نجمة تونسيّة شربت من مياه النيل، تألّقت في سماء القاهرة، وأعطتها
أرض الكنانة كلّ النجاح الذي تتمتّع به اليوم، من "صمت القصور"
كتبت "مذكرات مراهقة"، ودوّت نجاحاً في "عمارة يعقوبيان"، قدّمت
الدراما الرمضانيّة، وتألّقت بها، وأصبحت إحدى نجماتها المهمّات
جدّاً. ضيفة "إيلاف" اليوم هي النجمة التونسيّة العربيّة هند صبري.
حوار شيّق جداً تتابعون تفاصيله في هذا اللقاء المصوّر:
سعيد حريري من بيروت: في
حديثها المصوّر لكاميرا "إيلاف" تتحدّث الممثّلة التونسيّة النجمة
هند صبري عن العديد من المواضيع الفنيّة، والسياسيّة، والإجتماعيّة،
وتبوح بعدد من الأسرار حول حياتها العائليّة والشخصيّة. إلتقيناها
في بيروت مؤخراً، ومعها كان هذا الحوار:
عن وجودها في بيروت، قالت: " أنا هنا لتصوير دعاية لمستحضرات "غارنييه"
بعد أن أصبحنا سويّاً عائلة واحدة، فمنذ خمس سنوات وأنا أصوّر
دعاياتهم، ونحن نصوّر اليوم الدعاية الجديدة مع المخرج اللبنانيّ
وسام سميْرة".
غائبة في رمضان
وعن تحضيراتها لشهر رمضان المبارك:" لن أقدّم مسلسلاً هذا العام في
رمضان، لأنّي لا أحبّ أن أعمل عاميْن متتالييْن، أحبّ أن أستريح
عاماً، لأنّ الإنسان يجب أن "يشحن بطارياته"، وأنا أمّ لإبنتيْن
تحتاجان منّي الرعاية، والحمد لله كان مسلسل "إمبراطوريّة مين"
ناجحاً، الحمد لله، وقد أحدث ضجّة كبيرة في رمضان، وهو لا يزال
يُعاد تقديمه على الفضائيات، وما زلت أتلقّى حتّى اليوم ردود
الأفعال والأصداء عليه".
"زهرة
حلب" وجهاد النكاح!
وعن عودتها إلى السينما التونسيّة من خلال فيلم "جهاد النكاح"،
وعمّا إذا كان يتمحور حول موضوع "جهاد النكاح"، قالت هند في حديثها
المصوّر لـ "إيلاف": " الفيلم لا يتكلّم عن موضوع "جهاد النكاح"
على الرغم من كلّ ما كُتب في الصحافة بأنّه يتكلّم عن هذا الموضوع.
"زهرة حلب" فيلم تونسيّ من إخراج وتأليف رضا الباهي، وهو مخرج
تونسيّ كبير، وهو يتعامل مع ظاهرة التونسيين الذين ذهبوا لسوريا
للإلتحاق بالجهاد، وليس فقط النساء، فغالبية الذين غادروا إلى
سوريا رجال، وهناك عدد كبير منهم على الرغم من البُعد الجغرافي بين
تونس وسوريا، ولم نكن نتخيّل كتونسيين أن يكون عدد المجاهدين
التونسيين المتواجدين في سوريا كبيراً، نحن في الفيلم نتعامل مع
هذه الظاهرة، ولكن الموضوع لا يتمحور حول "جهاد النكاح".
"وهل
سيُسلّط الفيلم الضوء على هذا الموضوع؟"، تجيب هند: "لا!"
وعن مصدر تسريب هذه المعلومات، قالت: "غالباً إنّه خيال صحفيّ!".
التيّار الإسلاميّ ومحاولة سلب المرأة التونسيّة حقوقها
وعن التيّار الإسلاميّ المتنامي في تونس، والذي يسعى إلى سلب
المرأة التونسيّة إنجازاتها، وحقوقها، قالت هند: "المرأة التونسيّة
لم ولن تقبل أن تتغيّر صورتها، أو أن نعود إلى الماضي، المرأة
التونسيّة حقّقت أموراً كثيرة خلال الخمسين سنة الماضية، منذ
الإستقلال حتّى اليوم، ومن الصعب جداً تغيير هذه الصورة، وقد بان
ذلك في الفترة الإنتقالية التي خرجنا منها، الحمد لله، واليوم
لدينا حكومة، ورئيس، وظروف وبرلمان، يعبّرون عن إرادة التونسيين،
ولم يستطع أحد أن يقترب من حقوق المرأة التونسيّة، وربّما كانت
المرأة التونسيّة العامل الأكبر في دفاع المجتمع المدني عن نفسه
وعن مكتسباته، وبدون المرأة التونسيّة كنّا غالباً سنسلك مصيراً
مختلفاً تماماً، أنا مطمئنة على حقوق المرأة التونسيّة، وأنا
كإمرأة تونسيّة فخورة جداً بنساء بلادي، وحتّى من أختلف معهنّ
سياسياً لم يتجرأن على المسّ بحقوق المرأة التونسيّة، الحمد لله،
بالعكس كان هناك بعض المحاولات للتشويه، ولكنّها باءت بالفشل
تماماً... تماماً... قوّة المرأة التونسيّة من الصعبّ جداً أن يلعب
بها أحد".
التعبير عن الآراء السياسيّة والخوف من التهديد
وعن معالجتها للمواضيع السياسيّة كتسليطها الضوء على الوضع
السياسيّ في مصر من خلال مسلسل "إمبراطوريّة مين"، وعلى موضوع جهاد
التونسيين في سوريا من خلال فيلمها "زهرة حلب"، وعمّا إذا كانت
تخشى من التهديدات وسط ما يشهده العالم العربيّ من تشدّد، قالت هند
في حديثها المصوّر مع "إيلاف": " لا أخاف، لأنّه بالنسبة لي
كمواطنة وليس كفنّانة... فأنا بالنهاية مواطنة، ولكنّي معروفة
قليلاً، وربّما يمكن لصوتي أن يُسمع بشكل أسهل، ولكن في النهاية
إذا أنا إخترت أن أكون فنّانة، لا يجب عليّ أن أتنّحى عن
"مواطنيتي"، أو أن أُجنّب كلّ الآراء الخاصّة بي، والتي يمكن أن
تكون لها علاقة بالبلد الذي أعيش فيه، أو ببلدي، أو بالمجتمع الذي
أعيش فيه، أو بدول العالم العربيّ التي تُعتبر كلّها أوطانيّ... من
الواجب أن يكون هناك توازن، لأنّه عندما تقول رأيك بصراحة، هناك
فئة تنزعج، ولكن الصدق الذي أعبّر من خلاله عن رأيي يشفع لي
دائماً، حتّى مع الناس الذين أختلف معهم، وهم في النهاية يعلمون
بأنّي لا أتاجر بقضيّة... وفعلاً معك حقّ، بات الموضوع أصعب وأصعب
عاماً بعد عام، وتحديداً في ما يخصّ الأصوات التي تغرّد ضدّ
التيّار، أصبح هناك أيضاً خوف على سلامة وأمان الشخص، وهذا فعلاً
أمر يثير الخوف، فأنا في النهاية لديّ بنات، ولديّ عائلة، "فلازم
دايماً الواحد يحسبها"، يعني أنا لستُ "كاميكازي"، ولست سياسيّة،
ولا أعتقد بأنّ سقف جرأتي سيزيد، هذا هو حدّي (تضحك).
الربيع العربيّ والحريّات
وعمّا إذا كانت توافق بأنّ هذا الأمر يحدّ من سقف الإبداع، قالت:
"طبيعيّ!... أكيد، وكنت في صدد القول بأنّ الربيع العربيّ، أو ما
يُسمّى بالربيع العربيّ قد حصل كي يرفع من سقف الحريّات، ومن حريّة
الفنّان تحديداً، ربّما قد زادت نسبة الحريّة السياسيّة، والحريّة
الإعلاميّة، ولكنّ حريّة الفنّان قلّت".
السينما
وعن تحضيراتها للسينما المصريّة، قالت هند لعدسة "إيلاف": "هناك
عدّة مشاريع منها الكوميديّ، ومنها الدراميّ، ولكنّي لا أحبّ أن
أتكلّم في أيّ مشروع ما لم أوقّع العقد الخاصّ به، كي لا أساهم في
تكوين "بلّونة" زائفة في حال لم يتمّ العمل لسبب من الأسباب".
"أسماء"
ومعالجة موضوع "الإيدز" في السينما
وعن أهميّة تكرار الأدوار الإجتماعيّة الشبيهة بالدور الذي لعبته
في فيلم "أسماء" الذي يُعالج قضيّة مرض "الإيدز"، قالت: " هذا
الموضوع مهمّ جداً، وقد صوّرنا فيلم "أسماء" في العام 2010، وربّما
لو أردنا تكرار هذه التجربة اليوم، لما إستطعنا تكرارها لعدّة
أسباب، وأوّلها الأسباب الإنتاجيّة، لأنّ المنتجين أصبحوا خائفين
من المجازفة بفيلم ليس تجارياً، ففي النهاية "أسماء" ليس فيلماً
تجارياً، بل هو فيلم خاصّ بمحبّي السنة، وهو يستهدف نخبة معيّنة،
وجمهورا معيّنا، ولكن من ناحية أخرى إذا دخلت على موقعيْ
" IMDB"،
و"
YOUTUBE"
تستنتج بأنّ نسبة مشاهدي الفيلم كانت كبيرة جداً، وأنا أقول: هناك
"أمل"، لأنّي ألتقي بأشخاص كثيرين، ومنهم صغيرو السنّ، يشيدون
بفيلم "أسماء"، علماً أنّ هذا الفيلم لم يُعرض في التلفزيون ولا
مرّة، ولكنّه شوهد أكثر بكثير من أفلام قدّمتها، وعُرضت في
التلفزيون مليون مرّة، ولذلك أنا مؤمنة، بأنّه علينا أن نقدّم
أفلاماً كثيرة شبيهة بـ "أسماء"، وأن نقدّم أفلاماً من هذا المستوى
لكلّ الأعمار، ولكلّ الفئات الإجتماعيّة، وهذا الفيلم لا يتكلّم
فقط عن تابو "الإيدز"، وإنّما كان "الإيدز" طريقة كي نعبّر من
خلالها عن مشكلة الإختلاف، وعن مشكلة الخوف من الآخر المختلف عنّا،
وهذه مشكلة أساسيّة في تحديدنا اليوم لمفهوم المواطنة، وما معنى أن
يكون الإنسان مواطناً؟ وما معنى أن تكون لديه حقوق؟ وكيف يجب أن
يصله هذا الحقّ مهما كان مرضه، ومهما كانت صفته، هناك مشاركة في
الأفكار تحصل بين الفنّان والجمهور يجب أن تُكمل طريقها".
وتتابع هند حوارها مع "إيلاف" بالحديث عن أصولها: "لم أسكن أبداً
في ولاية "قبلّي" التونسيّة التي تعود أصولي إليها، "قبلّي" بلد
والدي، وهو مولود فيها، وتحديداً من بلدة "الصابريّة" ولذلك أنا من
عائلة "صابريّ"، ولكنّي وُلدت وعشت في تونس العاصمة".
طاجين مرقاز وروائح تونس!
وعمّا ينقصها من تونس بعد إستقرارها في القاهرة، قالت: " أكل
ماما... تحديداً الأكل والروائح، ومن أطباقي المفضّلة، طبق يُدعى
"طاجين مرقاز"، وهو عبارة عن كريات من اللحم المطبوخ مع الصلصة
الحمراء والفلفل".
مثلها الأعلى من ممثّلات مصر
وعن مثلها الأعلى من الممثّلات، قالت: " كثيرات... هناك نادية
لطفي، ويُسرا، ونجلاء فتحي، وفاتن حمامة، وسعاد حسني، هناك أساطير،
وهناك ممثّلات يتمتّعن بنجوميّة مستقرّة عبر السنوات".
وعمّا إذا كانت تتابع الدراما اللبنانيّة، قالت: "نعم قليلاً، أحبّ
كتابات كلوديا مرشيليان، وعندما أصل إلى لبنان، أضع القنوات
اللبنانيّة، وأشاهد المسلسلات قليلاً".
تربية ليلى وعليا
وعن إبنتيْها ليلى وعليا، وعمّا تزرعه فيهما من القيم المصريّة،
ومن القيم التونسيّة، قالت: " هي نفس القيم، هما تتلقيان تربيّة
عربيّة فيها فخر بالثقافة، وفخر بمصريتهما، وبتونسيتهما، وهما
بلدان يتمتّعان بتاريخ حافل، ولكنّي أودّ أن أربّي إبنتيْن فيهما
إنفتاح على العالم كلّه".
إنجازاتها كسفيرة للنوايا الحسنة
وعمّا حقّقته من إنجازات منذ تولّيها لقب "سفيرة للنوايا الحسنة"
من الأمم المتحدّة، قالت: " حقّقنا الكثير، فاليوم أصبح برنامج
التغذية العالميّ معروفاً ومتداولاً، فقبل تعييني في العام 2010
سفيرةً لهذا البرنامج، لم أكن أدرك بأنّ هناك ما يُسمّى ببرنامج
الأغذية العالميّ، واليوم أعتقد بأنّي ساعدت على قدر إستطاعتي بأن
نوصل رسالة عن عملنا في هذا البرنامج، وسافرت معهم إلى بلاد كثيرة
ومنها سوريا، وزرنا لاجئين عراقيين في سوريا قبل المشاكل هناك،
وبعد المشاكل زرنا مخيّم الزعتري، ومخيّم طرابلس، كما زرنا لاجئين
سوريين في بيروت في برج حمّود، وسأزور أيضاً لاجئين سوريين في
مدينة إربيل في كردستان العراق، والعمل مستمرّ بعد أن إشتعلت
المنطقة للأسف، وأضحى عملنا في هذه المنطقة أساسياً". |