كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

محمود مرسي

عندما تسطع شمس الممثل وسط النجوم

أحمد يوسف

عن رحيل الاستثنائي

محمود مرسي

   
 
 
 
 
 
 

يمثل محمود مرسي بالنسبة للسينما العربية سؤالا ظل يتردد جيلا وراء جيل، دون أن تجد هذه السينما إجابة حقيقية له، وهو السؤال الذي يحاول أن يجد تلك الشعرة الرقيقة الفاصلة بين “النجم” من جانب، و''الممثل” من جانب آخر، فقط ظلت  ولا تزال  صناعة السينما العربية تحتشد بعشرات النجوم الذين يظهر أغلبهم سريعا ثم لا يلبثون أن ينتهوا للأفول كالشهب العابرة، وللضياع من ذاكرة الجمهور، بينما كانت هناك حفنة قليلة من الممثلين قد لا تتمتع على “الأفيش” بالتميز، لكن السينما لم تكن تستغني عنهم في عشرات ومئات الأفلام، وحتى عندما ينتهون إلى الغياب فإن طيفهم يظل باقيا على الشاشة، فأبدا لن تغيب في زاوية النسيان أسماء مثل زكي رستم أو حسين رياض أو محمود المليجي.. أو محمود مرسي. وعلى الرغم من أن محمود مرسي دخل إلى عالم السينما قادما من فنون درامية أخرى تحتاج إلى قدر من المبالغة في التعبير، مثل المسرح والإذاعة، فإنك سوف تدرك على الفور وعي هذا الفنان بالوسط السينمائي، على نحو يذكرك بالفنان أورسون ويلز صاحب الخلفية المسرحية والإذاعية في بداياته، لكن كلا منهما يعيدك على الدوام إلى الجوهر الحقيقي لفن التمثيل السينمائي، الذي أصبح واضحا جليا مع ممثلين بحجم آل باتشينو وروبرت دي نيرو.

وإذا كان ذلك يجسد وعي محمود مرسي بالوسط السينمائي، فإن ذلك الأمر يتأكد مع حقيقة أخرى، عندما نتذكر أن محمود مرسي كان أستاذا أكاديميا في فن التمثيل والإخراج، تخرجت على يديه أجيال عديدة من الممثلين والنجوم، الذين تعلموا معه أيضا أن طريق الفن الجاد وعر وشاق ويحتاج إلى الكثير من الجهد.

ولأن السينما المصرية تتوقف في العادة عند السطح، ولا تبذل جهدا كبيرا في سبر أغوار الممثل وإمكاناته، وخلال نفس الفترة التي كان فيها محمود مرسي يخرج للإذاعة مسرحية صلاح عبد الصبور الشعرية “مأساة الحلاج” فإن السينما لم تجد في هذا الفنان العملاق إلا ظل الشر الذي يجثم على النفوس حتى تختنق، ومضى زمن طويل قبل أن ترى السينما وجهه الآخر الذي يعكس ظل الخير الذي يبعث الروح في القلوب الخامدة، ناهيك عن قدرة هذا الفنان على التعبير عن الصراع المحتدم بين الخير والشر في نفس إنسانية واحدة، ومن بين أفلام محمود مرسي الأولى “الباب المفتوح” (1963) لبركات، يؤدي فيه دور أستاذ الجامعة الذي يبدو على السطح شديد النعومة والرقة والتحضر لكن بداخله وحشا قاسيا.

والصورة ذاتها تكاد تتكرر في “الليلة الأخيرة” (1963) لكمال الشيخ، هذه المرة من خلال الدراما النفسية الغامضة، وهكذا سيطرت صورة “الفارس” الأنيق الشرس  في ثوبه المعاصر، وبكل قوته وسيطرته وثقافته  على أفلام محمود مرسي الأولى، لتتحول في بعض الأفلام التالية إلى صورة “الفارس” الشرير التقليدي في العصور الماضية ليجد نفسه في “أمير الدهاء” (1964) لبركات واحدا من الفرسان الأشرار الذين يتآمرون على البطل المظلوم فيدفعون به إلى غياهب السجن، كما نراه في “فارس بني حمدان” (1969) لنيازي مصطفى و''فجر الإسلام” (1971) لصلاح أبو سيف، يمارس قسوته وبطشه وطغيانه.

لكنه يمضي بالفروسية والقسوة والطغيان إلى آخر الشوط، في “شيء من الخوف” (1969) لحسين كمال، في عالم أقرب إلى الأسطورة التي تدور في زمان ومكان غير محددين.

من ذلك الجانب الموغل في الشر الذي سجنت السينما المصرية موهبة محمود مرسي فيه، وأعادت تقديمه في تنويعات أخرى، من مأمور السجن السادي الذي يتلذذ بإيقاع زوجته في فخ الخيانة في “ليل وقضبان” (1973) لأشرف فهمي، إلى رئيس التحرير الانتهازي الوصولي في “أبناء الصمت” (1974) لمحمد راضي، إلى الفتوة غليظ القلب الذي يقتل شقيقه ويستولي على ممتلكاته في “سعد اليتيم” (1985) لأشرف فهمي، من ذلك الجانب الشرير انتقل محمود مرسي بنفس القدرة والاقتدار إلى أداء أدوار الرجل الطيب في أفلام مثل “أمواج بلا شاطئ” (1976) لأشرف فهمي و''طائر الليل الحزين” (1977) ليحيى العلمي.

هل كانت السينما المصرية تدرك حقا  مع قدرة محمود مرسي على أداء تلك الأدوار المتناقضة  أنها أمام ممثل عبقري، يستطيع أن يلعب كيفما يشاء على أوتار موهبته الأصيلة؟ أم أنها كانت تستغل تلك الموهبة في إطار الشخصيات التقليدية التي تقبع راضية إما في عالم الشر الخالص أو الخير المطلق؟ ورغم قامته الفنية التي تتجاوز قامات العديد من النجوم التقليديين، فإن السينما المصرية لم تستطع أن تكتشف إلا نادرا الأعماق الحقيقية لمحمود مرسي.

ولم يكن غريبا أن تدور أفلام محمود مرسي المهمة ومسلسلاته التلفزيونية المتميزة حول القلق، الذي يتراوح بين التعبيرية الصاخبة التي سادت عالم فيلم “زوجتي والكلب” (1971) لسعيد مرزوق، حيث تستبد الهواجس والشكوك بالزوج الغيور في وحدته، في الفنار القابع وسط البحر الهائج مترامي الأطراف، أو الميلودرامية اللاذعة التي غرق فيها فيلم “حد السيف” (1986) لعاطف سالم.

لكنه القلق الذي يكاد يكون ترجمة أمينة صادقة لرؤية الروائي العظيم نجيب محفوظ في اثنتين من أهم رواياته وأخرجهما حسام الدين مصطفى للسينما: “السمان والخريف” (1967) و”الشحات”  (1973). وفي الفيلمين  وإن اختلفت التفاصيل  يعيش البطل الأزمة ذاتها، عندما يشعر بأنه يملك القدرة على العمل السياسي، لكن الواقع يضطره إلى أن يعيش معزولا منعزلا في وحدة قاتلة.

اختار محمود مرسي في السنوات الأخيرة أن يبتعد عن السينما، وإن عاد من حين إلى آخر إلى الدراما التلفزيونية، في بعض المسلسلات المهمة مثل “عصفور النار” و”أبو العلا البشري”، و”سفر الأحلام” و”العائلة”، لكن هذا الابتعاد الإرادي عن عالم الأفلام قد يذكرك بالوحدة التي عاني منها بطلا “السمان والخريف” و”الشحات”، إلا أنها الأزمة التي لم تكن تشير إلى أن الحاضر قد تجاوزه، ولكن الحقيقة  دون مبالغة  هي أنه الذي تجاوز الحاضر، لقد كان محمود مرسي نوعا خاصا من “دون كيشوت”، لكن هذه المرة لم يتوقف عند الماضي الوهمي الجميل، لكن كان على العكس يحلم بمستقبل يبدو عصيا على النوال، وتلك كانت دائما أقدار الفرسان، الذين قد يمنعهم كبرياؤهم من قبول شروط مبارزات الواقع، ويرضون بحياة الأحلام والانسحاب، لكن غياب محمود مرسي عن السينما كان يشبه دائما غياب الشمس تاركاً السينما إلى الليل والنجوم.

 

الخليج الإماراتية في

26.04.2004

 
 
 
 
 

محمود مرسى.. وداعاً

 بعد أن أثرى حياتنا الثقافية والفنية بأعماله المتميزة رحل عن عالمنا الفنان الكبير محمود مرسى عن عمر يناهز 81 عاما بعد صراع طويل مع أمراض الشيخوخة..
ويعد الفنان القدير محمود مرسى أحد أبرز الفنانين المصريين فى القرن العشرين عمل مخرجا وممثلا وقدم للمكتبة العربية ما يزيد على 300 فيلم سينمائى، فضلا عن مشاركته فى العديد من المسلسلات التليفزيونية بالاضافة لمشاركته فى عشرات الأعمال الإذاعية كمخرج ثم ممثل.

عمل محمود مرسى أستاذا بمعهد السينما حيث رأس قسم الإخراج بالمعهد وحصد طوال حياته الفنية العديد من الجوائز منها الجائزة الأولى فى التمثيل عن فيلم ""الليلة الأخيرة""، وجائزة أحسن ممثل عن فيلم ""شىء من الخوف"" وفيلم ""سعد اليتيم"" وجائزة الدولة التقديرية فى الفنون سنة 2000.

ولد الفنان محمود مرسى بالاسكندرية فى 7 يونيو سنة 1923 ومارس التمثيل وهو طالب بالمدرسة الثانوية ثم سافر إلى فرنسا ليدرس الإخراج السينمائى بمعهد السينما ""الإيديك"" فى باريس، وبعد أن أنهى فترة الدراسة به ""4 سنوات"" انتقل إلى انجلترا لدراسة المسرح وعمل أثناء هذه الفترة بهيئة الإذاعة البريطانية.

وكان للفنان القدير محمود مرسى موقفا مشهورا حيث استقال مع زملائه المصريين من هيئة الإذاعة البريطانية عقب العدوان الثلاثى على مصر وعاد إلى القاهرة ليعمل مخرجا إذاعيا فى البرنامج الثانى الثقافى، وقد أخرج فى هذه الفترة العديد من التمثيليات والبرامج الخاصة.

كما عمل بعد انشاء التليفزيون المصرى مخرجا تليفزيونيا بعد سفره إلى روما فى بعثة للتليفزيون المصرى وكان أول فيلم يخرجه للتليفزيون فيلم ""الطريق الطويل"".

بعدها اتجه محمود مرسى للتمثيل وكان أول أفلامه ""أنا الهارب"".. ثم لعب أدوارا مختلفة فى العديد من الأفلام ومن أبرزها ""الليلة الأخيرة"" و""الباب المفتوح"" و""المتمردة"" و""شىء من الخوف"".. وقد بلغت أفلامه أكثر من 300 فيلم.

وفى التليفزيون قدم محمود مرسى العديد من المسلسلات منها ""زينب والعرش"" و""أبو العلا البشرى"" و""العائلة"" و""بنات أفكارى"" و""عصفور النار"".. وكان يستعد للمشاركة فى بطولة مسلسل ""وهج الصيف"" من تأليف أسامة أنور عكاشة واخراج هشام عكاشة.

وكان الفنان محمود مرسى قد تزوج من الفنانة القديرة سميحة أيوب وأنجبا ابنهما الدكتور علاء الذى يعمل اخصائيا ومعالجا نفسيا.

 

الموقف العربي في

26.04.2004

 
 
 
 
 

رحيل محمود مرسي

عملاق السينما المصرية

خسرت السينما المصرية أحد أبرز نجومها <<وراهبها>> مثلما يطلق عليه، لزهده بالشهرة الفنان محمود مرسي، بعد أن أعلنت وفاته أسرته، نهار السبت الماضي عن عمر يناهز 81 عاما، إثر نوبة قلبية في أحد المستشفيات المصرية. ترك محمود مرسي بصمات واضحة في مسار السينما العربية اذ اختير العديد من أفلامه التي لعب بطولتها من بين أهم 100 فيلم في السينما المصرية، وهذه تعتبر من كلاسيكيات الفن السابع في مصر والعالم العربي.

ولد الفنان الراحل في مدينة الإسكندرية العام 1923 ودرس في جامعتها الفلسفة وسافر إلى الغرب في الأربعينيات حيث درس في فرنسا الإخراج السينمائي وفي إيطاليا المسرح والدراما والنقد الفني في مطلع الخمسينيات، لينتقل بعدها الى بريطانيا حيث عمل مخرجا ومذيعا في هيئة الإذاعة البريطانية. ومع بدء العدوان الثلاثي على مصر استقال من الإذاعة وعاد إلى مصر ليعمل في الإذاعة المصرية كذلك عمل مخرجا لعدد من السهرات في التلفزيون المصري إلى جانب عمله مدرسا في معهد السينما والمسرح في أكاديمية الفنون.

بدأ مرسي العمل في السينما العام 1962 في فيلمه الأول <<أنا الهارب>> (من إخراج نيازي مصطفى) وكانت المحطة الثانية الأكثر أهمية العام 1963 في فيلم <<الباب المفتوح>> (من اخراج هنري بركات) و<<الليلة الأخيرة>> (من اخراج كمال الشيخ) وتعددت بعد ذلك أدواره الفنية التي كان يختارها بعناية فائقة ومن هنا جاءت قلة الأفلام التي قام باداء أدوار البطولة فيها والتي وصلت الى ثلاثين فيلما اختير بعضها من قبل النقاد المصريين لتكون بين أهم أفلام السينما المصرية بحيث كان أول الممثلين المصريين الذين اختيرت أفلامهم من بين هذه الأفلام مقارنة بعدد الأفلام التي مثلها. ومن أفلامه التي اختيرت <<شيء من الخوف>> و<<وراء القضبان>> و<<الليلة الأخيرة>> و<<السمان والخريف>> و<<أغنية على الممر>> (من وحي نكسة 67 وهو أول فيلم يظهر فيه أحمد زكي الذي يعاني اليوم وطأة المرض) و<<فجر الإسلام>> و<<الخائنة>> و<<زوجتي والكلب>> و<<امرأة عاشقة>> و<<أبناء الصمت>> و<<أمواج بلا شاطئ>>... أما آخر الأفلام التي لعب ببطولتها فكانت <<حد السيف>> و<<من يدفع الثمن>> في حين كان <<الجسر>> آخر أفلامه التلفزيونية.

جاء دوره في شخصية عتريس، الشخصية الرئيسية في فيلم <<شيء من الخوف>> أكثر الشخصيات السينمائية التي أثرت في الشارع المصري حيث اشتهرت عبارات كثيرة من الفيلم وانتشرت على ألسنة الناس وكان أبرزها <<زواج عتريس من فؤادة باطل>> في هذا الفيلم أدى مرسي شخصية الطاغية بشكل لم يستطع أحد أن يكرره على شاشة السينما حتى أعاد هو نفسه تكراره في مسلسل <<عصفور النار>> لمحمد فاضل.

عرفت المسلسلات التلفزيونية التي لعب بطولتها نجاحا كبيرا وكانت تجذب الجمهور في أوقات عرضها بشكل كبير وكان من أهمها <<زينب والعرش>> و<<أبو العلا البشري>> بجزءيه و<<العائلة>> و<<بنات أفكاري>> وغيرها.

يرحل الفنان قبل أن ينهي دوره في مسلسل <<وهج الصيف>> الذي كتب قصته أسامة أنور عكاشة ويقوم بإخراجه ابنه هشام. وقال عكاشة <<لوكالة رويترز>> ان الفنان الراحل <<كان يستكمل تصوير دوره، ويعمل فيه بكامل طاقاته>>. وأضاف <<لم يكن هناك أي مؤشر على هذا الرحيل ويمكن اعتبار ما تم تصويره في هذا المسلسل آخر توهجات هذا الفنان الكبير>>. (عن السفير).

 

السفير اللبنانية في

26.04.2004

 
 
 
 
 

ريموت كونترول

محمود مرسي

آخر سلالة العمالقة

أسامة عسل

هو سيد النجوم بلا منازع، كان أستاذاً في الفن، رفض أن يدخل سباق النجومية الساذج والكاذب، عاش هادئاً منعزلاً واسمه يدوي مثل الطبل، وأعماله خارج المنافسة، إنه رجل القيمة في زمن فن الاستسهال والتفاهة والهيافة!

هو الفنان القدير «محمود مرسي» الذي عودنا الصمت، في الوقت الذي يتحدث فيه الناس عن أدواره السينمائية والمسرحية والاذاعية والتلفزيونية، عبر أكثر من خمسين عاماً من العطاء النبيل بلا ضجيج او افتعال او بروبجندا تشبه فقاقيع الهواء! رحل آخر سلالة العمالقة، وصاحب مدرسة الاداء الرهيب، الذي اذا لم يظهر على شاشة السينما او التلفزيون فإنك تشعر بافتقاده، واذا عرض له فيلم أو مسلسل فإن الناس تهرع إليه، وهم متأكدون أنهم سيشاهدون عملاً يكون الفن فيه هو الجالس على العرش..

إنه عتريس في شيء من الخوف، عيسى الدباغ، الشحات، مأمور السجن في ليل وقضبان، أبوالعلا البشري، النصاب المحتال، الأب الحنون في أهالينا، والصحفي العملاق في زينب والعرش. حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2000 تتويجاً لمشواره الفني الطويل، ولم يمثل غير 25 فيلماً اختارها بدقة شديدة، وهي من أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية.. وحصل على العديد من الجوائز منها الجائزة الأولى في التمثيل عن فيلم «الليلة الأخيرة» وأحسن ممثل عن فيلم «شيء من الخوف» و«سعد اليتيم»..

عكس حياته في أعماله، عاش مدافعاً عن القيم والمباديء، وكانت كل أفلامه تدافع عن الحرية، بدءاً من حرية المرأة في فيلم «الباب المفتوح» عام 1962، إلى حرية الوطن في فيلم «شيء من الخوف» عام 1969، وكذلك حرية الوطن الذي يعاني من الاحتلال الاسرائيلي في فيلم «أغنية على الممر» عام ,1972.

ومن أشهر أفلامه «أبناء الصمت»، «فجر الاسلام»، «العملية الأخيرة»، «الخائنة»، «زوجتي والكلب»، «الشحات»، وطوال ربع القرن الأخير من عام 1975 لم يمثل محمود مرسي سوى فيلمين هما «حد السيف» عام 1986، و«الجسر» عام 1998.

عمل مع عدد محدود من أهم المخرجين طوال فترة حياته السينمائية وهم هنري بركات، كمال الشيخ، صلاح أبوسيف، عاطف سالم، سعيد مرزوق، اشرف فهمي، احمد راضي، علي عبدالخالق، وقد عرض عليه المخرج الراحل صلاح أبوسيف اخراج 3 أفلام لصالح مؤسسة السينما كان أولها «القاهرة 30» إلا أنه رفض بسبب قلة الأجر..

كانت فرصة الاجادة الحقيقية له في فيلم «السمان والخريف» قصة نجيب محفوظ اخراج حسام الدين مصطفى حيث قدم في هذا الفيلم دور عيسى الدباغ الذي يعد من أهم وأجمل ادواره السينمائية، وظل بعد ذلك يرفض العديد من الاعمال السينمائية التي كانت تعرض عليه لأنها لم تكن في قوة وأهمية دوره في «السمان والخريف» الى ان جاءته الفرصة في دور عتريس من خلال فيلم «شيء من الخوف» اخراج حسين كمال..

من أهم اعماله التلفزيونية. «زينب والعرش» و«العائلة» و«أبوالعلا البشري» و«بنت الأيام» و«المحروسة 85» و«سفر الاحلام» و«عصفور النار» و«لما التعلب فات» و«الرجل والحصان» و«ثلاثية نجيب محفوظ» وآخر اعماله التلفزيونية «بنات أفكاري»، وكان يستعد للمشاركة في بطولة مسلسل «وهج الصيف» تأليف أسامة أنور عكاشة واخراج هشام عكاشة..

وشارك في عشرات الأعمال الاذاعية كمخرج ثم كممثل، وكان آخر اعماله قد اذيع في مارس الماضي وهو مسلسل «فارسة الأدب العربي» مع الفنانة القديرة سميحة أيوب، التي تزوجها في بداية حياته، وأنجب إبنه الوحيد الدكتور علاء الذي يعمل محللاً نفسياً..

فقد الوسط الفني «محمود مرسي» استاذ الاساتذة في الأدوار الملتزمة، الذي لم يتنازل عن الاجادة والاتقان مهما كان الثمن، الفارس الواعي الذي يحترم فنه، وأحد مثقفي مصر المعدودين على الاصابع، وقد تخرج على يده اجيال من المخرجين، حيث كان استاذاً في معهدي السينما والمسرح، يرحمه الله بقدر ما أعطى للفن والإنسانية.

osama614@yahoo.com

 

البيان الإماراتية في

26.04.2004

 
 
 
 
 

ورحل

محمود مرسي

أستاذ فن التمثيل

نادر عدلي

رحل أستاذ فن التمثيل محمود مرسي‏(1923‏ ـ‏2004),‏ ورغم أن رصيده السينمائي كله لايزيد علي‏25‏ فيلما‏,‏ فإنه ترك بصمة شديدة الأهمية لمعني وقيمة الفنان الممثل‏..‏ وتاريخنا السينمائي مليء بالممثلين والنجوم والمشخصاتية‏,‏ ولكن الممثل الفنان رصيدنا منه نادر وقليل‏..‏ ومن هذا النادر كان الفنان محمود مرسي‏.‏

منذ‏18‏ سنة أو أكثر‏,‏ بقي محمود مرسي بعيدا عن السينما‏,‏ وكان يقدم من فترة الي أخري بعض المسلسلات التليفزيونية‏,‏ وكان أكثرها أهمية مسلسلا العائلة وأبو العلا البشري وله فيلم تليفزيوني بعنوانالجسر ولكن ذاكرة الفن ظلت حاضرة وبقوة لاعماله السينمائية التي لاتسقط من الذاكرة لأنها اكتسبت قيمتها من عبقرية أدائه واحساسه المدهش والناطق بأدق وأصعب المشاعر‏.‏

كان محمود مرسي ـ رحمه الله ـ لايهوي الأحاديث الصحفية‏,‏ وارشيفه يكاد يخلو منها‏,‏ فهو لايهوي نجومية الإعلام‏..‏ والأمر الآخر‏,‏ والشديد الأهمية في نفس الوقت‏,‏ أنه رفض أن يستمر في البلاتوهات والمشاركة في تمثيل الأفلام لمجرد الوجود‏(‏وهذا حال معظم ممثلينا أو كلهم‏!).‏ وتعجب أي قوة هذه التي اكسبته ارادة الرفض‏,‏ وعدم المشاركة الا بالأفلام التي يشعر أنها تضيف اليه‏,‏ ويضيف هو الي الشخصية التي يلعبها‏!‏

اكتشف محمود مرسي سينمائيا المخرج الكبير نيازي مصطفي‏,‏ وقدمه في فيلم أنا الهارب وكان عمره يقترب من الأربعين‏..‏ وفترة النشاط السينمائي الحقيقي له لاتزيد علي‏12‏ سنة‏,‏ قدم خلالها‏18‏ فيلما جعلت محمود مرسي أحد درر فن التمثيل المصري والعربي‏..‏ ولم يكن أبدا فتي الشاشة‏,‏ ولكن حضوره العبقري كان يكسب أي عمل فني قوته‏,‏ وثقة المشاهدين‏,‏ وتصدر اسمه شخصية البطل رغم أنه ليس من الفتيان‏..‏ ومع بركات في الباب المفتوح انتبه الجميع لهذا الفنان‏..‏ ومع رائعة الليلة الأخيرة لكمال الشيخ أصبح للسينما المصرية ممثل تزهو به‏,‏ وتفتخر‏.‏

كان محمود مرسي فذا مدهشا‏,‏ يملك ملامح قادرة علي التعبير عن أدق المشاعر بحساسية رائعة تخلو من الانفعال أو المبالغة‏,‏ وتستقبلها الكاميرا مبتهجة بهذه الأحاسيس‏..‏ ودعونا نقترب من شخصياته‏:‏ هذا المثقف الذين يعيش زمن التحول السياسي عند قيام الثورة في الخمسينيات بكل مافيه من قلق وتلمس للطريق‏(‏ السمان والخريف‏)..‏ والجبار المتسلط في‏(‏شيء من الخوف‏)..‏ والانسان الذي به مشاعر الشك والغيرة‏(‏الخائنة ـ زوجتي والكلب‏)..‏ والصحفي الذي كسرته الهزيمة‏(‏ أبناء الصمت‏)..‏ أما شخصيته في‏(‏ الليلة الأخيرة‏)‏ فهي تحمل مشاعر شديدة التناقض بين رجل يبحث عن استمرار حياته وأسرته‏,‏ ومؤامرة نجح من خلالها في السيطرة علي الجميع بقوة وميول تجنح الي الشر‏..‏ وشخصية أخري مختلفة يجسد فيهاالشاويش محمد الذي يرفض الاستسلام بعد هزيمة يونيو‏1967(‏ أغنية علي الممر‏)..‏ وهكذا‏.‏

مجموعة شخصيات نادرة في أعمال اعتبرت من كلاسيكيات السينما المصرية الخالدة منحها محمود مرسي من صدق أحاسيسه‏,‏ وروعة أدائه الكثير لتصبح من دم ولحم وتأثير وبقاء‏..‏ فقد كان موهوبا‏,‏ وفي نفس الوقت صقل هذه الموهبة بالدراسة في باريس ولندن‏..‏ واجتذبته الأضواء‏,‏ ولكنه أبدا ولم يعش تحت رحمة الأضواء‏.‏

عبقرية محمود مرسي انه كان من أقل ممثلينا أعمالا‏,‏ ولكنه فنان يعنيه مايقدم‏,‏ لاعدد الذي يقدمه‏!..‏ وعاش فن محمود مرسي رغم فترات صمته وابتعاده الطويل ـ رحمه الله ـ وهذه قيمة الأستاذ‏..‏ والفنان‏.‏

 

الأهرام اليومي في

26.04.2004

 
 
 
 
 

درس في دول شتى واختزل ابداعه في مصر

محمود مرسي

فارس عملاق ترجل عن جواد الفن

مشوار طويل ليس فقط في الابداع والتألق، ولكن ايضا في العناء والشقاء والمرض، فمشوار رسم خطواته الفنان محمود مرسي، لاشك انه محفور في وجدان وقلوب كل الجماهير العربية، فبصماته في كل عمل قدمه كان من خلال شاشة السينما او من خلال الاعمال التلفزيونية او بأعماله المسرحية والاذاعية، في كل مجال من هذه المجالات ترك محمود مرسي علامة مميزة تشير الى ابداعه وصدق عطائه بل واخلاصه لفنه، وبعد 81 عاما ترجل فارس الابداع ورحل، بعد صراع طويل مع المرض.

ولكن وقبل ان نغوص فيما تركه لنا من اعمال فنية، علينا ان نقرأ بطاقته ومراحل من حياته وهو في ريعان شبابه.

الثقافة الاوروبية

ولد الفنان محمود مرسي في 27 يونيو 1923 في مدينة الاسكندرية، وبدأ هاويا التمثيل وهو في اول دراسته الثانوية، وبسبب اندفاعه نحو هذا العالم الجديد عليه، بدأ يعد نفسه لدراسة الإخراج السينمائي، حيث سافر الى فرنسا بعد دراسته الثانوية والتحق بمعهد السينما «الايديك» بباريس.

ودرس به لمدة 4 سنوات ثم سافر الى لندن لدراسة المسرح وعمل أثناء هذه الفترة بالاذاعة البريطانية اثناء وقوع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، فعاد لمصر حيث عمل في البرنامج الثاني كمخرج إذاعي وأخرج للاذاعة العديد من التمثيليات والبرامج الخاصة.

وعقب انشاء التليفزيون انضم كمخرج تمثيليات، وحصل على منحة الى روما في بعثة للتليفزيون هدفها الاستفادة من تجارب الاخرين، وهو ماحققه محمود مرسي وكان أول فيلم يخرجه للتليفزيون فيلم «الطريق الطويل» ثم اتجه بعد ذلك للتمثيل وكان أول أفلامه «أنا الهارب» في سلسلة أفلامه التي بلغت أكثر من 300 فيلم من أشهرها الباب المفتوح، الليلة الأخيرة.

المتمردة، أمير الدهاء، ثمن الحرية، العنب المر، الخائنة، فارس بن حمدان، السمان والخريف، الليالي الطويلة، شيء من الخوف، فجر الإسلام، زوجتي والكلب، أغنية على الممر، الشحات، امرأة عاشقة، أبناء الصمت، أمواج بلا شاطئ، التلاقي، طائرة الليل الحزين، شمس الضباع، سعد اليتيم، حد السيف، ومن يدفع الثمن.

ومن المسلسلات التليفزيونية شارك في «زينب والعرش، العائلة، أبو العلا البشري، بنت الأيام، المحروسة 85، سفر الأحلام، عصفور النار، لما التعلب فات، الرجل والحصان وثلاثية نجيب محفوظ وآخر أعماله التليفزيونية كان مسلسل «بنات أفكاري» وتوفي وهو يستعد للمشاركة في بطولة مسلسل «وهج الصيف» تأليف أسامة أنور عكاشة وإخراج هشام عكاشة.

وفي مجال الأعمال الاذاعية شارك في عشرات الاعمال كمخرج ثم كممثل وكانت آخر أعماله قد أذيع في مارس الماضي وهو مسلسل «فارسة الأدب العربي» مع سميحة أيوب.

كما عمل كأستاذ بمعهد السينما حيث رأس قسم الاخراج بالمعهد، وحصل على العديد من الجوائز منها الجائزة الأولى في التمثيل عن فيلم «الليلة الأخيرة» وأحسن ممثل عن فيلم «شيء من الخوف» و«سعد اليتيم» وجائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 2000.

وهج الصيف

تحول مسلسل «وهج الصيف» إلى كارثة انتاجية فنية بكل المقاييس على مخرجه الشاب هشام أنور عكاشة وكاتب السيناريو عاطف بشاي، فقبل ايام قليلة توفي المنتج المنفذ للمسلسل منير زكي ، ثم جاء رحيل الفنان محمود مرسي الذي لم يصور سوى 11 ساعة فقط ولا يدري فريق العمل ماذا يفعل في هذا الموقف، فقد تلقى السيناريست عاطف بشاي خبر وفاة الفنان محمود مرسي فلم يستطع تصديقه وعاش لحظات ذهول ثم استعاد توازنه ليقول: مسلسل «وهج الصيف» اول مسلسل لي يقوم ببطولته الفنان محمود مرسي.

ولكن وفاته لاشك سوف تسبب كارثة انتاجية، وخاصة انه قام بتصوير نصف مشاهده في المسلسل والذي تبلغ ساعات تصويره 22 ساعة معظمها في مكتبه، الان سيتوقف تصوير المسلسل، وعلى المسئولين بمدينة الانتاج الاعلامي التفكير في ماذا سيفعلون، لكي يخرج المسلسل للنور، وخاصة انه صور نصف مشاهده.

في اللحظات الاخيرة من التصوير شعر الفنان محمود مرسي بآلام وتعب شديد ليلة الوفاة، وجاءه ابنه علاء ليقف بجواره ويستدعي له الطبيب، ولكن يبدو انه شعر بيوم اجله فطلب من ابنه الا يبلغ احدا إلا بعد الدفن، هكذا اراد محمود مرسي ان يرحل عن الحياة دون ان يزعج الاخرين خاصة الفنانة سميحة ايوب الذي ارتبط بها وخلفت له ابنه علاء.

مقبرة الاسرة

هكذا عودنا محمود مرسي أن يعيش في هدوء وان يرحل بهدوء وهو الذي شغل الناس بأدواره السينمائية والمسرحية والإذاعية والتليفزيونية عبر أكثر من 50 عاماً من العطاء النبيل، بلا ضجيج رحل محمود مرسي، لكنه ترك وصيته وهو ان يدفن في الاسكندرية بمقابر أسرته، لقد عاش حياته كفنان ورحل وهومخرج وممثل قدير بعقلية متفتحة كان شخصية سوية ومحترمة وارتقت الى مستوى المدرسة التي يتخرج منها الفنانين.

وجدير بالذكر ان محمود مرسي عندما عاد للشاشة الصغيرة عاد اليها بعد غياب ثلاث سنوات، من خلال احداث المسلسل التليفزيوني الجديد «وهج الصيف» الذي لم يكمل تصويره بعد ان نجح مخرجه هشام عكاشة في اقناعه بالشخصية التي سيلعبها وهي لرجل اعمال يدعي «الرمادي» يحقق ثروة هائلة على حساب استغلال الناس دون قيم او مباديء.

حتى حفيدته لم تسلم من سطوته، لرفض زواجها من الشاب البسيط الذي تحبه، ويحاول ارغامها على الزواج من ابن عمها ولكنها تتمسك برفضها، في المقابل يطارده صحفي شاب، لكشف مخالفاته وكشفه امام الرأي العام، والمسلسل بدأ تصويره منذ اول مارس باستوديوهات مدينة الانتاج الاعلامي، وكان معه كمال ابورية وابراهيم يسري ومحمد نجاتي واسامة عباس.

المعروف ان آخر اعمال محمود مرسي على الشاشة الصغيرة كان مسلسل «بنات أفكاري» تأليف محسن زايد واخراج يحيى العلمي.

شهادات بعد الوفاة

على اثر وفاة الفنان محمود مرسي أبدى عدد من الفنانين حزنهم على غياب مثل هذا الفنان الذي يكن له الجميع الحب والتقدير خاصة وان كثير من الممثلين وقفوا امامه في اكثر من عمل وتعلموا منه فن الاداء واخلاقيات المهنة بل والالتزام بمواعيد الحضور، ولقد عبر اكثر من فنان عن حزنه.

الفنانة سميحة أيوب شاركت افراد اسرة الفنان جنازته ولكن عقب عودتها من الاسكندرية انهارت وعجزت عن الكلام.

ليلى علوي قالت هو فنان قدوة تعلمت منه أول درس في التمثيل من خلال مسلسل «دمعة ألم» عام 1980 وهو أول مسلسل لي وشاركت في بطولته سميحة أيوب وزيزي البدراوي ونصحني أن أكون طبيعية أثناء تأدية الدور، كما تعلمت منه عشق الفن، وكان يشجع كل الفنانين خاصة الشبان، كما كان لمسلسل «العائلة» النقلة الكبرى في حياتي الفنية.

يحيى الفخراني الراحل كان مثالا يحتذى به فقد قدم نموذجا في كيفية إحترام الفنان لذاته وجمهوره، وقد شاركته مسلسل وحيد هو«لما التعلب فات».

علي الحجار: شاركته مسلسل «أبو العلا البشري» وتعلمت منه الدرس الأول في التمثيل فكان المعلم والأب والأستاذ والقدوة.

الكاتب أسامة أنور عكاشة: فقدنا أهم فنان مصري في القرن العشرين وكتبت له مسلسلات كثيرة منها «رحلة السيد البشري» و«أبو العلا 90» و«عصفور النار» «ولما التعلب فات».

صلاح السعدني: شاركته في بطولة فيلم «أغنية على الممر» وفي مسلسلات «ثلاثية نجيب محفوظ» و«سفر الأحلام» فكان قدوة لنا جميعا خلال تصوير هذه الأعمال.

 

البيان الإماراتية في

29.04.2004

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004