كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

مذكرات الفنانة الكبيرة ماجدة الصباحى

ترويها لأول مرة بعد سنوات طويلة من الرفض

حلقات يكتبها: السيد الحراني

 

مازالت ذكريات الطفولة حاضرة بكل تفاصيلها الدقيقة ومعانيها الكبيرة وكأنها كانت بالأمس .. فمازالت الفنانة الكبيرة ماجدة تحكى وتقص كواليس وأسرارا مضى عليها خمسون عاما

وهى داخل خزينة أسرارها التى كانت تكتب عليها دائما ممنوع الاقتراب أو التصوير .. فالطفولة هى العامل الأول لتكوين الشخصية وهى الراسخة دائما فى الوجدان بكل ما فيها من مواقف كثيرة وتصرفات تبدو لنا جميعا فى الكبر غريبة ، وهنا تقول الفنانة الكبيرة ماجدة الصباحى ....

كنت أدرس فى مدرسة «جابيس» كما ذكرت من قبل وكانت مدرسة يهودية وكان اليهود المصريون متواجدين بأماكن كثيرة ومختلفة داخل مصر ولهم مدارس وتجارة كبيرة واليهود المصريون كانوا يتمتعون بسمعة طيبة وكانت تلك السمعة ناتجة عن معاملتهم الملتزمة وكان التجار منهم يتمتعون بقدر عال من الذكاء والنجاح وكان لنا أصدقاء كثيرون من بينهم ولقد تلقيت التعليم الأول فى احدى مدارسهم الداخلية وانتهت دراستى بها بعد ثلاثة أعوام كاملة وكان كل من أمى وأبى يداومان على زيارتى ويسمح لى بزيارتهما يوم العطلة الأسبوعية فجابيث كانت مدرسة أرستقراطية لا يرتادها إلا أبناء الطبقات العليا فى المجتمع وفيها كان يطبق نظام صارم جدا فى الدراسة والمعيشة «فوجبة الإفطار تكون عبارة عن ساندوتش وشاى بلبن والغداء ساندوتش والعشاء فواكه» والنوم والاستيقاظ يكون مبكرا وتعلمت فى هذه المدرسة كيف أستطيع تنظيم وقتى واستغلاله حتى أخر دقيقة وكنا نتلقى الدراسة باللغة الفرنسية ورغم أننى فى البداية كنت أرفض بشدة مدرسة «جابيس» لأنها ستتسبب فى أن أبتعد عن أسرتى طوال مدة الأسبوع إلا أننى عشقتها بعد ذلك واعتدت عليها وأصبح من أهم الأشياء التى تميزنى داخل المدرسة قدرتى على استيعاب كل ما يدور حولى ولقد كان اختيار الأسرة لتلك المدرسة أن ذاك بسبب كثرة الخلافات بين أبى وأمى فكانا لا يحبذون أن أتواجد فى هذا الجو المتوتر ولكن ظل أشقائى بينهم لكونهم فى سن تتيح لهم تحمل واستيعاب ما يجرى ..

وهنا قرأت الفنانة ماجدة ما يموج فى عينى من أسئلة أريد طرحها لأتعرف على إجاباتها حول والدها ووالدتها اللذين كان لهما التأثير الأول عليها فقالت .. لقد كان أبى يتمتع بخفة ظل منقطعة النظير ويحافظ دائما على ممارسة الرياضة ومازلت أتذكره وهو يمسك بقطعتين صغيرتين من الحديد يوميا فور استيقاظه من النوم فى الصباح ويؤدى بهم بعض الحركات والتمرينات الرياضية وكنت استمتع بمشاهدته أيضا وهو يقوم بالغناء ـ باللغة الإنجليزية ـ ودائما كنت أجده يتمتع بقدر عال من الأناقة والجسد المتوازن والبشرة البيضاء والوسامة نتيجة لجذوره التركية التى تعود لوالدته ، وأمى كانت هادئة الطباع وتتمتع بقدر كبير من الشفافية التى أهلتها لرؤية وقراءة الفنجان للأقارب والأصدقاء من الجيران ولقد قرأته لى وأنا طفلة وأكدت أنى سأكون من المشاهير والمرموقين ومن أصحاب المكانة الرفيعة فى مصر والعالم ، وبالطبع فى حينها لم اصدق ذلك ، وكنت أشاهد فى جلساتها مع صديقاتها لقراءة الفنجان شغف الجميع الملتفين حولها يترجونها لكى تقرأ لهم الفنجان فالجميع يريدون الاطمئنان على مستقبلهن مع أزواجهن كما أنها كانت تتمتع بصفات الطيبة والكرم والعطاء والتى كانت تظهر فى معاملتها مع الجميع «الجيران والأصدقاء والبائعين»وكنت وأنا طفلة وعند عودتى للمنزل فى الأجازة الأسبوعية أنزل من الأتوبيس فأجد بسطاء ومتسولين يجلسون على الرصيف فأصطحب أحدهم معى للمنزل بعد أن أعلم أنه لم يتناول الطعام منذ يوم أو يومين وتجدنى أمى أدخل عليها أناديها بأعلى صوتى فرحة وسعيدة بما أصنع وكان يتهلل وجهها بالسعادة وتبتسم لى ولضيفتى وتضع لها كل ما يكفيها من الطعام فكانت أمى دائما عطوفة وحنونة وتساعد الغير قادرين قدر استطاعتها ، وكانت هذه طبيعتى فى الطفولة فلابد أن أطعم احدا حتى اشعر بلذة وطعم ما أتناول فهذه هى الطباع التى نشأت عليها وتوارثتها عن أمى التى كانت أول من تعلمت منها وتأثرت بها فعاشت فى وجدانى حتى ألان .. ورغم أن أمى كانت تنتمى لأسرة الأرستقراطية والعائلة الثرية ودائما كان يوجد من يعمل على خدمتها داخل قصر الصباحية إلا أنها عندما تزوجت استطاعت أن تتعايش مع واقعها الجديد وتتحول من البنت المرفهة إلى الزوجة المثالية وتعلمت كل احتياجات الحياة الزوجية وذلك كان نتيجة لظروف أبى المادية لا تسمح بوجود من يعاونونها «شغالين» فى السنوات الأولى من الزواج وأصبحت فى النهاية سيدة منزل ممتازة..

بداية الحكاية مع التمثيل

زعيمة المراهقات (4 - 2)

أتذكر جيدا أن صديقات والدتى كنَّ جميعا من الأجنبيات «اليهوديات واليونانيات والإنجليزيات» ولكن كانت اليهوديات المصريات من جيراننا الأقرب إليها دائما وأتذكر منهن «روز وفورتينى وراشيل» وكنَّن دائما يأتين لزيارتنا ونذهب لزيارتهن ويتبادلن ويتهادين الأطعمة مع أمى تضحك الفنانة الكبيرة ماجدة وتقول ـ فأمى لم تتخلص من الطباع الريفية التى ورثتها فكانت فلاحة أصيلة وكان التهادى بالطعام جزءا أصيلا من طباع الفلاحين فى دلتا مصر .. فلقد تعلمت منها الكثير وتأثرت بها حتى وأنا أقف بعد ذلك أمام عدسات كاميرات التصوير ...

وكان والدى دائما لا يصادق إلا الشباب من أبناء العائلة ومن هم أصغر منه عمرا فيجلس معهم ويتعرف على مشاكلهم مرددا بأنه لا يطيق مجالسة كبار السن لأنهم يشعرونه بالعجز والشيخوخة وكان مطلعا وقارئا جيدا وعلى قدر عال من الثقافة ويعشق الضحك والنكتة ويستمع إلى موسيقى أم كلثوم وعبد الوهاب وبعض الموسيقى القديمة «الشيخ زكريا أحمد وعبده الحمولى وسيد درويش» ولا يشغل باله أى هموم غير أن يتمتع بمعيشة محترمة ولا يجعل نفسه عرضة للغضب أبدا ويعشق السفر والرحلات ويردد دائما بأن فى الأسفار خمس فوائد «معرفة ناس والاختلاط بناس ومعاشرة ناس ومكسب ناس وخسارة ناس» وأتذكر حادثة طريفة كنت فى حينها طفلة صغيرة لا أعى نتيجة أفعالى وتصرفاتى فغضب منى أبى عندما حضر لمقابلته بعض الأقارب من قريتنا «مصطاي» ولكنه كان مرهقا ويريد الراحة فأخبرهم الخادم أنه غير موجود وعندما هموا بالرحيل سمعوا صوتى وأنا أناديه أن يخرج من حجرته فضحك الضيوف الراحلون لما سمعوا منى ، وخرج أبى بعد رحيلهم غاضب بشدة لتصرفى الذى وضعه فى موقف حرج ولكنه سرعان ما نظر لبراءتى وغمرنى بقبلاته ...

ولكن رغم هذا الجو العائلى الدافئ إلا أنه كان يصاب فى بعض الأحيان ببعض العطب والمشكلات وذلك منذ أن بدأ أبى اعتياد زيارة صالات القمار وممارسته وهنا بدأت الخلافات بينه وبين أمى التى كانت رافضة بشدة لهذه العادة «التى تمكنت منه فيما بعد» ولكنه دائما كان يسوق لها الأسباب والأعذار التى ترجع لوضعه الاجتماعى الذى أصبح ماديا أفضل بكثير بعد أن حصل على ميراث أربعين فدانا من العائلة وبعد أن تدرج فى وظيفته حتى وصل إلى منصب وكيل وزارة ولكونه أصبح من كبار المضاربين فى بورصة القطن فكل هذه يتطلب فى أحيان كثيرة مسايرة الجو العام فى الحفلات التى يتم دعوته إليها ولكن أمى كانت لا تتقبل منه أى أعذار ..

انتهت دراستى فى مدرسة «جابيس» ثم التحقت بمدرسة الراهبات فى شبرا وأتذكر أن القاهرة فى هذا التوقيت كانت جميلة وهادئة وسكانها يتمتعون بصفات الطيبة على عكس ما أصبحت عليه الآن ، ورغم أن «جابيس» كانت مدرسة راهبات لكنها كانت تقبل التحاق المسلمات فلم يكن هناك فرق بين مسلم ومسيحى وكنا جميعا نتمتع بمعاملة متساوية داخل هذه المدرسة ولم يكن يشغلنا على الإطلاق ديانتنا فكنت كل ما اعرفه هو أن «تريزا» صديقتى وهى تعتبرنى أفضل صديقاتها فدين كل منا لا يتحكم فى علاقتنا لان الدين لله وهذا الوطن لنا جميعا لنعيش بداخله نحمل مشاعر الحب والسلام ، وكان أعز صديقاتى داخل المدرسة فى ذلك التوقيت «جريج يونانيون»وكانت أسماؤهن «فورتينى وكاليوبي» وفى نهاية الدراسة داخل مدرسة الراهبات أتذكر أحد المواقف التى تتعلق بحبى للتمثيل فكانت لى صديقة أخرى داخل المدرسة من هواة الفن وتوطدت الصداقة بيننا بعد أن جمعتنا هواية واحدة ونظمنا برنامجنا اليومى على أن نتخلف بعض الأيام عن المدرسة ونطوف بشركات السينما ولكن هذه الشركات كانت ترحب بنا لا كوجوه جديدة تصلح لأدوار البطولة بل كوجوه صالحة لأدوار ثانوية الأمر الذى لم يرض هوايتنا ورغباتنا الفنية وذات يوم كنا نسير بالقرب من دار الإذاعة وتوقفت صديقتى فجأة ونظرت إلى ونظرت إليها وقالت على الفور !ما هو رأيك ! ، ودون أن اعرف عما تسألنى قلت لها موافقة ودخلنا دار الإذاعة وطلبنا مقابلة المدير وقادنا موظف الاستعلامات إلى مكتب المرحوم «عبد الوهاب يوسف» الذى رحب بنا وسألنا ولماذا تريدان المدير .. وتولت صديقتى الإجابة لأننا نرغب فى العمل فى السينما وضحك المرحوم عبد الوهاب يوسف قائلا وما علاقة مدير الإذاعة بالسينما وأجابت صديقتى وعلامات الدهشة بادية على وجهها نرغب منه الموافقة على طلبنا وضحك عبد الوهاب يوسف قائلا اذهبا إلى أستوديو مصر وقابلا المدير فهو المختص بهذه الشئون ولكن هذه الإجابة لم ترضنا وقلت لصديقتى أن الرجل الذى قابلناه لا يفهم شيئا وبينما نحن نتحدث سويا إذا بشخص يتقدم نحونا ويسألنا عما نريده وأجبت أنا فى هذه المرة نريد أن نعمل فى الإذاعة وأجاب هذا الرجل هل تجيدان الغناء وأجبت أنا قبل أن تفتح صديقتى فمها بنعم وأنا صوتى مثل أم كلثوم فوافق وطلب منا اصطحابه لنجرى اختبارا وسألته عن هويته فأجاب بأنه«حافظ عبد الوهاب» وكنت اعرف من متابعتى لبرامج الإذاعة مكانة الأستاذ حافظ عبد الوهاب فى الإذاعة ووجدت أن الأمر سيتطور وتصبح المسألة جد وفى حيز التنفيذ فهمست فى أذن صديقتى أن تسرع بالخروج وخرجنا مهرولين من دار الإذاعة هربا من امتحان الغناء ...

وبعد هذا الموقف اكتشفت أن محاولتى لدخول الوسط الفنى غير نابعة من داخلى وأن صديقتى هى التى شجعتنى على البحث وقررت أن ما فعلته خطأ لا يجوز أن يتكرر وبالفعل أخفيت كل ما جرى وانتبهت إلى دراستى ولكن حدث أن نظمت المدرسة رحلة إلى أستوديو شبرا للتصوير السينمائى وكانت مثل هذه الرحلات من المزايا التى تمنحها المدرسة للطالبات كنوع من اكتشاف ما يجرى فى المجتمع وترفيه عن الطالبات وذهبنا جميعا لزيارة أستوديو شبرا وكان يمتلكه شخص يدعى «مسيو سابو» وكانت شقيقته احدى جيراننا وبالفعل استمتعنا كثيرا بالزيارة وما شاهدناه داخل الأستوديو وتعرفنا بعض الشيء على عملية تصوير الأفلام وأثناء تجولى ومعى صديقاتى «كاليوبى وفورتيني» فوجئت بالمخرج سيف الدين شوكت ـ وهو كان حضر للتو من المجر ليعمل على إخراج أفلام مشتركة بين مصر والمجر ـ يشير إلى صارخا ويقول أنا أريد هذه الفتاه ففزعت من الصدمة وقلت فى نفسى هذا الشخص أكيد مجنون وأصابنى الرعب عندما وجدته ومعه مسيو سابو يتقدمان تجاهى فقلت لهم ماذا تريدان أنا لم أفعل أى شيء خطأ فضحكوا وقالوا لى اهدئى ولا تخافى فنحن نقوم بتصوير فيلم أسمه «الناصح» بطولة إسماعيل ياسين ولم نقم ببدء التصوير لأننا نبحث عن فتاه تجسد دور البطولة أمامه ونقوم بعمل الاختبارات لمن نجد فيها مواصفات الدور ووجدنا لديك تلك المواصفات المطلوبة وهى الوجه «الشرق آسيوي» ونريد أن نجرى لك اختبار «تيست» أمام الكاميرا لنتأكد من أنك النجمة المطلوبة .. فكان هذا العرض بالنسبة لى بمثابة الصدمة وأفقدنى تقييمى للأمر فوجدت رفضى لعرضهم رد فعل سريعا ولكن كلا من «كاليوبى وفورتيني»صديقاتى كن يهمسن لى محاولين تنبيهى لقيمة العرض ويحرضانى على الموافقة وتأثرت برأيهن وأمام إلحاح سابو وسيف الدين شوكت وافقت على العرض وبالفعل لقننى سيف الدين شوكت جملة أقولها أمام الكاميرا التى كانت جاهزة للتصوير ، وأشرق وجها سابو وسيف الدين شوكت بعد انتهاء الاختبار معلنين عثورهم على البطلة التى كانوا يبحثون عنها منذ أشهر مهنئيننى بنجاحى فى الاختبار بعد أن أخبرنى سابو أن أزوره فى مكتبه ومعى والدى ليوقع العقد وغادرنا الأستوديو والجملة الأخيرة عالقة فى أذنى ووجهت تساؤلاتى إلى صديقاتى التى اعتبرتهن السبب فيما تورطت وأخبرتهن أنه من المستحيل أن أطلب من والدى الحضور أو أن أخبره بما جرى فطمانونى قائلين بأننا سنعتذر عن حضوره بحجة أنه مريض وأكدوا أنهم سيكونون معى دائما لتوجيهى ومساندتى واقتنعت بما قلن ثم تركتهن ذاهبة إلى المنزل وأنا فى حالة من المشاعر المختلفة والمتقلبة فخليط بين السعادة الغامرة والذهول والخوف ولاحظ أبى وأمى أننى فى حالة غير طبيعية وسألونى ليطمئنوا على وطمأنتهم ودخلت حجرتى أتخيل ما سيحدث فقد كانت كل معرفتى بالسينما وأفلامها من خلال تلك الحفلات التى كنت أذهب إليها أحيانا وأنا طفلة بصحبة أختى فى سينما «استرند» والتى هدمت وأقيمت مكانها بعد ذلك «سينما ديانا» وكانت لا تعرض سوى الأفلام الأجنبى ولكنى كنت أعرف أسماء وأشكال الممثلين المصريين من خلال أفيشات الشوارع والسينمات وكان اشهرهم فى ذلك التوقيت «يوسف وهبى وإسماعيل ياسين وحسن فايق وأمينة رزق وزكى رستم» ، ثم جاء اليوم التالى وبعد انتهاء اليوم الدراسى ذهبت لمكتب سابوا بعمارة الايموبيليا ومعى صديقاتى وبمجرد أن شاهدنى سألنى عن السبب وراء عدم حضور والدى وتعذرت بحجتى وقبلها ووافق على أن أوقع على العقد ولكن أكد أننى مازلت صغيرة ومن الممكن أن أتسبب فى مساءلة قانونية له فوالدى يجب أن يحضر ليقر أنه موافق على عملى بالسينما وكان عمرى فى حينها لا يتعدى الثلاثة عشر عاما وطمأنته وأكدت له ما أراد ووقعت العقد وحصلت على مبلغ مائه جنيه كان أول أجر لى بالسينما وفى تلك اللحظة كان بداية مشوارى فى الفن واحتراف التمثيل .. وخرجت من المكتب تغمرنى السعادة والخوف فقالت كاليوبى سنقوم بتأجير البواب ليمثل دور والدك أمام سابو إذا ألح فى طلب حضوره فرفضت ذلك بحجة أن والدى لن يكون عليه القيمة«فضحكوا» ولكنى أصررت على رفضى لهذا الحل ، ولكنى سألتهن عن كيفية حضورى مواعيد التصوير التى تتعارض مع مواعيد الدراسة فقالت فورتينى بالطبع ستتخلفين عن المدرسة ولكى لا يكتشف أحد ذلك ستغيرين عنوانك بالمدرسة وتعطيهم عنوانى وهكذا ستأتينى خطابات الغياب التى سأخفيها عن أعين الجميع أما نحن فستحضر كل منا معك يوما وتتخلف عن المدرسة اليوم التالى حتى ينتهى تصوير الفيلم فكان لصديقاتى الفضل الأول والأخير فى تشجيعى ومساعدتى لدخول الوسط الفنى وبالفعل بدأت أذهب إلى التصوير وسلمونى السيناريو الخاص بدورى وملابس الشخصية التى سأجسدها داخل الفيلم وكانت عبارة عن فستان وطلبوا منى أن أحتفظ به لدى وكنت أقوم بارتدائه تحت المريلة وأخفيه فور وصولى إلى البيت وظللت عدة أيام أغادر البيت صباحا حاملة كتب وكراسات الدراسة ومعى احدى صديقاتى ونذهب إلى الأستوديو وظللت على هذه الحال عاما كاملا ....

وأستطيع أن أقول أن جميع الظروف والعوامل خدمتنى ودفعتنى وثبتت أقدامى فى طريق الفن فلا أعرف حتى الآن كيف تم كل هذا رغم أننى لم أتعمد أن أفعل شيئا واحدا مما ذكرت ولكن كانت الظروف الأسرية فى هذه الفترة مساهما رئيسيا وكبيرا فى أن أداوم على حضور التصوير لهذا الفيلم على مدار عام كامل دون أن ينتبهوا لأى شيء فقد كانت أمى مريضة وترقد طريحة الفراش داخل احد المستشفيات بعد أن اجرى لها عملية جراحية ، وأبى فى عمله طوال الوقت ، وأخى توفيق دائما فى الخارج بسبب أعمالة التجارية ، وأخى مصطفى كان طالبا بكلية الشرطا«مدرسة البوليس» ولا يأتى للبيت إلا فى أجازات شهرية ، وأختى الكبيرة مشغولة مع خطيبها«احمد عثمان» وكان من الأبطال السياسيين البارزين فى تلك الفترة .. فالجو كان مهيئا تماما أن أقوم بتمثيل هذا الفيلم بدون أن يعلم احد من الأسرة ولكن هذا ما أراده لى الله ومن ضمن الأشياء التى خدمتنى وساهمت فى التزامى بالتصوير أن الفنان الكبير إسماعيل ياسين بطل الفيلم كان يعمل فى فيلمين ومسرحية بالإسكندرية ولظروف عرضها ليلا وتصوير الفيلم بالقاهرة صباحا كان يعطى لتصوير الفيلم الذى أشاركه فيه ساعتين فقط وكان هذا كافيا لأن أؤدى دورى وأعود إلى بيتى كل يوم دون أن يشعر أحد بما يجرى ... وكان أول مشاهد لى فى الفيلم بسيطة ومشجعه ألا أرتبك أو ينتابنى الخوف مثل «أنى بنت مسكينة وأقوم بتفصيل ملابس وأخر أقوم بفتح باب أو شباك وإغلاقه» وكان سابو والمخرج ومساعدا المخرج دائما يوجهوننى وكنت أقف أمام المرآة داخل حجرتى بالأستوديو وأقوم بتدريب نفسى بترديد دورى الموجود بالورق وحقا كانت بدايتى فرصة كبيرة لم تتح لفنانة من قبل فأول فيلم لى أقف أمام العملاقين إسماعيل ياسين وفريد شوقى ولكنى استطعت أن أتحمل تلك المسئولية فكنت ملتزمة دائما بحجرتى ولا أخرج منها إلا أمام الكاميرا وكان فريد شوقى لطيفا معى للغاية ، ولكن حدثت كارثة كبرى عندما أعطيت الفستان الذى تسلمته منهم لخادمه كانت تعمل لدينا ظنا منى بأنى لن احتاجه مرة أخرى «فلم يكن لدى الخبرة فى العمل الفني» وعندما ذهبت بدون الفستان فسألنى مساعد المخرج عنه فقلت له ما حدث فصرخ وكأن الدنيا تنهار من حوله وطلب منى أن أستعيده لأن العمل به لم ينته ولن يصلح أن يأتوا بغيره لأنهم لا يتذكرون ألوانه وذهبت مهرولة إلى المنزل أبحث عن الخادمة ووجدت أنها رحلت وجاءت غيرها نتيجة مشكلة حدثت بينها وبين أمى فعدت إليهم بعد أن بحثت عنها فى كل مكان ولم أعثر عليها فقاموا جميعا بتعنيفى وبكيت مما يحدث لى وتوقف الفيلم وأخرجوا النيجاتيف ليتعرفوا على ألوان الفستان وصنعوا فستانا جديدا أكملت به تصوير مشاهد الفيلم وبعد ذلك تعلمت أنى لا أفرط فى أى شيء استخدمه داخل العمل الفنى ....

وحدثت مواقف طريفة أخرى فدائما كنت أهرب إلى حجرتى أو الحمام عندما أشم رائحة صحفى داخل الأستوديو وكانوا يحضرون كثيرا لتصوير إسماعيل ياسين وعمل الحوارات الصحفية كنوع من الدعاية للفيلم حتى أنهم كانوا يسألون عنى كثيرا وبدأ سابو يغضبه هذا الاختفاء عن الصحافة ويؤكد لى أننى البطلة ويجب أن أجرى حوارات مع الصحف لكونها تعتبر دعاية مناسبة للفيلم ولى كوجه جديد ولكنى كنت أتعلل له دائما وكان يتقبل عللى بحنق شديد وفى احدى المرات لم يتقبل منى أى علل أسوقها إليه وأكد أنه سيعطيهم تصريحات عنى ولم أجد أى مفر من إصراره فوافقت ولكن باسم مختلف رغبة منى فى تغيير اسمى فتعجب من الطلب ولكن أمام إصرارى رضخ وأقترح على عدة أسماء اخترت من بينها «ماجدة» وكان رفضى لظهور أسمى الحقيقى «عفاف» خشية أن ينشر بالصحف وتتعرف عليه الأسرة وينكشف أمرى ، ومنذ ذلك التوقيت أصبحت «ماجدة» ....

وبالفعل لقد تلقت صديقتى خطابات مدرسية تنذر بتكرار غيابى عن حضور المدرسة أكثر من المدة المسموح بها وحمدت الله أن هدانى لهذه الطريقة و إلا كان فضح أمرى من الخطاب الأول حتى أننى كان تنتابنى بعض الأفكار التى تلح على بأن أترك العمل بفيلمى الأول «الناصح» ولكنى كنت أتراجع عنها وكانت تلك الهواجس ناتجة عن الخوف الشديد والرعب الذى أعيش فيه فكنت أشعر بأنى أرتكب جريمة كبرى وانتهى التصوير بعد ذلك وفوجئت بكارثة كبرى عندما تصفحت جريدة روز اليوسف ذات صباح فوجدت إحسان عبد القدوس يكتب «رحيق الشفق .. انتظروا بنت احد كبار موظفى الدولة تقوم ببطولة فيلم سينمائى بجوار إسماعيل ياسين» وبدأ القراء يسألون من تكون هذه الفتاه ويرسلون لإحسان بعض الأسئلة والاستنتاجات وفى نفس هذا التوقيت بدأ صناع الفيلم يقومون بالتحضير للحملة الإعلانية وتجهيز الأفيشات التى ستنشر فى الشوارع وعلى دور العرض «السينمات» وجاءوا لى بالمصورين والصحفيين لكى يلتقطوا بعض الصور التى سيستخدمونها فى هذه الدعاية ولكنى رفضت وصرخت وبكيت ولكن هذا لم يرض منتج الفيلم «سابو»وأعلن ثورته التى كان يحاول إخمادها طوال فترة التصوير مؤكدا أن رفضى من عدمه لن يغير مما يقدم علية لأنه فى النهاية أنتج سلعة يجب الإعلان عنها حتى يتعرف عليها الجمهور المستهدف خاصة بعد أن تحمل رفضى كثيرا ، وهنا لم أجد أى سبيل للهروب مما فعلت ورضخت لرغباتهم وقام المصورون الصحفيون بالتقاط مجموعة من الصور لى ، وانتابتنى مشاعر متقلبة ومختلفة وأفكار وهواجس جميعها تصب فى مصب الخوف ولكنى فى النهاية استقرت على شيء واحد وهو أن أعترف بكل شيء لأسرتى بدلا من اكتشافهم ما قمت به عند نشره بالصحف وكنت فى حالة من التفكير والحيرة والتمزق وأنا أقدم على تلك الخطوة الخطرة فكيف أخبرهم ؟ وماذا سيكون رد فعلهم ؟ وهنا أيقنت حجم الجريمة الكبرى التى اقترفتها دون تقدير لعواقبها واستقر تفكيرى فى النهاية على أن أمى ستكون أكثر أفراد الأسرة رأفة ورحمة بى وبالفعل ذهبت إليها حيث كانت طريحة الفراش داخل احد المستشفيات على أثر عملية جراحية أجريت لها ودخلت إليها وأنا فى حالة خجل شديد وأتلعثم فى الكلام وكأنى مقبلة على الموت وأتراجع فى كل لحظة أنوى لها الاعتراف بما فعلت ولكنى أخيرا استجمعت كل قوتى وأخبرتها بسرى الذى أخفيته عنها لشهور طويلة وأنا لا أملك سوى البكاء ففقدت الوعى من هول الصدمة وجاءها الطبيب والممرضات يحاولون إفاقتها وشعرت بالذنب الكبير الذى اقترفته فى حقها وبعد محاولات الأطباء استردت وعيها وهى تصرخ وتبكى وتردد عبارة من قبيل «ماذا سأقول لوالدك وأشقائك» ثم خرجت من المستشفى بعد ذلك وفى المنزل كان لقاؤها مع جميع أفراد الأسرة الذين ثاروا فور علمهم وضربنى شقيقى مصطفى الذى كاد يجن وصمم أبى على قتلى ولكن أمى أنقذتنى من يده وأقنعته أن موتى ليس هو الحل وأنه يجب أن نعقل التفكير والتدبير لحل تلك المشكلة وهنا دب الخلاف بينه وبين أمى ووجه لها اللوم والاتهامات وحملها نتيجة ما حدث بغفلتها عن رعايتى ، وكان خلافى هو الحد الفاصل فى سلسلة الخلافات التى كانت تشب بينهم منذ فترة سابقة كما ذكرت وهنا قرروا الانفصال وترك أبى المنزل ذاهبا إلى حياة مستقلة عنا ، وكان مسيو سابو بدأ بنشر التصريحات الصحفية معلنا عن شخصيتى وصورى للصحف وأيضا بنشر صورى للدعاية فى الشوارع وعلى أفيشات دور العرض السينمائى ، وفى تلك اللحظات رفع والدى دعوى قضائية على الفيلم ومنتجة موجها لهما تهمة استغلال فتاه قاصر دون الرجوع لولى أمرها لإدخالها الوسط الفنى واستغلالها فى ممارسة التمثيل داخل عمل سينمائى وتحريضها للتوقيع على عقد يلزمها بالتمثيل دون أن يكون لها الحق فى ذلك لأنها لم تتجاوز عمر البلوغ القانونى ، وتداولت الصحف أخبار القضية بشغف لم يكن متوقعا وتوقف عرض الفيلم بقرار من النيابة وجاء سابو المسكين إلى منزلنا ومعه سيف الدين شوكت «مخرج الفيلم» وحاولوا أن يقنعوا أبى بأننى كنت السبب فى كل ما حدث وأنى خدعتهم ولم أصارحهم بحقيقة وضعى الاجتماعى المرموق وتعمدت تضليلهم بإخبارهم أن والدى يوافق ولكنى كنت أتعذر دائما لعدم حضوره لكونه مريضا وكان ذلك محاولة منهم لأن يثنوه عن موقفه العصيب ضدهم ولكن أبى لم يكن يقتنع بما يرددونه فى كل زيارة وأكد أنه لن يثنيه أحد عن مواجهته للفيلم ومنعه من العرض وهنا راح يبكى ويرجو والدى العدول عن رأيه لأنه وضع أموالا كثيرة فى هذا الفيلم وسيعلن إفلاسه فى حالة عدم عرضه وكانت تنتهى زياراته المتعددة بأن يوجه سابو يديه للسماء ويطلب من الله أن ينتقم منى لأنى ضللته ولم أخبره بالحقيقة وتسببت فى كل ما هو فيه من بلاء ، ولكن أبى كان طيب القلب وكان يتأثر باستجداء الرجل له فرأف بحالة فى النهاية «الذى كان يرق له قلوب الكافرين» وتنازل عن القضية وعرض الفيلم وحقق نجاحا طاغيا خاصة بعد ما أثير حوله ووجدت شخصيتى التى قدمتها من خلاله قبولا هائلا وإعجابا منقطع النظير لدى الجمهور وبدأت شركات الإنتاج تأتى إلينا وتعرض على أبى أن يوافق على مشاركتى بأفلامهم ولكنه فى كل مرة كان يرفض بشدة وتكون ثورته شديدة تجاهى بعد كل عرض يأتيه وظللت حبيسة المنزل لعام كامل وبدأت أمى بعد ذلك يرق قلبها لبكائى وحزنى المتواصل وتقف بجانبى خاصة بعد نجاحى فى إقناعها طوال تلك المدة أن الفن والفنان لهما رسالة هامة وأن نظرة المجتمع لهما عبثيه وخاطئة وهى بدورها استطاعت إقناع أبى الذى رغم انفصالهما إلا أنهما كانا يتناقشان فى أى أمور تتعلق بنا نحن أبناؤهما ، ووافق أبى فى النهاية ولكن بشروط صارمة وذلك للحفاظ على شرف وسمعة الأسرة والعائلة ..

وظللت أذهب بعد ذلك إلى الاستوديوهات لتصوير المشاهد ولكن كان يجب أن يرافقنى أحد أفراد أسرتى وأستمر ذلك لمدة خمس سنوات حتى أطمأنوا لى ووثقوا فى .. وبالفعل بدأت أوافق على الاشتراك فى بعض الأفلام مثل «فلفل وبلال ومرت الأيام « وكنت فى العام الأخير بمدرسة الراهبات حين ذاك وأصبح زميلات المدرسة والمدرسات يشاهدن صورى على صدر الصحف وفى أفيشات الدعاية للأفلام ويذهبون للسينمات لمشاهدتى وأنا أقدم أدوارى وكانوا سعداء بما أقدمه ويشجعونى ومازلت أحافظ على صديقات الدراسة حتى ألان ومنهن فاطمة ناعورة التى عملت بالوسط الصحفى والإعلامى بعد ذلك وكانت تدير كبرى المجلات فى لبنان وتزوجت بعد ذلك من الكولنيل منير ساردوب مستشار رئيس الجمهورية اللبنانى فى نهاية الخمسينيات من القرن الماضى وكانت من المفارقات العجيبة بيننا أنها تزوجت فى نفس العام الذى تزوجت فيه وأنجبت فى نفس العام الذى أنجبت فيه وكنا ومازلنا يجمع الحب بيننا رغم أن معيشتها دائما فى بيروت وأنا فى مصر ودائما تداوم على زيارتى كلما جاءت إلى القاهرة فى زيارة لأقاربها ـ

وانتهت دراستى داخل مدرسة الراهبات وحصلت على شهادة التخرج التى تعادل الثانوية العامة حاليا ....

ثم بدأت بعد ذلك أتفرغ بشكل كامل للعمل السينمائى الذى كان قد بدأ يشغلنى كثيرا ولكن رغم أن أفراد الأسرة أصبحوا مرحبين بعملى السينمائى إلا أن ما كان يحزننى عدم رضا شقيقى مصطفى عنه وتسبب ذلك فى أنه ظل لسنوات طويلة لا يتكلم معى إلا فى أضيق الحدود ولا يحاول مشاهدة أفلامى ...

وقدمت فى تلك الفترة فيلم مرت الأيام وكان من تأليف مصطفى كامل حسن المحامى وإخراج أحمد ضياء الدين وكان معى فيه كل من يحيى شاهين وسناء جميل ووداد حمدى وكان تدور قصته حول «أنه داخل الجامعة تعجب طالبة بأستاذها المثالى دون أن يشعر بها الأستاذ ويتقدم الأستاذ إلى الأسرة ويخطب الأخت مما يصدم الطالبة وتقرر أن تكتم مشاعرها وأن تستمر فى الدراسة ويتزوج الأستاذ من الأخت وتمر الأيام دون أن تنطفئ جذوة الحب يكتشف زوج الأخت حقيقة مشاعر الطالبة نحوه ويبدأ فى مبادلتها نفس المشاعر تبعا للاهتمام الشديد به ويكاد الاثنان ينجرفان إلى تيار ملىء بالخطأ وأمام هذه المشاعر المتدفقة توافق على الزواج من شاب لا تحبه تقدم لها يحاول زوج أختها إقصاءها عن فكرة الزواج لكنها تخبره أن ما يجمعهما من حب هو المستحيل بعينه» وكان ذلك الدور جديدا ومتطورا وأحببته كثيرا واستطعت من خلاله أن أضيف خبرات جديدة إلى وعيى ....

ثم بعد ذلك أصبحت أختار أدوارى بعناية خاصة بعد أن أصبح لى أسلوبى وطريقتى الخاصة فى أداء الأدوار واكتسبت خبرة لم تكن موجودة لدى فى البداية فى كيفية التعامل مع الموضوع الذى أشعر به والذى يضيف لخبراتى ورصيدى الفنى ولهذه الأسباب كنت دائما مقلة فى قبول الأفلام ورصيدى منها لم يتجاوز على مدار أربعين عاما هو عمرى الفنى الـ 65 فيلما وكان من الممكن أن يكون رصيدى فى مكتبة السينما أضعاف هذا الرقم إذا كنت أعمل مع شهيق وزفير وأتعامل مع الفن على أنه مجرد مهنة وليس رسالة صعبة يجب تقدير مسئوليتها ....

وهنا أتذكر أننى كنت أتمنى أن أجسد دور حميدة فى فيلم «ميرامار» الذى أخذ عن رواية الأديب العالمى نجيب محفوظ ولكن الدور لم يأتنى وكان ضمن عيوبى القاتلة فى تلك المرحلة أننى لم أكن ممن يذهبون إلى مخرج أو منتج ويطلبون منه تجسيد دور أو شخصية معينه كما كانت تفعل زميلات أخريات فكانت كرامتى وكبريائى فوق كل اعتبار ، ولكن أذهلنى تجسيد شادية لهذا الدور عندما ذهبت لأشاهده فى العرض الخاص فوجدتها أبدعت فى خروجه بهذا الأداء الرائع الذى أشاد به الجمهور والنقاد وهنأت شادية عليه وكان الفيلم ناجحا ومازال يعيش فى أذهان الجمهور حتى الآن وأتذكر أننى ذهبت بعد أن قررت خوض غمار تجربة الإنتاج إلى نجيب محفوظ للتعاقد معه على رواية من مؤلفاته كانت قد أعجبتنى ورحب بى بمجرد أن شاهدنى فكان رجلا شهما وطيبا دمث الخلق كريم الطباع إلى أبعد مدى وعندما علم ما أريد رفض إعطاءها لى وقال لى «يا ماجدة رواياتى لا تناسبك» فسألته عن السبب فأكد لى لأنها تناقض شخصيتى وأدائى فى التمثيل قائلا «أنتى أدوارك تستطيع أن تدخل كل بيت وكل أسرة ويتقبلها الجميع بينما أدوار بطلات روايتى لا يتقبلها الجميع»ورجانى ألا أغضب من رأيه فأكدت له أننى لا يمكن أن أغضب من رجل تتوافق طباعه مع طباعى فهو مثلى يعلم عبء الرسالة التى يحملها وحريص على أن يوصلها للجمهور بالشكل الصحيح ، فلم يكن رفض نجيب محفوظ لشكه فى قدراتى التمثيلية ولكن بالعكس فقد كان دائما يتغزل فى أدائى وطريقتى فى التمثيل ولكنه كان يقصد أن الغالبية العظمى من رواياته الإثارة والإغراء جزء رئيسى فيها وهذه الأدوار لا تتناسب معى فأنا كان لى دائما قالبى الخاص الذى يتمتع بالهدوء وتجنب الإثارة وكانت هذه شروطى عند قبول أدوارى وأعتاد الجمهور أن يشاهدنى فى هذا الإطار وكان الجميع يرى أننى أمثل جزءا من أسرتهم «أختهم أو ابنتهم أو قريبتهم»...

الأهرام اليومي في

02.01.2015

 
 

نور الشريف يواصل حوار المصارحة والحقائق مع «الوفد» (2):

الوضع السياسى مرتبك و"السيسى" فى مواجهة مع الفاسدين

أجري الحوار: صفوت دسوقي تصوير: راجي ماجد

يري الفنان الكبير «نور الشريف» أن الشخص عديم الموهبة يتحول إلي حاقد، هوايته التجريح والتشهير، وأنه عاني كثيراً خلال مشواره الفني من ناس ضعيفة حاولت عرقلة طريقه..

ولكنه رفض الالتفات إلي هذه المحاولات وتمسك بالوصول إلي قلوب الناس.. في الحلقة الأولي من حواره لـ «الوفد» اعترف «نور الشريف» بأنه ليس نادماً علي اختيار الفن طريقاً لحياته وأنه بعد «نكسة 67» سافر إلي بيروت بحثاً عن عمل ورغم الإغراءات المالية لم يتنازل عن قناعاته ولم يقدم أفلاماً سيئة السمعة.. قال أيضاً إنه غضب من أمه لأنها تزوجت بعد رحيل والده وغفر لها بعدما نضجت أفكاره ودرس علم النفس.

اليوم يمتد بنا الحوار مع الفنان الكبير حول محطات مهمة في حياته الشخصية والفنية وآرائه في عدد من القضايا السياسية.

·        بعين الفنان المثقف كيف يقرأ نور الشريف ملامح المشهد السياسي؟

- الوضع السياسي مرتبك بكل تأكيد، ولكن بأي حال من الأحوال هو أفضل من السنوات الماضية، من المنطقي أن نطمع في ممارسة ديمقراطية حقيقية، ونحلم بنهضة اقتصادية قوية وعدم سيطرة الاحتكارات ولكن علينا أن ندرك أيضاً أن كل هذه الأشياء مستحيل تحقيقها في يوم واحد، أنا بطبعي متفائل، وأطالب الشعب المصري بالصبر وعدم الاستعجال علي الرئيس عبدالفتاح السيسي، فهو شخصية وطنية ولديه أحلام عريضة وأمامه تحديات كبيرة.

·        في رأيك.. ما التحديات التي تواجه النظام الجديد؟

- مصر تتعرض لضغوط داخلية وخارجية.. الرئيس عبدالفتاح السيسي بيحلم بإنصاف وإسعاد الفقراء، والنظام العالمي الجديد لن يسمح له بذلك، وبصراحة شديدة أنا معجب بأداء السيسي فهو يتبني منهجاً رائعاً في السياسة الخارجية، والشواهد تؤكد ذلك فقد قام بزيارة لروسيا وبعد هذه الزيارة تغير الموقف الأمريكي 180 درجة ولذا أرسلت طائرات الأباتشي، ومؤخراً قام الرئيس بزيارة للصين فهو يريد التأكيد علي أن مصر لن تقع في حضن أمريكا فهو يبحث عن مناورة مع العالم الخارجي، وبخصوص الضغوط الداخلية فهناك خطر كبير بسبب الطامعين والفاسدين الراغبين في تنمية ثرواتهم، وكما قلت في بداية حديثي هناك أحلام كبيرة يعلقها الناس علي النظام الجديد والاقتصاد الرأسمالي لن يسمح بتحقيق هذه الأحلام، بمعني أن الاستثمارات الجديدة لن تكون في صالح الفقراء، حتي تسعد الفقراء يجب أن تمنحهم امتيازات، والاقتصاد الرأسمالي يرفض الاعتراف بالقطاع العام، لذا أناشد الرئيس عبدالفتاح السيسي بعمل توازنات في الصناعات والزراعات التي تخدم المواطن.. افتح الأبواب أمام الاستثمارات الجديدة، وفي الوقت نفسه يجب أن نحقق الاكتفاء الذاتي في كافة المجالات دون المساس بلقمة العيش حلم الفقراء.

·        في الفترة الأخيرة زادت الأسعار ولم تستوعب الحكومة ضيق الشعب.. بماذا تفسر ذلك؟

- قد تلجأ الحكومات إلي رفع الأسعار تفادياً لحدوث أزمة اقتصادية أو لمواكبة الارتفاع في الأسعار عالمياً، لكن المشكلة أن هناك مستغلين وطامعين يحاولون الاستفادة من أي وضع ومهما كانت الظروف، كل الشعوب بكل أسف تضم الفاسدين والطامعين والمستغلين، في غزة علي سبيل المثال يعيش الناس تحت الحصار وتجد التجار يرفعون الأسعار إلي الضعف، ولا أعرف أين الوطنية وأين الإحساس بالمعاناة تحت وطأة الحصار، في مصر أيضاً لدينا طامعون وأتصور أنهم سوف يحاولون عرقلة طريق الرئيس.. أنا بالمناسبة ضد الصدام مع الطامعين وأتصور أن الرئيس لديه رؤية للتعامل معهم، يجب أن ندرك أن الحكومات لا تفرض الشروط ولكن الاقتصاد الحر هو الذي منح رأس المال القوة لتغيير الواقع السياسي، باختصار رأس المال الجديد ليس له قلب.

·        قلت إن مصر تتعرض لضغوط عالمية.. فهل تعد قطر إحدي الدول التي تمارس هذه الضغوط؟

- أنا ضد الخلافات العربية - العربية، قطر دولة شقيقة وتم استخدامها من جانب أمريكا لتفتيت تقسيم المنطقة، كنت أتمني أن تتقدم الحكومة المصرية بطلب للحكومة القطرية لإنشاء قناة تحمل اسم «قناة النيل المباشر من قطر» علي غرار «الجزيرة مباشر مصر»، بكل تأكيد كانت قطر سترفض الطلب وكأي موقف من جانب مصر سيكون منطقياً، أنا مع الآراء التي تنادي باحتواء الخلافات العربية سريعاً وكنت ضد الموقف الغريب من الجزائر، شيء مضحك أن تخلق مشكلة بين الشعوب بسبب مباراة كرة قدم.. ولذا يجب أن أتوجه بالشكر للأمير عبدالله العاهل السعودي علي دوره الكبير في تقريب المسافات بين قطر ومصر واحتواء الأزمة سريعاً.. مصر دولة كبيرة والغرب يدرك جيداً أنه لا مستقبل في المنطقة العربية دون مصر.. لذا تتغير السياسات والمواقف وفقاً لنظرية المصالح.. كما قال ونستون تشرشل وزير الخارجية الإنجليزي في عالم السياسة: «لا توجد صداقة دائمة ولكن توجد مصالح دائمة».. هل يعقل أن دول الاتحاد الأوروبي التي كانت في حالة حرب كبيرة هي الحرب العالمية الثانية تربط بينها الآن عملة واحدة، لذا اندهشت من الناس التي تبالغ في الخلافات بين العرب وترفض الإنصات إلي التاريخ، فالجزائر وقفت بجانبنا في حرب مصر 73 ومن الخطأ أن نخسرها أو نفقدها.

·        ما الأشياء التي تثري الحياة السياسية في مصر من وجهة نظرك.. هل هناك شخصية علي المسرح السياسي تستفز الفنان بداخلك؟

- بصراحة شديدة كل التيارات السياسية لا تدرك ما يحتاجه الناس في الشارع.. في أيرلندا أسس سياسي جديد حزباً، وفي وقت قصير جداً نجح في الفوز في الانتخابات فاز بأغلبية كاسحة والسبب هو أنه استطاع الوصول للناس، الإخوان أدركوا ذلك مبكراً، وصلوا للناس بالدروس الخصوصية والزيت والسكر باختصار قدموا خدمة ملموسة للناس.. فقد انتهي زمن الوعود ومن يريد العبور إلي عقل ووجدان الناس يجب أن يقدم أشياء وخدمات ملموسة للناس.. وبخصوص وجود شخصية تستفز الفنان بداخلي فلا يوجد علي المسرح السياسي ما يبهر أو يدهش، نحن نحتاج إلي وجوه سياسية جديدة تمارس العمل السياسي بآليات ورؤي جديدة.

·        بخصوص الإخوان المسلمين.. هل تؤيد المصالحة معهم أم ترفضها؟

- أنا ضد المصالحة مع جماعة الإخوان لأن العنف مستمر.. يجب الإشارة إلي أن موجات العنف التي تضرب مصر ليست كلها من جانب الإخوان، هناك جماعات إسلامية أخري تتبني منهج العنف.. أقول للإخوان المصالحة تقتضي التخلي عن العنف «ارمي بياضك علشان أصدقك».. قتل الناس بشكل عشوائي أمر مؤلم ومحزن.. وعلي قادة الإخوان الانتباه إلي أن العمل السري خطير وله حدود وأن يدركوا أن من يقف بجانبهم اليوم سوف يتخلي عنهم غداً.. فقد مارس الإخوان العمل تحت الأرض، وعندما خرجوا للنور فشلوا في التعامل مع الناس.. وسؤالي لهم: ماذا يفيد قتل مجند برىء أمام السفارة وهل هذا سيخدم ويحقق أطماعهم في الوصول إلي كرسي السلطة؟

·        كانت هناك أصوات تنادي بتأجيل الانتخابات البرلمانية.. تتفق أم تختلف مع هذه الأصوات؟

- بالعكس أنا ضد هذه الأصوات ومؤيد بشدة لوجود برلمان قوي.. ميزة البرلمان أنه يجبر التيارات السياسية باختلاف أفكارها وتوجهاتها علي العمل في النور، لو غاب البرلمان ستضطر التيارات السياسية للعمل في الظل، وهذا سوف يخلق موجات عنف جديدة تربك الحياة السياسية وتعطل مسيرة البناء والتنمية.

·        عودة إلي الفن.. ما رأيك في تطوير وترميم المسرح القومي؟

- لم يعجبني تطوير وترميم المسرح القومي وكنت أتمني أن يكون تجديده عربياً إسلامياً، عندما ذهبت للمشاركة في حفل الافتتاح وجدت مثل حائط زجاجي تقليد للمسرح الفرنسي، وعندما تسأل القائمين علي الأمر يقولون إن الهدف هو المزج بين الحداثة والماضي، كنت أتمني أن يحتفظ المسرح بشكله القديم، وأندهش من الشخص الذي وافق علي اعتماد هذا التصميم، كان ينبغي عليه أن يدرك أن المسرح موجود في منطقة العتبة المزدحمة بالمحلات والسكان وأن الحائط الزجاجي سوف يكون عرضه لتراكم الأتربة، والسؤال: كم ستكون تكلفة نظافة هذا الحائط؟.. يا ريت احتفظ القائمون علي الأمر بشكل المسرح القومي القديم واهتموا ببناء مسرح جديد في مكان آخر، بالمناسبة فقد طالبت كثيراً بإنشاء مجمع مسارح في أكتوبر، ولكن لا شيء يحدث ولا تلقي دعوتي أي استجابة، ويجب أن يعلم الجميع أنه لا مستقبل للحياة الثقافية في مصر دون وجود مسرح في المدرسة أو مسرح في الجامعة.. الحياة الثقافية تحتاج إلي المسرح والسينما والاهتمام بكل روافد الإبداع.

·        قدمت مجموعة متميزة من الأفلام جمعت بينك وبين محمود عبدالعزيز وحسين فهمي وحسين الشربيني.. لماذا لا تفكر في تكرار التجربة؟

- «جري الوحوش» و«الإخوة الأعداء» و«العار» و«الشياطين» كلها أفلام لم تعتمد علي بطولة الفرد، اعتمدت فقط علي البطولة الجماعية، وحتي تكرر التجربة يجب أن تجد الورق الجيد الذي يفتح شهية الممثل للدور، كان الفنانون الكبار يوافقون علي العمل دون تردد لأن كل واحد يجد الدور الذي يناسبه ويجعله يدخل في منافسة مع صديقه، المنافسة دائماً تنتج أشياء متميزة، خاصة في الأعمال الإبداعية.

·        حدثني عن علاقتك بالفنان الراحل أحمد زكي ولماذا حذرته من فيلم «ناصر 56»؟

- لم أحذر أحمد زكي من فيلم «ناصر 56» بالعكس شجعته علي تقديم الفيلم، ولكن حذرته من التأخير في بيع الفيلم، قلت له إن هناك من يتربص به وسوف يتآمرون عليه ولكنه لم يستمع إلي نصيحتي، أخر بيع الفيلم وعندما فكر في البيع تآمروا عليه واشتروا الفيلم بتراب الفلوس، واتصل بي وقال لي نادماً: «يا ريتني سمعت نصيحتك وبعت الفيلم بدري».. فقلت له: «مفيش حد بيتعلم ببلاش»، أحمد زكي كان إنساناً طيباً جداً، وفناناً متميزاً ولم يكن يجيد أمور التجارة والإنتاج، لذا دفع الثمن غالياً في فيلم «ناصر 56».

·        أعرف جيداً أنك تحب الموسيقي ومغرم بالأصوات الجيدة في هذه الأيام هل تشعر بالرضا من الغناء؟

- في هذه الأيام أستمع فقط للموسيقي العالمية، لدينا أصوات جيدة في مصر ولكن الاحتكار أفقدها جمالها.. ولكن يظل محمد منير حالة استثنائية لأنه خارج الاحتكار ويقدم أشياء للجمهور، ولكني لا أبحث عن عمرو دياب لأن الفكر الاقتصادي القائم علي الاحتكار يتحكم في الاختيارات ويتحكم أيضاً في موعد نزول الألبومات.. شيرين وآمال ماهر وأنغام، أصوات ممتازة ولكن الاحتكار له تأثير علي تجاربهم الغنائية، أنا بصراحة حزين علي الغناء وحزين علي حال المسرح وخايف أحزن علي مستوي الأعمال الدرامية، ففي السنوات الأخيرة فوجئت بلغة الحوار في الأعمال الدرامية صادمة بشكل كبير واندهشت من هذا التحول.

·        من المسئول في نظرك عن الابتذال والإسفاف في الأعمال الدرامية؟

- شاهد البرامج الحوارية كيف تعرف من المسئول.. أتصور أن هذه البرامج سبب رئيسي فيما حدث.. لا أعرف ما المبهر في التلاسن أمام الكاميرات، هناك حالة من الانفلات في لغة الحوار، بعد الثورة حصل انفلات في البرامج السياسية، والمؤلف في الأعمال الدرامية مطالب بنقل الواقع للناس، ولكني ضد نقل الأشياء السلبية والسيئة كما هي.. الفن هو إعادة خلق للواقع، لذا أطالب كُتاب الدراما بالحذر في الحوار لأن التليفزيون داخل كل البيوت وتأثيره قوي ومباشر.

·        كيف تري أداء الدكتور جابر عصفور في منصب وزير الثقافة؟

- من الصعب أن أقول رأيي في جابر عصفور لأنه صديقي وشهادتي فيه مجروحة ولكني متفائل بأن مصر ستكون أفضل اقتصادياً وثقافياً بشرط أن يصبر الناس لأن حجم التحديات كبيرة وتحتاج منا مواجهة حاسمة، وأتصور أنه يجب علي الجميع العمل وإتقان العمل حتي نستطيع عبور محنة التغيير والوصول إلي ما نرجو ونتمني.

·        تؤيد أم تعارض اشتغال الفنان بالسياسة أو إبداء الرأي في القضايا المهمة؟

- دائماً أقول إنني ضد إحراج الفنان وإقحامه في قضايا سياسية، هناك بعض الفنانين يحاولون الاقتراب من الأنظمة السياسية ولأنهم لا يمتلكون الثقافة السياسية يقعون في الفخ ويخسرون الناس الذين يحبونهم ويخسرون أيضاً مساندة الأنظمة السياسية لأن الثابت في الحياة هو التغير والواقع السياسي يتغير دائماً وليس ثابتاً.. وإذا قرأت الواقع بعد ثورة يناير ستكشف أن هناك أناساً غيرت رأيها وغيرت مواقفها، لست ضد أن يبدي الفنان رأيه في أي قضية سياسية ولكن يجب أن يكون فاهماً وواعياً، ودائماً أطالب بعدم إحراج الفنانين والاستعانة بآرائهم في قضايا سياسية ملتهبة.

·        يتوقع عشاق نور الشريف أن نري عملاً مبهراً في رمضان القادم.. فما مصير مسلسل «أولاد منصور التهامي»؟

- بالفعل يجري التحضير لهذا المسلسل وأتوقع أن يكون مبهراً جداً ولكن حتي هذه اللحظة لم يتم اختيار فريق العمل ولكن تم الاستقرار علي أن يكون سميح النقاش هو المخرج، وأري أنه سيقدم شيئاً محترماً وجيداً.

·        هل تشعر بالانزعاج بسبب الغياب عن الجمهور؟

- لا أشعر بالانزعاج بسبب الغياب.. الحمد لله أرشيفي يضم أعمالاً سينمائية وتليفزيونية جيدة وكلها تحمل اسمي، وأفضل الغياب والابتعاد عن الحضور بعمل ضعيف أو يسحب من رصيدي في قلوب الناس.. أنا أفضل الغياب إذا لم أجد عملاً جيداً، وعندما أجد الشيء المميز أتمسك به وأهتم بتقديمه في شكل محترم ينال إعجاب الجمهور والنقاد.

·        ما رأيك في الآراء التي تطالب بإلغاء الرقابة علي المصنفات الفنية؟

- إطلاق الأحكام في العموم غلط، يجب أن يكون لدينا رقابة تحذف وتضيف.. السينما وسيلة للمعرفة فقد شاهدت فيلم «نوح» الممنوع من العرض في مصر، وبعد المشاهدة تأكدت أن المنع قرار إيجابي لأنه يضم أخطاء كبيرة، أنا مؤيد لوجود رقابة من الأزهر علي الأعمال الدينية، لحماية الناس في التضارب في الأفكار.

محطات فى حياة «نور الشريف»

·        ليلة البيبي دول «2008»

·        مسجون ترانزيت «2008»

·        عمارة يعقوبيان «2006»

·        دم الغزال «2005»

·        اختفاء جعفر المصري «2002»

·        الظالم والمظلوم «1999»

·        المصير «1997»

·        الهروب إلي القمة «1996»

·        ليلة ساخنة «1996»

·        الرقص مع الشيطان «1993»

·        131 أشغال «1993»

·        ناجي العلي «1992»

·        دماء علي الأسفلت «1992»

·        الصرخة «1991»

·        البحث عن سيد مرزوق «1991»

 الجزء الأول:  نور الشريف: أصارع المرض منذ 18 شهراً

الوفد المصرية في

02.01.2015

 
 

طارق الشناوي يكتب:

«القط» فيلم كاجوال يرتدي سموكن!

سينما توغراف

مع اللقطة الأولى حرص المخرج ابراهيم البطوط على أن نظل نتابع البطل بدون أي يلجأ للقطع ولم استشعر سوي أنها لمحة استعراضية عندما تُصبح اللقطة هي المشهد بدون ضرورة درامية، وسوف تلمح بعد ذلك أن هذا هو قانون المخرج في كل تفاصيل فيلمه «القط» وكأنه يقول لجمهوره «أنا أهه أنا أهه عجبكم إخراجي».

أتابع تجربة المخرج ابراهيم البطوط بقدر كبير من الاهتمام وعلى مدي عشر سنوات منذ أن قدم فيلمه الروائي الأول «إيثاكي» وأتذكر انني كنت عضوا في لجنة تحكيم المركز الفرنسي ومنحته اللجنة وقتها بالاجماع الجائزة، وبعدها تتابعت أفلامه وكان أفضلها ولايزال هو فيلمه الثاني  «عين شمس»، إلا أن أهم ما قدمه البطوط  للسينما المصرية حتى الأن ليس الافلام التى عليها توقيعه كمخرج ولكن لأنه صار ملهما لجيل جاء بعده من المخرجين وواصلوا الطريق لما دأبنا أن نطلق عليه في مصر «سينما مستقلة» هي تسمية تحتاج الى كثير من التمحيص ليس الأن مجالها.

من خلال فيلم بطوط الجديد «القط» تلمح في ثنايا المعالجة رغبة تجارية لزيادة دائرة الاهتمام الجماهيري على حساب الرؤية الفنية إنه الاسم الحركي لبطل الفيلم عمرو واكد وتوقف أمام قضية شائكة وهي الاتجار بالاعضاء، وهي ليست منظومة فساد محلية في العالم كله بل هناك تجارة عالمية، سبق مثلا من عام أن شاهدنا ذلك في «الحرامي والعبيط» بطولة الخالدان «صالح والصاوي» واخراج محمد مصطفي.

المخرج وهو أيضا كاتب السيناريو، وأفلام البطوط لا يمكن سوى أن تعبر عنه بكل التفاصيل، القط يطارد تلك العصابات المنتشرة والفيلم  أراد  بتعسف  أن يمنحه عمقا فكريا ميتافيزيقيا بينما الامر لا  يعدو  كونه رؤية تجارية هناك اشتغال على مستوي الصورة لنرى ثراء وزخما في الكادر وأيضا الصوت بتلك التراتيل الدينية  الصوفية ثم انتقل في لقطات تصلح أن تُصبح  بمثابة عملا فنيا خاصا ولو حذفتها ما تأثرت الأحداث حيث تمتد الرؤية من مصر الفرعونية إلى الأديان الثلاثة «الإبراهيمية» اليهودية والمسيحية والاسلامية، في مشاهد أراد منها أن يتناول عمق التاريخ المصري سبعة آلاف عاما من الزمان عُمر الحضارة الضاربة في الجذور ولكن ما هو علاقة كل ما نراه بالإتجار بالأعضاء البشرية ثم ألقي بشخصية فاروق الفيشاوي   في ملعب الدراما ومنحها في النظرة والأداء قدرا من الغموض وتابعنا الاتجار بأشكاله المتعددة في أجساد النساء فهو كما يقدمه الفيلم اللاعب الاكبر في تلك المنظومة.

شخصية لا تحمل أي شئ حقيقي ولا تدفع بأي شئ في الدراما لا يتبقي منها أيضا  شئ، ما الذي يعنية هذا الاحساس بالغناء الصوفي والموسيقي التي قدمها أكرم الشريف ونجم الدين شاهين.

يظل الأمر في الحقيقة أقرب إلى جهد ضائع لا طائل من ورائه سوي أن القضية التى تناولها الفيلم ارتدت حُلة لا تليق بها وكأنها قضية «كاجوال» أراد المخرج أن يُلبسها «اسموكن».

عمرو واكد بطل الفيلم لديه في مشواره وجهان وخطان متوازيان هو أولا أكثر هذا الجيل حرصا على  بناء مشروعه في السينما العالمية بدأب وأخرها  فيلمه الفرنسي العالمي «لوسي» الذي قدم خلاله قفزة نوعية عندما لعب دور ضابط فرنسي أي أن ملامحه العربية لم تكن هى الدافع لترشيحه وقبلها شاهدناه في العديد من الافلام مثل «صيد السلمون في اليمن» وهو في هذا المجال يتحرك بخطوات وثابة للامام ولا  تعنيه «البروباجندا». أما على المستوي المحلي منذ أن شاهدته في أول أفلام المخرج مروان حامد«لي لي» قبل 15 عاما وبعدها انطلق مع أسامة فوزي في «جنة الشياطين» وتتابعت أفلامه ومنهج عمرو هو الدور قبل البطولة فهو يراهن على الممثل، وهكذا يشارك في أفلام مثل «ابراهيم الأبيض» والبطل هو السقا لكنه يترك دائما علامة.

قبل «القط» شاهدناه في «الشتا اللى فات» أيضا مع ابراهيم البطوط ولا يزال عمرو يقف محلك سر. ويبقي البطل الثاني في الفيلم فاروق الفيشاوي لم يعد فاروق يبذل أي جهد في الشخصية ومفتاحه هو الأداء الخارجي وغالبا ما يصل إليه من اعمال تكتشف أنه كان الترشيح الأخير استعانوا به لانقاذ الموقف.

تواجد عدد من الوجوه الجديدة مثل سارة شاهين ملكة جمال مصر ولكن لا يوجد فن قيادة الممثل كما أن الاخرين في أدائهم لدور البلطجية لجأوا إلى قاموس المبالغة وكأنهم يعيدون لنا شخصيات سابقة التجهيز الدرامي.

كالعادة سنسمع بعض عرض الفيلم جماهيريا إلى من يقول، لماذا كل هذا العنف وكل تلك القذارة في الشارع المصري، ويبقى أن من حق المخرج أن يقدم كل ذلك وأكثر، ولم تكن هذه أبدا هي المشكلة ولكن مأزق البطوط أنه أراد أن يقول كل شئ فلم يقل أي شئ !.

طارق التلمساني: أعمالنا تبدو وكأنها أفلام

خاص ـ «سينماتوغراف»

طارق التلمساني، واحد من أبرز مدراء التصوير في مصر والعالم العربي، شغل منصب مدير قسم التصوير في «المركز القومي للسينما» منذ عام 1983، وأدار تصوير كبار أفلام المخرجين المصريين مثل صلاح أبوسيف ورضوان الكاشف وخيري بشارة ومحمد خان وآخرين، ومن أهم الأفلام التي صورها ودخلت قائمة أهم 100 فيلم في تاريخ السينما العربية ضمن استفتاء مهرجان دبي السينمائي في دورته العاشرة، «المواطن مصري»، «عرق البلح»، «الطوق والاسورة»، «بحب السيما» و«يوم حلو ويوم مر»، وامتاز دائما بأسلوب خاص وفريد في الاضاءة اكتسبه اثناء دراسته التصوير في معهد «الفغيك» السينمائي في روسيا، قدم حتى الان 40 فيلما في 25 عاما، وتجربته الإخراجية الوحيدة أنجزها في فيلم «ضحك ولعب وجد وحب»، ألتقته «سينماتوغراف» وكان معه الحوار التالي:

طارق التلمساني صاحب العدسة التي ألتقطت أقوي المشاهد في تاريخ السينما المصرية، من عائلة فنية يتوقف عند تأثيرها عليه قائلا: أنا ابن مدير التصوير حسن التلمساني أحد رواد السينما الوثائقية، وعمي المخرج كامل التلمساني وهو صاحب بصمة كمدير تصوير لأكثر من 70 فيلما، ولكني لم أتأثر فنيا بهما، وإن كان والدي هو الأقرب لي وأثر كثيرا بمعني عام في تربيتي، ولكن في الفن لي رؤيتي وتشاركنا معا في هواية الرسم، وهو الذي ساعدني في أن أحصل على منحه بالاتحاد السوفيتي وشجعني كثيرا حتى نلت الماجستير في التصوير.

ابداع الأجيال

وحول عمله كمدير تصوير مع كبار المخرجين مثل خيرى بشارة ومحمد خان وداود عبد السيد، أجاب على سؤال  الاختلاف في التعامل مع مخرجين هذا الجيل قائلا: بالتأكيد يوجد اختلاف، ولكنه اختلاف بديهى بسبب اختلاف الأجيال، وخاصة أننى أنتمى لجيل بشارة وخان، ولكن مع وجود هذا الاختلاف أجد متعة فى معرفة هذا الجيل والتطلع لرؤيته المختلفة للسينما المصرية، وبالمناسبة هذا الجيل لا يخلو من المبدعين فكل جيل له ما يميزه عن غيره، وأنا أرى أن الإبداع هو تقديم الجديد والمختلف وهذا ما يستهوينى، وبالنسبة للشباب تعاملت مع المخرج محمود كامل في فيلم «ادرينالين»، لكن لو وجدت مخرجا شابا ومعه سيناريو لن يضيف لي أنصحه بأن يتعامل مع أبناء جيله ليفهموا بعض ويعملون معا‏.‏

بعد مضى نحو 20 عاما على إخراج التلمساني فيلمه الروائى الطويل الأول «ضحك وجد ولعب وحب»، يجيب عن تساؤل لماذا لم يفكر فى إعادة هذه التجربة مرة أخرى، فيقول: بالفعل فكرت وشرعت فى كتابة أكثر من قصة فيلم وكنت سأقوم بإخراجه، ولكن دون أن أشعر أخذنى التمثيل من حلمى فى كتابة وإخراج فيلم روائى طويل مرة أخرى، ولكنى لا أتوقف عن التفكير فى ذلك وأتمنى أن أشرع فى ذلك قريبا.

تجربة الديجيتال

ويتحدث التلمساني عن تجربته الأولى فى تصوير فيلم طويل بكاميرا ديجيتال مع خيرى بشارة فى فيلم«ليلة فى القمر» قائلا: كان هذا الفيلم تجـربة خاصة تنتمى إلى أفلام منخفضة التكاليف، صورت أجزاءً منه بـ”دى فى كام” DV Cam، وأجزاء أخـرى بكاميرا فيديو بيتا كام. تكلف الفيلم نحو أربعمائة ألف جنيـه مصـرى. فيلم استغـللنا فيه الفيديو كوسيط تكنولوجى لتحقيق فيلم سينمائى، كما استغللنا إمكانيات الفيديو فى صنع المؤثرات البصرية والجرافيك. كلنا عملنا بأجور منخفضة فـى سبـيـل عمل شـىء مختلف عن السينما السائدة فى ذلك الوقت، ولتحقيق حلمنا للنهوض بسينما كاميرا الديجيتال، وشاركت فى هذا الفيلم ليس فقـط كمديـر تصوير، بل كممثل أيضاً. وأعتقد أنها كانت تجربة مثمرة وجديرة بالمشاهدة.

السينما المستقلة

وحول تجربته الثانية مع الديجيتال فى فيلم «كليفتي» لمحمد خان، قال التلمساني: «كليفتى» مختلف عن فيلم «ليلة فى القمر»، ففريق العمل لم يزد على عشرة أشخـاص، معظم الممثلين غير محترفين، مواقع التصوير حقيقية، وليس هناك أى تغييرات جوهرية، الموضوع يعتمد على الشخصية الواحدة One Man Show مثل مواضيع سابقة لخان. شخصية ما وعلاقتها بالمدينة، لذا قمنا بتصوير معظم مشاهده فى الشوارع، وصوّر بكاميـرا دى فـى كام DV Cam، والإنتاج شخصى لمحمد خان، وليس لشركة منتجة مثل فيلم «ليـلة فى القمر» وكانت تجربة ممتعة للغاية وأنا سعيد بها، لأنها أفرزت حاليا ما يسمى بالسينما المستقلة والتي تحمل على عاتقها مسؤلية السينما المصرية بعد أن غرقت في مستنقع الأفلام التجارية.

لا نصنع سينما

ويسرد طارق التلمساني عوامل وعناصر نجاح تجربة الديجيتال في صنع الأفلام قائلا: إضافة لضرورة ملاءمة السيناريو للتجربة، هناك أيضاً شرط المعرفة بتقنيات الديجيتال، والعمل بجهود ذاتية وتعاونية، وعدم إجراء تدخلات جذرية فى المكان، وهناك كذلك جزء إرتجالى فى التجربة خاص بالتعامل مع المكان أثناء التصوير، وهذا له أهمية كبيرة، وهناك أيضاً حرية فى التعامل مع الأدوات التى تعمل بها (الكاميرا / الإضاءة)، كما أن هناك إمكانات كبيرة تساعدك فى إجراء بعض التغييرات فى أسلوب الفيلم أثناء المونتاج مثل الجرافيك والتصوير البطىء وغيرها، كل هذه الإمكانات المتاحة تزداد كلفتها فى السينما عنها فى الديجيتال، والتي للأسف نحن بعدين تماما عنها، لأننا نصنع أفلام كأنها سينما وهي بعيدة عن ذلك وتلك مشكلة السينما في مصر وبعض البلاد العربية.

وعن تقنيات السينما الحديثة مثل الأبعاد الثلاثية، قال التلمساني بانفعال واضح: أكدت أننا لا نصنع شيئا في أفلامنا التي تبدو وكأنها أفلام ولكنها بعيدة عن التقنية، وحتى في طريقة ابتكار ومعالحجة سيناريوهاتها، وأمامنا سنوات طويلة جدا قبل أن نفكر في الأبعاد الثلاثية، لأننا حتى الآن نصمم الجرافيك بطريقة مضحكة وهزلية، ونفتقد (الدماغ) التي تجيد التكنولوجيا الحديثة، وليس لدينا حرية ابداع لوجود رقابة، والسينما في الدول المتقدمة تعدتنا بمئات السنين.

سينماتوغراف في

02.01.2015

 
 

فيلم "الهرم"... لا فيلم ولا هرم

سلامة عبد الحميد

قوبل الفيلم الأميركي الجديد The Pyramid أو "الهرم" بانتقادات واسعة من جانب الجمهور والنقاد الذين شاهدوه، بعد ثلاثة أسابيع فقط من بدء عرضه في الولايات المتحدة وبريطانيا.

ويصور الفيلم الذي أخرجه الفرنسي جريجوري ليفاسور، وكتبه دانييل ميرساند، من إنتاج "فوكس القرن العشرين"، فريقا من علماء الآثار الأميركيين يكتشفون هرماً لا يشبه أياً من الأهرامات الموجودة في الصحراء المصرية، وبينما يستكشفون الأسرار المرعبة المدفونة داخله، يدركون أنهم فريسة يتم اصطيادها.

وبدأ عرض الفيلم في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، ووصفه عدد من النقاد بأنه أحد أسوأ الأفلام التي عرضت في 2014، ومنحه رواد الموقع السينمائي الشهير Rotten Tomatoes تقييم 6 في المائة استنادا إلى 31 تقييما لمستواه، بينما كتب معلقون على الموقع أنه يضم إضاءة سيئة وسيناريو ركيكا، وحوارا غير مناسب لموضوعه، كما أن أسلوب الممثلين أقرب إلى أساليب الهواة.

ووفق الموقع نفسه حاز الفيلم على 24 درجة من أصل مائة، بعد استطلاع رأي 16 ناقدا، اعتبروا الفيلم من الأفلام غير المفضلة بالنسبة لهم.

وبينما يعد الفيلم أحد الأفلام التي صورت أحداثها في مصر، مع استمرار إحجام السينما العالمية عن التصوير فيها منذ سنوات طوال، إلا أن مستواه المتدني يجعل من قبول تصويره في البلاد فضيحة، خاصة وأنه يدور حول علم المصريات، ويتعرض لأحد أبرز الآثار المصرية وهي "الأهرام" التي تعد إحدى عجائب الدنيا التاريخية، ومقصدا للسياح من أنحاء العالم.

ورغم الهجوم الواسع على مستوى الفيلم يرى المنتج المصري محمد حفظي "صاحب شركة "فيلم كلينك" التي تولت الإشراف على أعمال التصوير في مصر: "أن فيلم The Pyramid كان مثالاً بارزاً وقابلاً للتطبيق التجاري، ضمن نوعيته كفيلم رعب يقوم بتوزيعه أحد أكبر الاستوديوهات الأميركية"، على حد قوله في بيان وصل "العربي الجديد".

بينما اعتبر الناقد ليزلي فيلبرين من "هوليوود ريبورتر" أن الفيلم "يعاني من مشكلات فنية في كل مشاهده"، وقال الناقد درو تايلور ساخرا: "الهرم ملعون فعلا، ليست لعنة الفراعنة المعروفة، لكنها لعنة صانع أفلام سيئ"، وسخر الناقد السينمائي لموقع TheWrap، ألونسو دورالدي، قائلا "معظم الأفلام التي تدور تحت سطح الأرض أو عن مومياوات، لا تكشف شيئا عن تلك الأمور القديمة، وإنما تكشف سوء صناعها في العادة".

وكتب جوردان هوفمان في "نيويورك ديلي نيوز": "لا يمكنك أن تحدد أيها أسوأ عناصر الفيلم، هل هي المشاهد التي تم تصويرها تحت الأرض، أم الحوار البعيد عن حوارات السينما والقريب إلى حوارات الأفلام الوثائقية".

واستطرد حول ما ضمه الفيلم من مشكلات قائلا "كيف يمكن لعالم آثار عبقري كما يقدمه الفيلم، ألا يكون لديه بوصلة خلال الرحلة؟ وكيف يمكن لمخرجة الأفلام الوثائقية الحائزة على جوائز في تغطياتها لعلم المصريات ألا تعرف من هو أوزوريس؟".

وكتب ويليام جوس في "أوستن كرونيكل" بعد أيام من بدء العرض أن: "الفيلم الذي يدور حول هرم مصري مكتشف، لم يظهر فيه الهرم إلا نادرا، الفيلم سيكون محظوظا لو استمر في دور العرض أسبوعا آخر".

وكتب كريس نشواتي في "انترتينمت ويكلي" موجها حديثه للجمهور: "إن كنت تبحث عن فيلم رخيص عن الخوف، أو عن تضييع 90 دقيقة في مشاهد قتل بلهاء، فلن تجد أفضل من مشاهدة هذا الفيلم، كما أن الأفلام السيئة بقدره ليست كثيرة على كل حال".

ويأتي الهجوم على الفيلم الضعيف فنيا، والكارثي وفقا لبعض النقاد، متزامنا مع منع مصر لعرض فيلم آخر يحظى بمكانة متميزة لدى النقاد هو فيلم المخرج الكبير ريدلي سكوت "الخروج.. آلهة وملوك"، الذي منعت مصر عرضه مؤخرا بزعم أن فيه مغالطات تاريخية وعنصرية.

العربي الجديد اللندنية في

02.01.2015

 
 

السينما تكافح للبقاء في السودان وتأبى الاستسلام لقدرها

المصدر: (أ ف ب)

قبل ثلاثين عاما، كانت الخرطوم تضم نحو خمس عشرة دارا للسينما تكتظ بروادها، اما اليوم فلم يبق منها الا ثلاث تكافح للبقاء في ظروف صعبة وفي ظل ازمة اقتصادية وسياسة رسمية غير مشجعة لنظام ذي توجهات اسلامية محافظة.

ويقول علي النور، الرجل الخمسيني العامل في حجرة البث في احدى الصالات الثلاث المتبقية في الخرطوم: "في الماضي، كان الناس يتصلون ليحجزوا اماكنهم مسبقا، وكنا نعرض افلاما بالانكليزية في ايام الاحد، وافلاما بالعربية في ايام الثلثاء".

ويستذكر علي الايام الذهبية لدور السينما في بلده، حين كان الناس يتقاطرون اليها لمشاهدة الافلام الهزلية المصرية، او لمتابعة آخر افلام التشويق الهوليوودية.

ويقول بنبرة متحسرة "كانت صالة قصر الشباب والاطفال تقدم اربعة عروض يوميا، اما اليوم فهي لا تقدم اكثر من عرض واحد او اثنين، ولم يعد الجمهور يزيد عن ثلاثين الى اربعين شخصا بالحد الاقصى".

وفيما كان علي يتحدث عن "الحال المتردية للسينما" في السودان، كان عدد الاشخاص الوافدين الى دار العرض قليلا جدا، ومعظمهم من الشباب الباحثين مع صديقاتهم عن مكان بعيد عن عيون الناس.

وما زالت لوحات اعلانية باهتة الالوان ترتفع خارج المبنى تشهد على زمن الاقبال على افلام الحركة الهندية قبل سنوات طويلة.

وتعيش دور السينما في الخرطوم البالغ عدد سكانها 4,6 مليون نسمة، حال تدهور منذ وصول الرئيس عمر البشير الى الحكم في العام 1989 اثر انقلاب عسكري مدعوم من الاسلاميين.

ويشرح سليمان ابرهيم عضو مجموعة (الفيلم السوداني) التي انشئت في عام 1989 قبيل الانقلاب لتطوير السينما في السودان ان السلطات "لم تقل بوضوح ان السينما محظورة قانونا او محرمة دينا، لكنهم اتخذوا اجراءات" اضعفت هذا القطاع.

ومن هذه الاجراءات اقفال المعهد الوطني للسينما، وهي مؤسسة حكومية كانت تعنى بتنمية الفن السابع.

واتت القبضة الامنية للسلطات ايضا على ما تبقى من امل لحياة دور العرض، ففي مسعى لمنع خروج تظاهرات معارضة، عمدت السلطات الى فرض حظر ليلي للتجول في العاصمة بن العامين 1989 و1995، ما ادى الى اضرار فادحة اصابت دور العرض في الهواء الطلق.

ويقول سليمان ابرهيم: "بما ان كل العروض كانت تجري في المساء، توقفت هذه الدور عن العمل".

ومن هذه الدور سينما حلفايا، وهي تمكنت من الصمود حتى العام 2005 ثم استسلمت لقدرها. واليوم بات موقعها ساحة يلهو بها اطفال حارسها الذي يقيم معهم بين لوحات متهالكة لافلام هندية، وجهاز العرض الذي اتى عليه الغبار.

وزاد من حدة ازمة السينما في السودان تردي الاوضاع الاقتصادية ولاسيما بعد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على السودان في العام 1997 متهمة نظامه بارتكاب انتهاكات في مجال حقوق الانسان، وباقامة علاقات مع منظمات تعتبرها واشنطن ارهابية.

ولما كان متوسط اجمالي الناتج المحلي للفرد لا يزيد عن اربعة دولارات يوميا، بحسب البنك الدولي، اصبح شراء تذكرة للسينما يقيمة ستة جنيهات سودانية (دولار اميركي واحد) امرا صعب المنال لدى فئات واسعة من المواطنين.

ورغم الحظر، تعمل دور السينما الباقية على الحصول على افلام اجنبية لعرضها، لكنها غالبا ما تعود وتكتفي بالافلام ذات الانتاج الهندي.

ونتيجة لذلك، بات اكثر من 60 في المئة من السودانيين دون الرابعة والعشرين، لا يتمتعون بأي علاقة مع فن السينما، ولا يعرفون شيئا عن العصر الذهبي للفن السابع في بلادهم.

يدير طلال العفيفي مركز السودان لصناعة الافلام المعني بتزويد الشباب الراغبين بخوض غمار السينما بالمعدات اللازمة، وهو يأمل أن تسفر جهود مركزه عن اعادة احياء الاهتمام بهذا الفن في بلده.

واطلق العفيفي المهرجان المستقل للافلام في السودان لتشجيع المخرجين والمنتجين الشباب، ورغبة في احياء ذكرياته من عهد الطفولة عن دور العرض في الهواء الطلق التي كانت تبث "الاصوات والاغاني والاضواء في كل نواحي الحي".

النهار اللبنانية في

02.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)