حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

فنون الهند على ضفاف النيل

بقلم   سمير فريد

٢٧/ ٤/ ٢٠١٣

 

ينعقد فى القاهرة والإسكندرية مهرجان «فنون الهند على ضفاف النيل» الذى تنظمه سفارة الهند فى القاهرة مع وزارة الثقافة ومكتبة الإسكندرية وعدة مؤسسات هندية ومصرية لمدة شهر كامل، ويختتم أعماله فى ١٣ مايو القادم.

كان الافتتاح فى ساقية الصاوى بورشة عمل قدمها جيل شويان مصمم الرقص العالمى، الذى صمم رقصات العرض الموسيقى «قصة حب بوليودد» عن الأفلام الموسيقية الهندية، وفى اليوم التالى تم تقديم هذا العرض على المسرح الكبير فى دار أوبرا القاهرة مع فرقة باليه أوبرا القاهرة، واشترك فيه المغنى موكيرش تومار والمغنية بارول ميشرا، وهما من نجوم الغناء الكبار فى الهند.

ويتضمن البرنامج «معرض الفنون البصرية» فى قاعة مركز الهناجر فى منطقة أوبرا القاهرة، و«بانوراما السينما الهندية» فى مركز الإبداع الفنى بنفس المنطقة، وإعادة العروض فى مكتبة الإسكندرية. وكانت المكتبة قد احتفلت فى يناير الماضى بمئوية السينما الهندية التى يحتفل بها مهرجان «كان» فى مايو المقبل، وذلك بعرض أربعة أفلام من إخراج فنان السينما الهندية الأكبر سابقا جيت راى عن أعمال شاعر الهند الأكبر طاغور، وإقامة معرض صور فوتوغرافية ووثائق وملصقات عن سينما راى، وإصدار عدد خاص من النشرة الشهرية للبرامج السينمائية فى المكتبة.

وعلى المسرح الصغير فى أوبرا القاهرة عرض موسيقى كلاسيكى يعاد فى القاعة الكبرى بمكتبة الإسكندرية، وآخر يجمع بين الموسيقى الكلاسيكية والحديثة فى القاعة نفسها، ويعاد فى قاعة النهر بساقية الصاوى فى القاهرة، كما تشهد الساقية من ١ إلى ٩ مايو معرض ملصقات «هل شعرت بروح غاندى فى ميدان التحرير؟»، وهو نتاج مسابقة أقامتها سفارة الهند عن العلاقة بين فلسفة اللاعنف عند غاندى وسلمية ثورة ٢٥ يناير، وفاز فيها الفنان التشكيلى الكبير محمد عبلة بالجائزة الكبرى، وفى ساقية الصاوى يومى ٥ و٦ مايو حوار بين كتاب من مصر والهند، ويعقد فى مكتبة الإسكندرية ٧ مايو. وفى المكتبة يوم ٦ مايو عرض فرقة رقص نريتيا جرام، ويعاد فى المسرح الصغير فى أوبرا القاهرة ٩ مايو. ويختتم المهرجان من ٧ إلى ١٣ مايو فى القاهرة بعروض الطعام والشاى الهندى فى فندق سونيستا بمدينة نصر.

إنه مهرجان رائع من ثمار عودة المثقف الهندى الكبير نافديب سورى إلى القاهرة سفيراً لبلاده بعد أن كان ملحقاً ثقافياً منذ ٢٥ سنة، وكما قال فى تقديم برنامج المهرجان «لقد تأكدت وزوجتى مانى أن من يشرب من ماء النيل لابد أن يعود إلى مصر مرة ثانية». 

من يحتفل بمئوية فريد المزاوى؟

بقلم   سمير فريد

٢٤/ ٤/ ٢٠١٣

كان من التعبيرات المحببة لدى أستاذى وصديقى وجارى الراحل كامل زهيرى، الذى لا أنساه أبداً، تعبير المثلث الذهبى أو المربع الذهبى فى وصف الإعلام والرواد فى هذا المجال أو ذاك من مجالات الثقافة والإبداع.

والمثلث الذهبى للثقافة السينمائية فى مصر فى القرن العشرين هم: أحمد كامل مرسى «١٩٠٩-١٩٨٧»، وفريد المزاوى «١٩١٣-١٩٨٨»، وأحمد الحضرى أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية ليعطى المزيد بعد أن أعطى الكثير.

كان أحمد كامل مرسى مع عدد قليل من جيله من رواد السينما، أول من أشاعوا التعامل مع السينما كفن مثل الفنون العريقة الأخرى، وأنه جزء من التراث الثقافى للأمة المصرية، عندما أسس مع بدرخان ونيازى مصطفى أول جمعية لنقاد السينما عام ١٩٣٥. لذلك اختاره جيل الستينيات من النقاد - الذى انتمى إليه - أول رئيس لجمعية النقاد التى أسسوها عام ١٩٧٢، ويضيق المقام عن ذكر مآثر أحمد كامل مرسى، ومن أهمها «معجم الفن السينمائى»، الذى أصدره مع أستاذ الأدب العظيم الراحل الدكتور مجدى وهبة عام ١٩٧٣. ومع الأسف لم يجمع «مرسى» مقالاته وأبحاثه فى كتاب أو كتب، وقد جمعت منها ما استطعت لتصدر فى مئوية ميلاده عام ٢٠٠٩، ولم أتمكن، وقدمت هذه المقالات لتصدر فى الكتاب الذى يعده عنه الزميل الباحث المتميز محمد عبدالفتاح.

وكان فريد المزاوى مؤسس أول أرشيف معلومات ووثائق عن الأفلام المصرية، وأول مكتبة سينمائية متخصصة، وذلك من خلال إدارته للمركز الكاثوليكى المصرى للسينما الذى تأسس عام ١٩٤٩، وكان أول من تولى إدارته.. وقد أصدر الباحث الدؤوب الدكتور ناجى فوزى كتاباً تذكارياً عن المركز الكاثوليكى فى إطار الاحتفال باليوبيل الذهبى عام ٢٠٠٩، هو من ناحية أخرى عن تاريخ فريد المزاوى..

لكن الأستاذ بدوره لم يجمع مقالاته وأبحاثه فى كتاب أو كتب ومرة أخرى جمعت منها ما استطعت لتصدر فى مئوية ميلاده هذا العام، ولم أتمكن، وقدمتها إلى جمعية النقاد لتصدر فى كتاب بالتعاون مع المركز الكاثوليكى، ولا شك أن «المركز» المؤسسة الأولى التى سوف تحتفل بمئوية «المزاوى».. لكن الاحتفال بهذه الذكرى التى لا تتكرر إلا كل مائة عام واجب كل المؤسسات الحكومية والأهلية المعنية بالسينما، وهى كثيرة والحمد لله، ومن الضرورى فى إطار الاحتفال إعادة نشر كتاب المزاوى «مبادئ الفنون والعلوم السينمائية»، الذى صدر عام ١٩٥٩، والذى يعد من تراث النقد السينمائى فى اللغة العربية. 

حول العالم مع الطبيعة والدفاع عن البيئة الطبيعية

بقلم   سمير فريد

٢٢/ ٤/ ٢٠١٣

يعرض مهرجان أبوظبى الدولى الأول لأفلام البيئة الذى بدأ السبت ويستمر حتى الخميس ١٣ فيلماً فى مسابقة الأفلام الطويلة «أكثر من ٣٠ دقيقة» من ١٣ دولة فى آسيا وأفريقيا وأوروبا، وأمريكا الجنوبية. وتقدم هذه الأفلام فى مجموعها تعبيراً قوياً عن جمال الطبيعة وتدافع بنفس القوة عن البيئة الطبيعية ضد كل أشكال التدمير والتلوث.

العدد الأكبر من الأفلام يأتى من أوروبا، وهى الفيلم الفرنسى «مساكن للحياة» إخراج كليمنس أنسلان عن بناء طريق فى صحراء تشاد، والفيلم الألمانى «بالقرب من السماء» إخراج تيتوس فاشينا عن الحياة فى الجبال، والفيلم البريطانى «مهملات» إخراج كانديدا برادى الذى عرض فى مهرجان كان عن مشكلة القمامة والمخلفات، والفيلم الهولندى «حفيف هولندا» إخراج ستيللا فان بيست عن مشكلة الضوضاء والتلوث الصوتى فى هولندا «!!!!»، والفيلم البلجيكى «يطبخ بنفسه» إخراج فاليرى بيرتو، وفيليب ويتس عن الطعام الطازج والمعلب، والفيلم الكرواتى «رؤية الدكتور أندريه شامبار» إخراج ملادن جوران عن مؤسس منظمة الصحة العالمية، وكلها أفلام تسجيلية.

والفيلم الروائى الوحيد فى المسابقة السلوفاكى «خلود» إخراج إريك بوسناك، والذى يعبر عن رؤية سوداوية لمستقبل الإنسان مع استمرار الحروب وتدمير الطبيعة، ويعبر الفيلم التشكيلى الوحيد فى المسابقة، وهو الفيلم الرومانى «شيرنو سايوريوس» إخراج رادو دينو ليسكو عن رؤية أخرى للمستقبل أكثر سواداً، والعنوان مستمد من شيرنوبيل وكارثة انفجار المفاعل النووى فى روسيا.

ويأتى العدد الثانى الأكبر من الأفلام فى المسابقة من آسيا، وهى الفيلم اليابانى «أرض لا أحد» إخراج توشى فوجيواراً عن كارثة انفجار المفاعل النووى فوكوشيما، والفيلم التركى «قلة من الشجعان» إخراج رويا أرزو كوكسال عن الذين يكافحون للحفاظ على البيئة الطبيعية، والفيلم البنجلاديشى «هل تسمع» إخراج كامار أحمد سيمون عن نتائج العواصف العاتية على حياة الفقراء. ومن أمريكا الجنوبية الفيلم الكولومبى «أرض سيرو ريكو الثرية» عن جبل سيرو ريكو فى بولينيا الذى يحتوى على نصف احتياطى العالم من «الليثيوم».

والفيلم العربى الأفريقى الوحيد فى المسابقة الفيلم المصرى «دبايوا» إخراج سعد هنداوى عن قبيلة فى شرق السودان تعيش فى البيئة الطبيعية وتدافع عنها ضد الطامعين لاستغلال الثروة المعدنية فى المنطقة. 

أبوظبى لأفلام البيئة يفوز بعرض «الأرض الموعودة» و«كون - تيكى»

بقلم   سمير فريد

٢١/ ٤/ ٢٠١٣

عرض أمس افتتاح مهرجان أبوظبى الدولى الأول لأفلام البيئة الذى يستمر حتى الخميس المقبل بإعلان جوائزه الست فى ثلاث مسابقات للأفلام الطويلة والقصيرة وأفلام البيئة من الإمارات، فلكل مسابقة جائزتان الغزال الذهبى لأحسن فيلم وجائزة لجنة التحكيم الخاصة، ولكل جائزة قيمة مالية إلى جانب القيمة الأدبية، ويزيد مجموع الجوائز على مائة ألف دولار أمريكى.

وقد تمكنت إدارة المهرجان برئاسة الزميل الصحفى الإماراتى محمد الحمادى رئيس تحرير جريدة «الاتحاد»، والرئيس التنفيذى الزميل الصحفى المصرى محمد منير، من الفوز بعرض الفيلم الأمريكى «الأرض الموعودة» إخراج جوس فان سانت فى الافتتاح، وعرض الفيلم النرويجى «كون - تيكى» إخراج يواكيم رو نينج وإسبن ساندبرج فى الختام، وكلا الفيلمين من أهم الأفلام العالمية التى أنتجت العام الماضى.

يأتى «الأرض الموعودة» إلى أبوظبى فى عرضه الأول فى الشرق الأوسط من مسابقة مهرجان برلين فى فبراير الماضى، وهو أحدث أفلام مخرجه الأمريكى الذى فاز بالسعفة الذهبية فى مهرجان كان عن رائعته «فيل». وموضوع فيلمه الجديد الذى يشترك فى تمثيله مات ديمون الفساد فى صناعة الطاقة على حساب تلويث البيئة، وقد اشتركت شركة «ايما جيناشن بأبوظبى» الإماراتية العالمية فى إنتاج الفيلم.

 أما فيلم الختام «كون - تيكى» فيأتى إلى أبوظبى من مسابقة الأوسكار الشهر الماضى حيث رشح لأوسكار أحسن فيلم أجنبى «أجنبى بالنسبة إلى أمريكا، والأصح أن تسمى أحسن فيلم عالمى أى من العالم خارج أمريكا»، وهو أكبر إنتاج فى تاريخ السينما النرويجية، ويحقق نجاحاً كبيراً فى كل مكان يعرض فيه، وعرض لأول مرة فى الشرق الأوسط عرضاً تجارياً فى الكويت فى مارس، ويعرض فى أبوظبى فى ختام المهرجان يوم ٢٥ إبريل عشية بدء عرضه التجارى فى أمريكا يوم ٢٦ إبريل. وموضوع الفيلم رحلة ثور هيردال الشهيرة عام ١٩٧٤ لعبور المحيط بقارب من الأخشاب لإثبات أنه كان من الممكن عبوره فى العصور القديمة قبل الاكتشاف الأوروبى لما أطلق عليه أمريكا منذ خمسة قرون، والرحلة من ناحية أخرى كانت تعبيراً عن حياة الإنسان عندما كان يحترم البيئة الطبيعية التى يعيش فيها ويحافظ عليها. 

اليوم افتتاح «أبوظبى لأفلام البيئة» الأول من نوعه فى العالم العربى

بقلم   سمير فريد

٢٠/ ٤/ ٢٠١٣

يفتتح اليوم فى العاصمة الإماراتية أبوظبى المهرجان الدولى لأفلام البيئة فى دورته الأولى التى تستمر حتى الخميس، وهو الأول من نوعه فى العالم العربى والشرق الأوسط.

المهرجانات المتخصصة فى موضوع أو جنس من أجناس السينما لا تقل أهمية عن المهرجانات المفتوحة لكل الأجناس والموضوعات، خاصة فى العالم العربى وأسواق السينما الصغيرة بصفة عامة، حيث لا تستطيع المهرجانات الدولية العامة منافسة المهرجانات التى تقام فى الأسواق الكبيرة.

ومهرجان أفلام البيئة الذى تنظمه شركة «ميديا لاب» يعكس من ناحية اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة، اهتماماً لافتاً على الصعيد العالمى بقضايا البيئة، كما يعبر من ناحية أخرى عن توجه الحكومة لتشجيع إقامة المهرجانات بواسطة الشركات الخاصة ودعمها.

ومن بين عدد الأفلام التى تنتج فى العالم كل سنة، وعددها نحو خمسة آلاف فيلم، هناك عدد محدود للغاية يعبر عن قضايا البيئة سواء من الأفلام الروائية أو التسجيلية أو التشكيلية لا يتجاوز خمسة فى المائة من ذلك الإنتاج. ولهذا لا يزيد عدد الأفلام فى مهرجانات أفلام البيئة العريقة فى أوروبا على ٥٠ فيلماً بحد أقصى من كل الأجناس والأطوال، ويعرض أبوظبى لأفلام البيئة بدوره ٥٠ فيلماً من ٣٢ دولة فى ثلاث مسابقات وعروض خاصة.

هناك صناعات السينما الكبرى فى العالم فى الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا والهند والصين واليابان، وسلوفاكيا ورومانيا وهولندا وإسبانيا وبلجيكا وكرواتيا والنرويج وأستونيا وصربيا والبوسنة والهرسك فى أوروبا، وتركيا وتايوان وإيران وبنجلاديش فى آسيا، وكولومبيا وبولينيا فى أمريكا اللاتينية، ومن العالم العربى مصر ولبنان والأردن وسلطنة عمان وقطر والكويت إلى جانب مسابقة خاصة لأفلام الإمارات إلى جانب مسابقتى الأفلام الطويلة والقصيرة.

ولا يقتصر المهرجان على عروض الأفلام، وإنما يتضمن معرضاً ومحاضرات وورش عمل، ولا تقتصر عروضه على قاعة السينما، وإنما يمتد إلى عروض مسائية على كورنيش أبوظبى. وكل العروض مفتوحة للجمهور من دون تذاكر، وإنما بدعوات خاصة يتم الحصول عليها فى مدخل القاعة مع تسجيل الاسم والعمر والمهنة والجنسية تمهيداً لإعداد دراسات عن الوعى العام بأفلام البيئة، فهذا مهرجان لا يستهدف الربح بامتياز. ومن بين المحكمين التسعة للمسابقات الثلاث الفنانة الكبيرة ليلى علوى التى ترأس لجنة تحكيم الأفلام القصيرة. 

ثلاثة مهرجانات فى إبريل الخليج

بقلم   سمير فريد

١٥/ ٤/ ٢٠١٣

تشهد منطقة الخليج العربى هذا الشهر ثلاثة مهرجانات سينمائية دولية متميزة، فى البداية مهرجان الجزيرة التاسع للأفلام التسجيلية، الذى ينعقد فى العاصمة القطرية الدوحة، ثم مهرجان الخليج فى دبى، الذى افتتح الخميس الماضى، ويختتم بعد غد الأربعاء، ثم مهرجان أبوظبى الدولى الأول الذى يفتتح فى العاصمة الإماراتية، السبت القادم، ويختتم ٢٥ إبريل، وهو المهرجان الأول من نوعه فى الشرق الأوسط.

شهدت الكويت عندما كانت منارة الخليج قبل غزو صدام حسين عام ١٩٩٠، أول مهرجانات السينما والتليفزيون فى المنطقة، وبعدها كانت سلطنة عمان والبحرين، ولكن أول مهرجان انتظم كل سنة، وكان له تأثير كبير على السينما فى الخليج كان «مسابقة أفلام من الإمارات»، التى أسسها المخرج والباحث والخبير السينمائى الإماراتى مسعود أمر الله فى المجمع الثقافى فى أبوظبى عام ٢٠٠١ عندما كان يديره عاشق السينما والفنون محمد أحمد السويدى.

وعندما انتقل «أمر الله» للعمل كمدير لمهرجان دبى السينمائى الدولى لم ينس الخليج، واشترك مع المثقف الإماراتى الكبير عبدالحميد جمعة، رئيس مهرجان دبى، فى تأسيس مهرجان الخليج، الذى يعقد الآن دورته السادسة، كما قاما معاً بتأسيس مسابقة جديدة لأفلام من الإمارات فى إطار مهرجان دبى، حيث تشرفت برئاسة لجنة تحكيم الدورة الأولى عام ٢٠٠١، كما كنت ضيف الشرف فى الدورة الأولى فى أبوظبى عام ٢٠٠١.

وكما كانت مسابقة أفلام من الإمارات فى أبوظبى للأفلام الإماراتية ثم تطورت وأصبحت لكل أفلام دول الخليج، كان مهرجان الخليج لأفلام هذه الدول، ثم تطور وأصبح مهرجاناً دولياً بإنشاء مسابقة خاصة للأفلام القصيرة من كل دول العالم.

أصبح فى مهرجان الخليج أربع مسابقات، ثلاث لأفلام الخليج الطويلة والقصيرة وأفلام الطلبة ثم المسابقة الدولية المذكورة.. وحسب البيان الصحفى لإدارة المهرجان تعرض الدورة السادسة ١٦٩ فيلماً من ٤٣ دولة، منها ٩٣ فيلماً من الخليج، ومنها ٧٨ عرضاً عالمياً أول، و١٥ عرضاً دولياً أول فى الشرق الأوسط، و٦ عروض أولى فى الخليج، وتمنح لجان التحكيم جوائز مالية تصل إلى نصف مليون درهم إماراتى.

ولم يكن من الغريب أن يفتتح المهرجان بالفيلم السعودى الروائى الطويل «وجده» إخراج هيفاء المنصور، خارج المسابقات، فلاشك أنه حقق أكبر نجاح لفيلم خليجى منذ عرضه الأول فى مهرجان فينسيا العام الماضى. ويكرم المهرجان الممثل الكويتى الكبير محمد جابر. 

أمريكا التى لا تنضب أبداً

بقلم   سمير فريد

١١/ ٤/ ٢٠١٣

من الأفلام الأمريكية التشكيلية الطويلة المنتظر عرضها فى مهرجان كان الـ٦٦ «١٥ - ٢٦ مايو»، والذى يعلن برنامجه الأسبوع القادم، «عالم الوحوش» إخراج دان سكانلون.

ومن الأفلام الأمريكية الروائية الطويلة «ستار تريل فى الظلام» إخراج ج.ج. إبرامز الذى يوزع تجارياً عشية بدء المهرجان فى ٩ مايو، و«محور بلينج» إخراج صوفيا كوبولا وتمثيل إيما واطسون عن قضية باريس هيلتون، ويوزع تجارياً فى الصين، و«تحت الجلد» إخراج جوناثان جلازير وتمثيل سكارليث جوهانسون، و«المزدوج» إخراج ريتشارد آيوادى عن رواية دستويفسكى، و«النظرية صفر» إخراج تيرى جيليام وتمثيل تيلدا سونيتون ومات ديمون وكريستوف واتز، الذى فاز بأوسكار أحسن ممثل فى دور مساعد فى فبراير الماضى.

هناك فيلمان لنجم هوليوود الكبير براد بيت، الأول من إنتاجه «عبد لمدة اثنى عشر عاماً» إخراج ستيف ماكوين الذى فاز بالكاميرا الذهبية فى المهرجان عن أول أفلامه «جوع» عام ٢٠٠٨، وعرض فيلمه الثانى «عار» فى مهرجان فينسيا، والفيلم الآخر يشترك فيه براد بيت كممثل مع ميشيل فاسبندر وكاميرون دياز وخافير بارديم وبينلوب كروز، وهو أحدث أفلام فنان السينما الكبير ريدلى سكوت.

ومن الأفلام المنتظرة أيضاً «جريس موناكو» إخراج أوليفر داهان عن حياة نجمة هوليوود الأسطورية جريس كيلى التى تزوجت أمير موناكو، وفيه تقوم نيكول كيدمان بدور الممثلة الأميرة، ويشترك فى تمثيله تيم روث وديرك جاكوبى، و«جاذبية الأرض» إخراج ألفونسو كوارون وتمثيل جورج كلونى وساندرا بولوك، ولكن كلا الفيلمين من المقرر عرضهما تجارياً فى الخريف، وبالتالى فالأرجح عرضهما فى فينسيا أو تورونتو، وليس فى مهرجان كان. ومن إخراج الدنماركية سوزان بير «سيرينا» تمثيل جينفر لورانس التى فازت بأوسكار أحسن ممثلة فى فبراير الماضى، و«حياة بائسة» إخراج جيمس جراى وتمثيل ماريون كوتيلار ويواكيم فونيكس، وقد عرضت الأفلام الثلاثة السابقة للمخرج فى مسابقة المهرجان، و«الله وحده يغفر» إخراج نيكولاس ويندنج ريفن وتمثيل كرستين سكوت توماس، ويوزع تجارياً فى ٢٣ مايو أثناء المهرجان، وكان ريفن قد فاز بجائزة أحسن إخراج فى المهرجان عام ٢٠١١. 

العد التنازلى لعيد السينما الكبير

بقلم   سمير فريد

١٠/ ٤/ ٢٠١٣

يعلن الأسبوع القادم برنامج مهرجان «كان» السينمائى الدولى السادس والستين «١٥-٢٦ مايو»، والذى أصبح العيد الكبير السنوى لفن السينما بامتياز ومنذ سنوات طويلة.

كان آخر المشاهدات ١٥ مارس، ومن المقرر أن يعلن البرنامج ١٥ إبريل ثم يبدأ المهرجان ١٥ مايو. ويحبس عالم السينما الأنفاس فى انتظار إعلان البرنامج، لأنه يحدد خريطة السينما فى العالم كل سنة بنسبة تتجاوز ٧٥ فى المائة على الأقل. وفى نفس الوقت يحلو للكثيرين التوقع بعرض هذا الفيلم أو ذاك من واقع تتبع قوائم مراحل إنتاج الأفلام الجديدة لكبار المخرجين وتواريخ عروضها التجارية، وكذلك أفلام المخرجين الجدد المنتظرة لسبب أو آخر، والتى تدور عنها الأحاديث فى كواليس الشركات.

والأفلام الأمريكية المنتظرة هذا العام سواء التى ستعرض فى مهرجان «كان» فى الصيف، أو مهرجان فينسيا وتورنتو فى الخريف، منها الأفلام التالية:

«الياسمين الأزرق» إخراج وودى آلان وتمثيل كيت بلانشيت، وإذا عرض فى «كان» والأرجح أن يعرض لأنه يوزع تجارياً فى الصيف، يصبح الفيلم الثانى عشر الذى يعرض فى المهرجان لفنان السينما الكبير، ومنها ٥ فى الافتتاح، وكلها عرضت خارج المسابقة، لأن صاحبها المبدع يرفض فكرة التسابق فى الفن عموماً.

«خارج القانون» إخراج تيرانس ماليك أو الفيلم الآخر الذى يصوره ولم يحدد عنوانه، وقد انقطع ماليك عن صنع الأفلام أكثر من عشرين سنة، وها هو يصنع فيلمين فى وقت واحد، وأصبح كالشعراء الذين لا يعرفون متى تكتب القصيدة، ولكن بلغة السينما.

«العشاق فقط يبقون» إخراج جيم جارموش، وتمثيل تيلدا سوينتون وجون هرت، وهو «كانىّ» عريق فاز بالسعفة الذهبية للأفلام القصيرة وبالكاميرا الذهبية لأول فيلم طويل، وجائزة أحسن إسهام فنى والجائزة الكبرى.

«لوين دافيز من الداخل» إخراج جويل وإتيان كوين، اللذين فازا بالسعفة الذهبية عن أول أفلامهما، وعرضت أغلب أفلامهما فى المهرجان.

«خلف الشمعدانات» إخراج ستيفن سودبرج وتمثيل مات دمون ومايكل دوجلاس، والذى فاز بالسعفة الذهبية عن أول أفلامه، ويوزع الفيلم تجارياً يوم ختام المهرجان. 

اليوم افتتاح لقاء الصورة التاسع مع صناع سينما المستقبل فى مصر

بقلم   سمير فريد

٧/ ٤/ ٢٠١٣

يفتتح اليوم فى المركز الثقافى الفرنسى بالمنيرة فى القاهرة مهرجان لقاء الصورة التاسع الذى تحول بفضل مديرته الفنانة لطيفة فهمى إلى لقاء سنوى يسلط الضوء على صناع السينما الشباب وحركة السينما المستقلة التى تصنع مستقبل السينما فى مصر، ويستمر حتى ١٥ إبريل الحالى، حيث تعلن جوائزه الثلاث لأحسن فيلم طويل وأحسن فيلم قصير وجائزة الجمهور التى تتم باستفتاء الحاضرين يومياً.

يعرض فى الافتتاح الفيلم الروائى الطويل الوحيد فى المهرجان «الخروج للنهار» إخراج هالة لطفى بعد النجاح الكبير الذى حققه وفوزه فى مهرجانات أبوظبى وقرطاج ووهران واختياره للعرض فى مهرجان برلين فى فبراير الماضى، وتتكون لجنة التحكيم برئاسة أحمد عبدالله السيد وعضوية مريم نعوم وأحمد فوزى صالح، وهم من أعلام السينما المصرية المستقلة. وبينما يعرض المهرجان ثلاثة أفلام فرنسية فقط من الأجناس الثلاثة للسينما «روائى - تسجيلى - تشكيلى» يعرض ٣٤ فيلماً مصرياً منها ٤ أفلام تسجيلية طويلة و١٠ أفلام تسجيلية قصيرة و١٧ فيلماً روائياً قصيراً وفيلمان تشكيليان قصيران، وإلى جانب أفلام المخرجين المصريين هناك فيلم للمخرج السورى حسان نعمة «رمادى»، والمخرجة المغربية فدوى العلوانى «اسم الشهرة سهير»، وكلاهما روائى قصير من الإنتاج المصرى.

أما الأفلام التسجيلية الطويلة، فهى «الثورة خبر» إخراج بسام مرتضى من إنتاج «المصرى اليوم»، والذى كان عرضه الأول فى مهرجان برلين العام الماضى، و«عن يهود مصر» إخراج أمير رمسيس الذى يعرض الآن فى دور العرض، و«أنا سعيد جداً لدرجة أننى سألعب الجولف» إخراج سامح إسطفانوس، و«ظل رجل» إخراج حنان عبدالله الذى عرض فى مهرجان برلين العام الماضى، وفاز فى مهرجان الدوحة وفى مهرجان الإسماعيلية.

أحمد شوقى - تامر عشرى - محمود يسرى - عمر نايف - علياء أيمن - محمد الأشهب - غادة عاطف - مى الحسامى - نهى المعداوى - نادية أبوشادى - عمرو عكاشة - نور أبيض - محمد محسن - أمل صديق عفيفى - بهاء الجمل، ساندرين صموئيل حليم - محمد الحديدى - مى زايد - ياسر هويدى - منى لطفى - ميشيل مجدى - عماد ماهر - إسلام كمال - كريم شعبان - أدهم الشريف - أشرف حامد - حلمى نوح ربما لا يعرف منهم سوى إسلام كمال وياسر هويدى ونهى المعداوى، ولكن يا عشاق السينما شاهدوا أفلامهم، وتذكروا هذه الأسماء التى تصنع المستقبل. 

السينما تفقد روجر إيبرت أكبر نقاد السينما فى أمريكا

بقلم   سمير فريد

٦/ ٤/ ٢٠١٣

فقد الفن السينمائى، أمس الأول، الخميس، روجر إيبرت أكبر نقاد السينما فى أمريكا ومن كبار نقادها فى العالم، الذى وصفته «فارايتى» عن حق بـ«الناقد الأسطورة».

توفى «إيبرت» عن ٧٠ عاماً بعد معاناة ١٢ سنة مع مرض السرطان، لكنه واجه المرض بشجاعة وبسالة، وظل يعمل عبر موقعه الإلكترونى محتفظاً بكامل طاقته الفكرية، بل خفة ظله فى صياغاته الثاقبة لأفكاره على صفحته فى موقع «تويتر».

بدأ «إيبرت» نقد الأفلام فى الصحف والمجلات الجامعية أثناء الدراسة وهو طالب، وأصبح الناقد السينمائى لجريدة «صن - تايمز» فى شيكاغو عام ١٩٦٧ بعد سنة من بداية عمله كصحفى فى الجريدة، وكان من أهم المقالات الأولى التى لفتت الأنظار إليه مقاله عن فيلم «بونى وكلايد» إخراج آرثر بن عام ١٩٦٧، حيث اعتبره «نقطة تحول فى تاريخ السينما الأمريكية»، وأثبتت الأيام صحة رأيه. قال إيبرت فى حوار مع «فارايتى» عام ٢٠٠٧ إنه عندما بدأ «كان النقد السينمائى فى أمريكا ينتقل من عصر بوسلى كراوثر إلى عصر بولين كيل»، والحق أنه نقله من عصر بولين كيل إلى عصر روجر إيبرت.

ومن المعروف أن جائزة بوليترز للأدب هى أهم جوائز أمريكا التى فاز بها أكبر الأدباء، وكان إيبرت أول ناقد سينمائى يفوز بها، وكان ذلك عام ١٩٧٥ عن مقالاته فى «صن - تايمز» عام ١٩٧٤، وإلى جانب نقد الأفلام عرف إيبرت بمحاوراته مع العديد من صناع السينما الأمريكية من المخرجين والممثلين من جروشو ماركس إلى جون واين، ومن روبرت التمان إلى مارتين سكورسيزى، ومحاوراته مع غيرهم من صناع السينما فى العالم، خاصة عند حضوره مهرجان كان فى فرنسا، وقد صدرت مقالاته ومحاوراته فى أكثر من ١٥ كتاباً.

ولكن ما جعل إيبرت الأكثر شهرة وتأثيراً بين نقاد أمريكا حتى وصف بالأسطورة، أنه كان أول من استخدم التليفزيون فى نقد الأفلام عام ١٩٧٥ من خلال البرامج التى تحمل اسمه، والتى جعلته مؤثراً فى الجمهور العام على نحو لم يحققه أى ناقد آخر بنفس القدر حتى رشحت برامجه لجائزة «إيمى» للتليفزيون سبع مرات، وقد ظل يقدم برنامجه حتى فقد النطق عام ٢٠٠٧ نتيجة مضاعفات المرض، فانتقل إلى استخدام الإنترنت ثم تويتر، وكان آخر ظهور له فى برنامج أوبرا وينفرى عام ٢٠١٠، حيث تحدث بواسطة آلة تساعده على النطق. 

صورة من مستقبل السينما المصرية عندما تنتصر الثورة

بقلم   سمير فريد

٣/ ٤/ ٢٠١٣

تشهد دور العرض السينمائى فى مصر الآن عرض الفيلم الروائى الطويل «الشتا اللى فات» إخراج إبراهيم البطوط، والفيلم التسجيلى الطويل «عن يهود مصر» إخراج أمير رمسيس.

واجب الشباب المصرى الذى أشعل ثورة ٢٥ يناير من أجل الحرية والديمقراطية، ويقاوم الثورة المضادة التى تعوق الحرية والديمقراطية تحت شعارات دينية زائفة أن يعتبر مشاهدة هذين الفيلمين تعبيراً عن هذه المقاومة أيضاً: مقاومة اعتبار الأفلام وسائل للتسلية الفراغة، بينما هى أعمال فنية تحقق متعة التفكير والاحساس بالجمال.

الفيلمان من الانتاج «المستقل»، أى الذى ينتج على هامش السوق، وبمعزل عن المقاييس التقليدية لإنتاج الشركات «الكبرى»، والذى يصنع سوقاً «موازية» لها جمهورها، فليس صحيحاً أن هناك «جمهوراً» للسينما، أو أى من الفنون، وإنما لكل عمل فنى «جمهوره» الخاص، وبقدر صعوبات التجديد فى إنتاج الشركات الكبيرة بقدر ما تذلل هذه الصعوبات فى انتاج الشركات «المستقلة»، ولذلك ليس من الغريب أن يعرض «الشتا اللى فات» فى مصر بعد أن شهد مهرجان فينسيا عرضه العالمى الأول فى سبتمبر الماضى (أنظر مقالنا عن الفيلم فى عدد ٢ سبتمبر ٢٠١٢ من «المصرى اليوم»)، ومن المعروف أن مهرجان فينسيا أعرق مهرجانات السينما الدولية «بدأ عام ١٩٣٢»، وأنه أحد المهرجانات الكبرى الثلاثة للسينما مع برلين فى فبراير وكان فى مايو، ومجرد عرض أى فيلم فى أى منها يعنى أنه حصل على «شهادة» بأنه من أهم أفلام العالم.

لم أشاهد «عن يهود مصر» حتى الآن مع الأسف، وأعمل جاهداً لتلافى هذا التقصير كناقد للأفلام، ولكن مجرد عرض فيلم تسجيلى طويل فى دور العرض العامة المفتوحة بتذاكر فى مصر عمل «ثورى» بامتياز، فمنذ أن عرفنا السينما لم يعرض عرضاً عاماً من هذا الجنس من أجناس السينما من الإنتاج المصرى سوى فيلمين فقط، وهما «ينابيع الشمس» إخراج جون فينى عام ١٩٧٠، و«تحرير ٢٠١١» إخراج تامر عزت وأيتن أمين وعمرو سلامة عام ٢٠١١، وكان من النادر فى كل دول العالم عرض فيلم تسجيلى طويل عرضاً عاماً، ولكن اختلف الأمر تماماً منذ عشر سنوات أو نحوها، وأصبحت الأفلام التسجيلية تنافس الروائية فى السوق، بل وتحقق إيرادات كبيرة.

عرض فيلمى البطوط ورمسيس فى نفس الوقت كان بالصدفة، ولكن عرضهما صورة من مستقبل السينما المصرية عندما تنتصر الثورة. 

وغداً يمنع الكاريكاتير فى مصر الإخوان

بقلم   سمير فريد

١/ ٤/ ٢٠١٣

بدأ، أمس، التحقيق فى النيابة العامة مع باسم يوسف، مقدم برنامج «البرنامج» على قناة «سى بى سى» بتهمة «ازدراء الأديان وإهانة رئيس الجمهورية وتكدير السلم العام»!

يقوم البرنامج أساساً على اختيار مقاطع معينة من التصريحات المصورة بالصوت والصورة، سواء من البرامج التليفزيونية أو أفلام الموبايل والكمبيوتر والتعليق الساخر عليها، أى أن فريق الإعداد «يتصيد» لشخصيات تتحدث عن وجهات نظرها فى وسائل الإعلام، فقام من قدموا البلاغات ضده «بتصيد» مقاطع من حلقات البرنامج، بدورهم، وفسروها على هواهم وأبلغوا عنه النيابة العامة.

ولا يؤخذ على البرنامج أنه يتصيد، فمن يتحدث فى وسائل الإعلام يؤثر فى الرأى العام، ولابد أن يتحمل مسؤولية كل كلمة يقولها، بل إن ما شاهدته من حلقات هذا البرنامج جعلنى أعرف المدى البعيد الذى وصلت إليه بعض القنوات التليفزيونية المسماة دينية أو إسلامية، والإسلام وكل الأديان منها براء، فى نشر الجهل الفاضح والتعصب المقيت، فلست من مشاهدى هذه القنوات، ولم أكن أصدق أن هناك من يدعون إلى هدم الأهرامات، حتى شاهدت من يقولون ذلك فى «البرنامج» وبالصوت والصورة، وهو دليل قاطع يعتد به طالما أنه غير مزيف.

مشكلة البرنامج إذن ليست أنه ساخر، لكن أنه يسخر من دعاة الجهل والتعصب والذين يعتبرون السخرية منهم «ازدراء للأديان» وكأنهم يمثلون الدين الإسلامى، بينما لم يسخر البرنامج قط ممن يمثلون الأديان فعلاً، مثل شيخ الأزهر ومفتى الجمهورية وبابا الأقباط وكل العلماء الحقيقيين.

أما إهانة رئيس الجمهورية، فالمنطق البسيط يتطلب أن يتقدم الرئيس بنفسه بالبلاغ إذا شعر بإهانة، ليس أن يتطوع أحد باعتبار هذا التعليق الساخر أو ذاك إهانة له، وفى أغلب القنوات التليفزيونية فى العالم برامج سياسية ساخرة مثل برنامج باسم يوسف، وفيها سخرية حادة من الرؤساء والوزراء، ومع ذلك لا يعتبر أى منهم أن فى هذه السخرية أى إهانة، وإنما دليل على الحرية، ولأن أى رئيس بشر يخطئ ويصيب، تماماً مثل فن الكاريكاتير الذى يجعل الأنف أطول من الجسد أو الأذن أعرض من الصدر.

البرنامج الذى يحقق أعلى مشاهدة لا يكدر السلم العام وإنما يمتع عموم الناس، وسوف تزيد تحقيقات النيابة العامة من نسبة مشاهدته، وإذا منع فسوف يستمر بوسائل أخرى فى عالم أصبح فيه المنع من الخرافات، ومن يدرى ربما يمنع الكاريكاتير غداً فى مصر الإخوانية، وتصبح الكآبة للجميع!

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

01/04/2013

 

موسوعة الممثل فى السينما العربية

على أبوشادى

السبت 27-04-2013 22:19

يشكل التمثيل بمختلف مدارسه واتجاهاته، عنصراً أساسياً من عناصر القوة والتميز فى تاريخ السينما المصرية والعربية، وقد فطن الناقد والباحث محمود قاسم إلى ذلك فواصل جهوده فى إثراء المكتبة السينمائية العربية، بعد موسوعتيه السابقتين «الأفلام الروائية فى مصر والعالم العربى» عن الهيئة العامة للكتاب و«موسوعة الأغنيات فى السينما المصرية» عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإصدار طبعة جديدة مزيدة ومنقحة من «موسوعة الممثل فى السينما العربية ١٩٢٧-٢٠١٣» فيما يزيد على ستمائة صفحة من القطع الكبير.. تتضمن موادها صوراً وسيراً ذاتية وقائمة أفلام مقرونة بأسماء مخرجيها لما يقرب من ١٤٠٠ ممثلة وممثل على المستوى العربى، وهو جهد فائق وطموح يعتذر الباحث -مسبقاً- عما قد يشوبه من قصور رغم أنه هو الذى اختار أن يوسع دائرة البحث ويوثّق لمساحة زمنية واسعة تصل إلى خمسة وثمانين عاماً، لم تقتصر على السينما المصرية بأفلامها التى تقارب أربعة آلاف فيلم، بل سعى إلى محاولة الإلمام بفنانى السينما فى العالم العربى، مما شكل عبئاً إضافياً على الباحث أدى إلى غياب كثير من أسماء فنانين عرب، ومصريين كذلك، عن الموسوعة، فعلى سبيل المثال لا الحصر الكامل لا نجد اسم المغربى محمد مفتاح والجزائرى حسن قشاش، والتونسيين أحمد الحفيان وريم التركى ولطفى العبدلى، والسوريين عبدالمنعم عمايرى وزهير رمضان وديمة قندلفت وسلاف فواخرجى، والفلسطينية القديرة هيام عباس، وهى أسماء شاركت فى العديد من الأفلام المهمة مع مخرجين كبار كنورى بوزيد وأحمد راشدى وعبداللطيف عبدالحميد ويسرى نصرالله ورضا الباهى، كما خلت من أسماء مصريين مثل الواعدة أيتن عامر (شارع الهرم / ساعة ونصف) والموهوبة ناهد السباعى (بعد الموقعة / ساعة ونصف) رغم مرور عشر سنوات على فيلمها الأول «من نظرة عين ٢٠٠٣».

يشكو الباحث فى مقدمته من عدم توفر المعلومات الدقيقة عن الممثلين، وله الحق؛ ففى الوقت الذى نجد فيه كافة البيانات والمعلومات بالغة الدقة عن العاملين فى مجال السينما بالموسوعات الأجنبية المتخصصة، نلاحظ أن موسوعاتنا تفتقر إلى تلك الدقة بسبب سيطرة ثقافة إخفاء المعلومات -حرجاً- على أذهان كثير من فنانينا، لذا يغيب تاريخ الميلاد الحقيقى أو الكامل عن العديد من شخصيات الموسوعة، ومن ثم يكتفى الباحث بإثبات سنة الميلاد فقط، وربما لو كان قد استعان بالبيانات المتوفرة فى ملفات نقابات المهن التمثيلية فى مصر والدول العربية لجاءت الموسوعة أكثر اكتمالاً.

إن إنجاز مثل هذه الموسوعات، وهى من الصناعات الثقافية الثقيلة، التى تحتاج إلى جهد هائل، يجب أن تضطلع به مؤسسات كبرى، دأب محمود قاسم على القيام به منفرداً، لذا، ورغم ما قد يعتور موسوعاته أو يشوبها من قصور، إلا أنها تسد فراغاً وتستكمل نقصاً حقيقياً فى حقل الثقافة السينمائية، وربما كان عليه أن يتخفف من عبء الجانب العربى فهو أمر منوط بزملائنا الباحثين والنقاد فى تلك الأقطار الشقيقة.

تحية للرجل / المؤسسة محمود قاسم، وشكراً للهيئة العامة للكتاب ورئيسها د.أحمد مجاهد لتبنيه إصدار تلك الموسوعات وتوفيرها بسعر معقول رغم ضخامة تكاليفها، وإن كنت أتمنى أن يقوم صندوق التنمية الثقافية باستكمال مشروعه، الذى بدأ منذ سنوات، فى إنشاء قاعدة بيانات كاملة ودقيقة، وفق أسس بحثية علمية، عن السينما المصرية، ولا بأس من الاستعانة بمثل هذه الجهود والاجتهادات السابقة، على أن يصدرها فى أقراص مدمجة (سيديهات) توفر على الباحثين والمهتمين مشقة البحث فى آلاف الصفحات الورقية، أو ينشئ موقعاً خاصاً بها على الإنترنت، يمكن استثماره، على غرار قاعدة البيانات السينمائية الشهيرة imdb) International Movie Data Base) التى باتت مرجعاً أساسياً للهواة والمحترفين فى كل أنحاء العالم. 

«قانون.. اختراق القانون»

على أبوشادى

السبت 20-04-2013 21:58

فى فيلم «عصابة مكافحة العصابات Gangster Squad» للمخرج روبين فليشر عن كتاب «بول ليبرمان» بنفس العنوان، يتناول كاتب السيناريو «ويل بيل» وقائع حقيقية دارت فى مدينة لوس أنجلوس عام ١٩٤٩ عندما تمددت إمبراطورية الشر والفساد التى يقودها الملاكم السابق ميكى كوهين «شون بين» لتسيطر على مقدرات المدينة وشعبها متحالفة مع عناصر نافذة فاسدة من رجال السياسة والقانون وقيادات الشرطة باتت جميعها فى خدمة «كوهين»، حامية لتجارته المحرمة والممنوعة فى السلاح والدعارة والمخدرات وأندية القمار وغَضُّوا الطرف عن جرائمه ووحشيته فى تصفية خصومه ومعارضيه.. شكَّل هذا الوضع عبئاً نفسياً وإحساساً بالإهانة وفقدان الكرامة عند عدد من رجال الشرطة الشرفاء، لعجزهم عن التصدى له -بالقانون- بعد أن أصبح قانونه هو السائد، وعلى غرار ما تنتهجه الأجهزة الأمنية من أساليب غير قانونية، باستخدام البلطجية والشبيحة لضرب المعارضين أو ترويعهم بدعوى الحفاظ على أمن الدولة.. يقرر الضابط الشريف جون باركر «نك نولتى» أن يسلك طريقاً آخر غير قانونى بتشكيل فرقة، أو عصابة، سرية وغير رسمية، لمواجهة «كوهين» والعمل على تفكيك عصابته وتدمير نشاطاته الإجرامية ويعهد بقيادتها لأومارا «جوش برولين» أحد أكفأ وأشرف ضباطه الذى يضم معه خمسة أعضاء من المقتنعين بضرورة القضاء على رأس الفساد وعصابته.. تخوض المجموعة حرباً شرسة مستخدمة كل الأسلحة والعمليات غير المشروعة، قانوناً، تنتهى بانتصارها وهزيمة «كوهين» وتقويض إمبراطوريته.

هنا يطرح السؤال نفسه، هل من الجائز انتهاك القانون من أجل تعزيز سيادة القانون؟ وما الفارق بين الدولة والعصابة؟ وهل من الممكن استخدام وسيلة فاسدة من أجل جلب مصلحة عامة؟ وهل تبيح الضرورات، فعلاً، المحظورات، فى العمل العام؟ كلها أسئلة شائكة تحظى بإجابات ملتبسة، متراوحة بين مؤيد ومعارض، خاصة أن ذلك يعيدنا إلى قراءة فيلم «لينكولن» لستيفن سبيلبيرج وكلا الفيلمين من الإنتاج الأمريكى الذى عُرض أخيراً، لنرى الرئيس الأمريكى «إبراهام لينكولن» ينتهج نفس الأسلوب الميكيافيللى الذى يؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة فلا يمانع، أثناء محاولة تمريره لقانون تحرير العبيد عام ١٨٦٥ فى مجلس النواب، من استخدام طرق ملتوية وغير أخلاقية ويوافق على شراء أصوات السياسيين المعارضين بتقديم الرشاوى المالية وإغرائهم بالمناصب الحكومية!!

يظل السؤال معلقاً دون إجابات قاطعة، وإن كان يحمل فى داخله، بتصديره المتكرر من خلال السينما الأمريكية عبر تاريخها الطويل -إلى الجماهير داخل وخارج أمريكا-كتبرير للسياسات الأمريكية وعملياتها العدوانية وجرائمها الأخلاقية ضد الشعوب بداية من حروب الإبادة للهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين وضرب هيروشيما بالقنابل الذرية، وليس انتهاء بالعدوان على ليبيا والتدخل السافر فى العراق وتدميره بدعوى حماية السلام، وإن تغطَّت بمشروعية زائفة سواء بقرارات شكلية من مجلس الأمن (الأمريكى!!) أو تدثرت برداء «الناتو» وأعضائه من دول أوروبا الخانعة، أو التَحَفَت بمواقف الحكومات العربية المائعة!!

فيلمان يُعْرَضان فى فترة وجيزة، ومئات غيرهما منذ أفلام جريفيث، تعمل على الترويج لهذه الأفكار وتكريس الممارسات اللإنسانية التى تتعارض مع المنطق ولا يقرها القانون، ولا يقبلها الضمير الإنسانى، وتدعو إلى التشكك الدائم فى نوايا هذه السينما وتوجهات صناعها ودورها فى ترسيخ تلك المفاهيم الشائهة فى عقول ونفوس المشاهدين! 

«حُب »..

على أبوشادى

الخميس 18-04-2013 08:52

بدايةٌ مفاجئة صادمة.. ونهايةٌ تراجيدية قاتمة، للفيلم الفرنسى «حُب.. Amour»، للمخرج النمساوى المخضرم، مايكل هانيكه، وبين البداية والنهاية.. نتابع معه أرق وأعذب قصة حب بين رجل وامرأة، وهما عجوزان فى الثمانينات، آن «إيمانويل ريڤا» وجورج «چان لوى ترنتينيان».. فى نهاية رحلة الحياة تقريباً، وحيدان بعد أن انشغلت ابنتهما الوحيدة، إيڤا، «إيزابيل هوبير» عنهما بمشكلاتها مع ابنها وزوجها الخائن.. يعشقان الموسيقى التى أصبحت ركناً أساسياً فى حياتهما بعد أن مارسا تدريسها لسنوات طويلة، جمعت بينهما الألفة والمودّة، وباتا- فى سنواتهما الأخيرة - يتوكأ كل منهما على الآخر.

أثناء نزول العناوين، يضعنا «هانيكه» كمؤلف ومخرج، أمام نهاية الحكاية حينما يقتحم رجال المطافئ منزل الزوجين بعدما أبلغ جارهما الصديق عن اختفائهما ليفاجأوا بجثة (آن) متحللة ممددة على الفراش وقد انتثرت حولها الزهور.. بعدها يعود بنا «هانيكه»، فى فلاش باك طويل، وفى بناء دائرى، إلى بداية الحكاية حيث يحضر الزوجان حفلاً موسيقياً لأحد تلاميذ آن، .. تتابعهما كاميرا «داريوس خونجى» فى المترو، ثم تدلف معهما إلى داخل البيت ولا تخرج منه -مثل الزوجة- حتى نهاية الفيلم، ترصد، عادة، فى لقطاتٍ متوسطة ثابتة، تسمح للمشاهد بالتأمل دون انغماس فيما يحدث وكأنه فى حالة حضور مسرحى.

صباحاً، وفى مشهد مؤسس لما سيتلوه من تطورات، وأثناء تناول الإفطار، لم يلحظ جورج أن زوجته قد تجمدت للحظات، ثم عادت إلى الوعى بعد قليل غير مدركة لما حدث، وأن ذلك كان بداية إصابتها بالسكته الدماغية التى ستضع النهاية لتاريخهما المشترك.. بعد قليل تعاودها الضربة بشكل، أكثر شراسة، يؤدى إلى إصابتها بشلل نصفى تتقبله بشجاعة وواقعية، وتقاوم بروح قوية ونفس مُترعة بالإباء والكبرياء.. يقوم «جورج» برعايتها برضا ومحبةٍ وتُوصيه بألا يُودعها، تحت أى ظرف، بمستشفى أو دار للمسنين، لكن ضربةجديدة أكثر قوة تجهز على ماتبقى لديها من مقاومة.. تحاول الابنة «إيڤا» أن تثنيه عن قراره كى تنتقل الأم إلى مستشفى يرعاها ويخفف من أعبائه، يرفض بحسم، ويوفر ممرضة تُعينه وتساعدها.. يهاجم المرض جسدها الهزيل بضراوة، ويصل بها إلى مرحلة الهذيان، فترفض فى عناد طفولى، تناول الطعام أو شرب الماء، مما يضطره -فى لحظة غضب ونفاد صبر وضغط عصبى- إلى صفعها، ثم يدرك فداحة خطئه حين تعاتبه بعين كليلة مهينة ليربت على يدها ندماً.

عشرات التفاصيل الإنسانية والمعاناة اليومية، أسهب «هانيكه» فى تصويرها -بإيقاع هادئ رزين من دون ملل على الإطلاق- مما جعل المشاهد شريكاً فى الأزمة / المأساة التى بلغت ذروتها بأن عصف الألم بالزوج ولم يعد يطيق عذاباتها، بعد أن يئس من شفائها، فقرر -حباً- رَحْمَتها بقتلها.. فى لحظة خاطفة ألقى بوسادة على وجهها وظل يضغط كاتماً أنفاسها حتى فارقت الحياة جسدها المنتفض.. مدَّدها فى فراشها ونثر حولها الزهور.. نهاية مأساوية قاتمة تغلق قوس البداية الصادم.

بخبرة السنوات، أدار «هانيكه» ممثليه بحنكة بارزة، فظهر كل منهم بمستوى رفيع يتميز بالبساطة والعمق والفهم لطبيعة الشخصية، خاصة أن ترنتينيان -الشاب الوسيم فى فيلم كلود ليلوش، «رجل وامرأة» عام ١٩٦٦ وإيمانويل ريڤا السيدة الجميلة بطلة «هيروشيما حبى» للقدير ألان رينيه ١٩٥-، فى نفس عمر الشخصيتين.. ربما شَحب الجمال القديم لكنه ظل يشع من داخليهما صفاءًً وضياءً ليضفى مصداقية وواقعية على الأداء فهما يكادان يشعران بذات المشاعر.. كما خلا شريط الصوت، تقريباً، من الموسيقى «التصويرية» مكتفياً بتلك الصادرة من داخل الكادر.

«حُب» قصيد سينمائى عن الحب بمعناه الواسع وآفاقه الرحبة، حين يتحول إلى سلوك يومى.. قصيد مترع بالمعاناة والشجن، بالعذاب والعذوبة، بالرحمة والقتل، قصيد ينتمى إلى التراجيديات الكبرى فى تاريخ الفن جعله يستحق، عن جدارة، جائزة «السعفة الذهبية» فى مهرجان كان ٢٠١٢، وجائزة أوسكار أحسن فيلم أجنبى -أى ناطق بغير الإنجليزية- عام ٢٠١٣. 

«قصة ثوانى»

على أبوشادى

الأحد 14-04-2013 08:23

قدمت لنا السينما اللبنانية فى العقود الأخيرة عدداً من الأعمال الكبيرة التى حظيت بالتقدير النقدى والنجاح الجماهيرى بتوقيع مخرجين طموحين إلى تقديم سينما لبنانية مختلفة تحاول التعبير عن الواقع العربى واللبنانى المعاصر مثل زياد دويرى ونادين لبكى وأسد فولادكار ورندة الشهال وجوزيف فارس وغيرهم ممن أثروا السينما العربية بإبداعاتهم، وتأتى التجربة الإخراجية الأولى «قصة ثوانى» للكاتبة والمنتجة والممثلة لارا سابا فى إطار محاولة تقديم سينما شجاعة ومغايرة تخترق عالم المسكوت عنه فتتوغل فى أحراش مجتمع مدينة بيروت من خلال سيناريو للكاتبة « نبال عرقجى» تستخدم فيه أسلوب سرد غير تقليدى يعتمد على لعبة التقديم والتأخير للأحداث، مع إخفاء بعض المعلومات للحظة الأخيرة دون افتعال التشويق أو الإثارة، حين نتابع حركة ثلاث شخصيات من ثلاث شرائح اجتماعية مختلفة، تمثل كل منها خيطاً درامياً... يعيشون فى مدينة واحدة، بيروت، لكنهم لا يلتقون أبداً، تتقاطع مصائرهم وتشتبك حيواتهم ويلعب القدر دوره فى تنفيذ العدالة الشاعرية فيقتص من المجرم «مالك» بأداء شربل زيادة، رجل الأعمال الثرى الذى نكتشف فى نهاية الفيلم أنه هو المتسبب فى قتل والدى «نور» بأداء مميز من غيدا نورى، الطالبة بالسنة النهائية بالجامعة ودفْعها للانحراف لعجزها عن إعالة نفسها وجدَّتها العجوز القعيدة - بأداء صامت من الفنانة ليلى حكيم مفعم بالدفء الإنسانى والقدرة على التعبير عن الكرامة المهزومة.. كان «مالك» الذى هرب بجريمته يقود سيارته بسرعة جنونية، فى طريقه إلى المستشفى، فَزِعاً، بعد أن أبلغه الطبيب أن زوجته «أنديا» -التى أخبرته منذ دقائق- أنها حامل بعد سنوات من عدم الإنجاب قد تعرضت للإجهاض، ليصطدم بسيارة والدى نور ويودى بحياتهما.. هناك وفى قاع مجتمع بيروت يعانى الصبى المراهق «مروان» ابن الاثنى عشر عاماً بأداء علاء حمّود الذى يقف أمام الكاميرا لأول مرة، من قسوة أمه العاهرة مدمنة الكحول، التى لا تتورع عن المتاجرة به وتقديمه كفريسة لزبائنها من الشواذ ليهرب منها ومن المدرسة ويلتحق بمجموعة من الشباب العاطل الضائع مدمنى المخدرات، يشاركهم فى خطف حقائب النساء، وتكون زوجة «مالك» إحدى ضحاياه حيث تسقط على الأرض أثناء محاولته خطف حقيبتها لتفقد الجنين المأمول!!

وُفِّقت كاتبة السيناريو فى إقامة علاقة متوازية بين الشخصيات الثلاث، وأن تجعل من المستشفى نقطة التقاء -دون لقاء- عن طريق طبيب المستشفى الدكتور كريم «شادى حداد» الذى ربط بينهم،، فقد استقبل «نور» حين أتت لتسلم جثتى والديها، وهو من اتصل بـ«مالك» ليخبره بمأساة زوجته، كما تولى إنقاذ الصبى «مروان» بعد ألقى به الشباب أمام باب المستشفى عقب إصابته بالإغماء نتيجة جرعة مخدر زائدة كادت تقضى عليه..

فى حين خلا تصوير «مايكل ليجروى» من لمسات إبداعية، نجح المونتيران «لوتشيا العطار ومروان زيادة» من خلال المونتاج المتوازى المحكم كل فى مساره ومصيره، كما أدارت المخرجة ممثليها بمهارة وأدى كل منهم دوره باحترافية ملحوظة وإن تمثلت براعتها فى توجيه الفتى الصغير علاء حمود فى أول ظهور له على الشاشة وهو القادم من ظروف مشابهة حيث ترك الدراسة ليعمل فى محل للنراجيل، واستطاع تجسيد شخصية الصبى «مروان» الذى يعانى من القهر ليستحق -بحق- جائزة أحسن ممثل فى مهرجان بروكسل الدولى للسينما المستقلة العام الماضى.

ربما شاب الفيلم نوع من الإفراط والمبالغة الفجة فى متابعة لقاءات الأم وممارستها الجنس مع زبائنها على مرأى ومسمع من ابنها، وتصوير انتهاك جسد الصبى، وجلسات التعاطى بقدر كبير من اللجاجة الفنية، وكأنما أصبحت بيروت مجتمعاً من اللصوص والأفاقين والقوادين والشواذ والمجرمين والعاهرات..

«قصة ثوانى» محاولة قد تكون غير مكتملة، لكنها نجحت فى الإشارة إلى ما يمور به المجتمع البيروتى الذى يعيش أبناؤه بين قوسين من الثراء الفاحش والحياة الرغدة إلى الفقر المدقع والحاجة المذلَّة وكشفت عن مكمن الخلل وذلك التناقض المروّع بين أفراده، أملاً فى تغييره، وتطلعاً إلى مستقبل أفضل لهذا الوطن العربى العزيز. 

فيلمان بدائيان.. من لبنان

على أبوشادى

الخميس 11-04-2013 09:33

من بين آخر إنتاجات السينما اللبنانية، يأتى فيلمان يحملان كل آفات السينما العربية السائدة، سواء التقليدية أو التى تدعى الحداثة وتنوء بما تحمل من قضايا تعجز عن معالجتها دراميا فتأتى عادة بنتائج هزيلة أو عكسية فى بعض الأحيان.. أولهما: «٢٤ ساعة حب» العمل السينمائى الأول للمخرجة القادمة من عالم التليفزيون ليليان أ. البستانى وتأليف وتمثيل الأب فادى تابت ومن إنتاج شركة تدعى «أفكار» تابعة فيما يبدو لإحدى الكنائس اللبنانية وهو فيلم بدائى فنياً ينتمى لنوعية أفلام الوعظ والإرشاد التى تعالج القضايا الاجتماعية من منظور دينى ومن بينها تفشى حالات تعاطى المخدرات بين الشباب اللبنانى لضعف إيمانه، حيث يتصور صنّاع الفيلم أن السيد المسيح يلتقى -فى حلم يستغرق زمن ثلثى الفيلم- بالشاب عمانويل الذى انزلق فى هوَّة الإدمان بسبب إهمال والديه، الأب الخواجة نجيب المنشغل بمستقبله السياسى، والأم المتصابية التى نكتشف لاحقاً أنها من أفراد العصابة التى غررت بالابن!! ليرسم له «يسوع» طريق الخلاص، ويرشده إلى عالم الإيمان، ويصطحبه معه ليشاركه والحواريين «العشاء الأخير»!! ثم يطوِّق عنقه بصليب خشبى، يجده الشاب -فعلاً- فى رقبته حين يفيق من الحلم..

طرح صناع الفيلم، الذى يحمل هدفاً نبيلاً ورسالة سامية وحسا دينيا مرهفا ويقينا إيمانيا حقيقيا، رؤيتهم عبر معالجة فنية بالغة السذاجة والركاكة، وهو ذات ما يعانيه فيلم «بيترويت»، الفيلم الروائى الثانى بعد فيلم «خلّة وردة» لمخرج الإعلانات والكليبات عادل سرحان، الذى يعقد، فى معالجة متهافتة، مقارنة شكلية ساذجة بين ثقافتين، العربية والأمريكية، من خلال طرحه لوضع المرأة فى لبنان ومدى العنف الذى يمارَس ضدها وغياب القوانين التى تحميها وتكفل حقوقها، ووضع المرأة فى الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث تحظى بالرعاية والحماية ويحفظ لها القانون حقوقها إلى درجة تمكنها أحيانا من ممارسة العنف المعنوى ضد الرجل.

بعد عنوانه المتحذلق «بيترويت Betroit»، الذى يمزج بين اسمى المدينتين «بيروت» العربية و«ديترويت» الأمريكية اللتين تدور بهما الأحداث، ومن خلال مونتاج متوازٍ بليد، نتابع قصة «ليلى» بأداء باهت من دارين حمزة التى يعاملها زوجها «رامز» -السكير المقامر- بأداء مسرحى زاعق ومفتعل من حسن فرحات، بقسوة مفرطة وغلظة زائدة تصل إلى الضرب المبرح وتنتهى، بسبب محاولاتها الفاشلة للهروب، بطردها من المنزل وحرمانها من ابنتها.. على الجانب الآخر، فى مدينة ديترويت، تَدّعى «أنديا»، الشابة الجميلة الطموح إلى أن تصبح نجمة إعلانات بتأثير شرير من إحدى صديقاتها، أن زوجها الأمريكى من أصل لبنانى قد أهانها وتعدى عليها ليجبره القانون الأمريكى على الانفصال ويلغى حقه فى الإقامة فيضطر إلى العودة إلى لبنان التى لم يرها من قبل إلا فى الصور.. فى بيروت تحاول ليلى، بعد أن نجحت فى استعادة ابنتها، مغادرة لبنان متجهة إلى أمريكا للإقامة مع أختها التى سبق أن هاجرت إلى هناك.. وهكذا تتجه ليلى إلى أمريكا هربا مما تعانيه المرأة اللبنانية من تمييز وعنف وإهانة، ويعود زوج «أنديا» من أمريكا إلى لبنان نتيجة لقانون يحترم المرأة ويحافظ على حقوقها حتى لو كانت امرأة ظالمة!! تفشل محاولة «ليلى» مرة أخرى بسبب صدور حكم قضائى استصدره زوجها بمنعها من السفر.. هنا يرتب السيناريو صدفة مصطنعة تلتقى فيها «ليلى» مع الزوج المطرود لتنشأ بينهما قصة حب تنتهى بالزواج بعد ستة أشهر، عقب أن تخلص المؤلف/ المخرج من «رامز» بقتله على أيدى الشرطة وتحرير الابنة لتنتهى الحدوتة نهاية سعيدة بينما نرى «أنديا» تنتحب ندماً حين شاهدت صور الزفاف على صفحات الفيس بوك!! 

«هيتشكوك».. فيلماً

على أبوشادى

الأحد 07-04-2013 09:25

فى عام ١٩٥٩ وبعد أن أنجز المخرج الأشهر فى تاريخ السينما الفريد هيتشكوك فيلمه الكبير «شمال بشمال شرق»، الذى حقق تقديراً نقدياً ونجاحاً جماهيرياً واسعاً وارتفع بمخرجه إلى قمة جديدة فى عالم الإثارة والتشويق، ليس من السهل تجاوزها، مما وضع المخرج الكبير أمير هذا النوع من السينما فى مأزق حقيقى، وصعّب عليه مهمة التفكير فى فيلمه القادم.. عرضت عليه زوجته ورفيقة حياته منذ زواجهما عام ١٩٢٦ المونتيرة وكاتبة السيناريو آلما ريفيل «هيلين ميرين» العديد من السيناريوهات والأعمال الأدبية، كما قدّمت له بعض الشركات السينمائية الكبرى فى هوليوود عدداً من المشروعات رفضها جميعها، لخلوها من عنصر الإثارة على الطريقة الهيتشكوكية، أو لمحاكاتها بعض أفلامه السابقة، مر المخرج الكبير المتربّع على القمة بفترة صعبة وأصابته حالة من الإحباط إلى أن وقع بصره على رواية بعنوان «سايكو» تأليف روبرت بلوك.. خلبت لبّه ووجد فيها ضالته المنشودة التى تتضمّن كل عناصر التشويق والإثارة والإرعاب التى ينشدها.

وقائع إنتاج وإخراج فيلم «سايكو»، قمة أعمال «هيتشكوك» هى محور فيلم «هيتشكوك» إخراج «ساشا جيرفاسى» ٢٠١٢، الذى كتب له السيناريو جون ماك لفلين عن كتاب ستيفن ريبيللو «ألفريد هيتشكوك وصناعة فيلم (سايكو)»، وفيه يتابع كواليس عمل الفيلم وما واجهه المخرج الشهير -بأداء مذهل للممثل الفذ أنتونى هوبكنز- من متاعب وصعاب بسبب إصراره على تنفيذ العمل بعد أن رفضته كل الشركات.. دخل «هيتشكوك» فى حالة تحدٍ وإصرار على إنتاج الفيلم على حسابه الخاص، مما أدى إلى أن يرهن منزله ويعيش حالة تقشُّف وترشيد لنفقات معيشته، ورغم عدم رضا زوجته عن المشروع فإنها وقفت بجواره تسانده.. اهتم السيناريو كثيراً بالعلاقة المعقّدة بين هيتشكوك وزوجته التى عاشت معه أكثر من ثلاثين عاماً فى انتظار كلمة حب أو تقدير لم ينطق بها إلّا فى لحظة نجاح «سايكو»، فقد عانت منه، ومعه، أحاطها دائماً، بشكوكه وجرحها بأسلوبه الفظ وفجاجة تعبيراته فى الإشارة إلى علاقتها بزميل العمل ويتفيلد كوك الذى كانت تشاركه الكتابة، وراح يوحى من خلال كلمات مبتذلة وبهدوء قاتل مستفز بأن ثمة علاقة آثمة بينها وبين كوك.. فى مشهد رائع تجلت فيه عبقرية الأداء وسخاء الموهبة لدى الممثلة القديرة هيلين ميرين حين يطعن هيتشكوك استقامتها ويلوث شرفها وينفى إخلاصها بشكل يؤكد غيرته الحمقاء وأنانيته المفرطة ومحاولته إخفاء عجزه، تندفع صارخة فى حدة تذكّره بسنوات طوال وقفت فيها خلفه تدعمه وتساعده واحتملت فيها نزواته المتعدّدة، وعشقه لنجمات أفلامه وتحرّشه ببعضهن -مثلما حدث مع تيبى هيردين بطلة فيلميه «الطيور» و«مارنى»- بل وتلصصه عليهن فى أوقات كثيرة.. استطاعت هيلين من خلال قدرتها على التحكُّم فى انفعالاتها وضبط إيقاعها المتصاعد أن تصل إلى ذروة التعبير عن حالة امرأة تثق فى نفسها وتدرك هشاشة زوجها وتحاول إيقاظ روحه المنغمسة فى الرذائل، وهو مشهد ارتفع بها إلى مصاف الترشيح لجائزة أوسكار أحسن ممثلة ٢٠١٣.

يتابع الفيلم ما حاق بالمخرج الكبير من رفض كل من حوله لمشروعه، وكراهيته للرقابة «ليس هناك أسوأ من الذهاب إلى طبيب الأسنان إلا الذهاب إلى الرقابة» بسبب تعنُّت مسئوليها وعدم موافقتهم على تنفيذ مشهد الحمّام الشهير، ثم مساوماته مع الرقباء الذين كانوا يرفضون ظهور المرحاض فى أى فيلم أمريكى أو تصوير الجزء العلوى من جسد المرأة عارياً، كما «لن نسمح بسكين يخترق جسد امرأة»! وتم تهديده بمنع عرض فيلمه نهائياً فى أمريكا، لكنه فى النهاية حصل على الموافقة بعد مقايضتهم على السماح له بمشهد الحمّام فى مقابل تصوير مشهد المضاجعة كما يريد الرقيب!!

ينتصر هيتشكوك فى معركته وينجح فى إنتاج وإخراج «سايكو»، وفى ليلة العرض الأول، يغادر مقعده بين الجماهير الذين امتلأت بهم دار العرض، ليقف وحيداً خارج القاعة يستمع إلى ردود فعل المشاهدين، وحين تبدأ آهات الرعب وصيحات الهلع، هنا يتألق هوبكنز ويقدم درساً بليغاً فى أداء السهل الممتنع، بمكياجه المتقن الذى حوّله إلى شخص بدين أقرب، شكلاّ، إلى صورة هيتشكوك ليتقمّص شخصية مايسترو يعزف سيمفونية الرعب على أوتار مشاعر الجماهير ويستمد سعادته من خوفهم وتزداد نشوته حين تتعالى أصواتهم هلعاً أو تنخفض مع احتباس أنفاسهم، فى هذا المشهد، نَفَذَ هوبكنز، بمهارة، إلى جوهر شخصية هيتشكوك، الفنان والرجل المراوغ!! وقدّم مع هيلين ميرين -على مدى زمن الفيلم- قطعة نفيسة من الأداء التمثيلى الراقى والأنيق، أعطت الفيلم مذاقاً خاصاً ونكهة مختلفة ومنحته قبلة الحياة! 

«المستحيل»

على أبوشادى

الأربعاء 03-04-2013 08:56

عن قصة حقيقية جرت وقائعها فى السادس والعشرين من ديسمبر عام ٢٠٠٤ عندما داهم إعصار تسونامى الرهيب، إحدى أكبر الكوارث الطبيعية فى العصر الحديث، شواطئ جنوب شرق آسيا جارفاً ومحطماً كل ما فى طريقه من مبانٍ ومركبات وشجر وبشر، يتابع المخرج الإسبانى «خوان أنطونيو مايونا » فى فيلمه «المستحيل » ٢٠١٢ الذى أعدّه كاتبا السيناريو سيرخيو سانشيز وماريا بيلون تفاصيل ما حدث لأسرة تمت نجاتها من الإعصار مكونة من خمسة أفراد: الأب هنرى والأم الطبيبة ماريا وثلاثة أبناء، الصبى لوكاس فى الثالثة عشرة من عمره والطفلان توماس وسايمون الذين وصلوا إلى مدينة «كاو لاك» على شواطئ تايلاند للاستجمام والاحتفال بأعياد الكريسماس.. فى مقدمة قصيرة وعبر عدد من المشاهد نتعرف على العلاقات الحميمة بين أفراد الأسرة ويصور المخرج جمال الطبيعة حيث الشمس المشرقة والسماء الصافية والرمال البيضاء.. فجأة يختفى ذلك كله حينما تغضب الطبيعة وتكشر عن أنيابها ويتحول البحر الهادئ إلى موج هادر يجرف ويبتلع كل من فى المنتجع.. لفترة طويلة يركز السيناريو على محاولات الأم النجاة وتشبثها بالحياة ومقاومتها شبه المستحيلة لضربات المياه الهادرة.. هنا يتألق مدير التصوير «أوسكار فايورا» فى تقديم عدد من المشاهد الرائعة تحت الماء حيث يتحول نصف الكادر إلى اللون الأحمر لون الدم النازف من جروح ماريا الغائرة والنصف الآخر باللون الأبيض حيث تبدو الأجسام شبحية تحركها الدوامات المتلاحقة، طوفان تلو طوفان، أنجزها فريق المؤثرات البصرية بمهارة، مع مونتاج لاهث متدفق لـ«إيلينا رويز وبرنات فيلابلانا».. تلتقى الأم وسط الموج بابنها الأكبر وتنجح محاولتهما فى الهروب من المياه إلى أن ينقذهما بعض أهالى المنطقة وينقلوا الأم الجريحة إلى المستشفى.

لاحقاً، نتابع ما بعد الإعصار وما ترتب عليه من آثار تخريب ودمار.. دون تفاصيل، وفى اقتضاب مُخل، بعد إسهاب مُمل، نكتشف نجاة الأب وطفليه ليبدأ الأب رحلة البحث عن زوجته وابنه الأكبر.. بعد عشرات المشاهد الميلودرامية المستهلكة.. يصل الأب، بالصدفة، إلى «ذات» المستشفى الذى تعالج به الأم ويكاد يلتقى الابن، لكن القدر، والسيناريو بالطبع، يؤجل ذلك قليلا فى ابتزاز سمج لعواطف المشاهدين كى تتأجج مشاعرهم قلقاً وحزنا.. فالأب الملتاع يسبق ابنه بخطوات، وستارة رقيقة تحجب رؤيته لزوجته.. وطفلاه على بعد أمتار.. لكنهم جميعاً لا يعرفون، وبصدفة أخرى سعيدة -دبّرها السيناريو الكسول- سرعان ما يلتقون!!

أسرة واحدة من بين آلاف الأسر وخمسة أفراد من بين عشرات الآلاف من الضحايا انشغل بها الفيلم متجاهلاً ما حاق بالآخرين مما ضيّق رؤيته للواقع وجعل ما حدث أقرب إلى الحوادث الفردية وأفقده بالتالى كثيراً من المصداقية.. وإن منحت «نعومى واتس» بأدائها المتميز لدور الأم نوعا من التفرد والخصوصية للشخصية جعلها تستحق الترشيح لجائزة أحسن ممثلة فى مسابقة الأوسكار العام ٢٠١٣.. . من أبلغ لحظاتها وهى كثيرة، أثناء محاولة الأهالى إنقاذها، وهى الجريحة النازفة، بسحبها على الأرض الخشنة والألم يعتصرها، تبلغ قدرتها على التعبير ذروتها.. تقترب الكاميرا من وجهها فى لقطة مكبرة للعينين والفم فقط.. نكاد نعتقد، حقاً، أنها تحتضر.. كما ساهم الصبى «توم أولاند» فى دور لوكاس -بموهبته الاستثنائية- فى إضفاء رونق خاص على المشاهد التى ظهر بها، ووفق فى التعبير عن الانفعالات المتباينة والمختلفة، وتحوله من صبى مشاكس إلى فتى على أبواب الرجولة والمسئولية ومن أكثر مشاهده تأثيرا تلك اللحظة التى استدار فيها معتذراً تكسو وجهه علامات الخجل والحياء حين وقع نظره على نهد أمه عارياً.

بعيدا عن السيناريو المتهافت، جاء شريط الصوت كأحد العناصر المهمة والمتميزة فى «المستحيل » سواء من خلال المؤثرات الصوتية فى لحظات الإعصار أو عبر موسيقى «فرناندو فالزكويز» التى بدت نوعاً من التعبير الموازى لمشاعر الشخصيات أو حركة الأحداث.

فى سيناريو « المستحيل» الذى وقع أسيراً للقصة الحقيقية التى حدثت بالفعل رغم استحالتها، تتوافر كل عناصر الميلودراما، فالقدر -من خلال الصدفة المتكررة- يلعب دوراً أساسياً فى حركة الأحداث ومصائر الشخصيات، عجز صنّاع الفيلم عن الإفلات من قبضتها، وغرقوا فى تفاصيلها، وأهدروا فرصة ثمينة لتقديم تراجيديا إنسانية تحترم ثورة الطبيعة، وتؤمن بإرادة الإنسان!

الوطن اليوم في

03/04/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)