كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

ليل ونهار

"القدس".. مملكة الجنة!

محمد صلاح الدين

عن فيلم

مملكة السماء

   
 
 
 
 

هذا الفيلم "مملكة الجنة" يثير حاليا ضجة في الخارج لأنه يتناول جزءا من الحروب الصليبية وفي هذا التوقيت بالذات.. حيث مازال الجنود الأمريكيون يحتلون العراق. والتطرف اليهودي يصب الزيت علي النار بإصراره المقيت علي العبث بالقدس. التي وصفها مخرج الفيلم "ريدلي سكوت" بأنها جنة الله علي الأرض.. ويهاجم القتال الدائر فيها وحولها بلا فائدة.. وكأنه يرد علي جورج بوش حين استخدام عبارة "الحملة الصليبية" في وصفه للحرب ضد الإرهاب. مما أثار غضب المسلمين وسرعان ما تراجع بعدها وقال إنها ذلة لسان!

والذي لم يقله لنا "سكوت" ماذا نفعل؟ ونحن دائما الجانب المعتدي عليه.. ماذا يفعل أصحاب الأرض غير المقاومة؟! واعتقد أن الحروب الصليبية خير شاهد علي ذلك. منذ بداية الألفية الثانية وحتي بداية الألفية الثالثة. والغرباء يصرون علي حرق أغصان الزيتون.. ومعها كل دعاوي السلام التي ينادي بها في فيلمه!!

الأحداث تتناول بشكل يقترب من الموضوعية الحملة الصليبية الثانية وقبيل معركة "حطين" الشهيرة التي قادها ببراعة صلاح الدين. واستعاد فيها بييت المقدس بعد احتلال دام تسعين عاما. الجديد في تناوله انه يخالف الأفكار الشائعة والنمطية عن المسلمين والمسيحيين في هذه المعارك بالذات.. حيث بدت المطامع في الجانب الغربي واضحة في استغلال هذه الحملات تحت اسم الصليب من أجل مكاسب مادية ومعنوية. لأن الغرب كان يرفل في ظلام وهمجية. بينما الشرق يتقدم روحانيا وعلميا بصورة مذهلة!

إن المحارب "أورلاندو بلوم" بطل الفيلم الحداد ثم المقاتل أفردت له المساحة الرئيسية بصفته المعتدل في هذه الحكاية كما نجد في المقابل صلاح الدين يقدمونه بنفس الاعتدال مع الفارق في حجم الدور. حتي وهو يواجه خرق الهدنة من قبل فرسان المعبد المتعصبين الذي يعتدون بصورة وحشية وإرهابية علي العرب.. وبذلك يصب المخرج هجومه علي تجار الحروب أو تجار السلاح والانتهازيين الآن وفي كل العصور. وهذا في رأيي أفضل ما في الفيلم.. بصرف النظر عن التحفظات التي يمكن أن نأخذها عليه. مثل المبالغة في إعداد جيش المسلمين بالمقارنة مع عدد الصليبيين الهزيل.. لأنه ليس هذا بسبب النصر عليهم.. بل لقوة العقيدة ووضوح المبدأ والهدف.. وكذا مشهد صلاة الجماعة "المتفرقة" أو الملابس واللهجة المغربية "لأنهم محكومون بموقع التصوير!".. وكان الجميل الاستعانة بممثلين عرب لأول مرة منذ سنوات طويلة. السوري غسان مسعود والمصري خالد النبوي وهي خطوة جيدة نتمني لها التكرار!

أما "القدس" ياسيد "سكوت" فانها عربية وليست دولية كما تدعي.. وأنتم سبب معاناتها علي مر العصور.. وحتي التاريخ الذي تقدمونه يشهد بذلك.. إلا ما كنت استعنت بالكلمات العربية فيها.. أليست هذه مصداقية درامية يتطلبها العمل الفني؟!

الجمهورية المصرية في

19.05.2005

 
 

صلاح الدين

بقلم سميحة خريس 

نادرة هي الأسماء التي تنصف التاريخ العربي ، ولسنا من السذاجة بحيث نتوقع أن العالم يستخدم أعيننا ليرانا، أو أنه يمتلك ذات المعايير في الحكم على الأحداث التاريخية خاصة تلك التي تأجج فيها الصراع بين الغرب والشرق، أو بين الحضارات، أو حتى بين الأديان، لهذا يأتي فيلم «kindom of heaven» مختلفاً، وزاخراً بتلك الرؤية الانسانية الرحبة، رغم الالتفاف والاجتزاء الذي ترك سنوات طويلة من الصراع في الحروب الصليبية وراء أحداث الفيلم ليتجاوز الدموية التي انطوى عليها الهجوم الغربي على المنطقة العربية، ويصل إلى فترة الصلح و الحياة محتملة بين الغازيين وأصحاب البلاد قبل أن يقوم صلاح الدين بتحرير القدس.

يحاول الفيلم أن يؤشر على الجوانب الانسانية التي تنطوى على طبيعة الفرسان من الجانبين، ورغم أن بطله في الأساس هو الحداد الذي شاءت ظروفه والتحولات الدراماتيكية في حياته أن يصير محارباً وحامياً للقدس في الوقت الذي حاصر فيها صلاح الدين المدينة، فان المخرج لم يتمكن من تجاهل الفروسية التي صبغت شخصية صلاح الدين الايوبي.

هذا الاسم يعني الكثير في الوجدان العربي، ولعل الحاجة الرومانسية له تجددت مرات عديدة على امتداد التاريخ المشحون بالهزائم وتضيع الأوطان، فردد الشعراء مراراً «في الليلة الظلماء يفتقد البدر» إلا أن هذا المنحى العاطفي لدينا لا علاقة له بتقدير الخصم لطبائع الرجال، فهم يقدرون خصماً فارساً إنساني النزعة، قوي الشكيمة، وفي الحكايات العربية تنتهي القصة بدخول صلاح الدين القدس وتحريره المدينة، وهكذا نلون الحياة وننتظر ما حينا حمل أكاليل الغار، إنه بعض الحلم الذي لا نتمكن من تركه خلفنا، ولا يجوز لنا أن نفعل، ولكننا بحاجة لتفحص باقي الحكاية المجيدة، عندما تألب الفرسان العرب والساسة على صلاح الدين وتركوه يموت مقهوراً، وبحاجة أكثر لنعرف مصير القدس التي أهدر جند صلاح الدين دماءهم على أبوابها، المدينة التي أهداها من جاء بعد صلاح الدين إلى الأعداء عربون صداقة لم يقدر لها أن تكون أبدية، يحفل التاريخ بالأوجاع التي نتغاضى عنها رأفة بالحلم العربي أو إمعاناً في دفن رأس النعامة في رمل الوهم، ويفعل الحالمون في السينما الأمريكية ذات الشيء مع اختلاف بسيط، هو التلميح باستحياء إلى استمرار الشر، وهذا ما فعله الفيلم عندما عاد الفارس إلى قريته الفرنسية وتجددت الحروب على يد قلب الأسد الانجليزي، وما زالت القدس مطمعاً ولؤلؤة يغوص العالم في الوحل بحثاً عنها.

يقع الفيلم في مغالطات صغيرة لا تبدو ذات بال، مثل طريقة الصلاة والمصلين متباعدين للغاية، وانبعاث الآذان لحظة الصلاة نفسها، وقول حسناء الفيلم، بأن النبي العربي قدر على قومه أن يسلموا في حين أن المسيح أمرهم أن قرروا، مع كل الهنات الصغيرة يبقى مثل هذا الفيلم شهادة دامغة على أن القدس لأهلها، وكاشفاً عن اللبوس الذي تتخفى وراءه مطامع الرجال وأهوائهم في السلطة.

هل تساوي القدس كل تلك الدماء التي تراق من أجلها ؟؟ يقول صلاح الدين، القدس لا تساوي شيئاً، لكنها كل شيء.

الرأي الأردنية في

20.05.2005

 
 

خالد النبوي‏..‏ الاختلاف مبدأ حياتي‏:‏

اتهامي بالتواطؤ سرق فرحتي

أجرت الحديث ـ علا الشافعي

لحظات من الفرح والألم‏,‏ قبض عليها خالد النبوي بيديه‏,‏ ولا يستطيع نسيانها‏,‏ قال لي‏:‏ نعيش لحظة مرتبكة ومربكة‏,‏ أتمني أن يأتي اليوم الذي نعاود فيه احترام الاختلاف‏,‏ لأنه علي حد تعبيره قانون رباني‏.‏ سألني بدهشة هو ليه إحنا مش عايزين حد ينجح‏,‏ وصرخ من سوء النية واتهامه بالتواطؤ‏!‏ ووضعه في خانة المدانين قبل عرض مملكة الجنة بثلاثة شهور‏,‏ ولم ينف أنه مغامر مجنون في الفن‏,‏ وسيذهب لآخر الطريق من المغامرة والجنون‏.‏

البعض يعتبره فنانا دمه تقيل علي قلبهم ولكن ثق تماما أن هؤلاء لا يفهمون خالد النبوي‏,‏ خاصة أنه من أكثر أبناء جيله إخلاصا واجتهادا في فنه‏,‏ وقد يكون ثقل دمه المتوهم راجعا لإخلاصه الشديد ودأبه وعمله الدائم علي تطوير نفسه‏,‏ وهنا علينا أن نتعجب من المفارقات الغريبة التي أصبحت تحكم حياتنا‏.‏والغريب أيضا أن البعض قال إن مشاركته في الفيلم لا تعني شيئا وهي غير محورية أو جوهرية‏,‏ ودوره باهت‏,‏ والآخرون رددوا يا عم دول ثلاث أربع مشاهد‏!‏ وما يحدث فعلا تناقض مرعب لا يجب أن يقع فيه ناقد أو متابع للسينما‏,‏ لأن ما حدث هو خطوة مهمة لا يجب أن نقلل منها‏,‏ والمشاركة في فيلم عالمي يتحدث بشكل إيجابي عن العرب والمسلمين ويعرض علي‏6‏ آلاف شاشة عرض‏,‏ هو حدث بكل المقاييس‏,‏ والنجم الأمريكي ليام نيسون عندما شارك في نفس الفيلم بأربع مشاهد‏,‏ لم يقل أحد نفس الكلام‏,‏ والنجم شديد الموهبة الذي يقدم بطولات بمفرده إدوارد نورتون‏,‏ والذي جسد دور الملك المجذوم ولم نر وجهه طوال مشاهده القليلة أيضا‏,‏ لم يجد من يعلق علي ذلك بنفس منطقنا‏,‏ وعلينا أن نتعامل مع مملكة الجنة بمنطق أنه فيلم أجنبي شرفنا بالتمثيل فيه‏,‏و لا يجب أن تحكمنا نظرية من الجلدة للجلدة ليس ذلك فقط‏,‏ فالفيلم مقدم بعيون غربية لجمهور غربي وليس لنا‏.‏ إذن فالأحداث كلها من وجهة نظر الآخر عنا‏.‏

وفي منزله بالدقي والذي ينم عن ذوق بسيط وراق في آن واحد‏,‏ جمعنا بخالد النبوي حوار طويل‏,‏ وفي بداية الحوار شعرت بأنه يخشي من أن يعبر عن فرحته‏,‏ وكأن الهجوم الذي حدث له كسر شيئا ما بداخله‏.‏

·     داعبته ضاحكة‏..‏ سمعت أنك كنت مرتبكا جدا يوم افتتاح الفيلم في لندن ونيويورك؟ ليس ذلك فقط‏,‏ بل أربكت ريدلي سكوت شخصيا؟

ابتسم معلقا‏..‏ عمري ما حضرت افتتاح فيلم بهذا الشكل‏,‏ وخبرتي مع العروض الخاصة هو ما يحدث في مصر‏,‏ وفي الفترة الأخيرة لم يعد لدينا أصلا عروض افتتاح للأفلام‏,‏ إلا أنها أصحبت مرحلة‏,‏ وأذكر أن آخر ذكري طيبة عن العروض الخاصة في مصر هي أيام افتتاح المهاجر‏,‏ ومواطن مصري وفتاة من إسرائيل‏,‏ ولكن في لندن ونيويورك يتم التعامل مع الفيلم علي أنه حدث‏,‏ لذلك وفور أن وضعت قدمي علي السجادة الحمراء شعرت بارتباك شديد‏,‏ وكثيرا ما كنت أشد في البدلة من حين لآخر‏,‏ أو أضع يدي في جيبي وأخرجها من الربكة‏,‏ ولولا أنه كان معي أحد يرشدني كيف أسير وأتحرك لتحولت المسألة إلي مأساة‏,‏ ولكن ماحدث في نيويورك هو الأصعب‏,‏ عندما نادي السيد ريدلي سكوت علي اسمي وقال خالد النبوي من مصر لثانية شعرت بأنني لا أملك السيطرة علي جسمي‏,‏ وبصعوبة تمكنت من الوقوف ولم أستطع المشي إلي المسرح وتعامل باقي طاقم العمل الذي نودي اسمهم من بعدي علي أساس أن هذا بروتوكول‏.‏

·         كل هذه الحفاوة والتفاصيل التي عشتها ألم تكن كفيلة بأن تمحو آثار الهجوم الذي تعرضت له قبل نزول الفيلم؟

إلي حد ما‏,‏ خاصة أنني إلي الآن لم أستوعب ما حدث وأنني إلي الآن لم أصدق أن هناك من يهاجم شيئا بدون أن يراه‏,‏ معتمدين فقط علي تردد أو سمعنا والمفارقة أن الكثيرين ممن هاجموا الفيلم هم أنفسهم الذين يشيدون به الآن‏,‏ صدقيني اتهامي بالتواطؤ شيء صعب جدا علي نفسي وعلي المقربين مني‏.‏

·         رد الفعل العنيف من جانب البعض يبرره تاريخ حافل من جانب هوليوود تجاه العرب والمسلمين؟

أتفق معك‏,‏ ولكن ماذا عني أنا؟ هل أنا شخص مجهول؟ الناس متعرفنيش؟ يا تري مش أنا نفس الشخص اللي كان من أول المشاركين في الوفد المصري الشعبي الذي ذهب برا إلي العراق؟ رافضا الغزو الأمريكي ووقتها تم منعنا من التمثيل في الخليج‏,‏ ولم أتأخر أبدا عن المشاركة في مظاهرة أو أي مناسبة وطنية‏,‏ أتساءل لماذا أصبحت ذاكرتنا ضعيفة‏.‏

بانفعال تصوري أن هناك صحفية في بداية حياتها اتصلت بي وأوردت سلسلة من الاتهامات‏,‏ قاطعتها‏:‏ لكن الـ‏BBC‏ ولوس أنجلوس تايمز كتبتا كثيرا عني أشياء جيدة لماذا لا تنظرون إليها؟ علقت أصلي دي أخبار وحاجات كويسة وأنا عايزه الحاجات اللي فيها مشاكل‏..‏ تخيلي؟‏!‏

·         قاطعته‏..‏ فؤاد حداد بيقول عاشق بلادي بعبلها وبهبلها‏,‏ وأنت من عشاقه لذلك عليك أن تستوعب ما يحدث‏.‏

ضحك معلقا‏,‏ ولكن هذا مناخ لا يصنع أي نجاح ولا يحقق طموح‏.‏

·         بصراحة أنت لم تكن متخوفا من مشاركتك خاصة أنك ذهبت إلي أسبانيا لمقابلة ريدلي سكوت‏,‏ ولم تكن قد قرأت السيناريو؟

طبعا كان عندي هاجس‏,‏ ولكنني وثقت في نشوي الرويني‏,‏ التي تمت المسألة من خلالها‏,‏ وكان هناك شيء آخر يطمئنني هو إحساسي بالمخرج ريدلي سكوت‏,‏ والذي تستطيعين أن تقرأي نبله وفروسيته من خلال أفلامه‏,‏ ثم إنني حصلت علي نسخة السيناريو فور أن نزلت إلي مدريد وطوال طريقي من مدريد إلي أوسكا حيث كان المخرج ريدلي سكوت يصور خمس ساعات قرأت خلالها السيناريو‏.‏

أضاف‏:‏ صدقيني لو كنت أهدف إلي المشاركة في أفلام تسيء إلي العرب والمسلمين كنت عملت ده من عام‏97,‏ حيث جاءتني فرصة مع مخرجة أمريكية في فيلم من بطولتي‏,‏ ولكنني رفضت لأنني ببساطة لن أسيء إلي بلدي وإلي نفسي‏.‏

·         تجربتك الأمريكية مع صناع ورواد السينما في العالم كيف تراها مقارنة بحال السينما عندنا في مصر؟

المقارنة لا تجوز‏,‏ ولكن بشكل عام حال السينما لا ينفصل عن حال المجتمع‏,‏ لذلك فالسينما عندهم متقدمة لأنها تعبر عن حالهم‏,‏ أما نحن فالسينما تعبر عن حال تخلفنا‏,‏ وهذا ليس كلامي فقط بل كلام الأستاذ سلامه أحمد سلامة‏,‏ في الأهرام ويقوله كل يوم‏,‏ وهذا ما تؤكده أيضا مقالات د‏.‏ أنور عبدالملك‏,‏ ولكن ما يحزنني وهذا ليس مجاملة‏,‏ أننا نملك الإمكانات البشرية‏,‏ وأيضا المادية لكن للأسف لا نملك نية الفعل الصحيح‏.‏

·         هل ذلك يرجع من وجهة نظرك إلي أن صناع السينما عندنا لا يهتمون سوي بالفلوس؟

بانفعال مملكة الجنة حقق في أول أسبوع عرض‏100‏ مليون جنيه‏,‏ وهم يقدمون سينما جيدة الصنع‏,‏ وفي الوقت نفسه تحقق الإيرادات العالية لأنه ليس هناك تناقض‏,‏ فالجيد يجب أن ينجح أيضا ولكن كما قلت لك نية الفعل الصحيح إحنا بقينا مش حابين نعمل حاجة حلوة‏.‏

·         لو سألتك عن توقيت عرض فيلم مملكة الجنة سياسيا كيف تراه في ظل التوتر الذي يسود العلاقات العربية ـ الأمريكية؟

علقت علي مثل هذا السؤال في الـ لوس أنجلوس تايمز وهي من أكبر الجرائد الأمريكية مثل الأهرام وأهم جريدة في قارة أمريكا‏,‏ قائلا‏:‏ إن الفيلم جاء في توقيت مناسب تماما‏,‏ فنحن العرب نحاول جاهدين معرفة الآخر‏,‏ والآخر يجهلنا تماما ويتعامل معنا بأحكام مسبقة‏,‏ وذلك يحمل مخاطرة كبيرة‏,(‏ تصوري أنت معي‏)‏ فيلم نحن لسنا فيه شخصيات محورية‏,‏ ولكن الفيلم في نصفه الأول يتحدث عننا بسماحة شديدة ومع ظهورنا نقدم بشكل نبيل يعرض في‏6‏ آلاف شاشة علي مستوي العالم في نفس الوقت أي دعاية هذه‏,‏ وأي شرف لنا للمشاركة في مثل هذا العمل‏.‏

·     أثناء تصويرك لمشاهدك في الفيلم‏,‏ هل دارت بينك وبين طاقم العمل حوارات سياسية وتبادل آراء حول ما يحدث في العالم‏,‏ هل استقرأت بعض آرائهم في عالمنا العربي؟

للأسف معلوماتهم عن مصر والمنطقة العربية ضعيفة جدا وذلك أحزنني‏,‏ وأثناء نزولي إلي مصر في إحدي المرات‏,‏ اتصلت بـ إبراهيم المعلم وقلت له ما حدث‏,‏ وطلبت منه أن يعطيني نسخا من مؤلفات نجيب محفوظ بالإنجليزية‏,‏ وقمت عند عودتي لموقع التصوير بتوزيعها علي طاقم العمل‏.‏

صدقيني المسألة مش بس جمل وصحراء‏,‏ ولكن أصلا لم يتخيلوا أن عندنا سينما وممثلين موهوبين‏,‏ وهذا ما كنت أؤكد عليه طوال الوقت مع صديقي السوري غسان مسعود الذي جسد دور صلاح الدين‏.‏

·         بالنسبة لك يعني إيه مفهوم العالمية؟

لم أكن أدرك معني الكلمة جيدا‏,‏ ولكن صدقيني عندما قضيت‏28‏ ساعة طيران ما بين لندن والقاهرة وأمريكا وفي كل مطار كنت أجلس فيه ساعات ترانزيت‏,‏ وتأتيني تليفونات من أصدقاء في أمريكا وألمانيا‏,‏ ولندن والأردن وسوريا ومصر‏,‏ أدركت وقتها معني الكلمة‏,‏ كل هولاء البشر من ثقافات وجنسيات مختلفة يشاهدون الفيلم في نفس التوقيت‏.‏

·         شخصية رجل الدين التي قدمتها في مملكة الجنة كيف اشتغلت عليها دراميا؟

بداية علي أن أشيد بكاتب السيناريو ويليام مونوهان والذي أكد لي منذ أول مشهد في الفيلم أنه بحث كثيرا في الدين الإسلامي وعرف الكثير من مبادئه‏,‏ ويكفي أن أقول لك إن القرآن بالكامل كان موجودا علي الكمبيوتر الشخصي به‏,‏ مثلا لما أنا أقول إحنا مش هنا خد أسري زي ماهم عملوا‏,..‏ عندما ذبحوا أسرانا‏,‏ يعني ذلك أنه بيطبق مبدأ وقانونا إسلاميا‏,‏ السن بالسن والبادي أظلم كما أنه يدرك تماما أهمية رجل الدين‏,‏ وسطوته علي صلاح الدين‏,‏ والجيوش التي تحارب‏.‏

ولكن الصعوبة الحقيقية بالنسبة لي كانت في أن هذه هي المرة الأولي التي أمثل فيها بلغة غير لغتي‏,‏ المسألة مش بس إنني هتكلم إنجليزي‏,‏ ولكن كان لابد من أشعر بإيقاع الحوار لذلك احتجت إلي فترة تدريب طويلة مع نفسي ومع مدربة الحوار لأدرك إيقاع اللغة وأحس الجمل الحوارية‏.‏

·     مملكة الجنة دارت أحداثه قبل مجيء ريتشارد قلب الأسد‏,‏ إلي القدس بثلاث سنوات؟ ورغم ذلك حدث استدعاء للناصر صلاح الدين‏,‏ ليوسف شاهين‏,‏ عند بعض المشاهدين؟ هل حدث لك ذلك؟

أبدا لم استدع فيلم الناصر صلاح الدين لأنني تربيت ودربت نفسي سينمائيا علي المشاهدة‏,‏ فعندما أشاهد فيلما فأنا في حالة تركيز مع هذا الفيلم فقط‏,‏ أتابعه لكي أقرأ الرسائل التي يتضمنها أشاهد صورة‏,‏ حركة كاميرا‏,‏ شريط صورة يجذبني‏.‏

وقد يحدث وتأتي المقارنة بعد ذلك‏,‏ ولكن معي لم يحدث كما أننا هنا يجب أن نفرق بين فيلم صلاح الدين الذي يقدم لنا ولجمهورنا العربي‏,‏ في حين أن مملكة الجنة فيلم يخاطب الغرب‏.‏

·         قبل بداية تصوير مشاهدك في الفيلم هل قرأت عن تلك الفترة؟

بالتأكيد خاصة أنني كنت مهموما بحقيقة تسمية الحروب الصليبية‏,‏ والتي سماها البابا كذلك حتي يكون كل الأمراء تحت لوائه وهي حرب استعمارية بحتة لذلك أطلقنا عليها نحن العرب والمسلمين حروب الفرنجة‏,‏ ولم نصنفها كحرب دينية أبدا‏.‏

·         منذ متي اتخذت قرارا بأن تكون لك منطقة خاصة لا يشغلك الكم بقدر الكيف؟

بصراحة لا يوجد توقيت محدد‏,‏ ولكن الذي أعرفه أن ذلك حدث منذ اللحظة التي علمني فيها والدي أن أكون مختلفا ومنذ اليوم الذي تأكدت فيه من أن التمثيل مرتبط بالمجد والتاريخ يساوي أم كلثوم‏,‏ وعبدالحليم والريحاني وسعاد حسني والمليجي وفاتن حمامة‏.‏

·         هل عملك مع شاهين جعلك أكثر صلابة وأقوي في مواجهة التحدي؟ والتأكيد علي اختلافك؟

بنفس صراحة سؤالك أبدا‏,‏ لأنه ببساطة كان يمكن ألا أشارك في المهاجر خاصة أنني في نفس التوقيت كنت قد وقعت عقدا مع إيناس الدغيدي لفيلم ديسكو ـ ديسكو وكان هناك مشروع ضحك ولعب وجد‏,‏ مع طارق العريان وشجعتني إيناس الدغيدي لأنني كنت أخشي من تأخر تصويري معها وقالت لي أجر علي المهاجر صحيح خرجت منه وليس معي ثلاث جنيهات في جيبي ولكنه صنع ليعيش وللتاريخ‏.‏

·     دور البطل في مملكة الجنة والذي جسده أورلاندو بلوم الحداد الذي جاء ليخرج المياه ويزرع الأرض ويعلم سكان الإقطاعية‏,‏ البعض رأي فيه ملمحا من رام في المهاجر؟

لا أتخيل أن يفكر أحد بهذه الطريقة‏,‏ وأتساءل هل شاهد ريدلي سكوت‏,‏ المهاجر بالتأكيد لم يحدث‏,‏ ثم إن الذي علم رام في المهاجر هو الحكيم أوزير الذي جسد دوره سيد عبدالكريم‏,‏ هو الذي علمه‏,‏ ورام في المهاجر‏,‏ قال سأذهب إلي مصر أرض النور لأتعلم‏,‏ أما شخصية أورلاندو بلوم‏,‏ فدوره كمسئول عن إقطاعية ورثها عن أبيه النبيل أن يعمرها وطبيعة الأرض التي أخذها كانت صحراوية‏,‏ والمسألة غير مقصودة‏,‏ والمفارقة أن الكل يعرف تماما أن الحرب القادمة هي حرب المياه‏,‏ وجميعنا علي وعي بأن أزمة المياه تدق الأبواب‏,‏ ثم إن الحوار لم ينل القدس كلها بل هذه المنطقة‏.‏

·         تجربتك الجديدة في زي الهوي ما الذي شجعك علي الدخول فيها بعد فترة غياب عن السينما؟

الفيلم مختلف‏,‏ وبطل الفيلم يوسف عاجبني جدا فهو بين‏3‏ ستات في حياته‏,‏ شقيقته‏,‏ وعشيقته‏,‏ وحبيبته‏,‏ والطبيعي أن علاقته بحبيته تكون هي الأقوي‏,‏ولكن هو يهمه في المقام الأول شقيقته‏,‏ والفيلم يبحث في علاقة الرجل بالمرأة مع اختلاف مواقعها‏.‏

·         لماذا الحبيبة لا تكون معشوقة؟

يصمت‏,‏ سؤال رائع‏,‏ ولكن المشكلة أن‏95%‏ من الشباب المصري يعانون من ازدواجية غريبة ومقسمين البنات إلي حبيبة‏,‏ ورفيقة وأم العيال‏,‏ ونزوة لليلة‏,‏ وبشكل شخصي لي تجربة مع أصدقاء رجال أتذكر منهم واحدا بعينه كنت أقول له دائما أنت حيوان في معاملتك للستات بس كمان لا يصح أن تستسلم المرأة لحالها‏.‏

·         أستطيع أن أقول إنك معجب بهند الحناوي وشجاعتها؟

طبعا أقدر أقول وبشكل محدد معجب بشجاعتها دون الدخول في تفاصيل‏,‏ وأي مجتمع يحتاج إلي بدايات‏,‏ هدي شعراوي أصبحت رمزا‏,‏ وجاليلو مات من كانوا يرغبون في محاكمته‏,‏ وعاش هو ونظرياته‏.‏

·         خالد هل تري أنك تدفع ثمن قراراتك واختلافك؟

كان عندي أمل أن نحترم الاختلاف‏,‏ ولكن كلام محمود سعد في حواره معي أحبطني‏,‏ عندما أكد لي أننا لم نعد نعرف الاختلاف الذي هو قانون رباني وأتساءل كيف نقدر أن نقف أمام هذا المبدأ‏,‏ هل أصبحنا قليلي الإيمان‏*‏

خالد النبوي

‏-‏ مواليد‏12/9‏

‏-‏ برج العذراء

‏-‏خريج المعهد العالي للسينما‏1989‏

‏-‏ قدم‏13‏ فيلما سينمائيا‏,‏ آخرها مملكة الجنة

‏-‏ ومن أفلامه‏:‏ مواطن مصري‏,‏ ديسكو‏..‏ ديسكو‏,‏ المهاجر‏,‏ عمر‏2000,‏ فتاة من إسرائيل‏,‏ المصير‏.‏

‏-‏ قدم‏5‏ مسرحيات‏:‏ لعب عيال‏,‏ رسائل قاضي أشبيلية‏,‏ دكتور زعتر‏,‏ البحر بيضحك ليه‏,‏ الجنزير‏.‏

‏-5‏ مسلسلات‏:‏ بوابة الحلواني‏,‏ نحن لا نزرع الشوك‏,‏ رجل طموح‏,‏ حديث الصباح والمساء‏,‏ مسألة مبدأ‏.‏

‏-‏ يعشق أصوات‏:‏ عبدالحليم‏,‏ أم كلثوم‏,‏ محمد فوزي‏,‏ عبدالوهاب‏,‏ محمد منير‏,‏ فايزة أحمد‏,‏ وردة‏,‏ شادية‏,‏ علي الحجار‏,‏ محمد فؤاد‏,‏ وشيرين‏,‏ أصالة‏,‏ كارول سماحة‏,‏ أنغام‏.‏

عمرو دياب يجعله يعيش حالة خاصة مع أبنائه كريم ونور‏.‏

ألوانه المفضلة‏:‏ الأبيض‏,‏ الأسود‏,‏ الأحمر‏.‏

علي هامش الحوار

‏-‏ عندما سألته عن حال السينما قال‏:‏ نحن في لحظة تاريخية مربكة ومرتبكة‏,‏ ليس فقط في السينما‏,‏ بل في جميع أوضاعنا‏.‏

‏-‏ هوجة الاحتكار التي أصبحت تجتاح السينما‏,‏ علق‏:‏ أنا لست مع الاحتكار أو ضده‏,‏ لأنه قد يكون مفيدا لو تم في إطار يدعم الفنان ولا يضره ولا يحد من طاقته أو يهدرها‏,‏ كما أن المسألة تتوقف بالأساس علي مدي موهبة الفنان وإخلاصه لفنه‏,‏ مثل حالة محمد فؤاد وعمرو دياب‏.‏

‏-‏ محمد منير يظل حالة استثنائية في تاريخنا‏,‏ لأنه الوحيد القادر علي فرض شروطه‏.‏

‏-‏ ظاهرة أفلام الـ‏16‏ مللي‏,‏ أتصور أنها قد تكون مفيدة‏,‏ لو تم من خلالها تقديم وجوه جديدة من ممثلين وممثلات ومخرجين‏,‏ وكتاب ومصورين

‏-‏ أتمني العودة إلي خشبة المسرح بعد غياب دام‏8‏ سنوات‏,‏ لكنني أرغب في تقديم عمل يمس الناس بعيدا عن إعادة تقديم التراث العالمي‏.‏

‏-‏ فيلم نفرتيتي حتي الآن يظل مشروعا لا أعلم عنه شيئا‏,‏ وكل الأخبار التي تنشر عنه ليس لها أساس من الصحة‏,‏ والمسألة حتي الآن لا تخرج عن إطار حفل استقبال حضرناه أنا وزملائي‏.‏

‏-‏ علي استعداد أن أكرر تجربة تقديم البرامج لو هناك فكرة جريئة‏,‏ خاصة أنني استفدت من تجربتي السابقتين في أبوظبي و‏art.

‏-‏ نعم عملت مع مخرجين متنوعي الاتجاهات‏,‏ وذلك أفادني ودعمني‏,‏ ولن أتوقف عن البحث عن كل ما هو جديد ومختلف‏.

الأهرام العربي في

28.05.2005

 
 

خالد النبوي يحكي عن تجربته في دخول الجنة والخروج منها

قصة الممثل السوري غسان وإلغاء مشهد الصليب!

كتب- نادر أحمد

منذ اللحظة الأولي لعرض فيلم "مملكة الجنة" وهو يثير الكثير من الجدل وكانت الجمهورية "سباقة" عندما تناولت الفيلم بالنقد والتحليل من خلال مقال للناقد السينمائي الكبير سمير فريد.. وفي هذا التحقيق نستعرض وجهات نظر وآراء اثنين من نجوم العرب الذين شاركوا في الفيلم.

أكد الممثل السوري غسان مسعود والذي قام بأداء شخصية القائد العربي صلاح الدين الأيوبي في الفيلم العالمي "مملكة الجنة" بأنه تمكن من إقناع مخرج الفيلم المخضرم ريدلي سكوت بتغيير مشهدين من أهم مشاهد الفيلم وكان من الممكن ان تترك أثراً سلبياً لدي المشاهد العربي المسلم والأجنبي المسيحي وذلك لعدم معرفة الغرب بالشخصية العربية وفلسفة حياتهم اليومية.

وفي المشهد يحرق بعض المسلمين الكتب والمؤلفات ولكني قلت له ان العرب مازالوا يعانون حتي الآن من حرق المغول لمكتبة بغداد.. واعتبروا ذلك اشارة للقضاء علي تاريخهم الأدبي والفلسفي.. ولذلك لن يقعوا في هذا الخطأ بحرق أي أوراق أو كتب أخري. وإذا استمر هذا المشهد فلن يوافق عليه العرب إطلاقاً فما كان من المخرج ريدلي سكوت إلا إلغاء المشهد وشطبه.

أما المشهد الثاني فكان خاصاً بي حيث كنت أسير علي الأرض.. والصليب ملقي علي الأرض بين الحطام بفعل الحرب.. وكانت هناك ثلاث كاميرات تحوطني من بينها كاميرا تصورني من أسفل.. وتوضح كيف أنني أطيء الأرض وقدمي بجانب الصليب. فتوقفت وقلت لريدلي سكوت أن صلاح الدين الأيوبي لا يمكن أن يسير علي الأرض بجانب الصليب.. خاصة ان جيشه به جنود مسيحيون بل ان له مستشارين مسيحيين وهو لا يمكن أن يفكر باهانتهم في رمزهم.. فقام المخرج برفع الصليب وتركه علي الطاولة بعد أن اقتنع بوجهة نظري كعربي فيما يحدث.

وقال مسعود: المخرج تسيطر علي وجدانه قيمة الفروسية.. وهذه هي القيمة العليا له.. وهو يشتغل أفلامه بدون أن يتعاون مع حكومات ما أو أي لوبي ولكنه يخدم ويقدم أحلامه وأفكاره فقط. وهنا أحب الاشارة إلي شائعة انطلقت بأن الفيلم ضد الاسلام وان هناك عرباً يشاركون فيه.. وهو كلام سطحي لأن الذين رددوا ذلك لا يعرفوننا ولا نريد أن نأخذ دروساً في الوطنية. وقيل ان خالد النبوي ظهر في مشهدين وأنا في أربعة مشاهد.. وأنا لا أرد علي ذلك ولكن أدعوهم علي أن يشاهدوا الفيلم أولاً.. وأعتب علي فنانين كبار يعملون في الابداع ويرددون نفس العبارات في الصحف والفضائيات.

وعن أهمية هذا الفيلم: في هذا التوقيت قال غسان: هذا الفيلم ضروري الآن.. وضروري عام ..1967 وضروري عام ..1948 بل أنه ضروري في كل وقت.. فهل ما حدث في المنطقة انتهي لكي نقول ان هذا الفيلم جاء في وقته أو في غير وقته... أن ريدلي سكوت أراد أن يقول ان العنف يولد العنف.. وأن ما يحدث هو صراع الحضارات.

من هو غسان؟

يعتبر غسان مسعود واحداً من أهم وأكبر ممثلي سوريا وقد قام ببطولة وإخراج أكثر من عشر مسرحيات حازت علي جوائز في مهرجانات مسرحية كبيرة في القاهرة وقرطاج وبيروت والكويت.. كما أنه يشارك كل عام في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي علي مدي 15 عاماً. وفي مجال التليفزيون له أكثر من 60 عملاً تليفزيونياً ما بين دراما تاريخية وكوميدية واجتماعية.. ومن أهم أعماله الحجاج وصقر قريش وانشودة المطر.

يذكر ان غسان مسعود الذي أبهر الجميع من خلال دوره لشخصية صلاح الدين الأيوبي في الفيلم العالمي "مملكة الجنة" قد شارك أيضاً في فيلمين من انتاج الشركات الأجنبية أحدهما "المتبقي" إنتاج إيراني. والآخر "فتاة شرقية" انتاج لبناني فرنسي مشترك.

فخور بالتجربة

وقال الفنان خالد النبوي: المخرج ريدلي سكوت مثلما هو مخرج عظيم.. هو إنسان عظيم يقرأ التاريخ بدون غرض والفيلم وصلت تكلفته 130 مليون دولار بتكلفة في اليوم الواحد ما بين 400 ألف و500 ألف دولار.. أما بالنسبة لدوري فكان شخصية "الملا" الزعيم الديني العربي والذي كان يدعو للكفاح ويشارك في الحرب واعتبر هذا الدور نقطة تحول إلي الانطلاق فلقد أسعدني أن أتواجد في هذا الفيلم الكبير برغم قلة المشاهد التي قمت بها ولكن أحب أن أوضح بأن هناك ممثلين كثيرين حذفت لهم مشاهد كثيرة لأن الفيلم وصل زمنه إلي 3 ساعات و20 دقيقة وتم حذف ساعة بأكملها.. وبطلة الفيلم إيفا جرين حذف لها 30% من مشاهدها وهذا يحدث دائماً في هوليوود فالاستديو له كلمة وتأثير.. وعامة فريدلي سكوت أعاد أكثر من 40 دقيقة ولكن سيعرض من خلال ال DVD.

والسينما الامريكية هي أفضل سينما في العالم وعندما تعمل مع أحد أبنائها فهي نقطة هامة في تاريخ الفنان والتعامل مع ريدلي سكوت يختلف.. فالمخرج لم يعطني أوامر في الأداء.. ولكن كان يقول لو كنت مكانك لكنت فعلت كذا وكذا.. ثم يأخذ رأيي فيما يقوله.. وكأنه يدعوني للمشاركة ويشعرني بأن هذا ليس فيلمه وحده وانما فيلمنا كلنا.

وقد جلست مع المؤلف وتناقشت معه في الشخصية والفيلم عامة ووجدت أن ريدلي سكوت نفسه لا يستطيع ان يضيف جملة حوار إلا بعد الرجوع للمؤلف والذي كان موجوداً طوال الوقت وقد قال لي سكوت انه كان يتمني إخراج هذا الفيلم منذ سنوات طويلة وهو رجل شجاع جداً لعمل الفيلم في هذا التوقيت ومثلما عنده الشجاعة لينتقد قومه ويجب أن تكون عندنا الشجاعة لننتقد أنفسنا.

وقد قرأت السيناريو في رحلتي بالسيارة من مدريد إلي برشلونة ووجدت بعداً فلسفياً في الحوار.. ويجب ألا توجد مقارنة بين فيلم مملكة الجنة لريدلي سكوت وبين الناصر صلاح الدين الأيوبي فالمخرج سكوت مخرج غربي يقدم فيلما عن الصليبيين. وفيلم صلاح الدين يتحدث عن القائد العربي وهذا هو العكس وطبيعي ففيلم شاهين موجه لجمهور عربي وفيلم مملكة الجنة موجه للغرب. مع الاشارة بأن ريدلي سكوت لم يشاهد فيلم صلاح الدين ليوسف شاهين.. وانما شاهد عدداً من الحلقات للمسلسل السوري صلاح الدين والذي لعب شخصيته الممثل السوري جمال سليمان.

الجمهورية المصرية في

30.05.2005

 
 

د. رفيق الصبان يكتب عن

«مملكة الجنة» و«حرب الكواكب»

فيلمان أمريكيان يكتسحان الشاشات في العالم

* النجم السوري غسان مسعود يدق أبواب العالمية بقوة بعد نجاحه اللافت في دور صلاح الدين

* في أمريكا ينام الجمهور علي الرصيف انتظاراً لدوره في مشاهدة حرب الكواكب.. وفي مصر القاعات التي تعرضه فارغة!

فيلمان أمريكيان كبيران يكتسحان شاشات العالم بأسره هذا الصيف.. فيلمان يعكسان بشكل حقيقي.. حالة السينما أو اتجاهاتها وما تريد أن تقوله وما تريد أن توحي به وما تريد أن يتسلل إلي دماغنا بهدوء وثقة ودون أية مقاومة ظاهرة أو خطبة منا.

الفيلم الأول.. ينظر إلي الماضي.. ويحلله ويسقط عليه إسقاطات معاصرة مثيرة للدهشة.. والثاني.. ينظر إلي المستقبل ويحمله كل ما يريد أن يحمله من تفسيرات ونبوءات وأوهام.

سواء الفيلم الأول أو الفيلم الثاني قد تكلفا مئات الملايين وشحذت لهما دعاية مسبقة لا مثيل لها.. وعقدت عليهما هوليوود الآمال في تحقيق أرباح خيالية.. ولم لا.. مادامت هوليوود هذه المرة تقامر علي الماضي والمستقبل معا.. موجهة أسلحتها الثقيلة إلي جمهور الحاضر.

الفيلم الأول هو «مملكة السماء» الذي أخرجه الإنجليزي المدهش ريدلي سكوت ويصور جزءاً من مدينة القدس بعد فترة هدنة طويلة بين ملكها الأوروبي والقائد الأوروبي سقطت إثر موت هذا الملك المسالم.. وتولي أحد المحافظين المتعصبين دينيا مسئولية السلطة وحكم المدينة المقدسة.

دون حاجة إلي تفسير الرموز الكثيرة الموجودة وراء الأحداث.. يمكن تبين الفكرة الرئيسية التي ينهض عليها الفيلم ويحاول الدفاع عنها باستماتة.

أما الفيلم الثاني فهو «حرب الكواكب» الذي أخرجه بنفسه هذه المرة مبدع الفكرة الرئيسية التي ينهض عليها الفيلم بأجزائه الكثيرة التي أخرج بعضها مخرجون مختلفون والتي حققت للسينما الأريكية أرباحا غير مسبوقة في تاريخ السينما كله والتي تجاوزت ميزانيات ثلاث دول صغيرة مجتمعة.

الجزء الأخير الذي حاول مخرجه «لوكاس» أن يجمع فيه كل ما يمكن للخيال البشري أن يحققه من معارك خيالية وديكورات تتجاوز كل ما رأيناه.. وخدع وصلت إلي حد الإدهاش الذي لا يمكن مقاومته.. كل ذلك يقوم هذه المرة لا علي مغامرات خيالية تسحر الأطفال والكبار معا.. وإنما علي رؤية سياسية ذات مضمون مباشر حول السلطة المطلقة التي يمكن أن تحوز عليها فئة واحدة.. (ولم لا تقول دولة واحدة؟) أو رجل واحد.. والتي تجعل من يحلم بها ينسي كل قيم الشرف والوفاء والعدل والأحاسيس الإنسانية (هل هناك لدي سكان هذه الكواكب أحاسيس إنسانية لكي يحقق مبتغاه وغايته.. وكيف ينقلب إنسان مثالي.. عاشق ومحب للعدل.. إلي إنسان يكفر بكل شيء في سبيل تحقيق غايته الكبري.. يقوده في ذلك مستشار شيطاني تسلل إلي دماغه وغسله وجعله يسير بأوامره لكي يستأثر بسلطة مطلقة.. ويحطم في سبيل الحصول عليها كل ما آمن به حتي الآن ويغدر حتي بأقرب الأصدقاء إليه.. ولا يبقي في قلبه إلا حب عنيف لامرأته الحامل التي تحاول جاهدة أن تعيده إلي صوابه.. قبل أن تموت إثر وضعها توأمين من وليد ووليدة يمكن لهما في أجزاء لاحقة أن يعيدا للإنسانية جزءاً من حلمها القديم الذي دمره الطموح الأعمي والرغبة الهوجاء في الوصول إلي سلطة مطلقة والتحكم في مملكة النجوم كلها (!!)

كما نري الفيلمان يتحدثان.. سواء عادا إلي الماضي.. أو تخيلا المستقبل إلي مشكلة حاضرة قائمة تؤرقنا جميعا.. ونعيش في أتون نارها المحرقة.

في «مملكة السماء» نظرة روحية شفافة.. وحيادية رائعة في وصف الأحداث.. من خلال قائدين كبيرين ملك مسيحي يخفي وجهه المصاب بالجذام وراء قناع من فضة.. وقائد عربي يضع خوذة شرقية تخفي معالم وجهه ولا تظهر منه إلا عينان متقدتان بنار الحماس والإيمان والعدل.

رجلان يقفان وحدهما في مواجهة مدهشة.. بينما يقف خلف كل منهما جيش يحمل كل أدوات الموت وسلاح النار والإبادة.. وينتظر الإشارة الدرامية المؤلمة لبدء الدمار والحرق والقتل.

وفي كلا المعسكرين متطرفون وغلاة يدعون للحرب ويكرهون فكرة السلام وما يمكن أن تحققه من أمان للمواطنين البسطاء الذين يدفعون وحدهم ثمن الجنون الإنساني والتعصب الديني الأحمق.. سواء في الجانب العربي أو الجانب الصليبي يقف كل من الملك المسيحي والقائد العربي وقفة النبل والشرف.. فيتصدون لهؤلاء الغلاة الذين يودون وأد السلام الوليد بأية طريقة.

والفيلم يرينا بشكل غير مباشر.. شنق هؤلاء المتطرفين الدينيين المسيحيين في ساحات القدس بأمر من ملكها الصليبي.. كما يرينا عدم استجابة صلاح الدين لمطالب قواده الذين ينشدون الحرب بأية طريقة مستغلين قوة الجيش الإسلامي آنذاك وضعف القوات المسيحية.. ويلعب دور واحد من هؤلاء (الغلاة) الممثل العربي خالد النبوي في دور هامشي لا يتجاوز عدة جمل حوارية.. بينما يقوم الممثل السوري غسان مسعود بلعب شخصية القائد صلاح الدين.. مستعينا بقوة تعبير عينيه وقسوة شفاهه (الفيلم لا يرينا وجهه كاملا.. في أية لقطة) وجمال ورخامة صوته وذكورة تعبيره الجسدي.

غسان مسعود في هذا الدور يكتب شهادة عالمية لفنه وللفن العربي بوجه عام وقد أكد قولي هذا شهادة النقاد الأجانب كلهم من أوروبيين وأمريكيين بروعة أدائه.. وتأثير شخصيته.

لا أدري إذا كان هذا الدور سيتيح لـ «غسان مسعود» أن يلعب دورا عربيا مؤثرا في السينما الأمريكية.. كما فعل من قبله عمر الشريف.. ولكنه مهما كانت النتائج قد كتب سطرا من نار ونور في هذا الفيلم البديع الذي يبرق بحيادية نظرته.. وبتأكيده وإيمانه بفكرة السلام الممكنة رغم جهود وتأثير المتعصبين الدينيين في كل جانب من جوانب القتال.

في مملكة السماء قصة عاطفية سلسة تلعب في خلفيتها موسيقي عاطفية مؤثرة وتزيدها تمكنا في الذاكرة.. وتأثيرا علي العين.. ديكورات خلابة وأزياء مدروسة بعناية فائقة.

وهناك معارك أدارها ريدلي سكوت بتكنيك يخطف البصر أثبت قدرته في فيلميه السابقين (المصارع، وسقوط النسر الأسود).. فمعركة القدس وسقوطها في أيدي المسلمين لا يمكن أن تغيب عن الذاكرة.. وستبقي في أرشيف السينما مثلا كلاسيكيا لما يمكن أن يفعله مخرج واسع الخيال عندما يرغب في تقديم معركة كبري.. يعطيها كل أبهتها وتأثيرها وجمالياتها دون أن يسقط في فخ التعبير التجاري المتداول.

أرولاندو بلوم الذي يلعب للمرة الأولي دور بطولة كبري في فيلم ملحمي لكنه الملايين يخرج من (المعركة) دون فوز ساحق.. ودون جراح كثيرة.. فوجهه الرومانسي الذي يذكرنا برومانسية بعض نجوم الخمسينيات كـ «جيرار فيليب» الفرنسي أو مونتجري كليفت الأمريكي.. قد أعطاه مسحة عاطفية تقنعه وجعل للشجن في أعماق عينيه معني سحرياً مؤثراً.

في المقابل لم ينجح الممثل الشاب في (حرب النجوم) في إعطاء هذا البعد الرومانسي المطلوب في دوره رغم أن هذا البعد كان جزءاً أساسيا من الشخصية ومن الصراع الذي تدور حوله الأحداث.. ولعل اختيار (أبوان مال كراجر) الذي أدهشنا في فيلم (الطاحونة الحمراء) كان وراء إعطاء البعد الرومانسي للشخصية.. ولكن الإبهار التقني الذي حرص عليه «بول لوكاس» مخرج الفيلم قد رمي بظله الثقيل علي رومانسية الفيلم.. ولم تنجح اللقاءات العاطفية في كسر هذا الطوق الجليدي.. لأن مخرج الفيلم لم يكن كما يبدو شاعرا بها تماما.. وجعلها تتوه في ثنايا المعارك والنيران والصراعات الأسطورية بين المخلوقات الحية والمخلوقات الآلية.

لا يمكن النكران في أن الخيال السينمائي قد وصل إلي أقصي درجاته في هذا الجزء من حرب الكواكب.. وأن المعارك بين السيوف النورانية وبين الآلات الضخمة المتحركة.. وبين الشهب النارية.. كل ذلك في إطار ديكورات تفوق الخيال ولا يمكن تصورها في أي فيلم آخر من هذا النوع.. ولكن كل ذلك قد سقط سريعا في هوة التكرار والبعد عن المفاجأة.. وأغرق الخيط العاطفي واضاعه تماما.. كما جعلنا نبتعد عن الخلفية السياسية والفلسفية التي تعمد الفيلم أن يركز عليها أكثر من تركيزه علي البعد العاطفي.. أي أرادنا أن ننظر بعقلنا لا أن نعود إلي دقات قلوبنا.

ولكن كيف يمكن للعقل أن يتحرك ويحكم.. والنيران تحيطه من كل جانب.. والقصف وطلقات المدافع الرشاشة وتحركات الجنود الآليين.. تسيطر علي كل الأجواء وتمنعه من اللجوء إلي عقله لحظة واحدة.. لأن الرجوع للعقل يحتاج إلي شيء من الهدوء.. والهدوء هو آخر ما يمكن أن تعثر عليه في هذا الجزء الأخير من حرب الكواكب.

هذا الجزء قدم لنا.. وجها جديدا هو هايدن كريستنسن الذي أعتقد أنه يشق طريقه قريبا إلي نجومية محتمة يستحقها في دور صديق البطل الذي يغدر به بطلنا الطامح للسلطة.. ولكنه يتمكن في آخر لحظة من حرقه.. وينجو بولديه التوأمين.. إلي عالم آخر بعيد عن العنف والنار وجنون الحكم.

ناتالي مورتمان.. التي تصعد إلي قمة النجومية بسرعة مذهلة (كان لها فيلمان في المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» هذا العام) تلعب دورا عاطفيا خنقته الضجة والعنف والإبهار التقني. بينما يعود صمويل جاكسون وكريستوفر لي إلي أداء أدوارهما النمطية دون روح ودون حماس. الأخبار الآتية من أمريكا.. تخبرنا بأن الجمهور المتشوق لرؤية هذا الجزء الأخير من حرب النجوم ينام علي الأرصفة.. منتظرا دوره للحصول علي بطاقة دخول تمكنه من مشاهدة الفيلم بعد أسبوع علي الأقل من شرائه التذكرة (!!)

ولكن القاعة المصرية التي كانت تقدم العرض.. كانت شبه فارغة والحماس القليل وشيء من الملل كان ينتاب المتفرج المصري وهو يشاهد هذه الحروب الكونية المليئة بالعنف والجثث (جثث الجنود الآليين «أو الروبوت») لأن مشاهد الحرب الحقيقية التي يراها علي شاشة التلفزة كل يوم والمنقولة عن أحداث العراق وأفغانستان وفلسطين أشد إثارة لاهتمامه وإيقاظا لعواطفه من حرب الكواكب هذه التي لا تهمه بكثير أو قليل رغم محاولاتها إسقاط أفكارها علي عالمنا المعاصر.

لقد انتصر الواقع علي الخيال.. والموت الحقيقي بجثث البشر الحقيقيين علي الموت المتخيل الذي ينتظرنا كما تتوقع هوليوود بعد مئات السنين (والأفضل أن أقول عشرات السنين).

كما انتصرت معركة الأمس في (مملكة السماء) علي معركة الغد في (حرب الكواكب) وظلت معارك اليوم التي تدور حولنا.. بعيدة عن الشاشة.. إلا من خلال الرمز أو الإسقاط.

فهل هناك يا تري سبب قوي يجعل السينما في العالم سينما الماضي والمستقبل.. ويبعدها عن رؤية الواقع الدامي المليء بالمآسي.. بعين الفن والعقل والخيال.

لعل هذا ما ننتظره حقا من سينمائيي اليوم.. عوضا عن العودة إلي معارك الماضي.. وتصور معارك المستقبل.

أو ليست السينما أولا وقبل كل شيء.. هي مرآة الحاضر.

جريدة القاهرة في

31.05.2005

 
 

دخل هوليوود من بوابة "مملكة الجنة"

غسان مسعود: صلاح الدين غزا الغرب بلا فضائيات

القاهرة - زينب هاشم

بعد النجاح الذي حققه الممثل السوري غسان مسعود من خلال أعمال مسرحية قام بإخراجها وبطولتها، والعديد من الأعمال التلفزيونية في سوريا، جاءت تجربة فيلم “مملكة الجنة” خطوة جديدة مختلفة نحو نجاح آخر على مستوى السينما العالمية، وهو ما قدمه له المخرج ريدلي سكوت في الفترة الأخيرة عندما رشحه ليكون أحد أبطال هذا الفيلم العالمي. فإذا كان غسان نجح من قبل هذه التجربة وعرف معنى النجومية، فبالتأكيد أن النجاح هنا مختلف، والنجومية لها شكل آخر، التقينا النجم السوري في القاهرة خلال وجوده فيها مؤخراً لنتعرف الى مردود التجربة ورحلته معها.

·         بداية نود التعرف الى تاريخك الفني في سوريا؟

أولاً أنا مسرحي ومنحت الامتياز بالتدريس والتمثيل وبالإخراج المسرحي وحصلت على العديد من الجوائز، وفى التلفزيون لي أعمال كثيرة لن استطيع حصرها، كما قدمت أيضا برنامجا في الإذاعة من إعدادي وتقديمي، أما السينما فيعد هذا العمل التجربة الثالثة لي بعد أن شاركت في فيلم إيراني بعنوان “المتبقي” وآخر بعنوان “فتاة شرقية” وحصلت على جائزة أحسن تمثيل عن أحد أعمالي المسرحية والعديد من الجوائز الأخرى.

·         كيف رشحت لفيلم “مملكة الجنة”؟ وهل هناك اختبارات خضعت لها؟

رشحت عبر اختبار تمثيل عن طريق شركة “بيراميديا” من خلال نشوى الرويني وتحدثت أمام الكاميرا جملتين فقط بالإنجليزية أرسلتا إلى المخرج العالمي ريدلي سكوت في أمريكا ثم دعيت بعد شهر إلى إسبانيا ومثلت مشهداً واحداً أمام الكاميرا مع أحد مساعدي سكوت، وفي اليوم التالي طلبني للقائه ودار بيننا حوار طويل تحدثنا فيه عن كل شيء عدا شخصية صلاح الدين، ثم التقيته وسألني: هل صلاح الدين رجل دولة أم رجل حرب؟ فقلت له: “رجل دولة”، وهكذا اخترت للفيلم.

·         ولماذا كنت مقلا في أعمالك السينمائية قبل هذا الفيلم؟

ليس لدي أسباب واضحة، ولا أعرف، ربما يعود لضعف الإنتاج السينمائي السوري، ولكنني أميل للعمل الجيد دائماً لذلك رحبت بهذه الفكرة عندما عرضت عليّ ووجدت أنها ستكون فرصة جيدة مع مخرج عالمي.

·         ذكرت من قبل أنك بحثت في شخصية صلاح الدين فما نوع البحث الذي قمت به؟

بالدرجة الأولى اهتممت بالبحث عن طريق القراءة والبناء المعرفي وهما أمران طبيعيان لأنني تصديت لشخصية مثيرة للجدل ومليئة بالأحداث كما أنها شخصية تاريخية، قرأت كل المراجع التاريخية التي كتبت إيجاباً وسلباً عن صلاح الدين، وبالطبع كان هناك كثير من الأشياء لا أصدقها في هذه القراءات وأخرى صدقتها، وهناك استنتاجات كثيرة توصلت بها إلى بنية هذه الشخصية بشكل عام لأنه قد يكتب عن أي شخصية مؤرخ يجلس في ديوانها فلا يكتب عنها سلباً وعندما يكون المؤرخ ضدها لا يكتب إلا بالضد، وكان عليّ أن أقف بين الاثنين لأستنتج ماذا عن هذه الشخصية وما هو التوصيف المنطقي لها وكان هذا أهم جانب في البحث لديّ.

·         ما أهم النقاط البارزة التي اتفقت بين قراءتك وبين الأجزاء المكتوبة في السيناريو؟

النقاط البارزة كانت في التركيز على الدهاء والعبقرية التي كانت عند صلاح الدين كقائد تاريخي ورجل دولة، هذا الدهاء الذي كان يمكنه دائماً من أن يخوض الحرب والسياسة بنجاح.. وجعل له جمهورا من الأعداء في الغرب ولكنهم يحترمونه، بمعنى أنه عاش في فترة لم يكن هناك إعلام، ولو كان موجودا لم يكن هناك حضور له مثل الآن. وصلت صورة صلاح الدين الفارس النبيل المتسامح القوي كما ينبغي للغرب بسرعة فائقة وكأنه كان يملك فضائيات.

الأقرب

·         تردد أن اللجنة أكدت على أنك اقرب المشابهين لشخصية صلاح الدين في الملامح فهل هذا صحيح؟

هذا صحيح لأنه كان من المفترض أن تقدم شخصية صلاح الدين على نحوين إما أن نقدمه رجلا عريض المنكبين عضلاته بارزة، وهكذا نكون تناولنا صورة البطل الساذجة والسطحية، وأعتقد أن مخرج بوزن ريدلي سكوت لن يقدم هذه القراءة لأنها ستكون ضد الصورة الحقيقية لشخصية صلاح الدين، الذي لم يكن ذلك الجبار بجسده، بل بعقله وتفكيره لثقل هذه الثقافة السياسية العالية عنده وهذه هي الرؤية الثانية، وبالتالي كان لابد من البحث عن وجه صلاح الدين وليس ضخامة عضلاته فيبدو أن هذه الرؤية طرأت على ذهن ريدلي سكوت عندما كانوا يعملون على الشخصية وعندما رأى وجهي وموهبتي التي لا بأس بها قبلني فورا في دور صلاح الدين.

·         تردد أيضاً أن السبب أنك قريب الشبه بالفنان الراحل أحمد مظهر؟

هذه الإشارات عن الشبه مع الفنان الكبير أحمد مظهر سمعتها منذ زمن بعيد وليس من خلال الفيلم فقط، وعندي جمهوري في سوريا والوطن العربي، وهو جمهور جيد يتابع أعمالي وسمعت منهم هذا الحديث ومن كثير من جمهور الخليج أيضا، ولم يكن هذا يؤذيني، أحمد مظهر فنان عظيم وتاريخ طويل، وشرف لي أن أكون شبيها له في شيء فهذا يشرفني، وشاهدته بالفعل في فيلم “الناصر صلاح الدين” وكان عظيما وأكثر من رائع، ولكن لسنا بصدد المقارنة هنا.

·     عندما شاهدت الفيلم لاحظت أن المخرج يعتمد على نظراتك في التعبير عن كثير من المواقف، وذلك في المقام الأول، فهل هذا كان موجودا في السيناريو أم قررت أن تؤدي أداء مكافئا للحوار بقدراتك التمثيلية؟

هذا خيال أدائي لأنه قد يأتي ممثل يقرأ النص بطريقة ما ويأتي ممثل آخر قد يكون أكثر موهبة مني ويقرأه بطريقة أفضل، وممثل ثالث أقل قدرة مني وموهبة قد يميل إلى أسلوب مختلف عن الأول والثاني، ورأيت أن يكون بهذا الأسلوب ووافق المخرج على هذا الاتجاه.

·     ذكرت في المؤتمر الصحافي الذي عقد في القاهرة أنك غيرت في مشهد حمل الصليب في الفيلم فهل كانت هناك مناقشات بينك وبين المخرج حول هذا المشهد؟

نعم مشهد حمل الصليب كان نتيجة لمناقشات بيني وبين المخرج وانتهينا إلى هذه الطريقة، وأعتقد أن هذا كان في رأيي مرضيا وسمعت الكثير من الإطراء على هذا المشهد تحديدا، وذلك عندما ارتفعت بالصليب عندما كان ملقى على الأرض، وكانت وجهة نظري أن يكون الصليب فوق شيء عال وبذلك حاولنا أن نعطي صلاح الدين صورة من التسامح واحترام الأديان، وهذه حقيقة، لأن الإسلام يحترم كل الأديان.

قلق

·         متى شاهدت الفيلم للمرة الأولى؟

في لندن في حفل الافتتاح، وكان شعوري عظيما جدا، فبعد القلق الكبير الذي كان يتملك مشاعري شعرت بمجرد مشاهدتي له براحة كبيرة، والقلق سببه أنه كان هناك بعض التشكيك في العمل بشكل عام، وكان دائماً هناك تساؤلات ماذا سيفعل غسان في الفيلم، وأيضا خالد النبوي، وكنت دائماً أقول للجميع دعونا نشاهد الفيلم أولاً وهذا أيضا بالنسبة للصحافة والفضائيات العالمية التي كانت تقف عند البساط الأحمر، ورفضت التعليق على أي شيء مردداً دعونا نرى الفيلم ثم نتحدث.

·         وماذا عن الشجن والرومانسية التي قدمت بها هذه الشخصية الحربية؟

الشجن والرومانسية رافقا أعمال ريدلي سكوت حتى في أكثر الأعمال حروباً، فكان يقدم الشجن من قلب الدماء، كما أن عنصر الموسيقا في الفيلم يعطي إحساسا رومانسيا وشفافا وبه شيء من الشجن والحزن، لأن هذه الأشياء لها علاقة بعالم ووجدان ريدلي سكوت المخرج، وهذه ميزته بين المخرجين.

·         في رأيك ما أفضل الجمل الحوارية في الفيلم؟

المشهد الأخير عندما يقول له: “ماذا تمثل القدس؟” فأجاب: “لا شيء.. كل شيء” هذه الجملة هي التي جعلتني أوافق على الدور كله فهي جملة عبقرية وتلخص كل شيء يريد أن يقوله السيناريو والفيلم أيضا.

·         هل يعد هذا الفيلم جزءا أول لفيلم عن الناصر صلاح الدين؟

هناك فكرة أخشى أن تكون سرا أذيعه، وهي أن هذا الفكر يشغل رأس ريدلي سكوت هذه الأيام، وحسب معلوماتي وما تحدثنا فيه أنه ماذا لو بدأنا فيلما جديدا منذ وصول ريتشارد قلب الأسد بآخر مشهد مع صلاح الدين، على أن يكون هناك فيلم بين الاثنين وهذا تأكيد على هذه الفكرة ومشروع لا اعرف إن كان سينفذ أم لا.

·         تردد أن هناك جملة خبيثة قلتها وهي “ننسى اللي فات وخلينا في النهارده، واللي فات لسنا السبب فيه”؟

هذه الجملة غير موجودة في الفيلم، ولكنه يقول له إذا سلمتك القدس أخشى أن تفعل بقومي ما فعله قومي بأجدادك عندما دخلوا القدس، وقالوا له: أنتم مؤمن عليكم، فيرد عليه: أنا لست أجدادك أنا صلاح الدين وعندما أعطي كلمة أنفذها، فيقول له: على أي تفاهمات أسلم القدس فيسلمها له ولم يقل له تعال ننس اللي فات، وهذا ليس فيه أي إدانة.

وجهة نظر

·         هل يتفق الفيلم مع وجهة نظر أمريكا في جعل الأديان بعيدة عن الحوار وما في ذلك من دعوات للسلم؟

أشك في ذلك، ولا أوافق على أن الفيلم يتفق مع وجهة النظر السياسية حول المنطقة على الإطلاق، ما تسعى إليه أمريكا هو تقسيم المقسم وتجزيء المجزأ وخلق فتن طائفية، رسالة الفيلم لا تنسجم مع ما يحدث في أمريكا، فهل صحيح أنها تريد أن تترك الشعوب حتى تقرر مصائرها بنفسها، أمريكا الآن تتحكم في كل شاردة وواردة.

·         وهل ستتغير وجهة نظرك في السينما بعد هذا العمل؟

إذا جاءت لي سيناريوهات جيدة ومحترمة سأقدم أعمالاً سينمائية أما إذا كانت عروضا سيئة فلن أقدمها ولا اقلق على شيء حتى لو ظللت خمس سنوات من دون عمل سينمائي.

·         ما مشاريعك المقبلة؟

مشاريعي المقبلة مسرح وتلفزيون لرمضان المقبل لأنه يعنيني أن أكون موجودا فيه بشكل أو بآخر، وهناك مجموعة أعمال تنتظرني منها “آخر أيام اليمامة” و”أشواك ناعمة” وهما عملان تلفزيونيان.

·         هل المشاركة في أعمال مصرية واردة؟

أتشرف إذا أتيحت لي الفرصة لأننا شئنا أم أبينا فإن مصر قدمت للفنانين العرب، وخاصة السوريين واللبنانيين، فرصا عديدة، وكانت دائماً حاضنة لهم ومدهشة في تقديمها لفنهم.

·         ومن تفضل العمل معه من المخرجين والفنانين المصريين؟

يوجد مخرجون كبار وعباقرة مثل يوسف شاهين، فأي ممثل عربي يعرف قيمة شاهين وداود عبد السيد ورأفت الميهي وعلي بدرخان وشريف عرفة وخالد يوسف، تلميذ شاهين، أما الفنانون فهناك محمود عبد العزيز فنان عبقري وعظيم، وعادل إمام الذي لم يحاكه أحد من الأجيال الجديدة، وهناك عبقري لن يتكرر في المسرح هو فؤاد المهندس، وكل المسرحيين لابد أن يتعلموا منه، كذلك العبقري يحيى الفخراني وصلاح السعدني.

قراءة

بالدرجة الأولى اهتممت بالبحث عن طريق القراءة والبناء المعرفي وهما أمران طبيعيان لأنني تصديت لشخصية مثيرة للجدل ومليئة بالأحداث كما أنها شخصية تاريخية، قرأت كل المراجع التاريخية التي كتبت إيجاباً وسلباً.

عبقرية

عندما يقول له: “ماذا تمثل القدس؟” فأجاب: “لا شيء.. كل شيء” هذه الجملة هي التي جعلتني أوافق على الدور كله فهي جملة عبقرية وتلخص كل شيء يريد أن يقوله السيناريو والفيلم أيضا.

الخليج الإماراتية في

01.06.2005

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)