقي والفيلم الهندي جنة الأرض علي جائزة أفضل سيناريو والفيلم الهندي فراق علي جائزة أفضل مونتاج، وحصلت الممثلة الصينية علي جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم قمر في قاع البئر بينما حصل الممثل الكازاكستاني أسكات كوتينه تشيركوف علي جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم تولبان وفي مسابقة الأفلام القصيرة حصل الفيلم الصيني دماء جديدة للمخرج هالون شو علي الذهبية وذهبت الفضية للفيلم كل شيء علي ما يرام من فيرغيستان وحصل الفيلم التشادي أغنية النجاة لمحمد صالح هارون علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة، أما جوائز الفيلم الوثائقي الآسيوي الأفريقي فقد حصل فيلم «ياباني» علي ذهبيتها وهو جنون إخراج كازو هيرو صودا بينما حصل الفيلم الكاميروني تجارة سوداء إخراج أوزفالت ليوان علي الجائزة الفضية وحصل الفيلم الصيني أغنية النجاة إخراج جوانغي يو علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة.. وبهذا الصدد الذي يقترب من الثلاثين جنسية حصلت علي جوائز المهرجان تحتل دبي المركز الأول في ديمقراطية الجوائز.. كما يمثل المركز الأول في عدد العاملين به والذين ذكرت أحد الصحف الإماراتية أنهم سبعمائة موظف اعتقد أنها ضمت إليهم جيش المتطوعين والمتطوعات للعمل في المهرجان الذي تتوسع علاقته مع الناس هنا في دبي بوضوح، ففي مقراته وممراته يعمل جيش من الأمم المتحدة بكل اللغات، وأيضًا بين جمهور قاعاته تجد نفس الملمح.. يتحفك بأفلام مهمة في عرضها الأول عالميًا أو إقليميًا، لكن عليك أن تقف طويلاً حتي تجد تذكرة، برغم أنك مدعو وأن لديك بطاقة صحفية، وأن هذا شغلك.. وبرغم كل هذا فإن مهرجان دبي واعد بالمزيد من الانفتاح علي السينما، سواء للجمهور.. أو صناع الأفلام أنفسهم.. والانفتاح هنا يعني أن تتابع العملية كلها من البداية حيث تبحث المشروعات عن تمويل إلي النقد حيث أقام المهرجان ورشة عمل لتدريس النقد السينمائي للصحفيين الشبان وتقديم جائزة لأحدهم إضافة للجائزة التي أعلن عنها المهرجان لأفضل مقال عنه ولا أدري كيف سيتم تقييمها، فالنقد والمتابعة لهما أبواب واسعة.. ويبقي بعد كل هذا أن تجد ما تريده، سواء كان الأفلام المهمة.. أو المعاملة الطيبة.. وكلاهما متوفر برغم وجود الخبراء الأجانب.. فقد امتزجت طبائعهم مع طبائع أهل البيت الودودة.. من مزيج وسطي مرن..

جريدة القاهرة في 23 ديسمبر 2008

 
 

الفيلم الذي لم يفز في مهرجان دبي السينمائي الدولي

بقلم :ماجدة موريس

ثلاثة أفلام مغاربية حصلت علي جوائز مسابقة الافلام الروائية الطويلة في مسابقة المهرجان للابداع السينمائي العربي بمهرجان دبي السينمائي الدولي الخاص الذي اختتم مساء الخميس الماضي..

الافلام هي (مسخرة) الجزائري إخراج إلياس سالم والذي كتبنا عنه هنا عقب فوزه بجائزة السينما العربية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي منذ أسابيع قليلة، وحصل الفيلم المغربي (كازانجرا) اخراج نورالدين لخماري علي الجائزة الثانية (الفضية) بينما حصل الفيلم الجزائري (آذان) اخراج رباح عامر زعيمش علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة.. وايضا جائزتي الانتاج والموسيقي، وفي بقية الجوائز الفردية حصلت الممثلة الجزائرية الفرنسية (أو العكس لأنها مولودة في فرنسا) حسيبة حيرزي علي جائزة أفضل ممثلة عن بطولة فيلم (فرانسيس) المغربي اخراج سعاد البوهاتي كما حصل الممثلان الجديدان جدا (يمثلان لاول مرة بعد اختبارات عديدة) وهما أنس الباز وعمر لطفي بالمناصفة علي جائزة التمثيل للرجال وحصلت المخرجة الكاتبة الفلسطينية آن ماري جاسر علي جائزة السيناريو عن فيلمها (ملح هذه الارض) الذي أخرجته وظلت سنوات تبحث عن منتج له في كل العالم حتي وافق منتج فرنسي علي تمويله وموضوعه هو الحياة في فلسطين المحتلة الان، سواء قبل 1948 أو ما بعد 1948، من وجهة نظر فلسطينية أمريكية ولدت في بروكلين وقررت العودة في اجازة لزيارة بلد آبائها وأجدادها.

.. وآذان أيضا

من اللافت للنظر هنا أن الفيلم الجزائري الحاصل علي الجائزة الذهبية، لم يكن وحده من الجزائر هو والفيلم الثاني (آذان) وانما تضمنت المسابقة (أحد عشر فيلما) بينها فيلم جزائري ثالث هو (مصطفي بن بولعيد) وهو فيلم مهم بكل المقاييس لأنه يدور حول قصة البطل (بن بولعيد) القائد الحقيقي للثورة الجزائرية التي اطلقها من سجنه إلا انه لم يعتبر نفسه يوما زعيما فقد كان مؤمنا بأن الشعب هو البطل والملهم لكل قائد.. سيرة بن بولعيد قدمها المخرج الجزائري الكبير أحمد راشدي بعد سنوات طويلة من الصمت وراشدي هو أحد ابناء السينما الجزائرية، وأحد مناضيلها منذ اطلق فيلمه الوثائقي الطويل الاول (فجر المعذبين) عام 1963، ثم شارك في مشروعات سينمائية متعددة للانتاج المشترك منها فيلم (دد) الشهير إخراج كوستا جافراي، ومنها عدد من أهم افلام يوسف شاهين التي دعمها منذ كان مسئولا في مؤسسة السنيما الجزائرية ومن بينها (العصفور) و(عودة الابن الضال) وقد حصل علي عدة جوائز دولية عن اعماله منها جائزة خاصة من مهرجان موسكو السينمائي الدولي عام 1981 عن فيلمه المهم عن المهاجرين إلي الغرب والذي انجزه قبلها بثلاثة أعوام (علي في بلاد السراب).. وفي فيلمه (بن بولعيد) نلمح اسماء قليلة، غير جزائرية أهمها أحد مديري التصوير (أريك يبجليتو) ومركبا الصوت ضمن فريق عمل جزائري في كل فروع العمل السينمائي بداية من المؤلف الصادق نجوش إلي فناني الموسيقي صافي بوتلة وسالم دادا، وأهمية هذا تأتي من كون هذا الفيلم هو الفيلم المغاربي الوحيد (أي المنتمي لدول المغرب العربي كله) الذي لا يتولي اعمال التصوير والمونتاج والموسيقي فيه سينمائيون فرنسيون وأوروبيون بالكامل، وللامانة هناك فيلم آخر مغربي هو (هل تذكر عادل) اخراج محمد زين الدين، لكنه حالة خاصة لأن مخرجه قام بكل شيء فيه عدا التمثيل طبعا.. لكن ما أضاف للفيلم قدرته علي الجذب الجماهيري في المهرجان هو كاريزما بطله (حسان قشوش) الذي قام بدور مصطفي بن بولعيد، وهو ممثل مسرح، له علي الشاشة كاريزما مزدوجة تذكرك بعبد الناصر وملامحه من زاوية، ومن زاوية أخري تذكرك بالممثل الامريكي الشهير روبرت تايلور.. قشوش أختير بعد المفاضلة منبين ستمائة شخص وفقا لحوار المخرج مع جريدة البيان الاماراتية، ولم تكن «الكاريزما» وحدها هي سبب اختياره، وانما الايمان الحقيقي بالقضية الوطنية، وبذلك الرجل الذي ضحي بكل شيء يمتلكه من أجل قضية تحرير وطنه (أي الشكل والمضمون).

جيش المناضلين

يطرح الفيلم اشكالية البطل والبطولة معا من خلال رحلة صعوده التاريخي (من مواليد 1917 بجبال الاوراس) وحيث أدرك بوعي متقدم واقع الحال في بلاده وهو شاب يتمتع بحياة جيدة بسبب ثراء أسرته، لكن تجنيده في الجيش الفرنسي اجباريا في الحرب العالمية الثانية، ونيله أوسمة عديدة بسبب شجاعته في الحرب، فوجيء مثل غيره بأن فرنسا التي رفعت شعارات الحرية للجميع في حال انتصار الحلفاء نقضت وعدها، ورأي بعينيه المجزرة التي ارتكبتها السلطات الفرنسية في حق الجزائريين العزل حين خرجوا يحتفلون بهزيمة النازي في 8 مايو عام 1945 ويطالبون فرنسا باحترام وعدها باستقلال الجزائر جاءت المذبحة لتحسم اختيار بن بولعيد إلي جلب الحركة الوطنية الجزائرية، فيضع املاكه في خدمتها، ويسعي لتكوين جيش من المناضلين ثم بلورة فكرة تحويله إلي جيش للتحرير، أي أن يقوم بثورة مسلحة بعدما تأكد أن الطرق مسدودة، وفي الفيلم يبرز راشدي الدور الكبير لبن بولعيد في جميع التيارات والفرق السياسية المختلفة في صف واحد متحد أختير له اسم (جبهة التحرير الوطني الجزائري) أن جزء مهما من هذا الفيلم يأتي في قدرته علي تقديم صورة للتشرذم قبل أن يصبح قوة واحدة وتقديم دور الفرد الملهم، أو الشخصية الاستثنائية حين تقوم بعمل أشبه بالمعجزة وهو تجميع الاشخاص والافكار للنظر في اتجاه واحد ومسح وتقليص كل الخلافات الحقيقية والمفتعلة والشخصية بين الجميع.. هكذا فعل بن بولعيد وانطلق مع أول مجموعة من جيش التحرير لألحاق الضربات بالجيش الفرنسي قبل أن يكتشف أن بنادقهم القديمة لا يمكنها أن تواجه السلاح الحديث فقرر السفر إلي المشرق العربي، ومصر متنكرا لجلب الاسلحة للثورة ولكن القوات الفرنسية قبضت عليه عند حدود تونس وليبيا، وفي السجن جمع كل السجناء حوله، وخكم عليه بالاعدام، غير أنه تمكن من تكوين كتيبة مقاتلة داخله حفرت خندقا تحت السجن المصير، وفر بمعجزة ليعود إلي قيادة الثورة من جديد، وليصبح مشكلة الفرنسيين لم ينتهوا منها إلا عبر جهاز استقبال وارسال ملغوم في 22 مارس 1956.

أحيانا ما يتصور المشاهد أن فيلما مثل هذا يكرر افلام أخري عن ابطال اخرين ولكن متعة المشاهدة توازي هنا متعة المعرفة بجزء مجهول وزعيم مهم لم نعلم عنه شيئا.. خاصة مع اجتهاد أحمد راشدي واستخدام كل التقنيات الحديثة للتصوير فوق الجبال بالطائرات والكاميرات المحمولة وتوظيف المكان بشكل ساخر وقادر علي أدراك عمق القضية التي تصدي لها.. وقيمة ذلك المناضل الذي رفض بأصرار أن يوضع في برواز ذهبي مثل غيره!

الأهالي المصرية في 24 ديسمبر 2008

 
 

مقعد بين الشاشتين

أفلام مهرجان دبي.. ورعاته

بقلم : ماجدة موريس

* أثناء فعاليات مهرجان دبي.. كانت الصحف اليومية بالإمارات تخرج علينا بالجديد يومياً من أشكال وأنواع الدعم للمهرجان.. مؤسسات ومجموعات اقتصادية تعلن انضمامها إلي جبهة رعاته بإنشاء صندوق "لدعم الثقافة والفنون في الشرق الأوسط" من خلال هذا الحدث السينمائي. أو اطلاق مبادرات لدعم أعمال المهرجان في جهة محددة مثل منح جوائز للمشروعات السينمائية الجديدة قيد التنفيذ أو حتي قيد التفكير. أو دعم مشروعات لمحاربة الأمراض الصعبة مثل الإيدز.. كل هذا يتدفق مع وجود الآتي: خمسة رعاة رئيسيون. وأربعة لحفلات العروض الخاصة المصحوبة بحفل "جالا". وسبعة رعاة إعلاميون من المجموعة العربية الإعلامية "مؤسسة دبي للإعلام" إلي مجلة جود نيوز السينمائية المصرية إلي مجلة هوليوود ريبورتر.. ثم 21 داعماً رسمياً "والداعم هنا حسب هذا التقسيم غير الراعي" 21 مؤسسة تعمل في فروع السينما والتصوير والنشر والأجهزة الحديثة وحتي الملابس. وأخيراً مؤسسة كبري للمنتجعات تكمل الدائرة.. واللهم لا حسد.. لكن 38 مؤسسة ترعي وتدعم وتبارك وتدفع المهرجان هو أمر مهم ويستحق التوقف عنده.. خاصة أنها جميعها تعمل في إطار القواعد التي يضعها المسئولون في المهرجان.. ومنها أن الحفلات الافتتاحية لأفلام البرامج الخاصة أو حفلات "الجالا" لا يشترط أن يحضرها كل ضيوف المهرجان. ففي الأولي يقف الضيوف مع بقية الناس لحجز تذاكرهم "فلماذا إذن يذهب الصحفيون والنقاد ببطاقاتهم المعتمدة؟ وهذه واحدة من غرائب مهرجان دبي أن يدعو الصحفيين والنقاد من كل العالم لتغطية نشاطاته وأفلامه. ولكنه لا يعترف ببطاقاتهم التي تخول لهم دخول قاعات العروض بدون حجز تذاكر مقدماً. مهما كانوا.. كما أنه لا يخصص عروضاً خاصة لهم لأفلام المسابقات كما يحدث في كل مكان.." نعود إلي هؤلاء الذين يدعمون المهرجان. والذين نجحوا بالفعل في حشد كم من الأنشطة المفيدة له كمناسبة. وكموقع متميز لدعم السينمائيين الجدد من خلال دعم مشروعاتهم. وأيضاً دعم الإعلام والإعلان عنه "وإن كان أقل من العام السابق" فمع الأزمة الاقتصادية التي وصلت إلي دبي أيضا وبدت في إجراءات تقشف مهرجانية. خاصة فيما يتعلق بالانتقال. وما يكتب من موضوعات في الجرائد هناك. إلا أن محاولات دفع المهرجان إلي الأمام وتقويته تبدو واضحة وثابتة كسياسة لكل الأطراف في مدينة دبي. والتعاون بين مدينة دبي للإعلام. ومثيلتها للاستديوهات قائم سواء في اجتذاب الوفود القادمة من أوروبا وأمريكا لعمل "شراكة" مع السينما العربية في دبي "ومنها وفد إيطالي. وشركة سينما أمريكية أعلنت رئيستها أنها بصدد تأسيس صناعة سينما عربية جديدة. وأقارن هذا مع ما يحدث لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي. مهرجاننا المصنف ضمن أكبر عشرة مهرجانات في العالم. الذي كان يبحث عن راع واحد تم العثور عليه في وقت متأخر بعدما تخلي عنه الراعي السابق.. راع واحد في بلد مليء بالرعاة أو بمن يفترض بهم أن يكونوا رعاة وداعمين لهذا المهرجان. ولا أدري لماذا لا توجه الحكومة في مصر مؤسسات رجال الاعمال التي تربح الملايين والمليارات لأن تدعم المشروعات الثقافية تحديدا. وفي الاتجاه الذي يخدم جميع المواطنين وليس فئة منهم.. ماذا وإلا.. فسوف نبكي طويلا في السنوات القادمة لأن "منصة" الثقافة في العالم العربي والشرق الأوسط قد أفلتت منا وذهبت إلي مجتمعات أخري تحتفي بها وتجتهد في دعمها ورعايتها.. من يعود من مهرجان دبي لابد أن يشعر بالاكتئاب فهناك ثروات وأثرياء وهنا أيضا. وهناك برامج وعروض.. وهنا ايضا. بل النظام هنا أفضل. والعروض للمتخصصين واضحة.. حتي الأفلام المشتركة كثيرة بين هنا وهناك.. ففي مسابقة الفيلم الروائي العربي عمر في دبي عرضته نصف الافلام في القاهرة ومنها الفيلم الجزائري الفائز بذهبية دبي "مسخرة" والذي فاز من قبل بذهبية القاهرة! كما رأينا أفلاما أخري مهمة مثل "ملح هذا الأرض" الفلسطيني "وأيام الضجر" السوري و"أذان" الجزائري و"حديقة الاسماك المصري" ولهذا السبب استطعنا اكمال بقية عروض المسابقة العربية بأفلام مثل "مصطفي بن بولعبد" الجزائري و"فرنسيس" و"كازانجرا" و"هل رأيت عادل" وثلاثتها مغربية والفيلم العراقي "فجر الارض" واللبناني "بدي شوف".. احد عشر فيلما عربيا جديدا بينها فيلم واحد مصري. وثلاثة لكل من المغرب والجزائر.. وقد حصلت هذه الأفلام الأخيرة علي كل الجوائز تقريبا فغير ذهبية "مسخرة" ذهبت الفضية إلي "كازانجرا" المغربي إخراج نورالدين بوخماري والذي يطرح صورة صادقة وبشعة للوجه الآخر. الاسود. لمدينة الدار البيضاء. وذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة إلي "أذان" الجزائري إخراج رابح عميش الذي يصور محاولة صاحب عمل في فرنسا الضحك علي عماله العرب بإنشاء مسجد لهم بينما يرفض اعطاءهم حقوقهم المادية وتأمينهم.. لهم العام يأكل الجميع في هذه الافلام وان كان لكل مخرج طريقته في التعبير عن رؤيته. وسواء أحببت هذا الفيلم أو ذاك فإن هذه المجموعة من الافلام تعد من أفضل وأقوي الافلام العربية التي قدمت في السنوات الاخيرة علي مدي عام واحد.. وليست فقط هي وإنما ايضا الافلام الوثائقية والقصيرة.. فلجان الاختيارات هنا لها إمكانيات أخري مختلفة عن العمل الفدائي الذي يقوم به فريق مهرجان القاهرة الصغير.

magdamaurice1@yahoo.com

الجمهورية المصرية في 25 ديسمبر 2008

 
 

(دبي السينمائي)..

ينحاز إلى الطاقات الإبداعية الجديدة

عمان - ناجح حسن

يخطيء من يظن ان الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم ألقت بظلالها على فعاليات مهرجان دبي السينمائي الدولي التي اطفأت شعلتها الخامسة الاسبوع الماضي .

مظاهر الفخامة والابهار في اماكن ايواء الضيوف والعروض والصالات واجواء المهرجان كلها تشير الى ان المهرجان استكمل شروطه.. فالعديد من ابرز النجوم في السينما العالمية تصدروا المشهد وبمصاحبتهم افلامهم الجديدة والتي اغلبها في عرضها الاول هناك المخرج الاميركي الشهير اوليفر ستون وفيلمه '' دبليو '' الذي يرصد محطات في حياته الاجتماعية والسياسية يتمحور اغلبها حول سلوكياته واندفاعه الطائش في سائر الميادين ويبلغ الفيلم ذروته عندما يقدمه وسط مجموعة من المحافظين الجدد واستشاراتهم التي قادت اميركا الى شن حروب مثيرة للجدل ما زالت مشتعلة في العراق وافغانستان.

واشتملت قائمة الضيوف على العديد من ابرز النجوم العالميين كان هناك نيكولاس كيج وموغان فريمان وجولدي هون وسواهما كثير من منتجين وموزعين وتقنيين ومدراء مهرجانات سينمائية عالمية واقطاب من نجوم السينما الهندية الواسعة الانتشار في بلدان الخليج عموما وليس في الامارات فقط .. لكن كان من الواضح غياب لنجوم الصف الاول في السينما العربية او المصرية تحديدا الامر الذي فسر باسباب عديدة من بينها متطلبات نجوم ونجمات السينما المصرية.

افلام وصناع افلام حضروا من ارجاء العالم من منتجين وباحثين عن مشاريع برسم الاستعداد للتصوير ومطبوعات متنوعة وبأكثر من لغة تقترب من حدود الاعلان عن نتاجات السينما العالمية وفي محيط ذلك بحر من الملصقات واشكال من الجداريات المختلفة التصاميم التي تشير الى زائر دبي بان هناك مهرجان سينمائي والتركيز على شعار حوار الثقافات والحضارات والجسر الذي يوصل بين عوالم متناقضة الهويات والامكانيات.

تعددت اماكن الاقامة للضيوف والعروض لكنها تفاوتت بالمسافات وبرنامج العروض كان مكثفا بحيث اختلط الامر على الكثير من المتابعين في اختيار وجهتهم الى هذا الفيلم او ذاك رغم ما يصدف ان كلا العملين يحملان شهرة وجدية سينمائية من الصعب تفويت فرصة مشاهدة احدهما وكان الاجدر على المنظمين ترتيب قائمة عروض الافلام وفق تراتبية تتعمق في اهمية الفيلم ووجوده في المسابقة او في الاقسام الاخرى على نحو من التركيز الفطن سواء لقيمة الفيلم النقدية والجمالية او لابعاده الجماهيرية التي تسير وفق قواعد العرض والتوزيع السائدة .

ولئن كان رغبة القائمين على المهرجان اشراك الشباب الاماراتي في العديد من المسائل التنظيمية للمهرحان حيث بدا ذلك واضحا من خلال ذلك الحشد لمجاميع من الشباب والشابات الذين كانوا بحق في جاهزية لاستقبال طلبات والرد على استفسارات الضيوف لكن الصلاحيات المخولة لهم بدت محدودة مما استدعى تدخلات من لجان تنظيمية رديفة في المهرجان .

لا شك ان المهرجان في سائر تفاصيله التنظيمية اعتمد ذلك البناء الاداري المعتمد من مهرجانات عالمية شهيرة على غرار '' كان'' و ''فينيسيا'' و''برلين'' ولئن ظهر المهرجان احيانا وكانه بنسختين الاولى عربية اسيوية افريقية وما تتضمنه من جوائز المهر للابداع العربي واخرى للابداع الاسيوي والافريقي والجزء الثاني عالمي دولي تهيمن عليه افلام اوروبية واميركية.

ان اقتناص المهرجان لعدد وفير من الافلام لان تكون من ضمن العرض الاول في المهرجان امر له دلالاته العميقة كون المهرجان صار محطة رئيسية لصناعة وتسويق الافلام من سائر بلدان العالم فالافلام العربية التي ظلت لسنين طويلة محدودة الانتشار سوف تسعفها مشاركاتها بالمهرجان على الانطلاق الى فضاءات رحبة من الابداع السينمائي .

نأى المهرجان عن نفسه من خلال تنويعه في اعضاء لجانه التحكيمية عن الانحياز الى هذه السينما او تلك سواء في النهج الذي اعتمده صناع الافلام او ما اصطلح على تسميته بصراع الاجيال فالمفاجأة ان الافلام الحائزة على جوائز المهرجان كانت لاسماء غير لامعة او هي لشباب في اطلالتهم الاولى على العمل السينمائي رغم وجود اسماء مكرسة ساهمت في تنويع نتاجات الفن السابع في بلدانها : نذكر بهذا الصدد غياب احمد راشدي مخرج الفيلم الجزائري الملحمي '' مصطفى بولعيد '' عن قائمة الفائزين وايضا عدم نيل المخرج التونسي عبداللطيف بن عمار جائزة التمويل لمشروعه السينمائي الجديد والتي ذهبت اغلبية جوائزها الى مخرجين شباب.

اذن ليس من الغرابة ان يسلك مهرجان دبي دروبا جديدة في التقاط قدرات المبدعين المشاركين وليس ادل على ذلك اشارة الزميل الناقد والمخرج السينمائي مسعود امر الله في استهلاله لدليل المهرجان مؤكدا على التنوع في افلام المهرجان بشقيها الطويل والقصير سواء في ذلك النوع الروائي او التسجيلي او ما يتعلق باسلوبية انتاجها البسيط او الضخم الملحمي والمبهر ودون تعسف في التوقف عند جنسيات صانعيها او في السينما التي ما زال جزءا منها في بداية الشوط الطويل الى عالم صناعة الاحلام .

اكثر ما يسعد به المتواجد في مهرجان دبي هذا الانتقاء الدقيق للافلام القادمة من البلدان العربية والتي تختزل صورة المشهد السينمائي العربي برمته ومن دون حدود تلك التقسيمات بين سينما مشرقية او مغاربية رغم استحواذ السينما المغاربية على اغلبية جوائز المهر للابداع السينمائي كما ان الظاهرة النجومية التي بدا ان المهرجان يتوجه اليها لم تكن في لب اهتمامات لجانه التحكيمية فاغلبية الجوائز حازت عليها اسماء لطاقات ومواهب غير معروفة نظرا لاشتغالها ضمن تيار سينما المؤلف.

تباعدت مواضيع الافلام المشاركة على اكثر من صعيد فالعديد منها بدا متورطا في الجانب السياسي الضيق المحدود الافق والنظرة الى وظيفة السينما ودورها في التعبير الفيلم العراقي مثلا '' فجرالعالم '' والاخر يلقي نظرة من الالم والفجيعة التي لا تعدم الحنين '' ايام الضجر '' للسوري عبداللطيف عبدالحميد وهناك من تصدى الى موضوعات اجتماعية تنهل من بيئة صعبة وقاسية سواء في المدينة او القرية او ما تعلق منها بعوالم الهجرة وتداعياتها كحال الفيلم الجزائري '' مسخرة '' لليث سالم او المغربي '' كازا نيغرا '' لنور الدين الخماري ويمكن القياس عليها في افلام مثل : '' فرانسيس '' و '' اذان '' .

وكانت السينما العربية القادمة من الاراضي الفلسطينية المحتلة مثل فيلم '' المر والرمان '' لنجوى نجار في عرضه الافتتاحي لفعاليات المهر للابداع السينمائي العربي وايضا فيلم '' ملح هذا البحر '' لان ماري جاسر رونقهما الخاص في التعاطي مع الظروف القاسية بحيث نجحت كل من مخرجتيه في تقديم صورا مشبعة لحالات انسانية في اتون الحصار والنفي والمعاناة جراء التنكيل اليومي على الطرقات وكل ذلك يسري في انحياز جارف الى الواقع اليومي وتفاصيله دون ان تنشغل الكاميرا في توسل المشاهد بسخونة الاحداث وجبروتها وما تستنزفه من ارواح الناس هناك .

من هنا يتبين حجم الجهد المبذول الذي سارت عليه دورة مهرجان دبي لهذه السنة في العمل المؤسسي والمتواصل طوال العام من القائمين على المهرجان على التقاط الاعمال المشاركة في اقسام المهرجان رغم وفرة العديد من المناسبات والمهرجانات الشبيهة التي تتنافس على تلك الافلام وهي التي اشتغل عليها صناعها باساليب متباينة لكنها مجبولة بالمواضيع والحكايات الاتية من تلك التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في بيئتها والشديدة الانحياز الى الواقع دون اغفال لابتكارات جمالية بصرية والى القدرات الاحترافية اللافتة بحيث اثارت كل هذا الاعجاب والجدل .

الرأي الأردنية في 25 ديسمبر 2008

 
 

مهرجان دبي السينمائي يكرّم الفائزين بجوائز المهر للإبداع السينمائي

جمال المجايدة: دبي

اختتمت فعاليات مهرجان دبي السينمائي الخامس بحفل باهر وزعت خلاله جوائز مسابقة المهر للإبداع السينمائي العــربي والإبداع السينمائي الآسيوي-الإفريقي وحضره عدد كبير من السينمائيين والضيوف من مختلف أنحاء العالم.

وكان المهرجان قد وسّع مسابقة المهر هذا العام لتشمل الإبداع السينمائي الآسيوي- الإفريقي مستقطبة أفلاماً من أفغانستان وتركيا والكاميرون وكازاخستان.

كما شهدت مسابقة المهر للإبداع السينمائي العربي هذا العام إقبالاً منقطع النظير بزيادة كبيرة في عدد طلبات المشاركة في المسابقة من منطقة الشرق الأوسط وجميع أنحاء العالم.

وعلى هامش الإعلان عن النتائج قال مسعود أمرالله آل علي المدير الفني لمهرجان دبي السينمائي الدولي: 'نحن فخورون جداً بكافـــــة الأفلام التي عرضتها المسابقة، لذا فإن عملــــية الاختيار لم تكن سهلة أبداً، حيث وجد أعضـــاء لجان التحكيم أنفسهم أمام مهمة صعبة للغاية.

لكننا في النهاية راضون عن النتائج، ونأمل أن نلتقي بهؤلاء المخرجين مرة أخرى في مهرجان دبي السينمائي الدولي في الأعوام المقبلة بمزيد من الأعمال والإبداعات.'

وقد استهل حفل توزيع الجوائز بتكريم المواهب الإماراتية، حيث ذهبت جائزة أفضل موهبة إماراتية إلى حيدر محمد، فيما فازت نجوم الغانم بجائزة أفضل مخرجة إماراتية، وسعيد سالمين المري بجائزة أفضل مخرج إماراتي.

وذهبت جائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما (فيبريسكي) إلى أفضل فيلم روائي في مسابقة المهر للإبداع السينمائي العربي، وكانت من نصيب فيلم مسخرة لمخرجه لياس سالم.

مسابقة المهر للإبداع السينمائي العربي

فئة الأفلام القصيرة:

الجائزة الأولى: الطريق إلى الشمال لـ 'كارلوس شاهين'

جائزة لجنة التحكيم الخاصة: بنت مريم لـ 'سعيد سالمين المري'

الجائزة الثانية: ساعة عصاري لـ 'شريف البنداري'

فئة الأفلام الوثائقية:

الجائزة الأولى: ذاكرة الصبّار: حكاية ثلاث قرى فلسطينية لـ 'حنا مصلح'

جائزة لجنة التحكيم الخاصة: سمعان بالضيعة لـ 'سيمون الهبر'

الجائزة الثانية: مارينا الزبّالين لـ 'إنجي واصف'

فئة الأفلام الروائية الطويلة:

أفضل تصوير: لوكا كوسين عن فيلم كزا نكرا

أفضل موسيقا: سيلفيا ريفليت عن فيلم آذان

أفضل مونتاج: نيكولاس بانسيلهون عن فيلم آذان

أفضل سيناريو: آن ماري جاسر عن فيلم ملح هذا البحر

أفضل ممثلة: حفصية حرزي عن فيلم فرانسيس

أفضل ممثل: أنس الباز وعمر لطفي عن فيلم كزا نكرا

أفضل فيلم روائي طويل: مسخرة لـ 'لياس سالم'

جائزة لجنة التحكيم الخاصة: آذان لـ 'رباح عامر زعيمش'

مسابقة المهر للإبداع السينمائي

الآسيوي-الإفريقي

فئة الأفلام القصيرة:

الجائزة الأولى: دماء جديدة لـ 'هالون شو'

جائزة لجنة التحكيم الخاصة: توقعات لـ'محمد صالح هارون'

الجائزة الثانية: كل شيء على ما يُرام لـ 'أكجولوتوي بيكبولوتوف'

فئة الأفلام الوثائقية:

الجائزة الأولى: جنون لـ 'كازوهيرو صودا'

جائزة لجنة التحكيم الخاصة: أغنية النجاة لـ 'غوانغي يو'

الجائزة الثانية: تجارة سوداء لـ 'أوسفالد ليوات'

فئة الأفلام الروائية الطويلة:

أفضل تصوير: رضا تيموري عن فيلم اهدأ وعد للسبعة

أفضل موسيقا: يورغا ميسفين، فيجاي إير عن فيلم تيزا

أفضل مونتاج: سريكار براساد عن فيلم فراق

أفضل سيناريو: ديبا ميهتا عن فيلم جنة الأرض

أفضل ممثلة: أنه هونغ عن فيلم قمر في قاع البئر

أفضل ممثل: آسكات كوتينتشيريكوف عن فيلم تولبان

أفضل فيلم روائي طويل: جبل مقفز لـ 'سو يونغ كيم'

جائزة لجنة التحكيم الخاصة: إجازة لـ 'هاجيمي كادوي'

 

وكان المهرجان قد أعلن عن الأسماء الفائزة في ملتقى دبي السينمائي الذي تم إطلاقه بمبادرة من المهرجان ليشكل منصة للتعاون بين السينمائيين في الوطن العربي وكبار المنتجـــــين العالميين. وقد تم اختيار 21 مشــروعاً مـــن بين 108 طلبات وصلت إلى المهرجان من مختلف أنحاء الشرق الأوسط والعالم.

وقد فاز بجائزة مهرجان دبي السينمائي الدولي: هذه صورتي وأنا ميت لـ 'محمود المساد' (الأردن، هولندا)، حلاقو المدينة لشادي زين الدين (لبنان)، وردية كان لها أبناء لـ 'جميلة صحراوي' (الجزائر، المغرب).

جائزة بوابة الصحراء ومهرجان دبي السينمائي الدولي للأعمال قيد الإنجاز:

'كل يوم عيد'، لـ 'ديمة الحر' (لبنان، فرنسا). جائزة العــلاقات الـــــــدولية من آرتيه: موت للبيع، لـ 'فوزي بن سعيدي' (المغرب، فرنسا، بلجيكا). جائزة الشركة البحرينية للإنتاج السينمائي ومهرجان دبي السينمائي الدولي لتطوير المشاريع: لما شفتك، لـ 'آن ماري جاسر' (فلسطين، الأردن). 

 

النجوم غابت لكن الافلام الجميلة حضرت وعززت هوية مهرجان دبي

دبي ـ (ا ف ب): اذا كانت الازمة المالية العالمية القت بظلالها على مهرجان دبي الذي اختزلت ميزانيته على نحو اثر على وهج فعاليات الدورة الخامسة من المهرجان السينمائي فان الافلام الجيدة وبعض الروائع لم تغب عن فضاء المهرجان بل عزز حضورها من قيمة المهرجان وهويته. وجاء تأثر المهرجان الذي تختتم دورته مساء الخميس بالأزمة لاعتماده الكبير على الاموال الخاصة واموال المستثمرين واستدعى تخفيض الميزانية حضور عدد اقل بكثير من النجوم العالميين والمصريين الذين حضروا العام الماضي والدورات التي سبقته واضفوا على اجوائه القا اكبر.

ومن بين النجوم العالميين هذا العام حضر الاميركي نيكولاس كيج كما حضرت المكسيكية سلمى حايك لساعات الى دبي امت خلالها حفل مؤسسة "امفار" "سينما ضد الايدز" الذي كانت راعيته المعنوية بجانب نجمات مثل غولدي هاون ولورا ليني المرشحة لجائزة الغولدن غلوب.

وشارك في حفل مؤسسة "امفار" ايضا المخرج اوليفر ستون والممثل والمنتج داني غلوفر والمخرج تييري غيليام. واسهم حضور جميع هؤلاء في جمع مبلغ مليون وثمانمئة الف دولار لحساب المؤسسة.

واقيم الحفل بدعم من مؤسسة "لؤلؤة دبي" ودار "كارتييه" وهذه هي المرة الثانية التي يقام فيها الحفل ضمن فعاليات مهرجان دبي وكانت النجمة شارون ستون راعيته في العام الماضي.

ودشن المهرجان في دورته الخامسة سوق دبي السينمائي الذي جذب عددا من المنتجين العرب والعالميين واقيمت في اطاره عروض كثيرة وصفقات لتوزيع الافلام. كما استحدث المهرجان هذا العام تظاهرة المهر للابداع السينمائي الاسيوي- الافريقي التي ضمت كما مسابقة المهر للابداع العربي ثلاثة اقسام في الروائي والوثائقي والقصير وقدمت في اطارها اقوى الافلام التي انتجت في هاتين القارتين.

وضمت مسابقة الفيلم الروائي العربي الافريقي 15 عملا من الابداعات المتميزة بينها شريط "تيزا" الاثيوبي و"تولبان" الكازاخستاني.

ورغم المزاحمة الشديدة من المهرجانات العربية والدولية التي بات المهرجان عرضة لها فقد نجح في اجتذاب 11 فيلما عالميا قدمت في دبي في عرض عالمي اول ضمن مختلف التظاهرات والانواع لكن في تراجع عما حققه المهرجان في السابق.

ومن بين هذه الافلام التي تقدم في عرض اول شريط المخرج الجزائري احمد راشدي "مصطفى بن بولعيد" الذي رسم سيرة لشخصية قادت واطلقت الثورة الجزائرية. وقدم المهرجان في المسابقة العربية ايضا فيلم "المر والرمان " للمخرجة الفلسطينية نجوى نجار في اول تجاربها الطويلة التي تروي حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال من خلال معاناة امراة يسجن الاسرائيليون زوجها.

ومن بين الافلام العربية الاخرى التي قدمت في عرض عالمي اول وكلها شاركت في المهر العربي فيلم المغربي نور الدين لخماري "كازانيغرا" الذي يصور معاناة وحياة العنف التي يتعرض لها شابان في شوارع كازابلانكا وسط عجزهما عن الحصول على عمل كريم يحفظهما من السقوط. وكما في الروائي تضمن المهرجان عروضا عالمية اولى في الوثائقي الذي ضمت مسابقته العربية 13 شريطا جديدها تمثل بشريط "عدسات مفتوحة في العراق" لميسون باجة جي و"هذه الايادي" للمغربي حكيم بلعباس الذي يقارن بين الماضي والحاضر في المغرب الحديث.

وقدم شريط "طفولة محرمة" للايطالية باربرا كوبيستي ضمن الليالي العربية في عرض اول ايضا وهو يعرض اثار الصراع على الاطفال الفلسطينيين.

اما في برنامج "الجسر الثقافي" فقدم فيلم "النظام" للمخرجين بول سماكزني وماريا ستودتمير الذي يتناول قصة جهاد رجل لانشاء فرقة اوركسترا للشباب في فنزويلا في حين تناول فيلم "امة سوداء" للمخرج ماتس هيلم قضية التفرقة العنصرية في مدينة ديترويت.

وتميزت تظاهرة "المهر للابداع العربي" هذا العام بتنوع الافلام المقدمة في اطارها وبحضور فيلم روائي عراقي فيها وافلام لبنان والمغرب والجزائر وفلسطين جسدت كلها حدة النظرة التي يلقيها المخرجون على مجتمعاتهم ووعيهم بتلك المجتمعات في معالجات تفاوتت في مستوى فنيتها وان ظلت في المستوى.

وقدمت "تظاهرة الليالي العربية" مجددا عروضا اكدت على المواهب العربية كما ضمت اليها مخرجين دوليين تناولوا مواضيع عربية وجاءت عروض برنامج "الجسر الثقافي" لتكمل تظاهرة الليالي من حيث مضمونها واتصالها بقضايا انسانية شاملة.

اما عروض "سينما العالم" فقدمت باقة من افضل افلام العام في العالم مثل فيلم "استراليا" و"تشي" الاميركيين وفيلم "عماء" البرازيلي وفيلم "بين الجدران الفرنسي" الحائز على سعفة مهرجان كان السينمائي وفيلم "جوع" البريطاني و "سلمندر" الارجنتيني و"حب وجرائم اخرى" الصربي.

وتضمن المهرجان ايضا تظاهرة خاصة بالفيلم الايطالي وتظاهرة خاصة بافلام الاطفال واخرى لافلام التحريك فضلا عن تظاهرة احتفاء بالسينما الهندية وتكريمات.

القدس العربي في 26 ديسمبر 2008

 
 

مهرجان دبي السينمائي الدولي يؤكد هويته ويوسع دائرة اهتماماته

تحت شعار «جسر الثقافات وملتقي الإبداع» عقدت في الفترة من 11-18 ديسمبر الدورة الخامسة لمهرجان دبي السينمائي الدولي وأضاف المهرجان هذا العام وفي هذه الدورة مسابقة جديدة للأفلام الآسيوية الافريقية مساوية في جوائزها لمسابقة الإبداع السينمائي العربي.وقد ساعد التمويل الجيد والمنتظم مع السعي الدءوب لتطوير المهرجان من جانب القائمين عليه، وعلي رأسهم عبدالحميد جمعة رئيس المهرجان ومسعود أمر الله آل علي مديره الفني إلي أن تكون هذه الدورة أضخم دوراته من حيث عدد الأفلام والدول المشاركة والبرامج والجوائز والفعاليات والأنشطة والإصدارات والضيوف، ويعزي هذا في نظري إلي الاستعانة بالكثير من الكوادر الأجنبية المحترفة التي لها خبرة كبيرة في إدارة المهرجانات وتنظيمها.المهرجان إذن إلي جانب ما يتمتع به من كرم الضيافة يبدي أداء مهنيا عاليا يؤهله لاحتلال مكانة بارزة بين المهرجانات السينمائية الدولية.عرض المهرجان 181 فيلما من 66 دولة موزعة علي 10 برامج هي برنامج الجسر الثقافي الذي يعرض أفلاما تجسد شعار المهرجان وتسعي لتجاوز القيود الثقافية وتدعو إلي التسامح والحوار تجسيدا لشعار «ملتقي الثقافات والإبداعات»، وبرنامج ليال عربية الذي يعرض نخبة من الأفلام العربية خارج المسابقة تتنوع في الشكل والمضمون وتشترك بلمس جانب من جوانب الحياة العربية المعاصرة، والبرنامج الثالث هو سينما العالم، والتي يعني بها المهرجان أفلام القارات الأربع الأخري، الأمريكتان وأوروبا واستراليا، وهي تضم مجموعة من الأفلام من 10 دول تعرض مختارات من أهم وأبرز الأعمال السينمائية تلخص الإبداع السينمائي غير الآسيوي والإفريقي، يضع البرنامج الرابع السينما الإيطالية في دائرة الضوء حيث يقدم مجموعة من أحدث انتاجات السينما الإيطالية، ويحتفي البرنامج الخامس بالسينما الهندية باعتبارها أحد أضخم دول العالم إنتاجا للأفلام، البرنامج الخاص بالسينما الآسيوية الإفريقية يتميز بصوره السينمائية المتنوعة من أفلام لمخرجين في تجاربهم الأولي، وهو ما لا ينتجه لهم الكثير من المهرجانات الكبري، علاوة علي الانتاجات الروائية الضخمة.سابع البرامج هو سينما التحريك وهو برنامج استحدث كما ذكرت هذا العام ويضم إنتاجات عام 008 من أفلام تنبض بالألوان والخيال والإبداع.البرنامج الثامن مخصص لسينما الأطفال ويقدم باقة من أفضل انتاجات عام 008 ، ولأن المهرجان يعقد في الخليج فإنه يكرس البرنامج التاسع لأصوات من الخليج، فيقدم أفلاما لمخرجين شباب من دول الخليج تحديدا الإمارات وقطر وعمان والكويت والسعودية والعراق، وهي أفلام تستكشف مجتمعاتهم العربية وتروي حكايات وأحلاما وتعبر عن طموحات لمنطقة تتمتع بتراث ثقافي غني، البرنامج العاشر والأخير هو برنامج إيقاع وأفلام وهو يجمع بين السينما والموسيقي لا في شكل الفيلم الموسيقي وإنما في عرض سينمائي تصحبه موسيقي حية، ويجمع البرنامج بين الكلاسيكيات حيث يعرض فيلم «نوسفيراتو» مصحوبا بموسيقي عصرية وأحدث التقنيات السمعية والبصرية.جوائز مهرجان دبي ربما تكون الأعلي من حيث القيمة المادية بين الجوائز السينمائية التي تمنح في المهرجانات التي تقام في العالم العربي، إذ تبلغ قيمتها الإجمالية 576 ألف دولار أمريكي أي ما يعادل ثلاثة ملايين جنيه مصري تقريبا.وهي موزعة بالتساوي بين مسابقتين هما مسابقة المهر للإبداع السينمائي العربي، ومسابقة المهر للإبداع السينمائي الآسيوي الإفريقي.وتضم كل مسابقة منهما ثلاثة فروع هي مسابقة الأفلام الرائية الطويلة : وجوائزها 138 ألف دولار تمنح لأفضل فيلم «50 ألف دولار» وجائزة لجنة التحكيم الخاصة «40 ألف دولار» وأفضل ممثل «10 آلاف دولار» وأفضل ممثلة «10 آلاف دولار» وأفضل سيناريو وأفضل مونتاج وأفضل مؤلف موسيقي وأفضل تصوير «قيمة كل جائزة 7 آلاف دولار» ولا توجد جائزة للإخراج وتمنح جائزة أفضل فيلم للمخرج .مسابقة الأفلام الوثائقية: وتمنح ثلاث جوائز قيمتها الإجمالية «90 ألف دولار» موزعة بين أفضل فيلم «40 ألف دولار» الجائزة الثانية «5 ألف دولار» جائزة لجنة التحكيم الخاصة «5 ألف دولار» وأخيرا مسابقة الأفلام القصيرة: وتمنح ثلاث جوائز قيمتها الإجمالية «60 ألف دولار» موزعة كالآتي: الجائزة الأولي «30 ألف دولار»، الجائزة الثانية «15 ألف دولار»، جائزة لجنة التحكيم الخاصة «15 ألف دولار» والتمثال المقدم كجائزة يجسد مهرا عربيا كرمز للمهرجان وصورته توضع علي كل ملصقاته ومطبوعاته.في حين يري البعض أن كثرة الجوائز لها جانبها السلبي الذي يجعلنا نفقد أهميتها المعنوية، يري آخرون أنها قد تكون حافزا علي المشاركة والمنافسة في تطوير التقنيات الفنية وتعميق الأصالة واستكشاف جوانب من الحقيقة واختفاء جهود الفنانين في الخلق والإبداع، وهي عند كاتب هذه السطور كذلك بالفعل.وإلي جانب ملتقي دبي السينمائي حيث يلتقي العشرات من أصحاب المشروعات السينمائية العربية والأسيوية والإفريقية مع عشرات المنتجين الأوروبيين للحصول علي تمويلات لمشروعات أفلامهم، سوف تجد الكثير من الفعاليات والأنشطة المتمثلة في حلقات النقاش والندوات اليومية المتعلقة بقضايا ومشكلات وأزمات الإنتاج السينمائي.جذبت انتباهي في كتاب المهرجان لمحتان إعلاميتان أولاهما إلي مجال عرض الفيلم حيث يشار إلي أن الفيلم يعرض لأول مرة في الخليج أو يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط، أو يعرض لأول مرة في العالم، واللمحة الأخيرة تجيب عن سؤال ما الأفلام الجديدة في هذا المهرجان وتكشف عن أن المهرجان قام بعرض 5 فيلما لأول مرة في العالم وأغلبها أفلام عربية ربما لا تتاح لها فرصة العرض في مهرجانات دولية كبري . أما اللمحة الأخري فهي التصنيف العمري لمشاهدي الأفلام أي أفلام يشاهدها من فوق 18 سنة وأفلام يشاهدها من فوق 15 سنة وأفلام يشاهدها من فوق 1 سنة، وهذا التصنيف العصري يختلف عن تصنيف الرقابة في مصر الذي يتحدد في قسمين للكبار «فوق 18 سنة» ولجميع الأعمار. بلغ عدد الأفلام التي عرضت داخل مسابقة الإبداع السينمائي العربي 38 فيلما منها 11 فيلما روائيا طويلا، 15 فيلما وثائقيا، 1 فيلما قصيرا. أما في مسابقة الإبداع السينمائي الآسيوي الأفريقي فقد عرض 41 فيلما، منها 15 فيلما روائيا طويلا، 13 فيلما وثائقيا، 13 فيلما قصيرا، وبهذا يكون عدد الأفلام المعروضة في المسابقات 79 فيلما من أصل 181 فيلما عرضت في المهرجان إجمالا أي أن هناك 10 فيلم عرضت خارج المسابقة في إطار البرامج المختلفة للمهرجان.شاركت مصر في هذه الدورة رسميا بفيلم روائي طويل واحد هو «جنينة الأسماك» ليسري نصرالله في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، وبفيلم روائي طويل واحد هو «عين شمس» لإبراهيم البطوط في برنامج ليال عربية، وبفيلم وثائقي واحد هو «ملف خاص» لسعد هنداوي في مسابقة الأفلام الوثائقية، وبثلاثة أفلام قصيرة في مسابقة الأفلام القصيرة هي «ساعة عصاري» لشريف البنداري، «زيارات يوم شتوي» لإسماعيل حمدي «الشغالة» لهايدي سمعان، وشاركت أيضا بالفيلم القصير «أحلام مقلية» لنانسي كمال في برنامج ليال عربية، كما شاركت المخرجة إنجي واصف وهي مصرية تقيم في الولايات المتحدة بفيلمها «مارينا الزبالين» الوثائقي وهو إنتاج مصري أمريكي في مسابقة الأفلام الوثائقية.افتتح المهرجان بفيلم «دبليو»، الذي يجسد جوانب ولمحات من سيرة حياة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش وبحضور مخرجه أوليفرستون الذي ألقي كلمة قصيرة قدم بها فيلمه، وقد استرعي انتباهي ضمن ما قاله عن الفيلم أريده صورة عادلة وحقيقية عن هذا الرجل «يقصد بوش» ورغم أن الفيلم جسد بالفعل بعض الجوانب التي تقدم صورة حقيقية جزئيا عن بوش الابن إلا أنه لم يكن عادلا في حكمه عليه وعلي عكس ما قال مخرجه، فالفيلم لم يكشف بدرجة كافية الجوانب الأسوأ في حياة رئيس أمريكي معاصر وإنما تناول من حياته ما يكاد يكون معروفا للجميع إدمانه السابق للكحول غطرسته وفظاظته، تدينه المزعوم جهله وافتقاده للذكاء السياسي والقدرة علي المبادرة .. إلخ، وبدلا من تعرية الدور الذي لعبه في السياسة الأمريكية طوال سنوات حكمه من الرغبة في السيطرة علي العالم إلي إرهاب الشعوب ونزح ثرواتها مرورا بإدعاء نشر الديمقراطية، فإن رؤية الفيلم في نظري تكاد تنحصر في الرثاء لحال واحد من أسوأ حكام أمريكا في تاريخها كله، مثلما كانت الرؤية في فيلم آخر لستون هو «الفصيلة»، هي تعاطفه مع حال الجنود الأمريكيين الذين لاقوا الأهوال من جراء المقاومة الفيتنامية وتجسيده بدرجة غير كافية عناء شعب فقير في الدفاع عن حريته واستغلاله، سيناريو «دبليو» ضعيف ومفكك، وهناك سوء اختيار للممثلين، فرغم قيام جوش برولين بمحاكاة بوش في سلوكه بالكلام والحركة والإيماءات إلا أنه لم يضف جديدا إلي الأصل فالتقليد والمحاكاة فقط لا يصنعان فنا.

جريدة القاهرة في 30 ديسمبر 2008

 
 

الدورة الخامسة لمهرجان دبي السينمائي الدولي

عندما تكثر المُفاجآت, وتكبر التحديات

صلاح سرميني ـ دبي

في دورتيّه الأولى, والثانية, كان مهرجان دبي السينمائي الدولي مجموعةً من الأفلام القادمة من هنا, وهناك, ونجوماً, واحتفالياتٍ, وأضواء,..

ومنذ أن تولى السينمائي الإماراتي "مسعود أمر الله" مهمة الإدارة الفنية, وهو يقدم لنا في كلّ دورة مفاجآتٍ, وتحدياتٍ جديدة تُضفي على المهرجان خصوصيته, وتميزه عن مهرجانات المنطقة.

كانت الدورة الثالثة بمثابة التحول الإيجابي الكبير مع تأسيس "مسابقة المهر للإبداع السينمائي العربي", وتشمل الأفلام الروائية الطويلة, والوثائقية, والقصيرة.

وعلى الرغم من خصوبة أفكاره, وغزارة طموحاته, وسرعته في تحقيقها, إلا أنه يتمهل في إنجاز بعض الأمور الشكلية, وأولها استجداء الصبغة الدولية(مع أن المهرجان دولي بامتياز), وهو بهذا يتخيّر نهجاً مخالفاً لمُعظم المهرجانات العربية (ماعدا أيام قرطاج السينمائية في تونس) التي " تناضل" لإرضاء الاتحاد الدولي لجمعيات منتجي الأفلام في فرنسا "FIAPF" للحصول على اعترافٍ رسميّ تتفاخر به, مع أن أصغر مهرجان في نفس بلد مقرّ الاتحاد, يمتلك الحق بإلصاق الصفة الدولية في عنوانه,  ولن يمنعه أحد, لا الاتحاد نفسه, ولا أيّ شخص, أو مؤسّسة.

كثرة عدد المهرجانات في أوروبا, فرنسا خاصة, جعلتها تدرك أهمية تفردها, وتخصصها, وضرورة الكشف/أو إعادة الكشف عن سينما, أو سينماتٍ معروفة, أو مجهولة, بعيدة, أو قريبة : السينما الأسيوية, الأفريقية, أمريكا اللاتينية, ...

والتخصص أكثر, فأكثر, فأصبح هناك مهرجانات للسينما العربية, الصينية, الهندية, الروسية, الإسبانية.. .

في دورتيّه الأولى, والثانية, أصابت مهرجان دبي عدوى تقليد المهرجانات الكبرى, ومع دورته الثالثة, بدأ يؤسّس خصوصيته, وتميزه باستحداث "مسابقة المهر للإبداع السينمائي العربي", ومنذ ذلك التاريخ تغيرت وجهات النظر حول المهرجان, وأصبح محط أنظار الوسط السينمائي العربي, والعالمي, والمكان الأكثر جديةً لمُشاهدة أفضل إنتاج السينمائيين العرب المُنتشرين في كلّ أنحاء العالم, وملتقى للجدل, والتواصل, وورشة عملٍ متواصلة.

وخبت أضواء المهرجانات العربية الأخرى المُخصصة للسينما العربية (مع اختفاء أهمّها بينالي السينما العربية في باريس), أو التي تتضمّن برمجتها مسابقة للأفلام العربية.

ولم تنضب أفكار "مسعود أمر الله", أو تتوقف عند ذلك النجاح, فلم يتأخر كثيراً كي يُثري الدورة الخامسة(11- 18  ديسمبر2008) بإضافةٍ لافتة "مسابقة المهر للإبداع السينمائي الأسيوي, والأفريقي" وتشمل الأفلام الروائية الطويلة, والوثائقية, والقصيرة.

هذه المسابقة "المزدوجة" قابلة للنقاش, فالسينما الأسيوية قوية جداً, راسخة, ومتطورة, وتعتمد على إمكانياتها المالية, وهي مختلفة تماماً, أشكالاً, ومضامين عن السينما الأفريقية, ونمط إنتاجها, وتمويلها المُماثل للسينمات المغاربية.

وبينما فرضت السينما الأسيوية نفسها في الأسواق الدولية, تعثرت خطوات السينما الأفريقية, ولم تتمكن من التواجد الحقيقي, وجذب الجمهور إليها, واكتفت بأسواقها الداخلية, والعروض المحدودة في صالات الفن, والتجربة الأوروبية.

ولكن, كيف نُعامل السينما العربية/الأفريقية جغرافياً ؟ هل يُدرجها المهرجان في "المسابقة العربية", أم "الأفريقية" ؟

وبالمثل, كيف نُعامل السينما العربية/الأسيوية جغرافياً ؟ هل يدرجها المهرجان في "المسابقة العربية", أم "الأسيوية" ؟

وأعتقد بأن المدير الفني "مسعود أمر الله" يتعامل مع المُسابقتين انطلاقاً من أصول المخرج, وليس من جنسيته الحالية.

مخرجٌ من أصولٍ عربية سوف يُدرج فيلمه في "المسابقة العربية" بغضّ النظر عن مكان إقامته في فرنسا, الولايات المتحدة, أو السنغال,...

ومخرجٌ من أصول أفريقية/أسيوية سوف يُدرج فيلمه في "المسابقة الأسيوية/الأفريقية" بغضّ النظر عن مكان إقامته في البرازيل, كندا, أو المملكة المتحدة,....

هذا الاختيار يتجاهل تماماً جنسية مصادر التمويل, وبهذا يصبح الفيلم الروائي القصير(الطريق إلى الشمال) لمخرجه الفرنسي/اللبناني كارلوس شاهين فيلماً "لبنانياً" من وجهة نظر مهرجان دبي, بينما تعتبره السلطات السينمائية الفرنسية "المركز الوطني للسينما", فيلماً " فرنسياً" خالصاً فقد تم إنتاجه عملياً من قبل مواطن فرنسي, وقانونياً من طرف شركة إنتاج فرنسية, وبتمويل صناديق دعم وطنية, ومحلية تغذيها أموال الفرنسيين.

عملية الاختطاف هذه هي التي دفعت بعض المهرجانات العربية في أوروبا لاعتبار الأفلام المُنتجة بتمويلٍ إسرائيلي فلسطينية, بحكم أصول مخرجيها, وبغض النظر عن مكان إقامتهم, أو جنسيتهم الحالية, إسرائيلية, أو مزدوجة.

ويبدو بأن هذه الإشكالية لن تجد حلا لهاً, وقد فرضت نفسها كأمر واقع.

والغريب بأن المهرجانات العربية وحدها هي التي تطبقها, لأنها لو استبعدت هذه الأفلام, فلن يتبقى لها ما تختاره من الإنتاج العربي الوطني التمويل( أو المُشترك).

بالنسبة لي, الإشكالية محسومة منذ زمن, وجنسية الفيلم تتبع مصادر التمويل المُنفردة, أو المُتعددة.

ولا أجد أيّ مبرر لإقحام الجنسية العراقية على فيلم فرنسي/الماني"فجر العالم", لمخرجه "عباس فاضل" الفرنسي الجنسية, العراقي الأصل الذي ترك بلده منذ أكثر من ربع قرن, وتخير العيش في بلدٍ آخر, وسوف يُكمل حياته فيها, ولا تهمّه السينما العراقية من قريبٍ, أو بعيد, ولكنه سوف يستغلّ تساهل المهرجانات العربية التي تعتبر فيلمه "عراقياً", وسوف يبتهج أكثر لو حصل على جائزة, بينما يتحسر المخرج العربي القابع في بلده, والذي لم تتوفر له مصادر تمويل مماثلة.

بشكلٍ عام, تنهج المهرجانات العربية طريقاً معاكساً للتوجهات الفكرية لمعظم المخرجين العرب المهاجرين من أوطانهم, أو مواطني الدول الأجنبية من أصولٍ عربية.

ومضمون فيلم " فرنسية" من إنتاج عام 2008 لمخرجته المغربية "سعاد البوهاتي" أفضل مثالٍ على ذلك, فالشخصية الرئيسية "صوفيا" التي وُلدت في فرنسا, عاشت طفولتها في المدينة التي كانت تقطن فيها مع عائلتها, ولكن أبوها يحنّ للعودة إلى بلده المغرب, لتجد "صوفيا" نفسها في تعمل في الحقل, وعلى الرغم من الحياة الهادئة الجميلة التي تعيشها في بلد عائلتها, كانت تنتظر بلهفةٍ حصولها على شهادة البكالوريا كي تعود إلى فرنسا, لأنها, ببساطة, تعتبر نفسها فرنسية, وتفعل عائلتها كل ما بوسعها لجذبها إلى أرض أجدادها بدون فائدة.

والأمثلة كثيرة عن أفلام تتطرق موضوعاتها لفكرة العودة الاختيارية, أو القسرية, وفي النهاية تختار الشخصيات منفردةً, أو مجتمعةً البلد الأوروبي الذي جاءت منه, ومنها الفيلم الروائي الطويل, "هنا, ولهيه/هنا, وهناك" من إنتاج عام 2005 للمخرج المغربي "محمد إسماعيل",

والفيلم الروائي القصير "سارة" لمخرجته البلجيكية/المغربية "خديجة لوكليرك", وهي أفلامٌ تجد من يتعاطف معها, ويُمولها في الغرب.

الشرق الأوسط في 2 يناير 2009

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)