تطالعك على غلاف هذا الكتاب فاتنة السينما الألمانية والهوليوودية
مارلين ديتريش، وهى تتطلع الى أعلى، سحر الأبيض والأسود يجعلها كما لو كانت
عرّافة قادمة مباشرة من مسرحية إغريقية، فى عينيها من الأسئلة أكثر مما
تعرف من الإجابات، فى الصورة ثقة وقلق، وكأنها السينما نفسها، بين ماض راسخ
ومؤثر، ومستقبل يحكمه الجديد كل يوم.
الكتاب هو أحدث إصدارات مدير التصوير المصرى القدير والباحث السينمائى
الدءوب سعيد شيمى، وهو يبدو كما تعودنا أقرب الى المرجع الضخم (446 صفحة).
العنوان وحده جدير برسالة أكاديمية معتبرة :"الصورة السينمائية من
السينما الصامتة الى الرقمية"، الكتاب صدر عن أكثر السلاسل السينمائية
المصرية رصانة وأهمية، فهو العدد 72 من سلسلة "آفاق السينما" التى تصدر عن
هيئة قصور الثقافة. أما الموضوع فهو سرد متعمق وتفصيلى لتاريخ الصورة
السينمائية، ليس بوصفها كادرات ثابتة فى شريط متصل، ولكن باعتبارها مرآة
عكست ولاتزال تعكس إبداعات الفن جنباً الى جنب مع انتصارات العلم، براعة
هذا السفر الكبير فى أنه إذ يستعرض تاريخ الصورة السينمائية، فإنه يستعرض
رحلة الإنسان فى ابتكار الطرق والأساليب والأجهزة التى تجعله قادراً على
تسجيل اللحظة، والإمساك بالزمن، وتحويل الفانى الى خالد، حتى لو كان ذلك
الى حين.
سأعود حتما الى نظرة مارلين ديتريتش، ولكن دعنى أحدثك فى البداية عن
إسهامات عاشق السينما سعيد شيمى العملية والنظرية، الذي ارتبط اسمه أولاً
بعدد معتبر من الآفلام الوثائقية الهامة (منها مثلا أبطال من مصر للمخرج
الراحل أحمد راشد وفيما بعد فيلم الصباح للراحل سامى السلامونى)، وارتبط
إنجازه اللافت فى عالم السينما الروائية بتيار الواقعية الجديدة، وتحديداً
الأفلام الهامة لكل من عاطف الطيب ورفيق عمره محمد خان ( ضربة شمس، الحريف،
طائر على الطريق، سواق الأوتوبيس، الحب فوق هضبة الهرم، ملف فى الآداب)،
وارتبط أيضاً بريادته فى تصوير عدة أفلام تدور أبرز مشاهدها تحت الماء ( من
حجيم تحت الماء الى جزيرة الشيطان والطريق الى إيلات).
ولكن إسهاماته فى مجال تقديم الدراسات عن فن التصوير السينمائى والخدع
السينمائية لا تقل أهمية واستحقاقاً للمتابعة، يكفى أن نشير الى بعض
العناوين فقط: "التصوير السينمائى تحت الماء"، "تاريخ التصوير السينمائى فى
مصر من 1897 الى 1996"، أفلامى مع عاطف الطيب"، "الخدع والمؤثرات فى الفيلم
المصرى _ جزءان"، "اتجاهات الإبداع فى الصورة السينمائية المصرية"، "تجربتى
مع الصورة السينمائية _ جزءان"، "سحر الألوان من اللوحة الى الشاشة".
منهج واضح
رغم تعدد العناوين، إلا أن ما يجمع بينها أكبر بكثير من كونها تتعلق
بفن التصوير السينمائى، إنه بالأساس ذلك المنهج الواضح الذى يمزج بسلاسة
بين السرد التاريخى والأسس النظرية والتجربة العملية معاً، فكأنها مراجع
هامة ترضى المتخصص والهاوى، تشبع فضول المستكشف، وتقدم المعلومات الوفيرة
للدارس والمحترف، وليس لدينا فى المكتبة السينمائية العربية إلا أقل القليل
من الكتب التى نجحت فى تحقيق هذه المعادلة الصعبة.
أما الصفة الثانية فى كتابات سعيد شيمى فهى تأكيدها المتواصل على أن
التصوير السينمائى ليس عنصراً يعمل فى فراغ، إنه جزء من عناصر الفيلم
السينمائى، الصورة السينمائية لها وظيفتها المحددة ارتباطاً بالدراما،
المسألة ليست إضاءة المنظر مثل "فرح العمدة"، ولا تقديم كادرات جميلة
والسلام، ولكن نجاح الصورة السينمائية يتصل عضوياً بقدرتها على التعبير عن
أجواء السيناريو، وبقدرتها على ضخ الحياة فى شريط السينما، لتتحول الأطياف
والأشباح على الشاشة الى أحاسيس متجسدة، ومشاعر وعواطف وأفكار، عن طريق
التكوين واللون والحركة وأحجام اللقطات والمؤثرات البصرية.
ثالثاً: تاريخ التصوير السينمائى فى كتب سعيد شيمى ليس منفصلاً عن
تاريخ المجتمعات وتطورها، ولا عن تاريخ كل الفنون، كما أنه جزء اساسى من
تطور فنون وعلوم السينما نفسها، لا تصف المؤلفات ما سجلته شرائط الأفلام من
خلال الكاميرا، ولكنها تقوم بتفكيكه وتحليله ووضعه فى سياقى الزمانى
والإنسانى، هنا أهمية مضاعفة لمنهج الكتابة، وإلا تحولت الكتابة عن الصورة
السينمائية الى منهج تعليمى لحرفة من الحرف وكفى، الحرفة وتفاصيلها فى تلك
الدراسات ليست غاية، ولكنها وسيلة للوصول الى الدرجة الأعلى وهى الفن.
كتاب "الصورة السينمائية من السينما الصامتة الى الرقمية" يحتذى أيضاً
نفس المنهج، رغم أن القفزات هائلة بين كاميرات فجر السينما وآلات العرض
والعدسات فى عصر لوميير، وتلك الأجهزة والكاميرات الأسطورية الطائرة
والهائمة فى عصر التكنولوجيا الرقمية، ورغم انحياز سعيد شيمى الصريح الى
عصر السينما الرقمية القادم دون التغاضى عن إنجازات عصر السيليولويد
العظيمة التى يحللها بالتفصيل، إلا أن المعنى الأهم الذى يرسخ فى ذهنك،
وكما يقول بعض مديرى التصوير الكبار فى نهاية الكتاب، هو أن كل المعدات
والأجهزة ، قديماً وحديثاً، ليست فى النهاية سوى "باليتة" ألوان يستخدمها
الفنان، يقولون :"التكنولوجيا لا تصنع فناً وإنما الفنان هو الذى يصنع
الفن"، "الفن لا يخرج من الكمبيوتر أو الكاميرا الرقمية أكثر مما يخرج من
أنبوبة زيت الرسم"، "التكنيك لا يحل محل الأفكار والأسلوب لايحل محل
المحتوى " .. إلخ
دعونى أضيف، وقد امتلأت دهشة بالإستعراض المذهل الذى قطعته رحلة
الصورة السينمائية، إن هذه السهولة وتلك الإمكانيات الهائلة التى يسّرتها
الثورة الرقمية فى صناعة الأفلام تبدو مأزقاً حقيقياً لأى فنان، ذلك أن
الفن اختيار وتوظيف للإمكانيات، وليس مجرد لعبة بصرية عشوائية، يكفى ان
نشاهد الاستخدام الكارثى لما يطلق عليه sky cam فى الأفلام المصرية الجديدة حتى نفهم خطورة هذه السهولة، هذا الجهاز
العملاق الذى يحمل الكاميرا كرافعة أسطورية الى ارتفاعات هائلة، وتلك
الكاميرا التى يحركها مدير التصوير ويشاهد صورتها كيفما شاء وفى كل
الإتجاهات وهو جالس فى مكانه، تحولت الى لعبة بصرية مزعجة، شئ أقرب الى
مراجيح مولد النبى، ولكن على شاشة بيضاء.
الفيلم والحلم
قام المؤلف بتقسيم كتابه الى أربعة أبواب تحكى قصة الصورة السينمائية
من الفيلم الى الحلم الرقمى الذى أصبح واقعاً مكتسحاً، فى الباب الأول نبدأ
الحكاية من أولها، تلك الأسس البصرية التى لولاها ما كانت السينما، خاصية
ثبات الرؤية، دور علماء البصريات الأوائل، القواعد التى اكتشفها الحسن ابن
الهيثم، السينما كخدعة لا تتحرك فيها الصورة فى الواقع، ولكن يتوالى عرض
الكادرات بسرعة معينة، فتدركها العين متحركة، إسهامات إديسون صاحب أول
استديو للتصوير السينمائى فى التاريخ، العرض الأول فى باريس للأخوين لوميير
الذى يؤرخ به لمولد السينما، ورغم أن هذا العرض كان مقابل تذاكر، إلا أن
الأخوين لوميير لم يستطيعا تصديق وجود أى مستقبل اقتصادى لهذا الإختراع.
فى الباب الأول إسهامات جورج ميلييس، أفلامه الخيالية، اكتشاف لغة
الصورة وإمكانيات الحركة والخدع، نشأة هوليوود ومشكلات بدائية وضعف حساسية
الأفلام مما استلزم المبالغة فى دهن وجوه الممثلين والممثلات باللون
الأبيض، مولد التعبيرية الألمانية وأفلامها الهامة، نهج التصوير الكلاسيكى
فى الأفلام الأمريكية، بزوغ نظام النجوم فى الدانمرك أولا ثم وصوله الى
هوليوود.
الباب الثانى يستعرض بالتفصيل سنوات النضوج: ظهور الصوت الذى سجن
الكاميرات فى حجرات خاصة حتى لايُسمع صوتها، كما أنه حدد حركتها حتى لايتم
اكتشاف الميكروفونات الضخمة، ولكن الفن سيتحايل مرة أخرى من أجل تحرير
الصورة: سيتم تطوير الكرين لخدمة السينما الإستعراضية، سيظهر كاتم صوت
للكاميرا بدلاً من الحجرات الكبيرة، سيولد الفيلم الوثائقى وسينما الحقيقة
والجرائد السينمائية التى تسجل الحروب، ستظهر الواقعية الإيطالية من وسط
الأنقاض، وبرغم ضعف الإمكانيات وغياب الأستديوهات، يظهر التليفزيون فترد
السينما بإمكانيات استخدام الألوان والسينما المجسمة والسينما سكوب فى
الخمسينات، تصبح الكاميرا الحرة محوراً للموجة الجديدة فى فرنسا التى تؤثر
فى سينما العالم كله، يستمر التطوير بظهور عدسات الزووم فى بداية عقد
الخمسينات كعدسة تستخدم فى الأفلام الإخبارية، تظهر الكاميرا السينمائية
العاكسة، تنجح تجارب التصوير تحت الماء، نصل الى التصوير فائق السرعة فى
الأبحاث العلمية.
فى الباب الثالث الذى يحمل عنوان سنوات الإستنارة يستعرض المؤلف
اكتشافات إمكانيات الألوان، والتجارب التى قدمتها سينما أوربا الشرقية
وجنوب شرق آسيا، ظهور التليفزيون الملون وكاميرا الفيديو وابتكار الفيديو
المساعد لكاميرا السينما الذى أتاح للمخرج أن يشاهد الصورة أثناء تصويرها،
لولا هذا الإبتكار ما أتيح استخدام الكاميرا الملتصقة بجسد المصور (steady
cam)، أو الكاميرا التي تحملها رافعة هائلة (sky cam)، أو حتى الكاميرات التى تقوم بالتصوير من الطائرات، بل إن هناك
اليوم طائرات صغيرة يمكن تحريكها عن بعد حاملة كاميرات صغيرة، مما يعطى
إمكانيات اسطورية للتصوير فى كل الإتجاهات والإرتفاعات.
وفى الباب الرابع يرصد المؤلف سنوات التغيير، الدخول الى عصر الصورة
الرقمية التى أتاحت بناء عالم افتراضى كامل باستخدام البرامج المختلفة مما
أتاح تصوير فيلم مثل "300" المذهل فى استوديو صغير، ثورة كاملة فى التكلفة
وإمكانيات الخدع البصرية، وحرية لا حدود لها فى تجسيد أكثر الأحلام جموحاً،
ظهرت الكاميرات الرقمية التى تحسنت نتيجتها لتقترب صورتها من جودة الفيلم
السينمائى، بدأ ترميم الأفلام رقمياً بجودة مدهشة، ظهر مخرجو دوجما 95
الذين اعتمدوا على التصوير بالكاميرات الرقمية، ظل مع ذلك بعض المخرجين
يرفضون الإستغناء عن التصوير مباشرة على الفيلم السينمائى، قال ستيفن
سبيلبرج بكل وضوح :"الفنون تحاكى شيئاً ما بداخلنا، سأصور كل أفلامى على
الأفلام السينمائية حتى إغلاق آخرمعمل سينمائى".
العلم والفن
بناء الكتاب بهذه الطريقة المتماسكة لا يضع العلم فى مواجهة الفن،
القضية محسومة تماماً، التكنولوجيا والعلم أداة لخدمة فن الصورة السينمائية
وصنّاعها الكبار من المصورين والمخرجين، ستجد دوماً الإشارة التفصيلية
للإنجاز الفنى مستفيداً من الإنجاز التقنى، لا معنى للعدسات دون وجود مخرج
مثل جريفيث استطاع أن يستفيد منها، وتمكن من الإستفادة من إمكانيات المنظر
الكبير، لم يكن ممكناً أن يتطور الكرين أو التصوير تحت الماء دون مواهب
استثنائية مثل فريد استير وجنجر روجرز واستير ويليامز، ما كان يمكن أن يكون
للصورة السينمائية هذه القدرة التعبيرية الخارقة فى مشهد سلالم الأوديسا
الشهير بفيلم "البارجة بوتومكين" لولا عبقرية سيرجى إيزنشتين، واكتشافه
لعالم المونتاج الساحر، ما كان يمكن أن تكون الصورة السينمائية فى الأفلام
العظيمة بمثل هذا الثراء لولا المرجعيات التشكيلية واللونية التى اعتمد
عليها مخرجين كبار مثل أنطونيونى وكوبريك وكيروساوا وكيشلوفسكى وفيللنى
وبرجمان وبارادجانوف وليلوش وشادى عبد السلام وتاركوفسكى.
يظل هدف التطور دائماً أن تُصنع أفلام كبيرة وعظيمة يمتلئ الكتاب
بتحليل أمثلة لها مثل "أوديسا الفضاء 2001" و"صرخات وهمسات" و"أحلام" و"ساتيركون"
و"المومياء" و"تكبير الصورة" و" أندريه روبلييف"، هناك كذلك وقفة طويلة مع
تجارب كبار مديرى التصوير مثل الإيطالى فيتوريو استورارو (الملتزم والتانجو
الأخير فى باريس وسفر الرؤيا الآن)، والسويدى سفن نيكفست (أفلام برجمان)،
والأمريكى جوردون ويليس ( الأب الروحى بجزءيه الأول والثانى).
يعطى سعيد شيمى هذه الإنجازات الفيلمية حقها شرحاً وتحليلاً، وخصوصاً
فيما يتعلق بخلق الجو والمعنى الدرامى للألوان، ولكنه يعود للتأكيد على أن
المستقبل للصورة الرقمية وليست الفيلمية، فى الحقيقة لا يخلو فيلم الآن من
هذا التدخل الرقمى فى مراحل عملياته أو إنتاجه، ومن المستحيل إنتاج الأفلام
الخيالية بدون التكنولوجيا الرقمية.
تبدو مارلين ديتريتش وكأنها تنظر بعين الى سحر الفيلم، وبعين أخرى الى
أعاجيب التكنولوجيا الرقمية، ربما يكون ذلك تفسيراً آخر للغلاف البديع
للكتاب بعد الإنتهاء من قراءته، أظن أن الفنان سيستفيد من الصورة الرقمية
بشرط أن تكون فى مستوى ما يحققه له الفيلم القديم، زادت حساسية الفيلم فمنح
ذلك المصورين القدرة على محاكاة اللوحات العظيمة عن الأحداث التاريخية، لو
حققت الصورة الرقمية حلم المصور ستكتسح الميدان، أما لو كان المبرر مجرد
خفض التكاليف، فإن كثيرين لن ينحازوا الى الصورة الرقمية.
ستظل صورة مارلين بالأبيض والأسود تتحدى الصورة الرقمية القادمة،
وستظل كتب سعيد شيمى عنواناً للدراسة السينمائية الجادة، ودليلا على العشق،
وبرهاناً على أن الصورة مرآة للحياة بكل ما فيها، لو كانت لدينا فضائيات
لها علاقة بالأفلام وبالسينما حقاً، لخصصت برنامجاً يقدم فيه المصور الكبير
حصاد دراساته مدعومة بالأفلام والمشاهد، ولكنهم يتاجرون فقط فى الصور
والأفلام، دون أن يقرأوا شيئاً عنها، ودون أن يفهموا معنى نظرة مارلين.
مغامرات الفتى "تتّح".. نصف ضحكة ورُبع فيلم!
محمود عبد الشكور
فى كل مرة يقدم محمد سعد فيلماً جديداً، أعود تقريباً الى نفس الكلام
الذى يبدأ بالتأكيد على أنه مشخصاتى موهوب، وأنه من نفس "قماشة" الكوميديان
الراحل أمين الهنيدى، أحد أهم المرتجلين المصريين، لأنتهى بالإشارة الى أن
معظم ما قدمه سعد، سواء كان مضحكاً أم سخيفاً، لا علاقة له تقريباً بهذا
الشئ المركب المسمى "الدراما الكوميدية"، وأنه أقرب الى عروض "الفرجة
الشعبية الضاحكة"، هذا هو بالضبط توصيف ما نراه كل عام من عرض الرجل
الواحد، الذى يعتمد على شخصية واحدة، ومشاهد متتالية مصورة على شريط يعرض
فى صالات السينما.
فيلم "تتّح" لا يخرج عن هذا التصنيف، الفروق عموماً بين تجارب محمد
سعد فى الحقيقة ليست كبيرة، وكأننا أمام "باترون" يتكرر على النحو التالى :
شخصية محورية يتفنن سعد فى تجسيدها، وتعتمد بالأساس على الأداء الحركى
واللفظى والغنائى، وخيط رفيع وضعيف تسير عليه الشخصية يتجه بالضرورة الى
العشوائية والتلقائية، مع انطلاق لا نهائى الى فنون الفرجة الشعبية التى
تتنوع بين مقالب الأراجوز وفن القافية بل وحتى حركات السيرك، وكلها فنون
تلامس المتفرج، ولعلها من الأسباب الأساسية فى تجاوب الجمهور مع سعد (وهو
أمر مشهود وواضح)، ولكن لا علاقة لها بالدراما الكوميدية.
تتمايز التجارب فقط فى مدى ظُرف الشخصية المقدمة أو غثاثتها، وفى مدى
نجاح سعد فى تقديم العرض أو فشله فيه، وفى مدى الصنعة أو التلقائية الفطرية
التى شاهدتها عند سعد حتى على مسرح جامعة القاهرة، بخلاف ذلك فإنه من الصعب
أن تتحدث عن أفلام متماسكة، هى فى الحقيقة مشاريع أفلام، أو رسم "كروكى"
تسبح فيه الشخصية المحورية، ويبدأ منه العرض حول البطل الواحد.
المشكلة والمأزق
مرة أخرى، تبدو مشكلة سعد شبيهة بالتحديد بمشكلة ومأزق أمين الهنيدى،
المرتجل العظيم، الذى عثر على نصوص قليلة جيدة، جعلها مدهشة بموهبته
وارتجالاته، ثم عمل عى نصوص "أى كلام" معتقداً أنه يستطيع أن يكمل كل
الثغرات، ويحل أزمة ضعف المعنى والمبنى، وكانت النتيجة أن الهنيدى انطفأ
بسرعة صاروخية.
محمد سعد مازال مستمراً، موهبته قوية بلا شك، ولكن بوادر الوهن عبّرت
عن نفسها بوضوح فى تذبذب مستوى الشخصيات التى يختارها، والدوران فى إطار
نفس طريقة التناول، لدرجة أنك تسمع أحياناً فى فيلم "تتح" صوت شخصية سابقة
قدمها سعد، ولا ينقذ العمل فى النهاية إلا تلك القدرة الهائلة لدى سعد على
الإضحاك، ولكن الإضحاك شئ، وفن الكوميديا أمر آخر أكثر تعقيداً.
"تتّح" لا يوجد فيه سوى هذه الشخصية الغريبة، بائع جرائد فقير لا
يختلف عن الشخصيات العشوائية المهمشة التى لعبها سعد (من اللمبى الى عوكل
وغيرهما )، والتى يشترط فيها الغرابة فى كل شئ من الاسم الى طريقة الكلام
والمشى بل وحتى الموقف المحورى الذى تنطلق منه الأحداث، ولا نقول الدراما،
يقولون إن هناك نص يشتغل عليه سعد فى أفلامه، ولكننا لم نقرأ النصوص، وإنما
ننقد الفيلم كما يظهر على الشاشة.
ما رأيناه فعلاً ليس إلا نصف ضحكة، بمعنى أن مستوى الضحك فى الفيلم
يعلو ويخفت حسب ارتجالات سعد، وما رأيناه هو بالكاد، وبكثير جداً من
التسامح، هو مجرد "ربع فيلم"، أو شروع فى كتابة، وريقات متناثرة باهتة، بل
إن حبكة العمل كله تبدو وهمية، الصراع أيضاً وهمى لدرجة أنك تنسى أصلاً،
بسبب التفريعات، ما هى المشكلة الأساسية، ناهيك بالطبع عن الفبركة
والاستسهال والاستخفاف والعبثية التى تظلل كل شئ.
الهدف هو أن يقدم سعد عرضه الشعبى المتواصل، لا يهم القفز فوق الدراما
لأنها غير موجودة من الأساس، وبالتالى لا يوجد أى خضوع لمبدأ أن المشهد
الفلانى يقودك الى المشهد العلانى، لدرجة أنك تستطيع بسهولة أن تقدم وتؤخر
كيفما تشاء، ولدرجة انك تستطيع من خلال هذا "الكروكى" أن تذهب بالبطل الى
القمر مثلاً دون أى دهشة، الحقيقة أن العروض الشعبية تتميز فعلاً بهذا
التدفق المرتجل الواضح.
الغريب أنه كان من الممكن بسهولة عمل حبكة بسيطة تتيح لأى مضحك أن
يقدم للجمهور ما ينتظره منه، هكذا كانت تصنع معظم أفلام نجوم الكوميديا فى
زمن الأبيض والأسود، ومع ذلك تظل هناك معالم فيلم متماسك للغاية، ستجد ذلك
حتى فى أكثر الأفلام المصرية ثراء بمفردات عروض الفرجة الشعبية على
الإطلاق، حتى يومنا هذا، وهو الفيلم الهام "لبلب وعنتر"، أما تجربة سعد
فقد ارتبطت منذ بدايتها مع سينما السبكى، التى تمتزج فيها الكثير من عناصر
العشوائية سواء فى الكتابة أو فى التنفيذ والمونتاج.
غنوة وبسمة ولعبة
لماذا نذهب بعيداً ولدينا المولود الجديد لتعاون سعد/ السبكى وهو
"تتّح"؟ الفكرة بسيطة، ولو وقعت فى يد أبو السعود الإبيارى لصنع منها
فيلماً كوميدياً بسيطا لاسماعيل ياسين، ولكن انظر ماذا رأينا على الشاشة
بعد تنفيذ سيناريو تقول العناوين أنه من تأليف سامح سر الختم ومحمد نبوى.
الشخصية العشوائية الفقيرة التى توزع الجرائد، يمكن أن يسعفها الحظ
بأن تحقق الثراء، فتخرج من أزمتها، ولكن السيناريو يقوم بفبركة حكاية عجيبة
مضطربة للغاية، لمجرد أن يتيح لبطله الإنطلاق بين الضحك والغناء واللعب
أحياناً، وباستطرادات غريبة تستخف بالعقول.
البائس "تتح" فاشل حتى فى توزيع الجرائد، عالمه محدود، معظم وقته
يخصصه لرعاية ابن اخته الشاب "هادى" (عمر مصطفى متولى)، لا نعرف الكثير عن
"تتّح" سوى أنه فشل فى الإلتحاق بالجامعة، ويريد لابن اخته أن يكمل تعليمه،
فى عالم "تّتح" أيضاً جارة تتحرش به (مروة)، والدها جزار صاحب العمارة (سيد
رجب)، وأمها امرأة شرسة (هياتم)، يبدو بطلنا أقرب الى الكارتون المتحرك
بمشيته وبلسانه الممدود وبنطقه الأبتر للحروف على طريقة اللمبى، نموذج آخر
مهمّش يمشى بجوار الحائط، لدرجة أنه يتنازل عن شقته، وينتقل الى شقة أخرى
فى السطوح، لمجرد أن يأكل "لحمة ضانى".
رغم المبالغات الكاريكاتورية التى أصبحت من لوازم سعد، إلا أن هذه
الشخصيات، والحارة نفسها، يمكن أن تجد أصلها فى أفلام الأبيض والأسود، أى
أن البداية يمكن تطويرها الى حبكة بسيطة للغاية، تستوعب ضحك ولعب سعد، ولكن
الفوضى تعصف بكل شئ عندما يفبرك الفيلم عملية إلقاء القبض على "تتح" أثناء
بيعه الجرائد داخل الحرم الجامعى، كل ذلك لكى يقابل جاره الغامض فكرى (سامى
مغاورى)، فيأخذه الى مغامرة عبثية تماماً.
أصارحكم القول أننى عملت عقلى بعقل أصحاب الفيلم، وحاولت أن أستوعب
الحبكة الموهومة، فاصابنى الصداع النصفى، , وأشك أن "تّتح" نفسه قد فهم
شيئاً، يقول الجار الذى كان "تتح" يظن أنه شاذ جنسياً، أن لديه قصة غريبة،
أولا هو ليس اسمه فكرى، وإنما سلطان، ثانيا: لقد نجح فى تكوين ثروة هائلة
تقدر بسبعة ملايين جنيه من المضاربة فى البورصة (أى والله قال له ذلك)،
ولكن الطباخ المليونير (!!) تعرض للنصب من رجل آخر استطاع أن يأخذ عليه
أوراق وكمبيالات.
المطلوب أن يقوم "تتح" باسترداد هذه الأوراق، وبالتالى حصول فكرى ،الذى
هو سلطان، على ملايينه السبعة، على أن تكون مكافأة "تتح" 2 مليون جنيه،
ولكن الأوراق عند فتاة اسمها أميرة (دوللى شاهين)، هى قريبة النصاب، ومع
ذلك، فقد تعاطفت مع الطباخ المليونير من باب الإنسانية!
تصوروا أن تتكدس هذه المعلومات العبثية فى مشهد مفبرك داخل السجن،
لينطلق سعد بعد ذلك فى محاولة الحصول على الأوراق من أميرة، ولأنه حصل على
أرقام من سلطان، يبدأ فى تجربة حظه عشوائياً معتقداً أنه وصل الى الشخصية
التى تمتلك الورق، فى نفس الوقت الذى يقوم اقارب أميرة باختطافها لمنعها من
منح الورق للفتى "تتح"!
كل هذا العك، وكل هذه الخيوط البائسة، ليس لها أى هدف سوى أن يقابل
سعد المغنية الشعبية بوسى فيغنى معها فى فرح ريفى، ويلقى خطبة عن خطورة
تزويج البنات فى سن صغيرة، ثم يلتقى الكوميديان المخضرم سمير غانم ليقدم
معه اسكتشاً آخر،ثم ينجح فى إحباط عملية سرقة أحد البنوك فى مركز تجارى
كبير، فى كل مرة يريد الورق، فتدفعه الأحداث الى ورق من نوع آخر، وبمفارقات
تدخل تحت بند العبط.
لايمكن أن تتحدث عن صراع من أى نوع، وإنما مشاهد منفصلة، حتى مختطف
الفتاة (نبيل عيسى)، وجد نفسه يكرر الصراخ والجرى بلا معنى، الكاميرا دوما
مع "تتح" الذى يتكلم فى كل شئ من الجمعية التأسيسية والإستفتاء الى الملابس
الداخلية، وعندما سألوه :" ماذا تريد من مصر؟"، قال:" أنا مش عايز منها
حاجة، أنا اللى باسأل.. هيّة اللى عايزة منى إيه؟".
يظل الخط الوحيد المتماسك هو علاقة "تتح" ورعايته الأبوية لابن اخته
رغم أن الشاب يمكنه العمل بسهولة لمساعدة نفسه، ربما يكون هدف المغامرة
كلها القوا بأن المصريين يأكلون بعضهم بعضاَ، أو على حد تعبير سعد "كل واحد
ماسك فى زمّارة الثانى"، ولكن ما علاقة ذلك بوصول تتح الى الثروة بخبطة
عبيطة ساذجة بعد الحصول على مكافأته من الطباخ الثرى؟
لاشئ جديد فى تلاعب سعد بالألفاظ ، عبارة "الخال والد" مثلاً تتحول
الى "الخال خالد" وهكذا، يبدو واضحاً فى كثير من المشاهد ارتجالات سعد سواء
فى الحوار أو الحركة، بالطبع هو الذى يحدد إيقاع المشهد والفيلم كله، فى
أحيان كثيرة، بدا كما لو أننا نشاهد شيئاً أقرب الى نسخة العمل الأولية،
لابد أن هوس اللحاق بالموسم الصيفى وراء مجرد لصق المشاهد مع بعضها البعض،
لدرجة أن الانتقال المتوازى بين تتح والفتاة المخطوفة ظل مثيراً للسخرية
أكثر من إثارته للتشويق أو التوتر.
الى متى يستطيع محمد سعد مواصلة عرضه المنفرد؟ وهل ينفد جراب شخوصه
العشوائية قريباً؟ أسئلة ستجيب عنها الأفلام القادمة، وإن كنت أعتقد أن
عشوائية مرحلة ما بعد اختطاف الثورة المصرية، ستمنح العرض المنفرد مزيداً
من الوقت الإضافى، سواء فى بحث الجمهور عن الضحك وسط زمن الإكتئاب الوطنى
الذى تسبب فيه الإخوان، أو سواء فى عدم البحث عن منطق على الشاشة، لأن هذا
المنطق غير موجود أصلاً فى الواقع المعاش.
عين على السينما في
10/05/2013
إخراج فرانسوا أوزون وبطولة فابريس لوتشاني
«في
البيت» فيلم فرنسي شديد الغموض
عبدالستار ناجي
تذهب السينما الفرنسية، في نسبة كبيرة من مفاجآتها الى البعد النفسي
والفلسفي المقرون بالغموض، والذي يجعل المشاهد ملتصقا بالشاشة، وهو يبحث عن
تلك الخطوط التي تتطور وبايقاع بطيء، بعض الشيء، وبلا موسيقى، في أحيان
أخرى، وهذا ما نتابعه في أحدث نتاجات المخرج والكاتب الفرنسي فرانسوا
أوزون، والذي يحمل عنوان «في المنزل» معتمدا على نص مسرحي رائع بالاسم نفسه
كتبه خوان مايورجا.
وللذين لا يعرفون المخرج فرانسوا أوزون، نشير الى انه واحد من أبرز
صناع السينما الفرنسية في هذه المرحلة من تاريخها، وفي مسيرته كم من
الابداعات السينمائية العالية الجودة، والتي احتفت بها مهرجانات كبرى، مثل
كان وغيرها، ومن أبرز تلك الاعمال التي قدمها يأتي فيلم «حوض السباحة -
2003»، و«ثمانية نساء - 2002» و«تحت الرمال -2000»
و«بوتس - 2010»، و«وقت الحب - 2005» وغيرها.
مشيرين الى ان فيلمه الاخير، «في البيت» كان قد فاز بجائزة تورنتو
وسان سباستيان وعدد آخر من المهرجانات السينمائية.
الحكاية باختصار شديد، صبي في السادسة عشرة من عمره يبدأ بكتابة
مذكرات يومية، الى استاذه في مادة الادب، يتحدث خلالها عن دخوله الى بيت
صديقه في الفصل، يروي بها أدق التفاصيل الحياتية واليومية، مما يجعل المدرس
يتورط في متاهات تلك اللعبة الخطرة التي تعرفه على أدق التفاصيل الحياتية
لتلك الاسرة والعلاقات التي تحركها... ولا ينتهي الصبي عند ذلك الحد، بل
يبدأ في الزج بأستاذه الى متاهات أخرى، حينما يكشف في مذكراته عن علاقات مع
أم صديقه... وغيرها من الحكايات.
في تلك الفترة يبدأ المدرس باطلاع زوجته على كل ما يكتبه هذا الطالب،
فأين ستذهب زوجة المدرس... كل الاحداث تقود الى متاهات لا تكاد تنتهي...
عبر كمية من العلاقات المتداخلة... التي تكشف لنا أحاسيس تلك الشخصيات،
ابتداء من الطالب الى المدرس الى بقية الشخوص... فمن ورط الآخر في تلك
اللعبة، الطالب... او المدرس... والى أين يسعى كل منهما... هذا ما يكشف عنه
هذا الفيلم يقوم الذي يقود المشاهد، كما يقود المدرس والطالب من غموض الى
آخر... حتى يشعر المشاهد انه تورط «حقا» في متاهات تلك اللعبة الذكية التي
صاغها سيناريو العمل... ومن قبلها العرض المسرحي في الفيلم بدور المدرس
النجم الفرنسي القدير فابريس لوتشاني الذي نضجت تجربته... وعمقه، ومعه في
الفيلم بدور زوجته كرستين سكوت توماس، وبدور ام الصديق الممثلة سيغنر
ايمانويل وبدور الشاب كلود غارسيا دارنست امبير.
يأخذنا المخرج فرانسوا أوزون الى دراما مثيرة للاهتمام حول مدرس في
الثانوية يعيش حالة من الارتخاء تقترب من النهاية، وسرعان ما يجد نفسه وراء
مذكرات يكتبها اليه أحد طلباته مشبعة بالخيال... والالتواء... والغموض.
مذكرات طالب، توقظ بداخل ذلك المدرس لمادة الأدب الفرنسي خياله الخصب...
وذاكرته... وليقود كل منهما الآخر الى مغامرة شديدة الغموض... ولربما خارج
اطار السيطرة في تداعي أحداثياتها النهائية، مما يجعل السيناريو مفتوحا على
جميع الاحتمالات والتأويلات.
هنالك جملة تتكرر في مراحل الفيلم، البداية والوسط والنهاية تقول: «ان
تستمر» فالى أي اتجاه ستمضي تلك الاستمرارية... والى أين ستقود تلك
الاستمرارية كل تلك الشخصيات، بالذات، المدرس والطالب... خصوصا حينما يبدأ
المدرس بحث الطالب في اتجاهات أكثر جرأة... وحث الشاب على حب شخصياته...
كل شيء يبدأ من خلال «الحسد والرغبة» عند ذلك الطالب الذي يتحدث عن
ذكرياته مع صديقه وأسرته... فأين سيقود المدرس ذلك الطالب الذي اكتشف لديه
الموهبة في الكتابة، وراح المدرس يحفز بداخله تلك القدرات مع التحكم في
لعبة التوجيه، التي تفلت منه... فالى أين ستصل تلك اللعبة الخطرة.
لعبة يتورط بها الجميع، الطالب وأسرة صديقه وبالذات الأم والزوج،
وايضا المدرس وزوجته «الممثلة الكبيرة كرستين سكون توماس، خصوصا، حينما
تتورط في قراءة المذكرات... وتجد نفسها متورطة في تلك المتاهة.
فيلم يجعلنا ندور في عوالم بين ما هو حقيقي، وبين ما هو مكتوب ومتخيل،
سواء من قبل الطالب... او المدرس... او في مرحلة لاحقة زوجة المدرس.
كل ذلك يجري في فيلم «في البيت» حيث نجد أنفسنا كمشاهدين جزءا من ذلك
البيت... عندها تبدأ لعبة التخيلات...
وهي دعوة لاكتشاف السينما الفرنسية... وايضا المخرج القدير فرانسوا
أوزون... والنجم المتميز فابريس لوتشاني... الذي يعتبر أحد أبرز نجوم
المسرح والسينما في فرنسا اليوم.
ويبقى ان نقول...
«في البيت» فيلم فرنسي... شديد الغموض.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
10/05/2013
دوللي شاهين:
{تتح} فرصة عمري
كتب الخبر: أمين
خيرالله
بعد غياب طويل، عادت الفنانة دوللي شاهين إلى السينما مع الفنان محمد
سعد في فيلمه السينمائي الجديد «تتح» الذي استقبلته دور العرض أخيراً.
في لقائها مع «الجريدة» تحدثت دوللي عن الفيلم معتبرة أن عملها مع
محمد سعد فرصة عمرها سينمائياً نظراً إلى جماهيرته الواسعة.
·
من رشحك للعمل في فيلم «تتح»
أمام الفنان محمد سعد؟
فوجئت بالشركة للفيلم تتصل بي لتخبرني بترشيحي لفيلم بعنوان «هذا
الرقم غير موجود بالخدمة» وهو الاسم المبدئي لـ{تتح»، فوافقت على الفور من
دون إبداء أي شروط لعلمي بوجود النجم محمد سعد.
·
ماذا يمثل لك فيلم «تتح»؟
أعتبر محمد سعد أفضل الكوميديين في العالم العربي ويتمتع بشعبية
كبيرة ودخولي في تجربة فنية معه يعتبر تحدياً جديداً لي. عموماً، انتظرت
مثل هذا العمل الكبير طويلاً وأعتبره باب الدخول في مرحلة جديدة لحياتي
الفنية، لا سيما أنه يدور في إطار كوميدي وحركة، ما يجعل المشاهد يستمتع
وهو يشاهده.
·
تقدمين دوراً كوميدياً في
الفيلم، ألم تخشي من الفشل في إضحاك الجمهور؟
أحب المغامرات والتنوع وأعشق خوض التجارب الجديدة والمتنوعة، علماً
أني شاركت في أفلام كوميدية سابقاً بالإضافة إلى «سيت كوم»، لكنني أعتبر
«تتح» بمثابة تأكيد على قدرتي في إضحاك الجمهور وأنا كمشاهدة أعشق
الكوميديا التي أعتبرها أقصر الطرق إلى قلوب المشاهدين والجمهور.
·
هل حدثت أية مشادات أو مشاكل أو
أزمات بينك وبين أبطال الفيلم من ناحية أو أي مشاكل بين طاقم العمل من
ناحية أخرى أثناء التصوير؟
على العكس، فالجميع كانوا أصدقاء والفنان الكبير محمد سعد كان يجمعنا
ويحتوينا دائماً بإيفيهاته الجميلة ومواقفه العبقرية التي تنم عن شخصية
قوية ومحبوبة، وكنا نسعد عندما نذهب للتصوير حيث أصبحنا أصدقاء وكانت الروح
السائدة بين الجميع جميلة جداً.
·
ألم تفكري في رفض الدور لأن
أفلام محمد سعد الأخيرة لم تحقق إيرادات كبيرة كما في السابق؟
محمد سعد فنان كبير وإن حدث له بعض الإخفاقات البسيطة فإن ذلك يعود
إلى أسباب كثيرة وجزء كبير منها أن الحالة التي تعيشها مصر لا تشجع الجمهور
على دخول دور العرض السينمائية التي تحتاج إلى حالة مزاجية معينة وروح
معنوية مرتفعة.
·
يلمس من يتعامل معك عن قرب أن
لديك ثقة عالية في النفس، فلماذا هذه الثقة التي يعتبرها البعض مفرطة؟
الحمد لله، فقد رزقني ربنا أكثر من موهبة في آن، الصوت الجميل
بالإضافة إلى قدرتي على أداء أي أدوار تمثيلي، علاوة على الرقص الشرقي الذي
أجيده منذ كنت فتاة صغيرة.
·
أيهما يأتي في الدرجة الأولى
بالنسبة إليك، الغناء أم التمثيل؟
الاثنان متعادلان بالنسبة إلي ولن يطغى أحدهما على الآخر، ويمثلان
وجهين لعملة واحدة وأكن لهما مقدار الحب والاحترام نفسه. عموماً، المجالان
يكملان بعضهما البعض، لكن يبدو للجميع أن التمثيل هو الأهم بالنسبة إلي
وهذا انطباع خاطئ جاء بسبب أن تأثير السينما على المشاهد أقوى من الأغنية
التي يتم عرضها لمدة صغيرة تصل إلى شهر فقط في أحسن الأحوال. أما الأفلام
فتُعرض لمدة طويلة، ويتذكر الجميع مطربين ومطربات كثراً تعرفهم الأجيال
الجديدة بأعمالهم السينمائية فحسب على رغم موهبتهم الغنائية الكبيرة.
·
هل ثمة دور معين تتمنين تجسيده؟
لا، لكنني أتمنى أن أجد دوراً يستفز قدراتي التمثيلية بشخصية مركبة
ومعقدة، وأن أجسد دوراً لفتاة لديها مشاكل نفسية وعصبية أو تعاني عيباً
خلقياً، لأن مثل هذه الأدوار هي التي تصنع النجوم
.
·
ثمة من يتهمك بأنك تتعمدين
الإغراء في معظم أعمالك السينمائية، ما ردك على هذه الاتهامات؟
على العكس تماماً. لا أتعمد الإغراء والدور هو الذي أقدمه يحتم عليّ
بعض التصرفات طبقاً للسيناريو، بالإضافة إلى أنني والحمد لله جميلة ولا
أحتاج إلى الإغراء كي أجذب الجمهور، فالأنوثة ليست عاراً ولا أتصنع شيئاً.
فجر يوم جديد: سعيد مرزوق
كتب الخبر
: مجدي
الطيب
لم تتح لي الظروف زيارة المخرج المُبدع سعيد مرزوق، بعد إصابته بأزمة
صحية أدت إلى بتر ساقه، لكنني كنت أتابع تطور حالته المرضية، إلى أن شاءت
الأقدار أن أزوره أخيراً، وفوجئت بعد عامين من رحلته العلاجية بين مصر
وألمانيا، بأنه لم يغادر أسوار المصحة العلاجية، وأنه لم يعد إلى بيته بعد،
لكنه انتقل من مستشفى في قلب العاصمة المصرية إلى منتجع طبي على طريق
القاهرة الإسكندرية الصحراوي، ليخضع لمرحلة التأهيل والعلاج الطبيعي!
كانت زوجته الرقيقة قد رتبت موعد اللقاء، وفور وصولي إلى المنتجع
استقبلتني بحفاوة أكدت لي أن «وراء كل عظيم امرأة أعظم»؛ فقد كانت رابطة
الجأش، قوية ومؤمنة بقضاء الله، ولديها ثقة كبيرة في أن رفيق حياتها سيجتاز
الأزمة، على رغم صعوبتها وقسوتها، وأبلغتني أن سعيد سيكون معي بعد دقائق،
وفي الموعد المحدد بالضبط أطل المخرج الكبير، وهو جالس على كرسي متحرك، لكن
ابتسامته لم تفارق وجهه البشوش، وفي عينيه نظرة لوم وعتاب لأنني تأخرت في
زيارته، لكنه فرح بحدوثها أخيراً، ولسان حاله يقول: «تتأخر طويلاً خيراً من
ألا تأتي أبداً»!
سألته، وكنت مُحيراً بالفعل، عن السبب في الأزمة الصحية التي باغتته،
فأكد لي أنها وعكة بسيطة أخطأ الطبيب المعالج في تشخيصها، وتأخر في علاجها
فكانت الآثار السلبية التي أدت إلى بتر أصابع قدمه، واستدعت سفره إلى
ألمانيا، حيث اضطر الأدباء إلى اتخاذ قرار عاجل ببتر الساق قبل استشراء
المرض في بقية الجسد، لكنه، وبإيمان عظيم بالله وثقة في مشيئته وتفاؤل لم
يفارقه، راح يُشيد بالدعم المعنوي الذي لاقاه من رفاق مسيرته الفنية
والعاملين في الوسط الفني، الذين لم ينقطعوا يوماً عن السؤال عنه، والدعاء
له، وهو ما ينفي، حسبما أكد لي، كل ما كان يُساق عن ظاهرة الجحود والنكران
وعدم الوفاء التي تستشري في الحقل الفني، وأبدى دهشته لما لمسه بنفسه من
مظاهرة حب عارمة لم تخطر على باله. لكن دهشته انقلبت إلى فرحة طاغية بأولئك
الذين لم يعرفهم يوماً، ولم تربطه بهم علاقة عمل فني أو رباط إنساني، لكنهم
بادروا بالسؤال عنه والاطمئنان على صحته، ولم يتوقفوا عن متابعة تطور حالته
الصحية، سواء في المستشفى أو في منتجع العلاج الطبيعي، ووصفهم بقوله:
«فعلوا معي مالم يفعله أشقائي»!
لم أشأ أن أتدخل بالسؤال عن موقف الدولة المصرية ممثلة بوزارة الثقافة
تجاه ابن من أبنائها المبدعين، لكنه أعفاني من مشقة السؤال وحكى لي واقعة
مخجلة حول صدور قرار بعلاجه في الخارج على نفقة الدولة، وتم رصد مبلغ
ثمانية آلاف يورو، لكنه فوجئ فور وصوله إلى ألمانيا بأن المطلوب منه أن
يُسدد، علاوة على المبلغ الذي خصصته الدولة، ما قيمته 25 ألف يورو، الأمر
الذي دعاه إلى اتخاذ قرار سريع بإلغاء رحلته العلاجية، والعودة إلى مصر لكن
عددا من المصريين العاملين في الخارج، فضلاً عن المطرب محمد منير الذي
تصادف وجوده هناك، تدخلوا ونجحوا في تدبير المبلغ المطلوب، وأكمل رحلته
ولكنه عاد إلى مصر وفي حَلْقه غُصَّة، وفي نفسه مرارة، وجرح لم يندمل حتى
يومنا هذا جراء الإهمال واللامبالاة والبيروقراطية والحسابات غير الدقيقة
للمسؤولين!
صدمة أخرى لم أتوقعها كشف عنها المخرج الكبير سعيد مرزوق عندما أكد لي
أن د. محمد صابر عرب هو وزير الثقافة الوحيد الذي زاره وسأل عنه، بينما لم
يكلف وزراء الثقافة السابقون؛ أمثال: فاروق حسني، د.عماد أبو غازي ود.شاكر
عبد الحميد، أنفسهم مغبة السؤال الهاتفي عنه، على عكس د.أشرف زكي نقيب
المهن التمثيلية السابق، الذي أدى دوراً كبيراً في تأمين نفقات علاجه، قبل
أن يستكمل الدور مسعد فودة النقيب الحالي لنقابة المهن السينمائية، الذي
بذل قصارى جهده في حدود الإمكانات الهزيلة للنقابة، وفقر صندوقها!
سعيد مرزوق لمن لا يعرف قيمته ومكانته مخرج فيلمي «زوجتي والكلب»
(1970) و{الخوف» (1972) اللذين حصدا الكثير من الجوائز، وحفرا اسمه في
قائمة المخرجين الأكثر موهبة والأفضل إبداعاً، إضافة إلى «أريد حلاً»
(1975) الذي كان له فضل تغيير قانون الأحوال الشخصية في مصر، و{المذنبون»
(1976) الذي تسببت جرأته في مناهضة الأوضاع السياسية والاجتماعية في إقالة
اعتدال ممتاز رئيس الرقابة على المصنفات الفنية وعدد من الرقباء، وانتهت
الأزمة بإقالة جمال العطيفي وزير الثقافة آنذاك، وهو أيضاً مخرج أفلام:
«إنقاذ ما يمكن إنقاذه» (1985)، «أيام الرعب» (1988)، «المغتصبون» (1989)،
«أي أي» (1992)، «هدى ومعالي الوزير» (1995)، «المرأة والساطور» (1997)
و{جنون الحياة» (2000). لكنه أسقط من حساباته فيلمي «الدكتورة منال ترقص»
(1991) و{قصاقيص العشاق» (2003) لعدم رضاه عنهما. فهل يستحق مبدع كبير مثل
سعيد مرزوق ذلك الجحود الذي يواجهه من مصر في الوقت الذي تكفلت دولة قطر
بنفقات علاجه؟ وهل يليق بنا أن نهمل في حقه، ونتركه وحيداً يُعاني المرض
والتجاهل معاً؟
«زجزاج»...
قصص واقعية بلا «روتوش»
كتب الخبر: هيثم
عسران
رصد معاناة الشباب بواقعية، والتنديد بنظرة المجتمع السيئة للمرأة
المطلقة، مع أنها تكون ضحية في أغلب الأحيان، وغيرهما من رسائل يتضمنها
فيلم {زجزاج} الذي أوشك مخرجه أسامة عمر على الانتهاء منه تمهيداً لطرحه في
دور العرض في موسم الصيف.
يتمحور فيلم {زجزاج} حول أربع فتيات تجبرهن الظروف على العمل في ملهى
ليلي، لكل منهن مشكلة في حياتها تحاول التغلب عليها... وهو من تأليف أماني
البحطيطي، إخراج أسامة عمر في أولى تجاربه الروائية الطويلة، إنتاج الفنانة
ريم البارودي في تجربتها الأولى في هذا المجال، ويشارك في البطولة: ريم
البارودي، محمد نجاتي، ميرنا المهندس، ياسمين كساب، محمد عاطف، والوجه
الجديد شفق. يجري التصوير بين إحدى الصالات وبين شوارع القاهرة.
يؤكد المخرج إسامة عمر أنه غيّر اسم الفيلم من {كوكتيل} إلى {زجزاج}
لأنه يناسب الأحداث التي تدور في ملهى {زجزاج}، لافتاً إلى حرصه على دمج
المواهب الشابة مع النجوم لضمان عناصر النجاح، ومشيراً إلى أنه أنجز
التحضيرات من ناحيتي تحديد أماكن التصوير وفريق العمل، قبل انطلاق التصوير.
يرفض عمر المقارنة بين {زجزاج} وفيلم {كباريه} الذي يتناول الفكرة
نفسها، موضحاً أن الملهى الليلي الذي تدور فيه الأحداث هو مرقص، وأن
العلاقات بين العاملين فيه خارج الصالة تشكل نحو ثلث مشاهد الفيلم، مشدداً
على أن الحكم سيكون للجمهور بعد عرض الفيلم.
علاقات معقدة
يؤدي محمد نجاتي دور دي جي محترف، تنشأ بينه وبين ريم البارودي قصة
حب، ويحاول إرضاءها بشتى الطرق، فيما يعتمد في مظهره على إطلالة مختلفة
لجهة تصفيف الشعر والملابس، فضلاً عن تشغيله كل ليلة أغنية {زجزاج} ليتعايش
مع الأحداث.
يشير محمد نجاتي إلى أنه تحمّس للفيلم بعد قراءة السيناريو، وأن الدور
مختلف عن الأدوار التي سبق أن قدمها، وأن جزءاً كبيراً من شخصيته في الفيلم
يعتمد على الشكل الخارجي نظراً إلى طبيعة الملهى الليلي الذي تدور فيه
الأحداث، فالشاب الذي يظهر مستهتراً أمام الزبائن تكون حياته مليئة
بالتفاصيل.
أما ريم البارودي فتجسد شخصية {ريم}، فتاة يقع في حبها الـ {دي جي}
ولكن صدمتها من خيانة زوجها الأول لها تحول دون دخولها في علاقة حب جديدة،
فترتبط معه بصداقة ويواجهان سوياً أزمات تحول الصداقة إلى قصة حب في ما بعد.
توضح ريم أن الفيلم يشكل حالة خاصة بالنسبة إليها، وقد أعجبت بدورها
بعد قراءة السيناريو منذ أكثر من عام، إذ كان يفترض طرحه خلال موسم الصيف
الماضي، لكن الظروف الاقتصادية والأوضاع الأمنية أجلت التصوير، مشيرة إلى
أن شخصية ريم تمثل قطاعاً عريضا من النساء اللواتي يتحملن نظرة المجتمع
الدونية للمطلقة رغم أنها ليست السبب في الانفصال عن زوجها.
تضيف ريم أن الفيلم يضم أكثر من رسالة مباشرة للمجتمع، فالمرأة التي
تعمل في الملاهي الليلية ليس بالضرورة أن تكون منحرفة، إذ ثمة فتيات تجبرهن
الظروف على العمل في هذه الأماكن نظراً إلى الأجور المرتفعة التي تدفعها.
ترفض ريم إطلاق لقب فيلم {مقاولات} على {زجزاج}، باعتبار أن موازنة
ضخمة رُصدت له وأُنفقت على الديكورات الخاصة بالعمل وعلى التصوير، مؤكدة أن
الفيلم سيكون تجربة سينمائية شبابية مختلفة.
قصص من الحياة
يجسد محمد عاطف شخصية أمير، شاب يتعرف إلى جارته مريم (شفق) وتنشأ
بينهما قصة حب، لكن الظروف المالية تحول دون ارتباطهما، فهو يحلم بالثراء
السريع ويجعل حبيبته تسرق من أجله بعدما أقنعها بأن هذه الطريقة تسرّع
ارتباطهما مع دخلها من الملهى الذي تعمل فيه، لكنه سرعان ما يتخلى عنها.
بدورها تجسد ياسمين كساب شخصية إيمان، فتاة تضطر إلى العمل في الملهى
الليلي، بعد زواج والدتها (عايدة رياض) كي تهرب من مضايقات زوج والدتها
لها، وتساعد في الإنفاق على تعليم أشقائها الصغار.
أما ميرنا المهندس فتجسد شخصية فتاة تعمل في الملهى بحثاً عن فرصة
مناسبة لتحقق الثراء الذي ينتشلها من الفقر الذي تعيش فيه، فتتزوج رجلا
أكبر منها في السن بعدما أوهمته بحبها له، ويساعدها في ذلك أحد أصدقائها
ولكن سرعان ما ينقلب الزواج عليها ويغير مسار حياتها.
الجريدة الكويتية في
10/05/2013 |