كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

الجنة الآن لهاني أبو أسعد والردود الإسرائيلية:

إزاحة الستار عن الوجه الإنساني لـ الانتحاري الفلسطيني

نائل الطوخي

عن فيلم

الجنة الآن

   
 
 
 
 

القاهرة ـ القدس العربي: كعنوان لحوارها مع المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، عن فيلمه الأخير الجنة الآن ، تختار صحيفة هاآرتس إبراز جملته: لو لم أكن سينمائيا، لأصبحت مخربا، انتحاريا . شيء ما دفع الصحيفة والمحاور جوئيل بينتو إلي اعتبار هذه الجملة هي أهم جملة في الحوار، وبالتالي إبرازها بهذا الشكل، ربما هو الحضور الكلي لهاني أبو اسعد بعد عرض فيلمه مؤخرا في قاعة سينماتيك تل أبيب، بعد أن أثار الفيلم كل هذه التعليقات. هذه الجملة الصادمة لأبو أسعد في حوار هاآرتس لا تعني علي الجانب المقابل، الإسرائيلي، إلا شهقة من نوع: يا إلهي، كنا إذن طوال الوقت نحاور انتحاريا، نشاهد عمله، ونكتب عنه؟ هذه شهقة ذاهلة، لأن الانتحاري بلا وجه، بلا حضور جسماني، هو سري وخفي كشيطان.

تلفت النظر التعليقات الإسرائيلية علي الفيلم الفلسطيني لهذا السبب بالتحديد، فالفيلم يتحدث عن شابين فلسطينيين، عن صداقاتهما وعملهما وحبهما، قبل أن يذهب أحدهما لتنفيذ عملية انتحارية، هكذا ينتهك الفيلم أبسط المحرمات الإسرائيلية: يؤكد أن ثم انتحاريين يعيشون ويمارسون نشاطا غير قتل المدنيين داخل إسرائيل. تم انتهاك هذا المحرم من قبل في فيلم أطفال أرنا" للمخرج الإسرائيلي جوليانو مير خميس، والذي أثار عاصفة في إسرائيل وقتها. حكي المخرج في حواراته كيف أن إسرائيليين كانوا يقولون له لقد جعلتنا نحب الانتحاريين . هذا هو بيت القصيد: أفراد معدودون في مجتمع يريدون رؤية وجه إنساني لشخص دأبت السلطة وسائر المجتمع علي إزاحته وتقيؤه من وسطها. التعبير الأوضح لهذا التقيؤ حدث عندما حطم السفير الإسرائيلي في السويد، تسيفي ماتسيل، لوحة الفنان الإسرائيلي درور فيلد، والتي صور فيها وجه الانتحارية الفلسطينية. السلطة والمجتمع الإسرائيليان يحطمان وجه الانتحاريين، الوجه الذي يحاول فيلم هاني أبو أسعد الأخير ترميمه.

في موقع كوكب النعناع يكتب الناقد السينمائي الإسرائيلي أوري بريتمان: يعطي الفيلم للانتحاري وجها، هوية، خلفية، أسرة، موهبة بلاغية، مظهرا إنسانيا وسلوكا مقبولا . ليس هذا فقط، بل أخيرا يبتعد الفيلم عن تصوير دوافع الانتحاريين وكأنها فقط الاثنتين وسبعين حورية في الجنة، كما يلاحظ شموليك دوفدافاني في مقال له بيديعوت أحرونوت عن الفيلم، وبالتالي مواجهة هذه البورنوغرافيا المسطحة التي يحاول عبرها الكثير من الإسرائيليين، والعرب أيضا، شطب المعاناة الفلسطينية لتحويلها إلي مجرد شبق جنسي. يقول أوري بريتمان عن الفيلم: الفيلم يناضل ضد أسطرة الصراع.. إنه ليس صراعا بين مسلمين فقراء ويهود أغنياء، بل هو صراع ضد القمع . هل هو صراع ضد القمع فعلا؟ فلنلاحظ أنه ليس بالفيلم مشاهد عن الجيش الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، وهي هنا نابلس، وباستثناء بعض الحواجز والانفجارات فالجيش غير محسوس به في الفيلم. هذا هو المثلب الأساسي للفيلم، خاصة عندما يتوجه لجمهور إسرائيلي لا يعرف، ولا يريد أن يعرف، شيئا عن فظائع الاحتلال الذي تقوم به دولته للأراضي الفلسطينية، جمهور أعمي، بدافع من تعميته أو من رغبته الذاتية في العمي. لذا يكون علي بعض المشاهدين ملء الفراغات. تقول قارئة باسم ياعيل شيلوني في ردها علي مقالة شموليك دوفدفاني في يديعوت أحرونوت المنشورة علي الإنترنت: الاثنتان وسبعون عذراء هم حجة فحسب. أما الدافع فهو أعمق كثيرا وهو متصل بسبع وخمسين عاما من إذلال ما بعد الاحتلال . هنا بالتحديد، وللأسف، يكمل بعض القراء أهم فراغ في الفيلم، ومن ثم في مقالة دوفدفاني: لماذا يفجر الانتحاري نفسه؟

الإشارة لسنوات الاحتلال خادشة بالطبع للخطاب الإسرائيلي الذي يحب تصوير الفلسطينيين وفق مزاجه، أناس يقتلون بهدف القتل، كما يعبر قارئ ردا علي مقالة دوفدفاني، في خطاب مثل هذا تنقلب الأدوار، يصبح المجتمع الفلسطيني هو مجتمع الترف القتل بهدف القتل بينما المجتمع الإسرائيلي هو مجتمع الضرورة القتل بسبب عدم وجود خيار آخر . في حوار لـ يديعوت أحرونوت مع الممثل الفلسطيني من عرب إسرائيل قيس ناشف، الذي قام بدور البطولة في الفيلم، يقول هو أن الفيلم يحاول البحث عن العناصر الإنسانية لشخصية الانتحاري، وتثير هذه الجملة غضبا واسعا بين القراء، يقول واحد منهم، في قلب مماثل للأدوار بين مفهوم القاتل والضحية: نحن كالعادة نركز علي القتلة والانتحاريين ونحاول أن نفهم دوافعهم، بينما الضحايا يظلون بلا اسم، فقط يهوداً . يتحول هنا كشف وجه الانتحاري الفلسطيني إلي عادة، وهو ما لم يتكرر في السينما الإسرائيلية أكثر من عدد أصابع اليد الواحدة إن لم يقل كثيرا، بينما القناة الأولي الإسرائيلية ، ومعها ترسانة السي إن إن والفوكس نيوز، مشغولة علي الدوام بكشف كل شيء، وليس فقط الاسم والوجه، عن الضحايا اليهود للعمليات الانتحارية. من المثير أن يوضح القارئ مقصده هنا بـ نحن ، الذين ننشغل بفهم الانتحاريين، فبالتأكيد لا يقصد هو الإسرائيليين.

علي النقيض من هذا يقول هاني أبو أسعد في حواره في هاآرتس بسخرية مريرة: خسرنا الحرب (وهو يعني هنا الفلسطينيين) ولكن لا يمكننا قبول إلقاء الذنب علينا، إسرائيل تذهب بعيدا جدا، هي تريد إعادة كتابة التاريخ، تريدنا أن نكون مذنبين في كل شيء . هذه هي قاعد الحرب: تحطيم وجه الخاسر، عدم الاكتفاء بخسارته، وإنما محوه، إطلاق سبع عشرة رصاصة علي جسد الطفلة إيمان الهمص بعد قتلها بالفعل، ومحو أي ذكر للخاسر: منع الفيلم من العرض، وتقديم منتجيه للمحاكمة. يقول قارئ ردا علي مقال يديعوت أحرونوت عن الفيلم: في أي دولة عربية وإسلامية يتم مدح الفيلم فيها كانوا ليشنقون في ميدان المدينة، بعد محاكمة عاجلة لساعة واحدة، كل منتجي الفيلم وممثليه، إن كانت الحبكة معكوسة، أي موجهة ضد العرب، وفي أي دولة متقدمة كان ليتم الحكم علي من يعرضون الفيلم بالحبس لسنوات طويلة لمحاولتهم مس الدولة والاتصال بالعدو أثناء الحرب بهدف الإضرار استراتيجيا بهذه الدولة. أما في الواقع اليساري المتطرف في إسرائيل فهم يصبحون أبطالا للثقافة. هذا انهيار شامل، وللأسف الشديد، هكذا تنهار البلدان . هكذا إذن: إسرائيل أكثر ليبرالية من الدول العربية والإسلامية، التي تشنق فنانيها في الميادين العامة، ومن الدول المتقدمة، الغربية بالطبع، التي تحكم علي فنانيها بالحبس لسنوات. بالمناسبة قالت مرة أم يجآل عامير، قاتل رابين في الميدان العام، في التليفزيون الإسرائيلي أن علي إسرائيل أن تشنق يسارييها في الميادين العامة كما يفعلون في مصر. هي لعبة جيدة: التخلص من أي احتمال للتسامح بداخلك، تحديدا عن طريق الادعاء بأنه فاق الحدود، حتي حدود الدول المتقدمة، أي التباهي به والسعي للتخلص منه في آن. هذا المزاج التطهري هو ما يبعد وجه الفلسطيني (أو حتي اليسار) عن الحياة الإسرائيلية، الإبعاد يتم في ميدان عام، بأكبر قدر من الاحتفالية، احتفالية القتل أو الطرد من البلاد. هكذا يقول قارئ ردا علي حوار يديعوت احرونوت مع الممثل قيس ناشف والذي قال فيه انه لا يبرر العمليات الانتحارية وإنما يتفهمها: بالمناسبة، أنا أيضا أتفهم دوافع باروخ غولدشتاين (صاحب مذبحة الخليل الشهيرة ضد المصلين) هذا لا يعني أنني سأقتل عربا غدا في المسجد ولكنني أتفهمه . ويقول آخر موجها خطابه إلي قيس ناشف: لا أعتقد أن الحل هو في طردك أنت وشعبك من البلاد، ولكنني أتفهم هذا، والآن صرت أؤيد الفكرة . يمكن لأي إحصاء أن يؤكد تفاهة المقارنة بين الأعمال الموجهة ضد اليهود وتلك الموجهة ضد العرب، برغم هذا، هي الرغبة الدائمة في المجتمع الاستعماري لتصوير نفسه وكأنه الضحية، ضحية الوحوش التي تتحرك مستعدة لالتهامه، من هنا تأتي وجاهة فكرة الجدار العازل، فكرة الطرد إلي الدول العربية المحيطة، أو إلي ما ابعد منها، الحياة الآخرة، حيث طرد غولدشتاين المصلين وحيث حطم السفير الإسرائيلي وجه الفلسطينية في عمل درور فيلد.

أو فكرة أخري: إخضاع الفلسطيني، بوجهه وتاريخه، للإسرائيلي. ليس بإمكان التاريخ الفلسطيني إلا أن يحاكي ذلك الإسرائيلي. يقول شموليك دوفدفاني في مقاله بيديعوت أحرونوت عن الفيلم: في مجتمع كالمجتمع الفلسطيني لا يزال منغمسا في تأسيس أساطيره البطولية، يعبر فيلم مثل الجنة الآن عن مرحلة الانتقال، إلي المرحلة ما بعد الصهيونية . هكذا يخضع دوفدفاني الفيلم الفلسطيني، الذي يسخر في مشهد من مشاهده من العمليات الانتحارية، للمصطلحات الإسرائيلية، يصفها بما بعد الصهيونية، وهي الحركة التي نشأت في إسرائيل للتشكيك في الروايات الإسرائيلية الصهيونية عن الشعب المختار وأرض الميعاد، كأن المرآة الفلسطينية لا تفهم إلا من خلال الأصل الإسرائيلي. ليس هذا عَرَضا، فعنوان مقال دوفدفاني هو: ثم للفلسطينيين برباش ، والإشارة للمخرج الإسرائيلي أوري برباش الذي كان فيلمه السيد باوم مفتتحا للسخرية من الأساطير الصهيونية المرتبطة بالموت لأجل الأرض وبالعودة وباليهودي الجديد. فالفلسطيني بلا وجه، أما إذا أصر علي وجود وجه له، فسيمكن احتكاره بسهولة لصالح التاريخ والمصطلحات الإسرائيلية، هذا الفعل الاستعماري والنرجسي للإسرائيلي الذي أينما يتطلع يجد المرايا تحوطه، تجسد له ذاته المتضخمة، وتؤكد له محوريته في الكوكب. هنا فقط يمكننا فهم لماذا كتب اسم هاني أبو أسعد، في يديعوت احرونوت وغيرها، وبالحروف العبرية التي تكتب العين ولكنها لا تنطقه، وكأنه هاني أبو أسد، أو هاني أبو أساد. هو محو الاختلاف الدقيق بين منظومة الأصوات الفلسطينية والإسرائيلية، إخضاع الأولي للثانية، وبالتالي إخراس الصوت الفلسطيني، بمعناه الحرفي، صوته الأكثر وضوحا وانتماء له، عبر النقل عن منظومة أصوات أخري، إنكليزية، لا تمت لموضوع العمل الأصلي ولا تهتم بحساسية أصواته العربية.

كاتب ومترجم من مصر

القدس العربي في

06.01.2006

 
 

خيرية البشلاوي تكتب عن «الجنة الآن»

أول فيلم فلسطيني يتناول العمليات الاستشهادية

الفيلم الذي رفضته الفصائل الفلسطينية وفجرت مواقع تصويره وتدخل الرئيس عرفات لإنقاذه!

* شاركت في تمويله جهات أوروبية وسمحت إسرائيل بتصوير بعض مشاهدة في أراضيها

* حظي بحفاوة هائلة في المهرجانات الأوروبية ومرشح لجائزة الأوسكار كأحسن فيلم أجنبي

* نص حوار مهم مع مخرجه في أشهر مجلات السينما الأمريكية  

انشغلنا كثيرا بفيلم «الجنة الآن» عندما تم عرضه أثناء مهرجان القاهرة الأخير نظرا لموضوعه بالغ الحساسية الذي يقترب ولأول مرة من شخصية الاستشهاديين ويرسم تفاصيل الساعات الأخيرة في حياتهم قبل لتنفيذ العمل.. وانقسمت الآراء حول أسلوب المعالجة.. فهناك من هاجم الفيلم ومخرجه.. وهناك من رأي في الفيلم استمرارا للخطاب العقلاني الهادئ الذي بدأه السينمائيون الفلسطينيون المقيمون خارج فلسطين.

وكان هاني أبو أسعد مخرج الفيلم أثناء الندوة التي أعقبت عرضه في القاهرة هادئا حريصا في كل إجابة علي تأكيد هويته الفلسطينية رغم جواز السفر والهوية الرسمية المفروضة علي كثيرين من أبناء فلسطين..وقد تحاورنا من خلال الندوة وبعدها ولكنني وجدت في هذا الحوار الذي تم في الولايات المتحدة بعد عرض الفيلم في مهرجان نيويورك وقبل عرضه تجاريا هناك.. فالفيلم مثير للجدل.. والجدل حوله لا يمكن أن يكون فاترا أو باردا وإنما شديد السخونة ومع ذلك حظي الفيلم بحفاوة كبيرة في مهرجان برلين الأخير ومن الاتحاد الأوروبي وهو من الأفلام المرشحة للأوسكار كأحسن فيلم أجنبي.. وقد نشر الحوار في العدد الأخير من مجلة «سينياست» أهم المجلات الأمريكية السينمائية وأكثرها جدية وقد نقلت معظمه اختصرت فقط في الأسئلة ذات الطابع التقني لأن الموضوع هو فيلم: «الجنة الآن» هو العمل الفلسطيني الروائي الأول الذي يتناول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ملقيا الضوء علي شباب العمليات الانتحارية.. تدور معظم الأحداث في مدينة نابلس بالضفة الغربية ويتم اختيار شابين فلسطينيين للتركيز عليهما وهما: سعيد قيس ناشف وخالد «علي سليمان» اللذان يعملان في ورشة لتصليح السيارات.. الفقر المكثف وانفجارات الصواريخ، ونشاطات قوات الاحتلال الإسرائيلية هي التي تملي نغمة الحياة اليومية.. اللحظات الوحيدة اللطيفة في حياة هذين الرجلين ظهور سها «لبني أزابال» الفتاة الجميلة التي عادت لتوها من الخارج والتي تأتي للورشة لتصليح سيارتها.

وبينما تبدأ العلاقة الرومانسية بين سعيد وسها في أن تأخذ شكلا ما يظهر واحد من الذين يمثلون إحدي المنظمات الفلسطينية، ويخبر الشابين أن الاختيار قد وقع عليهما لتنفيذ عملية انتحارية في تل أبيب.. كان المتفرجون يعرفون مسبقا أن كلا منهما قد عبر عن رغبته من قبل في أن يموت شهيدا وأن يحدث ذلك وهما يعملان سويا.. وتتجه أحداث الفيلم بعد ذلك في معظمها لمتابعة اللحظات التي تجري في الأربعة والعشرين ساعة الأخيرة في حياتهما.

الشابان لا يطلعان أسرتيهما علي خطتهما.. وكذلك لا يخبر سعيد «سها» التي تتبني وجهة نظر معتدلة حول فكرة المقاومة.. ولكنه يذهب إليها في منزلها فيما يشبه زيارة الوداع.

الشابان الآن خاضعان لرعاية مباشرة من قبل المنظمة فنري كيفية تصوير شرائط الفيديو للشهداء، ومنها أجزاء تبدو طريفة، وأيضا منذرة ومشئومة ثم نشاهد بعد ذلك الوجبة الأخري الأخيرة في حياتهما، وعملية ربط الأحزمة الناسفة حول وسط كل منهما.. بعد ذلك يشرع سعيد وخالد في اجتياز السور الأمني للبدء في تنفيذ العملية وعلي الجانب الآخر ينتظرهما رجل مرتش إسرائيلي لمساعدتهما.. يتم قطع ثقب كبير في الجدار يتسللان عبره في حين تصل بسرعة قوات الأمن الإسرائيلية فيتفرق الشابان سريعا ويذهب كل منهما في طريقه، ويبقي سعيد علي الجانب الإسرائيلي.. وتصاب المنظمة التي جندتهما بحالة من العصبية الشديدة، إذ يخشي زعيمها من القبض عليهما وتعذيبهما إلي أن يكشفا عن أفرادها وعن أماكن اختبائهم... ربما كان أحدهما أو كلاهما خائنا.. وبعد فترة من التخبط يعود كل من سعيد وخالد إلي نابلس دون أن ينجزا المهمة وتترك هذه التجربة شكوكا إزاء كل منهما تجاه الآخر.. ورغم ذلك يتفق الاثنان مرة ثانية علي تفجير حياتهما وحتي اللحظات الأخيرة من الفيلم يظل الشابان يتناقشان حول مدي حكمة أو صحة ما ينويان القيام به و«الجنة الآن» قام بإخراجه وشارك في كتابته هاني أبو أسعد الذي ولد في مدينة الناصرة ويحمل جواز سفر إسرائيلي ولكنه يقدم نفسه كمواطن فلسطيني.. الفيلم شاركت في إنتاجه جهات أوروبية عديدة وساندته مؤسسات أوروبية لدعم الفيلم السينمائي وقد ضم طاقم الفيلم سبعين شخصا من بينهم مواطنون من هولندا وألمانيا، وفرنسا وبلجيكا وبريطانيا بالإضافة إلي عدد من الفلسطينيين الذين شكلوا طاقم الفيلم داخل الأراضي المحتلة، إلي جانب خمسين ممثلا أغلبهم من فلسطين وقد استأجر المخرج عشرة إسرائيليين أثناء التصوير في تل أبيب وقد استغرق تصويره في نابلس ثلاثة أشهر.. ومعظم المشاهد الداخلية قد تم تصويرها في 15 يوما في مدينة الناصرة.

وواجه المخرج صعوبات كبيرة أثناء التصوير أشاعت جوا من التوتر الشديد فقد انتاب العديد من الفلسطينيين إحساس بالريبة إزاء المشروع، وكانوا يتساءلون لماذا سمحت السلطات الإسرائيلية بدخول هؤلاء الغرباء بالإضافة إلي العديد من الأدوات في منطقة تموج بالقلق والصراعات؟ وأبدت كثير من الفصائل الفلسطينية رغبتها في قراءة السيناريو أولا.. وتسببوا في خلق حالة من البلبلة.

فقد كانت موافقةفريق من الفصائل المسلحة عن الفيلم تعني أتوماتيكيا رفض الفريق الآخر، وفي إحدي المرات أثناء التصوير قام أحدهم بخطف حسن تيتي مدير الموقع الذي يتم فوقه تصوير الفيلم وطالبوا بوقف تصوير الفيلم وعندما أصاب صاروخ إسرائيلي سيارة كانت قريبة من موقع التصوير أمرنا رجال مسلحون بأن نغادر الموقع ونتوقف عن استكمال الفيلم.. وأذعن ستة من الأوروبيين في طاقم الفيلم للأوامر وتركوا الفيلم وكان المخرج أبو أسعد متفهما جدا لإذعانهم ولكنه بقي في الموقع وباقي الطاقم.. فلم تعد مشكلته هو إكمال الفيلم بقدر ما كان تخليص مدير الموقع الذي تم ا ختطافه وتحريره وفي هذه الأثناء وزعت منشورات تقول: إن الفيلم جزء من مؤامرة أمريكية ـ إسبانية، ورغب بعض الصحفيين الأجانب الموجودين في تحويل حكاية الاختطاف إلي خبر يطوف العالم. وأمام مشاعر اليأس اضطر المخرج هاني أبو أسعد للاتصال بالرئيس ياسر عرفات الذي تمكن عبر المفاوضات من تخليص حسن تيتي وبالتالي هدأ الموقف ولو مؤقتا.

وضاعت ثلاثة أسابيع في هذه الأحداث وحتي بعد استئناف التصوير لم تتوقف المشكلات السياسية التي تتعقد مع كل يوم.. فالفصائل المختلفة تتبني آراء مختلفة حول كيفية تصوير هؤلاء الانتحاريين.. وما إذا كانت ثمة فائدة من تصوير فيلم لا يخضع لسيطرتهم بالكامل.. وبعد خمسة أيام من استئناف التصوير انفجر لغم من منطقة تقع علي بعد ثلاثمائة متر فقط.. من موقع التصوير في الليلة السابقة مباشرة وقتل ثلاثة أشخاص من جراء ذلك وأغمي علي بطلة الفيلم لبني أزابال وقرر أبو أسعد أن ينقل موقع التصوير من نابلس ويكمل تصوير الفيلم في مسقط رأسه الناصرة، وكان عليه أن يضحي بالعديد من اللقطات ولكن من دون هذا الانتقال لم يكن بإمكانه الانتهاء من تصوير الفيلم.

ولم تتوقف المناقشات الساخنة حول «الجنة الآن» حتي بعد عرضه فهناك إحساس لدي البعض أن إضفاء هذه المسحة الإنسانية علي الانتحاريين يبرر أفعالهم وهناك إحساس لدي البعض الاخر أن الفيلم يجرد هؤلاء الشباب من قيمة الاستشهاد بجعلهم بشرا عاديين بل ربما تافهين.

فقد أجاب أبو أسعد في العروض الصحفية أن هدفه من وراء الفيلم فتح الباب لمناقشة جادة حول العمليات الانتحارية فلا يروج لوجهات النظر التي أصبحت مستقرة بالفعل. وفي لقاء تم مع المخرج في سبتمبر الماضي مباشرة بعد عرض الفيلم في مهرجان نيويورك أجرته كل من باربارا سولتز ودان جورجاكسي كان هذا الحوار.

·     قلت في مهرجان برلين حيث عرض الفيلم وفاز بعدة جوائز إن الناس اعترضت علي فكرة الفيلم ولم تعترض علي الفيلم نفسه ماذا كنت تقصد بذلك؟

ـ أبو أسعد: نحن في لحظة من العالم حيث يسود وجهتا نظر لا ثالث لهما. إما هؤلاء الانتحاريين مجرمون أو أنهم أبطال فوق العادة.. وفيلمي يدمر هذه الأفكار السائدة.. وهذه الصور قدمتها لبناء مفهوم جديد. علما بأنني لا أجبر الناس من خلاله علي تغيير مواقفهم فقط فتحت لهم المجال أن يجر بوا أشياء لم يعايشوها في حياتهم الخاصة.. ولذا فهناك أعداء علي كل الجانبين.. وقد حاولنا في الفيلم أن نحرك مفاهيمهم المستقرة.

سعيد وخالد شخصيات تتردد علي الجامع وليست متدينة جدا.. ولا يحضران اجتماعات سياسية وليس لديهما انتماءات محددة لجماعة مسلحة بالإضافة إلي أنهما لا يتحاوران في السياسة حتي وهما جالسان علي المقهي.. هل تعتقد أن هذا النموذج يمثلها الشخصية المطابقة تماما. ـ لو قدمت شخصية مطابقة تماما، فأنت تؤكد فقط علي حكمك أنت المسبق، فأنا لا يهمني كم عدد المتدينين تماما أو الذين يترددون علي الجامع، أو الذين يتحركون بدوافع دينية مائة بالمائة أو هؤلاء الذين يفعلون بدوافع سياسية ما عنيت به في الأساس هي ترجمة الواقع إلي فيلم روائي، فأنا أعلم أن هناك شخصيات مثل سعيد وخالد لا ينتميان إلي حركة دينية ويقومان بعمليات انتحارية، سواء كانوا رجلا واحدا أو عشرة لاذ نسبة هؤلاء لا تعنيني، ما يعنيني إنهم موجودون في الواقع.. وهذا أكثر تشويقا بالنسبة للسينما أن أقدم شخصيات تعيش في صراع ولديهم شكوك إزاء الآخرين أو ليس لديهم شكوك.. فلست مهتما بتقديم صورة طبق الأصل لشخصية الانتحاري، لأن هناك صورا عديدة تضم كل الأنواع فهناك الفقراء.. والأغنياء والمتعلمون والجهلة فمن الممكن أن يكونوا أي شيء من هذا أو لا شيء.

·     أنت إذن تتجنب عن وعي مسألة التنميط عند تقديم شخصية الانتحاري بمعني أن سعيد يبدو وكأنه يعاني من مشكلة نفسية أكثر منها مشكلة سياسية.. فهو يريد أن يمحو العار الذي جلبه والده بتعاونه مع الإسرائيليين. ألا يعني هذا الحافز الفردي تجاوز حدود المشكلات الثقافية التي ترغب في توجيهها؟

ـ أبو أسعد: لا.. لأن قصة سعيد تشرح حدود المشكلات الثقافية فالأب حتي يحقق لأسرته معيشة أفضل يضطر للتعاون مع الإسرائيليين والابن حتي يحمي أسرته من ذنب أبيه يعتقد بأن عليه أن يضحي بحياته، إنها مأساة.. وأنا أؤمن أن الاحتلال من أكبر الجرائم، لأنه يرغم الناس علي التعاون مع المحتل ويفعل هذا ضد قناعاته وضد مصلحته وهناك دائما نقطة ضعف تجدها في البشر تدفعه إلي التعاون مع العدو.. فالاحتلال جريمة كبري لأنه لا يسبب الأذي لإنسان واحد أو أسرة واحدة وإنما لمحيط كامل من البشر.. وهو الأمر الذي يدفع أحدهم إلي فعل أشياء ضد مصلحته الذاتية.. والحل الذي لجأ إليه سعيد لمواجهة هذه المشكلة حل ميثولوجي الأبعاد.. فأن تقتل نفسك حتي تقتل عدوك هذه قيمة من الإنجيل.. عندما هدم شمشون المعبد قال: علي وعلي أعدائي وذلك بعد أن شعر بمنتهي الامتهان والمهانة من قبل أعدائه وهذه القصة الآن لها تجليات حديثة.. وقد حاولت أن أرويها في الفيلم من وجهة نظر إنسانية وليس ربانية أو إلهية.

·     هذا يقودنا إلي سؤال لا مهرب منه وهو من في رأيك هو المتفرج الرئيسي لفيلمك؟ من الواضح أنك تريد أن تصل إلي أكبر جمهور ممكن.. ولكن هل هناك متفرج مستهدف بعينه؟

ـ أبو أسعد: لا أؤمن بمتفرج بعيدا عن نفسي أنا شخصيا لدي حب استطلاع وأرغب في معرفة الأشياء وتجربتها ومشاركة هذه التجربة مع آخرين.. فليس لدي متفرج بعينه.. أنا نفسي أرغب في مشاهدة هذا الفيلم.

·         لو أراد الإسرائيليون الفرجة علي هذا الفيلم فماذا تأمل أنت أن يشاهدوه؟

ـ أبو أسعد: الإسرائيليون أو غيرهم، ما أريده أن يخرجوا من الفيلم وقد شعروا بالصدمة، ولست أتطلع إلي تغيير الأفكار، أريدهم أن يتركوا الفيلم وهم عاجزون عن الكلام، أريد فعلا هذا.

·         وماذا عن الفلسطينيين أو هؤلاء الذين يساندون بقوة القضية الفلسطينية.. هل أيضا سيشعرون بالصدمة؟

أبو أسعد: لم لا؟ فكل إنسان يجب أن يصاب بالصدمة وهو يشاهد هذا الفيلم لأنه يلقي الضوء علي أماكن معتمة.. فيلمك يسمح لك بالذهاب إلي أماكن لن تذهب إليها أبدا ولقاء أشخاص لن تكون مثلهم بأي حال.. فنحن لهذا السبب نصنع الأفلام وذلك حتي تجرب أشياء لن تجربها في حياتك أبدا.

·     في الكتيبات الصحفية التي وزعت ذكرت حجم الصعوبات التي تواجه المخرج أثناء التصوير في الضفة الغربية حيث الحياة اليومية بالغة الصعوبة.. لكن الفيلم لم يكشف عن هذا الواقع والمتفرج إذا لم يكن ملما بهذه الأوضاع فإنه لن يري من خلال الفيلم نفسه مدي الفقر، ولن يري الضغوط الخارجية غير العادية التي يواجهها الناس.

ـ أبو أسعد: نحن نعرف مسبقا هذه الحكايات المهينة.. نحن نعرف مسبقا قصص الانفجارات وقد رأينا الكثير من الصور التي تصور البشاعات التي يحدثها الاحتلال للناس.. وما لا نعرفه هو تجربة الـ 24 ساعة التي تسبق تفجير هؤلاء الشباب لأنفسهم ولذا أردت أن أضيء هذه المنطقة لم أكن مهتما أن أضيء الأماكن التي كنت أعرفها بالفعل.. ولم يكن في نيتي أن أعيد تكرار كل الصور التي تنقل مشاهد الإسرائيليين وهم يدمرون البيوت وكل شيء آسف أنا أعرف كل ذلك.. وأعرف هذه الصور وأعرف صور انفجارات القنابل، كل هذه الأشياء يعرفها الناس وتصويرها ثانية، سوف يجعل الفيلم مملا.

·     في الكتيبات الصحفية ذكرت المصاعب الجمة التي واجهتها مع الفصائل الفلسطينية ولم تذكر إلا القليل حول المصاعب التي واجهتك من قبل الإسرائيليين؟ فهل تسبب الإسرائيليون في مشكلات بعينها؟

أبو أسعد: الإسرائيليون متعبون، ولكنهم أكثر ذكاء فهم يعرفون كيف يجعلون حياتك بائسة، دون أن يتركوا دليلا واحدا.. هم فقط يسببون لك البؤس والتعاسة ليس فقط أثناء التصوير، وإنما وأنت تشرب المياه.. فالاحتلال معني بأن يدفعك إلي الجنون.. وبالنسبة لي فإن هذا الأمر واضح.. لكن الشيء الجديد بالنسبة لي هو أنني كنت مثل الكرة بين الفصائل الفلسطينية وما فعله الاحتلال يعرفه الناس مثلما أعرفه أنا.

·         ما هي المشكلات التي واجهتك مع الفلسطينيين في نابلس؟

ـ أبو أسعد: كانوا خائفون جدا من طريقة استقبال الناس للفيلم وفهمهم له.. وأعتقد أن هذا غباء منهم.. لأن لا أحد يستطيع أن يتكهن بردود فعل الجمهور إزاء الفيلم، أي فيلم.. ففي السينما كل الأمور تخضع للتخمين.. فعلي الرغم من كل المعرفة والموهبة فالأمر يخضع للتخمين.. لكنني لم أكن أرغب أبدا في عدم احترامهم ولكنني لم أكن أريد أن أقع تحت سيطرتهم.. وكنت أريد أن أتوغل بعمق قدر ما أستطيع داخل هذه التجربة.

·     هذا واضح تماما في طريقة تناولك للشخصيتين الرئيسيتين، فهما لا يثيران الشفقة، ولا العكس.. فهما شخصيتان يمكن للمتلقي أن يتفاعل معهما بطرق عديدة.. هناك شخصيات أخري تم تحديدها علي نحو واضح أكثر.. علي سبيل المثال الشخصان اللذان أدارا العملية.. والرجال الذين لازموا الانتحاريين معظم ساعات اليوم الأخير.. وقد أدهشوا المتفرجين بحالة الاسترخاء والبلادة نسبيا.. بينما يستمتعون بتناول وجبة جيدة فهم أقرب إلي شخصيات العالم السفلي «عالم العصابات»، هؤلاء هم الناس الذين يعيشون علي أعتاب السلطة وينتعشون.

أبو أسعد: هذا هو الواقع.. فالمخرج لديه دائما الممثلون الرئيسيين وحتي يحيطهم بالضوء يضع قبالتهم شخصيات أخري في الظل تبدو أكثر استرخاء وبذا يخلق نوعا من التناقض.. فالشخصيات الرئيسية هم هؤلاء الذين يقومون بالعملية.. وليس هؤلاء الذين يخططون لها.. وهؤلاء ليسوا مختلفين بأي حال عن الجنرالات في أي جيش.. وهؤلاء الذين لا يكترثون بحياة الجنود وإنما بالقضية وكسب الحرب.. وهو يعلن أن هناك جرحي بالضرورة.. وأعتقد أن ماكنمارا هو الذي قال إن الولايات المتحدة لو كانت قد خسرت الحرب الثانية، كانوا سيحاكمون علي أنهم مجرمون حرب لإلقائهم القنابل علي المدن اليابانية.

·     هذا الوصف ينطبق علي شخصية الرأس السياسي المدبر للجماعة.. فهو الذي يضع القرارات ويبدو مخلصا تماما للقضية ولكنه متعب وممزق.. فهو يعلم أن هناك أشياء لابد من القيام بها، ويفضل عدم القيام بها، ولكنه يعلم تماما أنها ضرورية.. ولكن الفيلم لم يكشف للمتفرج عن الدوافع التي تجعل مثل هذا الشخص مخلصا وملتزما إلي هذا الحد بالقضية هل تعتقد أن الأمر سيكون مربكا للمتفرج لو قدمت للمتلقي معتقدات الرجل السياسية وقناعاته الدينية؟

ـ أبو أسعد: أن تعيش كفلسطيني فأنت في هوان وإذلال مستمر.. فالحياة اليومية بائسة.. فالفلسطيني يعيش طوال اليوم وهو ينعي حاله، يغرق في رثاء ذاته وناس يعيشون هذه الظروف يجدون صعوبة كبيرة في التفكير علي نحو مختلف عن ذلك.. لا يستطيعون.. فكل يوم يعني الغرق في المزيد من الإذلال.. ولكن وأنت بعيد عن هذا الواقع يمكنك التفكير بطريقة مختلفة، ولهذا قدمت الفتاة «سها» كشخصية جاءت من خارج هذا السياق. وأنا أؤمن بأن المرأة بوجه عام تفكر بطريقة أكثر عقلانية حول فكرة القتل، وفي أمور الحياة والموت فإن المرأة أكثر تعاطفا لأنهن يعرن للحياة اهتماما أكثر من الرجال.. هن يصنعن الحياة ويحملنها بداخلهن.

·     نحن هنا في الولايات المتحدة رأينا مشاهد عديدة لأمهات ونساء وزوجات فلسطينيات يشعرن بالفخر لأن أطفالهن وأزواجهن فجروا أنفسهم في عمليات انتحارية.. هل تري أن هؤلاء النسوة لا يمثلن الصورة النموذجية للمرأة الفلسطينية؟!

ـ أبو أسعد: إن الأمهات الفلسطينيات مثل كل الأمهات في أي بلد.. هن يحمين أولادهن، وعلي استعداد أن يضحين بحياتهن من أجل حماية أولادهن وإنقاذهن شأنهن شأن كل الأمهات في أي بلد من العالم.. فهن لسن استناء.. وإذا كنتم تريدون استغلال هذه الصور فأنا أعتقد أنه شيء يثير الاشمئزاز.. أحيانا يستغل الإسرائيليون والأمريكيون هذه النقطة في إعلامهم، لأن هذه الصور تتناسب مع أغراضهم السياسية.. فهي تبرر لهم الاستمرار بارتكاب جرائمهم.. إنهم يسيئون استخدام هذه السلوكيات التي تأتي بها بعض الأمهات الفلسطينيات لتبرير الاحتلال.. وهذا يثير اشمئزازي.. فـ «إسرائيل» دولة محتلة تعتدي علي الحقوق المدنية والإنسانية للشعب الفلسطيني.. وأحد تداعيات هذه الممارسات هو الإرهاب.. واستغلال صور الإرهاب لأغراض الاحتلال تثير الاشمئزاز.

·     الفصائل الفلسطينية تبدو علي استعداد لاستغلال الأمهات في مساندة العمليات الانتحارية.. فهم يضعون شرائط الفيديو، وينصبون البوسترات لتحقيق هذه الغاية؟

ـ ليست كل الفصائل.. وأعتقد أن الفصيلة التي تفعل ذلك مثلها مثل بوش الذي يساند أمهات الجنود الذين يموتون في العراق وأفغانستان.. فهو يقول لهن: إن أبناءهن أبطال وإنما يحاربون لغاية نبيلة.. ويقيم لهم جنازات مهيبة حتي يعلن أنهم لم يموتوا مجانا وإنما ماتوا من أجل قضية.. ونفس الشيء يحدث مع الفلسطينيين.

·     لقد شعرنا بالحيرة عند نهاية الفيلم عندما اتضح أن الرجلين اللذين صحبا الانتحاريين من الإسرائيليين؟ فماذا كان هدفك؟ هل تريد أن تقول إن هناك إسرائيليين يساندون الانتحاريين؟

ـ إنها مجرد قصة واحدة وليس نمطا ولكنها قصة ومن المهم جدا أن نرويها، لأن معظم الناس لا تعرفها.. فقد حدثت بالفعل مع واحد من المستوطنين اليهود.. فقد كان في أزمة ويحتاج إلي الندود، وأعتقد أنه سوف يحل مشكلته بضربة واحدة.. وهي قصة ليست نموذجية، ولكن هذا لا يهم.. فهي قصة لم يكن أحد يعرفها.

·     السور الأمني المكهرب الفاصل بين الضفة الغربية وإسرائيل يسمح عبر فتحات باستجابة قوات الأمن الإسرائيلية بالحركة في 15 دقيقة.. لكن في الفيلم بدت الحركة ذهابا وإيابا سهلة بحيث تسمح بالتسلل.. فهل كان هذا بهدف تحقيق سهولة الحركة في الفيلم أم أن هذا «بيان» يؤكد أن السور ليس مؤثرا كما تدعي إسرائيل.

ـ لا أقصد تقديم بيان وإنما كل دفاع يخلق دفاعا مضاد، والناس الذين يصلحون السور ليسوا مثل الجنود الذين يدافعون عنه.. فهناك حيل تقنية للمس وقطع الأسلاك في مناطق معينة بطريقة تسمح لتوزيع القوات الإسرائيلية..ولكن هدفي من هذا كان هو الحفاظ علي استمرار الأحداث.

·     أحد الذين شاركوا في إنتاج فيلمك شركة «لاما برودكشن» وهي شركة وزعت عددا من الأفلام المهمة في الولايات المتحدة مثل «المشي علي الماء» «يوس وجاجر» فهل أتاحوا للفيلم شيئا لم يكن متاحا بالنسبة لك؟

ـ أبو أسعد: أمير هافل صديقي وهو لا يقيم اعتبارا للدول وإنما يهتم أكثر بالبشر وهو منتج جيد فعلا.. وقد ساعدني علي التركيز فالمخرج لديه مشكلات لا حصر لها، حول أين يضع الكاميرا؟، كيف يدير الممثلين؟، كيف يشيع المزاج الصحيح للفيلم وهذا يتطب طاقة وتركيز هائلين وفي وضعنا توزعت طاقتي وتركيزي إلي جانب ذلك في التعامل مع المشكلات التي كانت تطرأ في كل يوم أثناء تصوير الفيلم. فقد كانت مشاعرنا موزعة علي أن نبقي لا علاقة لها بصنع الفيلم وقد ساعدني أمير علي مشكلات جميعا في حالة من التنسيق والتنظيم والتركيز عندما بدأت الأمور علي وشك الفوضي.. لم يكن حاضرا في موقع التصوير.. لأن المسألة بالنسبة له تشكل خطرا كبيرا جدا.

·     تاريخك الشخصي كما هو مكتوب في الكتيب الصحفي «ملخبط» نوعا.. فهو يبدأ باشتغالك مهندس طيران في هولندا ثم فجأة أصبحت مخرجا سينمائيا.. هل يمكن أن فعرف أشياء أخري حول هذا الانتقال؟

ـ أبو أسعد: العمل كمهندس طيران يحتاج إلي خيال كبير لحل المشكلات التكنيكية ولكنك لا تستطيع حلها معتمدا فقط علي الحدس، أو الغريزة فإننا نحتاج الغريزة لتخمين الطريقة الصحيحة ولكن عليك أن تتوخي منتهي الأمان لأن الأخطاء الصغيرة تؤدي إلي فقدان حياة الناس.. فلا تستطيع المغامرة وفي الفن لا تستطيع بالموهبة مهما كبرت ولا بالخبرة مهما كانت أن تعرف ما إذا كنت قد اتخذت القرار الصحيح.. فالفن يعني المغامرة وأنا أحب المغامرة وحتي إن كنت دائم الخوف من ارتكاب الخطأ لأن الخطأ هنا لا يهدد حياة الناس فأكثر ما قد يصيبك هو فشل الفيلم.

·         فيلمك موجود الآن في الولايات المتحدة فهل هناك شيء تود أن تقوله للأمريكي الذي سوف يراه؟

ـ أبو أسعد: شاهد الفيلم مرتين.. المرة الأولي ستكون مشغولا بأحكامك المسبقة حول العمليات الانتحارية والمرة الثانية سوف تعيش التجربة كفيلم سينمائي.

الفيلم تقوم بتوزيعه في الولايات المتحدة شركة «وارنر إندبندنت» وهو ضمن الأفلام المرشحة لجوائز الأوسكار لأحسن فيلم أجنبي.

جريدة القاهرة في

17.01.2006

 
 

'الجنة الآن' يفوز بجائزة غولدن غلوب لافضل فيلم اجنبي  

الفيلم الفلسطيني الذي يروي الساعات الأخيرة في حياة استشهاديين فلسطينيين يحظى باعتراف عالمي قل نظيره.  

بيفرلي هيلز (الولايات المتحدة) -فاز فيلم المخرج الفلسطيني هاني أبو اسعد (الجنة الان) الذي يدور عن مهاجمين استشهاديين ينفذون هجماتهم داخل اسرائيل بجائزة الكرة الذهبية لاحسن فيلم اجنبي لهذا العام.

لم يكن ابو اسعد الذي يعمل في هولندا ويبحث الان عن منزل في تلال هوليوود يتوقع الفوز بل توقع ان يخسر مثلما خسر فيلمه الكوميدي عن فنون الحرب (خدعة الكونج فو) في سباق اخر على جوائز السينما التي يمنحها النقاد الاعلاميون.

وقال انه تصور ان عددا كبيرا من الناس اما لم يشاهدوا فيلمه أصلا او انهم سيعتبرونه مثيرا للجدل. ويندر عرض افلام فلسطينية في الولايات المتحدة ناهيك عن تلك التي تحاول شرح قضايا سياسية يائسة.

وفي الكلمة التي القاها لدى تسلمه الجائزة دعا ابو اسعد لقيام دولة فلسطينية قائلا انه يعتبر فوزه بجائزة الكرة الذهبية بمثابة "اعتراف بحق الفلسطينيين غير المشروط في الحرية والمساواة."

وتمنح رابطة الصحفيين الاجانب في هوليوود جوائز الكرة الذهبية سنويا. وتعتبر مؤشرا لجوائز الاوسكار وهي اهم الجوائز السينمائية وتمنحها اكاديمية العلوم والفنون السينمائية الامريكية.

وحقق فيلم (الجنة الان) بفوزه بجائزة الكرة الذهبية لاحسن فيلم أجنبي دفعة في سباقه على الاوسكار في الخامس من مارس آذار المقبل. ونقطة الاختبار التالية هي ان يرشح يوم 31 يناير كانون الثاني الحالي من بين خمسة افلام اجنبية مرشحة للفوز بالاوسكار. ولم يرشح قط لهذه الجائزة فيلم فلسطيني.

وقال ابو اسعد للصحفيين في كواليس المسرح بعد الاعلان عن جوائز الكرة الذهبية "دهشت لفوزنا لكني لا اعتقد ان فيلمي مثير للجدل. هو يكشف فقط عن شيء من جانب مختلف كلنا قلقون بشأنه."

ويؤكد ابو اسعد انه لا ينحاز في الفيلم لاي جانب لكنه حاول ان يفسر لماذا يصبح اثنان بسطاء يعملان في ورشة لاصلاح السيارات مستعدين لقتل نفسيهما وقتل اخرين. ويقدم فيلمه وجهات نظر كل جانب في القضية.

ويضيف "انه عمل سينمائي. السينما تعرض عليك وجهات نظر مختلفة."

كلفه صناعة هذا الفيلم ان يعيش تجربة التعرض لهجوم صاروخي اسرائيلي وتلقي تهديدات من متشددين.

وصور الفيلم في مدينة نابلس بالضفة الغربية واختطف مدير موقع التصوير لفترة قصيرة من جانب فصائل متناحرة خشيت ان يجيء الفيلم منتقدا لها. وينتظر ابو اسعد الان ليرى ما اذا كان هناك من يصغي له وهو يشرح حقيقة جديدة في الحياة المعاصرة.

ويقول المخرج الفلسطيني ان فيلم (الجنة الان) يريد ان يشرح للمشاهد التركيبة العقلية التي تتمخض عن افعال مثل التفجيرات الانتحارية لان الفهم هو خطوة أولى على الطريق.

يصور مشهد من مشاهد فيلمه متجرا لبيع افلام الفيديو في الضفة الغربية لا يختلف كثيرا عن متاجر مماثلة في الولايات المتحدة واوروبا باستثناء ان كل اشرطة الفيديو التي يبيعها هي لاستشهاديين يشرحون دافعهم ويدعون آخرين لان يسلكوا نفس المصير.

وتلقى اشرطة الفيديو هذه شعبية ورواجا يماثل الاقبال على جمع صور لاعبي البيسبول في الولايات المتحدة.

ويعتقد ابو اسعد ان الشعور بالعجز هو الذي يذكي التفجيرات. وتبرز حوارات شخصياته هذا المعنى وهم يعيشون تفاصيل حياتهم اليومية في الاراضي التي تحتلها اسرائيل والتي يصورها الفيلم كسجن محكم الاغلاق لا يتنفس من فيه هواء كافيا.

تتكرر في الفيلم عبارات منها "نحن موتى بالفعل تحت الاحتلال...في هذه الحياة نحن موتى على كل حال...اذا لم نكن بوسعنا ان نعيش سواسية على الاقل يمكن ان نموت سواسية."

ويقول مخرج الفيلم "الشعور بالعجز قوي لدرجة انهم يقتلون انفسهم والاخرين ليقولوا (لسنا عاجزين) انه موقف معقد للغاية لكن المعنى الكلي هو ان الموقف غير عادل."

ويرى ابو اسعد ان فيلمه لا يفرض وجهة نظر واحدة بل على العكس يحاول ان يتعرض "لشيء غير مرئي وهذا ما لم يحدث من قبل.

موقع "ميدل إيست أنلاين" في

17.01.2006

 
 

«الجنة الآن» يكسب عالمياً ويخفق في إسرائيل 

قال خبراء في توزيع الأفلام السينمائية أول من أمس انه من غير المرجح ان يحظى فيلم نال إشادة عالمية ويتناول دوافع المهاجمين الانتحاريين الفلسطينيين بمشاهدة واسعة النطاق في إسرائيل بعد ان تجنبت دور العرض السينمائية الكبرى عرضه. وفاز فيلم «الجنة الآن» الذي يصور قصة رجلين من الضفة الغربية المحتلة تم تجنيدهما ليفجرا نفسيهما في تل ابيب بجائزة الكرة الذهبية لأحسن فيلم أجنبي هذا العام في مهرجان الكرة الذهبية «غولدن غلوب» خلال الأسبوع الماضي وهو ما يتيح له فرصة المنافسة على الجوائز التي تمنحها أكاديمية العلوم والفنون السينمائية الأميركية.

ورغم ان احد منتجي الفيلم هو عامير هاريل الإسرائيلي الجنسية كما ان جانبا من التمويل جاء عبر اعتماد مالي مخصص للفنون من الحكومة الإسرائيلية فان عرض فيلم «الجنة الآن» في الدولة اليهودية محدود في نطاق دور عرض البيوت الفنية المستقلة.

وألقى هاريل باللائمة على الانتقادات الحادة التي تعرض لها الفيلم حتى قبل أشهر من انتهاء العمل فيه من جانب الإسرائيليين الذين عانوا من الهجمات خلال الانتفاضة الفلسطينية على مدى خمس سنوات. وقال هاريل «يبدو ان الموزعين اجروا حسابات بسيطة وقرروا أنهم في غير حاجة لإثارة مظاهرات سياسية خارج دور العرض الخاصة بهم».

ورغم ان لغة الفيلم هي العربية في معظمه فهذا لا يبدو انه يمثل عائقا أمام عرضه في دور السينما الإسرائيلية المعتادة على الأفلام الأجنبية. وأوضحت شيريت جال وهي خبيرة علاقات عامة تعمل مع اكبر ثمانية موزعين سينمائيين في إسرائيل ان فيلمي «العروس السورية» و«العطش» لقيا إقبالا طيبا في دور العرض رغم ان الحوار كان باللغة العربية.

وقالت «قام الموزعون في حالة فيلم «الجنة الآن» بحساب التكلفة والربح واستنتجوا ان الأمر لن يجلب لهم ربحا». وكان للفيلم صدى طيب واسع النطاق عند الفلسطينيين رغم ان مشكلة التوزيع لديهم مختلفة اذ لا توجد لديهم سوى دار عرض واحدة صالحة في مدينة رام الله في الضفة الغربية.

ويظهر الفيلم الفلسطينيين وهم يعانون خلال كدهم في الحياة تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي لكن شخصيات الفيلم تناقش أيضا ان كان هذا يسوغ اللجوء إلى العنف. (رويترز)

البيان الإماراتية في

23.01.2006

 
 

لأن الموزعين لا يريدون مظاهرات سياسية ضده:

 دور السينما الاسرائيلية ترفض عرض فيلم الجنة الآن

القدس ـ من دان ويليامز:  

قال خبراء في توزيع الافلام يوم الجمعة الماضي انه من غير المرجح ان يحظي فيلم نال اشادة عالمية ويتناول دوافع المهاجمين الانتحاريين الفلسطينيين بمشاهدة واسعة النطاق في اسرائيل بعد ان تجنبت دور العرض السينمائية الكبري عرضه.

وفاز فيلم الجنة الان الذي يصور قصة رجلين من الضفة الغربية المحتلة تم تجنيدهما ليفجرا نفسيهما في تل ابيب بجائزة الكرة الذهبية لاحسن فيلم اجنبي هذا العام في مهرجان الكرة الذهبية (غولدن غلوب) خلال الاسبوع الماضي وهو ما يتيح له فرصة المنافسة علي الجوائز التي تمنحها اكاديمية العلوم والفنون السينمائية الامريكية.

ورغم ان احد منتجي الفيلم هو عامير هاريل الاسرائيلي الجنسية كما ان جانبا من التمويل جاء عبر اعتماد مالي مخصص للفنون من الحكومة الاسرائيلية فان عرض فيلم (الجنة الان) في الدولة اليهودية محدود في نطاق دور عرض البيوت الفنية المستقلة.

والقي هاريل باللائمة علي الانتقادات الحادة التي تعرض لها الفيلم حتي قبل اشهر من انتهاء العمل فيه من جانب الاسرائيليين الذين عانوا من الهجمات خلال الانتفاضة الفلسطينية علي مدي خمس سنوات.

وقال هاريل يبدو ان الموزعين اجروا حسابات بسيطة وقرروا انهم في غير حاجة لاثارة مظاهرات سياسية خارج دور العرض الخاصة بهم .

ورغم ان لغة الفيلم هي العربية في معظمه فهذا لا يبدو انه يمثل عائقا امام عرضه في دور السينما الاسرائيلية المعتادة علي الافلام الاجنبية. واوضحت شيريت جال وهي خبيرة علاقات عامة تعمل مع اكبر ثمانية موزعين سينمائيين في اسرائيل ان فيلمي العروس السورية و العطش لقيا اقبالا طيبا في دور العرض رغم ان الحوار كان باللغة العربية. وقالت قام الموزعون في حالة فيلم الجنة الان بحساب التكلفة والربح واستنتجوا ان الامر لن يجلب لهم ربحا .

وكان للفيلم صدي طيبا واسع النطاق عند الفلسطينيين رغم ان مشكلة التوزيع لديهم مختلفة اذ لا توجد لديهم سوي دار عرض واحدة صالحة في مدينة رام الله بالضفة الغربية. ويظهر الفيلم الفلسطينيين وهم يعانون خلال كدهم في الحياة تحت وطاة الاحتلال الاسرائيلي لكن شخصيات الفيلم تناقش ايضا ان كان هذا يسوغ اللجؤ الي العنف. (رويترز)

القدس العربي في

27.01.2006

 
 

يطرح عشرات الاسئلة بعد الفراغ من مشاهدته فيلم الجنة الآن:

الموت في هدوء.. الموت في صخب!

دينا وادي

يضع المشهد الأخير في فيلم الجنة الآن لمخرجه هاني أبو أسعد المشاهد وسط عدة تساؤلات، فهذه عين سعيد أحد بطلي الفيلم وقد أصبحت هي البطل الوحيد في هذا المشهد حين سلط عليها المخرج الكاميرا في Close up قبل أن تختفي تماماً وسط شاشة بيضاء تشير إلي حالة العدمية التي وصل إليها أو كان يعيش فيها سعيد ، الشاب الفلسطيني ذو الملامح البريئة.

الشاشة البيضاء، وتشبث المشاهد بمقعده في انتظار لحظة التفجير وتناثر الأشلاء، ولحظات الصمت التي يحياها سعيد كجزء من شخصيته، كل هذه أسئلة بلا أجوبة تصطحب المشاهد إلي خارج قاعة العرض، وربما إلي سرير نومه، مفكرا في سعيد وفي رحلة بحثه عن الإجابة وصولا إلي العدم الذي حاول مقاومته بالبحث عن فكرة الاستشهاد كبديل وحيد لهاجس العدمية، طارحا سؤالا جدليا في الوقت ذاته: هل أفلح؟.

يناقش المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد في فيلمه الجنة الآن علي مدي 90 دقيقة وجهة نظر خاصة ومختلفة عن الإنسان الفلسطيني الذي يفكر في تنفيذ عملية استشهادية بهدف الوصول إلي الجنة التي يحلم بها في وطنه الذي سلبه الاحتلال إياه، وسلب معه حلم المواطن الفلسطيني الذي وصل إلي لا شيء، عدا شيء واحد هو أن يقدم جسده فداءً لفكره حتي يشعر أن له هدفا أو دعنا نقول حلما يسعي له ويعيش لحظات قليلة، هذه اللحظات التي عاشها بطلا الفيلم خالد وسعيد وشعرا أنهما يفعلان شيئاً هاماً لهدف محدد هو الوصول إلي الجنة.

وبعيداً عن حياة الأبطال الذين تم تدريبهم منذ ولادتهم حتي الوصول إلي عمر معين يكون هو خط النهاية بالنسبة لهم في عملية استشهادية تصيب قلب العدو، وبعيداً عن مشاهد القصف والقتل والدمار والدماء والجثث المتناثرة في كل مكان وبدون أي مؤثرات موسيقية يعيش من خلالها المشاهد حالة وقتية أثناء مشاهدة الفيلم فقط أعاد أبو أسعد بناء دراما الحياة الواقعية التي يعيشها بعض الشباب الفلسطيني في الداخل بلغة سينمائية لا تخلو من الرمزية والكوميديا السوداء التي جعلت الجمهور يضحك من هم يراه، في ثنائية فنية ممتعة، يطرحها أبو أسعد عبر عدة مستويات، نراها جميعا متضافرة، البكاء والضحك في بوتقة واحدة، الفرح والترح، الهدوء والصخب، الحياة والموت، أسئلة فلسفية تلك التي يطرحها المؤلف، أم تراها عبثية أكثر؟.

فالموت لم يعد متروكاً للقدر كما هو الحال لدي جميع البشر في الأرض، بل أصبح قرارا، بيد لشخص / الفلسطيني أن يتخذه،وهو هنا يكسر أحد التابوهات التي تقيد الحياة كلها بما يتبعها: الموت / الغيبيات /السمعيات / الخوف،وهو إذ يفعل هذا فإنه ينتصر علي نفسه، كمقدمة لنصره علي الآخر.

ويتنفس الفلسطيني أنفاسه الأخيرة بإرادته هو هذه المرة، يري الموت علي بعد أمتار منه، لكنه هو من يتحكم في الأمر، أية حرية هذه، وهل يوجد أفضل من هذه حياة؟

يتنفس البطل أنفاسه الأخيرة، بطريقة عادية جدا، وكأنه لا ينتوي فعل شيء، لتحتبس في المقابل أنفاس المشاهد، يتنفس البطل أنفاسه التي تعقبها هاني أبو أسعد ليوصلها للمتلقي حتي يعرف كيف تتنفس الشخصية الاستشهادية في لحظاتها الحاسمة والأخيرة قبل إصابة العدو.

فيلم الجنة الآن عبارة عن حياة شابين فلسطينيين من الطبقة العاملة الكادحة خلال 24 ساعة فقط قبل تنفيذهما عملية استشهادية مشتركة.

يبدأ الفيلم بمشهد لبطلي الفيلم خالد وسعيد ـ اللذين أديا دوريهما ببراعة فنية قيس ناشف وعلي سليمان - واللذين يعملان في ورشة لتصليح السيارات تطل علي تلة في مدينة نابلس. ويصلحان صندوق سيارة ليصل صاحبها بعد انتهائهما من إصلاحه ليدخل معهما في مشادة كلامية وجدل يجافي الحقيقة البصرية التي يراها خالد وسعيد والمشاهد معهم بأن الصندوق الذي ركباه لسيارته في حالة اعوجاج لا يراها سواه ويصر صاحب السيارة علي وجهة نظره حتي يفقد الشاب خالد أعصابه ويأخذ مطرقة ثقيلة يهوي بها علي المكان حتي يصل لمرحلة الاعوجاج بالفعل، ويقول له الآن أصبح الصندوق سوياً وبينما المشادة الكلامية بين خالد الشخصية الصدامية الثورية التي تبحث عن ذاتها المفقودة أمام صاحب السيارة الذي يصر علي وجهة نظره التي يصيبها اعوجاج ظهر سعيد مستسلماً موضوعاً لكن وراء صمته غيظاً وأملاً مفقوداً يشكلان نهاية الفيلم.

بهذا المشهد يؤسس أبو أسعد الفكرة الرئيسية للفيلم بصورة رمزية لما يدور داخل المجتمع الفلسطيني من صدام ناتج عن أن البعض لا زال يصر علي رؤية أشد الحقائق وضوحاً بالمقلوب فيصبح القاتل ضحية والمقتول هو المتهم.

يحاول خالد وسعيد من خلال حوارهما البحث عن مشروع مشترك له هدف يعملان من أجله سوياً ويقرران الاشتراك في عملية استشهادية واحدة لتتحرك الكاميرا إلي مدينة نابلس من أعلي ليري المشاهد جمال الجنة التي يسعي إليها خالد وسعيد.

تظهر سهي لبني الزبال ابنة أحد المناضلين الكبار علي أحد المعابر الإسرائيلية في لحظات صمت ونظرات متحدية للجندي الإسرائيلي الذي قام بتمريرها بسهولة ودون اعتراض أو ذلك عكس ما يحدث في الواقع لتدخل إلي وطنها قادمة من أحد بلاد المغرب التي عاشت بها طفولتها مما أثر علي لهجتها الفلسطينية حال معظم الفلسطينيين الذين يعيشون خارج الوطن. وتذهب سهي لورشة خالد وسعيد لتسأل عن سيارتها التي تركتها للإصلاح لعدة شهور وتسأل سعيد عنها ويتبادلان نظرات تظهر الإعجاب المتبادل بينهما ولكن يختلف لدي كل منهما لتكشف أحداث الفيلم أن سعيد ربما يكون سبب إعجابه بـ سهي أن والدها هو أحد أبطال المقاومة والنضال الفلسطيني بينما والده كان عميلاً للعدو وأعدمه نشطاء فلسطينيون.

وتصل اللحظة الحاسمة عندما يظهر جمال القائد مجهول الفصيل إلا من بعض الدلالات مثل اللحية وطريقة ملبسه التي تشبه ظاهرياً قادة تنظيم حماس ليبلغهما بموافقة التنظيم عليهما كاستشهاديين في إحدي عمليات تل أبيب .

ويصحب جمال سعيد إلي منزل عائلته بينما يصحب خالد شخص آخر من التنظيم ويبيتوا معهم الليلة لاصطحابهم في الصباح إلي مقر التنظيم ليتم تحضيرهم للعملية الاستشهادية بينما أفهم خالد وسعيد أسرتيهما أنهما بحثا عن فرص عمل داخل الأراضي المحتلة وأن جمال والشخص الآخر هما من وجدا لهم العمل.

وحاول ابو أسعد الوصول لتفاصيل دقيقة في دقائق معدودة من خلال المشاهد التي جمعت خالد وسعيد بأسرة كل منهما ليلة العملية في كيفية محاولة الأسرة الفلسطينية تدبير معيشتها، والأم الفلسطينية ـ متجسدة في أم سعيدـ والتي تشعر بأن ولدها ليس ذاهباً إلي عمل بل إلي عملية ولكنها تجاري الأحداث ظاهرياً مصدقة حدسها الذي يظهر في نظرتها إلي ولدها بين لحظة وأخري وكأنها نظرة أخيرة عليه.

أما والد خالد الذي فقد إحدي عينيه، فيسأل عضو التنظيم خالد عنها فيجيبه خالد ببساطة أن قوات الاحتلال وضعت والده في حالة اختيار بين فقد إحدي عينيه وبين أن يأخذوا ولده -خالد- فاختار أن يفقأوا إحدي عينيه وذلك أثناء إحدي مداهمات قوات الاحتلال لمنزلهم للبحث عن عائلة أحد الاستشهاديين في محاولة لفهم شخصية خالد الصدامية الثورية والرافضة للواقع الذي يعيشه.

يصل خالد وسعيد ليبدآ عملية التحضير للعملية الاستشهادية ويقف خالد ممسكاً بسلاحه أمام الكاميرا ليلقي خطاباً سياسياً من الدرجة الأولي يتميز ببلاغة خطابية عالية وبعد أن ينتهي يكتشف أن الكاميرا لم تصوره بسبب عطل مفاجئ، وعند الإعادة تتجه كاميرا المخرج لأعضاء التنظيم وهم يشاهدون خالد وفي حركة آلية تمتد يدهم للساندويتشات التي أعدتها والدة خالد له ويأكلون وكأنهم مشاهدون لفيلم سينمائي داخل بيوتهم ويقف في الخلفية سعيد الذي لا تتخلي نظرته عن مسحة الحزن وحالة العدم.

وربما يكون هذا البعض محزنا للبعض، ومثيرا لاستياء البعض الآخر ممن يرفضون أن ينظر إلي الفلسطينيين بهذه الصورة، بل قد يكون دافعا للبعض لاتهام المخرج بتبسيط العملية الاستشهادية والاستهتار بقادة وأعضاء فصائل المقاومة وأيضاً تبسيط شخصية الاستشهادي نفسه وإظهاره في صورة شخص ليس له هدف ولا يمتلك استراتيجية في تفكيره، مبررين ذلك بأن تمويل الفيلم غربي (فرنسي - ألماني - هولندي) وأن المخرج هاني أبو أسعد ضد العمليات الاستشهادية، لكن ما أراه هو أن هاني أبو أسعد فعل شيئا جميلا: هو أنه سعي إلي أنسنة العملية الاستشهادية، قال لكل أصحاب الدوجما، وأصحاب النظريات الكبري، والأفكار الزاعقة أن هؤلاء بشر، فقد الموت بالنسبة إليهم معناه، لم يعد ذلك المارد الذي يخيفكم، لقد انتصروا عليه، هو إذن لم يؤنسن العملية الاستشهادية وحدها، ولا الفلسطيني وحده، بل أنسن الموت ذاته.

أبو أسعد أعلن بلغته السينمائية أنه من أقرب الشخصيات التي من الممكن أن تقوم بعمل عملية استشهادية بالرغم من أنه ضد هذه العمليات فكرياً نتيجة الظلم والقهر الذي يعيشه الفلسطيني داخل وطنه.

من خلال صمت سعيد ونظرات خالد الحادة خلال وضع الأحزمة الناسفة علي جسديهما سبقتهما عملية تغسيلهم وحلاقة الشعر وكأنهما عريسان يعدان نفسيهما لليلة العرس ويظهران ببذلتيهما الأنيقتين علي مائدة الطعام ليعيد هاني أبو أسعد بناء لوحة العشاء الأخير في مشهد يتمتع بلغة سينمائية متقنة.

ويذهب الصديقان لعبور الحدود عند الأسلاك الشائكة وبينما ينتظرهما أحد العملاء الإسرائيليين لدي التنظيم الفلسطيني ليصل بهما إلي تل أبيب مكان العملية تفاجئهما دورية عسكرية إسرائيلية ويهربان بسرعة ويفلح خالد للعودة مرة أخري بينما يتوه سعيد وتبدأ رحلة البحث عنه ويشك قادة الفصيل في مدي ولائه في حين يراهن خالد أن الخيانة ليست من أخلاق صديقه سعيد، ويلغي قائد الفصيل العملية والذي يظهر في شخصية ليس لمظهرها الخارجي علاقة بالتنظيمات والفصائل الإسلامية بل أقرب إلي فتح ليلغي هاني أبو أسعد مرة أخري هوية التنظيم فيما عدا أنه فصيل فلسطيني فقط دون الانتماء لأي اتجاهات بعينها. ويذهب خالد للبحث عن سعيد والذي يحاول الذهاب وحده إلي تل أبيب لتنفيذ العملية وبينما هو واقف في إحدي محطات انتظار الاتوبيس وهو يضع يده علي سلك حزام التفجير يجد طفلة إسرائيلية صغيرة تقف في مقدمة الاتوبيس فيتراجع عن الفكرة، ويشير إلي السائق بأن يذهب ويحاول العودة مرة أخري ليجد المكان الذي يجتمع فيه أعضاء الفصيل خاليا تماماً وفي نفس الوقت تتابع الكاميرا خالدا الذي يسأل عن سعيد في كل الأماكن التي من الممكن أن يذهب إليها ويقابل سهي التي تشعر بأن هناك شيئاً ما يحدث وتعلم بالأمر الذي رفضته ودخلت في معركة كلامية مع خالد حول مفهوم النضال ومحاربة المحتل وأنها معركة وجود وينتهي الجدل باقتناع خالد بوجهة نظر سهي .

وفي هذه الأثناء يعثران علي سعيد ويحاول خالد اقناعه بأن وجودهم في الحياة هو المقاومة الحقيقية للمحتل وليس الموت مع العدو في إشارة المخرج إلي أن هذه الفكرة توراتية وليست من تراثنا أو مفاهيمنا، ويلتقي خالد وسعيد بقادة الفصيل مرة أخري ولكن هذه المرة تصحبهم سهي الرافضة للفكرة ويصلان إلي تل أبيب، وقبل أن ينزلا من السيارة التي صحبتهم للداخل يأمر خالد السائق بأن يعود مرة أخري وأن العملية ألغيت بكاملها ويخدع سعيد خالد ويفتح باب السيارة ويذهب بعيداً بينما يبقي خالد الذي كانت لحظة بكائه أكثر تأثيراً في المتلقي من أي مشهد دماء وتفجيرات.

ينتهي الفيلم بالمشهد الأخير وسعيد داخل الحافلة وخلفه بعض الجنود الإسرائيليين في إشارة إلي أن العملية ليست في مدنيين بل عسكريين، وتقترب الكاميرا في مشهد النهاية من سعيد حتي تستقر علي عينيه التي لا تخلو من تلك النظرة الحزينة المتسائلة وتقطع الصورة علي بياض مفاجئ إشارة إلي الموت دون صوت أو صورة للانفجار، وتنزل الأسماء بتترات النهاية لتضع المشاهد في نفس حالة الحزن في عيني سعيد منتظراً لما سيحدث بعد ذلك.

ما سيحدث بعد ذلك، هو خروج المتلقي من الفيلم،وبداخله عشرات الأسئلة التي تحتاج إلي أجوبة، وإذا كانت وظيفة الفن الأولي هي طرح الأسئلة، فإن هذا الفيلم نجح حقا في أن يثير أسئلة حول نقاط لم تعد مثيرة لأي استفهام، حول معني الموت والاستشهاد والنضال والحياة والوطن ذاته.

ناقدة من فلسطين

القدس العربي في

27.01.2006

 
 

جوائز عالمية وغياب محلي

المخرجون العرب.. واللجوء السينمائي للغرب!

تحقيق: أسامة صفار

الجنة الآن' هو أحدث الأفلام التي صنعها مخرجون عرب وفازت بجائزة عالمية لها وزنها وهي أحسن فيلم في مسابقة الجولدن جلوب، وقد تكررت التجربة من قبل في العديد من الافلام التي قدمها مخرجون عرب أو مصريون في المهرجانات العالمية.. لكن الغريب أن مايجمعها أو علي الأقل نسبة كبيرة عنها هو أنها ممولة من الخارج والافلام نفسها لا تمر بدون جدل في أغلب الاحيان سواء عرضت في دول عربية أو في الغرب ، وهو مايطرح العديد من الاسئلة أهمها هل يدعم الغرب الأفلام بالتمويل ثم يمنحها الجوائز أيضا لأسباب فكرية، وهل يوجد ارتباط بين هجوم الافلام علي الثقافة العربية وحصولها علي الجوائز ولماذا يلجأ هؤلاء المخرجون للتمويل الأجنبي من الاصل.

الناقد السينمائي أحمد رأفت بهجت يؤكد ان قصة تمويل الافلام من الخارج وحصولها علي جوائز ينطبق عليها القول المشهور 'بيدي لابيد عمرو'.

ويضيف قائلا:

بدلا من أن يقوم الغرب بصناعة افلام تهاجمنا، يقوم بتمويل العرب لصناعة أفلام ليهاجموا أنفسهم ، وهي قاعدة قائمة منذ سنوات طويلة، وبالتحديد منذ بدأ مايسمي بالانتاج المشترك او التمويل.

وحول الرد علي هذا بأنه ينتمي لنظرية المؤامرة يقول أحمد رأفت بهجت: اذا استبعدنا فكرة المؤامرة علينا اذن أن نفسر الصدفة المستمرة التي تظهر في أفلام تقدم خدمات فكرية للآخر فقد تحولت الايدي العربية والأرض العربية إلي وسيلة للتأكيد علي مصداقية الزيف الغربية.. وهذه الايدي تصنع دائما مايلبي احتياجات الغرب فكريا، والحقيقة يتبقي سؤالا استنكاريا حول الانحدار إلي مثل هذا المستوي من الفنانين العرب.

وحتي الافلام الاجنبية التي يشارك فيها الفنانون المصريون والعرب مثل 'صلاح الدين' ويرفعون شعارات أنه فيلم عظيم، وحين تشاهده بهدوء تجده ادانة لشخصية صلاح الدين، والأدلة واضحة داخل الفيلم، وأظنه فيلما خطيرا يقلل من قدر بطل تاريخي عربي.

ويطلق أحمد رأفت بهجت اتهامات واضحة قائلا:

هناك طابور خامس في مصر حين يسمع هذا الكلام يقول انه تخلف واحساس بالاضطهاد وماشابه لكن مايحدث مع فيلم 'دنيا' الذي اخرجته جوسلين صعب الذي يعرض حاليا في مهرجان 'سان دانس' في الولايات المتحدة الأمريكية، وترتكز دعايته كلها علي موضوع الختان وتصورنا في مصر كبشر متوحشين.

موقف

الناقد مصطفي درويش يري أن عدم الاعتراف بالمخرجين العرب في السينما المصرية والمهرجانات هو سلوك متعمد من القائمين علي الصناعة في مصر والذين يتعمدون تجاهل وجود أفلام المخرجين العرب التي يمكن ان تكون ايجابية ويضيف قائلا:

الأفلام العربية لاتعرض في التليفزيون المصري، ولا حتي في برامج متخصصة مثل نادي السينما، ولا تعرض تجاريا في دور العرض، وهذا اعكس هوليوود تماما التي تبحث عن العباقرة في العالم كله وتجذبهم إليها، وكان هذا موجودا في بدايات السينما المصرية لكنهم الان يتخذون موقفا، وبالتالي هناك موقف مضاد فيذهب هؤلاء المخرجون العرب للخارج..

وحول هجوم هذه الافلام علي العرب باعتباره سببا للجوائز يقول مصطفي درويش:

الامريكان يهاجمون انفسهم في أفلامهم، ولا أنكر ان هناك اتجاها في الغرب يتبني تحويل افلام عربية وتصعيدها، لكن في الاحوال لايمكن ان نتصور ان هناك من يقوم بتمويل فيلم ومنحه جائزة والفيلم يهاجمه.. فعلي الاقل يكون الفيلم غير معاد له، لكن يبقي الاساس هو الفيلم الذي صنع جيدا، وظهر بمستوي فني راق.

وفيما يخص فيلم 'الجنة الآن' فهو بالفعل فيلم راق وبسيط في الاخراج والمونتاج وفي نفس الوقت غير مباشر رغم انه فيلم سياسي، وهو يشبه في ذلك فيلم 'أسامة' الافغاني الذي كان مذهلا علي مستوي التصوير والاخراج حتي ان نقاد الغرب لم يقل احد منهم كلمة ضده.

ويقترب مصطفي درويش من الازمة قائلا:

العرب والمصريون في الخارج يعرضون افلامهم في المهرجانات المصرية لكنها لاتقابل بالحفاوة اللائقة بها و'الجنة الآن' عرض في مهرجان القاهرة الماضي ولم يحتفل به أحد.

ارتباك

يؤكد الناقد أحمد الحضري أن فيلم 'الجنة الان' بالتحديد تم الاحتفال به في مهرجان القاهرة، وايضا عرض كفيلم افتتاح لمهرجان دبي السينمائي، ورغم ذلك يعود أحمد الحضري ليقول: الفيلم مريب الي حد كبير فكأنه يدعو لعدم الاستشهاد ويثير التساؤلات حول أسباب القيام بالعمليات الانتحارية وينتهي بالبطل داخل الاتوبيس الاسرائيلي دون ان يقرر ما اذا كان سيقوم بالعملية الاستشهادية ام لا.

وفي فيلم 'مسيو ابراهيم وزهور القرآن' الذي حصل عنه عمر الشريف علي جائزة أحسن ممثل نجد ان هناك تطبيعا بشكل ما لأن الطفل اليهودي لايجد الحنان في أسرته ويلجأ إلي السيد ابراهيم المسلم.

والمربك ان يتم انتقاء الافلام المريبة لتحصل علي جوائز، ولا أنكر أن مستوي الفيلم فنيا جيد، لكنه مريب مثل العديد من الافلام التي يتم تحويلها من الخارج ثم منحها جوائز ايضا من الخارج.

والحقيقة ان فرص المخرجين العرب في بلادهم تكاد تكون منعدمة لذلك يلجأون للتمويل من هذه الدول التي تدعمهم معنويا بعد ذلك بمنحهم الجوائز.

إدمان الشهرة

المخرج مجدي أحمد علي لم يخض تجربة تقديم فيلم بتمويل خارجي، وحصل علي جوائز عالمية، ولكنه لايرفض التمويل من حيث المبدأ، ويضيف قائلا:

نجاح الافلام الممولة عالميا وحصولها علي جوائز مبرر تماما، فاختيار الموضوع، يتم بحيث يكون له صيغة عالمية فضلا عن البعد الداخلي او المحلي لذلك نجد مخرجا مثل دادود عبد السيد رغم أهمية افلامه فإنه لايجد الاعتراف العالمي به في الوقت الذي يحظي مخرجون اقل منه موهبة.

والدليل الاكثر وضوحا أن المخرجين الذين يمولون من الغرب ويحصلون علي جوائز حين يقدمون افلاما ممولة محليا لانسمع عنهم شيئا، وحتي لايهتمون بالشهرة داخل بلادهم، فقد أدمنوا الشهرة خارج الحدود فأين نوري بوزيد التونسي ومرزاق علواش الجزائري. ويضيف مجدي أحمد علي قائلا:

من الناحية الفكرية لا أعتقد أنهم تعمدوا التأثر بالخارج فالممول الخارجي لايتدخل (هو يقبل او لايقبل).

تقرير

يري الناقد طارق الشناوي أن المخرجين العرب وحتي المصريين هم السبب المباشر في عدم حصولهم علي تقديره مصر، لانهم لايرغبون ­ من الاصل ­ في عرض افلامهم في المهرجانات المصرية، ويؤكد ذلك بقوله:

حين عرض المخرج المغربي فيلمه 'الملائكة لاتطير فوق الدار البيضاء' في مهرجان الاسكندرية حصل علي جائزة أحسن فيلم، وأقرب مثال علي رفض العرض في مهرجان القاهرة، كان فيلم 'عمارة يعقوبيان' الذي فضل اصحابه عرضه في مهرجان برلين وبالتحديد في قسم البانوراما الذي لا يعني أحدا، وقد تناسوا تماما ان المخرجة اللنبانية راندا شاهال' شاركت في المسابقة الرسمية في الدورة السابقة وفازت بالجائزة الفضية.

وحول ما اذا كان الفارق في مستوي الفيلم أم في المشاركة الغربية في تحويله يقول طارق الشناوي:

من الصعب ان نحيل فوز الافلام إلي كونها انتاجا مشتركا، فهناك طفرة جعلت من الانتاج المشترك قاعدة في السينما، ونادرا ما تجد الان فيلما له جنسية واحدة فالفيلم الفائز بجائزة مهرجان كان العام الماضي وهو 'الطفل' انتجته ثلاث دول منها بلجيكا وانجلترا.

ويضيف طارق الشناوي قائلا:

اذا كان المصريون يهربون من عرض أفلامهم في المهرجانات المصرية، فهل يأتي العرب ليعرضوها، والحقيقة ان هناك قيمة معنوية في الجائزة فقدت مع الملابسات التي تحدث في كل مهرجان، بل إن بعض المصريين يفضلون جوائز من مهرجانات مثل دمشق وبيروت علي مهرجان القاهرة.

تكنولوجيا

يري المخرج محمد خان حصول المخرجين العرب خارج أوطانهم علي جوائز عن أفلامهم طبيعي نظرا لاختياراتهم التي تتميز بمواكبة الاحداث والقضايا العالمية، ويضيف قائلا: فيلم 'الجنة الآن' يناقش موضوع الساعة وهو المقاومة المسلحة والانتحاريين بصرف النظر عما وصل اليه الفيلم من نتيجة، وما يرشحه للجائزة أيضا التكنولوجيا التي استخدمت في صنعه فجعلت بالامكان عرضه في أي صالة عرض بالعالم.

ويضيف قائلا:في فترة الثمانينات كنا سيء الحظ جدا، فلم تكن لدينا تكنولوجيا صوت، وكانت المعامل شديدة السوء.. بمعني أن أبجديات السينما كانت فيها مشاكل تمنع عرض هذه الافلام في مهرجانات عالمية.

ويضيف محمد خان قائلا:

الموضوع الآن يختلف فقد تحسنت الظروف، ولدينا أفلام يمكن عرضها عالميا.

ويرفض خان الربط بين الجائزة وتمويل الفيلم قائلا: هناك أسباب داخل الفيلم نفسه تجعله يحصل علي الجائزة وهذا هو الاساس، فهو جريء، وبلا رقابة، ويمكن عرضه في كل دور السينما في العالم نتيجة للتكنولوجيا المتطورة المستخدمة في صنعه.

هوليوود الشرق

يقول الناقد رفيق الصبان:

شعرت بأسي شديد وأنا أري الافلام العربية الرائعة وكلها انتاج أجنبي، يعني المخرج المصري الالماني سمير نصر فيلمه تمويل ألماني، وحتي الفيلم اليمني الذي حصل علي جائزة أحسن فيلم عربي انتاج انجليزي وهنا تكمن الازمة أن منتجينا يمولون أفلاما استهلاكية لا تستحق بينما يتركون المخرجين الجيدين سواء عرب أم مصريين بلا تمويل.

وهذا يوضح أننا نخطيء كثيرا بأغلاق الابواب أمام الافلام والمسلسلات العربية وأنا اتساءل لماذا لا تعرض هذه الاعمال علي الشاشات المصرية؟ وماذا لو كنا قمنا بتمويل فيلم 'الجنة الآن' صحيح أن المخرج فلسطيني لكن الانتاج مصري، وهو الذي سيكسب في النهاية.

وأنا سعيد باستقدام حاتم علي لاخراج فيلم محمد علي وإن كنت اشعر بخيبة أمل تجاه هيثم حقي لانه لم يفعل ما يجب أن يفعله في مسلسل 'أحلام في البوابة' مع سميرة أحمد.

يجب أن تدرك أننا البلد الأول وهوليوود الشرق، وندرك أننا قادرين علي استقدام كل المواهب العربية.

وعن ارتباط التمويل بالجوائز يقول رفيق الصبان:

في أوروبا لا ينظرون الي تمويلهم ليمنحوا جائزة، ففيلم 'باب الشمس' الذي وفروا له سخاءا انتاجيا كبيرا لم يفكروا في اعطائه جائزة وبالتالي الجائزة ظروفها مختلفة تماما عن ظروف التمويل.

أخبار النجوم المصرية في

28.01.2006

 
 

مواجهة الإرهاب مطلب النجوم

القاهرة ـ أحمد الجندي: 

السينما أقرب مجالات الفن لتناول الواقع وقضاياه المهمة واحداثه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية· وقضية الإرهاب لا تزال مطروحة بقوة على الساحة في العالم أجمع· ولم تكن السينما المصرية بعيدة عن مناقشة هذه القضية من خلال افلامها وآخرها فيلم ''دم الغزال'' الذي يعرض حاليا الا ان السؤال الذي يفرض نفسه هو هل نجحت السينما في ابراز قضية الإرهاب؟

السيناريست وحيد حامد صاحب النصيب الاكبرمن الاعمال السينمائية والتليفزيونية التي ناقشت قضية الإرهاب بجرأة يقول: الدراما أداة فعالة للبحث عن الافضل والإرهاب الان في مقدمة القضايا التي ينبغي ان يطرحها الفن للحوار لذلك قدمت فيلمي الأخير ''دم الغزال'' وهو امتداد لسلسلة اعمال تناولت فيها هذه القضية التي بدأت طرحها منذ اكثر من 15 عاما من خلال التليفزيون حيث قدمت مسلسل ''العائلة'' الذي احدث ضجة وكان أول عمل درامي يناقش الارهاب الذي كان ظاهرة شديدة الخطورة وقتها وبعد ذلك انتقلت بالقضية الى السينما وتناولتها في عدد من الافلام بأشكال ومعالجات مختلفة كما في ''الأرهاب والكباب'' و''طيور الظلام'' واخيرا ''دم الغزال''·

واضاف وحيد حامد: رغم كل ما قدم من اعمال ناقشت قضية الإرهاب علينا ان نعترف بأننا تأخرنا كثيرا في الاقتراب منها، لان الدولة كانت تعتبرها من القضايا الحساسة التي ينبغي عدم الاقتراب منها لذلك كانت هناك العديد من المحاذير الرقابية ومع الانفراجة في الحرية والوعي الرقابي لابد ان تكون لدينا جرأة اكبر في اعمال اخرى عديدة·

ويرى الكاتب والمؤلف لينين الرملي ان الارهاب مازال في مقدمة القضايا التي تشكل خطورة كبيرة والسينما كانت مواكبة للقضية وطرحتها في العديد من الأفلام وفي كثير من الأحيان تكون هذه القضية جوهر الفيلم ومضمونه وهذا كان موجودا في فيلم ''الارهابي'' الذي قدمته مع الفنان عادل أمام والمخرج نادر جلال منذ ما يقرب من 15 عاما· وعادل امام يعي كل مشاكل مجتمعه وتحمس للفيلم رغم انه كان مختلفا عن الافلام التي قدمها أو الشخصيات التي جسدها· وحقق الفيلم نجاحا فنيا وجماهيريا، لأنه لم يكن مجرد فيلم يستغل قضية تشغل الناس بل تعمق في الظاهرة وطرح اشكالية البيئة التي ينشأ فيها الارهابي وكيف يتم تحويل شخص عادي الى ارهابي واشرنا الى عدم وجود دين أو جنسية للإرهاب·

ويعد الفنان أحمد راتب من اكثر الفنانين الذين شاركوا في أفلام ناقشت قضية الارهاب وحصل على جائزة الدور الثاني في فيلم ''الارهابي'' ويقول: الفن المصري لم يكن غائبا عن مواكبة قضية الإرهاب وتعددت الأعمال التي ناقشت هذه القضية· وكان الفنانون على مستوى المسؤولية في تصديهم للارهاب وعادل امام تحمل عبء المغامرة والمخاطرة بنفسه عندما أصر على السفر الى اسيوط بصعيد مصر وعرض مسرحيته هناك·

جرأة التناول

ويضيف: هناك العديد من الافلام التي طرحت قضية الارهاب بجرأة مثل ''الارهابي'' و''أمير الظلام'' وهذه الافلام اظهرت كيف ينشأ الارهاب ومن يسانده وما هي اهدافه· وعندما عرض عليَّ وحيد حامد والمخرج نادر جلال دوري في فيلم ''الإرهابي'' اندهشت ولم اكن اتخيل نفسي في مثل هذه الشخصية· لكن الدور كان مكتوبا بشكل جيد مما شجعني على اداء الشخصية التي اعتبرها من أهم الشخصيات التي جسدتها في السينما واتمنى ان تكون هناك اعمال اخرى تناقش هذه القضية من جوانب مختلفة·

ويقول الفنان رياض الخولي: الفن قام بدور بالغ التأثير في مواجهة الفكر المنحرف الذي افرز الارهاب من خلال التناول الصادق وكشف الافكار المضللة والممارسات الزائفة واستطاعت الأعمال الفنية ان تكسب ثقة الجمهور وتضمه الى صفوف المعركة ضد الارهاب والتطرف ولقد شاركت في واحد من أهم الأفلام التي ناقشت هذه القضية وهو فيلم ''طيور الظلام'' مع الفنان عادل امام والمخرج شريف عرفه وجسدت شخصية المحامي الذي يدافع عن الجماعات الارهابية وهو دور يوضح ان للارهاب من يسانده ويقف وراءه بالدعم المادي أو بالتخطيط· وهناك افلام ومسلسلات عديدة ناقشت هذه القضية منها· فيلم ''الارهاب والكباب'' و''الارهابي'' ومسلسل ''العائلة'' وهناك الكثير من الاعمال الدرامية التي لم تغفل القضية·

ويقول الفنان يوسف شعبان: هناك اعمال كثيرة تناولت الإرهاب كموضوع رئيسي أو كخط درامي أساسي ضمن نسيج العمل· واذكر ان مسلسل ''هالة والدراويش'' الذي قدمته منذ سنوات كان من اوائل المسلسلات التي تعرضت للارهاب بصورة مباشرة وكانت به احداث تناقش الفكر المتطرف وكيفية تحول الشباب الى متطرفين لكن كل ما قدمناه لا يكفي ولابد ان يبذل الكتاب والمؤلفون وصناع الدراما جهدا اكبر من اجل اعادة مناقشة وطرح هذه القضية·

الخوف

ويقول الفنان محمود ياسين: ان الفن تفاعل مع قضية الإرهاب منذ البداية رغم وجود مخاوف عديدة منها ما هو رقابي ومنها تجنب بعض الفنانين تقديم هذه الاعمال أو المشاركة بها خوفا من بطش الارهاب ومسلسل ''العائلة'' الذي قدمه المؤلف وحيد حامد والمخرج اسماعيل عبدالحافظ وشهد اكبر كم من الاعتذارات عن عدم المشاركة فيه من جانب الفنانين خوفا من بطش الارهابيين لكن هناك فنانين شجعانا في مقدمتهم الراحل محمود مرسي الذي قبل بطولة هذا المسلسل الذي يعد اول عمل فني يناقش الارهاب وبعده اصبحت القضية خطا دراميا في معظم الاعمال التليفزيونية التي شاركت في العديد منها ومازلنا في حاجة الى المزيد·

ويضيف: افلام عادل امام ''الارهاب وطيور الظلام والارهاب والكباب'' ناقشت القضية وطرحتها بعمق من خلال مؤلفيها وحيد حامد ولينين الرملي ومخرجيها نادر جلال وشريف عرفة وكانت هناك افلام اخرى حول القضية مما يؤكد ان الفن لم يكن غائبا عنها·

ويرى المخرج شريف عرفة ان النجاح الذي حققه مسلسل ''العائلة'' كان عاملا مشجعا لتكرار التجربة في التليفزيون والسينما واصبح وحيد حامد الذي قدم باكورة هذا اللون الدرامي رائدا لسينما الارهاب مستغلا قدرته على صياغة اخطر القضايا في المجتمع·

ويضيف: كانت البداية لي مع الفنان عادل امام من خلال فيلم ''الارهاب والكباب'' الذي كان دراسة سينمائية ساخرة لهذه الظاهرة في المجتمع واسباب انتشارها وعدم وضوح الرؤية الامنية والسياسية في مواجهتها وبعد ذلك جاء فيلم ''طيور الظلام'' الذي ألقى بجانب كبير من اللوم والمسؤولية على عاتق الأجهزة الثقافية والاعلامية والسياسية وتناول القصور في التصدي للارهاب منذ البداية وضرورة تدعيم اجهزة الاعلام واعطائها الحرية لخلق وعي مستنير لدى الشباب والبسطاء·

التنمية الشاملة

ويشير شريف عرفة الى ان هناك اعمالا سينمائية أخرى طرحت القضية واكدت ان مواجهة الارهاب لا تكون فقط من خلال النصائح والخطب المباشرة، وانما من خلال التنمية الاقتصادية والفكرية والاجتماعية والسياسية· وقد اتخذت الدولة خطوات جادة في هذا الاتجاه والفن كان مواكبا لهذه القضية·وقال الناقد علي أبوشادي: الصراع شرط اساسي في الدراما والارهاب ابرز الوان الصراع وفي هذه القضية كان الفن حاضرا من خلال رؤية مؤلفين ومخرجين وتجسيد فنانين اعمالا بعضها أتسم بالعمق وبعضها اتسم بالسطحية وابرز الاعمال الجيدة في التليفزيون مسلسل ''العائلة'' الذي كان اشبه بناقوس الخطر الذي يدق ليلفت النظر الى خطورة الخلايا الارهابية وقدمه المؤلف وحيد حامد والمخرج اسماعيل عبدالحافظ برؤية والراحل محمود مرسي ثم تحولت قضية الارهاب الى خط درامي اساسي في العديد من المسلسلات التليفزيونية· وفي السينما قدم المؤلف محمد شرشر والمخرج علي عبدالخالق والمنتج د· عادل حسني القضية من خلال فيلم لم ينل حظه من النجاح الجماهيري لانه فيلم قاتم تماما وهو ''الناجون من النار'' وفيه رؤية لجذور الارهاب وكيف تتكون خلاياه وتنمو، ثم جاء المؤلف وحيد حامد ليقدم مع عادل امام والمخرج شريف عرفة فيلمين الاول بشكل كاريكاتيري ساخر هو ''الارهاب والكباب'' والثاني قدم في اطار الكوميديا السوداء والفيلمان ناقشا القضية في اطار ساخر ومؤلم في نفس الوقت لكنهما من افضل الاعمال التي قدمت·

الإتحاد الإماراتية في

31.01.2006

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)