تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

المخرجات الإيرانيات:

عندما تروي النساء حكاياتهن في وطن يحكمه الرجال

طهران - فاطمة الصمادي

«الهدهدة» ليست أغاني النساء لينام أطفالهن فقط، إنها أكثر من ذلك بكثير، فهي فرح المرأة وحزنها، شوقها ومكنونات قلبها وهي حكاية ثقافية تنسجها وترويها بكل اقتدار، «سأترك الأمهات يصنعن هذا الفيلم»، بهذه الكلمات تتحدث المخرجة الإيرانية منيجة حكمت عن أخر أفلامها «لالاي ها» (الهدهدات). ويقدم الفيلم رواية تاريخية لهدهدة الأمهات على امتداد جغرافي تسميه حكمت إيران التاريخية، وفي سبيل ذلك تنقلت مع فريق عملها في بلدان تتحدث الفارسية من إيران إلى أوزبكستان وطاجيكستان وأفغانستان لبناء فيلم تمتزج فيها الموسيقى بالشعر ويقوم على الحكاية الشفاهية.

في الطريق لمقابلة حكمت في شركة الإنتاج التي تمتلكها، تخيلت مخرجة «سجن النساء» سيدة صارمة، على رغم أن صوتها جاء حميماً عبر الهاتف، لكن صاحبة الفيلم الممنوع «مئة عام من عمر البرلمان» تستقبلك بود ظاهر وتدعوك لمشاركتها فنجاناً من القهوة الفرنسية التي تحبها وتحدثك بحماس عن أفلامها التي رأت النور أو التي دفنت في مهدها.

وحكمت ليست اسماً وحيداً في ميدان الإخراج السينمائي في إيران، بل تبرز أسماء أخرى تسجل أفلامهن حضوراً وترحيباً في مهرجانات السينما العالمية وهو إنجاز للمرأة الإيرانية على رغم محدوديات العمل السينمائي في الجمهورية الإسلامية.

ولم تسجل المرأة الإيرانية حضوراً مؤثراً في ساحة الإخراج السينمائي في فترة ما قبل الثورة، وباستثناء فيلم أخرجته الشاعرة فروغ فرخزاد وحمل عنوان «البيت الأسود» وفيلم (مرجان) الذي قدمته الفنانة شهلا رياحي لا يسجل مساهمات أخرى، لكن الصورة تغيرت في شكل ملفت على مدى الثلاثين سنة الماضية هي عمر الثورة. ويصل عدد المخرجات اليوم إلى أكثر من 20 مخرجة، قدمن عدداً كبيراً من الأفلام التي أثارت نقاشاً واسعاً داخل إيران وخارجها بسبب موضوعاتها، ومنع بعضها لكن الكثير وصل الى صالات العرض وحصل العديد منها على جوائز دولية.

لدينا ما نقوله

لا تنفي حكمت وجود مشكلات كثيرة تواجه الإخراج السينمائي في إيران لكنها ترى أن المخرجات يجدن في النهاية «طريقاً لقول ما يردنه»، ولاقى فيلم حكمت الكثير من الترحيب والإعجاب وواجه في الوقت ذاته مشكلات قبل العرض، ويعد «سجن النساء» أول فيلم يتناول موضوع السجينات لأسباب سياسية وغير سياسة في الجمهورية الإسلامية. تقول حكمت أن المخرجة الإيرانية سجلت نجاحاً «لم تصل إليه المخرجات في أوروبا وأميركا على رغم قلة المحظورات التي يواجهنها مقارنة بالإيرانيات»، وترجع حكمت ذلك إلى وجود «رؤية ثقافية ذات خصوصية تؤثر في عملها وزميلاتها إضافة إلى احترام المجتمع لدور المرأة المخرجة»، وتؤكد حكمت أنها «تعرف جيداً الخطوط الحمراء في بلدها وتحترمها» لكنها وعلى رغم هذا الاحترام منعت من إتمام فيلمها الوثائقي الذي حمل عنوان «مئة عام من عمر البرلمان».

 وتضيف: «على رغم المحدوديات الموجودة إلا أنني أستطيع محاورة المسؤولين في وزارة الثقافة والإرشاد وكثيراً ما نصل إلى حل. ووصل فيلم حكمت الأخير «ثلاث نساء» إلى العرض هذه السنة بعد مشكلات عدة، وكان من أكثر الأفلام التي بيعت تذاكرها في السينما الإيرانية، ويتحدث عن ثلاثة أجيال من النساء مع تناول جريء للمشكلات الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الإيراني وأحدثت فجوة بين هذه الأجيال».

المرأة من زوايا خاصة

تعد المخرجتان بوران درخشنده ورخشان بني اعتماد من اوائل النساء اللواتي اقتحمن مجال الإخراج السينمائي بعد سنوات قليلة على انتصار الثورة، وبرز للأولى أفلام «الرابطة» و«العصفور الصغير سعيد الحظ» و«أطفال للأبد» وتوصف بأنها لا تخرج أفلاماً تقتصر على موضوعات النساء لكنها تصنع أعمالاً درامية تكون المرأة فيها حاضرة ببعدها الإنساني.

وسجلت بني اعتماد التي تلقب بسيدة السينما الإيرانية من خلال «نرجس» و«تحت جلد المدينة و«المنديل الأزرق» و«جيلانه» و«سيدة نيسان» و«لعبة الدم» وغيرها من الأفلام نجاحاً في إيران وخارجها. وترى الكاتبة السينمائية وأستاذة المسرح في جامعة طهران نغمة ثمينة أن بني اعتماد حالة خاصة في السينما الإيرانية عموماً وليس سينما المرأة فقط، و«استطاعت أن تصف حياة النساء وحالاتهن النفسية والروحية من خلال زاويا لم يطرقها مخرج من قبل».

ويبرز اسم المهندسة المعمارية تهمينة ميلاني كمخرجة تتعرض لقضايا المرأة في شكل نقدي، ولا تنفي ميلاني «ميلاً نسوياً» في الرؤية التي تقدمها أفلامها بخاصة في أفلام مثل «ماذا بعد؟» و«امرأتان» و«أطفال الطلاق» و«وقف إطلاق النار» و «النصف الخفي» وتصفها ثميني بأنها الأكثر نسوية بين المخرجات الإيرانيات وتركز على حق المرأة في الحصول على المساواة القانونية والاجتماعية في حين يبرز البعد السياسي بصورة واضحة في أفلام حكمت. ولا يمكن إنكار حضور سميرا مخمبلباف في أفلام «التفاحة» و«اللوح الأسود»، ويضاف إلى ذلك أسماء جديدة لشابات يقدمن أفلاماً تستوقف النقاد ومنهن منى زندي وفيلمها «عصر الجمعة» ومانيا أكبري وفيلم «الأصابع العشرون».

في ساحة الرجال

ترى مالي هاسكل (Molly Haskell) الناقدة وصاحبة الكتاب الشهير حول المرأة في السينما «من التكريم إلى الاغتصاب»، أن الإخراج السينمائي هو في إحدى صوره قيادة وإصدار للأوامر والعالم أجمع ما زال يرى أن هذه الوظيفة هي للرجال بصورة أساسية، لكن ثميني ترى أن هذه المقولة لا تشمل المخرجات الإيرانيات وتقول: «حضرت مرات عدة تصوير أفلام للمخرجتين بني اعتماد وحكمت وكانت تعليماتهن تنفذ باحترام وحرفية من قبل فريق العمل الذي كان أغلبه من الرجال».

وعلى رغم أن القائمة لا تتوقف عند هذه الأسماء الناجحة إلا أن الدكتور أحمد الستي يأخذ على سينما المرأة الإيرانية أنها تفتقد للتنظيم، ويضيف أستاذ السينما في مدرسة «فيلم طهران» أن المخرجات الإيرانيات لا يستندن إلى نظرية كتلك التي تستند اليها المخرجات النسويات على وجه التحديد في أوروبا وأميركا. وترفض حكمت هذا الرأي وترى أن «بعداً ثقافياً واضحاً يحكم رؤية المخرجات». ويأخذ الستي على المهرجانات الإيرانية التي خصصت لأفلام المخرجات أنها «لا تستضيف متخصصين ومتخصصات في هذا المجال ولا تطرح الأفلام للبحث النقدي كما يحدث في المهرجانات العالمية»، ويؤكد أن القيود على السينما الإيرانية تعاظمت خلال السنوات الأربع الماضية مقارنة بالسنوات الثمانية لحكومة الرئيس السابق محمد خاتمي وتوافقه حكمت بالقول أن فيلمها «سجن النساء» الذي عرض عام 2000 لم يكن ليرى النور لو أنها تقدمت لإجازة نصه في فترة حكومة نجاد، لكنها ترى أن ذلك «لا يمنع المراوغة لإدامة الإبداع».

الحياة اللندنية في

13/03/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)