تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

نطالب مخرجه أن يصنع «بدل تالف» لفيلمه

«بدل فاقد».. بداية بليغة أضاعتها مراهقة الإخراج

أحمد يوسف

أصارح القارئ أننى ـ على عكس الشائع بين معظم نقادنا الآن ـ لست ضد فكرة "الاقتباس"، وفى اللغة العربية تعنى هذه الكلمة أن تأخذ من النار قبسا أو جزءا من اللهب لكى تصنع منه النار الخاصة بك لكى تستضيء بها، وهكذا يستمر الضوء فى رحلته من فرد إلى آخر، وجيلا بعد جيل، بل عبر الحضارات والثقافات أيضا. تأمل على سبيل المثال كيف رحلت قصة "الطوفان" واتخذت أشكالا ومضامين مختلفة فى العديد من الأديان، البدائية منها والسماوية، وتأمل أيضا كيف قام الدكتور لويس عوض فى كتابه "أسطورة أوريست والملاحم العربية" بتتبع الأفكار، والتيمات والموتيفات، وانتقالها من ملحمة الأوريستيا إلى ملحمة الزير سالم وانتهت عند "هاملت" شكسبير. بل إن أعمال شكسبير ذاته مأخوذة جميعها من مصادر أخرى، كان من أهمها كتابات بلوتارك التاريخية، وقصص بوكاشيو، ومع ذلك فإن مسرحيات شكسبير هى بلا شك تتسم "بالأصالة". 

بل إننى أعتقد أن إحدى مشكلاتنا الراهنة فى الإبداع الفنى أننا قد توقفنا عن الاقتباس بمعناه الحقيقى، ولم نعد نأخذ ونعطى، إما أن نأخذ فقط فيصبح العمل الفنى ظلا باهتا للأصل، أو نكتفى بإعادة تدوير كل ما فى فنوننا من تقاليد بالية، أو نفعل الأمرين معا كما حدث فى فيلم "بدل فاقد". ولعلى لا أبتعد كثيرا عن الحقيقة إذا قلت إن سر الحيوية فى الفنون الغربية يكمن فى الاقتباس، أو قل تقديم تنويعات مختلفة على تيمة واحدة، فكم لوحة يمكن أن تجدها (على سبيل المثال) لتيمة صلب المسيح، وكل منها يعبر عن عصرها والرؤية الخاصة للفنان الذى رسمها؟ إن الأمر ينطبق أيضا على الموسيقى والأدب والدراما والسينما، وأستطيع أن أعدّ لك عشرات الأفلام التى اقتبستها هوليوود من السينما الأوروبية أو الآسيوية أو الأمريكية اللاتينية، دون أن تكون هناك أية اتهامات بالسرقة كما يحدث عندنا، فالمهم هو ما تصنعه من تنويع فنى خاص بك. وهكذا يصبح الفن المتسم بالحيوية والحياة قائما على التراكم والتطور والتوليد، فنا يعتمد على التأثر الإيجابى من أجل أن يصبح أكثر قدرة بدوره على التأثير. لكن فنوننا المعاصرة، خاصة فى مصر التى أصبحت بإرادتها السلبية منعزلة ثقافيا، أصبحت تقع فى مأزق الاقتباس بمعنى سرقة الأفكار، ثم تهجينها ببعض التقاليد الفنية الشائعة، خاصة الميلودراما الفاقعة الفاجعة، فيتولد عن ذلك فن "هجين" يفتقد الحد الأدنى من الأصالة التى تؤهل العمل الفنى لكى يترك أثرا باقيا فى العقل والوجدان. 

تداعت هذه الأفكار إلى ذهنى وأنا أشاهد فيلم "بدل فاقد"، إذ تذكرت على الفور تجربة فنية فريدة قام بها المخرج الأمريكى الأشهر مارتين سكورسيزى، فى فيلمه الأخير الذى أرى أن أفضل ترجمة لعنوانه هى "أرواح هائمة"، فهذا الفيلم "مقتبس" ـ بصراحة ووضوح كاملين ـ عن فيلم من إنتاج هونج كونج هو "شئون جهنمية"، وهو العنوان الذى يحمل تلاعبا لفظيا باللغة الإنجليزية على مصطلح "شئون داخلية" الذى يعنى الأخطاء القانونية والأخلاقية التى يرتكبها رجال الشرطة داخل دوائر عملهم، مما يستوجب محاسبتهم وعقابهم. إن هذين الفيلمين يعتمدان على فكرة واحدة اقتبسها بدوره فيلم "بدل فاقد" ولكن على الطريقة المصرية التى تحولها إلى فكرة باهتة ماسخة. الفكرة الأصلية هى أن رجل عصابة داهية يقرر أن يربى أحد أفراد عصابته لكى يصبح ضابط شرطة، حتى يجعل منه رجله فى عالم القائمين على تطبيق القانون، وفى الوقت ذاته يقرر أحد مسئولى الشرطة الكبار "زرع" ضابط شاب داخل العصابة ذاتها، وهكذا يضطر كل من بطلى الدراما أن يلعب دورا هو على العكس تماما من شخصيته الحقيقية، والأكثر صعوبة هو أن المطلوب منه أن يتقن عمله وإلا ضاعت حياته، لذلك يصبح المجرم ضابطا بارعا مشهودا له بالكفاءة والنزاهة، ويصبح الضابط مجرما يضطر إلى ارتكاب الفظائع والاقتراب من الخطر، ويبدأ الصراع الدرامى فى التصاعد عندما يتضح للطرفين، العصابة والشرطة، أن هناك "جاسوسا" لدى كل منهما، ويكون على كل من المجرم الضابط، والضابط المجرم، أن يجد "صورته الأخري". 

كان فيلم "شئون جهنمية" يلعب على فكرة وجودية، برغم أنه لم ينس لحظة واحدة التوتر المتصاعد فى أفلام الحركة و"الأكشن"، فهناك صراع بين الوجود والماهية، أو بين ما تكونه حقا وما تضطر أن تكونه أمام الآخرين، بينما لعب فيلم سكورسيزى "أرواح تائهة" على فكرة الوجود على حافة العالم، وفى قلب الخطر، قد تكون بريئا لكنك تضطر لكى تبقى على قيد الحياة أن ترتكب الخطايا، لذلك فإن أبطال الفيلم يصبحون مثل معظم أبطال أفلام سكورسيزى الأخرى (لهذا فهو تنويعه الخاص والأصيل على فكرة مقتبسة)، الذين يعذبهم الشعور بالخطيئة فى هذا العالم، ليجعلك سكورسيزى تتساءل: إذا كان مقدرا عليهم ارتكاب الخطايا فى عالم مليء بها فلماذا يحاسبون على ارتكابها؟ فى فيلم "بدل فاقد" هناك حبكة مشابهة سوف نتوقف عندها حالا، لكن السؤال الفلسفى فى "شئون جهنمية"، والدينى فى "أرواح تائهة" (نؤكد مرة أخرى على أن هذه الأسئلة لم تفقدهما أبدا الانتماء بامتياز إلى نمط أفلام الحركة)، هذه الأسئلة تحولت فى الفيلم المصرى إلى سؤال اجتماعى، هو: هل تغير الظروف المصائر؟ وبرغم أنه سؤال يبدو من السهل الإجابة عنه (وإن كانت فى الحقيقة إجابة تحتاج إلى كثير من الجهد الجاد)، فسوف نقبل به لكى نرى معا ذلك التنويع الخاص الذى قدمه الفيلم المصرى لهذه الحدوتة. 

بدأ فيلم "بدل فاقد" بداية واعدة بالنسبة لى، مما جعلنى أتوقع من مخرجه الشاب أحمد علاء الديب أن يقدم ـ فى أول أفلامه الروائية الطويلة ـ نموذجا على الوعى الجمالى دون الوقوع فى مراهقة التجربة الأولي. وحتى بدون العنوان المكتوب فى بداية الفيلم: "القاهرة 1976"، فإنه يمكنك أن تدرك أن المشهد الافتتاحى يدور فى الماضى، بفضل اختيار صبغة لونية تذكرك بأفلام السبعينات. نحن فى ملجأ أطفال يتامى، وهناك ضابط صغير وزوجته (أحمد فؤاد سليم وسوسن بدر، فى ماكياج يوحى بأنهما فى مرحلة الشباب)، وقد جاءا لتبنى أحد الأطفال. تستطيع بسهولة فى هذا المشهد أن تجد بلاغة سينمائية رصينة، فاللقطات متأملة، والموسيقى حزينة، والأطفال يقفون وراء قضبان النوافذ تعبيرا عن سجنهم المعنوي. ترى المرأة طفلا يبكى فتقرر اختياره لتتبناه، إنه اختيار بمحض الصدفة، فقد كان من الممكن اختيار طفل آخر ويبقى هذا الطفل ينتظر مصيرا مختلفا. ومن خلال لقطات "الفوتومونتاج" شديد النعومة نشهد مراحل نمو الطفل إلى صبى ثم شاب فى مقتبل العمر ثم طالب فى كلية الشرطة ليصبح مثل "أبيه"، مع اهتمام خاص بقطع الإكسسوار التى توحى فى كل لقطة بتطور الزمن دون كلمة واحدة. 

أعترف أن هذه البلاغة أسرتنى، وكادت أن تذكرنى بالتجربة الوحيدة والفريدة للمخرج عاطف حتاتة فى فيلمه "الأبواب المغلقة" (2001)، والذى لم يجد بعده، ومنذ ثمانية أعوام، فرصة أخرى برغم نضجه السينمائى والفكرى، أو ربما بسبب هذا النضج المتناقض تماما مع السياق السينمائى المتردى الذى نعيش فيه. لكن فجأة تبخرت أمنياتى فى "بدل فاقد" مع مشهد مطاردة هو على النقيض تماما من المشهد الافتتاحى، ودون أن يكون لهذا التناقض أية دلالة، سوى أن معظم مخرجينا الشبان يتصورون أنهم يحصلون على شهادة ميلادهم الفنية بمثل هذه المشاهد حتى إن لم تكن لها ضرورة درامية. (مرة أخرى نؤكد أنه فى صناعات السينما الراسخة يكون تنفيذ هذه المشاهد من مسئوليات مخرج "الوحدة الثانية"، بينما تكون هناك مسئوليات أكثر أهمية أمام المخرج). إن فيلم "بدل فاقد" ـ الذى كتبه محمد دياب ـ يريد أن يقول لك إن الطفل اليتيم أصبح ضابطا بارعا وقاسيا على المجرمين، وكان يكفى أن نراه فى المشهد اللاحق يضغط بكل الوسائل النفسية والبدنية على المجرم الصغير لكى يشهد على "زعيم العصابة"، وبذلك فإنه يمكنك أن تحذف مشهد المطاردة، لكن هل يصح ذلك بينما هناك "النجم" (بين قوسين) أحمد عز، الذى يريد أن يصنع "فيلمه" (بين قوسين أيضا) مثل "نجوم" السينما المصريين الآخرين، مثل أحمد السقا وكريم عبدالعزيز وشريف شعبان وشريف رمضان(!)، فيجرى فى سباقات الحوارى والأزقة، ويدخل البيوت من النوافذ والشرفات، ويقفز فوق أسطح البيوت؟! المشكلة الدائمة فى مثل هذه المشاهد أيها السادة المخرجون أنكم تحشرون فيها فوضى بصرية وسمعية هائلة، والأهم أنكم تتعجلونها فنراها قبل أن نتعرف على بطل الفيلم ونتوحد معه، حتى إن المتفرج يتساءل أحيانا: من الذى يطارد من؟ ولماذا؟! 

حان الآن، وبعد فوات الأوان، أن نلقى نظرة على شخصية هذا البطل، إنه الضابط فارس (أحمد عز طبعا) الذى تبناه الزوجان فى أول الفيلم، وهاهو قد تزوج من الجميلة الهادئة حبيبة (رشا مهدي)، وبرغم الحب الذى يرفرف بأجنحته حولهما فإن هناك أيضا حالة من التوتر، فهو مشغول عنها بعمله الخطر إلى درجة أنها تخشى أن تنجب منه طفلا مما يزيد من حدة العلاقة بينهما. وبعد المشهد "الإجباري" للمطاردة الذى تفرضه "التقاليد" الجديدة للسينما المصرية، سوف تتوالى فوق رؤوسنا مجموعة هائلة من تقاليدها القديمة (جدا) والتى تعتمد على الحد الأقصى من الصور النمطية والمفاجآت والمصادفات الميلودرامية، إليك بعضها، فلن أستطيع إحصاءها: زعيم العصابة هو رجل الأعمال عزت (على حسنين) الذى يخفى وراء وجاهته الاجتماعية تجارته السرية فى المخدرات، وساعده الأيمن هو المجرم الذى يمزج القسوة بخفة الظل ويدعى خدّاش (محمد لطفي)، وعليك أن تتوقع أيضا أن لرجل الأعمال وتاجر المخدرات ابنة شابة هى مى (منة شلبي) التى لابد (لا أدرى لماذا؟) أن تكون مدمنة للمخدرات التى يتاجر فيها أبوها، أما المفاجأة الميلودرامية الصاعقة، وأرجو أن تصدقنى فهذا هو ما يقوله الفيلم، فهى أن مى على علاقة عاطفية وجنسية مع شاب مدمن آخر هو نبيل، وحتى تدرك أن الدنيا ضيقة فعلا وأن "مصير الحى يتلاقي" كما تقول التعبيرات المصرية، فهذا الـ"نبيل" ليس إلا الشقيق التوأم شديد التطابق فى شكله مع فارس، الفارق الشكلى الوحيد هو أن الضابط فارس يمشط شعره "على جنب"، بينما يضع نبيل سلسلة وقلادة حول عنقه، (ويقول "ولا مؤاخذة" عندما يخبط بكتفه شخصا، وأنا أتحدث جادا لأن الفيلم جعل هذه العبارة دليلا على شخصيته وكأن أحدا آخر لا يقولها!!)، أما الفارق الموضوعى فهو أن فارس قد أتيحت له الفرصة للتربية فى بيت ضابط شرطة، لكن نبيل تربى فى بيت راقصة (عايدة رياض) قامت بتبنيه، وأتركك لتتخيل كيف سوف تصل السينما المصرية إلى النتائج، بينما الواقع الحقيقى قد يصل إلى نتائج مختلفة تماما. 

إلى أين يؤدى هذا الاصطناع فى الحبكة؟! سوف "يضحك" عليك الفيلم بأن له مضمونا جادا من خلال جملة واحدة، ففى مشهد لاحق سوف يتواجه التوأمان، حيث يضرب الضابط فارس توأمه المدمن نبيل، فيقول هذا الأخير فى ذلة ومسكنة: "لو كانت الرقاصة هى اللى أخدتك من الملجأ كنت أنا اللى باأضربك دلوقت"! وهكذا استطرد بعض النقاد (وكأنهم يبحثون عن إبرة فى كوم من القش) فى الحديث عن الظروف التى جعلت من الضابط ضابط ضابطا، ومن المجرم مجرما، وبصرف النظر عن هذا التبسيط المخل الذى يقسم المجتمع إلى "عسكر وحرامية" فإن هذا لم يكن موضوع أو مضمون الفيلم على الإطلاق، فقد تحول تماما إلى "لعبة" استبدال نبيل بفارس، وفارس بنبيل، الضابط يدخل العصابة، والمدمن يدخل الشرطة، لعبة استمرت طوال الفيلم على نحو سقيم، ليس فيه أدنى درجة من التوتر الدرامى كما فى فيلمى "شئون جهنمية" و"أرواح تائهة". فبالإضافة إلى الأثقال الميلودرامية العجيبة والغريبة، هناك حالة من اللهاث التى يطلقون عليها ظلما تعبير "الأكشن"، الذى يفقد معناه إن لم يتراوح الإيقاع بين التمهل والسرعة، وترك لحظات لتأمل المتفرج تسمح له بأن يتوحد مع الشخصيات. هل تتخيل مثلا أنه لا توجد فى الفيلم لحظة واحدة تخلو من موسيقى زاعقة حتى إنه لا يصبح لوجودها أية دلالة؟ كما بدا افتتان المخرج بتقنيات المونتاج الكومبيوترية، فأخذ "يلعب" بها كأنها إحدى ألعاب الفيديو، يسرع الحركة ويبطئها داخل نفس اللقطة، أو يوقف الحركة ليسطع وميض خاطف، وبالطبع فإنه ليس هناك ما يمنع على الإطلاق من استخدام هذه التقنيات، ولكن أى تقنية ليست حيلة من حيل الهواة أو الحواة، بل إن لاستخدامها هدفا جماليا محددا، إنها تقول شيئا للمتفرج، لكنها فى فيلم "بدل فاقد" بدت كأن شخصا لا يتوقف عن فتح فمه وإغلاقه دون أن ينطق كلمة واحدة! 

بقدر ما عشمت نفسى فى بداية الفيلم، شعرت بالحسرة مع تقدم مشاهده، التى أخذت تسير فى دروب ملتوية أشبه بالمتاهة التى لا تؤدى إلى أى مكان، إنها تدور حول نفسها بلا نهاية، وليس مهماً أن يصرخ أحمد عز بجمل حواره، أو أن تبكى منة شلبى وتلطم على خدودها، فليس هذا من "التمثيل" بمعناه الحقيقى فى شيء، إنه شيء أشبه بالتمثيل، كما أن هذا الفيلم يشبه الأفلام دون أن يكون فيلما حقيقيا، ولا أدرى إن كان ذلك بسبب فقدان الجيل الجديد من السينمائيين المصريين لبعض أبجديات الفن، أى فن، أم بسبب حصار يشعرون به ويرغمهم على صنع سينما شديدة التواضع فى أهدافها الفنية، لأن عيونهم لا تتوجه للعمل الفنى بقدر ما هى مشغولة بمغازلة المنتج و"النجم"، اللذين يتصوران بدورهما أن "الجمهور عاوز كده"، مع أننى رأيت أفراد هذا الجمهور بعينى وسمعتهم بأذنى وقد خرجوا من الفيلم وهم يخبطون كفا على كف وهم يتساءلون: "هو مين اللى مات؟!". إن هذا يعنى أن "بدل فاقد" لم يحقق حتى هدفه المتواضع مع الجمهور، وهو ما يحتاج من المخرج، لكى يثبت أنه جدير باللحظات القليلة من البلاغة السينمائية التى ظهرت فى المشهد الافتتاحى، أن يصنع فيلما آخر "بدل فاقد"، أو بالأحرى "بدل تالف"! 

العربي المصرية في

14/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)