حاول أن تتخيل ماذا لو كانت مصر لم تنتج الأفلام السينمائية
الناطقة منذ عام ١٩٣٢، ولم يكن هناك يوسف وهبى فى «أولاد الذوات»
عام ١٩٣٢، ولا عبدالوهاب فى «الوردة البيضاء» عام ١٩٣٣، ولا أم
كلثوم فى «وداد» عام ١٩٣٦، ولا نجيب الريحانى فى «سلامة فى خير»
عام ١٩٣٧، ولا كل الأفلام الروائية الطويلة المصرية التى تزيد على
أربعة آلاف فيلم.
حاول أن تتخيل ماذا كانت ستعرض القنوات التليفزيونية والأرضية التى
تعرض هذه الأفلام، وتنتج البرامج عن نجومها، والمسلسلات التى
يمثلها هؤلاء النجوم: كانت ستعرض الأفلام الأجنبية فقط، خاصة
الأمريكية، وكان معنى ذلك أننا سوف نحصل على الاستقلال من الاحتلال
العسكرى الأجنبى، ويتم احتلالنا ثقافياً.
صحيح أن التليفزيون قام بإحياء تاريخ السينما فى العالم كله، ولو
لم يكن يقصد ذلك، ولم تعد الأفلام «القديمة» تعرض فى المتاحف فقط،
وهذا فضل التليفزيون على السينما، ولكن هذا لا يعنى تجاهل فضل
السينما على التليفزيون فى نفس الوقت، لأنه بواسطة الأفلام اكتسب
جمهورها الكبير الذى يشاهدها فى دور العرض، وقد حقق فيلم «الغضب
والسرعة» السابع هذا الشهر مليار دولار فى ثلاثة أسابيع.
وحاول أن تتخيل معى أن التليفزيون المصرى اشترى وحده منفرداً كل
الأفلام المصرية «القديمة»، واشترى وحده منفرداً حقوق العرض
التليفزيونى للأفلام الجديدة مقدماً قبل التصوير، كما فى الكثير من
دول العالم التى تعرف قيمة صناعة السينما، ولم يتم بيع القديم
والجديد معاً لشبكات تليفزيونية غير التليفزيون المصرى، بموافقة
غرفة صناعة السينما المصرية، ومباركة وزارة الإعلام التى أغمضت
عينيها عن عمد.
قناة النيل للسينما كانت ستكون أهم قناة للسينما فى العالم العربى
لو كانت تملك هذه السينما التى وجدت على النيل، وكانت هى التى
ستبيع للآخرين حقوق العرض إذا أرادوا، ولمدة محددة كما فى كل
العالم، وليس أن تنقل ملكية الأفلام إلى الآخرين، ولا تقل ما حدث
قد حدث، فمن الممكن نقل الملكية مرة أخرى، ولو بدفع ضعف ثمن
الشراء، ولكنه أمر يحتاج إلى تدخل الدولة على أعلى المستويات، وعلى
المستوى الاستراتيجى.
ورغم كل هذه الظروف، ومنذ أن تولى رجل السينما والمسرح المرموق سيد
فؤاد إدارة قناة النيل للسينما، شهدت بفضل إدارته تطوراً ملحوظاً،
ولكنها من دون ميزانية ملائمة تجعلها قناة عشاق السينما الأولى،
ولا توجد بها إعلانات، ولا حتى عن الأفلام الجديدة، خاصة المصرية،
وإذا لم يعلن عن الأفلام الجديدة فى قناة النيل للسينما وفى
«الكواكب» و«أخبار النجوم»، فأين يعلن عنها، ولماذا لا تتفق كل
الأطراف لتحقيق هذه المصلحة العامة التى تعود بالخير على الجميع؟
الفضائيات لا تعرف الليل الأمريكى!
بقلم:
سمير فريد
٢٩/
٤/
٢٠١٥
مأساة الصور الثابتة والمتحركة فى مصر ليس لها حدود، وتصل إلى حد
الكارثة.
عندما اخترعت الفوتوغرافيا فى منتصف القرن التاسع عشر الميلادى
كانت مصر هى موضوعاً لعشرات من الصور الفوتوغرافية الأولى لأن هنا
الأهرامات وأبا الهول وهنا معبد الكرنك ومعبد فيلة وغيرهما من
معابد مصر القديمة، ومع ذلك فمصر من بين البلاد القليلة فى العالم
التى لا يوجد بها متحف واحد للفوتوغرافيا، بينما هناك متحف فى كل
مدينة من المدن الأوروبية الكبرى وغيرها من مدن العالم.
وعندما اخترعت السينما أو سينما توجراف لوميير فى نهاية القرن
التاسع عشر الميلادى كانت مصر أيضاً موضوعاً لعشرات الأفلام الأولى
لنفس الأسباب التى دفعت الفوتوغرافيين الأوائل للتصوير فيها، ومع
ذلك فمصر هى البلد الوحيد فى العالم الذىش أنتج نحو عشرة آلاف فيلم
طويل وقصير، ولا يوجد به متحف للسينما.
والمتحف فى عالم اليوم لم يعد مكاناً لحفظ محتوياته وترميمها
وصيانتها وإتاحتها لمن يريد مشاهدتها فقط، وإنما يضم أيضاً مكتبة
أو مكتبات للمطبوعات والوثائق، وقاعات للبحث والاطلاع، ومراكز لنشر
الأبحاث العلمية المحكمة، ولبيع نسخ كاملة ومعتمدة من الأصول،
وهناك اتحادات دولية للتعاون والتبادل بين المتاحف الأعضاء فى كل
اتحاد.
والمتحف ليس فقط من مظاهر الحضارة، وفى قاموس الصحاح أن كلمة عضوض
من عضة الكلب ويقال «حكم عضوض»، أى لا يهتم بالماضى، وإنما من
مجالات النشاط الاقتصادى، حيث يعمل به عشرات من خريجى الكليات
والمعاهد المتخصصة، وتعتبر المتاحف من عناصر الجذب السياحى
الأساسية، وقد أعلن مؤخراً أن عدد زوار المتاحف البريطانية
الحكومية وحدها بلغ ٤٨.٧ مليون شخص فى السنة الماضية.
وكلما وقع حدث مثل وفاة الشاعر الأبنودى وبدأت الفضائيات
التليفزيونية عرض وثائق من الصور الثابتة والمتحركة عن الفقيد،
تجسدت الحاجة الملحة إلى متحف للصور الثابتة ومتحف للصور المتحركة،
فما يذاع من مواد فى حال رديئة أو رديئة جداً، لأن الحقيقة البسيطة
الغائبة أن الصور بنوعيها تصنع من مواد قابلة للتشوه والضياع عندما
لا تتوفر لها الحماية.
وتغلب السوقية حتى على قنوات السينما المتخصصة، وقد شاهدت مؤخراً
فيلم «فى بيتنا رجل»، الذى ينتهى بعملية فدائية يقوم بها البطل
الذى يمثل دوره عمر الشريف، فإذا به يهاجم معسكرات الإنجليز فى وضح
النهار، بينما الأصل أن المشهد يدور فى الليل طبعاً، ويرجع ذلك إلى
أن هناك فى السينما ما يعرف بـ«الليل الأمريكى»، أى تصوير مشهد
نهاراً وطبعه بحيث يبدو فى الليل، ولكن عند طبع النسخة وعرضها
لمجرد الاستهلاك التجارى لم يعد من المهم الليل أو النهار، وما
الغرابة أن تتحول الصور إلى نوع من التلوث البصرى طالما أننا لم
نعرف بعد متاحف الصور ونتركها تتحلل وتفنى إلى الأبد؟!
مرض الطفولة اليسارية
بقلم:
سمير فريد
٢٨/
٤/
٢٠١٥
مات الأبنودى وهو يقرأ أنه شاعر السلطة، ولم تشفع له قصائده
وأغنياته الوطنية الصادقة وانحيازه للفقراء والكادحين وتعبيره
عنهم، ولا سنوات الاعتقال والتشرد، ولا قصيدة «الميدان» عن ثورة
يناير!
ومات أمل دنقل وهو يقرأ أنه شاعر السلطة لأن جيهان السادات، زوجة
رئيس الجمهورية، أثناء مرضه اهتمت بعلاجه من السرطان بحكم دراستها
الشعر العربى وحبها للشعراء، ولم تشفع له قصائده ولا حتى قصيدة «لا
تصالح»!
وقد دفع عبدالناصر حياته ثمناً لإنقاذ المقاومة الفلسطينية من
مذبحة الأردن، ولا توجد أدنى مبالغة فى التعبير لأن صحته لم تكن
تحتمل ما فعله فى مؤتمر القاهرة لإنقاذ المقاومة، وكان يعلم ذلك،
وتوفى فى الثانية والخمسين من عمره ولكنه قبل وفاته شاهد المظاهرات
الفلسطينية التى وضعت اسمه على حمار لأنه وافق على مبادرة روجرز!
وفى عدد إبريل من مجلة «الهلال» ملف خاص بمناسبة أول إبريل، أو يوم
الأكاذيب فى العالم، تضمن مقالاً يعتبر الليبرالية المصرية بعد
ثورة ١٩١٩ من ١٩٢٣ إلى ١٩٥٣ أكذوبة من أكاذيب إبريل، وأن سعد زغلول
ورفاقه كانوا يمثلون الاعتدال واللين تجاه الاحتلال البريطانى، وتم
استخدام تعبير الوطنية الأليفة، أى أنهم كانوا مثل الحيوانات
الأليفة تجاه بريطانيا!
وتطول الأمثلة على ما أطلق عليه لينين، وهو زعيم ثورة أكتوبر
الشيوعية فى روسيا عام ١٩١٧، مرض الطفولة اليسارية، وكان بدوره
ورغم أنه زعيم ثورة لم يعد العالم بعدها كما كان قبلها- قد اتهم
بأنه تنازل عن أجزاء من أرض روسيا حتى تنتصر الثورة.
كان من الأفضل عند مرضى الطفولة اليسارية أن يتمسك لينين بكل شبر
من الأرض الروسية حتى لو هزمت الثورة، وأن يعلن سعد زغلول الكفاح
المسلح مثل جيفارا ضد الإمبراطورية البريطانية، وأن يرفض عبدالناصر
مبادرة روجرز وهو يعيد بناء الجيش بعد الهزيمة ويحارب الإمبراطورية
الأمريكية مثل هوشى منه، وكأنه لا فرق بين ١٩١٩ و١٩٦٩، ولا فرق بين
الدلتا وغابات بوليفيا، وكأن السياسة فن المستحيل وليست فن الممكن.
وكان من الأفضل لديهم أن يتحمل أمل دنقل آلام المرض ولا يقبل رعاية
جيهان السادات، وأن يموت الأبنودى قبل موعده ولا يستطيع أن يعيش فى
الإسماعيلية حسب نصيحة الأطباء، ولكن الواقع يتنافى مع هذا التبسيط
المخل عند مرضى الطفولة اليسارية، وليس هناك علاج لهذا المرض، ولكن
علينا أن ندرك أنه مرض.
متى نخرج من ميلانو؟!
بقلم:
سمير فريد
٢٧/
٤/
٢٠١٥
سبق أن ذكرت أن تولى سيد محمود رئاسة تحرير «القاهرة» الأسبوعية،
وطارق الطاهر رئاسة تحرير «أخبار الأدب» الأسبوعية، وسعد القرش
رئاسة تحرير «الهلال» الشهرية، ومحمد شعير رئاسة تحرير «عالم
الكتاب» الشهرية، ومحمد المنسى قنديل رئاسة تحرير «إبداع» الشهرية-
انتصار حقيقى للثورة فى مجال الدوريات الثقافية التى تصدرها
المؤسسات الصحفية أو هيئة الكتاب فى وزارة الثقافة.
توقعت منذ تولى سيد محمود «القاهرة» أن تتطور الجريدة، وتعبر عن
جيل جديد من النقاد والباحثين والأدباء، وهذا ما حدث بالفعل، ولكن
نجاح الجريدة خلال الشهور القليلة الماضية فاق كل التوقعات فى
الشكل والمضمون، وفى استخدام وسائل ما بعد الحداثة نتاج الثورة
التكنولوجية، وهى الثورة الثالثة فى تاريخ البشرية بعد الثورتين
الزراعية والصناعية.
ومن بين أهم الإضافات فى القاهرة «الجديدة» بحق ذلك الاهتمام
الكبير بالصورة الفوتوغرافية من خلال مقالات هالة القوصى المدهشة
التى لم أقرأ لها من قبل مع الأسف، وتكشف فيها عن فيلسوفة بارعة
للصورة تذكرنى بكتابات سوزان سونتاج، وقد علمت مؤخراً أن الكاتبة
المصرية مخرجة أفلام أيضاً مثل سونتاج، ولو لم تكن الصورة
الفوتوغرافية لما كانت السينما.
ومن الضرورى حتى يكتمل انتصار الثورة فى هذا المجال، وتعود
الدوريات الثقافية المصرية إلى عصر ذهبى جديد كما كانت، ويمتد
تأثيرها إلى كل العالم العربى، تحقيق ثلاثة أمور أساسية: الأول أن
يوفر الناشر أجود الورق والطباعة لهذه الصحف والمجلات، والثانى أن
يتاح لها التوزيع فى كل أنحاء مصر وفى كل الدول العربية، والثالث
أن تخصص لها ميزانيات كبيرة للتحرير بحيث لا يقل أجر المقال عن ألف
جنيه مصرى.
عندما احتفلت مجلة «الهلال» بمئوية صدورها من ٢٣ سنة، كانت هناك
ندوة اشترك فيها وزير الثقافة فاروق حسنى آنذاك، وكان من بين
موضوعات المناقشة لماذا انتقل تأثير «الهلال» فى القاهرة إلى «العربى»
فى الكويت، وكانت إجابتى لأن أجر المقال فى «العربى» عشرة أضعاف
أجر المقال فى «الهلال» والكاتب مثل أى إنسان يعيش من أجره عن
عمله، وأذكر جيداً أن فاروق حسنى قال: هناك جاليرى فى ميلانو يعرض
فيه الفنان من دون مقابل لأن مجرد العرض فيه يرفع سعر لوحاته بعد
ذلك، قلت له: ولكننا فى مصر نبقى فى ميلانو دائماً!
لتكن السويس الجديدة
بقلم:
سمير فريد
٢٦/
٤/
٢٠١٥
من المزايا الكبرى للرئيس السيسى، ورئيس مجلس الوزراء محلب،
الإصغاء إلى الرأى العام واحترامه، ولاشك أنه بقدر القبول العام
الواضح لمشروع قناة السويس الجديدة، بقدر عدم القبول العام،
والواضح أيضاً، لمشروع العاصمة الجديدة. فى عهد الملك فاروق قبل
ثورة ١٩٥٢ كان إنشاء المجمع بغرض جمع كل موظفى الحكومة فى القاهرة
فى مبنى واحد من حوالى ١٥٠٠ غرفة، وكان عدد الموظفين فى كل مصر لا
يزيد على ٢٠٠ ألف.
فى عهد عبدالناصر كان مشروع مدينة نصر، ونصر هى كلمة السر ليلة
ثورة ١٩٥٢، بغرض أن يكون مقراً لبعض الوزارات وسكناً لموظفيها، وتم
بالفعل بناء وزارة المالية الجديدة ووزارات وهيئات حكومية أخرى،
ولكن المشروع فشل، وتحولت «مدينة» نصر إلى حى جديد من أحياء
القاهرة.
وفى عهد السادات كان مشروع مدينة السادات على طريق القاهرة -
الإسكندرية الصحراوى، بغرض أن يكون مقراً لوزارات وسكناً لموظفيها،
وتم بالفعل إقامة مبان عديدة لتكون وزارات، ولكن المشروع فشل،
وتحولت مدينة السادات إلى مدينة أشباح، ولم يتم نقل أى وزارة
إليها.
ومشروع العاصمة الجديدة، أو العاصمة الإدارية، هو أحدث مشروع فى
هذا الاتجاه، ولكن لماذا لا يلقى القبول العام. المشكلة فى مسمى
العاصمة الجديدة، أو العاصمة الإدارية، وليست فى مشروع بناء مدينة
جديدة أو فى المكان المختار لإقامتها، لا أحد يستبدل القاهرة ذات
الألف عام بناطحات سحاب على طريقة أمريكا ذات المائتى عام، لا أحد
يستبدل قصر القبة أو حتى قصر الاتحادية كمقر لرئاسة الجمهورية
بمبنى مثل أى فندق، لن نهدم وزارة المالية الجديدة أو نغير وظيفة
المبنى، لننشئ وزارة مالية جديدة، لن نطلب من أمريكا نقل سفارتها
الجديدة فى التجمع الخامس قبل أن ينتهى البناء، لن نطلب من اليابان
بناء سفارة جديدة، بعد أن انتهت من بناء سفارتها الجديدة فى
المعادى، وتطول الأمثلة على أن مسمى «العاصمة» يحكم على المشروع
بالفشل مقدماً.
لتكن مدينة جديدة، وفى نفس المكان، كمركز للمال والأعمال يخدم
مشروع تنمية قناة السويس، لتكن مدينة جديدة، ولكن باسم السويس
الجديدة، بعيداً عن العاصمة القاهرة: حل مشاكل القاهرة ليس
بإلغائها!
سمير فريد يكتب فى رثاء الأبنودى:
موت شاعر والشعراء قليل
٢٣/
٤/
٢٠١٥
كان الأبنودى فى غيبوبة الموت، وأصبح من المتوقع غيابه فى أى وقت،
ولكن أحدا لم يتصور أن يموت يوم ٢١ إبريل، أمس الأول، فى نفس اليوم
الذى مات فيه صلاح جاهين عام ١٩٨٦، وكلاهما الجناحان اللذان حلقا
بشعر العامية المصرية المعاصرة فى النصف الثانى من القرن العشرين،
بعد الأستاذ المؤسس بيرم التونسى فى النصف الأول منه.
أتذكر دائما عند حدوث مثل هذه المصادفات المدهشة قول هاملت، فى
مسرحية شكسبير، عندما سأله صديقه هوراشيو كيف يصدق وهو المثقف
الواعى ظهور شبح والده، فقال له هناك أشياء كثيرة بين السماء
والأرض أبعد من كل ما تتخيله فى أحلامك. هل افتقد جاهين الأبنودى
فناداه، أم افتقده يحيا الطاهر عبد لله وأمل دنقل ونجيب سرور وكل
المبدعين الأفذاذ الذين جاءوا إلى القاهرة من الصعيد الجوانى،
وعلموا المصريين معنى مصر بالكشف عن جوانيته.
عرفت الأبنودى وسيد حجاب وزين العابدين فؤاد وأحمد فؤاد نجم وغيرهم
من شعراء العامية العظام بحكم المجايلة، ولكننى اقتربت كثيرا من
جاهين حتى وفاته، ومن الأبنودى حتى نصحه الأطباء بالحياة فى
الإسماعيلية بحكم أعمالهما فى السينما.
وقد كانت لنا مناقشات طويلة عاصفة حول العربية والعامية منذ
الستينيات جعلتنى أبدو كأننى ضد العامية فى الشعر، ولكنى كنت
ومازلت ضد العامية فى النثر، وضد أن يكون شعر العامية على حساب شعر
العربية أو بدلا منه، وضد اعتبار شعر العامية لكل الشعب وشعر
العربية للصفوة. فكل الشعر لكل الشعب، والأهم أن يكون شعرا.
والشعر أعلى مراتب فنون الأدب أو فنون الكلمة، ويمتدح النثر بقولنا
إنه أقرب إلى الشعر. والشاعر الحقيقى مثل العنقاء التى تظهر نادرا،
أو مثل العملة الصعبة بلغة الاقتصاد. وقد كان الأبنودى شاعرا
«حقيقيا»، وسوف يعيش شعره طويلا، فلم يكن كلاما منظوما، وإنما
تعبيرا قويا ومتفردا عن الحياة والحب والموت، وعن العصر الذى عاشه
وأحداثه الكبرى من معركة بناء السد العالى إلى الهزيمة والانتصار،
ومن ثورة يوليو إلى ثورة يناير وثورة يونيو. ومثل جاهين اشتبك
الأبنودى مع الواقع بدلاً من أن يبتعد عنه حالماً بالنقاء الفردى
كما يختار البعض، ودفع الثمن الذى كان يعرفه ويرضاه. مات شاعر
والشعراء قليل.
الفن والكورة مع الناس فى الشوارع وداخل البيوت أيضاً
بقلم:
سمير فريد
٢٢/
٤/
٢٠١٥
جريدتى المفضلة هى «الحياة» العربية التى تصدر فى لندن، هنا نشر
خبر وفاة آسيا جبار فى الصفحة الأولى، وكذلك رسائل إبراهيم العريس
من مهرجان «كان»، وتنشر فى الصفحات الداخلية مقالات ودراسات بنفس
مستوى المجلات الفصلية المحكمة، هذه هى صحافة ما بعد الحداثة التى
تصمد أمام التليفزيون، فمن الصعب أن تسبق الصحافة المطبوعة
الفضائيات والمواقع الإلكترونية فى الأخبار، ولكنها تستطيع أن
تنافس فى العمق.
ومن بين نقاد الفنون التشكيلية المتميزين فى «الحياة» سامر سليمان
الذى يكتب من الإسكندرية، وقد كتب فى ١٢ إبريل أن الإسكندرية تشهد
بعد ٤ سنوات من الثورة انتقال الفن الثورى من الجدران فى الشوارع
إلى قاعات تديرها مؤسسات مدنية فى شقق أو محال، وخاصة فى وسط
البلد، وذكر من هذه المبادرات التى يصنعها الفنانون المستقلون
الشباب قاعات «المكان» و«ولاد البلد»، و«ستوديو ٣٨» و«دروب»
و«مبادرة شغف»، و«الممر»، و«تحويجة»، و«باب عشرة»، و«ستوديو
المدينة»، و«ستوديو الرمل»، و«ستوديو جناكليس»، ومن البدهى أن الفن
الثورى لا يرتبط بالضرورة بالتواجد فى الشارع، تماماً كما أن
استمرار الثورة لا يعنى استمرار المظاهرات، أو كما يتصور البعض أن
الذين يدافعون عن حقوق الفقراء لابد أن يكونوا منهم.
الثورة هى التغيير الجذرى والخروج من الصندوق والتمرد على المألوف،
وكما قال بريخت «لا تقولوا هذا شىء طبيعى حتى لا يستعصى على
التغيير».. ومعنى وجود هذه المبادرات المدنية الكثيرة أن الفنانين
الشباب لم يعودوا يفكرون مجرد التفكير فى الذهاب إلى قصور الثقافة
أو طلب الدعم من وزارة الثقافة التى تقبع داخل الصندوق حتى تحولت
إلى مقبرة.
وقد سعدت بزيارة مؤسسة «جدران» التى أقامها بازيل بهنا، وريث شركة
بهنا فيلم، فى مقرها، والتى كان لها دور كبير فى صناعة السينما
المصرية، ووضعت تحت الحراسة عام ١٩٦١ وكأنها خطر على الأمن القومى،
وتحولت «جدران» إلى مركز إشعاع ثقافى بامتياز بفضل مجموعة من
الفنانين الشباب مثل علياء الجريدى وسامح الحلوانى ومأمون عزمى
وعلى العدوى وعبدالله ضيف، وتذكروا هذه الأسماء جيداً: إنهم يصنعون
مستقبل الفنون فى مصر، ويصنعون مصر المستقبل، ولايزال بازيل بهنا
يحاول استرداد أفلام الشركة بعد أن رفعت عنها الحراسة عن أنياب
البيروقراطية المصرية، والتى تريد أن تثبت أنها أقوى من أن تهزها
ثورة أو ثورتان.
مجموعة فريدة من الأفلام المصرية تقدم هدية إلى ضيوف مصر
بقلم:
سمير فريد
٢١/
٤/
٢٠١٥
تلقيت العديد من الرسائل حول مقال الثلاثاء الماضى عن الأفلام
المصرية التى اشتركت فى مسابقات مهرجان «كان» السينمائى الدولى منذ
دورته الأولى عام ١٩٤٦، والتى بلغت ١٦ فيلماً روائياً طويلاً،
البعض عبر عن اندهاشه، والبعض تساءل: هل هناك سينما أخرى من العالم
العربى اشتركت بهذا العدد من الأفلام؟ وبعض ثلاث سأل: أين يمكن
شراء نسخة «دى فى دى» منها؟
ولم الدهشة والسينما المصرية عاشر سينما على مستوى العالم المكون
من نحو مائتى دولة من حيث كم إنتاج الأفلام الروائية الطويلة، فى
المائة سنة الأولى من تاريخ السينما، وهو ما يزيد على أربعة آلاف
من هذا النوع من الأفلام «الروائية الطويلة»، ولا تفوق مصر من هذه
الناحية سوى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والهند واليابان
والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا.
أما من حيث الاشتراك فى مسابقات مهرجان «كان» للأفلام الطويلة، فلا
توجد دولة أخرى عرض منها ١٦ فيلماً فى هذه المسابقات سوى الولايات
المتحدة واليابان ودول أوروبا، أى أن مصر تتصدر دول القارات الثلاث
«آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية» فيما عدا اليابان، وليس فقط دول
العالم العربى وأفريقيا.
وفى العام الماضى عندما احتفلت تركيا بمئوية السينما فيها وزعت فى
مهرجان «كان» ١٥ ألف نسخة لـ١١ فيلماً مختاراً من تاريخ السينما
التركية فى مجموعة «دى فى دى» وضعت بين دفتى غلاف فاخر، ولو كانت
الأفلام التركية قد اشتركت فى مسابقات مهرجان «كان» مثل مصر لما
تردد المسؤولون عن الترويج لها فى إصدار مجموعة «دى فى دى» عنها،
ويوزع المركز السينمائى المغربى كل سنة فى مهرجان «كان» أهم
الأفلام الغربية التى أنتجت فى العام السابق.
وكاتب هذه السطور يائس تماماً من وزارة الثقافة التى يمكن أن تصدر
مجموعة الأفلام المصرية فى مسابقات «كان»، ولا يخطر على باله أصلاً
غرفة صناعة السينما، ولعل الأمل الباقى فى هيئة الاستعلامات التى
أصبحت تابعة لرئاسة الجمهورية، فهذه المجموعة، والكتاب المرفق
داخلها، هدية رائعة لضيوف مصر، كما أنها بالطبع يجب أن تباع وتخدم
عشاق السينما والنقاد والباحثين، إنها تعبير عن مصر الحضارة
الحديثة، وليس فقط الحضارة القديمة.
أين ذهبت هذه الملايين؟ وأين ذهبت لغة أم كلثوم؟
بقلم:
سمير فريد
٢٠/
٤/
٢٠١٥
نشرت فى هذا العمود يوم ٨ إبريل رسالة من قارئ ذكر فيها أن حكومة
كازاخستان دفعت للحكومة المصرية أربعة ملايين ونصف المليون دولار
أمريكى لترميم مسجد الظاهر بيبرس فى القاهرة عام ٢٠٠٧، ومع ذلك ظل
المسجد على حاله. وقد توقعت أن تصلنى رسالة من الحكومة توضح أين
ذهبت هذه الملايين التى تزيد على خمسين مليون جنيه مصرى، ولكن هذه
الرسالة لم تصل بعد، ولعلها تصل يوماً.
كازاخستان ليست من الدول الثرية، ولكن الواضح من هذا التبرع ، لأن
الظاهر بيبرس بطل معركة عين جالوت ولد على أراضيها، أنها دولة
متحضرة، وأرسلت هذا المبلغ إلى دولة متحضرة هى مصر، ومن المعروف
أنه لا علاقة بين الفقر أو الثراء والتحضر. وقد أدى خطأ فى طبع
رسالة القارئ إلى عدم وجود اسمه، وأرسل أن اسمه فاروق أبوالمعاطى،
ولذلك وجب الاعتذار إليه ونشر اسمه.
ومواصلة للدفاع عن اللغة العربية التى تندثر أمام أعيننا، أرسل
القارئ – الكاتب المثقف المدقق طبيب العظام الدكتور يحيى نور الدين
طراف - الرسالة التالية:
لم تكن أم كلثوم صوتاً فحسب، لكنها ملكت كذلك حساً فنياً مرهفاً،
وتذوقاً فريداً للكلمات، أمليا عليها فى كثير من الأحيان تغيير بعض
كلمات أغانيها، خاصة الشعر منها، لما ينسجم أكثر مع الآذان
والإحساس. جدير بالذكر أنها مع سلامة نطقها للغة العربية الفصحى،
تعمدت ألا تعطش الجيم فى قصائدها التى غنتها، ربما لنفس السبب الذى
دعاها لتغيير بعض كلمات أغانيها.
ومن أشهر تعديلات أم كلثوم ما جاء فى نهاية قصيدة «الأطلال» للشاعر
إبراهيم ناجى، حيث غنت: لا تقل شئنا فإن «الحظ» شاء، وذلك بدلاً من
فإن «الحق» شاء. والعجيب أننا لم نكتشف هذا نحن المستمعين إلا
حديثاً حين طفق بعض مطربى ومطربات الصف الثانى يغنونها فى الحفلات
العامة والمناسبات غير معدلة، بزعمهم أنه لا يجوز إرجاع المشيئة
للحظ بدلاً من الحق وهو الله، فأين كان من أوعزوا إليهم بذلك من
قبل؟ ولماذا التزموا الصمت سنين؟!. وفى نفس القصيدة غنت أم كلثوم:
ظالم الحسن «شجى» الكبرياء، وذلك بدلاً من «شهى» الكبرياء.
وفى قصيدة «مصر تتحدث عن نفسها» لشاعر النيل حافظ إبراهيم، غنت أم
كلثوم: وقف الخلق ينظرون جميعاً كيف أبنى قواعد «المجد» وحدى، وذلك
بدلاً من «الملك».
وفى نفس القصيدة غنت: ما رمانى رام وراح سليماً
■
■
من قديم «عنايةُ الله» جندى، فرفعت المجرور وهو كلمة «عناية»
ليتسنى لها التغنى بعدها بلفظ الجلالة بتفخيم اللام كما فعلت، وذلك
بدلاً من ترقيق لام لفظ الجلالة فى حال كسرت المجرور قبله (عناية)
كما هو واجب.
ومن أشهر تعديلات كوكب الشرق قولها فى قصيدة «أراك عصى الدمع»
للشاعر أبى فراس الحمدانى: «نعم» أنا مشتاق وعندى لوعة، وذلك بدلاً
من «بلى» أنا مشتاق، حيث إن الكلمة تأتى نفياً للتساؤل بالنفى
قبلها «أما للهوى نهى عليك ولا أمر»، فتكون الكلمة الصحيحة «بلى»
وليس «نعم». لكن أم كلثوم رأت أن ترديد كلمة «بلى» وحدها عدة مرات،
كما يقتضى اللحن، ثقيلة على الآذان، فاستبدلت بها كلمة «نعم». ومن
الطريف أن صناع الفيلم الشهير «الناصر صلاح الدين» لم يفطنوا لذلك،
ففى أحد المشاهد والجنود يريحون ويستريحون، رأوا أن يقطعوا الوقت
بتبادل قراءة أبيات الشعر فيما بينهم، فيقرأ الرجل بيتاً من الشعر
يبدأ بالحرف الذى انتهى به بيت شعر الرجل الذى قبله، فلما جاء
الدور على أحدهم ليقرأ بيتاً يبدأ بحرف النون، قرأ تعديل أم كلثوم:
«نعم أنا مشتاق وعندى لوعة
■
■
ولكن مثلى لا يذاع له سر»!!
مهرجانان عربيان للمسرح والسينما فى وسط القاهرة وطنطا والمنيا
بقلم:
سمير فريد
١٩/
٤/
٢٠١٥
يبدأ اليوم فى مسرح ميامى، بوسط القاهرة، مهرجان المسرح العربى
الثالث الذى تنظمه الجمعية المصرية لهواة المسرح، برئاسة المؤرخ
والناقد المسرحى الكبير عمرو دوارة. وبالقرب من مسرح ميامى على بعد
أمتار يقام فى سينما زاوية داخل مجمع أوديون أسبوع أفلام الصندوق
العربى للثقافة والفنون فى بيروت (آفاق)، وهى مؤسسة مستقلة أيضا،
حيث تشرف على البرامج السينمائية الناقدة اللبنانية ريما المسمار.
يعرض الأسبوع، الذى بدأ الأربعاء الماضى، ويستمر حتى الأربعاء
القادم، عشرة أفلام طويلة وفيلمين قصيرين من مصر و٥ دول عربية
أخرى، هى: سوريا ولبنان وفلسطين وتونس والمغرب. ويعرض مهرجان
المسرح العربى ١١ مسرحية من مصر و٧ دول عربية أخرى، هى: المغرب
والجزائر وتونس وليبيا والعراق والسعودية واليمن. ويمتد أسبوع آفاق
إلى طنطا، حيث يعرض ٣ أفلام فى سينما ريفولى، وإلى المنيا حيث يعرض
فيلمين فى مركز الجيزويت. وكانت سينما زاوية، التى يديرها ماريان
خورى كإحدى شاشات شركة مصر العالمية (يوسف شاهين وشركاه)، والتى
تعتبر أول دار عرض لأفلام الفن والتجربة فى مصر، قد توسعت فى العام
الماضى ليمتد نشاطها إلى قلب الدلتا فى طنطا، وإلى قلب الصعيد فى
المنيا، وهذه هى المرة الأولى التى تعرض فيها أفلام عربية فى
الدلتا والصعيد.
عرض أسبوع آفاق الفيلمين القصيرين التونسى «روميو تزوج جولييت»
إخراج هند بوجمعة، واللبنانى «سايبه» إخراج باسم بريش، ومن الأفلام
الروائية الطويلة المغربى «البحر من ورائكم» إخراج هشام لعسرى،
والمصرى «هرج ومرج» إخراج نادين خان، ومن الأفلام التسجيلية
الطويلة الفلسطينى «المطلوبون الـ ١٨» إخراج عامر الشوملى وبول
كاون، واللبنانى «٧٤: استعادة نضال» إخراج رانيا ورائد رافع،
والمصرى «اللى يحب ربنا يرفع إيده لفوق» إخراج سلمى الطرزى،
والسورى «العودة إلى حمص» إخراج طلال ديركى.
اليوم يعرض الأسبوع فى زاوية الفيلم السورى التسجيلى الطويل «مياه
فضية» إخراج أسامة محمد ووئام سيماف بدرخان الذى عرض فى مهرجان
القاهرة فى نوفمبر، وغداً الفيلم اللبنانى التسجيلى الطويل «٢٨
ليلة وبيت من الشعر» إخراج أكرم الزعترى، وبعد غد الفيلم اللبنانى
الروائى الطويل «الوادى» إخراج غسان سلهب، وفى الختام الفيلم
المصرى التسجيلى الطويل «جلد حى» إخراج فوزى صالح، ويبدأ عرض كل
هذه الأفلام فى السادسة والنصف مساء.. إنها حقاً أيام سعيدة لعشاق
المسرح والسينما، وعشاق كل الفنون.
الكتب العشرة
بقلم:
سمير فريد
١٦/
٤/
٢٠١٥
أرسل لى أكثر من طالب وأستاذ وعاشق للسينما يطلب تحديد عناوين
الكتب العشرة التى ترجمها أحمد يوسف وأشرت إليها فى مقال أمس
الأول، وأين تباع، وقد سعدت بهذه الرسائل، وفيما يلى تعريف هذه
الكتب:
■
الفيلموسوف: نحو فلسفة للسينما تأليف دانييل فرامبتون الصادر فى
لندن عام ٢٠٠٦ وفى المركز القومى للترجمة عام ٢٠٠٩.
■
فن التمثيل السينمائى تأليف كاتى هاس الصادر فى نيويورك عام ٢٠٠٣،
وفى المركز القومى للترجمة عام ٢٠١٠.
■
موسوعة تاريخ السينما فى العالم الصادر فى لندن عام ١٩٩٦، وفى
المركز القومى للسينما فى ثلاثة أجزاء عامى ٢٠١٠ و٢٠١١.
■
تقنيات مونتاج السينما والتليفزيون تأليف كين داتسايجر الصادر فى
نيويورك عام ٢٠٠٧، وفى المركز القومى للترجمة عام ٢٠١١.
■
كتابة السيناريو للأفلام القصيرة تأليف بات كوبر وكين دانسايجر
الصادر فى نيويورك عام ٢٠٠٥، وفى المركز القومى للترجمة عام ٢٠١١.
■
الإخراج السينمائى تأليف مايكل رابيجر الصادر فى نيويورك عام ٢٠٠٨،
وفى المركز القومى للترجمة عام ٢٠١٣.
■
دليل روتليدج للسينما والفلسفة الصادر فى نيويورك عام ٢٠٠٩، وفى
المركز القومى للترجمة عام ٢٠١٣.
■
الصورة الشريرة للعرب فى السينما الأمريكية تأليف جاك شاهين الصادر
فى نيويورك عام ٢٠٠١، وفى المركز القومى للترجمة فى جزأين عام
٢٠١٣.
■
أساسيات الإخراج السينمائى تأليف نيكولاس بروفيريس الصادر فى
نيويورك عام ٢٠٠٨، وفى المركز القومى للترجمة عام ٢٠١٤.
■
فن الإخراج السينمائى تأليف سيدنى لوميت الصادر فى نيويورك عام
١٩٩٥، وفى المركز القومى للترجمة عام ٢٠١٤.
أما أين تباع هذه الكتب ففى منفذ البيع بمقر المركز الذى يغلق
أبوابه فى الرابعة مساءً، أى أنه على من يريد شراء كتب المركز
الحصول على إجازة من عمله أو المدرسة أو الكلية ليشترى هذه الكتب،
وأما أين يوجد هذا المنفذ ففى ساحة الأوبرا التى تشبه ميادين
الأحياء العشوائية، وعلى الباحث عن الكتب أن يسير وسط أكوام
القمامة وبقايا الديكورات والسيارات المهملة والممرات الريفية
المتربة التى لم تعرف الأسفلت حتى يصل إلى مبتغاه، ثم يغادر الساحة
حامداً الله على النجاة.
فى انتظار ٣ عروض أسعار من كان وبرلين وفينسيا!
بقلم:
سمير فريد
١٤/
٤/
٢٠١٥
مع استعداد مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية للاشتراك فى سوق
مهرجان كان، طلب منى رئيس المهرجان سيد فؤاد ومديرته عزة الحسينى
قائمة الأفلام المصرية التى اشتركت فى مسابقات المهرجان الدولى
الأكبر للسينما فى العالم منذ دورته الأولى، فقدمت لهما القائمة
التالية:
■
الدورة الأولى عام ١٩٤٦، كان يوسف وهبى عضواً فى لجنة التحكيم، وفى
المسابقة فيلم «دنيا» إخراج محمد كريم.
■
١٩٤٩ «البيت الكبير» إخراج أحمد كامل مرسى، و«مغامرات عنتر وعبلة»
إخراج صلاح أبوسيف.
■
١٩٥٢ «ليلة غرام» إخراج أحمد بدرخان، و«ابن النيل» إخراج يوسف
شاهين.
■
١٩٥٤ «الوحش» إخراج صلاح أبوسيف، و«صراع فى الوادى» إخراج يوسف
شاهين.
■
١٩٥٥ «حياة أو موت» إخراج كمال الشيخ.
■
١٩٥٦ «شباب امرأة» إخراج صلاح أبوسيف.
■
١٩٦٤ «الليلة الأخيرة» إخراج كمال الشيخ.
■
١٩٦٥ «الحرام» إخراج بركات.
■
١٩٧٠ «الأرض» إخراج يوسف شاهين.
■
١٩٨٥ «الوداع يا بونابرت» إخراج يوسف شاهين.
■
١٩٩٧ «المصير» إخراج يوسف شاهين.
■
٢٠١٢ «بعد الموقعة» إخراج يسرى نصرالله.
وقد سأل سيد فؤاد عن معنى الاشتراك بفيلم أو فيلمين، وما مجموعه ٩
أفلام فى السنوات العشر الأولى من تاريخ المهرجان من ١٩٤٦ إلى
١٩٥٦، ثم الاشتراك بـ٦ أفلام فقط فى ٤٨ سنة أو نحو نصف قرن من ١٩٦٤
إلى ٢٠١٢.
أما الغياب من ١٩٥٧ إلى ١٩٦٣، ورغم أن هذه السنوات شهدت ذروة العصر
الذهبى، أو ما أسميه «مدرسة السينما المصرية» من ١٩٣٣ إلى ١٩٦٣،
فيرجع إلى قطع العلاقات بين مصر وفرنسا بعد حرب السويس ١٩٥٦، وكانت
المهرجانات حتى ثورة الشباب عام ١٩٦٨ لا تقبل الأفلام إلا من
مؤسسات السينما الحكومية فى مختلف الدول، أما الاشتراك بـ٦ أفلام
فقط فى ٤٨ سنة، فالمؤكد أنه لا يرجع إلى عدم وجود الأفلام التى
تصلح للاشتراك، وإنما إلى عجز غرفة صناعة السينما واعتمادها على
وزارة الثقافة لتحقيق التواصل مع مهرجان كان وغيره من مهرجانات
السينما الدولية الكبرى.
لقد عرضت الأفلام التسعة فى السنوات العشر الأولى حتى ١٩٥٦، أى قبل
إنشاء وزارة الثقافة عام ١٩٥٨، وكان الاشتراك بالتعاون الوثيق بين
الغرفة والشركات وبدعم من الحكومة، ولكن من دون بيروقراطية وزارة
الثقافة: مهرجان كان لن يقدم عرض أسعار مع برلين وفينسيا!
جوائز الدولة التقديرية التى لاتزال فى القرن التاسع عشر!
بقلم:
سمير فريد
١٣/
٤/
٢٠١٥
تذكر الزميل العزيز الناقد السينمائى محمد بدر الدين أن هذا العام
٢٠١٥ هو عام مرور ٥٠ سنة على نشر أول مقالاتى فى النقد السينمائى،
وجعلنى أتذكر أهم شهادة تقدير حصلت عليها، وكانت من لويس عوض
«١٩١٥-١٩٩٠» فى منتصف السبعينيات عندما قال إن مقالاتى عن الأفلام
فى جريدة «الجمهورية» تمثل مولد أدب جديد فى اللغة العربية هو أدب
النقد السينمائى.
وقتها قلت للأستاذ والمعلم الكبير إننى أعبر عن هذا الأدب فى الصحف
اليومية، ولكن هناك منابر أخرى تعبر عن ذلك الأدب أهمها النشرة
الأسبوعية لنادى سينما القاهرة، وإن جيل الستينيات الذى أنتمى إليه
سبقه جيل الرواد فى الخمسينيات، مثل أحمد الحضرى شيخ النقاد من دون
منازع، وهاشم النحاس الذى يحتفل النقاد بعيد ميلاده الثمانين هذا
العام، وأحمد راشد «١٩٣٨-٢٠٠٦»، وفتحى فرج «١٩٣٤-٢٠٠١» وصبحى شفيق
أطال الله عمره.
ومن المؤسف حقاً أن جوائز الدولة التقديرية لم تقدر حتى الآن أياً
من نقاد السينما صناع ذلك الأدب الجديد، حسب قول لويس عوض، لا من
جيل الخمسينيات ولا من جيل الستينيات، ورغم أنه الأدب الذى أضيف
إلى الآداب فى القرن العشرين، أو قرن السينما، وهذا لا يقلل من
قيمته بالطبع، وإنما يعنى أن هذه الجوائز لاتزال فى القرن التاسع
عشر، ولم تعرف بعد أن القرن العشرين قد بدأ وانتهى، ونحن الآن فى
نهاية العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين.
بل إن من جيل السبعينيات من يستحق الفوز بجائزة الدولة التقديرية،
مثل أحمد يوسف الذى ترجم من ٢٠٠٩ إلى ٢٠١٤ عشرة كتب من المراجع
الكبرى عن السينما فى العالم، صدرت عن المركز القومى للترجمة فى
سبعة آلاف و٣٩٣ صفحة من القطع المتوسط، وإذا لم يقدر هذا الجهد
العلمى الكبير، فما الذى يقدر. أغلب جوائز الدولة التقديرية بالدور
على مجموعة محددة، وليست عن الدور، وأغلب هذه المجموعة فازت عن
جدارة، ولكنهم ليسوا فقط من يستحقون التقدير، الفائزون هم من
«يلمعون»، ولكن ليس كل ما يلمع ذهبا، وليس كل ما لا يلمع من
الصفيح.
ولست أكتب هذا المقال طالباً ترشيحى، فالترشيح لا يطلب، ولا يسعدنى
الفوز بجائزة لم يفز بها أحمد الحضرى أو هاشم النحاس أو صبحى شفيق،
ويكذب من يقول إنه لا يسعد بالفوز، ولكنى لست حزيناً لعدم الفوز،
وإنما لعدم تقدير النقد السينمائى فى مصر، وعدم احترام الدولة
عموماً لفن السينما، والمتمثل أساساً فى عدم وجود متحف للسينما أو
سينماتيك، فالسينما عند هذه الدولة وسيلة للدعاية السياسية، وإذا
قام بها التليفزيون فلا أهمية لها، وملهى تحصل منه ضريبة الملاهى
من شبابيك التذاكر نقداً صباح كل يوم، وتكفينى ميدالية مهرجان كان
الذهبية التى حصلت عليها مرتين، وجائزة مهرجان دبى التقديرية،
وجائزة مهرجان نيودلهى التقديرية، حتى وإن لم أتسلم قيمتها المالية
حتى الآن!
عن الثقافة والوزارة
بقلم:
سمير فريد
١٢/
٤/
٢٠١٥
كان يوم نشر مقالى «ثقافة كارثية ووزارة عشوائية» أسعد أيامى هذا
العام، فقد تلقيت فى الصباح مكالمة تليفونية من الأديب والمفكر
والناقد الكبير علاء الديب تعتبر شهادة تقدير تفوق عندى أكبر جائزة
عبر فيها عن تأييده لكل ما جاء فى المقال، ووصفه بأدق تحليل وأشمل
رؤية للعلاقة بين الدولة وفنون الأدب والفنون الأخرى، وأنه برنامج
عمل كامل فى هذا الصدد لمن يريد إنقاذ الثقافة والوزارة.
وقد تشرفت بوصول الرسالة التالية من الدكتور سعيد المصرى، مساعد
وزير الثقافة لتطوير المنظومة الثقافية للدولة، تعليقاً على نفس
المقال، والمقال الذى سبقه عن الثقافة السائدة فى مصر، وأنها ليست
مسؤولية وزارة:
«استمتعت بقراءة مقالك عن الثقافة السائدة ليست مسؤولية وزارة
ومقالك المهم بعنوان (ثقافة كارثية ووزارة عشوائية) بـ(المصرى
اليوم)، ويشرفنى أن أحيط سيادتكم علماً بأننى أعمل حالياً مساعداً
لوزير الثقافة لتطوير المنظومة الثقافية للدولة منذ يوليو ٢٠١٤
وأتولى الإشراف على محور الثقافة فى رؤية مصر ٢٠٣٠ للتنمية
المستدامة والتى تتم من خلال فريق عمل من الخبراء تحت إشراف وزارة
التخطيط، وبموجب موقعى فى وزارة التخطيط فقد بذلت أقصى جهد فى
إعداد رؤية مستقبلية لمصر فى الشأن الثقافى العالم، ومن بين ما
تدعو إليه هذه الروية إعادة هيكلة وزارة الثقافة بقطاعاتها
وهيئاتها المختلفة والتشبيك بين وزارة الثقافة والوزارات الأخرى
المعنية ببناء الوعى.
وفى هذا الصدد يشرفنى أيضاً أن أرفق لسيادتكم نسخة من الرؤية
الجديدة وأتطلع إلى تفضلكم الكريم بالاطلاع عليها وإبداء الرأى
بشأنها».
وقد قرأت الدراسات المرفقة مع الرسالة، والتى تؤكد أن الدكتور سعيد
بذل أقصى جهده بالفعل فى إعداد رؤية مستقبلية لمصر فى الشأن
الثقافى العام، والتى تتضمن إعادة هيكلة وزارة الثقافة، ومع
احترامى الكامل لهذا الجهد وتلك الرؤية وللهيكل التنظيمى المقترح
لوزارة الثقافة، إلا أنه ظل من داخل الصندوق، وليس هناك أى تغيير،
ومن المؤكد أن الدكتور ومعاونيه يعرفون أن إعادة الهيكلة لا تعنى
أن يكون عدد القطاعات ٥ فتصبح ٦، والإدارات المركزية ١٩ فتصبح ٢٠
والإدارات العامة ٩٢ فتصبح ٦٥ مع بقاء الهيئات ٨ كما هى.
إعادة الهيكلة تعنى إعادة النظر من خارج الصندوق فى المؤسسات التى
تقوم بنفس الوظائف داخل وخارج الوزارة، وإعادة النظر فى التفرقة
بين الفنون «للكتاب هيئة وللمسرح قطاع مثلاً»، وفى تبعية قصور
الثقافة لهيئة مركزية وليس للمحافظات، وتبعية الأكاديمية للوزارة
وليس لوزارة التعليم العالى، وكذلك إعادة النظر فى تسمية الوزارة
لتسمى الفنون، وفى عبارة واحدة كل ما جعلنى أصف الوزارة
بالعشوائية، إعادة الهيكلة ليست تنظيم العشوائية على غرار «تطوير»
العشوائيات، وإنما أن تصبح مصر من دون عشوائيات.
العالم يفقد شيخ السينمائيين
بقلم:
سمير فريد
٧/
٤/
٢٠١٥
توفى يوم الخميس فنان السينما البرتغالى مانويل دى أولفيرا، بعد أن
أتم العام السادس بعد المائة يوم ١٢ ديسمبر الماضى، وأعلن الرئيس
البرتغالى هانيبال كافاكو سيلفا الحداد الوطنى يومين، يوم وفاته
ويوم تشييع جثمانه ودفنه فى مقبرة العائلة بمدينة بورتو حيث ولد.
وقال الرئيس إنه كان «شاهداً لا مثيل له على الثقافة البرتغالية»
ونعاه مهرجان كان، واصفاً إياه بالسينمائى الاستثنائى والفنان
الكامل ومنارة للثقافة الأوروبية والإنسانية.
كان دى أولفيرا مخرجاً وكاتباً للسيناريو، ومونتيراً وممثلاً
ورساماً ونحاتاً، وهو شيخ السينمائيين فى العالم من دون منازع، ليس
لأنه عاش أكثر من مائة سنة، وإنما لأنه ظل يُخرج الأفلام من عام
١٩٣١ حتى العام الماضى، حيث عرض مهرجان فينسيا فيلمه الروائى
القصير «الرجل العجوز من بيت لحم»، وأصبح المخرج الوحيد فى تاريخ
السينما الذى عاصر مراحل تطورها من الأفلام الصامتة إلى الأفلام
الرقمية «الديجيتال»، وكان له أسلوبه الخاص الذى يمثل خلاصة متفردة
لفنون الأدب وكل الفنون، وعالمه الفنى والفكرى الإنسانى الرحب.
وكما عرض مهرجان فينسيا فيلمه القصير الذى أصبح آخر أفلامه، عرض
نفس المهرجان عام ٢٠١٢ فيلمه الطويل الأخير الروائى «جيبو والظل»،
عن مسرحية الكاتب البرتغالى راؤول براندو.
أخرج دى أولفيرا ٤٤ فيلماً روائياً وتسجيلياً منها ١٧ فيلماً
قصيراً و٢٧ فيلماً طويلاً، ومن بين أفلامه الطويلة «الزيارة»:
«ذكريات واعترافات»، الذى أخرجه عام ١٩٨٢ بعد أن شارف على سن
الخامسة والسبعين، وعبّر فيه عن سيرته، أى أنه سيرة ذاتية بلغة
السينما، وقدمه إلى متحف السينما فى العاصمة البرتغالية لشبونة،
وطلب عرضه بعد وفاته، وقد أعلن المتحف عن عرض الفيلم خلال إبريل
الحالى.
وقد جمع دى أولفيرا فى فيلمه الروائى الطويل الأخير «جيبو والظل»
بين ثلاثة من أحب الممثلين إلى قلبه، والذين غابوا عن الشاشة
لتقدمهم فى السن، الفرنسية جان مورو، والإيطالية كلوديا كاردينالى،
والفرنسى ميشيل لاندال، وكان من حسن حظى المشاركة فى عضوية لجنة
تحكيم مهرجان أبوظبى عام ٢٠١٢، حيث فاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم
الخاصة.
وأذكر أننى قلت فى اللجنة إن كلمة (الخاصة) فى اسم الجائزة تبدو
وكأنها وجدت من أجل هذا الفيلم، وكان من حسن الحظ أيضاً أن
اختارتنى اللجنة لتقديم هذه الجائزة إلى كلوديا كاردينالى التى
حضرت المهرجان، ويومها قالت لى: إنها تحدثت مع دى أولفيرا
تليفونياً، وأخبرته بفوز الفيلم، وأنه عبّر عن سعادته وتقدير فيلمه
فى العالم العربى، وأنه يعرف قيمة الثقافة العربية، فقلت لها إنه
شرف لى ولكل أعضاء اللجنة ومهرجان أبوظبى وأى مهرجان، أن نسعد هذا
الفنان الكبير حقاً، عمراً ومقاماً، ولو دقيقة واحدة.
samirmfarid@hotmail.com |