تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

رسالة سياسية من هيفاء وهبى إلى رجب

كتب : طارق الشناوي

عندما قالت «هيفاء وهبى» قبل بضع سنوات «رجب حوش صاحبك عنى» اعتقد كاتبنا الساخر الكبير «أحمد رجب» أنه المقصود بهذا النداء، وعلى الفور انتقل من حزب «نانسى عجرم» إلى حزب «هيفاء وهبى».. كان «أحمد رجب» قبلها بـ6 سنوات قد أطلق مأثورة فى رأس السنة مع بداية ظهور «نانسى عجرم» اللهم «عجرم» نساءنا.. صحيح أن النساء لم يتركوها بلا رد مفحم حيث رددن قائلات اللهم «قردح» رجالنا.. يقصدون بالطبع «جورج قرداحى» فى عز مجده التليفزيونى قبل أن يأتى عليه الغروب الذى لا يعرف أبداً شروقا!!

الآن وجدت أغنية «هيفاء وهبى» اسم «رجب» آخر إنه «رجب طيب أردوغان» الرئيس التركى.. وفى تركيا يتبادلون أغنية «هيفاء» على رسائل الموبايل خاصة بعد ملتقى «دافوس» حيث أنهاه «رجب» بتوجيه اللوم إلى مدير الندوة متهماً إياه بالانحياز للجانب الإسرائيلى.. ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى تستخدم بتوجه سياسى كلمات «رجب حوش صاحبك عنى».. التفسير الأول لـ«رجب» كان المطلوب منه أن يحوش أصحابه الإسرائيليين عن غزة.. دولة تركيا لها علاقات طيبة بدول المنطقة المتصارعة؛ الدول العربية وإسرائيل وأيضاً إيران، فهى دولة محورية يدعمها أنها دولة علمانية رغم الأغلبية المسلمة السنية، وكان العرب تابعين للدولة العثمانية، ولهذا فإن التاريخ يحمل الكثير من وشائج القربى مع تركيا.. كما أنها تتطلع للانضمام إلى الاتحاد الأوروبى أى أن لها أيضاً تأثيراً لا ينكر على القوى الأوروبية فهى ذات صوت مسموع عالمياً وإقليمياً ولهذا وجدوا أن «هيفاء وهبى» تحمل أقوى رسالة إلى «رجب أردوغان».. تقبل أستاذنا «أحمد رجب» هذه الحقيقة بصدر رحب!! التفسير السياسى بأثر رجعى للأغنيات هو الاستثناء، لأن الأغانى السياسية تكتب مباشرة بغرض سياسى، وهى ليست غريبة عن مجتمعنا العربى، ومصر كالعادة لها باع طويل فى هذا الشأن، والصراع العربى الإسرائيلى أيضاً شاهد على قسط وافر من هذه الأغنيات مثلاً فى أعقاب عقد اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل غنى «محمد رشدى» بكلمات «حسن أبو عثمان» تلحين «بليغ حمدى» «يا عبدالله يا خويا سماح وسيبك م اللى عدى وراح تعالى نعيش أنا وأنت فى دنيا كلها أفراح وسيبك م اللى عدى وراح».. التكرار هنا له دلالة وكأنه يضع خطاً تحت تعبير «سيبك م اللى عدى وراح!!!!

الأغنية ربما سقطت سريعاً من الذاكرة، لأن الناس لم تصدق السلام مع إسرائيل، كما أن أحداً لم يتوقف أمام «عبدالله» لماذا يغنى «رشدى» لرجل ومن هو «عبدالله».. «محمد رشدى» هو أكثر المطربين فى العالم غناء للنساء ولأسماء النساء تحديداً غنى لاسم «وهيبة» تحت الشجر و«عدوية» فى ايديا المزامير وفى قلبى المسامير، وغنى لـ«نواعم» يا نواعم يا نواعم يا ست الهوانم يا أم الشعر الناعم، وغنى لـ«نجاة» داحنا يا حبيبتى بلديات، وكان هو المرشح الأول لكى يغنى لبهية ولكنه اعتذر للملحن «بليغ حمدى» نظراً لزيادة عدد النساء فى أغانيه، وأيضاً لأن «نواعم» و«نجاة» لم تلق نجاح «عدوية» و«وهيبة».. وهو لم يسبق له الغناء لرجل إلا «يا حسن يا مغنواتى يا نغم بكى النياتى» وهى أغنية مغرقة فى عاطفيتها حيث تقمص فيها «رشدى» دور «حسن» عاشق «نعيمة» كما أنه غنى لعرباوى «قلبى يا قلبى يا أبو الحيارى» يطالبه بأن يكد ويعمل ويحضر المهر.. المهر مركب وأنت معداوى.. والغريب أن هاتين الأغنيتين أيضاً لنفس المؤلف «حسن أبو عثمان» وتلحين «حلمى بكر».. أما «عبدالله» الذى يطلب منه السماح فمن هو.. إنها أغنية سياسية أرادت أن تنهى الصراع العربى الإسرائيلى، لأن اليهود أيضاً من عباد الله مثل المسلمين والمسيحيين فلماذا لا نتسامح معهم. على الجانب الآخر هناك أغان سياسية ظهرت بعد نكسة 67 بأيام قلائل حيث ردد الشارع المصرى «العتبة جزاز والسلم نايلو فى نايلو» التى غنتها فرقة رضا للفنون الشعبية، وهى من الفلكور كتبها «مأمون الشناوى» ولحنها «على إسماعيل».. انتشرت الأغنية وحققت أرقام مبيعات ضخمة جداً، قالوا فى التفسير أنه انعكاس للهزيمة وتردى الذوق العام، ولهذا كما نجحت أغنية «الطشت قالى» و«السح الدح امبوه».. نجحت «العتبة جزاز» رغم أن كاتبها الشاعر الكبير «مأمون الشناوى» قال لى أنه استلهم الكلمات من الفلكور، لكنه كان يقصد بالعتبة جزاز سينا التى احتلها الأعداء الإسرائيليون فى بضع ساعات، واكتشفنا أن القوة التى كنا نحلم بها هى مجرد أوهام زائفة.. بقى أن أذكر لك عزيزى القارئ أن هذه الكلمات فى الأصل الشعبى كانت تعنى العروس فى ليلة الدخلة بعد أن تقوم «البلانة» بنزع شعر جسدها عنها فيصبح فى هذه الحالة السلم نايلو فى نايلو ولن أوضح لك أبعد من ذلك!!

الناس لم تتوقف عن إضافة معان للأغانى، وكل رؤية تحمل قراءة مختلفة، عندما تم نفى «سعد زغلول» إلى جزيرة سيريلانكا غنوا له «قولوا لعين الشمس ما تحماشى لحسن غزال البر صابح ماشى» وهى التى غنتها بعد ذلك «شادية» بعد أن أصبح «غزال البر» هو «حبيب القلب»!! الناس هى التى فسرت مقطع قصيدة الأطلال التى شدت بها «أم كلثوم» عام 1966 «أعطنى حريتى أطلق يديا.. إننى أعطيت ما استبقيت شيئاً» قالوا أن «أم كلثوم» كانت توجه رسالة إلى الرئيس «جمال عبدالناصر» لكى يفرج عن الكاتب الكبير «مصطفى أمين»، والذى كان قد دخل السجن قبلها بعام فى قضية التخابر لحساب المخابرات الأمريكية، ومن المعروف أن «أم كلثوم» كانت صديقة لمصطفى أمين، وأيضاً كانت هى الأقرب إلى قلب ومشاعر «عبدالناصر»، وبالطبع فإن الشاعر «إبراهيم ناجى» مؤلف الأطلال الذى رحل عام 1953 كتب هذه القصيدة فى نهاية الأربعينيات، ولم يكن يقصد «مصطفى أمين» ولكن الناس هى التى فسرت وهم أنفسهم الذين قالوا أن «عبدالحليم حافظ» عندما غنى فى «جانا الهوى جانا» تأليف «محمد حمزة» على اعتبار أن الأغنية ظهرت بعد الهزيمة «اللى شبكنا يخلصنا» كان يقصد توجيه اللوم إلى «جمال عبدالناصر» وقالوا أن «عبدالرحمن الأبنودى» كان يقصد الدفاع عن «عبدالناصر» بأغنية شادية «يا اسمرانى اللون» رغم أن لدينا عشرات الأغانى للسمر، وهو بالطبع تفسير لم يخطر مطلقاً على بال «الأبنودى»، لأن الأغنية تتحدث عن أسمرانى آخر غير «عبدالناصر» أعجبت به «شادية».. مثلما لم تقصد أيضاً «هيفاء وهبى» وهى تغنى لرجب «رجب طيب أردوغان» أو «أحمد رجب» إنه مجرد تشابه فقط فى الأسماء، ولكن واقعنا العربى المعاصر أصبح لا يسمح لنا سوى بأن نمسك فى ذيل فستان «هيفاء وهبى»!!

روز اليوسف المصرية في

22/02/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)