كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

فيلم عن حياة المسيح

يثير جدلاً بين المسيحيين واليهود

عن فيلم

(آلام المسيح)

   
 
 
 
 

أثار فيلم "آلام المسيح" للنجم الأسترالي ميل غيبسون -الذي يصور الساعات الاثنتى عشرة الأخيرة في حياة المسيح -عليه السلام- ردود فعل متناقضة بين المسيحيين واليهود.

فقد أشاد المسيحيون بالفيلم بينما أبدى اليهود انزعاجهم عندما أقام غيبسون عدة عروض خاصة لجمهور من رجال الدين.

وقد تنبأ غيبسون الذي يقدم في فيلمه رؤية الكنيسة الكاثوليكية للساعات الأخيرة لحياة المسيح، بأن الجدال بشأن الفيلم قد يتنامى عند بدء عرضه للجمهور يوم 25 فبراير/ شباط.

وقال غيبسون أمام 4500 من رجال الدين الإنجيليين في عرض خاص بأورلاندو في ولاية فلوريدا "أتوقع أن الأسوأ لم يأت بعد، وأتمنى أن أكون مخطئا".

وكان غيبسون قدم الفيلم ليوضح بتفاصيل مثيرة كيف مات المسيح فداء للبشرية، وهو ركن أساسي في الديانة المسيحية، ولكن الفيلم يمكن أن يعتبر البعض أنه يظهر كيف خطط اليهود لقتل المسيح.

رد فعل اليهود

وقال الحاخام ديفد ساندمل من شيكاغو عقب حضوره عرضا خاصا أول أمس الأربعاء "هناك تصوير مثير للمشاكل لشخصيات اليهود في الفيلم". وأضاف لصحيفة صن تايمز في شيكاغو "هناك مبالغة لدور اليهود في "المحاكمة" وإعدام المسيح".

ويحذر زعماء يهود منذ أشهر من أن أي فيلم يستند إلى رواية الأناجيل الأربعة التي تشكل العهد الجديد بالكتاب المقدس لحياة وموت المسيح قد يصور اليهود على أنهم قتلة المسيح ويثير موجة من معاداة السامية.

وتجمع الأناجيل الأربعة على أن الزعامة الدينية اليهودية آنذاك عارضت المسيح باعتباره واعظا متمردا، وحثت سلطات الاحتلال الرومانية على إعدامه.

وسيجد المشاهدون اليهود في الفيلم تفاصيل مستمدة من الكتاب المقدس، منها مشهد يصف فيه متى الرسول كيف طالب اليهود بصلب المسيح وقولهم "دمه علينا وعلى أولادنا". ومشاهد كهذه كانت موجودة غالبا في مسرحيات تصور آلام المسيح ازدهرت في العصور الوسطى وكانت البذور لقرون من المعاداة بين المسيحيين واليهود.

رد فعل المسيحيين

وذكرت تقارير أن البابا يوحنا بولس وافق على الفيلم، ولكن مسؤولين بالفاتيكان نفوا ذلك، وقال خواكين نافارو فالاس المتحدث باسم الفاتيكان في بيان إن البابا شاهد الفيلم وهو "معالجة سينمائية للحدث التاريخي آلام المسيح طبقا للكتاب المقدس، والبابا معتاد على ألا يعبر عن رأيه في أعمال فنية علنا".

وقال الأب دونالد سينيور رئيس الاتحاد اللاهوتي الكاثوليكي في شيكاغو عضو اللجنة الأسقفية في الفاتيكان "أحدث الفيلم صدى عميقا في نفوس المسيحيين".

ومن المسيحيين الذين أشادوا بالفيلم تيد هاجارد رئيس الرابطة الوطنية للإنجليكيين في الولايات المتحدة وعدة كرادلة كاثوليك.

الجزيرة نت في

23.01.2004

 
 

السؤال الأكثر جدلاً منذ سلطة الرومان إلى عهد الأمريكان؟؟

عبد الله الحكيم *

(1)

تكتظ ذاكرة التراث الانساني بتراكمات روائية حول شخصية سيدنا المسيح عيسى بن مريم. ففي القرآن الكريم هناك قصص تتناول سيرته على نحو فريد ومغاير لما جاء في أناجيل سابقة أو وفق معتقدات آمن بها قدماء بني اسرائيل الذين جاء اليهم المسيح مبشرا بكلمة الله أو يهودا معاصرين لا زالوا عاكفين على قراءة ارث اسلافهم وآخرين أيضا لا زالوا على عهد طال عليه الأمد، لأن المسيح عيسى باعتقادهم لم يأت بعد.

وباختلاف صيغ الأناجيل الوارد منها الى الكنائس وما هو ممنوع بما لا اجماع عليه لدى الكاثوليك أو في الكنسية الشرقية، لوثرية كانت تلك الكنائس أو بروتستانتية، تعتبر الأناجيل جميعها السيد المسيح شخصية محورية تبدأ بها قصة الدين المسيحي وتنتهي اليه أيضا باعتباره مخلصا لخطايا العالم.

وفي أدبيات التراث الانساني تتشكل شخصية السيد المسيح وفق نسخ متفاوتة بحسب اختلاف مرجعيات يشرأب اليها كتاب ونقاد وشعراء ودارسين وعاملين في حقل الوراقة.

والواقع أنه ما اختلف الناس لعشرين قرنا متوالية، تلامذة وأساتذة، كهنة وباحثين فيما بينهم مثل ما اختلفوا عليه وبه حول شخصية المسيح.

فميلاد المسيح لم يكن شيئا جرت عليه العادة من قبل، وكذلك أيضا كان الجدل مثيرا ولا يزال حول بعضا من شذرات حياته ومعجزاته وأما قصة موته بما تثيرها من احداث تشكل في النهاية تاريخ حضارة تمسك بتلابيب العالم فلا زالت مربط فرس ونقطة رهان آيلة لاحياء خلاف يؤول الى خلاف وربما لا أحد يستطيع الحد من تدافع هذه الخلافات اذ يأتي المسيح لاحقا فيكون مجيئه الآتي في آخر الزمان نقطة الوقف.

كانت ولادته من بين خوارق لا مراء في ذلك ولا خلاف عليه بين مسيحي ومسلم، فسلام عليه اذ ولد بكلمة الله لأنه هكذا اراده الله أن يكون متفردا في الأرض، وينفرد القرآن الكريم بذكر معجزة الطفولة أكثر مما تشير اليها المرجعيات الأخرى بأن سيدنا المسيح تكلم في المهد بالهام الهي من روح القدس.

لقد ولد بمعجزة وفي طفولته اذ كان صبيا جرت على لسانه معجزة وتكتظ حياته بمعجزات ثرية جدا وعندما مات، فقد ترك بموته بين من أحبه فأتبعه وبين كارهيه أيضا الكثير من الخلافات وتبادل الاتهامات والظنون.

ولولا الاختلاف حول موت السيد المسيح لأنتقت عقيدة التثليث من العقيدة المسيحية، لأن رواية الصلب وما جاء بعدها هو مربط الفرس وأساس الخلاف بين اتباع الديانات السماوية.

غير أنه يستحيل أن تنتفي رواية الصلب من اساسها لأن الأناجيل المعتمدة باختلاف رواياتها وتداخل الأحداث التي تصيغ حياة وموت سيدنا المسيح منذ مراحل التدوين ولاحقا النقل من خلال ترجمات قديمة تتفق ضمنيا فيما بينها على رواية موت المسيح فوق الصليب.

ومن هنا فالايمان بالصلب وما يؤدي اليه ويجر معه واليه هو ركن أساسي لا تختلف عليه طوائف المسيحية أيا كانوا عليه.

ومن الملاحظ أن قصة الصلب هذه بملحقاتها الايمانية وما تؤدي اليه من أخبار سارة بحسب آخر تفسيرات انجيلية دفعت بالفكر المسيحي الى كتابة سجل من الخصومات والعداء فيما بينهم وبين اليهود اذ لا يزال الطرفان منذ كتابة الانجيل بصيغه الاربعة يختصمان.

فالمسيحيون مثلا لا زالوا بحسب طروحات الأناجيل الأربعة يحملون اليهود وزر قتل سيدنا المسيح،  لأنهم وشوا به عند بيلاطس البنطي الحاكم بأمر الامبراطورية الرومانية وقتئذ، وذلك بأنهم قبلوا وسعوا أيضا لالقاء القبض عليه بتهمة التمرد ومحاولة قيادة انقلاب ضد الحكومة، وبذلك فهم قد ضحوا به لكي ينجوا من تبعات غضب الرومان.

والواقع أن القصة هنا لها أكثر من وجه، فاليهود لا ينكرون بحسب الرواية التاريخية أن ما حدث كان صحيحا بزعمهم، وهم يبررون بحسب نبوءات لديهم أن من قبضوا عليه وقدموه الى حكومة بيلاطس البنطي لم يكن هو المسيح نفسه، وانما كان رجلا لصا أمتهن التجديف على الله وهو اذ يفعل ذلك فانما يتبوأ لنفسه زعامة الملك على بني اسرائيل.

وبحسب تدافع الروايات وتراشق الخلاف وتباين المواقف بين اليهود والمسيحين حيال موت المسيح، فاليهود كانوا يعتبرون أنفسهم من نواح تاريخية ودينية أيضا ولا زال الكثير يعتقد منهم الى الآن رغم استياء المسيحيين أنهم انما قتلوا لصا لا أكثر ولا أقل.

وعلى هذا الأساس فاليهود لا زالوا الى اليوم يعيشون مرحلة انتظار لمجئ المسيح الحقيقي الذي طال على مجيئه الأمد في معتقداتهم لأن ساعة مجيئه لم تئن بعد.

لكن مسيحيين ينظرون الى الموقف من ناحية أخرى، فهم يرون أن لصلب المسيح وجهان: أولهما تاريخي ممثلا في كون اليهود قبضوا عليه حسدا له ونكايه به لتقديمه قربانا الى الصليب، وأما الناحية الأخرى فهي دينية محضة لأن الله اذ يسوق (ابنه) الى الصليب، فهو يفعل ذلك لأن المسيح نفسه قبل أن يكون كبش فداء لخلاص من يؤمن أنه هكذا أسلم نفسه لغسل خطايا العالم.

هنا تضيف السينما الينا بعدا آخر من الخلاف والتوقعات، ففي السادس والعشرين من فبراير لهذا العام سوف يعرضون فيلما يتناول ( الآم المسيح)، وهو فيلم لميل جبسون ويعيش عرضه الآن العد التنازلي على مستوى الغرب المسيحي اذ يكرس من خلاله المخرج احتفال الفن بآخر يوم في حياة المسيح نفسه.

أنه دون جدال يثير القصة مرة أخرى بما تحمله من تداعيات دينية وتاريخية، وهو الى جانب ذلك أيضا يطرح سؤال قتل المسيح واضحا باقتباسه اربعة أناجيل واعتماد ثانوي آخر على روايتي راهبتين عاشتا حياتيهما قبيل مئات من سنوات ماضية بعلامات ميسمية شبيهة بجراح المسيح.

ان جيبسون يورد شهاديتهما التاريخية باتكائه على اضبارة العهدة الكنسية في كل من اسبانيا والمانيا، ويمكننا دون مواربة اعتماد جبسون لتلك الشهادتين من بين مشفوعات تاريخية تستخدمها الدراما لتعميق وشحن الاحساس المسيحي بتوريث اليهود اثما جماعيا بتورطهم في قتل المسيح وان كان جبسون قد نفى عن نفسه في لقاءات الميديا الغربية مسألة الاعتقاد الديني بتخصيص وراثة الاثم.

يتبع......

* كاتب صحافي سعودي

ab_13@hotmail.com

موقع "إيلاف" في

16.02.2004

 
 

السينما تعيد قتل المسيح إلى الواجهة مرة أخرى!!

عبد الله الحكيم *

(2)

من لا يقرأ الأنجيل كثيرا، فهو قطعا سوف يشاهد السينما في عرضها لفيلم الآم المسيح وهي تجتزئ بالتفصيل تركيزها الفني على أكثر المواجع ايلاما في الساعات الأخيرة التي عاشها سيدنا المسيح.

وللواقع فتلك المشاهد التي يركز عليها جبسون ويبرزها باستخدامه آخر ما وصلت اليه السينما من تقنيات مهنية وحرفية تثير السؤال الأكثر تعقيدا في على علاقة اليهود بالمسيحيين.

لقد حاول المجمع الكنسي الأعلى للفاتيكان في دروته الثانية ما بين عامي 1962 - 1965 تلافي خطورة الصدام باعلانه تبرئة اليهود من دم المسيح، واضعا بذلك فاصلة كنسية أمام كثير من الافكار والممارسات المسيحية التي تزعج الوجود اليهودي في عموم الغرب المسيحي.

لكن جبسون الذي يشاع عنه وحوله عدم تقديره لتبرئة اليهود من جانب الاجماع الكنسي في الفاتيكان، فهو بسبب كونه محافظا متزمتا يطعن في اجماع على هكذا نحو، وهو بسبب كونه مخرجا فهو يستخدم السينما بابراز واعادة صياغة مسألة قتل المسيح من باب التشفي بالضرب على أكثر الأوتار حساسية في العاطفة المسيحية حيال علاقة هذه العاطفة باليهود الذين بقوا في خانة الاتهام بقتلهم المسيح عيسى بن مريم على مدى الفي عام.

ولبعض من ذلك كله فاليهود يدجنون رأيا آخر في الميديا الغربية من خلال استخدام ادوات المرافعة النقدية للتاريخ وعلم الدين أيضا وهم فعلا ربما يتجاوزون الموقف بايجاد مخرج من ازمة الطرح المسيحي لاعادة تداعيات القصة؟

المثقف اليهودي مثلا يرفض الحديث عن الصلب في اطاره الديني، فهو مثلا يرى باعتماده على مصادر التشريع الروماني بان الدولة الرومانية كانت تستخدم الصلب عقوبة ضد سياسيين ومتمردين وخارجين عن ارادة الدولة، والرومان بابقائهم على الضحايا معلقين فوق الصليب، انما يمارسون طقسا اعلانيا جرت عليه ثقافة العقوبات بمنطق سياسة الدولة الرومانية لحث الناس على الاتعاظ بمن هو يبقى معلقا فوق الصليب جزاءا له على خروجه ضد ارادة الدولة.

ومن هنا فهم يقدمون طرحا سياسيا آخر لحكاية يعتبرها المسيحيون من بين أساسيات العقيدة المسيحية ممثله في حكاية الصلب لخلاص العالم.

وحتى قصة الرجلين الذين بقيا معلقين عن يمين وشمال المسيح اذ هو مصلوب في نصوص انجيلية، يطعن اليهود وبعض النقاد المسيحيين أيضا الى جابنهم في كون الرجلان لصين وقد جرى صلبهما لاعتبارات جزائية ينص عليها قانون العقوبات في الدولة الرومانية.

انهم يقدمون طرحا مختلفا للغايه، فهم يعتبرون الرجلين انما صلبا الا من اجل خروجهما ضد الدولة الرمانية، وقد رأى بيلاطس البنطي الذي هو شرير جدا ومتجهم دوما بموجب روايات ومصادر من خارج الذاكرة الانجيلية أن صلبهما وقتئذ يأتي تنفيذا لتوجيه العقوبة في حقيهما بموجب ما هو منصوص عليه في دستور الدولة الرومانية، والا فلو كان الرجلان لصين فعلا لسرت عليهما بعيدا عن الصليب عقوبة أخرى.

ومن هنا فهم يرون بتداعيات المنطق نفسه أن المسيح انما صلب لأسباب سياسية تتصل بتحريضه العامة للخروج ضد ارادة الدولة..

وهكذا فاليهود بحسب طرح على هكذا نحو أبرياء من دم المسيح في الماضي، ويفترض ان يكونوا بموجب الاجماع الكنسي للفاتيكان في دورته الثانية أبرياء أيضا في الحاضر، وعلى هذا الأساس يفترض أن يعيشوا مستقبلهم أيضا ابرياء من عقدة الاضطهاد المسيحي ومن عقدة وراثة الاثم الجماعي الذي يحاول مسيحيون تأكيدها عليهم لكي تبقى في جبينهم وصمة عار.

ولكن هناك أيضا مصدر آخر لا يبرأ اليهود من قتل الأنبياء بغير حق، وانما هو ينفي عنهم فيما يتصل بالقصة قتل سيدنا المسيح، وهذا المصدر هو القرآن الكريم بتبيان اضافي الى ما سوف يطال العالم من وراء هذه القصة، فالقرآن الكريم مثلا يذكر ان اليهود لم يقتلوا المسيح عيسى ابن مريم الذين أعتقدوا بموجب القصص القرآني أنهم قتلوه فعلا.

وهكذا يطل الخلاف بمواكبة الشكوك والتراشق بالاتهامات على العالم مرة أخرى. وهذا هو الشيئ الوارد ذكره في القرآن في سورة النساء اذ يخبرنا الله أن اليهود لم يقتلوا المسيح ولم يصلبوه وان الذين أختلفوا فيه لفي شك منه، وهكذا اذ نحن نلمس احد صيغ هذه الشكوك ونحن نبتعد عن الوحي القرآني بحوالي اربعة عشر قرنا أنه ما من يقين لدى اليهود بقصة قتلهم المسيح اذ كانوا يقولون ذلك فعلا منذ موت المسيح، وكذلك المسيحيون أيضا ما من يقين لديهم بصحة ادعاء اليهود بقتلهم المسيح، ولا يقين يكون أيضا باتهام المسيحيين لليهود وان أنكر الآخرون في سياسة العولمة ما يقرون به بين أنفسهم لتفادي الاضطهاد. ومع ذلك تكرس السينما قصة مضى عليها عشرين قرنا في محاولة فنية جريئة لاعادة السؤال مرة تلو أخرى الى الواجهة، فلعل السؤال بارتياب يأخذهم جميعا الى نفس الخلاف الذي كان سائدا منذ آخر يوم في حياة المسيح على الأرض أو أنه يأخذهم الى طريق جديد يتعلمون منه الحكمة.

* كاتب صحافي سعودي

ab_13@hotmail.com

موقع "إيلاف" في

17.02.2004

 
 

يتناول أكثر اللحظات كرباً في عقيدة المسيحيين

"آلام المسيح"

يثير (هولوكوستا) فنياً باقتباسات من الإنجيل

عبد الله الحكيم *

يثير فيلم الآم المسيح لجبسون أهم الأسئلة المصيرية في الدين المسيحي، فمن بين الأسئلة التي يوحي الينا بها جبسون مثلا ماذا يخبرنا التاريخ عن السيد المسيح، وكيف كان العصر الذي عاش به ومن أين جاءت بالضبط قصة معاداة السامية وكذلك أيضا يثير الفيلم وهو الأهم من هذا وذاك سؤال من قتل السيد المسيح ممثلا في قصة المعاناة التي عاشها المسيح على يد اليهود والرومان.

وهكذا يعيد الفيلم الى اذهان العالم المسيحي في الشرق والغرب قصة قتل المسيح بحسب شواهد انجيلية بادئا بتسليط الضوء على المسيح وهو يصلي في حديقة بمكان غير بعيد عن أصحابه النائمين. وبتكريس مشهد على هذا النحو يخبرنا الفيلم اننا من واقع السيناريو نعيش الساعات الأخيرة من حياة عيسى الناصري عام ثلاثين للميلاد في زمان عيد الفصح.

كانت فلسطين في تلك المرحلة جزءا من المستعمرات الرومانية، وكان بيلاطس البنطي يحكم المنطقة كممثل عن القيصر، فيما كانت المرحلة تعج بانتفاضات ومحاولات تمرد ضد الدولة الرومانية، وكان المسيح قد جاء من الجليل يعلم الناس وطبيبا يداوي الآم الكثيرين. علم المسيح عيسى بن مريم الناس أشياء كثيرة وكانت تعاليمه وكلماته وقتئذ تأخذه بحسب وقائع الفيلم شيئا فشيئا الى النهاية.

أكتسب المسيح شهرة وطغت شعبيته في صفوف الحشود الذين جاءوا للاحتفال بعيد الفصح، وهكذا بحسب الرؤية الدرامية لجبسون وفق مرجعياتها الانجيلية نادت به الجموع مسيحا، ولما وصل ذلك الى اليهود فهموا أن عيسى هو ملك اليهود الذي يأتي مبشرا بمملكة الرب.

غير أن هذه الفكرة كان لها من نواح سياسية معنى آخر يمهد لتألق نجم اسرائيل ويهدد وجود الدولة الرومانية.

كان اليهود متعطشين الى الحرية، وكان البعض منهم قد جاء الى السيد المسيح مهددا باستغلال الموقف الآخذ في التردي، غير أن كهنة المعبد كانوا على تفاهم مع الحكومة الرومانية بحيث يبذل الكهنة قصارى جهدهم لتهدئة الوضع مقابل أن لا ينكل بهم بيلاطس البنطي. ومن هنا تتفق روايات أن كبير كهنة المعبد أرسل مجموعة رجال بقيادة يهوذا الأسخريوطي للقبض على السيد المسيح، ولما عثروا عليه في الحديقة سألهم المسيح قائلا: ( عم تبحثون؟). فقالوا له ( اننا نبحث عن يسوع الناصري؟).

وسريعا كانت اجابة السيد المسيح: (أنا هو أمامكم).

يقول جبسون: هنا تبدأ الآم المسيح.، اذ أن كلمة ألم بمعناها اللاتيني passus هي التي تعبر عن قلب الايمان المسيحي.

ان فيلم (الآم المسيح) لجبسون يثير جدلا حول هذه النقطة، وقد قال جبسون أن الروح القدس كانت تعمل بداخله وترشده بحسب رأيه الى استلهام الصواب.

سوف يعرض الفيلم في 25 فبراير، وهو يمكن أن يثير بحسب توقعات نقدية جدلا واسعا بين من يعتقد بدافع التكريس العاطفي لألم المسيح أن اليهود مسؤولين عن قتل المسيح واخرين يعتقدون أن الفيلم يثير من غير وجه حق تحريضا ضدهم، اذ أنه من اللافت للنظر أن تلك اللحظات التي يركز عليها الفيلم هي لحظات عصيبة جدا في عقيدة كل مسيحي. ومن هنا فاعادة البناء الدرامي للكرب والضغط والاهانة التي تعرض لها المسيح وانتهت بقتله يمكن أن تثير في مشاهدين نوبات بكاء وندم وانفجار عاطفي وهم يرون الآم المسيح تتجسد أمامهم في مشاهد قال النقاد أن جبسون خدمها بمنتهى العناية المهنية لحرفة الاخراج.

ومن ناحية جبسون فقد تناول الموقف النقدي حول فيلمه وعلق عليه قائلا:

أنه من أجل التركيز على تلك اللحظات العصيبة لم يستلهم نسخة انجيلية واحدة وانما عمد الى الاقتباس من الأناجيل الأربعة مضافا الى ذلك شواهد اخرى بما يخدم اعادة اخراجه القصة في حبكة لا تضيف جديدا الى التاريخ وانما تساعد في تكثيف المعاناة ولحظات الكرب وشحنها بطابع عاطفي من القدسية.

لكن كاتبا أمريكيا يتمتع بحس نقدي كتب قبل حوالي عشرة أيام مقالا مطولا في مجلة النيوزيك عطفا على عرض الفيلم فيما يتصل بصحة المصادر التي يقتبس منها جبسون مشاهده حول الآم المسيح قائلا أن الأنجيل لا يمكن أن يكون مصدرا دقيقا خال من الاشكالات، فبرغم أن مؤمنين مسيحيين يرون فيه كلمة الله، الا أنه ليس معنى ذلك أنه يمكننا على مستوى الاقتباس الفني اعتبار ما نقتبس عنه يمثل سجلا ايمانيا صحيحا من ناحية قياس الأحداث التاريخية. وعلى هذا الأساس يقرر المحرر الناقد الذي هو عنصر في طاقم تحرير النيوزيك قائلا أن الانجيل الذي بين أيدينا هو في حقيقته نتاج انساني لمؤلفين كتبوا في أوقات معينة وبأفكار متباينة بعض الشيئ لكي يمنحو الرؤى المسيحية وثائق تنتشر بين الناس وبذلك فهي تكفل للدين المسيحي البقاء.

يتناول الناقد قصة الصلب وانعكاساته الوراثية على مدى التاريخ بتحميل مسيحيين اليهود تبعات الآم المسيح، فينفي أن يكون المسيحيين العارفين بظروف المرحلة التاريخية لمحاكمة المسيح يتهمون بقصد من خلال الاشارات الانجيلية جميع اليهود الذين كانوا أحياء في تلك المرحلةن ومن الطبيعي بحسب تدرج الموقف في سياق منطقي على هذا النحو أن المسيحيين لا يشيرون باصابع الاتهام الى اليهود الذين لم يكونوا قد ولدوا بعد.

وبنحو آخر أكثر دقة يشير الناقد الأمريكي أن كتبة الأناجيل اذ كانوا يستخدمون في نصوص لهم كلمة يهود، فانما كانوا يقصدون بها من واقع المتن الانجيلي نخبة من كهنة المعبد. وعلى هذا الأساس فكلمة يهود تنحصر بها الاشارة وقفا على الفئة ممن أعتقدوا أن المسيح سوف يكون سببا في هلاكهم على يد بيلاطس البنطي، ولذلك فقد عمدوا الى تصعيد الموقف وارسل كبير الكهنة رجاله بقيادة يهوذا الاسخريوطي لكي يقبضوا على المسيح.

ومع ذلك يبقى السؤال الأكثر أهمية في قصة الفيلم هو من قتل المسيح؟؟

يقول الناقد الأمريكي جون ميشام اذا لجأنا الى استجواب التاريخ فالرومان هم الذين قتلوا المسيح ولكن من نواح دينية لدى المسيحيين فالاجابة تختلف كثيرا، اذ أن خطايا العالم هي التي دفعت بالمسيح الى الصليب. ومن وجهة نظر كاثوليكية فان الكاثوليك لا يلقون بلائمة على اليهود من نواح تاريخية، بل يعتبر الكاثوليك المسيحيين أنفسهم أيضا مسؤولين عن الكرب الذى عانى منه المسيح، وكذلك فهم لا يستثنون أحدا من مسؤولية الكرب الذي تجرعه المسيح.

وبرغم تطورات كنسية هامة واكبت الموقف الديني واسفرت ما بين عامي 1962_ 1965 عن قرار الفاتيكان بتبرئة اليهود تماما من دم المسيح، الا أن فيلم جبسون يأتي الآن في بداية الثلث الأخير لشهر فبراير الجاري لكي يفجر مجددا مشاهد انجيلية خطيرة بتركيزه من خلال السينما على كهنة اليهود وهم يقودون رعاعا غاضبين لقتل المسيح، فيما يرفض بيلاطس البنطي أن يتحمل وزر قتل المسيح.

توجد مخاوف حاليا في أوساط يهودية أن يبدد عرض الفيلم جهود عمل أثمرت في صالح تبرئة الموقف اليهودي من دم المسيح على مدى الأربعين سنة الأخيرة منذ اصدار الفاتيكان قرارا يدعو الى التسامح، غير أن المخرج جبسون قد نفى من ناحيته في أكثر من مناسبة عامة أن يكون اخراجه لهذا الفيلم موجها ضد السامية، ناهيك عن كونه قد أعلن من ناحيته صراحة أنه لا يؤمن بعقدة الذنب الوراثي مشيرا الى تعاليم الكنيسة بأن العداوة في طورها الوراثي وخطايا الانسانية جمعاء تؤدي الى الحب وقبول الآخر في النهاية. ومن هذا المنطلق فخطايا اليهود لا تعتبر استثناءا في هذه الحالة.

ولكون جبسون يمتلك عقلية مراوغة فقد قال ذات مرة في حوار له مع الشبكة العالمية للكاثوليكية حول العالم بأن اليهود مدانون بقتل المسيح، ولكن هذا لا يعتبر هدفه.

هنا فقط يعيد جبسون العبارة الكاثوليكية نفسها اذا يقول مجددا اننا جميعا جديرون باللوم، ثم يضيف قائلا: ( انني لا أريد اعدام اي يهودي من غير محاكمة)، - في اشارة له أن المسيح تألم من غير أن يلقى محاكمة عدالة طبعا - وهكذا ينهي جبسون الكلمة بقوله: ( أنني احب اليهود وانا أصلي من أجلهم أيضا).

يركز فيلم الآم المسيح على آخر ساعات عاشها المسيح، وفي الفيلم تظهر لقطات الفلاش باك لكي تضيئ وميضا من سياقات مقدسة بأثر رجعي، بحيث يتناول جبسون من خلال تلك الاضاءات مقاطع من طفولة المسيح وكيفية دخوله الى (بيت المقدس)، ناهيك عن مواعظ الجبل وقصة العشاء الأخير. وباستثناء ذلك يركز الفيلم بألق تاريخي ولغوي مرجعي على ساعات الكرب التي تجرعها المسيح الى أن يلفظ بحسب الاحالة الانجيلية نفسه الأخير فوق الصليب.

ولكي يطرح جبسون رؤيته السينمائية على نحو فريد، فقد لجأ الى عملية دمج روائي بين الأناجيل الأربعة في سردياتها عن حادثة الصلب مستوحيا رؤيتين اضافيتين يقتبسهما من راهبتين عاشت الأولى منهما ما بين عامي 1602 - 1665 في أسبانيا والثانية ما بين عامي 1824-1874 في فرنسا.

كانت الراهبتان وليدتا عصريهما، وكلاهما يحملان ندوبا تشبه الآثار التي لحقت بالمسيح أثناء وبعد صلبه، فيما تنفرد الراهبة الأخيرة بظهور أثر لمسامير على يديها في منطقة الرسغ من غير أن تكون الندبات بقايا لجروح قديمة، وكلا الراهبتين الموسومتين بما يعتقد في المنطق الكنسي أنه أرث ستيجماتيكي مقدس قدمتا شهادتين منفصلتين وغامضتين تحملان اشارة ضمنية تحمل اليهود وزر صلب المسيح.

في هذه الجزئية الأخيرة يتهم الناقد ميشام المخرج جبسون أنه يعتمد على الوهم في اثبات شيئ لا يوجد دليل مادي على قيامه. ففيما تظهر الروايات الانجيلية بيلاطس البنطي أنه رجل وديع ينأي بنفسه عن التورط في تحمل تبعات دم المسيح، يجمع مؤرخون أن بيلاطس كان عنيدا ومتجهم الوجه وغير متسامح أبدا، وقد عرف عنه من سياقات صحيحة من شواهد العقوبات أنه يعدم مثيري الشغب دون محاكمة.

هنا يظهر سؤال آخر في محاولة لتحجيم الرؤية الفنية لجبسون. وهذا السؤال هو لماذا أعتمد جبسون على روايات انجيلية بحيث يعيد طرحها على نحو تجعل يهود تلك المرحلة يبدون اواغادا وبطريقة اسوأ مما كان عليه الرومان أنفسهم.

ثم ان هناك تبقى مشكلة أخرى، فأقدم الأناجيل مكتوبة باللغة الأغريقية القديمة. ويظهر التعقيد جليا في كون المعنى الدقيق للكلمات التي تتناول اليهود، فكلمة يهودي لم تكن تعني برسمها الأغريقي انجيليا جميع الشعب اليهودي الذين تبعوا السيد المسيح على عهد كتبة الأنجيل أنفسهم. وحتى عيسى واتباعه لم يكونوا بالتأكيد يدخلون في تطاق العبارة بدلالتها التاريخية وقتئذ. وبمعنى ادق فقد كانت كلمة يهودي في السياق الانجيلي المكتوب باللغة الأعريقية القديمة تعني نخبة الكهنة الذين يمتلكون القرار الديني والاداري لتصريف الرأي نيابة عن شعب اسرائيل.

وعلى هذا الأساس فقد كان الشعب اليهودي منقسما الى جماعات باطياف فئوية وحزبية أيضا، وكانت كل طائفة ترى انها الممثل الحقيقي للايمان السلفي مما أوجد في الوسط اليهودي من الداخل مناخا موبوءا بالعراك والحزازية واتخاذ تدابير التسلط بين فئة ضد أخرى.

ومن خلال معطيات تاريخية على هذا النحو، نستطيع فهم أصول التصور الانجيلي لمؤسسة المعبد.

لقد كان كبار الكهنة يزدرون اتباع المسيح، ومن هذا المنطلق فقد صور مؤلفي العهد الجديد كبار الكهنة على نحو انتقامي انهم طائفة من الأشرار. وبنفس المنطق أيضا فذلك يفسر لنا موقف الترشيد النقدي للاناجيل في الكيل للموقف الروماني بما يدرء عنه رويدا.. رويدا درجة التخفيف تهمة الذنب في قتل المسيح.

فكيف بهم الآن اذ يذكرون العالم من خلال السينما أن الأمبراطورية التي كانت تحكم العالم وقتئذ ولا تزال الى الآن تدير منطقة البحر المتوسط في نواح منه هي التي اعدمت المسيح لأسباب سياسية بوصفه قائد ثورة كان يتطلع لتحريرهم من ظلم الرومان!!

ان فيلم الآم المسيح يفتتح مشاهده الأولى بتشخيص المسيح وهو قائم يصلي، فيما يحاول الشيطان غوايته، اذ قال الشيطان للمسيح لا يوجد انسان يستطيع تحمل تبعات خطايا العالم.

وكما هو مكتوب في الأناجيل فان ذلك يوحي الينا ان العالم في قبضة الشر، وقد جاء المسيح لكي يحرر العالم بموته وقيامه من قوى الظلام. وهكذا يكون المسيح بالمفهموم الانجيلي قد أحدث بالآمه ثورة وتغييرا في مصير العالم.

* كاتب صحافي سعودي

ab_13@hotmail.com

موقع "إيلاف" في

20.02.2004

 
 

أسقف أمريكي: فيلم "آلام المسيح"

لا يعادي السامية

قال الأسقف الأميركي جون فولي رئيس المجلس البابوي للعلاقات الاجتماعية ومستشار البابا يوحنا بولس الثاني لشؤون الإعلام إنه لا توجد أي معاداة للسامية في فيلم "آلام المسيح" للمخرج ميل غيبسون الذي بدأ عرضه في الولايات المتحدة وسط مشاعر وآراء متباينة.

وأكد فولي الذي شاهد الفيلم مع السفير الأميركي لدى الفاتيكان جيمس نيكلسون أنه لم يخرج بأي انطباع بأن هذا الفيلم قد يثير مشاعر ضد اليهود، وأضاف "الفيلم ليس معاديا للسامية لقد شاهدته من منطلق مسؤولياتي ومسؤولياتنا في آلام المسيح، أما بالنسبة إلى اليهود فعلينا ألا ننسى أن المسيح والعذراء (والرسل) كانوا يهودا جميعا".

ومضى يقول إنه حسب قناعته فإن الفيلم قد يثير مشاعر ضد الرومان، وعليه فإنه إذا كان لأحد أن يحتج فهم الرومان معربا عن اعتقاده بأن اختيار عرض الفيلم بروما في السابع من أبريل/ نيسان المقبل الذي يصادف يوم الجمعة العظيمة لن تكون له أي آثار سلبية.

وشاهد البابا الفيلم الشهر الماضي لكنه لم يبد رأيا حسب ما نقل الفاتيكان، ونفى سكرتيره الشخصي أن يكون البابا قد قال بعد مشاهدة الفيلم "هذا ما حصل فعلا". وقال الناطق باسم الفاتيكان في بيان خاص "إن فيلم آلام المسيح هو تصوير سينمائي لآلام يسوع المسيح طبقا للإنجيل".

وقد أثار الفيلم الذي بدأ عرضه في الولايات المتحدة ردود أفعال متباينة خاصة بعد أن تعرض لانتقادات عنيفة من منظمات يهودية تتهمه بأنه يصور اليهود على أنهم قتلة المسيح.

ونظم اليهود وأصحاب ديانات أخرى مظاهرات احتجاج متفرقة صغيرة، وارتدى قرابة 24 يهوديا زي معسكرات التعذيب النازية خارج دار عرض أبر وست سايد للإيحاء بأن صورة اليهود في الفيلم هي من نفس نوع الكراهية التي أدت إلى ما تدعى محرقة اليهود على يد النازي.

ويروي الفيلم الذي بدأ عرضه الأربعاء الساعات الاثنتي عشرة الأخيرة من حياة المسيح على الأرض مصورا جلده وتعذيبه بشكل واقعي وبعنف جعل الفيلم يصنف في فئة الأعمال المحظورة على الأطفال الذين لا يرافقهم بالغون.

الجزيرة نت في

27.02.2004

 
 

فيلم "السيد المسيح" على الشاشة البيضاء:

آلامه لم تُخلِص البشرية من المعاناة والإضطهاد

ناجح حسن

يتوقع ان يمتد الصخب والجدل الذي ما يزال يثيره فيلم «الام السيد المسيح» لمخرجه ومنتجه الممثل الاميركي الاسترالي الاصل ميل غيبسون نحو ما ليصل الى ضجة وتظاهرات منظمة عشية بدء عروضه العالمية الاولى التي انطلقت فعلاً مساء اول من امس في الولايات المتحدة والذي يأتي توقيته اختباراً لقدرات منظمات وجماعات رأت في ان الفيلم عملاً معادياً للسامية، وهي تهمة لا يستطيع صانع فيلم «الام السيد المسيح» ان يواجهها بمفرده ان لم تناصره جماعات مناهضة لهذه الدعاوى المفتعلة التي طالما كانت سلاحاً يشهر في وجه كل من يقدم موضوعه بعيداً عن الدائرة الهوليوودية ورؤاها.

وقد اختارت الجماعات المناهضة للعمل من المنظمات اليهودية هذا التوقيت بالذات في رفع صوتها ضد الفيلم في محاولة لاختبار قدراتها على حشد الرأي العام وتحرياته، مع موسم الانتخابات الرئاسية الاميركية، لتحقيق حصادها الوفير.

ولم تكن الازمة التي فجرها ظهور فيلم «جيسون» هي الاولى، فتاريخ السينما مليء بالمواجهات التي صاحبت عروض الافلام التي تناولت شخصية المسيح وكان اول ظهور للمسيح على الشاشة البيضاء قريباً من تاريخ ظهور السينما نفسها العام (1897).

ولم يكن يمضي على هذا الحدث عام واحد، الا وكانت شركة فرنسية قد انتجت فيلماً عن (عذراء اللورين) التي بذلت حياتها من اجل تحرير فرنسا من الاحتلال وحمل الفيلم عنوان «جان دارك» وكان من بين تلك الاعمال ايضاً افلام «اليس جي» (1906) «حياة المسيح» (1908)، «قبلة يهوذا»، «ميلاد المسيح» (1909)، وفي العام نفسه قدم المخترع الاميركي توماس اديسون فيلم «نجمة بيت لحم» واتبعته احدى الشركات الاميركية بعد ثلاثة اعوام بفيلم «من المهد الى الصليب» من توقيع المخرج سيدني اولكوت واعتبر هذا العمل اول فيلم رئيسي عن حياة المسيح وما يزال يعرض خلال المناسبات الدينية كواحد من اشهر كلاسيكيات السينما رغم ما كان اثير حوله من جدل واعجاب.

رائد السينما الاميركية ديفيد غريفيت الذي تناول فيه اشهر جرائم التعصب في التاريخ ومنها صلب السيد المسيح اثار حفيظة المنظمات اليهودية التي اعترضت على تصوير المسيح وهو يدق بالمسامير في الصليب على ايدي العبرانيين وواجه اعضاء المنظمة المنتجة للفيلم بأدلة تدحض احداث الفيلم وطلبت من المخرج بحذف هذا الجزء، وتعرض نتيجة لرفضه الى حملة شعواء، في اميركا اضافة الى ضغوط اخرى هددت المصالح المالية والصناعية للمخرج والمؤسسات التي عملت في الفيلم ولم ينج عن ذلك الرقباء الذين اجازوا عرض الفيلم وشملت الحملة الرئيس الاميركي وقتذاك مما اضطر المخرج في النهاية الى الرضوخ الى الضغوطات وقام بحرق المشهد المعترض عليه.

بعد ذلك تكررت سلسلة الافلام التي تتناول سيرة المسيح بأفلام عالمية من بينها: «اوراق من كتاب الشيطان» (1922)، لكارل درايير المخرج الدنماركي الذي قدم «الام جان دارك» (1928)، «بن هور» الفيلم الصامت لمخرجه الاميركي فريد بيبلو، و«المتكلم» (1958) لمواطنه ويليام وايلر، وفضلاً عما تقدم نذكر بفيلم «ملك الملوك» الصامت لمخرجه الاميركي سيسل دي ميل، ونسخة اخرى من فيلم «المتكلم» لاميركي اخر نيكولاس راي. وقبل ذلك الفيلم الفرنسي «جبل العذاب» (1935) لجوليان دوفافييه و«مريم المجدلية» (1946)، لمخرجه المكسيكي ميجاويل توريس، «هو الذي يجب ان يموت» (1957) للمخرج الفرنسي جول داسان.

لكن اشهر الصدامات كانت تلك التي احاطت بفيلم «انجيل متى» (1964) او «الانجيل حسب تفسير القديس ماتيو» بحسب العنوان الاصلي للفيلم، للايطالي بيار باولو بازوليني فقد اثار هذا العمل في حينه اعتراضات عديدة بسبب طرحه الجريء لشخصية السيد المسيح، الذي قدمه فيها بازوليني في سياق رؤيته الاجتماعية والفكرية كداعية ترتبط دعوته الى قيم روحية جديدة بالدعوة الاجتماعية الى تغيير اوضاع الفقراء والبسطاء والمهمشين والبؤساء وسعيهم الى خلق مجتمع جديد. وارتفعت آنذاك اصوات كثيرة تطالب بمعاقبة المخرج لما ارتكبه من تحريف.

وطالت اتهامات متشابهة المخرج الايطالي فيدريكو فيلليني كان من نتائجها ان تأخر عرض فيلمه «الحياة حلوة» لفترة ليست بالقصيرة بسبب احتجاج الفاتيكان على المشهد الاول في الفيلم.

كذلت تعرضت غالبية افلام لوي بونويل للهجوم من جانب الكنيسة وواجهت المنع والمصادرة في اسبانيا ابان حكم الجنرال فرانكو.

وحمل العام 1988 اكثر من مفاجأة على صعيد تناول شخصية المسيح في السينما اذ وصلت التهديدات التي صاحبت عروض فيلم «الاغواء الاخير للمسيح» الى حد التهديد بنسف الصالات التي تقوم بعرض الفيلم في بعض المدن العالمية وبالفعل فقد انفجرت قنبلة في احدى دور العرض الباريسية، واستمر التنديد بالفيلم في اماكن اخرى بالعالم، ورفعت دعاوى ضد الفيلم ومخرجه مارتن سكورسيزي، بحيث اجازت الرقابة البريطانية الفيلم بعرض نسخته الكاملة بعد فترة، نظراً للنوايا الطيبة والمخلصة لصاحبه.

            وفي العام (1989) كان المخرج الفرنسي - الكندي دينيس اركان يقدم فيلمه بعنوان «مسيح مونتريال» في مهرجان (كان) السينمائي الدولي واعتبره عملاً بصرياً اصيلاً غير مسبوق في تاريخ السينما العالمية، الذي يكشف فيه عن تناقضات ثقافة كاملة، وعن انهيار العلاقات الانسانية وتفككها، وعن الوحدة البائسة التي تسيطر على الانسان في الغرب، وعن المحاولات الدؤوبة للبحث عن ملاذ آمن وايضاً عن عبثية المصير الحالي للفن والمبدع في وسط عالم يحكمه الجشع والطمع وسائر اشكال الترويج الزائفة.

ومن دون شك ان الموقف الذي عبرت عنه الجماعات الدينية اليهودية لدى مشاهدة اركانها لفيلم «الام المسيح» لميل غيبسون في حفل خاص في الاشهر القليلة الماضية وعبر عنه صراحة بأنه فيلم «مثير للقلق العميق» وهذا يعني ان الايام المقبلة وخصوصاً لدى عرض العمل في العواصم والمدن العالمية سوف تشتد حملة الاتهامات ضد الفيلم وصاحبه وصف فيه العمل وصاحبه بالرجعي والتحريفي، و«معاد للسامية» .. على الرغم من تلخيص رجالات الكنيسة للفيلم بأنه «مطابق تماماً للاحداث» وابدت موافقتها على عرضه، لكن الاخبار التي تتالى من عاصمة السينما العالمية تقول انه جملة مواجهة الفيلم وصاحبه قد بدأت فعلاً ورفضت كثير من شركات هوليوود توزيع الفيلم في العالم، رهبة من جماعات الضغط المرتبطة بالحركة الصهيونية في الولايات المتحدة، بسبب اصرار ميل غيبسون على قناعته بأحداث الفيلم المستمدة من الكتاب المقدس والمطعمة برؤيا راهبتين في منزلة القديسات واخلاصاً للحقيقة التي يراها غيبسون فقد جعل حوارات الفيلم كله تدور باللغة الاصلية السائدة في حقبة الفترة التي عاش فيها السيد المسيح في فلسطين.

الرأي الأردنية في

28.02.2004

 
 

"آلام المسيح" لميل جبسون يجتاح الصالات الأمريكية:

القاتل والقتيل وجهاً لوجه في السينما التراجيدية

فرح جبر

"آلام المسيح" للمخرج والممثل الأوسترالي ميل غيبسون يعيد الى الواجهة السينمائية الفنية، والإعلامية والشعبوية والدينية، مسألة صلب المسيح ومسؤولية اليهود فيها. فما أن أنجز تصوير الفيلم وبدأت حملة الترويج الإعلامية له، حتى اندلعت "حرب" شعواء ضده وضد مخرجه الذي اتهمته الجمعيات اليهودية في أميركا وأوروبا بمعاداة السامية. الفيلم الذي بدأ عرضه الأربعاء الفائت في أكثر من أربعة آلاف صالة أميركية ضاقت بروادها، من المتوقع عرضه في الصالات اللبنانية خلال الشهر المقبل. وليس نافلاً القول إن صوت السيدة فيروز يسري في  طيات الفيلم من خلال بعض التراتيل الدينية.

كيف يمكن أن نقرأ عبر الشاشة حقيقة صلب المسيح في التاريخ الديني، وكيف يمكن تصوير هذه الحقيقة في فيلم سينمائي؟ وفي سؤال لا يزال مطروحاً الى الآن: من قتل هذه الشخصية التراجيدية الأكثر شهرةً ورمزيةً، والتي لا تزال مثار إلهام للعديد من الفنانين والشعراء والفلاسفة والكتاب، ويتماثل بها الكثير من البشر في يومياتهم وحياتهم؟ كثيراً ما نشاهد افلاماً عن الصلب، لكنها تعبر عبوراً عاطفياً وانفعالياً اكثر مما تخطفنا الى جوهر الحقيقة، التي هي ميراث صعب الاحتمال، في زمن ملاذه الزيف والتلفيق.

منذ عقد ونصف عقد أثيرت ضجة كبرى حول "مسيح" مارتن سكورسيزي عن رواية نيكوس كازنتزاكس.

اليوم تثار ضجة توازيها إن لم تكن تتخطاها، حول مسيح ميل غيبسون، بفارق بين الاول الثاني لخصه جوش باران، المسؤول عن الدعاية في فيلم سكورسيزي على صفحات "لوموند" بقوله إن المتدينين في ذلك الحين هم الذين هاجموا الفيلم، في حين أن  المتدينين اليوم هم الذين يدافعون عنه. المهاجمون اليوم هم اليهود".

واذا كانت هوليوود، عوّدتنا  الاهتمام بما يمكن أن نسمّيه "الديانات غير الحقيقية"، فقد عوّدتنا ايضاً الاهتمام بأسياد هذه الديانات واحاطتهم بهالات من السحر. ميل غيبسون يخرج على هذه القاعدة بفيلمه المغاير والجريء الذي يروي قصة الصلب في فيلم سيترك النقاش حوله الكثير من الريش والغبار.

مسيح ميل غيبسون يثير لانه يتجاوز كل قرارات المجمع الفاتيكاني (1962- 1965) الذي برّأ اليهود من تهمة قتل المسيح.

مسيح غيبسون

يقول بعض النقاد ان ميل غيبسون يعيد احياء احد الاسئلة الاكثر تفجراً على الاطلاق حول الساعات الاخيرة من حياة المسيح، والذي يؤدي دوره الممثل جيمس كافيزيل وتشارك الممثلة مونيكا بيللوتشي بدور مريم المجدلية.

إنه فيلم يجسد الآلام وينقل مؤثراتها نقلاً حسياً مفجعاً. وخصوصاً أن الآلام بالنسبة الى المسيحيين هي جوهر ايمانهم. ضمن هذه المقاربة المقلقة والنافذة يندرج فيلم غيبسون المثير للجدل. فهو يعرض الصورة التي ترتبط بالرمز المسيحي المقدس، والتي تتجاوز واقعها المادي لتنفتح على عالم الغيب او اللامنظور المتجاوز بالضرورة لها. ويعدّ هذا التجاوز اساس الفن الديني وهالته القدسية. يقول غيبسون: "كانت قوة مقدسة تعمل من خلالي على هذا  الفيلم"، و"أنا لست قساً ولا واعظاً دينياً. لكني اشعر، حقاً، بأن كل مساري قادني الى ما أنا عليه الآن. وفي ما يتعلق بفيلمي الاخير، اقول ان افعال الله تتجسد من خلالي. وهدفي ان يكون لهذا العمل قوة الإقناع الديني".

تنقل الصحف الاميركية ان غيبسون يعبد مسيح الايمان وأن معظم فيلمه تشكيل ذهني  لأكثر الفصول دراميةً في الاناجيل الاربعة.

يركز الفيلم بشدة على ساعات المسيح الإثنتي عشرة الاخيرة. ثمة ومضات استرجاعية تنطوي على تلميحات لسياقات ما. وثمة عرض لحوادث تتصل بطفولة المسيح، ودخوله أورشليم، وعظته فوق الجبل، والعشاء الاخير.

الفيلم الذي تتحدث فيه الشخصيات باللغتين الآرامية واللاتينية، يدمج روايات الأناجيل الاربعة، وقيل إن رؤى الراهبتين ماري الاغريقية من اسبانيا وآن كاثرين ايميرش من فرنسا، هي التي ألهمت غيبسون.

مشاهد القبض على المسيح، وتعذيبه وصلبه جرى تصويرها بقسوة بالغة: احدى عيني المسيح مغمضة ومتورمة بعد تلقيه اللطمة الأولى، العبور الطويل الى الجلجلة حاملاً الصليب الخشبي. مشاهد تسمير اليدين والقدمين...

ثمة صور رقيقة مع والدة المسيح، ومريم المجدلية. يقول المسيح وهو على الصليب: "لقد تمّ تبليغ الرسالة"، في حين ان والدته التي تشاهد ابنها المعذب بوحشية، تتمتم: "آمين".

يُستجوب المسيح امام جمع كبير من المسؤولين اليهود، ويتقدم الشهود ليتهموه بممارسة السحر مع الشيطان، وبأنه قادر على تدمير الهيكل واعادة بنائه في ثلاثة ايام، وبتسمية نفسه ابن الرب. يصيح آخر: "يقول المسيح اننا اذا لم نأكل لحمه ونشرب دمه، فسنحرم الحياة الابدية". وعن مشهد الاستجواب يشير غيبسون الى انه كان هناك مؤيدون للمسيح وخصوصاً حين يصف احدهم المحاكمة بـ"العدالة الزائفة".

ثمة مشهد اليهود وهم يصرخون: "اصلبه اصلبه" حيث يسخر الفيلم من الكهنة ويصوّر دوافع كبيرهم قيافا والذين حوله بأنها كانت تنبع من الضغينة والحقد. وقد بدوا اشراراً وغوغائيين وهم يصرخون وينادون بقتل المسيح. وفي مشهد لاحق يختلي بيلاطس بيسوع، ويقول في مواجهة الأسير الصامت: "أنت لن تحدثني؟ ألا تدرك اني املك سلطة اطلاقك، وسلطة صلبك؟"، فيجيبه المسيح: "هو مَن أرسلني اليك".  لكن الـ"هو" مَن يكون؟ هنا الالتباس الكبير.

يدرك ميل غيبسون معنى موت المسيح، فيستخدم السينما لينقل الى مشاهديه الصورة الدينية. تعبر بنا المرئيات من الكينونة الى البيئة. أما الصورة الدينية فتعبّر عن الحاجة الى الشفاعة وتتميز بطابعها المأسوي والتأليهي، كما تنزع الى تمثيل الابدية والخلود. هذه الصورة تنفجر في السينما وتجذب الاهتمام وتؤجج الاثارة. المسيح في الفيلم هو بمثابة المسيح نفسه، بالنسبة الى المشاهد المؤمن.

واذا كانت السينما تتحدر من فن المسرح ذي الماضي العريق، فإن تراجيديا صلب المسيح هي اكثر المسرحيات صخباً.  ينقل غيبسون التراجيديا المسرحية الى السينما التي تعبّر عن اللحظة الاستثنائية في حياة الكثير من شعوب العالم. هو يقتطع ساعات من الواقع. وإذ يثير حوله الكثير من التساؤلات والمناقشات الحادة، تأييداً ورفضاً، فإنه في الوقت نفسه يعبّر عن وجهة نظره.

مَن قتل المسيح؟

يعيد فيلم غيبسون هذا السؤال القديم المتجدد. الجواب عويص ربما. ذلك أن شخصية المسيح لها من الدلالات أكثر من اي جواب.

يعتبر الصحافي الاميركي تشاك كولسون ان جماعتَي الرومان واليهود مسؤولتان وغير مسؤولتين في آن واحد عن قتل المسيح. فلا اليهود ولا الرومان تسببوا في مقتله، بل كانوا ادوات. الرب ارسل ابنه ليموت على الصليب لمغفرة خطايا الجنس البشري. فالذين يؤمنون بالكتاب المقدس يعلمون مَن قتل المسيح. كلنا نحن البشر الخطأة قتلنا المسيح. هذا الكلام ايماني محض وغفراني بامتياز.

بعض الكتّاب الغربيين يبدو كأنه يطلب من المسيحيين مدح اليهود لانهم صلبوا المسيح، فيقول جون ميتشام في "نيوزويك": "ان المسيح توجب عليه الموت كي تبدأ قصة المسيحية بالظهور، والموقف السلبي المناسب والصحيح للشعب اليهودي ينبغي ان يكون موقف احترام، ذلك ان الرجل الذي اختاره المسيحيون للنظر اليه في اعتباره مخلصهم انحدر من قبيلة يهودا القديمة، هي الكلمة نفسها التي اشتقت منها كلمة يهودي. في اعتبارهم اولاد ابرهيم، فإن المسيحيين واليهود هم اغصان من الشجرة نفسها، مربوط بعضها بالبعض بلغز يهودي".

ثمة كتّاب يعيدون فتح صفحات التاريخ الذي كانت تجري فيه مشهديات تمثيل صلب المسيح. فالمسرحيات المفعمة بالانفعالات والعواطف الجياشة عن صلب المسيح تعود الى القرن 12 الميلادي، وقد انتشرت في البلدان الاوروبية. وبين القرنين 14 و،16 قامت 300 قرية في النمسا بأداء مسرحيات مشابهة لفيلم غيبسون، بحسب بعض الكتابات.

وكانت اعمال العنف التي تستهدف اليهود تحصل بعد عرض مسرحيات كهذه. وكانت الهجمات الأكثر دموية في فريبورغ (شمال سويسرا اليوم) الى درجة ان مجلس المدينة منع في عام 1338 اداء المشاهد التي تصور اليهود على انهم مسؤولون عن صلب المسيح. وفي 1469 و،1539 قامت سلطات المانيا وايطاليا بحماية الغيتو اليهودي بعد عرض مسرحية عن صلب المسيح في فرانكفورت وروما بالتتابع بسبب الهجمات الدموية التي تسببت بها ضد اليهود.

تعاملت الكنيسة الكاثوليكية، كونها المحافظة على الايمان الرسولي، مع مسألة مشاركة اليهود في الجريمة. واحتلت معاداة السامية واجهة الحدث مع الحملة الصليبية الاولى حين قام الجنود المسيحيون، وهم في طريقهم الى طرد المسلمين من بيت المقدس في القرن 11 بذبح اليهود الاوروبيين. مع حلول القرون الوسطى وفرت معاداة السامية وهجاً دينياً للقرارات السياسية التي اتخذتها السلطات العلمانية.

بعد الحرب العالمية الثانية والهولوكوست، نشر المجمع الفاتيكاني الثاني تعاليم تناهض هذه المسرحيات التقليدية، وشجبها الكثير من قادة الطوائف المسيحية لانها كانت مصدر أفكار خاطئة عن اليهود واليهودية. واستطاعت الثقافة اليهودية ان تجعل من "المحرقة" صليب العصر، وصنّمت صورتها، ووضعتها في دائرة عدم المس، واستطاعت ان تنال "براءة ذمة" اذا جاز التعبير في ما يخص صلب المسيح.

في عام ،1985 قام البابا يوحنا بولس الثاني بدعم الاصلاحات وقال: "يجب ان نهدف الى تقديم صورة عن اليهود واليهودية بصدق من دون تعصب او إهانات وبوعي كامل بأننا نشاركهم التراث عينه". وبعد 12 سنة حذر البابا من ان "التعاليم والتفسيرات الخاطئة، وغير العادلة للعهد الجديد التي تصوّر بأن اليهود مذنبون انتشرت لوقت طويل مما يجعل العداء لليهود ممكناً".

وفي ،1988 نشرت لجنة مؤتمر شؤون تعدد الاديان للأساقفة الكاثوليك تعليمات مشددة تحض المسيحيين على "التزام التفسيرات التوراتية الحسنة والابتعاد عن التفسيرات اللاهوتية التي تثير الحساسيات، بخاصة حين يتعلق الامر باليهود". لكن ميل غيبسون لا يعترف بالآراء الفاتيكانية، وها هو يُخرج فيلمه الذي يربك الجميع وقد شاهده البابا يوحنا بولس الثاني واشاد به قائلاً انه يصوّر الاحداث "كما حصلت".

أهي معاداة السامية حقاً؟

لكن هل أن ميل غيبسون معاد للسامية، بحسب ما تروّج المحافل اليهودية، وخصوصاً أن هذه التهمة باتت جاهزة ليجري إلصاقها في الأوقات المناسبة، وقد تحوّلت الى كليشيه تُرفع  في كل شاردة وواردة.

سألت مجلة "ريدرز دايجست" الشعبية الاميركية ميل غيبسون، في حوار تنشره في عدد آذار المقبل، رأيه في المحرقة اليهودية، فأجاب: "بالتأكيد كانت هناك فظائع. فالحرب العالمية الثانية قتلت عشرات الملايين من الناس، بعضهم من اليهود في معسكرات الاعتقال. لقد فقد اناس كثيرون حياتهم. خلال القرن الفائت، في الاتحاد السوفياتي وحده قتل عشرون مليون شخص". هذا الكلام لا يرضي اليهود في اي مكان من العالم، فكيف بفيلم يصوّر اليهود موحياً أنهم قتلة المسيح؟ على ان غيبسون قال في مؤتمر صحافي: "لا اكره احداً، ولا اكره، ابداً، اليهود. انهم اصدقائي وشركائي في العمل وفي حياتي الاجتماعية، فمعاداة السامية لا تتعارض واعتقادي الشخصي فحسب، بل تتعارض وجوهر الرسالة التي يحملها فيلمي".

وتشن "الرابطة المعادية للتشهير"، احدى ابرز المنظمات الاميركية لمكافحة معاداة السامية، حملة على الفيلم منذ اشهر عدة. وقال مدير الرابطة ابراهام فوكسمان ان الفيلم "يصور بشكل لا يقبل الجدل السلطات وقوماً من اليهود على انهم المسؤولون عن صلب المسيح".

وفي مقابلة مع الشبكة الكاثوليكية العالمية "ان الفيلم يضع اللوم على البشرية كلها. في موت المسيح، ليست هناك استثناءات الآن.  لقد مات المسيح من اجل الناس جميعاً في جميع الاوقات". وفي افضل العوالم المحتملة سيروّج الفيلم لنقاشات بناءة حول اصول الدين المسيحي.

صورة الموت والموت في الصورة

يبقى ان نقول ان فيلم ميل غيبسون عن "آلام المسيح"، يبيّن الصلب من خلال الصورة.  مصطلح الصورة، وفقاً لكل الدلائل، ووفقاً لكتاب "علم الاعلام العام" لريجيس دوبريه، لا يكاد ينفصل اصله اللاتيني واليوناني عن عالم الموت. فالصورة هي الموت والموت هو الصورة، بما يمثله من رهبة الغيب والمجهول ومن تهديد بالتلاشي والفناء.

هو، أي الموت، يولّد الحـاجة الى البحث عن البديل.

النهار اللبنانية في

29.02.2004

 
 

(آلام المسيح) يكتسح ايرادات الأفلام بامريكا الشمالية 

لوس انجليس (رويترز) – 01.03.2004

تربع الفيلم المثير للجدل (آلام المسيح The Passion of the Christ) الذي أخرجه ميل جيبسون على قمة ايرادات الأفلام في امريكا الشمالية بعد ان حقق مبيعات تذاكر بلغت 67.2 مليون دولار منذ يوم الجمعة الماضي .

وبهذا ترتفع ايرادات الفيلم الكلية إلى 117.5 منذ بدء عرضه يوم الاربعاء الماضي وهو أعلى رقم يحققه فيلم في الخمسة أيام الأولى لعرضه بعد الفيلم الملحمي (ملك الخواتم.. عودة الملك The Lord of the Rings: The Return of the King) الذي حقق 124.1 مليون دولار في الخمسة أيام الأولى له العام الماضي.

ويتناول (الام المسيح) الاثنتي عشرة ساعة الأخيرة من حياة المسيح واثار الفيلم غضب بعض الجماعات اليهودية التي قالت إنه ينحي باللائمة على اليهود لصلب المسيح.

واثار الفيلم ردود أفعال متابينة من جانب النقاد لكنه استفاد من الحماس الذي اثاره بين المسيحيين الذين شاهد الآلاف منهم الفيلم في عروض جماعية خاصة في الشهور الماضية.

وقال بوب بيرني مدير شركة نيوماركت السينمائية الموزعة للفيلم في امريكا الشمالية "إن هذا الاهتمام الجماهيري والجدل الذي اثاره الفيلم كان له تاثيره الواضح..فمع هذا العدد الضخم يصبح فيلما هاما لابد من مشاهدته والتعليقات الشفهية تحدث الآن مفعولها."

ويعرض الفيلم في حوالي 3043 دار عرض في أنحاء الولايات المتحدة وكندا. وقالت تقارير إن جيبسون أنتج الفيلم من ماله الخاص وبلغت تكاليفه حوالي 30 مليون دولار.

وتراجع إلى المركز الثاني الفيلم الكوميدي (أول 50 موعدا غراميا First 50 Dates) بمبيعات تذاكر قدرها 12.6 مليون دولار ليرتفع اجمالي ايراداته إلى 88.7 مليون دولار بعد ثلاثة أسابيع من العرض.

والفيلم الذي يدور في اطار يمزج بين الكوميديا والرومانسية بطولة النجم ادم ساندلر الذي يجسد شخصية رجل يقع في حب فتاة تعاني من فقدان مؤقت للذاكرة تجسدها الممثلة درو اريمور فيضطر كل يوم ان يبثها غرامه من جديد لانها لا تتذكره.

وجاء في المركز الثالث فيلم الاثارة الجديد (انحراف Twisted) بايرادات قدرها 9.1 مليون دولار. والفيلم بطولة اشلي جود وصامول جاكسون وتدور أحداثه حول شرطية تحقق في سلسلة من جرائم قتل لتجد نفسها محط الاشتباه.

وتقهقر من المركز الثاني إلى المركز الرابع (اعترافات ملكة تمثيل مراهقة Confessions of a Teenage Drama Queen) وحقق في اسبوعه الثاني 6.1 مليون دولار ليرتفع اجمالي ايراداته إلى 16.7 مليون دولار.

والفيلم من انتاج شركة والت ديزني السينمائية وتدور أحداثه حول فتاة مراهقة تشعر بالضجر بعد انتقال اسرتها من مدينة نيويورك الصاخبة إلى احدى ضواحي نيوجيرزي فتسعى إلى لفت الانظار في مدرستها الجديدة والفوز بدور البطولة في عرض مدرسي.

واحتل المركز الخامس الفيلم الجديد

 (الرقص في هافانا Dirty Dancing: Havana Nights) بمبيعات تذاكر قدرها 5.9 وهو رقم يتفق مع توقعات شركة ليونز جيت الفنية الموزعة للفيلم في امريكا الشمالية.

ويحكي الفيلم عن فتاة امريكية تسافر بصحبة ولديها إلى كوبا قبل ثورة كاسترو عام 1958 بأيام قلائل وتقع في غرام شاب كوبي يهوى الرقص ويشجعها على اكتشاف مواهبها في هذا المجال.

موقع رويتر العربي في

01.03.2004

 
 

"آلام المسيح" لميل جبسون: فيلم وممثل هزلي ونهضويون

د.غسان رفاعي

تنتزعنا احداث ووقائع ضاغطة تجري في بلدان الاغتراب، فتشغلنا، بعض الوقت، عن هموم واحزان الوطن، لا لانها مثيرة ولافتة بحد ذاتها وانما لانها مرتبطة بالمجابهة اليومية التي نحياها ومتشابكة بالقهر الذي يفرض علينا. 

-1-

كان يوم الاربعاء الماضي/25 شباط/ يوما تاريخيا في حياة ميل جيبسون المخرج السينمائي الكاثوليكي الكبير، انه اليوم المحدد لعرض فيلمه المثير آلام السيد المسيح في 3000 دار سينما وعلى 46000 شاشة في الولايات المتحدة، من النادر ان يتجرأ احد على اخراج فيلم بهذه القسوة والنزاهة، خصوصا اذا كان معروفا بانكاره المحرقة. قال في مقابلة تلفزيونية قبل يوم واحد من العرض : اردت ان اتقصى الحقائق، وان اصور ادق التفاصيل عن صلب السيد المسيح،« اردت ان اظهر هول الآلام التي عاناها، وضخامة التضحية التي قدمها للانسانية. لقد نقلت رواية الانجيل الى الشاشة بكل حذافيرها، فليغضب من يغضب وليرض من يرضى، الذين ينتقدون فيلمي ينتقدون الانجيل».

خصصت مجلة الباري ماتش الواسعة الانتشار غلافها بالكامل لمشهد من الفيلم يظهر السيد المسيح وهو مصلوب وملطخ بالدماء وكتب رئيس تحريرها افتتاحية قال فيها:«يروي الفيلم قصة اشهر محكوم بالاعدام في التاريخ، وميل جيبسون يجيب في فيلمه عن سؤال كبير«من قتل المسيح؟» وجوابه: انهم اليهود! والاتهام ليس جديدا، انه مطروح منذ قديم الازمنة وقد حدثت الكثير من المجازر بسبب هذا الاتهام ولكن الجديد هو ان يكرر الاتهام وبهذا الشكل القاسي بعد ألفي عام ، لا همسا وانما بالصوت والصورة. هذا فظيع!». ‏

يتهم الفيلم بأمرين، انه عنيف وانه معاد للسا مية ولكن جيبسون يدافع عن نفسه قائلا:« نعم انه فيلم عنيف ولكن صلب السيد المسيح ليس حدثا عاديا ولا هادئا، انه اقسى تنفيذ لحكم اعدام صدر في التاريخ، فلماذا التكتم على قسوته، إذ ان قسوة المشهد موصوفة في الانجيل المقدس ولم اختلقها من خيالي اما الاتهام الاخر فأنا بريء منه لسبب بسيط: نحن نعلم جميعا ان هتلر قد قتل الكثير من اليهود لكننا لم ننقم على الشعب الالماني وكذلك فنحن نعلم ان حاخامات اليهود قد قتلوا السيد المسيح ولكننا لاننقم على اليهود الان. ‏

عرض الفيلم لاول مرة في صالة مدينة لو انجلس وقد سمع بكاء وعويل المشاهدين طوال الساعتين اللتين استغرقهما عرض الفيلم، وتقول السيدة مارغريت وهي مدرسة في الخمسين من العمر: لقد ابكاني الفيلم كم تعذب السيد المسيح من اجلنا كلنا، ولكن الشيء الذي اثارني هو خروج شخصين من الصالة، وقد تبين لي انهما يهوديان، لماذا يخجلان مما فعل حاخاماتهم؟ ولماذا لايتحملون بشجاعة هذه المشاهد ويدينون هذه الجريمة؟ ويقول قس من كاليفورنيا: مشاهد الفيلم جارحة، واللغة الارامية التي يتحدث بها ابطال الفيلم مثيرة للغاية، انها اللغة التي كان يتحدث بها ناس ذلك الزمان، وقد قيل لي ان سكان قرية قريبة من دمشق مازالوا يستخدمونها حتى الان. وفي تكساس اشترى احد الاغنياء بطاقات دخول بـ/42000/ دولار ووزعها مجانا على سكان مدينته. ‏

يعرض الفيلم الان في الولايات المتحدة حيث تتحكم اللوبيات اليهودية المتصهينة في ادارة الرئيس بوش وحيث يهيمن على اجهزة الاعلام شبكة من المتعاونين مع الليكود اليمين الاسرائيلي المتطرف . وسيكون الفيلم في واجهات دور العرض حين زيارة شارون الى واشنطن ولقائه بالرئيس بوش وكما قال معلق في الهيرالدتريبيون الدولية : لن يبتهج شارون برؤية الاعلانات الضخمة التي تملأ شوارع واشنطن ونيويورك عن الفيلم ولن يسر اذا قرأ في مجلة النيويورك هذه الجملة القاسية: السؤال المطروح الان هو هل كا ن السيد المسيح فلسطينيا؟ واذا كا ن الامر كذلك فهل من المسموح ان تقارن الام الفلسطينيين بما حدث منذ ألفي عام. ‏

والمفارقة التي تتحدث عنها اجهزة الاعلام الفرنسية هي ان الحديث عن الام السيد المسيح تترافق مع عرض قضية الجدار على محكمة العدل الدولية في لاهاي والاستماع الى المرافعات «القاسية» عن الام الشعب الفلسطيني ومعاناته وتعرضه لأفظع انواع القهر والاذلال كما ترافق مع تصعيد الاتهامات الاسرائيلية لفرنسا ووصمها بأنها اخطر موطن لمعاداة السامية في اوروبا بالاضافة الى تواتر استطلاعات الرأي العام الاوروبي بشكل عام والتي تظهر ان اسرائيل هي اول دولة تهدد السلام العالمي حاليا.

صحيفة "تشرين" السورية ـ 28/2/2004

 

آلام المسيح» يحقق إيرادات سخية في أول أيام عرضه

قال موزع فيلم «آلام المسيح» لميل غيبسون انه حقق أكثر من 20 مليون دولار في أول يوم عرض بالولايات المتحدة. وقال بوب برني رئيس شركة نيوماركت فيلمز يوم الخميس ان الفيلم الذي عرض يوم الاربعاء في 3006 دور عرض في أميركا الشمالية ويصور اخر اثنتي عشرة ساعة من حياة المسيح جلب في أول يوم عرض 6. 26 مليون دولار. الا ان مؤسسة اكسبيتور ريليشنز لتقييم عوائد الافلام قالت ان الرقم الذي قدمته نيوماركت يتضمن 3 ملايين دولار عائدات عروض خاصة يومي الاثنين والثلاثاء. وقالت الشركة انه اذا ما تم استقطاع الثلاثة ملايين دولار يكون الباقي 6. 23 مليون دولار مما يضع الفيلم في المركز الخامس في قائمة أكثر الافلام تحقيقا لعوائد في يوم عرضها الاول. ويتصدر تلك القائمة أفلام «ملك الخواتم.. عودة الملك» الذي حقق 4. 34 مليون دولار في أول يوم عرض يليه «حروب النجوم.. الجزء الاول ـ تهديد الشبح» وحقق 5. 28 يليه «ملك الخواتم.. البرجان» وحقق 2. 26 وفي المركز الرابع «ثورات ماتريكس» الذي حقق 3,24 مليون دولار في أول يوم عرض. وعلى أي حال فان عائدات أول يوم عرض في الولايات المتحدة وحدها تقترب من الثلاثين مليون دولار التي استثمرها ميل غيبسون وهو انجاز بالنسبة لفيلم يتحدث بالعبرية واللاتينية والارامية مع ترجمة انجليزية. وقال برني في مقابلة مع رويترز «أعتقد انها ظاهرة». وقال برني ان نجاح الفيلم التجاري يعود الى عدة عوامل منها شعبية ميل غيبسون وموضوع الفيلم الديني المهم وأسابيع من تركيز وسائل الاعلام التي أحيت الخلاف المحيط بالفيلم. وانتقده زعماء اليهود وقالوا انه قد يثير مشاعر معادية للسامية لانحائه باللائمة في صلب المسيح على اليهود. وانتقدت كتابات نقدية الفيلم أيضا لكبر جرعة العنف فيه. ومع ذلك فقد ربح فيلم «الآلام» من عرضه أمام بعض المنظمات الكنسية وموافقة بعض رجال الدين الذين شاهدوه. وقال بول درجارابديان رئيس اكسبيتور ريليشنز «أهم عامل نجاح لهذا الفيلم انه يروق لشريحة عريضة من المسيحيين». أضاف درجارابديان «هذا الفيلم يقص حكاية مهمة في المسيحية وهناك رد الفعل الكبير عليه.

هناك جمهور جاهز لمشاهدة الفيلم ولقد أتى بالفعل بأعداد كبيرة». وقال بيرني رئيس نيوماركت «هذا يظهر ان هناك جمهورا كبيرا لم تشبع رغبتهم بفيلم كهذا.. فيلم ديني. أعتقد أن الناس تشعر ان هوليوود لم تعطهم فيلما مثل هذا والان فانهم تقدموا وقالوا «نحن ها هنا»

رويترز ـ   28/2/2004

 

"آلام السيد المسيح" والاشارة الالهية

 للمرة الأولى في العصر الحديث وبعد أن بلغ الحاخامات الأصوليون أوج سيطرتهم وأدخلوا أتباعهم اليهود – ولابد من الأعتراف – في العصر الذهبي الذي يتجلى بوضوح في العديد من الأحداث في العالم والتي يخططون لها بأدوات مختلفة وكذلك في التنفيذ الذي يبلغ مستويات مرعبة ويؤشر لاحتمالات أحداث خطيرة جدا لذلك لا بد من قراءة التاريخ ومن فهم التاريخ ومن اعلان هذا الفهم بدقة وبعلمية وبجرأة .

للمرة الأولى يبدأ – والألف ميل تبدأ بخطوة – ميل جيبسون وبالانجيل – هذا الكتاب المقدس (العهد الجديد) الذي ضاع بين دفتي الكتاب المقدس (بعهديه؟).. بقول (الحقيقة فقط ولا شيء الا الحقيقة) ...... لعل ذلك يشكل بداية النهاية لسيطرة هؤلاء الحاخامات وأعوانهم الذين حذر منهم أحد مؤسسي الولايات المتحدة الأمريكية (..... فرانكلين) من أن الأمريكيين " أحفادنا سيصبحون عبيدا لهم " وطالب بطرد اليهود من الولايات المتحدة لخطرهم غلى مستقبلها .

فماذا يمثل فيلم "آلام السيد المسيح" ؟ .... قد يمثل الكثير والكثير جدا لأنه وباختصار شديد – لا يغني عن تتبع أخبار هذا الفيلم الذي يعرض الآن في كل دور عرض وشاشات تلفزة الولايات المتحدة– يدل دلالة ارشادية على أن الصوت الوحيد – (الصارخ في البرية) – والقادر على ايضاح الحقيقة المواجهة ل " الشعب المختار" هو صوت السيد المسيح, صوت الانجيل الذي نسيناه في زحمة التخدير والشعوذة التي تمارس على الناس من هؤلاء الحاخامات ومريديهم يهودا كانوا أم غير يهود .

فشكرا ميل جيبسون (منا ومن أحفادنا) وباسم البشرية جمعاء لأنك وضعتها ووضعتنا – وفي زحمة هذا التزييف والتزوير الطاغيين للحق والحقيقة - في غرفة الانعاش لازالة تأثير هذا (البنج) القاتل, ولعل عصر عودة الأميركيين الى أمريكيتهم قد بدأ الآن.

مواطن: (كلنا شركاء) 28/2/2004

عن نشرة "النور" الأسبوعية ـ سوريا في

01.03.2004

 
 

الكنائس دعمت الفيلم بقوة:

"آلام المسيح" يحقق أرباحاً خيالية في أسبوعه الأول

فيلم ميل جيبسون عن صلب المسيح يصبح واحدا من أفضل سبع أفلام من حيث ايراداتها في الأسبوع الأول من العرض.

لوس أنجليس - تصدر فيلم "آلام المسيح" للمخرج ميل جيبسون الذي يحكي عن صلب السيد المسيح الافلام الامريكية من حيث الايرادات في أول أسبوع من عرضه وحقق 117.5 مليون دولار في الايام الخمسة الاولى وذلك طبقا لتقديرات صناعة السينما الاحد.

وإيرادات الخمسة أيام الاولي للفيلم هي ثاني حالة من نوعها بعد فيلم العام الماضي "ملك الخواتم" الذي حقق 76.2 مليون دولار عند عرضه من يوم الجمعة إلى يوم الاحد لتمنحه سابع أفضل الافلام من حيث الايرادات في أيام الجمعة إلى الاحد من الاسبوع الافتتاحي بعد فيلم "الرجل العنكبوت".

ويرجع ارتفاع إيرادات الفيلم إلى شراء الكنائس والمنظمات الدينية لكميات كبيرة من تذاكر الفيلم. واتهمت وسائل إعلام الفيلم بأنه معاد للسامية.

وجاء في المركز الثاني في الترتيب من حيث الايرادات الفيلم الكوميدى الرومانسي"أول 50 موعدا غراميا" وحقق 12.6 مليون دولار. بينما ثبت فيلم الجريمة للممثلة أشلي جود"الملتوى" في المركز الثالث وحقق 9.1 مليون دولار من الجمعة للاحد.

في المركز الرابع جاء فيلم "اعترافات مراهقة ملكة الدراما" وأعقبه فيلم "الرقص القذر". فيلم الهوكي "المعجزة" جاء في المركز السادس وجاء بعده فيلم "رحلة أوروبية" والكوميديا السياسية "مرحبا في موسبورت". فيلم "الحلاق الجزء الثاني العودة إلى العمل" في المركز التاسع والفيلم الكوميدى نادى ليزارد المكسور" في الترتيب العاشر.

ميدل ايست اونلاين في

01.03.2004

 
 

شركات التوزيع مترددة وجمعيات الدفاع عن الإبداع تقكثف تحركاتها:

"آلام المسيح" تأخر عرضه في فرنسا خوفاً من اللوبي اليهودي

حسن الحسيني

يثير فيلم الممثل والمخرج والمنتج الاسترالي ميل غيبسون «آلام المسيح» نقاشا اعلاميا وسياسيا دوليا منذ عدة اشهر، كيلت خلالها الاتهامات لغيبسون، وهو ابن رجل دين مسيحي كاثوليكي محافظ، بأنه معاد للسامية. والمعارضة تأتي من عدد من المنظمات اليهودية التي تعتبر ان الفيلم يحمل اليهود مسؤولية قتل المسيح.

وأدت حدة الانتقادات الى صدور عدة مواقف عن حاضرة الفاتيكان، وتحديدا عن الأساقفة والكرادلة المقربين من البابا يوحنا بولس الثاني، جاء بعضها متضاربا الى درجة ان احدى الصحف الفرنسية ردت ذلك الى ان الكرادلة لم يعودوا يسمعون جيدا رأي البابا بسبب وضعه الصحي، وكل كاردينال يفسر رأي رئيس الكنيسة الكاثوليكية على مزاجه.

وعلى الرغم من ان الفيلم لم يعرض بعد في فرنسا فان وسائل الإعلام المختلفة تفرد له مساحات واسعة، حتى ان صحيفة «الفيغارو» الشهيرة خصصت له عنوانها الرئيس على الصفحة الأولى، اضافة الى ثلاث صفحات داخلية، كما أفردت معظم الصحف الفرنسية مساحات كبيرة للفيلم باخراجه الجديد، فالموضوع عولج سينمائيا مئات المرات واخرج ما لا يقل عن 275 فيلما عن حياة السيد المسيح وآلامه، وهو الشخصية التي حطمت الأرقام القياسية بعدد الأفلام المخرجة حولها وبعدد المبيعات، في تاريخ السينما.

تأثير اللوبي الصهيوني

وعلى الرغم من الاهتمام الإعلامي الفرنسي بالنسخة الجديدة من فيلم «آلام المسيح»، فان الفرنسيين لا يعرفون متى سيعرض الفيلم في فرنسا ولا ما اذا كان سيعرض في فرنسا. فشركات التوزيع الفرنسية لا تُبدي حماسة كبيرة لعرضه على الشاشات الفرنسية. ليس لأن الفرنسيين لا يريدون مشاهدته، ولكن خوفا من رد فعل اللوبي اليهودي الفرنسي. خاصة ان تجربة الممثل الفكاهي ديودونييه لا تزال عالقة في الأذهان.

فقبل عشرة أيام اضطر الممثل لتقديم عرضه في الهواء الطلق بعد ان فضلت ادارة قاعة الاولمبيا اقفال أبوابها امام الممثل وجمهوره، لأنه يتعرض لانتقادات ومهاجمة اللوبي اليهودي الفرنسي بسبب احد الاسكتشات الفكاهية التي ينتقد فيها اليهود. ولكي لا تتهم ادارة الاولمبيا بمعاداة السامية ألغت اتفاقها مع ديودونييه.

وحتى الآن لم تتمكن شركة التوزيع «ايكون» التي يملكها ميل غيبسون، من التوصل الى اي اتفاق مع شركات التوزيع الفرنسية، وذلك على الرغم من قناعة رئيس الشركة بروس ديفي ان هناك طلبا كبيرا في فرنسا على مشاهدة الفيلم. وحتى الآن لم تتخذ بعض شركات التوزيع قرارها فيما قرر البعض الآخر عدم تسويق الفيلم لأنه عبارة عن تطرف ديني ومعاد للسامية.

وعلى الرغم من ذلك يواصل بروس ديفي مفاوضاته مع الشركات التي لم تقفل الباب بوجهه حتى الآن، أو على الأقل يقول ان المفاوضات متواصلة مع بعض شركات التوزيع.

حرية الابداع

وقد استبقت احدى الجمعيات قرار شركات التوزيع بالقول انها مستعدة للدفاع عن حرية الابداع وتولي عرض الفيلم في فرنسا. ويقول دانيال هاميش رئيس الجمعية المؤيدة للفيلم ان موقف الجمهور الفرنسي مؤىد للفيلم بعكس استطلاعات الرأي السابقة، وبالتالي فانه يعتقد ان الفيلم سيعرض تجاريا، واذا لم تتمكن شركة «ايكون» من العثور على موزع قادر على مواجهة الاتهامات التي قد توجه إليه بمعاداة السامية فان جمعيته ستتولى عرض الفيلم، وستشكل البديل لشركات التوزيع التقليدية.

وحول الاتهامات الموجهة اليه بمعاداة السامية من خلال اخراج فيلم يُظهر فيه ان اليهود هم الذين قتلوا السيد المسيح قال ميل غيبسون انه لا يدري ما يمكن ان يقوله، ولكن المذهل هو انه بدأ يتعرض للقصف المدفعي حتى قبل الانتهاء من تصوير الفيلم، وأضاف في حوار أجرته معه صحيفة «الفيغارو» انه لم يرد ان يوجه أصابع الاتهام الى أحد، كما ان الفيلم لم يسع الى ذلك، وانه لن يرد على هذه الاتهامات القاتلة، ويكتفي بالتمسك بمبدأ التسامح الذي يحترمه، وعلى الرغم من الضربات التي تلقاها وسيتلقاها فانه سيتصرف كرجل: «فأنا أردت ان يكون الفيلم لعيسى ولتضحيته بحياته نزولا عند ارادة الإله القدير. وعندما يتساءلون (اللوبي اليهودي الأميركي)، عن الذي قتل المسيح فاعتقد اننا قتلناه جميعا، فهو مات بسبب خطايا كل البشر في كل الأوقات، البعض في الماضي حمّل اليهود مسؤولية قتل المسيح، ولكننا كلنا اخوة في التورط بقتله والبابا ادان كل أنواع العنصرية ومعاداة السامية».

وردا على سؤال عما اذا كان في حاجة الى الكثير من الشجاعة لتحقيق الفيلم، قال غيبسون: «لا أدري، فأنا لست شجاعا وطيلة حياتي عشت في ظل الخوف عندما كانت عائلتي تضطهد لأنها كاثوليكية، وأنا أتذكر ذلك، فالاضطهاد يمكن يطال كل الناس، يحصل ذلك مع الكاثوليك كما يحصل مع اليهود. لا اعتقد ان تحقيق الفيلم في حاجة الى شجاعة، وكل ما رغبت به هو ان اخرج فيلما بعيدا عن التناقضات التي تضعف ايماننا مثل السياسة والجشع والى غير ذلك من مؤسسات دينية التي تغرق الأبعاد الحقيقية لآلام المسيح، التي هي الأمل والحب والعفو بالظلامية».

وعن علاقة ابعاد «آلام المسيح» بالعنف الذي يتميز به الفيلم، وعما اذا كان فعلا في حاجة الى اظهار ذلك، قال غيبسون: «هناك الكثير من الأفلام التي اخرجت حول آلام المسيح بعضها غير صحيح أو خضع لعمليات تجميل. والقول ان عيسى تلقى 39 ضربة سوط فقط غير صحيح، لقد تلقى الضربات الحاقدة التي سلخت جلده. وأنا أكيد ان مشهد جلده هو الأقسى في تاريخ الأفلام التي تحدثت عن آلام المسيح، وقد تعمدت ذلك لأبقى وفيا لكتابات الانجيل، وقد عملت 12 عاما لأخرجه، واجريت المقابلات مع المختصين بالتوراة وبالانجيل، ولا اعتقد انني خنت الانجيل من خلال كتابة واخراج الفيلم على طريقتي الخاصة».

فرنسا تحسم اليوم الجدل بشأن العرض

باريس ـ أ.ش. أ ـ حسما للجدل الدائر في فرنسا الآن، نفى مارين كارميتز، رئيس ادارة التوزيع السينمائي ما تردد بشأن نجاح جماعات الضغط اليهودية في الحصول على قرار بمنع عرض فيلم «آلام المسيح»، وأكد في تصريح لصحيفة «لوجورنال دو يمانش» الفرنسية انه سيتم الإعلان اليوم عن اسم شركة التوزيع الفرنسية التي ستفوز بحق توزيع الفيلم في فرنسا.

ورأى مراقبون أن جماعات الضغط اليهودية قررت تحاشي التحرك لمنع عرض الفيلم للحيلولة دون تزايد الشعور السائد الآن في فرنسا بشأن تنامي النفوذ اليهودي إلى حد منع حرية التعبير التي تتميز بها فرنسا، خاصة بعد منع عروض ديودونييه الذي لم يتطرق إلى اليهودية كدين أو جنس، بل كسياسة يرفضها العالم أجمع.

القبس الكويتية في

01.03.2004

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)