كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

الذكرى الـ10 لرحيل المهاجر

أعد الملفإسلام وهبان

شارك في الملف:

أمنية الغنام – إسراء إبراهيم – نرمين حلمي – شروق مجدي

عن رحيل

يوسف شاهين

   
 
 
 
 

لم يكن سر تألقه وعالميته فقط حبه للسينما أو غزارة أعماله الفنية وتفردها، بل ما تمتعت به روحه من تركيبة، فهو العنيد العاشق للحياة القريب من مشاكل الناس الطامح دائما لما هو أبعد، المهتم بكل التفاصيل، والدأوب دوما لتقديم الواقع بشكل مغاير.. كل هذا أهله ليصبح أشهر “حدوتة مصرية” في المجال الفني. ويخلد اسمه من خلال 12 فيلما ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.

وفي الذكرى العاشرة لرحيل المخرج الكبير يوسف شاهين، الذي فارق عن عالمنا في 27 يوليو 2008، عن عمر ناهز 82 عاما، يحتفي إعلام دوت أورج، من خلال ملف خاص عن “شاهين”، من خلال الموضوعات التالية:

20 تصريحا لـ أمير رمسيس.. أبرزها عن علاقة “شاهين” بمساعديه

21 تصريحا لـ منال الصيفي.. أبرزها عن علاقتها القوية بيوسف شاهين

في ذكراه العاشرة.. 18 صورة من جنازة يوسف شاهين

أحمد فرغلي رضوان يكتب: عندما تصالح يوسف شاهين مع جمهوره

أبرزهم “العندليب” و”أباظة” وحنان ترك.. 9 نجوم اختلفوا مع “شاهين

محمد عبد الرحمن يكتب: يوسف شاهين.. ناظر مدرسة نفسه!!

قائمة الأفلام المجهولة ليوسف شاهين

7 اتهامات طاردت يوسف شاهين

في الذكرى الـ10 لرحيل “شاهين”.. 7 فنانين يروون ذكريات اللقاء الأول

####

في ذكراه العاشرة.. 18 صورة من جنازة يوسف شاهين

تصوير: سيد عبد ربه

في التاسع والعشرين من يوليو، شارك أكثر من 1500 شخص من بينهم عشرات الفنانين، في وداع المخرج يوسف شاهين، بعد أن وافته المنية، يوم 27 يوليو 2008، بعد صراع طويل مع المرض، بمستشفي المعادي الدولي للقوات المسلحة عن عمر يناهز 82 عامًا.

خرج جثمان “شاهين” من كاتدرائية القيامة للروم الكاثوليك في حي الظاهر في القاهرة ظهر الاثنين 28 يوليو 2008، ووأقيم عزاءه في اليوم التالي 29 يوليو 2008، بحضور الكثير من نجوم نجوم السينما والتلفزيون الذي اكتشفهم.

نعى الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك رحيل يوسف شاهين، معبرًا عن حزنه وأسفه وعزاءه لأسرته، قائلًا إن إسهامه المتميز في صناعة السينما المصرية سيبقى في ذاكرة الوطن وقلوب المصريين، كما سيبقى إبداعه متواصلا من خلال من تعلموا على يديه من شباب مخرجي مصر وفنانيها، وكتب التليفزيون المصري وقتها عبارة “الوداع يا شاهين”.

وأصدر قصر الإليزيه في باريس بيانًا نعى فيه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي شاهين بقوله “إن الفن السابع خسر برحيله واحدا من أشهر خدامه، كان مرتبطا بوطنه الأم، وفي نفس الوقت منفتحا على العالم”، مضيفا أن “شاهين قد سعى من خلال السينما إلى دحض الرقابة والتعصب والأصولية”.

وفيما يلي يستعرض “إعلام دوت أورج” صورًا من جنازة يوسف شاهين:

####

أحمد فرغلي رضوان يكتب:

عندما تصالح يوسف شاهين مع جمهوره

كان مشهدا لافتا لي حينما ذهبت لاستوديو مصر في نهاية نوفمبر 2006 لحضور احتفال انطلاق تصوير أخر أفلام يوسف شاهين “هي فوضى”، الاهتمام كان واضحا من الجميع وكأنهم كانوا يشعرون أنه سيكون أخر أعمال الأستاذ، الجميع ينتظر حضوره وتحضيرات التصوير والممثلين في اللوكشن تسير على قدم وساق، ها هو “شاهين” يظهر أمامنا وسط ترحيب الجميع تسبقه ابتسامته الطفولية “الصادقة” ويستند على يد تلميذته المخرجة منال الصيفي ويسير بجواره تلميذه الأبرز خالد يوسف كان “المرض” باديا على شاهين ولكن عشقه للسينما جعله ينسى تعبه بمجرد دخوله البلاتوه ومشاهدته الممثلين والكاميرات وبدأ في الحديث ومداعبة الجميع كعادته.

يعتبر فيلم “هي فوضى” واحدا من أقرب أفلام شاهين للجمهور وأيضا أفضلها وأكثرها جرأة وبالفعل تعرض السيناريو لملاحظات رقابية كثيرة ولكن الراحل علي أبو شادي “مسئول الرقابة” وقتها نجح في أن “يمرر” العمل بصعوبة، وبعد شد وجذب بين شاهين والجهات الأمنية، فهو يتحدث عن فساد جهاز الشرطة وما يفعله أمناء الشرطة في مصر من تجاوزات وخروج على القانون! ووصل الحد إلى أن اسم الفيلم أزعجهم كثيرا وكأن قلوبهم كانت تشعر بشيء ما يظهر في الأفق البعيد، وبالفعل ما حدث في الفيلم من “فوضى” داخل قسم الشرطة كان جزءا من الحقيقة فيما بعد خلال أحداث يناير 2011! ولذلك نقول أن شاهين كان قريبا جدا من الشارع وإحساسه بالناس كان كبيرا، ويعتبر من أبرز الفنانين المصريين المعارضين وطالما حملت أفلامه نقدا سياسيا لأنظمة الحكم التي عاصرها، اللافت كان استقبال الجمهور لفيلم “هي فوضى” بشكل يفوق أفلامه الأخيرة وبالفعل حقق إيرادات كبيرة وغير مسبوقه لأفلام شاهين، وممكن أن تقول أن علاقته كانت مع الجمهور “متوترة” فالجمهور يحمل له تقديرا كبيرا وحبا على المستوى الإنساني وينتظر في كل عمل أن يفاجئه بشيء جديدا، وأحيانا يصدق إحساس الجمهور ولكن كثيرا ما يخرج “غير فاهم” لما حمله الفيلم من أفكار ورسائل ومع ذلك كان يستمتع بمشاهدة لوحة فنية سينمائية بديعة شديدة الإتقان من صورة وديكور وموسيقى وأيضا تمثيل بتوقيع هذا المخرج المبدع.

أذكر أن المؤلف ناصر عبد الرحمن حكى لي أنه ظل يقوم بتعديلات على السيناريو والحوار لأكثر من عشرين مرة! حتى كاد اليأس يتسرب لنفسه ويعتذر عن استكمال الكتابة ولكن فجأة وجد الأستاذ يوافق أخيرا على السيناريو ويقول لي كان يبكي وهو يقرأ مشهد النهاية “انتحار حاتم”، وكان شاهين ديكتاتور داخل البلاتوه وليس من السهل أن يقتنع بمشهد “مهم”، فيروى أنه أثناء إخراج شاهين لمشهد النهاية في فيلم “الأرض” واحد من أهم وأصدق مشاهد السينما المصرية رغم تصفيق كل من في البلاتوه لأداء المبدع محمود المليجي إلا أن “شاهين” أعاد تصويره 17 مرة حتى يقتنع!

احتفاء عالمي

ذات يوم كنت في زيارة للمخرج خالد يوسف بمكتبه وإذا به يفاجئني أن فيلم “هي فوضى” تم اختياره للمشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان “فينيسيا” وبالطبع كان خبرا هاما للسينما المصرية والعربية، ولكن كان هناك خبر أخر اكثر مفاجأة وهو أن يوسف شاهين طلب من المنتج جابي خوري وضع اسم خالد مع اسمه كمخرج للفيلم، بالطبع كانت مفاجأة كبرى وسابقة في أفلام شاهين ولكنه وجد أن خالد هو صاحب الجهد الأكبر في إخراج الفيلم في ظل معاناة شاهين الصحية أثناء التصوير وهو تقدير من الأستاذ تجاه أحد تلاميذه.

ويقول “خالد”: “مفاجأة وشرف كبير أن يفعل الأستاذ ذلك معي ولكن عندما سألته لماذا؟ قال لي هذا حقك، وأثناء التصوير كان كل ما يهمني أن أشاهد السعادة علي وجهه لإنجاز هذا الفيلم ولأنني أعرف مدي عشقه لفنه كنت أريد تنفيذ كل ما يريده بدقه وتفرغت تماما وأجلت مشاريعي السينمائية”.

ومن اللحظات المؤثرة أثناء تصوير “هي فوضى” حينما ذهب شاهين لبلاتوه التصوير وكان مريضا جدا ونظر إلى كاميرا “كرين” التصوير وطلب من خالد يوسف أن يصعد بها وبالفعل صعد وجلس بجواره وكانت المرة الأخيرة وكان بمثابة مشهد وداع لمحبوبته “الكاميرا” وسط تأثر من في البلاتوه.

يعتبر شاهين من أكثر المخرجين العرب تواجدا في أهم مهرجانات السينما العالمية كان، برلين فينيسا، كارلوفيفاري وغيرها، كما أنه المخرج العربي الأكثر مشاركة في مسابقات مهرجان كان في تاريخه بعشرة أفلام بدأت مع “ابن النيل” 1951، وانتهت مع “اسكندرية نيويورك” 2004، ووصل التقدير العالمي لأقصى درجاته عندما تقرر منحه السعفة الذهبية لمهرجان كان 1997 في احتفال المهرجان باليوبيل الذهبي وكانت بمثابة تعويض له عن مشاركاته العديدة وعدم منحه أيا من جوائز المهرجان.

“كان يوسف شاهين مقاتلاً لا يكل ضد التطرف والعنف، ومدافعًا شرسًا عن التسامح واحترام الآخر”.. هكذا وصفه الرئيس الفرنسي الأسبق “جاك شيراك” في برقية عزاء عقب وفاته.

ظل شاهين طوال مشواره الفني بمثابة كشافا للمواهب الشابة ومنحهم فرص كبيرة، وآخر همه “نجوم الشباك”، إحساسه بالممثل الموهوب لا يخطيء أبدا منذ قدم عمر الشريف كبطل عام 1953 في فيلم “صراع في الوادي” وصولا لمنحه البطولة السينمائية لخالد صالح في “هي فوضى”، تقريبا لم يظهر فيلم ليوسف شاهين بدون وجوه جديدة.

النصيب الأكبر بقائمة أفضل 100 فيلم مصري

لشاهين النصيب الأكبر للمخرجين في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية 12 فيلم هم (الأرض – باب الحديد – الناصر صلاح الدين – صراع في الوادي – أسكندرية ليه – العصفور – عودة الابن الضال – المهاجر – الاختيار – جميلة – ابن النيل – حدوته مصرية).

الموسيقى والغناء احتلا جزءا كبيرا من إبداع يوسف شاهين فكان يسعى لتقديم السينما الغنائية كلما سمحت الفرصة فهو عاشق لها ولذلك وافق على إخراج فيلم “بياع الخواتم” رغم أنه لبناني من الألف إلى الياء وأيضا لحبه الكبير لفيروز ولكنه يحكي أن التجربة كانت “متوترة” بسبب تدخلات عاصي الرحباني في كثير من الأمور وتشاجره الدائم معه ومع فيروز، وكذلك تجاربه مع مطربين أخرين تتوقف أمامها مثل ماجدة الرومي في “عودة الابن الضال”، وداليدا في “اليوم السادس”، ولطيفة في “سكوت هنصور”، وقبلهما الثنائي فريد الأطرش وشادية وفيلم “أنت حبيبي”.

تنوع كبير وإنجازات فنية مهمة حققها شاهين في السينما خلال أكثر من نصف قرن جعلته مثار إعجاب الجميع حتى الذين اختلفوا معه، فكان نموذجا للمخرج كما يجب أن يكون.

ذات مرة قال لي أحد المخرجين المهمين “كلنا نريد أن نكون يوسف شاهين، حتى وإن لم نصرح بذلك”..

####

في الذكرى الـ10 لرحيل “شاهين”..

7 فنانين يروون ذكريات اللقاء الأول

نرمين حلمي

عرف بشغفه الكبير تجاه لغة الصورة والصوت؛ حيث كان ينصح تلامذته بضرورة التشبث بواجبهم تجاه وقت التصوير، لتكريس كافة حواسهم للاستمتاع بكافة اللحظات السينمائية، المتمثلة في أجواء التصوير جميعها، بدءًا من تجهيزات الإضاءة والديكورات وأماكن التصوير، وصولاً لحركات الممثلين وأدائهم، هو من كان يحثهم دومًا على الخروج خارج إطار مهام أداء الوظيفة، لمهام أداء الوظيفة الإبداعية.

في الذكرى ال10 لرحيل المخرج الكبير يوسف شاهين، الذي ودعنا في 27 يوليو 2008، يرصد إعلام دوت أورج ما رواه بعض نجوم السينما المصرية حول كواليس اللقاء الأول الذي جمعهم بشاهين:

1- محمود حميدة والتشتت الفني في الأداء

انتقد صاحب دور الخليفة في فيلم “المصير” أداء المخرج يوسف شاهين أثناء تلقينه لكل ممثل التوجيهات الفنية لكل مشهد؛ حيث أشار الفنان محمود حميدة أثناء إحدى لقاءاته الصحفية، أن الخطأ الذي كان يقع فيه ممثلو أفلام “شاهين” ناتج عن التوجيه الخاطئ من “شاهين”، حيث كان يستحضر “شاهين” مشاعر فنانيه من خلال زرع طاقة إيجابية أو سلبية بداخلهم من وحي ذكريات تجاربهم الشخصية.

فكان يطلب منهم أن ينظروا في عينه قبل بدء التصوير، تزامنًا مع تذكر أحداث مؤلمة أو مفرحة، قد مرت عليهم مسبقًا، وحينما يشعر بتغير مشاعرهم وفقًا للمشهد الجاري تصويره، يبدأ “شاهين” التصوير، وهو الأمر الذي كان يوقع بالممثلين في فخ اصطناع الأداء والتعرض إلى الإفلاس الأدائي بعدم تقديم مشاعر الشخصية الدرامية في العمل الفني، والاستعانة بمشاعر تجارب شخصية خاصة بحياة الممثل الحقيقية، وهو الأمر الذي تصدى له “حميدة” حينما طلب منه ذلك، محليًا رفضه بدعابة قائلاً: “قال لي بص في عيني، قولت له لأ بص إنت على ودني وقولي عايز إيه وقف إنت ورا الكاميرا، وأنا هخلص تفكير في الدور وأكمل”.

2- محسن محي الدين وفن الظهور

تحددت العلاقة الفنية بين “محي الدين” و “شاهين” في إطار ودي فني؛ حيث وصف الأول علاقته بالثاني بأنها علاقة أب بابنه، مشيرًا إلى أنه كان يجيد توصيل الأفكار المختلفة والصعبة، التي يريد “شاهين” تقديمها -وفقًا للشكل الذي كان يريده- إلى الجمهور.

تعلم “محي الدين” مبادئ التمثيل في سن المراهقة على يد “شاهين”؛ فكان لشاهين دور بارز تجاه رسم ملامحه الفنية عبر شاشة السينما، بدءًا من تعليمه فن مذاكرة الأشخاص، حسبما صرح “محي الدين” في إحدى لقاءاته التليفزيونية مع الإعلامي عمرو الليثي، أن “شاهين” علمه قيمة حفظ الدور جيدًا، والذي ساعده على اتقان فن الوقوف أمام الكاميرا؛ والانشغال بمشاعر الشخصية وإظهار عواطفها للمشاهد دون الاكتراث بإشكالية تذكر نص كلامها أو نسيانه.

3- منة شلبي والأفلام المبهمة

داهية يا أستاذ لا تكون حضرتك فاكر أفلامك الناس كلها بتفهمها، هما آه فاكرينهم بس مش فاهمنهم”، كانت تلك الجملة المازحة هي ما وجهته الفنانة منة شلبي إلى المخرج يوسف شاهين، بعدما سخر من اعترافها له بتقديرها الشديد لأفلامه دون فهمها، مما جعله يلقبها بالـ “حمارة”؛ فباغتته بأن “نعم الحقيقة أنا والسبعين مليون”.

اعترفت “شلبي” خلال إحدى لقاءاتها التليفزيونية مع الإعلامية إسعاد يونس، بأنها كانت تهاب “شاهين” جدًا؛ وهو الأمر الذي جعلها ترتجف ولا تتحدث بطبيعتها في أول لقاء يجمعهما في مكتبه الفني؛ ولكنه سرعان ما احتواها بروحه المرحة وابتسامته العفوية، التي كانت ترتسم في عينيه قبل فمه، واصفة لقاءهما: بـ “احتواني في 3 دقائق”.

4- نيللي كريم وعملية التجميل

تعرض الكثير من نجوم الفن الحاليين إلى كثير من الانتقادات من مكتشف موهبتهم الأولى المخرج يوسف شاهين؛ وهو الأمر الذي اتسمت به أغلب العلاقات الفنية التي جمعت أولئك النجوم بالمخرج الراحل، قبل بداية ولادة نجوميتهم على يديه.

ومن أبرز أولئك النجوم، كانت الفنانة نيللي كريم، حيث صرحت في إحدى لقاءاتها التليفزيونية مع الإعلامية منى الشاذلي، أن “شاهين” طلب منها أن تجري عملية تجميل في وجهها؛ متسائلا: “مش عايز تعملي عملية تجميل في مناخيرك؟”، محاولاً معرفة رغبتها تجاه ذلك الأمر وقتئذ، قبل دخولها العمل الفني الذي طلبها من أجل تأدية دوره، فردت عليه مندهشة:

لأ لما إنت تعملها الأول أبقى أعملها”.

5- نبيلة عبيد وخلق هالة الهيبة

وصفت الفنانة نبيلة عبيد كواليس العمل الفني الذي جمعها مع المخرج يوسف شاهين بالـ “غريبة”، حيث كانوا يصورون فيلم “الاَخر” في سانت كاترين، وكان “شاهين” ينهي التصوير بوجه عابس يظهر انزعاجه تجاه أداء اليوم وتصويره، مما دفعها لسؤاله عن سبب ذلك الضيق، فكان يجيبها بجملة واحدة “أنا مش مبسوط”، ولكنها كانت تطمئنه بأن كل شيء سيكون في أفضل صورة ممكنة اليوم الذي يليه.

تكرر الموقف مرتين، مما أغضب “عبيد” وجعلها تسأله مباشرة عما إذا كانت هي وراء كل تلك المشكلة وكل ذلك الغضب، ففاجأها “شاهين” بالموافقة وأنه لا يرديها أن تكمل هذا الدور؛ فقررت “عبيد” أن تبحث عن أي حيلة تجعلها تظهر في صورة مرضية؛ ومن ثم تعتذر عن مشاركتها في التصوير وتغادر المكان برمته؛ ولكنها فوجئت أنه جاء إليها اليوم التالي بعد انتشار خبر مرضها، ليجبرها أن تعود للتصوير مرة أخرى، مصرحة بالهدف وراء كل تلك القصة الغريبة وموقفه الغريب، خلال إحدى لقاءاتها التليفزيونية، معلقة وهي تضحك: “الحكاية إن أتاري دي القطة اللي بتدبح أول التصوير، علشان يكون في هيبة من الأول، لإننا بقينا حبايب فيما بعد”.

6- يسرا وديكتاتورية “شاهين

ميزت الفنانة يسرا أجواء التصوير عند يوسف شاهين واختلافها عن أجواء التصوير مع أي مخرج أخر؛ رغم أول لقاء بينهما الذي سخر فيه من طولها ومن شكلها “الأشقر” الذي يتسم بالشعر ذات اللون الأصفر والبشرة البيضاء، إلا أنهما انسجما فيما بعد وحققا نجاحًا ملحوظًا يشهد له.

روت “يسرا” أنه كان يميز كل عامل من طاقم عمل أفلامه، من أصغر واحد إلى أكبر شخص في مكان التصوير، معلقة: “كان بيحسسك إنك أهم واحد في الدنيا”، وهو الأمر الذي جعلهم جميعهم يعملون في جو من الشغف المستمر، بالرغم من “الديكتاتورية” التي يصفه به كل ممثلي أفلامه؛ قائلة في إحدى لقاءاتها التليفزيونية: “كان ديكتاتور آه، بس ديكتاتورية حلوة أوى”.

7- نور الشريف ورهبة اللقاء الأول

التقى الفنان الراحل نور الشريف بالمخرج الراحل يوسف شاهين، في العرض الخاص الأول للفيلم الذي أنتجه “الشريف”، “دائرة الانتقام”، في معهد السينما، حيث وصف “الشريف” حالته بالخوف الشديد الذي كان يكسوه، منتظرًا رأي “شاهين” عقب انتهاء الفيلم.

####

21 تصريحا لـ منال الصيفي..

أبرزها عن علاقتها القوية بيوسف شاهين

شروق مجدي

تروي العلاقات الإنسانية غالبًا جزءا كبيرا من حكايات الأشخاص، ولكن تتلمذك على يد أحدهم يجعلك تخالطه على الجانبين، الإنساني والعملي، فتراه في لحظات انشغاله وإتقانه لما يفعل، وتلمس حقيقة الجانب الإنساني بداخله.

وهذا ما حدث مع المخرجة منال الصيفي، ابنة الفنانة زهرة العلا والمخرج حسن الصيفي، بتتلمذها على يد “الأستاذ” يوسف شاهين، ما جعلها شاهدة عليه مخرجًا وإنسانًا.

وفي الذكرى العاشرة لرحيل شاهين، الذي فارقنا في 27 يوليو 2008، بعد أن ترك لنا سجلا هائلا من أفضل أفلام السينما المصرية، قرر موقع إعلام دوت أورج أن يوثق عن قرب العديد من جوانب حياته من خلال أثره في المقربين منه، فأجرى حوارًا مع “الصيفي”، ضمن ملف خاص عن يوسف شاهين، وكانت تلك أبرز تصريحاتها خلال الحوار:

1 – بداية عملي مع يوسف شاهين كانت كمساعد “سكريبت” في فيلم “سكوت هنصور” بعد ذلك أصبحت مساعِد أول ثم أصبحت بجانبه في كل ما يفعل.

2- عملت معه في آخر أفلامه “هي فوضى” الذي استغرق منه قرابة السنتين، وكنت بجانبه خلال ذلك الفيلم منذ اللحظة الأولى للتحضير حيث كتابة الورق، وحتى اليوم الأخير من تصوير الفيلم، فلم أفارقه يومًا خلال ذلك العمل.

3- في بداية العمل لم يكن مريضًا، ولكنه كان يمر بحالات تعب ثم يعود مرة أخرى، فقد كان رجلًا لم ينوِ إطلاقًا أن يمتنع عن العمل في أي لحظة، وكان عمله هو ما يجعله يواصل  الحياة بشكل أو بآخر.

4- كانت علاقتي به علاقة أبوية بالدرجة الأولى خارج إطار العمل، فعند وفاة والدي، كنت أقوم بتحضير فيلم “الحياة منتهى اللذة” وأصر أن يحضر معي العرض الأول وألا يُعرض له كعرض خاص، حتى يُعوضني غياب والدي ويكون معي بدلًا منه.

5- ظل لفترات طويلة هو السند لي في الحياة بعد والدي، وعلى الرغم من علاقته الطيبة بكل من تتلمذوا على يده، إلا أنه كان يُفضلني بشكل ما، فكان يرى أنني أكثر من يفهمه، فكانت لدي طولة بال حتى أعرف ما يرغب بالتحديد.

6- عملت كمساعد مخرج مع عدد كبير من المخرجين العظام، ولكنه كان مختلفا بصورة كبيرة، فلم أرى مخرجا يُحَضِّر “ديكوباج” لمشاهد 80% من الفيلم قبل أن يبدأ في التصوير حتى يكون دقيق أثناء فترة التصوير ولا يضيع أي وقت، ويعلم مواعيد كل مشهد ومتى سيصوره وكيف، وكان ينفذ الديكوباج بالضبط.

7- أتذكر أن التحضير كان يستغرق ما يقرب من سنة في بعض الأحيان، فعند بداية عملي معه في فيلم “إسكندرية نيويورك” لم أكن حامل بابني الأول، وعند حضوري العرض الأول في الفيلم كنت حامل في الشهر الثامن بابنتي الثانية.

8- لم يكن يقبل أي أعذار مرضية، فبعد ولادتي ليوسف بأسبوع طلب مني النزول للتصوير في فيلم “إسكندرية نيويورك” وعندما تعذرت بابني قال لي: “عشان يوسف الصغير هتسيبي يوسف الكبير؟”، وبالفعل بدأت في العمل وكان معي يوسف وعند خروجي من البلاتوه كنت أجده هو من يحمل يوسف.

9- علمني الالتزام بالمواعيد بصورة كبيرة، فهو كان يقدس مواعيد العمل، حتى أنني أشعر بجرم عند تأخري عن المواعيد بصورة بسيطة واستمر في الإعتذار حتى لو كان تأخيري لن يتسبب في أية مشكلة.

10- لم يكن يبخل على أي شخص بأي معلومة ويهتم بإشراك الجميع في كل التفاصيل حتى يفهموا، وكان دائمًا ينصح في الحياة العملية نفس نصيحة الحياة الشخصية، فهو من علمني ألا أفعل شيئا غير راضية عنه، وأن ذلك يُعتَبَر إهانة، وألا أخرِج فيلم فقط من أجل الإخراج.

11- أرى أن المخرج يسري نصر الله هو أكثر من تشرب من فلسفة يوسف شاهين، وكل تلاميذه تعلموا منه، ولم يقلدوه، فكان يعلمنا جميعًا أن هناك سبب لكل “تكنيك إخراجي”.

12- هناك العديد من المخرجين الجيدين لكن لم يصل أحد إلى ما وصل إليه يوسف شاهين، فلم يهتم أحد اهتمامه بالسينما، فهو لم يهتم أبدًا بأي ماديات، حتى أنه لم يعرف أجره، فكان كله اهتمامه منصبًا بالسينما.

13- عندما كان يراني حصلت على سيارة جديدة كان يسألني هل أشتريتها أنا أم والدي جلبها لي، فإن كانت إجابتي أن والدي من اشتراها كان يرى أنه بذلك “بيدلعني” لكن لو كنت أنا من اشتراها كان يرى إني “مسرفة” طالما أنني لم أصرف تلك الأموال للسينما.

14- ذات مرة طلب مني أن أطلب من المدير المالي 700 جنيه، لأنه يتحرج أن يطلبهم منه لأنه مبلغ كبير، كنت في حالة ذهول، وذات مرة سألني: “تفتكري المفروض يبقى أجري كام؟”. كما أن جابي جوري، ابن شقيقته، هو من كان يقرر له أن يشتري السيارات الجديدة، من شدة عدم اهتمامه بتلك الأمور.

15- عندما قامت الثورة تذكرته، حيث أنه لو كان حي في تلك الفترة لأجبرنا على النزول والمشاركة فيها، فهو كان يأخذنا معه دائمًا في المظاهرات، فكان يهتم بكل ما يحدث حوله، ويتابع كل جديد.

16- كان يكره بشدة فيلم “أنت حبيبي” وكان يتضايق جدًا من حبي له، ويقول لي “انت حمارة مبتفهميش” ولكني كنت أعانده وأخبره ألا يُفرض عليّ أراءه.

19- لم أحضر عمل والدتي زهرة العلا، معه في فيلم “جميلة” ولكنه كان يُحبَّها بشكل كبير، ودائمًا كان يعبر عن عدم تصديقه أني بنتها لما أنا عليه من مشاغبة دائمًا فيقول لي: “أمك كانت جميلة ونسمة”، فأخبره أني لست هي حتى يقارنني بها.

20- كانت والدتي ترى أنه مجنون وكانت سعيدة جدًا بعملي معه، فقد كانت معارضة في البداية بصورة كبيرة للعمل في مجال السينما، ولكنها اطمأنت عندما عملت معه، وكانت ترى أنني حتى لو أخرجت العديد من الأفلام فأفضل شيء أن أعود وأعمل كمساعد مخرج ليوسف شاهين.

21- في البداية كنت لا أرغب في العمل معه، لأنني كنت أعرف أنه يمكن أن يشتمني وكنت أعلم أنني لن أقبل بذلك وسأرد الإساءة، ولكن خالد يوسف وعدني أنه لن يفعل ذلك، وفي مقابلتي الأولى له عرفني “خالد” كمساعد اسكريبت، فقال يوسف شاهين إنه لا يحب السكريبت، فأخبرته أني أعلم ذلك بعند، فذهِل من ذلك وكانت صدمته أكبر عندما علم أنني ابنة زهرة العلا.

####

قائمة الأفلام المجهولة ليوسف شاهين

نرمين حلمي

من وحي الإثارة والحركة والرومانسية والتأريخ والكوميديا، طلت أفلام المخرج العالمي الراحل يوسف شاهين على أهل السينما وعشاق الفن، ومع حلول ذكرى وفاته اليوم الموافق 27 يوليو، نحي الحديث عن ما قدمته “مدرسة شاهين” للفن، والذي لم يقتصر فقط على الأفلام الروائية الطويلة، بل أمتد ليشمل بقية أنواع الفن السابع.

بالبحث في فيلموجرافيا “شاهين”، بموقع شركة الإنتاج والتوزيع “أفلام مصر العالمية”، التي أسسها “شاهين” عام 1972، وجدإعلام دوت أورج تاريخ أبرز الأفلام الروائية القصيرة والتسجيلية، والتي لم تحظ بنفس الشهرة، التي نالتها أفلامه الروائية الطويلة الأخرى، بالرغم من تنوعها وأهميتها، وهو ما نستعرضه خلال السطور التالية:

1- “بعد 47 سنة

أنتجت شركة “أفلام مصر العالمية” فيلم “بعد 47 سنة” عام 2007، تحت قيادة المخرج يوسف شاهين، ومن تمثيله أيضًا إلى جانب الفنانين: كريم قاسم ويسرا اللوزي، ومدير التصوير رمسيس مرزوق، كما إنه تُرجم للغتين الإنجليزية والفرنسية.

وهو فيلم قصير يستغرق مدة عرضه “3:30 دقيقة”، وبحسب ما ذكر الأرشيف الخاص بموقع “أفلام مصر العالمية”، فهو فيلم لمختارات فرنسية عام 2007، احتفالاً بالذكرى الستين لمهرجان كان السينمائي، والفيلم عبارة عن مجموعة من 34 فيلمًا قصيرًا، من إخراج 36 مخرجًا مشهورًا، قدم المخرجون، الذين يمثلون 5 قارات و25 بلدًا، تصوراتهم المستوحاة من السينما.

2- “11 سبتمبر

عرفت عدسة “شاهين” الأفلام الجادة والمغايرة للسائد والمعتاد؛ مثلما قدم وجهة نظره الخاصة في فيلمه الروائي القصير “11 سبتمبر”، والذي عُرف أيضًا بـ “صورة واحدة” وهو من تأليفه وإخراجه، والذي لم يتجاوز مدة عرضه الـ 9:11 دقيقة.

وَقع الاختيار على “شاهين” ليكون جزءًا من مشروع بدأه منتج فرنسي، وضم 11 مخرجًا من مختلف أنحاء العالم؛ لتقديم رؤية سينمائية حول ما حدث في نيويورك وواشنطن في سبتمبر 2001؛ حسب وجهة نظر والرؤية الثقافية والسياسية التحليلية لأسباب ونتائج الحادث لكل منهم، والذي نتج عنه فيلم كامل يضم 11 رؤية مختلفة، تصل مدته مائة وإحدى وعشرين دقيقة، يطرح العديد من التساؤلات حول تلك القضية عام 2002.

تُرجم “11 سبتمبر” للإنجليزية، وضم نخبة من النجوم، منهم: نور الشريف، أحمد هارون، سيف الدين، سناء يونس، أحمد فؤاد سليم، ماهر عصام، إيفيلين سليم.

3-“كلها خطوة

بزغ نجم الفنان هاني سلامة في سماء الفن من خلال الشاشة الذهبية؛ من خلال فيلمي: “المصير” 1997 و”الاَخر” 1999، على يد أستاذه المخرج يوسف شاهين، كما وصفه “سلامة” بـ “الأستاذ الذي اكتشف موهبتي أصلاً وإني أنفع في المجال عمومًا”؛ بحسب تصريحاته في إحدى لقاءته التلفزيونية، فكان لـ “سلامة” معه تجربة أخرى لفيلم قصير، نُفذ ما بين الفيلمين السابق ذكرهما، معنون بـ “كلها خطوة” في عام 1998.

 “كلها خطوة” والذي يتقارب وصف زمنه من وصف اسمه؛ حيث إنه لم يتجاوز مدة عرضه الـ 4 دقائق، تناول رؤية خاصة حول الألغام الأرضية الموجودة في مصر، من خلال هجوم ساخر على الحكومة وقيمة الحياة البشرية في نظرها، ولم يكتفِ “شاهين بتقديمها باللغة العربية، بل تُرجم إلى اللغة الإنجليزية أيضًا، وشارك في هذا الفيلم نخبة من النجوم، الذين لمع بريقهم الفني، في بداية طريقهم على يد “شاهين”، هم: هاني سلامة، ومحمد رجب، وروجينا، وأحمد فؤاد سليم، وماجدة الخطيب.

4-“القاهرة منورة بأهلها

اعتمد “شاهين” على لغة الصورة أكثر من الحوار في فيلم “القاهرة منورة بأهلها”؛ حيث أحتوى الحوار على عدة رسائل غير مباشرة، كشفت عن مدلولاتها الصورة المصاحبة لها، واعتمد على الدمج ما بين نوعي: الفيلم التسجيلي والروائي؛ حسبما ظهر “شاهين” ذاته في الفيلم، وكأنه يبعث لنا كواليس تصوير فيلمًا اَخر داخل فيلم “القاهرة منورة بأهلها” عام 1991، وأعلن ذلك جليًا ضمن سياقه حينما اختتمه، قائلاً: “فركش يا ولاد”، قبل نزول التتر وإعلان النهاية الرسمية للفيلم الأصلي.

أراد “شاهين” أن يقدم “القاهرة منورة بأهلها” برؤيته، والتي تضمن تناول قضايا إجتماعية بعينها، مثل: البطالة والتطرف والتكدس السكاني وغيره من الأوبئة الإجتماعية والإقتصادية، وكأنه يريد أن يلقي الضوء عليها بصورة أكثر قربًا من المُشاهد، قد تثير لغتها النفس البشرية، أكثر من بعث الرسالة في سياق حواري يشمله الفيلم بين ممثليه، والذين تنوعوا بالمناسبة ليشملوا عددًا لا بأس به من النجوم في المجال حاليًا، سواء في مجالي الإخراج أو التمثيل، مثل: خالد يوسف، وخالد النبوي، وباسم سمرة، وحسين الإمام.

قَدم “شاهين” في 23 دقيقة، مجموعة متنوعة من الكادرات السينمائية، متعددة الزوايا والتفاصيل، فظهر البُعد السينمائي البليغ، الذي يريد أن يبعثه “شاهين” للمُشاهد من خلال اللقطات المختلفة، والتي صُورت في مختلف المناطق الشعبية والأحياء الفقيرة؛ فظهر الجانب التسجيلي من خلال التركيز على تلك المناطق، وسكانها الأصليين، الذي أعتمد “شاهين” على تصويرهم بلقطات الـ “Close up shots”، والتي تركز على ملامحهم عن قرب، إلى جانب اللقطات التمثيلية ضمن السياق الروائي الذي أختاره “شاهين” في الفيلم.

5-“انطلاق

ذات مرة روى المخرج خالد يوسف، الذي شارك أستاذه “شاهين” في إخراج عدة أفلام سينمائية، اَخرها “هى فوضى”، عن قصة معرفته بمعنى “الوطن” من “شاهين”، حسبما صرح سابقًا في مؤتمر صحفي عن ماهية مفهوم “الوطن” لدى يوسف شاهين، متمثلاً في “البشر” وليس “الحجر”، لافتًا إلى ما أوضحه له “شاهين” حينما أعرب عن سر اختياره لهويته المصرية في حياته، قائلاً: “كان ممكن ميبقاش مصري، ويختار أي جنسية في العالم، وهو سأل نفسه ليه مُصر يبقى مصري؟” فأجابه ببساطة وقتئذ: “أنا أكتر ناس حبتهم كانوا المصريين وبالتالي أنا منتمي لمصر”.

وهو الأمر الذي يفسر مدى اهتمام “شاهين” بالقضايا الوطنية أو السياسية سواء المحلية أو الدولية؛ ولذلك نجد له أعمالاً فنية مختلفة، تتبنى مناقشة العديد من القضايا الشائكة؛ إلى جانب ما نفذه لتوثيق بعض الانتصارات المصرية والوطنية الهامة مثلما حدث في فيلمه التسجيلي “انطلاق” 1973، والذي تناول حرب السادس من أكتوبر 1973 بين مصر وإسرائيل في مدة عرض لا تزيد عن 15 دقيقة.

6-“ سلوى الفتاة الصغيرة التى تكلم الأبقار

روى فيلم “سلوى الفتاة الصغيرة التي تكلم الأبقار” قصة طفلة صغيرة كانت تعيش في قرية على حافة الأراضي الجديدة، التي يتم ريها وفقًا لمشروع السد العالي، تذهب الطفلة إلي المشروع كل ما تحين لها الفرصة؛ لأنها تربطها علاقة حب مع بقرة في المشروع تسميها “سلوى”، ولكن البقرة تموت فتحزن عليها الطفلة، فتذهب الدكتورة البيطرية المسؤلة عن المشروع إلى القرية، وتعطي الطفلة بقرة جديدة، وتسلم الدولة الأراضي الجديدة إلى أهالي القرية.

قَدم “شاهين” فيلمه الروائي القصير “سلوى الفتاة الصغيرة التي تكلم الأبقار”، الذي تُرجم للغة الإنجليزية، من تأليفه وإخراجه عام 1972؛ أي بعد مرور سنة من افتتاح مشروع السد العالي عام 1971، في مدة لا تزيد عن 19 دقيقة، وشارك في تمثيله، نخبة من الفنانين، هم: عايدة رياض، وجلال عيسى، وحمدي أحمد، ونادية، والطفلة حنان.

7-” عيد الميرون

تناول “شاهين” ثقافة الدين المسيحي وطقوس خاصة به؛ في فيلمه “عيد الميرون”، من خلال الحديث عن إحتفالات “الميرون المقدس” خلال الصوم الكبير عند الأقباط؛ حيث يدور فيلمه، حول زيت مقدس تستخدمه الكنيسة خلال المناسبات الخاصة في مصر.

قدم “شاهين” مشاهد الفيلم في مدة لا تزيد عن 12 دقيقة، والتي صورت أغلب لقطاتها من وسط مظاهر إحتفالات الكنيسة في مصر عام 1967، كما تُرجم الفيلم للغة الفرنسية أيضًا، وشارك في تمثيله، مجموعة من الفنانين، منهم: محمد توفيق، حسين عسرو، محمد مرشد.

####

7 اتهامات طاردت يوسف شاهين

كريم فرغلي

ظل يوسف شاهين اسما مثيرا للجدل مخرجا وإنسانا .. وسواء كنت من محبيه أم لا .. فلا بد أنك استمعت – أو ربما اقتنعت- بواحدة على الأقل من 7 تهم حاصرته حيا وربما لاتزال تطارد روحه حتى الآن رغم مرور 8 سنوات على رحيله !

7- أفلامه مبهمة وغير مفهومه ..

رسخ انطباع الغموض والإبهام في أفلام يوسف شاهين لدى المشاهد المصري والعربي بسبب مايسمى في تاريخه بمرحلة السيرة الذاتية وهي الأفلام التي جسد خلالها تفاصيل طفولته وعقده ومشاعره ، لكنها لم تزد عن 4 أفلام من مجموع 36 فيلم هي ( اسكندرية ليه 1979) (حدوته مصرية 1982) (ااسكندرية كمان وكمان 1990) ( اسكندرية .. نيويورك 2004 ) وربما كان للشكل الفني الذي اختاره شاهين للأفلام الأربعة دورا في صعوبة تلقيها لدى المشاهد العادي حيث اختار أن يقدم رؤيته الذاتية لوقائع حياته لا أن ينقلها حرفيا كما هي لأنه لا يريد أن يصنع فيلما وثائقيا بل أراد أن يجسد مواجهه مع النفس يستدعي من خلالها أفكاره وأحلامه وذكرياته .

في فيلم (حدوته مصريه ) على سبيل المثال جسد شاهين المرحلة التي خضع فيها لعملية جراحية في القلب من خلال محاكمة ذاتية تعقد في قفصه الصدري كمواجهة بين طفولته التي جسدها يحيى الصغير ذلك الطفل المتمرد و بين يحي الكبير – شاهين نفسه – محاسبا إياه على كل ذنوبه وخطاياه وهزائمه في مزيج مبتكر بين الواقع والخيال.

ولا شك أن شاهين قد تأثر في تلك الأفلام بمخرجين عالميين كبار أمثال الإيطالي فلليني و الفرنسي تريفو والأميركي وودي آلان إلا أنه يظل المخرج المصري والعربي الوحيد الذي قدم أفلام السيرة الذاتية للمخرج بهذا الكم من التكثيف والجرأة وهي نوعية صعبة جدا لعدة أسباب (قد نتاولها في مقال مستقل) منها ما تتطلبه تلك الأفلام من تعرية كاملة لأدق مشاعر وعورات المخرج النفسية والحياتيه أمام المشاهدين وإلا فقدت مصداقيتها ، إضافة إلى دقة اختيار التفاصيل وصياغتها في إطار فني يشعر المشاهد بالتماهي والتعاطف معه .. يقول نزار قباني : على المبدع الحقيقي ألا يخجل في نقل سريره أمام المارة على قارعة الطريق !!

6- فشلة جماهيريا و ضعف إيرادات أفلامه

في عالم السينما ( وربما الفنون عموما) يصعب اعتبار الفشل الجماهيري تهمه أو خطية تنتقص من قدر المبدع لأن تاريخ السينما المصرية بالتحديد يؤكد الفشل الجماهيري لعدد كبير من الأفلام التي تضمنتها قائمة أفضل 100 فيلم سينمائي مصري ( أعدها النقاد سمير فريد وأحمد الحضري وكمال رمزي) مثل ( المومياء) ل شادي عبد السلام (شيء من الخوف ) ل حسين كمال ، ( بين السما والأرض) ل صلاح أبو سيف وغيرهم .. وفي المقابل سنجد عدد كبير جدا من الأفلام عديمة القيمة الفنية والتي نجحت جماهيريا بالرغم من ذلك ، بدءا بأفلام (مستر اكس) لفؤاد المهندس مرورا بلمبي محمد سعد وصولا لأفلام الملاهي الليلية لمغنيها المفضل سعد الصغير وراقصاته .. طبعا هي ليست قاعدة أن يسقط الفيلم الجيد وأن ينجح الردئ ولكن في نفس الوقت جماهيرية أي فيلم ليست دليلا كافيا على جودته فنيا والعكس ، بل إن الجمهور ذاته قد يعشق أفلاما لم يحالفها الحظ في عرضها السينمائي الأول .

5- دعوته للمثلية الجنسية

في السينما المصرية لم يكن شاهين هو المخرج الأول ولا الوحيد الذي قدم في أفلامه أبطالا مثليين .. فعلها سمير سيف في (قطة على نار ) و (الراقصة والسياسي ) و(ديل السمكة) وصلاح أبو سيف في (الطريق المسدود) و (حمام الملاطيلي)  وعلي عبد الخالق في (عتبة الستات ) و (المزاج ) و كمال الشيخ في (الصعود إلى الهاوية ) وعاطف الطيب في (كشف المستور) وغيرهم ..

وحتى بعد وفاته استمر المخرجون في تقديم شخصيات مثلية في أفلامهم مثل داوود عبد السيد في (رسائل البحر) وهادي الباجوري في (واحد صحيح) ومروان حامد في (عمارة يعقوبيان) و هاني فوزي في ( أسرار عائلية)   ..

والحقيقة أن تقييم الفنون لا بد أن يتم وفق المعايير الفنية فقط لا المعايير الأخلاقية أو الدينية وإلا تحتم علينا مصادرة أدب نجيب محفوظ لأنه – أدب دعارة – حسب تصريح قيادي سلفي سنة 2011 ، أو تحطيم التماثيل العارية لمايكل أنجلو أو بوذا كما فعلت طالبان سنة 2001 !!

4- ساعة أحمد مظهر التي منعت شاهين من الوصول للأوسكار

هي  شائعة رائجة جدا ولكنها غير صحيحة وهي ارتداء أحمد مظهر ساعة يد بالخطأ ضمن أحداث فيلم صلاح الدين حيث أن ساعات اليد لم تكن قد تم اختراعها بالطبع في زمن الفيلم ، ولابد أن نعترف بأنه في تاريخ السينما المصرية الذي يبلغ تقريبا 4000 فيلما منذ إنتاج أول فيلم مصري درامي ناطق طويل سنة 1932 وحتى الآن لم يصعد مخرج مصري واحد ليتسلم جوائز أهم وأعرق ثلاثة مهرجانات سينمائية في العالم هي ( كان – فينيسيا – برلين)  سوى يوسف شاهين .

ربما أقصى ما تم تحقيقه هو التنافس على إحدى الجوائز ما يعتبر خطوة مهمة بالطبع  ( 24 فيلما مصريا تنافسوا في “كان” دون الفوز بأي من جوائزه منها “الحرام” لبركات “بعد الموقعة” ليسري نصر الله و “اشتباك” لمحمد دياب وجائزة واحدة حصدها في “برلين” هذا العام فيلم “آخر أيام المدينة” للمخرج تامر السعيد )

لذا يظل شاهين وحده هو من حقق للسينما المصرية تلك الإنجازات الكبرى في المهرجانات الثلاثة الأهم والأعرق  بين آلاف المهرجانات السينمائية حول العالم حيث حصل على الدب  الفضي في برلين 1979 – السعفة الذهبية في كان 1997 و جائزة اليونيسكو في فينيسا 2003 .

وربما يدرك قيمة تلك الإنجازات من احتك عالميا بوسط ثقافي أو سينمائي وواجه ذلك السؤال المتكرر الكاشف : ماذا حققت السينما المصرية من جوائز وإنجازات في المهرجانات الكبري مقابل السينما الإيطالية والإيرانية والجزائرية .

3- تطابق الآداء لممثليه

محمود المليجي فضل 30 سنة بيضرب الناس .. طب ازاي عرفتو إنه ممثل كويس ؟! لما اشتغل في الأرض ” بهذه الجملة يرد شاهين بنفسه على اتهام قولبة ممثليه في آداء موحد  .

و لا شك  أن هناك ممثلين تأثروا بالطريقة (الشاهينية) في الآداء لكن وكما رد هو كان هناك أسماء عديدة قدمتها سينما شاهين بشكل فاجأ الجمهور وأعاد اكتشاف قدرات أصحابها على رأسهم العظيم محمود المليجي والقديرة محسنة توفيق .

هذا بالإضافة إلى قائمة الأسماء التي اكتشفها شاهين من الأساس مانحا لهم مساحات إبداعية حرة في أدوارهم الأولى ضمن أفلامه أمثال : عمر الشريف ، محسن محي الدين ، عبد الله محمود، أحمد سلامة، روبي، يسرا اللوزي ، هاني سلامة ، أحمد وفيق وغيرهم.

2- أفلامه متشابهه

ليس عيبا أن يتخصص المخرج في شكل فني يغلب على معظم أو كل أفلامه كما غلبت الواقعية على أفلام عاطف الطيب مثلا أو البوليسية على كمال الشيخ أو الكلاسيكية على عز الدين ذو الفقار .. ولكن التنوع الأكثر ثراء في نوعية أفلام المخرج الواحد كان ولا شك من نصيب يوسف شاهين حيث قدم الفيلم الكوميدي في(بابا أمين) والغنائي في (انت حبيبي) والاستعراضي في ( اسكندرية نيويورك ) والسيكولوجي في (باب الحديد) والبوليسي في ( الاختيار) والسريالي في ( حدوته مصريه) والسياسي في (جميلة) والواقعي في (هي فوضى) والتاريخي في (صلاح الدين) والملحمي في (المهاجر) .

كما رصد في أفلامه  التحولات الاجتماعية والسياسية لمصر و ناقش الظلم والقهروالفساد و دافع عن الحق والمساواه و حرية الفكر مؤكدا على أنها (المصير) لأن  – الأفكار لها أجنحة محدش يقدر يمنعها توصل للناس ، و ربما الأقرب لعشق التنوع ذاته كان حسين كمال وشريف عرفه ولكن هناك نوعية أفلام تفرد شاهين بتقديمها حتى هذه اللحظه بين المخرجين المصريين والعرب، ما ساهم ربما في امتلاكه النسبة الأكبرمن قائمة أفضل 100 فيلم في السينما المصرية ب 11 فيلما يحمل توقيعه .

1- صنع من تلامذته نسخ مكرره منه

ربما يعتبر خالد يوسف ويسري نصر الله هم أشهر تلامذة المخرج الراحل وربما كان نصرالله هو الأكثر تأثرا به لكن مالا يعرفه الكثيرون هو أن عدد كبير من المخرجين المصريين بلغوا  12 مخرجا من أجيال مختلفة هم خريجي مدرسة يوسف شاهين منهم على بدرخان ، داوود عبد السيد، خيري بشارة ، محمد شبل، كمال منصور، خالد الحجر ، رضوان الكاشف ،محمد علي ، عماد البهات ، و أمير رمسيس .

والمتتبع لأعمالهم يمكن له بسهولة إدراك استقلالهم الفني بنسب متفاوته لكنها ملحوظة ومتباعده عن أستاذهم العظيم .

يوسف شاهين في سطورمن مواليد 1926 درس في كلية فكتوريا وسافر إلى الولايات المتحدة حيث درس التمثيل والإخراج في جامعة باسادينا كما عمل مع رواد السينما الإيطالية مثل أورفانيللي .

توفى عام 2008 بعد أن أنجز 36 فيلما روائيا طويلا و 6 أفلام روائية قصيرة .

مراجع :

سينما يوسف شاهين –    سعاد شوقي

سينما يوسف شاهين   –   محمد الصاوي

المجموعة الكاملة للناقد سامي السلاموني

موقع "إعلام.أورغ" في

26.07.2018

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)