حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

من أسرار تاريخ غير مكتوب لفنان ناجح

محمد يقطين.. رحلة ممثل مغمور من لبنان إلى هوليوود

لندن: محمد رُضــا 

 

لم يعد جديدا، ولا غريبا، أن نجد أسماء ممثلين عرب، أمثال خالد أبو النجا أو عمرو واكد أو هيام عباس أو علي سليمان، في أفلام أجنبية. في عالم بلا حدود، كالذي نعيشه اليوم، لم يعد الأمر يستدعي الغرابة لأنه بات يتكرر، ولأن الحاجة لممثلين مواطنين ينتمون إلى طبيعة المكان وحقيقة الشخصيات أصبحت واضحة وضرورية. لقد انتهت الأفلام التي كان الممثلون الأميركيون يؤدون فيها الأدوار جميعا، من الهندي إلى الروسي، ومن الصيني إلى العربي، مرورا بالفرنسي حينا، والإيطالي أو الإسباني في أحيان أخرى.

هذا السائد الذي مضى كانت له ضرورياته؛ إذ كانت الثقافات منغلقة، والإنتاجات، في غالبها، سريعة ورخيصة، والوقت لا يسمح بالتعرف على الآخر.. يكفي بعض الماكياج وقليل من اللكنة وحفنة من الأسماء الغريبة تدفع صوب ممثلين مختلفين لا يستطيعون أن يقولوا لا للاستوديو في عصر «نظام النجوم» وإلا انتهت عقودهم للأبد.

حتى في السبعينات، وعندما شق الممثل عمر الشريف طريقه إلى الشهرة العالمية بفضل دوره المساند لدور بيتر أوتول في «لورنس العرب»، لم تكن هوليوود تعرف ماذا تفعل بممثل غير أميركي سوى منحه أدوارا غير أميركية. لذلك رأينا وضمن سعي هوليوود للاستفادة من التفاف الجمهور الغربي حوله، تسند إليه أدوارا روسية «دكتور زيفاغو» ومغولي «جنكيز خان» وإسباني «أكثر من معجزة» وأرجنتيني (دور تشي غيفارا في الفيلم الذي ألـب عليه النقد أكثر من سواه «تشي»). في النهاية، وبعد أن تفتقد المبررات، تخلـت هوليوود عن عمر الشريف الذي، من حسن حظـه، كان حقق ما يكفي من مكانة دولية لدرجة أنه بقي نجما في بقاع أخرى من العالم.

مواطن من قب إلياس لكن كثيرين في ذلك الحين اعتقدوا أن عمر الشريف هو أول ممثل عربي «يغزو هوليوود»، وهو أمر ليس صحيحا على الإطلاق؛ إذ سبق لأسماء (كلها كانت مجهولة آنذاك وبقيت مجهولة فيما بعد) عربية أن اعتلت الشاشات الأميركية وفي مناسبات صعب إحصاؤها اليوم.

من ممثل خليجي (سعودي أو إماراتي) ظهر باسم عبد الله في فيلم من العشرية الثانية من القرن العشرين، إلى لاعب نمر مسرحية مغربي لم يحفظ التاريخ اسمه لكنه انتقل للعمل مع د. و. غريفيث بعدما داهم البوليس مسرحه نحو 1903 بتهمة ممارسة الشعوذة. ومن العديد من الأشخاص الذين لم يتم ذكر أسمائهم في الأفلام التي مثـلوا فيها، وذلك في تلك السنوات الأولى من القرن العشرين.

على أن الممثل العربي المحترف الأول كان عليه أن ينتظر حتى عام 1916 قبل أن يلعب دوره الأول على الشاشة. وهو سر من أسرار الحياة السينمائية التي كلما بحث فيها الناقد اكتشف جديدا أهمله التاريخ المكتوب.

اسمه فرانك لاكتين، لكن ذلك هو الاسم السهل والمناسب الذي إما منحه لنفسه أو منح له عوض اسمه الحقيقي وهو محمد يقطين. ولد في بلدة قب إلياس في لبنان في التاسع والعشرين من شهر أغسطس (آب) سنة 1897 (أي بعد عامين من قيام الأخوين لوميير بعرض أفلامهما الأولى في باريس) ثم رحل مع والدته (وربما شقيق آخر) صبيا، حيث حط في شيكاغو أولا، ثم انتقل والأهل إلى هوليوود في نحو عام 1912، أي حينما كان لا يزال في الخامسة عشرة من عمره.

ويظهر الفيلم الأول له وعنوانه «شر أصفر» (1916) أن الاستعانة به تمـت ضمن التقليد المتـبع آنذاك، وهي منح أدوار الشخصيات غير الأميركية لمن حضر؛ فهو صيني شرير في هذا الفيلم، ثم مكسيكي في «السهم المنتقم» (1922)، ثم تركي في «الباب الأربعون» (1924)، وإيطالي في «الرامي الأخضر»، كما هو في عدد كبير من أفلام الوسترن الصامتة والناطقة لاعبا دور هندي أحمر، كما لعب دور الهندي (من الهند ذاتها) أكثر من مرة، ودور العربي كذلك في بضعة أفلام منها «منزل بلا مفتاح» (1926) و«متمردون» (1930).

معظم أدواره كانت صغيرة وأحيانا صغيرة جدا (من لقطتين إلى ثلاثة)، وفي العديد من الأحيان لم يتم ذكر اسمه في بطاقات الأفلام على الشاشة. إنه في عشرات من الأفلام الأخرى من دون ذكر اسمه كما الحال في «فتاة الميناء» (1930) و«تحت قمر تكساس» (1930) و«وردة رانشو» (1936) و«النساء متاعب» (1937) و«مدينة مفقودة في الغابة» (1946) ثم «حتى نهاية العالم» (1948).

نزاع سياسي ما يبدو مؤكدا لي هو أنه بدا واعدا في نطاق الأدوار المساندة، بل هو تسلم دورا رئيسيا في «صقر الهضاب» (وسترن من عام 1929) من قبل أن تتراجع أسهمه عندما نطقت السينما، والاحتمال الوارد هنا أيضا هو أنه ربما لم يتقن الإنجليزية جيدا، بحيث تؤول إليه الأدوار الرئيسية حتى في نطاق الشخصيات المساندة. هذا ما منعه من التبلور أو التقدم، ووجهه لأدوار إذا ما تكلم فيها فإن كلامه لا يزيد على كلمتين أو ثلاث. وهذا يتضح في فيلم من سلسلة أفلام «طرازان» هو «طرازان الشجاع» الذي قاد بطولته باستر كراب. فجأة بعد نحو ثلث ساعة من أحداث الفيلم التي تقع في الغابة الأفريقية يصرخ أحد الممثلين «عبدل»، فإذا بعبدل رجل طويل القامة عريض الكتفين يحمل سوطا يبدأ ضرب أظهر الأفريقيين السود به.

رصيد محمد يقطين من الأفلام السينمائية هو 194 فيلما، بالإضافة إلى إحدى عشرة حلقة تلفزيونية في الخمسينات. وإذ بدأ مهنة التمثيل سنة 1916 كما تقدم، فإنه عاش لها وخلالها حتى عام 1965 عندما لعب شخصية واحد من الناس في نهاية فيلم «ذا باونتي هنتر». ومات بعد ثلاث سنوات من هذا الفيلم.

في عام 2006 توجـهت إلى بلدة قب إلياس وبحثت لدى المختار عن وثائق حول عائلة يقطين. هذا بعدما اكتشفت أن العائلة الكريمة تشكـل نسبة كبيرة من أبناء تلك البلدة. فتح المختار دفترا كبيرا تكاد أوراقه تتمزق بمجرد لمسها، وعاد إلى سنة 1903 ليجد اسمه واسم والدته في ذلك السجل. المنزل الذي يقال إنهما عاشا فيه يقع في مقابل مسجد البلدة. لكن السؤال الذي لم أجد عليه جوابا مؤكدا هو: ما الدافع الذي وقف وراء هجرة أم شابة مع ابنها إلى أميركا؟ كثر المقولون هنا، لكن أكثر الروايات ترددا من قبل أبناء جيل سابق سمعوا الحكايات ترد لهم من جيل أسبق، هو أن البلدة كانت مسرح نزاع سياسي بين عائلتين كبيرتين فيها: آل يقطين الذين كانوا مع الوجود العثماني، وعائلة أخرى (تباينت الأسماء واختلفت)، وأن والد محمد قتل في واحد من هذه النزاعات، وبدا أن العائلة باتت في خطر فنزحت.

سواء أكانت هذه هي الحكاية، أم أن هناك مثيلا لها، فإن محمد يقطين، المكنى لاحقا بفرانك لاكتين، دخل هوليوود رائدا وبطلا في عالمه الخاص. وبقدر ما هو مؤسف أنه لم يحقق نجاحا نوعيا، بقدر ما هو مؤسف أن العالم العربي لا يعرفه.

الشرق الأوسط في

18/07/2013

 

فيلمان لبرنارد ولافانديروس.. طعن العزلة

زياد الخزاعي (لندن) 

إذا وضعنا جانباً سلّة جوائز «مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الـ48» (28/ 6 ـ 6/ 7 ـ 2013)، لن يكون أمام زائر قلب مقاطعة «بوهيميا» التشيكية سوى الإمساك بجواهر سينمائية صنعها شباب نافذو البصيرة، واعدو الحرفة، بارعون في سرد مآسي أبطال وعسف محيط حيواتهم وأقدارهم. فمن أبرز العناوين، إنجاز البريطانية كليو برنارد «المارد الأناني» (خانة «مشاهدة أخرى»)، المتضمّن سيرة صبي محتال، هامشيّ، غاضب، محاط بالعوز والكرب العائلي، مستكملة عبر يومياته خطاب «الواقعية الاجتماعية» الذي صاغته بنَفَس درامي مبتكر في باكورتها «ذي أربر» (2010). بيد أنها تتخلّى عن نبرة التغريب البريختي، محوّلة أفراد عائلة الكاتبة الشابة الراحلة أندريا دنبر إلى مجسّدي أدوار مسرحياتها في الميدان المقابل لدارتهم الفقيرة، التي شهدت لاحقاً انتحارها المأسوي. بدلاً من ذلك، انتخبت برنارد بناءً سردياً مُحكماً يعرض، بميلودرامية كئيبة، تربية قاصرة، وعائلة مفكّكة، ومستقبلاً مسدود الأفق للصبي أربر. نراه حانقاً ومرعوباً، لنكتشف بعد ساعة ونصف الساعة أنه خسر رفيقه سويفتي مصعوقاً بتيار التوتر العالي. إنهما لصّا توصيلات النحاس الثمينة لمصلحة تاجر عديم الذمّة، يستغلّهما كي لا يطاله قانون سرقة ممتلكات الدولة. هذه ظاهرة بدأت تنشط منذ أعوام في بريطانيا، ولها عصابات منظّمة مرتبطة بمافيات أوروبية شرقية.

هاجس برنارد لم يكن فضح لصوصها، بل نعي قيم وأخلاقيات فئة اجتماعية ينال من أواصرها ضنك مالي يدفع البطل الصغير إلى أن يكون «عامل سخرة». فيلمها طبقي بامتياز، إذ تصبح المدرسة عصيّة على أربر وتابعه، في مقابل غياب مطلق لعقلانية السلطة التربوية. زجرها يلفظهما إلى الحي البائس. تخلّيها عنهما، يحوّلهما إلى مجرمَين سرعان ما تُفرض عليهما تبعات البيعة والولاء. أربر شخص ناحل حاذق ومغامر، بينما سويفتي بدين الجسد، ثقيل الظلّ والعقل. هو أشبه بعبد يستمري مهاناته وسطوة الآخرين عليه. يأتي موته في الختام بمثابة إثم حارق لوجدان الأول، الذي نراه وحيداً، وفاشلاً في تصريف سرقته قوالب النحاس من مخازن التاجر السافل.

يقابل ذلك، في مرارتي العزلة والفشل، ما يعانيه بطل الفيلم المميّز للتشيلي فرناندو لافنديروس «الأشياء على حالها». معاناةُ عنادٍ شخصي على إقصاء نفسه عن محيطه. جيرونيمو (كريستوبال بالما) شاب وسيم، كتوم ومجالد في حياته «المستقلّة»، كما يعرّفها له أحد العابرين في دارته، التي يؤجّر غرفها لنزلاء لن يلتفت إلى منابتهم أو سحناتهم، بل يُصرّ على تطبيق قوانينه. نرى البطل منكّباً طوال الفيلم على طلاء جدران المنزل الفسيح. إنها إشارة إلى التغيير الضمني الذي يسعى إليه، من دون معرفة كيفية قطفه. تأتي لحظة انقلاب حياته مع مقدم الحسناء سانا النرويجية العفوية الدوافع، لكن بقلب كبير. روحها الحرّة تشيع موجة من حياة مغيّبة في الدارة الكئيبة. يُصرّ جيرونيمو على دور المستأجر الخالي من العواطف. بيد أن «جُذوَة سانا» تحرق روحه، ليبدأ تلصّصاً دورياً في غرفتها، شامّاً عطر ملابسها الداخلية، ومراهم جسدها، ومُصوّراً دفتر مذكّراتها الشخصية. يتحوّل جيرونيمو من راعي منزل إلى دسيسة تنفجر لاحقاً، عندما يكتشف أن سانا أدخلت شاباً غريباً إلى شرنقته.

لن يصوّر لافانديروس تفاصيل وسط بطله، فهو معنيّ كثيراً بردود فعل الشاب الذي يُرغم على تتبع المتع الحقيقية للحياة: مضاجعته سانا، ورحلاتهما البحرية، وتجوالهما في شوارع سنتياغو، وغيرها. إشارات التحوّل متوفرة، لكن طعن صديق سانا على أيدي لصوص، يقلب توجّهات جيرونيمو، ويكشف له أنه تعرّى أكثر من اللازم، فنراه في المشهد الختامي وحيداً وسط شارع تهدر فيه هتافات متظاهرين ضد سياسات الحكومة. قراره حاسم، ومحكوم بـ«ثبوت» قدره وعزلته.

السفير اللبنانية في

18/07/2013

 

«وحده الله يغفر» لنيكولاس ويندينغ ريفن

الممثل راين غوزلينغ وتحطيم الضعف الذكري

نديم جرجورة 

جمع في ذاته اهتمامات فنية عديدة. الشاب الكنديّ الأصل راين غوزلينغ (مواليد أونتاريو، 12 تشرين الثاني 1980)، ممثلٌ ومخرج ومنتج وموسيقيّ في آن واحد. كمخرج، يُنتظَر فيلمه الأول بعنوان «كيفية الإمساك بوحش» في العام 2014. كمنتج، هناك، بالإضافة إلى هذا الفيلم، «تحطيم مملكة» (2010) لدانيال جينيس. كموسيقيّ، وضع ألحان فيلم Wild Roomies (2004) لأوليفر روبنز. كممثل، وقف أمام كاميرات سينمائية، وأدّى أدواراً تلفزيونية عديدة. السينما شغله الشاغل. في العام 2013، ظهر في ثلاثة أفلام: أولها بإدارة تيرينس ماليك (من دون عنوان)، وثانيها بعنوان «فرقة مكافحة العصابات» لروبن فلايشر، وثالثها «وحده الله يغفر» لنيكولاس ويندينغ ريفن، الذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان «كانّ» الـ66 (15 ـ 26 أيار 2013). 

«قصّة الفيلم التي صُوّرت ببطء، اتخذت سريعاً منحى ميتافيزيقياً. فالبطل يبحث، في أعماقه، عن الخلاص الروحي والصفح من قِبَل الله (من هنا عنوان الفيلم)». بهذا الوصف النقدي، حدّد الفرنسي فرنسوا فوريستييه الملامح الأساسية لـ«وحده الله يغفر»، الذي حقّقه مخرج دانماركي (مواليد كوبنهاغن، 29 أيلول 1970) كان له دور أساسي في «شهرة» غوزلينغ، لأنه اختاره لتأدية الدور الرئيس في «قيادة» (Drive) في العام 2011. فيلم قاس وعنيف، يتابع مسار سائق سيّارة لا اسم له (غوزلينغ) في رحلة الجحيم التي يقوم بها للتطهّر، أو للخلاص، أو لاختبار أقسى الألم وأقصى العنف. لعلّ هناك ما يُشبه شخصية جوليان هوبكنز (غوزلينغ أيضاً) في «وحده الله يغفر»، الباحث بدوره عن منفذ لاكتساب راحة داخلية، أو سلام ذاتيّ. لكن راين غوزلينغ لا يُوافق على هذه المقولة، على الرغم من اعتباره أن الفيلم يتناول التيمة نفسها في الأحوال كلّها (المجلة السينمائية الشهرية الفرنسية «بروميير»، أيار 2013).
أثار الفيلم هذا جدلاً كبيراً، لكنه من دون شكّ يبقى محطّة أساسية في السيرتين المهنيتين للمخرج والممثل معاً، اللذين التقيا مجدّداً في قصّة انتقام وملاكمة تايلاندية في بانكوك، «التي تبدو كأنها ذريعة لتحطيم الإيقونة» (أي غوزلينغ نفسه)، كما جاء في مقالة لفريدريك شتراوس (المجلة الفرنسية الأسبوعية «تيليراما»، 11 ـ 17 أيار 2013). أما القصّة، فتروي حكاية جوليان، المنفي في بانكوك، وصاحب ناد للملاكمة التايلاندية، هو في الواقع غطاء لتهريب البضائع والمخدّرات. لكن، عندما يُقتل شقيقه بيلي (توم بورك)، تأتي الوالدة كريستال (كريستين سكوت توماس) لإعادة الجثمان إلى مسقط رأس صاحبه. في الوقت نفسه، تحرّض جوليان على الثأر، وعلى البحث عن القتلة، فإذا بالعلاقات المنسوجة بينه وبين ناشطين في عالم الجريمة تقوده إلى تشانغ، المعروف باسم «ملاك الانتقام» (فيتايا بانسرينغارم)، الضابط المتقاعد في سلك الشرطة، الذي يعرف كل شيء، والذي يلعب دوري القاضي والجلاّد في آن واحد. سلطة الأم على ابنها تدفعه إلى تصفية تشانغ هذا، ما يعني أن أبواب الجحيم كلّها قد فُتحت: «في السيناريو الأصلي، كان البطل يُلاكم بشكل جيّد، وكان يفوز في المباريات كلّها التي يُشارك فيها. عندما التحقتُ بالمشروع، بدت الشخصية هذه أقل مصداقية. فيما بعد، اكتشفنا، ريفن وأنا، أن إنجاز فيلم عن شخص يخسر مواجهاته كلّها سيكون أكثر إثارة للاهتمام».

«في هوليوود، سمعة راين غوزلينغ تفيد بأنه الرجل الذي يرفض كل شيء»، كما قال عنه ريفن. لكن، بحسب فريدريك شتراوس، فإن تعاونهما مجدّداً في «الله وحده يغفر» بدا كأنه تحطيم لهذه الصورة أيضاً، وليس فقط مجرّد تعاون سينمائي بحت. بالنسبة إلى غوزلينغ، فإن الفيلم يدور حول الضعف البشريّ: «الضعف الذكريّ» تحديداً. فهل هو «تحطيم» لهذا الضعف أيضاً، أو مسعى إلى الغفران فقط؟

السفير اللبنانية في

18/07/2013

 

عباس كياروستامي شاعراً... سلطة الكاميرا 

كتب الخبربيروت - الجريدة 

الإيراني عباس كياروستامي أحد أهم وأبرز المخرجين في السينما العالمية المعاصرة، استطاع بفضل «فاكهته السينمائية» أن يضع الفيلم الإيراني على خارطة السينما العالمية، وأن يجعل من حضوره حدثاً ثقافياً مهماً له عشاقه ونقاده ومحبوه. يعمل منذ مطلع السبعينيات على توطيد أسس جمالية خاصة يرتكز عليها فنه، ومن بينها أشعاره.

عباس كياروستامي المدهش يتعامل مع السينما بوصفها شعراً، وهو لطالما اعتبر أن السينما التي تدوم لفترة أطول هي السينما الشعرية لا السينما التي تروي قصصاً فحسب، فالقصة تقرأ ويفهم مغزاها، أما القصائد فيمكن تأويلها في أكثر من اتجاه.

كياروستامي الفاتن، لم يكتف أن يكون سينمائياً ومصوراً، بل آثر ان يكون رساماً أيضاً، وشاعراً، اذ ترجمت له إلى العربية ثلاث مجموعات شعرية هي: «مع الريح» الصادرة عن منشورات «دار الكتاب»، «ذئب متربص» عن وزارة الثقافة السورية، و{غزليات حافظ الشيرازي برواية عباس كياروستامي» عن دار «المدى».

على نفس طريقته المتقشفة في صناعة أفلامه، يمضي كياروستامي في كتابته للشعر بعيداً من الحشو مليئاً بالاختزال. في ديوانه {مع الريح}، وعلى رغم بساطة شعره، نلاحظ أنه استمرار طبيعي مكمل لطريقة عمله في المجال السينمائي، ويمكن أن يكون شبيهاً بالخسروانيات (الشعر الفارسي قبل الإسلام) من ناحية الشكل، وبشطحات الصوفيين لناحية المضمون. لكنه يحاكي الأرض وحكايتها لا السماء وغيبها، كما يستنتج بعض النقاد. كثيرون يشبهونه بـ{الهايكو} الياباني الذي يرصد الحياة، الرصد الخالص، والصافي، والدقيق، والمتحد مع موضوعه. وهذا (الهايكو) النموذج الخاص من الشعر بالنسبة إلى المخرج الراحل أندره تاركوفسكي أقرب إلى حقيقة السينما، مع فرق أن النثر، والشعر يستخدمان الكلمات تحديداً، بينما الفيلم يولد من رصد مباشر للحياة. لا يرصد كياروستامي الحياة فحسب، بل مراياها المقعرة بالتأويلات والرموز والألغاز التي تحيط بها: {تبرعمت/ ازهرت/ ذبلت/ سقطت/ ولم يرها أحد}.

هكذا شعر كياروستامي ابن الادب والسينما والصورة وهو ابن الأرض وحكاية الحياة فيها (...)، كما يقول مرتضى كاخي في مقدمة {مع الريح}، فالأرض يتجسد فيها الحضور والغياب، والمصير السيزيفي للعابرين فيها، فالزهرة التي تبرعمت تشبه حياة البشر، أو البشر يشبهون تلك الزهرة.

قصائد كياروستامي {أفلام قصيرة}، تحاكي الوجود ودورة الحياة وعبورها:

 الريح

تفتح

 الباب العتيق

عشرات المرات

 والباب العتيق يئن...

يكتب محاكاة عن الطبيعة والأشياء العابرة لا تنفصل عن محاكاة الذات وأحوالها: {لقد اتيت مع الريح...}، والآتي مع الريح يذهب معها، ولا يترك أثراً ربما، في أن يكون محكوما بالعزلة:

اتي وحيداً، اشرب وحيداً

 أضحك وحيداً

 أبكي وحيداً

 أذهب وحيداً

ذئب متربص

في مجموعته «ذئب متربص»، صدرت عن وزارة الثقافة السورية بترجمة ماهر جمو، نقرأ في التقديم: «لا يقف كياروستامي عند حدّ إبداعي واحد. الصورة وحدها، بالنسبة إليه، لا تكفي. يرى في الكتابة الشعرية والألوان واللوحة امتداداً طبيعياً لمغامراته الفنية. يُدخل الكتابة والألوان واللوحة في لغة الصورة السينمائية أحياناً، فتتشكّل خلاصة أولى للمعاني الإنسانية المطلوبة».   

الفاصل التقني بين كاميرا الفوتوغراف والسينما، لم يمنع كياروستامي من الاحتفال بالمستوى الساحر نفسه من اللقطات الفوتوغرافية المجتزأة من مشاهد متحركة، لكن شعراً هذه المرة. يقول:

 في مسقط رأسي

لم يعرفني حلاق طفولتي

وقص شعري

بلا عناية

عبثًأ ألقيت السلام عليه

لم يوح جوابه

أنه عرفني

يكتب كياروستامي صورة شعرية مكثفة يخضعها لسلطة الكاميرا: {فتاة يافعة، تعبر خلل حقل الخس، رائحة جوز طازج تفوح}.

أما كتابه {غزليات حافظ شيرازي} فهو ليس نصّاً عن الشاعر الفارسي حافظ الشيرازي، بل عبارة عن طريقة مغايرة للمألوف في قراءة أشعار حافظ، إذ إن كياروستامي انتقى أشطراً معينة مقطّعاً إياها بما {يُبعد الكلمات عن الإيقاع والموسيقى}، وعن أشكالها التي كانت عليها سابقاً. الكتاب ترجمه عن الفارسية ماهر جمو، وقال عنه: {يسعى (الكتاب) إلى محو الهالة الأسطورية الضبابية عن حافظ وتقديمه على أنه كائن أرضي أولا ، وهو يحاول الكشف عن الحكم التي تزخر بها هذه الأشعار وتقطيعها بشكل يمنحها البريق الذي تستحق والذي يرى كياروستامي أنها كانت قد حرمت منه ضمن الديوان الأصلي لحافظ بفعل الموسيقى والقافية}.

يقدم كياروستامي كتابه إلى القارئ الإيراني المعاصر ليقرأ بطريقة مختلفة كل الاختلاف عن الطرق المألوفة في قراءة الشعر الكلاسيكي الفارسي، متسلحاً بمقولة رامبو الشهيرة: «ينبغي أن نكون حداثيين بشكل مطلق» التي تصدرت مطلع الكتاب.

الجريدة الكويتية في

18/07/2013

 

جديد السينما العراقية.. فيلم يصور في تركيا

قحطان جاسم جواد  

بعد التغيير في عام 2003 ظهرت الكثير من التجارب السينمائية الشبابية . وهي  تجارب ممتازة وحققت نتائج طيبة في المهرجانات العربية والدولية .. ومن هذه التجارب الجديدة فيلم قرر مخرجه ومنتجه ومؤلفه تصويره في تركيا لان الأحداث والوقائع تتطلب ذلك .

منتج الفيلم صائب حداد تحدث عن تجربته الجديدة فقال :ـ

- مشروعي الجديد فيلم  قصير بعنوان ( التناشز) فكرة الكيروكرافي العراقي انس  عبد الصمد الذي زار شركتنا للإنتاج السينمائي شركة العربية فيلم وقدم نص الفيلم  وبعد دراسته اتفقنا على تنفيذه . والفيلم يعد الأول من نوعه في مجال الكيروكرافيا  او رقص الجسد المعبر . ولانني من يشجع التجارب السينمائية الشبابية ونقدم لها  دعماً ممتازاً فأنني اعجبت بالفكرة وسعيت وراء انتاجها .

·        بعد ذلك ؟

- حولنا نص الفيلم والفكرة التي جاءنا بها الفنان أنس الى كاتب سيناريو صاغها لتكون فيلماً سينمائيا قصيرا .. ثم بدأنا  بكشف المواقع الخاصة  بالفيلم . وقد وقع الاختيار على تركيا لانها الاقرب للوقائع الحقيقية التي تخص الاحداث والشخصية  البطلة للفيلم .

·        ماذا يتناول الفيلم ؟

- الفيلم يحكي ويعالج قضية مهمة ممكن ان تحدث في اي مكان بالعالم القضية هي  التناشز الاجتماعي ذلك المرض الذي يمكن ان ينمو في المجتمع ويؤثر على الشعوب عموماً . ويمكن ايضا ان  يسيطر الانسان على ذلك المرض وايقاف مداه وتأثيره .. ونحن سنفعل  ذلك في الفيلم بدون ان نقدم حوارا بل نعتمد الرقص التعبيري بالجسد .

·        كيف ستوضح ذلك ؟

الفيلم  سينمائي ويعتمد الصورة  اكثر من الحوار اضافة الى ان الرقص التعبيري بالجسد  صار لغة مفهومة عالميا وهي أداة  توصيل الفكرة للناس من  خلال وقت الفيلم الذي لا يتجاوز  الـ 16دقيقة وتجري أحداثه في إسطنبول  وبمنطقة تقسيم بالذات . والبطلة راقصة او عارضة كيروكراف محترفة تعتاش  على قوتها اليومي في الرقص التعبيري .. فهي  تؤدي  رقصاتها للناس مقابل  ثمن  تعيش عليه. وتعجب الراقصة  بشيء ما ولا اقول بشخص ما فيحصل تحول جذري  في الفيلم اتركه للمشاهد وقت عرض الفيلم حتى لا نفسد متعته .

·        ما الغاية  من الفيلم ؟

- هي رسالة  عالمية وليست  محلية .. اردنا ان نقول  فيها من هم الأموات ومن هم الأحياء؟ ومن هو  الشخص المنتج  ومن هو الكسول والطارئ على الحياة  ؟ ومن  هو الباقي في ذاكرة الناس هل هو الإنسان الحي ام التمثال الجماد ؟ ومن هو  المؤثر  في المجتمع، باختصار الفيلم  يعالج قضية  التناشز الاجتماعي .

·        من يشارك في الفيلم ؟

- الفيلم مبني  على شخصية  واحدة  والثانية لشخص يظهر في لقطة واحدة  لكنها مؤثرة .. البطلة  هي الفنانة  علا علاء  من فرقة  الفنان أنس  عبد الصمد  ، ولديها تجارب  بسيطة  لكنها  في هذه التجربة  ستثبت انها فنانة محترفة .

·        أسلوب  الإخراج ؟

- في بنية النص  وجدت اقترابا  من واقعية  السينما الإيطالية  لذا ستكون المعالجة  وفقاً لذلك ... وستكون هناك لقطات ثابتة ( ستاتيك ) تعتمد على تكوين اللقطة ولغة  اللقطة والتجاور بين اللقطات . وسنعمل بمواصفات ( ديجتال سينما بكجر )  وكاميرا ريدوان وهي كاميرا سينمائية  رقمية . ونأمل  في المستقبل ان نحول هذا الفيلم الى شريط سينمائي  وسيقوم بإخراج الفيلم الفنان انس عبد الصمد في أول محاولة له في السينما .

وأخيرا قال المنتج صائب حداد :ـ- أدعو من خلال جريدتكم السينمائيين الشباب  للتقدم الى شركتنا ( شركة العربية للانتاج السينمائي ) لانتاج أفلامهم لاسيما للشباب الذين لا يجدون دعماً مالياً  لأفلامهم . وسنسعد بالتعاون معهم وتسهيل أمورهم .

·        ما ابرز أفلام شركتكم ؟

- بدأنا الإنتاج في عام 1998 ولدينا تجارب  كثيرة  منها فيلم  باستيل الحائز على  جائزة  في مهرجان  أبو ظبي,  وفيلم  قطن  الحاصل  على جائزة  الإخراج  الأولى في مهرجان  الخليج السينمائي في فئة المحترفين وأخرجه الفنان لؤي فاضل .

·        من أين  يأتيكم  الدعم ؟

- نحن شركة فنية  غير  ربحية  وربحنا  الأساس  هو  معنوي  ويضيف  الى رصيدنا  الفني , اما  الربح  المادي  فيأتي  من  محور آخر  حيث  نقوم  بإنتاج  افلام  وثائقية  للمؤسسات  والوزارات  والشركات  داخل القطر  وخارجه . كذلك  هناك  مشاريع  سينمائية  كما حصل  مؤخرا  مع وزارة  الثقافة  في فيلم (ندم) حيث كنا  المنتج المنفذ  للفيلم  وهو اول  فيلم ينجز  ضمن مشروع  بغداد عاصمة للثقافة العربية.

·        وشاركنا  الفنان أنس  عبد الصمد  مخرج وصاحب فكرة  الفيلم  فقال :ـ

- الفيلم  مأخوذ  عن قصة  قصيرة  انا كاتبها  وهي تجربة  جديدة لي  في السينما العراقية  مع شركة  العربية فيلم  . وأتوقع  له  شأنا كبيرا بين الأعمال  السينمائية  القصيرة  المنتجة  حاليا  في العراق .

وامثل فيه ضمن مشهد واحد يمثل ثيمة العمل كله ، واذا حذفتها  فيعني لاوجود للفيلم . لكني لا أريد  ان أتحدث عنها حتى لا اكشف سر الفيلم . وقد رصدت  ميزانية  15 الف دولار وهو شيء بسيط جداً

وأضاف :ـ - ان البطلة علا علاء  هي احدى  عضوات فرقتي  فرقة مسرح  المستحيل  وعملت معنا  في معظم  أعمالنا  لكنها  تخوض أول تجربة  في السينما , وأتوقع لها  النجاح بسبب ذكائها  واستيعابها  للملاحظات  بسرعة ، وقابليتها على  التلوين  الادائي من خلال حركة جسدها.

أخيرا قال أنس :ـ- ان المستقبل  هو للصورة لذا فأن  المسعى القادم  هو ولوج عالم السينما واتوقع للفيلم  نجاحا  جيدا .. ومن  المؤمل  ان  يشارك في مهرجان دبي  السينمائي وكذلك  مهرجانات اخرى  في فرنسا  وبريطانيا  وامريكا .

المدى العراقية في

18/07/2013

 

 

شجعت وحيدتها على الاعتزال وارتداء الحجاب

درية ممثلة ومغنية الخمسينات أنجبت سهير نجمة الثمانينات

رمزي نالت ما تمنت واعتبرت بعض أدوارها نقطة سوداء

القاهرة - خالد فؤاد: 

·        الأم تزوجت مرتين والابنة ارتبطت 9 مرات

·        أحمد ندمت على معصية والدها رغم أنها رفضت الإثارة

عشقت الفن منذ الصغر, كانت وحيدة أمها ومن الطبيعي أن تصطحبها الى الاستوديوهات لتصوير أدوارها الصغيرة في الأفلام التي شاركت فيها بالتمثيل أو بالغناء أو بالرقص خلال الخمسينات, تعلقت أنظار الصغيرة سهير بأضواء الفن وحلمت بتحقيق مالم تحققه أمها الفنانة درية أحمد, وقد نالت ما تمنت.

 جاءت الفرصة الأولى لسهير رمزي للتمثيل في دور ممثلة في فيلم "صحيفة سوابق" عام 1956, ثم الفرصة الأكبر حين شاركت في فيلم "البنات والصيف" أمام نجم النجوم عبدالحليم حافظ.

حكاية درية أحمد وسهير رمزي عن أم وابنة لم تفرق بينهما الأيام, الأولى تزوجت مرتين لكنها لم تتخل عن ابنتها التي تزوجت 9 مرات ولكنها ظلت حبيبة أمها  حتى آخر لحظة.

الأم اسمها الحقيقي حكمت أحمد حسن السمرة من مواليد 24 سبتمبر عام 1923 وتوفيت في 3 ابريل من عام 2003 عن عمر يناهز الثمانين , عشقت الفن منذ نعومة اظفارها رغم أنها لم تنشأ في أسرة فنية وهنا نجد أول اختلاف بين الأم والابنة, فالابنة كانت على العكس تماما فقد نشأت في أسرة فنية ليس بحكم عمل والدتها بالفن فحسب, بينما لكون زوج أمها هو المخرج السيد زيادة الذي نشأت في كنفه وذهبت معه للاستوديوهات أيضا فتعرفت على هذا العالم المثير من جميع جوانبه.

 الاتفاق الوحيد بين بداية الام والابنة أن الاثنتين واجهتا معارضة الأب, فالأم واجهت معارضة شديدة من قبل أبيها البدوي وأصرت على مخالفته والسير في هذا الطريق وغيرت اسمها الى درية أحمد حتى لا يعرف أبوها أو أحد أفراد الأسرة بما فعلت حيث إنها بدأت مشوارها كراقصة في الأفراح والملاهي الليلية قبل أن تتفرغ تماما للغناء والتمثيل.

وواجهت الابنة كذلك اعتراض والدها محمد عبدالسلام نوح واختارت لها والدتها اسمها الفني سهير رمزي بحكم صداقة الأم بالمنتج والمخرج حسن رمزي وقد اضطرت الى الاسم الفني بعد اعترض الأب على دخولها هذا المجال, وحينما أصرت الأم وقع خلاف بينهما لينتهي الأمر بأن قاطع الأب الام والابنة لتمضي السنين دون أن يرى ابنته في عمل فني والغريب أن سهير نفسها أكدت أنها لم تكن تعرف أن هذا الرجل هو والدها حتى وصلت لسن الثالثة عشرة? 

انفصال

ورغم أن الأم مارست كل أنواع الفنون من رقص وتمثيل وغناء واكتفت الابنة بالتمثيل فقط لعدم اقتناع المخرجين بها في أدوار الاستعراض فان نصيب الابنة من الشهرة والنجاح فاق شهرة الأم بمراحل على خلاف الكثير من الأسر الفنية الأخرى التي نجد فيها الآباء والأمهات حققوا شهرة واسعة, فاقت ما حققه الأبناء.

كفاح ومثابرة الأم درية أحمد فاق كثيرا كفاح الابنة سهير رمزي فقد اعتمدت على نفسها من البداية من دون مساندة أحد بينما الابنة عملت بمساندة الأم خاصة وهي في بداية الطريق.

 عشقت الأم الفن في سن الطفولة وطارت فرحا حينما شجعها مدرس الأناشيد الذي أبدى اعجابا شديدا بصوتها, فراحت تضاعف من التدريبات وكلما استمعت لأغنية جديدة لأم كلثوم أو أسمهان أو منيرة المهدية تتدرب عليها وتغنيها أمام أسرتها فلم يكن يعارضها أحد بحكم أنها طفلة صغيرة, بينما كانوا يستمعون لها بشغف واعجاب وساعدها في ذلك مساعدة وتدريبات مدرب الأناشيد على الأداء السليم, وهكذا حتى كبرت وأصبح عمرها 18 سنة فتقدمت لامتحانات الاذاعة   ورغم صعوبة الامتحان امام فطاحل الغناء والموسيقى مثل محمد فوزي وكارم محمود الا أنها اجتازت الاختبارات ليتم اعتمادها بالاذاعة وتغني الى جانب كبار مطربي ومطربات هذا العصر.

وفي هذه الأثناء انفصلت درية عن زوجها محمد عبدالسلام الذي تزوجته وهي في سن المراهقة وكانت تنتظر أن يساعدها في تحقيق أحلامها الفنية الا انها وجدت العكس تماما ووقع الانفصال وابنتهما سهير في سن الطفولة, وكان أحد أسباب الانفصال اصرارها على الاستمرار في طريق الفن, فانفصلا.

فرحة ما تمت

وبعد وقوع الطلاق ارتبطت الأم بالمخرج اللامع حينها السيد زيادة الذي ساعدها في تحقيق أحلامها في مجال التمثيل الا أن ملامحها الشكلية وتركيبتها الجسمانية حصرتها في نوعية بعينها من الأدوار مثل أدوار الفتاة الشعبية وابنة البلد وكذلك المرأة الفلاحة فكان أول ظهور لها سينمائيا في فيلم "نداء الماضي" مع اسماعيل يس وبدر لاما وروحية خالد اخراج زوجها السيد زيادة ليتوالى ظهورها بعد هذا في أفلام "السجينة 17" و"بنت العمدة" و"ماكنش ع البال" و"خضرة والسندباد البحري" و"الدم يحن" و"توبة" وغيرها من الأفلام التي لم يتجاوز عددها العشرين فيلما.

 ورغم أنها قامت ببطولة وانتاج بعضها وظهورها في معظمها لم يقتصر على التمثيل انما الغناء أيضا, فقدمت عشرات من الأغنيات التي حقق بعضها انتشارا جيدا وقتها مثل "عطشان ياصبايا" و"زينة وعريسك زين" و"يا قلبي غني" و"على عيني" و"فرحة ماتمت" و"دلوني ياناس" و"اه يابوي" والكثير من الدويتوهات مع اسماعيل يس وشكوكو وعمر الجيزاوي.

وهناك الكثير من الأغنيات التي كانت تقدمها في الحفلات بالاضافة لبعض العروض المسرحية التي شاركت فيها لصالح فرقة اسماعيل يس الا أنها ورغم كل هذا الكفاح لم تحقق النجاح الذي كانت تسعى اليه وتتمناه ما جعلها تضع ابنتها نصب عينيها, وترى ان في مقدورها تحقيق ما عجزت هي عنه, خاصة ان الابنة تحمل سمات شكلية وجسمانية مختلفة, فهي أكثر اشراقا وجمالا وحيوية وتتمتع بقوام ممشوق وفارع يتفق مع ما تتطلبه السينما في نجماتها.

البنات والصيف

كان أول ظهور لسهير وهي طفلة في فيلم "صحيفة سوابق" عام 1956, ثم في فيلم "البنات والصيف" مع عبدالحليم حافظ وحينما وصلت لسن المراهقة استهواها عرض الأزياء فعملت فيه فترة قصيرة, وبسبب جمالها وجاذبيتها تم اختيارها للعمل مضيفة طيران الا أنها لم تستطع الاستمرار, فعادت وبمساعدة والدتها شاركت بأدوار ليست كبيرة ببعض الأفلام مثل "ميرامار" و"الناس اللي جوه" و"ثم تشرق الشمس" و"الغضب" و"المتعة والعذاب" و"ثرثرة فوق النيل" و"شيء من الحب" و"ولدي" وغيرها من الأفلام ما بين أعوام 1969 حتى عام 1972 ولفتت بها الأنظار فتنبأ لها الكثير من المخرجين والمتابعين بأنها ستكون احدى نجمات السنوات المقبلة, وهو ما تحقق بالفعل حيث أصبحت قاسما مشتركا في معظم أفلام السبعينات وانطلقت لمصاف النجمات الأوائل بأفلام "الشياطين في اجازة" و"الكل عايز يحب" و"المخادعون" و"رجال لايخافون الموت" و"دعونا نحب" و"ممنوع في ليلة الدخلة" و"سيقان في الوحل", وبدأت تعرف طريق الجوائز بفيلم "وبالوالدين احسانا" في منتصف السبعينات, وكانت النقلة الكبرى بالنسبة لها فيلم "المذنبون" الذي أثار ضجة رقابية كبرى وقت انتاجه ساهم في الدعاية لها بقوه فأصبحت واحدة من نجمات الشباك في السينما ومما ساعدها في هذا المسلسل الشهير "زينب والعرش" الذي حقق نجاحا مدويا وقت عرضه فأصبح المنتجون والمخرجون يتهافتون عليها فشاهدناها في عشرات الأفلام في حقبة الثمانينات مثل "رجل فقد عقله" و"البنات عايزة ايه" و"ليال" و"صراع العشاق" و"لست شيطانا ولا ملاكا" و"حتى لا يطير الدخان" و"المطارد" والعديد من الأفلام الأخرى التي اختتمتها ب¯ "شفاه غليظة" و"اقوى الرجال" و"دموع صاحبة الجلالة" حيث بلغ رصيدها السينمائي 120 فيلما, أي خمسة أضعاف ما قدمته والدتها.

وكان لسهير رمزي تواجد في المسرح بمجموعة من العروض مثل "البكاشين" و"الشنطة في طنطا" و"النحلة والدبور" و"أولاد ريا وسكينة" بالاضافة لمسرحية "ميس ولعة" التي أعلنت اعتزالها للفن قبل افتتاحها بفترة زمنية بسيطة وارتداء الحجاب بشكل مفاجئ عام 1993 وحينما عادت بعد ذلك وضعت لنفسها شروطا بعينها في مسلسل واحد فقط هو "حبيب الروح" قبل خمسة أعوام.

ورغم سنوات الاعتزال الطويلة تركت سهير بصمة قوية لها فاقت بمراحل البصمة التي تركتها والدتها, ورغم أن الاثنتين أعلنتا اعتزالهما للفن الا أن الأم اعتزلت لأسباب صحية وتقدم العمر بينما جاء اعتزال سهير لأسباب دينية.

ومن الاختلافات بين الأم والابنة في الحياة الشخصية أن الأم اكتفت بزوجين فقط في حياتها هما محمد عبدالسلام نوح "والد سهير" والمخرج السيد زيادة.

بينما تفوقت الابنة بمراحل حيث خاضت تجربة الزواج 9 مرات, حصلت في الكثير منها على مهر يقدر بالملايين باعتراف الأم نفسها مع كل زيجة كما حدث عند اعلان زواجها من المليونير البورسعيدي الراحل السيد متولي فقد قالت الأم إن ابنتها حصلت على مهر قدره مليون جنيه وشقة فاخرة في باريس وفيلا في القاهرة وقصر في العجمي, فضلا عن المجوهرات الثمينة وهو ما لم تحصل عليه  فنانة قبلها.

كان أول أزواجها الفنان السوداني ابراهيم خان وأصرت على الزواج منه رغم معارضة الأم ولم تكن سهير بدأت مشوارها الفني وقت زواجها منه ولم يستمر الزواج طويلا ثم تزوجت أثناء عملها مضيفة طيران من الموسيقار حلمي بكر ووقع الانفصال حين وجد لديها الرغبة في دخول الفن.

وتوالت زيجات سهير من الفنان محمود قابيل والأمير خالد بن سعود ورجل الأعمال السوري زكريا بكار ورجل الأعمال محمد الملا بعد انفصاله عن نجوى فؤاد ورجل الأعمال البورسعيدي السيد متولي الذي انفصلت عنه أكثر من مرة, حتى كان الطلاق الثالث لتتزوج بعده الفنان فاروق الفيشاوي بعد انفصاله عن أم أولاده الفنانة سمية الالفي وكان آخر أزواجها قبل اعتزالها الفن.

ولا ننسى ان سهير تمت خطبتها اكثر من مرة مثل الفنان يوسف شعبان والفنان العالمي عمر الشريف ورجل الأعمال خالد الراشد وهي خطوبات لم يكتب لها الاستمرار.

وبعد انفصالها عن فاروق الفيشاوي واعتزالها الفن, ابتعدت تماماً عن الأضواء  طيلة 14 عاما حتى عادت للفن بتشجيع من زوجها رجل الأعمال علاء الشربيني الذي التقت به في مكة المكرمة بالسعودية أثناء أدائها فريضة الحج وهو صاحب شركة السياحة التي سافرت معها لأداء الفريضة فوقع الحب والزواج وكما تقول عنه انه زوج متفاهم وكثيرا ما يتطوع للعمل مديراً لاعمالها ويساعدها في الكثير من الأمور.

اختلاف واتفاق

هكذا نجد أوجه اختلاف كثيرة على المستوى الفني بل والحياة الخاصة بين الأم والابنة, وعلى الطرف الآخر هناك أوجه تشابه في الاعتزال, فكما أن الأم ندمت في آخر سنوات عمرها على عملها بالفن ومعصية والدها رغم أنها لم تقدم أدوارا بها أي نوع من الاثارة, نجد الابنة كذلك ندمت على أعمال قدمتها وقالت انها نقطة سوداء في حياتها مثل فيلم "المذنبون" رغم حصولها على العديد من الجوائز على أدائها فيه.

وعلى صعيد الحالة الخاصة لكل منهما لا نكاد نرى وجه اختلاف واحد, فقد نجحت الأم في زرع حب الخير لدى ابنتها, فهناك العديد من المواقف الانسانية التي جمعت بينهما, فكما كانت الأم تحرص على مساعدة البسطاء في الوسط كانت ومازالت الابنة تفعل ذلك, وقد أكدت سهير بنفسها أن أحد أسباب اعتزالها الفن التفرغ لرعاية والدتها بعد أن داهمتها الأمراض وأصبحت غير قادرة على الحركة فظلت الى جانبها في كل رحلات علاجها والتي كان آخرها جراحة دقيقة في المخ بأحد مستشفيات باريس, فقد عاشت سهير وكما تؤكد بنفسها أكثر من 10 أعوام في خدمة والدتها, بعد أن اتخذتا من فيلا بمدينة 6 أكتوبر سكنا لهما وكما تقول سهير انها لاترى الشارع الا كل ثلاثة شهور متفرغة تماما لخدمة والدتها تطعمها وكان أصعب يوم في حياتها يوم ودعت الأم عالمنا فعاشت الابنة أياما في غاية الصعوبة, وتذكر سهير انها عندما قررت الاعتزال فوجئت بالأم التي قامت بالأمس بتشجيعها على دخول الفن وحاربت من أجل شهرتها تهنئها على الاعتزال وارتداء الحجاب وظلت تدعو لها بعد أن تغيرت مفاهيمها تماما عن الحياة.

 والأكثر من هذا أنها كانت تدفعها دفعا للتردد على المساجد وقراءة القرآن الكريم وحضور الجلسات الدينية وكثيرا ما كانت ترافقها.

السياسة الكويتية في

18/07/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)