حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

سنرى سيّابا طفلاً يسرد بصرياً مراحل حياته

جودي الكناني: الفلم الوثائقي حياة جديدة للوثيقة

عدنان حسين أحمد

 

وُلد جودي الكناني ببغداد عام 1953. درس بقسم الفنون المسرحية في معهد الفنون الجميلة وتخرّج منها عام 1976. ثم درس السينوغرافيا لمدة عام في أكاديمية الفنون الجميلة بفلورنسا في إيطاليا. نال درجة الماجستير في الإخراج السينمائي عام 1982 من معهد يون لوكا كارجيالي في بوخارست، رومانيا. أنجز في أثناء تواجده بالعاصمة الرومانية سبعة أفلام. ثم انتقل بعدها إلى اليمن ليعمل أستاذاً في معهد الفنون الجميلة بعدن في قسم المسرح منذ عام 1983. كما أخرج "180" حلقة تلفزيونية لتلفزيون عدن. وكتب العشرات من المقالات السينمائية للصحافة اليمنية. ثم انتقل إلى الدنمارك وأخرج ستة أفلام وثائقية وروائية وقصيرة وهي "معرضي الجوال"، "عندما تغضب الجنرالات"، "رحلة الى الينابيع"، "الضحية الحي" و "الأخضر بن يوسف" أما فلمه الأخير فيحمل عنوان "السيّاب" وقد أنجزه لمناسبة اختيار بغداد عاصمة للثقافة العربية. وهذا الحوار مكرّس أصلاً لهذا الفلم الذي سيجد طريقه إلى المهرجانات المحلية والدولية.

أسباب التفرّد

لماذا أردتَ لفيلم السياب أن يكون روائياً وليس وثائقياً؟ وماهي المعطيات الفنية والفكرية التي دفعتكَ لان تخوض هذه التجربه المغايره لما اعتدناه من المخرج جودي الكناني؟

في البداية كان الفيلم روائياً وثائقياً بمعني ديكودراما، ولكن في السياق العام للكتابة بعد البحث جدياً في دقة الوثائق التي وقعت تحت يدي وصلت لقناعة بتجاوز العامل الوثائقي لأكثر من اعتبار، الاعتبار الأول أنَّ السياب كسيرة حياة وكمبدع لايحتاج الى توثيق فهو معروف بشكل واسع، ليس في العراق حسب، بل في معظم البلدان العربية ولمعرفة تفاصيل حياته يمكن الحصول بطريقة سهلة على العديد من الوثائق التي تخص هذا الجانب، لكنني عندما تفحصت ملياً طبيعة الوثائق التي تهم العلاقة بينه وبين مرحلته التي عاشها بتفاصيلها وجدت أن هناك الكثير من الوثائق تحتاج إلى إسناد وثائقي أكثر وتعزيز لصحتها لأن السياب خضع لعملية تشويه كبيرة خاصة في ما يتعلق بمواقفه الفكرية والسياسية. والاعتبار الآخر أنا منذ البداية لم أكن معنياً بطبيعة علاقته بمرحلته وتفاصيلها لأن هذا التوسع يعني البحث عن إمكانات إنتاجية كبيره جداً، بل كنت معنياً بالبحث عن أسباب تفرده، والأسباب دائماً أنا أعزوها للعامل الشخصي البحت، العامل الابداعي، ولذا وصلت لقناعة بالتركيز على حياته الشخصية في أضيق دائرة، دائرة الأقربين، الطفولة وتفاصيلها، وأقول الطفولة لأنني لازلت أعتقد أنها المرحلة الأهم التي تبقى عالقة في الذاكرة وتكون معيناً دائماً ممكن الاستفادة منه على الرغم من كونها مرحلة بسيطة، لكنها تشكل البدايات لصياغة ذاكره يتشكل على أساسها الوعي اللاحق وهو نفسه كتب الكثير من القصائد تتناول تفاصيل مهمة عن طفولته

تجربة فيلم  "السياب" لا أراها مغايرة عن تجاربي السابقة فأنا عملت سابقاً ثلاثة افلام روائية، اثنان في بوخارست، وواحد في الدنمارك، بمعنى أنا عدت جدياً لاختصاصي الحقيقي  هو الإخراج السينمائي في الافلام الروائيه. شخصياً أنا لا أجد فروقاً كثيره بين الفيلم الوثائقي والروائي إذا كان التركيز على خلق رؤية والعمل عليها، فالفيلم الوثائقي بالنسبة لي لا يعني السرد أو تناول وثيقة، وإنما تحويل الوثيقة الى حالة حياة جديدة، وبإمكانك أن ترى في فيلم "الأخضر بن يوسف" حيث خلقت أنا سعدي يوسف خاصاً بي وحاولت سبر دواخله عبر تفكيك القصيدة وتحويلها إلى مشاهد بصرية هي نتاج لمخيلتي كمخرج، وفي فيلم "رحلة الى الينابيع" صنعت نفس الشئ مع الفنان قاسم البياتي، الشخصية التي أتناولها لم أكن أسيِّرها، بل تكون هي محل متعة لي لأنها تشحذ مخيلتي وقد حدث الشيئ نفسه مع "السياب". 

لوحات بصرية

·     ما الجديد  الذي سوف نلمسه في فيلم "السياب" على صعيد الثيمة والمعالجة الفكرية، وهل سنرى معالجة جديدة تختلف عن أفلامك السابقة مثل "رحلة الى الينابيع" و "الأخضر بن يوسف" أم أنها تقع في ذات السياق؟ 

- أنا أؤمن بأن المخرج الذي يكرر نفسه عليه أن يتوقف ليراجع تجربته بجدية، والتكرار يعني الوقوف في مكان واحد، وهذه الحقيقه أنا أعيها جيداً ولذا في كل عمل أحاول تقديم رؤية جديدة في أسلوبي الذي أعالج فيه الحدث وأعتقد أنك تلمس ذلك في أفلامي ليس فيها تشابه في السرد، وهنا والحديث عن فيلم "السياب" توقفت كثيراً للعمل على صيغة أخرى للتقديم بحيث لا يبدو الفيلم وكأنه نسخة مشابهة لـ "للأخضر بن يوسف"، الجديد في فيلم "السياب" هو كيفيه تقديمه وقد حاولت أن أجد سيّاباً يروي قصة السيّاب نفسه حيث نراه وهو يبصر نفسه عبر خلق مشاهد مستوحاة من قصائده، فأساس المعالجة عندي أن أكون طرفاً محايداً في سرد حياته كي لا أقع في مطب الوثائقية، لذا نرى سيّابا طفلاً يسرد بصرياً مراحل حياته. هناك في الفيلم سيّاب ميت يرى السياب الحي ويتابع مأساته الشخصية لكن عبر منظار آخر وهو  الطفل الذي رأى كل شئ، في هذا الفيلم سنرى لوحات بصرية تحكي قصة حياة، قصة مأساة، وقصة صمود عظيمة عاشها السياب فرغم قصر المسافه الزمنيه التي عاشها، لكنه ضاعف مروره على الأرض، وخلق ذاكرة جمعية للعراقيين في ميدان الشعر، رغم حياته القصيره نسبيا، لكنه كان يشعر بأنه قد عاش طويلاً كما ذكر في إحدى رسائله

·     لماذا استبعدتَ الوثائق عن فيلم "السياب"؟ ما الخلل في استعمال الوثيقه أو تطويعها في الفيلم الروائي؟

لا يوجد خلل في تطويع  الوثيقه في الفيلم الروائي، لكن استعمال الوثائق يخضع لشروط بنائية في عملية سرد الحدث الفيلمي. أنا أعتقد في الفيلم الوثائقي تكون هناك هيمنة للوثيقة وتفاصيلها في عملية السرد، لكن عندما تكون الوثيقة كمصدر للاستعارة ولبناء عالم مستوحى منها ولا يخضع لشروطها تكون كل تفاصيل الوثيقة خاضعة لمخيلتك أنت كمخرج، هنا أود أن أقول لك أنا مخرج تهمني حريتي كثيراً ولا أريد أن أكون دارساً لوثائق الآخرين، بل مُعيداً لصياغتها، وأبعد من ذالك أن أبحث عن عوالم تشدني فيها لتشكيل عوالم خاصه بي، فأنا لي جنوني الخاص أيضا. أما لماذا استبعدت الوثائق في فيلم "السياب" فأعتقد أنني أجبت على هذا السؤال ضمن الجواب الأول

وسيلة إيصال

·     كيف وقع اختيارك على الممثل الشاب حيدر نجم؟ هل ثمة أوجه شبه بين الاثنين؟ أم أن هذه المسألة لا تعنيك كثيراً، وهل تعتقد أنه تماهى مع شخصية السياب أو استنطقها في أقل تقدير؟

حيدر نجم ممثل شاب يعد بالكثير إذا استمر بالحصول على الفرص، وقد قع اختياري عليه لجملة من الأسباب أهمها أنه عميق في تفحصه للنص ويحاول البحث عن تفاصيل وهذه إحدى أهم سمات الممثل الناجح، أن يكون لديك عدد كبير من التفاصيل الصغيره تستطيع أن تهيئ لوحتك التي تكتمل بهذه التفاصيل، أنا لا أبحث عن تشابه أوجه بين الممثل وبين الشخصيه التي يمثلها، بل أحاول الوصول مع الممثل لأفضل صيغة لإيصال الفكرة، الممثل بالنسبه لي وسيلة إيصال مثلما الشخصية التي يمثلها له وسيلة لإيصال نفسه كممثل قادر على التجسيد. أنا لا أبحث عن ممثل يشبه الشخصية التي يمثلها في الكاركتر الخارجي فهذا ليس مهماً بالنسبه لي، بل عن ممثل قادر على استيعاب عوالم الشخصية الداخلية التي يؤديها ليقدم لنا عالماً لم نره سابقاً في هذه الشخصية. فن التمثيل ودور الممثل يختلف من مخرج لآخر، وأنا لا أبحث عن ممثل قادر على نسخ الشخصية التي يؤديها، بل أبحث عن ممثل قادر على أن يخلق منها فكرة جديدة تثير في داخلنا الأسئلة.

لقد استطاع حيدر نجم الاقتراب من الشخصية في كثير من المشاهد، وهو يستطيع الوصول إلى الفكرة التي أريد إيصالها لكنني أعي أن عدم وجود نتاج سينمائي مستمر في العراق جعل فن التمثيل يدور في داخل نفس القوالب التي درسناها عندما كنا طلبة في معهد الفنون الجميلة وهذه الأشكال من الاداء لا تتناسب مع تقنيات الأداء في الفن السينمائي الحديث.

حقائق جديدة

·     ماهي أبرز المَشاهد الواقعية التي جسدتها في فيلم "السياب" وماهي طبيعة المشاهد المتخيلة التي أضفتها للنص الواقعي وهل ثمة مزاوجة بين الاثنين؟

أنا شخصيا قد أجد صعوبة في الإجابه على هذا السؤال لربما يصعب عليَّ تحديد معنى المَشاهد الواقعية والمشاهد المتخيلة. أولا أنا لست معنياً بالسرد الواقعي بمفهومه التقليدي والواقعية بالنسبة لي ليست تسليط الضوء على الواقع المعاش، وإنما الوصول إلى حقائق جديدة وأشكال جديده لها جذور في الواقع أنت تراها بعين أخرى لم يرها الاخرون، أما شكل صياغتها فنياً فهو الذي يحدده مستوى فاعلية مخيلتك كمخرج في تركيب حدث أنت حددت تفاصيله، لكنه مستوحى من واقع معاش، وكما ذكرت أنت تراه بعين أخرى ولهذا أنا أعتبر كل مشاهد الفيلم متخيلة لأنني ركّبت أحداثها من خلال خروجي بتصور عن حياته الشخصية، ولذا في فيلم "السياب" سنرى مشاهد سينمائية على شكل لوحات سيكون التركيز فيها على الرمز والاستعاره وعلى البُعد العميق في المعنى لأن "السياب" شاعر عميق جداً وينبغي التركيز على تصوراته. حاولت جاهداً أن أتجاوز عملية السرد التتابعي لمراحل حياته فأنا لا أعرض للمشاهد مسيرة حياة بدر العادية بتتابع سنينها، بل أركِّز على المعنى الحياتي الذي على أساسه خلق بدر عالم من الشعر وأثرّ في مسيرة الشعر العربي وغيّرت مجراه

صراع مع النفس 

·     أخرجتْ الفنانة سعاد السامر فيلماً وثائقيا عن السياب، كيف تنظر إلى هذا الفيلم أو إلى الأعمال الفنية الأخرى التي أُنجزت عن السياب؟

في الحقيقه أنا لم أشاهد أعمالاً فنية عن السياب ولم أرَ فيلم السيده سعاد السامر، إذ لم يحالفني الحظ في مشاهدته، ولكنني شاهدت ريبورتاجاً من ثلاث حلقات في إحدى القنوات الفضائية. أولا أنا لست ميالاً لتقديم آراء تخص أعمال الآخرين بمعنى أن لكل فنان رؤيته في تناول العمل، ومنْ لا تشدك رؤيته ربما تشد أناساً آخرين، وربما رؤيتي لا تعجب الآخرين. أنا أرى أن أي مادة فنية يمكن تناولها بأشكال مختلفة تبعا لثقافة المخرج ولالتقاطاته، ومستواه وتمكنه من أدواته، والسياب سيتم تناوله لاحقاً ولن يتوقف الفنانون عن دراسة السياب، ولذا سترى أفكاراً جديدة دائماً وتناولاً جديداً لأن السياب عالم واسع جداً، ولن يكفي فيلماً واحداً أو أكثر للإحاطة به، وكل فنان يراه من زاوية خاصة به. الثلاثية التي عرضتها إحدى الفضائيات لم تكن عملاً فنياً، بل مقابلات مع أشخاص لهم معرفه شخصية بالسياب أو من الناس الذي جايلوه  بمعنى أن العرض قد كان مقابلات من المؤكد أن فيها معلومات تاريخية مهمة، لكن شروط العمل الفني من وجهة نظري مختلفة تماماً ثم أنني لا أربط شكل تقديمي لمادتي الفنيه بما قدمه الزملاء الاخرون لأنني وطّنت نفسي على قناعة مفادها أنني لا أصارع أحداً وإنما صراعي الوحيد مع نفسي

التعامل الإيحائي

·     تنقّل السياب في أكثر من مدينة وبلد، هل سنجد هذه المدن والبلدان في فيلمك مثل البصرة وبغداد وبيروت وروما والكويت؟

البصرة بلا شك حاضرة على الطبيعة وحاضرة في الفكرة لأنها المجال الحيوي لوجوده، هناك جاء الى الحياة، وهناك بدأ كل شيئ بالنسبه له، أما باقي المدن فإنها موجودة كإيحاءات قلت سابقاً أن الكثير من الأماكن لا تهمني خصائصها بسبب تنقلي كثيراً في رحلتي الطويلة بعيداً عن العراق، وفكرة المكان، فكرة الجغرافيا أصبحت بعيدة عني لأن المكان دائم التغيير، أما التاريخ فبإمكانك حمله معك، أنا ابن لتاريخ الأمكنة التي مررت بها وثقافاتها. أن تعيش 38 عاماً من عمرك بعيداً عن الوطن تكون قد ضيّعت كل خصائص المكان. أنا لا أستطيع التعرِّف على مدينتي بغداد لأنها تغيرت، لكن تاريخ سومر وأكد وآشور باقٍ في تكويني الثقافي لذلك لم آخذ فكرة الأمكنه التي مرَّ بها السياب بشكلها الواقعي، بل بقدر مساهمة هذه الأمكنة في خلق ذاكرته الإبداعيه لذلك تعاملتُ معها إيحائيا ولا تنسى أن المبلغ المرصود للفيلم لايساعد على السفر بعيدا.

الجزيرة الوثائقية في

04/07/2013

 

محفوظ وظّف النيل في «ثرثرة فوق النيل» وشاهين صور بلاغة موت محمد أبو سويلم

الأرض لو عطشانه.. 

في الواقع لا يمكن أن نجد فيلما من إنتاج السينما المصرية، يخلو من منظر لنهر النيل، الذي يتوسط جانب كبير منه مدينة القاهرة ذات الكثافة السكانية العالية. فالنهر الذي يشق المدينة نصفين، ويعلوه كوبري يطلق عليه إسم (كوبري النيل)، يتمتع بحركة مرورية وسياحية، ما يجعل منه موقعا مهما لتصوير الأفلام.

وإن جملة (الكازينوهات) المترفة المطلة على النهر، تستقبل كل يوم أفواجا من الناس من كل حدب وصوب، فالمنظر بمجمله يمتلك سحرا خاصا، والرؤية تتسع لمشاهدة مراكب الصيادين وهي تعبر النهر، فيما تتبعها المراكب السياحية لتحقيق فرجة، لا تضاهى، في هذا المكان الذي إستثمره الروائي النوبلي نجيب محفوظ برواية أطلق عليها عنوان “ثرثرة فوق النيل” بعد نكسة عام 1967 مباشرة وكتب لها السيناريو والحوار ممدوح الليثي، لتصبح فيلما سينمائيا بتوقيع المخرج حسين كمال، وقد إعتبره النقاد واحدا من أهم أفلام السينما المصرية التي أنتجت في تلك الفترة، وجسد فيها محفوظ حالة اللامبالاة والانكسار والاستسلام للهزيمة في تلك الفترة.

وأعطى لمصر رمز الفلاحة الحامل التي ماتت دهسا بحادث سيارة على يد مجموعة من (المساطيل)، لكن أبطال الفيلم مثل نهرهم الخالد ممتدون، بعد أن تتوالى الأحداث، فنتصور حالة جديدة تبدأ من عوامل الهزيمة إلى تحوّلات الانتفاضة التي نادى بها بطل الفيلم عماد حمدي في آخر مشاهد الفيلم بحتمية الانتفاضة وتحطيم اللامبالاه والانحلال للنهوض بالدولة وكسر الهزيمة وتحويلها لنصر.. وهو ما تحقق بعد عرض الفيلم بسنوات من خلال عبور أكتوبر العظيم 1973.

وإذا عدنا بذاكرتنا إلى الوراء حتى عام 1951، سنجد فيلم “إبن النيل” الذي كتب له القصة والسيناريو وأخرجه يوسف شاهين، وفيه يتبدى الصراع بين الريف متمثلا في نهرها العظيم، والمدينة بما فيها من تداخلات وإشكاليات، فيكون هو محور الفيلم الذي يؤكد على قيم وأخلاقيات وتقاليد أهل القرى والأرياف، تلك القيم المستمدة من أصالة الأرض والنهر، ولهذا يعود بطل الفيلم شكري سرحان إلى قريته، بعد أن تسحبه جذوره، ليجد فى انتظاره زوجته زبيدة (فاتن حمامة) ومعها ابنها التي أنجبته بعد سفره إلى القاهرة والذي كاد أن يغرق في النهر.

وليس ببعيد عن هذا المحتوى، يقدم لنا المخرج يوسف شاهين في مقاربة جديدة، إحدى روائع السينمائية الكلاسيكية، فيلم بعنوان “الأرض” من إنتاج عام 1970، تأليف حسن فؤاد، سيناريو وحوار الكاتب المسرحي عبد الرحمن الشرقاوي.

وتدور أحداث الفيلم في إحدى القرى المصرية عام 1933، حيث يبلغ العمدة الفلاحين أن نوبة الري لأراضيهم قد أصبحت مناصفة بينهم وبين محمود بك، غير أن الفلاحين يثورون على هذه التعليمات وعلى رأسهم محمد أبو سويلم (محمود المليجي) الذي يقترح تقديم عريضة إلى الحكومة، ويسافر إلى القاهرة لمقابلة محمود بك، لكنه لا يهتم بالأمر، ويقدّم إقتراحا آخر، يتمثل في إنشاء طريق يربط بين قصره والشارع الرئيسي، مما يستلزم إنتزاع أجزاء كبيرة من أراضي الفلاحين، فيثور الفلاحون ثانية للدفاع عن أرضهم وهي بمثابة عرضهم وشرفهم وجذورهم، فينتهز الاقطاعي محمود بك الفرصة لصالحه، فترسل الحكومة قوات الأمن لتأديبهم، ويتم إنتزاع الأراضي منهم بقوة السلطة. وفي مشهد ختامي مؤثر، يتصدى لهم الفلاح محمد أبو سويلم، ويتم سحله على مرأى من الفلاحين، فيما ـ وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ـ يلتقط حفنة من تراب أرضه، الذي يمتزج بدمه. ويلخص هذا الفيلم المتميز حكاية الانسان والأرض، ورفض فكرة الاقطاع والهيمنة، ويبقى تراب وطين الأرض العطشى أهم قيمة إنسانية.

ولا نعتقد أن أحدا من محبي السينما العربية يستطيعون نسيان مشهد الفنان المصري الراحل محمود المليجي، وهو ملقى على الأرض، متشبثا بكلتا يديه بها، وأصابعه مغروسة في الطين، ودماؤه تنزف على الأرض التي أحبها، بينما مجموعة من أعوان الحكومة المصرية في تلك الحقبة الملقبين بـ”الهجانة” يجرونه جرا ويسحلونه بحبال غليظة، في مشهد من أقوى مشاهد المخرج المصري العالمي يوسف شاهين، فيما تتوج ذروة الفيلم بأغنيته الشهيرة بتوليفة ثنائية الأرض والماء: “الأرض لو عطشانه/ نرويها بدمانا/ عهد علينا وأمانة/ تفضل بالخير مليانة/ يا أرض الجدود/ يا سبب الوجود راح نوفي العهود/ يا رمز الخلود قلوبنا تهون/ وعمرك ما تنامي عطشانة/ الأرض لو عطشانة/ نرويها بدمانا”.

وتبدو في هذه الأغنية جلية دلالات الماء، فهي رمز للطهارة والارتواء والنقاء والخصب والنماء والتجدد، وربما تكمن هنا أهمية هذه الأغنية التي تعكس قيمة النهر في المجمل العام.

وإذا كنا نود إرتباطا أكثر وضوحا في هذا المجال، فلنعد بالذاكرة إلى عام 1963، حيث فيلم المخرج فطين عبد الوهاب بعنوان “عروس النيل” عن سيناريو وحوار فائق إسماعيل، وتمثيل رشدي أباظة ولبنى عبد العزيز وعبد المنعم إبراهيم.

ويحكي الفيلم قصة المهندس الجيولوجي سامي، الذي يذهب إلى مدينة الأقصر للتنقيب عن البترول، ويحاول عالم الآثار منعه من القيام بمهمته، بحجة أن المنطقة تستخدم كمقبرة لعرائس النيل، وأكد الأهالي له، أن لعنة الفراعنة ستنزل عليهم، لو أن أعمال الحفر والتنقيب بدأت في المكان، ووسط تداخل الأحداث، تظهر له فتاة رائعة الجمال في زيّ عروس النيل، تدعى (هاميس)، تطالبه بوقف عملية الحفر، لأن أجسام عرائس النيل مدفونة في منطقة عمله، كما أخبرته أنها إبنة (آتون ـ إله الشمس)، وأنها آخر عروس نيل، وأن والدها أرسلها إلى الأرض لمنع إنتهاك حرمات مقابر عرائس النيل.

وتتسلسل الأحداث، لنرى كيف أنها بدأت تضايقه في عمله، ومن مفارقات الفيلم، أن لا أحد بإمكانه أن يراها سواه، فيتوقف العمل في الحفر، ويعود سامي إلى القاهرة حيث مقر عمله الأصلي، لكنها ما زالت في أثره، فيقع في غرامها، ويناقشها في موضوع الزواج دون أن يصل معها إلى حل.

وتصل أحداث الفيلم إلى نهاية مؤثرة، حينما يعثر على تابوت به جثة عروس النيل هاميس، فيغلق التابوت، ليعود إلى مكان آخر للتنقيب عن البترول.

ومن الملاحظ مدى تأثر سينما زمان بثقافة الأسطورة الفرعونية، وكيف أن هذه السينما وظفت هذه الثقافة ذات الصلة المباشرة بنهر النيل، توظيفا خاصا، يبرز مكونات هذه الثقافة في إطار سينمائي يقوم على جماليات كوميديا المفارقة ومزج الواقع بالمتخيل.

أعمال سردية رصدت سيرة الناس وتحولاتهم على ضفتيه

مياه النهر تسري وتسرد

لا ضير من العودة ثانية إلى رواية نجيب محفوظ “ثرثرة فوق النيل”، ووفق مخيلته الابداعية، فهو متعلّق بشدة بهوية المكان الذي هو بمثابة عنصر سردي في الرواية، سواء كان هذا المكان القاهرة وحارتها وأزقتها، أو ريفها، بما فيه من أرض وأصالة وقيم وتقاليد خاصة. وقد إستحضر الرجل في جملة من كتاباته نهر النيل بقوة، وبخاصة في الثرثرة... مسجلا القيمة الفكرية والانسانية للنهر العظيم في حياة مصر والمصريين عبر حقب تاريخية مختلفة.

لذلك وكما نلمح من كتاباته وتصريحاته أن له علاقة خاصة مع هذا المكان الأثير، وهي علاقة تفرض حضورها على كل إنسان يعيش في هذا البلد أو يزوره، يقول محفوظ: “في الأوقات التي كنت أجلس فيها بمفردي على شاطئ النيل، كنت أشعر وكأن هناك علاقة حبّ، ومودة تربطني بالنيل، فأناجيه، وأتحاور معه كأنه شخص آخر، أحيانا كنت أحدّق فيه، ولا أشبع من النظر إليه” (كتاب “نجيب محفوظ وعشر سنوات من نوبل”، عرض د. محمد الرميحي، مجلة “العربي” عدد 478 ـ 1998).

وكما يبدو من قراءة الرواية بعيدا عن الفيلم، فإن المكان الأساسي الذي كانت تجري فيه ثرثرة الشخصيات، هو (العوامة الراسية في نهر النيل)، أما النهر نفسه فقد كان شاهدا على هذه المغامرة، لهذا وفي تقديري أن هذه الرواية الرائعة هي رواية النيل بامتياز، وفي ذلك يقول الناقد المغربي عبد الجليل لعميري، في دراسة له بعنوان “شعرية المكان في ثرثرة فوق النيل”: “انطلاقا من العنوان “ثرثرة فوق النيل”، تحدث “الثرثرة” كفعل جماعي “فوق النيل”، أي بشكل عمودي، مما يجعلها ظاهرة ومكشوفة لنا، وهي “ثرثرة” متعددة، اذ تتكرر كل ليلة، لكنها تتم فوق الماء المتجدد/ الجاري، انه ماء نهر النيل، الذي يشق مجراه في المكان والزمان، لهذا نتمكن من خلال هذه الثرثرات الليلية المتراكمة تشكيل معرفة أكثر وضوحا عن شخصيات العوامة، وكأن المياه الجارية تحتها تجلو وجوه الشخصيات وتطهرها من همومها وأوساخها.

وان وجود النيل ـ هنا ـ علامة على حتمية التجدد والشفافية التي يهرب منها انيس (وزير شؤون الكيف) وأصحابه، ولعل حادثة مقتل الرجل المجهول جعلتهم ينتبهون ـ ولو نسبيا ـ إلى خطورة الجمود الذي يعيشونه في العوامة على سطح نهر جار كثيرا ما يجرف العوامات التي تفقد حبالها الرابطة لها بالأرض/ الواقع”.

ومن الجيل الجديد من كتاب الرواية في مصر نختار الكاتب محمد العشري، صاحب رواية “خيال ساخن” والتي نجح من خلالها في تقديم حالة إبداعية مثيرة للاعجاب والاهتمام، فقد عاد وبجرأة عالية إلى فن الأسطورة، بالسباحة في نهر النيل، رحلة في مركب صغير، تدخل بأبطال الرواية إلى الحياة الفرعونية البعيدة، والصحراء المتاخمة لضفتي النيل وأثره في تشكيل حياة المصريين، وتنتهي بهم الرحلة في الزمن الحاضر، بحثاً عما يفتقده الإنسان الآن من دفء وحب وأمان، وبحثاً عن نافذة يرى منها الإيجابي في الشخصية المصرية عبر التاريخ.

مراوحة ما بين الواقعي والخيالي، القديم والجديد، وأثر النيل في تكوين المصريين، وفي جانب آخر أشعل الخيال في إحداث ثورة داخل الرواية، من خلال رمزية “سوق الحيوانات”، فقد كان بمجازياته ورموزه، متعطشاً لرؤية ما يقوم به المصريون في حاضرهم، في ظل ما ما يعيشونه من واقع جديد، في إطار المشهد السردي الجديد في مصر.

ولا يمكن لنا في السياق أن نغفل رواية “إبن النيل” لجاذبية صدقي، وهي رواية كتبت خصيصا للفتيان والطلائع، وتنتمي في أسلوبها إلى الأدب الواقعي الاجتماعي، ضمن مفهوم قصص الأدب التربوي، نظرا لما تشتمل عليه في فكرتها ومضمونها على قيم أخلاقية وتوعوية، بالاضافة إلى تكريس مفهوم قيم الانتماء للأرض والوطن والقيم الاقتصادية والجمالية والوجدانية.

وقد أتت الكاتبة على ذكر النيل في عديد المواقع والمشاهد من الرواية، وتدور فكرتها حول قصة كفاح الصبي حمدان الصياد الفقير اليتيم (بطل الرواية)، وهو ابن احدى قرى الصعيد المطلة على نهر النيل (قرية الصفاء)، وكيف يكافح ويساعد أهل قريته في شدتها، ثم يمضي للمدينة ويتحول من صياد إلى طالب علم فيحارب الجهل وينقذ قريته من براثن الفقر والجهل والمرض، ويصير طبيباً يعود لقريته يخدم بلده وأهلها، ويجعل من قريته قرية نموذجية مثالية حتى تصير معلماً سياحياً ويُشيد بها مستشفى نموذجياً تحظى بفخر كل البلاد حولها، ويباركها أهلها وتسعد بزيارة العلماء الأجانب لها.

ولعل القسم الثاني من الرواية كثير الشبه بقصة “قنديل أم هاشم” للكاتب الكبير يحيى حقي مع اختلاف التفاصيل الروائية. فيما يلعب نهر النيل في رواية جاذبية صدقي، دوراً بطولياً في حياة حمدان، فالنهر يقاسمه حياته، ويتأثر به في كل الاحوال، وهو جزء من حياته ومكون من مكونات شخصيته: “ارتوى منتعشاً كالعود الأخضر من مياه نهرها العذب”، قد تكرر ذكر نهر النيل ومترادفاته أكثر من مائتي مرة، بدلالات مختلفة.

ولعلنا نختتم هذا الباب، بالحديث قليلا عن قصة يعقوب الشاروني “الرحلة العجيبة لعروس النيل” وهي قصة تتمتع بأسلوب شائق، ضمن قالب الأدب القصصي الفانتازي القيمي البيئي، إذ تدعو إلى الحرص على نظافة النهر، كما تحث على إحترامه وتقديره من خلال الحث على عدم رمي المخلّفات في مياهه، وتدور القصة بالمجمل حول خروج عروس النيل من النهر، معلنة إحتجاجها، على المعاملة السيئة التي يتعامل بها الناس مع النهر، ولا يراعون في حياتهم مسألة تلويثه وإهماله.

وبذلك يكافئها والدها (النيل)، بما وعدها به قبل سنوات، بأن يحول ذيلها السمكي إلى قدمين، لتتحول إلى إنسية، تستطيع التكيف مع حياة البشر.

أعياد النيل

تتبدى القيمة الفكرية والاجتماعية الانسانية العظيمة لنهر النيل الذي أسر قلوب المصريين القدماء وحضارتهم التي إستمرت بضع آلاف من السنين، من خلال العادات والتقاليد الموسمية المرتبطة بالنهر، ومنها تلك الأعياد التي أقاموها للاحتفاء به، ومنها: عيد حفل عروس النيل، وقد أتينا على ذكره في مقدمة الدراسة، وهناك ما يعرف بـ(ليلة الغطاس) وهو عيد قديم سابق على الفتح الاسلامي، وكان يقام في ليلة الحادي عشر من طوبة، على شاطئ النيل، ومن طقوسه الغطس في مياه النهر، تجنبا للاصابة بالأمراض طوال العام، ولعل ذلك ما شكّل لدى النّاس ثقافة خاصة حول أهمية قدسية هذا المعلم العظيم، وهناك ثمة طقس إستقيناه من عيد الدراسات القديمة، متمثلا في (عيد وفاء النيل)، ويعتقد أنّه من أهم أعياد المصريين القدماء، وكان الفرعون نفسه، أو نائبه، يحرص على حضور هذا الحفل بمشاركة الشعب، وظل هذا الاحتفال مستمرا حتى وقت قريب في مصر المعاصرة، ولكنه إتخذ له شكلا يتماهى مع هذا الاحتفال.

جريمة أجاثا كريستي في النيل

لقد عرفت مصر منذ قديم الأزل بأنها هبة النيل، فقد شكل هذا النهر العظيم، حياة مصر والمصريين، كما ساهم في تشكيل سلوكهم ومزاجهم، ومخيلتهم، كما جمع شؤون حياتهم وطقوسهم، ومختلف أنواع الآداب والفنون، لذا فقد تناولوه في كتاباتهم وشتى إبداعاتهم، منذ عهد الفراعنة، وحتى وقتنا هذا، لمنزلته الرفيعة المقدسة، ولتأثيره على نوع الكتابة، ويبدو أن سحره قد أغرى كثير من الكتاب غير المصريين، مثل أجاثا كريستي، التي كتبت رواية بوليسية بعنوان “جريمة في النيل”، كما تناوله حديثا بعض المستشرقين بالرصد والدرس والتحليل، مثل رائعة إميل لودفيغ “النيل حياة نهر”، والذي يمثل مرجعا مهما لمعظم الباحثين في هذا المجال، كما تناوله بعض الدارسين من زوايا ووجهات نظر إنسانية وإجتماعية مختلفة، مثل الدكتور قاسم عبده قاسم في إطروحته التي سمّاها “النيل والمجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك”، وكذلك أطروحة الدكتوراه القيمة للدكتورة نعمات فؤاد بعنوان “نهر النيل في الأدب العربي”.

دراسات عن النهر والناس

لا تقتصر قيمة نهر النيل في حياة المصريين على الثقافة والأدب والفكر والابداع، بأشكاله وصنوفه، بل تتجاوز ذلك إلى الثقافة السياسية والاجتماعية، ومن ذلك نتذكر تأثيرات جغرافية النيل على الكثيرين من الكتاب والمفكرين، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر أمين سامي، الذي وضع لنا كتابا لا يضاهى في قيمته ومعلوماته، أسماه “تقويم النيل”، ويقع في ستة مجلدات، وصدر في طبعته الأولى عام 1915، يؤكد من خلاله على أن هذا الاهتمام بالنيل راجع إلي أن جميع من سَكَنَ مصر أو خالط أهلها أو زارها أو جاورها، يعلم تمام العلم أن النيل هو السبب في ثراء مصر ورخائها، وأنه الركيزة الأولى التي قامت عليها حضارتها المبكرة، تلك الحضارة النبيلة الراقية منذ آلاف السنين، والتي كان لها الفضل علي العالم كله، حيث نهل أبناؤه من وادي النيل مبادئ هذه الحضارة والعمران، يوم لم يكن حضارة ولا عمران إلا ما نشأ ونما في أحضان هذا الوادي الخصيب، وهكذا يتضح لنا أن كتاب “تقويم النيل” الذي ظهر مؤخرا في طبعة جديدة للقارئ العربي، ومن قبله العديد من كتابات المؤرخين عن النهر، إنما تعكس مدى أهمية النهر الخالد ومكانته في نفوسهم وشعورهم القوي بفضله عليهم، لذا كان من اليسير أن نلمح مشروعية إعادة تقديم هذه النوعية من الكتب المتعلقة بنهر النيل اليوم للقارئ العربي كنوع من تأكيد الحقوق الثابتة والتاريخية لمصر في نهر النيل وكسند ثقافي للسياسة الخارجية المصرية تجاه دول حوض النيل التي تتسم بقدر من الخصوصية التي تفرضها قضية مياه النيل لما لها من أبعاد إستراتيجية أمنية وسياسية واقتصادية إذ يكفي معرفتنا من خلال هذا الكتاب أن النيل قد تسبب في وقوع سبع وأربعين أزمة اقتصادية في مصر طوال العصر المملوكي وحده، لذا تعتبر قضية المياه من القضايا الحيوية التي تشغل كافة دول حوض النيل، لاسيما في مصر التي دائماً ما تسعى إلى ضمان حقها التاريخي في مياه النهر خاصة مع بعض التوترات التي تشوب علاقة مصر بدول حوض النيل لرغبة بعض تلك الدول تغيير الوضع القائم لتعظيم الاستفادة من مياه النهر من جانب، واحتواء الدور الإقليمي لمصر في منطقة شرق إفريقيا والقرن الأفريقي من جانب آخر.

المراجع:

ـ الفن المصري، الدكتور ثروت عكاشة ـ الجزء الأول ـ دار المعارف ـ القاهرة 1971

ـ توظيف التراث الشعبي في المسرح العربي، الدكتور أحمد صقر ـ مركز الاسكندرية للكتاب 1998

ـ دراسات في الفلكلور، الدكتور أحمد أبو زيد ـ دار الثقافة للطباعة والنشر ـ القاهرة 1972

ـ أسطورة أوريست والملاحم العربية، الدكتور لويس عوض ـ دار الكاتب العربي لطباعة والنشر ـ القاهرة 1968

الإتحاد الإماراتية في

04/07/2013

 

«حينما يكون الزمن أنثى» ..

فيلم أردني يشتغل على الخيال العلمي

عمان – ناجح حسن 

يعرض الفيلم الروائي الاردني الطويل (حينما يكون الزمن انثى) لمخرجه الشاب احمد اليسير الساعة الثامنة والنصف مساء يوم الاحد المقبل في صالة سينما الرينبو بجبل عمان .

يقول المخرج اليسير (22) عاما في تصريح الى (الرأي) كنت اعشق الافلام منذ الصغر وعندما اصبح عمري ستة عشر عاما التحقت في اولى ورش الافلام التي نظمتها الهيئة الملكية الاردنية للافلام ابان فترة تاسيسها، حيث تلقيت مباديء اولية من خبراء وحرفيين في حقل صناعة الافلام وهو ما زاد من رغبتي في احتراف هذا الحقل التعبيري.

ويضيف بعد نهاية دراستي الثانوية العام 2008 التحقت بالكلية الاسترالية في حقل تخصص صناعة الافلام الرقمية، وامضيت فيها ثلاثة اعوام متواصلة حيث نلت شهادة البكالوريوس، وعقب ذلك باشرت بتحقيق فيلمي الروائي الطويل الاول المسمى (حينما يكون الزمن انثى) .

وبخصوص اشتغاله على الفيلم، يشير اليسير الى انه امضى في تصوير الفيلم ستة ايام، لكنه مكث في الاشتغال على مراحل ما بعد التصوير مدة عام كامل، نظرا لعبء محدودية الميزانية وهو ما ساهم بتأخير انجاز العمليات الفنية من مونتاج وموسيقى تصويرية ونظام صوت.

ويوضح انه استكمل انجاز الفيلم في اواخر العام 2012 حيث صار جاهزا للعرض، كما عمل على ارساله الى مهرجانات دولية مثل : مهرجان بوسطن ، ومهرجان الفيلم العربي بروتردام، مهرجان لوفيل، وسواها من المهرجانات في الولايات المتحدة .

واعتبر اليسير فكرة الفيلم منذ البداية انها تستحوذ على اهتمام المتلقي من خلال قصة بسيطة ، حيث رغب ان يكون الفيلم عملا محدودا بقصته وشخصياته وكان ان اختار لأداء شخصياته الشقيقين زيد بقاعين ونجوان بقاعين في دورين رئيسيين بالفيلم وهو ما اختصر عليه الكثير من المشقة والتعب من ناحية ادارته لدفة الاخراج حيث توصل من خلالهما الى نتائج مريحة .

وعن احداث الفيلم وما يتطرق اليه من موضوعات يقول الفيلم يتناول العديد من الموضوعات منها: مسألة الحرية بكافة اشكالها وتعمد ان يكون تقديم ذلك باسلوبية سينما الخيال العلمي. وبين انه اختار بيئة البحر الميت للتصوير كون الموقع يؤشر على جماليات المناظر الطبيعية وتناقضات الشخصيات، مثلما يفتح مجالات متعددة للرؤى خاصة في نوعية فيلم يجنح الى الخيال العلمي .

ورأى اليسير الذي شاركته شقيقته المهندسة المعمارية رنا في كتابته انه استوحى الفكرة بهدف خلق حوار يعمل على خلق اجواء متعة بصرية مفعمة بالحوار لكن دون ملل او ابهام والغرض منها البحث عن مفاجاءات وصدمات وصولا الى تلك النهاية غير المتوقعة .

واشار الى ان فيلمه الذي وضع موسيقاه الفنان فيليب حشوة والمستمدة من عزف على البيانو، لاقى نجاحا نقديا في الولايات المتحدة الاميركية حيث فاز باربع جوائز لافتا الى ان نجاح الفيلم باميركا عائد الى كون العمل من نوعية الخيال العلمي لافتا الى ان الناقد الاميركي بيل تومسون اعتبر الفيلم بانه يشكل تحولا في حقل صناعة افلام الخيال العلمي التي اعتاد المتلقي على جنوحها الى الابهار والحركة والايقاع السريع، بيد انها هنا جملة من الافكار النضرة التي تنحاز الى الانسنة، ولئن بدت مغلفة برؤى والوان مستمدة من مفردات سينما الخيال العلمي .

الرأي الأردنية في

05/07/2013

 

اختصار إلى «إدارة ارقد بسلام»

فيلم «آر. إي. بي. دي».. المغامرة ما بعد الموت

عبدالستار ناجي 

إلى أي مرحلة تذهب افلام المغامرات في هوليوود، خصوصا، حينما يشعر كتابها ومبدعوها أن الأرض والحياة لما يعودا قادرين على استيعاب كمية الخيال والمغامرة التي يذهبون اليها، وهذا ما يتحقق من خلال فيلم «آر. إي. بي. دي» وهي اختصار الى جملة «إدارة ارقد بسلام» «رست ان بيس دبارتمنت» والمأخوذ عن مجموعة من القصص المصورة التي حققت انتشارا كبيرا في الأسواق الاميركية.

الحكاية باختصار شديد، حول المخبر نيك ووكر (ريان رينولدز) الذي يقتل في حادث مدبر، وبعد وفاته يتم نقله في مكان ما في هذا الكون الى ادارة تحت مسمى (ارقد بسلام) لأنه ضابط يتم الحاقه بضابط شرطة آخر متقاعد (جيف بريدجز) تسند اليهما مهمة حماية وخدمة الحي من المتغطرسين والأرواح الشريرة والمتعطشة للدماء والذين يرفضون الانتقال الى الآخرة.. وفي الحين ذاته، يظل ذلك المخبر الشاب يبحث عمن تسبب باغتياله، من خلال كل من يصل الى تلك المنطقة التي تكون بين الحياة والموت أو بين الحياة والآخرة. هكذا يقول الفيلم الذي يذهب بعيدا في طروحاته وخيالاته وايضا مغامراته، والقراءات التي تمزج المغامرة بشيء من الفلسفة، خصوصا ان جميع الشخصيات ترى الأمر بشكل متخيل، حيث يتم مشاهدة الضابط المتقاعد على أنه امرأة فاتنة، والمخبر على أنه صيني كهل.

وتتطور الاحداث في ذلك العالم المتخيل، وتلك الاحداث المفترضة عبر شخصيات تصل يوميا الى تلك المحطة، وايضا المواجهة مع الشخصيات الشريرة والعنيفة، والتي ترفض الموت.. والانتقال الى النهاية.

الفيلم من توقيع المخرج روبرت سونيتك الذي شاهدنا له من ذي قبل افلاما مثل «رد» (الجزء الأول) 2010 و«فلايت بلان» 2005 (مع جودي فوستر) وغيرهما وهو هنا يذهب الى عالم متخيل، يفتح أمامه ابواب المغامرة بين الانسان ومخلوقات تنوعت وتعددت هاجسها العنف.. والبقاء.

الفيلم يعتمد على سيناريو كتبه فيل هاي الذي كتب سيناريوهات «توكسيدو» 2002 و«صراع الجبابرة» 2010 ومعه في الكتابة مات منفريدي شريكه في الكتابة دائما.

رحلة الى عوالم متخيلة بعد حادث الموت الذي نفذ بطريقة مدهشة، لتقودنا الاحداث الى اجواء من الفرجة، حيث الضابط الذي يريد تحقيق العدالة، والمخبر الذي يشاركه المهمة، ولكنه في الحين ذاته يبحث عن المتسبب في موته.. والكيفية التي يسلكها للانتقام عبر اجواء من الخيال العلمي والاكشن والعنف والابتكار في المغامرات وابتكار الشخصيات.

ونشير هنا الى أن الميزانية التقديرية للفيلم بلغت 130 مليون دولار، وهذا يعني ان عليه ان يتجاوز سقف 150 مليون دولار حتى يبدأ بالربح، وهي مهمة تبدو صعبة.. ولكن في ظل هذا الكم من المغامرات والعنف.. كل شيء جائز، خصوصا في ظل النجومية التي يتمتع بها ريان رينولدز الذي شاهدنا له افلاما «شاننغنغ اب» و«العرض» (امام ساندرا بولوك) ومعه في الفيلم الجديد النجم القدير جيف بريدجز الذي يمتلك المقدرة على الانتقال بين الشخصيات والافلام.

وضمن الفريق عدد من الاسماء من بينهم ماري لويس باركر بدور (بروكتر) وقد كان من المفترض أن تجسد الشخصية جودي فوستر الا أنها اعتذرت لرغبتها بالابتعاد عن افلام المغامرات والخيال.

كما يضم الفيلم اسماء شهيرة اخرى، من بينها مدير التصوير الوين كوشلر والموسيقار كريستوفر بيك ومهندسة الديكور الشهيرة «كاثي لوكاس» حيث الديكور يعتبر من الابطال الاساسيين للفيلم وهكذا المكياج والازياء.

سينما مشبعة بالمغامرة.. وقبل هذا وذاك الخيال الخصب الذي تتجاوز مفرداته حدود الأرض.. وهذا ما يجعلنا نعتقد بأن الرقابة (قد) تتحفظ على الفيلم.

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

05/07/2013

 

بين الشوارع وتويتر: نجوم مصر يحتفلون

سارة نبيل 

إذا حالفك الحظ وسرت في شوارع القاهرة مساء أمس الأول، كنت سترى الفرحة في عيون الجميع. وكان لنجوم الشاشات، احتفالاتهم الخاصة. منهم، من احتفل داخل مواقع تصوير مسلسلات رمضان مثل نجوم مسلسل «نيران صديقة» منة شلبي ورانيا يوسف وكندا علوش... ومنهم من نزل إلى الشارع، ليحتفل مع المعتصمين، خالد النبوي وأنغام والشاعر أمير طعيمة وتامر حبيب.

وقالت الممثلة السوريّة كندة علوش لـ«السفير» إنّ فرحة الشعب المصري أبكتها: «مبروك لمصر وألف مبروك لشعب مصر العظيم الذي يحتضنني من أربع سنوات. مبروك للبلد الذي عوضني غربتي، وأتمنى أن تحتفلوا معي بحرية الشام قريباً، كما احتفلت معكم هنا». 

كاتب السيناريو تامر حبيب، لم يستطع أن يخفي دموعه، حين قال لـ«السفير»: «حمد الله على السلامة يا مصر، كابوس واستيقظنا منه أشعر وكأنني ولدت من جديد بعد عام ويومين وثلاث ساعات من الغربة والاغتراب في بلاد الواق واق، عدنا إلى أرض الوطن سالمين غانمين».

الممثل هشام سليم احتفل في شوارع القاهرة، وقال لنا: «بيان القوات المسلحة أعاد الفرحة والأمل للشعب المصري، وجمع المصريين مسلمين ومسيحيين، فقد انتهى عصر الإخوان بلا رجعة، بعدما فعلوا بمصر ما عجزت إسرائيل نفسها أن تفعله من تدمير للثقافة والهوية المصرية وللاقتصاد المصري».

خالد صالح الذي كان في الصفوف الأولى لتظاهرات «30 يونيو» قال: «يا ربّ يكون القادم أفضل وأجمل، وأفضل ما في الأمر أن العالم كله عرف الأن أن مصر مختلفة في كل شيء وما زال وطننا يتسع للجميع»، متوجهاً بعبارات التقدير للجيش المصري، قائلاً: «نحن محظوظون بهذا الجيش أعظم جيوش الأرض».

أما أنغام فقررت الاحتفال من خلال إهداء أغنية «بلدي» لكلّ القنوات الفضائية فور إذاعة بيان القوات المسلحة. وكانت أنغام سجّلت الأغنية في أقلّ من 24 ساعة، وكتبها الشاعر أمير طعيمة ولحنها خالد عز. وبعد إذاعة الأغنية، غرّدت المطربة المصريّة: «بلدي حاميها ربنا ومن بعده جيشها الذي أعطانا حرية وأمل وحياة نعيشها، مبروك يا شعب مصر».

وكان الممثل خالد النبوي في الميدان طوال أيام التظاهرات، وقال بعد عزل مرسي: «اليوم تحررت مصر من طيور الظلام التي حجبت عنها نور الشمس. فعلناها مرّة أخرى، وأنجزنا ثورةً عظيمة، أبهرت العالم، لأنّ أحلام المصريين لا تعرف المستحيل».

أما أحمد حلمي فغرّد: «الله أكبر، مصر رجعت مصرية، ويا ريت لي حاشرين مناخيرهم في شؤون بلادنا يسيبونا في حالنا بهدوء»، وأضاف: «جيش مصر فخر لنا».

السفير اللبنانية في

05/07/2013

 

'حرمة' في استراليا

ميدل ايست أونلاين/ الرياض 

شريط المخرجة السعودية عهد مبارك يشارك في الدورة العاشرة من مهرجان الأفلام العربية.

تشارك المخرجة السعودية عهد مبارك بفيلم "حرمة" في الدورة العاشرة من مهرجان الأفلام العربية بأستراليا.

الفيلم من بطولة وإخراج السينمائية عهد، وهو تجربتها الثانية في مجال الإخراج، وتم تصويره في منطقة شعبية حقيقية بمدينة جدة السعودية.

ويشارك في بطولة الفيلم الممثل الشاب محمد عثمان في أول تجربة تمثيل له، بالإضافة إلى الممثل القدير محمد بكر، وتدور أحداث الفيلم حول امرأة سعودية وحيدة مستعدة لعمل أي شيء لحماية ابنها الذي لم يولد بعد.

ومن المقرر أن يعرض الفيلم 3 مرات خلال فعاليات المهرجان، حيث تم عرضه في مدينة سيدني الأحد 30 يونيو/ حزيران، ثم سيعرض في كانبرا يوم السبت 6 يوليوم تموز، ثم في مدينة ملبورن يوم السبت 13 من الشهر نفسه.

ويقام مهرجان الأفلام العربية في أستراليا ، التي تضم جالية كبيرة ذات أصول عربية، ويهدف إلى توضيح التنوع في الثقافة العربية، ويشارك بالمهرجان 11 فيلماً تتنوع جنسياتها بين السعودية، مصر، الأردن، العراق، البحرين، لبنان، فلسطين، المغرب والجزائر.

تتناول المخرجة والممثلة السعودية عهد كامل في ثاني تجربة روائية قصيرة لها وضع المرأة السعودية، في فيلمها المشارك في مسابقة الافلام العربية القصيرة في مهرجان الدوحة - ترايبكا.

ويحمل هذا الفيلم اسم "حرمة"، وهو اسم يطلق على المرأة في عدد من البلدان العربية، وعملت مخرجته فيه على ابراز القدرة الكبيرة للمرأة على الاحتمال.

وتقول المخرجة ان فكرة الفيلم، وهو اول عمل لها يصور في السعودية، جاءت من تجاربها الشخصية، وايضا من قصص وحكايات لاقارب ومعارف من النسوة غير القادرات على التمتع بالاستقلالية في المجتمع السعودي اليوم مهما علا شأنهن.

وتضيف المخرجة الشابة التي تؤدي في الفيلم دور امرأة تخضع لقوانين صارمة مثل عدم جواز قيادة السيارة "من الصعب جدا ان تكون المرأة في الحياة بمفردها اذا لم تكن منتمية لرجل في السعودية".

وتطرح عهد علامات استفهام على بعض الافكار السائدة او على تطبيقاتها، وتقول مثلا "لست ضد فكرة ولي الامر لكن مع اعادة النظر بها، لان فكرة ولي الامر حين ولدت كان المجتمع مختلفا تماما" معتبرة ان التطبيقات القديمة لم تعد قابلة للحياة اليوم.

ومثل كثير من النساء في السعودية، فان بطلة فيلم "حرمة" تلك المرأة الحامل التي يتوفى زوجها على نحو مفاجئ تجد نفسها غير قادرة حتى للخروج بحثا عهن عمل، تحت ضغط المجتمع.

وترى المخرجة ان هذه القيود المفروضة على المرأة غير طبيعية، وتقول "اذا كنت امراة بالغة عاقلة راشدة فلم لا يكون لي رأي في حياتي واموري الخاصة وامور حياتي؟".

انطلاقا من هذا الوضع ومن احداث واقعية، تركب المخرجة قصتها كي تكشف النقاب عن وضع يسبب معاناة عبثية يعرض الشريط ظروفها وتوضع كأسئلة برسم المشاهد.

وتهدي المخرجة فيلمها المبني على احداث واقعية الى مدينة جدة، غير انها تقول ان ابرز صعوبة واجهتها كانت تحدي الوقت لكنها حصلت على تصريح بالتصوير وهو ما لم تكن تتوقعه. اما اهل الحارة المتواضعة التي صور بها الفيلم فكانوا مرحبين جدا.

في بداية هذا الفيلم القصير، تتقيأ المرأة الحامل كانما هي تفرغ ما في جوفها لشدة الضغط الذي يحيط بها وعدم قدرتها على اعالة جنينها.

وكان فيلم "حرمة" فاز في المسابقة الرسمية الخليجية للأفلام القصيرة، ضمن مهرجان الخليج السينمائي، الذي اختتم دورته السادسة في أبريل/ نيسان، كما نافس مؤخراً في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة بالدورة الـ16من مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة.

وقبلها شارك فيلم "حرمة" في الدورة السابعة من مهرجان أيام بيروت السينمائية في مارس/ اذار.

وشارك الفيلم في المسابقة الدولية للأفلام القصيرة ضمن مهرجان "بيرد آي فيو" السينمائي الدولي في لندن، والذي يهدف إلى إبراز إسهامات المرأة في السينما، حيث ركزت دورة هذا العام على أفلام صانعات الأفلام والسينمائيات العربيات.

ميدل إيست أنلاين في

05/07/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)