في ذكراه الـ ٢٤ موسيقار الأجيال يكشف أسرار مشواره الفني
والدي كان يتمني أن يراني مقرئا للقرآن
محمـــد قنـــاوى
كشف موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب عن الكثير من اسرار مشواره
الفني وذلك في لقاء القمة الذي جمع بينه وبين والكاتب الكبير سعد
الدين وهبة في اطول حوار تليفزيوني حيث أكد محمد عبد الوهاب ان
والده كان يتمني ان يراه مقرئا للقرآن وليس ملحنا ومطربا ؛ وان
اول اجر تقاضاه في حياته عن الغناء كان خمسة قروش فقط وكان يرتدي
جلابية النوم لان اسرته كانت لاتعلم انه يغني في تياترو ، وانه هرب
من الاسرة وهو طفل من اجل الغناء وذهب للعمل في سيرك بدمنهور واضطر
للنوم في حظيرة حيوانات السيرك ، وان أمير الشعراء أحمد شوقي قدم
شكوي ضده للحكمدار الانجليزي ليمنعه من الغناء بحجة انه طفل لا
يستطيع السهر في التياترو واكد انه رغم علاقته الصداقة التي جمعة
بينه وبين محمد التابعي الا انه هاجمني بمجموعة مقالات بعنوان» فن
الحرامية» وكان ذلك لاسباب خاصة واشار عبد الوهاب الي ان الشيخ
الحصري طلب مني مساعدة ابنته ياسمين في احتراف الغناء ولكن بشروط.
اعترافات لمحمد عبد الوهاب جاءت في حواره التليفزيوني الذي اجراه
معه الكاتب سعد الدين وهبة والذي بلغت حلقاته 30 حلقة ومؤخرا قام
الكاتب الصحفي بالاخبار المسائي الامير اباظة باعداد هذه الحلقات
للنشر في كتاب بعنوان» انهر الخالد» حوارات سعد الدين وهبة مع
موسيقار الاجيال والذي صدر ضمن سلسلة «عالم الموسيقي» التي تصدرها
الهيئة العامة لقصور الثقافة في الذكري الرابعة والعشرين لرحيل
محمد عبد الوهاب في ذكراه الــ 24.
يأتي الكتاب في ثلاثين فصلا يحمل كل فصل عنوانا مستقلا تتناول
مراحل حياة موسيقار الأجيال حيث يحمل الفصل الأول عنوان « بداية
الرحلة» وفيه يحدث محمد عبد الوهاب في حواره مع سعد وهبه عن
بداياته الأولي في مركز أبو كبير شرقية فيقول : نشأت العائلة في
أبو كبير ونحن ننتسب إلي سيدي عبد الوهاب الشعراني , وهو الذي له
مسجد في حي باب الشعرية بالقاهرة ولكن أنا ولدت في القاهرة بعد أن
حضرت الأسرة لخدمة مسجد الشعراني وأصبح إلي شيخ الجامع وعمي الأمام
, وقد كان والدي يخطط أن يراني رجل دين والحقني بالكتاب لتعليم
القرآن وأثناء حفظي للقران لفت نظر الشيخ عبد العزيز عاشور صوتي في
القراءة فأخبر والدي وقاله «صوت ابنك مش بطال» فتخيل أبي أنني
سأصبح مقرئا وقد كان والدي يحب الشيخ علي محمود ومحمد رفعت الشيخ
منصور.
الكلوب المصري
ويكمل موسيقار الأجيال حديثه لسعد وهبه عن كيفية دخوله عالم الفن
وهو في سن مبكرة جدا فيقول : الصدفة أوقعت في طريقي وأنا طفل رجلا
اسمه محمد يوسف «وكان يعمل كورس» في تياترو « فوزي الجزايرلي »
وكان اسمه « الكلوب المصري « ويقع في حي سيدنا الحسين يعني مش بعيد
عن باب الشعرية وسمعني محمد يوسف وأعجب بصوتي , وبعد يومين قابلني
وقال لي : أنا امبارح قلت للاستاذ فوزي الجزايرلي إني سمعت عيل
بيغني حاجات الشيخ سلامة كويس واقدح علي أنني أذهب إليه واسمعه
صوتي , فوافقت ولكن وجدت صعوبة في الذهاب للمسرح لان شغلي بالليل
وأنا لا أستطيع الخروج من المنزل بعد الساعة الثامنة مساء , وبعد
تفكير قررت أن أذهب دون علم أحد فخرجت من البيت بعد أن نام الجميع
بجلابية النوم وانبهرت بالمسرح والأضواء والصبايا وأنبهرت
بالشخصيات اللي بيعملوها علي المسرح , المهم قابلت فوزي الجزايرلي
وسمعني بعد أن غنيت له « ويلاه ما حيلتي « وانبسط مني , واقترح علي
أن أقدم الأغنية بين فواصل المسرحية كل يوم ويعطيني آخر « خمسة صاغ
» في الليلة وغنيت وكانت دي أول مرة أغني أمام الناس الذين انبسطوا
مني جدا وكنت كل يوم أخرج بعد ما كل البيت ينام وأذهب لمسرح فوزي
الجزايرلي ولكن حسن شقيقي الأكبر شك في خروجي وراقبني وذهب ورائي
للمسرح وشاهدني وأنا أغني وكان نتيجة ذلك أنه ربطني بالحبل وجرني
من سيدي الحسين إلي البيت في باب الشعرية لأن شقيقي كان يري أن
غنائي يلوث سمعة العائلة، وقال لأمي ما حدث فأخفت والدتي عن والدي
الأمر لأنه الأب لو عرف كان يسفرني إلي أبو كبير.. وكانت هذه
الواقعة مهمة في حياتي لأنني من خلالها جربت الجمهور والتصفيق
والستارة.
سيرك دمنهور
وكان يمكن أن يتوقف طريق محمد عبد الوهاب عن هذا الحد بعد أن عاد
به شقيقه الشيخ حسن إلي البيت ولكن كان هناك شيئ داخل أعماق هذا
الفتي يبحث عن فرصة للانطلاق وجاءت الفرصة التي يكشف عنها في
الحلقة الثانية من الحوار والتي جاءت بعنوان «السيرك» فيقول محمد
عبد الوهاب : في يوم كلمني محمد يوسف وقالي تروح سيرك دمنهور وقلت
له : أروح، وهربت من البيت إلي دمنهور فوجدت سيرك كحيان درجة سابعة
واذكر أنني لم أجد مكانا أنام فيه فنمت في حظيرة الحيوانات وكنت
أغني كل يوم , وللصدفة قابلت سيد درويش وسمعني وأنا أغني « ويلاه
ما حيلتي « وطلب أن يراني وأذكر أنه شالني من الأرض وطلعني فوق
علشان يبوسني فشعرت أنه طلعني من الأرض للسما , ودي كانت أول شهادة
من فنان كبير وأعتز بها جدا , وخلال تلك الفترة اللي هربت فيها
لدمنهور الاسرة كلها كانت تبحث عني بكل الطرق الي أن عرفوا أنني في
دمنهور ورضخت الأسرة لحبي للفن.
ويكمل محمد عبد الوهاب حديثه عن بداياته : بعد العودة من دمنهور
عملت في مسرح عبد الرحمن رشدي وأغني بين الفقرات وكنت وقتها تخلصت
من الجلابية وبدأت ألبس جاكت وبنطلون وفي تلك الفترة حدثت ثورة
1919 وشارك فيها المصريون جميعا وأغلقت المسارح وعندما أعيد فتحها
حدث أمر هام في حياتي فقد تم منعي من الغناء بأمر من حكمدار
العاصمة وكان رجل انجليزي اسمه «رسل باشا» بعد أن أخبره أحمد بك
شوقي أني طفل ورغم أنني غضبت مما حدث إلا أنه ربما يكون رب ضارة
نافعه فقد حرمت من الغناء ولكن كانت مفيدة لي لأنني اتجهت للعلم ,
لأن أملي أكون مطرب وموسيقي لابد أن أتعلم.
حضن بديعة
في الفصل الثالث الذي جاء بعنوان « ثورة علي القديم « يحكي عبد
الوهاب كيف بدأ يتعلم الموسيقي وعلي يد من ؟ وكيف نجح في أن يجمع
بين الجديد والقديم ؟! فيقول : قبل الحديث عن فترة تعلم العود
اشتغلت مع نجيب الريحاني ولكن ليس في القاهرة بل سافرت معه في رحلة
حيفا ويافا والقدس وبيروت لكي أغني بين الفصول وكانت تلك أول رحلة
أخرج فيها من مصر وكان عدد الفرقة أربعين فردا ولم يكن هناك
ميزانية تستوعب هذا العدد في الأوتيل فكان كل ثلاثة أو أربعة
ينامون في غرفة واحدة وكان من حظي أنام مع بديعة مصابني سلطانة
الرقص وكنت أنام في حضنها في السرير وكنت سعيد جدا.
وبعد العودة من الرحلة بدأت أتعلم العود من الاستاذ محمد القصبجي
أحسن عواد في مصر وكان عمري وقتها 13 عاما وارتبطت بالقصبجي جدا
وكل يوم كنت اتعشي عنده كوسه ما اعرفشي ليه ؟ واستكملت تعليم العود
في نادي الموسيقي الشرقية الذي التحقت به ورغم ذلك لم انقطع عن
القصبجي وتعلمت التواشيح ولكن تعرفت علي واحد علمني التواشيح بشكل
جديد اسمه الشيخ درويش الحريري وهو الذي علمني التجديد في الموسيقي
والاداء وكنت أؤدي التواشيح بطريقة مختلفة مما أحدث صداما بيني
وبين أعضاء نادي الموسيقي الشرقية فقاموا بطردي من معهد نادي
الموسيقي واتهموني بأني أفسد الغناء والتواشيح ولكن ظهرت جماعة من
أنصار التجديد فأجبروهم علي اعادتي إلي عضوية النادي بل وأحضروا
واحد روسي يعلمنا الموسيقي الأوروبية , وبعد ذلك التحقت بمعهد
ايطالي اسمه « برجرين » تعلمت فيه الهارموني والبيانو والغناء
الأوبرالي.
أنا وإحسان عبد القدوس
وفي الفصل الرابع من الكتاب يتحدث موسيقار الأجيال عن بداية
علاقته بالكاتب إحسان عبد القدوس كيف بدأت فيقول : كنت أعمل في
مدرسة السلحدار في شبرا وكان احسان عبد القدوس تلميذا فيها , وقد
تسبب احسان في أحد الأيام في أنني لم أحصل علي علاوة كان سيمنحها
لي وزير جاي يحضر حفلة , فقد كان صوت أحسان نشاذ وطلبت مني والدته
روزاليوسف أن يشارك في الحفلة فرفضت ولكن طلبت مني أن يشارك بحركات
شفايفه دون أن يخرج منه صوت , ولكن احسان لم يلزم فصوته خرج أثناء
الغناء وكانت النتيجة أن الحفلة « باظت « وراحت علي العلاوة الـ 7
جنيه.
وتحدث عبد الوهاب عن علاقته بالشاعر أحمد شوقي فيقول : تسبب في
منعي من الغناء وأنا طفل ورغم ذلك ارتبطت به سنوات طويلة بعد أن
كبرت وسمعني في حفل بالاسكندرية وظلت 8 سنوات لازمته خلالها
واقتربت منه جدا وكان له تأثير كبير في حياتي وهو أول من نبهني أن
الانسان نفسه ولا يقلد أحدا..
ويضيف محمد عبد الوهاب: كان شوقي يكره التصوير واذا رأي مصورا يشعر
بالرعب كما أنه يرتعش من أن يشاهده احد وهو بيمضي حاجة فمرة سألته
ليه يا باشا : قال لي أصلك أنت ما تفهمش : «وأنا بمضي باحط شرفي
مكان التوقيع» وعندما مات شوقي شعرت أن أبويا مات.
وفي الفصل السادس يتحدث عبد الوهاب عن سفره الأول لمدينة
النور«باريس » وكيف التقي بالحضارة الغربية وكانت الرحلة عام 1927
فيقول : رحلتي الأولي لباريس لا تنسي فقد كانت علي مركب اسمها «
ميريت باشا « وكان معي فيها وهيب دوس ومحمد التابعي وكان أيامها
متألقا ولسه طالع جديد , والتقيت فيها بفيصل ملك العراق وطبعا أحمد
شوقي باشا وعبد الحميد بدوي باشا وكانت المركب تزور بلاد المتوسط
مثل مارسليا ونابولي قبل ما تصل لبارس وبسبب هذه الزيارة الأولي
أصبحت مدمن باريس.
سيد درويش
وفي الفصل السابع من كتاب «النهر الخالد» يحكي محمد عبد الوهاب
لسعد وهبة عن قصة لقاؤه الثاني بسيد درويش فيقول : التقيت بسيد
درويش عندما كان يجري بروفات شهر زاد وكان ذلك في مسرح بريتانيا
وحضرت البروفة إلي أن وصل لاغنية «انا المصري كريم العنصرين» وجدت
نفسي اجري في الشوارع وأنا مش عارف ليه.. وبعدها اكتشفت ان سبب ذلك
انبهاري ان سيد درويش تجاوز الزمن بالاغنية دي وعندما بدأت الحن
مشيت علي خط سيد درويش مرحلة من الزمن ثم اخذت خطي الخاص ولكن لا
أنكر تأثير سيد درويش في حياتي.
ويتحدث عبد الوهاب في الفصل الثامن عن المسرح في حياته بداية من
فرقة فوزي الجزايرلي وعبد الرحمن رشدي والريحاني والكسارومنيرة
المهدية ويكشف من خلاله لماذا لم يواصل رحلته مع المسرح ولماذا
توقف منذ زمن بعيد عن التمثيل والغناء في أعماله المسرحية فقال :
تركت المسرح لانني وجدته ياخذني من مهمتي الاولي وهي التلحين لانني
كنت اري المسرح إدارة وفرقة من رجال وصبايا وسيدات واوركسترا وهيصة
وزمبليطة».
فن الحرامية
وفي الفصل العاشر يتحدث عبد الوهاب عن علاقته بالصحافة فمنها من
رحب به واحتضنته ومنها من هاجمته وصدرت مجلات خصيصا كي تهاجمه
فهناك تاريخ طويل بين محمد عبد الوهاب والصحافة فيقول : من
الصحفيين الذين شجعوني في بداياتي : فكري أباظة ومحمد التابعي
وابراهيم المصري وعبد القادر حمزة وايضا المازني والعقاد.. اما من
هاجموني فكثيرون لدرجة ان مجلة تكونت لمهاجمتي اسمها الصباح،
وعموما كانت علاقتي بالصحافة طيبة وسيئة في نفس الوقت فحتي التابعي
الذي كان أعز أصدقائي انقلب علي في يوم من الأيام وكتب عدة مقالات
بعنوان «فن الحرامية» وكان ذلك بسبب خاص بيني وبينه.
وفي الفصل الحادي عشر يحكي محمد عبد الوهاب كيف بدأ يغني لغيره من
الملحنين والمطربين ثم كيف يغني لنفسه ألحانا وضعها لنفسه وما الذي
أضافه عبد الوهاب للغناء ومن الذي عانده وما المعارك التي دخلها
لكي يقدم شيئا جديدا وما هو رأيه في دور المطرب والجمهور.
مشواره في السينما
والي جانب الغناء والتلحين، كان لعبد الوهاب دور كبير في دعم مسيرة
السينما الغنائية من خلال أفلامه السبعة، التي قدمها طيلة مشواره
الفني والتي قدم أولها في عام 1932 مع المخرج محمد كريم، وحمل اسم
«الوردة البيضاء»، والذي كتب قصته كل من سليمان نجيب ومحمد كريم
وتوفيق البردلنس، وكتب أغانيه الشاعر أحمد رامي، وقد تم إخراج هذا
الفيلم في باريس، لأن مصر وقتها لم تكن تملك استديو للافلام وعرض
الفيلم في عام 1933. ونجح نجاحا كبيرا بمقاييس عصره، ليقدم بعدها
عبد الوهاب عددا من الأفلام هي «دموع الحب» عام 1935، و«يحيا الحب»
عام 1938، و«يوم سعيد» في عام 1940، و«ممنوع الحب» في عام 1942،
و«رصاصة في القلب» عام 1944، وأخيرا فيلم «لست ملاكا» عام 1946.
إلا أن عبد الوهاب كان يمتلك من الذكاء ما جعله يقرر التوقف عن
تقديم المزيد من الافلام السينمائية. فقد أدرك بحسه أن الزمن ليس
زمنه، بعد أن ظهر الفنانون الشباب وبدأوا في تقديم نوعية من
الأفلام، التي أقبل عليها الجمهورإلي جانب أن شخصية عبد الوهاب
بطبيعتها، لا تتحمل الفشل بأي حال من الأحوال. فآثر التفرغ للغناء
والتلحين.
السهل الممتنع
المتتبع لحياة عبد الوهاب ومسيرته الفنية يستطيع أن يلحظ انها لم
تسر علي وتيرة واحدة، ولكنها تنوعت ما بين الابداع الشديد في أول
حياته الفنية، والتي قدم فيها نمطا جديدا للأغنية العربية، مما دفع
الجماهير للالتفاف حوله بعد أن أحست بموهبته التي أبهرت الجميع.
ومن بين أغاني تلك الفترة «ياجارة الوادي» و«كلنا بنحب القمر»
و»بالله يا ليل تجينا»وهي أغاني صنعت جماهيرية عبد الوهاب. بعد هذه
المرحلة، جاءت المرحلة الثانية في مسيرة عبد الوهاب، قدم عبد
الوهاب الاغاني الوصفية التي تضمنتها أفلامه السينمائية، واستطاع
من خلالها تقديم الحان متميزة لكلمات اعتاد الناس سماعها في حياتهم
اليومية، مثل اغنية «يا وابور قول لي رايح علي فين» و«ياوردة الحب
الصافي» و»حكيم عيون ثم كانت القصيدة عنوانا للمرحلة الثالثة في
مسيرة عبد الوهاب الفنية، حيث اهتم في هذه المرحلة بتقديم القصيدة
الطويلة بأسلوب جديد. وعلي الرغم من عدم وجود قاعدة جماهيرية
للقصيدة في ذلك الوقت، الا أن عبد الوهاب نجح من خلال اسلوب السهل
الممتنع الذي اتبعه فيها في جعل الناس يقبلون علي الاستماع لها
بشغف. ولعل من أشهر ما لحنه من قصائد «الكرنك» و«الجندول» وكانت في
وقتها من الاحداث الفنية المهمة في ميدان الغناء العربي. وتأتي
المرحلة الرابعة التي يري بعض الموسيقيين أنها لم تكن علي مستوي ما
سبقها من مراحل غنائية، وغني فيها أغنيات من بينها «تراعيني قيراط
اراعيك قيراطين». وعلي الرغم من ذلك الا ان هذه المرحلة نفسها هي
التي شهدت لقاء السحاب بين ام كلثوم وعبد الوهاب، وقدما معا عددا
من الاغنيات بدأت بأغنية «انت عمري»، وتبعتها أغنيات اخري لا تقل
عنها إبداعا منها «أمل حياتي».
حكاية ياسمين الحصري
وفي فصل آخر من فصول الكتاب يتحدث موسيقار الاجيال لسعد الدين وهبة
عن المطربين الذين اكتشفهم أو قام بالتلحين لهم فيقول: اكتشفت ليلي
مراد ورجاء عبده وصباح ومحمد أمين ونجاة وفايزة احمد وسعد عبد
الوهاب كما لحنت لوردة وقدمت لشادية ثلاثة الحان فقط ومن الجيل
الجديد لحنت لمحمد ثروت وزينب يونس.
ويضيف عبد الوهاب : لحنت لياسمين الخيام أغنية عاطفية ثم أخري
دينية واغنية قدمتها في عيد ميلاد الملك حسين الخمسين.. وياسمين
عرفتها عن طريق زوجة بهجت باشا التلهوتي اللي قالت لي ان بنت الشيخ
الحصري عاوزه تغني.. وفي أحد الأيام كلمني الشيخ الحصري وطلب
مقابلتي هو ابنته و «افراج» ودا اسمها الحقيقي وزوجها وخلال
الزيارة قال لي انها تحب المغني ومش عاوز اقف امام هوايتها بس بشرط
تغني كلمات دينية وتبتعد عن أي الفاظ نابية او تمس الخلق والسمعة.
لقاء القمة
وتتوالي الحوارات بين عبد الوهاب ووهبة الي ان نصل الي حلقة«لقاء
القمم» يتحدث فيها عن اللقاء الاول الذي جمعه بكوكب الشرق ام كلثوم
ومتي التقي بها وكيف واين ؟ومن هو الوسيط الذي جمع بينهما ؟فيقول
عبد الوهاب : احمد رامي هو ما عرفني علي ام كلثوم وكان ذلك عام
1925 فقد اخبرني بان هناك فتاة اسمها ام كلثوم تغني في صالة
اسمها«سنتي» في حديقة الازبكية وكنت وقتها لسه صغير ومش واعي كويس
لاحكم عليها وسمعتها ولكن حسيت انه في شئ مهم في صوتها ؛ وفي عام
1933 كنت وقتها طالبا في معهد الموسيقي التقينا في منزل ابو بكر
خيرت المحامي وغنينا سوا أغنية «قد الليل» الحان سيد درويش وهذا
كان اللحن الوحيد واليتيم اللي غنيته مع أم كلثوم حتي بعد ان كبرنا
وانا بقيت ملحن وهي مغنية كبيرة لم نفكر احنا الاثنين إني الحن لها
ولا هي تغني لي !!
الحكايات لا تنتهي بين محمد عبد الوهاب وسعد الدين وهبة في اطول
حوار تليفزيوني صوره موسيقار الأجيال حيث بلغت حلقاته ثلاثين حلقة
تلفزيونية قدم من خلالها شهادة موسيقار الاجيال ليس فقط علي مسيرته
الفنية ولكن وثيقة عن تاريخ الموسيقي والغناء في القرن العشرين في
حوار لا ينسي مع «سعد وهبة»وهو واحد من أهم الكتاب العرب مسرحيا
وسينمائيا وسياسيا خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
إسعاد يونس: زيادة النسخ الأجنبي لن تؤثر على الصناعة المصرية
الفيلم الأجنبي يتحدى المصري.. خسائر فادحة
أحمد سيد
المطالبات المستمرة من قبل أصحاب دور العرض بزيادة عدد نسخ الفيلم
الأجنبى، أثارت جدلا واسعًا بين صناع السينما، فيرى بعض المنتجون
أن هذه الزيادة لا تضر بالفيلم المصرى، إلا أن البعض الآخر رفض
الزيادة، مؤكدين أنها تكبد الصناعة المصرية خسائر فادحة.
لم تكن هذه المطالبات وليدة اللحظة إلا أنها أزمة قديمة، ودائمًا
ما تتجدد من فترة لأخرى، خاصة فى ظل تراجع الإنتاج المصري.
فالمرة الأولى التى تثأر فيها هذه الأزمة، فمنذ نحو 20 عامًا،
ونتحدث عن زيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبى، ومع كل فترة تتجدد الأزمة
حيث كانت آخرها فى عام 2003 حيث تقدم عدد كبير من أصحاب دور العرض
وموزعى الأفلام الأجنبية الى غرفة صناعة السينما بشأن الموافقة على
زيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبى إلى 8 نسخ بدلاً من 5.
جاءت هذه الحملة بعد انخفاض الإنتاج المصرى من الأفلام، ما بين 20
إلى 25 فيلما فى العام، ومعظم هذه الأفلام يجرى رفعها بعد أسبوع أو
أسبوعين من عرضها بسبب ضعف مستوى الإنتاج أو عدم وجود إقبال
جماهيرى أو عدم تحقيق الحد الأدنى من الإيرادات.
ومع زيادة عدد دور العرض السينمائى والمجهزة على أحدث طراز، أصبحت
فى مأزق ، حيث لم يجد أصحاب هذه الدور الأفلام المصرية التى تكفى
للعرض على هذه الشاشات مما دفع الأغلبية منهم الى طلب زيادة نسخ
الفيلم الأجنبى.
جاء عرض نسخ من الفيلم الأجنبى فى البداية بفيلمين ثم تطورت إلى
أربعة أفلام، وبعدها طالب أصحاب دور العرض بزيادتها الى 6 نسخ الى
أن وصلت الى 9 نسخ، ولكن مع ضعف الإنتاج و قلة الإيرادات التى
يحققها الفيلم المصرى عاد مجددا أصحاب دور العرض بمطالبة زيادة عدد
النسخ من 9 الى 30 نسخة، وقد طالب بذلك كل من المنتجين إسعاد يونس
وجابى خورى فى اجتماع غرفة صناعة السينما.
"غير مضر"
"زيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبى لن تؤثر على الفيلم المصرى كما
يعتقد البعض"، هكذا قالت إسعاد يونس.
وتضيف: "نحاول الإرتقاء بالصناعة و يكون هناك نوع من الاستثمار؛
خاصة بعد زيادة عدد دور العرض وشاشات السينما، ومن وظيفتنا فى نفس
الوقت الحفاظ على صدارة الفيلم المصرى.
تشير إسعاد الى أن المستثمر الأجنبى بدأ يعزف عن تواجده فى السوق
المصرى؛ الأمر الذى يهدد الصناعة أيضا، فضلا عن أن أصحاب دور العرض
يعانون من قلة الإيرادات، وهناك بعض الالتزامات التى يجب أن يسددها
أصحاب دور العرض مثل أجور ومرتبات العاملين بدور العرض المفتوحة
دون جدوى بعد رفع الفيلم المصرى من دور العرض أو قلة الإقبال عليه.
وتوضح أنها لا ترغب فى سقوط الفيلم المصرى كما يردد البعض، ولكنها
ترغب فى النهوض بالصناعة التى تحتاج الى موارد مادية تدفعها للأمام
حتى يتم إنتاج أفلام جديدة.
"المصري أولا"
يختلف فى الرأى معها المنتج فاروق صبرى، رئيس غرفة صناعة
السينما قائلا: "إن الفيلم المصرى له الأولوية عن أى فيلم أخر،
لأننا من وظيفتنا أن نحافظ على الفيلم المصرى، وبالتأكيد هناك مكسب
مادى قد يعود على دور العرض من زيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبى، ولكن
هناك ضرر واضح وصريح يقع على الفيلم المصرى حيث تهتم دور العرض
بالنسخ الأجنبى على حساب الفيلم المصرى".
يوضح صبري قائلا: "بصفتى رئيس لغرفة صناعة السينما وكمنتج أهتم
بالفيلم المصرى أولا، وفى النهاية لا بد من وقف هذه المخططات التى
تضر بالصناعة ونلتفت الى التصدى للأهم، والذى يكبد السينما خسائر
ضخمة أهمها القرصنة".
"لا ضوابط"
ويتفق معه في الرأى المنتج هشام عبدالخالق فيقول: "إن زيادة نسخ
الفيلم الأجنبى أمر يضر بالصناعة المصرية، وكل الأسباب التى تبناها
بعض المنتجين هى أسباب واهية وغير منطقية، فإن المستثمر الأجنبى لا
يهرب بل يحاول الاستثمار فى من خلال انشاء مولات للسينما، وهو
الأمر الذى يعكس ما يقولونه أما مسألة الاقاليم التى ينادون بها أن
من حقها مشاهدة أفلام أجنبية، فأرى من الأفضل أن يزيد دور العرض و
يتم عرض أفلام مصرية بها حتى لا تتأثر الاقاليم بالهوية
الأمريكية".
يشير هشام إلى أن أصحاب دور العرض فى حالة زيادة نسخ الفيلم
الأجنبى وعرضها فإن ذلك يؤثر بشكل كبير على السينما المتوسطة لان
الفيلم الأجنبى له قوته الفنية و التى تؤثر على مشاهدة الفيلم
المصرى.
يضيف: "ليس هناك ضوابط أو قوانين يمكن أن تحكم الأزمة ففى كل فترة
يتم زيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبى، وإننا فى أمس الحاجة فى الفترة
الحالية الاهتمام بالفيلم المصرى حتى نعود الى سابق عهدنا ونقدم
أفلاما تستحق المشاهدة ويقبل عليها الجمهور المصرى".
"رفض تام"
"رفضنا تماما فكرة زيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبى وقمنا بإرسال خطاب
رسمى الى المنتج فاروق صبرى رئيس غرفة صناعة السينما نطلب منه عدم
السماح بزيادة النسخ من الأفلام الأجنبية حتى لا يقضى هذا القرار
على صناعة الأفلام المصرية"، هكذا قال المخرج مسعد فودة نقيب
السينمائيين
ويضيف مسعد قائلا : "إن الصناعة تحتاج الى وقفة حقيقية من قبل
المنتجين، وعلى دور العرض والمنتجين اللجوء الى وسائل أخرى لزيادة
عدد الإيرادات من خلال زيادة الإنتاج المصرى".
"خارج الصندوق"
بينما يرى المنتج والمخرج شريف مندور، أن الأزمة الحقيقية منذ
إثارة فكرة زيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبى هى أننا نتعامل معها من
منظور واحد هو الضرر و النفع أو كما يقال "أبيض أو أسود"، و لا
نبحث عن حلول حقيقية تفيد الصناعة وفى نفس الوقت نحافظ على مكانة
الفيلم المصرى.
يقول مندور: نحاول أن نفكر "خارج الصندوق"، ونضع بعض الضوابط التى
نستفيد منها حيث كنا منذ فترة طويلة عندما أثرت هذه الأزمة التى لم
تكن وليدة اللحظة، كان هناك أحد الحلول التى يمكن أن نعيد تطبيقها
وهى أن شركات الإنتاج التى تنتج الفيلم المصرى تأخذ حقوق توزيع
الفيلم الأجنبى، وهو الأمر الذى يفتح المجال للفيلم الأجنبى وفى
نفس الوقت لا يضر الفيلم المصرى.
ويشير شريف إلى أن الغرفة هدفها الأول والأخير الحفاظ على الفيلم
المصرى و حقوقه فى التوزيع على دور العرض وهو ما نحاول أن نقوم به
, ولكن فى نفس الوقت نحاول ان نرتقى بالسينما من خلال استغلال
المستثمر الأجنبى.
"عدد كاف"
يرى الناقد كمال رمزي أن أزمة زيادة نسخ الفيلم الأجنبى لم تكن
المرة الأولى حيث كان قديما بدأ المنتجون والموزعون بالاستعانة
بنسختين من الفيلم الأجنبى ثم تم زيادته الى أربعة نسخ ثم ستة نسخ
الى أن أصبح تسعة نسخ، وأتصور ان هذا العدد يكفى لوجوده فى دور
العرض المصرية حتى لا يضر بالفيلم المصرى.
يضيف رمزي قائلا : "أرى أنه فى حالة الإصرار على زيادة عدد نسخ
الفيلم الأجنبى أتصور أن يكون الحل فى هذه الحالة استكمال المشروع
الفنى حتى نستطيع الإستفادة لصالح المنتج المصرى، فيتم التعاقد على
زيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبى فى مقابل اسهام شركات الإنتاج
الأجنبية فى إنتاج أفلام مصرية مميزة، فعلى سبيل المثال فى حالة
عرض أربعة أفلام أجنبى تشارك شركة الإنتاج فى إنتاج فيلم مصرى".
فارس السينما المصرية.. فنان برتبة عقيد
دعاء فوده
أحمد مظهر "فارس السينما" الذي اقتحم أبوابها عبر صلاح الدين
الأيوبي، والذي أبدع في ثاني أدواره عندما جسد دور الأرستقراطي في
"رد قلبي"، خطف القلوب بأدائه الراقي وحفر اسمه في تاريخ السينما
المصرية تاركا إرثًا كبيرًا من الإبداع.
تمر الذكرى الـ 13على رحيل فارس السينما المصرية والناصر صلاح
الدين الفنان الراحل أحمد مظهر الذي ترك بصمة كبيرة في تاريخ
السينما المصرية، الجمعة 8 مايو.
وتمتع مظهر بموهبة من نوع خاص، وتألق فنان الزمن الجميل في جميع
الأدوار التي قام بها فتميز بخفة الدم أحياناً والجد في أحيان
أخرى، دخل مظهر الفن من باب الفروسية حيث لقب بفارس السينما
المصرية.
تخرج من الكلية الحربية مع الرئيسين أنور السادات وجمال عبد الناصر
ثم التحق بسلاح المشاة وانتقل بعدها لسلاح الفرسان حتى تولى منصب
قيادة مدرسة الفروسية، كما شارك في حرب فلسطين عام 1948 حتى تفرغ
بعدها لعالم الفن وقدم أعمالاً لا مثيل لها حتى اليوم.
بدأ أحمد مظهر عمله الفني في مسرحية الوطن، وبعدها فيلم فجر
الإسلام، حتى رشحه الأديب الكبير يوسف السباعي لبطولة فيلم رد قلبي
حيث حقق نجاحاً كبيراً، وقرر بعده أن يستقيل ورتبته عقيد والتفرغ
للفن.
قدم أحمد مظهر للسينما المصرية العديد من الأفلام التي وصل عددها
إلى 135 فيلما من أشهرها "غصن الزيتون"، و"ليلة الزفاف"، و"غرام
الأسياد"، و"الأيدي الناعمة"، و"النظارة السوداء"، و"اسلاماه"،
و"النمر الأسود" ، و"شفيقة ومتولي" و"رد قلبي"، و قام ببطولة أحد
أهم الأفلام وأضخمها إنتاجا في تاريخ السينما وهو فيلم "الناصر
صلاح الدين" الذي جسد فيه شخصية الناصر صلاح الدين.
وشارك في 20 مسلسلا منها "ليالي الحلمية" و"عصر الفرسان" و"على
هامش السيرة" و"ضمير أبلة حكمت"، ولم تتوقف موهبة "مظهر" في
التمثيل فقط بل كتب وأخرج فيلمين وهما "نفوس حائرة، وحبيبة غيري"
فقد عرف عن مظهر حبه للأدب والكتابة، جعله ذلك يصبح عضواً مؤسساً
في جمعية الحرافيش التي يرأسها الكاتب الكبير"نجيب محفوظ".
وبعد مشوار حافل قضاه أحمد مظهر في السينما، أصبح رصيده من الجوائز
40 جائزة إلى جانب تكريمه من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر نفسه،
، وكذلك من قبل الرئيس الراحل أنور السادات بوسام آخر رفيع في
احتفالات مصر بعيد الفن، وتم تكريمه أيضاً في مهرجان القاهرة
السينمائي الدولي.
توفي أحمد مظهر عام 2002 بعد رحلة صراع مع المرض عن عمر يناهز 84
عاما. |