تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

ضوء

50 سنة سينما

عدنان مدانات

تصادف هذا العام الذكرى الخمسون لما أطلق عليها تسمية “الموجة الجديدة” في السينما الفرنسية والتي صارت تعتبر التطور الثاني المهم في السينما العالمية في النصف الثاني من القرن العشرين بعد التطور الذي جاءت به الواقعية الإيطالية الجديدة. ومثل الواقعية الإيطالية الجديدة، كان لظهور “الموجة الجديدة” تأثير واضح لاحق ، لا على السينما الفرنسية فحسب، بل على السينما في أرجاء العالم. مع ذلك، فالموجة الجديدة لم تكن تمثل مدرسة سينمائية  متجانسة ذات أسلوب واضح محدد يعتمده السينمائيون المنضوون تحت لوائها، بل هي تسمية عامة شملت تطورات متنوعة ومفاهيم مجددة في النظر إلى جوهر وغاية السينما بدأ بها وطورها، لا مجموعة مخرجين سينمائيين، بل نفر من النقاد الشباب، والذين ما اكتفوا بالمقالات التي كانوا ينشرونها في المجلة السينمائية النظرية “دفاتر السينما” (كاييه دي سينما)، بل تحولوا إلى مخرجين طبقوا عبر أفلامهم ما كانوا يدعون له في تنظيرهم النقدي، ولكن كل، بطريقته وأسلوبه الشخصي، ومن أبرزهم فرانسوا تروفو وجان لوك غودار وكلود شابرول.

تعود بداية ارهاصات حركة الموجة الجديدة في السينما الفرنسية إلى عام ،1948 أي إلى ذات الفترة التي نشأت فيها المدرسة الواقعية الإيطالية الجديدة، لكن بعكس الواقعية الإيطالية التي نشأت نتيجة لظروف إنتاجية فقيرة وصعبة بتأثير الخراب الذي حصل بسبب من الحرب العالمية الثانية، فإن الموجة الجديدة انطلقت من النظرية. كانت البداية مع مقالة نشرها الناقد الفرنسي الكسندر أستروك اعتبر فيها أن السينما هي فن العصر الحديث وأطلق فيها الشعار المؤسس لحركة الموجة الجديدة وهو “السينما/ القلم”، والذي نادى فيه بأن تكون الكاميرا بين يدي المخرج مثل القلم بين يدي الكاتب.

بعد بضع سنوات قليلة من مقالة أستروك سيقوم ناقد شاب بتطوير مقولة استروك، هو فرانسوا تروفو، الذي سرعان ما سيصبح واحداً من أشهر سينمائيي عصره، عبر مقالة بعنوان “اتجاه محدد في السينما الفرنسية” نشرها في مجلة “دفاتر السينما” التي كان يشرف على تحريرها الباحث والناقد السينمائي أندري بازان، يوجه فيها النقد إلى وضع السينما الفرنسية التي لا تزال رهينة اعتماد نصوص سيناريوهات أفلامها على الأدب، ويتهم المخرجين الفرنسيين بأنهم عجزوا عن التعامل مع وسيلة التعبير السينمائية بأسلوب شخصي، ممهداً بذلك لما عرف لاحقا باسم “سينما المؤلف”.

طالب تروفو في مقالته بصنع أفلام تصور في مواقع طبيعية متنوعة، أفلام تتحرر من قيود الأستوديو ومن اشتراطات المنتجين ولا تكون مجرد تنفيذ لنصوص كتبها مؤلفو سيناريوهات، بل أفلام يختار موضوعاتها وموادها المخرجون أنفسهم ويعبرون عنها بأسلوبهم الخاص ومن خلالهم فهمهم الخاص لطبيعة السينما.

لاقت الدعوة لسينما المؤلف كل الدعم النظري الذي تحتاجه من مجلة “دفاتر السينما”، التي شرعت صفحاتها لكتابات الجيل من النقاد والمخرجين الفرنسيين الداعية للثورة على السينما الراهنة، لكن نجاح الموجة الجديدة لم يتحقق عملياً إلا بفضل الأفلام التي أخرجها النقاد بعد أن تحولوا إلى مخرجين صنعوا أفلاماً تضمنت الجديد في الموضوع والمضمون والأسلوب، مثل فيلم تروفو “أربعمائة ضربة” الذي يروي فيه ما يشبه السيرة الذاتية ويحكي عن طفل تحول إلى الإجرام بفعل فساد وانهيار العلاقات الأسرية، أو أفلام غودار التي ناقض فيها شروط الدراما التقليدية وأساليب الإخراج والمونتاج المعتمدة.

وصلت الموجة الجديدة إلى ذروة انتصارها عمليا، في العام ،1959 عندما فاز ثلاثة من أفلام مخرجي اتجاه الموجة الجديدة بثلاث جوائز رئيسية معاً من مهرجان كان السينمائي، فقد حصل تروفو على جائزة أفضل إخراج عن فيلمه “أربعمائة ضربة”، كما حصل مارسيل كارنيه على الجائزة الكبرى عن فيلمه “أورفيه الأسود” الذي أعاد فيه تجسيد أسطورة أورفيوس في الزمن المعاصر وجعل منه بطلا أسود، وكذلك فاز المخرج آلان رينيه بجائزة النقاد العالميين عن فيلمه “هيروشيما حبيبتي” الذي يروي قصة حب بين امرأة فرنسية عانت من علاقة مع جندي ألماني فترة الاحتلال النازي ورجل ياباني يعاني من آثار القنبلة الذرية التي ألقتها أمريكا على هيروشيما.(من طرائف الأمور هنا أن فرانسوا تروفو كان قد منع من المشاركة في فعاليات مهرجان كان السينمائي بسبب مقالاته العنيفة).

إن الدرس الأهم الذي يمكن استخلاصه من تجربة “الموجة الجديدة” هو أن النقد السينمائي إن استند إلى معرفة نظرية ومنهج فكري وارتبط بفهم خاص لجوهر السينما، يستطيع أن يلعب دوراً مهماً في مساعدة المخرجين المبدعين على تطوير إبداعهم الخاص وصولا إلى اكتشاف آفاق جديدة لفن السينما.

الخليج الإماراتية في

14/03/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)