كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان القاهرة السينمائي يوزع جوائزه على افلام تناقش الفساد والعزلة والحب المفقود

القاهرة - ناجح حسن 

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الثامنة والعشرون

   
 
 
 
 

اثارت جوائز مهرجان القاهرة السينمائي الدولي التي جرى توزيعها على الأفلام الفائزة الاعجاب والجدل بين ضيوف المهرجان ومتابعيه بسبب التقسيمات الجغرافية التي اعتمدتها لجنة تحكيم المهرجان على حساب اهمية الاعمال المشاركة في المسابقة من ناحية والقيمة الفنية والفكرية من ناحية اخرى، فقد نال الفيلم الايطالي «حراس السحاب» جائزة المهرجان الكبرى نظراً لرئاسة لجنة التحكيم التي جرى اسنادها الى الايطالي كارلو فوسكاني وهو في الوقت نفسه يشغل رئاسة مدينة الانتاج الاعلامي والسينمائي في بلده ايطاليا، وفوق هذا كله نتيجة لاختيار السينما الايطالية ضيف شرف المهرجان لهذا العام او الاحتفاء بمسيرتها السينمائية الطويلة، فقد عرضت مجموعة لا يستهان بها من قامات السينما الايطالية الرفيعة تحت اكثر من عنوان «كلاسيكيات السينما الايطالية» و«تحية الى آنا مانياني» و«تحية الى بوبي افاتي» اضافة الى قسم «اضواء على السينما الايطالية الجديدة».

وكانت لجنة التحكيم قد بررت منح فيلم «حراس السحاب» الجائزة الكبرى «الهرم الذهبي» تقديراً لبنائه الدرامي المتين وبراعة مخرجه في الولوج الى اعماق الذات وشاعرية الإياب في حقبة هامة من تاريخ بلاده بطريقة مجدت الحب والصداقة والعائلة ونبل الانتماء الى الوطن.

ويحكي فيلم «حراس السحاب» لمخرجه لوتشيانو اودريشيو قصة قرية صغيرة في ميناء نابولي العام 1962 عندما كان الريف الايطالي خاضعاً لنفوذ عدد من الساسة المتحالفين مع العالم السري للجريمة بينما البسطاء من الناس في تلك القرية يتعرضون لأعتى صنوف العذاب اليومي وبؤس وقهر الحياة نتيجة لمضايقات رجال السياسة الفاسدين، لكن شاباً يظل ملتصقاً ببلدته واهله ويكاد يكون الباقي الوحيد من الرعاة الذين هاجر معظمهم الى اميركا الجنوبية من اجل حياة افضل، ويتحمل الشاب كافة اشكال العذاب والوحدة والفقر ويأخذ على عاتقه الفردي تخليص قريته من احد ابرز الساسة الفاسدين لكنه مثل هذا الحل قد اضاف الى حياته المزيد من العزلة والقهر.

من جهة اخرى، ذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة الى الفيلم الروسي «بارك الله المرأة» لمخرجه ستانسلاف جوفوركين وفيه يقدم حكاية فيرا التي تجاوزت الثلاثين من عمرها وتذهب مع زوجها العسكري من حرب الى اخرى في اشد الظروف قساوة ووحشية وتعمل على اضفاء البهجة والدفء والراحة والحميمية مع باقي افراد عائلتها في منزلها لكن الحرب تكون قد طحنتها وغيبت اجواء السعادة عن عائلتها ولا تجد ملاذاً لها صوب الاتجاه الى البحر في مدينتها الجنوبية الراقدة بسلام. وتكون اهمية العمل في مخرجه القادم من قامات السينما الرفيعة التي كانت تحققها السينما السوفياتية سابقاً! «الانفجار الابيض»، «الحياة والمغامرة في حياة روبنسون كروزو»، «اطفال كابتن جرانت»، «عشرة زنوج صغار» وهو ايضاً كاتب سيناريو فيلم «قراصنة القرن العشرين» وممثل في اكثر من عمل «بين الاحجار الرمادية» «فرح وحزن اللورد الصغير»، وجاء في بيان منحه جائزة الهرم الفضي نظراً لبراعته في اضفاء الدفء الحميمي على حكايته الانسانية وقدرته الشاعرية في ربط مصائر شخصياته.

وكما هو متوقع، فقد فاز الفيلم المصري «الباحثات عن الحرية» لايناس الدغيدي بجائزة افضل فيلم عربي وقيمتها المالية (100) الف جنيه مصري مقدمة من وزارة الثقافة وذلك لنبل غرضه ولجرأة طرحه لواقع المرأة العربية في الغربة والوطن الأم عبر حكايا متعددة ومنفصلة لكنها ملتحمة تعكس بُعداً انسانياً صادقاً.

ومن بين الافلام العربية الفائزة جيلالي فرحاتي احد اشهر صناع السينما في المغرب والذي يعود بعد غياب في طرح مشكلة عانى منها الكثير من الشباب المغربي في حقبة السبعينات عندما فقدوا سنوات طويلة من حياتهم في السجون والمعتقلات، والفيلم الذي حاز على جائزة افضل سيناريو هو واحد من سلسلة افلام بدأت السينما المغربية، في تحقيقها منذ مدة وجيزة في مسعى الى الانفتاح والمكاشفة والتبصر في الماضي القريب وتميز العمل بعمقه المتوافر في سيناريو ينطلق من الخاص الى العام وما بينهما من مشاعر ورؤى تتوهج وتتأصل على مدى الطريق.

ونالت الممثلة المجرية استر بانجزي بجائزة افضل ممثلة عن فيلمها «اسرار دفينة» وذلك في اول ادوارها على الشاشة البيضاء مؤدية بعفوية مدهشة وتلقائية لدور فتاة في مقتبل العمر تدور في دواخلها اسئلة عن الحياة والحب والحنان المفقود لأم غائبة.

كما فازت الممثلة المصرية نيللي كريم بجائزة افضل ممثلة مناصفة مع المجرية استر بانجزي عن فيلم «انت عمري» اخراج خالد يوسف.

وذهبت جائزة افضل تمثيل مناصفة ايضاً بين اليوناني سوفوكليس بيابس عن فيلم «تراب»، والممثل الارجنتيني ادريان نافارو عن دوره لفيلم «خوانسيتو ساحر النساء» وعن هذا الفيلم نال مخرجه العجوز هكتور اوليفيرا جائزة افضل مخرج لبراعته في احياء فترة زمنية مليئة بالاحاسيس والمشاعر الانسانية مفتوحة على آفاق الحياة.

كما منح المهرجان جائزة افضل عمل اول للفيلم الفرنسي «عنق الزرافة» لمخرجه صافي نيبو الذي قدم حكاية ثلاثة اجيال تبحث عن الحب بين الماضي والحاضر، وجرى التنويه بقدرة ممثلته الطفلة لويزا بيللي.

وذهبت جائزة الابداع الفني للمخرج الهندي ماحيش داتاني عن فيلمه «ملتقى عالمين» لامكانياته التقنية في توظيف الموسيقي كعنصر درامي.

وحضر حفل توزيع جوائز المهرجان في دار الاوبرا المصرية حشد من الصحفيين والنجوم وضيوف المهرجان من العرب والجانب.

الرأي الأردنية في

15.12.2004

 
 

قراءة في مهرجان القاهرة الدولي السينمائي وجوائزه!!

دعم الدولة ورجال الأعمال..ضرورة للهروب من كماشة دبي ومراكش

جائزة التمثيل ل "أيستر" المجرية.. ونيللي كريم حققت المفاجأة!!

مخرج التراب اليوناني..استعان بأرشيف التليفزيون المصري

كتب: نادر أحمد

أكدت الدورة الثامنة والعشرون لمهرجان القاهرة السينمائي ان مهرجاننا الدولي قد وقع بالفعل بين فكي كماشة مهرجان دبي.. ومهرجان مراكش السينمائيين.. وأنه لا مفر من جميع الأجهزة المسئولة في الدولة والمنوطة في دعم المهرجان ألا تتنصل من مهمتها الوطنية والقومية من أجل اسم مصر في المنطقة والعالم وبعد أن بات مهرجاننا السينمائي من بين أهم المهرجانات السينمائية علي خريطة السينما العالمية.

وحتي لو تم تغيير موعد مهرجاني دبي ومراكش.. فان موعدهما لن يبتعدا سوي أيام قليلة.. فأحدهما قد ينعقد قبل مهرجاننا.. والآخر قد يقام بعد انتهاء وختام دورتنا السينمائية. وبدون دعم الدولة وكبار الشخصيات ورجال الأعمال فلن نجد نجوما يقبلون علي مهرجان القاهرة لأنه لايوجد نجم سينمائي عالمي محترم يرضي علي نفسه حضور مهرجانين متتاليين.. وإزاء ذلك قد يفضل النجم حضور مهرجان دبي أو مراكش عن حضور مهرجان القاهرة خاصة إذا كانت هناك اغراءات ما.. وعندها لن يتبقي لنا سوي أنصاف النجوم أو أرباعها.. والذين "أفلت" نجوميتهم ويبحثون عن أي أضواء. بالاضافة إلي أن أفضل الأفلام لن تعرف طريقها لمهرجان القاهرة السينمائي. ويكفينا ما شاهدناه من تفضيل بعض النجوم في السفر للشرق أو الغرب وعدم حضور يوم عيدهم السينمائي.

ترميم البيت

لكي يحافظ مهرجان القاهرة السينمائي علي شموخه ونجاحه يجب علي "شريف الشوباشي" رئيس المهرجان إعادة ترميم "البيت" من الداخل وخاصة الذين يحتلون مواقع هامة أثناء فاعليات المهرجان حيث عاني الجمهور والنقاد والصحفيون من تغيير برنامج الأفلام يوميا كما تنعقد الندوات فجأة وبدون اعلان.. ويكفي أن ندوة الفيلم البحريني "الزائر" عقدت في المسرح الصغير بعد عرض أحد الأفلام الايطالية.. والطريف أن الفيلم البحريني عرض في نفس اليوم بعد انتهاء الندوة في مكان آخر بمركز الابداع.

الحس الصحفي

أما مترجمو الأفلام الأجنبية يجب أن يعاد النظر في تواجدهم حيث يفتقدون الحس الصحفي والفني في معرفة الأفلام ونجومها.. ففي فيلم الافتتاح الايطالي "أذكرني" ذكر في كتالوج المهرجان أن الفيلم للمخرجة والمؤلفة "جابرييل موكينو" بينما جابرييل رجل وليس امرأة. وتكرر هذا أيضا في الفيلم الفرنسي "رقبة الزرافة" الفائز بجائزة وشهادة تقدير حيث ذكر في أوراق المهرجان أن "صافي نيبو" هي مخرجة وكاتبة السيناريو.. وعلي المسرح ظهر أن صافي رجل بمعني الكلمة.

وبعيدا عن ذلك فقد أجهدت إدارة المهرجان النقاد والصحفيين في متابعة أفلام المسابقة الدولية حيث تم عرضها جميعا بالسينما الملحقة بالفندق في وقت مبكر بحفلتي الساعة 9.00 صباحا والساعة 11.30 ظهرا.. ولن تحل المشكلة حتي لو تقدم موعد العرض ساعة إذ يجب أن تعود تلك الأفلام لمركز الفاعليات الرئيسي بدار الأوبرا.. حتي يستطيع الصحفيون متابعة جميع الأفلام المخصصة لهم والمرتبطة بندواتها.

وحول تسرب نتيجة مسابقة المهرجان ووصولها لعدد من الضيوف والاعلاميين.. فأعتقد أن شريف الشوباشي لايرضي أو يوافق علي تلك النقطة السوداء في حق الدورة الحالية.. إذ كان يجب التنبيه علي لجنة التحكيم بعدم الهمس بها.. وأيضا للعاملين بالمهرجان.

ندوة سرية

أما أغرب ما حدث في المهرجان هو اقامة ندوة لنجم السينما العالمي "بدسبنسر" أحد المكرمين في حفل الافتتاح في سرية تامة وبدون أي تغطية إعلامية وحضرها عدد قليل من جمهور المهرجان لايتعدي العشرين شخصا حيث كان هذا العدد مفاجأة للنجم الكبير والذي اعتقد أن الصالة ستمتليء بالنقاد والصحفيين باعتبار أن الندوة تعقد خصيصا لهم.

والغريب أن المركز الصحفي لم يشر إلي اقامة تلك الندوة مع أهم شخصية تم تكريمها.. وكان لابد من استثمارها إعلاميا في زمن يتخاطف جيراننا النجوم العالميين في مهرجاناتهم.. وهذا يؤكد أن هناك "خللا ما" في بعض أجهزة المهرجان حيث كان لابد من ابلاغ المركز الصحفي والذي بدوره يبلغ الصحفيين ورجال الاعلام.. فقد افتقد المهرجان للشخص المكوك وهو ما كان يقوم به الراحل وجيه تكلا.

الطريف هنا ان ندوة "بدسبنسر" لم تقم أساسا بسبب تكريمه.. بل انها عقدت للفيلم الايطالي "الغناء خلف الشاشة" والذي عرض في اطار برنامج مهرجان المهرجانات.. وتم الاشارة في ملف الندوات بأن الحاضرين لندوة الفيلم هو المنتج لويجي مارشيوان. وبطلته جوانا أشيكاوا. والبطل كارول بيدرسولي.. والذي هو الاسم الحقيقي للممثل العالمي بدسبنسر.. وهي معلومة لم تصل للقائمين علي الندوات.

وبعيدا عن السلبيات فان المهرجان استطاع أن يحقق بالفعل حضورا بين جماهير الشارع المصري.. كما كان هناك رد فعل جميل عند الضيوف وخاصة القادمين من إيطاليا. وتركت الزيارات السياحية انطباعا جيدا حيث وعد الكثير من الفنانين بعودتهم لمصر مرة أخري. وأشار البعض من المخرجين العالميين بأن هناك فكرة الانتاج المشترك أو التصوير علي شاطيء النيل خاصة بمدينتي الأقصر وأسوان.

طرائف الأفلام الفائزة

من الطرائف التي واكبت جوائز المهرجان ان جائزة التمثيل التي فازت بها مناصفة الممثلة المجرية استر باجانيري عن دورها في فيلم "أسرار دفينة".. كان هو الفيلم الأول في حياتها.. بل انه أول تجربة فنية لها حيث لم تمثل من قبل أمام أية كاميرا سينمائية أو تليفزيونية أو حتي علي المسرح.. وفي أول أدوارها علي الشاشة الكبيرة حصلت علي جائزة أحسن ممثلة.

الطريف أيضا ان المخرجة جوجا بوسرميني عندما أرادت اختيار شخصية بطلة الفيلم بحثت عنها من بين "700 فتاة" من الوجوه الجديدة تقدموا للقيام بهذا الدور وبطولة الفيلم» لكن المخرجة وقع اختيارها علي استر التي فازت بجائزة أحسن ممثلة.

وفي نفس الوقت حققت الباليرينا "نيللي كريم" المفاجأة بفوزها بنفس الجائزة مناصفة عن دورها في فيلم "أنت عمري".. وهي الهاوية في مجال التمثيل والتحقت به عن طريق المصادفة.. وهي ثاني ممثلة مصرية تفوز بالجائزة في المهرجان بعد الفنانة ليلي علوي. وهذا الفيلم الثالث لمخرجه خالد يوسف والذي سبق أن حصل بفيلمه الأول "العاصفة" علي جائزة أحسن فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي.

ثلاث لهجات

أما الفيلم المصري "الباحثات عن الحرية" أول فيلم مصري يتحدث بثلاث لهجات مصرية ولبنانية ومغربية.. وقصصه حقيقية حدثت بشكل ما في فرنسا وقضاياه غير مطروحة من قبل» وقد فاز الفيلم بجائزة أفضل فيلم عربي.. وهي نفس الجائزة التي حصلت عليها مخرجته ايناس الدغيدي من قبل عن فيلم "مذكرات مراهقة".

يعتبر عرض الفيلم الايطالي "حراس السحاب" الفائز بجائزة الهرم الذهبي هو أول عرض عالمي له.. بل ان بطلته الايطالية أنا جاليتا شاهدته لأول مرة من خلال المهرجان حيث لم تشاهده من قبل.

أما الفيلم اليوناني "تراب" فلم ينافس إلا علي جائزة واحدة فقط وهي جائزة أحسن ممثل وفاز بها بطله "سوفوكليس بيباس" مناصفة» أما المخرج "ناسوس بساروس" فقد لجأ للقطات الأرشيفية بالفيلم من خلال "أرشيف التليفزيون المصري". وأكدت أن فكرة الفيلم جاءت عندما أخرج فيلما تسجيليا آخر في اليونان وشاهدت إحدي السيدات من خلال لقطة أرشيفية وطلبت منه أن تعرف معلومات عنها ومن هنا تولدت فكرة الفيلم.

ويعتبر الفيلم الروسي "بارك الله المرأة" أكثر أفلام المسابقة في سوء الحظ حيث نافس علي عدد كبير من الجوائز وصلت إلي خمسة جوائز هي الاخراج وأحسن ممثلة والابداع الفني والهرمين الفضي والذهبي.. ولكنه لم يفز إلا بجائزة الهرم الفضي فقط.

أما الفيلم الفرنسي "عنق الزرافة" الفائز بجائزة أفضل عمل أول وشهادة تقدير لأصغر ممثلة في المهرجان لويزا بيلي.. فهو الفيلم الوحيد انتاج مشترك بين فرنسا وبلجيكا.

الجمهورية المصرية في

15.12.2004

 
 

مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الأخيرة 

السياسة تتسيّد أفلام المغرب والمشرق

القاهرة ـ فوزي سليمان:  

برزت السينما العربية في الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، من خلال قسم «السينما العربية الجديدة» الذي ضم 12 فيلما، إضافة الى فيلمين داخل المسابقة الرسمية. والملاحظة المهمة أن أكثر من فيلم، سواء من المغرب أو المشرق العربي، يتناول قضايا سياسية برؤى مختلفة. ومنها ثلاثة أفلام من المغرب تنتمي الى ما يسمى سنوات الجمر السياسي في سبعينيات القرن الماضي.في المسابقة الرسمية فيلم «ذاكرة معتقلة» للمخرج جيلالي فرحاني صاحب أفلام متميزة مثل «عرائس من قصب»، و«شاطئ الأطفال الضائعين» ورغم أن فرحاني لم يعش تلك الفترة، أو كما قال «انه كان وقتئذ يدرس في باريس، وأن فكرة الفيلم قضية شخصية تمس ضميره ويعتبره تكريما لكل المناضلين السياسيين الذين عانوا في الماضي من أجل العدالة.

وشعرت أنني يجب أن أقدمه كنوع من الذاكرة للمجتمع والأصدقاء». الفيلم عبارة عن استدعاء للذاكرة من خلال حركات البطل الحسية مثل لمسه الصور التذكارية أو لمسه الطباشير تعبيرا عن فترة عمل المعتقل السياسي بالتدريس.إلى جانب صور مؤلمة أخرى في الذاكرة عن الزنزانة وغرفة التعذيب، عبر رحلة يرافقه فيها ابن أحد رفاق البطل في النضال والذي مات في المعتقل.. في محاولة لاستعادة ذاكرته..

ومن خلال ملاحقة سيدة عائدة من المهجر إلى حبيبها السجين، الذي كان يقص عليها ما يحدث في المعتقل شعرا. وينتهي الفيلم باستعادة الذاكرة التي كانت معتقلة.

الغرفة السوداء

فيلم «درب مولاي الشريف» أو «الغرفة السوداء» اخراج حسن بن جلون هو اقتباس عن كتاب للسياسي المغربي والمعتقل السابق جواد مريرش، تصرف فيها المخرج وهو أيضا كاتب السيناريو في إضافة قصة حب وغيرها من تفاصيل أخرى كانت موجودة في قصص معتقلين آخرين.

والفيلم أكثر مباشرة من فيلم «ذاكرة معتقلة» حيث يتضمن الكثير من مشاهد التعذيب من أجل إجبار المعتقلين على الإبلاغ بأسماء رفاقهم، وينتهي بمشهد مثير هو تجمع أمهات وأقارب المعتقلين مطالبات بمعرفة مصيرهم، وتنزل على الشاشة أسماء حقيقية لعدد كبير من المعتقلين السياسيين.

الفيلم المغربي الثالث «جوهرة» اخراج سعد شرايي، ويروي عبر فلاش باك، على لسان فتاة مغربية ما حدث لوالديها الممثلين في فرقة مسرحية كانت تقدم أعمالا تقدمية، ويصور الفيلم مشاهد من المسرحيات ومظاهرة للممثلين يحملون حذاء ضخما كان يستخدم في المسرحية- فوق رؤوسهم ليبدوا تحته مسحوقين.

المنارة

الفيلم الجزائري «المنارة» اخراج بلقاسم حجاج يتناول المجتمع الجزائري خلال نهوض الحركةالإسلامية الأصولية التي أدت الى الحرب الأهلية إثر إلغاء انتخابات 1991 التي حققت فيها جبهة الإنقاذ الإسلامية الأغلبية.

يستخدم المخرج التقنية التقليدية باللجوء الى سردية على لسان «أسما» التي كانت تعيش مع ابنتها في فرنسا، هاربة من الحرب، وكانت تحتفل بعيد المولد النبوي، فتعزف الموسيقى وتطلق الصواريخ الذوئية، تلك الاحتفالات التي أصبحت محرمة حسب تعليمات المحافظين.

حرب لبنان

وعرض المهرجان فيلمين من لبنان يدوران حول الحرب الأهلية من وجهتي نظر مختلفتين، أولهما هو «زنار النار» اخراج بهيج حجيج، وفيه تبدو الحرب الأهلية في الخلفية من خلال صوت قصف المدافع .

أو في الواقع الملموس، الحواجز بين الطرق والدبابات وبعض مشاهد الدمار، لكن القضية الأساسية هي الدمار النفسي من خلال شخصية الأستاذ الجامعي الذي يتعلق بالوهم، ويصاب بلوثة في عقله، ولا يكاد يصدق أن الحواجز قد زالت.

أما في فيلم «معارك حب» للمخرجة اللبنانية الأصل المقيمة في باريس، دانييل عربين، وهو (إنتاج لبناني فرنسي بلجيكي مشترك)، فتبدو الحرب فيه في خلفية الأحداث، ويروي من وجهة نظر الفتاة الصغيرة «لينا» ذات الاثنى عشر ربيعا، تنشأ في عالم غريب، أسرة ممزقة، الوالدان دائما في نزاع، الأب يقامر ويخسر، تلاحظ وتسمع.

ولا تجد رفيقا إلا الخادمة سهام التي تصحبها في لقاءاتها الغرامية، كل ما حولها يثير في نفسها التمرد، تتمرد على البيت، وقد تتساءل في نهاية الفيلم: أين إذن الحرب؟

البيان الإماراتية في

21.12.2004

 
 

القاهرة تفتح ملف جوائز مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

حامد حماد

* رصيد هزيل للأفلام المصرية والعربية من الجوائز

* 900 ألف جنيه قدمتها وزارة الثقافة للفيلم العربي منها 600 ألف جنيه لـ7 أفلام مصرية منها فيلمان مناصفة.. و300 ألف جنيه لـ4 أفلام عربية منها فيلمان مناصفة

* 5 ممثلين مصريين فازوا بجائزة أفضل ممثل هم نور الشريف وأبوبكر عزت ومحمود عبدالعزيز وأحمد زكي

* ليلي علوي الممثلة المصرية الوحيدة الفائزة بجائزة أحسن ممثلة ونصف جائزة لـ«نيللي كريم»

* لم يفز أي مخرج مصري بجوائز المهرجان.. وجائزة السيناريو نالها المخرج داود عبدالسيد مناصفة

* القليوبي وأسماء البكري فازا بجائزة أفضل عمل أول

* رشيد مشهراوي «الفلسطيني» فاز بالهرم الذهبي والفضي وجائزة وزارة الثقافة.. ونبيل المالح «السوري» العربي الوحيد الفائز بجائزة الإخراج

جاءت الدورة الثامنة والعشرون لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي التي انتهت فعالياتها مساء يوم الجمعة قبل الماضية بإضافة ضعيفة لرصيد السينما المصرية والعربية من جوائز هذا المهرجان. فعلي صعيد رصيد السينما المصرية من جوائز مهرجان القاهرة لم تضف هذه الدورة إلي هذا الرصيد من الجوائز الدولية التي يمنحها المهرجان سوي «نصف جائزة» وهي جائزة أحسن ممثلة التي فازت بها الممثلة الشابة نيللي كريم عن دورها في فيلم «انت عمري» إخراج خالد يوسف مناصفة مع الممثلة المجرية «ايستر باجانيري» عن دورها في فيلم «أسرار دفينة» إخراج سوسابوزور منيل، وباستثناء هذه الجائزة «المناصفة» لم يكن للسينما المصرية أي نصيب آخر من جوائز هذه الدورة سواء الهرم الذهبي أو الفضي أو علي مستوي الإخراج أو السيناريو أو أحسن ممثل. هذا إذا ما وضعنا في الاعتبار أن الجائزة المالية وأفضل فيلم عربي وقيمتها مائة ألف جنيه التي فاز بها هذا العام فيلم «الباحثات عن الحرية» إخراج إيناس الدغيدي تعد جائزة خاصة يقتصر منحها من خلال لجنة التحكيم الدولية لأفضل فيلم مصري أو عربي مشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان وكان قد تم إضافتها لجوائز المهرجان في عهد رئيس المهرجان الأسبق الكاتب الكبير الراحل سعد الدين وهبة بداية من الدورة العشرين التي أقيمت عام 1966.

نصف الجائزة التي فازت بها السينما المصرية من مهرجان القاهرة هذا العام دفعتنا لفتح ملف رصيدها من جوائزه خلال دوراته التي أقيمت بمسابقة دولية معترف بها من اتحاد المنتجين الدولي المشرف علي المهرجانات الدولية وهي الثلاث دورات الأولي التي أقيمت أعوام 76و77و1978 تم سحبها نتيجة أخطاء تنظيمية وعودتها مرة أخري بداية من الدورة الخامسة عشرة «1991»، وحتي الدورة الثامنة والعشرين التي انتهت منذ أيام.

فعلي مدي هذه الدورات وعددها سبع عشرة دورة لم يكن للأفلام المصرية التي شاركت في المسابقة الرسمية نصيب من جوائز «الهرم الذهبي» أكبر جوائز المهرجان سوي جائزة واحدة وهي الجائزة التي فاز بها فيلم «تفاحة» إخراج رأفت الميهي في الدورة العشرين التي أقيمت عام 1996، وهو نفس النصيب من جوائز أحسن ممثلة التي لم يفز بها طوال تاريخ المهرجان سوي ليلي علوي في الدورة الثامنة عشرة «1994» عن دورها في فيلم «قليل من الحب.. كثير من العنف» إخراج رأفت الميهي.. يضاف إليها هذا العام الجائزة التي فازت بها نيللي كريم عن دورها في فيلم «انت عمري» «مناصفة»، وإذا كان الحال هكذا مع جائزة أفضل فيلم «الهرم الذهبي» وجائزة أفضل ممثلة فإنه يكون أكثر سوءا بالنسبة لجائزة أفضل مخرج إذا أنه من المحزن أن نجد أنه لم يفز بها طوال تاريخ المهرجان أي مخرج مصري.

أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة «الهرم الفضي» التي تعد ثاني أكبر جوائز المهرجان فقد فازت بها ستة أفلام مصرية وهي أفلام «البحث عن سيد مرزوق» إخراج داود عبدالسيد في الدورة الخامسة عشرة «1991»، و«ليه يا بنفسج» إخراج رضوان الكاشف في الدورة السادسة عشرة «1992»، «ليلة ساخنة» إخراج عاطف الطيب الدورة الثامنة عشرة «1994»، «إشارة مرور» إخراج خيري بشارة في الدورة التاسعة عشرة «1995»، «أرض الخوف» إخراج داود عبدالسيد في الدورة الثالثة والعشرين «1999»، وكان فيلم «العاصفة» إخراج خالد يوسف آخر من فاز بها من الأفلام المصرية وذلك في الدورة الرابعة والعشرين التي أقيمت عام 2000.

وإذا كانت جائزة «الهرم الفضي» فاز بها ستة أفلام مصرية وهو رصيد جيد فإن جائزة أحسن ممثل فاز بها خمسة ممثلين مصريين هم: عماد حمدي عن دوره في فيلم «المذنبون» إخراج سعيد مرزوق في الدورة الأولي «1976» ونور الشريف عن دوره في فيلم «ليلة ساخنة» في الدورة الثامنة عشرة «1994» وأبوبكر عزت عن دوره في فيلم «المرأة والساطور» إخراج سعيد مرزوق في الدورة العشرين «1996» ومحمود عبدالعزيز عن دوره في فيلم «سوق المتعة» في الدورة الثالثة والعشرين «1999»، أما آخر من فاز بها فهو النجم أحمد زكي، وذلك في الدورة السادسة والعشرين التي أقيمت عام 2002، كما حصل الفنان الكبير محمود ياسين علي شهادة تقدير خاصة من لجنة تحكيم الدورة الثالثة عام «1978» عن دوره المتميز في فيلم «قاهر الظـلام» إخراج عاطف سالم، كما منحت لجنة تحكيم الدورة السابعة والعشرين «2003» شهادة تقدير خاصة للأداء التمثيلي لكل من ليلي علوي وحنان ترك عن دوريهما في فيلم «حب البنات» إخراج خالد الحجر.

بالإضافة إلي جوائز المسابقة كان هناك جوائز أخري متفرقة للسينما المصرية من مهرجان القاهرة وهي شهادة تقدير خاصة من لجنة تحكيم الدورة الثامنة عشرة لفيلم «البحر بيضحك ليه» إخراج محمد كامل القليوبي وجائزة أفضل سيناريو لداود عبدالسيد عن فيلم «أرض الخوف» مناصفة مع الكاتب والمخرج الفرسي برنارد ستورا عن فيلمه «حيرة كبيرة»، وذلك في الدورة الثالثة والعشرين وهو ما يعني أن جائزة أفضل سيناريو لم يفز بها أي كاتب سيناريو مصري سوي داود عبدالسيد «مناصفة» كما فازت المخرجة أسماء البكري بجائزة نجيب محفوظ لأفضل عمل أول أو ثان للمخرج عن فيلمها «كنشرتو درب سعادة» 1998.

أما علي صعيد رصيد السينما العربية من الجوائز الدولية لمهرجان القاهرة فلم تضف له الدورة الثامنة والعشرون التي انتهت منذ أيام سوي جائزة واحدة هي جائزة سعد الدين وهبة لأفضل سيناريو التي فاز بها المغربي جيلالي فرحاتي عن فيلم «ذاكرة معتقلة» وهو من إخراجه أيضا، أما رصيد السينما العربية من جوائز المهرجان علي مدي دوراته الماضية فهو أيضا يقتصر علي جائزة واحدة من جوائز «الهرم الذهبي» التي يمنحها المهرجان كل عام والتي فاز بها الفيلم الفلسطيني «حتي إشعار آخر» إخراج رشيد مشهراوي في الدورة السابقة عشر 1993، وهي الجائزة التي اعتبرها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مجاملة من المهرجان لدولة فلسطين شكر عليها رئيس المهرجان ـ آنذاك ـ سعد الدين وهبة وهو الانحياز الذي رفضه سعد وهبة مؤكدا أنه كرئيس للمهرجان لا يستطيع أو يملك المجاملة بجوائز المهرجان لأنه لا يتدخل في عمل لجان التحكيم وأضاف أنه لو كان يملك حق المجاملة لكان من الأولي به أن يجامل بهذه الجائزة أي من الفيلمين المصريين اللذين شاركا في هذه الدورة وهما «حرب الفراولة» لخيري بشارة و«الجراج» لعلاء كريم.

أما جائزة «الهرم الفضي» ثاني أكبر جوائز المهرجان فقد فازت بها ثلاثة أفلام عربية هي الجزائري «سلام يا بن العم» إخراج مرزاق علواش عام 1996، والفيلم الفلسطيني «تذكرة إلي القدس» إخراج رشيد مشهراوي مناصفة مع الفيلم التركي «هاجر» إخراج هندان ايبكي في الدورة السادسة والعشرين 2003، كما فاز بها أيضا الفيلم الفلسطيني «موسم الزيتون» إخراج إلياس حنا في الدورة السابعة والعشرين 2003.

أما جائزة أحسن مخرج فقد فاز بها المخرج السوري نبيل المالح عن فيلمه «كومبارس» 1993، كما فاز المخرج المغربي نبيل عيوش بجائزة نجيب محفوظ لأفضل عمل أول عن فيلمه «مكتوب» عام 1997، أما جائزة أحسن ممثلة فلم يفز بها سوي ممثلة عربية واحدة وهي الممثلة التونسية الشابة ريم التركي عن دورها في فيلم «كسوة الخطيب الضائع» إخراج كلثوم برنار عام 1997، بينما لم يفز أي ممثل عربي بجائزة أحسن ممثل من مهرجان القاهرة طوال تاريخه.

بالإضافة إلي الجوائز السابقة كان هناك جوائز أخري متفرقة للأفلام العربية التي شاركت في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة طوال دوراته وهي شهادة تقدير خاصة من لجنة تحكيم الدورة الثالثة 1978 للمغربي نبيل الحلو عن فيلمه «الكانفودي» الذي كتب له السيناريو وأخرجه وقام ببطولته أيضا، كما منحت لجنة تحكيم الدورة العشرين 1996 شهادة تقدير خاصة للطفلة اللبنانية ريم الحمادي عن دورها في الفيلم اللبناني «الشيخة».

أما عن الجائزة المالية وقدرها مائة ألف جنيه التي بدأت وزارة الثقافة المصرية منحها لأفضل فيلم مصري أو عربي مشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان بداية من الدورة العشرين 1996، فقد فاز بها من الأفلام المصرية منفردا خمسة أفلام هي: «أرض الخوف» لداود عبدالسيد 1999، و«العاصفة» لخالد يوسف 2000، و«مذاكرت مراهقة» لإيناس الدغيدي 2001 و«خريف آدم» لمحمد كامل القليوبي 2002 و«الباحثات عن الحرية» لإيناس الدغيدي 2004، وفاز بها منفردا من الأفلام العربية فيلمان فلسطينيان هما «حيفا» إخراج رشيد مشهراوي عام 1996 وفيلم «موسم الزيتون» إخراج إلياس حنا عام 2003، بينما فاز بها مناصفة الفيلم المغربي «مكتوب» إخراج نبيل عيوش مع الفيلم المصري «هارمونيكا» إخراج فخر الدين نجيدة عام 1997 والفيلم السوري «تراب الغرباء» إخراج سمير ذكري مع الفيلم المصري «اختفاء جعفر المصري» إخراج عادل الأعصر 1998.

من الرصد السابق يتضح أن المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي هو أكثر المخرجين العرب حظا من جوائز مهرجان القاهرة، حيث نال فيلمه «حتي إشعار آخر» جائزة «الهرم الذهبي» كما نال فيلم آخر له وهو «تذكرة إلي القدس» جائزة «الهرم الفضي» كما فاز فيلم ثالث له وهو «حيفا» بجائزة وزارة الثقافة منفردا كما يكشف الرصد بشكل عام أن الأفلام الفلسطينية هي صاحبة النصيب الأكبر من جوائز مهرجان القاهرة مقارنة بأفلام الدول العربية الأخري تليها الأفلام السورية والجزائرية والمغربية والتونسية.

جريدة القاهرة في

21.12.2004

 
 

حول مهرجان القاهرة السينمائي الدولي:

عندما تتحول مشاهد الجنس في السينما إلى إبداع

هاشم النحاس

لم تعد مشاهد الجنس في أفلام المهرجان التي تأتي من بلاد أكثر تحرراً تمثل عامل جذب لجمهور يفتقدها فيما يعرض عليه من أفلام محلية أو أجنبية مرت من بين ذراعي مقص الرقيب، إذ لم يعد من الصعب على هذا الجمهور نفسه أن يصل الى ما يريده من هذه المشاهد، ومنها ما هو أكثر عرياً وجنساً من طريق الكومبيوتر أو القنوات الفضائية المختصة بهذا النوع من العروض. ومن ثم لم تعد مشاهد الجنس في أفلام المهرجان مثاراً للجدل والمشاكل كما كانت من قبل.

ولعل في هذا ما قد يساعدنا على التقويم الموضوعي لهذه المشاهد في سياقها الدرامي لنرى مدى فاعليتها بعيداً من النظرة الأخلاقية الآلية الضيقة وان كان الفن والاخلاق في النهاية يلتقيان. وقد عرض مهرجان القاهرة في دورته الأخيرة عدداً من الأفلام، كانت فيها مشاهد الجنس أمراً ضرورياً لتحقيق رسالتها، حتى أنها لتبدو من دونها لا معنى لها.

أبشع المشاهد

في الفيلم اللبناني «معارك حب» أو الأصح كما جاء في عنوانه الانكليزي «في قلب المعركة» من اخراج دانييل عربيد، مشهد جنسي بشع بين الخادمة وصديقها. ومصدر بشاعته أنه كان من وجهة نظر طفلة تبلغ من العمر 12 عاماً.

تنتمي الطفلة الى أسرة لبنانية من الطبقة البرجوازية. ويرصد الفيلم مظاهر انهيار هذه الأسرة اثناء الحرب الأهلية في الثمانينات. لا نرى من مظاهر هذه الحرب الأهلية شيئاً عدا المشهد الأخير لبعض المباني المهدمة. اكتفى الفيلم بما يجري داخل الأسرة، باعتباره كما يشير عنوان الفيلم «في قلب المعركة» بينما نسمع أصوات الانفجارات في الخارج بين حين وآخر، تذكرنا بهذه الحرب، وتشير الى وشائج العلاقة المتشابكة - بالضرورة - بين ما يجري في الداخل وما يجري في الخارج.

ما يجتاح الأسرة من تهرؤ في سلوكياتها على المستوى الفردي أو على المستوى الجمعي فيما بين أفرادها هو بمثابة الأيقونة الدالة الى ما يجري في الخارج، وعلى مستوى آخر من الرمز يمكن اعتبار الطفلة بمثابة الايقونة الدالة الى الوطن نفسه المعرض للضياع تحت وطأة هذا الانهيار.

لا تجد الطفلة في أي فرد من أفراد الأسرة من تستطيع التواصل معه، ينشغل عنها كل منهم بذاته، الأب سكير وزير نساء ومقامر غارق في الديون، سريع الاعتداء على الزوجة والطفلة. والزوجة كثيرة الشجار مع الزوج. يبدأ الفيلم باجتماع عائلي يجمع بعض الاقارب، تطالب فيه الزوجة بأن يقسم الزوج على العذراء بعدم العودة الى المقامرة. وفي المساء تسمع الطفلة تأوهات الزوجة الجنسية مع زوجها ولا تدري الطفلة ما يجري فتصيح على أمها ان كانت بخير. اما العمة التي تعيش مع الاسرة فهي مشغولة طوال الوقت بلعب الورق مع اصدقائها.

لا يبقى للطفلة غير الخادمة السورية (؟!) تحاول التعلق بها ومصاحبتها، وتصبح الطفلة أمينة سرها، تصحبها الخادمة في لقائها مع صديقها الذي تمارس معه الجنس في سيارته، بينما انزلت الطفلة من السيارة، لكنها ظلت على بعد يسمح لها برؤية ما يجري داخلها.

وكان المشهد الجنسي على قدر من الجرأة في عرض التفاصيل، بحيث يصبح صدمة بالفعل لمشاعر الجمهور الذي يرى المشهد من وجهة نظر الطفلة بكل براءتها، مما جعل منه أبشع مشاهد الفيلم عدوانية وتخريباً لنفس الطفلة، يفوق في بشاعته كل ما رأيناه من انحرافات الأسرة وعدوانية أفرادها. وهو ما يجعله مشهداً استفزازياً رئيساً لا غنى عنه في بناء الفيلم الذي يصور حيرة هذه الطفلة واحساسها بالضياع. الأمر الذي يؤكده الفيلم بنهايته عندما تهرب الخادمة من الأسرة وتحاول الطفلة أن تلحق بها، لكن سيارة تلتقط الخادمة بينما تبقى الطفلة وحيدة تتوقف في الطريق لا تدري ماذا تفعل.

المقدس

لا نرى مشهداً واحداً من مشاهد الجنس بل العديد منها في فيلم «مازال الحب قوياً في الخريف» من اخراج زيتا فوركوفا (سلوفاكيا 2003). يبدأ الفيلم بمؤلف موسيقى في خريف العمر يعاني من نضوب خياله، ويشعر بالعجز، وينتهي الفيلم بحفلة كبيرة للعمل الموسيقي الذي أبدعه. وبين البداية والنهاية مشاهد جنسية عدة، في أوضاع مختلفة وأماكن مختلفة لمؤلف الموسيقى مع شابة جميلة ممتلئة بالحيوية تقع في غرامه وتمنحه الحب والجنس، وتكون مصدر إلهامه وإنعاش قدرته على الإبداع.

غير أن تصوير الفيلم لهذه العلاقة (بالكاميرا والمونتاج والموسيقى والايقاع والاداء التمثيلي) يرتفع بها الى أعلى مستويات الرقة والرومانسية، بعيداً تماماً من أي ابتذال، حتى يكاد الفيلم ان يكون درساً إنسانياً للشباب (والكهول معاً) لما يجب أن تكون عليه هذه العلاقة بين الجنسين لنجعل منها متعة جسدية روحية.

ويؤكد الفيلم هذه الرسالة بما يأتي على لسان الفتاة وهي توجه الكهل في التعامل مع جسدها كما يؤكده من خلال مفهومها عن هذه العلاقة الجنسية باعتبارها علاقة مقدسة، يجب - على حد قولها - ان تبدأ بالصلاة والدعاء الى الله. والفيلم على هذا النحو لا يمكن اعتباره من أفلام الاثارة الجنسية، وإن كان فيلماً صريحاً عن الجنس، كما يجب أن يكون، الفيلم، والجنس.

المبتذل

خوانثيتو هو الأخ الأصغر المدلل لزوجة الرئيس بيرون الذي حكم الارجنتين في منتصف القرن العشرين، وفي الفيلم الذي يحمل اسمه من اخراج هيكتور اوليفيرا (الذي نال عنه جائزة أفضل اخراج) نرى كيف استطاع خوانثيتو استغلال قرابته من زوجة الرئيس في إطلاق العنان لعلاقاته الجنسية الداعرة معتمداً على حماية السلطة التي ينتمي اليها.

وينتقل خوانثيتو من واحدة الى أخرى، وتتكرر على الشاشة علاقاته الجنسية الفاضحة التي تجري بصورة آلية مبتذلة تعبر عن شهوانيته الجسدية الجامحة، ولا مبالاته، ويعمل المونتاج على استعراضها بسرعة من دون توقف وكأنه يحاول ان يحصيها، كما يجري تشويه الصورة احياناً، ويربط الفيلم بين هذه المشاهد وصعود العشيقات في المجتمع، وحصولهن على المال والشهرة من خلال هذه العلاقة مع ابن السلطة المدلل.

وهذه العلاقة بين خوانثيتو وعشيقاته التي تتدنى بقيمة الجنس الى المستوى الحسي، وتنزع عنه ما هو روحي وإنساني، كما تحوله الى تجارة، هي إدانة بالطبع لشخصية خوانثيتو، لكنها تدين في العمق النظام الذي ينتسب إليه ويتحرك تحت مظلته وينعم بحمايته. ولا يقلل من هذه الإدانة للنظام غضب أخته على تصرفاته أحياناً، أو إغلاق بيرون الباب في وجهه في نهاية الفيلم. وبقدر ما كان ابتذال خوانثيتو ورعونته التي يكشف عنها الفيلم، تكون إدانة النظام، وكان هذا هو الهدف الأساسي من الفيلم.

لم تكن مغامرات خوانثيتو (اندريان نافارو الذي حصل على جائزة أفضل ممثل) هي الهدف إذاً، وإنما كانت هذه المغامرات بمثابة المدخل لتعرية النظام الذي حاول الفيلم أن يجسد بعض ملامحه في تلك الفترة. ومن هذه الناحية تكمن قيمة الفيلم وقوته الفنية، كما تكمن ضرورة مشاهده الجنسية على نحو ما جاءت عليه من ابتذال.

الحياة اللبنانية في

24.12.2004

 
 

مهرجان القاهرة يمنح جائزة نجيب محفوظ لـ«رقبة الزرافة»...

طفلة ذكية تسعى لوصل أصولها ... وفيلم يحتفل بتلاقي الأجيال

فريال كامل*

«جزاك الله خيراً يا «صوفي نيبو»، لقد أدمعت عيوننا»، هكذا داعب الصحافيون المخرجة الشابة في مطلع الندوة التي أعقبت عرض الفيلم الفرنسي «رقبة الزرافة» كم أدهشتنا تلك الصغيرة بعينيها الذكيتين وأدائها السهل الممتنع، جذبت المشاهدين وحركت مشاعرهم، سكنت قلوبهم فاستحقت الصغيرة لويزا بيلي شهادة تقدير، تسلمتها من وزير الثقافة المصري في حفلة ختام المهرجان، لقدرتها الطبيعية على التعبير في إطار ما تلهمها به طفولتها وبراءتها. جرى الحوار على لسانها طبيعياً، وإيماءاتها وحركاتها أيضاً جاءت متسقة مع سنوات عمرها، حتى أنستنا أن هناك مخرجة فنانة وراء الكاميرا تعزف على موهبتها.

بيت المسنين

يستحوذ صوت الصغيرة على انتباه المشاهدين، قبل ظهور الصورة على الشاشة، إذ تسجل بصوتها معالم الطريق، ليحفر في ذاكرتها، تصف انحناءاته وتحصي أشجاره، فتعد الجمهور لمغامرة شائقة. يستهل الفيلم بلقطة بعيداً جداً لطريق يشق الغابة، شريان حياة تنزلق عليه السيارات، كما الكائنات الدقيقة، رمزاً للسعي على سبيل الوصول.

تصل الصغيرة ماتيلدا في رفقة أمها إلى حيث يقيم جدها في مركز طبي لخدمة المسنين، في قاعة الطعام يجتمع النزلاء فتفاجئه بقبلة وتهديه «كوفية» بديعة فتبرق عيناه بطيف ابتسامة، تدخل الممرضة بشمعة متوهجة على كعكة التفاح وتكتمل البهجة بمعزوفة عيد الميلاد على البيانو يلعبها ليو صديق الجد الحميم ويشاركه بالغناء جميع النزلاء. تحتضن الكاميرا وجوهاً تشي بمسحة من جمال متمايز، غير أن الجد ناقم على اعتزاله الحياة في تلك المصحة، فتحنو عليه ابنته هيلين، تجثو على ركبتيها وتمسح برفق على كفه المعروقة، تذكره بأنه من الصعب أن يعيش بمفرده في شقته، تتتابع اللقطات في نعومة لتنامي المشاعر بين الصغيرة وجدها وحينما يسدل الليل أستاره على الغابة، يتأملان خلف النافذة نتف الثلج المتساقطة، تنتشي الصغيرة بالمنظر وتدعو جدها للخروج إلا أنه يحجم، فالمنظر ذاته يبعث في نفسه الأسى. تستشعر الصغيرة بفطرتها الاغتراب الذي يعانيه الكبار حينما تتخلى عنهم عائلاتهم لتتفرغ لأعمالها وحياتها.

الرسم بالإضاءة والتصوير بالموسيقى

في شقة صغيرة في المدينة، تعيش ماتيلدا مع أمـها حياة باردة، يقام جدار فاصل بينهما. تـؤنـبـها على هبوط درجاتها فتقيم عالماً خاصاً بها أسفل فراشها تأتنس فيه بأحلامها وخيالاتها حتى تكتشف خبيئة ثمينة تحت الحاشية تغيــر نمط حياتها، تفضح حزمة من الرســـائل سراً بقي مــدفـــوناً عشـرات السنين، قبل ميلادها، تدرك أنها ضحية أكذوبة وفاة جدتها بينما هي حية ترزق، فتشرق نفسها بالأمل في لقائها وتعقد العزم على البحث عنها.

في مشهد كاشف تغادر ماتيلدا البيت على ضوء بطارية صغيرة، تهبط السلم الحلزوني في لقطة علوية معبرة، لتنطلق على طريق الغابة في ساعة متأخرة، تسترجع ما سجلته ذاكرتها عن ملامح الطريق إلى جدها، تنحت الدراما مساراً تصاعدياً فتحصد تعاطف المشاهدين، تتلاحق دقات قلبها وهي تتسلل إلى المصحة حتى تغافل ممرضة الخدمة الليلية لتفاجئ جدها في حجرته بأنها جاءت لتصحبه في رحلة للبحث عن جدتها وتسرد له رسالتها الفياضة بالأشواق.

على مدار الفيلم تأتي اللقطات القريبة مشبعة بالإحساس، متزامنة مع موسيقى رقيقة بينما تتدفق الإيقاعات بقوة وتعلو نغمتها مع اللقطات الواسعة للمناظر الرائعة في الغابات وعلى شاطئ البحر. وتدهشنا المخرجة الشابة في عملها الأول بإيقاع متوازن فهي لا تسابق الأحداث ولا تحفل بالإثارة بقدر ما تتأمل الحال لترسم بلمسات ضوئية تضفي على المشهد نبلاً وجمالاً، بلمسة ضوئية لأشجار الغابة في ليلة معتمة تتبدد وحشتها وبشعاع من نور على وجه ماتيلدا يضفي عليه بعداً تعبيرياً.

حرفية السيناريو

اعتمدت المخرجة كتابة السيناريو أيضاً على قصة في غاية البساطة اكتسبت مغزاها خلال سيناريو ثري بالتفاصيل وقوة تأثيرها خلال العرض الفني. في حرفية قدمت الكاتبة المعلومات الضرورية لفهم الشخصيات، على دفعات متوازنة في السرد، ففي رحلة القطار يفسر الجد لحفيدته موقف الصمت الذي التزمت به ابنته هيلين تجاه والدتها لأنها تركتها وهي بعد طفلة في العاشرة، وفي موقع آخر من الرحلة ذاتها تبوح الصغيرة ببعض ما يثقل روحها لمسافرة تشاركهما «الصالون» فتخبرها أنها سترى جدتها للمرة الأولى منذ ميلادها، إذ رحلت الأخيرة مع أعز صديق لجدها، وفي قسم الشرطة تدلي هيلين ببعض المعلومات عن عملها كمترجمة في دار للنشر وحالها الاجتماعية كمطلقة ومحل إقامة والد الطفلة في أميركا لمعاونة الشرطة في البحث عن الهاربة، وقد عنيت الكاتبة أيضاً بإضافة بعض الزخارف الدرامية لإثراء السرد وتبديد الملل.

فيض الذكريات

تنطلق السيارة على شاطئ البحر إلى مدينة بياريتز حيث تقيم الجدة وأمام منظر رائع لتكسر الأمواج على الصخور يتخذ الجد وحفيدته مجلساً، تصفو نفسه ويصل لحال من التطهر، فيحكي لحفيدته عن الزمن الجميل ويمتدح جدتها التي اخذتها بيده في عالم الثقافة، فقد كانت راقية ومثقفة وتجيد لغات عدة. وكان مدفوعاً لاحتراف الفلاحة بناء على حكمة قديمة مفادها «من لا يعمل واقفاً لا يلمس عنق الزرافة». ولكنه انجذب إلى عالم المكتبات واطلق على مكتبته اسم «عنق الزرافة» تيمناً بحكمة جده.

تفيض الذكريات فيتذكر حسن إدارة مادلين للمكتبة وجاذبيتها الاجتماعية التي ربطته بمجتمع رجال الأعمال. بقيت «عنق الزرافة» زاخرة بالكتب وإن لم يتذكر أحد من العاملين مؤسسها ولا زوجته. في نزل للمسنين يلتقي الجد بصديق زوجته الذي تقـدم به العمر فوهنت ذاكرته، تذكر بالكاد مادلين التي تركته منذ ربع قرن ليؤسس أسرة ويواصل حياته. تطفو بسمة ساخرة على وجه الجد حينما يكتشف أن حفيدته وريثة طبيعية لسلالة من صناع الأكاذيب عندما يطلع على رسالة الجدة المؤرخة منذ تسع سنوات، غير أن المراوغة الصغيرة أخفت عنه التاريخ لتحتفظ بحماسته في البحث.

تصل الأحداث إلى ذروتها بوصول هيلين إلى بيارتز وفي فناء الفندق تتم المواجهة بينها وبين العجوز فتلومه بشدة على انتقامه من زوجته الهاربة في شخصها باخفائه محاولات أمها المتكررة الاتصال بها. إن كانت قد هجرته زوجته فلا يعني بالتبعية أن تهجر ابنتها. تصل هيلين إلى قمة ثورتها فتقطع علاقتها بأبيها ليحمله القطار بعيداً.

يذوب الجليد وتلتئم الجراح بين هيلين وصغيرتها. يتسوقان معاً وتسألها المشورة في تناسق الألوان ويأخذان وجهتهما شطر قرية إسبانية رائعة على قمة الجبل ليوصلان ما انقطع، يلتقيان بالجدة وقد وهنت ذاكرتها، تتعانق الأيادي وتثبت الكاميرا إجلالاً للحظة في غاية الإنسانية يتحقق فيها الوصل لعل الأيام تعوض ما فات.

«رقبة الزرافة» لمبدعته صوفي نيبو فيلم يسعى في نعومة للتواصل ويمجد الوصل، يأسى لوهن الذاكرة ويحتفي بتلاقي الأجيال فاستحــق أن يفـــوز بجائـزة تحمل اسم «نجيب محفوظ» كأفضل عمل أول في المهرجان.

* ناقدة مصرية

الحياة اللبنانية في

24.12.2004

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)