كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

ضعف الحضور الجماهيري في مهرجان دمشق السينمائي ،هل هو تراجع الثقافة؟ أم تراجع المهرجان؟

نعمة خالد من دمشق

مهرجان دمشق السينمائي الدولي

الدورة السادسة عشرة

   
 
 
 
 

إن متتبع أيام مهرجان دمشق السينمائي، وقد مضى على افتتاحه أيام، سيرى أن الإقبال على الفعاليات يكاد يكون معدوماً، وعلى الرغم من وجود أفلام مهمة ، مثل تظاهرة فيلم السوق الدولية، وتظاهرة كلوديا كاردينالي، ودرر السينما الثمينة، إلا أن حضوراً لا يذكر لهذه الأفلام. ولعلي أذكر أن مهرجانات في دورات سابقة، وكان المهرجان إقليمياً، كان الزحام يصل إلى حدود عدم القدرة على الحجز لحضور فيلم. فأنا لم أتمكن من مشاهدة فيلم نجوم النهار للمخرج أسامة محمد في عرضه الأول في مهرجان دمشق السينمائي. بل لعل فيلم عطر الذي عرض في المهرجان الماضي، كان علينا أن نزاحم لحضوره.

ولئن أراد محمد الأحمد مدير المهرجان من دعوة نجوم السينما المصرية مثل فاروق الفيشاوي، وليلى علوي، ونبيلة عبيد ولبلبة، ونور الشريف، إضافة إلى ريتشارد هاريسون، وفرانكو نيرو، وكلوديا كاردينالي، أن يتحول المهرجان في بعض محطاته إلى كرنفال، فإن مثل ذلك لم يحصل. فقاعة فندق الشام شبه خاوية، إلا من بعض صحافيين يتسامرون دون أن يلقوا بالاً إلى نجم قد يتواجد في القاعة. حتى الفنانين قد تغيب معظمهم عن الفعاليات، وعن التفاعل مع زملائهم من النجوم.

إيلاف رصدت هذه الظاهرة، والتقت عدداً من المتواجدين، وكان لها التحقيق التالي:

الفنان قاسم ملحو ممثل مسرحي وتلفزيوني: بالمصادفة كان في قاعة الفندق، ربما ما أتى به عمل هو منصرف إلى بروفاته، وكما أظن هو عمل مسرحي. سألته: هل تتابع فعاليات المهرجان، وما رأيك بدورته هذه وقد تحول إلى مهرجان دولي؟

رد الفنان قاسم ملحو: لا أتابع بشكل كاف كما اعتدت في مهرجانات سابقة، لأسباب تتعلق بالعمل، ويقتصر حضوري على تظاهرة الفيلم الدولي. وأبحث عن الأفلام التي لا تتوفر في السوق. مثل الفيلم الإيراني أو التونسي، أو الروماني. الأفلام الأميركية متوفرة لذا لا أحضرها.

ومن الملاحظ أن دورة المهرجان هذه تفتقد إلى الحضور، فقاعة تتسع ل 400 شخص قد لا تجدين فيها أكثر من خمسين. بينما في دورات ماضية لم نكن لنجد أمكنة. 

من الملاحظ أيضاً أن الوسط الفني السوري لا يحضر، وهذا يعود إلى أسباب، فبلد المهرجان لا تفتخر بفنانيها، هناك فنانون كثر لم توجه لهم دعوات لحضور الافتتاح، ومن دعي لم يجد مكاناً ليجلس فيه. أقصد أن على إدارة المهرجان أن تفتخر بفنانيها الذين تركوا بصمة لا أريد أن أقول في السينما، وإنما في الدراما,

لم يكن للمهرجان تسويق في إطار شريحة الموظفين والطلاب والعمال، وهؤلاء هم الجمهور الحقيقي. المتواجدون هم فقط الضيوف، والإعلاميون وجزء من الوسط الفني.

برأيي على السينما أن تتطور لتشكل لها جمهورها، وهذا لن يتم إلا بدخول القطاع الخاص إلى السينما، تماماً كما حدث في الدراما، حيث أسست الدولة الأسس ضمن القطاع الرسمي، ثم كانت انطلاقة الدراما الخاصة التي شكلت ظاهرة وجمهورا، خاصة وأن العناصر الكفيلة بصناعة السينما موجودة. الرأسمال الخاص خائف، لأن مصير الشريط السينمائي مجهول، وهذا ما يجب الشغل عليه.

ماهر جلو: كاتب سيناريو ومسرحي وناقد: طرحنا عليه السؤال نفسه: فأجاب: 

لا لا أحضر، لأسباب شخصية، تتعلق بضغط العمل، وأخرى تخص المهرجان. تاريخياً إن المتابع لفعالياته، ومثل هكذا مهرجان يجب أن يستقطب المهتمين مهنياً وثقافياً، لكن هذا لم يحدث في هذه الدورة. ولعل ذلك مرتبط بالانحسار الثقافي بشكل عام في المنطقة. قد يمر المهرجان دون أن يترك أثراً. وقد لا أحزن إذا لم أتابع أي فيلم.

يبدو أن مستوى الأفلام لا يعبر عن مهرجان دولي إذا كان من المجدي إطلاق هكذا صفة. بل أعتقد أن القائمين عليه هو تحقيق مهرجان بأي طريقة، أي أن المهم هو الشكل لا المضمون.

عامر عويس: طالب طب أسنان: هل تابعت المهرجان؟ وما رأيك فيه:

لا لم أكن أعلم أن هناك مهرجانا. 

إذاً لم أنت قادم إلى صالة العرض في سينما الشام؟

لحضور فيلم "آسف على الإزعاج لأحمد حامي.

ألم تتابع الإعلان عن المهرجان في التلفزيون؟

أنا لا أتابع التلفزيون.

ثم راح يسأل عامر: هل عروض المهرجان في سينما الشام فقط؟ هل هناك أفلام عربية غير فيلم أحمد حلمي؟

أجبت عن أسئلته وتوجهت لسؤال شباب أربعة: هم: مايا زمزم، وهادي والي آغا، وليندا زمزم، ومجد شريفاتي، وكلهم طلاب ثانوية عامة، وقد تطابقت أجوبتهم: نحن نشاهد الأفلام على التلفزيون، لذا لا نتابع المهرجان، ثم أن السينما ليست من اهتماماتنا، نحن لا نحبها، نحن نحب الرقص في الديسكو.

الممثل مرشد ضرغام: أتابع بشكل مقبول. ويظهر أن مهرجان هذا العام يفتقد إلى الحرارة. هو أقل تألقاً من المهرجانات السابقة. في مهرجانات خلت كان هناك إقبال من كل الشرائح، كنا نشهد ازدحاماً أمام سينما الشام نفتقده اليوم. كثيرة هي العروض التي لم نكن نستطع حضورها، أو كنا نحضر في بعض الأفلام وقوفاً. هذه السنة لا أعلم ما هو سبب إحجام الجمهور عن الحضور. بل ربما هناك أسباب كثيرة: الأول مشترك يتعلق بتراجع الثقافة، والثاني اقتصادي وهو الأساسي في ظل تسونامي الاقتصاد. قد يعجز المواطن عن دفع 50 ليرة سورية ثمن بطاقة، وربما لايريد أن يخسر أجر عمل إضافي يساعده على ضنك العيش.

وهكذا بعد جولة إيلاف هذه يمكننا القول إن إدارة المهرجان لم تستطع أن تحقق ما تصبو إليه من المهرجان، والكثير من أحلامها قد ذهب أدراج الرياح على الرغم من تحويلها سعر البطاقة في سينما الشام من 150 ليرة سورية إلى خمسين. فهل تراجع الثقافة حقاً هو السبب؟  

موقع "إيلاف" في 7 نوفمبر 2008

 
 

'مازالت نجمة شباك'

نادية الجندي: السينما المصرية ضلت طريقها

دمشق - من حسن سلمان

'نجمة الجماهير' تبدي استعدادها للمشاركة في أي عمل درامي سوري وتنأى بنفسها عن 'الافلام المسطحة'.

قالت الفنانة المصرية نادية الجندي إنها تفكر بالعودة مجددا للسينما، مشيرة إلى أنها اتجهت للتلفزيون لأنها لم ترغب بالمشاركة في "أفلام غير هادفة ومسطحة".

وأشارت الجندي خلال مؤتمر صحفي عقدته في دمشق إلى أنها ما زالت "نجمة شباك السينما"، مؤكدة أن السينما المصرية في السنوات الأخيرة "ضلّت طريقها"، وهذا ما جعلها تتجه نحو التلفزيون، بعد أن عُرضت عليها أعمال تلفزيونية ذات قيمة فنية وأدبية عالية."

وأضافت "بعد فيلم الرغبة الذي حقق نجاحا كبيرا وسط هذا الكم الهائل من أفلام الكوميديا السطحية، اتجهت للتلفزيون منذ 8 سنوات وقدمت أعمالا مثل "مشوار امرأة" و"من أطلق الرصاص على هند علام" وحققا نجاحا كبيرا جدا في العالم العربي، والسبب أني قدمت تلك الأعمال بمفهوم سينمائي وبنفس جودة السينما."

وقالت الجندي الملقبة بـ"نجمة الجماهير" إنها حاولت خلال مسيرتها الفنية أن تجعل من الفن رسالة نبيلة، مشيرة بالمقابل الى أن الخيارات الفنية للفنان تنضب مع الزمن وعليه أن يُطوّر نفسه ويواكب العصر، وهو ما تحاول عمله الآن.

ونفت الجندي أن تكون الأعمال التي قدمتها مرتبطة بالمكان، مشيرة إلى أن أعمالها دخلت قلوب الناس لأنها طرحت قضايا تهمهم مثل الإرهاب والإدمان والمخدرات.

وأضافت "جميع الأفلام التي قدمتها كانت تناقش قضية هامة، مثل فيلم الضائعة الذي قدمت من خلاله صورة المرأة التي تهاجر خارج بلدها، والصعاب التي تواجهها عندما تهاجر من أجل لقمة العيش، إضافة إلى فيلم الباطنية الذي يعالج قضية المخدرات، حتى أن منظمة الصحة العالمية منحتني جائزة تقديرا لي لأني قدمت عدة أعمال ساهمت في محاربة المخدرات."

وأكدت الجندي أن السينما المصرية بدأت تستعيد ألقها في العامين الماضيين، اذ قدمت أعمالا نالت رضا الجمهور وأعادته لدور العرض، مشيرة إلى أن نجوم السينما عادوا إليها بعد أن هجروها لعدة سنوات بسبب رداءة الأعمال "الترفيهية" المقدمة.

من جانب آخر كشفت الجندي عن استعدادها للمشاركة بأي عمل درامي، مشيرة إلى أن الدراما السورية حققت نجاحا كبيرا وحجزت لنفسها مكانة كبيرة على الخارطة الدرامية العربية، مبررة ذلك بوجود عدد كبير من النجوم والمخرجين السوريين المبدعين.

وحول الهجوم الذي واجهه مسلسل أسمهان، قالت الجندي إن العمل قدم شخصية أسمهان بشكل جيد جدا، مشيرة إلى أنها مع تناول شخصية الفنان بموضوعية، مع ذكر السلبيات والإيجابيات، لأن "العمل الفني ينجح عندما يحتوي على مصداقية وموضوعية عالية، وهذا يقربه من الناس."

ميدل إيست أنلاين في 9 نوفمبر 2008

 
 

فيلم حسيبة: هل كان المكان بطلاً؟

نعمة خالد من دمشق

في إطار مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، كانت المشاركة السورية بفيلمين: الأول " حسيبة" للمخرج ريمون بطرس، والثاني:" أيام الضجر" للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد.فيلم حسيبة مأخوذ عن رواية الكاتب السوري خيري الذهبي، وكتب السيناريو له ريمون بطرس. يحاول الفيلم أن يرصد الواقع النسائي الدمشقي بالإضافة إلى التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الفترة الواقعة ما بين 1927 – 1950 .وعبر شخصية حسيبة التي أدتها باقتدار الفنانة سلافة فواخرجي، وعبر شخصية خالدية التي أدتها الفنانة جيانا عيد باقتدار أيضاً، وعبر شخصية مريم التي أدتها الفنانة مانيا نبواني، نطل على نماذج مختلفة من النساء الدمشقيات.

فحسيبة التي ترافق الثوار في الجبل، تأخذ من تجربتها هذه قوة الشخصية، ومحاكاة طاقات الرجال، سواء في القرار ، أو في العمل، وفي الوقت عينه تترك لمساحة الأنثى فيها أن تتجلى من خلال علاقتها بزوجها أبو عمر الذي يؤدي دوره الفنان سليم صبري، والذي سبق له أن تزوج، لكنه لم يرزق بأولاد.

وحسيبة هي ابنة صادق الثائر الذي يترك غزل الحرير ليلتحق بالثورة والذي أدى دوره الفنان طلحت حمدي.

بينما يعمل أبو عمر بالتجارة.

في بيت أبو عمر، تلتقي حسيبة بخالدية التي تفشل في زواجها المتعدد، والتي تحب عبده الشاب الذي يصغرها بسنوات. هذا الشاب الذي يترك فيها جرحاً لا يندمل من الرجال.

ولعل متتبع الفيلم سيجد أن كاتب السيناريو كان أميناً للرواية، ولم يرتق عبر المشاهد البصرية والأحداث إلى ما يتجاوزها كما حصل في فيلم العطر المأخوذ عن رواية العطر.

بل لعل الأذان الذي شكل لازمة في الفيلم، لم يرتق إلى مقولة لكل وقت أذان، بل كان يأتي في وقت لا يكون فيه تحولاً درامياً، سواء على المستوى الإنساني، أو السياسي، أو الاجتماعي.

ولم يفد المخرج من لعبة الفانتازيا الموجودة في الرواية والمتمثلة بشيخ البحرة، ما خلا تلك اللعنة التي تلاحق حسيبة لأنها كانت مع الثوار في الجبل، والتي أدت إلى موت كل مولود ذكر لها، فهي لا تحظ من زواجها بأبي عمر إلا بابنتها زينب.

يموت أبو عمر في دكانه، ولا يبق لحسيبة إلا ابنتها، وخالدية التي تسكن في بيت ثان. والتي تشكل لحسيبة الملجأ من  وحدتها.

ماهر صليبي الذي يمثل أحد أقارب أبو عمر، لا يظهر إلا إثر وفاة أبو عمر، ونعرف من خلال مظهره أنه مثقف. ويسعى لإيجاد مخبأ لفياض، الصحفي الذي يتهم بقتل الشهبندر، والمعارض للفرنسيين في مقالاته.

يلجأ فياض عن طريق ماهر صليبي إلى بيت حسيبة للتواري، فتقع زينب في حبه، كذلك تقع حسيبة في حبه، تطلق زينب حبها إلى علنه، بينما تعيش حسيبة حالة صراع داخلي نتيجة هذا الحب، يتجلى في رفضها زواج ابنتها من فياض، ثم وبعد أن توافق يتجلى هذا الصراع، في تلمس كل ما يمت لفياض بصلة، بدءاً من الملعقة التي يأكل بها، إلى شم قميصه، إلى الصراخ على ابنتها وفياض وهما يتسامران ويضحكان.

وإذا ما أردنا التوقف عند المشهدية البصرية سنجد أن الصورة لم تتجاوز نمطيتها عن البيئة الدمشقية، وإن شكلت البحرة التي تتوسط ساحة الدار في البيت الدمشقي جزءاً من بطولة فالبحرة تنجدل بالجسد وأحاسيسه، وتأخذ بعداً أسطورياً، عند اللجوء إلى التعاويذ التي تلجأ لها حسيبة وخالدية وأبو عمر للخلاص من لعنة شيخ البحرة، وعلى الرغم من الاشتغال على أبعاد متعددة لتلك البحرة إلا أنها لم تكن كافية لأن يتحول المكان في الفيلم إلى بطل كما جاء على لسان المخرج.

كما أن متتبع الفيلم لا يستطيع أن يجد مبرراً درامياً للتحول الذي يصيب حسيبة ابنة الثائر الذي يذهب إلى فلسطين ويستشهد هناك، وابنة الجبل الثائرة، ذلك التحول الذي يجعل منها ليس تاجرة فحسب بعد موت زوجها، بل تاجرة مستغلة لظروف الحرب، وما يرافقها من غلاء وفقدان للسلع.

فهي تخزن السكر لتبيعه بأضعاف مضاعفة. وتثور ثائرتها على فياض الذي يستلم مقاليد الأمور في الدكان، لأنه يشفق على الفقراء ويبيع بالدفع المؤجل لهم.

يسافر فياض إلى فلسطين، بعد أن يرزق بابنه هشام بسنوات، مما يدخل زوجته زينب في حالة من الغياب عن زمنها، بل إن زينب تحول جام غضبها على أمها حسيبة، وتحملها مسؤولية سفر زوجها، الذي لم يذهب إلا هرباً من كونه دكنجي. وكان أداء الفنان عامر علي، متميزاً، فقد استطاع أن يعطي شخصية فياض أبعاداً حقيقية لتحولاتها من صحفي إلى دكنجي.

يعود فياض من فلسطين، لكنه لا يعود لأسرته، ولا يبرر لنا المخرج سبب عزوف فياض عن عائلته، بل لعل هجمة الغضب من زينب على أمها حسيبة، ولازمة: دكنجي، لا تشكل مبرراً لعدم عودة فياض، خاصة وأنه رفض العودة إلى الصحافة إثر الاستقلال وآثر البقاء في الدكان.

بل لعلي أجرؤ وأقول أن الصورة التي سيطرت على الفيلم هي صورة تلفزيونية، لم تصل إلى رحابة الصورة السينمائية إلا في لقطات الفيلم الأولى حيث الجبل وامتداده، كذلك ثمة جماليات بصرية نشهدها في بيت خالدية الدمشقي، الذي عبر عن خصوصية من خلال الدرج وأصص النبات التي اصطفت على درجات السلم.

على أننا وعلى مدار الفيلم لم نشهد تحولاً لشخصية خالدية، فقد بقيت العمة التي تعيش على ذاكرة عبده، كذلك هو الحال بالنسبة لشخصية مريم" مانيا نبواني" التي لم يطلها التحول إلا بعد قتل زوجها لخرقه حظر التجول، حيث لجأت للعمل في البيت مثلها مثل أي إمرأة تعيش نفس ظروفها.

فأي تحولات للمرأة تلك التي رصدها الفيلم؟

وهل يكفي أن تدخن خالدية النارجيلة في البيت حتى يشكل ذلك مساحة تحرر لها؟

ولعل من نافلة القول أن فيلم حسيبة هو من إنتاج 2005 ، ولم ير النور إلا في مهرجان أبو ظبي أول مرة، ودمشق السينمائي للمرة الثانية، مما يعني أن المؤسسة العامة للسينما التي قالت أن إنتاجها يتراوح ما بين فيلمين أو ثلاثة، لم تنتج عام 2008 سوى فيلماً واحداً: هو أيام الضجر لعبد اللطيف عبد الحميد.

أخيراً يمكننا القول أن فيلم حسيبة، لم يستطع أن يتجاوز تجارب سينمائية سابقة، سواء على صعيد المشهدية البصرية، أو على صعيد المعالجة الدرامية والفنية، بل أجرؤ على القول أن فيلمي الطحالب والترحال للمخرج ريمون بطرس، هما علامة في المشهد السينمائي السوري أكثر من فيلم حسيبة الذي لم يشكل إضافة لا لتجربة المخرج ولا للتجربة السينمائية السورية.

موقع "إيلاف" في 9 نوفمبر 2008

 
 

سمعة "عيد ميلاد ليلى" سبقته إلى الصالات

الأفلام العربية تنافس بقوة على جوائز مهرجان دمشق

دمشق - علاء محمد

استأثرت الأفلام العربية بالمتابعة الجماهيرية واهتمام الخبراء والنقاد أمس الأول في اليوم السادس من مهرجان دمشق السينمائي السادس عشر، واستقطب الفيلم السوري (حسيبة) بشكل خاص الآلاف في أكثر من صالة عرض قبل عرضه الرئيسي مساء في صالة الكندي.

واستمر ابتعاد أعضاء لجان التحكيم عن أعين الصحافة منذ اليوم الثاني للفعاليات، في حين اعتبر الدكتور محمد الأحمد مدير المهرجان في كلمة مقتضبة ل”الخليج” أن المهرجان يسير وفق ما هو مرسوم له، وأن النجاح الكبير سيعلن مع نهاية الفعاليات وبشهادات عالمية على حد وصفه، ورفض الإفصاح أو التلميح عن أية تفاصيل مكتفياً بالقول: لست عضوا في لجنة تحكيم، لكنني أتواصل مع المتابعين.

استحوذ (حسيبة) للمخرج ريمون بطرس على ردود الأفعال، واعتبره كبير صناع السينما في سوريا الناقد والمخرج نادر الأتاسي رقماً صعباً في المسابقة، رافضا في الوقت ذاته توقع الترتيب الذي سيحققه الفيلم.

و(حسيبة) مأخوذ عن رواية للأديب السوري خيري الذهبي، ويتناول تحولات حدثت في سوريا في الفترة ما بين 1927 و1950 أي ما بين الانتداب الفرنسي للبلاد وفترة الانقلابات العسكرية في دمشق.

ويعرض الفيلم لمحاولات بعض النساء الدمشقيات تغيير الواقع الاجتماعي المورروث والمستمد من تقاليد منحازة للذكور.

وقال ريمون بطرس ل”الخليج”: إن حسيبة بطلة الفيلم تجسيد لحالة البلد في ذلك الزمن، فهي تمثل الإحباط ثم النجاح الذي تعقبه هزيمة، وهذا هو حال سوريا في تلك الفترة، انتداب فرنسي ثم تحرر واستقلال ثم انقلابات ألمت بالشعب والأمة.

كما يجسد الفيلم حقيقة البيئة الدمشقية في تلك الفترة، وكلف ذلك بناء أكثر من حي كامل لاستعادة نمط الحياة في زمان الأحداث.

وتوقع بطرس أن ينافس فيلمه الذي أنتجته المؤسسة العامة للسينما بقوة على الجائزة الأولى في مسابقة الأفلام الطويلة.

ويسجل للفيلم (حسيبة) أنه أول فيلم سوري بكاميرا ديجيتال، ويشارك فيه نخبة من نجوم سوريا وفي مقدمتهم سلاف فواخرجي وسليم صبري وجيانا عيد وطلحت حمدي.

ولم يمر عرض الفيلم المصري (خلطة فوزية)، الذي نالت بطلته إلهام شاهين جائزة عنه في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي في الشهر الماضي، مرور الكرام بالنسبة للمتابعة والمناقشة بين فعاليات اليوم السادس، فكراسي الصالة الرئيسية في دار الأوبرا امتلأت بالحاضرين من كل الأصناف .

ورأت بطلة الفيلم الفنانة إلهام شاهين في اقتضاب شديد ل”الخليج”: أن الفيلم “صنع ليحرز جوائز في أي مهرجان يشارك به”، كما أن النجم السوري المنتج فراس ابراهيم أشار إلى أهمية (خلطة فوزية) قبل أيام ورشحه لموقع متقدم من جوائز المهرجان.

ويعتبر (خلطة فوزية) لمخرجه مجدي أحمد علي تبيانا لإنسانية المهمشين في المجتمع وهو وصفة عاجلة وناجعة لتحرير المرأة الشرقية من بعض المحرمات الشرقية، كما يرى مخرجه.

وتدور أحداث الفيلم في بيئة مصرية عادية، ويكون لفوزية دور كبير في علاقات اجتماعية غير محبذة في المجتمع، فهي تتزوج أربع مرات وفي كل مرة تنتهي علاقتها بالطلاق إلا أنها تنجب ولدا من كل زوج وتحافظ على علاقتها الطيبة بطليقها.

ويمتزج في الفيلم البؤس مع الأمل بالرغبة والتمسك بفسحة العيش لهؤلاء البسطاء.

ويعتبر الحضور الجماهيري الكبير للفيلم عاملاً مساعداً له في نقاط تقييمه التي تعطى وفق معايير، أحدها الجمهور، عند فرز النتائج بعد أيام.

وعلق الفنان السوري طلحت حمدي أحد نجوم (حسيبة) على (خلطة فوزية) بالقول: سبقته سمعته ومن الطبيعي جدا أن ينافس.

وكانت الصالة الرئيسية في الأوبرا شهدت عرض فيلم مغربي مثير هو (قلوب محترقة) للمخرج أحمد المعنوني تدور القصة حول حياته الشخصية ما يذهب بالفيلم إلى خانة أفلام الاعترافات الشخصية التي نادرا ما يدلي بها الشخص بحقيقتها الكاملة. وهذا ما قد يمنح الفيلم نقاطاً إضافية عن غيره من أفلام المسابقات الطويلة التي وإن كانت واقعية، إلا أنها تتطرق لمسائل عامة وليست شخصية.

ويبدأ الفيلم بعودة أمين من فرنسا إلى بلده الأصلي المغرب فيبحث عن خاله الذي تربى عنده في مرحلة الطفولة ولقي معاملة قاسية منه فيها الألم والدموع والطعن.

ويعثر أمين على خاله وهو يحتضر في المستشفى، فيحاول الخال استعطاف الولد طالبا الصفح والسماح، لكن ذكريات الماضي المؤلم تحول دون ذلك، فيموت الخال ويدفن فيزيد أمين من كميات الإسمنت على قبر خاله ظنا منه بأنه بهذا التصرف سيمنع الهواء من الدخول إلى لحد ميت لا يحتاجه في الأساس.

وأخيرا يأتي عزيزي وهو صديق أمين فينصحه بترك الماضي ونسيانه فتكون الموسيقا والغناء هما الحل لمشكلته.

وكان (قلوب محترقة) نال الجائزة الأولى في مسابقة الأفلام الوطنية بمهرجان طنجة عام ،2007 ورشحه مخرجه المعنوني للفوز بجائزة مهمة في مهرجان دمشق، في منافسة “حسيبة” و”خلطة فوزية”.

الفيلم الآخر الذي شد الجمهور إلى الصالة الرئيسية

كان الفيلم الفلسطيني (عيد ميلاد ليلى) لمخرجه رشيد مشهراوي الذي أنجز السيناريو بنفسه.

ويلعب محمد بكري وعرين العمري ونور زغبي بطولة الفيلم الذي يمتزج فيه الخيال وبالواقع الفلسطيني المرير في ظل الاحتلال “الإسرائيلي”.

وتدور أحداث الفيلم حول قاض سبق له أن عمل في بلد عربي لمدة 10 سنوات قبل أن يستدعيه بلده المحتل للقيام بالواجب تجاهه، لكنه يفاجأ باستحالة تحقيق العدالة وتطبيق القانون في فلسطين في ظل سيطرة الاحتلال الصهيوني على حركة البلاد، فيهجر القضاء ليعمل سائق تاكسي.

وفي يوم عيد ميلاد ابنته ليلى، تطلب زوجته منه العودة إلى البيت مبكرا للمشاركة في الحفلة، لكن فوضوية الشارع الفلسطيني جراء الاحتلال تأخذ القاضي السائق في اتجاهات أخرى قبل العودة، تلك الاتجاهات هي تفاصيل العمل .

وسبق لهذا الفيلم أن خطف الأضواء عند عرضه في مسابقة مهرجان قرطاج قبل أيام، وفاز بالتانيت الفضي للأفلام الروائية الطويلة كما حاز جائزة “اللؤلؤة السوداء” في مهرجان الشرق الأوسط للسينما مع 75 ألف دولار كمكافأة مالية وبالتالي هو فيلم مسبوق بسمعة طيبة قد تفيده في مهرجان دمشق.

يقول المشهراوي حول فيلمه: (ليلى هي تجسيد للمواجهة ما بين قاض مؤمن بالعدالة والقانون وبين فوضى يولدها الاحتلال، حاولت صنع بعض الأمل بإلقاء بعض الضوء على عناصر تعد إيجابية في المجتمع الفلسطيني من خلال الخيال ليس إلا).

حضور إيراني ب “أغنية العصفور”

شهدت الصالة الرئيسية أيضا عرض ثلاثة أفلام أخرى أحدها إيراني وهو (أغنية العصفور) للمخرج ماجد مجيدي الذي تولى أيضاً كتابة السيناريو وإنتاج الفيلم الذي يتخذ جوانب اجتماعية نفسانية وهو من النوع الروائي بالتحديد.

ويلعب الممثل الإيراني رضا ناجي دور البطولة المطلقة فيه ويشاركه التمثيل مريم اكبري وقمران ديغان وحامد أغزاي وشابنام أكلاغي ونشأت نازاري.

ويلعب الفقر الدور الأكبر في نسيج القصة التي تبدأ بطرد كريم (نجم الفيلم) من عمله في مزرعة لتربية طيور النعام بسبب هرب أحدها، ويتجه نحو البحث في القمامة والخردة جل وقته ناسياً كل واجباته البيتية فيتجاهل زوجته وابنته تماما كما يتجنب محيطه من الجوار والأصدقاء.

وبينما لا يجد كريم نفعاً من عمله في القمامة يعمل سائق تاكسي في النهار من دون أن يترك عمله في القمامة ليلاً ويقرر في الوقت ذاته أن يبحث عن طير النعام الهارب عله يكون سببا في عودته إلى عمله لكن بلا جدوى.

وفي إحدى المرات وبينما هو يبحث في الخردة يتعثر فتكسر قدمه، وهنا يهب أهل الحي من جيران وأصدقاء لمساعدته والعطف عليه، فيعود إلى رشده بعد أن يتبين أنه لا يجوز بالمطلق أن يتجاهل المرء محيطه مهما ألمت به الظروف. و”أغنية العصفور” هو الفيلم الوحيد الذي

تشارك إيران به في المهرجان، وعلق النجم السوري سليم صبري عليه بالقول: الفيلم جيد وفكرته جيدة، لكن كثرة الأفلام المشاركة في المهرجان قد تؤثر في تقدمه في

المسابقة.

ورأى الممثل السينمائي والمسرحي السوري فايز قزق عكس ذلك قائلا: (السينما الإيرانية اعتادت على تحقيق المفاجآت في اللحظات الأخيرة في مهرجانات عالمية كبيرة، “أغنية العصفور” أهم بكثير من أفلام إيرانية حققت نجاحات مبهرة، وسيكون له تواجد في حسابات لجان التحكيم”.

 “جنون” نموذج لسينما تتفوق

في الصالة نفسها عرض الفيلم التونسي (جنون) الحائز على إحدى جوائز مهرجان كان في مسابقة الأفلام الطويلة، ومنع عرضه في تونس لأسباب تتعلق بمشاهد جنسية مكثفة فيه.

ويلعب النجم محمد علي بن جمعة دور البطولة مع جليلة بكار وفاطمة سيدان وصالحة نصراوي وعواطف جنيدي وبسمة العيوشي . وتأتي كثافة النجوم في الفيلم لكثرة أفراد العائلة التي يتناولها، إذ يكون الشاب (نون) فردا في عائلة تتألف من 11 شخصا منهم اللص والمجرم وفتاة الليل. ويكون الأب موظفا في الجمارك ومتناقضا في تركيبة حياته الخاصة، فهو السكير والقاسي على الأولاد من جهة وهو المواظب على تأدية العبادات من جهة أخرى.

وفي يوم خطوبة شقيقة نون، ومع بدء قراءة الفاتحة من قبل المأذون، يصاب نون بانفصام حاد في الشخصية ما يؤدي إلى نقله لمستشفى الأمراض النفسية. وهناك تلعب خبيرة الأمراض النفسية دورا مهما في معالجة نفسية نون فتغير كل شيء في حياته وتعيد العلاقة بينه وبين محيطه وعائلته من جديد ليصبح أكثر تقبلاً للواقع بمساوئه ومفاجآته.

وتوقع الكاتب والناقد السوري حسن م يوسف أن يحرز (جنون) جائزة مهمة، إن على مستوى العمل ككل، أو على مستوى أفضل ممثل من خلال الأداء الاحترافي للنجم محمد علي بن جمعة بطل الفيلم.

فرص “أيام الضجر” تزيد

زادت فرص الفيلم السوري “أيام الضجر” بحصد إحدى جوائز الأفلام العربية بعد عرضه أمس الأول في الصالة الرئيسية لدار الأسد للثقافة والفنون (الأوبرا) بحضور جمهور غفير ملأ الكراسي بالكامل. وهذا ما وصفه المخرج الفلسطيني رشيد المشهراوي بالعامل المساعد لأي فيلم يريد النجاح مؤكدا أن الجمهور رقم أساسي في تحديد قوة أي فيلم قبل البحث في نوعيته أو جودته.

وعبر عبد اللطيف عبد الحميد مخرج الفيلم عن سروره بحجم المتابعة الجماهيرية قائلا: صنعنا الفيلم للجمهور. وها هو على الموعد.

و”أيام الضجر” هو ثاني فيلم سوري بعد “حسيبة” يدخل المسابقة الرسمية في المهرجان إضافة إلى فيلمين يعرضان على هامش المهرجان هما “سبع دقائق إلى منتصف الليل” و”دمشق يا بسمة الحزن”.

ويركز أن “أيام الضجر” على فترة الوحدة بين سوريا ومصر، ويتناول حالة عائلة سورية تنتقل للعيش من الجبهة في الجولان إلى المنطقة الساحلية أثناء رسو الأسطول الأمريكي على سواحل المتوسط.

ويلعب النجم الشاب محمد الأحمد دور البطولة ومعه الفنان ريم علي ومجموعة من الأطفال.

وتوقع الناقد السوري نجيب نصير أن يخدم (أيام الضجر) الحصيلة السورية في المهرجان عند توزيع الجوائز.

الخليج الإماراتية في 9 نوفمبر 2008

 
 

مهرجان دمشق يُختتم غداً:

دورة العنف والعزلة والهزائم

دمشق ــــ خليل صويلح

عشرة أيام لا تكفي لترميم العطب الذي أصاب المشاهدة السينمائية في سوريا، من عبد اللطيف عبد الحميد إلى مجدي أحمد علي، مروراً بالإيراني مجيد مجيدي... من دون أن ننسى تاركوفكسي وسكورسيزي: حقنة موقتة ضد التصحّر!

ستفوت متابع عروض «مهرجان دمشق السينمائي» في دورته الـ 16 الذي يُختتم غداً أفلام مهمة، لن يتمكّن من حضورها، بسبب ازدحام التظاهرات الموازية لأفلام المسابقة الرسمية... كاستعادة أفلام أندريه تاركوفسكي وزانغ ييمو، ومارتن سكورسيزي. لكنّ عشرة أيام من السينما لن ترمّم العطب الذي أصاب واقع المشاهدة السينمائية في سوريا، بعدما أغلقت معظم الصالات أبوابها. هذه الفسحة إذاً، هي بمثابة حقنة موقتة ضد التصحّر. لعلها اللعنة التي أصابت المدينة التي تخيّلها خوسيه ساراماغو في روايته «العمى» وتحوّلت إلى فيلم بالاسم نفسه للبرازيلي فرناندو ميريليس. في الشريط الذي عُرض في البرنامج الرسمي تتفشّى عدوى العمى بين سكان مدينة، فتبادر الحكومة إلى وضع العميان في معزلٍ خاص، لنتعرف إلى مجتمع آخر يعيد إنتاج العنف بأقسى صوره. كأنّ عمى البصر أصاب البصيرة أيضاً. هكذا حين ينفد الطعام، يخرج العميان إلى المدينة ليكتشفوا أنّها مهجورة منذ زمن. هذا ما تكتشفه زوجة الطبيب التي دخلت المعزل برفقة زوجها مدعية العمى، فتقود مجموعة من العميان إلى بيتها ليكونوا أسرتها الجديدة، وحالما تستيقظ أرواحهم على الحب والألفة، يستعيد الأعمى الأول بصره، وتنتعش آمال الآخرين باستعادة حيواتهم القديمة.

في الشريط التشيكي «قوارير مستعادة» لجاك سفيراك، يقرّر مدرّس عجوز ضجر التعليم أن يهجر مهنته ويغيّر مجرى حياته بالتواصل مع بشر آخرين، فيتنقّل بين مهن عدة، آخرها استعادة القوارير الفارغة من زبائن السوبر ماركت الذي يعمل فيه، ما يتيح له التعرّف إلى بشر من شرائح متباينة، وإنشاء علاقات عميقة معهم، ويتمكّن أخيراً من الانتصار على عزلته في معالجة سينمائية أخّاذة.

الألفة المفتقدة هي محور الشريط المصري «خلطة فوزية» لمجدي أحمد علي. تجول الكاميرا في أحد العشوائيّات المحيطة بالقاهرة، لتحط رحالها عند بشر أنهكتهم الحياة، ورغم بؤس العيش يسعون لاقتناص أي دفقة فرح، وهو ما تحاول فوزية (إلهام شاهين) تحقيقه، فهي حالما تتلمّس لحظة حنان من أي رجل، تتزوّجه، لكنها سرعان ما تكتشف خطأ خيارها. هكذا تخوض خمسة زواجات تنتهي بحودة (فتحي عبد الوهاب) الذي سيجد نفسه في عالم غرائبي تفرضه حياة العشوائيات التي هي بلا سقف، إذ يجتمع أزواج فوزية السابقون كل خميس لزيارة أولادهم، ويتناولون الطعام على مائدة واحدة. فيلم تهكمي وساحر لولا الإطالة في بعض تفاصيله، والمسحة الميلودرامية التي صبغت الجزء الأخير منه.

في «أيام الضجر»، يواصل المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد أسلوبيته في استرجاع ذكريات طفولة بعيدة، سبق أن عالج جوانب منها في أفلامه، وخصوصاً «ليالي ابن آوى». وهنا يربط جغرافيات متباعدة في شريط واحد، فتدور أحداث الفيلم بين الجولان والساحل السوري، على خلفية الاحتفالات بالوحدة السورية المصرية 1958، وإذا بشعارات تلك المرحلة تشبه ما يحصل اليوم بالتفاصيل ذاتها، كأنّ عجلة الزمن لم تتحرك، في ضجر طويل يقود أربعة أطفال لأب عسكري إلى مغادرة مرتع طفولتهم إلى قرية ساحلية، لكن الضجر سيلازم يومياتهم ويطارد أحلامهم التي اغتالتها الهزائم والانكسارات. لعل الدبابة المعطّلة التي تجثم قرب البيت إشارة لافتة إلى وقائع تلك المرحلة المستمرة إلى اليوم، بصرف النظر عن الغليان (الصوتي؟) الذي كان يدور في شوارع المنطقة العربية. وهذا ما نجده في الشريط الفلسطيني «عيد ميلاد ليلى» لرشيد مشهراوي، وإن جاء الاحتجاج من موقع مغاير، ففيما تسير حياة سائق تاكسي (محمد بكري)، بمشية عرجاء، وسط فوضى الحياة في مدينة رام الله المحاصرة، تكرر الإذاعات العربية بياناتها في الشجب والتنديد بالعدوان الإسرائيلي الذي يجثم منذ عقود في فلسطين بالأسطوانة ذاتها.

سائق التاكسي هو أيضاً بطل «أغنية عصفور الدوري» للإيراني مجيد مجيدي، حيث ينخرط في حياة العاصمة، وسط عالم صاخب، بعدما طُرد من عمله في مزرعة لتربية طيور النعام، لكن حادثة يتعرض لها، تعيده إلى قريته، ليتأمل حياته البسيطة من جديد، بالتأكيد على قيم كثيراً ما رصدها صاحب «أطفال الجنة» في أفلامه كالقناعة والتسامح والغفران.

الأخبار اللبنانية في 10 نوفمبر 2008

 
 

الحارة الشامية وصلت إلى السينما

بعد «باب الحارة» و«أهل الراية» و«أولاد القيمرية»

منار ديب

لم تعد حمى الدراما البيئية الدمشقية تقتصر على التلفزيون. وها هي الشاشة الكبيرة تغرفُ من التاريخ لمجاراة الموضة: من «حسيبة» إلى «دمشق يا بسمة الحزن»... هل تنجح سلاف فواخرجي وطلحت حمدي وجيانا عيد في سحب البساط من تحت أقدام «العكيد» و«أم عصام»؟

إذا كانت البيئة الدمشقية قد أصبحت العنوان الأبرز في الدراما السورية في السنوات الأخيرة، فإن هذه البيئة تأخَّرت حتى وصلت إلى السينما السورية القليلة الإنتاج أصلاً. أما سياق ظهور أفلام تتناول هذه البيئة، فهو اختيار دمشق عاصمة للثقافة العربية في عام 2008، وسعي المؤسسة العامة للسينما للإسهام بهذه الاحتفالية على طريقتها. ويجيء ذلك أيضاً، في إطار توجه للمؤسسة، يهدف إلى تحويل عدد من الأعمال الروائية السورية إلى أفلام، في محاولة للابتعاد عن أفلام السيرة الذاتية وسينما المؤلف التي سادت طويلاً.

«حسيبة» للمخرج ريمون بطرس عن رواية خيري الذهبي (التي تحمل الاسم نفسه)، و«دمشق يا بسمة الحزن» للمخرج ماهر كدو عن رواية للأديبة الراحلة ألفة الإدلبي بالاسم نفسه... فيلمان جديدان عرضا في مهرجان دمشق السينمائي الذي انطلق في 1 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي ويستمر حتى 11 منه (راجع الصفحة 19). شارك الأول في المسابقة الرسمية، والثاني في البرنامج الرسمي. ولدى المؤسسة، مشروع فيلم مع المخرج سمير ذكرى، عن رواية غادة السمان «الرواية المستحيلة: فسيفساء دمشقية».

«حسيبة» سبق لها أن تحولت إلى مسلسل تلفزيوني عُرض قبل عامين، أخرجه الأردني عزمي مصطفى وأدت بطولته أمل عرفة. ولـ«دمشق يا بسمة الحزن» نسخة تلفزيونية أخرجها لطفي لطفي وعرضت عام 1993. وقد رأينا في السينما المصرية كيف يسبق تحويل رواية إلى السينما ظهورها على التلفزيون، وأبرز الأمثلة الناجحة ثلاثية نجيب محفوظ «بين القصرين» مع حسن الإمام ثم مع يوسف مرزوق. لكن ثلاثية خيري الذهبي «حسيبة، فياض، هشام»، مع فارق التشبيه، لم تتحول إلى جزء من الوجدان العام، وهي بالكاد مقروءة، رغم أن العملين يتناولان البيئة التقليدية ومجتمع الحارة. وسورياً، تحوّل عمل بيئي كوميدي شهير في الماضي من التلفزيون إلى السينما هو «صح النوم» لدريد لحام ونهاد قلعي. وبالمحصلة، ليست هذه الموضوعات هي الأكثر ملائمة للسينما، وغالباً ما تقع على هامشها.

أما بالنسبة إلى فيلم «حسيبة»، فتؤدي بطولته سلاف فواخرجي مع المخرج الذي ظهرت معه للمرة الأولى في فيلم «الترحال» (ريمون بطرس). وهي هنا تمارس قدراً كبيراً من الاجتهاد، لكن عدم جاذبية النص، ومعالجة السيناريو التي اقتربت من كونها بانوراما سريعة لمقاطع من الرواية ـــــ رغم طول الفيلم ـــــ جعلت هذا الجهد يضيع في شريط، لا تعرف من أين بدأ وكيف انتهى. وإذا كان اسم سلاف قد أعطى زخماً للفيلم، وخصوصاً مع عزوف النجوم السوريين عن العمل في السينما (يشارك في العمل فنان فقد الكثير من بريقه، هو طلحت حمدي، وممثلة تكاد تكون منسيّة هي جيانا عيد، ووجه شاب هو كندة حنا). إلا أن هذا النوع من «باب الحارة» السينمائي، لم يكن لديه الكثير ليقدمه، رغم تأكيد الجانب التاريخي، والعرض لصفحات مقاومة المستعمر الفرنسي، والإشارة إلى قضية فلسطين. فهذا الخطاب الذي أكل الدهر عليه وشرب، لم يعد يجذب المُشاهد، وتبقى فضيلة إبراز دور المرأة، وإن كنا هنا لا نزال ندور في فلك الطروحات والأفكار، لا الدراما السينمائية.

فيلم «دمشق يا بسمة الحزن» لماهر كدو، من بطولة طلحت حمدي وكندة حنا ومي سكاف، مع عدد من الوجوه الشابة. وهو يستند إلى رواية تشبه سيرة ذاتية للكاتبة الراحلة ألفة الإدلبي، ويروي سيرة صبرية الفتاة الدمشقية المتعلمة والطموحة التي تعاني وطأة التقاليد، وتفقد أخاها وحبيبها في خضمّ كفاح الاحتلال الفرنسي، وهي التي تبقى مخلصة لبيت العائلة القديم بما يحمله من رمزية، فيما ينفض أخوتها عن الأب المريض الذي سيموت تاركاً إياها للوحدة والأحلام. الفيلم لا يقول شيئاً على المستوى السينمائي، وهو يخلص للرواية بشدة، ضمن إمكاناته الإنتاجية المتواضعة في صناعة المشاهد واختيار كاست الممثلين.

فيلمان لم يقدما إضافة فنية، ولا يمكن المراهنة على جماهيريتهما، إذا وجدا طريقاً للعروض التجارية، أسوة بالدراما التلفزيونية. وإذا كانت المهمة الاحتفالية منهما قد أنجزت، فإن المكان الطبيعي لهما قد يصبح... الأرشيف!

«بيت جدي»

بعد نجاح الجزء الثاني من مسلسل «باب الحارة» في رمضان 2007، اجتاحت الشاشة الصغيرة في موسم 2008 مسلسلات البيئة الشامية، لكنها حققت حضوراً أقل. غير أن صنّاع الدراما ما زالوا يراهنون على تكريس حضور هذه الأعمال، وخصوصاً أن الشاشات العربية تبدي تلهّفاً على شرائها. لذا، بعد إصرار المخرج بسام الملا على تقديم جزء رابع من «باب الحارة» في رمضان 2009، ها هو مروان قاووق (مؤلف «باب الحارة») يقدم جزءاً ثانياً من المسلسل التراثي «بيت جدي»، لكن من إنتاج ليبيا هذه المرة. والعمل الذي شارك في بطولة نسخته الأولى كل من بسام كوسا وأسعد فضة ووفاء موصللي، يدور في حي الميدان الدمشقي أيام الانتداب الفرنسي. يذكر أن ليبيا بدأت تخترق المشهد الإنتاجي الدرامي العربي.

7 دقائق إلى منتصف الليل

فيلم للمخرج وليد حريب، يعرض اليوم ضمن البرنامج الرسمي لمهرجان دمشق السينمائي. مع قصي خولي ونادين سلامة، تدور الأحداث في بيئة عصرية عبر قصة حب بين زوجين، تهزها الخيانة ولا يبقي من رابط بينهما، إلا موعد جرعة الدواء اليومية.

21:30 في «سينما الشام»

الأخبار اللبنانية في 10 نوفمبر 2008

 
 

أكثر من 300 فيلم.. ومشاركة أكثر من 45 دولة عربية وأجنبية

تظاهرات فنية وسينمائية وحضور عالمى مميز بمهرجان دمشق 

دمشق: سفيان أحمد

بدأت الأسبوع الماضى فى الأول من نوفمبر فعاليات الدورة السادسة عشر لمهرجان دمشق السينمائى الدولى، التى تمتد حتى الحادى عشر من نفس الشهر، حيث شارك بالمهرجان خمس وأربعون دولة من مختلف قارات العالم، أمريكا وايطاليا وألمانيا وفرنسا وإيران وتركيا والنمسا وسويسرا وأسبانيا والجزائر ومصر والمغرب واليابان وفلسطين وتونس، بإضافة إلى سوريا بفيلمين، حيث يبلغ عدد الأفلام الطويلة المشاركة 268 فيلما، أما الأفلام القصيرة فبلغت (56) فيلما، وللمرة الأولى تم استحداث لجنة تحكيم خاصة بالفيلم العربى برئاسة الفنان دريد لحام وعضوية السى فرنينى من لبنان ولبلبة من مصر وفاطمة خير من المغرب بالإضافة للجنتى تحكيم مسابقة الفيلم الطويل برئاسة ايف بواسيه من فرنسا وعضوية كارمن لبس من لبنان وايستر اورتيجا من إسبانيا وايتالو سبينيللى من ايطاليا ومنال عمارة من تونس وداليا البحيرى من مصر وباسل الخطيب من سوريا، ولجنة لتحكيم مسابقة الفيلم القصير برئاسة رونالد تريش من ألمانيا وعضوية مجيدة بن كيران من المغرب وآمال عثمان من مصر ونجيب نصير من سوريا. وكان الناقد السينمائى محمد الأحمد وبصحبته مديرة العلاقات العامة دينا باكير، قد عقد مساء الاثنين الماضى مؤتمرا صحفيا بحضور مراسلى وكالات الأنباء العربية والدولية وبمناسبة الإعلان عن مهرجان دمشق السينمائى بدورته السادسة عشرة فى الفترة من 1 إلى 11 نوفمبر الجارى. طرح خلاله العديد من القضايا السينمائية التى يناقشها المهرجان، ومعلومات حول واقع السينما السورية والمشكلات التى تواجهها وخفايا مهرجان دمشق، وكان الناقد محمد الأحمد واضحا فيما طرحه وهاجم مدعيى النجاح الذين يحاولون النيل من نجاحه شخصيا ونجاح المهرجان عموما مشيرا أن المهرجان ليس لمحمد الأحمد لمهاجمته وإنما لسوريا ومن يرد مهاجمته فليأتى لمكتبه لان من الظلم الكبير والشديد مهاجمة المهرجان وجهود أفراده الذين عملوا المستحيل لإخراجه بالشكل المطلوب والمأمول وتمنى الأحمد من الصحفيين توخى الحذر والأمانة فيما ينقلون عن المهرجان مؤكدا أهمية دور الإعلام فى إنجاح فعالياته عربيا ودوليا خاصة بعد المكانة المرموقة التى حققها المهرجان والتطور الذى شهده من مهرجان إقليمى لدولى ثم من مهرجان يقام كل سنتين لمهرجان دولى يقام كل عام مبرزا أهميته فى إقامة حراك ثقافى وفكرى واجتماعى وسياحى مهم لدمشق. وحول فعاليات المهرجان أشار الأحمدإلى انه بلغ عدد أفلام مسابقة الفيلم الطويل 23 فيلما من 19 دولة، تشارك الدول العربية فيها بتسعة أفلام من بينها فيلمان لسوريا هما (حسيبة) للمخرج ريمون بطرس و(أيام الضجر) للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد، ويذكر أن الفيلمين السوريين (دمشق يا بسمة الحزن) للمخرج ماهر كدو، و(سبع دقائق إلى منتصف الليل) للمخرج وليد حريب، سيتم عرضهما على هامش المهرجان، كما ضم المهرجان تظاهرات سينمائية عديدة مرافقة للمهرجان وهى (أوسكار أفضل فيلم وعددها ثلاثون فيلما من حقب متعددة ومتنوعة، البحر فى السينما، البرنامج الرسمى ويعرض 19 فيلما حازت جوائز عالمية، الرواية والمسرح فى السينما السورية، وتظاهرة المخرج مارتن سكورسيزى الذى يعد من ابرز مخرجى العالم وسيعرض المهرجان له 18 فيلما، وتظاهرة السينما السويسرية خلال عرض 12 فيلما، وتظاهرة سوق الفيلم الدولى الذى يقدم آخر نتاجات السينما العالمية الحديثة وعدد أفلامها 45 فيلما، وتظاهرة السينما المصرية 2008 وتعرض بها 7 أفلام جديدة أبرزها "ليلة البيبى دول" لعادل أديب و"جنينة الأسماك" ليسرى نصر الله، وتظاهرة المخرج أندريه تاركوفسكى، وتحية إلى روح المخرج العالمى يوسف شاهين، وتظاهرة "درر السينما الثمينة" ويعرض خلالها عشرون فيلما من ابرز الأفلام العالمية، وتظاهرة السينما الهندية خلال عرض 8 أفلام، وعروض خاصة لأفلام المخرج الصينى "زانغ بيمو"، وتظاهرة المخرج عبد اللطيف عبد الحميد وذلك بعرض جميع أفلامه، وعروض خاصة من أفلام المكرمين، وتظاهرة النجمة السويدية "جريتا جاربو"، وتظاهرة "فيروز والسينما" بعرض جميع أفلامها المصرية واللبنانية، كما لم ينس المهرجان الاحتفاء بعرض أفلام الراحلين منهم مها الصالح، والمخرج جول داسان، والمخرج سيدنى بولاك والممثلة ديبورا كير، والممثل ريتشارد ويدمارك. وكعادة المهرجان فى كل عام تم تكريم النجوم العرب والأجانب الذين اثروا السينما منهم النجم النجم أيمن زيدان، والمخرج هيثم حقى، والنجمة سلاف فواخرجى، والفنان سليم صبرى، وفاطمة خير، ومها الصالح، والكاتب حسن م.يوسف، يوسف دك الباب ومن مصر النجمان نور الشريف ونادية الجندى، والناقد سمير فريد، ووليد توفيق من لبنان، ومن النجوم العالميين ريتشارد هاريسون، ويان سفيراك، وفرانكو نيرو، وكلوديا كاردينالى، وماريان باسلر كاثرين دونوف. وكان فيلم الافتتاح التركى (ثلاثة قرود) الحائز على جائزة أفضل إخراج فى مهرجان "كان" لعام 2008 ويعتبر هذا العرض هو العرض العالمى الأول له وهو من إخراج نورى بيلج سيلان، أما فيلم الختام ـ بعد غد الثلاثاء ـ فسيكون برازيليا وهو "فرقة النخبة" الحائز على جائزة الدب الذهبى فى مهرجان برلين (2008).

العربي المصرية في 10 نوفمبر 2008

 
 

مهرجان دمشق السينمائى يحتفى بأندريه تاركوفسكي

دمشق- العرب أونلاين- وكالات: اختصت الدورة السادسة عشرة لمهرجان دمشق السينمائى الدولى بتقديم تظاهرة أفلام المخرج الروسى الكبير أندريه تاركوفسكى وذلك فى القاعة المتعددة الاستعمالات فى دار الأسد بدمشق. 

وتضمنت أفلامه طفولة إيفان.. أندريه روبلوف.. سولاريس.. المرآة.. المقتفي.. حنين.. القربان. 

ويعتبر تاركوفسكى من أهم رواد سينما الحقيقة الروسية التى تستخدم الكاميرا السرية والأسلوب التعبيرى فى التصوير ويعتمد بشكل مباشر على التصوير فى الشوارع والبيوت الحقيقية وليس وسط ديكورات الإستديو المتحركة حيث بدأ أندريه مسيرته الفنية بفيلم المدحلة والكمان1961 ثم تلاه فيلم طفولة إيفان 1962 وأندريه روبلوف1971 وتم تصويرهما بالأبيض والأسود لينتقل بعدها إلى اللون فى فيلمه سوليارس1972.

وتتجلى فى هذه الأفلام نزعة تاركوفسكى فى إعادة تكوين الأشياء بالقدر الملموس أى الوقائعية فى تصوير الأرضية والملامح الطبيعية للشخصيات.

كما يمكن أن نلاحظ فى أفلام تاركوفسكى تلك الرغبة الشديدة التى سميت حينذاك باللادرامية أو الحد من الدرامية التى تعتمد على البداية والذروة والنهاية فلا وجود للحبكة فى أفلام تاركوفسكى بل هناك أحداث تجرى فى وسط معين وتنتهى فى النقطة العليا فى تطور الأحداث وهى الذروة التى تنهى الصراع دون مقدمات أو استهلالات حوارية أو مطولات فى الوجد واللوعة والرومانسية. 

وتقوم لغة تاركوفسكى السينمائية على أن السينما خلافاً عن الفنون التصويرية الأخرى كالرسم والغرافيك والتصوير قادرة على استرجاع الحركة ولذلك ركز فى أفلامه على ديناميكية الشيء وإيقاع حركته كما كان يؤءكد دائماً الإيقاع هو العنصر المكون للسينما فإحساس الإيقاعية فى اللقطة يشبه الإحساس بالكلمة الصادقة فى الأدب. 

دخل تاركوفسكى عالم السينما الاحترافية بفيلم طفولة إيفان الذى يدل على ثقة المخرج بنفسه وصلابة موقفه الإبداعى لأنه يطرح أفكاراً جديدة وسيلتقى مع فيلمه الأخير القربان ففى الأول يفقد البطل بيته وتنتزع الحرب بيت إيفان أما فى الثانى يحرق ألكسندر بيته بيده كما توجد صلة أخرى بين هذين الفيلمين تتمثل بموضوع المرآة التى ستظهر فى كل أفلامه وستكون عنواناً لأحدها ففى القربان وقبل أن يحرق ألكسندر بيته تسجل الكاميرا صورته المنعكسة على المرآة، ونجد مرآة أخرى معلقة فوق سرير ابنه الصغير وكأنها باب إلى عالم آخر. 

تعتمد سينما تاركوفسكى على المثال الذى تطمح إليه الشخصية الرئيسة حيث تتواجد شخصياته فى وسط قاتم يناقض المثال يسيء إليه وهذا ماعبر عنه أندريه بمقال كتب فيه أكثر الشخصيات التى تثير اهتمامى هى تلك الساكنة من الخارج فى حين يسيطر عليها من الداخل ولع وطاقة متوترة كما يؤكد تاركوفسكى أن عمل السينمائى يكمن فى نحت الزمن المؤءلف من ديناميكية المقاطع البصرية المسجلة والتى غالباً ماتقسم إلى زمن تاريخى وزمن وجودى ومهمة المخرج تأتى فى مزج هاتين الطبقتين فى إطار بصرى ونفسى واحد. 

أما تعامل تاركوفسكى مع الزمن فى أفلامه فتتجلى فى فيلمه أندره روبلوف حيث اختار وقائع تاريخية حقيقية من تاريخ روسيا فى القرن الخامس عشر وابتدع فى الوقت نفسه تاريخه الخاص حيث يمثل احتراق مدينة بطل الفيلم فلاديمير أكثر الأحداث مأساوية فى موضوع الفيلم تمكن فيها تاركوفسكى من ضغط المرحلة التاريخية والوصول بها إلى درجة عالية من الكثافة كما حدث فى فيلمه طفولة إيفان الذى كتب عنه الكاتب الفرنسى سارتر وحش كامل رائع وشنيع.

فى فيلمه سوليارس دخل تاركوفسكى مرحلة إبداعية جديدة تراجع فيها عن الوقائعية التى وسمت أعماله معتمداً على رواية كاتب الخيال العلمى البولونى ستانسلاف ليم ما أثار حفيظة النقاد فى نقد لغته الجديدة التى حافظت على وقائعية دقيقة فى فيلمه المرآة وظهرت على شكل لقطات وثائقية لها أهميتها فى البناء الزمنى للموضوع عما كانت عيه فى أفلامه السابقة إيفان أوروبلوف ويتحدث سوليارس عن إنسان اسمه كريس كالفن يشعر بالحزن على ماضيه ويرغب فى أن يعيشه من جديد حتى يغيره وتدور الأحداث فى محطة سوليارس وهى كوكب مختلق يمثل شيئاً شبيهاً بدماغ عملاق تتجسد فى باطنه تلك الصور التى أخفاها أبطال الأفلام فى أرواحهم. 

يمثل فيلم المرآة نقطة مركزية فى مشوار تاركوفسكى السينمائى حيث تصبح لغته السينمائية أكثر تقشفاً وأصالة وهو من أكثر الأفلام تعقيداً من حيث الأفكار والبناء الدرامى فالبطل لا يظهر على الشاشة بل نسمع صوته ونرى يده مرة واحدة فقط وهذا يعود إلى تمكن هذا المخرج العبقرى من تحديد زاوية النظر خارج التوتر الدرامى البوليسى وحيث توجد ثلاث مراحل من حياة البطل هنا والآن والطفولة المبكرة و الصبا ليبدأ الفيلم بمشهد تكون فيه الأم جالسة على سياج البيت الريفى متحدثة إلى عابر سبيل يتابع بعد ذلك طريقه وتتوالى مشاهد اهتزاز الأعشاب وسقوط إناء الحليب عن طاولة الحديقة. 

يذكر أن المخرج أندريه تاركوفسكى اشتغل فى الرسم والنحت والموسيقا ودرس اللغات الشرقية ليصبح بعد الحقبة الستالينية فى روسيا واحداً من أهم مخرجى السينما فى العالم ولينتهى به المطاف فى إيطاليا حيث أنهى تصوير فيلمه نوستالجيا ليبدأ تشرده وتنقله فى الغربة من مدينة لأخرى والذى أدى إلى تفاقم مرضه ليموت بسرطان الرئة فى خريف 1986 وحيداً فى باريس.

العرب أنلاين في 11 نوفمبر 2008

 

مهرجان دمشق يكرم كاترين دونوف 

دمشق –العرب أونلاين- وكالات: جاء حديث دونوف فى مؤتمر صحافى الثلاثاء فى دمشق حيث سيكرمها مهرجان دمشق السينمائى السادس عشر فى اختتامه فى المساء.

وردا على سؤال عن سبب عدم انخراطها فى أفلام هوليوود، قالت "أحب الأفلام الأميركية ولكن الخطير أن يصير الفيلم الأميركى هو الفيلم الوحيد فى العالم".

وأضافت "قدمت أفلاما قليلة هناك، وذلك بسبب الشخصيات التى كانت تعرض على فى الأفلام الأميركية"، موضحة "لم أكن أريد أن العب أدوارا متوسطة وفضلت الأدوار الأوروبية لأنها كانت مثيرة أكثر لاهتمامي". 

ولدى سؤالها عما إذا كانت السينما تستطيع نشر ثقافة المحبة والسلام، قالت النجمة الفرنسية "أؤمن أن السينما يمكنها لعب هذا الدور السياسي، لأنها قادرة على فتح الآفاق وهى الطريقة المثلى لمعرفة الآخر وتقبل الاختلاف".

وتحدثت دونوف عن إمكانية الحفاظ على الهوية المحلية فى السينما رغم تأثير العولمة، وقالت "يجب على السينما أن تبقى قريبة من الثقافة، ولا تخضع للمؤثرات لكن تتجنب التقليد"، معتبرة أن الصعوبة تكمن فى "تغيير ذوق الجمهور خصوصا فى ظل ما يعرضه التلفزيون من مسلسلات أميركية، صحيح أنها مصورة باحتراف ومكتوبة جيدا، لكنها تبقى مسلسلات تناقش اليومى وتبتعد عن السياسة".

وحول انطباعاتها بعد مشاركتها فى الفيلم اللبنانى "بدى شوف" مع الثنائى اللبنانى جوانا حجى توما وخليل جريج، ولعبت فيه دور ممثلة تزور لبنان وتتاح لها فرصة الاطلاع على ما خلفته حرب تموز 2006، قالت النجمة الفرنسية "أحسست بالضغط والضيق من نتائج الحرب، ما رايته هناك "فى لبنان" لم أره فى حياتي، فانا ولدت فى نهاية الحرب العالمية الثانية ومنذ ذلك الوقت لم أر هكذا تدمير".

وعن انطباعاتها فى زيارتها الثانية لسوريا التى سبق وزارتها منذ 13 عاما، قالت دونوف "أحب سوريا فهى بلد رائع ولم يعط أسراره بشكل كامل، وحلمى أن آتى إليها كسائحة لعدة أسابيع، ومن حظى أنى رأيت تدمر وحلب مجددا".

وكاترين دونوف ولدت فى باريس العام 1943 وتعتبر واحدة من ايقونات السينما العالمية، شاركت تحت إدارة العديد من المخرجين المشهورين مثل رومان بولانسكى ومانويل دى اوليفيرا ولويس بونويل ونالت جوائز عدة وترأست العام الماضى لجنة التحكيم فى مهرجان البندقية السينمائي.

العرب أنلاين في 11 نوفمبر 2008

 
 

جديد السوري عبد اللطيف عبد الحميد

فيلم أيام الضجر... بين الولادة... وألغام الحياة

نعمة خالد من دمشق

هي فترة حساسة من التاريخ العربي، والسوري والمصري بخاصة، تلك التي يعالجها فيلم أيام الضجر، من تأليف وإخراج عبد اللطيف عبد الحميد. وبعيداً عن الأيديولوجيا الفجة، وعن الشعارات الجوفاء، وعميقًا في الروح الإنسانية، تلك الروح التي شظتها السياسات، وأكلتها الجراح، هي أيام ضجر، تحاول الطفولة أن تمزق معالمها، تلك الطفولة المسروقة، ربما من لغم، أو من موت قبل أن ترى الحياة، تلك الطفولة التي يعسكر فيها الخوف والملل في آن، حفر عبد اللطيف عبد الحميد مقولاته.

يمتد الفضاء السينمائي من الجولان، إلى الساحل. فنحن أمام عائلة تعيش على الجبهة السورية، لأن الأب مساعد في الجيش إبان الوحدة المصرية السورية عام 1958 ، ومن خلال هذه العائلة نطل على تفاصيل الحياة في أبعادها الإنسانية، والاقتصادية، والسياسية.

الأم التي تحلم بولادة ابنة، بعد أن رزقت من زوجها المساعد على الجبهة بأبناء أربعة. هذا المساعد الذي يضطر لترك عائلته، نتيجة الاستنفار في الجيش، إبان نزول الأسطول السادس في البحر الأبيض المتوسط، خلال احتفالات سورية ومصر بالوحدة. فرحة الأم لا تكتمل بحملها، والأولاد الذين كانوا يقتلون مللهم، بتقليد الجيش، وحفر الخنادق، يضطرون للرحيل عن الجبهة إلى اللاذقية، بأمر من والدهم الذي خشي عليهم من خطر حرب قادمة مع الأسطول.

في قرية نائية في اللاذقية، سرعان ما يسكن الأبناء الأربعة الملل، وتحتار الأم والخال بأمر قتل الملل، وربما صاحب الملل شوق لأب غائب لا يعرفون مصيره، أو هو الشوق لملاعب طفولة رغم فقرها، إلا أنها شكلت لهم عوالم يستطيعون من خلالها أن يملؤوا فراغهم.

ولعل عبد اللطيف عبد الحميد، حين قرأ هذه الفترة، أراد أن يمد الجسور إلى الراهن الذي يعد كركتر مسخ عن الزمن الغابر، فمن خلال نشرة أخبار يذيعها المذياع الذي ربحه ابنه الأكبر في سباق الجري، نعيش أخبار الراهن، فالمانشيتات هي المانشيتات، والخلافات هي الخلافات، طبعاً أقصد العربية.

وعبد اللطيف ومن خلال رصد حياة هذه الأسرة، يرفع المعاناة من أسس الفرد إلى أسس العام، الإنسان العربي بالمطلق. حيث الألغام في كل خطوة تهدد بانفجار ما. 

طبعاً لا تكتمل فرحة الأم بحملها، بل تجهض ابنتها، التي ربما هي رمز العطاء والحياة، وكأن بالمخرج يقول لنا: ما دمنا رهائن الضجر، وخارج دائرة الفعل، سيكون مصيرنا مصير مضغة قبل اكتمالها، مآلها التراب.

هي جراح عميقة فتقها عبد اللطيف واحداً تلو الآخر، تركها تنزف مثل دماء الأم التي سالت على ساقيها.

 ولعل ملعب طفولة هو دبابة خربة جوار الدار، خير دليل على قتل روح الطفولة الحقة، وسرقتها غفلة من أيدي الأطفال. فهل من وجع يفوق وجع سرقة الأعمار على غفلة منا؟

ليست الحكاية وحدها هي وحدها ما جعل من الفيلم حالة ترتقي بإحساسنا ما بين وجع وحلم، بل هناك عين دقيقة، قادرة على التقاط تفاصيل زادت من جماليات الفيلم، عبر نقلها إلى عين الكاميرا، فقد احتفى عبد اللطيف بالمكان، وأثثه بجماليات ما كنا سنتوقف عندها في حياتنا اليومية لو مررنا بجانبها، ودون تكلف، دون تزويق نقلنا عبد اللطيف إلى عوالم المكان، بكل فقره على الجبهة، وبكل خضرته على الساحل، وبكل رهبته على أرض احتلها عدو.

هذه العين جعلتنا أمام لغة سينمائية عالية سواء على صعيد الصورة، أو على صعيد الأداء. فعبد اللطيف الذي اعتدنا على البساطة في أفلامه: نسيم الروح، ما يطلبه المستمعون، رسائل شفهية. نقل بساطته إلى أداء ممثليه في الفيلم، فلم نكن أمام أطفال يمثلون، بل أمام أطفال يعيشون شخصياتهم، كذلك هو الحال بالنسبة لأحمد الأحمد الذي أدى دور الأب مصطفى، والذي تألق في أدائه، وربما العين الدربة لمخرج متمرس، هي ما جعل من شخصيات الفيلم، نحسهم في ظهرانينا.

أما نشيد الله وأكبر فوق كيد المعتدي، الذي كان أول غنائه إبان حرب السويس عام 1956 ، فقد تحول في الفيلم إلى حالة جوفاء، فرغت من مضمونها، وشكلت لازمة في الفيلم، مؤسسة لخط كوميدي أسود، تضافر مع أداء الشخصيات والصورة.

وربما نهاية الفيلم التي اختصرت زمننا الأعمى، عبر انفجار لغم في وجه مصطفى، أفقده بصره ويده، ربما هذه النهاية، مع الرقص على الجرح صحبة موسيقا أغنية " بردا برداني بردا" قد كثفت راهننا، حيث الصقيع يمتد من أقصى أرواحنا التي لم تنتقل بعد إلى برزخها إلى أقصى ماضيا المزدحم بأرواح تائهة بين دبابة ولغم  ومضغة، وخندق خلفناه هناك، تحت غبار الزمن، ربما هي صرخة من عبد اللطيف، لعنقاء تظهر من ركام الزمن، ومن ركام الضجر.

موقع "إيلاف" في 11 نوفمبر 2008

 
 

في مؤتمر صحافي في دمشق

ريتشارد هاريسون: اعمل في افلام 'الاكشن' لأسباب مادية فقط

دمشق ـ من أنور بدر

عقد الممثل الأمريكي مؤتمراً صحفياً في فندق الشام بمناسبة تكريمه في مهرجان دمشق السينمائي حيث بدأ الحديث عن سعادته بهذا التكريم وإعجابه بتنظيم حفل الافتتاح الذي لم يكن يتوقعه

وقد لفت انتباهه في أول زيارة له إلى سوريا هدوء الشعب السوري وحبه للضيف عموماً واستعداده الدائم للحوار وأكثر ما أدهشه في دمشق الازدحام الشديد في حركة المرور لكن هذا الازدحام يبدو طبيعياً بالنسبة للناس هنا فهم لا يغضبون من ذلك ولا يحتجون كما يحصل في أماكن أخرى من العالم. وربما يعود ذلك للخلفية الثقافية لهذا الشعب

طبيعته هاريسون الشخصية أميل للهدوء والحوار وليس للعنف والمشاحنات واعترف أنه لا يحب التعامل مع البنادق والأسلحة أبداً ولم يقتل حيواناً في حياته لكنه يُقدَم في السينما بشكل مغاير فعندما قدم شخصية الرئيس جونسون في فيلم إيراني ارتدى لباس الكاوبوي ففي عالم السينما نسعى لتقديم ما يعتقده المشاهدون حقيقياً رغم أن هذه الحقيقة التاريخية لا توجد إلا في السينما التسجيلية أو الوثائقية

لم ينتظر هاريسون أسئلة الصحفيين بل تحدث بتلقائية حول الكثير من القضايا التي تجول في أفكارهم فعرض لتجربته في السينما بداية مع شركة إنتاج أمريكية ثم انتقل للعمل في إيطاليا مضيفاً أن عمل في الكثير من أفلام الأكشن لظروف مادية فقط رغم أنه لا يحب هذه الأدوار ولم يكن مقتنعاً بها قط لكنها أفلام تستقطب جمهوراً عريضاً من المشاهدين.

بدأ هاريسون حياته المهنية خياطاً ولم يتلق تعليماً نظامياً في حياته لكنه نجح في السينما وشارك في حوالي ( 120) فيلماً أغلبها جيد وهو يحب السفر كثيراً ويميل للاختلاط مع الشعوب والتعرف على الآخرين وقد زار 62 بلداً في العالم حتى الآن وهذه الميول أحد أسباب حضوره الآن في دمشق

كما أوضح أنه لم يشاهد سابقاً أي فيلم سوري وإن علاقته بالسينما العربية اقتصرت على بعض الأفلام المصرية القليلة وله تجربة مع المخرج المغربي 'سهيل بن بكر' الذي امتدحه كمخرج وكإنسان صادق عمل معه في فيلمين.

تابع هاريسون أن أزمة السينما السورية والسينما العربية عموماً أنها لا تزال بعيدة عن سوق العرض الدولي

وهي إشكالية توزيع فالفيلم العربي لا يصل إلى المشاهد الأمريكي وربما يكون هذا أحد أسباب عدم معرفة الأمريكيين بالعرب أو الواقع العربي إلا من خلال النظرة المشوهة التي يقدمها الإعلام.

وتحدث عن لقاءه مع وزير الثقافة الدكتور رياض نعسان آغا حيث أبدى استعداده لأداء أي دور في فيلم سوري كاقتراح لإنتاج مشترك بين مؤسسته الإنتاجية الخاصة وبين المؤسسة العامة للسينما شرط أن يكون النص أو السيناريو مهما فهو لا يهتم بجنسية الفيلم الذي يطلب للتمثيل فيه بل يهتم بنص أو مقولة ذلك الفيلم ليس المقولة السياسية فقط بل المقولة الإنسانية التي تدعو أو تساعد على التقارب بين الشعوب

ثم تطرق في حديثه مع الوزير للشأن السياسي فهو يحب السياسة باعتبارها حياة مع أن الكثير من الناس لا يدخلون معتركها ومع ذلك يعانون من نتائجها بل قد يكونون ضحاياها

وأضاف بمناسبة حديثه عن السياسة أن الشعب الأمريكي مغيب عما يجري في العالم وهو يؤيد رئاسة بارك أوباما لأنه لا يتفق مع سياسة بوش في الشرق الأوسط وفي العالم إجمالاً متسائلاً كيف كانت أمريكا تقدم المساعدات لسوريا في ستينات القرن الماضي وأين وصلت العلاقات بين البلدين الآن

القدس العربي في 11 نوفمبر 2008

 

كلوديا كاردينالي خلال تكريمها في مهرجان دمشق السينمائي:

احياء دمشق القديمة ذكرتني بطفولتي في تونس 

دمشق ـ 'القدس العربي'  

رحب السيد محمد الأحمد مدير مهرجان دمشق السينمائي بالنجمة الإيطالية كلوديا كاردينالي في المؤتمر الصحفي الذي أقيم في فندق الشام عقب تكريمها في المهرجان قائلاً

نحن سعداء بوجود واحدة من أهم نجمات السينما العالمية بينناكلوديا كاردينالي التي عملت مع كبار المخرجين العالميين أمثال فليني وفسكونتي وسواهماكما عملت مع كبار نجوم السينما العالمية أمثال: انتوني كوينبرت لانكسترآلان ديلونوروك هدرسونبحيث شكلت معهم علامة فارقة في تاريخ هذا الفن

حتى أن ألبيرتو مورافيا ألّفَ عنها كتاباً كاملاً صورها فيه' آلهةً للحب',وقيل عنها أيضاً: أجمل اختراع إيطاليوأيقونة الأنوثة في تاريخ السينما الإيطالية

بدورها أبدت كاردينالي سعادتها لوجودها في دمشقفهي تحب مدن الشرق وبشكل خاص المدن القديمةإذ تذكرها بطفولتها حيث ولدت وترعرعت في تونسوكانت سعيدة لزيارتها أحياء باب توماجوامع وكنائس دمشق الأثريةكما صعدت إلى جبل قاسيون

فيما يتعلق بمسيرتها الفنية أوضحت أنها دخلت عالم السينما بالمصادفةحين كانت تساعد والدتها في تنظيم حفل خيري للجالية الإيطالية في تونس ضمن مدينة كمارتوكانت إحدى فقرات البرنامج تتضمن اختيار ملكة جمال الجالية الإيطاليةوتضيف: لم أكن بين المتسابقاتبل كنت بين المتفرجين وأساعد في التنظيم فقطوحين صعدت المتسابقات إلى منصة العرضجاء شخص ورفعني إلى المنصة دون أن أقدم نفسيوكانت المفاجأة أنني فزت بذلك اللقب الثمينوكانت الهدية بطاقة سفر إلى فينسيا حيث دخلت دوامة المصورين الصحفيينوبدأت تصلني عروض المخرجين الإيطاليينوتغيرت حياتي منذ تلك اللحظةوانفتحت أمامي أبواب الفن السابع

عندما دخلت كلوديا إلى المدينة السينمائية 'تشينيتشيتا' في إيطالياقبل أن تصبح أحد أهم أعمدتهالم تكن تجيد اللغة الإيطاليةوإنما الفرنسية فقطكأغلب المهاجرين الأوروبيين في شمال أفريقيالكن رصيدها الفني الآن بلغ حوالي مائة فيلم خلال نصف قرن ونيف من الزمن. وهي ما زالت تعطي للفن والسينما حيث أنها تمثل الآن في فيلم جديد أسمه 'الخيط'إضافة إلى عملها في المسرح. ويجري الآن تصوير فيلم عن مسيرتها الفنية بعنوان 'كلوديا كارديناليوخمسون سنة من حياتها'وقد بدأ التصوير من تونس حيث ولدت وعاشت فيها 16 سنة تعتبرها أجمل سنوات حياتها.

أما عن السينما العربية فهي لم تشاهد أي فيلم سوريلكنها صورت أول أفلامها مع عمر الشريف عام 1957باسم 'جحا' وهو إنتاج فرنسي تونسي مشترك وقد نال جائزة التحكيم في مهرجان كان السينمائي ورشح للسعفة الذهبية. وتضيف 'هناك كتاباً عرباً أحبهم وأقرأ لهموأعز أصدقائي كاتب مغربي اسمه عبد الله عطيةولي في باريس أصدقاء كثر جزائريون وتوانسة ومغاربة

تحدث الفنان السوري جهاد سعد في المؤتمر الصحفي عن أثر السحر الذي تركته كاردينالي في جيل الستينات حتى في سورياوكان هو أحد ضحاياهأما حول السؤال عن أثر التقنية المعاصرة في تطور السينما فتؤكد كاردينالي أن سينما الستينات كان لها سحر خاصتدفع الإنسان باتجاه الحلمسينما الستينات جمعت كل التقنية المتوفرة آنذاك مع رومانسية بدأنا نفتقدها في حياتنا بشكل عامبينما السينما الآن أصبحت نوعاً من البيزنس أكثر منها فناًوهذا انعكس على السينما الإيطالية التي تعاني من صعوبات جمةإذ مرّت بمراحل معقدةلكنها الآن بدأت تستعيد عافيتها وتنطلق مجدداً

رفضت كاردينالي تقييم الممثلات الإيطاليات الجدد وأيهن تكون خليفتهافهذا التقييم من حق الجمهور والمخرجين

كما رفضت فكرة العمل في الإنتاج السينمائي لأنها ممثلة وفقطوتحب التمثيل. وحول السؤال ما إذا كانت تحب أن تلعب دوراً محدداً أو تمثيل شخصية تاريخية معينةأكدت أنها لا تتدخل في اختيار الشخصياتفالممثل يبحث عن فرصة عملوعليه أن يؤدي كل الأدوارفهي لعبت أدوار الأميرة كما لعبت أدوار المومسهكذا هي الحياة

القدس العربي في 11 نوفمبر 2008

 
 

بانوارما

«أيام الضجر».. الدبابة حين تكون لعب الأطفال في زمن الوهم

دمشق ـ جمال آدم

«في عام 1958 وعندما كانت مصر وسوريا تواصلان الاحتفال بقيام الوحدة بينهما، نزل بحارة الأسطول السادس الأميركي في لبنان بطلب من رئيسه آنذاك (كميل شمعون)، فضجر أربعة أولاد في الجولان السوري وتم ترحيلهم إلى شمال سوريا فيما كانوا يأكلون البطاطا مع مرق البندورة في الظلام، وبين هذا وذاك كان الأولاد يبدعون في قتل الضجر الذي ينتهك الأرواح وأرحام الأمهات.. ضجر من صنع أميركي ـ إسرائيلي كان ولا يزال».

بهذه الكلمات الموزعة في كراس فيلم «أيام الضجر» الذي وزع في مهرجان دمشق السينمائي، يدخل المشاهد فيلم المخرج السينمائي السوري عبد اللطيف عبد الحميد محملا بخلفية عن الفيلم المنتظر من عشاقه، وتفيد أن عبد الحميد سيدخل أجواء جديدة تنتمي لمشروعه الذي يمضي في عوالم تقديم قصص وحكايات تنتمي إلى ذاكرة الكثير من الأجيال التي أحبت أفلامه بدءا من ليالي ابن آوى، ومرورا برسائل شفهية ونسيم الروح وهذه الأفلام الثلاثة تعتبر احد ابرز إنتاجيات الجهة المنتجة المؤسسة العامة للسينما في سوريا.

يبدو الهم الوطني مسيطرا على فيلم عبد الحميد الجديد، كما يؤرقه البحث في الهوية الفنية والفكرية للعمل بأن يستعيد بعضا من تفاصيل الحالة النفسية التي كان يعيشها مواطن عام 1958، والتركيز على أن المواطن العربي يعيش تفاصيل الحالة النفسية ذاتها في العام 2008. وذلك نتيجة الظرف السياسي الذي فرضته أميركا وإسرائيل بعلاقتهما مع بعضهما البعض وتأثيرات تلك العلاقة على مواطن المنطقة العربية، ويبدو عبد الحميد جادا في تحقيق هذا الأمر بناء على ما يذكره الراديو خلال الفيلم من طلب كميل شمعون تدخل القوات الأميركية في لبنان والخلل في العلاقات السورية اللبنانية والتركيز على أن سوريا تؤكد سيادة لبنان وان لا خلافات سياسية أو هناك أي تدخل من قبل السوريين بسياسة لبنان.!

حقيقة الضجر في الفيلم فعليا هي حالة الأولاد التي ترخي بظلالها على أحداث العمل فيسعون لملء فراغ الضجر بحالات متعددة من اللعب وهم ينتظرون والدهم الغائب على الجبهة وهو يسعى للحرب، والحرب هنا ليست تلك التي ذاع صيتها بل ربما هي واحدة من الحروب الفرعية التي ما زالت تلقي بظلالها على هذه المنطقة، وربما الضجر هو حالة المنطقة ككل التي ملت من تكرار الوقائع والحكايا والقصص اليومية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. «أيام الضجر» إطلالة على زمن متجدد تعيشه شخصياته بتفاصيل متغيرة والفيلم ربما كان جديرا بهذه الفكرة في أن يحكي عنها ويغوص في تفاصيلها ويتبناها ببعدها الساخر، في الوقت الذي عانى فيه من رتابة في الإيقاع وتبسيط للأفكار والحلول الفنية والتي جعلت الضجر إحساسا يعيشه المشاهد في بعض المراحل من العمل الذي يشهد له تقديم خاتمة عاطفية جميلة تعرض للوالد الذي عاد من الحرب بعد أن فقد عينيه ويده جراء انفجار لغم فيه، حينها يفاجأ الأولاد بوالدهم وتترك الكاميرا المشهد على والد يرقص من ألمه وعلى ولد تسخن الدمعة في عينه فيتركها تمضي ولا حيلة له غير هذا.

البيان الإماراتية في 12 نوفمبر 2008

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)