كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

أحـــمــــــد زكــــــي [1949–2005]

إلى مملكــة الوهــم والظــــلال لجــــأ الممثل القَــلِــق والأقــدر والمهــووس بالكــمـال

جورج كعدي

عن رحيل الإمبراطور

أحمد زكي

   
 
 
 
 

كتلة من عصب وقلق دائم ومستبدّ كان أحمد زكي، ومن عدم رضى وطموح الى الاتقان لا يرتوي، ومن ألم وكآبة وجودية لازماه منذ الطفولة المضطربة في الزقازيق، شمال مصر، حيث ولد في 18 تشرين الثاني 1949 وحيث توفى والده وكان أحمد لمّا يزل طفلاً يافعاً وتركته أمه لزواج ثان فعاش في كنف جدته حاملاً جروح الهجر وفَقْد الأب والأم والعيش في وحدة وغربة بلا حنانهما. عطب، اذن، ادرك روح احمد زكي الطرية وحمله الى دروب الهرب من الواقع الى عالم متخيّل سيغدو علاج نفسه المضطربة، يبرأ به من أوجاع طفولة متألمة علّمت ندوبها في مسام روحه الى الابد.

مهم ان نستعيد طفولة احمد زكي في غيابه المفجع أول من امس، لنفقه منابع انجراحيته المفرطة، وعصابه المزمن، ونهم اشعاله السكائر التي دانى عددها المئة في اليوم الواحد فتسببت له، على الارجح، بسرطان الرئة الذي اودى به ففجع ملايين عشاقه برحيله الباكر. علماً ان ذينك العصب والعصاب [الاحرى وصفها بالعصبية الزائدة التي كان يقرُّ بها] أسعفاه في حرفته المديدة والثرّة ممثلاً قديراً، بل عملاقاً، وفي شحن ادواره المتنوعة بذاك الاداء "المكهرب" والمتوتر والمشتعل صدقاً وحماسة، وفي مدّه بهاجس الاتقان والعمل الدؤوب على تهيئة كل شخصية بالبحث والمراقبة والنزول الى ارض واقعها وواقعيتها، على طريقة نجوم "الاكتورز استوديو" واتباع منهجية ستانيسلافسكي، اي ارجاع الشخصية المؤداة الى جذورها ومكوّناتها الاولى والظروف التي افضت بها الى ما هي عليه من تركيب نفسي وذهني واجتماعي.

من قماشة الممثلين الكبار المهووسين بالكمال كان احمد زكي. حرفته هوايته، وهوايته حرفته، بين خشبة مسرح في البدايات إثر تخرّجه من معهد الفنون المسرحية في القاهرة عام 1973، وسينما التهمته والتهمها، تولّهت بحضوره وشغف بعالمها وله فيها نحو 56 فيلماً معظمها من الاجمل في انتاجات السينما المصرية، متنقلاً بين ادوار مختلفة فلم تأسره صورة نمطية، فكان سائق التاكسي "في طائر على الطريق" لمحمد خان، والمزيّن في "موعد على العشاء" للمخرج نفسه، وميكانيكي السيارات في "عيون لا تنام" لرأفت الميهي، والمحامي في "التخشيبة" لعاطف الطيب، والراعي المغوي في "الراعي والنساء" لعلي بدرخان... وكان – في الاصعب – جمال عبد الناصر في "ناصر 56" وانور السادات في "ايام السادات" وعبد الحليم حافظ في "حليم صوت الشعب" آخر فيلم كان يؤديه في فترة مرضه ولم يمهله القدر لإتمامه رغم انه ادى تسعين في المئة من مشاهده في ادارة المخرج شريف عرفة.

احمد زكي النجم، الزاهد طوال حياته بالمجد والنجومية، المنسحب من عالم الاضواء الى عزلته الآسرة واقامته الغريبة وحيداً في احد فنادق القاهرة رغم امتلاكه شقة سكنية، اجمع عاشقوه وقادروه الذين ودّعوه بعشرات الآلاف في القاهرة امس على عظمة حضوره في تاريخ السينما المصرية في ادوار خالدة يرشح منها على الدوام الصدق والواقعية، ومردّ ذلك على ما اسلفنا هوسه بالكمال واشتغاله الهوسي على الشخوص المركبة والمتنوعة التي قدّمهاعلى الشاشة، ودائماً في براعة مذهلة وعلى سوية واحدة من الاتقان والإبهار. شغف به الجمهور، انما كذلك السينمائيون الذين تعاونوا معه وهم الألمع والأفضل في السينما المصرية والعربية، من صلاح ابو سيف الى يوسف شاهين ومحمد خان ورأفت الميهي وخيري بشارة وداود عبد السيد وعاطف الطيب وعلي بدرخان وشريف عرفة وآخرين، وكانوا اوائل المبهورين باداء الممثل القدير، الشغوف بحرفته، المحترق في ادواره، المذوّب نفسه في شخوصه، المعطاء والمتفاني، اللائذ بالسينما دواءً لجروح نفسه الكليمة ومنفذاً للهرب من الواقع الى مملكة الوهم والظلال.

كان احمد زكي الاقدر لي قبل ان احادثه لـ"النهار"، وبعد الحديث الشائق معه صار الأحب، ففي تلك الجلسة المديدة تعرّفت عن قرب الى احمد زكي المثقّف، الانسان والانجراحيّ، المتواضع والمنعزل، المتولّه بالسينما والكمال... انما خاصة الى احمد زكي القلق المجبول من عصب خلاّق وحزن وجودي مؤثّر، فعشقت يومذاك الانسان خلف هالة النجم، وختمت حديثي معه بقلق شخصي على صحته نشأ من لفافات التبغ التي لم تنطفئ لحظة واحدة من ساعتين برفقته التاريخية معه.

نفسي حزينة اليوم على غيابك احمد زكي.

 

النجم الغائب يوم تحدّث الى "النهـار":

قضيتي هي الإنسان ولا أحيا إلاّ على الشاشة

حاوره: جورج كعدي

تعود وقائع هذا الحديث مع الممثل القدير الغائب أحمد زكي الى 22–09–2001، ونشر في جزءين ليومين متتاليين، وهنا بعض وقائع الجزء الأول.

·     جورج كعدي: أودّ بدءاً التعبير عن اعجابي، الموضوعي لا العاطفي، بأدائك وقدراتك ممثلاً. أنت ممثل كبير، نموذج تامّ للممثل العربي. ألقّبك تحبّباً بـ"روبرت دونيرو الشرق". وسؤالي انطلاقاً من هذا التشبيه: هل انت ممثل "منهجية"، أي من اتباع ستانيسلافسكي والـ"أكتورز استوديو" أم ممثل "غريزة" على طريقة المدافعين عنها امثال لورنس اوليفييه وبيتر أوتول، والذين على عداء مع "المنهجية" ورافضين لها؟ اشعر بك منتمياً الى المدرسة الاولى، ما رأيك؟

- احمد زكي: تقرأ كتب ستانيسلافسكي الثلاثة لتخرج بعبارة واحدة تلخص كل شيء: ما يطلع من القلب يصل الى القلب. وهذا الطالع من القلب يحتاج الى الصدق والاحساس الشديدين. عندما يتحدث المرء في موضوع ما، او يعبّر عن شخصية معينة، في الفن او خارجه، فان الأمر يتعلق بمدى صدقه. قد يبلغك ذاك الكلام، لكنه لن يدخل قلبك. المهم هو الوجدان. أحبّ أن أحسّ بالأمور، ان أكون صادقاً فيها. من هنا، انتمي الى المدرسة التي تراها. أحبّ مدرسة الإغراق في تجسيد الشيء، اتقانه. طالما اخترت مهنة معينة فعليّ اتقانها. صنّفني كما تريد (ضحك).

·     صنّفت نفسك من غير تسميات. كيف تهيئ ادوارك؟ هل من خلال مراقبة الناس والاشياء على طريقة روبرت دونيرو الذي يروح مراقباً شرطياً حقيقياً لو كان عليه ان يلعب دور الشرطي، او ملاكماً ان كان عليه الاضطلاع بدور ملاكم، الخ؟ هل تعتمد المنهجية نفسها؟

- ثمة ادوار تحتاج الى ان تتعرّف اليها، تقرأ عنها، تتأملها، تراها. والحياة مليئة بالشخصيات، بالأمزجة المختلفة، بالوظائف والاحلام والاحباطات والانكسارات والطموحات، وكلّ يتعامل مع هذه الامور على نحو مختلف. داخل الفنان قدرة على التقاط الاشياء، من غير ان يعي ذلك. يرى في نفسه مخزوناً من المشاهدات. أول امرئ يصطدم به هو نفسه. الممثل كائن متحرك، تجيش في صدره امور وتنتابه امور. يتفرّج على نفسه في المقام الاول. يتفرّج على كذبه قبل صدقه، على ضعفه قبل قوّته، وعلى إحباطاته وسعاداته، على الانسان فيه. لا يرى الانسان الا جانباً واحداً في شخصيته. على العكس، لو نظر الى مشاعره المتناقضة فقد يمنعه ذلك عن الكذب. لا ينظر البشر سوى الى الجانب الايجابي في شخصياتهم. اما الضعف والكذب والرغبات فانه لا يسائل نفسه حولها ولا يحاورها كي يشرع في التعامل مع ضعفه او كذبه. لو انطلق في التعامل الصادق مع نفسه لأبصر أموراً في الآخرين من الأبسط الى الاعمق، ولألفى نفسه يلتقط اصغر التفاصيل.

·     اداؤك لشخصية السادات بديع. حتى الاحساس الجسدي موجود. لديه مثلاً تلك العادة في الكزّ على اسنانه، والتقطت انت عادته تلك ورأيناك تكزّ على اسنانك طيلة الفيلم كملمح خاص من ملامح الرئيس السادات وشخصيته. كيف راقبت ذلك؟ هل عبر افلام وثائقية؟

- لو تمّ ذلك عبر شريط وثائقي فقط لكان مجرّد تقليد. انما لماذا تلك الحركة العصبية؟ ما اسبابها النفسية، البيولوجية؟ لو فكرت فيها على هذا النحو لألفيتها تخرج منك تلقائياً.

·         أي انها حركة نابعة من الاحساس الداخلي بالشخصية؟

- تماماً. كنت مثلاً بعيداً كل البعد عن جمال عبد الناصر، وكان علي ان أتخيّل معنى نظرته وبداية تلك النظرة لديه طفلاً، صبياً، شاباً، متأملاً، قارئاً، وكيف كان يعبّر عن احلامه، وكيف احبط، وكيف تكوّنت شخصيته رجلاً... لتبلغ حركة معينة في شخصية ما لا يكفي ان تراها. تستطيع مشاهدة فيلم وثائقي يظهرها لك شكلاً، انما لا بد...

·         لكن التقاط الملامح يستلزم المراقبة.

- الماكياج يتكفّل بالشكل الخارجي الذي تراه العين، فتقول: آه، والله الشكل صحيح. رأيت صورة للرئيس السادات واقفاً في زنزانة. لاحظت ما كان يرتديه، وتسريحة شعره، بيد اني لم أر احساسه ولا كيف يتكلم او كيف يفكر. كما شاهدت له صوراً مع زوجته في استوديو التصوير. صور ثابتة. هنا لديك الشخصية وفق ما تراها في الصورة. لكن ماذا عن هذه الشخصية عندما تتحرك، عندما تتكلّم، عندما تفكّر. هذا غير موجود، غير ملموس. عندما تزوّج الرئيس السادات السيدة جيهان كنت طفلاً في السنة الاولى من عمري تقريباً. ولا افلام من تلك الحقبة. الأمر نفسه لفيلم "ناصر 56". لم يكن هناك تلفزيون عهدذاك. التلفزيون دخل مصر عام 1960. لذا لم أرَ عبد الناصر في خطاب الأزهر ولم أره في خطبة قناة السويس ولم أره في منزله كذلك وكيف يتعامل مع أولاده. انها مسألة مختلفة. تسمع احدهم يقول لك: صنع هذا الشكل. يتكلم الناس عن الشكل الخارجي ويغفلون النظر داخل العين. والعين مهمة جداً. يقول لك احدهم: انزع نظارتيك اريد رؤية عينيك. لِمَ يريد رؤية عينيك؟ لأنه يريد رؤية قلبك. العين كاشفة لما في القلب او لما في الاحساس والوجدان. هنا الشكل الخارجي مهم لأن العين تبصره، ولأن العين تبصر العين لحظة التمثيل. ولا أدري كيف اتكلم عن ذلك، لأنك حين تتعرض لشخصيات معروفة ومعاصرة ولا تزال حاضرة في وجدان الناس، فان كل امرئ يأتيك برأي مسبق حولها. البعض مختلف معها والبعض الآخر متفق. يغفلون كيفية تناول الممثل للشخصية. ينطلقون من مواقف سياسية ويبتعدون عن العمل الفني! قضيتي هي الانسان، وفي فيلم "أيام السادات" قضيتي هي الانسان. وعبد الحليم حافظ سوف اقدمه كانسان من وراء الحنجرة...

·         جليّ انك تقدم في "أيام السادات" كما في "ناصر 56" من قبل، صورة انسانية للزعيمين القائدين...

- مذ كنت اقدّم شخصيات رجل الشارع كنت اردد ان ما يشغلني هو الانسان (...). أدّيت مثلاً ادوار ثلاثة ضباط، في "زوجة رجل مهم" ضابط شرطة، وفي "الباشا" ضابط مباحث، وفي "ارض الخوف" كذلك. الثلاثة ضباط في الشرطة، انما كلٌّ يتعامل مع مهنته على نحو مختلف. قد امضي حياتي كلها في اداء شخصية رجل أمن، لكن مَنْ هو الانسان خلف تلك الشخصية؟ الضابط الأول كان يعاني عصاباً هستيرياً وربي طفلاً على ان بدلة الضابط هي قوة. وضعوا في ذهنه ان تلك البدلة هي الخلاص. وحين يرتدي البدلة تحكمه. يتكلم بلسانها. اما الضابط في "الباشا" فوالده لواء، لذا ليست قضية كبرى بالنسبة اليه ان يكون ضابطاً. هو انسان يحمل شارة الضابط. انسان متوازن. هذا ضابط، وهذا ضابط، مع كل الاختلاف بينهما. المهنة شيء، والانسان خلف المهنة شيء آخر. لذا بحثي عن الانسان.

·         يقول فرنسوا تروفو ان السينما، له، بديل من الحياة. هل هي كذلك لك ايضاً؟ مع كل الشغف الذي يمكن ان نلحظه لديك.

- لا أحيا إلا على الشاشة. انزل الى الشارع لأتفرّج على نفسي وعلى الآخرين. في البداية انا مواطن مصري عربي ينعكس عليّ ما ينعكس على مواطن الشارع العادي من سلبيات وايجابيات وانكسارات. ثم اني املك كفنان فرصة ان ارصد الواقع قبل ان احياه على الشاشة.

·         اردت معرفة مدى ارتباطك بالواقع؟

- الفنان الذي وهبه الله موهبة، يرصد الحياة والناس ليس من اجل الرصد فقط، بل من اجل التأمّل. كالممسك بالريشة ليرسم لوحة، او الممسك بالعود ليضع لحناً. التأمل صفة خاصة بالانسان. أحيا على الشاشة نفسياً وانسانياً. أحب مهنتي كثيراً واحب تجسيد الشخصيات (...) لكني اكتشفت ان ثمة مزجاً بين الانسان والفنان، بين الاستوديو الذي أعيش فيه ويأخذ مني معظم أوقاتي، والواقع. ألفيت نفسي أحيا على الشاشة. هنا الناس معروفون لي. انه الواقع الذي اخترته، الشخصية التي اخترتها. أي ثمة اتفاق بين العاملين في الفيلم. أعرف الواقع هنا واعرف الناس والشخصية. انما في الخارج، أي في الواقع، فلا أعرف الاشخاص اذ لا اتفاق بيني وبينهم. لا اعرف ما قد يقوله لي امرؤ معين. قد يكذب عليّ، والمطلوب مني ان أصدقه، ويتبين لي أنه كاذب. بينما على الشاشة لا أحد يكذب عليّ إذ أملك اتفاقاً مع مَنْ أواجهه. كما أملك اتفاقاً مع المشاهد الذي ينتظر مشاهدة الفيلم. أما الحياة الواقعية فهي شرسة جداً. حين انتهي من اداء شخصية اشعر بفقدانها. عندما تحبّ شيئاً، مهنة، ينبغي ان تتقبل اوجاعها.

·     تبدو الممثل المفضل لدى سينمائيي "الموجة الجديدة" في مصر امثال محمد خان، داود عبد السيد، علي بدرخان، شريف عرفة، خيري بشارة، رأفت الميهي، والراحل عاطف الطيب... لِمَ أنت خيارهم الأول دائماً؟

- ربما لحاجتهم الى ممثل يعبّر على طريقتي. ولأن السينما تحوّلت من مرحلة الدهشة والحلم ومفهوم الأبيض والاسود، الخير والشر، الى مرحلة سندريللا والحبيب، الى المرحلة الثالثة وهي مرحلة الانسان. ذكرت انت ممثلين امثال روبرت دونيرو وداستين هوفمان وآل باتشينو وجاك نيكولسون... انهم ينتمون ايضاً الى مرحلة الانسان. كانت الدهشة ان تتفرّج على حلم جميل. اليوم، الدهشة ان تتفرج على نفسك. لذا البحث عن الممثل الانسان. ملامحي قريبة من رجل الشارع...

·         لكنه اسلوب ادائك ايضاً.

- ملامحي مع اسلوب ادائي.

·     ليتك تصف لي بكلمات قليلة ميزات كلٍّ من اولئك المخرجين الذين ذكرتهم والذين عملت معهم. اي الحضور على البلاتو، التعاطي مع الممثل. لا بد من ان كلاً منهم يتمتع بميزة محددة في عمله. واحد عصبي، آخر هادئ، وثالث يؤدي أمام الممثل... اعتقد ان ثمة درجات اختلاف.

- كل تلك الاسماء التي ذكرتها شكلت صورة احمد زكي. حققت اربعة افلام، حداً أدنى، مع كل من هؤلاء، وستة او سبعة افلام، حدّاً أقصى. يمثلون جزءاً كبيراً جداً من مسيرتي الفنية.

·         لنبدأ بمحمد خان.

- صاحب لغة سينمائية متفردة. تقنية عالية ترافقها رؤية بصرية رائعة للكادر. لكن محمد خان يملك امراً ثانياً لا ادري ان كان ميزة او عيباً: لو اتى لك بسيناريو وهو متحمّس وسعيد بانجازه فعليك ان تجاري رغبته في انجازه فوراً. يسعك ان تناقش مشهداً هنا او هناك. انما لا تأته بسيناريو جاهز. فرحته كبيرة جداً حين يكتب السيناريو بنفسه. يمتعه الجري وراء الفكرة.

·         خيري بشارة.

- يعشق الممثل. يستفز فيك الاجادة. ولو كان لديك رأي تقوله فقله. مثل صلاح ابو سيف وعلي بدرخان. انهم من النوع الذي يفرح لاقتراحات الممثلين. ذاك لشعورهم بأن الممثل ليس مجرّد منفذ. بل يودون معرفة ما تشعر به. كما يرغبون في ان يأتي الممثل بشيء جديد.

·         داود عبد السيد.

- عرض عليّ في الماضي الكثير من الادوار، لكن الظروف كانت تحول دون تعاوننا، حتى انجزت معه حديثاً "ارض الخوف" حيث الفيته راهباً في محراب الاستوديو ومتأملاً هادئاً. انه يمنحك الفرصة لتقول رأيك ويصنع في الوقت نفسه ما يريده. يأخذ منك ما يحتاج اليه في لباقة. انه الكاتب والمخرج، لذا فهو مقيّد برؤيته، وهو بذلك قريب من اسلوب محمد خان.

·         رأفت الميهي.

- الأمر نفسه، لأنه كاتب، الفيلم من أوله الى آخره فيلمه، تأليفاً واخراجاً وانتاجاً. كأنه يقول "الفيلم لي" مثل يوسف شاهين، وامثالهما ذوو لغة سينمائية عالية. يرون الفيلم كاملاً في رؤوسهم. الكلام معهم أدقّ واصعب، لأن المخرج هنا يرى الفيلم كله. وهذه مدرسة سينمائية ينبغي ان نحسن التعامل معها.

·         شريف عرفة.

- من المخرجين ذوي الباع. متميز جداً، يتعامل مع الممثل من خلال موهبته الرفيعة. يدع للممثل رأيه. وثمة في أي حال تدخل حميد وتدخل غير حميد. ثمة تدخل للابداع وتدخل مقيت قد يدمّر الفيلم. اذا كنت ابغي كممثل أن افهم فهل يعني ذلك اني ابغي ان اتدخل؟ الاضافة التي تجعلني استوعب هي تدخّل. انا والمخرج والكاتب في مركب واحد. انما هناك تدخل غير حميد، كالممثل الذي يروم إطالة دوره على حساب القصة، ويريد الظهور على شكل لا ادري ماذا، ويعمل لمصلحته الشخصية. انها تدخلات مقيتة. وممثل كهذا لا يعرف مهنته جيداً. أما الممثل الذي يسأل ويفكر ويقول فلا بد من ان يُسمع تدخله. انا ممثل ذو احاسيس، ولا بد من الاضافة ولا بد من الحذف، ولا بد كذلك من ان يمارس المخرج رقابة على الممثل في اضافاته. المهم معرفة كيف تدار تلك العملية بين المخرج والممثل. لو اصابت مشكلة الـ"أنا" المخرج او الممثل لتضرّر الفيلم. يمكن ان يفيد المخرج من رأي اي عامل على بلاتو الفيلم.

·         علي بدرخان.

- من اجمل وأرقّ وأعذب الناس الذين يمكن أن تتعامل معهم. شفّاف للغاية. اختلفت معه في بعض الافلام، في فيلم "ايام السادات" مثلاً الذي كان مفترضاً ان يخرجه. عرضته عليه بعدما وقع خلاف بيني وبين محمد خان، فراح علي بدرخان يعمل على السيناريو. لكني قلت له: هذا ليس الفيلم الذي ارغب فيه او الفكرة التي ارغب فيها. اصنع فيلماً انطلاقاً من كتاب السادات "البحث عن الذات"، وانت تصنع شيئاً مختلفاً، سيناريو مختلفاً، ولا أقول انك تصنع شيئاً سيئاً. قراري منذ البدء انجاز فيلم ينطلق من هذا الكتاب... وتفهّم ذلك في رحابة صدر، ولم يترك الأمر أثراً سيئاً لديه، بل على العكس، كان يطمئن إليّ والى صحتي يومياً متمنياً الانتباه الى نفسي وصحتي. الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية مع علي بدرخان. بعض المخرجين يجعل من أمر مماثل موضوع خصومة. هنا لي مساحة حرية كفنان ولا علاقة لذلك بالصداقة. الصداقة أن تأخذ ما في جيبي او ان اتبرع لك بدمي لو اصابتك ازمة. اما الفن فهو اختيار وحرية ومتعة. الرفض هنا ليس رفضاً لشخص.

·         الراحل عاطف الطيب.

- كان توأمي. ظروفه النفسية والاجتماعية، والتواصل الانساني في ما بيننا. كان توأمي في الحياة. حين كنت اختلف معه في فيلم يروح يشتمني حبّاً "ازاي ترفض العمل ده". كان يحدثني عن العمل الثاني قبل انهاء الأول، "يحجز عليّ". جميع المخرجين الذين عددتهم لي متميزون واصحاب لغة سينمائية وينبغي الاحتفاء بهم لأنهم في ربع قرن من الزمان، منذ السبعينات والثمانينات والتسعينات رصدوا حركة المواطن المصري والعربي بكل قضاياه ومشكلاته، ووهبوني جميعاً شيئاً اضافياً. ينبغي خصهم بالشكر، كالجيل الذي سبقهم وكان فيه امثال صلاح ابو سيف وهنري بركات وكمال الشيخ واشرف فهمي ونيازي مصطفى وحسن الامام وعز الدين ذو الفقار، واسماء كثيرة اخشى ان انسى احداً منهم. كل جيل يرصد زمنه وحركة الشارع المصري العربي سياسياً واجتماعياً ونفسياً وعلاقات الناس، وبعض المخرجين يملك رؤية مستقبلية وارهاصات بمثابة الانذار.

·         طرحت على يوسف شاهين قبل أيام سؤالاً حول عدم تكرّر تعاونكما بعد "اسكندرية ليه"، واوجه اليك السؤال نفسه.

- ماذا قال لك؟

·         قال انه يود كثيراً تكرار التجربة، انما صودف ان لا دور ملائماً لك.

- تماماً.

·         لِمَ لا تسعى من ناحيتك؟

- الممثل ينتظر في بيته ويقرعون بابه.

·         أحياناً يقرع الممثل باب المخرج.

- اقرع بابه حين يكون لديّ فيلم أودّ إنجازه. انما لن أقرع بابه لأسأله: هل لديك دور لي؟ هذا غير معقول على الاطلاق.

·         تستطيع القول ليوسف شاهين انك تود العمل معه.

- هو يعلم اني اودّ العمل معه. وهو يودّ العمل معي. لكنها مسألة اختيار. يختار موضوعاً معيناً يحتاج الى ممثلين بمواصفات معينة. إنني واثق من أنه لو صادف وجود دور لي فسيأتي إليّ يوسف شاهين سريعاً وسآتي اليه سريعاً.

·     مشهودة لك دقة اختياراتك، لكنك اقدمت احياناً على اختيارات غير جيدة. يمكن ان نذكر مثلاً "كابوريا" لخيري بشارة و"استاكوزا" لإيناس الدغيدي و"مستر كاراتيه" لمحمد خان...

- "آه... حَ قول لحضرتك". أحياناً ينجز الممثل ادواراً تتناول قضايا كبرى، مكتوبة جيداً، فتثير شهية الفنان لأنه يحتاج الى فيلم متكامل وشخصية متكاملة تفتح شهيته على الاداء. وأحياناً اخرى تردني سيناريوات لا تتناول قضايا كبرى، فأشعر بأنني احتاج الى الراحة والفرح قليلاً. لو جاءني عمل كبير يتناول مشكلة كبرى معينة لأسرعت الى تنفيذه. لكن لو لم يأتني مثل هذا العمل فاني انجز فيلماً سهلاً، بسيطاً جداً، لأن الناس يحتاجون بين الحين والآخر الى رؤيتك تمرح قليلاً. "كابوريا" الذي ذكرته لعلّه من أجمل الأفلام المصرية التي لو رأيتها مجدداً لنظرت اليها في طريقة مختلفة. شخصية كابوريا كانت انعكاساً للامبالاة التي سادت في المجتمع لفترة معينة، مع الشعور بعدم الانتماء ورغبة الناس في جني المال من غير أن تعمل، فانقسم حتى المثقف على نفسه. الشباب الهامشيون في "كابوريا" جميعهم يمتلكون مهنة، فهذا نجار، وذاك ميكانيكي، وذلك نافخ زجاج... تركوا مهنهم بحثاً عن المال السريع، وراحوا يتمثلون بالشخصيات التي يرونها على التلفزيون، او المغنين، فيحلقون شعرهم ويضعون الحلق ويتسكعون في الشوارع. ويصطحبهم ذوو الحياة الصاخبة ويلهون معهم فيفرحون بذلك. ثمة رسالة جميلة في هذا الفيلم. الكابوريا التي تنجذب من الماء الى النور فيتم اصطيادها، هي اولئك الشبّان الذين رأوا نوراً قوياً، فانجذبوا الى المصيدة مثل الكابوريا، لكنهم شعروا بأنهم يضيعون حياتهم وبأنهم بلا ملامح... أما "استاكوزا" فحول الكرّ والفرّ بين الرجل والمرأة. تسلية. الفن رسالة ومتعة. بين الحين والآخر أرغب في الاستراحة قليلاً ودعوة الناس الى النكتة الحلوة.

·     ثمة نوعية افلام اخرى لا تسيء الى فيلموغرافيتك فحسب بل الى السينما المصرية والعربية في شكل عام. انها الاعادات لأفلام اميركية مثل "نزوة" وهو اعادة ل"جاذبية قاتلة" الشهير (مع مايكل دوغلاس وغلن كلوز) و"الامبراطور" الاعادة لـ"ذو الندبة" (مع آل باتشينو)...

- "التمصير" نوع من انواع العبقرية. المكسيك اعادت فيلم "بداية ونهاية"، فكيف تحوّل الضابط الذي اداه عمر الشريف الى ضابط مكسيكي؟ وكيف اضحت "نفيسة" المصرية مكسيكية؟ تفاصيل الشخصيات عينها، انما كيف اصبحت مكسيكية؟ هذا لأن الانسان واحد في العالم كله. حين تذكر لي "نزوة" فانه حول رجل متزوج واقدم على نزوة يعيشها اي رجل على وجه الارض. الرجل والمرأة، والرجل والمرأة الأخرى. المهم كيف تعالج الموضوع على نحو محلّي. النفوس البشرية متقاربة. قد يقول البعض انه احب "نزوة" أكثر من "جاذبية قاتلة" الأصل الاميركي الذي فيه معالجة تشويقية رائعة، فـ"نزوة" يحمل قبساً كوميدياً. اما "الامبراطور" فهو في الاصل الاميركي مواطن كوبي من الدرجة الثانية، فجعلناه في الاقتباس المصري مواطناً من الدرجة الاولى، وحياته الأسرية مختلفة عن حياة البطل الاميركي. لم نستطع مثلاً الحفاظ على علاقته المحرمة باخته، فحولنا شخصيتها الى شقيق له، وبطل "ذو الندبة" زوجته عاقر فيما ليست كذلك هنا، كذلك علاقته بأمه... تغييرات كثيرة وبيئة محلية. الاميركيون شاهدوا الفيلم ودهشوا حين عرفوا كم بلغت موازنة فيلمنا التي لم تتجاوز المليون دولار قياساً بموازنة فيلمهم التي بلغت ربما عشرين مليون دولار. الموضوعات ملك البشرية. المهم كيف تعالجها. تبديل الاسماء فقط ليس فيه ابداع. ينبغي وضع الشخصيات في إطارها المحلي. "همّ سبعة وتلاتين حدّوتة تبرم كده، تبرم كده". فيلم "موعد على العشاء" الذي لعبته مع محمد خان انجزت منه اعادة انكليزية. "احلام هند وكاميليا" تحوّل الى فيلم مغامرات مع سيدتين متحابتين تفرّان معاً ("تيلما ولويز" لريدلي سكوت). هل هو توارد الخواطر؟ هل هي الارهاصات؟ نطلب فقط الى الذي يقتبس فيلما ان يذكر "عن" كذا.

النهار اللبنانية في

29.03.2005

 
 

أحمد زكي

رحيل الذي لم يكذب‏..‏ ولم يتجمل

كتب‏:‏ نــــادر عـــــدلي

سنة كاملة عشناها معه في رحلته مع آلام السرطان‏,‏ حاول بمقدرة مدهشة أن يتعايش مع المرض المدمر‏,‏ يقاومه ويصاحبه ويهزمه‏,‏ ولكن المرض تملك من جسده حتي فاضت روحه‏..‏ روح الفنان المتمرد الصعلوك الذي عاش حياته بين شخصياته‏,‏ وأخذ منها وأخذت منه‏!..‏ وسجل في تاريخ السينما الناطقة بالعربية أن فنانا مهما زغردت الشرائط بموهبته ألوانا ودراما واستمتاعا‏.‏

أي صناعة سينما في الدنيا تعيش بصانعيها‏,‏ ولكنها لاتبقي نابضة إلا بفنانيها الكبار‏,‏ وموهوبيها المهمين‏..‏ وأحمد زكي هو أحد الموهوبين الكبار في تاريخنا السينمائي‏.‏

أحمد زكي فنان شق طريقه بصعوبة بالغة‏,‏ لم يكذب ولم يتجمل‏..‏ لاملامحه ولاتكوينه الجسماني‏,‏ ولا سمرة وجهه تسمح له بأن يكون بين فتيان الشاشة‏,‏ وحلم الفتيات‏,‏ وبائع الاحلام والاوهام والبطولات‏..‏ ولكن المدهش فعلا انه أصبح كذلك‏!‏

كان سنده الأكبر‏:‏ الموهبة والاصرار‏..‏ وجاء الشاب الريفي للعاصمة‏,‏ للقاهرة يتلمس ان يجد له مكانا‏..‏ والمفاجأة ـ رغم كل الصعوبات التي واجهته ـ أن السينما اكتشفت أنها في حاجة حقيقية لهذا الفتي‏,‏ ففي الثمانينات مصر كلها كانت تتغير وتتبدل‏:‏ النظام السياسي اتجه من الاشتراكية نحو رأسمالية الانفتاح‏,‏ وظهرت تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية سريعة أثرت علي كل شيء‏,‏ وتأثرت السينما بدورها‏,‏ ورصدت وقرأت مايحدث‏,‏ فكان ماعرف بالواقعية الجديدة لمخرجين شباب‏:‏ محمد خان وعاطف الطيب وخيري بشارة وداود عبد السيد ورأفت الميهي‏..‏ وهؤلاء كانوا يبحثون عن فتي آخر ـ غير تقليدي ـ للسينما التي يريدون أن يقدموها‏..‏ ووجدوا في أحمد زكي ضالتهم‏.‏

فكانت أفلام‏:‏ عيون لاتنام ـ طائر علي الطريق ـ العوامة‏70‏ ـ أنا لا أكذب ولكني أتجمل ـ الحب فوق هضبة الهرم ـ البريء ـ زوجة رجل مهم ـ وأحلام هند وكاميليا‏..‏ وبرع فتي الشاشة الأسمر الجديد في اكساب هذه الافلام نبضا خاصا‏..‏ وأصبح من فتيان الشاشة المعتمدين من النقاد والجمهور‏.‏

وبعد نهاية الواقعية الجديدة قدم أحمد زكي أفلاما تقليدية عديدة‏,‏ ولكنها متميزة في اتقانها الفني‏,‏ وفي قدراته علي التقمص‏..‏ ثم يتوقف الفتي الأسمر‏,‏ ويعيد حساباته‏,‏ يريد أن يستمر مختلفا‏,‏ وموهبته تؤرقه وتدفعه ليقدم الجديد‏..‏ وتأتي الصحوة‏,‏ ويتذكر كم كان بارعا عند تقمص شخصية عميد الأدب العربي تليفزيونيا طه حسين‏,‏ وطاردته فكرة تقديم شخصية جمال عبد الناصر في فيلم تاريخي عن تأميم قناة السويس‏,‏ ووسط ذهول الجميع‏,‏ يتفوق الفيلم ويصبح حديث العالم العربي كله‏,‏ وتسترد السينما جمهورها‏(1996)‏ الذي يقف طابورا أمام شباك التذاكر من أجل فيلم ناصر‏56‏ ثم يقدم فيلميه المهمين‏:‏ اضحك الصورة تطلع حلوة وأرض الخوف‏..‏ ثم يقدم الفيلم السياسي أيام السادات‏..‏ وهكذا يترك أو تترك موهبة أحمد زكي بصمته في السينما المصرية مرتين‏,‏ الأولي مع الواقعية الجديدة‏,‏ والثانية مع فيلمي عبد الناصر والسادات‏.‏

كان أحمد زكي ـ رحمه الله ـ موهبة حقيقية فذة‏,‏ ويملك ألمعية وحضور التقمص والتشخيص العبقري‏..‏ وقد نجح مع بعض ممثلي جيله في تقديم الاداء السهل التلقائي المعبر والمؤثر‏,‏ ويتطور بفن الاداء التمثيلي نفسه علي شاشة السينما العربية‏.‏

لقد فقدنا ممثلا مهما بما قدمه من شرائط وابداع تمثيلي‏,‏ وسوف تتذكره السينما العربية طويلا‏,‏ وتتذكر ماقدمه من ابداع ومتعة للمشاهد العربي وفن السينما نفسه‏.‏  

..‏ وبقيت لنا أعمـالـه

كتبت‏:*‏ ماجدة حليم 

يضعنا الموت أمام الحقيقة الخالدة‏,‏ وهي الفراق‏,‏ ويبدو الفرق واضحا حين تفارقنا شخصية عامة فالاهتمام يتزايد عندما يـؤدي الإنسان واجبه في الحياة‏..‏ في عمله‏..‏ وفي التزامه بمبادئ قد تظهر في فيلم أو عمل إنساني أو عمل اجتماعي‏..‏ أو واجب وطني‏..‏ أو رأي حر يدافع فيه عن قيمة عليا من قيم الحياة‏.‏

وقد مات الفنان أحمد زكي لكنه ترك لأجيال من المشاهدين أفلاما لن تنسي‏..‏ لقد كانت بعض افلامه نوعا من النقد الاجتماعي لشخصيات أو أحداث مثل افلام‏:‏ شفيقة ومتولي‏,‏ والبيه البواب‏,‏ وزوجة رجل مهم‏,‏ وامرأة واحدة لا تكفي‏,‏ وضد الحكومة‏,‏ والبرئ‏..‏ كما أحيا ذاكرة المشاهدين بمسلسل الأيام عن حياة عميد الأدب العربي طه حسين‏..‏ وبفيلميه ناصر‏56,‏ وايام السادات‏..‏ وقدم في فيلم النمر الاسود نموذجا للإنسان المصري البسيط الذي يكافح ليصل الي القمة حتي لو كان غريبا عن بلده وأهله مع انتمائه الشديد للأرض التي خرج منها‏..‏ ووقوفه ضد العنصرية الغربية للملونين‏.‏

كان تقمصه لأدواره المختلفة يثير دهشة الناس والنقاد‏..‏ فقد قدم في مسلسل هو وهي نماذج متعددة كان في كل منها يختلف عن الأخر‏..‏ وعندما قدم ناصر‏56‏ كان الشباب يتدافعون الي دور العرض ليشاهدوا الرئيس جمال عبدالناصر الذين لم يعاصروه‏..‏ وحدث هذا أيضا في تجسيده للرئيس أنور السادات كان كأنه نفس الشخصية‏..‏ وكان الفقير ذو المباديء في الصورة تطلع حلوة ورجل المباحث في زوجة رجل مهم والرجل العاشق للنساء في امرأة واحدة لا تكفي‏.‏

هذه الموهبة لا نراها عادة إلا في بعض نجوم السينما العالمية مثل آل باتشينو وروبرت دي نيرو‏..‏

هذا هو الفرق بين موت رجل عادي وموت شخصية أدت دورا للمجتمع علي كل المستويات‏..‏ ودائما عندما يأتي الموت يقفز الفراغ‏..‏ وتخلو الساحة ويضم السكوت صوته لصوت الليل فلا تسمع شيئا‏..‏ إلا أنه كان هناك إنسان يمشي علي حرف من الخيال‏..‏ ثم انتقل للحياة الحقيقية التي نجهلها نحن البشر‏.‏  

المبدع‏..‏ المتفرد

كتب‏:*‏ مشـير عـبد الله 

قد تصنع المعاناة مجرما أو فنانا مبدعا جملة قالها الكاتب الكبير نجيب محفوظ‏..‏ والمعاناة جعلت من أحمد زكي مبدعا متفردا‏.‏

عرفت أحمد زكي حينما كان يمثل فيلم هستيريا‏,‏ فهذا الفنان مختلف عن كل فناني جيله‏,‏ فالتمثيل هو عشقه الأول والأخير‏,‏ وهو لايتحدث عن نفسه كثيرا إلا من خلال معاناته فقط فهو أبدا لم يخجل منها بل دائما يضعها أمامه في البلاتوه‏..‏ وفي ديكور شقة‏(‏ زين‏)‏ أحمد زكي في هيستيريا كانت هناك صورة معلقة لأحمد زكي وهو شاب‏,‏ وجلس يحكي عنها وأنها أول صورة التقطت له حينما جاء إلي القاهرة سعيدا وكله أمل فيها ولم تخيب أمله‏..‏

نشأ أحمد زكي وحيدا‏,‏ وكإن يجد سلوته في كل دور يقوم بأدائه فكان يتقمص أي شخصية من اخمص قدميه وحتي آخر خصلة في شعره‏,‏ فرغم قوته كممثل عبقري لايختلف عليه أحد‏,‏ إلا أنه كان يتعامل مع كل لقطة يقوم بأدائها وكأنه مازال ممثلا في بدايته يريد أن يثبت لنفسه قبل من حوله انه استطاع اداءها‏,‏ فينظر لكل من حوله ليعرف كيف أدي اللقطة فهو غيور جدا علي فنه ويريد أن يؤدي اللقطة أحسن ماتكون‏.‏

كان لايستطيع أن يحيا دون أن يتنفس الهواء‏,‏ والهواء عند أحمد زكي هو التمثيل فدائما يبحث عن شخصية جديدة‏..‏ وفي مرضه الأخير كانت حالته المرضية متأخرة منذ اكتشافها ولكن وجود شخصية مثل حليم جعل أحمد زكي يبقي معنا قليلا لأنه وجد الهواء الذي يحييه‏,‏ استطاع أن يحفر اسمه في التاريخ السينمائي‏,‏ فقد قال عنه يوسف شاهين حين‏:‏ رحل الدنيا ضلمت‏,‏ ونحن نقول‏:‏ ستظل أعماله وشخصياته في النور‏..‏ رحم الله أحمد زكي وعوض فن التمثيل عنه خيرا‏..‏ 

..‏ وبكي الجميع

كتب‏:*‏ محمود موسي 

‏بقدر ما اعطيت كان الحزن‏..‏

وبقدر صدقك وعطائك كانت الدموع من الملايين قبل المقربين‏.‏

وبقدر ما حملت من حب للوطن كان الاهتمام وكان الدعاء‏.‏

وداعا احمد زكي اخي وصديقي‏.‏

الان اكتب لك رسالة لاتمثل سوي سطر من سنوات علاقتي واقترابي منك واقول لك‏:‏
انا الان في حاجة اليك اكثر من اي وقت‏.‏

عارف يا احمد زكي‏..‏ انا نفسي اكتب كلاما كثيرا وعايز اقول لك ان ناس كثيرة قوي النهاردة بيبكوا عليك حزنا لفراقك وهم لم يتقربوا منك‏.‏

اما انا فأقول‏:‏ ان فراقك وجعني من جوايا‏.‏

اما فنيا‏..‏

فان رحيلك هو فاجعة كبيرة للفن العربي فأنت اخذت كل الالقاب بجهدك وحبك وتفوقك‏..‏ انت وحدك نصف موهبة السينما فاكر لما قلت لك هذه الجملة وضحكت وقلت لي ياحبيبي ان لسه عندي حاجات كثيرة وعلشان انت بتحبني بتقول كده‏.‏

اه يا احمد يازكي لو تعرف الدموع التي ذرفت حزنا عليك لانك صادق ومن اهل الخير‏,‏ وستظل في قلوب جمهورك وستظل اعمالك شاهدة ودعوات الناس ستكون لك رحمة‏..‏ اللهم ارحم احمد زكي‏.‏  

البرئ‏..‏ القدوة

كتب‏:*‏ أحمد عاطف 

رحم الله احمد زكي‏,‏ فقد كان مثلا يحتذي في الفن والسلوك الانساني معا ولهذا فلن يكتب تاريخه من خلال افلامه فقط ولكن ايضا من خلال محاسنه وصفاته كانسان نقي بمعني الكلمة لايقول الا الصدق ولايعرف الخبث طريق إلي قلبه ولايشغله النظر للاخرين بما لايعنيه‏,‏ ولايحسد احدا وكان مستعدا لأن يقف بجانبك اذا كنت تدافع عن الحق واذا اخطأت في حقه فسوف يرد في وجهك ولن يطعنك في ظهرك ابدا وهو ايضا كثير التسامح ساخر كبير‏,‏ لكن لايخوض في سيرة الناس اوفي اعراضهم‏,‏ كان مليئا بالخير كثير التصدق ومساعدا للمحتاجين رحيما بالضعفاء‏.‏

ولم يكن ضميره الفني اقل من ضميره الانساني بأي الاحوال فقد كان فنانا شديد التواضع مع الجمهور ومع زملائه وكان يحترم جهد الاخرين ولا يقلل من قيمة احد‏,‏ وكان رأيه ان كان إنسان موهوب في شئ ما‏,‏ ولهذا فقد عمل مع مخرجين متنوعين من حسن ابراهيم لداود عبد السيد‏..‏ ولم يمارس أيا من افعال النجومية المريضة‏,‏ لكن كان يفتح قلبه للجميع واذا عرض عليه سيناريو يقرؤه بكل جدية بدون احكام مسبقة علي شخص كاتبه او حتي علي عنوان الفيلم وكفنان لم يكن هدف احمد زكي جمع وكنز الاموال كما يحدث للكثيرين فلايقبل افلاما لكي يحافظ مثلا علي اجره كنجم فالمال بالنسبة له وسيلة وليس غاية‏.‏

ولم يكن ككل الممثلين همه التواجد في كل موسم او كل عام لكنه يختار الافلام التي يقتنع بها فقط وكان ممثلا مؤمنا بالتنوع فلم يسقط ابدا في فخ تقديم شخصية واحدة حتي لو كانت ستدر عليه ذهبا‏,‏ كان قارئا كبيرا ومثقفا ومراقبا جيدا للحياة وكانت لديه قدرة هائلة علي اختزان شخصيات من يراهم واعادة افرازها في اعماله‏.‏

ولانه من مدرسة الاندماج في التمثيل‏,‏ فكثيرا ما كانت تضيع الحدود بينه وبين الشخصيات فيأكل ويشرب ويتحرك من خلالها وحتي لو كلفه ذلك من ضريبة التأزم النفسي لعدم خروجه من الشخصيات بسهولة بعد الانتهاء من تمثيلها‏,‏ فانه لم يتوقف قط عن قناعاته بان الاندماج الكامل هو مرادف للصدق الفني‏.‏

كان الفنان الكبير لاينشغل بأي شئ سوي فنه حتي اصدقاؤه كانت حواراته معهم عن مشروعاته الفنية وكان يصنع احلامه بنفسه ويحارب من اجل تحقيقها يبحث عمن يكتبها له ثم عن جهة انتاج او يتصدي هو لانتاجها بنفسه حتي لو كانت ستكلفه كل ما يملك‏,‏ وكان فيلم السادات ابلغ مثال علي ذلك‏.‏

احمد زكي هو ممن اختصه الله من عباده بنعم كثيرة وقد أحسن استخدامها وأدي رسالته علي أكمل وجه وليت الممثلين الشباب من هذا الجيل يتأملون حياته جيدا ويعون دروسها‏.‏ 

مخرجون عملوا معه‏..‏ يتكلمون

متابعـة‏:‏علا السعدني ــ هناء نجيب ـ علاء سالم ــ لينا عادل 

*‏ المخرج داود عبدالسيد‏:‏ كان من الفنانين الذين لديهم قدرة هائلة علي تجسيد الأدوار ببراعة شديدة‏,‏ وقد تعاونت معه في فيلم أرض الخوف فهو من القلائل الذين يجعلون المخرج يصل الي أقصي درجات الإبداع من خلال أدائه الرائع في تجسيد الشخصية التي يقدمها‏..‏ وعبقرية أحمد زكي تكمن في عاملين أساسيين‏:‏ ملامحه المصرية القريبة من أي شاب مصري وهو ماجعله قريبا من الجمهور خاصة أنه تزامن وجوده مع صعود تيار السينما الواقعية‏,‏ وهو ماشجعه علي تقديم عدد من الشخصيات الواقعية لنماذج مصرية‏..‏ وأعتقد أن الظروف الاجتماعية والتاريخية هي التي تثقل الإنسان‏,‏ وتجعله قادرا علي تجسيد الشخصية وهذا ماتحقق للفنان أحمد زكي‏.‏

*‏ المخرج رأفت الميهي‏:‏ أحمد زكي عملة نادرة وكان عنيدا في مشواره الفني‏,‏ كما كان عنيدا في مقاومة المرض‏,‏ فكان التمثيل بالنسبة له مسألة حياة أو موت‏,‏ وساهم في تغيير ملامح البطل فجعله أشبه بملامح الإنسان البسيط‏,‏ لذلك كانت أفلامه تعبر عن هذا الإنسان‏..‏ وساهم في حركة التغيير التي قادها مخرجو الثمانينات ويعتبر أحد أعمدة هذه الموجة وساعد مخرجيها في التعبير عن رؤيتهم‏.‏

*‏ المخرج محمد فاضل‏:‏ أداء أحمد زكي يتمتع بالصدق والالتزام الشديدين‏,‏ مما ينعكس علي عمله فهو يجيد معايشة شخصياته معايشة كاملة عن طريق التفرغ الكامل لها ودراسة كل تفاصيلها‏..‏ وجاء هذا الاخلاص في العمل علي حساب حياته الخاصة‏,‏ فقد ضحي بكل شيء من أجل عمله‏..‏ وقد ظل يستعد لشخصية عبدالناصر في ناصر‏56‏ لمدة عام كامل مما سهل تقديم فيلم صعب ومركب‏.‏

*‏ المخرج علي عبد الخالق‏:‏ كان عاشقا لفن التمثيل الي أقصي درجة وجعله محور حياته‏.‏ وكان يجيد التحضير الداخلي والخارجي للشخصية‏,‏ وكان ينغمس في الشخصية الي درجة أنه ينفصل عن عالم أحمد زكي ويدخل الي عالم الشخصية طوال فترة التصوير‏..‏ وكان شديد الالتزام ويحضر الي الاستوديو قبل موعد التصوير بساعات وشديد الانشغال بعمله‏..‏ وكان يمتلك القدرة علي تصوير مشهد طويل وصعب دون توقف وهي قدرة يملكها قليلون‏.‏

*‏ المخرج مجدي أحمد علي‏:‏ جمعني مع أحمد زكي أربعة أفلام ثلاثة منها كمساعد مخرج‏..‏ ومهما استحضرت من كلمات أصف بها هذا العملاق لن أستطيع‏,‏ فهو صاحب مدرسة التلقائية في التمثيل وموهبة نادرة لن تتكرر وأعتقد انه لايوجد من يضاهيه في موهبته‏..‏ وأثناء عملنا معا كان شديد الالتزام احتراما لعمله فهو لايتدخل إطلاقا في عمل المخرج‏.‏

*‏ ممدوح الليثي نقيب السينمائيين‏:‏ الفنان الحقيقي ينال حقه في التكريم من الجمهور‏,‏ والإعلام‏,‏ وهذا ماحدث مع النجم أحمد زكي‏,‏ الذي رحل ولم يترك شيئا‏,‏ لكن الإعلام والجمهور أعطاه حقه وقد انتجت له معالي الوزيروالحقيقة أن ماقدمه أحمد زكي من أعمال جسدت حياة المشاهير مثل ناصر‏56‏ وأيام السادات وأخيرا حليم يجعلنا نفكر في تقديم رحلة كفاحه وحياته في عمل فني‏..‏ وتبقي كلمة أخيرة هي أن الفنانين اللذين أعطوا للفن خلاصة فكرهم وأفنوا عمرهم في اسعاد الآخرين سوف تظل سيرتهم وأعمالهم خالدة‏.‏  

حياته ومشواره وكلماته

*‏ حياة أحمد زكي‏,‏ كانت شريطا سينمائيا طويلا‏,‏ ربما تكون أطول من عمره القصير‏..‏ فهي مليئة بالقصص الدرامية كأفلامه تماما‏..‏ هو أحمد زكي عبد الرحمن‏,‏ ولد بقرية الحسينية بمدينة الزقازيق عام‏1949‏ ولقب باليتيم منذ ولادته‏,‏ فقد توفي والده وهو في عامه الأول‏,‏ وتزوجت أمه بعدها وتركته يعيش مع جده‏.‏

*‏ أصبح رئيس فريق التمثيل في المدرسة الابتدائية والاعدادية‏,‏ وكانت نقطة انطلاقه إلي احتراف الفن عندما التحق بالثانوية‏..‏ فلحسن حظه أن ناظر المدرسة كان يهوي التمثيل فنصحه بضرورة الالتحاق بدراسة المسرح‏,‏ وفي أثناء دراسته بالمعهد العالي للفنون المسرحية جاءته الفرصة في مسرحية هالو شلبي‏,‏ وكان طبيعيا أن يكون الأول علي دفعته عام‏1973,‏ لتأتي فرصته الأكبر في مسرحية مدرسة المشاغبين ثم العيال كبرت‏.‏

*‏ أول أدواره في السينما كان دورا صغيرا في فيلم بدور وتألق في التليفزيون من خلال مسلسل الأيام لعميد الأدب العربي طه حسين‏...‏ وعرف فتي مصر الأسمر كيف يتنقل من دور إلي آخر ببراعة‏..‏ فهو الفلاح في البريء‏,‏ وتاجر العملة قي أحلام هند وكاميليا‏,‏ والشاب غير الموهوب الذي بحث عن العالمية في كابوريا‏,‏ والضابط القاسي في زوجة رجل مهم‏..‏ وهذه المقدرة في عطائه لكل الأدوار ناتجة عن اهتمامه منذ الصغر بالملاحظة وحب التعبير‏..‏ وقد قال عن ذلك‏:‏ اختزنت الكثير من الاحساسيس والرغبات الكامنة في التعبير عما أشعر به‏..‏ لذلك تراني لا أهتم بالمدة التي ستظهر فيها الشخصية علي الشاشة‏..‏ بل الشخصية نفسها اذا استطاعت إثارتي ووجدت فيها فرصة جديدة للتعبير عما بداخلي‏!!‏

*‏ وهكذا وجد أحمد زكي لنفسه مكانا في الصف الأول أو بمعني أدق حفر لنفسه بأظافره طريقا إلي الصف الأول‏.‏

ويقول النجم الكبير عن حياته ومشواره الفني ايضا‏:‏ جئت إلي القاهرة وأنا في العشرين حيث الطموح والمعاناة والوسط الفني وصعوبة التجانس معه‏..‏ وعندما تكون قد قضيت حياتك في الزقازيق مع اناس بسطاء بلا عقد ولاهستيرية شهرة‏..‏ ثم الافلام والوعود والآلام والأحلام‏..‏ وفجأة في يوم عيد ميلادي الثلاثين نظرت إلي السنين التي مرت وقلت أنا سرقت نشلت مني عشر سنوات‏,‏ ويقول ايضا عن نفسه‏:‏ وأنا بطبعي انسان حزين سريع البكاء‏,‏ لا ابتسم‏,‏ لا أفرح‏,‏ آخذ كتاب ليلة القدر لمصطفي أمين لاقرأ فيه وأبكي‏..‏ أدخل إلي السينما وأجلس لأشاهد ميلو دراما درجة ثالثة فأجد دموعي تسيل وأبكي‏..‏ ولدي صديق عالم نفسي ساعدني كثيرا في السنوات الأخيرة لاجتياز حزني‏..‏ بعدها أكد لي أن معاناتي كلها تعود إلي طفولتي اليتيمة ففي العاشرة كنت كأنني في العشرين‏,‏ وفي العشرين شعرت بأنني في الأربعين‏,‏ عشت دائما أكبر من سني‏.‏

خلاص يا أحمد

سناء البيسي: عن مجلة نصف الدنيا

كده برضه يا أحمد‏.‏ واخد في وشك وماشي‏.‏ ماشي مع إن منزلتك العالية لا أحد غيرك مرسوم لها ولا مقاسها محبوك علي غيرك‏.‏ كده برضه وانت اللي فيهم وانت اللي ألفة عليهم وأنت اللي معجون فن وانت اللي فقت الجن وانت اللي أثبت نظرية أن التاريخ ممكن يعيد نفسه بشخوصه ودروسه‏..‏ مفارق‏..‏ خلاص يا أحمد مروح‏..‏ رايح للبر الغربي‏..‏ مغادر وادي النبض لوادي الصمت‏..‏ وداع يا أحمد من غير أي وعد بلقاء لا في الغد ولا بعد غد ولا حتي بعد سنين فخلاص راح الخلاص وراح أي بصيص من أمل للشفاء من الداء الألد‏..‏ ومنين يا أحمد كان ييجي الشفاء بعدما دخلت في جب غيبوبة برزخ انسلاخ الروح من الجسد‏..‏ ترجع لنا منين بعد ما كشف عنك غطاء البصيرة لتطل من طاقة الفناء علي رحابة دار البقاء‏..‏

 موهبته تتسع لكل مخرجي مصر

تعامل كل مخرجي مصر ـ تقريبا ـ مع موهبة أحمد زكي‏,‏ حيث تعامل مع‏27‏ مخرجا في أفلامه التي بلغت‏56‏ فيلما‏..‏ ومن هؤلاء المخرجين‏:‏ يوسف شاهين وصلاح أبو سيف وعاطف سالم وحسين كمال ونادر جلال وأشرف فهمي وداود عبد السيد وسمير سيف ورأفت الميهي ومحمد فاضل‏..‏ اما أكبر عدد من الافلام فكانت مع‏:‏ محمد خان‏(6‏ أفلام‏),‏ وعاطف الطيب‏(5‏ أفلام‏),‏ وعلي بدرخان ومحمد راضي‏(4‏ أفلام‏),‏ وخيري بشارة وعلي عبد الخالق‏(3‏ أفلام‏).‏

 

ينشر لأول مرة كلام أحمد زكي‏:

الغرور يقتل الفنان 

هناك حالات استثنائية في تاريخ الفن العربي عموما ويأتي في مقدمة هؤلاء النجم الكبير أحمد زكي الذي ودعناه أمس الاول‏.‏

نجح أحمد زكي خلال مشواره في ان يجعل من الشخوص التي قدمها علامات حقيقية لدرجة انه في افلام كثيرة اشعرنا انه الشخصية وليس أحمد زكي‏..‏ وهو كان يقول التمثيل هو الكذب المتفق علي تصديقه‏..‏ ومن يجيد أكثر هو المبدع‏.‏

وننشر اليوم ـ للمرة الأولي بعض من احاديث جرت بينه والزميل محمود موسي‏.‏

·         هل الزمن يمثل أزمة للفنان؟

ــ طبعا‏..‏ لانني لما كنت في سن صغيرة في سن الشباب الموجودين حاليا كنت اعمل ادوارا تليق بعمري‏,‏ فعملت الحب فوق هضبة الهرم شاب يبحث عن فرصه عمل‏..‏ وعملت البريء عسكري في الامن المركزي‏...‏ والنمر الاسود‏...‏ ولد سافر بره علشان يشوف حظه في الحياة‏...‏ وبعدين اعمل انا لااكذب ولكني اتجمل يعني كنت اعمل افلاما تليق للعمر ده وتناقش هموم الشباب في هذه الفترة‏.‏

وكان المنتجون لايطلبوني في ادوار اكبر سنا لآن سني صغيرة‏..‏ فأنا في تلك الفترة كنت اعبر عن شريحة كبيرة تطابق السن‏,‏ وبعد ذلك انتقلت الي مرحلة عمرية أخري‏,‏ وكنت محروما وانا صغير من مثل هذه الادوار وهي ادوار الرجل وقدمتها في زوجة رجل مهم والامبراطور والهروب وضد الحكومة والراعي والنساء وبعد ذلك قدمت الرجل الناضج‏,‏ ومع كل مرحلة اصبح فيها وجها جديدا أيضا اقدم مايليق لسني وعمري ومشاكل عصري‏..‏ وقدمت ارض الخوف واضحك ومعالي الوزير وعبدالناصر والسادات‏..‏

‏.....‏ أنا في كل مرحلة اكون وجها جديدا فيها وعملت بانوراما من الادوار الشعبية مثلا في احلام هند وكاميليا وكابوريا وكمان ادوار فيها سياسة زي زوجة رجل مهم وادوار اجتماعية مثل نزوة والراعي والنساء‏...‏ والبيه البواب وشادر السمك‏..‏ وقدمت في كل مرحلة عمرية ما بها من افلام شعبية وسياسية واجتماعية‏..‏ ولهذا عندما يأتي لي موضوع لايتناسب مع المرحلة العمرية لازم انصرف عنه‏..‏ لانني مع كل مرحلة احتاج فيها لعمل يغطي جموع الناس التي تكون علي شاكلة هذا العمر‏...‏ وممكن يكون معايا مجموعة من الشباب لكي يحدثهارموني وانسجام لاننا نعبر عن الشارع والبيت وده فيه الرجل والشاب والشيخ‏...‏ فانا راجل عملت افلام كثيرة وزملائي ايضا عملوا افلام وأثروا السينما باعمال عظيمة ولهم تاريخهم‏...‏ وأتمني من الشباب أن يعملوا تاريخا فنيا‏.‏

·         هل كل شخصية تقدمها لابد ان تحبها؟

ــ عندما أوافق علي شخصية افتح لها ملفا وأسلط الضوء علي دماغي‏..‏ وانا الحقيقة سعيد بافلامي ويحضرني الان فيلم انا لااكذب ولكني اتجمل‏..‏ فيه ناس عايشة وسط المقابر وكانوا متضررين من الواقع بتاعهم وانهم عايشين في مثل هذا المكان وحصل لما نزل الفيلم واثناء سيري في المنطقة دي وجدت كثيرا منهم فرحانين لان الناس تعاطفت مع الشخصية التي قدمتها‏...‏ فالواقع ليس ذنبهم‏..‏ وان الانسان ليس بالمكان واعتقد ان الافلام قد تحدث حالة من التصالح للنفس البشرية مع الواقع
وعندما قدمت الحب فوق هضبة الهرم بعض الشباب قالوا لي احنا عندنا نفس المشكلة‏..‏ فقلت لهم لم تعد مشكلتكم وحدكم‏..‏ طرحت امام الرأي العام‏,‏ فالفن ممكن يقدم حلول‏..‏ وممكن يعرض لمشكلة دون حل‏...‏ وانا سعدت جدا عندما علمت ان زوجة رجل مهم يعرض علي طلاب الشرطة علشان يعرفوا مشكلة الضابط ايه‏..‏ ولايقلدوه‏..‏ فاذن الفن مرآة للمجتمع والوطن‏.‏

·         لماذا أنت متواضع‏..‏ وهناك من هم اقل منك يشعرون بانهم أهم النجوم؟

ــ لو وضعت في دماغك حكاية نجم النجوم‏..‏ مش هتفن ثم يعني أيه نجم‏..‏ انا في النهاية فنان‏..‏ ومهنتي اقدم شخصيات‏..‏ فلماذا أتغر‏...‏ ثم أتغر علي ايه وليه‏..‏ دا الحياة فيها من الرصد الانساني في الشارع المصري من شخوص وشخصيات وكل يوم تصرفات الناس واسلوبهم‏..‏ وكل ده محتاج رصد‏,‏ والفنان يترك الدنيا وناقصه ادوار كثيرة‏..‏ يبقي ايه لازمة الغرور هنا‏..‏ الفنان عايز يمسك الشمس ومستحيل يمسكها‏...‏ والفنان ممكن يترك الدنيا وسايب ادوار كثيرة جدا‏...‏فاذن الغرور هنا علي ايه‏...‏ لماذا الغرور

الفنان يقعد طول حياته يلهث ويجري وراء الشخصيات ووراء الحياة لغاية لما يموت‏..‏ ويموت وهو بيحلم بشخصيات جديدة يضحك‏..‏ لماذا الغرور‏,..‏

ومن يصيبهم الغرور عليهم ان يقعدوا في بيوتهم‏..‏ لان الغرور نوع من انواع القتل والموت للفنان‏..‏ فالغرور يجعل الانسان ذاتي قوي‏,‏ وغرقان في نفسه‏..‏ طيب كيف سيقدم الفن‏..‏ الفنان لازم يكون بره نفسه قوي علشان يلتقط الاشياء من الحياة ويقدر يبثها طول الوقت‏.‏

·         هل التواضع من اسباب النجاح والتفرد والتميز؟

ــ الاساس‏..‏ التصالح والرضا‏..‏ وحب واتقان العمل‏.‏

 

عماد الدين أديب‏: رفضت تصوير الجنازة لتعرض في فيلم حليم

كتبت‏:*‏ إلهام الحجر 

عندما تحدثت مع الصحفي الكبير عماد الدين أديب منتج فيلم حليم عن مشواره وصداقته مع النجم الراحل أحمد زكي عقب الجنازة‏,‏ كان في شدة الحزن والكلمات تتحشرج في حنجرته‏,‏ وعن علاقته بالنجم الراحل قال‏:‏

نحن أصدقاء منذ‏30‏ سنة‏,‏ منذ كان في فرقة الفنانين المتحدين‏,‏ وكنت طالبا‏,‏ ثم أصبحت صحفيا تحت التمرين‏,‏ وتوطدت العلاقة بيننا وتطورت‏,‏ وعندما مرض بالمرارة كنت في لندن‏,‏ وحضرت وأخذته وسافرنا إلي لندن‏,‏ وأجري عملية المرارة‏,‏ ثم جمعتنا الصداقة القوية عندما مثل فيلم امرأة واحدة لاتكفي عن قصتي‏,‏ وتقابلنا مرة أخري في أول انتاج مشترك‏,‏ وهو فيلم حليم‏.‏

·         وكيف بدأت قصة فيلم حليم؟

ـ عندما جاءني أحمد زكي وقال‏:‏ أنا بقالي‏10‏ سنوات أحاول أن أعمل الفيلم‏,‏ واتفقنا‏,‏ وكان المبدأ بيننا أن نشترك معا في الانتاج‏,‏ وعندما قررنا أن نبدأ التصوير‏,‏ اكتشف بعدها بشهرين المرض اللعين الذي أصابه في الرئة‏,‏ وأصابنا جميعا بالذهول والحزن الشديد‏.‏

وكان حب الناس له وثقته وايمانه بربه‏,‏ يدفعه لمقاومة هذا المرض و التغلب عليه‏,‏ وهذا ماجعله يكمل جزءا كبيرا من الفيلم رغم أن السرطان انتشر بشكل كبير ونشط في جميع أجزاء جسده‏..‏ واستطاع أحمد زكي بقوة ارادته أن يصور كل المشاهد الخاصة بعبدالحليم وهو كبير‏,‏ ولكن شخصية عبدالحليم وهو مراهق سوف يقوم بتمثيلها هيثم ابنه إن شاء الله‏.‏

·         متي يعود تصوير بقية أحداث الفيلم؟

ـ أوقفنا التصوير احتراما لمرضه‏,‏ وسوف ننهي الفيلم‏,‏ ويعرض في آخر الصيف أي شهر يوليو‏.‏

·         ألا تري أن الضجة الكبيرة التي حدثت أثناء مرضه ثم موته‏,‏ كان مبالغا فيها؟

ـ عندما اتكلم عن الفنان المبدع أحمد زكي‏..‏ فأنا أتكلم عن أم كلثوم‏,‏ وعبدالوهاب‏.‏

·         ماذا طلب أحمد زكي منك قبل أن يرحل؟

ـ قال أريد تصوير الجنازة بشكل حقيقي في الفيلم بعد موتي‏..‏ ولكن أنا رفضت بشدة لأني لا أتاجر بمشاعر واحاسيس أحمد ز كي‏,‏ وجثمان أحمد زكي‏.‏  

الأهرام اليومي في

29.03.2005

 
 

مصر تبكي أحمد زكي  

شارك اكثر من 15 الف شخص بينهم الكثير من الفنانين والمسؤولين الاثنين في تشييع جنازة الفنان المصري احمد زكي وسط اجراءات امنية مشددة شكلت عائقا امام مشاركة الاف اخرين وقفوا بمحاذاة مسجد مصطفى محمود في ضاحية المهندسين في العاصمة المصرية.

وانتظر الالاف تحت وهج الشمس وصول جثمان زكي بينهم نساء محجبات والى جانبهن طالبات جامعة ونساء بالثياب العصرية السوداء من المعجبات بالفنان الراحل.

وتدافع الرجال والشباب في محاولة لاختراق صفوف رجال الامن للاقتراب من مدخل مسجد مصطفى محمود لمتابعة الجنازة والمشاركين فيها من الفنانين والفنانات.

وقبيل صلاة الظهر وصل عدد كبير من نجوم السينما وعالم الفن المصري للمشاركة في جنازة زكي الذي رحل صباح الاحد بعد معاناة استمرت اكثر من عام من مرض سرطان الرئة الذي شخصت اصابته به في كانون الثاني/يناير 2004.

ومن المشاركين زميلاه في مسرحية مدرسة المشاغبين التي عرفت الجمهور المصري والعربي به وهما الفنانان عادل امام وسعيد صالح.

وضربت قوات الامن المصرية طوقا في منطقة مسجد مصطفى محمود الذي انطلقت منه الجنازة ومنعت الصحافيين والجمهور من الدخول على بعد اكثر من خمسين مترا من مقدمة بوابة المسجد بعدما الغت اقامة الصلاة على جثمان الراحل في مسجد عمر مكرم في ميدان التحرير بناء على وصية زكي قبيل وفاته.

ورغم ذلك استطاع عدد كبير من الفنانين دخول المسجد وبينهم محمود ياسين ومحمود عبد العزيز وفاروق الفيشاوي والمطرب محمد منير والفنانات رجاء الجداوي ومنى زكي وفردوس عبد الحميد وكريم عبد العزيز وفتحي عبد الوهاب وماجد كدواني وكمال سليمان ومحمد هنيدي ومنى عبد الغني وحنان ترك واخرون.

وعلى الصعيد الرسمي، حضر عدد من الوزارء منهم وزير الثقافة المصري فاروق حسني وزير الصحة محمد عوض تاج الدين ومدير مكتب رئاسة الجمهورية زكريا عزمي ورئيس مجلس الشورى وامين عام الحزب الوطني الديمقراطي صفوت الشريف.

وفور انتهاء صلاة الظهر نقل النعش محمولا على الاكتاف وملفوفا بالعلم المصري الى سيارة نقل الموتى التي انطلقت به الى المدفن الخاص الذي اشتراه الفنان الراحل في مدينة 6 اكتوبر (40 كيلومتر جنوب غرب القاهرة) ليكون قريبا من شريكته في بعض اهم افلامه الفنانة سعاد حسني التي دفنت هناك قبل ثلاثة اعوام.

ويعتبر زكي من اهم الممثلين العرب. وقد اطلق عليه المخرج المصري الكبير يوسف شاهين لقب عفريت تمثيل فيما عرف شعبيا بلقب النمر الاسمر.

وقد استطاع ان يحيا ذكرى شخصيات تاريخية اثرت على حياة الشعب المصري مثل عميد الادب العربي طه حسين من خلال مسلسل الايام الذي ابدع فيه في اداء دور الضرير اضافة الى ناصر 56 وايام السادات اللذين جسد فيهما شخصية الزعيمين جمال عبد الناصر وانور السادات.

اكتسب زكي حب الجمهور المصري من خلال تجسيده لمعاناته ومشاكله في العديد من افلامه خصوصا تلك التي قدمها مع المخرج الراحل عاطف الطيب ومنها الحب في هضبة الهرم والبريء والهروب اضافة الى زوجة رجل مهم لمحمد خان واحلام هند وكاميليا والمدمن وضد الحكومة وارض الخوف لداود عبد السيد.

ولم يكن زكي يقبل ان يقوم اي بديل بتأدية اللقطات الخطيرة التي تتضمنها مشاهد الفيلم مثل قيامه بحمل اسطوانة غاز مشتعلة ليلقي بها خارج المبنى في فيلم عيون لا تنام كما تعلم السباحة خلال اسبوعين فقط حتى لا يستعين ببديل في فيلم طائر على الطريق. ولم يتورع عن دخول ثلاجة الموتى لعشرة دقائق كي يصور لقطة الموت في فيلم موعد على العشاء.

ومن اشهر افلام الراحل الاخرى الباطنية والبيه البواب وسعد اليتيم والعمر لحظة والامبرطور والباشا والرجل الثالث وامراة واحدة لا تكفي ووراء الشمس واسكندرية ليه، في اول واخر لقاء له مع المخرج المصري الكبير يوسف شاهين، والنمر الاسمر وكابوريا واستاكوزا.

احيا احمد زكي بادائه شخصيتي الرئيسين جمال عبد الناصر في ناصر 56 وانور السادات في ايام السادات لحظات تاريخية هامة في تاريخ مصر المعاصر وخصوصا حدث تاميم قناة السويس في ناصر 56 الذي لم يعشه ابناء الجيل الجديد والذين كانوا من اهم مشاهدي هذا الفيلم.

ومن الافلام التي يعتبرها النقاد علامة في تاريخ احمد زكي الفني كانت بدايته مع الجوائز والتقديرات التي تجاوزت الثمانين جائزة محلية وعربية عن ادواره السينمائية حيث حوقد رحل الفنان قبل ان ينتهى من تصوير فيلم حليم عن حياة المطرب عبد الحليم حافظ، الذي كان تنفيذه حلم عمره، لما هناك من تشابه بين حياة كل منهما بسبب اليتم وصعوبة العيش وصولا الى الى القمة والمعاناة قبيل الموت من المرض.
ولكنه انهى ما يقارب 90 في المائة من مشاهد الفيلم
.

وللفنان الراحل ابن وحيد هيثم من مطلقته الراحلة هالة فؤاد.

موقع "القناة" في

29.03.2005

 
 

جنازة مهيبة لـ«النمر الأسمر»..

ودفن بالقرب من سعاد حسني

 شارك اكثر من ٥١ الف شخص بينهم الكثير من الفنانين والمسؤولين أمس الاثنين في تشييع جنازة الفنان المصري احمد زكي وسط اجراءات امنية مشددة شكلت عائقا امام مشاركة آلاف اخرين وقفوا بمحاذاة مسجد مصطفى محمود في ضاحية المهندسين في العاصمة المصرية.

وانتظر الآلاف تحت وهج الشمس وصول جثمان زكي بينهم نساء محجبات والى جانبهن طالبات جامعة ونساء بالثياب العصرية السوداء من المعجبات بالفنان الراحل.

وتدافع الرجال والشباب في محاولة لاختراق صفوف رجال الامن للاقتراب من مدخل مسجد مصطفى محمود لمتابعة الجنازة والمشاركين فيها من الفنانين والفنانات.

وقبيل صلاة الظهر وصل عدد كبير من نجوم السينما وعالم الفن المصري للمشاركة في جنازة زكي الذي رحل صباح الاحد بعد معاناة استمرت اكثر من عام من مرض سرطان الرئة الذي شخصت اصابته به في يناير ٤٠٠٢.

ومن المشاركين زميلاه في مسرحية »مدرسة المشاغبين« التي عرفت الجمهور المصري والعربي به وهما الفنانان عادل امام وسعيد صالح.

وضربت قوات الامن المصرية طوقا في منطقة مسجد مصطفى محمود الذي انطلقت منه الجنازة ومنعت الصحافيين والجمهور من الدخول على بعد اكثر من خمسين مترا من مقدمة بوابة المسجد بعدما ألغت اقامة الصلاة على جثمان الراحل في مسجد عمر مكرم في ميدان التحرير بناء على وصية زكي قبيل وفاته.

ورغم ذلك استطاع عدد كبير من الفنانين دخول المسجد وبينهم محمود ياسين ومحمود عبد العزيز وفاروق الفيشاوي والمطرب محمد منير والفنانات رجاء الجداوي ومنى زكي وفردوس عبد الحميد وكريم عبد العزيز وفتحي عبد الوهاب وماجد كدواني وكمال سليمان ومحمد هنيدي ومنى عبد الغني وحنان ترك وآخرون.

وعلى الصعيد الرسمي، حضر عدد من الوزارء منهم وزير الثقافة المصري فاروق حسني ووزير الصحة محمد عوض تاج الدين ومدير مكتب رئاسة الجمهورية زكريا عزمي ورئيس مجلس الشورى وامين عام الحزب الوطني الديمقراطي صفوت الشريف.

وفور انتهاء صلاة الظهر نقل النعش محمولا على الاكتاف وملفوفا بالعلم المصري الى سيارة نقل الموتى التي انطلقت به الى المدفن الخاص الذي اشتراه الفنان الراحل في مدينة ٦ اكتوبر (٠٤ كيلومتراً جنوب غرب القاهرة) ليكون قريبا من شريكته في بعض اهم افلامه الفنانة سعاد حسني التي دفنت هناك قبل ثلاثة اعوام.

خياراته نوعية.. وتمثيله متفرد

يعتبر زكي من اهم الممثلين العرب والذي عرف شعبيا بلقب »النمر الاسمر«. وقد استطاع ان يحيي ذكرى شخصيات تاريخية اثرت على حياة الشعب المصري مثل عميد الادب العربي طه حسين من خلال مسلسل »الايام« الذي ابدع فيه في اداء دور الضرير اضافة الى »ناصر ٦٥« و»ايام السادات« اللذين جسد فيهما شخصية الزعيمين جمال عبد الناصر وانور السادات.

اكتسب زكي حب الجمهور المصري من خلال تجسيده لمعاناته ومشاكله في العديد من افلامه خصوصا تلك التي قدمها مع المخرج الراحل عاطف الطيب ومنها »الحب في هضبة الهرم« و»البريء« و»الهروب« اضافة الى »زوجة رجل مهم« لمحمد خان و»احلام هند وكاميليا« و»المدمن« و«ضد الحكومة« و»ارض الخوف« لداود عبد السيد.

ولم يكن زكي يقبل ان يقوم اي بديل بتأدية اللقطات الخطيرة التي تتضمنها مشاهد الفيلم مثل قيامه بحمل اسطوانة غاز مشتعلة ليلقي بها خارج المبنى في فيلم »عيون لا تنام« كما تعلم السباحة خلال اسبوعين فقط حتى لا يستعين ببديل في فيلم »طائر على الطريق«. ولم يتورع عن دخول ثلاجة الموتى لعشر دقائق كي يصور لقطة الموت في فيلم »موعد على العشاء«.

ومن اشهر افلام الراحل الاخرى »الباطنية« و»البيه البواب« و»سعد اليتيم« و»العمر لحظة« و»الامبراطور« و»الباشا« و»الرجل الثالث« و»امرأة واحدة لا تكفي« و»وراء الشمس« و»اسكندرية ليه«، في اول وآخر لقاء له مع المخرج المصري الكبير يوسف شاهين، و»النمر الاسمر« و»كابوريا« و»استاكوزا«.

احيا احمد زكي بادائه شخصيتي الرئيسين جمال عبد الناصر في »ناصر ٦٥« وانور السادات في »ايام السادات« لحظات تاريخية هامة في تاريخ مصر المعاصر وخصوصا حدث تأميم قناة السويس في »ناصر ٦٥« الذي لم يعشه ابناء الجيل الجديد والذين كانوا من اهم مشاهدي هذا الفيلم.

رحل الفنان قبل ان ينتهي من تصوير فيلم »حليم« عن حياة المطرب عبد الحليم حافظ، الذي كان تنفيذه حلم عمره، لما هناك من تشابه بين حياة كل منهما بسبب اليتم وصعوبة العيش وصولا الى الى القمة والمعاناة قبيل الموت من المرض.

وهكذا رحل النمر الاسود النجم الذي  وضع مقاييس جديدة لقدرات الممثل بعد ان قدم للشاشة  العربية ٦٥ فيلما انحازت بغالبيتها للبحث عن العدالة والتمرد في  سبيل الانسان.

زكي من اكثر المتفوقين في هذا الفن على ابناء جيله واكثرهم تفاعلا مع للشخصيات التي قام بادائها بطريقة وصفها  النقاد بالعبقرية حتى ان المخرج المصري يوسف شاهين وصفه »بعفريت تمثيل« رغم انه لم يشارك معه سوى في عمل واحد هو فيلم »اسكندرية ليه« الذي قدم فيه شخصية الشاب الشيوعي.

وكانت خيارات أحمد زكي الدائمة في اختيار ادواره البحث عن العدالة والتساند بين الاصدقاء ومواجهة الظلم خصوصا في فترة  عمله مع المخرج الراحل عاطف الطيب في كثير من الافلام بينها  فيلم »الهروب«.

واثار احمد زكي بأدائه لشخصيتي الرئيسين المصريين الراحلين  جمال عبد الناصر في فيلم »ناصر ٦٥« وانور السادات في فيلم »ايام  السادات« الكثير من الحوارات بين المؤيدين لعبد الناصر وبين  المعارضين للرئيس السادات.

لكنه استطاع ان ينقل لابناء الجيل الجديد جدلا سياسيا لم ينته في المجتمع المصري حتى الآن.

شخصيته تلخيص لنموذج غير موجودة الآن

اعتبر نقاد سينمائيون النجم السينمائي المصري أحمد زكي  من أبرز الفنانين الذين  خرجوا من »أحراش المجتمع« ليمنحوا فن التمثيل أهمية ترجع إلى طبيعة  الشخصيات التي اختار تمثيلها فضلا عن إبداعه الشخصي في طريقة الأداء.

وقال الناقد السينمائي كمال رمزي إن أداء زكي يعد إضافة لفن  التمثيل مشيرا إلى أن تفوقه على معظم الممثلين المصريين يرجع إلى قدرته على  الإبداع الشخصي والجدية في الإلمام بتفاصيل الشخصية قبل أن يؤديها »بطريقة  رفيعة المستوى تنتمي إليه وحده فعندما قدم شخصية الدكتور طه حسين شعرنا  أن جسد زكي كأنه تحول إلى آذان وكانت ملامح وجهه تجسيدا للعزيمة والعناد  معا«.

وأضاف أن زكي قدم في أفلامه بانوراما لشخصيات تعطي تفاصيل واضحة  لخارطة المجتمع المصري خلال ربع القرن الأخير »من الأحراش إلى القمة كانت أدواره معرضا شديد الثراء والصدق بفضل عينيه اللتين تجيدان تجسيد وتلخيص اللحظة  المركبة كما في المشهد الأخير من فيلم (ناصر ٦٥) وهو خطبة ناصر في الأزهر.

نظرة عيني زكي وهما تكادان تدمعان تعبران عن الخوف والتصميم والشعور بغموض  المستقبل وقوة الإرادة أيضا.

وقال المخرج المصري عادل أديب الذي أخرج لزكي قبل سنوات فيلم (هستيريا) لرويترز إن زكي صور معظم مشاهد دوره في فيلم (حليم) وأهمها مشهدا  البداية والنهاية وهما أغنيتا (رسالة من تحت الماء) و(قارئة الفنجان).

وأضاف أديب المشرف على إنتاج فيلم (حليم) الذي كتبه محفوظ عبد الرحمن  ويخرجه شريف عرفة إن المتبقي من الفيلم مشاهد قليلة جدا عبارة عن خلفيات  لأغاني عبد الحليم في شوارع بيروت وباريس والمغرب.

من جهة أخرى قال محمود سعد رئيس تحرير مجلة الكواكب المصرية إن زكي »كان ممثلا فريدا  وموهبة فريدة للغاية لا تتكرر إلا مرة واحدة كل مئة أو ٠٠٢ أو حتى ٠٠٣  عام«.

وقالت الناقدة المصرية ماجدة موريس إن أداء زكي التمثيلي يمكن أن  يوضع في كفة ميزان ويصبح أكثر عمقا وثقلا من أعمال فناني جيله لأنه »الوحيد الذي تماهى مع الشخصيات التي أداها بصدق يصل إلى درجة الجنون. ومن الطبيعي أن يصل هذا الصدق إلى النقاد والجمهور«.

وأضافت أن زكي تلخيص لنموذج وقيمة غير موجودة الآن في الوسط الفني في  مصر إذ كان يعمل بلا حسابات كتحقيق شهرة أو مكانة لدى سلطة ما أو اكتساب  ثروة »ولكنه كان مخلصا لفنه بصورة دفعت الناس إلى تصديقه بدون أي تنظير. أما النقاد فوجدوا في أعماله مستوى رفيعا«.

وأشارت إلى أن مواطنين مصريين عاديين حاولوا بوعي فطري في التعبير عن حبهم له الإمساك ببقية النماذج الحقيقية في الحياة حتى أن بعض هؤلاء »كتبوا في  سجل الزيارة في المستشفى الذي كان يعالج به أنهم مستعدون للتبرع له بأي  شيء.. من المال إلى الأعضاء كي يواصل حياته«.

بخيط رفيع من الأمل كان ينظر إلى الحياة

في الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام ٦٩٩١ اختار سينمائيون ستة أفلام قام ببطولتها أو شارك فيها زكي ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية وهي (زوجة رجل مهم) و(البريء) و(أحلام هند وكاميليا) و(الحب فوق هضبة الهرم) و(اسكندرية ليه) و(أبناء الصمت).

وليس غريباً على تاريخ أحمد زكي الفني كل ذلك، فالحديث عن فنان بحجمه يحتاج الى أدوات خاصة فى الكتابة لانه نجم من طراز خاص.. أحاسيسه مرهفة.. وارادته صلبة قوية  كان عذبا فى الحديث حين يسرق لحظات الافاقة من المرض وكان طفلا حين تقوى عليه نوبات الالم في جسده النحيف للاقدار.. وعندما يفيق مرة أخرى يبدو قويا ومشاكسا وصاحب نكته حتى فى اخر لحظات حياته.

 هكذا ظل الفنان الراحل احمد زكى يصارع المرض اللعين الذى انتشر في جميع جسده حتى اللحظات الأخيرة من حياته متمسكا بخيط رفيع من الامل لايكاد يراه من حوله من قسوة المرض وعذاباته التى تحملها فى صمت ورضا بقضاء الله حتى انه يكاد يوهم من حوله بانه لايتألم.

وبالحديث عن رحلته مع الجوائز التي تجاوزت الثمانين كانت بدايته مع ادواره في السينما في عام ٩٧٩١ عندما حصل  على أربع جوائز هي جائزة وزارة الثقافة عن دوره في »العمر لحظة« وشهادة تقدير في نفس العام من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن فيلم »شفيقة ومتولي« الذي نال عنه ايضا جائزة مهرجان جمعية الفيلم وهي الجهة التي منحته جائزة ثانية في نفس العام عن  دوره في فيلم »وراء الشمس«.

ومنحه مهرجان دمشق جائزة افضل ممثل عن دوره في فيلم  »زوجة رجل مهم« عام ٦٨٩١ وهي نفس الجائزة التي نالها عن  دوره في نفس الفيلم من مهرجان جمعية الفيلم المصرية. وفي العام  التالي حصل ايضا على نفس الجائزة على دوره في فيلم »البريء« عام ٨٨٩١ وحصل ايضا على نفس الجائزة من مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي عن دوره في فيلم »امرأة واحدة  لاتكفي«.

وكان من اواخر الجوائز التي حصل عليها جائزة المهرجان القومي  للسينما المصرية عن دوره في فيلم »ارض الخوف« لداوود عبد السيد  عام ٠٠٠٢ وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن دوره  في فيلم »معالي الوزير« لوحيد حامد عام ٣٠٠٢.

وأصيب الفنان الراحل بعدة جلطات في أوردة الركبة والساقين أثناء  قيامه بتصوير فيلم عن المطرب الراحل عبد الحليم حافظ إلا انه  كان سرعان ما عاد لاستكمال التصوير الذي أنهى منه ما يقارب ٠٩  في المائة من المشاهد التي يتضمنها باستثناء مشهد الوفاة.

 

الأيام البحرينية بتاريخ 29 مارس

وفاته صادفت اليوم العالمي للمسرح.. وملامح التشابه بينه وبين حليم مؤثرة

«الإمبراطور» أحمد زكي.. وداعاً

بقلم- خالد الرويعي: 

تماماً- مثلما يغرم الجمهور بأي نجم، كان حبنا لأحمد زكي بهذه البساطة وبهذه العفوية، ممثل يفرض عليك محبته لأنه بارع في تقديم نفسه كفنان، كصاحب موهبة مؤثرة وليست على غرار آخرين ممن يقفون على هاوية »المواهب«، وهم كثر.

ما يميز أحمد زكي عن غيره بالضبط أنه عاصر مراحل مهمة -بمعنى الكلمة- في تاريخ السينما المصرية، ففي الوقت الذي يعمل فيه مع يوسف شاهين وعاطف الطيب ونادر جلال آنذاك كان يرى »سينما المقاولات« في تلك الفترة ولم يحرك ساكناً بالرغم من العروض التي كانت تنهال عليه.

وهو »تلخيص لنموذج وقيمة غير موجودة الآن في الوسط الفني إذ كان يعمل بلا حسابات كتحقيق شهرة أو مكانة لدى سلطة ما أو اكتساب  ثروة بل كان مخلصا لفنه بصورة دفعت الناس إلى تصديقه بدون أي تنظير. أما النقاد فوجدوا في أعماله مستوى رفيعا«.

أحمد زكي متفرد.. ولا أدري حقيقة من سيخلف زكي في المرحلة القادمة، أحمد زكي أحد الممثلين القلائل ممن نقرأ عنهم في الكتب، مثابر وباحث، قلما تجد مثل هذه النواحي في ممثل عربي معاصر ونجم بالتحديد.

وأنا أكتب عن أحمد زكي في هذه اللحظة، ينتابني الشعور بأن الحديث عنه سيكون مجحفاً، فلا أدري بأية شخصية أكتب - إن جاز لي الفصل- هل أكتب بقلم الصحفي؟ أم بقلم الممثل الذي كان يرى في أحمد زكي نموذجاً لروعة فن التمثيل.

عندما شاهدته للمرة الأولى في القاهرة وكان حينها يسكن -ولسنوات عدة- في فندق هلتون رمسيس، رأيت قامة قصيرة، وجه أسمر وشعر يكتسيه البياض، قلت في نفسي: هذا هو أحمد زكي اذاً.. هذا الشخص الماثل امامي هو الذي جسد شخصية »منتصر« في فيلم »الهروب«.. وهو ذاته الذي أرانا وهم السلطة والسقوط في »زوجة رجل مهم«، صاحب القلب الكبير في فيلم »اضحك تطلع الصورة حلوه«، المتقمص لرزانة الرئيس عبدالناصر ودهاء السادات، أحمد زكي الذي جسد هذا كله وبالكوميديا وتعرية المجتمع في فيلم »البيضة والحجر« ، هل بإمكاني القول بأني أحب أفلام أحمد زكي كلها بلا استثناء، بالتأكيد يمكنني لأني لا أحبه فقط، بل كنت أتعلم منه، أتعلم من هذه القامة القصيرة كيف لعبت هذه الأدوار بأمانة وحب بالغين، زكي لا يكرر نفسه البتة، وبقى شامخاً يصارع المرض حتى أثناء تصويره لفيلم »حليم« الذي شاء القدر أن يحقق حلمه بتمثيله، وبذلك تتقاطع حياتين تفصلهما ٠٣ عاماً، يتقاطعان في اليتم ومحبة الجمهور والتأثير ورهافة الاحساس وفي نظرة عينيهما الحادة.

ومن بين أبناء جيله هو »الوحيد الذي تماهى مع الشخصيات التي أداها بصدق يصل إلى درجة الجنون. ومن الطبيعي أن يصل هذا الصدق إلى النقاد والجمهور«.
رحل أحمد زكي تاركاً الفراغ الذي لن يمتلىء.. مثلما رحل نجيب الريحاني ومحمود المليجي، وعبدالوارث عسر، وسعاد حسني وغيرهم.. أصحاب المدارس في تمثيلهم، الذين ضربوا أروع الأمثال في أهمية التمثيل ومدى امكانيته في
التأثير على الناس وكيف يسمو هذا السحر بالإنسان.

رحل أحمد زكي، الذي ولد على المسرح وفي اليوم العالمي للمسرح في ٧٢ من مارس توفي .

أحمد زكي.. وداعاً.

 

رحل.. وترك الحزن يدخل كل بيت

صلاح مغاورى 

رحل أحمد زكى بعد حياة حافلة.. قصة كفاح.. شاب ريفي استطاع أن يفرض  نفسه بقوة وأن يحقق طموحاته وأحلامه.. حياته مزيج من الألم والأمل.. تماما كما في قصص الأساطير.. عندما يحقق بطل الحكاية أحلامه - ويقفز  فوق معاناته - ويحول مأساته الى قوة جبارة تقهر أي صعب.. استطاع  الفتى الأسمر أحمد زكي أن يغير مقاييس البطولة فى السينما العربية.. وهذا الحضور - وتلك الموهبة جاءت وليدة سنوات العذاب والمعاناة..

فأحمد زكي عانى في حياته كثيرا - ويبدو تصميمه على أداء شخصية العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في فيلم سينمائي استجابة لنداء داخلى - يؤكد فيه أنه لن يمثل فى هذا الفيلم الذي انتهى من ٠٩ في  المائة من مشاهده قبل رحيله.. واذا قدر للفيلم أن يرى النور فيلمس المشاهد أن أحمد زكي لم يمثل فيه بل سيؤدي قصة حياته - تلك القصة  التي تشبه الى حد كبير - وفى تفاصيل كثيرة تكاد تكون متطابقة فى بعض  فصولها حتى مصادفة توقيت الرحيل الذي جاء قبل أيام من ذكرى رحيل  العندليب..

فحتى سنوات المعاناة والحرمان شاركه فيها وكذلك شعور  كلاهما بالكبرياء والرغبة القوية الطموحة فى تحقيق الأمال التي كانت فى بداياتها مجرد أحلام يقظة..

وحتى معاناة أحمد زكي مع المرض.. والعلاج.. والتفاف الجميع من حوله وتعاطف الكثيرين مع حالته  الصحية.. انها المشاعر والأحاسيس نفسها التي صادفت حالة عبد الحليم حافظ وان اختلفت مسميات المرض أو تباينت بعض التفاصيل الصغيرة.. واختلف الزمن..

الأيام البحرينية في

29.03.2005

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)