تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

لا شيء غير الحقيقة

قيس قاسم

صحافي وجهاز مخابرات

ما الذي يحدث حين يرفض صحافي الكشف عن مصدر معلوماته؟ السؤال مطروح على مختلف المستويات وفيلم «لا شيء سوى الحقيقة» يحاول الاجابة عن السؤال عبر حبكة وقائع تبدأ مثيرة وتنتهي هابطة.

يستمد فيلم «لا شيء سوى الحقيقة» موضوعه من قصة مراسلة صحيفة «نيويورك تايمز» جوديث ميلر، التي سجنت في العام 2005 لأكثر من شهرين، بسبب اخفائها مصادر معلومات سرية، ساقتها في بعض مقالاتها لتبرير الحرب على العراق، ومن بينها امتلاكه أسلحة الدمار الشامل. ومن يعرف تفاصيل قضيتها، يربط بين مجريات الفيلم وما حدث في العراق من خلال التحوير الجديد للموضوع الذي يركز هذه المرة على الدور الذي لعبته المخابرات والأجهزة السرية في اختلاق «الوقائع» خدمة لأجندة سياسية عليا، والصحفي المدافع عن الحقيقة، والمتكتم على مصادر معلوماتية في كل الظروف.

كتوطئة لفهم قصته يعرض علينا الشريط مشاهد تظهر محاولة اغتيال أحد رؤساء الولايات المتحدة الأميركية أثناء زيارته احدى دول أميركا اللاتينية. تليها مقاطع من نشرات اخبارية يجري فيها بعض القنوات التلفزيونية مقابلات مع مسؤولين أمنيين يؤكدون فيها تورط فنزويلا في العملية، التي ترمي من خلالها الى تصعيد عسكري يهدد جيرانها والمصالح الأميركية في المنطقة برمتها.

ومثل كل صحفية تحلم بالشهرة والحصول على جائزة «بوليتزر» كانت راشيل ارمسترونغ (الممثلة كات بكينسال) تتابع باهتمام تفاصيل الحادثة. وأكثر ما شدها اليها حصولها عن طريق مصادر سرية على معلومات تفيد أن الموضوع مفبرك وان المخابرات الأميركية تقف وراءه لخلق ذريعة تبرر فيه هجوما عسكريا معداً سلفا لغزو فنزويلا. ومثل كرة الثلج تكبر كلما تدحرجت، اتسعت القصة وذاع صيت الصحفية راشيل عندما كشفت ان السيدة بوني بنجامين، التي كان ابنها يدرس في المدرسة الابتدائية نفسها التي يدرس فيها ولدها، كانت عميلة سرية للمخابرات في ذلك البلد، وانها أعفيت من عملها بعد تسريبها معلومات سرية لزوجها الذي جهر بها علنا وكشف ان عملية الاغتيال كانت مفتعلة ولا صحة لها. هذا الكشف أجبر المخابرات على التدخل فورا في الموضوع والعمل على إنهائه بأي شكل من الأشكال. وإنطلاقا من فقرة القانون التي تجبر الصحفي على كشف مصدر معلوماته علنا إذا ما طلبت منه دوائر الأمن ذلك، يدخل محقق الادعاء بوتون دوبويس (الممثل مات ديلون) على الخط للضغط على الصحفية واجبارها على التخلي عن تحقيقها. وحين ترفض راشيل ذلك يحيل أوراقها الى المحكمة التي تقرر حجزها في السجن لمدة مؤقتة ريثما تقرر البوح باسم الشخص الذي كشف لها عن وظيفة السيدة بوني بنجامين (الممثلة أجيلا باسيت) وحقية المعلومات التي نشرتها صحيفتها.

ألاعيب مخابراتية

أخذت مشاهد السجن، الذي امتدت اقامتها فيه حوالي عام كامل، وعانت راشيل العزلة وسوء المعاملة داخله، وقتا طويلا من زمنه، ومع هذا لم يضف الشريط جديدا الى الأجواء التي اعتدنا مشاهدتها في عشرات من الأفلام التي دارت موضوعاتها عن السجون وأسرارها الداخلية، ومع كل معاناتها فيه بقيت الصحفية ثابتة على موقفها. وفي الخارج، وفي الوقت ذاته، كانت لعبة تشبه لعبة القط والفأر، تجري بين المحاكم وأجهزة المخابرات من جهة والأجهزة والصحفية راشيل بطريقة غير مباشرة، على اساس استغلال حرمانها من رؤية طفلها وزوجها، لاضعافها نفسيا. ألاعيب المخابرات وخفايا أمور أجهزتها، والطرق الملتوية التي يسلكها المحقق للضغط على الضحية، هي المفاصل التي سيلعب عليها أيضا مخرج الفيلم وكاتبه رود لوري. وعلى مدى ساعتين سنتعرف على خفايا مذهلة وأساليب قذرة يلجأ اليها المحقق من أجل الوصول الى غايته وأكثرها بشاعة تصفية عميلتهم السابقة بنجامين والتلاعب على القانون المرن الذي يسمح بحرية معقولة للقضاء مع قوة أكبر لرجال السياسة. ولهذا ستحتاج راشيل الى شجاعة مضاعفة للثبات في موقفها واستعادة عائلتها التي فقدتها.

ومع تصاعده الدرامي المحكم وانتظار كشف الحقيقة، يتعرض الشريط الى هزة تضعضع أجزاء كبيرة من بنائه، حين تكشف راشيل ان مصدر معلوماتها كان طفلا. كان ابن العميلة بنجامين، الذي وفي احدى الرحلات المدرسية المشتركة، قال لها ان والدته كانت تعمل لجهات سرية في فنزويلا. لقد عرض لوري فيلمه لمساءلة نقدية تعتمد البحث عن تبرير منطقي لموقف بطلته. فهل يعقل ان كل ما تحملته الصحفية كان بسبب حديث طفل، ألزمت نفسها بالتستر عليه. لقد كان بامكانها تجنب كل ما جرى لها ولعائلتها، بمجرد قول الحقيقة، خصوصاً وان الطفل وفق القانون نفسه، لا يخضع للمساءلة والمحاسبة. لقد بنى لوري في السيناريو قصة محكمة لكنه أضعفها في النهاية. ومع هذا لا بد لنا من أخذ الفيلم كوحدة كاملة، عندها سنجده فيلما شجاعا، تناول موضوعا حساسا تعلق بمهنة الصحافة وأخلاقها التي كثيرا ما تطرح للمساءلة بقوة وقت الأزمات والأحداث الخطيرة. لقد أبدعت الممثلة كات بيكنسال في دورها، وذكرت أجواء «لا شيء سوى الحقيقة» بأفلام مهمة مثل: «قلب شجاع» لميشيل فينتربوتون، و«الخطأ هو صواب» لريتشارد بروك وكلها تتحدث عن علاقة الصحفي بالسياسة وأدوار المخابرات.

ديسبيرو: الـفـأر النبيل

على ما فيه من أفكار فلسفية وتحميله أكثر ما يحتمل فيلم حركة موجه للاطفال، يظل فيلم «حكاية عن ديسبيرو» مثيرا وجميلا، لأن مخرجيه سام فيل وروبرت ستيفينهاغن اختارا له شكلا تقليديا يشبه الى حد كبير الأفلام المتحركة الكلاسيكية، خصوصاً وأن بطله فأر، يذكر الصغار ببطلهم الأسطوري «ميكي ماوس»، لكن هذه المرة يأتيهم بهيئة مختلفة: أذنان كبيرتان وجسم ضئيل، يحب القراءة والناس ويحمل في داخله قلبا شجاعا. اسمه ديسبيرو. وحكايته جزء من حكاية قومه الذين منعوا ذات يوم من العيش في المدينة، فاتخذوا الحياة تحتها، موطنا لهم. ملك البلاد هو من عاقبهم، لأنهم كما أعتقد وقتها، كانوا السبب وراء موت زوجته حين رأت فأراً في حسائها، فماتت من أثر الصدمة. من يومها منع الملك الحساء والاحتفال به ومنع الفئران وأمر بقتلها. لم يقبل الفأر ديسبيرو هذا الواقع فراح يقرأ حكايات قديمة عن البلاد وأهلها. وذات مرة قرأ عن أميرة حزينة  تعيش في عزلة، فقرر ارجاع الفرحة الى قلبها. لكنه وفي غمرة استعداده اكتشف ان قومه يعارضون خطوته لأن والدها هو من حكم عليهم بالموت. ورغم هذا مضى ديسبيرو في مغامرته، ليصل الى الأميرة ويعيد لها الأمل في الحياة. لقد أرجع الفأر الصغير بشجاعته ونبله الحياة الى المدينة ثانية، وعاد قومه الى سطحها وعاد طباخو القصر يطبخون الحساء ثانية وخصصوا يوما للاحتفال به.

فيلم «حكاية عن ديسبيرو» مشوق ويناسب الأطفال في سن السابعة فما فوق، ليتعلموا منه، وهم في هذه السن، العزيمة والاقدام.

الأسبوعية العراقية في

31/05/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)