أفلام غسيل «المخ» و«الأموال»
اعد الملف: سهير عبدالحميد واية رفعت
على مدار الأربع سنوات الماضية شهدت الساحة السينمائية موجة كبيرة
من الأفلام الهابطة المعروفة «بسينما المقاولات» والتى استمرت فى
ازدياد ولم تستطع محاولات البعض أن توقف منحنى سينما الراقصة
والبلطجى بل على العكس.
صناعها يرون أن ما تمر به الآن وعلى مدار السنوات الماضية شىء
طبيعى فى ظل الظروف العصيبة التى شهدتها مصر منذ عام 2011 وأن مثل
هذه الظواهر تعقب أى حدث سياسى كبير على غرار فترة الانفتاح
الاقتصادى فى السبعينيات المعروفة بالعصر الذهبى لسينما المقاولات،
كذلك فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وما بعد نكسة 67.
فى الملف التالى مناقشة للظاهرة وأسبابها وعلاجها من وجهة نظر صناع
الفن.
الفنانون: السنيما الراقية تواجه الانحدار
«العلايلى»: لن نترك تراث 118 عام يذهب هباء
قال عزت العلايلى: إن الفنان بشخصه لا يمكن لومه على ما حدث لصناعة
السينما ولا يستطيع هو وضع حلول لها سواء كانت تدهورت قبل أو بعد
الثورة، مؤكدا ان صناعة السينما قديما كانت لها روح واهتمام من قبل
مؤسسات الدولة، حتى أن عام 1934 قام طلعت حرب باشا بانشاء أكبر
مركز لصناعة السينما وقام ببناء ستوديو مصر والذى كان يوازى
استوديوهات السينما العالمية فى وقتها. وأضاف قائلا: «لسينما عبارة
عن شقين فلوس ومؤسسة ترعى ما يقدم وكيفية استخدام الإنتاج للرقى
بالمجتمع، وقد كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر يدرك تماما أهمية
صناعة السينما فانشأ وقتها عددا كبيرا من المؤسسات السينمائية التى
قدمت أهم الأفلام».
وأضاف العلايلى قائلا: «الأساس فى السينما شقان الأول الجمهور وهو
الذى يقوم باختيار العمل من خلال اهميته ولكن يجب تقديم أعمال مهمة
لكى يشاهدها.. أما المؤسسات الإنتاجية فيجب على الدولة تدعيمها
لاننا لا يوجد لدينا بنوك تقوم بانتاج الأفلام مثل الولايات
المتحدة على سبيل المثال فهناك البنك يقوم بإنتاج وتوزيع الفيلم من
الألف إلى الياء وهذا يدل على أهمية الصناعة ومعرفتهم بكيفية الربح
منها».
وعن كيفية الارتقاء بالصناعة مرة أخرى قال العلايلى: إنه عندما
قابل الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل ترشحه للرئاسة دار حديثهما حول
ضرورة اهتمام الدولة بالفن والثقافة فى مصر وإعادة بناء مؤسسات
السينما وتدعيمها. مشددا أن السينما المصرية عمرها 118 عاما
والمسرح عمره 150 عام ولا يمكنا أن نترك كل هذا التاريخ يذهب هباء
بالأعمال غير اللائقة التى تقدم.
«ياسين»: الجمهور صاحب القرار
يرى الفنان محمود ياسين أن الحل الوحيد للارتقاء بحال السينما هو
اختيار الجمهور نفسه وزيادة وعيه حتى أنه سوف يختار الافلام الجيدة
وحده ولن يكون للافلام الهابطة سوق تدريجيا.
وأضاف قائلا: «السبب فى تدهور السينما هو غياب انتاج الدولة لسنوات
عديدة مما جعل الخبرات السينمائية الجيدة تتراجع وأصبح المثقفون
وذوو الخبرات لا يشاركون بهذه الأعمال.
وفكرة وجود اعمال راقية وتشكل نسبة قليلة فهذا ليس فى مصر فقط بل
فى العالم كله، حيث نجد أن أغلب الأعمال التى تقدم سنويا فى أى
دولة اغلبها تافهة وليست ذات قيمة والأعمال الراقية تشكل نسبة
قليلة من الإنتاج».
وأضاف أننا لا نستطيع ان نمنع الإنتاج الخاص من العمل خاصة بعدما
الدولة سحبت يدها تماما والمنتج الخاص صعب التحكم به فهو يصرف
نقوده ومن حقه وضع الرؤية الخاصة به والتى تحقق له الربح فهذه
نقوده ولا نستطيع أن نقدم له رؤية يسير عليها.
وأضاف قائلا: «هناك اعمال كثيرة تم إنتاجها بشكل شخصى قامت بتعويض
غياب الدولة فاذكر عندما كنا نعانى من أزمة أفلام المقاولات فى
السبعينيات والثمانينات قمت أنا ونور الشريف وبعض الزملاء من
الفنانين بانتاج أعمال قليلة وذات مضمون جيد ولكننا كافراد لا
نستطيع مواجهة سوق الانتاج وحدنا فهذه تجارة ويعمل بها تجار دارسين
للسوق جيدا ولهم خبرات سابقة به.
ولذلك يجب على الدولة تدعيم الفن ولو حتى بتوجهات مادية ومشاركة
السينمائيين وذوى الخبرات والمثقفين بالفن لأن ابتعاده عن الثقافة
جعل الأعمال المقدمة دون المستوى.. فالفن ثروة قومية عظيمة ويجب أن
نحافظ عليها فهو يعتبر ثانى دخل قومى بعد السياحة خاصة أن فى
الماضى كانت دور العرض كثيرة وهناك توزيع خارجى بالبلدان العربية
وكان لنا سوق كبيرة هناك.. لذلك كان الإنتاج مزدهر وتدر السينما
والفنون على الدولة أموالاً كبيرة.. فيجب الاهتمام وبها والنظر
إليها بعين الاعتبار وذلك بالإضافة إلى الجمهور نفسه الذى بيده
تغيير أنماط وتوجهات مثل هذه الأفلام بعدم الإقبال عليها».
سميرة: الحل الوحيد تنفيذ تعليمات «الرئيس»
وجدت سميرة أحمد أن هناك سيلا كبيرا من الأفلام التى قد تكون غير
لائقة وعلقت عليها بأنها لا تستطيع التحكم أو إرشاد أصحابها بماذا
يصنعون أو يقدمون للجمهور، مؤكدة أن تواجد هذه الأعمال بكثرة بعد
ثورات أو غيرها أمر لا يهم بقدر ما هو المهم أن نسأل انفسنا كيفية
الارتقاء بالفن السينمائى مرة أخرى.. وأكدت قائلة: «لا أريد أن
أعلق على ما يقدمه غيرى من أهل الفن ولا يحق لى التعقيب على
أذواقهم، فكل منهم يقدم فكره الخاص به والذى يريحه ويحقق له الربح،
ولكنى أنا عن نفسى لا أقدم عملا سينمائيا او دراميا إلا ما اقتنع
به وأؤمن بفكرته واجد به ما يثرى المجتمع وما يفيده. وهذا فى رأيى
ما استطيع انا أقدمه لسوق السينما والارتقاء بها».
وأضافت سميرة أن الحل الوحيد للارتقاء بسوء السينما وتغيير
المفاهيم التى تقدم هو تنفيذ أهل الصناعة لتعاليم وتوجيهات السيد
الرئيس عبدالفتاح السيسى وذلك متمثلا فى كلمته التى وصفتها بطلب
صريح منه للارتقاء بالأعمال الفنية.
حيث قالت: «السيسى طالب المصريين وأهل الفن بأن تكون كل الأعمال
الفنية التى تقدم لها هدف ومضمون وقيمة أدبية وفنية واجتماعية
ورسالة جيدة للجماهير المختلفة. وأنا عن نفسى اتمنى أن ينفذ
القائمون على الصناعة هذا الطلب واعتقد بذلك سنكون قد حققنا ارتقاء
فى مستوى ما يقدم للجمهور».
هند: المستقله حركت المياه الراكدة
اعتبرت التونسية هند صبرى أفلامًا مثل الجزيرة والفيل الأزرق وسط
موجة أفلام المقاولات هو نوع من المقاومة السينمائية فى ظل أزمة
غياب الأفلام الكبيرة ذات الانتاج الضخم والتى تعيد جمهور السينما
مؤكدة أن عودته مرة أخرى للسينما لن يحدث بفيلم أو اثنين.
وقالت: الناس محتاجة أن تشاهد أفلامًا كبيرة من حيث التكلفة ومستوى
الجودة وعلى الجانب الآخر هناك طفرة حدثت فى الأفلام المستقلة
وحركت المياه الراكدة فى السنوات الأخيرة كل هذا يكون فى مواجهة
أفلام المقاولات واعتقد أن الفترة المقبلة ستشهد وجود أفلام جيدة.
حمدى أحمد: «هزة أخلاقية» انتجت لنا «سينما الأفيون»
يرى حمدى أحمد أن هناك ظاهرة عالمية تعقب الحروب والثورات والنكسات
الاقتصادية والأمنية وهو حدوث هزة أخلاقية ونفسية للمجتمع بكل
فئاته ويظهر نوعان من البشر وهما المفكرون والانتهازيون والنوع
الأخير يكون هو المسيطر على المجتمع فالمفكرون يحللون الواقع
ويحلمون بالمستقبل أما الانتهازيون فمبدأهم «احيينى النهاردة
وموتنى بكرة» ومن هنا ظهرت السوق السوداء وغنى الحرب الذى يستفيد
من الأزمات.
وقال حمدى: معروف أن أكثر شىء يتأثر بما يحدث فى المجتمع هو الفن
سواء كان هذا التأثير سلبا اوايجابا فمثلا فى أعقاب الحرب العالمية
الثانية كل الافلام التى قدمت بعد هذه الفترة أبطالها ومنتجوها
أغنياء حرب أيضا بعد الانفتاح الاقتصادى ظهرت سينما المقاولات التى
كانت تنتج من مكاتب فى قبرص مسئول عنها ريجيسيرات وكان تمويلها
يأتى من المخابرات المركزية الأمريكية التى كانت تريد تغييب الشعب
المصرى عن وعيه وأطلقنا على هذه الأفلام سينما الافيون لأنها لها
نفس تأثيره وهذه الأفلام لا تختلف كثيرا عن السينما الموجودة
حاليا.
وأشار حمدى أحمد إلى أن مصر كانت فى الماضى 444 دار عرض وكل واحدة
منها بها 800 كرسى أما الآن هناك 210 قاعة عرض وعدد كراسيها من 50
إلى 100 كرسى وبالتالى عائدها لن يكفى لأجر نجم من نجوم الصف
الأول.
وتابع قائلا: كانت لى مقولة شهيرة وهى «السينما المصرية ليست
مصرية» لان رءوس الأموال التى تنتج أصحابها غير معروفين وأهدافهم
منحصرة فى تغييب وعى الناس ولو لاحظنا فى الفترة الأخيرة خاصة بعد
ثورة 25 يناير شركات الإنتاج ليست معروف مصدر أموالها والأفلام
التى تنتجها مقتصرة على أفلام المقاولات المكونه من راقصة ومغنى
شعبى وبلطجى وهذا يؤكد كلامى وبالمناسبة هذا لا ينطبق فقط على
السينما لكن يشمل أيضا البرامج والفضائيات فقد فوجئنا بسيل من
الفضائيات تم فتحها وكأن رجال الاعمال يرون بيزنس الفضائيات لأول
مرة.
ويرى حمدى أحمد أن عودة السينما الهادفة واختفاء أفلام البلطجة
والمخدرات لن يختفى الا بشيئين الأول هو أن تكون رءوس الأموال التى
تنتج مصرية خالصة حتى لا يتم توجيه الأفلام إلا العشوئيات وتغييب
وعى الناس اما الشىء الثانى فهو أن تعود الدولة لدعم السينما وان
تعود مؤسساتها للإنتاج كما كان فى الماضى.
صناع السينما: المبدع برىء والمنتج سبب «الهابطة»
قال السيناريست بشير الديك: إن وجود موجة من الأفلام الهابطة تعقب
الأزمات السياسية شىء طبيعى بسبب عدم استقرار القيم والثوابت
المجتمعية والعقائدية ففى الماضى كانت هناك حالة استقرار وبالتالى
المبدعون يكون لديهم شىء يقدمونه لكن الآن هناك نوع من التخبط
مؤكدا أن حالة الاضمحلال وانتشار موجة الأفلام الهابطة وراءه
المنتجين بالدرجة الأولى وليس الفنانين لأنهم يركزون عن الشىء الذى
يأتى بالمكسب المادى وهم وجدوا أن الحوارى العشوائية بما فيها من
بلطجة ومخدرات وعلاقات محرمة مادة خصبة لأفلام تحقق ربحًا سريعًا
وهذه النوعية لاتقل عن تأثير تجارة المخدرات فى المجتمع نافيا أن
تكون هناك جهة ما وراء ذلك من أجل إلهاء الشعب.
وأشار الديك إلى أن صناع السينما الحقيقيين الذين يقدمون فنًا
راقيًا توقفوا فى الفترة الماضية عن مواصلة أعمالهم وتقديم أفلام
جيدة الصنع لأنهم لم يستطيعوا ملاحقة التطورات التى كان يمر بها
المجتمع لكن سرعان ما بدأوا يستعيدون توازنهم صحيح كم الأفلام التى
تحترم فكر المشاهد قليلة مقارنة بالأفلام المقاولات لكن هذا مؤشر
جيد أن السينما بدأت تستعيد عافيتها.
وأضاف الديك أن السينما شهدت خلال الفترة الماضية قلة فى عدد
المخرجين أصحاب الفكر أمثال عاطف الطيب وصلاح أبوسيف وحسن الإمام
وحسين كمال وأنا أقصد هنا العقلية المثقفة وليس السن وهذا بالطبع
أثر على نوعية الأفلام المقدمة وإذا نظرنا حولنا سنجد هناك تخبطت
فى كل شىء وأصبحت هناك محظورات كنا لا نجروء على الاقتراب منها حتى
ولو بالإيحاءات لكن الآن أصبحت موجودة فى السينما والدراما حتى
برامج التليفزيون لم تعد تستحى من تناولها مثل الشذوذ وزنى
المحارم.
وتحدث الديك عن فترة شبيهة بالفترة التى نعيشها وهو ما حدث فى
أعقاب نكسة 67 وقال: فى هذا الوقت كان الشعب مجروحاً ومرارة
الهزيمة تملأ كل بيت فقامت الرقابة فى هذا الوقت بفتح الباب على
مصراعيه لأفلام هابطة.
وأكد المخرج على عبد الخالق أن حالة انحدار الذوق العام الذى
نعيشها حاليا ليست بالجديدة أو تتميز بها مصر عن باقية الدول مؤكدا
أن كل الشعوب فى العالم تعانى من نفس المستوى بعد الاحداث الكبيرة
التى تمر بها من حروب وثورات وغيرها من العوامل التى تقلب النظام
السياسى والمجتمعى رأسا على عقب، وأضاف قائلا: «صناعة السينما قد
انحدرت بشكل كبير خلال الـ15 عامًا الأخيرة بشكل عام وذلك منذ
إنشاء الشركات الإنتاجية الكبرى والتى عملت بنظام الاحتكار للسوق
والذى لا يتم التعامل به عالميا.. بحيث تم إنشاء عدد محدود من
الشركات التى تنتج وتوزع وتمتلك دور العرض مما جعل النجم هو
المتحكم الوحيد بالنص والرسالة يتدخل فى كل الأعمال وذلك لأنه
يعتبر نفسه الورقة الرابحة للمنتج الذى يبيع باسمه، مما دفع
الصناعة للتدهور لأن الأمر تحول لخناقات على النجوم واحتكارهم بدلا
من الاهتمام بالمضمون وجودة العمل. فقد كان حال السينما قبل انشاء
هذه الشركات يعتمد على الإنتاجات الفردية فكل شخص يضع نقوده بفيلم
يريد أن ينافس به ويكون الأقوى ما كان يجعلنا ننتج كثيرا خلال
العام الواحد وأغلبها أعمالا جيدة».
أما عن الانحدار بعد الثورة فقال عبد الخالق إن السينما المصرية
لديها تجربة خالصة لما يسمى بالانحدار وذلك بعد نكسة 1967 بحيث ظهر
المطرب الشعبى أحمد عدوية وكان وقتها يعتبر قمة الانحدار بينما هو
الآن نجم شعبى كبير ولا يوجد مقارنة بينه وبين المطربين الحاليين.
وأضاف قائلا: «المشكلة الأساسية حاليا هو رفع يد الدولة عن الإنتاج
السينمائى تماما أو دعمه حتى، فكان القطاع العام بعد ثورة 1952 قد
قدم خلال عشر سنوات 40 فيلما تم اختيارها ضمن افضل 100 فيلم فى
السينما المصرية، وجاء اهتمام عبد الناصر بالسينما والفن وقتها
لمعرفته بأهميته حتى أنه قام بعام 1967 بأمر الوزراء لإنتاج أعمال
للفنانين الذين هاجروا لبيروت هروبا من النكسة وذلك لرغبته فى
تقديم الفنان أعمالا لوطنه رغم أن ميزانية الدولة كلها وقتها كانت
تذهب للحرب.. فهو كان يجد فى الفن استراتيجية جيدة إدارة البلاد».
ويرى عبد الخالق أن الحل الوحيد للارتقاء بالسينما هو إنشاء وزارة
خاصة بالسينما تكون منفصلة عن وزارة الثقافة ويتم من خلالها جمع
أشتات السينما المتبعثرة من مؤسسات وكيانات والحفاظ عليها والعمل
على دعم الصناعة والإنتاج.
وأبدى المخرج مجدى أحمد على على عدم تخوفه من المسقبل السينمائى
بمصر حيث إنه ورغم أن بعد كل حدث سياسى تزداد فترة الأفلام الهابطة
إلا أن الوضع يتغير تدريجيا ولكن الأهم حاليا هو اهتمام الدولة
بالمؤسسات السينمائية ودعم الفن والثقافة لتقديم موضوعات جيدة، وعن
ظاهرة انتشار أفلام المقاولات بعد الثورة قال علي: «هذا امر طبيعى
فالدولة بعد كل حدث سياسى مهم تعانى من مشاكل اقتصادية وفنية
وسياسية كبيرة ولا يتأثر الفن والثقافة فقط بهذا الأمر بل كل
المجالات المختلفة حتى وأن لم يكن لها ارتباط مباشر، وهذا الأمر له
عاملان أولا السوق تكون غير طبيعية لأن الجمهور حالته النفسية سيئة
ومضطربة مما يؤثر على حركة التسويق الفني، وثانيا أن الإنتاج الجيد
يتوقف لعدم وجود أمن بالشارع والذى يؤثر سلبا على تواجد الجماهير
بدور العرض سواء السينمائية أو المسرحية، فلا نجد من السهل أن يتم
تنظيم خروجة ترفيهية لعدم وجود أمان فى الشارع، وقد أثر هذا على
السوق وجعل المنتجين الكبار يختفون ويتصدر المشهد منتجون يقدموا
أعمالا بأقل تكلفة حتى لا تقدر خسارتهم بالكثير، وبالتالى يلجأون
للمواضيع الغير الهادفة لتمكنهم من تحقيق إيرادات جيدة».
وأضاف مجدى قائلا: «تعتبر مصر رغم كل شىء لم تنحدر كثيرا لموجة
الأفلام الهابطة حيث قامت وزارة الثقافة عام 2012 بتخصيص مبلغ كبير
لدعم إنتاج الأفلام التى تميزت بقلة التكلفة والمضمون الجيد وقدمنا
من خلالها عددا من لأفلام الجيدة ومنها «فتاة المصنع» لمحمد خان
و«فيلا69» لآيتن أمين وغيرها من الأعمال الناجحة، وأتوقع من الدولة
فى الفترة المقبلة الاهتمام بالفن والثقافة وعدم الوقوع فى إهماله
كما فعل نظام مبارك، فيجب عليهم فهم مدى أهمية تأثير الفن والثقافة
فى المجتمع وعدم الاستهانة بهم، وقد صدمت عندما لم يتم ذلك ما يمت
للصناعة السينمائية بصلة فى أجهزة الدولة خاصة فى المؤتمر
الاقتصادى الذى اقيم مؤخرا».
ومن ضمن أفلام المقاولات التى انتشرت خلال الفترة الماضية فيلم
«مهمة فى فيلم قديم» و«على واحدة ونصف» و«عنتر وبيسة»،
«الألمانى»، «عبدموته»، «ظرف صحى»، «قلب الأسد»، «جمهورية إمبابة».
محرم: المقاولات وراءها «دخلاء»
السيناريست مصطفى محرم قال إن السينما المصرية كانت فى حالة هبوط
وانحدار قبل ثورة 25 يناير بسبب حالة الفساد التى كانت تعانى منها
البلد وهذا أنتج أفلامًا رديئة وعندما قامت الثورة انشغل المبدعون
وصناع السينما الجادة وظلوا يترقبون التغييرات التى تحدث فى البلد
وهذا جعل هناك دخلاء على الفن سواء منتجين أو مؤلفين أو مخرجين أو
حتى ممثلين يقدموا موجة الفن الهابط.
وأصبحت الأفلام الموجودة على الساحة للتسلية وتضييع الوقت فقط فى
حين أن السينما لابد أن يكون لها هدف بجانب التسلية فأصبحت الأفلام
الموجودة على الساحة مقتصرة على مغنى شعبى وراقصة وبلطجى وكل من
هؤلاء ليس له علاقة بمهنته فما تقدمه الراقصة ليس له علاقه بالرقص
كذلك الممثل والمغنى.
وأشار محرم إلى أن المنتجين الجادين الذين يقدمون سينما محترمة
أصبحوا يخافون على أموالهم خشية عدم تحقيق نجاح بسبب الجرائم
الإرهابية التى أصبحت تحدث يوميا.
وهذا جعل منتجون أشبه بالطفيليات يقدمون أفلامًا رديئة بالتركيبة
التى سبق وذكرتها ويسلقوها فى أسبوع وأنه هو وجيله سواء كتابًا أو
مخرجين أو فنانين يرفضون التعامل مع هؤلاء النوعية من المنتجين
الذين يسيئون للفن.
وقال محرم: أنا عاتب على كل فنان يشارك فى هذه النوعية من الأفلام
وستكون وصمة عار فى تاريخه وإذا كان الدافع المادى هو السبب فهناك
الفيديو أمامهم.
وأضاف محرم أن هذه النوعية ستختفى حتما عندما يحدث استقرار تام فى
البلد.
والدوله تبدأ تأخذ شكلها الكامل ويكون هناك مجلس شعب وشورى وتستقر
الحكومة وقتها سيتخلى المبدعون عن حالة الترقب التى يعيشونها
ويبدأون فى استئناف اعمالهم وتقديم السينما التى توثق للتاريخ.
الدغيدى: البلاد العربية ترفض دخول أفلام «السبكى»
قالت المخرجة إيناس الدغيدى أن طول عمر الساحة السينمائية تتضمن
الأفلام الجيدة والأفلام الهابطة فقد كان هناك توازن بين النوعين
لكن فى السنوات الأخيرة والتى سبقت ثورة يناير التى وصفتها
بالمؤامرة كان هناك مشاكل فى الإنتاج والتوزيع وحقوق الملكية
الفكرية المتمثلة فى طرح الأفلام على الانترنت كل هذه سببت أزمة
طاحنة وزادت هذه الأزمة فى السنوات الأخيرة وهذا جعل المنتجين لا
يقدمون إلا على إنتاج الأفلام ذات الميزانيات البسيطة الخالية من
اى مضمون والتى يكسب منها وللأسف هذه النوعية من الأفلام ليس لها
جمهور الا فى مصر فلا يوجد أى بلد عربى فى المنطقة يقبل على شراء
أفلام السبكى وشاكلتها وهذا بالتأكيد مرتبط بإنحدار مستوى الأفلام
وهذا للأسف مؤشر سيىء.
وقالت الدغيدى: للأسف ثورة يناير لم تكن ثورة شعب بقدر ما كانت
ثورة دينية وطائفية مخطط لها من الخارج وكنا مجرد أدوات فيها ولكى
نتخطى الأزمات والاهتزاز الذى تعرضنا له فى هذه الفترة نحتاج لوقت
طويل واعتقد أن السبيل للخروج من الأزمة هو ان الدولة تناقش الأزمة
مع صناعها الحقيقين من منتجين أصحاب الشركات الصغيرة والمخرجين
والمؤلفين وليس الفنانون فقط الذين يمثلون جزءًا من أزمة السينما
بأجورهم المرتفعة وأن تعود سيطرة القطاع العام على دور العرض ولا
تترك فى أيدى الموزعين الذين يفرضون سطوتهم على كل شىء ويتحكمون فى
السينما ويدفعون الشركات الصغيرة أنها تغلق ابوابها فمن يقول أن
مخرجين لهم ثقلهم الفنى داود عبدالسيد ومحمد خان ومجدى أحمد على
يغلقون شركاتهم لأنهم كيانات إنتاجية صغيرة لا يسطيعون الوقوف فى
وجه حيتان التوزيع الذين يحتكرون الساحة السينمائية. |