المخرج الأردني ناجي أبو نوار:
اخترت أبطال «ذيب» من البيئة البدوية
كتب الخبر: هيثم
عسران
استقبلت دور العرض الكويتية يوم الخميس الفائت الفيلم الأردني
«ذيب» بعد جولة طويلة من المشاركة في المهرجانات الدولية، وطرحه في
عدد من الصالات العربية.
في حواره مع «الجريدة»، يتحدث المخرج ناجي أبو نوار عن الفيلم
وأبطاله ومشاركته في المهرجانات السينمائية المختلفة.
·
كيف جاء اختيار جاسر للقيام بدور «ذيب» في الفيلم؟
صبَّ التفكير من اللحظة الأولى في البحث عن طفل باستطاعته التعبير
عن قصة الفيلم الملحمية، وفي الوقت نفسه يكون ابن البيئة البدوية
حيث تدور الأحداث. كنت محظوظاً بالعثور على جاسر الذي قدم الشخصية
مبكراً من دون عناء في البحث، فمعايير الاختيار توافرت فيه من دون
أن أرشحه، فهو ابن أحد أصدقائنا البدويين الذي طلبت منه أن يرشح لي
أطفالاً فأرسل ابنه جاسر ليعرفني إلى أصدقائه ولكني وجدت فيه ما
أبحث عنه وقررت إسناد الشخصية إليه.
·
هل وضعت شروطاً محددة قبل رؤية جاسر؟
بالتأكيد، فالقصة فرضت عليّ اختيار طفل يتمتع بصفات خاصة يمكنه أن
يعبر عن السعادة والألم، النضج والطفولة بالوقت ذاته، وشعرت منذ
رأيت الطفل جاسر بأنه سيكون مناسباً وقررنا تصوير مشهد تجريبي
للحصول على مصادر تمويل، وعندما شاهدناه أمام الكاميرا اقتنعنا
بأنه الخيار الأنسب للدور.
·
كيف اخترت باقي فريق العمل؟
اعتمدت على فريق عمل سينمائي من غير المحترفين باستثناء الفنان جاك
فوكس. كنت حريصاً على أن يأتي الممثلون من البيئة البدوية رغم
صعوبة ذلك عملياً نظراً إلى أن المجتمع البدوي لا ينظر إلى السينما
بنوع من الاحترام الكبير. بحثت عن سكان لديهم رغبة في التمثيل كي
يتحوَّلوا إلى ممثلين. بدأنا بحضور 250 شخصاً حتى تم الاستقرار على
20 شخصاً أخضاعهم لورش عمل سينمائية، ثم اخترنا 11 فقط، وهو ما
استغرق وقتاً طويلاً قبل بداية التصوير.
·
ألم تشعر بالملل من ذلك؟
حرصي على تقديم الفيلم بصورة واقعية، دفعني إلى التمسك بالإخراج
الجيد. لم أشعر بالملل على الإطلاق لأن الإسراع في التنفيذ كان
سيجعلني أفتقد اللكنة البدوية التي تميز بها الفيلم، فلأن
المشاركين من أبناء المجتمع الذي دارت فيه الأحداث فإنهم الأقرب
إلى التعبير عن مجتمعهم. وجدت الواقعية التي تعامل بها هؤلاء إزاء
الكاميرا رد فعل إيجابياً من الجمهور تمثَّل في جوائز عدة حصدها
الفيلم، وفي التصفيق الحاد من الجمهور عند عرضه.
·
هل وجدت صعوبة في إيجاد الأبطال المناسبين للشخصيات الرئيسة؟
كنت خلال ورش العمل حريصاً على معرفة الطباع الشخصية للمشاركين
لإسناد الشخصيات إليهم، فعلى سبيل المثال صديق ذيب في الفيلم هو
أحد أقاربه واختياره دور حسين جاء بسبب حالة الاحتواء التي كانت
بينهم في الورشة، وكان يعامله باعتباره شقيقه الأكبر، لذا حاولت أن
أعكس ذلك أمام الكاميرا.
·
هل اعتمدت على البدو في تصوير الفيلم؟
بالتأكيد، فهم شركاء في الفيلم وصناعته، لأنني أردت أن أخوض في
تفاصيل الحياة البدوية، وأقمنا في صحراء وادي رم بالأردن لفترة
طويلة لرصد أدق التفاصيل في الحياة البدوية وأمضينا عاماً كاملاً
تقريباً في قرية الشاكرية مع عدد من البدويين، وهو ما أفادني
كثيراً خلال التصوير، في التعبير عن الثقافة البدوية.
·
إلى أي مدي انعكس ذلك على كتابة السيناريو؟
انعكس بشكل كبير، فمساعدة البدو لنا أفادتنا في تعميق القصة
والتركيز على العادات والتقاليد الخاصة بهم، الأمر الذي جعل
السيناريو أكثر عمقاً. بل إن ديكورات كثيرة صُنعت يدوياً من خلال
القبيلة باستخدام تقنيات يدوية بسيطة، وأُعِدَّت بصورة حقيقة تصلح
لاستخدامها وليس للتصوير فيها فحسب.
·
هل تنقلت في التصوير بين أماكن عدة؟
تمَّ التصوير بالكامل في الأردن، في مناطق وادي عربة، ووادي رم،
بالإضافة إلى منطقة ضبعة، وجميعها اخترنا فيها المواقع النائية
البعيدة والتي لم تُصور فيها أعمال فنية سابقاً. حتى وادي رم حيث
صُور فيلم «لورنس العرب»، اخترنا فيه منطقة مختلفة عن تلك التي
اختارها الفنان العالمي ديفيد لين.
·
ما هي أكثر الصعوبات التي واجتهك في التصوير؟
ارتفاع درجة الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية بالإضافة إلى
الرمال وجفاف الجو، فضلاً عن استغراق التصوير فترات طويلة في ظروف
جعلت العاملين يشعرون بأنهم يصورن الفيلم في «فرن» وليس صحراء،
كذلك تعرضنا لعاصفة رملية ممطرة خلال التصوير في أحد الأيام
واضطررنا إلى إخلاء الموقع بفعل الظروف السيئة.
·
لماذا اخترت اسم «ذيب» للفيلم؟
لأن الذئب من الحيوانات التي تحظى بمكانة خاصة في المجتمعات
البدوية، فهو مخلوق ينظر إليه بالخوف والإجلال في الوقت ذاته،
وعندما يُطلق على شخص فإن معناه أن يحظى باحترام وذكاء في التعامل
مع الآخرين، لذا كان اختيار اسم الفيلم مرتبطاً بطبيعة أحداثه وقصة
بطله.
·
لماذا بدأت الفيلم بقصيدة بدوية؟
القصائد العربية جزء من الحياة البدوية، لذا عندما فكرت في دمج
القصيدة بالفيلم وجدت أن موضعها الرئيس في البداية لتكون ما يتذكره
ذيب من والده الراحل، خصوصاً أنه يجد صعوبة في تذكر شكله، من ثم
جاءت القصيدة لتعبر عن المضمون وتكون ذكرى البطل من والده.
ورش الكتابة الإبداعية... حرب ضد {الخفة} و{اللامبالاة}
كتب الخبر: أفراح
الهندال
جدال بين كفتي {الموهبة والتدريب} وإصرار للتحريض على الكتابة
المكتبات ومعارض الكتب تردد: «إنى لأفتح عيني حين أفتحها... على
كثير ولكن لا أرى أحداً»!
الطوابير طويلة أمام بعض الكتب الجديدة، وركام مطبوعات المكتبات
ثقيل رغم «الخفة»، وثمة كتاب موهوبون يحتاجون إلى محيط محرض
للكتابة. دفعت هذه المشاهد الثلاثة المؤسسات الحكومية والأهلية
وبعض الأفراد المهتمين إلى إقامة ورش الكتابة الإبداعية، محققين ما
يأملونه من اكتشاف للمبدعين، وإتاحة فرصة لجو من الكتابة، وتقليل
تهافت الكتب التي تتراكم باستسهال ولامبالاة وتسطيح لمعنى الاشتغال
الكتابي.
«الجريدة»
التقت ثلاثة كتَّاب لهم تجربة في تقديم ورش الكتابة الإبداعية،
للتعرف إلى آرائهم في جدوى الورش وتقييم مخرجاتها.
قدَّم الكاتب شريف صالح أكثر من ورشة لكتابة القصة القصيرة إضافة
إلى الكتابة المسرحية، ومن ضمن ملاحظاته تأكيده أن «بداية نجاح أي
مبدع تتطلَّب شرطين: الموهبة والجهد، وتبقى الموهبة خارج التصنيف
والتحليل، فهي مثل ومضة إلهية أو سر غامض قادم من وداي عبقر... سر
قد لا يفهمه صاحب الموهبة نفسه، فبعض الكتاب العظام تفجَّرت
مواهبهم في سن الشباب، وبعضهم قدموا أفضل ما لديهم بعد الستين».
قال: هنا «الموهبة لا يمكن القياس عليها، ولا يستطيع أحد مهما أوتي
من علم أن يخلق موهبة من العدم».
وتابع: «أما «الجهد» فيشكل حصيلة قراءة عميقة وتدريبات وخبرات
وتراكمات الزمن، وهو 70% من نجاح أي كاتب، فكما يقال: مئات المواهب
تولد كل يوم لكن قلة فقط هي التي تتحقَّق... لأن هذا التحقق
يتطلَّب العزيمة والرؤية والخبرة».
وأكَّد صالح أن تلك الورش، بغض النظر عن جودتها أو رداءتها، ليست
مهمتها خلق «الموهبة» من العدم، بل تنظيم «الجهد» ومنح خبرات مكثفة
وفقاً لخبرة مدير الورشة، وقد تكون الموهبة كامنة فتساعد الورشة في
نفض الغبار عنها».
ولفت صالح إلى وجود مؤسسات أكاديمية في العالم كله تتخصص في دراسات
الإبداع والخيال وغير ذلك من أدوات المبدع، ما يعني أن الورشة ليست
ترفاً ولا شيئاً يتباهى به الأدعياء، وإن كان البعض لا يفهم دورها
على وجه التحديد، فهي تساعد المبتدئ في فهم مجال إبداعه ونقاط قوته
واستجلاء موهبته وتعوض جوانب كثيرة يفتقر إليها في تعليمه النظامي،
خصوصاً أن مناهجنا أساساً قائمة على محاربة الإبداع والخيال. وفي
حال حققت الورشة هذه الأهداف كافة، فبالتأكيد تنتج مبدعاً وتضعه
على الطريق الصحيح، بحسب صالح.
مجموعات الأصدقاء
وعن تجربته الخاصة؛ قال صالح: {حدث أن التحقت في شبابي المبكر
بورشة لكتابة السيناريو في مصر واستفدت منها، وحضرت بصفة ودية ورشة
سيناريو مع الناقد عماد النويري وأخرى مع الروائي إسماعيل فهد
إسماعيل، وأقصد بصفة {ودية} رغبتي في الاستزادة لا الحصول على
شهادة تقدير. وثمة صيغ غير مباشرة للورشة شاركت فيها، مثل {نوادي
الأدب} أو {الصالونات الأدبية}. فأذكر أنني طوَّرت كثيراً من عملي
بسبب حرصي مع مجموعة أصدقاء على مناقشة كل ما نكتبه بالتفصيل الممل}.
حالة قديمة
أيد الكاتب عبدالرحمن حلاق إقامة ورش الكتابة الإبداعية التي {باتت
منتشرة في معظم دول العالم حتى غدت ظاهرة لافتة}. وفي الحديث عن
جدواها، رأى أنها تقدم خدمة عظيمة لكل كاتب مبتدئ، {إذ تختصر عليه
الطريق في أمور كثيرة كانت ستحتاج منه إلى زمن طويل كي يدركها، فهي
على أقل تقدير تنقل له الخبرات المكتسبة ممن سبقوه من كتاب أو نقاد}.
وشدَّد حلاق على أهمية {الموهبة} بالدرجة الأولى، {فالكاتب الشاب
إن لم يملك في داخله موهبة الكتابة مضافةً إليها الانهمام والعناد
والإصرار لن يخرج من هذه الورش أديباً}.
وقال: {من جهتي لم أنضم مسبقاً إلى مثل هذه الورش الكتابية، لكني
أستطيع القول أنني في مرحلتي الجامعية كنت أعيش مع ثلة من الأصدقاء
ورشة مستمرة خاصة وباجتماعات أسبوعية الغرض منها الارتقاء بالمستوى
ذاتياً... إذ لم نكن نعرف هذه الحالة في ثمانينيات القرن المنصرم}.
التدريب لا ينتج أديباً
وعن نتائج الورش التدريبية، أشار حلاق: {بكل تأكيد يمكن لأي ورشة
أن تؤتي ثمارها إن تمَّ الإعداد لها بشكل علمي سليم ليتعرَّف
الكاتب الشاب إلى خصائص كل عنصر من عناصر الرواية، ما يسهم بشكل
فاعل في تنمية مخزونه المعرفي (قراءة وبحثاً وتجربة)، ومن ثم
يتعرَّف إلى بعض العثرات الكتابية أو حالات التوقف وعدم القدرة على
المتابعة، كي يتمكَّن من المتابعة بسلاسة}.
أضاف: {يتدرَّب طلبة الورش الكتابية بما يشبه الفصل الدراسي حيث
نرى المجتهد أو من يتعامل مع الأمر على أنه مجرد رغبة عابرة. وفي
هذا الإطار، تكون الورش الكتابية عاملاً مساعداً على صقل الموهبة،
وبالتالي لا يمكن لأي ورشة أن تنتج مبدعاً بالتدريب فالإبداع بذرة
تحتاج إلى قليل من مياه المعرفة كي تنتش نبتة وتؤتي ثمراً}.
14
نصاً قيد الإنجاز
عن تجربته التي يقدمها مع الروائي إسماعيل فهد إسماعيل، قال:
{انتهت المرحلة الثانية من {محترف الكتابة السردية} الذي ينظمه
نادي إبداع الثقافي تحت مظلة هيئة الشباب والرياضة في الكويت،
ونستطيع القول إن ثمار الورشة بدأت بالتشكل من خلال ما يقرب من 14
نصاً روائياً قيد الإنجاز، وإن كنا نعتقد أن المسألة ليست بالعدد
ولكنها مؤشر إيجابي رائع، خصوصاً أن مجموع المتدربين يملكون حساً
سليماً ورؤية إنسانية جميلة وقدراً لا يستهان به من الثقافة
الجادة. وباعتقادي، سيشكلون في مرحلة لاحقة خير رد على أدب
الاستسهال الذي بدأ يغزو المكتبات والمعارض، وعلى مثلهم يمكن
التعويل لإبداع ظاهرة ثقافية مثمرة في المستقبل}.
تطبيقات عملية
أما الكاتبة بثينة العيسى، فلم تؤكد على {الموهبة} كما فعل الروائي
عبدالرحمن حلاق بقدر ما شددت على التدريب والمران، وقالت: {أؤمن
بالموهبة، ولكنها لا تكفي، إذ تم تضخيم مفهوم الموهبة ودورها مما
أدى إلى الحدّ الذي منع كثيرين من التطوّر، وهي لا تعني شيئًا من
دون تدريب ومران وساعات طويلة من القراءة}.
وشبهت العيسى الإعداد للورشة بإعداد كتاب منطلقة من تجربتها في
مشروع {تكوين} الذي أسسته، «فالعمل يتطلب أشهراً طويلة من البحث.
في البداية، أبحث عن كل الآراء ووجهات النظر والخبرات التي تناولت
الموضوع ونظّرت فيه، ثم أحاول إسقاط هذه الأفكار على تطبيقات عملية
قابلة للمناقشة، كأن أسقط وجهة نظر إليزابيث بوين عن الحوار
الروائي على حوارات غسّان كنفاني مثلاً}.
وحول جدوى تلك الورش ومدى نجاح نتائجها، ذكرت العيسى: {ما أتوقعه
من حضور الورشة يعتمد على درجة الاشتغال العملي والمدة الزمنية
لها. أن تجد علاقة بين النص، وبين النظرية، ثم تتجاوز الاثنين لأن
المطلوب من الفنان عموماً كسر القاعدة وليس الثبوت عليها، أن تركز
على منطق التجاوز وليس بالضرورة المخالفة، والأهم أن تعرف ويعرف
جميع حضور الورشة بأن كل ما تقوله لا يتحرك على أرضية الصواب
والخطأ، بل على أرضية السبب والنتيجة... هذا هو الجانب الأهم
المتعلق بالإعداد لورشة عمل}.
عباءة الكبير
تحدثت الكاتبة بثينة العيسى عن ورشة عمل قدمتها د. أروى الخميّس في
أدب الطفل، وقالت: {خرج الجميع من الورشة بفهم مغاير لمفهوم أدب
الطفل. اكتشفنا جميعاً أننا عندما نكتب للطفل نلبس عادة عباءة
الكبير، ونؤمن بضرورة وجود رسالة، ونكتب مثقلين بالوعظ. الأمر الذي
نرفضه في {أدب الكتاب} نمارسه بكل أريحية في {أدب الأطفال}. ورشة
من يومين كانت كافية لتحفيز الكثير من الأفكار الخلاقة للكتابة،
كذلك لتصحيح بعض المفاهيم الدخيلة على الأدب والحفاظ على هويته
الجمالية.
أتوقع من ورش العمل أن ترفع معايير الكتابة والنشر، وأن تتصدى لتلك
الخفة المزعجة في كتابة ونشر النصوص، أن تصقل الذائقة وتضيء
متطلبات الكتابة الإبداعية، وأن تشدّ على الجانب الحرفي منها، لأنه
الجانب الوحيد الذي يمكننا أن نعوّل عليه حتى نتطوّر}.
وحول جديد {تكوين} أشارت العيسى إلى ورش عمل في الرواية والشعر
والسينما برعاية استراتيجية من وزارة الشباب... ومفاجآت أخرى سيعلن
عنها في وقتها.
فجر يوم جديد: {الدمث} و{العدواني}!
كتب الخبر
: مجدي
الطيب
يعن لي متابعة الندوات التي تُعقد عقب عرض الأفلام لأتعرف إلى رؤية
وثقافة مخرجي الأفلام، وأحكم على شخصية أصحابها، وحجم ما يتمتع به
الواحد منهم من حضور و«كاريزما» بعيداً عن الموهبة التي يملكها أو
الحرفة التي يتقنها!
هذه العادة التي تمكنت مني أتاحت لي الحكم، بالكثير من الدقة، على
عدد غير قليل من المخرجين ذائعي الصيت، في مرحلة مبكرة من مسيرتهم؛
فمن خلال ندوات الأفلام عرفت المخرج «المُسالم» الذي يكتفي بما
قاله في فيلمه، ولا يضيف جديداً في الندوة تاركاً للمتلقي، وحده،
الوصول إلى ما أراد... والمخرج «العدواني» الذي يصل إلى مكان
الندوة، وقد عزم العزم على أن يرد «الصاع صاعين»، ويتحوَّل إلى
غريم للحضور... والمخرج «المتواضع» الذي يُنصت لما يُقال لكنه لا
يفوت سؤالاً مباغتاً من دون أن يتوقف عنده، ويراجع صاحبه، وربما
يُثني على ما قال. أما المخرج «الطاووس»، الذي يُشبهه الأشقاء
التونسيون بـ «الديك الذي يظن أن الشمس لم تشرق إلا لتسمع صوته»
فينظر إلى الحضور باستعلاء، ولا يتوقف عن التقليل من أهمية ما
يُثار أثناء النقاش، والتسفيه منه، بالسخرية مرة والتجاهل مرات،
بينما يتباهى المخرج «المُدعي» بأنه صنع فيلماً «لَا يَأْتِيه
الْبَاطِل مِنْ بَيْن يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفه»، ويحتاج إلى
«جمهور خاص» يتمتع بدرجة كبيرة من الوعي والثقافة تتيح له فهم
الإيحاءات، وإدراك الإشارات، واستيعاب رسائل الفيلم!
في الدورة الأخيرة لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية (16 – 21 مارس
2015) تجسدت الظاهرة مرة أخرى لكنها اتخذت منحى جديداً من خلال
المخرج «المُفسراتي»، الذي يجد نفسه عاجزاً عن إقناع الحضور بما
قدمه في فيلمه، ولا يكتفي بما شاهدناه على الشاشة، وإنما يُجهد
نفسه، طوال الندوة، في توضيح ما أراده من الفيلم، والتأكيد على أنه
كان يعني «كذا وكذا»، وأن فيلمه يتبنى رسالة ما يبدأ في تفسير
أبعادها،ويحفل بلغة جمالية يستطرد في التنبيه على مواضعها، مثلما
يذخر بلوغاريتمات يتطوع من تلقاء نفسه بفك طلاسمها!
هذا النوع من المخرجين يُعد مثالاً صارخاً للفشل كون الواحد منهم
«يفسر الماء بعد الجهد بالماء» وعاجز عن توظيف أدواته ليقول ما
يريد عبر قطعته الفنية بدلاً من التفرغ للشرح والتفسير،ما يجعله
مثاراً للتندر والسخرية من قبل بعض أصحاب الجملة المأثورة: «كان
ينبغي عليه أن يسبق عرض الفيلم بمذكرة تفسيرية يوزعها على الحضور»!
أما المخرج «المُبرراتي» فهو الذي يختلق الأعذار، ويسوق المبررات،
ليخفف وطأة «الكارثة» التي اقترفتها يداه، وتابعنا وقائعها على
الملأ؛ من خلال الزعم بأن «الأمن استولى على الكاميرا أثناء
التصوير، وتحفظ على بعض المشاهد المهمة» أو يحمل الرقابة مسؤولية
«التنكيل بالفيلم، وتشويه قضيته»، بينما يسعى ثالث إلى جذب تعاطف
الجمهور بالقول إن «المنتج غل يده، وضيق عليه، ولولا الموازنة
الضعيفة لأصبح قادراً على أن يباري فيلليني»!
بالطبع هناك المخرج «المُتسق مع ذاته»، الذي يعرف إمكاناته، ولا
يتخطى حدوده، وطوال انعقاد ندوة فيلمه يبدو دمث الخلق، شديد
الإيمان بأن مهمته انتهت بمجرد اكتمال نسخة الفيلم، وعرضه على
الجمهور، ومن ثم يبدو رحب الصدر أمام كل وجهات النظر، منفتح العقل
على كل الآراء، حتى تلك التي تنتقد الفيلم، ومن دون أن يدري، أو
يتعمد، يبدأ الجمهور في التعاطف معه، ويغفر له هناته، وللفيلم
ثغراته!
هنا يطرح سؤال نفسه: هل يلبي المخرج دعوة الحضور إلى ندوة فيلمه،
وفي نيته أن يرتدي قناعاً يُخفي به شخصيته الحقيقية أم أنه يجد
نفسه مدفوعاً، رغماً عنه، إلى ارتداء «القناع» في محاولة يائسة من
جانبه لصد أشكال الهجوم على فيلمه، وعليه؟
الأمر المؤكد أن امتلاك ناصية البيان، والمهارة في إدارة الحوار،
يحتاجان إلى مقدرة لا تقل أهمية عن الموهبة التي يتمتع بها المخرج،
ومن ثم فإن براعته في إقناع الحضور بشخصيته وثقافته ووعيه، وقبل
هذا كله «الكاريزما» التي يملكها، وتتيح له استقطاب الجميع من
حوله، نقطة جوهرية تؤدس دوراً كبيراً في مسيرته. ونجاحه، وكم من
مخرجين نجحت أفلامهم لكنهم فشلوا في التعبير عن أنفسهم، وعجزوا عن
تكريس صورة ذهنية إيجابية عنهم، إما لأنهم استسلموا للسطحية أو
اكتفوا ببراعتهم الحرفية، ولم يطوروا أدواتهم الحوارية، وإما لأنهم
استنكفوا التخفف من التجهم، وآثروا التعالي عوضاً عن التواضع،
وعاشوا في مسوح الحكماء والفلاسفة والعالمين ببواطن الأمور، وسرعان
ما تحولوا إلى أوصياء على الجمهور والنقاد معاً!
ربما نبالغ عندما نطالب القيمين على مخرجينا بالحرص على التزود
بالثقافة، والإلمام بمناحي الحياة، ومغادرة الأبراج العاجية التي
يعيش فيها بعضهم، لكنه يبدو مطلباً مبرراً، ومشروعاً، بالنظر إلى
وضعية مخرجين راحوا ضحية أفلامهم!
4
أفلام كوميدية تفتتح موسم الصيف السينمائي...
بطولات أولى مطلقة واستغلال نجاح سابق
كتب الخبر: هند
موسى
تستقبل دور العرض خلال موسم شم النسيم الذي يبدأ في أبريل المقبل
مجموعة أفلام انتهى صانعوها من تنفيذها، واللافت أن الطابع
الكوميدي يغلب عليها، في حين يشكِّل بعضها خطوات أولى في البطولة
المطلقة للمشاركين فيها. وفي مقابل كثافة الحضور النسائي في بعضها
يسيطر العنصر الذكوري على بعضها الآخر، بينما يستعين آخرون بنجاح
حققوه بشخصياتهم في أعمال سابقة.
قال مدير شركة {نيوسينشري للإنتاج والتوزيع} المنتج أحمد البدوي
لـ{الجريدة} إنه تقرر تأجيل فيلم {الخلبوص} من بطولة كل من محمد
رجب وإيمان العاصي، تأليف محمد سمير مبروك، وإخراج إسماعيل فاروق،
لتنافس الشركة في هذا الموسم بفيلم {كابتن مصر} لمحمد عادل إمام في
ثاني بطولاته السينمائية بعد إخفاقه في {البيه رومانسي}. وتشارك
إمام فيلمه الجديد مجموعة من نجوم الكوميديا الشباب من بينهم بيومي
فؤاد، وعلي ربيع، وأحمد فتحي، ومحمد سلام، والفيلم من تأليف عمر
طاهر، وإخراج معتز التوني.
تدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي حول لاعب كرة قدم، يجلس
احتياطياً في غالبية المباريات، وبعد فترة يقرر مدرب الفريق
الاعتماد عليه بشكل أساسي، وينجح في إثبات نفسه عبر تسجيله معظم
أهداف فريقه، ما يلفت الأنظار إليه في أندية أخرى تعرض عليه
الانضمام إليها. كذلك يقدِّم إعلانات عدة تمنحه شهرة إضافية،
ولكنَّ حادثاً يرتكبه أثناء قيادته سيارته واصطدامه بضابط شرطة
يقلب الأحداث كلها.
وإلى جانب كوميديا إمام التي يسيطر عليها الرجال في {كابتن مصر}،
تتصارع النساء على حسن الرداد في {زنقة ستات}، الذي كتب قصته هشام
ماجد وكريم فهمي، ويخرجه خالد الحلفاوي، فيما يتولى بطولته كل من
إيمي سمير غانم، وآيتن عامر، ومي سليم، ونسرين أمين.
تدور الأحداه حول شاب غني يقع في غرام فتاة طيبة، ويحاول الارتباط
بها ولكن ماضيه مع النساء يظلّ يلاحقه، ويمنع هذا الارتباط.
يشارك في بطولة {زنقة ستات} أيضاً بيومي فؤاد الذي أوضح أنه يجسد
في الفيلم دور طبيب أمراض نساء متزوج من أربع نساء، يُحبس ويظل طول
الأحداث يتحدث عن عشقه لهن، وعلاقته بهن.
وكان بعض الأخبار انتشر يفيد بأن الفيلم أجازته الرقابة على
المصنفات الفنية بشرط وضع لافتة {للكبار فقط} عليه نظراً إلى
احتوائه على مشاهد وجمل حوارية تحاكي الكبار، وهو ما نفاه رئيس
الرقابة عبد الستار فتحي، مشيراً إلى أنها إشاعة لا أساس لها من
الصحة، وأنه لم يحذف أي مشاهد من الفيلم أيضاً.
الكلام نفسه أكَّده أيضاً منتج العمل أحمد السبكي، مشدداً على أن
الفيلم عائلي ويمكن لأفراد الأسرة كلهم متابعته. وأوضح أنه ينتظر
آراء الجمهور بعد العرض لتأكيد عدم صحة هذه الإشاعات، لافتاً إلى
أن العمل كوميدي اجتماعي خفيف يساعد الجمهور في تغيير حالته
المزاجية.
من ناحية أخرى، اتجه بعض الفنانين إلى استغلال نجاح حققوه بشخصيات
معينة في أعمالهم السابقة، وذلك خوفاً من الفشل بعد النجاح، أو
كركيزة في المضي خطوة نحو البطولة. من بين هؤلاء محمد سعد الذي
يكرر شخصية {تتح} من فيلم بالاسم نفسه كان له الفضل في أن يسترد
سعد مكانته لدى الجمهور، ويحقق إيرادات مرتفعة وسط أفلام منافسة
بعد إخفاقه في أعمال سابقة، لا سيما {تك تك بوم».
استثمر سعد {تتح} في عمل سينمائي جديد بعنوان {حياتي متبهدلة}،
ولكن مع إضافات على الشخصية تتناسب مع طبيعة نوعية الفيلم، فهو ليس
كوميدياً بل كوميدي تشويقي تتخلله مشاهد رعب تتسبب في تعرض البطل
لمواقف عدة غريبة مختلفة عما تعرَّض له {تتح».
يشارك سعد في بطولة الفيلم كل من نيكول سابا، وحسن حسني، وأحمد
فتحي، وإيمان السيد، وحمادة بركات مجسداً شخصية {صفوت} صديق {تتح}،
الذي يشاركه مواقف غريبة يواجهها. أما التأليف فلسامح سر الختم،
والإخراج لشادي علي.
وبعد نجاح حققه بشخصية {فزاع} في المواسم الأربعة من {الكبير أوي}
مع النجم أحمد مكي، قرر هشام إسماعيل استغلال الأمر بتقديم فيلم
يحمل اسم الشخصية، والبطل شاب صعيدي يتعرض لمواقف كوميدية عدة في
رحلته من الصعيد إلى القاهرة، وما إلى ذلك من اختلاف في طبيعة
الحياة والعيش. يشاركه البطولة كل من سهر الصايغ، وسيمون، وعمرو
رمزي، فيما يتولى الإخراج ياسر زايد.
رأي
الناقدة خيرية البشلاوي قالت إن إخفاق بعض أفلام {إجازة منتصف
العام} في تحقيق إيرادات مرتفعة، أدى إلى خوف صانعي أفلام الموسم
الراهن من الفشل أيضاً، من ثم ضخوا أعمالهم الكوميدية بغرض جذب
الجمهور إليها، خصوصاً أن توليفة الكوميديا الاجتماعية أصبحت
معتادة في دور العرض، وليست بالأمر الجديد أو المستحدث في بعض
المواسم كالأعياد.
البشلاوي استدلت على حديثها بتحقيق فيلم {يوم مالوش لازمة} إيرادات
مرتفعة في شباك التذاكر تخطت 9 ملايين جنيه، وقالت: {الفيلم كوميدي
خفيف، والجمهور يرغب في أن يضحك بـ{إفيه} مباشر لا يستدعي منه
إعمال عقله. ولكن عموماً الأمر يتوقف على شكل الفيلم، وقدرته على
جذب الجمهور وإبعاده عن الأجواء الحاصلة في البلاد. |