كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

العروض تزخر بعدة تجارب لافتة

حروب لبنان تفجر طاقات أبنائه السينمائية

تحقيق: شيرين فاروق

مهرجان دبي السينمائي الدولي

الدورة الرابعة

   
 
 
 
 

على الرغم من ان المهرجان لا يركز على افلام بعينها في الاختيار الا ان الغريب ان هذه الدورة زخمت بالكثير من التجارب اللبنانية السينمائية الشابة وغير الشابة والتي ركزت اغلبها على الحروب التي مرّ بها لبنان والآثار السلبية التي طالت الشعب اللبناني جراء ما يحدث في وطنه من خلال عرض اكثر من سبعة افلام في هذه الدورة. اهم هذه الأفلام “خلص” و”تحت القصف” و”جيش من النمل” و”على الارض السماء” وغيرها، كذلك لم تركز هذا الافلام على عرض صور مباشرة للحرب او لأصوات الانفجارات وانما اقتصر الامر على الرمزية مع لقطات سرعة لمناطق او اشخاص من ضحايا الحرب على لبنان، ولا شك في ان قبول مهرجان دبي لهذه التجارب الشابة يعتبر دعما كبيرا لاصحابها الذين اشادوا بهذا الامر في إطار الحديث عن تفاصيل افلامهم.

فيلم المخرج برهان علوية “خلص” على رأس الافلام المعروضة والتي تدور حول الحرب في لبنان وويلاتها النفسية على اللبنانيين حيث تدور قصة الفيلم حول صديقين حميمين من ايام الحرب الاهلية فشلا في تحقيق احلامهما بسبب الدمار والمعاناة النفسية نتيجة الحرب ويتجهان الى السرقة معتقدين انها الطريق الوحيد للنجاح ويصور المخرج تجربة احدهما في الرغبة في الانتقام من حبيبته حيث يفشل في ذلك، فتارة يهرب اليها وتارة أخرى يبعد عنها وهو ما يؤكد ان الفشل شمل كل نواحي الحياة. ويؤكد علوية انه قصد من هذا الفيلم تسليط الضوء على جدلية العلاقة بين الانسان والارض وبين الوطن والمواطن، واشار علوية البلجيكي الجنسية اللبناني الاصل الى قلة الافلام التي تدور حول هذه الفكرة عربيا على الرغم من الازمات التي يمر بها الوطن العربي والتي تعتبر مادة ثرية لصناعة فيلم ناجح.

وعن اماكن التصوير والمشاهد التي استعان بها في فيلمه اضاف: تصل مدة عرض الفيلم الى 101 دقيقة حيث صور في لبنان وفرنسا واغلب المشاهد واقعية بالاضافة الى المشاهد الاخرى الارشيفية وفضلت ان يكون الفيلم عرضا اول في دولة عربية وفي مهرجان دبي السينمائي الذي حقق نجاحا كبيرا منذ انطلاقه ويدخل الفيلم ضمن مسابقة الافلام الروائية.

تجربة اخرى مع “جيش من النمل” للمخرج الشاب وسام شرف ويدور الفيلم حول قصة شاب لبناني يعيش في الجنوب ويعمل على احدى الجرافات الكبيرة التي تزيل آثار الدمار وأثناء عمله يكتشف وجود لغم ويستعين بخبراء الالغام لإزالته الا انه بالخطأ يتم تفجير الجرافة التي يعمل عليها ويفقد الشاب عمله ويبحث عن عمل آخر، الا ان وضع البلد لا يسمح بذلك فيقرر هو اصدقاؤه تعلم الرماية عن طريق شراء “كلاشينكوف” على سبيل اللعب الا ان هذا اللعب تحول الى رغبة في الانتقام. ويرجع الشاب الى مكان تفجير الجرافة التي كان يعمل عليها وفي اثناء تجوله في المنطقة يقع في الحفرة التي فجر فيها اللغم وتكسر رجله ولا يجد الا جيشا من النمل يصعد وينزل من تلك الحفرة وبعدها يسمع اصوات انفجارات وينتهي الفيلم بتنويه عن بداية حرب جديدة وكأن الحروب في لبنان لن تنتهي.

حاول المخرج الا يركز على حرب معينة او زمن معين بل ترك الكاميرا تتجول في مناطق الدمار مستعينا ببعض اللقطات الارشيفية التي ركزت على الاصوات دون الصورة. واشار وسام الى انه لم يجد صعوبة في ايجاد مواقع تصوير حقيقية للفيلم خاصة وان آثار الحرب موجودة بكثرة في لبنان وهو ما وفر عليه كثيرا من المال وخلال ال 22 دقيقة يمر الابطال من الحرب الى السلام المؤقت ثم الى الحرب مرة اخرى، وعن تاريخه السينمائي وحقيقة وجود سينما لبنانية اكد شرف انه لا توجد سينما لبنانية ولا يوجد تمويل لها وانما هناك سينما تحكي عن لبنان بتمويل خارجي خاصة في ظل تحطم المعنويات والوجدان من جراء الحروب. واضاف: حاولت ان اجسد قضايا الشباب من خلال اخراجي لفيلم “هز يا وز” الذي يدور حول غياب الثقافة العربية وفيلم “النادل” عام 1999.

وشارك شادي زين الدين بفيلمه “وعلى الارض السماء” الذي يحكي قصة يوسف الرجل الحكيم الذي يعاني من ويلات الحرب ويبدو مختلا حيث يختار العيش وسط الدمار وفي الاماكن المهدمة من الحرب ويجمع صور ملايين الانفجارات وضحايها لمدينة جرحها الزمن راسما هدفا كبيرا امامه وهو عودة بيروت التي يحكي الناس عنها متسائلاً: اين ذهبت تلك المدينة الساحرة؟ والموسيقا التصويرية للفيلم لا تخلو من اصوات الانفجارات والصراخ ومئات الضحايا. وعن اماكن التصوير قال شادي: ان خلفية الفيلم لا تخلو من البنايات المهدمة والشوارع الخالية من الناس المذعورين وقد استعنت بالمشاهد الارشيفية الى جانب مواقع التصوير الحقيقية خاصة وانني اجهز للفيلم منذ ثلاث سنوات ووجدت مادة ثرية جدا خلال تلك الفترة وشجعتني بطلة الفيلم كارمن لبس على خروجه للنور ومشاركته في مسابقة الافلام الروائية مع مخرجين كبار.

“عا العتبة” مشاركة لبنانية اخرى للمخرج الشاب باسم بريش الذي يقدم عملاً رمزياً حول عضو سابق في الميليشيات اللبنانية يهرب الى لندن خلال العدوان “الاسرائيلي” على لبنان عام 2006 مروجا لفكرة ان لندن هي الامان والديمقراطية والانفتاح على العالم وأن بيروت مجرد مدينة مدمرة لا تنتهي الحروب فيها ولا تصلح للعيش. ويفتح المخرج النار على تحطم معنويات ذلك الرجل وفقده لوطنيته من جراء ما رآه في الحروب التي عايشها، واختار المخرج خلال 11 دقيقة ان يظهر مشاهد تذكرية للبطل خلال الحرب حيث تبقى صورة البناية المتهدمة التي كانت تجمع الاصدقاء في إلفة بعيدة عن الانتماء الطائفي، مستعينا بمشاهد واقعية لتلك البناية الموجودة بالفعل حتى الآن شاهدة على الحرب حاملة آثار دماء الضحايا من الاطفال والكبار والنساء. واكد بريش ان هناك غيابا كاملا للسينما اللبنانية على الرغم من وجود عدد كبير من الشباب اللبناني المتخصص في السينما، ونوه إلى ان ظروف الحرب والحالة النفسية التي تسيطر على الوضع هناك وجهت الطاقات الابداعية الى ترجمة تلك المعاناة سينمائيا سواء بصورة مباشرة او بصورة رمزية، موضحا ان وجود مناطق مدمرة يوفر الكثير من الجهد في البحث عن مواقع تصوير وكأن الحرب اصبحت فرصة للابداع وبلورة المعاناة بطريقة سينمائية ايجابية لعلها تساهم في لفت انظار العالم واللبنانيين لخطورة ما يمرون به وتبعيات ذلك على مستقبل الجيل الحديث المحطم معنويا.

الخليج الإماراتية في 16 ديسمبر 2007

####

خالد يوسف مثّل شاهين الغائب بأمر الأطباء

المكرمون يتمنون وجود إنتاج آسيوي عربي أمريكي

دبي - شيرين فاروق: 

في اطار الاحتفاء بتكريم ثلاثة من المبدعين في السينما العربية والعالمية والآسيوية، عقد صباح امس بمدينة جميرا مؤتمر صحافي ضم الأمريكي داني جلوفر والكوري الجنوبي ايم كون تيك والمخرج المصري خالد يوسف الذي حضر نيابة عن المخرج المصري يوسف شاهين، بدأ المؤتمر بكلمة ترحيبية من سايمون فيلد المدير الفني للمهرجان والذي اوضح سبب اختيار المكرمين الثلاثة لنيل جائزة الانجاز المتميز، حيث استعرض انجازاتهم الفنية في السينما الهادفة والتي خرجت من المحلية الى العالمية. عن تكريم يوسف شاهين اشار فيلد الى أن المخرج الشهير عمل بجد في السينما المصرية والعربية لمدة تزيد على 50 عاما ناقلا اياها الى العالمية، كذلك ساهم رصيد داني جلوفر الفني كممثل وكمنتج في ترجمة الكثير من القضايا خاصة التي كانت تتعلق بمعاملة الامريكيين للسود في امريكا، اما ايم كون تيك فقام بإخراج اكثر من 150 فيلما متميزا آخرها اثنان من الافلام التي يعرضها المهرجان في دورته الحالية، بدأ كون تيك تميزه الاخراجي في فيلم “مانديلا” عام ،1971 وحول سبب غياب المخرج العالمي يوسف شاهين عن حفل التكريم اكد خالد يوسف ان شاهين بصحة جيدة الا ان الاطباء منعوه من ركوب الطائرات خوفا من تدهور صحته ناقلا سعادة المخرج العملاق بهذا التكريم والذي يعتبره بمثابة جائزة تضاف الى رصيده، موجها الشكر والتقدير للقائمين على المهرجان.

ومن جانبه اكد المخرج الكوري ايم كون تيك سعادته الكبيرة بوجوده في دبي مكرما في مهرجانها الكبير الذي اعطاه فرصة ذهبية للتعرف إلى السينما العربية وتعريف الناس بالسينما الكورية خاصة ان حضورها ضعيف في الثقافة العربية، متأملا ان يكون هناك تعاون سينمائي مشترك يلغي كل الحواجز الموجودة، وحول دور المهرجان في مد الجسور الثقافية بين منطقة الشرق الاوسط وامريكا وآسيا، اشار الممثل الامريكي داني جلوفر في البداية الى فخره الشديد بتكريمه بجوار اثنين من عمالقة السينما في العالم مؤكدا انه يعرف يوسف شاهين منذ اكثر من 20 عاما من خلال متابعته المستمرة لاعماله خاصة فيلم “المصير” الذي جسد ببراعة شديدة القمع والظلم الذي يمكن ان يتعرض له المبدعون، كذلك تعرف جلوفر إلى كون تيك منذ اكثر من ثماني سنوات، مشيدا بأعماله الرائعة التي نقلت الى العالم طبيعة المجتمع الكوري وما يمر به من افراح واحزان وازمات في ترجمة حرفية لدولة لا يعرف الناس الكثير عنها.

وحول امكانية التعاون المشترك بين داني جلوفر ويوسف شاهين اكد خالد يوسف ان هناك صعوبات كثيرة تعتري هذا التعاون مثل حاجز اللغة والتمويل الضخم، مؤكدا انه لا توجد شركة انتاج تستطيع ان تغطي تكاليف فيلم بهذه الضخامة بالاضافة الى عدم وجود نص يستوعب هذا الامر ويقدم عملا جيدا. وعن الفائدة التي تعود على السينما العربية من جراء اقامة مثل هذه المهرجانات ووجود مثل هؤلاء المكرمين اكد سايمون فيلد ان المهرجان يعتبر فرصة رائعة لسد الفجوة بين السينمائيين على مستوى العالم، كما ان وجود عروض سينمائية متعددة الجنسيات يساهم الى حد كبير في استفادة المخرجين من اعمال العملاقة منهم. وبخصوص تكريم بعض الاشخاص اضاف فيلد: اختيار ثلاث شخصيات كل عام لتكريمها هدية بسيطة يقدمها المهرجان لهم ولانجازاتهم كذلك هو نوع من دعم الشباب الذين يتخذون من هذه الشخصيات قدوة لهم من خلال لمسهم للمردود الايجابي لانجازاتهم وتأكيد على ان جهدهم لم يضع هباء.

وعن رغبة المخرجين العالميين من خارج الوطن العربي في تعاون شرق اوسطي من خلال الاشتراك في اعمال عربية اكد جلوفر انه متابع جيد لقضايا الشرق الاوسط وانه يعرف شخصيات كثيرة تعتبر رموزا مهمة في تلك المنطقة مثل جمال عبد الناصر ولا يمانع في انتاج اعمال تحكي عن مشاكل تلك المنطقة او الاشتراك فيها كممثل، موضحا ان تواصل العالم اصبح سهلا في ظل وجود التقنيات والآليات التي تدعم هذه العلاقة.

وحول تشابه وضع العرب الامريكان الموجودين حاليا في امريكا مع وضع السود من قبل اشار جلوفر الى ان واقع العرب في امريكا يتطابق الى حد كبير مع ما مر به السود فيها، حيث كان يظهر الافريقي في السينما الامريكية بصورة مهينة، كما العربي الآن الذي غالبا ما تتم الاستعانة به او تجسيد شخصيته على انه ارهابي، منوها الى ضرورة وجود سينما تنبذ التعصب وتركز على وضع العرب في امريكا بعد احداث 11 سبتمبر، واختتم المؤتمر بمصافحة ثلاثية بين جلوفر وتيك وخالد يوسف الذين تمنوا وجود انتاج آسيوي عربي امريكي بعد هذا المهرجان.

الخليج الإماراتية في 16 ديسمبر 2007

####

مستقبل السينما العربية في يد التلفزيون  

شاركت سبع شركات عربية من أكبر شركات البث التلفزيوني في جلسة حوارية ضمن المهرجان، وفي إطار فعاليات مكتب السينمائيين المتعلقة بالجانب التجاري والاقتصادي لصناعة السينما.

وتحدث خلال الجلسة نخبة من المسؤولين التنفيذيين من مؤسسات “شوتايم”، و”راديو وتلفزيون العرب”، و”إم بي سي”، و”روتانا”، و”الجزيرة الدولية”، و”03 برودكشنز”، و”مجموعة جود نيوز”، الذين ناقشوا مستقبل صناعة السينما في المنطقة.

وتنشط كافة هذه المؤسسات بفعالية في قطاع الإنتاج السينمائي. وبالرغم من أن كافة المشاركين أجمعوا على أن سقف ميزانية الفيلم العربي يراوح عند 5.3 مليون دولار أمريكي، وأن أعمال الإنتاج المشترك والأفلام المنتجة بالتعاون مع جهات خارج المنطقة العربية تحصل على حجم تمويل أكبر، ساد جو من الأمل والتفاؤل خلال الجلسة في أن هناك العديد من فرص النمو وسط التحديات والصعوبات القائمة.

 وفي هذا الإطار تحدث العديد من المحاضرين خلال الجلسة حول مبادرات جديدة. وأكد نبيل عيسى من “إم بي سي” أن المجموعة أطلقت مبادرة لدعم الإنتاج السينمائي ستصدر ثلاثة إلى أربعة أفلام في عامها الأول.بدوره أعلن مارك أنتوني هالوين من “شوتايم” أنه اعتباراً من بداية يناير/ كانون الثاني المقبل سيتم إطلاق محطة جديدة “الشاشة 2” تستهدف فئة السيدات من مشاهدي برامج الشبكة، مؤكداً أن “شوتايم” حريصة على تقديم أفلام مخصصة لتلك الفئة المهمة من الجمهور.

بدوره قال ممثل “روتانا” إن نماذج وإيرادات الإنتاج الحالية التي تتجه في معظمها إلى التلفزيون ستشهد تغيراً ملحوظاً بعد افتتاح دور للسينما في السعودية، معبراً عن ثقته في أن هذه الخطوة ستتم قريباً.

ويقوم “راديو وتلفزيون العرب”، الذي أنتج مؤخراً فيلم “كراميل” للمخرجة اللبنانية نادين لبكي، بإنتاج والمشاركة في إنتاج أكثر من 20 فيلماً سنوياً، وتمكنت الشركة من خلال اعتماد آليات تمويل مرنة، وشبكة كبيرة من العلاقات، من تأسيس أكبر مكتبة للأفلام العربية في منطقة الشرق الأوسط.

وركزت مجموعة “جود نيوز” على فكرة تأسيس سوق دولية لإنتاج الأفلام العربية، وأشار ممثل المجموعة، عادل أديب، إلى أن الشركة قامت بأبحاث لتقصي أفضل النماذج لإنتاج الأفلام وذلك على مدار ست سنوات قبل إنتاج وتسويق فيلم “عمارة يعقوبيان” (2006)، وتقوم الشركة بإجراء اتصالات مع نجوم عالميين للتعاون في المشاريع الجديدة.\

الخليج الإماراتية في 16 ديسمبر 2007

####

يناقش القضايا النسائية المسكوت عنها

"بلد البنات" صراع بين الحلم والواقع

عرض قبل يومين، الفيلم المصري “بلد البنات” المشارك في مسابقة الأفلام الروائية بمهرجان دبي السينمائي الدولي الحالي، سيناريو علا الشافعي، وبطولة ريم حجاب، وفرح يوسف، وفريدا، وسمية الجويني، وإخراج عمرو بيومي، وذلك في سينما “سيني ستار 2” بمول الإمارات، وهو دراما نسائية تفضح المسكوت عنه اجتماعياً، عبر حكاية أربع بنات ينتمين لأربع محافظات مختلفة، يلتقين بالمدينة الجامعية في القاهرة، ويتشاركن الحلم والطموح بتحقيق أنفسهن، ثم يجتمعن في شقة مفروشة فور تخرجهن، على أمل التحرر من سلطة الأهل وسيطرتهم، فيبحثن عن فرصة للعمل، مدفوعات بنظرة مثالية للحياة، ورغبة في العيش بحرية، لكن خطواتهن تتعثر بين التقاليد والعادات ونظرة المجتمع السلبية للمرأة، وأضواء ومغريات الحياة، وبين الحب والحرية والأحلام والواقع، الذي لا يعترف بلغة الرومانسية لتنتهي بهن الحياة في القاهرة إلى سلسلة من الخيبات في العمل، فيدفعن ثمن أحلامهن الصغيرة، لتتحول بهجة الوجود بالقاهرة إلى كابوس مزعج.

والفيلم يأتي خارج اطار الأفلام الشبابية في مصر، التي تعتمد على التهريج والضحك، حيث يسلط الضوء على عدد من القضايا النسائية بأدق تفاصيلها، حيث المرأة العاملة في مجتمعاتنا ضحية لنظرة ذكورية سلبية جاهزة مسبقاً، دون أي تمييز بين حالة وأخرى، كما يناقش مدى استطاعتنا الإفلات من ماضينا وعاداتنا وتقاليدنا، التي تظل تطاردنا مهما حاولنا الاندماج في مجتمعات وبيئات مختلفة وجديدة كالتي تفرزها في الفيلم مدينة القاهرة، الطاحنة والمتسارعة الإيقاع، كما يتطرق إلى هذا التناقض الذي يسكننا ويجعل لكل منا حياتين إحداهما معلنة تتفق مع المظهر الاجتماعي والعادات والتقاليد، والأخرى سرية تتناقص وترفض الواقع الاجتماعي، كما يناقش عالم الصحافة في مصر بما فيه من فساد مع هذا فالفيلم لم يطرح أي جديد سواء على صعيد الفكرة أو الموضوع أو المعالجة مما جعلنا نستنتج أحداث الفيلم مسبقاً، خاصة وأنها تدور في ذات أطر الأفلام المصرية من تغرير بالفتيات، وحمل واجهاض، مما جعله ذا إيقاع بطيء بعث على الملل في عدد من أجزائه، كما كان يمكن ان تعتمد مؤلفته على الخيال والتحليق، بدلاً من استخدام مادة تم استهلاكها سينمائياً ليأخذ الفيلم مداه الدرامي الكامل.

نجح المخرج عمرو بيومي في التقاط أدق تفاصيل مشاهدة بشكل واقعي للغاية، إلا انه وقع كضحية للحيرة في اختيار شكل ومضمون بصري واضح يصوغ في تناغم خيوط الفيلم، وحكايات بطلاته الأربع بخيط مشدود ومتين يجعل المشاهد متماسكة، وذات بناء درامي واضح، ومتين كما غاب عنه فكرة تلاحق المشاهد. ولعبت الأغنية في الفيلم دور البطولة، حيث عبرت وصاغت بدقة الحالة الشعورية التي تعيشها الشخصية، ومهدت لعدد من الأحداث في لغة فنية راقية، ومنها أغنية “بلد البنات” لمحمد منير.

الفيلم ذو انتاج فقير ويعتمد بشكل رئيسي على وجوه شابة جديدة، ما عدا ظهور محدود لطارق التلمساني، ومها أبو عوف.

في أعقاب عرض الفيلم، دار حوار بين الجمهور والصحافة، وعدد من أبطال العمل، وهم المؤلفة علا الشافعي، والممثلة سمية الجويني، والمنتجة عفاف فوزي، والمخرج عمرو بيومي، حيث أشارت علا إلى ان قصة الفيلم عبارة عن مشروع تخرجها في معهد السينما، وأنها استلهمت أحداثها من قصص واقعية لفتيات المدينة الجامعية بالقاهرة، رغبة منها في إلقاء الضوء على قضايا نسائية شديدة الدقة،أما سمية الجويني فأكدت أن تجربتها الأولى بالتمثيل لم تكن بالسهولة لولا مساعدة وتوجيهات عمرو بيومي، الذي أوضح بأن حجم تدخله في السيناريو، كان بسيطاً للغاية لاقتناعه بموهبة مؤلفته ولرغبته في أن تكون الرؤية نسائية بحكم أن العمل نسائي، ويناقش القضايا المسكوت عنها اجتماعياً، وتمس الجميع وبخاصة المرأة.

وعن الجديد الذي يطرحه الفيلم على صعيد الفكرة أو الموضوعات التي يناقشها قال مخرجه عمرو بيومي ل”الخليج”: يناقش الفيلم المشكلات والأزمات التي تعترض طريق الفتيات الحالمات بالحرية والحب في ظل حياة طاحنة في القاهرة، ووسط الصراع ما بين الحلم والواقع بعاداته وتقاليده، حيث وضع كل هذا في الإطار الزمني والمكاني العصري الحالي، مما يعد جديداً.ونفى أن يكون هناك مبالغة في المشاهد العاطفية المعروضة بالفيلم، مشيراً إلى اقتصاده في استخدام المشاهد الموظفة درامياً، والتي لا بد منها، خاصة وأن الهاجس الجسدي عند بطلاته موجود بالعمل بصورة واضحة._

الخليج الإماراتية في 16 ديسمبر 2007

####

المشاركون في "الجسر الثقافي" أجمعوا على أهميتها

السينما أداة للتواصل الحضاري والسلام العالمي

دبي - هاني نورالدين

في الجلسة النقاشية لبرنامج الجسر الثقافي في المهرجان التي عقدت مساء أمس الأول على مسرح مدينة الجميرا بدبي أشار الروائي العالمي باولو كويلو إلى أنه لردم الفجوة ما بين الأجناس المختلفة لا بد من لغة مشتركة للتواصل. وأكد أن الثقافة ليست حقيبة نحملها معنا أينما ذهبنا ولكنها تسكن عقولنا وقلوبنا وتشكل سلوكياتنا، ومن المهم معرفة كيف أوظف معرفتي في الخروج من المآزق المختلفة التي أمر بها وإلا فالاستعانة بما لهم أكثر خبرة ودراية ومثلما حدث معه حينما ذهب لزيارة الصحراء في دبي مؤخراً ليقود السيارة بها فعلق في رمالها محاولاً الاستعانة بكافة الخبرات التي يعرفها دون جدوى مما جعله يستعين في النهاية بأهل الخبرة.

وأكد باولو كويلو أن هناك قيماً مشتركة بين كافة الثقافات والحضارات لا بد من التركيز عليها والانطلاق منها نحو ايجاد جسور للتواصل الثقافي والحضاري مع الآخر، ونوه إلى أنه من الضروري أن يتحلى المرء بالإرادة التي تقهر المستحيل فيعرف إلى أين وكيف يتجه مختصراً الطريق على ذاته في تحقيقه لأهدافه المختلفة.

أما الممثل والمنتج العالمي داني جلوفر فنوه بالأفلام التي شارك بها وتتحدث عن الأمريكيين الأفارقة وعن كوبا وعن المضطهدين في بقاع مختلفة من العالم، كما يعكف حالياً على إخراج فيلم تموله الحكومة الفنزويلية عن ثورة هاييتي، مشيراً إلى أن الأفلام هي تعبير عن معاناة وهموم وحياة الناس وهي فرصة لاجتماعهم والتواصل فيما بينهم خاصة إذا ما كانت تتناول القضايا الإنسانية من ظلم وعبودية والتي تحقق نجاحاً واسعاً. وأكد أن هذا هو سحر السينما وسرها إذ إنها بهذا المعنى تستطيع أن تخلق نوعاً من الحوار والنقاش بين الشعوب بشرط توفر الإرادة لفعل ذلك مع الإيمان بالتعددية ووجود اختلافات بيننا كبشر على صعيد الثقافة والعادات والتقاليد التي يجب أن نحترمها ونقدرها حتى يكون لحوارنا وتواصلنا معنى وقيمة.

وأكدت الروائية والممثلة والمخرجة رايدا جيكوبز التي تنحدر من عائلة جنوب إفريقية بأنها حاولت التحدث عن تاريخ بلدها والمعاناة التي تعترض الناس بها عبر السينما التي تجمع الناس ويمكن أن تكون بمثابة الجسر الذي يصل بين الجميع مغلباً لغة الحوار والنقاش على ما سواه من الأساليب الأخرى.

وأشارت إلى أنها صنعت فيلماً يضم العديد من الأطفال ممن ينتمون لديانات مختلفة لترصد أحلامهم وطموحاتهم ومعاناتهم رغبة في التأكيد أن ما يجمعنا كبشر أكثر مما يفرقنا وهذا هو حال المرأة المسلمة التي تتشابه في كثير من الأشياء مع من سواها من ديانات أخرى فهي امرأة وأم لها مشاكلها ومعاناتها. وقالت إنها تحاول التركيز في المرحلة المقبلة على تحسين صورة المرأة المسلمة بهدف تعريف الآخر بها مؤكدة أهمية وجود إنتاج فني مشترك يتيح التواصل سينمائياً قبل أن نطالب به إنسانياً.

وأشارت الإعلامية جيزيل خوري إلى أن التنوع والاختلاف في النسيج اللبناني حيث ينتمي الشعب لثقافات ورؤى وأيديولوجيات وطوائف مختلفة إحدى نقاط تميز لبنان وتفرده. وقالت: هذه صورة للتعايش السلمي الذي يجب أن يسود العالم أجمع إلا أنه وبعد عشر سنوات من الحرب الأهلية والدمار والخراب وبينما بدأنا نستعيد استقلاليتنا وحريتنا إذ ببعض الأيادي الغادرة تمتد لتقتل رموز هذه الحركة وكان أولهم زوجي سمير قصير ومؤخراً كان اغتيال فرنسوا الحاج أحد أركان الجيش اللبناني مما يهدد مشروعنا الديمقراطي الذي هو السبيل للبنان موحد يعيش بأمان وسلام وحرية.

وفتح بعدها باب النقاش مع الجمهور الذي دارت أسئلته حول كيف يمكن لصناعة السينما بناء جسور للتواصل الثقافي والحضاري وأن تكون أداة لتكريس السلام العالمي وبأنه لا بد من شباب السينمائيين العرب الجري وراء حلمهم في إنتاج سينما جيدة وعالمية وعدم انتظار الفرصة كي تأتيهم على طبق من ذهب.

وعن موقف داني جلوفر مما يجري في دارفور أشار إلى أن مهمته هو وكبار الفنانين الأمريكيين القاء الضوء على هذه القضية المهمة، أما باولو كويلو وفي معرض اجابته عن سؤال حول إذا ما كان تحويل روايته إلى أفلام يحد من الإبداع والخلق الموجود بها فقال هذا يعتمد على رؤية المخرج الذي يجب ألا يأخذ ما هو مكتوب حرفياً ولكن يحاول الإبداع فيه بطرق مختلفة حتى لا يكون شيئاً جامداً لا روح فيه، مشيراً إلى أن المتعة في قراءة الكتابة تتلخص في كونك تقوم بإخراج ما تقرأ عبر صور ذهنية تتوارد في مخيلتك.

الخليج الإماراتية في 16 ديسمبر 2007

####

يسلط الضوء على ختان الفتيات

منال علي بن عمرو: "وجه عالق" فيلم نسائي لضرورة درامية

حوار: هاني نورالدين 

تشارك منال علي بن عمرو بفيلمها “وجه عالق” في برنامج “أصوات اماراتية” بمهرجان دبي السينمائي، والفيلم الذي كان قد فاز بجائزة المهرجان لأفضل موهبة اماراتية في مسابقة افلام الامارات لهذا العام يناقش ختان الفتيات بصفتها أول لحظة مفزعة في حياة الفتاة مما يولد عندها هواجس داخلية تصاحب ذكرياتها القديمة مع الختان. وترى منال علي بن عمرو بأن الضرورة الدرامية هي ما جعلت فيلمها نسائياً حيث لم تبرز الحاجة لوجود شخصيات رجالية، مشيرة الى أنها لا تزال تعتبر نفسها هاوية سينما تنفق من جيبها على افلامها رغبة في اكتساب المزيد من الخبرة السينمائية وحتى لا تراوح مكانها منوهة بأن صناع السينما الاماراتيين لا تنقصهم الموهبة أو القدرة بقدر ما يحتاجون للتمويل لأجل صناعة سينما اماراتية متميزة، ومعها كان اللقاء:

·         كيف جاء دخولك لمجال الاخراج السينمائي؟

- أولى تجاربي السينمائية الفيلم القصير “الحذاء” الذي عرض في عرض خاص بمسابقة افلام من الامارات ومن ثم كان عملي الثاني “وجه عالق” الذي جاءتني فكرته بعد كتابتي لقصيدة تحمل ذات العنوان وقمت بتحويلها الى فيلم قصير كتبت السيناريو له واخرجته، بينما لعب دور البطولة به الممثلات اشواق وفَي والطفلة فاطمة حسن واستغرق تصويره يوماً واحداً وبميزانية اقتربت من الأربعة آلاف درهم دفعتها من جيبي الخاص.

·         وما الذي تناقشينه من قضايا في “وجه عالق”؟

- “وجه عالق” يسلط الضوء على ختان البنت بصفتها أول لحظة فزع في حياتها تكبر لتكبر معها تلك الهواجس المفزعة الداخلية المحيطة بهذا الأمر، وكيف أن الآباء والامهات وبحجة العادات والتقاليد قد يفعلون أشياء قد تشكل ندبات في نفسية اطفالهم لا يستطيعون الخلاص منها مهما كبروا، وتطاردهم لتفزعهم وتلون حياتهم بالألم والحزن، كما سلطت الضوء على شخصية تكاد تكون اختفت من حياتنا وكانت منتشرة ومعروفة في الماضي وهي تلك التي تقوم بختان الاناث.

·         وما الرسالة التي يحملها الفيلم؟

- اخرج من المعنى الخاص وهو الألم النفسي قبل الجسدي الذي يخلفه الختان عند الفتيات، الى المعنى العام المتعلق بكل ما قد يشوه ويجرح نفسية اطفالنا في الصغر، في محاولة لتلافي ذلك وتفهمه من قبل الوالدين والاقارب.

·         وهل يعتبر الفيلم نسائياً؟

- لم اتعمد ان يكون نسائياً كما أني ضد مثل هذه المسميات ولكن الضرورة الدرامية اقتضت هذا الأمر، فالفيلم يدور حول شخصيات نسائية تصنع الحدث ويدور حولها وتتأثر به من دون حاجة لوجود شخصيات رجالية على الاطلاق.

·         هل كنت تودين المشاركة في المسابقة الرسمية بمهرجان دبي السينمائي الدولي؟

- فخورة بعرض عملي بالمهرجان حتى وان كان خارج المسابقة، فأنا اقدم بالطبع محاولات سينمائية جادة احاول من خلالها التعبير عن وجهات نظري والقضايا التي تشغلني بصورة ولغة سينمائيتين راقيتين وحصلت على دورة مؤخرا في الاخراج السينمائي بأكاديمية منهاتن للسينما سيكون لها اكبر الأثر في نضجي واحترافي الاخراجي.

·         وهل تعتبرين نفسك محترفة اخراج سينمائي؟

- أنا لا أزال هاوية سينما وسأظل، لأن الاحتراف عندي يعني أن انفق على ذاتي عبر الاخراج السينمائي وهو ما لم يحدث الى الآن كوني انفق على افلامي من جيبي الخاص.

·         وما الذي يدفعك لذلك؟

- رغبتي في التعلم وتطوير أدواتي وأساليبي الفنية والاخراجية، والوجود سينمائيا هو ما يدفعني للانفاق على أعمالي لأني اذا لم افعل سأظل مكاني ولن اضيف حينها أي خبرات جديدة لنفسي على الصعيد السينمائي، فالانسان يتعلم عبر التجربة والخطأ والصواب.

·         وما الذي يحول دون وجود صناعة سينما اماراتية؟

- المواهب والطاقات والامكانات البشرية المبدعة الاماراتية موجودة وبشكل كبير لكن ينقصها جهة ما تتولى دعم وتمويل افلامنا وتشجيع مواهبنا السينمائية رغبة في وجود صناعة سينما اماراتية.

·         وما الدور الذي يمكن أن يقوم به مهرجان دبي السينمائي الدولي في هذا الإطار؟

- لا شك أنه يلعب دوراً كبيراً كمنصة لعرض أفلامنا والقاء الضوء عليها كما يتيح لمختلف صناع السينما العالميين رؤيتها وهو شيء مشجع لنا للغاية ويحملنا مسؤولية كي لا تكون أعمالنا اقل مما يعرض بالمهرجان من أعمال أخرى متميزة رغبة في التأكيد على مدى موهبتنا وابداعنا وتميزنا سينمائياً.

الخليج الإماراتية في 16 ديسمبر 2007

####

أفضل الأفلام في عروض اليوم الأخير  

بالرغم من أن حفل ختام المهرجان أقيم أمس، إلا أنه ما يزال متواصلاً، فهناك يوم آخر يزخر بأفضل الأعمال السينمائية العالمية بما في ذلك الأفلام الروائية الطويلة والوثائقية الفائزة بجوائز المهر للإبداع السينمائي العربي.

ويوفر عرض الأفلام الفائزة فرصة مثالية لحضور أقوى الأفلام السينمائية العربية الجديدة، حيث سيتم عرض الأفلام الوثائقية الفائزة بالمهر الذهبي، والمهر الفضي، والمهر البرونزي، في الواحدة والثالثة و50 دقيقة والخامسة و45 دقيقة على التوالي في سيني ستار 2 بمول الإمارات. في حين ستسدل الأفلام الروائية الفائزة بجوائز المهر الستار على فعاليات المهرجان، حيث سيتم عرض الفيلمين الفائزين بالمهر الفضي، والمهر البرونزي الساعة 7،45 في سيني ستار، بينما سيعرض الفيلم الفائز بالمهر الذهبي في نفس الوقت على مسرح سوق مدينة جميرا.

فيلم “ظلال الليل” الذي يصور 24 ساعة في حياة خمس شخصيات تتحدى الصورة الجميلة لمدينة جنيف، سيعرض في الساعة 12،25 في سيني ستار ،1 بينما سيعرض فيلم “وتدفق السياح” في سيني ستار 7 عند الساعة 12،30.

كما سيعرض عند الساعة 12،30 أيضاً فيلم “أربع نساء” للمخرج أدور غولبالاكريشنان في مسرح سوق مدينة جميرا، يصور الفيلم موضوع خضوع المرأه الهندية في المنطقة الجنوبيه من ولاية كيرلا. وفي الساعة 3،30 وفي نفس المكان، يعرض فيلم “قبل الأمطار” الذي يرصد المشكلة التي يتعرض لها ضابط بريطاني متزوج في ثلاثينات القرن الماضي في الهند، عندما تنكشف علاقته العاطفية مع خادمته.

من بنجلاديش يعرض فيلم “على أجنحة الأحلام” ويصور قصة قروي مسكين تنقلب حياته رأساً على عقب عندما يعثر بالصدفة على كمية من المال، يعرض الفيلم الساعة 3،15 في سينما سيني ستار 1 بمول الإمارات. في نفس الوقت تعرض سيني ستار 7 فيلم “العدو الحميم” الذي يرصد الصراع بين ملازم شاب يحمل أفكاراً مثالية ورقيب متهكم يعملان في جيش الاحتلال الفرنسي خلال حرب الاستقلال في الجزائر.

آخر الأفلام الروائية الطويلة خارج المسابقة هو “المنفي”، فيلم العصابات والتشويق للمخرج جوني تو. ويرصد الفيلم الذي سيعرض الساعة 6،15 في سيني ستار ،7 قصة قاتلين مأجورين من هونغ كونغ توكل لهما إحدى العصابات مهمة قتل عضو متمرد في العصابة.

تتوزع مواقع شباك تذاكر المهرجان بين سوق مدينة جميرا، وبهو مبنى “سي إن إن” في مدينة دبي للإعلام، وسينما سيني ستار في مول الإمارات، وجراند سينيبلكس. كما يمكن شراء التذاكر عبر الموقع الإلكتروني www.dubaifilmfest.com، أو من خلال خط هاتف المبيعات 04 367-6701.

الخليج الإماراتية في 16 ديسمبر 2007

 
 

مهرجان دبي السينمائي:

جردة حساب: بحثاً عن «الآخر»... على ضفاف الخليج العربي

بيار أبي صعب

أسدل الستار أول من أمس على الدورة الرابعة من الموعد السينمائي الخليجي الذي احتلّ بسرعة موقعه بين مهرجانات السينما في العالم العربي.طوال أسبوع، احتضنت المدينة الإماراتيّة الباحثة عن نفسها فوق الخريطة الثقافيّة، عشرات الأفلام العربيّة والعالميّة، واحتفت بنجومها، ومضت في سعيها لبناء «جسور التواصل بين الثقافات»

ما من شيء عادي في دبي. كل شيء خارق في هذه المدينة المعولمة التي نبتت على غفلة عند تخوم الصحراء... لا تجد وقتاً لتسأل أين أنت؟ أو لتحاول أن تفهم ماذا تفعل هنا؟ تدخل من دون استئذان في الدوامة المجنونة، تنتبه فجأة أنك وقعت في الفخ، صرت جزءاً من اللعبة، تكدح مثل الآخرين (ولو في لجنة تحكيم دوليّة)، تتسابق مع الزمن، تركض وراء سراب الترف التكنولوجي والرخاء الاستهلاكي...

كل مظاهر التطوّر (التقني) متوافرة هنا، والضخامة هي القاعدة: أضخم فندق في العالم، أضخم مركز تجاري في الشرق الأوسط، وأضخم آلة اقتصاديّة طاحنة تضخّ نموّاً مذهلاً في سرعته التصاعديّة. وكان لا بدّ من أن يأتي دور الثقافة والفنّ. خلال الأعوام القليلة الماضية، صارت الإمارات بين أضخم أسواق الفنّ العالميّة، خصوصاً بالنسبة إلى الفنّ العربي بمختلف مدارسه واتجاهاته. ومنذ أربع سنوات، باتت دبي تملك مهرجانها السينمائي... الضخم طبعاً.

«مهرجان دبي السينمائي الدولي» الذي تنظمه سلطة منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والإعلام، انطلق عام ٢٠٠٤ تحت شعار «ملتقى الثقافات والإبداعات». بسرعة قياسية استقطب أكبر النجوم. تريد جورج كلوني؟ سيكون لك في افتتاح الدورة الرابعة التي أُسدل عليها الستار أول من أمس. قبل أسبوع وقف كلوني على منصّة «مسرح المدينة» ذي الإمكانات التقنية المبهرة في الجميرة، مقدّماً فيلم توني غيلروي «مايكل كلايتون» الذي يؤدي فيه دور البطولة. الفيلم هوليوودي نموذجي، يناغش قليلاً تجاوزات الرأسماليّة، قبل أن يترك للخير أن ينتصر على الشرّ.

قبل عرضه، تكلّم النجم الوسيم عن أخطاء أميركا، داعياً الى العمل على مدّ جسور حقيقية مع هذه المنطقة من العالم. تريدون باولو كويلو؟ إنّه لكم، في مؤتمر مواز للمهرجان («ملتقى الثقافات والإبداع» بين المشاركين الاعلامية اللبنانية جيزيل خوري).

بين الكاتب البرازيلي وبرج العرب صداقة قديمة. شارون ستون أيضاً مشت على السجادة الحمراء في دبي، حيث رأست حفلة خيريّة لدعم الأبحاث حول الايدز. ليلى علوي، وفاروق الفيشاوي ومحمود ياسين. والقائمة تطول.

لكنّ الجانب الاستعراضي الذي لا مفرّ منه في نوع معيّن من مهرجانات السينما، لم يأت على حساب المكانة الحقيقيّة والأمينة المخصصة في دبي للسينما العربيّة بكلّ اتجاهاتها وأجيالها وامتداداتها الجغرافيّة، وبكل أشكالها الروائيّة والوثائقيّة، الطويلة والقصيرة... وجاءت «جوائز المهر» لتتوّج بعض تلك الأفلام، ضمن فئتين منفصلتين: الروائي والوثائقي (مدير المسابقة الزميل محمد رضا).

وقد مثّل الموعد فرصة ثمينة لاكتشاف بعض أهمّ التجارب الإبداعيّة الآتية من المغرب والمشرق، وأحدث ما أنتج عن المنطقة وقضاياها في العالم العربي والولايات المتحدة وأوروبا.

البرمجة العربيّة لهذه الدورة، تعكس هاجساً حقيقياً لنقل صورة أمينة عن واقع سينمائي في حالة مخاض دائم، وصراع سيزيفي من أجل الوجود. من هنا الحضور الكثيف لأعمال ومبدعين، في مواقع مكرّسة أو طليعيّة. من سوريا عمّار البيك (JERUSALEM HD، روائي قصير)، وميّار الرومي («ستّ قصص عاديّة»، روائي قصير)... وعبد اللطيف عبد الحميد («خارج التغطية»). ومن لبنان غسان سلهب (POSTHUME روائي قصير) ومحمود حجيج («آنسات، سيّدات، مواطنات»، روائي قصير)، ووسام شرف («جيش من النمل»، روائي قصير)، وشادي زين الدين في باكورته الروائيّة الطويلة «وعلى الأرض السماء» (مع رفيق علي أحمد، وعمّار شلق، وكارمن لبّس). وهذا القادم الجديد إلى عالم الإخراج (١٩٧٩)، سنسمع عنه الكثير لاحقاً من دون شكّ... وصولاً إلى برهان علويّة («خلص» ـــــ مهري أفضل سيناريو، وأفضل مونتاج)، ومي المصري («٣٣ يوماً»، وثائقي)، وفيليب عرقتنجي («تحت القصف» ـــــ المهر الذهبيّة لأفضل فيلم، ومهر أفضل ممثلة لندى أبو فرحات).

وقد أدهش الحضور اللبناني المكثّف على قائمة الجوائز معظم المشاركين في المهرجان.

كذلك حضرت فلسطين بكثافة في جوائز الأفلام الوثائقيّة مع نصري حجاج («ظل الغياب» ـــــ المهر البرونزيّة للأفلام الوثائقيّة)، وبثينة كنعان خوري («مغارة ماريا» عن جرائم الشرف ـــــ المهر الفضّية للأفلام الوثائقيّة). ولا ينبغي أن ننسى بروز سينما الإمارات، البلد المضيف، مع مبدعين أمثال وليد الشحي («حارسة الماء» ـــــ المهر الفضية للأفلام القصيرة)، عبد الله حسن أحمد («تنباك»، روائي قصير)، محمد سعيد حارب، ونايلة الخاجة وعلي مصطفى...

أبرز رموز السينما التونسيّة جاؤوا إلى دبي لتقديم أفلامهم. نوري بوزيد («آخر فيلم» ـــــ المهر الفضية لأفضل فيلم روائي طويل، مهر أفضل موسيقى)، ولطفي عاشور («العزّ» ـــــ المهر البرونزية للأفلام الروائيّة القصيرة) وأنور براهم («كلمات ما بعد الحرب»، وثائقي)، وهشام بن عمار («شفت النجوم في القايلة»، وثائقي: تاريخ تونس عبر رياضة البوكس)... أو لمجرّد المشاركة، مثل رضا الباهي وفريد بوغدير. طبعاً فيلم نوري بوزيد كعادته أثار السجال: كيف نصوّر الإسلاميين: بين شجاعة الفنّان العلماني العربي في مواجهة «الظلاميّة»... وتسرّع المثقّف الطليعي في تقديم نظرة «اختزاليّة» أحياناً إلى الجماعات الذي أخذها القهر ـــــ على أنواعه ـــــ إلى الخيار الراديكالي، الانتحاري؟

وأثار عدم فوز الممثل التونسي لطفي عبدلّي، بطل «آخر فيلم»، بجائزة المهر لأفضل ممثّل، خيبة النقاد وأهل المهنة، إذ فضلت لجنة التحكيم (وكاتب هذه السطور كان من أعضائها) الممثّل الأردني نديم صوالحة، بطل فيلم أيمن مطالقة «كابتن أبو رائد» الذي رُوّج له بصفته «أوّل فيلم أردني منذ ثلاثين سنة»! خيبة أخرى لمسناها لدى جمهور المهرجان، من عدم فوز الممثلة التونسيّة اللافتة حفصيّة الحرزي بطلة «أسرار الكسكس» فيلم الجزائري عبد اللطيف كشيش الذي يحكي معاناة المهاجرين العرب في فرنسا (جائزة المهر البرونزية لأفضل فيلم روائي طويل).

ونشير هنا الى فيلم جزائري لافت هو «البيت الأصفر» (عمر حكّار) الذي تعالت الاحتجاجات لعدم حصوله على إحدى الجوائز الكبرى للمهرجان.

وتجدر الإشارة إلى أنّ العلاقة بالغرب، على اختلاف إشكالياتها من أوضاع المهاجرين والعنصريّة وإشكاليات «العودة» إلى الوطن الأم وإرث الاستعمار الثقيل، هي أحد المحاور الأساسيّة لأفلام مهرجان دبي. نذكر في هذا السياق، إضافة إلى «أسرار الكسكس»، شريط البلجيكية خديجة لوكلير «سارا» (جائزة المهر الذهبية للأفلام القصيرة: سارا تعود الى البلد للقاء أم لا تعرفها)، «امرأتان» (فيليب فوكون، فرنسا: مسلمة ويهوديّة في مهبّ العنصريّة المستجدّة)، و«أميركي شرقي» (هشام عيساوي، الولايات المتحدة: معاناة العرب الأميركيين بعد ١١ سبتمبر)، «أميركا ضدّ العريان» (لين هالفورسن، النروج: معاناة الدكتور سامي العريان، الأستاذ الجامعي الفلسطيني الذي اتهمته السلطات الأميركيّة بالإرهاب)، «أنا الآخر» (محسن ليتي، إيطاليا: صياد السمك الإيطالي يشكّ فجأة في كون صديقه وزميله وشريكه التونسي إرهابياً)، «العدوّ الحميم» (فلوران إميليو سيري، فرنسا: نظرة أخرى نقديّة إلى حرب الجزائر)... وصولاً إلى المغربيين نبيل عيّوش الذي يصالح العرب وأميركا بـ«هزّة ورك»، وأحمد المعنوني الذي يعود بطله الشاب من فرنسا إلى المغرب لرعاية خاله المحتضر...

وأحمد المعنوني صفّق الجمهور طويلاً لفيلمه «القلوب المحترقة» (مهر أفضل تصوير). المخرج العائد إلى السينما بعد انقطاع، يصوّر في مدينة فاس بالأبيض والأسود، على وقع أغنيات وأهازيج تراثيّة، حكاية عودة فنّان مغربي من مغتربه/ ملجئه الفرنسي إلى أرض البؤس الأولى التي لم تتغيّر كثيراً منذ طفولته المعذّبة.

أما مواطنه من الجيل اللاحق نبيل عيّوش، فقدّم العرض العالمي الأول لفيلمه الجديد «مهما أرادت لولا...» (خارج المسابقة). الفيلم الذي يحمل طابعاً (هويّة؟) «أميركيّاً» واضحاً على المستويين الجمالي والتقني، يتميّز بمهارة فنيّة لافتة نجد فيها لمسات صاحب «علي زاوا» الذي يمكن اعتباره من أبرز سينمائيي جيله عربيّاً.

كذلك يعطي «لولا» للمثّلة اللبنانيّة كارمن لبّس أحد أجمل أدوارها على الشاشة حتّى الآن (مع الأميركيّة لورا رامسي، والتونسي هشام رستم). لكنّه يقع في فخّ السذاجة والتسطيح والطوباويّة والسياحيّة، في معرض رصد تلك العلاقات الشائكة التي تربط الولايات المتحدة اليوم بالعالم العربي.

من المغرب أيضاً لا بدّ من إشارة إلى مخرجين شابين قدّم كلّ منهما في دبي فيلمه الروائي القصير: الهادي أولاد مهنّد («مقهى الصيادين»)، ومحمّد آشَوَر («إيقاع»).

من مصر حضر، بشكل أو بآخر، جيل المكرسين والمعلّمين: داوود عبد السيّد مشاركاً، محمد خان («في شقّة مصر الجديدة»)، يوسف شاهين الذي كرّم غيابياً (مثّله المنتج غابي بستاني)، وعُرض فيلماه «باب الحديد» (١٩٥٨) و... «هي فوضى» (٢٠٠٧). وأيضاً الجيل الجديد: من كريم جوري («صنع في مصر»، المهر الذهبية للأفلام الوثائقيّة) إلى عمرو بيومي («بلد البنات»، عن سيناريو لافت للزميلة علا الشافعي). فيما يستحق سعد هنداوي جائزة أسوأ فيلم عن «ألوان السما السبعة» (ليلى علوي وفاروق الفيشاوي)، الذي يقوم على أحكام أخلاقيّة اختزاليّة. يسلّط المخرج الشاب الكاميرا، طوال الفيلم، على سماء القاهرة، مقحماً التراث الصوفي في عالم مسطّح، مقسوم إلى ساقطات وتائبين!

مسعود أمر الله آل علي، المدير الفني لـ«مهرجان دبي السينمائي الدولي»، والمنسق العام لجوائز المهر، حاضر على كل الجبهات. إنّه نموذج جيل جديد في الثقافة الإماراتيّة، مشغول بمدّ جسور حقيقية مع أقرانه العرب. عشرات العروض العربيّة والعالميّة في صالات مختلفة، كل واحدة تضاهي الأخرى فخامةً. تفكّر بمهرجان عربي عريق مثل «أيام قرطاج السينمائيّة» في تونس، ينعقد منذ دورتين في ظروف (تقنيّة) مزرية!

يمكن أن نأسف لأن هذا المهرجان الناجح لجهة البرمجة، يقام من دون جمهور بالمعنى الحقيقي لكلمة جمهور. نعرف أنّ البدايات دائماً صعبة. وفي مملكة المال والأعمال، والأسهم والاستثمارات، لا بد من الإبحار عكس التيار، والعمل بكدّ بغية استحداث مكان شرعي للثقافة التي لا يقوم مجتمع من دونها.

هذا ما تتيقن منه حين ترى الطريقة المنهجيّة والتعدديّة التي تدار بها الأمور هنا. وتلمس الجهد الذي يبذله فريق المهرجان من أهل الحاضرة، وشركائهم من مثقفين وسينمائيين ونقاد، من مختلف أنحاء العالم العربي.

أخيراً لا يمكنك سوى أن تعجب بهذا الشعب الصغير المحاط بناطحات السحاب، الذي يعيش وسط أدغال من الشعوب الغريبة، بلغاتها وثقافاتها التي ترفد تلك العجلة المنتظمة. إنّه مسرح النقائض والمفارقات بامتياز: بدلاً من أن يخاف منها، وظفها وبنى عليها فرادته، «أعجوبته» الاقتصاديّة. هناك في دبي أسرار كثيرة لا بدّ من سبرها، وظواهر عدْة تستحق أن تدرس بتأن، وأكثر من فيلم يمكن تصويره في أدغال المدينة الإمارة. 

انتبه هذه كانت حرباً!

السينما اللبنانيّة حضرت بكثافة في مهرجان دبي، من خلال مختلف الأجيال والأساليب والقوالب. وتبدو الحرب هي العبء الذي يرخي بظلاله وهواجسه على معظم التجارب، الشابة والمكرّسة. أفلام روائيّة قصيرة بتوقيع شباب، أبرزها «جيش من النمل»، حيث يغوص وسام شرف بأسلوب يجمع بين الواقعيّة والغرابة، في آثار تلك الحرب وما بعدها على الجيل الجديد. وهذا الهاجس نقع عليه نفسه عند شادي زين الدين في شريطه الروائي الطويل الأوّل «على الأرض السماء» حيث يرصد تداعيات تلك الحرب، وتقاطع أزمنتها وقصصها الضائعة. وأخيراً يأتي فيلم «خلص» لبرهان علويّة، أحد رموز الرعيل المؤسس، ليعود إلى ذلك الفراغ، ويستحضر أشباح الماضي في لحظة بناء السلم الأهلي الهشّ الذي لن يفضي في النهاية سوى إلى فراغ. العدوان الاسرائيلي الأخير على لبنان، شغل أيضاً أكثر من فيلم وتجربة. الموسيقي التونسي أنور ابراهم عرض في دبي فيلمه «كلمات ما بعد الحرب ـــــ بيروت صيف ٢٠٠٦» الذي يعود فيه إلى تلك اللحظات الصعبة، وأوجاعها المدفونة في اللاوعي الجماعي، من خلال محاورة شخصيات اعلاميّة وإبداعيّة في بيروت ما بعد العدوان. فيما تؤرّخ مي المصري للعدوان في «٣٣ يوماً» راصدة حياة أربعة شبان (فنانين وإعلاميين) يعملون في الإغاثة. وأخيراً يأتي فيلم فيليب عرقتنجي الإشكالي «تحت القصف» الذي اتهمه بعض النقاد بالتعامل مع حرب تموز كأنها ديكور لفيلم مربح. وعاب عليه كثيرون «استغلاله» تلك المأساة وجراح ضحاياها في فيلم يدّعي ادانة العدوان، من دون أن يتخذ من الصراع موقفاً واضحاً وصريحاً.

الأخبار اللبنانية في 17 ديسمبر 2007

 
 

في مهرجان دبي الرابع

لماذا خرجت السينما المصرية بلا جوائز ؟

رسالة دبي نــادر عــدلي

أختتم مهرجان دبي السينمائي الرابع أعماله الأحد الماضي‏(9‏ ـ‏16‏ ديسمبر‏)‏ بعد أن حقق دورة ناجحة‏,‏ واستطاع أن يتميز بين المهرجانات العربية باهتمامه الكبير بالأفلام العربية والتي رصد لها جوائز مادية جيدة‏..‏ وقد خرجت السينما المصرية الرائدة بدون أي جوائز‏,‏ ولكن مصر وجدت بقوة في أكثر من فيلم‏,‏ ومن خلال تكريم يوسف شاهين الذي حقق أحدث أفلامه هي فوضي أكبر اقبال جماهيري‏,‏ وقد بيعت كل تذاكر عروضه الثلاثة قبل‏3‏ أيام من عرضه‏..‏ فلماذا خرجت السينما المصرية من المنافسة؟‏..‏ ومن هو المخرج المصري الأصل والفرنسي الجنسية الذي فاز فيلمه بأفضل فيلم تسجيلي؟‏..‏ وماذا عن فيلم لولا الذي اعتبره البعض يسيء إلي مصر؟‏!‏

جاءت جوائز المهر للأفلام العربية الطويلة لثلاثة أفلام مهمة‏,‏ فكانت الذهبية‏(50‏ ألف دولار‏)‏ من نصيب الفيلم اللبناني‏,‏ تحت القصف اخراج فيليب عرقتنجي‏,‏ وقد شارك في انتاجه فرنسا وبريطانيا‏,‏ وأحداث الفيلم تبدأ مع نهاية ضرب واحتلال إسرائيل لجنوب لبنان من خلال امرأة تعود من الخارج للبحث عن ابنها‏,‏ وتتفق مع سائق تاكسي علي أن يذهب بها إلي الجنوب‏,‏ أنها رحلة مؤلمة تستعرض ما فعلته إسرائيل بالجنوب‏..‏ أنه عمل تتعاطف مع أبطاله ويقدم دراما تسجيلية للخراب الذي خلفته الحرب‏..‏ وفوز الفيلم بالذهبية ليس بوصفه عملا فنيا مهما بقدر ماهو تعاطف من لجنة التحكيم مع موضوع الفيلم نفسه‏.‏

ذهبت الجائزة الفضية‏(40‏ ألف دولار‏)‏ للفيلم التونسي آخر فيلم اخراج نوري بوزيد ويدور حول شاب يتحول إلي متطرف ديني‏,‏ وهو عمل يستحق الجائزة بالفعل‏,‏ وسبق أن فاز بذهبية قرطاج‏..‏ أما الجائزة البرونزية‏(30‏ ألف جنيه‏)‏ فكانت للفيلم الفرنسي الانتاج أسرار الكسكسي للمخرج التونسي أيضا عبداللطيف كشيشي‏,‏ وهو عمل فني جميل بالفعل يدور حول رجل مسن تم الاستغناء عنه حيث كان يعمل في شركة فرنسية لصيانة المراكب‏,‏ وبعد أن يعيش أزمة عدم الاحتياج إليه يقرر اقامة مطعم تكون وجبتة الأساسية الكسكسي الذي تجيد إمرأته صنعه‏.‏

أما جوائز الفروع الفنية فكانت في معظمها غير مستحق وتحمل قدرا كبيرا من المجاملة من لجنة التحكيم وبصفة خاصة جائزتي السيناريو والمونتاج لفيلم خلص اللبناني واخراج برهان علوية فهو عمل ضعيف بكل المقاييس‏..‏ وأيضا جائزة التمثيل التي ذهبت للممثل الأردني نديم صوالحة عن فيلم كابتن ابورائد لم تكن في محلها نتيجة أن الشخصية التي لعبها الممثل الكبير كانت مسطحة وبلا أبعاد والفيلم نفسه ضعيف‏,‏ أما أحسن ممثلة فهي لندي ابوفرحات وجاءت نتيجة تعاطف لجنة التحكيم مع فيلم تحت القصف‏,‏ بينما كانت جائزة الموسيقي موفقة إلي حد كبير وحصل عليها المغربي نجيب شراوي عن الفيلم التونسي أخر فيلم‏.‏

لم تنجح الأفلام المصرية الثلاثة المشاركة‏:‏ في شقة مصر الجديدة لمحمد خان‏,‏ والوان السما السبعة لسعد هنداوي‏,‏ وبلد البنات لعمرو بيومي في تحقيق أي جائزة‏..‏ ولكن الفيلم الفائز بأفضل عمل تسجيلي أو وثائقي‏(40‏ ألف جنيه‏)‏ من نصيب كريم جوري وهو من أصل مصر‏,‏ والفيلم نفسه يصور رحلة هذا الشاب الفرنسي للبحث عن والده في مصر‏..‏ أما أفضل فيلم روائي قصير‏(30‏ ألف دولار‏)‏ فكان للفيلم المغربي سارا اخراج خديجة ليكلير‏,‏ وهو يعالج نفس موضوع الفيلم التسجيلي ولكن من خلال فتاة مغربية تعيش في فرنسا تقرر البحث عن جذورها والعودة لرؤية أمها التي لم تراها منذ كانت طفلة‏.‏

إلي جانب مسابقات المهر الثلاثة والتي تقوم علي الأفلام العربية أو التي يكون مخرجوها عربا حتي لو كان الانتاج غير عربي‏,‏ قدم المهرجان عدة برامج منها الجسر الثقافي الذي يقام من خلاله ندوة كبيرة بالإضافة إلي عرض الأفلام التي تتفق وشعار المهرجان ملتقي الثقافات والابداعات‏,‏ وأيضا برنامج عن السينما الهندية‏,‏ وأخر عن سينما العالم‏,‏ ورابع عن سينما آسيا‏,‏ وخامس عن السينما الإفريقية‏.‏

ولكن يبقي برنامج ليال عربية هو الأكثر ترقبا واثارة لان مسابقة المهرجان نفسه عربية الهوي‏..‏ وقد افتتح هذا البرنامج بفيلم لولا للمخرج المغربي نبيل عيوش‏,‏ والذي يدور حول فتاة أمريكية تعشق الرقص الشرقي وتحب فتي مصري يدرس في أمريكا وتقرر الحضور إلي مصر لتعلم الرقص علي يد الراقصة المعروفة اسمهان‏..‏ فيلم ضعيف وتجاري إلي حد كبير‏,‏ ولهذا آثار غضب كثير من المصريين والعرب والطريف أن مخرج الفيلم اختار ممثلين من كل أنحاء العالم العربي إلا مصر‏,‏ وصور مشاهد مدينة القاهرة بشكل متسرع في مصر واستكملها في المغرب‏,‏ ولعبت مريم فخر الدين دور صغير بالفيلم‏.‏

مع يوسف شاهين وتكريمه‏,‏ لمع علي مسرح حفل الختام الممثل الأمريكي داني جلوفر الذي شارك في ندوة الجسر الثقافي أيضا مع الأديب العالمي باولو كويلو‏.‏

لقد خرج مهرجان هذا العام مليئا بالحيوية ونجح في جذب عدد كبير من الأفلام المهمة‏,‏ فكانت المحصلة ايجابية وفي صالح المهرجان‏.‏

الأهرام اليومي في 18 ديسمبر 2007

 
 

مهرجان دبي السينمائي الدولي الرابع

مهر ذهبي للموتى

دبي ـ د. جمال حسين

مهمة صعبة للغاية تصوير فيلم روائي عن الحرب خلال الحرب، فمن الناحية الفنية سيمتزج الوثائقي مع النص بأسلوب 'الدراما التسجيلية' ويحتاج من يدير الفيلم إلى فهم وقدرة على الخروج بأبطال حقيقيين في الرؤية التي تناسب السيناريو وهذا ما نجح فيه إلى حد بعيد المخرج اللبناني فيليب عرقتنجي لكونه استند على خبرة 40 فيلما وثائقيا وروائيا قصيرا الذي توجه بالنضج الكافي في شريطه 'بوسطة' الذي كان أول الأفلام الاستعراضية الغنائية اللبنانية بعد الحرب الأهلية والمنتج عام 2005 ومثل لبنان في جوائز الأوسكار لعام 2006.

يقدم عرقتنجي فيلم 'تحت القصف' ليفوز به بجائزة المهر الذهبي لمهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الرابعة وهو إنتاج لبناني ـ فرنسي ـ بريطاني مشترك حقق صداه الواسع في مهرجان فينيسيا الأخير حينما شاهد الجمهور أناسا من الواقع المرير لحرب تموز 2006 يشتركون تقريبا في كل تفاصيل الشريط بانسجام مقبول مع أداء الممثلين الرئيسيين ندى أبو فرحات (خطفت جائزة احسن ممثلة في المهرجان) وجورج خباز الذي امتص كل قسوة الأحداث بتمثيل حي وبارع وعميق.

حقوق الكومبارس

وقد يثير الفيلم مسألة لم تحل بعد، تخص الحقوق العامة، أولئك الذين اقحموا في الفيلم من دون أن يعلموا أنه فيلم روائي وليس وثائقيا وهل من الجائز ـ أخلاقيا ـ تصوير الاضطراب الفظيع لأناس في لحظة حرجة وموتى أو مشاهد عزاء وتشييع وجرحى ومدرسة للاجئين وجدوا أنفسهم مضطرين لتقبل كاميرا غريبة ومجهولة الأهداف في خضم الكم الهائل من الكاميرات التي كانت تنقل الحرب؟

أخلاقيات الفن والحرب

وإذا تم تجاوز أمر تصوير مشاهد حية تخص الناس من الناحية الشخصية وكذلك الموتى، فثمة أمر كريه آخر يخص الجانب الإنساني، وهو أن ندى أبو فرحات التي تحمل اسم زينة تعود من دبي حيث يعمل زوجها رجل الأعمال لغرض البحث عن ابنها كريم البالغ عمره 6 سنوات الذي تركته يقضي الصيف عند خالته في المنطقة الجنوبية (خربة سلم) في ظروف عائلية معقدة تسير نحو انفصالها عن زوجها لكن الحرب باغتت الخطط العائلية غير المواتية أيضا، تسأل الناس العاديين وكأن لديها فعلا ابنا مفقودا، وبالنتيجة ستتلقى عطفهم ومساعدتهم وتلك الشهامة لدى أبناء البلد، وهؤلاء الذين لا يعرفون أن كل الأمر ما هو إلا فيلم روائي يشتركون في الأحداث من دون إذن وهو سؤال إشكالي يطول الحديث عنه لو تأملنا القضية من زاوية 'أخلاقيات الإعلام'.

تغيير النمط الوثائقي

تصل زينة إلى لبنان عن طريق تركيا، لأن المطار مضروب والموانئ محاصرة نجد زينة تصرخ بلوعة (الممثلة البارعة وليس الأم التي فقدت ابنها فعلا) في نقطة وصولها تجمعا للسائقين: 'في حدا رايح ع الجنوب'، وسيجيبونها أن الوضع هناك لا يسمح لأي منهم في الوصول، وهنا ستكشف هويات أناس حقيقيين تملصوا من مساعدة أم في موقف كهذا.

لكن فيليب عرقتنجي يغير النمط الوثائقي عندما تعثر على توني (جورج خباز) الذي يعمل سائقا لتاكسي ويوافق أن يرافقها في هذه الرحلة التي تنحصر قضية الفيلم فيها، إلا أن دافعه في البداية كان ماديا، سرعان ما يتحول إلى تعاطف شديد مع قضية هذه المرأة الوحيدة التي لم تتقبله في البداية أيضا، بل وكانت تحتقره لصفته الانتهازية.

لا وجود لسيناريو

ومن الواضح أن سيناريو ميشال ليفيان لا يعتمد على حبكة معقدة أو مصنوعة أو مبتكرة، هو سهل جدا وربما مرتجل، لكونه اعتمد على أحداث حصلت لجميع من عاش تلك الأيام، لم يضف إلا شيئا بسيطا وتقريريا، وهو أن المرأة مسلمة والرجل مسيحي وهما بتعاضدهما سينجوان نحو حافة الأمل واللقاء مهما كانت الظروف تسبح ضدهما.

فيه بعض السياسة عبر عن رأي سائد في لبنان، ولا يوجد أفضل أن يميت السيناريو شقيقتها (مها) ورفض (زينة) المشاركة في التشييع الرسمي الذي تتكاثر فيه الأعلام اللبنانية ورايات حزب الله، مفضلة الجلوس والبكاء لوحدها معبرة عن وجهة نظر أصحاب الفيلم بأن هذه ليست حربها.

أما توني، فشقيقه طوحت به الحرب الأولى ليلتحق مع جيش لحد إلى إسرائيل وتبدأ عنده احلام الهجرة بعد أن فقد كل شيء في الوطن الخارج من الحرب والتيه.

دوافع الإخراج

ولعل فيليب كما يقول، بدأ التصوير وكله إحساس بالكراهية للعدو، لكنه انتهى منه وكله حب للشهداء الذين سقطوا وهنا تعلم الدرس الذي وصفه في كلمة واحدة في حفل توزيع الجوائز وهو أن الفن ينبغي أن يكون 'صرخة ضد الكراهية'.

يبرر فيليب عرقتنجي تصويره للموتى في شريطه الروائي بأنه: 'أردت تقديم الحرب بشكل مختلف ولم أكن راغبا في عرض الموتى على الجمهور، لكنهم كانوا هناك، تحت الأحجار والأنقاض، لذلك عملت الفيلم لهم'.

لكن من جانب آخر، إن المخرج وكاتب السيناريو وضعا الخطوط العامة وفي الميدان كانت الأحداث والظروف والنجاح أو الفشل الكفيلة بتحديد مسار الكاميرا مع الاحتفاظ بالجو الروائي العام الممزوج بتفاصيل ساذجة كالمعلومات التي حصلت عليها بأن ابنها أنقذه صحافيون فرنسيون (لماذا فرنسيون بالذات، هل لكون الفيلم إنتاجا فرنسيا مثلا؟!).

الساحة جاهزة والابتكار بسيط

لقد كانت الحرب جاهزة بالنسبة إلى فريق المنتجين ولم يحتاجوا إلى بناء مدن وتهديمها وتفجيرات ودبابات (حتى الجيش اللبناني تم تصويره من دون علمه على الأرجح أن ما يجري فيلم روائي)، بمعنى أن الساحة مهيئة تماما لتصوير حكاية من داخل الحرب وليس أسهل من ابتكار علاقة إنسانية بين مسيحي ومسلمة في إطار لا يحتاج إلى أي عبقرية. وعدا ندى وجورج كل الذين ظهروا في الفيلم لاجئون ومتظاهرون ومدنيون ومسؤولو منظمات غير حكومية وجنود وصحافيون، كل مثل دوره كما عاش لحظتها.

هذا لا يعني أن فيليب عرقتنجي وجد الحرب بانتظاره ليصور حبكته البسيطة، فجهده جبار في تلك الأوقات التي لا يمكن للمرء العثور على قطرة ماء نقي، وإذا به يدير فريقا كاملا ليقدم سينما جادة ليست بالضرورة متفوقة فنيا، إلا أن 'تحت القصف' كان مناسبا لهكذا شريط ظهر من تحت لهيب النيران والغدر والبطش وتكاتف الناس العظماء والشد الرومانسي الطاهر وموسيقى فاعلة ومونتاج كلف دينا شراره الكثير من الطاقة والدقة والحرفية.

صاحب الجوائز

لم تكن جائزة المهر الذهبي الأولى التي يحصل عليها 'تحت القصف'، حيث سبق أن حصل في غضون عرضه في أيان فينيسيا السينمائية على جائزتين الأولى جائزة 'إي آي يو سي' لحقوق الإنسان والثانية 'أي آر سي أي' للمبدعين الشباب.

وعرقتنجي واحد من أهم المخرجين اللبنانيين المعاصرين وقدم العديد من الأفلام التسجيلية عن حرب لبنان وأنتج البرنامج التلفزيوني الناطق بالفرنسية 'فسيفساء' وشارك في أكثر البرامج التلفزيونية نجاحا في فرنسا وحصل على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان مونتريال عام 1995 وجائزة لجنة التحكيم في مهرجان بيروت السينمائي عام 1996 والجائزة الذهبية في باريس 1994 وسيرته الفنية مليئة بالجوائز.

القبس الكويتية في 18 ديسمبر 2007

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)