انها حرب طويلة ، كلمة يكررها الساسة في الولايات المتحدة الأمريكية
مرارا ولايملون تذكير الرأي العام بها وما تلبث تلك الحرب الواحدة ان تتفرع
الى حروب اخرى تضطلع بها الإمبراطورية لتحقيق قيم امريكا في الديموقراطية
والعدالة وحقوق الأنسان وكان من ثمارها حرب الثنائي بوش الأب والأبن وهذا
الأخير الذي اضاف لها قداسة في واحدة من شطحاته و احاديثه وخطبه طيلة
قرابة عقد من الزمن عندما كان يتحدث عن ما يسمى الحرب على الإرهاب في
مقاربة قوامها ومعادلها الموضوعي الحرب على الأسلام ونسف القيمة والمكانة
والسمعة والوجدود الأسلامي من الداخل في عدد من الحواضر والحالات وصولا الى
التجييش الأعلامي الذي لم يتوقف يوما عن ايصال فكرة ان الأسلام ليس الا دين
شر كما يذهب متطرفون وشوفينيون متعصبون كثر.
لكننا سننتقل الى واحدة من حروب امريكا بل هي الحرب الحقيقية لها
والأطول على مر تاريخها على الأطلاق وحتى اليوم ، انها حربها مع ذاتها وفي
دخل المجتمع الأمريكي ممثلة في الحرب على المخدرات وهو مايناقشه هذا الفيلم
الوثائقي المتميز " المنزل الذي نعيش فيه " للمخرج "ايوجين جاريكي" والذي
كان قد توج في مهرجان سندانس وعرض باهتمام كبير في مهرجان امستردام الدولي
للسينما الوثائقية في دورته الأخيرة
.
الحقيقة الصادمة الأولى التي يقدمها الفيلم بعد بحث معمق في الظاهرة
وتجوال مضن في اكثر من 20 ولاية امريكية ، هذه الحقيقة الصادمة تقول ان
امريكا حققت اعلى رقم على مستوى العالم في عدد السجناء المتهمين بقضايا
المخدرات اذ بلغ عدد هؤلاء السجناء 45 مليون سجينا واذا علمنا ان عدد سكان
الولايات المتحدة يشكل مامجموعه فقط 5% من عدد سكان العالم فأنها في
المقابل لديها 25 % من عدد السجناء في العالم اي بمعدل مواطن امريكي واحد
من كل مئة هو في السجن وهي اعلى نسبة في العالم كما ذكرنا على ان الظاهرة
بدأت بالنمو والتفاقم ابتداءا من خمسينيات القرن الماضي وعششت ونمت
بالتدريج في تجمعات السود حيث الفصل والتممييز العنصري والعرقي آنذاك ،
مجتمعات الفقر وانعدام المساواة وانعدام العدالة الأجتماعية حتى بلغ عدد
المحكومين بجرائم المخدرات حتى هذه الساعة قرابة نصف مليون امريكي يقبعون
في عشرات السجون في انحاء الولايات المتحدة خاصة بعد ان تضاعفت اعداد
متعاطي المخدرات كما المعتقلين بسببها بنسبة 126% ابتداءا من العام 1980
وفي هذا العام تحديدا اعتقل مليون ونصف المليون امريكي على ذمة قضايا تتعلق
بالمخدرات وسجن نصف مليون منهم بعقوبات جزائية ..
يعود الفيلم بالذاكرة الى جذور مقولة العدو الرقم واحد لأمريكا مؤكدا
انها بدأت تنتشر وتشيع وتتحول الى لازمة متكررة ابتداءا من مطلع الستينيات
من القرن الماضي ولم تكن الأعلانات والبرامج الدعائية وحملات السياسيين
الأنتخابية الا الواسطة الفعالة التي رسخت اسم ومعنى هذا العدو في اوساط
الرأي العام .وهو ذات المعنى الذي تصدى له رؤساء امريكا على تعاقبهم من
جونسن (1963-1969) وحتى اوباما ( 2009- .....) لكن الملفت للنظر هو ان
تعلن اعلى هيئة امريكية لمكافحة المخدرات ان الحرب على المخدرات قد فشلت
على مستوى العالم او هي في طريقها الى الفشل وذلك في اعلان رسمي نشر في
حزيران يونيو 2011 هذا اذا علمنا انه منذ العام 1971 مثلا بلغ مجموع ماانفق
على حرب المخدرات الف مليار دولار وبلغ مجموع من تم سجنهم منذ ذلك التاريخ
على ذمة قضايا مخدرات اكثر من مليونين ، ومعلوم ان العام 1971 شهد اعلان
الرئيس الأمريكي نيكسون ( حكم 1969- 1974) الحرب على المخدرات .
يعرض الفيلم من بين مقابلات عدة ، مقابلة مع " ديفيد سيمون " الباحث
في شؤون المخدرات الذي يقول : ان المشكل يكمن في سهولة انتشار المخدرات في
اوساط المراهقين بشكل خاص ، ولاننسى ان صورها في وسائل الأعلام وافلام
الكارتون ومشاهد التعاطي التي تظهر في مئات الأفلام السينمائية كان لها دور
مباشر وغير مباشر والحصيلة هي ان الولايات المتحدة هي الأولى في الأنفاق
على المخدرات وانتشارها ومليارات الدولارات انفقت على ادارة سجون خاصة
بالمطلوبين على ذمة قضايا مخدرات فضلا عن مئات من رجال الشرطة والمحققين
والقضاة والباحثين الأجتماعيين والنفسيين ".
ومقابلة اخرى مع الباحث " ديفيد كنيدي " المتخصص في العدالة الجنائية
الذي يذهب الى ان المشاهد المتكررة لألقاء القبض على مراهقين بتهمة الأتجار
والتعاطي تثير العديد من علامات الأستفهام ، انهم باختصار لديهم شعور برفض
المجتمع ، يشعرون بوطأة غياب العدالة الأجتماعية وذلك مايؤكده ايضا
الدكتور " غابور مايت " المتخصص بالمعالجة النفسية للمدمننين في مقابلة
اخرى بقوله " ان من اعالجهم هم اناس محبطون ، متألمون ، ضائعون ، يعيشون في
دوامة لاتنتهي وسط نظام اجتماعي لايلتفت اليهم ، مثال على ذلك " موريس
تيوانجر" المحكوم حاليا ، بدأ تعاطي المخدرات وبيعها منذ كان عمره 14 عاما
، وهو يعيش في كنف عائلة متورطة مابين جرائم القتل والسرقة وتعاطي المخدرات
، فماذا نتوقع ان يكون سلوك ذلك المراهق ؟".
"
اياوا ، نيبراسكا ، ميسوري " هذه هي الولايات الأمريكية الأشهر في تجارة
المخدرات والحواظن الأكبر لها وهي التي تروج الى ان المخدرات الأمريكية هي
الأرخص والأحسن جودة والأقل سعرا ..
هذا مايؤكده الفيلم وهو يغوص في وسط هذه الدوامة التي يعيشها المجتمع
من الداخل ، انه يغوص عميقا في تقصي الظاهرة من خلال كم كبير من المقابلات
مع قضاة واطباء ومدمنين وغيرهم والحاصل اننا ازاء اشكالية معقدة للغاية
لاسبيل للأحاطة بها بسهولة لأنها تبدو في شكل اخطبوط متشعب تداخلت فيه
المشكلات والتعقيدات الأجتماعية والتمايز الطبقي مع مستحدثات التكنولوجيا
وسهولة الأتصال وظهور اجيال من الهامشيين والمحبطين الذين لايشعرون بأي شكل
من اشكال الأنتماء
.
وبموازاة ذلك نجد ان حرب امريكا الطويلة والمعقدة على المخدرات والتي
امتدات لأكثر من نصف قرن حتى الآن وماتزال ، يلفت النظر فيها انها تعد
حربا غير مباشرة وغير مرئية فكثير من الأمريكيين لامعرفة لهم بمايجري من
حولهم بهذا الخصوص ولا يعلمون شيئا عن جسامة تلك الحرب الشرسة وتكاليفها
الباهضة وخسائرها الجسيمة .
وينتقل الفيلم الى ماهو خارجي وابعد من حدود الظاهرة المحلية الى حيث
الحدود الأمريكية المكسكية التي تعد هي الأخرى معضلة مزمنة بسبب تفاقم
ظواهر تهريب المخدرات عبر الحدود الطويلة التي تمتد الى اكثر من ثلاثة الاف
من الكيلومترات ومابين التهريب والتسلل عبر الحدود تبرز معضلة الأتجار
بالمخدرات تحديا هائلا يقض مضاجع السلطات
.
المنزل الذي يعيشون فيه ، منزل الرفاهية يتهدده هذا الوباء وتستنفده
جهود شاقة في صراع طويل مع المخدرات ولهذا فأن مايرافق هذه المعضلة هي
ظواهر العنف والقتل في بيئات موبوءة تتطلب على الدوام مواجهات مسلحة مع
بارونات المخدرات والمرتزقة الذين يعملون تحت امرتتهم
..
هذه الخلاصة وخلاصات اخرى يمضي الفيلم في تتبعها بدقة وموضوعية ليقدم
فيلما – رسالة وثائقية غزيرة الدلالة والمحتوى تتصدى لظاهرة متشعبة وخطيرة
تفتك بشرائح اجتماعية واسعة وتستهلك مايعادل ميزانيات دول بأكملها ولكن من
دون جدوى فالظاهرة تتسع وتتفاقم كل يوم
.
الجزيرة الوثائقية في
24/04/2013
الفيلم التلفزيوني "فيل سبكتور" لديفيد ماميت..
ضائع ضائع ضائع ( هوو هاا
)
ترجمة: عباس المفرجي
لم تعد لانا كلاركسون شخصية معروفة بعد الآن، لكن حين وُجِدت ميتة –
بطلق ناري في فمها – في القصر الكاليفورني لمنتج في موسيقى البوب، فيل
سبكتور، في 2003، فإن هذه الممثلة التي تحوّلت الى مضيفة في نادي ليلي فازت
في النهاية بلحظة مجد كانت تزوغ منها لفترة طويلة.
كما تصفها شخصية في الفيلم الجديد لأتش بي أو [ هوم بوكس أوفيس، شبكة
تلفزيون امريكية ] : ((إنها كابوس كل امرأة)) ذلك لا يفسّر لماذا ديفيد
ماميت كتب وأخرج " فيل سبكتور "، رواية عن فضيحة تجعل قرينة الشك لصالح
سبكتور، الذي كان حوكم عن جريمة قتل كلاركسون في 2009 في محاكمة ثانية.
استفاد سبكتور أيضا من إتاحة الفرصة لرواية قصته بواسطة طاقم عظيم من
الممثلين، يقودهم آل باتشينو وهيلين ميرين.
يمكن ان يكون أن سبكتور هو كابوس كل شخصية مهمة في هوليوود : شهير،
يفقد كل شيء وينتهي في المحكمة، يبدو ضعيفا، مذنبا ومُجَزَّعا. إدّعى
سبكتور أن كلاركسون أطلقت النار على نفسها وجعلت منه ضحية. في الفيلم، يشير
إليها بقوله (( تلك البلهاء ))، ويقول أنها (( أتت الى هنا ودمّرت حياتي
بغرزها مسدس في فمها. )) فيلم " فيل سبكتور " لا يدور حول علاقته مع
كلاركسون، 40 عاما، التي كانت تعمل في نادي الهاوز أوف بلوز في وست هوليوود
وكانت تأمل في بداية انطلاقة مسيرتها الفنية المؤجلة عندما ذهبت الى المنزل
بعد منتصف الليل مع رجل الموسيقى العجوز.
هو ليس رواية سيرية مقنعة عن طفولته الصعبة ومسيرته الفنية اللافتة
للنظر منتجا لأغاني مثل " دا دو رن رن "، " ذا لونغ وندنغ رود " و" يو هاف
لوست ذات لوفنغ فيلينغ "، رغم أن الكثير من موسيقاه لم تكن موسيقى أفلام.
الفيلم هو أساسا مسرحية من شخصين عن سبكتور وواحدة من محامي الدفاع عنه،
لندا كيني بادن، التي تلعب دورها هيلين ميرين. ليس هناك الكثير من الشدّ
الدرامي بين الاثنين : لندا هي، في البداية، نزّاعة الى الشك حول القضية،
لكنها تستسلم لكاريزما موكلها وتعثر على أسباب للتصديق بأنه يقول الحقيقة،
أو أن هناك، في الأقل، شك معقول. نشهد للممثلين أنهم استطاعوا أن يؤدّوا
ببراعة قصة لا تتمتع بالكثير من الجاذبية.
يُفتتح الفيلم مع إنكار أن أوصاف " فيل سبكتور " كعمل خيالي (( ملهَمة
)) بأشخاص حقيقيين في محكمة، ثم يضيف، (( لكنه ليس محاولة لتصوير أشخاص
حقيقيين، ولا تعليق على المحاكمة أو نتيجتها.
))مع ذلك، التركيز على الرابطة الحنونة بين المحامي والموكّل تبدو أشبه
كثيرا بتشريع معدّل أو ربما حتى غفران.
كلٌ له الحق بأفضل دفاع متاح، لكن ليس الكل يستحق أن يُلعَب دوره
بأفضل ممثل متاح.
باتشينو، الذي كان نجما لنسخة الفيلم من دراما ماميت " غلينغاري غلين
روس "، أدّى أدوارا عديدة لأنانيين متبجحين، من ضمنهم جاك كيفوركيان في
الفيلم السيري من إنتاج أتش بي أو عام 2010، " أنت لا تعرف جاك ". كما فيل
سبكتور، آل باتشينو مصاب بالشلل الإرتجافي، سريع الغضب واحادّي المسّ، لكنه
غير منفر بالكامل. ثمة بريق حيني من الوعي بالذات في عينيه، وومضة من عقل
فكه في خطبه اللاذعة الفخيمة. لندا، بعد أن قضت بعض الوقت في قلعته العجيبة
في الهامبرا، كاليفورنيا، تقول انها تريد أن يراه المحلفون رجلا (( شاذا
محبوبا. ))
ميرين، يمكن لها أن تؤدي أي دور، لكنها في هذا الفيلم، وعلى نحو
مفاجئ، مثقفة وملوكية، ولا تشبه بالمطلق لندا الحقيقية، الشديدة الشقرة
التي تشق طريقها بصعوبة والتي تبدو أقرب الى نانسي غريس من غريس كيلي. في
الواقع، أداء ميرين يعيد الى الذهن دورها في فيلم " متهم رئيسي "، دور جين
تينيسون، مفتشة في قسم جرائم القتل، بطلة متهورة في سعيها نحو العدالة. في
هذا الفيلم، لندا مريضة بمرض مجهول لكنه على ما يبدو مقلق، يعمل على تعزيز
تفانيها في قضية موكلها. ( في الحياة الحقيقية تشفى كيني بادن وتمضي
بالدفاع عن كيسي انتوني، من ضمن آخرين. )
حازت ميرين على الأوسكار عن أداء دور اليزابيث الثانية في فيلم "
الملكة " ( 2006 )، الذي كتب له السيناريو بيتر مورغان، المتخصص بكتابة
المسرحيات والأفلام التي تتناول تصادم شخصيتين في لحظة حرجة من التاريخ –
اليزابيث ورئيس الوزراء في ذلك الوقت، توني بلير، مباشرة بعد وفاة دايانا،
أميرة ويلز؛ ديفيد فروست وريتشارد نيكسون عقب فضيحة ووترغيت.
بخلاف مواضيع الشخصيات تلك، " فيل سبكتور " ليس له محتوى أوسع أو أي
شيء غير عادي بوجه خاص يمكن قوله عن قضية جريمة قتل. سبكتور هو رجل في صف
طويل من النجوم الذين ضلّوا السبيل واُتهِموا بجريمة لا توصف، من فاتي
آربوكل في زمن السينما الصامتة، الى الممثل روبرت بليك، في زمن حديث جدا.
قد يعتقد ماميت أن الأدلة ضد سبكتور، في الواقع كما في فيلمه، دلّت
على شك منطقي. في 2011، قال للفايننشال تايمز: (( سواء كان إرتكب الجريمة
أو لا، فنحن لا نعرف، لكنه لو كان مجرد مواطن عادي لما قاضوه بتهمة أبدا. ))
عدة شخصيات تميل الى الاعتقاد أن سبكتور دفع الثمن عن مشاهير هوليوود
الآخرين، الذي كانوا مذنبين الى حد بعيد لكن أُعلن عن براءتهم بواسطة
محلفين. في الفيلم تنذر ليندا محامي آخر من محاميي سبكتور، بروس كولتر (
جفري تامبور )، (( سيحاكمونه على جريمة قتل زوجة أو جَي سمبسون، وسيجدونه
مذنبا.
))
في فيلم " فيل سبكتور "، صُيغت وقائع القضية والشخصيات لإتاحة الشك
للمشاهدين بذنب سبكتور. لكن حتى مع سيناريو ماميت وممثلين مثل باتشينو
وميرين ليس هناك الكثير ما يمكن لأحد فعله لجعل المشاهدين يهتمون. كما عبّر
كولتر، (( لا يوجد ما يُنقَذ في صاحبنا.
))
عن صحيفة النيويورك تايمز
(
عشر سنوات من حياتي )
أسئلة النساء العراقيات في فيلم وثائقي طويل
المدى الثقافي
انتهت الأسبوع الماضي في بغداد عملية تصوير المشاهد الأخيرة من الفيلم
الوثائقي الطويل ( عشر سنوات من حياتي) الذي كتب السيناريو له كريمة
الحبيب، و من إخراج خالد زهراو في عمله الوثائقي الجديد الذي يدون حياة
مجموعة من النساء العراقيات ينتمين إلى قوميات و ديانات مختلفة ،و يشتركن
في عراقيتهن التي يدافعن عنها رغم الكم الهائل من الصعوبات و تحديات
الحياة في العراق خلال العشر أعوام الماضية، و التي بدأت منذ الإطاحة
بالدكتاتورية و سلطة الفرد الواحد عام 2003 و استمرت ليومنا هذا ، حياة
هؤلاء النسوة اللواتي يشتركن مع ملايين النساء العراقيات في كونهن شاهدات
على عمليات التغيير التي تجري داخل المجتمع العراقي في جميع نواحيه و
خصوصاً ما يتصل بالمرأة يقول خالد زهراو عن فيلمه الوثائقي الجديد :(( منذ
بداية العام الحالي وأنا اشتغل على إنتاج هذا الفيلم بعد ان اتفقت مع فريق
العمل على شكل الفيلم و طريقة تنفيذه ، كان لدينا عائلة عراقية من جنوب
العراق ستكون موضوعاً للفيلم ، و بعد ان بدأت بالاتصال و التحضير وجدنا ان
الكثير من النساء العراقيات يمتلكن ما يتشاركن فيه ، انه الكم الهائل من
الضغط و القلق و الخوف الذي لا يتوقف أبداً ، كل هذا الألم بدأ قبل العام
2003 و كان التغيير الذي حصل برحيل الدكتاتورية هو بوابة للأمل الجديد
بالتحسن و خلق عالم ومجتمع أفضل ، أو مثلما تقول واحدة من شخصيات الفيلم
:( كان ضوءاً في نهاية النفق المظلم قد لمحناه أخيراً ) و تستمر بالقول
بحزن كبير :( لكن النفق المظلم استمر و ما ظنناه ضوءاً كان سراباً فقط ) .
فيلم ( عشر سنوات من حياتي تشترك في سرد حكايات النساء العراقيات فيه ثمان
نساء من العراق وهن يلتقين في هواجس متشابهة ومخاوف و معاناة متقاربة رغم
اختلافهن بالسن و مكان العيش و نوع الوظيفة و العمل ، من طبيبة أسنان إلى
مهندسة ومن صحفية تلفزيونية إلى رسامة ومن موظفة جامعية إلى كاتبة
ومترجمه، ينتقل سيناريو الفيلم ليمنح النساء جميعاً وقتاً لقص الحكاية على
المشاهدين و المشاهدات اللواتي لا يختلفن أبداً عن شخصيات الفيلم الثمانية
، يتحدث المخرج خالد زهراو عن تنفيذ الفيلم :(( عمل معي في البحث و
التحضير السيدة ريا عاصي والتي عملت من قبل في عدة محطات تلفزيونية عراقية
، و على الكاميرا و التصوير كان معي حسين زهراو الذي
عمل معي سابقاً في تصوير السلسلة الوثائقية بغداد المدينة و الناس و التي
عُرضت على مدى الأشهر الأربعة الماضية على قناة السومرية العراقية ، و ساعد
في الإنتاج مجموعة من الشباب الموهوبين الذين عملوا معي سابقًا في أعمال
عديدة ، فيما كتبت مع السيدة كريمة الحبيب سيناريو الفيلم و معالجته وأسلوب
تناوله لشخصيات الفيلم الثمانية ، نحن الآن في مرحلة المونتاج و أسعى ان
يتم انجاز الفيلم ليكون جاهزاً للعرض خلال الأسابيع القادمة )) الجدير
بالذكر هنا ان خالد زهراو يعمل كصانع أفلام وثائقية ، كان قد أنجز خلال
السنوات الماضية العديد من الأعمال للتلفزيون منها مسابقة السومرية لأفلام
الهواة في موسمها الأول والذي أنتجته و عرضته قناة السومرية مثلما أنجز
السلسلة الوثائقية - بغداد المدينة و الناس - التي عرض فيها سرداً شفاهياً
و بالصورة لمواضيع عديدة مرتبطة بمدينة بغداد و ناسها وتقاليدهم و طريقة
حياتهم .
يقول زهراو عن الانتاج و عرض الفيلم : (( عشر سنوات من حياتي هو فيلم
وثائقي أسعى من خلاله الى عرض حكايات النساء العراقيات و قصصهن ليعرفها
جميع الذين يتشاركون بطريقة او بأخرى في هذه القصص ،الفيلم هو رحلة مع
سيدات يراقبنَّ حياتهن و يطرحن تجربتهن في العيش داخل العراق و عدم
مغادرته لأي مكان في العالم رغم كل شيء ، أجيال مختلفة يقدمها هذا الفيلم
وهو يراقب أوضاع النساء خلال العشر سنوات الأخيرة ، برغم وجود قوانين تحمي
المرأة ، وبرغم وجود نص دستوري بان نسبة تمثيل المرأة في مجلس النواب لن
تقل عن 25 بالمئة وبرغم وجود مئات من مؤسسات المجتمع المدني التي تهتم
بقضايا المرأة فان وضع المرأة في العراق هو الأصعب)) تقول سيدة تظهر في
الفيلم : ان وجود وزارة للمرأة في العراق لم يمنع من الانتهاكات المتكررة و
المضايقات التي تتعرض لها النساء . أما عن شخصيات الفيلم فيقول مخرجه خالد
زهراو : (( ثمان سيدات وآنسات يشكلن النسيج الدرامي و الحكائي للفيلم ،
السيدة زينة الحلفي التي تعرضت ابنتها ذات الأربع سنوات لعملية خطف أدت
لاحقاً الى فقدانها حياتها ، السيدة سندس إبراهيم التي فقدت زوجها أمام
عينيها في عملية اغتيال أثناء فترة العنف الطائفي ، السيدة نرمين المفتي من
مدينة كركوك و السيدة برتان چقماقچي التي عادت من استراليا لتعيش محنه
الانتماء و البقاء و الرحيل ، السيدة توحيد جبار التي تروي تاريخ نساء
مدينة العمارة ، السيدة ذكرى سرسم التي تراقب وضع العنف ضد المرأة ، الآنسة
نوف محمود التي كانت في العاشرة من عمرها حين دخل الأمريكان العراق للإطاحة
بالنظام الدكتاتوري و أخيراً الآنسة صابرين كاظم التي عملت كمراسلة
للتلفزيون في فترة حصار مدينة الثورة-الصدر أثناء اصطدام بالقوات
الحكومية، هؤلاء النسوة و على قدر كبير من الجرأة يتناولن حكاية عشر سنوات
من حياتهن التي تتقاطع مع حياة النسوة العراقيات ويقَدمهنَّ الفيلم شاهدات
حقيقيات على ما حصل للجميع في العراق )) الفيلم جرى تصويره في أماكن مختلفة
في العراق و سيتم عرضه في مجموعة من مهرجانات السينما التي تهتم بقضايا
المرأة في العالم العربي و أوربا وأمريكا
"الخادم"
قاد السينما البريطانية إلى عهد جديد
ترجمة /عبد الخالق علي
مرت خمسون عاما منذ أن تسبب فيلم جوزيف لوسيه ( الخادم ) في تحرير
صناعة السينما البريطانية، وقد تكهن جيوفري ماكناب بآثار هذا الفيلم قبل
عرضه على الشاشة .
بعد خمسين عاما من العرض الأول لفيلم ( الخادم ) في عام 1963 المأخوذ
عن رواية للكاتب روبن موم، من السهل أن ننسى تماما كيف كان الفيلم يبدو و
كأنه عمل آثم؛ فلقد كانت بداية الستينات فترة لأفلام نورمان ويزدوم
الكوميدية مثل ( غرزة في الوقت المناسب - 1963 ) ، و أفلام الحرب الصاخبة
مثل ( السرب 633 - 1964 ) . صحيح إن السينما البريطانية كانت لها "
موجتها الجديدة " من أفلام توني ريتشاردسون و كاريل ريز في صناعة الأفلام
الجديدة الشجاعة في شمال انكلترا، فان فيلم لوسيه لم يكن يشبه أفلاما مثل (
عدّاء المسافات الطويلة ) أو ( ليلة السبت و صباح الأحد ) . كان فيلم
الخادم بمثابة نسخة شهوانية ملتوية لأحدى قصص جيفز وودهاوس
.
تجول الكاميرا في شارع تشيلسي قبل ان تنتهي عند واجهة متجر توماس
كريبر . أمام المتجر و عبر الشارع ، يلوّح باريت ( ديرك بوغارد ) بمظلته و
هو في طريقه لمقابلة السيد توني ( جيمس فوكس ) ذلك الشاب الأنيق الذي يبحث
عن خادم جنتلمان لمنزله الجديد في المدينة.
المدهش في فيلم الخادم ليس موضوعه – العلاقة المشاكسة ، المتحولة و
الحميمة بين السيد وخادمه – و انما نمطه المبهرج. كانت الأفلام البريطانية
تتسم بالكبت، إلا ان لوسيه ( الأميركي الذي لجأ الى المملكة المتحدة هربا
من المطاردات المعادية للشيوعية ) كان على استعداد دائما للتباهي بعمله
الفني – موسيقى الجاز - و استخدام الكاميرا بشكل ملتوي ، و استخدامه
للمرايا التي ولّدت تأثيرا مربكا و متنافرا . حتى استخدام الحوار كان أنيقا .
كتبت الرواية في أواخر الأربعينات من القرن الماضي، إلا ان الفيلم
أطلق في بداية الستينات في فترة كانت فيها الثوابت القديمة عن الطبقات و
الجنس تتعرض لتحديات غير مسبوقة – كان عام 1963 عاما للعلاقات الجنسية.
يرسم فيلم الخادم صورة مجتمع بريطاني وسط اضطرابات اجتماعية عميقة؛
فكرة عفا عليها الزمن عن خدم البيوت . لا يعيش توني في منزل ريفي من طراز
الأديرة في داونتاون، بل يعيش لوحده قي لندن . لا ندري من أين جاءت ثروته (
نفترض انه ورثها ) او ما هي طبيعة عمله ( لديه خطط عمل غامضة في أميركا
اللاتينية ) . يمتلك الكثير من مواصفات بيرتي ووستر – عاطل ، غير عملي ، و
يستمتع بالشراب – لكنه ليس شخصية مرحة . في البداية كان يبدو مسيطرا، عندما
يأمر باريت بفعل شيء ما، لكن سرعان ما ندرك بأنه يعتمد كثيرا عليه لأنه غير
قادر على القيام بأي شيء لنفسه .
السياق الفرعي للقصة – المثلية الجنسية – هو مسألة جدل مستمر. يقول
لوسيه مخاطبا احد الصحفيين :" لا أريد للفيلم ان يكون مجرد دراسة لعلاقة
مثلية صغيرة ". كما ان ديرك بوغارد كان يريد تخفيف هذا الجانب من الفيلم .
عند إطلاق فيلم الخادم، كانت ردود أفعال النقاد البريطانيين حماسية،
لكنهم كانوا مهتمين بالشد بين الطبقات أكثر من اهتمامهم بالانجذاب بين
السيد والخادم .
يضم الفيلم شخصيات نسائية قوية – سارا مايلز بدور فيرا شقيقة باريت
المنحلة التي ينجذب إليها توني ، إضافة الى ويندي كريغ بدور خطيبته
المشاكسة سوزان . يعلق براين روبنسون – مبرمج أفلام المثلية و السحاق في
مهرجان لندن – قائلا: " اعتقد ان النقاد في ذلك الزمن كانوا يشعرون بالصدمة
لما يجري في الفيلم" ، و يقتبس لحظة مبكرة في الفيلم عندما يلتقي باريت
لأول مرة بسيده الذي يسأله ان كان يجيد الطبخ . يتباهى الخادم قائلا : "
كانت وجبة البيض المخفوق بالحليب التي اعملها تحظى بالكثير من الثناء في
الماضي".
كانت النكهة العالمية لفيلم الخادم هي بالضبط ما استهوى نقاد الستينات
حتى و ان لم يكونوا مهتمين بالبحث عميقا في علاقة باريت بسيده . لقد
أشادوا بفيلم قدّم للشاشة البريطانية بعض ما يقدمه أفضل الايطاليين و
الفرنسيين على شاشاتهم ( كما جاء في حديث ديليس باول في الصنداي تايمز ) .
لا شك كان هناك تنمر على صفحات الجرائد فيما يتعلق بأهمية فيلم الخادم
، الا انه كان له تأثير تحرري على صناعة السينما البريطانية. بواسطة عينه
الثاقبة، اختار لوسيه سخافات النظام الطبقي البريطاني. فالرواية الأصلية
لكاتبها روبن موغام ، رويت من وجهة النظر الارستقراطية و كانت مليئة
بالغرور بلا خجل، لكن الفيلم –رغم تملق باريت – كان أكثر اعتدالا . يقول
توني ( جيمس فوكس ) مخاطبا وندي كريغ عندما خرجت معه :" انظري ، صحيح انه
خادم لكن مع ذلك فهو إنسان " . انه بالكاد استبصار أساسي، الا ان ما سبقه
من الأفلام لم تكلف نفسها عناء ذلك
.
الفنانة الإندونيسية براتيوي :
فخورة بقوة الهوية الثقافية لدى شباب بلدي
ترجمة / عادل العامل
يظل الموروث الثقافي، بالنسبة لسيترا براتيوي، الراقصة، و مصممة
الرقصات، و الباحثة الفنية، مفتوحاً دائماً على التفسيرات الجديدة و
الابتكار. و قد تسلّمت مؤخراً جائزة النساء الفنانات من مؤسسة كيلولا، و هي
منظمة مكرسة للارتقاء بالفنانين الإندونيسيين من خلال توفير تمويل و تدريب
لهم. و قد أُنشئت الجائزة لتكريم النساء اللواتي أنجزن اسهامات ثابتة
للفنون في إندونيسيا. و سيترا، و هي خريجة معهد الفن في يوجايكاترا حيث
تخصصت في فن الرقص الإثني Ethnomusicology،
مهتمة بقضايا النساء الإندونيسيات، و هي موضوعة تتخلل معظم عملها الفني.
و تعمل حالياً مخرجة فنية لـ " الفرقة المهاجرة Migrating Troop "،
و هي شبكة من الفنانين الأدائيين قاعدتها في يوجايكاترا. و كان آخر عمل لها
قطعة رقص مسرحية بالتعاون مع الكاتبة و الباحثة السنغافورية حسينة عبد
المجيد، قُدمت في العام الماضي، تنتقد العنف ضد النساء، و هو من القضايا
الساخنة في إندونيسيا في الوقت الحاضر.
و ترفض سيترا أن توضع في نوع فني معيّن و تعمل مع فنانين من فروع
مختلفة، و هي ممارسة تتّبعها بعد مشاركتها في برنامج لمنتدى الرقص الآسيوي
ــ الأوروبي عُقد في لشبونة، في البرتغال، عام 2009. و تقول :" حتى و إن
كان برنامج رقص، فإنه يسمح لنا بترجمة الرقص بطرق كثيرة جداً. و قد شجّعني
على دمج أنواع متنوعة، مثل التنصيبات
installations، الفيديوهات، و الأصوات، في عملي ". وتضيف
إلى ذلك " إن معظم المتعاونين معي يأتون من خلفيات متنوعة. فهم فنانو
أصوات، و فنانون بصريون، و باحثون و غيرهم. و قد جعلني ذلك البرنامج أعيد
التفكير في آرائي بشأن التعاونات. و تعلمت كيف أربط بين فِكَر من خلفيات
مختلفة إلى فكرة متماسكة واحدة في خلق قطعة رقص أدائية ". و أحد مصادر
سيترا الإلهامية هو كيف يطوّر الإندونيسيين الشباب، و يمزجون و يقدمون
الأفكار التقليدية، ( نسبةً إلى التقاليد )، مع اتجاهات عالمية اليوم. و
توضح سيترا ذلك بقولها: " و إني فخورة كيف أن الهوية الثقافية التقليدية
تبقى قوية لدى الناس الشباب في بلدي. و كما أرى في مشهد الفنون الأدائية
الحالية و أهدف إلى عرضه في أعمالي، فإن التقليدي مصدر للإبداع الفني
الجديد
".
أما المصدر الآخر للإلهام لديها، فهو مدينتها يوجايكاترا. " و إنني
محظوظة في أنني أعيش في يوجايكاترا ــ فهذه المدينة تضم الكثير من الفنانين
الجيدين و هناك العديد من الأحداث الفنية هنا. و في الوقت الذي تمتلك فيه
جذوراً ثقافية تقليدية قوية، فإنها كوّنت أيضاً مشهداً فنياً معاصراً
مدهشاً. و قد قادتني هذه الديناميكية إلى البحث عن الروابط بين الحديث و
التقليدي في الفن ".
عن
/ Culture
360
المدى العراقية في
24/04/2013
احتفاء بالمخرج ناني موريتّي
الأسبوع السينمائي الإيطالي.. المافيا على المحك
احتفاءً بالتعاون القائم بينهما على مدى خمسة نشاطات سينمائية، قرّرا
معاً تنظيم أسبوع سينمائي جديد، يُقدّم أعمالاً لسينمائيين متنوّعي
الاتجاهات. بعد أسابيع سينمائية خاصّة بالمخرجين ميكايلأنجلو أنتونيوني
(2009) وفيديريكو فيلّيني (2010) ولوتشينو فيسكونتي (2011)، وبالممثلَين
مارتشيلّو ماستروياني وفيتّوريو غاسمان (2012)، اختارت «جمعية متروبوليس»،
بالتعاون الجديد بينها وبين «المركز الثقافي الإيطالي في بيروت»، أفلاماً
منتمية إلى «السينما الإيطالية المعاصرة» لعرضها في صالة سينما «متروبوليس»
(«مركز صوفيل»، الأشرفية)، بين 25 نيسان و3 أيار 2013. اختارا معاً شخصية
سينمائية يُحتفى بها في إطار هذا الأسبوع: ناني موريتّي. السينمائي المشاكس
والإشكاليّ والسجاليّ، يفتتح هذا الأسبوع بفيلمه الإنساني المؤثّر «غرفة
الابن» (2001)، ويختتمه بـ«أصبح لدينا بابا» (2011). عشرة أعوام بين
الفيلمين، جزءٌ من سيرة ومهنة وحكايات. العلاقة بالابن والعائلة هاجسٌ لدى
موريتّي. لكن السياسة والبيئة الاجتماعية والطقوس والتقاليد الصارمة عناوين
اعتاد تناولها ومعالجتها بأسلوبه الساخر والانتقادي. «أصبح لدينا بابا»
توغّلٌ سينمائي في ذات إنسان (الكاردينال المُنتخَب حديثاً على رأس الكنيسة
الكاثوليكية) مرتبك وباحث عن خلاص أرضيّ له وسط صرامة الطقوس، وفي داخل
مؤسّسة حاكمة (الكنيسة نفسها)، مستمرّة في انغلاقها على مفردات عيش وعادات.
في «غرفة الابن»، ارتدى ناني موريتّي الممثل زيّ طبيب نفسيّ يستقبل
القادمين إليه للبوح بآلام وارتباكات وقلق ومخاوف وهذيانات. «تورّطه» في
عمله هذا شكّل منعطفاً خطراً في المسار الهادئ والمعتاد لحياة يومية، عاشها
مع زوجته وولديه. أحد «مرضاه» طلبه لحالة طارئة يوم أحد، فلم يستطع مشاركة
ابنه رياضة الركض. لكن، هناك أمر سيحصل. هناك شيء ما سيقلب الدنيا على
رأسه. تماماً كما حصل في «أصبح لدينا بابا»: لحظة واحدة جعلت الأمور مختلفة
عمّا سبقها، أو متناقضة معه. لحظة واحدة كفيلة بتبديل مجريات الأحداث، أو
بتغيير كل شيء. الكاردينال المنتخب حديثاً «بابا روما» لم يستطع تقبّل
المسؤولية، لارتباكه الذاتيّ. اللحظة التي اختير فيها بدّلت كل شيء لديه.
أخذته إلى الجهة المقابلة لحياته. دفعته إلى اختبارات أرضية أرادها. صنعت
له بداية انكشاف أمام الذات، وهو الأهمّ. انكشاف ممزوج بمرارة الأسئلة
المعلّقة، وبرغبة البوح الممنوع. انكشاف أمام الذات كمدخل إلى فهم هذه
الذات، أو التواصل معها خارج جدران الصرامة والتزمّت والانغلاق.
الأسبوع السينمائي الإيطالي حافلٌ بتنويعات تعكس شيئاً من حيوية
الاشتغالات السينمائية الإيطالية. منها: «غومورا» (2008) لماتّييو غارّوني
(29/ 4)، المأخوذ عن كتاب الصحافي روبرتو سافيانو، المقيم في «الخفاء» إثر
صدور قرار مافياوي بتصفيته، بعد صدور كتابه هذا، الكاشف خفايا الحياة
المافياوية في نابولي، وتفاصيل العمليات الإجرامية لـ«كامورا» (إحدى
العائلات المافياوية الأخطر). غارّوني، الفائز بالجائزة الكبرى للجنة
التحكيم الخاصّة بمهرجان «كانّ» في دورة العام 2008، انتقى من الكتاب ما
أعانه على فضح بعض تلك الخفايا، بأسلوب مختلط بين التشويق البوليسي وأنماط
العيش المافياوي، كاشفاً يوميات «بيئة حاضنة»، وإن لم تكن كلّها متعاونة. «غومورا»
أحد أجمل الأفلام المصنوعة عن عالم المافيات، التي حوّلت الصورة إلى تشريح
واضح لمكوّنات «امبراطورية كامورا» (العنوان الفرعي للكتاب). أحد أجمل
الأفلام المصنوعة بلغة بصرية، مرتكزة على شفافية القول، وسلاسة التصوير،
وقدرة الكاميرا على الاتخراط في أعماق التفاصيل المفتوحة على فضاء مليء
بمخاطر العيش على حافة الهاوية، أو في أعماقها.
في البرنامج أيضاً، هناك: «فتاة البحيرة» (2007، 95 د.) لأندريا
مولايولي (غداً الجمعة)، و«الثورة الأخيرة» (2007، 97 د.) لكارمين أموروسو
(بعد غد السبت)، و«مئة مسمار» (2007، 92 د.) لإيرمانّو أولمي (الأحد)،
و«الأزمنة الأربعة» (2010، 88 د.) لميكلأنجلو فرامّرتينو (الثلاثاء
المقبل)، و«برويّة» (2011، 95 د.) لفرانشيسكو بروني (الأول من أيار
المقبل)، و«حضور مبهر» (2012، 105 د.) لفرزان أوزبتيك (2 أيار المقبل).
السفير اللبنانية في
25/04/2013
كمال الماحوطي:
هذه زوبعة داخل جمجمة بشرية!
سعيد المزواري ــ طنجة
في فيلمه الطويل الأول، "خويا" (أفضل اخراج ــ مهرجان دبي 2012)،
ينتهج كمال الماحوطي مغامرة غير اعتيادية داخل منظومة السينما المغربية على
أصعدة عدة، أهمها أنه لم يستفد على غرار جل المخرجين المغاربة من دعم
الدولة عبر نظام "التسليف على المداخيل"، معتمداً من أجل الإنتاج على ماله
الخاص. كما تكمن أهمية المغامرة في أنه يمضي إلى النهاية في تصوره الإخراجي
"المتطرف" غير مكترث لتداعيات هذا الخيار على تلقي الفيلم من طرف الجمهور
الواسع، فيخرج علينا بقطعة فنية اتسمت بتناسق تام بين مضمون يقتفي آثار
مهاجر يمتهن الفنّ التشكيلي ويجد نفسه مشتتاً بين هويتين فرنسية ومغربية،
وشكل يعيد ترتيب هذا الشتات عبر مونتاج خلاق واختيارات جمالية اتخذت من
الإخراج حجر بناء مركزياً. المزيد حول مغامرة كمال الماحوطي هذه في الحوار
الآتي الذي جمعنا به أثناء الدورة الأخيرة من المهرجان الوطني للفيلم في
طنجة.
·
¶
كيف ولد سيناريو فيلم "خويا"؟
-
نشأت فكرة السيناريو من رغبتي في التطرق إلى إشكالية ليست
مرئية بالضرورة، لكن الإحساس بها كان ملحّاً وتتمحورحول مسار مو (الشخصية
الرئيسية) والصراع الجدلي بين ثقافته الأصلية ومحيط الغربة التي يعيش
وسطها، وهي أمور عايشتها عن قرب في حياتي. تم التطرق كثيراً إلى الهجرة في
جانبيها الاقتصادي والسياسي ولكن نادراً ما تم الانتباه إلى البُعد
الإنساني لهذه القضية وتداعياتها على الحياة العائلية. لقد نشأتُ داخل
الأحياء الهامشية في فرنسا ورأيتُ حجم الفوضى الداخلية والخارجية التي
يخلفها هذا الصراع في حياة المهاجرين. فتولد لديّ اقتناع شخصي بأننا في
نهاية المطاف كائنات هشة جداً لا تزن في ميزان الوجود. تمخض عن هذا كله شكل
من الحكي عبر تراكم الأفكار المترابطة: الثقافة التي تحيلنا على العائلة
والتقاليد وتعارضها مع الرغبات التي ترتبط حتماً بجدليات أخرى داخل محيط
عيش المهاجر. متسلحاً بهذا كله، باشرتُ مسلسل البحث عن كيفية القبض على كل
ذلك عبر الصورة والصوت.
·
¶
يقوم سيناريو الفيلم على نسق مشتت لا يحترم التسلسل الزمني للقصة. هل
كان هذا المعطى واضحاً في ذهنك منذ بداية الكتابة؟
-
نعم، أردتُ ذلك منذ البداية. نحن أمام جسد مبعثر يحاول أن يجمع
أشلاءه عبر صور ذهنية وأن يخلق منها وحدة. في البداية، نكتشف أوجه هذا
الشتات: علاقة مو مع العائلة وتمفصلاتها التي ترمز إلى الأصول والفروع ثم
الاختيارات التي تحكم حياته: الاندماج داخل المهجر وما يخلفه من مفارقات،
أم العودة إلى الوطن الأم والتضحيات التي تستوجبها؟ من دون أن ننسى الشعور
بالذنب حين يفكر في انتهاج حياة تعارض مخططات أبيه من جهة ثم انعكاسات
اختياراته على علاقة الحبّ التي تجمعه بخليلته الفرنسية من جهة أخرى. هذا
كله يضعنا أمام كيان يتفكك كي ينبني تحت أنظارنا من جديد، وهذا ما حتم عليّ
منذ البداية أن أبني السيناريو على شكل بازل كبير تشكل كل قطعة منه مشهداً
من الفيلم. كل لقطات الفيلم تترجم انغلاق الشخصية الرئيسية على تناقضاتها
وتنطلق نظرتنا فيها دائماً من الداخل نحو الخارج: ننظر من داخل السيارة إلى
العالم الخارجي، من داخل غرفة المستشفى إلى الشخصيات التي تعبر الرواق. ليس
هناك لقطة داخل الفيلم تجري في فضاء مفتوح بشكل كلي. حين نشرع في صفّ قطع
البازل لا تأخذ القطع معنى سوى في علاقتها مع القطع المجاورة لها، لا أهمية
تذكر للقطة العامة. هذه زوبعة داخل جمجمة بشرية!
·
¶
هل كان اختيار التقنية الرقمية ناتجاً من قلة الإمكانات أم نابعاً من
اختيار فني؟
-
لم أكن أرغب البتة في الاشتغال على شريط 35 ملم. صحيح لم يكن
الخيار متاحاً أمامي اقتصادياً، لكن كان في وسعي أن أبني تصور المشروع بناء
مغايراً إن رغبت في الإشتغال على هذه القاعدة التقنية. عندما أنهيتُ دراسة
السينما كانت بكرات الشريط مكلفة بالإضافة إلى أن لوجستية التصوير كانت
معقدة جداً، لذا قلتُ في نفسي: "السينما ليست سوى وسيط، المهم أن ألبي
حاجتي إلى حكاية القصص". توجهتُ إلى المسرح. عندما بدأت الكاميرات الرقمية
الصغيرة تغزو الأسواق قبل حوالى اثنتي عشرة سنة، عدتُ إلى السينما وصوّرتُ
فيلمي القصير "وطني الضائع". أحبذ الاشتغال بحميمية مع شخص أو شخصين على
الأكثر. لا أستطيع النقاش مع عشرين شخصا وسط بلاتو تصوير شاسع. أنا حرفي
صغير، أنظر داخل كاميرتي الصغيرة، أصوّر ثم أعود لمشاهدة ما صوّرته على
الفور قبل أن آخذ الوقت اللازم لسماع الشريط الصوتي. لا أحد يأتي لإزعاجي
ولستُ مجبراً على إعطاء عشرين ألف توجيه قبل كل لقطة.
النهار اللبنانية في
25/04/2013
أفلام قصيرة وطويلة وتربوية تكشف عن الجريـــمة وتقدّم
التوعية
سينما تواجه التحرّش الجنسي بالأطفال
علا الشيخ - دبي
حماية الطفل حق، مثل حقه في اللعب والتعليم والصحة، ولكن على الرغم من
ذلك، الا أن مجتمعات عدة لاتزال تشهد انتهاكات لحقوق الاطفال، وهناك قصص
يومية تتعلق بقضايا الطفل. قبل أيام نشرت الصحافة المحلية قصة طفلة تعرضت
لتحرش جنسي من عامل في مدرستها، وبالمحاكم في كل البلدان، قضايا تتعلق
بانتهاكات متعددة الأشكال ضد الطفولة. ولأن الاساليب كثيرة في طرق حماية
الأطفال من الاعتداءات، لم تكن السينما غائبة هي الأخرى عن ذلك، بالرغم من
قلة الإنتاجات السينمائية العربية في تناول هذه القضايا. لكن فيلم «رقصة
الوحش» للمخرج المغربي حسن بن جلون الذي عرض في الدورة الـ13 من مهرجان
طنجة، كسر «تابو» الحديث عن المحظور، كرسالة يراد منها الوصول الى كل دار.
كما عرضت الدورة الـ20 لمهرجان القاهرة الدولي لسينما الأطفال
فيلماً بعنوان «فيلم مهم جداً» تحت فئة الأفلام القصيرة للمخرج أحمد فوزي،
اعتمد فيه على رسم الكرتون. وبالرغم من الانتقادات الواسعة التي تعرض له،
إلا أنه بالنهاية أراد أن يحمي الأطفال. كما انتشر فيلم، أخيراً، عبر مواقع
التواصل الاجتماعي على الإنترنت، وتم ارساله عبر الهواتف الذكية حمل عنوان
«كيف تلمسني؟»، وهو أقرب الى الفيلم التعليمي منه الى السينمائي، اعتمد فيه
على صور ايضاحية لأطفال من مختلف الجنسيات، وتعليق بصوت طفولي حول المناطق
التي لا يجب لمسها.
موجع
«فيلم مهم جداً»، فيلم كرتوني من إنتاج المركز المصري لحقوق المرأة، لا
تزيد مدة عرضه على التسع دقائق، حول الطفلة «سلمى» في الصف الثاني
الابتدائي. يأتي هذا التعريف من خلال مصور يقوم برصد تحركاتها اينما ذهبت،
ويحكي معها، ينذرها في بعض الوقت، ويتساءل أحياناً كثيرة حول تصرفات تعرضت
«سلمى» لها.
ومع أن الفيلم يضع الطفل في محاولات جاهدة ومستمرة في القلق من
«الآخر»، الا انه استطاع أن يوصل الفكرة بسلاسة، إذ إن «سلمى» بعقلها
الطفولي وخيالها الواسع، تدرب نفسها على معرفة المعنى المراد ايصاله من
«الآخر» عبر النظرة والكلمة واللمسة والإشارة.
ففي البداية يأتي السؤال «هل تذهبين الى المدرسة وتعودين الى المنزل
وحدك؟»، فتجيبه «نعم». ثم يشجعها ويدعمها، لكن بطريقة حذرة، لينتقل المشهد
الى وقت الغداء في منزل أهل سلمى، لا حوار على الطاولة، ونظرة غريبة من قبل
الأم عندما بدأت سلمى بمحاولة الحديث عن يومها المدرسي. وهنا اشارة على ما
يبدو الى طريقة تعاطي الأهالي مع أطفالهم في عدم اعطائهم المجال والفسحة
للحديث، لتبدأ سلمى بشرح النظرة للمصور، الذي هو عملياً الرقيب «هذه النظرة
نظرة غضب»، فيسترسل الرقيب على ضرورة شرح المعنى في أن النظرات ليست كلها
طيبة. يلحق سلمى الى البقالة لشراء الحلوى، فتصادف جارهم الذي يرد عليه
سلامها بجملة «إيه الحلاوة دي يا سلمى»، فتقف سلمى مرتبكة، فهي لم تفهم وقع
الجملة عليها، لكن الاحساس جيد. وتبدأ باستخدام هذه الجملة من قبل الآخرين
لتوضح وجهة نظرها عن كيف للكلمة أن تكون خطيرة وغير محببة وتقع تحت تصرف
التحرش الجنسي.
لينتقل المشهد داخل البقالة، فهي طفلة قد تتعرض للمس تحبباً من قبل
اشخاص، وقد تتعرض للمس بسوء من قبل ضعفاء النفوس، فتجد امرأة تربت على
شعرها وتثني عليها. تنظر إليها سلمى، لكنها تشعر أن اللمسة لم تؤذِها، وبعد
ذلك تتعرض لموقف آخر من قبل امرأة عنيفة، حيث قامت بإلقائها أرضاً، وهذه
اللمسة هي ردة فعل من قبل البالغ، لكنها غير مؤذية على الصعيد النفسي،
وتنسى في لحظتها، الى أن يأتي رجل يقف الى جانبها ويبدأ بلمس شعرها
تدريجياً الى أسفل جسدها الصغير، فتتجمد سلمى في مكانها، والخوف يملأ عقلها
وقلبها، فتصرخ وتهرب.
هي تقدم الحل، الصراخ فالهرب، في ثلاثة محاور يجب تعليم الأطفال
فهمها، النظرة ليست دائماً طيبة، والكلمة ليست دائماً وقعها جميل، حتى لو
كانت مقرونة بابتسامة، واللمس عندما يشعر الطفل انه يريد ان يبكي يجب أن
يدرك أنه في خطر.
وينتهي الفيلم بنصيحة من قبل الرقيب، بأن التعرض الجنسي ليس مقتصراً
على الأطفال الاناث، بل يشمل الذكور، واننا نعيش في عالم مملوء بالبشر من
مختلف الأنواع، ليسوا بالضرورة يحملون مشاعر طيبة ، ويؤكد أن الصراخ ومن ثم
الهرب هو الحل.
توضيح
في الفيلم التعليمي «لا تلمسني» الذي انتجته قناة «حجازي للأطفال»
وانتشر أخيرا على المواقع الاجتماعية وتم تناقله عبر الهواتف الذكية، عبارة
عن صور لاطفال من جنسيات مختلفة. يمر شريط صورهم مع تعليق بصوت طفل، يعرف
اقرانه عبر صور اين هي المناطق الحساسة، فيقول لهم: «تستطيع ان تلمس يدي
عندما نلعب ونصفق، وتستطيع أن تلمس ظهري عندما نجري ونلعب، وتستطيع أن تمسك
يدي وذراعي عندما نصطف ونلعب، وتستطيع أن تلمس خدي، وتستطيع أن تلمس أذني،
وتستطيع أن تضع المرطب على وجهي للوقاية من الشمس، وتستطيع أن تساعدني في
ارتداء ملابسي عندما أطلب منك ذلك». ويسألهم «من يستطيع أن يلمسني بهذا
الشكل؟»، لتكون الاجابة عبر صورة تضم العائلة المكونة من الأب والإخوة
والمعلمة والطبيب والأصدقاء بالعمر نفسه.
وبعد ذلك يقول لهم: «لكن لا يحق لك لمس الأجزاء التي أغطيها بملابسي
الداخلية»، وتبدأ الصور بعد ذلك بايضاح أين هي المناطق الحساسة التي لا يجب
لمسها عند الأطفال عبر وضع اشارة عليها، سواء كانت للذكور أو الاناث.
ويؤكد هذا الفيلم ضرورة البوح اذا ما تعرض الطفل للتحرش، بأن يخبر
الوالدين او المعلمة او الشرطة، لأن الصمت سيفاقم المشكلة، وسيعرض طفلاً
آخر للتحرش.
فيلم مغربي
أما بالنسبة للأفلام الروائية الطويلة، فيعتبر الفيلم المغربي «رقصة
الوحش» للمخرج حسن بن جلون، والذي عرض في الدورة
13 من مهرجان طنجة، واحداً من الافلام العربية يناقش قضية التحرش الجنسي
للأطفال بشكل مباشر، من خلال سيناريو كتبته آمال التمار، تعالج فيه موضوع
التحرش الجنسي للأطفال، خصوصاً أطفال الشوارع.
الفيلم من بطولة عبدالله شكيري، وآمال التمار، وعبدالقادر مطاع،
وفاطمة عاطف، وعبدالرحيم المنياري، وحسن بنبديدة، ومجموعة كبيرة من
الأطفال، حيث تعمل امرأة في حقوق الطفل ترصد الحالات التي يتعرض لها
الأطفال في الشوارع والمدارس للتحرش الجنسي، وشخصية رجل متحرش جنسياً يعتقد
نفسه فوق القانون. وهذه المعادلة التي تضم طرفين غير متساويين بالقوة ولا
بالبنية الجسمانية ولا الوعي، فهناك رجل وهناك طفل خائف مرتعب من وقع الفعل
عليه في الدرجة الأولى المصحوب بعد الفعل بالتهديد اذا ما باح بالأمر.
يرصد الفيلم مشاعر الخوف والقلق وحالة الانكار للمغتصب أو للعائلة اذا
ما عرفت بالأمر.
مشاهد أغلبيتها قاتمة اللون من قتامة الموضوع نفسه، فالموضوع عندما
يتعلق بالأطفال عبر فيلم مؤلم، لكنه ضروري، كنوع من مجابهة مجرمين يعيشون
في مجتمعات متعددة.
لمشاهدة المزيد من المواضيع عن الفن السابع، يرجى
الضغط على هذا الرابط.
الإمارات اليوم في
25/04/2013 |