تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

«بوبوس» يرفع شعار: «الفياجرا هى الحل»

منى الغازي

تعانى السينما المصرية ولا جدال فى ذلك من مرض خطير ألا وهو الإفلاس الفكرى وهو ما يدفع بالكثيرين من صناع السينما إلى التغريب والتمصير فنشاهد قضايا مفتعلة ومواسم متشابهة وخطبا وادعاءات بالناصرية تارة والساداتية تارة أخرى من مجموعة من المدعين الممولين من رجال أعمال لا يهمهم سوى العائد المادى ولا يعبأون تماما بالمستوى الفنى أو الفكرى للفيلم. 

أصبح من الطبيعى أن تثير شركة (جود نيوز) ضجة مع كل فيلم جديد من إنتاجها حتى أصبحت الضجة جزءا من إنتاج الشركة بدءا من (عمارة يعقوبيان) وانتهاء بأزمات وقضايا (إبراهيم الأبيض) و(بوبوس).  

تدور الأحداث حول رجل الأعمال (محسن هنداوي) المتعثر بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها المنطقة العربية والأزمة الاقتصادية العالمية يقع فى مديونية كبرى ومشاكل مع البنوك بسبب تعثره فى سداد القروض ويلتقى بالأرملة (مهجة) وهى سيدة أعمال متعثرة هى الأخرى ويفرض عليها استحقاقه لنصف فيلتها المقيمة بها بسبب مديونية زوجها له وتحدث بينهما الكثير من المفارقات ليحاولا الخروج من هذا المأزق. 

هذا هو الفيلم الجديد الذى سيخوض به عادل إمام منافسة الصيف فى ظل محافظته الدائمة على مكانه فى هذا الموسم، وتصدره الإيرادات مناصفة مع أحمد حلمى والفيلم من تأليف يوسف معاطى وإخراج وائل إحسان وتكلف إنتاجه 25 مليون جنيه كان نصيب عادل إمام منها 8 ملايين جنيه وفى هذا الفيلم يستعين كالعادة بنجوم كثيرين لمشاركته البطولة على رأسهم (يسرا) التى كونت مع عادل أشهر ثنائى فى النصف الثانى من تاريخ السينما المصرية كما يشارك فى البطولة النجم حسن حسنى فى أول مشاركة له أمام عادل إمام منذ ما يقرب من عشرين عاما، ومعهم أشرف عبد الباقى ومى كساب ورجاء الجداوى وعزت أبو عوف ويوسف داود ولطفى لبيب وميسرة وعادل مصطفى متولى نجل الفنان الراحل مصطفى متولى ويجسد فى الفيلم شخصية (بوبوس) وغيرهم، الفيلم من تأليف يوسف معاطى والإخراج لـ(وائل إحسان) فى أول تعامل له مع عادل إمام.  

وفى البداية نجد أنفسنا أمام ثانى التجارب فى التعامل مع رجال الأعمال يشارك فيها الثلاثى (المؤلف والبطل والشركة المنتجة) بعد تقديمهم لفيلم (مرجان) والأغرب أن الفيلم يعارض وبقوة كل ما جاء فى مرجان ويسحب دفاعه عن رجال الأعمال ويتجه إلى إدانتهم فنحن ندخل إلى عالم بوبوس بطيارة خاصة من القاهرة إلى لندن رايح جاى وكل ما نراه حولنا مجموعة من البلهاء المرضى المشوشين فكريا والمليئين بالرغبة فى السرقة والنصب وهم مجموعة من رجال الأعمال تنهب وتسرق وتسحب أموال الشعب من البنوك وتسرق الأراضى ولا تقدم سوى مشاريع وهمية نحن أمام دولة يديرها (نظام بيه) الذى لا نعرف عنه سوى اسمه وانه يتحدث بصيغة الجمع (إحنا) وعلى سؤال مباشر يوضح (إحنا الحكومة) وهذا النظام بيه مؤسسة كاملة تدير العالم وتعرف كل ما يدور به ويدرك اللعبة بتفاصيلها ولكن كله يهون علشان عيون (بوبوس) وهو الابن الأصغر لنظام بيه ومن اجل عيون بوبوس تخرب البلد ويموت الناس من نار الأسعار ومن ضياع المستقبل ومن أمراض الصيف وأمراض الشتاء ويعيش بوبوس بالكافيار ويموت الناس بالدجاج الملوث.  

من الواضح أننا أمام موضوع أقل ما يقال عنه أنه جريء ولكن يبدو أن يوسف معاطى قد خاف من الجرعة السياسية الضخمة فبدأ يملأ فيلمه بالتهريج والجنس كدرع واق للفيلم من الرقابة وهى لعبة قديمة لعبها (صلاح أبو سيف) حين ملأ فيلم الأسطى حسن بالجنس ليمرر قضية الطبقية وتعامل بها وحيد حامد فى (النوم فى العسل) ولكن الافتعال يدمر القضية فنجد (محسن) وقد استوقفه ضابط لجنة وعندما يناوله علبة فياجرا يتركه الضابط يرحل ويبدى له كل تقديره واحترامه فرحًا بالعلبة كما كان أبرز الافتعالات مشهد ليلة الدخلة حيث انطلق يشرح للعريس كيف يجامع زوجته بينما انطلقت يسرا هى الأخرى فى المسيرة ذاتها، حيث نصحت العروس شارحةً لها وحفزتها، قائلة (أنا سخنت) فبدت تلك المشاهد تحمل إيحاءات جنسية قوية ومنفرة ولكن رغم تلك الفجاجة إلا أن البراعة تكمن فى القدرة على المحافظة على التماسك الفنى للبناء الدرامى للعمل وهو ما فشل فيه معاطى تماما فقدم بناء مشوها ومشاهد طويلة تعتمد على الارتجال وشوه أجملها بالافتعال وخاصة تضخيم الأزمات التى هى بالفعل لا تحتاج إلى تضخيم ولكن لإجبار المشاهد على الضحك كما جاء الانسياق فى الحوار الجنسى مبالغ فيه كذلك تكرار استخدام الفياجرا إشارة فى غير محلها إلى انسياق الناس بلا استثناء وراء الجنس وهو ما يعتبر سبا علنيا لشعب بأكمله.  

المخرج وائل إحسان الذى كان بحق نجم الموسم السابق يعلن تراجعه بقوة ويقدم مستوى إخراجيا ضعيفا رغم توافر كل الإمكانيات له فنحن طوال الوقت فى لقطات ضيقة تخنق المشاهد كأنما الفيلم معد للعرض التليفزيونى وتختفى حركة الكاميرا إلا من (الشياريو) المنطلق فى كل مشاهد الخارجى من اليمين إلى اليسار كما تأتى المعارك الكوميدية لتضعنا فى مقارنة بينها وبين نفس المشاهد فى فيلم (بخيت وعديلة) لنعرف قيمة أستاذ كبير ك (نادر جلال) ولا احد يدرى الآن هل هذا هو مستوى وائل الحقيقى أم إنه مثل لاعبى المنتخب (حبه فوق وحبه تحت)؟! 

فى النهاية نحن أمام فيلم يناقش بسطحية الأزمة الاقتصادية العالمية ويعالج جميع المشاكل والأزمات بالفياجرا ما يجعلنا نرفع شعار (الفياجرا هى الحل). 

العربي المصرية في

14/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)