عندما بحث المخرج والمنتج ستيفن سبيلبرغ عن شريك مالي لمشاريعه
المتعددة، لم يطل به الوقت كثيرا قبل أن يجد ضالته في شريك من الهند متمثلا
في مؤسسة عملاقة اسمها «ريلايانس» عرضت على سبيلبرغ الدخول في مشاريعه على
أساس مناصفة التكاليف والأرباح. في السنوات الثلاث الأخيرة أنتجت هذه
المؤسسة التي وُلدت سنة 2005 ثلاثين فيلما بينها ثمانية تبعا لهذه الشراكة
بداية بفيلم عنوانه «أناس مثلنا» بطولة كريس باين وإليزابيث باين وصولا إلى
«لينكولن» ولم تنته بعد.
كان ذلك أكثر من مجرد صفقة عمل بين طرفين كل منهما عملاق في مكانته
وحجمه. كان فعلا نموذجيا في التعاون بين بلدين عملاقين في كم إنتاج كل طرف
وحجم وقوّة سوقه: هوليوود وبوليوود. قبيل ذلك وجدنا رأس المال العربي يتحرك
للعمل على ربط الطموح المحلي بسينما عالمية. شركة «إيماجناشن» في أبوظبي
مدّت يد التعاون في اتجاه هوليوود فقامت من عام 2010 أيضا بتمويل أفلام
أرادتها ناجحة ورابحة وأميركية مائة في المائة.
«إيماجناشن» لم تهدف إلى التعامل مع قوّة كبيرة في هوليوود مثل
سبيلبرغ، بل مع عدد مختلف من الشركات المتوسطة والصغيرة (مثل «ساميت»، «أوفرتور»،
«ريفر رود إنترتاينمنت»). صحيح أن هذه الإنتاجات، ومنها «المخبولون»
و«انتقام الفراء») وُزّعت أميركيا وعالميا، إلا أنها لم تنجز أرباحا ولم
تحدث رهجة من أي نوع يُذكر. بالتدرج السريع، رغم ذلك، ازداد وعي الشركة
فربطت نفسها بمشاريع جيّدة من بينها «لعبة عادلة» و«طريق العودة» و«النمس»
و«المساعدة» و«الأرض الموعودة» وهي جميعا أفلام صغيرة أو متوسطة التكلفة.
وبل هي من موّلت - حسب مصادر موثوقة فيلم كاثلين بيغيلو المثير للنقاش «زيرو
دارك ثيرتي» ولو أن اسمها لا يظهر على البطاقات الفنية للفيلم.
الفارق بين النموذجين الهندي والعربي أن الأول ذهب بخطوات واثقة إلى
واحد من سلاطين الإنتاج الهوليوودي الذي بدا له كما لو كان مصرفا لا يخسر.
بينما أمّ الجانب العربي تجربته عبر فتح باب لاستقبال ما يعرض عليه. الأول
طريق مضمون أكثر من الثاني الذي عليه أولا أن يُحسن الاختيار (وهو في
البداية لم يفعل وحاليا ما زال أقل نجاحا مما كان جديرا به) وأن ينتقل في
عقوده بين فرقاء كثر عوض اعتماد جهة واحدة وقوية يتبادل وإياها الخطط
والفوائد.
الشرارة ذلك النجاح الهندي يُضاف في الواقع إلى نجاحات متواصلة
للسينما الهندية التي إذ تحتفل هذا العام (في مايو/ أيار المقبل) بمرور
مائة سنة على ميلادها، إنما تشهد وضعا مرتاحا في عالم أكثر تعقيدا اليوم
عما كان عليه في أي فترة سابقة. فهناك اليوم عشرات الأفلام الهندية
المعروضة في أنحاء العالم. عربيا في أكثر من عاصمة ومدينة وأوروبيا في لندن
وباريس وأميركيا حيثما هناك حشود هندية في المدن الكبرى. لكن علاوة على هذا
الانتشار الذي حقق نجاحات تجارية خارج الحدود (من بين آخرها «ابن ساردار»
و«دون 2» و«كوماندو»)، هناك سعي شركات هوليوودية، مثل «ديزني» و«فوكس» إلى
البحث عن تمويل لإنتاجاتها على أساس ذلك التقليد المستحدث منذ بضع سنوات
والقاضي بأن لا تجازف هوليوود بأموالها - إلا في أقل حد ممكن - بل الاعتماد
على شركاء خارجيين وجدتهم في شركات ألمانية وفرنسية وهندية.
المناسبة المئوية تعود إلى حين قام هندي باسم د ج فالقي، وكان من
البراهمة، بتحقيق أول فيلم في عام 1912 وكان عنوانه «راجا هاريشاندرا».
فالقي تبوأ الصدارة سريعا ليس كونه أول من أنتج وأخرج بل امتلك سريعا صيت
أنه الأكثر نجاحا بين القلة الهندية التي أقدمت على تحقيق أفلام في تلك
الفترة الصامتة. عن تلك الفترة تم تحقيق أفلام عدّة (تسجيلية وروائية)
أجمعت على أن انتشار الفيلم الغربي هو الذي ولّد شرارة الانطلاق. فالقي،
الذي عمل في التصوير الثابت وفي الطباعة كان أحد الذين شاهدوا سنة 1912
فيلما قصيرا عن حياة السيّد المسيح حققه البريطاني سيدني ألكوت (لم يكن أول
الأفلام بل سبقه ثلاث محاولات بدءا من عام 1903). بعد أسابيع قليلة كان
فالقي ينجز أول أفلامه.
تلك البداية كانت كافية لانطلاقة سينمائية لم تكن حدودها معروفة ولا
مستقبلها محدد. والاحتلال البريطاني انتبه سريعا (وحركة غاندي السلمية
المنادية للاستقلال والحروب الدائرة في شمالي الهند بين القوات البريطانية
والهندية المنضوية تحت لوائها وبين الثوار المسلمين في أوجها) كم تستطيع
السينما المحلية النجاح في مخاطبة المشاعر المستفزّة فاندفعت لتأسيس دائرة
رقابية متشددة منعا لانتشار أفكار معادية. رغم ذلك، استطاع سينمائيون
كثيرون تمرير تلك الأفكار. من بعد الاستقلال تحوّلت المواضيع صوب الأوضاع
الطبقية والاجتماعية في الهند وأخذت المعالجات الميلودرامية بالاتساع. ومن
الخمسينات، اكتسبت السينما الهندية تصنيفا عاما لكونها السينما
الميلودرامية الأولى حول العالم وذلك رغم وجود مخرجين أفلتوا من تلك
المعالجات من بينهم ساتياجيت راي ومرينال سن.
الميلودراما الهندية اليوم ما زالت موجودة لكنها تركت الدموع واتجهت
لسياق من سينما الحب والعنف وأضحت، على صعيد محلي، منافسة لما توفّره بعض
هوليوود في هذا المجال. لكن هذا التعاون من ناحية لا يمنع أن الأفلام
الهندية الموزّعة غربيا تجد نفسها في منافسة مع السينما الأميركية. منافسة
لن تستطيع الخروج منها منتصرة، لكن أي ما تستطيع بوليوود الخروج به من
إيرادات عالمية هو ربح أكيد لها.
* محجوب خان
* أحد كبار مخرجي السينما الهندية بعد الاستقلال هو محجوب خان (وكان
يوقّع أفلامه باسم محجوب) وهو نبع من أرض السينما الواقعية وعمد إلى أفلام
الريف ومعالجة القضايا الاجتماعية. و«الأم الهند» أو
Mother India الذي حققه سنة 1957 هو نموذجي في هذا الاتجاه. في
الفيلم قامت الممثلة نرجس بدور أم تعاند للحفاظ على أرضها التي يحاول مرابٍ
سلبها منها. وهي اختارت سبيلا مسالما فشل في تحقيق مراده ما دفع بابنها
لإعلان التمرّد واللجوء إلى السلاح لاستعادة حقه.
صالة لواحد
الفيلم:
Oblivion
إخراج: جوزف كوزينسكي خيال علمي | الولايات المتحدة 2013 تقييم: (3*)
(من خمسة).
قبل سنوات أربع بدا أن المخرج الجديد جوزف كوزينسكي وصل إلى نقطة
النهاية في مهنته كمخرج بعد فيلم واحد من انطلاقها. حقق «إرث ترون» الذي
فشل نقديا و - الأهم - تجاريا وكبّد ديزني خسارة كبيرة. لكن الرجل يقف على
قدميه مجددا ويعود إلى سينما الخيال العلمي المزوّدة، بكثافة، بعالم من
المؤثرات البصرية. شيء يبدو أنه يريد المضي به والتخصص فيه.
النتيجة هي أفضل حالا من تلك السابقة. حكاية اقتبسها المخرج من رسومات
كوميكس وضعها بنفسه وعمد إلى اثنين من الكتّاب لتحويلها إلى سيناريو. تدور
أحداثها سنة 2077 بعد سنوات من دمار القمر (نصفه طار) ما أدى إلى دمار
مماثل للأرض التي هاجر بعض سكّانها إلى كواكب بعيدة فساد حكم جائر على من
بقي فيها يواجهه بعض المتمرّدين الذين يحلمون باستعادة الأرض وتجاوز المحن
الجيولوجية والمعيشية. كل هذا بعد حرب طاحنة بين عدّة فرقاء من بينهم
مخلوقات غريبة الشكل (تبدو كما لو كانت كرات من حديد).
بطل الفيلم، جاك هاربر (توم كروز) لديه أحلامه أيضا وهي تنقله إلى آخر
أيام الأرض كما نعرفها اليوم، لكنه موظف ومحارب فضائي يقوم بجولات تفقدية
للأرض لإصلاح مركبات معطوبة. حين يواجه تلك المخلوقات الغريبة يستنجد
بشريكته فيكا (أندريا رايزبوروف) التي تطلب المساعدة من النظام الحاكم الذي
يرسل سريعا آلات تدمير طائرة لإنقاذه. لا يعلم جاك شيئا عن حقيقة الأمور
ومساراتها. إنه موظف لذلك النظام وفي خدمته لكن هذا إلى أن يلتقي
بالمتمرّدين البشر (يقودهم مورغان فريمان) وبامرأة تدّعي إنها كانت زوجته
(الأوكرانية أولغا كوريلنكو التي شوهدت في «إلى العجب» لترنس مالك) فيقع في
حبها ما يثير غيظ فيكا التي تكشف ميوله إلى النظام الذي، بدوره، سيحاول
القضاء عليه خصوصا بعدما تأكد له أن جاك هاربر بات متعاونا مع المتمردين.
هناك الكثير من الحسنات البصرية في هذا الفيلم ليس منها فقط حركة طيران
الآلات القتالية وأشكالها، بل أيضا فكرة تلك المراكز السكنية المخصصة
لأمثال جاك وفيرا: منزل على ارتفاع شاهق لا يمكن الوصول إليه إلا بالطائرة
المستقبلية كتلك التي يجول بها توم كروز طوال الوقت.
لكن في حين أن لا أحد يطلب من ممثلي الفيلم الاستعداد لمباراة فنية،
فإن كروز يواجه مهمّته هذه بجدّية واضحة. في المقابل تتبدّى أندريا
رايزبوروف كأسوأ ما يمكن لفيلم، حتى من هذا النوع الترفيهي، أن يحصده من
أداءات.
الفيلم يبدأ أفضل مما ينتهي إليه. الفكرة الجيّدة تبدو ممطوطة في
النصف الآخر والفراغات كبيرة بين حدث وآخر.
* توم كروز القرن الحادي والعشرين
* منذ أن لعب توم كروز بطولة «عينان مغلقتان باتساع» (1999) زاد
ارتباطه بسينما مستقبلية. في الواقع فيلم ستانلي كوبريك ذاك كان أول إطلالة
لكروز على ذلك النوع من الأفلام. بعده شوهد في «تقرير الأقلية» (2002)
و«حرب العوالم» (2005) وكلاهما لستيفن سبيلبرغ، وحاليا هذا الفيلم. في
مستقبله «اسمنا آدم» و«أبطال» وهو انتهى من تصوير علمي - خيالي آخر هو «كل
ما تحتاجه هو القتل».
بين الأفلام
(1*)
Scary Movie 5 كوميديا - الولايات المتحدة (2013)
إذا أردت فيلما كوميديا جيّدا هذه الأيام عليك أن تعود إلى أعمال
باستر كيتون وتشارلي تشابلن والثنائي لوريل وهاردي. أما إذا كان لا بد لك
من مشاهدة هذا الفيلم، فلا تنس أن تتذكّر أن هذا الناقد حذّرك من مغبّة
ذلك. فصل خامس من أفلام تخلو من الضحك ولو أنها تدّعيه في محاولتها السخرية
من أفلام الرعب.
Clockwork Orange (3*)
دراما اجتماعية (عنف) - بريطاني/ أميركي (1971)
إعادة عرض هذا الفيلم الشائك في صالات أوروبية عدّة يكشف عن حسنات
فيلم ستانلي كوبريك ويذكّر بالضجة الكبيرة التي أثارها الفيلم حين تم
تحقيقه في مطلع السبعينات. على الرغم من أنه لا يزال شهادة ضد العنف وعالم
بلا أخلاقيات فإن رسالته تتناقض وسعي الفيلم لنقد النظام حين يسعى لإصلاح
الخلل بطريقته. ليس أفضل أفلام العبقري كوبريك على الإطلاق لكنه علامة
فارقة على أي حال.
The Big Wedding (2*)
كوميديا - الولايات المتحدة (2013)
يقوم الفيلم على ما باتت تقوم عليه الأفلام الكوميدية الاجتماعية منذ
سنوات: مناسبة للقاء عائلي يخفي مشكلات عاطفية بين فردين أو أكثر. هنا نجد
كاثرين هيغل وبن بارنز مطلقان عليهما الادعاء بأنهما ما زالا متزوجين خلال
عرس كبير يؤمانه. مع روبرت دينيرو وروبين وليامز وسوزان ساراندون في أدوار
الشخصيات الناضجة.
التقديرات: (1*): رديء، (2*): وسط، (3*): جيد، (4*): ممتاز، (5*):
تحفة
شباك التذاكر
1 (-) 42: $27,487,144 (3*)
دراما في ملاعب الرياضة من بطولة شادويك بوزمن
2 (-)
Scary Movie 5: $14,157,367 (1*)
كوميديا رديئة ولو ساخرة من نفسها وأفلام الرعب.
3 (2)
The Croods: $13,115,074 (3*)
فيلم الأنيماشن لترفيه الصغار حول شخصيات من العصر الحجري
4 (3)
G.I. Joe: Retaliation: $10,894,415 (2*)
أكشن من بطولة دواين جونسون وهو يواجه وفريقه مؤامرة كبرى
5 (1)
Evil Dead: $9,488,302 (2*)
قفزة إلى الخلف لفيلم رعب هو إعادة لآخر من الثمانينات
6 (4)
Jurassic Park 3D: $8,861,820 (2*)
إعادة عرض لفيلم سبيلبرغ حول الديناصورات الفاتكة.
7 (5)
Olympus Has Fallen: $7,250,084 (3*)
أكشن مع مواقف سياسية حول جيرارد بتلر يدافع عن الرئيس
8 (7)
Oz The Great and Powerful: $4,859,958 (2*)
فانتازيا من بطولة جيمس فرانكو الساحر في أرض الغرائب.
9 (6)
Tyler Perry›s Temptation: $4,502,103 (2*)
دراما تحوي ألغازا لكنها لا تحوي تشويقا من تايلور بيري.
10 (-)
The Place Beyond the Pine: $3,865,687 (3*)
جديد: رايان غوزلينغ لص مصارف لغايات نبيلة
سنوات السينما
1932 |
الأوسكارات
المناسبة الخامسة لجوائز الأوسكار أقيمت في نوفمبر (تشرين الثاني) من
عام 1932 والفيلم الرابح من إنتاج «مترو غولدوين ماير» التي يسودها البذخ.
إنه دراما شاملة بعنوان «غراند هوتيل» من إخراج إدموند غولدينغ وبطولة
غريتا غاربو وجون باريمون وجوان كروفورد تقع أحداثه في برلين ما بين
الحربين.
فاز هذا الفيلم على ثمانية أفلام منافسة من بينها «شنغهاي إكسبرس»
الذي قدّمناه الأسبوع الماضي وعلى فيلم «البطل» الميلودرامي الذي خرج
بجائزة أفضل ممثل وذهبت إلى بطله والاس بيري بينما فازت هيلين هايز عن
دورها في «أغنية للنوم». أوسكار أفضل مخرج لفرانك بورزاج لكن ليس عن «وداعا
للسلاح» بل عن فيلمه الآخر «فتاة ذات سمعة».
الشرق الأوسط في
19/04/2013
مهرجان الجزيرة :
هل كان فيلم الافتتاح في الموعد؟
حسن محمد - الدوحة
الشهيد الحوراني
أعطى الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني مدير عام شبكة الجزيرة إشارة انطلاق
فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان الجزيرة الدولي للأفلام التسجيلية أمس
الخميس (18 أبريل) بفندق شيراتون الدوحة. في أجوار احتفالية تميز المهرجان
كل سنة. وتعرف هذه الدورة حضور ما يزيد عن 300 ضيف من ضيوف المهرجان من
فنانين ومخرجين وكتاب وإعلاميين وغيرهم. وقد ألقى مدير عام شبكة الجزيرة
كلمة رحب فيها بالضيوف وذكر بالبعد الإنساني وآفاقا الحوار الثقافي
والإبداعي الذي يعتبر الهدف الأساسي للمهرجان.
وعرف الحفل الافتتاحي تكريم أسرة شهيد الصحافة، مراسل الجزيرة في
سورية الصحفي السوري محمد قاسم المسالمة المعروف باسم "الحوراني" والذي ذهب
ضحية الواجب على يد النظام السوري يوم 18 يناير الماضي حيث تم عرض نبذة
بسيطة حول تجربته القصيرة مع الجزيرة التي لم تكمل عامها الأول ليدفع روحه
ثمنا للحقيقة ولينضم إلى قافلة شهداء الجزيرة في سبيل البحث عن الحقيقة
ونقلها إلى الناس، ليتم بعدها عرض فيلم الافتتاح الذي حمل عنوان "موعد"
القادم من جمهورية الصين الشعبية.
كما كان للحاضرين أيضا موعد مع فيلم "الرحلة رقم 13" من إخراج أحمد بو
كمال وهو من إنتاجات الجزيرة والذي يروي المخاطر التي تواجه أهل الصحافة
والإعلام أثناء قيامهم بواجبهم المهني، وذلك من خلال طاقم الجزيرة الرياضية
الذي كاد يختطفه الموت عندما كان عام 2010 متوجها إلى جنوب إفريقيا لتغطية
أحداث كأس العالم.
فيلم الافتتاح.. "موعد" من الصين
ولم يلق فيلم الافتتاح استحسان الكثير من النقاد والمتابعين اذ اعتبره
الكثيرون فيلما هاويا لا ترقى لغته السينمائية إلى أن يكون فيلم افتتاح
مهرجان ذي صيت كمهرجان الجزيرة للأفلام التسجيلية. ويروي الفيلم قصة شاب
صيني من ذوي الاحتياجات الخاصة فهو فاقد للنطق والسمع كانت له علاقة حميمة
مع صديقة طفولته وجارته التي انتقل أهلها إلى منطقة أخرى. وبعد عقد من
الزمن كبر الفتى وأصبح فنانا مختصا في الرسم على الخزف وبدأت شهرته تنتشر.
وبمحض الصدفة عثر على رفيقة طفولته لتبدا قصة استذكار الماضي ومحاولة بناء
مستقبل مشترك بين الصديقين وتبدأ قصة الحب بينهما.
الفيلم لا يمكن تصنيفه ضمن خانة الوثائقي بالمعنى الدقيق للكلمة فهو
أميل إلى الفيلم الدرامي. ولكن حتى لو تم إدراجه ضمن محاولة تجريبية في
الفيلم الوثائقي فإن عناصر كثير غائبة عن إعطائه الصبغة الجمالية من ذلك
زويا التصوير وضعف أداء المشاهد. وغياب كل مظاهر الحياة في المدينة وكأن
المدينة مهجورة غلا من الشخصيتين.
وبحديثنا مع المتابعين والمتخصصين في النقد السينمائي وخاصة الوثائقي
وكذلك بعض المخرجين والمنتجين لاحظنا استياء الكثيرين منهم من اختيار هذا
الفيلم كفيلم افتتاحي. ذلك لأن المهرجان عود جمهوره بأفلام افتتاحية قوية
وكثيرا ما تحصل على جوائز اثناء الدورة مثل فيلم السنة الماضية.
جعبة المهرجان
وبخصوص برنامج يوم غد السبت (20 أبريل) سيتم تنظيم ورشة عمل حول
المحاور الإنتاجية لشبكة الجزيرة. يعقبها حفل توقيع الكتاب السنوية للجزيرة
الوثائقية. ثم وورشة حول إدارة البرامج تنظمها الجزيرة الإخبارية على
الساعة الثالثة عصرا، فيما سيتم تنظيم ندوة حول «السينما الإيطالية والقضية
الفلسطينية» على الساعة السادسة مساء، وندوة أخرى حول «الإعاقة السمعية
وأهمية الكشف المبكر» بتنسيق بين إدارة المهرجان والجمعية القطرية للصم على
الساعة السابعة ليلا لتختتم فعاليات السبت بتنظيم ندوة حول «الكتابة
والسينما» بمشاركة كل من السيناريست عبدالرحيم كمال والكاتب محفوظ
عبدالرحمن، على أن يتم تخصيص اليوم الأخير للمهرجان (الأحد 21 أبريل)
لتنظيم جلسة حول «التطورات التقنية الجديدة بشبكة الجزيرة» على الساعة
الحادية عشرة صباحا، علما أن كل هذه الأنشطة ستنظم بقاعة الريان بفندق
شيراتون الدوحة.
أما بخصوص جوائز المهرجان فإنها تتوزع إلى: مسابقة الأفلام القصيرة،
ومسابقة الأفلام المتوسطة ومسابقة الأفلام الطويلة والتي تتجاوز ساعة، فضلا
عن مسابقة «أفق جديد» التي يشارك فيها المخرجون المبتدئون والناشئون
والطلبة، فضلا عن المسابقات الخاصة التي تتمثل في مسابقة قناة «الجزيرة
الوثائقية ومسابقة إدارة الحريات العامة وحقوق الإنسان بشبكة الجزيرة
ومسابقة الأسرة والطفل برعاية الجزيرة للأطفال، علما أنه سيتم منح الفيلم
الفائز في كل فئة من الفئات الثلاث المشاركة في المسابقات (الطويل والمتوسط
والقصير) مكافأة مالية تقسم مناصفة بين المخرج والمنتج، وتصل إلى 50 ألف
ريال بالنسبة للفيلم الطويل، و40 ألف ريال للفيلم المتوسط، و30 ألف ريال
للفيلم القصير، فيما تمنح جائزة لجنة التحكيم في ذات الفئات بقيمة 25 ألف
ريال للفيلم الطويل، و20 ألف ريال للفيلم المتوسط، و15 ألف ريال للفيلم
القصير. أما جائزة «أفق جديد» فيمنح صاحب المركز الأول مبلغ 15 ألف ريال،
والثاني مبلغ 10 آلاف ريال، فيما رصدت كل من قناة الجزيرة الوثائقية وإدارة
الحريات العامة وحقوق الإنسان والجزيرة للأطفال نفس الجوائز المادية لكل
الأصناف، حيث سيحوز الفائز في جائزة الفيلم الطويل مبلغ 40 ألف ريال، وفي
فئة الفيلم المتوسط مبلغ 30 ألف ريال، وفي فئة الفيلم القصير مبلغ 20 ألف
ريال.
الجزيرة الوثائقية في
19/04/2013
خواء ما بعد الفجيعة وسينما سنوات النار
أمستردام – محمد موسى
تتجه حقبة سنوات العنف الذي ضَرب الجزائر لما يقرب من عقد كامل (1990-
1999 )، إلى أن تتحول في أفلام عديد من المخرجين السينمائيين الجزائريين،
تجربةً مشابهة لما مثلته سنوات الحرب الأهلية اللبنانية لأقرانهم
اللبنانيين. إنها الحدث الدموي الأكبر في حياتهم، والذي زعزع مفاهيم الدولة
والهوية والتعايش. كما أن امتداد الحدث المتواصل في الحاضر المُعقد،
والتمظهرات المتعددة والمختلفة له، تزيد من التباس رؤية المستقبل، لذلك لا
يكف هؤلاء عن العودة إلى سنوات العنف تلك، علّهم يجدون أجوبة عن أسباب ذلك
الانفجار المدوي، أو لتجربة الألم واللاجدوى مجدداً، في فعلِ تطهُّرٍ،
وأحياناً تعذيب جماعي.
العام الفائت شهد عرضَ فيلمين جزائريين يعودان إلى سنوات إرهاب
الجماعات المسلحة في الجزائر، هما : «عطور الجزائر» للمخرج رشيد بن حاج،
الذي عرض في الدورة الأخيرة لمهرجان أبو ظبي السينمائي، وفيلم «التائب»
لمرزاق علواش، والذي بدأ عروضه في مهرجان كان السينمائي، ومر على مهرجان
الدوحة في قطر (فاز بجائزة أفضل فيلم في مسابقة المهرجان للأفلام الطويلة)،
قبل أن يعرض حالياً في صالات مختارة في بضعة دول أوروبية.
انحسار ما...
يتشابه الفيلمان في زمن أحداثهما، فهما يعودان إلى سنوات العنف تلك،
وإن بدا فيلم علواش وكأنه يدور في سنوات انحسار بطش تلك الجماعات المسلحة،
أي في نهاية عقد التسعينات، ليقدم قصة عن شاب جزائري يقرر أن يستفيد من
قوانين العفو الحكومية، فيترك الجبل حيث كان يقاتل لسنوات مع الجماعات
المسلحة، ويعود إلى قريته، التي سيتركها سريعاً متوجهاً إلى مدينة صغيرة،
حيث يجري معظم أحداث الفيلم.
بمشهد رائع لأرض جرداء شاسعة يغطيها الثلج، وكاميرا تلهث خلف البطل
الشاب (رشيد) وهو يركض بهلعِ الهاربِ من شيء ما لكن بلا وجهة واضحة، سيبدأ
فيلم «التائب». سنعرف بعدها أن رشيد عائد إلى قريته بعد أن طلب العفو
الحكومي. مشاهد استقبال العائلة لابنها الغائب كانت بدورها حميمة ومؤثرة،
لكن سريعاً سيتبدى أن الواقع ليس بهذه التبسيط، وأن الجرح الذي تركه
الإرهاب في الجزائر لا يزال غائراً ولم يتوقف أبداً عن النزيف، فبعد ساعات
فقط على وصول رشيد لقريته، سيواجه أشباح الماضي ممثلة بعوائل الضحايا الذين
اشترك مع جماعته بقتلهم، والذين يقفون الآن على «باب» بيته بانتظار عدالة
لا تعترف بالعفو الرسمي الحكومي.
فيلم « التائب» لا يكتفي بقصة الشاب الإرهابي السابق، حيث إن معظم
الاهتمام بعد ذلك سيتوجه إلى صيدلي شاب ومطلقته، وهما شخصان ستتقاطع
مصائرهما مع رشيد. وهناك تقديم مفصل لتلك الشخصيتين أفضلُ من ذلك الذي يخص
الإرهابي التائب، فهما من الطبقة الجزائرية الوسطى، التي بقيت بمجملها
بعيدة من التورط في العنف، لكنه وصلها على أي حال، فالجماعات المسلحة خطفت
ثم قتلت طفلتهما الوحيدة، ورشيد الذي تعرّف على الأب عندما كان في الصيدلية
لشراء دواء، يعرف مكان القبر، وبالتالي سيكون على المجرم وضحاياه أن يقطعوا
معاً رحلة برية طويلة إلى قبر الطفلة.
يختار علواش لفيلمه المهم هذا قصة صغيرة (يقول المخرج إنه قرأ قصة
مشابهة في صحيفة جزائرية محلية قبل أعوام) وشخصيات على عدد أصابع اليد
الواحدة، كما أن الزمن الذي تجري فيه الأحداث محصور بأيام قليلة، أي أن
الفيلم يواجه تحدياً كبيراً بتقديم موضوعة كبيرة ومعقدة كالإرهاب ضمن هذه
الحدود الروائية والزمنية. لذلك، وعوضاً من الاتجاه الملحمي التاريخي لسرد
الأحداث (وكما فعل المخرج المغربي نبيل عيوش في فيلمه «يا خيل الله» من
العام الماضي أيضاً، والذي يتعرض لموضوعة الإرهاب نفسها لكن في المغرب)،
يتجه التركيز في فيلم علواش على شخصيات الفيلم، والاهتمام بالتفاصيل
الصغيرة من حياتهم، وعلى الانعزال والخواء الذي تعيش الشخصيات فيهما،
فالصيدلي الشاب (أداء ممتاز للممثل خالد بن عيسى) يقضي مساءه وحيداً
بالبيت، يتفرج على محطة تلفزيون صينية لا يفهم لغتها، في ترميز عن انفصاله
الكبير عما يجري حوله، وما إن تصل الأم الشابة إلى المدينة الصغيرة (انتقلت
بعد طلاقها إلى العاصمة)، حتى يتكشف أن الزوجين السابقين مازالا غائصين
تماماً في حزنهما على ابنتهما.
هناك حساسية مفرطة في تنفيذ معظم مشاهد الفيلم، والتي قدمت بروية
وبلغة سينمائية واضحة. كما أن التوجه الذي أخذه النصف الأخير من الفيلم،
والذي يقترب من التشويق، من جهة اهتمامه بالهدف من وراء الرحلة التي يقطعها
الزوجان المثكولان مع
رشيد، لم يحرّف مسار القصة والسيناريو، ولم يؤثر على المناخ
الجنائزي السوداوي العام للفيلم، هذا بفضل الأداء الرائع للممثلين، وخاصة
الممثلة عديلة بن ديمراد، والتي مثلت واحداً من أفضل الأدوار النسائية في
السينما العربية في السنوات الأخيرة حين لعبت دور الأم التي فقدت ابنتها
الطفلة وانهار زواجها بعد ذلك، صحيح أنها عندما تظهر لأول مرة في الفيلم
كانت قد مرت سنوات على تلك الحادثة المروعة، لكنها مازالت تحمل طزاجة ذلك
الحزن، الذي يكاد يظهر بكل فعل تقوم به ويغطي وجهها الجميل، وعندما تتم
استعادة تلك الحادثة، ينفجر ذلك الحزن المكبوت في مشاهد هائلة التأثير،
مشاهد لا يمكن إلا أن تكون قادمة من تجارب الممثلة نفسها وألمها الخاصَّيْن
بما مرّ به بلدها.
حسم
من ناحية أخرى، وعلى العكس مما في «التائب»، يَحسم فيلم «عطور
الجزائر» موقفه من الشخصيات الإرهابية، هي تظهر وتتوارى، وتتحدث باللسان
نفسه من دون أي تطور درامي يذكر، فيما يمنح فيلم «التائب» مساحة درامية
جيدة لشخصية الإرهابي، لكن السيناريو سيجعله يتعثر كثيراً في طريق مسدود
الأفق، كما يمكن أن يرتد إلى «عنفه» في أي وقت، كما حدث في ذلك المشهد
المرعب في قريته عندما زارها بشكل خاطف سراً، ويحيط الغموض بتلك الشخصية،
ويتواصل إلى المشهد الختامي في الفيلم، الذي لم يشأ أن يمنح بطله فرصة طلب
الغفران، بل جعله «يتمرغ» مع بطلي الفيلم الآخرين في «جزائر» خاوية ومنهكة.
26
فيلماً روائياً قصيراً تشارك في مهرجان يوسف شاهين
القاهرة – نيرمين سامي
تحت شعار «كاميرا تبحث عن وطن»، تقام في القاهرة فعاليات الدورة
الرابعة من مهرجان يوسف شاهين للأفلام المستـــقلة، في الفترة من 22 حتى 25
نيسان (أبريل) الجاري، بمشاركة 26 فيـــلماً روائياً قصيراً و11 فيلـــماً
تسجــيلياً و12 ســيناريو قصيراً و12 سيناريو تسجيلياً. وقالت إدارة
المهرجان برئاسة طارق التلمساني إنها ستكرم للمناسبة مجموعة من نجوم الفن
والإعلام، مثل يسرا وعادل إمام واسم المخرج الراحل رضوان الكاشف والإعلامية
ريم ماجد واسم الفنانة الراحلة سناء جميل ومنى الصبان. ويشارك في الدورة
أفلام تسجيلية مثل، «الأنفاق» للمخرج مؤمن عبدالسلام الذهب ومحمد مصطفى، و
«محمدي صانع السعادة» إخراج محمد عطية.
تبدأ العروض يوم 22 نيسان الجاري بعرض 11 فيلماً، منها «فلول وطعيمة»
للمخرج ماهر عصام و «دهمش 25» لمهند دياب و«بسكلتة» لأحمد هشام و «النداهة»
لهيثم عبدالحميد و «بحار» لمصطفى محمد. ويعرض اليوم التالي 13 فيلماً منها،
«عفواً إنها اليوجا» لشادي العناني و «تحية طيبة وبعد» لجون أكرم و «محطة
مترو» لمحمد كرارة و «فيلم حركة» لسارة زريق و «صانع السعادة» لمحمد عطية.
ويشهد يوم الأربعاء 24 نيسان عرض 12 فيلماً منها، «أنا والأجندة» لنيفين
شلبي و «اللاوعى» لمروان مصطفى و «الوسادة» لمحمد التونسي، وتختتم فعاليات
المهرجان يوم 25 نيسان، حيث يتم توزيع الجوائز وتكريم المبدعين.
وتكريماً لمساهمته الكبيرة في إغناء الحقل الفني بعامة والسينمائي على
وجه الخصوص، تقرر إطلاق اسم يوسف شاهين على قاعة عرض سينمائية أثرية في
فرنسا.
وأوضحت شركة «مصر العالمية للسينما» في بيان صحافي أنه تقرر إطلاق اسم
مؤسسها المخرج المصري الراحل يوسف شاهين على إحدى القاعات الأثرية في مجمع
سينما الأقصر «باليه لو لوكسر» في العاصمة الفرنسية باريس. ليضاف هذا
التكريم إلى سلسلة تكريمات حظي بها مؤسسها الراحل الذي يعد أحد أبرز مخرجي
السينما في مصر وحاز جوائز عالمية عدة وتم إطلاق اسمه على شوارع عدة في
مختلف بلدان العالم.
ويعد المجمع الفرنسي من بين أكبر مجمعات العرض السينمائي في باريس وتم
تشييده عام 1921 ثم أغلق موقتاً عام 1983 ليقسم إلى الكثير من صالات العرض
ومن المفترض أن يكون قد أعيد افتتاحه يوم 17 نيسان الجاري بعرض فيلم
«المصير» ليوسف شاهين الذي أنتج عام 1997 ويروي جانباً من حياة المفكر
الأندلسي المسلم ابن رشد (1126 - 1198).
وشيد مجمع العروض السينمائية الباريسي على الطراز الفرعوني بواجهة
كبيرة على شكل معابد مدينة الأقصر في جنوب مصر مزينة برسوم فرعونية كتلك
التي على جدران المعابد المصرية القديمة. وعهد إلى المعماري الفرنسي الشهير
فيليب بوامان تجديد وإحياء المجمع السينمائي بكلفة مقدارها 29 مليون يورو
مستخدماً أعمال الزجاج والموزاييك وديكورات ورسومات أعادت الحياة للمبنى
الأثري في قلب العاصمة الفرنسية.
ويقام على هامش الافتتاح الجديد للقاعة معرض يضم صوراً لمدينة الأقصر
الأثرية يمتد حتى 25 أيار (مايو) المقبل. قدم يوسف شاهين على مدار حياته 37
فيلماً طويلاً وخمسة أفلام قصيرة، وحاز عشرات الجوائز الفنية عنها، أبرزها
جائزة اليوبيل الذهبي من مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الـ50 عن
مجموع أفلامه عام 1997 كما منح مرتبة ضابط في لجنة الشرف من قبل فرنسا في
2006.
سعد الشرايبي بين أفلام الفن والموقف والمرأة
الدار البيضاء – مبارك حسني
لا يمكن الحديث عن السينما المغربية من دون التوقف عند سعد الشرايبي،
القادم من رحم السينما كثقافة وكموقف ثم كإعلان تعبيري ينبع من تصور خاص.
والحال انهم قلائل الأشخاص الذين يمكن نعتهم بهكذا صفة، في زمن ثقافي قل
فيه الانخراط السينمائي الحقيقي وكثر الإخراج «التقنوي» كحدث تكون نتيجته
اللاجدوى الكبرى بعد عروض قليلة. نسوق هذا الكلام ونحن نستحضر مسيرة
سينمائية بدأت من الأصل ومن الرحم الأول للسينما المغربية، حيث كانت الفكرة
مرافقة للفن، وكان الهمّ العام، السياسي والاجتماعي والثقافي، هو المحدّد
للإبداع رفقة الكتاب والشعراء والمسرحيين والتشكيليين.
وسط براكين السياسة
سعد الشرايبي من ثلة السينمائيين الذين وضعوا لبنات ثقافة مغربية
حديثة وأصيلة لما بعد الاستقلال، في الزمن السينمائي الوطني الذي رأى النور
في السبعينات. ولم يكن الأمر يسيراً بما أن البلد كان يموج في براكين
سياسية متلاطمة التعبير فيها عبر الصورة المتحركة لا يمر مروراً عادياً. هو
زمن الأندية السينمائية بما فتحته من إطارات في كل ربوع المغرب تُكوّن
الشبيبة على حب الثقافة والوطن من طريق السينما الفنية بروائعها التاريخية،
والسينما الملتزمة بأفلامها المنتصرة لقضايا التحرر والتقدم.
وكل هذا سيتجلى في أفلامه التي لم تكن مجرد تصوير ومواضيع وشرائط تبحث
عن التوزيع لا غير ومن دون أهداف بعدية. ففيها أقدار إنسانية تتصارع في
بيئة مغربية خالصة. بدءاً من مشاركته في إحدى المغامرات السينمائية الأولى
مع مخرجين آخرين، حين اتفقوا على إبداع فيلم مشترك يضعون فيه عصارة تصورهم
الخاص والمؤسس على قيم وأفكار، وتقديمه للجمهور كأساس لسينما نابعة من
الأرض المغربية ومعانقة للمشترك العالمي، فناً وأسلوباً. كان ذلك فيلم
«رماد الزريبة» الذي حُقّق في منتصف السبعينات، من قبل مجموعة ستكون، بما
لها وما عليها، وفيما بعد، هي التي أرست الفن السابع الذي نراه حالياً
حقيقة وواقعاً. وهذا يؤكد مشاركة المخرج في كل المحطات.
بعد ذلك أخرج شرايبي شريط المتوسط «غياب» وفيه سرد تتعدد فيه الشخوص
والأمكنة، ويرسم ملامح شخوص متحررة وأخرى ليست كذلك، لكنها جميعها ستؤثر في
ما سيأتي من أفلام. وبخاصة شخصية المرأة كوجود يسعى للكينونة الخاصة من دون
وصاية، في غمز واضح لفكرة أن تحرر المجتمع من تحرر الوطن. وهذا ما سيتجلى
بوضوح في رائعته «نساء ونساء» عام 1997. وهو عمل عن المرأة وحول المرأة،
كمرآة للمجتمع وهمومه ومشاكله وطموحاته وأعطابه، وذلك عبر صور متعددة ترافق
الأوضاع والطبقات المجتمعية المغربية بصفاتها وتكوينها. لقد نجح هذا الشريط
جماهيرياً ونقدياً، وساهم بقدر كبير في النقاش العام حول المرأة ومدونة
المرأة ما سيجد ذروته في المسيرات المليونية، الليبرالية من جهة والمحافظة
من جهة ثانية، والتي عرفها المغرب نهاية القرن الماضي، قبل «الربيع»
العربي. بدا «نساء ونساء» شهادة ووثيقة كبرى، لكن مع توخي التخييل وإبداع
شخوص وأحداث. فالشريط فوق راهنية موضوعه سبقه زمنه، هو شريط قطع مع ممارسة
فنية معطوبة كانت سائدة. فللمرة الأولى يشاهد شريط مغربي يلعب على تعدد
الشخصيات بذكاء واقتدار. وهو الأمر الذي كان الكل يتحسر على عدم وجوده. ما
يعني اليوم ان التمكن الحالي للسرد في أفلامنا، رغم بعض الهنات الشخصية
لمخرجين، لم ينبع من فراغ ولا من إضافات خارجية.
هذا الانخراط سيتكاثف في شريط قوي وصادم هو «جوهرة بنت الحبس». فيلم
عن سنوات الرصاص التي سميت بها فترة الشد والجذب تجاه المعارضة اليسارية
الحداثية والتقدمية. بذات التمكن والاقتدار المعروفين، تخيّل سعد الشرايبي
في هذا الفيلم، حكاية امرأة وحكاية مناضلين، وحكاية ترَعْرُع في السجن،
الرمزي والمادي، الوطن والزنزانة. وقد أضاف هنا من عندياته المُفكر فيها
والنابعة من ثقافته التي ذكرناها، التصور المنحاز لعدالة القضية وعدالة
الأفكار التي تروم الرقي بالإنسان المغربي وبالوطن. وقد فعل عبر سينما قرب
وتكثيف، اتسمت بإيقاع التأثير وتحريك العواطف تجاه ما يجب على الإنسان أن
يعتنقه في سبيل التحرر الفردي والجمعي. وأبرز تقنية شملت الأنوار الخافتة
والساخنة والداكنة التي تعم الشريط في إحالة لظلام سنوات لم يكن لها أن
تكون. وكالفيلم السابق، جاء الشريط في إطار جدال مغربي عام عن وجوب الحديث
عن هذه السنوات وعن إعادة الاعتبار للمناضلين، السجناء منهم والمفقودين
والشهداء، وجبر الضرر، والأهم ذكر مسؤولية الدولة عنها، هو ما تحقق وكان له
وقع كبير على الحدث السياسي المغربي خلال العشرية الأولى من القرن الحالي.
بعيداً من البراءة
واضح هنا، أن سعد الشرايبي رام إنجاز سينما غير بريئة ولا صورية
ومغرضة.. لا سينما تبغي الإثارة وتحريك طابوات من اجل التحريك لا غير. هو
مخرج يرافق الهم العام سياسياً قبل كل شيء. وسينماه اتت لتشارك وتساهم على
أعلى مستوى، من دون ان تكون سينما جمهور فقط وتسلية جماهيرية وإعلامية لا
أثر لها على الفاعل السياسي. وقد استمر في هذا حين أخرج أفلاماً أخرى جاءت
كي تؤكد الصوت العالي في الساحة العامة. وقد بدأها بشريط قوي وكبير عن فترة
الحماية الفرنسية. هو فيلم «عطش»، العمل الذي اتّسم بثلاثة أمور هامة،
أولاً كونه مُقتبساً من رواية لموحى العيد الذي توفي قبل رؤية الشريط.
وثانياً انه يصوّر الفترة بكامل مشهديتها، لباساً وأمكنة، ما يجعله يتبوأ
ريادة إلى جانب أشرطة أخرى قليلة جداً. وثالثاً كونه صُور في منطقة تعتبر
من أجمل المناطق لكنها مع ذلك تعتبر هامشية هي منطقة «تينجداد» في الجنوب
الشرقي الصحرواي النبيل، في منافسة شريفة سباقة لتوظيف جغرافي ومكاني
للإنتاج الأجنبي المنتشر في المنطقة والمناطق المجاورة، فالأولى أن يوظفها
مغربي ولكن برؤية مغربية خالصة. والشريط يضع الأصبع على تاريخ قريب واتسم
بجرأة محمودة، والحق أنه من الأشرطة التي لم تأخذ حقها في الريبرتوار
السينمائي المغربي. على الأقل كشهادة تنقل بلقطات جامعة متقنة العلاقة بين
المغاربة والوجود الفرنسي بما له وما عليه في عز المقاومة.
اما فيلمه الأحدث «إسلام يا سلام» فقد قارب معضلة الزواج المختلط
ومشكلة الثقافة المزدوجة الفرنسية- الغربية والمغربية- الإسلامية، وذلك في
إطار ما يعتمل في المجتمع من صدام بعد ان جاء البروز القوي لتيارات وأحزاب
بمرجعيات إسلامية ليؤثر كثيراً وبشكل حاسم جداً في كل طبقات المجتمع وأهله.
فبطل الشريط القادم من أوروبا والحامل لثقافتها في شكلها الحديث سيصطدم
بثقافة البلد لكن من الزاوية الجديدة، الشيء الذي سيخلق ارتجاجاً في عائلته
كنواة لمجتمع بكامله. وهنا أيضاً اختار الشرايبي منطقة أمازيغية جميلة جداً
بأرزها وثلوجها هي الأطلس المتوسط.
أما آخر أشرطته فتناول المرأة مجدداً، بعد سنوات من الحديث والنقاش
والجدال، وبعد بروز موضوعة المرأة في أفلام أخرى كمطية وكقدر. وبفضل كل هذه
الأفلام بات راسخاً أن هذا المخرج يشكل علامة بارزة في الثقافة المغربية
وفي الحياة المغربية منذ السبعينات. أعماله رافقت الظواهر الأبرز، وراحت
تشكل مواد أساسية للدرس والفهم والاعتبار. فنياً وأكاديمياً. وهو بفضل هذه
الأعمال برز بوصفه مخرجاً يعشق السينما ويعشق المغرب، ويعلن ذلك بالسينما
وبالمشاركة في النقاش وإبداء الرأي.
مشاركات سينمائية متنوعة في مهرجان الإسماعيلية الدولي
القاهرة - «الحياة»
بلغ عدد الأفلام التي تقدمت للمشاركة في الدورة السادسة عشر لمهرجان
الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، الذي يمتد من 4 حزيران
(يونيو) المقبل حتى 9 من الشهر ذاته، نحو 300 فيلم تمثل حوالى 40 دولة،
وتنوعت الأفلام بين روائي وتسجيلي. ويعد مهرجان الإسماعيلية أحد أعرق
المهرجانات في العالم العربي وأول المهرجانات العربية المختصة في الأفلام
الوثائقية والقصيرة، حيث بدأت أولى دوراته في عام 1991. ويترأس المهرجان
رئيس المركز القومي للسينما الدكتور كمال عبد العزيز، ليكون مهرجان
الإسماعيلية واحداً من ثلاثة مهرجانات سينمائية تنظمها وزارة الثقافة
المصرية. واختير السيناريست والمنتج محمد حفظي مديراً للمهرجان.
وتُقام مسابقات المهرجان في أربع فئات أساسية، هي: مسابقة الأفلام
التسجيلية الطويلة (60 دقيقة أو أكثر)، ومسابقة الأفلام التسجيلية القصيرة
(أقل من 60 دقيقة)، ومسابقة الأفلام الروائية القصيرة (أقل من 60 دقيقة)،
ومسابقة أفلام التحريك (رسوم - عرائس - غرافيك كومبيوتر). ويقدم المهرجان
أربع جوائز، هي: جائزة اللوحة الذهبية وتبلغ قيمتها 3000 دولار، وتُمنح
للمخرج الفائز بأفضل فيلم في كل قسم من أقسام المسابقة، وجائزة لجنة
التحكيم وقيمتها 2000 دولار، وتُمنح لفيلمين من الأفلام المشاركة في كل
مسابقة، وجائزة جمعية ACT
وقيمتها 5000 جنيه مصري وتُمنح لأفضل فيلم نسائي، وجائزة الجمهور التي
يختار فيها الحضور الفيلم الفائز.
والمهرجان يقام تحت إشراف وزارة الثقافة المصرية، ويجوز للمهرجان
الاستعانة برعاة وشركاء من المؤسسات الحكومية والخاصة، حيث يهدف المهرجان
إلى «الحوار بين الثقافات وتشجيع صناع الأفلام التسجيلية والقصيرة على
مواصلة الإبداع في هذا المجال». وينظم المهرجان خلال انعقاده، ندوات لأفلام
المسابقات ومناقشات بين المخرجين والجمهور والصحافيين والمختصين، كما تقام
ورش للتدريب على مهارات صنع الأفلام القصيرة والتسجيلية بالاشتراك مع
المهرجانات الدولية المشابهة أو المؤسسات الثقافية المختلفة. ويشترط في
الأفلام التي ستشارك في المسابقة الرسمية وخارجها، أن يكون تاريخ إنتاجها
العام السابق للمهرجان حتى تاريخ غلق باب الاشتراك، وأن يكون الفيلم مقاس
35 مم، سوبر بيتاكام أو ديجيتال بيتاكام (بال أو سيكام)، وناطقاً باللغة
الأصلية مصحوبة بترجمة باللغة الإنكليزية، على أن تكون نسخة الأفلام صالحة
للعرض.
وتتكون لجان التحكيم من رئيس وأربعة أعضاء، وجميعهم من السينمائيين
والنقاد والمفكرين والخبراء من بينهم عضو من مصر على الأقل، على أن تحدد
لجنة التحكيم القواعد المنظمة لعملها. وستقام سوق للأفلام الروائية القصيرة
والأفلام التسجيلية للمرة الأولى يشارك فيه عدد كبير من الموزعين وشركات
توزيع الأفلام على مستوى العالم لتسويق هذه النوعية من الأفلام على هامش
المهرجان.
والمعروف أن مدينة الإسماعيلية تحتضن هذا المهرجان طوال 15 دورة من
عمره، وهي إحدى أجمل المدن المصرية التي تطل على خليج وقناة السويس
الواصلين بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، لتكون همزة وصل بين الحضارات
كما فعلت قناة السويس طوال ما يقارب من قرن ونصف القرن من الزمن، حيث تأسست
المدينة في عهد الخديوي إسماعيل الذي حملت اسمه، وذلك تزامناً مع افتتاح
القناة عام 1869، وصممت على الطراز الفرنسي بطابع كولينالي، ولا تزال
شوارعها الأساسية تحتفظ بهذا الطابع التاريخي. ويتركز نشاطها الاقتصادي في
السياحة والزراعة والأعمال الخاصة بالقناة، ويعتبر المهرجان جزءاً من
نسيجها الثقافي المحلي.
الحياة اللندنية في
19/04/2013
المصرية في
18/04/2013 |