كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

يوسف شاهين..... والآن الرحيل

محمد رضا

عن رحيل

يوسف شاهين

   
 
 
 

يوسف شاهين..... والآن الرحيل

محمد رضا

عن رحيل العملاق

يوسف شاهين

   
 
 
 
 
 

بعيداً عما ينتشر عادة من كلام طنّان في مثل هذه المواقف، فإن سينما يوسف شاهين التي عرفت مؤيدين ومنتقدين، كانت العنوان الكبير للسينما العربية في أكثر من مناسبة دولية٠ أفلامه من »باب الحديد« في نهاية الخمسينات هي إما تعاملت مع رقع إنتاجية عالمية، او هدفت الى التواجد عالمياً على الساحة بإمكانياتها الذاتية او، كما الحال منذ السبعينات، عرفت كيف تشق طريقها كنتاجات مشتركة وعلى الساحة العالمية كأفلام مصرية (او عربية إذا أردت- تحديد ذلك ليس هنا)٠

كناقد وكهاو للسينما تابعت أعمال هذا المخرج، وما فاتني منها باكراً شاهدته لاحقاً حين عروضه التكريمية او في مناسبات خاصّة أخرى. وكانت علاقتي مع سينماه تختلف عن علاقتي مع سينما مبدعين آخرين سواء في العالم العربي او حول العالم بأسره. سينما يوسف شاهين عرفت مراحل بالطبع، إذ بدأت كأعمال كوميدية وعاطفية خفيفة ، ثم انتقلت الى صنف الإنتاجات الكبيرة ، ثم الى سينما ذاتية مؤلّفة من الذكريات والملاحظات الشخصية حول نفسه وحول مجتمعه، وصولاً الى الحفاظ على تلك الذاتية بمقدار عال من التوتّر مع الإنتقال بها الى مراحل ومواقع زمنية وجغرافية مختلفة من »وداعاً نابليون بونابرت« الى »المصير« ومن »المهاجر« الى »الإسكندرية....نيويورك«٠

أميل الى إعتبار أن شاهين كان مخرجاً ذاتياً منذ البداية. إذ تأخذ بعض أفلامه الأولى مثالاً ستجد أن فيها ما يؤلف عناصر أساسية في سلسته الذاتية: الميول الجنسية، تأثير المرأة عليه، إغتراب واختلاف أبطاله. حتى أفلامه التي تعاملت مع الواقع السياسي مثل »العصفور« و»حدّوتة مصرية« كانت ذاتية جدّاً ما يجعل قراءة التاريخ فيها منفصلة ومختلفة. هي ليست مدعاة للثقة المطلقة بأنها وقعت كذلك، لكن ليس فيها ما يخرج عن الواقع وقراءة المثقّف للتاريخ مع اختلاف وجهات النظر فيها٠

ما أثّر في السنوات العشر الأخيرة او نحوها على نصاعة تلك السينما، ليس ذاتيّة النظرة والتعامل، بل قدر كبير من الإعتقاد أن كل شيء يجب أن ينطلق من ذاتية القراءة ما أدّى الي سجال مفرط في تقدير المخرج لنفسه. شاهين، في »الإسكندرية- نيويورك« (فيلمه ما قبل الأخير) لم يعد ذاتياً فقط، بل مؤلّفاً في السيرة الذاتية على النحو الذي يروق لرغبته في وضع صرحه بنفسه٠ حقيقة أن فيلميه القصيرين الواردين في »11/9« و»لكل سينماه«، تحدّثا عن نفسه أكثر عما تحدّثا عن موضوعهما كانت برهاناً إضافياً لوجهته في تتويج نفسه بنفسه وعدم الإكتفاء بتتويج المشاهدين المثقّفين والنقاد له. والنتيجة، للأسف، كانت عكس ما تمنّى٠

رحيل شاهين، مثل رحيل أبو سيف، رضوان الكاشف، صلاح أبو سيف، كمال الشيخ، عاطف الطيب، عاطف سالم وكل مخرج نيّر رحل عن عالمنا في أي مكان من هذا العالم، لن يُعوّض. لقد فتح ثغرة على الشاشة العريضة ستبقى ماثلة في هذا العالم المليء حزناً. والحزن هو ما تعامل يوسف شاهين وكل مبدع آخر معه كدافع داخلي. هو وعدم القدرة على التجاوب مع محيطه بالشكل الذي يعيشه ذلك المحيط. والحزن هو ما يلفّنا جميعاً الآن٠

يوسف شاهين المختلف من بداياته

إنه من دواعي التأمّل اليوم كيف أنه في الوقت الذي كان فيه النقّاد في الستّينات يطالبون السينما العربية بنهضة تلغي نمطها المعتاد ومواضيعها المتكررة ومشاغلها الترفيهية الدائمة، كان يوسف شاهين أحد مخرجين قلّة عكسوا الأمل في إمكانية هذا التغبيير، وهو سريعاً ما أثبت ذلك عبر سلسلة أعماله آنذاك التي بدأت تتغيّر عن السائد ثم تعود إليه في الخمسينات ثم أخذت تتغيّر أكثر قليلاً في الستينات، قبل أن ينتهج سبيلاً مختلفاً غالباً الى مختلف دائماً من السبعينات والى مرحلته الأخيرة٠

أعتقد أن السبب الرئيسي في أن يوسف شاهين استطاع خلال عقوده التميّز عن أقرانه يعود الى أنه كان مؤهلاً للتفكير خارج النمط. ليس لأنه درس في الغرب وأجاد اللغتين الفرنسية والإنكليزية بل أساساً لأنه شعر بأنه مختلف في قرارة نفسه - وهو كان كذلك٠

مختلف عن كونه مسيحياً في مهنة معظم من فيها مسلمين، مختلف من حيث ميوله الجنسية ومختلف من حيث ثقافته وتردّده -أكثر من سواه- على الثقافة السينمائية ينهل من عالمها لا الأفلام والمواضيع، فهو لم يفعل ذلك، بل الحالة الفنية والثقافية التي تطرحها والتي سريعاً ما أصبح واحداً من معالمها٠

تأثير ذلك عليه كان متعدداَ. إذا ما تمعّن المرء بعناصر الصورة التي تألّف منها »باب الحديد« لوجد أن لغته كانت مختلفة عن لغة أترابه المصريين. واقعيّته في ذلك الفيلم كانت بدورها مختلفة عن المنحى الواقعي للمخرجين الجيّدين الآخرين (صلاح أبو سيف) او لنفس للمنحى الواقعي للمخرجين العاديين (نيازي مصطفى بين عديدين). هذا الإختلاف بذرة ما عُرف لاحقاً عن سينما شاهين بأنها غربية المواصفات٠

بعض النقاد نظر الى هذا الإختلاف معجباً والآخر مهاجماً، لكن إذا ما كان الحكم على النتائج فإن تفكير شاهين المختلف والمنفصل الى حد بعيد عن تفكير سواه أثمر عن كل ما نعرفه عن سينماه من حيث عناصرها الفنية أولاً ومن حيث كيفيته في التعبير عن حاجاته الخاصّة ضمن مساحاتها الدرامية والميلودرامية المترامية ثانياً ومن حيث ملكيّته استحداث طريقته في السرد التي اختلفت كثيراً عن طريقة سواه ثالثاً ٠

يوسف شاهين كان قادراً على أن يتحدّث عن نفسه طوال الوقت بينما كان نقّاد الجيل السابق يعاملون أفلامه الأولى في الخمسينات والستّينات على أساس أنها قصصاً منفصلة كشأن القصص التي تقع بين أيدي المخرجين الآخرين في تلك الفترة٠ كان بعضهم يلاحظ أن بعض أفلامه يختلف عن تلك التي يوفّرها أترابه (من فطين عبد الوهاب الى حلمي حليم وعز الدين ذو الفقار وصولاً حينها الى صلاح أبو سيف) لكنه لم يكن قادراً على تحليلها في أبعاد تتجاوز الإختلاف الماثل بسهولة. اليوم نرى أن حتى »صراع في الوادي«، الذي كان أحد أعماله الأولى تماماً كان يعكس يوسف شاهين الذي في »باب الحديد« وأن »باب الحديد« إنما هو جزء من الصورة التي كوّنها شاهين عن نفسه في أفلامه الذاتية »الإسكندرية ليه« و»الإسكندرية كمان وكمان« و»حدوتة مصرية«،٠

شاهين كان علامة إيجابية في تاريخ هذه السينما، وككل علامة أخرى في كل حقل آخر هي علامة لا تتكرر بالشكل نفسه وبالمعطيات ذاتها. كانت سينماه أعمالاً ذاتية وأنت لا تستطيع أن تكون هو في أي وقت تختاره لمجرّد أن استنساخ أسلوبه٠

مدونة "ظلال وأشباح" في 27 يوليو 2008

 
 
 

الأب الروحي للسينما العربية الحديثة

يوسف شاهين.فن السينما وفن عدم الخضوع

شاهين : بحث "الهوية" وفن "عدم الخضوع"

بقلم صلاح هاشم

يوسف شاهين الذي توفي اليوم عن 82 عاما ، هو ببساطة، هرم ثقافي من اهرامات مصر الثقافية، انه اشهر واهم مخرج مصري عربي في العالم كله، وأفلام شاهين، هي كنز من كنوز وتراث مصر الثقافي السينمائي العريق. انه " بوابة " ثقافية عملاقة، الي تاريخ هذا البلد مصر الذي انجبنا وحضارته

وأفلامه في مجملها، التي تنضح عذوبة وحلاوة بحب هذا الوطن، الذي ينتمي اليه بافتخار، وعشق أهله في بر مصر العامرة بالخلق، تقدم أعظم " بانوراما " اي مسح دقيق شامل ، لتاريخ مصر الثقافي والاجتماعي والسياسي ، والتطورات والتغيرات التي طرأت عليه، بل لقد دخلت مجموعة من افلام شاهين العملاقة، مثل " الارض " و " حدوتة مصرية " و " العصفور " و " باب الحديد " و " الاسكندرية ليه " و " الناصر صلاح الدين " وغيرها، دخلت تاريخ السينما باقتدار من اوسع باب، وتعد الآن من " كلاسيكيات " السينما العظيمة

ان جو - لقب يوسف شاهين - هو الأب الروحي للسينما العربية الحديثة، بأسلوبه السينمائي الذي استحدثه، فهو المؤسس لهذه " السينما الحديثة " منذ بداية الستينيات في أفلام مثل " الاختيار " و" عودة الابن الضال "ن التي تتجاوز حدود الوطن, وتستشرف - بعد هضم وتمثل - انجازات السينما الحديثة - علي مستوي المضمون والشكل ، في أعمال فيلليني وانطونيوني من ايطاليا، وجان لوك جودار، ورواد " الموجة الجديدة الفرنسية " في أواخر الخمسينيات، آفاق المستقبل، سينما تتجاوز الحكاية التقليدية المكررة المعادة، لكي تبحر في بحر سينما الحداثة ، وتدلف الي داخل المياه من دون خوف او وجل

شاهين المتمرد ضد كافة أشكال القهر ، وظلم السلطة ، هذه السلطة التي لم تنجح ابدا في تدجينه وترويضه ، لكي يشتغل لحسابها، هو أيضا المؤسس لهذا التيار في السينما المصرية، تيار " المكاشفة وسؤال الذات " ، سينما الأنا في " الاسكندرية ليه " و " الاسكندرية كمان وكمان " ثم " الاسكندرية - نيو يورك " وغيرها ، التي تطرح مشاكلها الذاتية الفردية ، وتتواصل من خلال هذه المكاشفة ، تتواصل بجرأة مع الآخر، وتعانق - حين تنطلق من اسرها - تعانق الوجود كله

سينما المتناقضات هذه، التي يمثلها شاهين، هي سينما سياسية بالدرجة الاولي، لأنها تكشف من خلال أزمة الذات ، أزمة وطن، وبحث متواصل عن " هوية " وهي تستكشف تناقضات المجتمع المصري في مناخات القمع السياسي والفكري، والديمقراطية المجهضة ، وغياب المشروع القومي

شاهين هو " رفاعة الطهطاوي " السينما في مصر، ففي حين يعتبر رفاعة ( 1801-1873) رائد نهضة مصر الحديثة ، يجيي حفيده شاهين من بعده ، ليؤسس لرفاعة مصري سينمائي جديد - بعد ان سافر الي امريكا وعاد وهو يحمل حلم التغيير والنهضة مثل جده - ويفرش بساط السينما الحديثة في مصر، ويحقق بافلامه، كما حقق رفاعة بنضاله وكتبه وافكاره ومدرسة الالسن- يحقق دخول السينما المصرية الي عالم جديد وعصر جديد،وتواصلها مع العالم. جرب شاهين كل الانواع السينمائية ، وحقق افلاما ممتازة في كل نوع، كما في فيلمه " بياع الخواتم " بطولة فيروز الكوميدي الموسيقي، وتبعه بعد سنوات بفيلم من نفس النوع ، فيلم " سكوت حنصور " ، وفي " نوع" الفيلم التاريخي ايضا ، حقق شاهين فيلم " صلاح الدين " و" وداعا بونابرت " و " المهاجر " ، وهي افلام شلمخة علي مستوي النوع، وتحسب لشاهين، و ذلك قبل ان تصبح افلامه في ما بعد، افلاما هاربة من حدود النوع ، و منفتحة اكثر علي كل التصورات والاحتمالات والرؤي، ومثيرة بالتالي اكثر للنقاش والجدل، ولم يهدأ شاهين ابدا ، وكان ينفخ من روحه في نفس تلك الاجيال التي وعت درسه الحداثي ، وتعلمت منه ، وحتي من دون ان تلتقي به ، فقد كانت افلام شاهين ذاتها " كائنات حية " او كيانات حية ، مشحونة بالتأمل والفكر، ومعجونة او بالاحري مخبوزة في فرن شاهين المصري البلدي الاسكندراني بالاسي والهم والفن والضجر والتهكم والتمرد، وهي تحمل هوية مصر الجديدة، أساها وهمها وضياعها وحزنها وتمردها علي اليأس والظلم والقهر، ولا " هي فوضي " وتصرخ كفاية كفاية

ثم تروح تطوف العالم، فتصبح سفيرة لنا في انحاء الدنيا ، وتمنح دور الريادة في الفن السينمائي لمصر من دون جدال وهي تشمخ ب" الفن " الشاهيني ، ومن دون ان يستطيع احد ان ينتزع من مصر هذا الشرف ، لانه مصير مصر وقدرها

قدرها في ان تكون من خلال فنانيها السينمائيين والكتاب والمبدعين دوما في مقدمة المسيرة، و في طليعة الثورة علي الظلم ، وطليعة النهضة ، والكرم المصري الاصيل ، وقد كانت مصر منذ اقدم العصور أول من يفتح للمشردين في العالم حضنها ،اول من يفتح الابواب لاستفبال المنفيين المعذبين والغرباء في اوطانهم وحتي داخل جلودهم، وهي تقول لهم اهلا ومرحبا ، وكان هذا وما يزل دورها أم الدنيا

وأفلام شاهين بالذات ، تحتاج الي أكثر من مشاهدة ، لأنها أفلام تحرض - بعد استمتاعنا بقيمتها الفنية وجمالياتها الخاصة ( انظر مثلا الي تكوين الكادر في افلام شاهين، الذي يحتاج وحده الي رؤية متعمقة وتحليل ودراسة مستقلة لا يتسع المجال لها هنا ) تحرض علي التفكير، وتحثنا علي التعبير ، بجرأة مذهلة، بل ولا تستكنف الوقاحة في بعض الاحيان والعنف - أليس العنف الواقع علينا، من طرف السلطات والحكومات اكثر قسوة وعنفا وتوحشا ودموية من عنف السينما ووقاحتها ؟ - وتعلمنا منظومة من القيم ، لعل أهمها قيمة التسامح. أو ليست السينما كما نري حضارة " السلوك " الكبري أولا

افلام شاهين كانت وسوف تبقي" مدرسة " تفتح أبوابها لاجيال السينما العربية الجديدة ، لكي يتعلموا فيها ابجدية الفن السينمائي، ليس فن السينما فحسب ، بل " فن عدم الخضوع " أيضا
وداعا شاهين ، وداع لقطعة شامخة عملاقة، من هذه البلاد التي نعشق، ومؤسسة فنية سينمائية متوهجة و " منورة بأهلها " ، ومتجددة دوما بالعطاء والسخاء والمعارف الجديدة

 

اعتمدت في كتابة هذا المقال ، علي مقال لي بعنوان " يوسف شاهين في السينماتيك الفرنسي " ، كنت كتبته بمناسبة تكريم لشاهين في دار الافلام الفرنسية الشهيرة عام 1996 وكان عمره 72 سنة آنذاك ،وعرض له 31 فيلم في تلك التظاهرة . وكان السينماتيك عرض بالمناسبة فيلم شاهين " الناس والنيل " ، الذي هرب نسخته الي فرنسا بعد ان منعت الرقابة عرض الفيلم في مصر

ونشر المقال في جريدة " الاهرام الدولي " بتاريخ 16 اكتوبر 1996 ، ثم اعيد نشره في كتابي " السينما العربية خارج الحدود " الصادر عن المركز القومي للسينما في مصر عام 1999

صلاح هاشم

 

شاهين في الاعلام الفرنسي المرئي

صلاح هاشم  

شاهين. قلبي يخفق بشدة

وفراشة في معدتي، علي وشك أن تطير

الاعلام الفرنسي المرئي يشيد بمخرج التسامح والالتزام

ضد الارهاب والسلطة القمعية وقهر البشر

باريس. صلاح هاشم 

تري ما هي أبرز ملامح شخصية يوسف شاهين الحياتية والسينمائية ، كما عرضتها وسائل الاعلام المرئي الفرنسي ومحطات التلفزيون، وبثتها مباشرة بعد اعلان وفاته؟

تنشر هنا "سينما ايزيس" كمثال لقطتين من "تقرير مرئي، بثته قناة " اي تيليه "الفرنسية الاخبارية ، احدي القنوات التلفزيونية الفرنسية المتخصصة، وذلك بعد اعلان اليوم الاحد 27 يوليو 2008، خبر وفاة مخرجنا السينمائي العربي الكبير يوسف شاهين عن 82 سنة. ويحكي التقرير عن مسيرة شاهين الحياتية والسينمائية، وكيف كانت افلامه، حربا علي التعصب والتقوقع علي الذات والارهاب، ومع النضال والالتزام والمقاومة، مقاومة كافة اشكال القهر. وكان شاهين اعتبر ان الرئيس مبارك المصري، هو عدو لدود، ليس من جهة كونه انسانا مثل كل البشر، بل من جهة كونه يمثل السلطة القمعية في مصر، وانه يجب الوقوف ضد جبروته، كممثل رسمي لها، وفضح عجزها، وكان شاهين كما يذكر التقرير يؤمن بان من واجبه كسينمائي حداثي وملتزم، ان يعلن الحرب دوما عليها في أفلامه.في حين تحكي اللقطة الثانية - من ذات التقرير - عن حصول شاهين علي جائزة مهرجان "كان" الخمسيني لمجمل اعماله، كأحد أهم وأعظم المخرجين العمالقة في القرن العشرين، ويقول شاهين في اللقطة، وهو يتسلم جائزته عام 1997: "لقد انتظرت هذا التكريم، لسبعة واربعين سنة خلت، واحس الآن بأن قلبي يخفق بشدة مثل طفل، وان فراشة في معدتي، علي وشك ان تطير من الفرح.

وداعا شاهين

مدونة "سينما إيزيس" في 27 يوليو 2008

 
 
 

شاهين.. نهاية حدوتة مصرية

تفاصيل 11 يوماً في الغيبوبة بمستشفي المعادي

عبدالرازق توفيق

توفي أمس المخرج العالمي يوسف شاهين بمستشفي المعادي للقوات المسلحة الذي وصل إليه فجر الأربعاء 16 يوليو الحالي قادماً من فرنسا علي متن طائرة خاصة بعد فشل محاولات علاجه من نزيف بالمخ.

نتج عن "خبطة" بالرأس إثر اصطدامه بجسم صلب وساءت حالته بسبب معاناته من أمراض أخري مزمنة مثل القلب والضغط وسيولة في الدم.

سافر شاهين بعد إصابته بنزيف في المخ في 14 يونيه الماضي بقرار من الرئيس مبارك لعلاجه علي نفقة الدولة لعطائه الفني المتميز.. وتلقي العلاج علي يد أشهر طبيب في العالم في جراحات المخ والأعصاب روجير روبير الذي أجري له عملية جراحية لشفط النزيف الدموي من المخ لكن العملية لم تؤت ثمارها وظل فاقداً للوعي في غيبوبة عميقة دون جدوي أو أمل في إفاقته من هذه الغيبوبة طبقاً لتقرير د. روجير.

اضطر الطبيب الفرنسي الشهير للاجتماع بعائلة شاهين واحاطتهم بكل تفاصيل حالته وأن وجوده في فرنسا لن يحقق أي تقدم أو جديد في علاجه.. واقتنعت العائلة وبالفعل وصل شاهين علي متن طائرة خاصة من فرنسا إلي مستشفي المعادي مباشرة للعناية المركزة.

الفترة التي قضاها شاهين بمستشفي المعادي وفي غرفة العناية المركزة تلقي خلالها العلاج للمحافظة علي الوظائف الحيوية للجسم بعد دخوله في غيبوبة عميقة يصعب الإفاقة منها وقد أجريت له في فرنسا عملية شق حنجري للمحافظة علي وظائف جسده الحيوية ودخول الأكسجين للجسد والمحاليل لاستمرار الحياة.

رغم دخول شاهين في غيبوبة عميقة وعدم درايته بمن حوله إلا أن المقربين حرصوا علي زيارته ومتابعة حالته وعلي رأسهم ابن شقيقته حابي خوري وشقيقاته والفنانون خالد النبوي وخالد يوسف وأشرف زكي وخالد صالح وحنان ترك وعمرو عبدالجليل وهالة صدقي وهالة فاخر وغيرهم من الفنانين وبعض المسئولين ورؤساء النقابات الفنية والسينمائية.

 

الإليزيه ينعي شاهين:

كان شديد التمسك بمصر.. ويدافع عن حرية التعبير

باريس - وكالات:

نعي قصر الرئاسة الفرنسي الإليزيه المخرج الكبير يوسف شاهين الذي وافته المنية أمس بالقاهرة. مؤكدا أن السينما فقدت أحد أشهر من قدموا خدمات جليلة لها.

قال الإليزيه في بيان له أمس إن يوسف شاهين كان شديد التمسك بمصر مع انفتاحه في نفس الوقت علي العالم ودفاعه الشديد عن حرية التعبير وبصورة أوسع عن الحريات الفردية والجماعية. حيث سعي طيلة حياته من خلال الصورة. إلي التنديد بالرقابة والتعصب والتطرف.

أضاف الإليزيه أن موهبة شاهين أتاحت له تطوير مختلف أشكال التعبير الفني وتناول كافة أنواع الأفلام. سواء تلك التي تتحدث عن السير الذاتية أو الأفلام التاريخية أو الأفلام الكوميدية الموسيقية.

أشار البيان إلي أن يوسف شاهين كان مثقفاً يتمتع باستقلال كبير. وأيضاً مدافعاً شرساً عن اختلاط والتقاء الثقافات.

 

.. ووزيرة الثقافة الفرنسية:

صديق مخلص.. ومدافع عن الديمقراطية

باريس - وكالات:

وصفت كريستين البانيل وزيرة الثقافة الفرنسية الراحل يوسف شاهين بأنه مخرج مثقف ومدافع عن الديمقراطية. ظل دائماً مقتنعاً ومؤمناً بإمكانية التوفيق بين السينما كفن وبين الرسالة التي تقدمها شخصياته السينمائية.

قالت البانيل - في بيان لها أمس إنه بوفاة يوسف شاهين الذي وصفته بأنه صديق مخلص لفرنسا. اختفي مخرج ملتزم كان كل فيلم له يشع بنور الحرية ويمثل تظاهرة إنسانية.

أوضحت أن شاهين ظل حتي الشهور الأخيرة في حياته يضع كل ولعه وطاقته الداخلية الجبارة من أجل تحقيق آخر مشاريعه وأفلامه. مضيفة أن أصدقاء شاهين العاملين في السينما الفرنسية سيفتقدون صوته العذب ونظراته المضيئة.

 

وزارة الثقافة تبحث تكريم الراحل

عصام عمران

نعي فاروق حسني وزير الثقافة وفاة المخرج السينمائي الراحل يوسف شاهين وقال في بيان صحفي أمس إن الوزارة تدرس كيفية تكريم الفنان الراحل. بما يتناسب مع دوره التاريخي وعطائه الفني. الذي امتد لأكثر من 50 عاماً.

وصف فاروق حسني المخرج الراحل بأنه أثري العمل الفني في مختلف مجالاته. سواء كان التمثيل أو الإخراج. وذلك بالعديد من الأعمال التاريخية والاجتماعية. وهي الأعمال التي سيذكرها له التاريخ. واعتبر أن رحيل شاهين كان بمثابة خسارة كبيرة للفن المصري والعربي. إلا أن عطاءه سيستمر بعد رحيله. وان الجميع سيذكره بإسهاماته الكبيرة في العمل الفني. عبر مستوياته المختلفة.

الجمهورية المصرية في 28 يوليو 2008

 
 
 

المشوار الفني 58 سنة.. من "بابا أمين" حتي "هي فوضي"

المخرج الراحل يوسف شاهين من مواليد الاسكندرية 25 يناير 1926 درس بكلية فيكتوريا وحاصل علي ماجستير في الدراما والفنون المسرحية من معهد "باسا دينا" بأمريكا. اشتهر بإخراج أفلام مميزة في تاريخ السينما المصرية. منها علي سبيل المثال "باب الحديد" و"صراع في الوادي" و"الناصر صلاح الدين" و"الاختبار" و"العصفور واليوم السادس" و"اسكندرية ليه" و"اسكندرية كمان وكمان" و"حدوتة مصرية" و"وداعاً بونابرت" و"المصير".

مشوار المخرج الراحل بدأ بأول أفلامه بعنوان "بابا أمين" وعرض في 20 نوفمبر عام 1950 وكان عن رواية أمريكية. ثم بعد ذلك قام بإخراج فيلم "ابن النيل" عن رواية أمريكية أيضاً بطلها يشبه شاهين فهو يمتلك الرغبة في معرفة ما يدور في البر الآخر من النهر.

تتابعت أفلام شاهين وهي: "المهرج الكبير" و"سيدة القطار" و"نساء بلا رجال" وهذه الأفلام صنعت مع سابقاتها مرحلة ذات ملامح خاصة فهي أولاً جاءت قبل ثورة يوليو. وثانياً تتميز - رغم تقليدية التناول الظاهر فيها - باختلافها بعض الشيء في لغتها السينمائية عن اللغة السائدة آنذاك. واهتمام مخرجها بالمشهد كوحدة أساسية للبناء الفيلمي.

بعد الثورة وفي عام 1954 بدأت مرحلة يوسف شاهين الواعية فقدم فيلمي "صراع في الوادي" و"صراع في المينا" ونري فيهما الهموم الاجتماعية. حيث معاناة الفلاحين والعمال من قهر الرأسمالية. وكان هذا الاتجاه ممثلاً للخط الفني الموازي للخط السياسي لثورة يوليو منذ بدايتها.

ثم جاء فيلم "باب الحديد" ليكون بداية يوسف شاهين الفعلية. حيث قدم فيه رؤية خاصة للواقعية متأثراً بالإيطالي روسلليني في فيلم "سارق الدرجات". كما ذكر يوسف نفسه أكثر من مرة.

في مجمل وعي يوسف شاهين السياسي اتسم بالمثالية والتلقائية وكان هذا واضحاً في أفلامه "جميلة بوحريد" و"الناصر صلاح الدين" عام 1963 وفجر يوم جديد عام 1965. وبعد ذلك جاء فيلم الأرض عام 1968 ليصبح نقطة تحول في سينما يوسف شاهين. ويجب أن نتذكر أن الفيلم صور عقب نكسة يونيو 1967. ومن هنا نري أن النكسة كانت خطاً فاصلاً لديه فقد أنضجت وعيه النقدي كما وضح في أفلامه. الاختيار والعصفور وعودة الابن الضال.

اتجه يوسف شاهين إلي قراءة الواقع عبر تجربته الشخصية أو سيرته الذاتية. ففي عام 1979 قدم فيلم "اسكندرية ليه" ثم "حدوتة مصرية" عام 1982 واختتم عام 1991 بفيلم "اسكندرية كمان وكمان" وجاء الفيلم الأخير أكثر نضجاً في طرح موضوعات عامة من خلال خطوط السيرة الذاتية الخاصة به.

عن علاقة السينما بالمجتمع كان يشعر شاهين أن تجربته السينمائية توضح أن المجتمع يعاني احتقارا للفكر. مما يضيق المسافة في الإبداع. وكان يري أن مشكلة السينما في مصر تخضع للقوانين السيئة التي تمارس منذ زمن والتي تحكم نقابة السينمائيين وغرفة صناعة السينما التي تحجر دائماً علي الفكر وتفرض عليه شروط تعوق الإبداع.حصل المخرج يوسف شاهين علي جائزة دولية من مهرجان قرطاج عام 1970 عن فيلم "الاختيار" وهو أول من حصل علي جائزة كبري في مهرجان دولي في أوروبا وهي جائزة لجنة التحكيم الخاصة عن فيلم "اسكندرية ليه" في مهرجان برلين عام 1979 كما حصل علي وسام الاستحقاق للفنون عام 1964 ووسام من تونس عام 1970 وآخر من فرنسا عام .1987

وكان آخر أفلامه "هي فوضي" العام الماضي.

الجمهورية المصرية في 28 يوليو 2008

 

أهل الفن يودعون "جو" السينما المصرية.. أفلامنا دخلت العالمية علي يديه

هند رستم: شهرتي بدأت مع "هنومة" باب الحديد

لبلبة: أعاد اكتشافي

صفية العمري: ظهرت معه بدون مكياج

فكري كمون- نادر أحمد- جمال حمزة -سحر صلاح الدين- ناصر عبدالنبي- مصطفي البلك

تحدث أهل الفن وأبطال أفلام الراحل يوسف شاهين عن زكرياتهم معه وتأثير العمل معه عليهم.

يقول ممدوح الليثي نقيب السينمائيين: فقدنا فناناً ذا قيمة كبيرة جداً ترك مجموعة من الأعمال الفنية الخالدة وترك مجموعة من التلاميذ أصبحوا جميعهم من كبار المخرجين ونستطيع أن نقول إذا كان يوسف شاهين قد مات فقد ترك مدرسة وأعمالا فنية كبيرة وترك مدرسة تضم نخبة ممتازة من المخرجين.

نبيلة عبيد: كل يوم نفقد قيمة فنية.. يوسف كان فخراً وشرفاً للسينما المصرية وكل الفنانين المصريين ويكفي أنه المخرج المصري الوحيد الذي وصل للعالمية

لبلبة: فقدت الأب الروحي لي.. وفقدت أعظم مخرج للسينما المصرية وقدمت معه أكثر من عمل آخرها فيلمي "الآخر" و"اسكندرية نيويورك".. كان مخرجاً عبقرياً يستحق ما وصل إليه من العالمية عشت معه أجمل لحظات الإبداع والتمثيل.. وكنت أسلم له نفسي كممثلة يفعل بي ما يشاء.

منة شلبي.. آخر بطلات أفلامه: كان حلم عمري أن أمثل فيلماً من إخراجه وتحقق لي في "هي فوضي".. كان إنساناً جميلاً ومتواضعاً ويحب من حوله ويكفي أنه أول من خرج بالفيلم المصري للعالمية.

هالة فاخر: لا أنسي ان انتعاشتي وعودتي للسينما جاءت علي يده مؤخراً حينما قدمت معه "هي فوضي" كان يكتشف داخل الفنان مناطق لم يعرفها في نفسه ولم أكن أتخيل أن أقدم دور الست المطحونة بهذا الإبداع إلا مع يوسف شاهين.

الممثل يوسف الشريف: فقدت أستاذاً كبيراً ومخرجاً عبقرياً ورغم انني قدمت معه دور وكيل نيابة بفيلم "هي فوضي" إلا انني مدين له بأنه أول من وضعني علي سلم النجومية..

مجنون فن

صفية العمري: قدم لنا أفضل الأفلام ودائماً كان يسبق زمانه.. كان مجنون فن وعاشق سينما قدمت معه أجمل أدوار حياتي في "المصير".. وفوجئت به أثناء التصوير يطلب مني أن أغسل وجهي بالماء وأظهر أمام الكاميرا بدون أي ماكياج علي وجهي. وكان ذلك شيئاً غريباً عليَّ وكنت مرعوبة من أن يراني الجمهور بدون ماكياج ولكنه علمني أن جمال الفنان بصدق إحساسه بالشخصية.

نور الشريف: شاهين فنان لن ينساه التاريخ قدمت معه عدة أعمال آخرها "المصير".. تعلمت منه كيف يكون للممثل قيمة.. كان يخاف علي ممثليه جداً ويعطيهم أفضل ما عنده.. ولا أنسي عندما أرسل لي للمشاركة في فيلم "المصير" حيث عرض علي إحدي الشخصيات الهامة وقال لي إنه يحلم بتجسيد شخصية العالم ابن رشد.. روجينا: فقدنا قيمة فنية كبيرة لن تعوض.. والعزاء الوحيد هي أفلامه التي تركها لنا وقد كان لي أول مدرسة سينمائية تعلمت منها وعشت بسببه أسعد أيام حياتي عندما شاركت في فيلم "المصير" وأخذني مع أسرة الفيلم إلي مهرجان كان.. ولم أصدق نفسي تحدثت "هنومة" بطلة فيلم "باب الحديد" الفنانة هند رستم بحزن: يتساقط من حولنا كل يوم عمود من أعمدة السينما المصرية.. .قدمت معه عدة أعمال أشهرها دور "هنومة" في فيلم باب الحديد والذي حقق لي شهرة كبيرة جداً .

رجل في حياتي

سميرة أحمد: كانت لي تجربة وحيدة معه من خلال فيلم "رجل في حياتي" من انتاجي وبطولة شكري سرحان وشعرت أنني أعمل مع مخرج فاهم شغله جيداً حيث أصر علي ان يعيش فريق عمل الفيلم طوال مدة التصوير في مكان واحد وهو في أبوقير بالاسكندرية وكنا نصور في أماكن التصوير الطبيعية وأحيانا كان يطلب منا التصوير فجراً حتي يخرج المشهد بشكل طبيعي لذلك تجد الفيلم وكأنه من الواقع والناس ظهرت بطبيعتها فلا يوجد تكلف في الملابس والمكياج.

أشرف زكي نقيب الممثلين: فقدت مصر هرماً فنياً ومشواره لابد وان يدرس لأجيال الشباب مشيراً إلي ان السينما العالمية والعربية والمصرية لن تنسي أبداً بصمات يوسف شاهين فهو صاحب مدرسة فريدة تخرج فيها أجيال وأجيال وعلينا كفنانين ان ندرس كيفية الاستفادة من بصماته.

عزت العلايلي: يوسف شاهين كان أحد علامات السينما المصرية في العالم أجمع وقيمة لها وزنها الفني وعاشقاً للأرض المصرية من أول ابن النيل والأرض و"الناس والنيل" وصلاح الدين وقد شاركت معه في هذه الأعمال وأيضاً اسكندرية ليه.

سهير المرشدي: كان يوسف شاهين السبب الرئيسي في أنني لم أستمر في السينما بعد نجاحي معه في فيلم "عودة الابن الضال" والمستوي الانساني والصداقة التي تحققت بيني وبينه والمستوي الفني الرائع الذي أخرجه من داخلي في هذا الفيلم.. فالقرب منه يجعلك تعيش دائماً في القمة .

حظي سييء

محمود ياسين: حظي سييء أنني لم أشاركه أي من أفلامه رغم أنه أتيح لي مرتين أن أشاركه في فيلمين فيلم الاختيار وتعاقدت عليه فعلاً وجاءني في عرض مسرحي واختارني بطلا للفيلم ولكن للاسف عندما عرف أنني تعاقدت مع فيلم "نحن لا نزرع الشوك" لم أكمل معه الفيلم بعد ان كنت قد اخترت الملابس التي سأقدم بها بطولة الفيلم وتأثرت نفسياً لكن كان أكثر ما تأثرت به فقد العلاقة الجميلة وفرحة العمر التي لم تكتمل مع يوسف شاهين وبعد قرابة أربع سنوات رشحني هو أيضاً مرة أخري لواحد من أفلامه الخاصة بالاسكندرية وأخذت السيناريو وظل يشرحه لي حتي أنه حضر وأنا أقوم بتصوير فيلم آخر باستديو الاهرام وأوقف البلاتوه ليشرح لي سيناريو فيلمه وظل يحكي لي وقلت له لابد ان أقرأ السيناريو وبالفعل قرأته ولكن كان لابد ان أسافر مع فيلم "رجل بمعني الكلمة" إلي تونس واضطررت للاعتذار للمرة الثانية وحزنت حزنا عميقاً لفقدان الفرصة الثانية لمشاركة المبدع السينمائي.

الجمهورية المصرية في 28 يوليو 2008

 
 
 

..ورحل..عبقري السينما المصرية

يوسف شاهين أثار الجدل بأفلامه ..

واخترق حواجز العالمية.. قدم سيرته الذاتية في أربعة أجزاء

أحمد السلامي/ فاطمة كريشة/ أيمن الغزالي

رحل عبقري السينما المصرية المخرج العالمي يوسف شاهين بعد الازمة الصحية التي تعرض لها يوم 15 يونيو الماضي ودخل علي أثرها المستشفي. ثم سافر إلي باريس علي نفقة الدولة للعلاج بالمستشفي الامريكي هناك بعد أن أمر الرئيس حسني مبارك بسفره فوراً.

أجريت جراحة يوم 17 يونيو لتفريغ التجمع الدموي الذي كان يتزايد. ولم تتحسن الحالة ودخل شاهين في غيبوبة كاملة ومكث هناك حتي يوم 16 يوليو الذي عاد فيه من العاصمة الفرنسية بعد شهر من العلاج.

نقل شاهين من المطار إلي مستشفي المعادي ومكث بالعناية المركزة حتي وافته المنية.

المخرج الراحل من مواليد الاسكندرية في 25 يناير 1926. حصل علي الماجستير في الدراما والفنون المسرحية بعد أن أمضي عامين في دار "باسادينا بلاي هاوس".

اشتهر باخراج افلام مثيرة للجدل ذات تكنيك صعب في التنفيذ. وارتبطت في أذهان الجمهور بالايهام والتعقيد الفكري لموضوعاتها رغم انه تنوع من افلامه بين الميلودراما والكوميديا الموسيقية والرومانسية ثم اتجه بشكل كبير إلي افلام تحمل هموم المجتمع بين الطبقات العاملة وصراعاتها ضد الفكر الاستعماري.

اخترق شاهين الحواجز التي منعت افلامنا من الوصول إلي المهرجانات العالمية. وشارك باعماله في أهم المهرجانات بداية من "ابن النيل" عام 1951 الذي شارك في مهرجان "كان" السينمائي.

أيضا خاض تجربة مهمة جدا عندما عرض عليه المنتج الفرنسي جاك لاسال تقديم عمل مسرحي علي الكوميدي فرانسيز. واختار مسرحية "كاليجولا" للمؤلف الفرنسي البير كامي. وحققت نجاحا لم يتوقعه أحد.

يعد شاهين المخرج الوحيد في الشرق الأوسط الذي قدم سيرته الذاتية في أربعة افلام هي: "اسكندرية ليه" و "حدوتة مصرية" و "اسكندرية كمان وكمان" و "اسكندرية نيويورك".

حصل يوسف شاهين علي العديد من الجوائز مثل الجائزة الذهبية من مهرجان قرطاج عام 1970 عن فيلم الارض. جائزة الدب الفضي في برلين عن فيلم اسكندرية ليه عام 78. جائزة البوبيل الذهبي من مهرجان كان السينمائي عن فيلم المصير.

ومنح درجة الدكتوراة الفخرية من الجامعة الامريكية في يونيو 2002. ومن جامعة مرسيليا في 11 ديسمبر 2002. ووسام "جوقة الشرف" من الرئيس الفرنسي جاك شيراك في 31 يوليو 2005 وجائزة مبارك للفنون في 29 يونيو 2007 والدكتوراه الفخرية من جامعة بيروت في 1 يوليو 2007

الأليزيه و رئاسة الوزراء والخارجية الفرنسية والحزب الاشتراكي وشيراك ينعون شاهين

نعي قصر الاليزيه بباريس و رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية الفرنسية والحزب الاشتراكي والرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك. المخرج الكبير يوسف شاهين ووصف رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون يوسف شاهين بأنه قاهر الظلام ومنشد الانسانية وأنه مخرج ملتزم حساس وعالمي رحل عن عالمنا اليوم.

وأشار فيون إلي أن شاهين كان بمثابة قائد سفينة الثقافة الذي يعرف أكثرمن أي شخص آخر كيف يروي الشرق للغرب والعكس. مضيفا أن الفرنسيين كانوا بصفة خاصة مهتمين برسالته ولذلك حصل في عام 1997 علي جائزة مهرجان كان الخمسين عن مجمل أعماله.

من جانبه. اعتبر وزير الخارجية الفرنسي بيرنار كوشنير أن رحيل يوسف شاهين يعد خسارة كبيرة لمصر وللسينما العالمية.

مصير دور العرض التابعة للمخرج الراحل

و عن مستقبل دور العرض السينمائي التي يشارك في امتلاكها يوسف شاهين من خلال شركة أفلام مصر العالمية.

يؤكد حسن عبدالفتاح مدير عام دور عرض المجموعة الفنية المتحدة.. ان الوضع سيظل قائما كما هو عليه.

فقد فوض المخرج الراحل ابن أخته جابي خوري وهو شريكه ومدير عام الشركة بادارة المجمع والذي يحتوي علي 18 دارا للعرض السينمائي يديرها الفنان الشاب أشرف مصيلحي وكما ان خوري سيظل ممثلا لملاك هذا المجمع والذي يشارك فيه شركات افلام النصر واوسكار والماسة وانطوان صاحب شركة فوكس السينمائية وحسن فايق صاحب سينما التحرير بالاضافة الي حصص شركة مصر العالمية السينمائية في مجمع دور عرض جالاكسي واوديون.

المساء المصرية في 28 يوليو 2008

 

قالوا عن شاهين 

نبيلة عبيد: تجربتي معه جاءت متأخرة

لبلبة: قدمني في أهم أدواري

نادية لطفي: جعلني أبحث عن الحياة والحقيقة

هالة صدقي: قال لي إن "هي فوضي" آخر أفلامه

منة شلبي: حققت حلمي بالعمل معه 

تقول نبيلة عبيد: كانت تجربتي مع يوسف شاهين ثرية وسعيدة بالنسبة لي وإن كانت قد جاءت متأخرة وكان من المفروض أن تأتي في مرحلة تسبق هذا الموعد.

أضافت: كما كان يوظف مواهب وطاقات الفنانين في الأدوار المناسبة ولقد أديت دوري بالفيلم وأنا سعيدة بالعمل معه وكنت وقتها أهرج معه وأتبادل المزاح. وكان دمه خفيفاً ويحب عمله أكثر ما يتصور أي إنسان ويذهب لموقع التصوير قبل أي فنان لالتزامه.

* لبلبة: لا أنسي لقائي مع "الأستاذ" عندما رشحني لفيلم "الآخر" فذهبت إليه وأنا أرتدي "أشيك" ملابسي فشاهدني بدهشة وقال: هذه الملابس لا تصلح للفيلم. سنعمل لك ماكياج واحدة ست أرملة تربي ابنتها بمفردها لمدة 20 سنة واسمها بهية. وأكد لي أن بهية في أفلامه يشير بها إلي مصر.  

ونفذت كلامه وحققت نجاحاً كبيراً في الفيلم وأعتبره مع فيلمه "اسكندرية نيويورك" من أهم أدواري السينمائية.

أشارت إلي عدم رغبته في إعادة تصوير المشاهد كثيراً كما يتردد.. وقالت: إذا أدي الممثل المشهد جيداً من أول مرة ويشعر فيه بالأحاسيس التي يرغب في إبرازها فيوافق علي اللقطة ولو من أول تصوير لها. وحدث هذا في مشهد بيني وبين حنان ترك في فيلم "الآخر" عندما صرحت لي بأنها أحبت هاني سلامة.

عن عدم تكرارها العمل مع يوسف شاهين سوي بفيلمين فقط قالت لبلبة: أي ممثل يتمني العمل معه. وهو لم يطلبني في أدوار أخري.

من المواقف التي لا تنساها له قالت: أثناء تصوير "اسكندرية نيويورك" دربني مع محمود حميدة علي مشهد ومن شدة انفعاله معنا وجدناه يبكي تأثراً.

ومشهد آخر في فيلم "الآخر" كنا نصور بيوم شديد البرودة وملابسي كانت خفيفة "سواريه" فوجدني أرتجف بشدة فجاء بسرعة ووضع الجاكت الخاص به علي كتفي وخشيت أن يتعب فرفض وترك الجاكت علي أن أخلعه قبل التصوير. وهذا دليل علي تواضعه وإحساسه المرهف.

وموقف ثالث لا تنساه عندما اتصلت به لبلبة لتسلم عليه أثناء تصويرها فيلم "حسن ومرقص" فرد عليها شاهين وأكدت له أنها تشتاق لأستاذها فطلب منها الحضور لشرب فنجان قهوة. وعندما اتصلت بمدير أعماله لأحدد معه موعداً في يوم آخر فوجئت به يقول إن الأستاذ وقع وتعرض لإصابة شديدة وتركت التصوير وذهبت وأنا أبكي لمشاهدته.

تقول الفنانة نادية لطفي: قابلته في بداية حياتي من خلال فيلم "حب للأبد" وكان سبباً في تكويني السينمائي واكتسبت منه خبرته ورؤيته للسينما. وتعلمت منه كيفية البحث عن الحياة والحقيقة وأيضاً عن العقول كيف تفكر وتدير الأمور.

أضافت: كان ثاني لقاء بيننا من خلال فيلم "الناصر صلاح الددين" وهو فيلم من الأفلام التي لا تتكرر حيث لا يوجد إخراج مثيل لهذا الفيلم في تاريخ السينما المصرية حتي الآن. وأيضاً فيلم "غداً تبدأ الحياة" وكانت قصته تدور حول بناء السد العالي وتحويل مجري النيل. كما شاركت معه في العديد من المهرجانات.

في النهاية كانت تأمل الفنانة نادية لطفي أن يعود الفنان الراحل يوسف شاهين بسلام من هذه النكسة ويقدم عملاً فنياً عنها مثلما فعل من قبل عندما عمل عملية القلب وقدم عنها عملاً فنياً رائعاً.

الفنانة هالة صدقي: كنت سعيدة الحظ أن أعمل مع المخرج العالمي الراحل يوسف شاهين في فيلمين. وأتذكر عندما قدمت تجربتي الأولي معه في فيلم "اسكندرية.. نيويورك" وكان الفيلم مجرد اختبار للتعامل معه.. وبعد قيامي بأداء شخصيتي في الفيلم فوجئت وقت عرض الفيلم بحذف مشاهد كثيرة لي فغضبت لهذا وبعد أن علم بغضبي فوجئت باتصال منه يؤكد فيه أنه وهو يعد لفيلم "هي فوضي" يضع في فكره أنني سأشارك في بطولة هذا الفيلم.

وقال بالحرف: "أرجو ألا ترفضي المشاركة في هذا الفيلم.. ده يمكن يكون آخر فيلم لي".. فحزنت من هذا الكلام وأبلغته أنني موافقة علي المشاركة في فيلمه مهما كانت الظروف وحتي لو أمثل مشهداً واحداً.

"حلم مستحيل"

** أما الفنانة منة شلبي فتقول: لقد كان العمل مع المخرج العالمي الكبير يوسف شاهين حلماً مستحيلاً من أحلامي ولكنه تحقق.

تضيف منة شلبي: المخرج الراحل يوسف شاهين هو الذي رشحني لفيلم "هي فوضي" وذلك بعدما شاهدني في فيلم "إنت عمري" فقال البنت دي كويسة وطلبوني لأعمل معه في فيلم "هي فوضي" وكانت فرحة كبيرة بالنسبة لي.  

إهداء الراحل مهرجان الإسكندرية

قررت إدارة مهرجان الاسكندرية السينمائي اهداء دورة هذا العام من المهرجان إلي المخرج العالمي يوسف شاهين.

المهرجان سيكرم هذا العام عدداً من النجوم الذين أثروا في السينما المصرية والعربية طيلة أعوام القرن الماضي.

عزت العلايلي: كل أعمالي معه حصدت جوائز

عملت مع الفنان الكبير المخرج يوسف شاهين أربعة أفلام هي "الأرض" عام 1969. "الاختيار" عام 1971 و"الناس والنيل" عام 1973 و"اسكندرية ليه" عام .1974

ويضيف عزت العلايلي كل أدواري التي قدمتها في أعمال يوسف شاهين حصلت علي جوائز من مهرجانات دولية وخاصة فيلم "الاختيار" والذي حصل علي جوائز من مهرجانات دولية وهي برلين وقرطاج وموسكو.

ويشير الفنان عزت العلايلي إلي أن الفنان الكبير المخرج يوسف شاهين كانت له رؤية سينمائية متميزة ولقد حرصت علي متابعة كل أعماله.. وكنا أصدقاء وكنت دائم الاتصال به وحتي وهو خارج مصر لنتناقش في الكثيرمن الأعمال التي يحضر لها.. علي الرغم من كوني غير مشارك في هذه الأعمال.. وكان المخرج العالمي يوسف شاهين لا يحب الفهلوة أو النفاق وكان يحب الفنان الذي يدقق في عمله.  

محمود ياسين: رشحني لفيلم "الاختيار" ولم أشارك فيه

قال الفنان الكبير محمود ياسين في أسي: لسوء حظي لم أشرف بالوقوف أمام الكاميرا التي عشقها وأعطاها أفضل ما يقدمه مبدع في تاريخ السينما العربية و العالمية.

أضاف كان قد رشحني لبطولة أحد الأفلام من اخراجه وتعاقد معي ليقدمني في أول بطولة سينمائية لي وهو فيلم "الاختيار" وشاءت الأقدار ألا أقوم بتمثيل الدور.

وقال بعد 3 سنوات أعاد ترشيحي في أحد أفلامه عن الاسكندرية وذكريات طفولته وصباه وللأسف كنت وقتها مرتبطا ببطولة فيلم "رجل بمعني الكلمة" اخراج نادر جلال وكان ترشيحه وقت سفري لتونس لتصوير بعض مشاهد الفيلم مما يجعلني أشعر بالآسي لسوء حظي في أني لم التق أمام الكاميرا مع هذا المخرج العظيم.

ويؤكد وأستطيع القول انه كان أعظم مبدع للكاميرا أو أمامها في العالم أجمع بجانب تاريخه الطويل فقد كان صاحب رسالة وصانع لأجيال بالاضافة إلي أنه أبهر العالم بموهبته ورقيه وأقنع الدنيا بلغته وأبجدياته الفنية من خلال وعي سياسي لغة ومفردات.  

رئيس مهرجان "كان": كان صديقاً ومثلاً يحتذي

وصف رئيس مهرجان كان السينمائي جيل جاكوب المخرج الكبير الراحل يوسف شاهين بأنه كان مخرجا كبيرا وصديقا ونموذجا ومثالا يحتذي به.

وقال جاكوب في بيان له "بالنسبة لنا. إنه "جو" المخرج الشجاع الجريء والشاعر صاحب الخيال الخصب والرجل الحر المفعم بالانسانية" مضيفا أن شاهين أهدي السعادة والبهجة لشعبه وأكد علي كرامته.

جدير بالذكر أن المخرج الراحل كان قد حصل علي جائزة مهرجان كان السينمائي ال 50 لعام 1997. تكريما له علي مجمل أعماله.  

محمود عبدالسميع مدير التصوير:

حزنت علي عدم مشاركتي في الأرض

قال محمود عبدالسميع مدير التصوير أنعي يوسف كشخصية واعية مبتكرة للتعبير عن المجتمع المصري وله الأثر الأكبر الذي أصبح غير موجود حاليا.

أضاف: لم يسعدن الحظ بالعمل معه وعندما اختارني لتصوير فيلم الأرض وكنت صغيراً في ذلك الوقت ولكن الظروف حالت دون اشتراكي في الفيلم وحزنت علي عدم مشاركتي.

قال عزاؤنا الوحيد في يوسف شاهين ان الذين عملوا معه لهم رصيد كبير من مكانته  

أشرف مصيلحي: شاهين أول من أقام مجمعات سينمائية

الفنان الشاب أشرف مصيلحي مدير مجمع سيتي ستارز السينمائي المشارك فيه يوسف شاهين أكد أنه عمل كمدير لدور العرض بشركة مصر العالمية مع المخرج الكبير يوسف شاهين منذ عام 1990 ومن وقتها بدأت أتابع تصوير أفلامه ومنها "اسكندرية كمان وكمان" و"اسكندرية ليه" و"المهاجر" و"المصير" و"سكوت هانصور" و"اسكندرية نيويورك" و"هي فوضي".

وأضاف من خلال عملي كمدير لدور عرض تمتلكها الشركة وجدت يوسف شاهين يساهم في تغيير فكر دور العرض السينمائي فكان أول من فكر في إنشاء المجمعات السينمائية وأن يكون هناك في مصر دار عرض سينمائي واحدة تجمع شاشتين معا كما في سينما كريم 1. 2 التابعة لشركته كما أنه أول من خصص تذاكر مخفضة للطلبة داخل دور العرض السينمائي التي تتبع شركته.

لقد كان شاهين عاشقا للسينما بكل كيانه ولقد تعلمت معه الكثير وكان يحرص علي اسناد العمل للشباب وإعطائهم الفرصة.  

نقيب السينمائيين: فقدنا ..عملاقاً

قال ممدوح الليثي رئيس جهاز السينما ونقيب السينمائيين تقديري للمخرج الراحل بلا حدود وسعادتي به لا توصف لأنني رشحته للجائزة التقديرية وحصل عليها ورشحته لجائزة مبارك ونالها وأنني عندما ذهبت معه إلي فرنسا ومشيت بصحبته فوق السجادة الحمراء في كان شاهدت عالميته في المهرجان أثناء اشتراك فيلم "اسكندرية نيويورك" الذي كان انتاجاً مشتركاً بينه وبين جهاز السينما في المسابقة.

أشعر الآن أننا فقدنا عملاقاً.  

أحدث الممثلين بأفلامه يوسف الشريف:

لم أصدق نفسي عندما اتصل بي

الفنان الشاب يوسف الشريف أحدث الممثلين بأفلامه قال: تعرفت علي المخرج الكبير يوسف شاهين بالصدفة في مقابلة لم تستغرق 5 دقائق من خلال المخرج عماد البهات الذي قدمني في فيلم "استغماية".

في هذه المقابلة تحدثت فيها معه في الفن والرياضة و السياسة.. ولم يكن المخرج الكبير يعرف أي شيء عن أعمالي التي قدمتها من قبل.

ويضيف يوسف الشريف: خرجت من مقابلتي للمخرج الراحل وأنا متأكد أنني لن أشارك معه في أي عمل.

ولكن بعد أسبوع من المقابلة فوجئت باتصال تليفوني يحدد لي جلسة عمل مع المخرج العالمي يوسف شاهين ولم أصدق نفسي.

وعندما قابلني وجدته يسند لي دوراً من أحلي أدوار حياتي وهو دور رجل النيابة "شريف حافظ" والذي يدخل في صراع مع كل ما هو فاسد في المجتمع.

المساء المصرية في 28 يوليو 2008

 
 
 

شاهين قدم وجوها هامة الى السينما المصرية

يوسف شاهين مؤسس أهم مدرسة سينمائية عربية

المخرج المصري الراحل أسس اهم واوسع مدرسة سينمائية أثرت في عدد كبير من المخرجين.

القاهرة - ترك المخرج السينمائي المصري يوسف شاهين صاحب المدرسة السينمائية الاهم في العالم العربي الذي توفي الاحد عن 82 عاما اعمالا ملتزمة سياسيا واجتماعيا اتخذت من مصر خلفية عامة لها.

ولد يوسف جبريل شاهين العام 1926 في الاسكندرية (شمال مصر) وهو من عائلة لبنانية انتقلت للعيش في مصر في نهاية القرن التاسع عشر.

وبعد دراسته الابتدائية والثانوية في الاسكندرية انتقل الى كاليفورنيا في الولايات المتحدة حيث درس صناعة الأفلام والفنون المسرحية.

عاد شاهين الى مصر منارة السينما العربية حينها وعمل مساعدا للمصور السينمائي الفيز اورفانالي الذي مهد لفرصته الاولى في الاخراج مع فيلمه الاول "بابا امين". وبدأ تصوير الفيلم العام 1949 وعرض في العام التالي 1950 ولم يكن شاهين تجاوز الثالثة والعشرين.

وبعد عام على ذلك استطاع ان يشارك بفيلمه الثاني "ابن النيل" في مهرجان كان للسينما مطلقا شهرته كمخرج يفارق اللغة السينمائية المصرية المعروفة في حينها.

عندها بدأت انطلاقته التجريبية التي لم تتوقف طوال حياته الفنية التي امتدت ما يقارب عن 60 عاما.

ويرى نقاد ان استمرار تجربة يوسف شاهين السينمائية لم تتوقف بسبب مواقفه الاجتماعية والسياسية الواضحة التي عبرت عنها افلامه.

ويقول الناقد السينمائي كمال رمزي "استطاع شاهين من خلال ذلك ان يشكل اهم واوسع مدرسة سينمائية في مصر (..) كانت مدرسة تعليمية حقيقية اثرت في عدد كبير من المخرجين الذين عملوا معه في افلامه واستفادوا منه كل بطريقته".

وقد تتلمذ على يديه العديد من المخرجين مثل يسري نصر الله والراحل رضوان الكاشف وعلي بدرخان وخالد الحجر وخالد يوسف ومجدي احمد علي وعماد البهات.

ويعتبر المخرج داود عبد السيد الذي عمل مع شاهين مساعد مخرج في فيلم "الارض" وهو من العلامات المميزة في السينما المصرية ان "اهمية شاهين تنبع من انه شكل مدرسة حقيقية مباشرة وله تلامذته الذين تعلموا منه" موضحا "شكل اهم مدرسة انتاجية حيث خرج اهم المنتجين في السينما المصرية".

وكذلك قدم شاهين وجوها هامة في السينما المصرية اهمها الفنان الذي وصل الى العالمية عمر الشريف عندما اختاره للمرة الاولى للوقوف امام فاتن حمامة في فيلم "صراع في الوادي".

وقدم عدد كبير من نجوم السينما المصرية افضل ابداعاتهم في افلامه واصبح عدد منهم من ابطال الافلام التي اختيرت من ضمن اهم مئة فيلم مصري خلال مئة عام.

ومن ابرزهم الفنان محمود المليجي الذي قدم افضل ادواره في السينما المصرية في فيلم "الارض" وكذلك فاتن حمامة التي قدمت افضل ادوارها معه في فيلم "صراع الوادي" ويسرا في فيلم "المهاجر" و"حدوته مصرية" والراحل احمد زكي في فيلم "اسكندرية ليه" الى جانب محسن محي الدين ونور الشريف في "المصير" و"عودة الابن الضال".

هذه المسيرة والرحلة الطويلة التي امضاها في السينما المصرية قرابة ستين عاما استطاع شاهين خلالها ان يفرض ثقله الفني والابداعي بشكل لا لبس فيه فلا يمكن لاحد محليا او عالميا ان يتطرق للسينما العربية من دون ان تكون تجربة شاهين في مقدمتها.

وظهر ذلك بشكل واضح عندما قام النقاد السينمائيون المصريون باختيار عشرة من افلامه من بين اهم مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية بمناسبة مرور مئة عام على انطلاقتها.

وهو احد السينمائيين القلائل الذين اعتمدوا على انفسهم في تمويل افلامهم خصوصا بعد توقف دعم الدولة له اثر فيلم "العصفور" الذي هاجم فيه الدولة متهما اياها بالتسبب بهزيمة حزيران /يوينو 1967. فأسس شركته وعمل على الانتاج المشترك لتمويل افلامه خصوصا مع منتجين فرنسيين.

وحصل شاهين خلال رحلته الفنية على العديد من الجوائز من اهمها ذهبية مهرجان قرطاج السينمائي التونسي العام 1970 وجائزة الدب الفضي في برلين عن فيلمه "اسكندرية ليه" العام 1978 وهذا الفيلم هو اول افلام سيرته الذاتية التي قدمها باربعة افلام الى جانبه افلام "حدوته مصرية" و"اسكندرية كمان وكمان" و"اسكندرية نيويورك".

وتوج عمله بفوزه بجائزة اليوبيل الذهبي لمهرجان كان للسينما في العام 1997 عن مجمل اعماله. ومنحته الحكومة الفرنسية وسام شرف من رتبة فارس العام 2006.

موقع "ميدل إيست أنلاين" في 28 يوليو 2008

 
 
 

الموت يغيب شاهين.. (حدوتة مصرية) و(الأرض)

عمان - ناجح حسن

غيب الموت في إحدى مستشفيات القاهرة أمس المخرج المصري العالمي يوسف شاهين عن 82 عاما بعد أن وقع في غيبوبة مرضية لازمته لأربعين يوما.

يعد شاهين من ابرز قامات الإبداع ليس في السينما العربية بل والعالمية وهو من بين القلائل من المخرجين العرب الذين جالت أفلامهم بالعديد من المهرجانات والملتقيات والاحتفاليات السينمائية العالمية واثبت فيها حضورا طاغيا . مبكرا بزغ اسم شاهين في فضاء السينما العربية وذلك العام 1950 لدى عودته إلى القاهرة بعد إتمامه دراسة السينما في واحدة من الجامعات الاميركية.

منذ ستة عقود من الزمان واسم شاهين المولود في الإسكندرية لعائلة من الشريحة الاجتماعية الثرية العام 1926 يثير الإعجاب والجدل نتيجة تلك الإبداعات السينمائية التي صنعها بأسلوبيته الخاصة ذات السمات والمفردات البصرية اللافتة. بجدارة عمل شاهين على تطوير أفلامه بحذق ومهارة عالية المستوى في تدرج نادر طافح باللقيات والإيحاءات والدلالات العميقة المضامين دون أن تكون على حساب لغته السينمائية المبتكرة.

طوال مسيرة شاهين السينمائية الطويلة والتي توجت بالكثير من التقديرات والجوائز الرفيعة كان من بينها جائزة السعفة الذهبية في مهرجان  كان  السينمائي الدولي العام 1995 عن مجمل أعماله عشية عرض فيلمه المصير ووسام بدرجة فارس من الرئيس الفرنسي السابق حافظ شاهين على ريادته في حقل السينما ليس في مصر وإنما في العالم وهو المخرج الذي طالما حقق معظم أفلامه بالتعاون مع الإنتاج الفرنسي المشترك او من خلال جهات إنتاجية مستقلة مثلما تلك الأعمال التي قدمها مع المنتج الفرنسي الراحل اومبير بالزان أو مع السينما الجزائرية قبل عقود. ظلت أفلام يوسف شاهين مثل :  باب الحديد  ..  الأرض  ..  العصفور  ..  حدوتة مصرية  و  المصير  من بين الأفلام القليلة القادمة من بلدان العالم الثالث التي تلقى اهتماما أوروبيا من خارج حدود توزيع الفيلم العربي السائد.

جاء هذا الاهتمام نظرا لما كانت تشتمل عليه تلك الأعمال من موضوعات وقضايا وهموم إنسانية بعيدة المرامي والأهداف ينظر إليها المشاهد الأجنبي بالكثير من الاهتمام والدراسة عن علاقة الشرق مع الغرب عدا عن كونها من المواد الدراسية الرئيسة التي كانت تلجأ إليها المعاهد والجامعات هناك في عرضها أمام طلابها لما تكتنزه من أسلوبية فنية وفكرية جريئة مختلفة عن أفلام السينما العربية التقليدية . آثر شاهين الذي نال تعليمه المبكر في كلية فكتوريا بالإسكندرية قبل أن ينتقل وهو شاب لم يتعد العقد الثاني من عمره إلى الولايات المتحدة لدراسة السينما أن يقدم منهجية سينمائية تحيد عما كان يقدمه أقرانه من المخرجين .. فهو في بداياته الأولى منح أعماله تلك الميزة التي تكتشف عن أسلوبية دقيقة في مجال عمق الصورة والأداء واختيار الأمكنة التي تدور فيها الأحداث .

وعندما أخذت أفكاره بالنضوج اقتحم بجرأة شديدة غير مسبوقة محرمات السينما المصرية السائدة وعلى وجه الخصوص الثالوث المقدس الدين والجنس والسياسة فكان عمله التاريخي الضخم الناصر صلاح الدين وجميلة الجزائرية أبو حيرد و  إسكندرية ليه  وفيلمعودة الابن الضال لكنه في منتصف عقد السبعينات من القرن الماضي بلغ تحديه للثوابت الفنية الفكرية في مجتمعه مما أثار الكثير من اللغط والجدل حول السينما التي يقدمها الأمر الذي أدى إلى منع عرض فيلمه المعنون أسكندرية ليه  في أكثر من بلد عربي نظرا إلى تضمينه تلك الشخصية التي يؤدي فيها الممثل الشهير الراحل يوسف وهبي لدور يهودي مصري الأصل . كما أن فيلميهالمهاجر والمصير زادا من حمى الصخب والجدل بسبب تلك الإشارات والدلالات المحملة لاحداثهما ولئن كان ذلك لم يمنع كثير من الشرائح والنخب العربية من الدفاع عنه ومساندته أمام تلك الهجمات والسجالات النقدية التي نادت بمحاكمته اخضع فعلا لأكثر من محاكمة وأوقفت عروض بعض أفلامه فعلا.

وفي هذه الأجواء لم يكن شاهين بعيدا عن التحولات السياسية التي شهدتها مصر والعالم العربي وظل ملتصقا مع حركة نبض الشارع السياسي وخاض غمار السياسة من داخل أحزاب المعارضة وشارك في فعاليات سياسية تضامنية مع مشكلات وقضايا عربية ساخنة كما صورها في فيلمه الأخير  هي فوضى  أو كما جسدها بفيلم  الإسكندرية .. نيويورك  عن شيء من السيرة الذاتية إبان دراسته في أميركا كاشفا عن نواحي الغضب من نهج الإدارة الاميركية وسياستها تجاه المنطقة مقابل ما تفيض به الحياة هناك من نبض إنساني وإبداع في سائر حقول المعرفة والسينما خاصة.

الرأي الأردنية في 28 يوليو 2008

 
 
 

مثقفون أردنيون يودعون بالحزن يوسف شاهين

عمان - جمال عياد

أعرب مثقفون وفنانون اردنيون وكتاب عن حزنهم لرحيل المخرج العالمي يوسف شاهين، مستذكرين مسيرة المخرج الذي غيبه الموت امس عن 82 عاما في احدى مستشفيات القاهرة.

وقال الشاعر جريس سماوي: ان يوسف شاهين قامة من قامات الفن والثقافة ليس في العالم العربي وإنما العالم، لقد طرح عبر أعماله منظومة متكاملة من الفكر الذي يتكئ على مرجعياته الإنسانية للانحياز للإنسان، ولحركة الناس، ولتفسير التاريخ من منظار تقدمي مستبشر ومتفائل بالحياة، في أفلامه العظيمة التي حازت على جوائز عالمية. وتنوع عطائه منذ الخمسينيات، مرورا في الستينيات، عبر الإزهار للسينما المصرية، وحتى هذه اللحظة فتح لنا شاهين أبوابا على مخيلته الثرية والغنية المتفردة التي لها موقف ايجابي من الحياة.

وأضاف: ومنذ بداياته في أفلام مثل بابا أمين في العام 1950، والصراع في الوادي مرورا بأفلامه المهمة كالناصر صلاح الدين في العام 1963، وبياع الخواتم في العام 1956، وتتويجه لأعماله في فيلمه الأشهر الأرض ، هذا الفيلم الذي كان انعطافا في حياته، وتكريسا لفكره اليساري الليبرالي، حيث انتقل بعد ذلك إلى العصفور في العام 1974 وعودة الابن الضال 1976، والإسكندرية ليه، وطبعا هناك أفلاما كثيرة أذكر منها بونابرت، وفيلمه المهم المصير، الذي يقف فيه موقفا واضحا من التاريخ.

وأكد بأنه كان مخرجا بامتياز يعطي الحرية الكاملة لشخوصه وهي تتحرك على الشاشة، ولكنه بالخفاء كان هو من يصنع ويجبل هذه الشخوص، لكنه ظهر بشخصه كممثل في حدوثة مصرية، بلقطة صغيرة قال فيها جملة واحدة، وظهر مرة أخرى بشخصية أكثر اكتمالا في فيلم باب الحديد، وختم سماوي حديثه يقول: اعتقد أن هذا العبقري كان شاهدا أمينا على العصر الذهبي للسينما المصرية، والتي دخلت عن طريقه إلى العالمية، ونحن في الجسم الثقافي العربي خسرنا في موته قامة أبداعية عالية.

الناقد للسينمائي عدنان مدانات قال إن يوسف شاهين علامة بارزة في التراث العربي السينمائي، فقدم عدد كبير من الافلام التي تنوف عن أل30 من الأفلام العربية، التي أثارت الكثير من الاهتمام والجدل، ورغم أن معظم افلامه تنتمي إلى يوسف شاهين نفسه، بمعنى أنه مخرجا وفنان، له خياراته الأسلوبية المميزة، إلا أن أفلامه تميزت بالتنوع الشديد، سواء كالواقعية في فيلم باب الحديد، والأرض، إلى التجريبية كالاختيار، وإلى تجربة الفيلم الموسيقي إلى الأفلام الموسيقية، ثم أفلام السيرة الذاتية، مثل الإسكندرية ليه، إلى التاريخية مثل الناصر صلاح الدين، ووداعا يا بونابارت، إلى الأفلام التي تناقش الواقع السينمائي العربي، مثل فيلمه القديم جميلة، وكذلك العصفور، ووصولا إلى الأفلام التي حاول من خلالها الوصول إلى العالمية، مثل المصير والمهاجر وغيرهما، وكل هذا يدل على تنوع شديد مع القدرة على الحفاظ البصمة الخاصة به والتي تميزه.

وقال محمد القباني: إن شاهين، كمبدع عربي ترك فراغا فنيا كبيرا، غير أن المميز فيه إصراره على الإنتاج المستمر ومحاولة تذليل المعوقات الإنتاجية، في سبيل سينما مصرية وعربية، تتحدث بلغة سينمائية عالية المستوى، في محاولة للوصول إلى اعتراف المهرجانات العالمية، وفي اعتقادي أنه وفي السنوات الأخيرة قد نجح في الوصول إلى العتبات الأولى للسينما العالمية، وما يميزه إنشائه إلى جيل من السينمائيين المصريين والعرب، وخصوصا السينما المغاربية العربية، التي وصلت إلى مهرجان كان وتورنتو، وغيرهما. ومن السينمائيين الذين قدمهم شاهين، المخرج خالد يوسف، وما يميزه اعتماده على الممثل العادي، وليس النجم السينمائي، كماجدة الرومي في فيلم الابن الضال، ولطيفه التونسية، وغير ذلك من الفنانيين الآخرين.

وأضاف: الأمر الذي يؤكد قدرة يوسف شاهين العالية على تقديم الممثل في نمط يختلف عن الآخرين، وفي النهاية أقول إن رحيله يعد خسارة كبيرة، ولكنها الحياة لو دامت لغيرك ما وصلت إليك، رحمه الله.

وقال القاص سعود قبيلات: بأن شاهين يعد أحد المخرجين الكبار في السينما العربية، فلقد أعطى السينما ملامح فنية جديدة، وحاول أن يمزج ما بين التكنيك الفني المتطور والمضمون الفكري العميق، وعالج في أفلامه أبرز القضايا التي تهم الإنسان العربي، مع الاهتمام بالأبعاد الإنسانية العميقة وذات الخصوصية، ومن ناحية أخرى فقد سعى إلى الارتقاء بالسينما المحلية العربية إلى المستوى الدولي الرفيع، وكل ذلك في إطار تمسكه بالالتزام بقضايا الإنسان العربي والتعبير عن همومه وتوقه إلى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتقدم، ولهذا فلا شك بأنه سيبقى علامة مهمة من علامات السينما العربية إلى أمد طويل.

واعتبره الفنان نبيل صوالحة من المثقفين السينمائيين الفريدين من نوعهم، وذلك لأنه لم يتنازل أبدا عن أن يكون فنه وفيلمه ذواتا رسالة وقضية، بعيدا عن السينما التجارية، ومنوها: بأنه يعد أميرا الفنانين العرب على الإطلاق، لأنه بلا شك مميز وسيترك فراغا كنا نأمل أن يملأه بعض طلابه أو تلاميذه، ولكنهم وللأسف برهنوا في آخر أفلامهم، أنهم غير قادرين على المحافظة على مستوى شاهين السينمائي، ورسائله الثقافية التي علمهم إياها.

الرأي الأردنية في 28 يوليو 2008

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)