حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

غشيم!

طارق الشناوي

31/5/2013 3:49 ص

 

الثلاثاء القادم ينطلق مهرجان الإسماعيلية فمن الذى يفتتحه؟ المفروض طبقا لما هو معلن أنه وزير الثقافة الجديد علاء عبد العزيز، الذى من الممكن أن يحمل لقب سابق فى أى لحظة، فلقد أصبح على مرمى حجر من الإقالة إذا لم يتقدم هو لحفظ ماء الوجه بالاستقالة. الأحداث تتسارع بإيقاع لم تشهده الوزارة من قبل، أمين المجلس الأعلى للثقافة سعد توفيق يستقيل ويلحقه رئيس لجنة الشعر عبد المعطى حجازى، والذروة جاءت مع إلغاء انتداب إيناس عبد الدايم كرئيس لدار الأوبرا ورفض رضا الوكيل أن يتولى المنصب، وتضامن أكثر من فنان حتى ممن هم بطبعهم بعيدون عن الشأن العام مثل هانى شاكر. العروض توقفت فى هذا الصرح الثقافى والمفروض أننا شاهدنا مساء أمس وقفة احتجاجية قد أسفرت عن تضامن آلاف من المثقفين أمام دار الأوبرا وهدفهم الوحيد هو إقالة الوزير، كنت ولا أزال بالتأكيد ضد أخونة ملامح الدولة وعلى رأسها الثقافة، وفى نفس الوقت ضد فساد المؤسسة الثقافية الرسمية فى مصر، ولهذا فإن من الواضح أن شعار تطهير المؤسسة الثقافية من الفساد المالى المستشرى فى جنباتها خلال ربع قرن قضاها فاروق حسنى على سدة الحكم يواجه بتعنت، نعم الكل يعلم أن هناك صفقات مالية استشرت ولكن الوزير الجديد الذى رفع شعار التطهير لاحقته تهمة الأخونة، وكل ما يصدره من قرارات يؤكد هذا التوجه. الوزير السابق صابر عرب كان أكثر دهاء فى اللعب على الحبلين، وأرجو من الذين يترحمون عليه أن يدركوا أن إزاحة علاء عبد العزيز لا تعنى أن صابر كان هو البديل الصحيح، فلقد كان يجيد اللعب مع المثقفين، وكان يعرف مفاتيح بعضهم ويناله من غنيمة الدولة أشياء عديدة، وكما وصفته أكثر من مرة أنه يلعب بطريقة شقلباظ هنا وشقلباظ هناك، راجعوا كيف كان يستقيل ويترك التفسير للمثقفين، كل على حسب قناعته. وطوال زمن الاستقالة يختفى لتصبح كل الأبواب مفتوحة، بعضهم يقول استقال لأنه وطنى رفض سحل المصريين أمام قصر الاتحادية، وآخرون يقولون إنه رفض أخونة الوزارة، وثالث يؤكد أنه يريد زيادة ميزانية الوزارة، وبعد ذلك ترهبه نظرة توجهها له الدولة الإخوانية فيتراجع، وعندما يسألونه عن سبب الاستقالة يقول إنه يحتفظ به لنفسه.

الوزير الجديد الذى من الممكن أن يحمل لقب سابق خلال تلك الساعات لا يجيد التعامل مع المثقفين ولا مع قيادات وزارة الثقافة، صابر واحد منهم كان يكتفى بضربة واحدة ويلبد فى الذرة ليقيل واحدا، وبعد ذلك يظهر مجددا ليضرب واحدا آخر، أما الوزير الجديد الذى حقيقة لم أتابعه إلا عن بعد، حيث كنت خارج البلاد منذ تعيينه، ولكنه بدأ يضرب بعشوائية فى الأكاديمية ثم وجه ضربة سريعة إلى الهيئة العامة للكتاب، ثم توجه إلى دار الأوبرا. قذائف متلاحقة تؤكد أنه لا يجيد اللعب ولا يعرف أنه لن يستطيع التحدى والمواجهة لكل تلك القوى مرة واحدة، مهما كان لديه عديد من الأسباب والدوافع. إنها الغشومية فى التعامل، لأن المثقفين يشكلون مع اختلاف توجهاتهم السياسية حتى من كانوا ضالعين فى فساد مبارك الذين كانوا يخططون لفرض التوريث، ومن ترعرعوا تحت مظلة فاروق حسنى، كل هؤلاء من المؤكد فى هذه اللحظة سوف يتوجهون إلى نفس المعسكر لإسقاط الوزير، سيسقط لأنه إخوانى أم لأنه أولا غشيم؟ أقول لكم إنها الغشومية التى أعيت من يداويها.

من هو القادم إلى كرسى الوزير؟ لن تستطيع الدولة الإخوانية أن تأتى بمن هو تابع لها، كما أن عددا من الأسماء مثل د.درية شرف الدين التى تحظى باحترام ولديها تاريخها المشرف ترفض أن تدخل فى ظل هذا الجو الضبابى، ولا يمكن لمحمد الصاوى أن يقفز للكرسى فهو واحد من سدنة الإخوان المرفوضين، ومن الممكن أن يسعى واحد من العهد البائد لتوفيق أوضاعه ليقدم نفسه كرجل ثورى، ومن الجائز أن ينحاز إليه المثقفون أمام رغبتهم فى التخلص من الوزير الإخوانى ويرحبوا بوزير من سدنة مبارك، وتصبح هذه هى الكارثة، يسقط الوزير الإخوانى ليقفز فى نفس اللحظة واحد من أعداء الثورة، أتمنى أن لا يحدث هذا السيناريو، ونعود إلى السؤال الأول من يفتتح مهرجان الإسماعيلية مساء الثلاثاء القادم؟!

دراما بشمعة؟!

طارق الشناوي

30/5/2013 3:33 ص

لم أصدق عينى وأنا أقرأ هذا الخبر الذى وقعه عدد من أعضاء جمعية كتّاب الدراما العربية المرموقين برئاسة محفوظ عبد الرحمن، وهم يستجيرون بالجهات المسؤولة ضد أتركة الدراما، مؤكدين أن توقف الإنتاج الحكومى ولجوء الدولة إلى استيراد الأعمال التركية المدبلجة يؤدى إلى فقدان دور مصر الريادى، وتهيب بكل القوى المدنية والفكرية بمقاومة ما سمته غزوا.

هكذا تصغر قضايانا، هل الإنتاج الحكومى هو الذى يقود مسيرة الإنتاج أم أن هناك منظومة متكاملة، وأن القطاع الخاص هو الذى يلعب حاليا الدور الأكبر؟ راجعوا قيمة ما يضخ من أموال فى الإنتاج لتكتشفوا أن القطاع الخاص هو الذى صار يحدد البوصلة، وأن الأمر ليس هو أتركة بقدر ما أن هناك رغبة لدى الجمهور العربى عبر كل الشاشات لمشاهدة الدراما التركية، وأن أعمالا درامية مصرية عديدة صارت خارج الزمن يعزف عنها الجمهور، لا تستطيع أن تفرض على الناس ذوقا محددا سواء من خلال البث من شاشة خاصة أو شاشة دولة، ثم راجعوا الإنتاج الحكومى لتكتشفوا أن أغلب صُناع الدراما أساؤوا كثيرا إلى حُرمة المال العام، مثلا مخرج يستغل هذه الأموال ويسند دور البطولة إلى زوجته فى وقت لم تعد مطلوبة تسويقيا فى القطاع الخاص، ولكن مع مال الدولة كل شىء ممكن، وهناك مخرج آخر يسند دور بيرم التونسى الذى تنتهى الأحداث وهو فى الثانية والثلاثين من عمره إلى ممثل، لأنه صديقه رغم أن عمر هذا الممثل فى الحقيقة ضعف عمر الشخصية فى الواقع، كنت أتمنى أن يتصدى كتابنا إلى استغلال المال العام فى إنتاج أعمال درامية تفتقر إلى المنطق، التى صارت -خصوصا بعد الثورة- «سبوبة»، كل من يستطيع فك شفرة التعامل مع الحكومة يفك ويحصل على حفنة من مال الدولة.

العمل الفنى يقفز فوق حدود الجغرافيا، والفنان سواء أكان كاتبا أو مخرجا أو مؤلفا لم يعد يستعان به سوى لكونه يضيف شيئا، فلا أحد يتفحص جواز السفر قبل التعاقد. الغزو مع تحفظى على التعبير لن يتصدى له تليفزيون الدولة بمصداقيته المتآكلة وإمكانياته المتواضعة وبتلك المنظومة التى تحركه، حيث نرى أن الفساد مستشرٍ وأعماله فى العادة تفتقر إلى رؤية تسويقية لتصبح تبديدا لمال الدولة.

علينا أن نعرف أولا من الذى منح الدراما التركية كل هذا الحضور فى العالم العربى؟ إنها رغبة الجمهور ولو لم يجد المشاهد فيها ما يجذبه لتوجه على الفور إلى المسلسل المصرى. ويبقى وجه آخر للصورة وأعنى به الجانب الاقتصادى، كيف لم يدرك صُناع الدراما أن عليهم أن يتحلوا بقدر من المرونة فى التعامل مع القانون الجديد، هذه الأعمال المدبلجة تدفع فيها الفضائية ما لا يتجاوز 10% من ثمن العمل الدرامى المصرى، وعلى المقابل تحقق كثافة مشاهدة عالية وصار هناك معلنون يفضلونها، ما نراه هو أن الأمر صار متعلقا فى عمقه بما هو أبعد من مجرد كاتب ينتظر أن تمنحه الدولة فرصة لكى يكتب عملا دراميا، المنظومة الإنتاجية تغيرت وعلى صناع الدراما الإلمام بقواعد اللعبة الجديدة. القنوات الفضائية وصلت إلى رقم 1000 ناطقة بالعربية ولديها مساحة تملأ جزءا كبيرا منها بالدراما، وهى مادة محببة للمشاهدين وتلك القنوات تشترى الآن الدراما التركية لتوفر عنصرى الرخص الاقتصادى والجودة الفنية، والإنتاج الدرامى يحتاج إلى إعادة صياغة فنية ومالية، ولهذا مثلا وجدنا عددا من المخرجين السينمائيين المصريين يدخلون إلى هذا المجال ويضيفون شيئا مختلفا للشاشة، أسماء مثل محمد على ومحمد يس وعثمان أبو لبن وأحمد جلال وسامح عبد العزيز وأحمد شفيق وغيرهم منحوا نبضا جديدا إلى روح الشاشة، وعلى الجانب الآخر بدأ جيل يختفى من أساطين المخرجين وهو ما ينطبق أيضا على المؤلفين. الأجور الفلكية التى يتقاضاها النجوم تشكل أيضا مأزقا إنتاجيا، ولهذا ستجد أن كل النجوم الذين يشاركون فى دراما رمضان 2013 مثل عادل إمام ويسرا ونور وغادة عبد الرازق وغيرهم قد خفضوا أجورهم بأكثر من 30%. الداء ليس هو الدراما التركية والدواء لن يصبح المنع فلقد انتهى سلاح المصادرة، هل نستطيع أن نمنع استيراد الفانوس الصينى الإلكترونى الذى يغنى «وحوى يا وحوى» ونحن لم نغادر بعد الفانوس أبو شمعة، انتهى زمن دراما الشمعة.

وجه آخر لشائعات الموت!

طارق الشناوي

15/5/2013 6:45 ص

هل كل الشائعات التى تلاحق الفنانين بالموت هى بالضرورة تحمل فى عمقها حقدا أسود أم أنه ربما هناك وجه آخر للصورة؟

ألا يمكن أن يلعب فرط الحب دورا ألم يقل شاعر لبنان الكبير بشارة الخورى فى قصيدته «جفنه علَّم الغزل» التى غناها عبد الوهاب قبل 70 عاما «ومن الحب ما قتل» هل نعتبر هذه الشائعات حبا قاتلا؟

اللحظة الحرجة ليست فى سريان شائعة الموت ولكن فى تكذيبها، عندما تتحدث تليفونيا إلى المتوفَّى أقصد الذى لاحقته الشائعة ولا تدرى ماذا تقول له «إزّى الصحة، إزّى الحال، أخبارك إيه، الجو عامل إيه عندكو، وحشتنا، الآخرة أحسن ولّا الدنيا».. وفى العادة لست أنت صاحب المكالمة الأولى، عشرات من التليفونات قد سبقتك وينتهى الأمر بأن يزيح عنك المتوفَّى الحرج ويقول لك «عليك واحد».. أنا حىٌّ أُرْزَق.

آخر مَن لاحقتْه تلك الشائعة حسن حسنى، كان الفنان الكبير قد عاش فى الأسابيع الأخيرة حالة شديدة القسوة من الحزن عندما فقد ابنته وأخته فى أيام قلائل، يبدو أنها باتت ظاهرة فى العامين الأخيرين خصوصا بعد ثورات الربيع العربى، حيث تعددت هذه الشائعات وليس لدىَّ تفسير سياسى، ولكن ربما لأنه فى العادة الإعلام صار مهموما بمتابعة المظاهرات والإضرابات فى دول الربيع وغيرها، فإن البعض يتصور أنه من الممكن أن يرحل فنان ولا يدرى الإعلام عنه شيئًا، ولهذا يسارع الناس عبر شبكات التواصل الاجتماعى إلى تبادل الخبر وهم حزانَى وغير مصدقين للخبر إلا أن مجرد السؤال عن مدى صحته يؤدى إلى انتشاره.

بعض الفنانين قرؤوا خبر رحيلهم فى العام الواحد مرتين مثل عادل إمام ورجاء الجداوى، بينما صباح ثلاث مرات والقائمة بها العديد من الأسماء ومن مختلف الأعمار: نادية لطفى وعمرو دياب وتامر حسنى ومحمد سعد وشادية وفاتن وغيرهم، لا يخلو الأمر أحيانا رغم بشاعته من طرافة، مثلًا قال مروّجو شائعة محمد سعد إنه كان يجرى عملية زرع شعر فلاقى حتفه بسبب خصلة زائدة، والمعروف أن سعد سعيد بزيادة المساحات الصحراوية فى فروة رأسه وهو لا يرتدى الباروكة إلا على سبيل إثارة الضحك وهو ما يفعله فى العديد من أفلامه.

فى العادة يعتبرها الفنان إشاعة مغرضة أطلقها حاقدون أو ربما منافسون رغم أننى لا أراها كذلك، شائعة الموت لا تعبر بالضرورة عن حقد أسود فى نفوس مَن رددوها لأن الحب أيضًا من الممكن أن يسهم فى إطلاقها وذيوعها، الناس عندما تحب إنسانًا تدعو له بطول العمر، وهذا يعنى أن المحرك الأساسى لهذا الدعاء هو خوفهم عليه من الموت، فهم فى أعماقهم يخشون من الحقيقة الوحيدة والمؤكدة فى نهاية المشوار، ولهذا بمجرد انطلاق الشائعة ومن فرط حبهم يسهمون فى انتشارها، الكل يعبر عن حزنه ويتحدث إلى صديقه ليواسيه وهو فى الحقيقة يواسى نفسه، من الممكن أن ترى الوجه الآخر لشائعة الموت وهو تطرف فى الحب حتى ولو كان حبًّا مرضيًّا، أستبعد نظرية المؤامرة لأن تكذيبها لا يستغرق سوى دقائق أو ثوانى فى لقاء مع إحدى القنوات وينتشر الخبر عبر «يوتيوب»، ويكتسب الفنان بعدها نقاط حب لدى جمهوره، إذا كان غائبًا عن الحياة الفنية تصبح الفرصة مهيأة لإثبات الحضور، وإذا كان لديهم غضب من أعماله الأخيرة فإنهم يسارعون بفتح صفحة جديدة معه، بل قد يرون ملامح إيجابية فى الأفلام والأغنيات التى رفضوها من قبل. الغيرة أو حتى الحقد قد يشكلان وجهًا واحدًا للصورة ولكنهما ليسا الوجه الوحيد، وإذا كان مثلًا تامر أو عمرو أو سعد أو عادل أو حسن حسنى فى الساحة وهناك من يثير ضدهما الضغائن، فهل فاتن وشادية وصباح فى منافسة مع أحد؟!

«بحبك موت» هو أحد أشهر التعبيرات عن الحب فى مصر و«تقبرنى» تعبير آخر بالشامى، أى أننا نخلط فى ثقافتنا الشعبية الراسخة بين عمق الحب وبشاعة الموت. فى القانون جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن مدى الحياة وهى ضرب أفضى إلى موت، وأرى أن شائعة الحب من الممكن توصيفها بأنها حب أفضى إلى موت، إلا أنه وكما قال الشاعر «ومن الحب ما قتل»!

فيها حاجة حلوة!

طارق الشناوي

14/5/2013 3:17 ص

كانت كلمة عابرة قلتها على هامش الندوة التى أُقيمت فى مهرجان سينما الخليج بالكويت، حيث أشرت إلى أن الفنان يسعى لكى يتحقق أولًا فى بلده، وكانت بطلة الفيلم التسجيلى «أمل» للمخرجة الإماراتية نجوم الغانم، قد هجرت بلدها سوريا وتوجهت للعمل فى دولة الإمارات وحققت نجاحًا ملموسًا إلا أن هذا لم يمنع أن يطل الحزن بين لقطات الفيلم لأن هذا الحضور لم يشارك فيه أهلها.

قالت زميلة صحفية من الكويت إن النجاح من الممكن أن يتحقق خارج الحدود وضربت مثلًا بفريد وأسمهان ونور الهدى وصباح ووردة وغيرهم من الفنانين العرب الذين انطلقوا من مصر، قلت إن مصر دون أى «شيفونية» حالة استثنائية بالتاريخ والجغرافيا، وهى فى العادة تضفى ملمحًا عربيا على فنانيها، وتعارَف الجميع على أن يمنحوا الصفة العربية لا المصرية لمن تقدمه مصر، وهكذا جاءت ألقاب عميد الأدب العربى طه حسين، وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وسيدة الغناء العربى أم كلثوم وغيرها، لم يكن أبدًا الدافع هو إعلان التفوق المصرى بقدر ما هو تأكيد على عروبة الإبداع، والدليل أن الفيلم المصرى حتى فى مصر يوصف بأنه فيلم عربى، التليفزيون عندما وُلد فى 21 يوليو عام 60 كان اسمه التليفزيون العربى لا المصرى.

بعد أن انتهت الجلسة كانت لا يزال بعض الاعتراضات، ربما لأننى لم أكن واضحًا أو لفرط الحساسية فى تناول تلك القضية، وتقابلت مع إحدى السيدات الغاضبات وقالت لى إنها حاملة لدرجة الدكتوراه فى الآداب، وأضافت: هل تعلم مَن الفائز بجائزة «البوكر» هذا العام؟ قلت لها: بالطبع الكويتى الشاب سعود السنعوسى عن روايته «سيقان البامبو»، قالت: هل تعلم مَن منافسه المصرى على الجائزة؟ قلت لها: كان الصديق إبراهيم عيسى بروايته «مولانا» وكان واحدًا من خمسة منافسين، ورغم ذلك بعد إعلان الجائزة بدقائق كان إبراهيم أول المهنئين لسعود بل وقال فى مؤتمر صحفى بثّته كل الفضائيات أن السنعوسى يستحقها وعن جدارة.

مصر دائمًا لا ترى سوى أن الساحة العربية ينبغى أن تتسع للجميع وإذا كان التاريخ يشهد لمصر بهذا الدور فى الدفع للإبداع من فوق أرضها، فأغلب رواد المسرح والصحافة جاؤوا من الشام إلى مصر والمناخ المصرى الثقافى والفنى هو الذى أسهم فى تحقيق هذا الزخم الإبداعى، مع مرور الزمن وثورة الاتصالات أصبح من الممكن أن ينطلق الفنان من بلده إلى العالم العربى، بل إن الفضائيات فى ظل هذا الانتشار الضخم أسقطت تلك الحواجز وصار قانون الفضاء هو الذى يرسم معالم الخريطة الفنية والثقافية على الأرض. تغيرت القواعد ورغم ذلك حاول البعض فى مصر أن يعيد عقارب الزمن. قبل نحو خمس سنوات أصدرت نقابة الممثلين المصريين قرارًا بأن لا يُسمح للفنان العربى إلا ببطولة عمل فنى واحد بحجة واهية وهى أن «جحا أولى بلحم طوره» وتصدت الأغلبية من المثقفين لهذا القرار وكنا ندرك أن وراءه عددا من أصحاب النظرة الضيقة والمصالح الصغيرة أرادوا أن يضربوا بعضا من النجوم السوريين خصوصا جمال سليمان الذى بات يشكل رقمًا على الخريطة الدرامية بعد أن قدم مسلسل «حدائق الشيطان»، لم تسمح القوة الناعمة فى مصر بتمرير هذا القرار لأنه أيضا ضد مصر، وأتذكر أننى بعد إصداره بساعات قليلة كنت على الهواء فى برنامج «البيت بيتك» أهم برامج التليفزيون المصرى فى ذلك الحين، وقلت إن القرار يحمل فى داخله عوامل فنائه، فلا يستطيع أحد أن يفرض أو يحجب فنانًا عن الجمهور بحجة الجنسية، هذا مصرى وتلك لبنانية وذاك خليجى، ثم إن الناس صارت تتابع عبر الفضائيات العمل الفنى الذى تسعى إليه وتفضله ولا تسأل عن الجنسية، وفى مسلسل مثل «عمر» الذى عُرض فى قناة «إم بى سى» رمضان الماضى تعددت الجنسيات بين سوريا وفلسطين ومصر ولبنان والمغرب والسعودية وقطر وغيرها.

نعم محطة مصر كانت هى الطريق السحرى الوحيد للعبور الفنى إلى كل العرب باستثناءات قليلة جدا مثل فيروز والرحبانية الذين نجحوا عربيا دون الانطلاق من مصر وهذه قصة أخرى بحاجة إلى مقال آخر، الآن تعددت منصات الانطلاق، ورغم ذلك فلا يزال لمصر موقعها بالتاريخ والجغرافيا، مصر رغم كل الضباب الذى يثيره الإخوان «فيها حاجة حلوة»!

حضور عادل وغياب يحيى!

طارق الشناوي

12/5/2013 3:46 ص

بينما يغيب يحيى الفخرانى عن دراما رمضان هذا العام، يحضر للعام الثانى عادل إمام بمسلسل «العراف». عادل حصل فى «فرقة ناجى عطا الله» على 30 مليون جنيه وهذه المرة 20 مليونا ولا يزال هو الأعلى أجرا.

سألونى فى أحد البرامج عن الفارق بين نجومية الفخرانى ونجومية إمام؟ قلت لهم أتذكر أننى توجهت يوما ليحيى الفخرانى بهذا السؤال وقلت له: هل تتمنى أن تحقق نجومية عادل إمام؟ كان عادل فى تلك السنوات، مطلع التسعينيات، ملكا متوجا فى شباك التذاكر ويحقق أعلى الإيرادات، 7 ملايين جنيه فى الفيلم السينمائى، فى حين أن الرقم التالى له فى الشباك هو 4 ملايين جنيه، وكانت تحقق هذا الرقم نادية الجندى بالتبادل مع محمود عبد العزيز، ولم يكن هناك أى ذكر ليحيى الفخرانى فى شباك السينما، لكن الفخرانى كان ولا يزال حتى الآن هو الملك المتوج عند مشاهدى الشاشة الصغيرة حتى لو اضطر أحيانا للغياب.

وجاءت إجابة الفخرانى مباشرة: نعم أريد نجومية عادل إمام لكن بشروطى، الكلمة استفزت عادل إمام، ولهذا أمسك بكلمة بشروطى، واعتبرها ثغرة ينبغى اختراقها وانهال عليه بالكلمات التى لها مذاق اللكمات فى أكثر من حوار، معلقا أن النجومية ليست لها شروط. الناس هى التى تحدد المواصفات وهى التى تختار من تريده لكى يصبح هو النجم.

انتهت كلمات عادل إمام ولا يزال سؤالنا قائما عن الفارق بين عادل إمام النجم السينمائى ويحيى الفخرانى النجم التليفزيونى؟! النجومية السينمائية تشبه أسماك الزينة باهظة الثمن غير قابلة للالتهام، النجومية التليفزيونية فى متناول اليد، ولهذا فإن النجم التليفزيونى عليه أن يقفز فى كل مرة إلى حاجز أعلى فى هذا السباق الدائم. سر زعامة الفخرانى التليفزيونية أنه فى كل مرة قادر على أن يمتلك تصفيقنا وإعجابنا ودهشتنا فى كل دور جديد، حيث يتخطى حاجزا أعلى، من الواضح أن الفخرانى أدرك مبكرا أن نجاح المسلسل التليفزيونى مرتبط بفترة زمنية، حيث يلتهم المشاهدون المسلسل بعد الآخر، ولهذا تتعدد الشخصيات الدرامية التى يقدمها للناس فى كل عام. هناك دائما مساحات إبداع خاصة يمسك بها، وأيضا هناك تحد وإصرار وتمرد دائم من الفخرانى على الفخرانى، وإذا لم يجد ما يحفز طاقته الإبداعية يغب، مثلما فعلها قبل عامين ويكررها هذا العام ليطل على الجمهور بمسلسل كرتونى للأطفال!

نجومية عادل إمام السينمائية أخذت كثيرا من جرأته فى الاختيار، فهو يخشى دائما أن يقدم مغامرة لم يتعودها الجمهور. عادل ليس لديه رصيد سينمائى متنوع ولا أنكر موهبته فى فن الأداء والتقمص، إلا أن خوف عادل إمام من الشباك خصم كثيرا من جرأته ووضع أيضا قيودا على الممثل عادل إمام بسبب النجم عادل إمام.. الممثل بداخله يريد الانطلاق.. النجم يعمل ألف حساب للإيرادات!

كانت هناك محاولات من السينمائيين لكى يجد الفخرانى على خريطة السينما لنفسه مكانا مميزا، قدم الفخرانى عددا من الأفلام الهامة مثل «خرج ولم يعد»، و«الكيف»، و«للحب قصة أخيرة»، و«عودة مواطن»، و«أرض الأحلام». لا تجد عند الفخرانى أفلاما حققت إيرادات مرتفعة باستثناء «الكيف»، حيث شاركه البطولة محمود عبد العزيز!

إلا أن هذه الأفلام على ضآلة عددها صارت من أفضل ما قدمناه فى تاريخ السينما المصرية! فى السنوات الأخيرة ابتعد الفخرانى عن السينما ولم تشفع له نجومية التليفزيون ولا القاعدة الجماهيرية العريضة التى حققها فى البيوت، بل إننى أعتقد أنها لعبت دورا عكسيا، لأن الناس تعودت أن ترى الفخرانى متاحا بالمجان على الشاشة الصغيرة!

عادل إمام أدرك مبكرا أن عليه الابتعاد كلما أمكن عن التليفزيون، ولهذا لم يقدم فى البدايات سوى ثلاثة مسلسلات فقط «الفنان والهندسة»، و«أحلام الفتى الطائر»، و«دموع فى عيون وقحة» وغاب 30 عاما، ثم عاد العام الماضى عندما لم تعد السينما بعد الثورة قادرة على منحه نفس الأجر الذى كان يناله قبلها، ليأخذ من التليفزيون ليس فقط أعلى رقم بسبب حضوره للمسلسل، ولكنه ينال أيضا ثمن غيابه ثلاثة عقود، إلا أن الشاشة الصغيرة بالنسبة إلى عادل ستظل مجرد نزهة استثنائية!

إننا أمام زعيمين كل منهما له جاذبية وكاريزما، لكن لا الفخرانى من الممكن أن يصبح زعيما سينمائيا، ولا إمام من الممكن أن يصبح زعيما تليفزيونيا، أسماك الأكل غير صالحة للزينة، وأسماك الزينة غير قابلة للأكل!

عندما غضب نجيب محفوظ!

طارق الشناوي

11/5/2013 2:35 ص

«إنه سؤال يبدو عند البعض أنه يحمل إجابته فى داخله، والإجابة هى نعم، السينما عندما تستند إلى الأدب تصل إلى ذروة آفاق التعبير، لأن هذا يعنى الجدية والعمق فى كل شىء، الأدباء الكبار الذين نهلت السينما من أدبهم.. ولا تزال أفلامهم تحقق عادة القدر الأكبر من الإقبال الجماهيرى، كانت أسماء هؤلاء الكتاب تشكل عامل جذب للجمهور، وسوف نجد مثلًا أن كلا من إحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ قدمت السينما له ما يربو على 43 فيلمًا، ولا تزال السينما بعد رحيلهما تنهل من أدبهما لتطعم به الشاشة الفضية».

كانت هذه هى بداية كلمتى فى رابطة الأدباء بمشاركة نادى السينما بالكويت على هامش مهرجان الكويت السينمائى قبل تكريمى من قِبَل الرابطة والنادى، وأضفت: لو أحصينا الأفلام التى دخلت تاريخنا الإبداعى لوجدنا قسطًا وافرًا منها مأخوذًا عن أعمال أدبية.. أقول قسطًا وافرًا لا القسط الأكبر.. وسوف أضرب لكم مثلًا عمليًّا بالأرقام: أهم عشرة أفلام فى تاريخ السينما المصرية طبقًا للاستفتاء الذى أشرف عليه الكاتب الكبير الراحل سعد الدين وهبة باعتباره رئيسًا لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى وذلك عام 1995 وشارك فيه مئة من النقاد والفنانين والفنيين، أسفر عن «العزيمة»، و«الأرض»، و«المومياء»، و«باب الحديد»، و«الحرام»، و«شباب امرأة»، و«بداية ونهاية»، و«سواق الأوتوبيس»، و«غزل البنات»، و«الفتوة». الأفلام المأخوذة عن روايات أدبية هى «الأرض» لعبد الرحمن الشرقاوى، و«الحرام» ليوسف إدريس، و«بداية ونهاية» لنجيب محفوظ.. أى أن النسبة لم تتجاوز 30%!

يجب أن نفرق بين القصة السينمائية والقصة الروائية، «شباب امرأة» مثلًا هى قصة سينمائية لأمين يوسف غراب وليست رواية.. «سواق الأوتوبيس» شارك فى كتابة القصة السينمائية كل من محمد خان وبشير الديك.. «الفتوة» قصة سينمائية صاغها محمود صبحى وفريد شوقى وشارك فى كتابة السيناريو -لا القصة- نجيب محفوظ! القصة الروائية العظيمة ليست هى الوصفة السحرية الوحيدة ولا هى أيضًا المضمونة دائمًا لتقديم عمل فنى ممتع، ولكن يظل المعيار هو قدرة المخرج على أن يمنح القصة الإحساس السينمائى.. الفن السينمائى مرتبط دائمًا بتعبير الفن السابع لأنه يجمع فى داخله الفنون الأخرى: القصة، المسرحية، الموسيقى، الشعر، الرسم، العمارة.. هو ليس تجميعًا لها بقدر ما هو تفاعل فى ما بينها، يؤدى فى النهاية هذا التفاعل إلى الفن السابع.. وذلك عندما تذوب المكونات الأساسية لكل عنصر لنجد أنفسنا بصدد نتاج مختلف.. لهذا فإن السينما منذ نشأتها فى العالم عام 1895 تبحث عن السينما الخالصة.. نعم بدت السينما فى وقت ما مجرد حكاية أو قصة تُروَى على الشاشة مثلما نقرؤها فى كتاب، خضعت السينما فى البدايات لقالب أقرب للحدوتة أو الحكاية.. بل إن الصوت عندما واكب السينما عام 1927 اعتقد البعض أنهم قد وقعوا على صيد ثمين، وهكذا ذهبت كاميرا السينما إلى برودواى فى أمريكا وصُوِّرت المسرحيات هناك، وكانت دهشة وسعادة الجمهور عظيمة عندما يرى الممثل يتكلم بدلًا من أن يقرأ الكلمات على الشاشة، فهو يستمع إلى الحوار، إلا أن هذه الدهشة لم تستمر طويلًا لأن الجمهور صار يبحث عن السينما ولم يجدها بالطبع فى تلك الأفلام الممسرحة.

الأدب والمسرح أحد روافد السينما، ولكن ينبغى خضوعهما لمنطق وقانون السينما، الحالة السينمائية تؤكد أن هناك اتجاهًا جادًا نحو الأدب الروائى، إلا أن هذا لا يعنى أن السينما فى طريقها للتعافى لمجرد أنها تنهل من الأدب!

ورغم ذلك فكثيرًا ما جرحت السينما الأدب وأصابته فى مقتل، حتى أديبنا الكبير نجيب محفوظ المتسامح مع السينما والذى يقول دائمًا «حاسبونى على القصة الروائية المكتوبة وحاسبوا المخرج على الفيلم»، اخترق نجيب محفوظ مرة واحدة حاجز الصمت فى قصة قصيرة له هى «نور العيون»، مأخوذة عن مجموعة «خمارة القط الأسود»، رغم أن الذى قدمها للشاشة الكبيرة مخرج بحجم حسين كمال وكتب السيناريو والحوار كاتب بقيمة وقامة وحيد حامد، إلا أن المخرج خضع لضغوط من بطلة الفيلم فيفى عبده فضاعت ملامح القصة، وتحملت نفقات الدعاية للفيلم فيفى عبده التى حرصت على أن تجمع اسمها بأديبنا الكبير مستغلة التوافق بين كلمتَى «عالَمى» و«عالْمة»، إلى درجة أن نجيب محفوظ خرج لأول مرة عن صمته وصرَّح لى فى حوار نشرتُه على صفحات مجلة «روزااليوسف» فى سبتمبر 1991 أنه مستاء من الفيلم وأنه يخشى أن يقول له الناس «إيه اللى لَمَّك يا نجيب على الرقاصة دى؟»!

الريحانى.. مسلم أم مسيحى؟!

طارق الشناوي

10/5/2013 3:54 ص

فى جلسة خاصة جمعتنى مع عائلة مصرية تقيم قبل أشهر قلائل فى الكويت، حيث أتابع هذه الأيام مهرجان السينما الخليجية، كان رب الأسرة حاضرا وهو زميل دراسة، ولكنه ابتعد عن الصحافة وتخصص فى التجارة، باغتتنى ابنته بهذا السؤال باعتبارى عالما ببواطن الأمور أو هكذا تتصور، هو صحيح يا عمو.. نجيب الريحانى مسلم أم مسيحى؟ وأضافت أنها وأصدقاء لها فى مصر اختلفوا حول تحديد ديانته، تعجبت من السؤال وقلت لها تفرق معك إذا كان مسلما أم مسيحيا؟ وأضفت هو أعظم فنان كوميدى عرفته الشعوب العربية، رحل قبل أكثر من ستين عاما ولا تزال أشرطة أفلامه السينمائية الستة، رغم حالتها الهندسية المتردية، قادرة على إضحاكنا.

مع الأسف لم يكن هذا السؤال مطروحا من قبل، ولكنه صار عند البعض هو الأهم، وكثيرا ما واجهتنى أسئلة من هذا القبيل، لماذا لا نرى إلا فى القليل النادر الأقباط المصريين متألقين فى العديد من مجالات الفن؟. سوف أضرب لكم مثلا بالغناء، هل لاحظتم أنه لم تُقدم مصر مطربا قبطيا حقق نجومية طاغية طوال التاريخ توازى عبد الوهاب وفريد وفوزى وعبد الحليم.

أتذكر أن هانى شاكر فى بداية مشواره الفنى مطلع السبعينيات كان يؤكد فى أحاديثه حرصه على أداء الصلوات الخمس، لأن البعض أوعز إليه بأنه سوف يفقد شعبيته لو صدقوا شائعة أنه مسيحى، الفنان محمد صبحى منذ 15 عاما لاحقته تلك الحكاية، وهى أن اسمه الحقيقى مجدى وأنه مسيحى، ولكن والده أطلق عليه محمد، لأن كل الأطفال الذين أنجبهم قبله قد ماتوا، مجموعة من التخاريف صاحبت بطل مسرحية «تخاريف»!!

هل تتأثر شعبية الفنان بسبب ديانته؟ هناك بعض المظاهر لا تجد لها تفسيرا منطقيا، لو أنك مثلا سألت لماذا لم يظهر «جان» فتى أول مسيحى الديانة طوال تاريخ الدراما المصرية يوازى كمال الشناوى وشكرى سرحان ورشدى أباظة وصولا إلى أحمد عز؟ لو استسلمنا للتفسير الطائفى الذى يقول إن بعض المصريين يرفضون الفنان بسبب ديانته، سنجد أنه على المقابل ثمة قسط وافر من نجوم الكوميديا أقباط، بل إن الضحك فى مصر لو قررت أن تحيله إلى اسم فنان واحد يعبر عنه ويصبح عنوانه فلن تجد سوى نجيب الريحانى المسيحى الكاثوليكى.

لا أنكر أن هناك من يعتقد أن الدين قد يشكل حاجزا بينه وبين مشاعر الناس، ولا أنكر أيضا أن البعض قد ينحاز دينيا فى التقييم ولكنى على يقين أن هذا هو الاستثناء.

أتذكر ملحنا شهيرا قال لى إن الدولة لم تكن تسند إليه تقديم أغنيات وأوبريتات أكتوبر فى زمن مبارك، لأنه مسيحى وكانوا يفضلون عليه الملحن المسلم، قلت له يوجد عشرات من الملحنين المسلمين ولم تكلفهم الدولة بأى أغنيات فى أكتوبر أو غيره، أنت موهوب وهو أيضا، ولكنه بالإضافة إلى ذلك كان يعرف الشفرة أكثر منك للوصول إلى صاحب القرار!!

تذكرت فى أثناء إقامة مهرجان الإسكندرية السينمائى قبل عامين، جمعتنى جلسة مع يحيى الفخرانى حكى لى أنه فى مسلسل «زيزينا» وبعد اعتذار آثار الحكيم عن أداء الجزء الثانى أصر هو ومخرج المسلسل جمال عبد الحميد والكاتب أسامة أنور عكاشة أن الأنسب للدور هى هالة صدقى رغم اعتراض الإنتاج.. لم يجد المسؤول سوى أن هالة مسيحية والمسلسل يعرض فى رمضان، فهو كان يريد فرض فنانة أخرى مستغلا ديانة هالة.

حكى مرة مذيع الراديو أسامة منير أنه رسب فى الامتحان كمطرب عندما تقدم إلى لجنة الاختبار فى الإذاعة قبل نحو 20 عاما، لأن اسمه أسامة منير جريس، وعتقد أن الملحن عبد العظيم محمد عضو اللجنة تعمد إقصاءه عندما عرف اسمه الثلاثى، وكتب بعدها هذا الزجل يقول فى مطلعه «إن كنت لويس أو جريس من حقى أركب الأوتوبيس»، إلا أن أسامة حقق بعد ذلك نجاحا استثنائيا كمقدم برامج ولم يكتف فقط بالأوتوبيس، بل ركب صاروخا إلى قلوب الجماهير، نعم بين الحين والآخر قد نلمح تصريحا طائفيا يحظر السلام أو الأكل أو التهنئة للمسيحيين إلا أن مشاعر الناس عندما تستقبل فنانا لا تسأله أولا قبل أن تأذن له بالدخول أنت مسلم أم مسيحى؟!

السينما خطّ أحمر.. فى السعودية

طارق الشناوي

9/5/2013 3:38 ص

تحاول المملكة العربية السعودية إقامة مهرجان سينمائى، ليس من خلال دور عرض فلا توجد فى المملكة أماكن مخصصة لعروض الأفلام، ولكن عن طريق البث عبر النت، تنجح مرة وتخفق مرة وذلك بسبب مطاردات جماعة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر».

وفى إطار مهرجان الخليج السينمائى فى دورته الثانية بالكويت، قدم المخرج السعودى ممدوح سالم إطلالة على السينما فى المملكة حيث استهل ورقته البحثية مشيرا إلى أن معرفة السعوديين بالسينما ترجع إلى عقد الستينيات، حين المساحات المفتوحة أو ما يسمى بـ«الأحواش»، فقد اعتمدت على آلة العرض السينمائى الشبيهة بجهاز السينما توغراف، وكانت مدينة جدة من أشهر المدن السعودية التى يسمح فيها بتلك العروض، وقد بينت إحصائية تقديرية أن هناك ما يزيد على 50 دار عرض كانت منتشرة فى المدن السعودية فى فترة الستينيات، وكان لمدينة جدة نصيب الأسد حيث كانت تمتلك 25 دار عرض سينمائى.

مهرجان جدة للأفلام أول مهرجان سينمائى فى السعودية تأسس فى عام 2006 وكان يسمى «مهرجان جدة للعروض المرئية»، لاحظ أن هناك تخوفا من ذكر اسم السينما، وهو مهرجان لعروض أفلام سعودية وخليجية ذات فكر ثقافى ورؤية فنية متحفظة عادة، ويقام المهرجان بشكل سنوى، وقد سُجل المهرجان تاريخيا كأبرز حدث ثقافى على الساحة العربية استنادا إلى المرصد الذى قدمه تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصرى فى رصده لأبرز الأحداث التى شهدها الإقليم العربى، حيث اعتبر التقرير أن إقامة أول مهرجان سينمائى بالمملكة تحت عنوان «مهرجان جدة الأول للعروض المرئية» من أبرز الأحداث الثقافية والاجتماعية لعام 2006.

دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر الدول احتضانا للأفلام السعودية حيث عُرض هناك 20 فيلما سعوديا من خلال 4 مهرجانات سينمائية، هناك عدد من التوصيات تشكل آلية لنهضة سينمائية سعودية، فتح المجال أمام القطاعات الأهلية لدعم الإنتاج السينمائى للأفلام الطويلة. تشجيع القنوات الفضائية المتخصصة مثل «روتانا» و«MBC» لشراء الأفلام الطويلة. تخصيص جهة تابعة لوزارة الإعلام لتبنى بعض المشاريع السينمائية للإنتاج الروائى والوثائقى. فتح المجال للبعثات والدورات الخارجية للموهوبين. تفعيل دور جمعية الثقافة والفنون والنوادى الأدبية من أجل التعاون مع صناع الأفلام، تخصيص مواقع واستديوهات خاصة لتصوير الأفلام فى جميع مدن المملكة. تخصيص مساحات فى القنوات الأربع الرسمية لمتابعة آخر أخبار حركة الإنتاج السينمائى السعودى بالإضافة إلى عرض الأفلام فى تلك القنوات، اعتماد جزء من ميزانية وزارة الإعلام لدعم حركة الإنتاج السينمائى السعودى. تسهيل الحصول على التصاريح الخاصة بتوزيع الأفلام لاحقا على أقراص دى فى دى لبيعها فى السوق السعودية من أجل دعم أحد روافد نمو الحركة السينمائية السعودية. إصدار عدد من الكتب والمنشورات والمجلات لبيعها وتوزيعها فى المكتبات والنوادى الأدبية «الكتب والمنشورات» خاصة بصناعة الفيلم الطويل وأهمية تفعيل الثقافة السينمائية للمجتمع السعودى. الاندماج بين شركات إنتاج الأفلام لتستطيع المنافسة بقوة وفاعلية فى الأسواق العالمية. انتشار وازدهار نشاطات معارض ومهرجانات الأفلام السينمائية والإقبال الشديد عليها. التعاون مع الجهات ذات الخبرة من أوروبا وأمريكا والعمل على الإنتاج السينمائى المشترك. الزيادة المتواصلة فى وعى الجماهير وتغير أذواقه واهتمامه المتزايد بعالم السينما ومنتجاتها.

وروى المخرج العمانى خالد الزدجالى عن تجربته الخاصة فى آخر مهرجان فى جدة وُجهت إليه الدعوة لحضوره ضمن لجنة التحكيم، قال المخرج إنه قبل ساعات قليلة من الافتتاح بسبب الخوف الأمنى تم إلغاء المهرجان، وأضاف أنه تعرض كرئيس لمهرجان مسقط لموقف مشابه عندما هددت إحدى الجمعيات بحرق المسرح ولكنه أصر على إقامته فى مسرح آخر، وأنه لو كان استجاب للتهديد ربما فوجئ بأن كل المهرجانات المماثلة ستصبح مستهدَفة.

وفى إطار الندوة كان لى هذه الكلمة وقلت إن الأمر بحاجة إلى تدخُّل من الملك عبد الله مباشرة مثلما فعل فى مجلس الشورى السعودى وأعطى أوامره بتعيين 30 سيدة فى سابقة هى الأولى من نوعها ولن يستقيم الأمر إلا بالمواجهة من خلال قرار ملكى فلا يمكن أن نتصور أن السعودية التى تمتلك وتشارك فى مئات من القنوات التليفزيونية لا تعترف حتى الآن بدور العرض السينمائى؟!

وتاه المخرج فى «تورا بورا»!!

طارق الشناوي

8/5/2013 2:16 ص

حروف اللغة العربية 28 حرفا ومن خلالها تولد ملايين الكلمات ولا تزال حتى الآن تتوالد كلمات جديدة تضاف إلى اللغة.. وأفكار الدراما فى العالم لا تتجاوز 36 فكرة تُنجب آلاف الأفلام والمسلسلات.. ولا جديد تحت شمس الدراما ولكن الجديد هو زاوية الرؤية والمعالجة التى يقدمها صانع الفيلم السينمائى.

فى مهرجان الخليج السينمائى الدورة الثانية الذى يقيمه مجلس التعاون الخليجى بالكويت كان موعدنا مع الفيلم الروائى الطويل «تورا بورا» للمخرج وليد العوضى، جبل تورا بورا هذا الاسم الذى صار مرادفا للإرهاب والتطرف ويثير الرعب فى العالم، لأنه كان معقل تنظيم القاعدة «الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود».

وطوال مشاهدة الفيلم وهناك سيطرة من فيلم عربى آخر شاهدته قبل نحو 10 سنوات وهو «الجنة الآن» للمخرج الفلسطينى هانى أبو أسعد الذى اقترب من الترشيحات النهائية للأوسكار واقتنص قبلها جائزة «الجولدن جلوب» الكرة الذهبية لأفضل فيلم أجنبى.

الفيلمان يتناولان قضية واحدة وهى الإرهاب المسلح الذى يقتل المدنيين على اعتبار أن هذا هو شرع الله مع اختلاف مسرح الأحداث.. فيلم «الجنة الآن» أرضه الدرامية هى فلسطين المحتلة، بينما فيلم «تورا بورا» تجرى أحداثه فى «بيشاور» على الحدود بين أفغانستان وباكستان وصولا إلى جبال «تورا بورا» ولا بأس بالطبع من أن نرى أكثر من فيلم عربى يتناول تلك القضية الشائكة، ولكن البأس كل البأس هو أن لا تكون مسلحا فكريا وثقافيا وسينمائيا للتعبير عن هذه الفكرة الحساسة.

الفيلم يستند إلى واقعة حقيقية وهى لا تتناول بلدا محددا ولكنك تستطيع أن ترى فيه العديد من التنويعات المماثلة التى شاهدنا الكثير منها فى عالمنا العربى والإسلامى، حيث يتم الخلط بين الدين ودعوته للجهاد فى سبيل الله وبين والقتل والترويع الذى يطول المدنيين على اعتبار أنه أيضا استشهاد فى سبيل الله، بينما هو قتل للنفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق.

الفيلم من الناحية الواقعية تم تصويره، خصوصا تلك المشاهد التى تتناول تورا بورا، فى المغرب حيث إن المملكة المغربية صارت مقصدا للعديد من الأفلام التى تحتاج إلى أماكن طبيعية وبات أغلب السينمائيين فى العالم يفضلون الذهاب إليها، حيث يصبح الهدف هو الحصول على تشابه فى مذاق المكان والأجواء.. استعان المخرج بفنان ديكور عالمى هو ماركو تورنتتينى وذلك من أجل الوصول إلى أعلى درجات الدقة التعبيرية فى العمل الفنى.

ولكن ظل الفيلم يتمحور فى إطار فكرى ضيق أدى إلى تقييد المضمون وخضعت المعالجة لحالة من التنميط فى تتابع السيناريو ورسم الشخصيات.

الرهان الصعب هو كيف تصل الرسالة بمعناها المباشر إلى العالم وليس فقط إلى البلد الذى ينتمى إليه الأبطال وهم عائلة كويتية ميسورة الحال، هناك ولا شك مفهوم خاطئ طال الدين الإسلامى فى الغرب بسبب تلك النظرة التى يرى بها البعض الإسلام مرادفا للإرهاب ولعبت مع الأسف العديد من الفضائيات دورا فى نشر تلك الصورة الذهنية بكثرة المشاهد التى نرى فيها من يعد نفسه للشهادة وأمير الجماعة يؤكد له أن هذا هو الطريق للجنة.

السيناريو الذى كتبه المخرج أيضا مع رياض السيف كانت تستهويه خلق ذروة درامية تواجه الأبطال حتى يضمن جذب الجمهور ولكنه أغفل الإحساس الإنسانى، خصوصا أننا بصدد عائلة ذهب ابنها الصغير إلى «تورا بورا» بعد أن تعرض لغسيل مخ، بينما أمه وأبوه بدآ رحلة البحث عنه، وفى نفس الوقت فإن أخاه الكبير ذهب إلى هناك لإنقاذ كل أفراد الأسرة.

شاهدنا قبل نحو 30 عاما مثلا الفيلم الأمريكى «مفقود» للمخرج كوستا جافراس وبطولة جاك ليمون، حيث كان الوالدان يبحثان أيضا عن ابنهما المفقود.. فى الفيلم الأمريكى كنت تتعاطف مع العائلة من خلال تلك الرؤية الإنسانية ولكننا فى «تورا بورا» نرى مجرد رسم تخطيطى هندسى مباشر يحيله إلى شىء أقرب لبناء حجرى خالٍ من المشاعر.

غابت الرؤية الدرامية والفكرية وتحول الأمر إلى مجرد تمضية نحو ساعتين فى عمل فنى كان ينبغى اختصاره على أقل تقدير إلى النصف.. شاب أداءَ الممثلين قدرٌ كبيرٌ من النمطية فى التعبير مثل سعد المفرح وأسمهان توفيق وياسين الحاج، ورغم أن هناك جهدا رائعا فى الصورة وأيضا فى التعبير الموسيقى لرعد خلف فإن المحصلة النهائية هى أننا بصدد عمل فنى يعوزه الكثير، ويبدو كأنه قد ضاع فى جبال «تورا بورا»!!

الغربة مرتين!!

طارق الشناوي

7/5/2013 3:48 ص

الأفلام الخليجية تدخل دائما فى صراع من مهرجان إلى آخر، قبل أقل من شهر كانت تتنافس فى مهرجان الخليج الذى أقيم فى دولة الإمارات فى دبى، هذه الأيام انتقل الصراع إلى دولة الكويت فى المهرجان الذى يقيمه مجلس التعاون الخليجى.

القيمة المادية للجوائز على عكس ما يتبادر إلى الذهن محدودة، ليس فقط بالقياس إلى المهرجانات الخليجية، ولكن المصرية تمنح مبالغ نقدية أكبر، حيث إن الجائزة الكبرى لأفضل فيلم روائى طويل 15 ألف دولار، ولا تتجاوز فى التسجيلى 12 ألف دولار، وفى الفروع الفنية 3 آلاف دولار.

إلا أن هذا لم يمنع أن تشتعل المنافسة فى المسابقتين «الفيلم الروائى والتسجيلى»، ونتوقف هذه المرة مع الفيلم التسجيلى الطويل «أمل».

الفنان عادة لا يجد نفسه إلا فى أحضان الوطن فهو يبدع أولاً لأهله وناسه، ولكنه من الممكن أن تجبره الظروف على الهجرة، وفى الفيلم الإماراتى «أمل» للمخرجة نجوم الغانم نجد أمامنا الفنانة السورية أمل الخوجة التى تضطرها الظروف الاقتصادية والاجتماعية فى بداية المشوار الفنى إلى أن تنتقل إلى العمل فى الإمارات وعندما تقرر العودة إلى بلادها فى منتصف العمر تجبرها الملاحقة الأمنية على أن تعود مرة أخرى إلى الإمارات.

الفنان عندما يهاجر بعيدا عن وطنه ويسافر إلى الخارج مهما احتضنته الدولة التى يعمل فيها وتحقق ماديا وأدبيا، فإنه لا ينسى أن قضيته هى أن يوجد أولا على أرضه.. «أمل» درست المسرح فى سوريا خلال الثمانينيات، وكانت من بين دفعتها فنانة قالت لا وبصوت عالٍ ضد الطاغية بشار وهى مى سكاف وأنشأت فرقة مسرحية فى سوريا والآن كثيرا ما تتعرض للاعتقال لأنها رفضت أن تصبح واحدة ممن يهتفون «الله سوريا بشار وبس» ردا على الثوار الذين يعلو نداؤهم قائلين: «الله.. الوطن سوريا.. وبس»!!

أمل تروى جوانب عديدة من حياتها الشخصية والمهنية طوال أحداث هذا الفيلم التسجيلى، ونحن نستشعر مدى حبها لخشبة المسرح وكيف أنها تزوجت الفن وبعد أن تأقلمت على تلك الحياة ظهر رجل فى حياتها قررت أن تكمل معه المشوار.

السينما كانت قاسية عليها ولم تمنحها وجودا تستحقه على خريطتها، حيث إنها تعرضت إلى فيروس نادر أدى إلى نوع من الشلل فى جزء طفيف من الشفة السفلية هذا العيب وقف فى ما بعد حائلا بينها والكاميرا السينمائية!!

حاولت أن تجرى عملية جراحية أكثر من مرة، وكان الأطباء يؤكدون أن المنطقة حساسة وهناك تخوف من أى تدخل لمشرط الجراح، وتعايشت مع الموقف ولم تفقد الأمل على اعتبار أن أداء الممثل من الممكن أن يتجاوز عن الكثير وأن الإحساس قادر على الوصول إلى الناس!!

أهم ما يمكن أن تلاحظه فى هذا الفيلم التسجيلى أن أمل كانت تلتقط لها صور من الجانب الأيمن الذى من الممكن ببعض التدقيق أن تلاحظ بالفعل وجود ثبات فى جزء من الشفة السفلية، ولكنها سلمت نفسها إلى الكاميرا من دون شروط مسبقة، بينما كثير من النجمات يشترطن زاوية للتصوير ومصورا محددا لالتقاط جانب واحد من الوجه يعتقدن أنه الأجمل.

أمل قررت أن تعلن رأيها وتقف مع الشعب ضد الطاغية ولم تفعل مثل الأغلبية من الفنانين السوريين الذين يفضلون الوقوف فى تلك المنطقة الرمادية، الفنان الحقيقى فى لحظات مصيرية لا يملك سوى أن ينحاز إلى الشعب حتى وهو موقن أن هناك ثمنا سوف يُدفع فقررت أمل أن تشارك شعبها ووطنها وتدفع الثمن.

الفيلم تناول الغربة التى تغتال الإنسان مهما كان يعيش فى مجتمع بطبعه يرحب بالآخرين على أرضه ويمنح لهم الفرصة كاملة مثل دولة الإمارات، إلا أنه فى نهاية الأمر يظل يبحث عن نفسه!

عندما أرادت أن تنهى غربتها لتحقق حلمها فى وطنها اكتشفت أن سوريا تعيش فى الغربة فقررت أن تؤجل حلمها لتعيش حلم الوطن!!

للإمام على بن أبى طالب -كرم الله وجهه- كلمة موحية فهو يقول «الفقر فى الوطن غربة والغنى فى الغربة وطن»، وكل من شاهد هذا الفيلم واضطر فى مرحلة ما من حياته أن يهاجر سوف يجد فى حياة أمل خويجة شيئا من حياته.

المخرجة نجوم الغانم قدمت فيلما تسجيليا ممتعا عن حياة فنانة سورية عاشت الغربة مرتين!!

سينما تحاول اختراق «التابو»!!

طارق الشناوي

6/5/2013 3:29 ص

تعددت المهرجانات الخليجية المتخصصة فقط فى عرض تلك الأفلام التى تنتجها دول مجلس التعاون الخليجى، وآخرها مهرجان سينما الخليج الذى اُفتتح مساء أمس فى دولة الكويت، وينظمه المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب برئاسة وزير الإعلام الشيخ سلمان صباح السالم.

هذه هى الدورة الثانية، الأولى عُقدت فى العام الماضى فى الدوحة ولم تتحدد بعد المحطة الثالثة لهذا المهرجان، تتجاوز الفاعليات مجرد عرض الأفلام، حيث إنه يستضيف عددا من النقاد فى العالم العربى لتقديم محاضرات تطبيقية تتناول صناعة الفيلم والقيم الجمالية والتقنية المستخدمة فى العمل الفنى، ولكاتب هذه السطور محاضرتان. واحدة غدا عن السينما الإماراتية والثانية يوم الجمعة عن «العُمانية».

تصفحت كتالوج المهرجان سريعا واستوقفنى أنه يضم أربعة أقسام وثائقية وروائية قصيرة وطويلة، ولكنه يحدد نوع الفيلم قصيرا أم طويلا بمقياس زمنى خاص جدا، وهو 40 دقيقة للوثائقى القصير وما يزيد يعتبره طويلا، بينما فى الروائى ما دون 50 دقيقة قصير وما يزيد طويل، والحقيقة أن المقياس العلمى المتعارف عليه فى العالم هو ما دون 30 دقيقة القصير وما يزيد حتى دون 60 دقيقة متوسط وما يزيد هو الطويل، ومن الواضح أن منظمى المهرجان اختصروا من القائمة الفيلم المتوسط بنوعيه الروائى والوثائقى، فلجؤوا إلى تلك التقسيمة.

يشارك فى لجنة التحكيم من مصر المخرج الكبير داوود عبد السيد، ويكرم المهرجان المخرج الكويتى بدر محمد المنصف، والكاتب البحرينى أمين صالح، والمخرجة الإماراتية نجوم الغانم، والمخرج العمانى حمد بن خلفان، والإعلامى القطرى الراحل على حسن الجابر، الذى اغتيل فى أثناء تغطيته للثورة الليبية، ومن الندوات الرئيسية فى المهرجان تلك التى تتناول السينما الخليجية الواقع والتحديات وتعقد صباح الغد.

والحقيقة أنه ومع كل مهرجان خليجى يتردد نفس السؤال وعلى طريقة تلك المعضلة التى توارثتها البشرية البيضة أم الفرخة.. أقصد الفيلم أم المهرجان؟ هل الأجدى أن تتوجه رؤوس الأموال إلى صناعة أفلام سينمائية أم تتبدد فى إقامة مهرجان سينمائى تنتهى فاعلياته بعد بضعة أيام وينتهى أيضا تأثيره، أليس من الأجدى أن تُصنع أفلام أولا وبعد ذلك تقام مهرجانات تشارك فيها سينما البلد المضيف صاحب الأرض. تحول هذا السؤال إلى «راكور» ثابت لا يتغير فى كل مهرجان خليجى، إلا أننا فى السنوات الأخيرة وجدنا أمامنا زاوية رؤية أخرى مختلفة ربما تحمل ردا عمليا على السؤال، إنها تلك الأفلام التى ترى فيها مثلا مهرجانات مثل أبو ظبى ودبى والدوحة مشاركة فى إنتاجها.. بالطبع فإن تقديم الأفلام هو الهدف الأسمى الذى ينبغى أن تسعى إليه كل الدول، إلا أننا لسنا فى مجال اختيار بين فيلم ومهرجان، ولكن ما الذى يضمن أن ميزانية المهرجان سوف تتوجه بالضرورة إلى إنتاج فيلم سينمائى؟ الحقيقية هى أن المهرجانات أنجبت مهرجانات قبل أن تنجب أفلاما، وآخر المهرجانات هو «البيئة» الذى انتهت فاعلياته فى الشهر الماضى وأولها هو دبى الذى يحتفل شهر ديسمبر القادم بمرور عشر سنوات على انطلاقه. منصة انطلاق مهرجانات الخليج المؤكد أنها انتعشت مع بداية مهرجان دبى السينمائى الدولى 2004، الذى يتوجه أساسا إلى السينما العربية من خلال جائزة المهر العربى، حيث حقق حالة من النجاح بتواصله وهو ما دفع أبو ظبى إلى إقامة مهرجان بتوجه آخر بعد ثلاث دورات من دبى ثم مهرجان الدوحة الذى انطلق بعد عامين من أبو ظبى، وكانت مثلا مملكة البحرين قبل 14 عاما هى التى بدأت الخطوة الأولى من خلال جمعية سينمائية يرأسها المخرج البحرينى بسام الزوادى، ولكنها تعثرت، بينما يتواصل رغم كل الصعوبات التى تواجه مهرجان «مسقط» السينمائى الذى يعقد بميزانية محدودة وفاعليات أيضا محدودة مرة كل عامين فإنه -وهذا يحسب للجمعية السينمائية التى يرأسها خالد الدرجانى- يعقد ويحاول أن يوجد على الساحة الخليجية.

السينما فن جماهيرى تنتعش عندما يرى الجمهور فى تفاصيل الفيلم ملامحه وآماله وإحباطاته وأمانيه المستحيلة مجسدة على الشاشة، وهكذا بدأ عدد من الأفلام فى الخليج يطرق باب الانتقاد الاجتماعى الذى كان أشبه بـ«التابو» الممنوع، ومن بينها فيلما «ظل البحر» الإماراتى لنواف الجناحى، و«وجدة» السعودى لهيفاء المنصور!!

السلك لَمِّس !

طارق الشناوي

3/5/2013 3:42 ص

مع كل عمل فنى جديد لمحمد سعد أشعر أنه يدخل مباراة ثأرية تنتهى به وهو مثخن بالجراح، مكللا بهزيمة رقمية، ما إن يخرج من «حفرة» حتى يقع فى «دحديرة».

كان له فى رمضان الماضى واحدة من معاركه فى مسلسل «شمس الأنصارى»، ولكننا لم نشاهد سوى «اللمبى»، هذه الأيام رأينا أغنية «السلك لمس» عبر «اليوتيوب» كدعاية لفيلمه الذى يعرض بعد ساعات «تتح»، أيضا لم أرَ فى الشخصية سوى حالة مغرقة فى الليمباوية، الأغنية دويتو مع الراقصة بوسى تذكرنى بثنائى حقق نجاحا طاغيا فى الثمانينيات جمع بين الراقصة سحر حمدى والمطرب سامى على، ومن الممكن أن تجد فى دويتو سعد الصغير والراقصة دينا تنويعة أخرى. المقطع الذى شاهدته لمحمد سعد به إيحاءات جنسية مثلما كان يقول سامى لسحر «يا حلو يا للى قميص نومك اشتكى منك» بينما سعد يقول لبوسى «السلك لمس يا فول مدمس وأنا عايز أغمس»، سبق مثلا لمحمد سعد فى فيلمه «اللمبى» أن غنى عام 2002 «حب إيه» لأم كلثوم ويومها أثار زكريا عزمى الثورة ضده فى مجلس الشعب وطلب مصادرة الأغنية، وقفنا مع سعد، هذه المرة أرفض أيضا المصادرة فلا وصاية على أذواق الناس ولكنى أرى سعد لا يزال يعيش مرحلة التخبط.

الفنان ليس فقط موهبة ينعم بها الله على بعض عباده ولكنها وبنفس الدرجة تحتاج إلى ذكاء وثقافة يحيط هذه الموهبة ويمنحها عمرا أطول.. على مدى التاريخ رأينا مواهب تبرق وتنتعش وتعيش وأخرى تزوى وتضمحل وتموت بعد لحظات من الوهج.. ليس بسبب فارق الموهبة بين فنان وآخر ولكن لأن هناك فنانا ينمى ويشحذ موهبته وآخر يتركها نهبا للآخرين وأحيانا نهبا لأفكاره هو.. السلاح الوحيد الذى يضمن للفنان استمراره هو أن تتسع رؤيته ليرى ما الذى يحيط به من متغيرات سياسية واجتماعية ونفسية وقبل ذلك يجيد قراءة شفرة جمهوره وأعتقد أن سعد بات غير قادر على قراءتها!

تستطيع أن ترى الموهبة وهى تعلن عن نفسها مع الطلة الأولى ومن هؤلاء محمد سعد، لمحنا بريقه ومنذ الوهلة الأولى فى فوازير التليفزيون قبل 16 عاما وكان ملفتا بأسلوب كوميدى أشار إلى نجم قادم.. وقبل ذلك قدمه المخرج محمد فاضل فى مسلسل «وما زال النيل يجرى» وأنعام محمد على فى فيلم «الطريق إلى إيلات» وكان رائعا فى أدواره الثانوية. بداية علاقته بالسينما جاءت تحت مظلة فيفى عبده فى فيلم «امرأة وخمسة رجال» إخراج الراحل علاء كريم، كان سعد هو أحد الرجال الخمسة أدى دور زوج مسلوب الإرادة بقدر لا ينكر من الإبداع رغم ضآلة عدد مشاهده.. إلا أن النقطة الفارقة فى مشواره هى تلك التى أدى فيها شخصية «اللمبى» فى فيلم «الناظر» 1999.. الفيلم كتبه أحمد عبد الله وأخرجه شريف عرفة ولعب بطولته علاء ولى الدين، التقط سعد مفردات شخصية «اللمبى» وجد فيها شريف عرفة بحسه الذى لا يخطئ ملمحا كوميديا جديدا صنعه سعد بنفسه فأكسبها طابعه ومفرداته، إنه الكوميديان الإيجابى الجرىء القادر على أن يدخل إلى أى معركة لا يهرب بعيدا عنها مثلما تعودنا من نجوم الكوميديا بداية من إسماعيل يس، «اللمبى» يقتحم الصعاب ولا يبالى.

استمرت مسيرة سعد وحقق فيلم «اللمبى» فى 2002 قفزة رقمية وأطاح بعرش هنيدى الذى كان قد اعتلاه قبلها بخمس سنوات مع فيلمه «إسماعيلية رايح جاى» 1997.. كان هنيدى هو الملك المتوج الذى غير ملامح الكوميديا، بل ومواصفات النجومية فى مصر ليتم استبدال جيل كامل ويفتح الباب لنجومية سعد. انطلق سعد من نجاح رقمى إلى آخر تستطيع أن ترى أفلامه «اللى بالى بالك»، و«عوكل»، و«بوحة» وهى ترتفع بمعدلات رقمية واضحة فى الشباك.. ثم وصل مع الجمهور إلى مرحلة التشبع لأنه لم يغادر محطة «اللمبى». الإيرادات منذ 2006 شهدت تراجعا بداية من «كتكوت» واستمرت فى الهبوط مع «كركر» 2007 ثم هبوط اضطرارى مع «بوشكاش» 2008 أعقبه الغياب القسرى 2009 ليعود مع «اللمبى 8 جيجا» ثم يغيب عامين ليعود بعد الثورة مع «تك تاك بوم» ويعيش الهزيمة الرقمية ويدخل مجددا فى معركة ثأرية مع «تتح» وهو يمسك هذه المرة فى ذيل راقصة.. يبدو أن السلك خلاص ضرب!

سهير وسوزان والمذنبون!

طارق الشناوي

2/5/2013 3:05 ص

عادت سهير رمزى للأضواء مجددا بعد صمت طويل دام ست سنوات وبدأت تصوير مسلسلها الجديد «جداول»، العودة يصاحبها عادة لفت انتباه يشبه دقات المسرح الثلاث لإثارة الاهتمام، والحقيقة أنهما دقتان فقط أو إن شئت الدِّقة تصريحان ترددهما فى كل أحاديثها، الأول أن سوزان مبارك منعت عرض مسلسلها الأخير «حبيب الروح» لأنها كانت ترتدى الحجاب وسوزان كانت تخشى أن تسهم سهير فى انتشاره، الثانى هو أنها تتبرأ من فيلم «المذنبون» لأسباب بالطبع متعلقة بالمشاهِد التى تُوصف عادة بالجريئة، لماذا فقط «المذنبون» هو الذى أثار غضب سهير رمزى، أغلب أفلامها حفلت بمشاهد إغراء بل إن سهير يعتبرها البعض ممثلة إغراء فقط، وأنا لا أتفق مع هذا الرأى فهى فى الحقيقة ممثلة موهوبة وحضورها الأنثوى على الشاشة واحد من أهم أسباب الاستعانة بها فى أفلام مثل «ثرثرة فوق النيل» و«أين المفر» و«امرأة من زجاج» و«حتى لا يطير الدخان» و«بالوالدين إحسانا» و«ممنوع فى ليلة الدخلة» وغيرها، أغلب الظن أنها أرادت أن تضحى بفيلم واحد لتُرضى تيار مَن يحرّمون الفن من أجل أن تحتفظ بالباقى بعيدا عنهم، تتبرأ من «المذنبون» مثلما تبرأت شمس البارودى من «حمام الملاطيلى» ولكنها لم تدرك أن شمس نشرت إعلانا فى أكثر من جريدة تطلب فيه حرق كل أفلامها وليس فقط «الملاطيلى»، لماذا لم تأخذ سهير الدرس من شادية التى اعتزلت فى صمت ولم تتبرأ من فيلم أو أغنية. سهير تريد أن تقف فى تلك المنطقة الرمادية التى تسمح عادة بالتناقض والجمع بين تحريم التمثيل وممارسة التمثيل من خلال إطار يطلقون عليه شرعيا، فهى تمثل ولكن بالحجاب ومن المؤكد تشترط مواصفات فى الشخصية التى تؤديها وتحرّم أداء مشاهد تريد أن تتطهر أولا، فإذا اعتبرت أن ماضيها الفنى معصية فلماذا فقط «المذنبون» هو المعصية؟

ويتبقى اتهامها لسوزان مبارك بأنها تدخلت ومنعت مسلسلها «حبيب الروح»، نعم كانت سوزان لا ترحب بالمحجبات، لها العديد من الوقائع التى تؤكد ذلك ولكنها كانت مشغولة بتوريث الحكم لجمال وليس بحجاب سهير رمزى، أغلب الظن أن هناك من أراد أن يلاعب سهير بتلك المعلومة التى تُرضِى غرورها فهو لم يقل لها الحقيقة وهى أن هناك لجنة لاختيار مسلسلات رمضان كان يرأسها د.فوزى فهمى، هى التى تحدد ما يُعرض فى هذا الشهر وتم استبعاد مسلسلها من خلال ثلاثة أعضاء، لم تكن كل اختيارات اللجنة هى الصائبة بالطبع ولكنها لم تضع الحجاب فى مواصفات المفاضلة كما أن هناك أكثر من مسلسل لمحجبات مثل حنان ترك وصابرين وعبلة كامل كان لهم مساحة فى العرض.

الفنانة المحجبة والعودة للأضواء أراها معادلة صعبة، من الممكن أن تواصل الفنانة المحجبة العمل ولكن مرحلة الابتعاد والعودة وتبرير العودة وماضيها الفنى، كيف تتعامل معه.. كلها عوامل تتفاعل فى نفس اللحظة، حنان ترك وجدت نفسها فى أتون صراع حسمته فى رمضان الماضى بعد مسلسلها «الأخت تريز» واختارت الاعتزال. صابرين وضعت باروكة على الحجاب فلا هى تمثل بحجاب ولا هى تمثل بشعرها وبددت طاقتها خارج النص.

الأيام القادمة لا شك سوف تحمل فى طياتها حضورا مبالغا فيه للمحجبات، شركات إنتاج بدأت فى تحديد شروط للبطلات والأبطال وسوف تتخلل الدراما مشاهد مباشرة فى هذا الاتجاه سواء لنشر الحجاب أو للترويج للّحية. محاولة فرض الحجاب واللحية على الدراما سوف تصطدم بأن حالة المثالية التى تفرضها هذه الشركات على العمل الفنى ستقابَل بعدم مصداقية لأن الناس ترى أن الحجاب ليس شرطا للفضيلة وكم من الجرائم الأخلاقية ارتكبها أصحاب اللّحى.

سهير رمزى من حقها أن تكرر التجربة وتعود للاستديو، ورأيى الشخصى أن الناس شاهدتها فى «حبيب الروح»، وهم لديهم صورة ذهنية لأفلامها القديمة فلا يمكن أن تنتزع فى لحظة ذاكرة بصرية لمجرد حجاب. حاولوا أن يشاهدوا سهير التى يعرفونها فلم يجدوها، حاولوا أن يشاهدوا سهير أخرى فلم يعثروا عليها، الفنان لياقة فنية أمام الكاميرا وفى آخر ظهور لها فقدت سهير لياقتها، ولا أتصور أن التطهر من «المذنبون» هو الحل.

سينما «الديب فريزر»!!

طارق الشناوي

1/5/2013 3:00 ص

مفردات ساخنة، لا أقصد ساخنة على طريقة وزير الإعلام المتحرش، ولكنها ساخنة بالمعنى الدرامى، المفردات بنار الفرن تصنع بالتأكيد فيلما «ملهلب» فنيا، ولكن هذه الطزاجة التى صنعها الكاتب أيمن بهجت قمر، أفسدها الكاتب أيمن بهجت قمر عندما فتح باب «الديب فريزر» الدرامى، وأخرج منه كل ما سبق استخدامه فى كل الطبخات السينمائى وعلى مدى تاريخ الدراما، وقرر أن يصنع منها «سمير أبو النيل».

تستطيع أن ترى فى الفكرة فضحا للإعلام بكل أطيافه، من خلال استلهام شخصية تأخذ كثيرا من مفردات توفيق عكاشة ما عدا تزغيط البط، لا يوجد بالتأكيد توافق مطلق، ولكن ستجد نفسك على الفور وقد استقر فى ذهنك أن «أبو النيل» فيه شىء من الرائحة العكاشية.

تستطيع أن ترى فى الفكرة مشروعا لعمل فنى يعزف على وتر جذاب، حيث إنه يُمسك بتلك المعادلة الإعلام والمال فى حالة تشابك على السلطة، اختار الكاتب شخصية أمين الشرطة محمد لطفى لتعبر عن اختراق هذا الجهاز، وعلى الجانب الآخر الصحافة التى تقاوم متمثلة فى الصحفية الشابة دينا الشربينى ورجل الأعمال الفاسد حسين الإمام، لون الكاتب شخصية أبو النيل بظلال البخل، كان الغرض الوحيد لشخصية البخيل مجرد حيلة لكى يقتنص أى قسط من الضحك.

المخرج عمرو عرفة قدم شريطا سينمائيا أقرب إلى «ستاند أب كوميدى»، مستغلا حضور بطل الفيلم وأيضا رغبته فى الاستحواذ على كل شىء، ولهذا خفت حضوره كثيرا كمخرج.

لا يتجاوز السيناريو حدود «الإيفيه» مثل مشهده مع صاحب كشك السجائر أو مع بائع الفول، وعندما يريد أن يحقق الانقلاب الدرامى لا يجد أمامه سوى مشهد هبوط الأموال الفجائى على البطل، وهى من الحيل التى أشبعتها السينما ضربا وركلا واقتباسا، بل إن أفلام مكى السابقة كانت كثيرا ما تسخر من تلك الحلول الساذجة، وهو ما يعرف بـ«البارادوى»، وهكذا وجدنا ابن عمه الثرى حسين الإمام يقرر أن يمنحه كل ثروته الطائلة، خوفا من مطاردة الأجهزة، ويخترع حكاية أنه مريض وعلى شفا الموت وابنته الوحيدة لم تبلغ بعد سن الرشد، وهكذا يبدو كل ما ذكرناه من قبل مقدمة غير منطقية لما سوف نشاهده، وهو الهدف من الفيلم، وأعنى به تلك الثروة التى يضخها البطل صوب الإعلام، «صبحة» هو اسم البرنامج الذى يقدمه والقناة التى يمتلكها لتصبح فى نهاية الفيلم «سبحة» قناة يمتلكها شقيقه علاء مرسى المحسوب على التيار الإسلامى، وهى بالفعل ملاحظة صحيحة جدا ودقيقة جدا جدا تفضح الإعلام فى جزء وافر منه عندما يبيع نفسه للحاكم أى حاكم، ولكن العمل الفنى لم يستطع أن يملأ المساحة من صبحة إلى سبحة دراميا وفكريا، كما أنه يقدم بعض الشخصيات الأرشيفية مثل الصحفية، ربما كان أيمن متأثرا بالصحفى الراحل عبد العاطى حامد عندما كان يتقمص بتوجيه من مصطفى أمين شخصية شحاذ أو مجنون أو تاجر مخدرات ليقتحم هذا العالم، وهكذا فضحت الصحفية أبو النيل وشهرت به على «اليوتيوب»، كما أنه قدم منة شلبى كضيفة شرف فى دور حبيبته التى تعود من أستراليا، ولكنه لم يستطع التمهيد الدرامى لها، فلم يضف لها ولم تضف هى للفيلم.

سبق وأن راهنت على ذكاء أحمد مكى، وعندما أخفق فيلمه الأخير «سينما على بابا» الذى قدمه قبل نحو عامين، وشهد تراجعا فى مشواره الفنى كنجم جماهيرى، قلت سيعبر الكبوة، ولكنى لا أتصور أن فيلمه الجديد حقق له ما انتظره وانتظرته.

الإعلانات التى امتلأت بها جنبات الفيلم لا يبررها بالطبع أنه يقدم قناة فضائية بها إعلانات، فلقد تجاوز حدود المسموح، خصوصا تلك الدعاية المبالغ فيها لنوع معين من الجبنة.

هل يغير مكى من لمحاته الكوميدية؟ لا أتصور ذلك كل النجوم لهم مفردات، أستطيع أن أرى فى مكى لمحات من فايز حلاوة، بالطبع فايز لم تكن له دائرة انتشار واسعة، وهو ما نجح فى تحقيقه مكى، إلا أنه صار يفضل أن يقف فى العمل الفنى منفردا يقدم كل شىء من الإبرة للصاروخ، استوقفتنى فى مشاهد قليلة الوجه الجديد دينا الشربينى، بينما محمد لطفى ارتضى بدور ظل البطل، «سمير أبو النيل» فكرة طازجة بنار الفرن أفضت إلى شريط سينمائى بدرجة حرارة «الديب فريزر»!!

التحرير المصرية في

01/05/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)