حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الفيلم التركي "برج المراقبة": مرارة التجربة

أمير العمري

 

شاهدت الفيلم التركي "برج المراقبة" Watch Tower للمخرجة بيلين أسمر في مهرجان روتردام السينمائي الأخير، وكان من ضمن أفلام المسابقة الرسمية للمهرجان المخصصة للأفلام الأولى والثانية لمخرجيها

وكنت قد التقيت بالمخرجة قبل أربع سنوات في روتردام أيضا عندما جاءت لعرض فيلمها الروائي الطويل الأول (10 من 11) الذي تعتبره بعض المصادر السينمائية خطأ فيلما تسجيليا، وهو الفيلم الذي حصل على عدد من الجوائز في مهرجانات السينما العالمية، ويصور ولع رجل مسن (هو في الحقيقة العم الحقيقي للمخرجة) باقتناء المطبوعات ويمتلك مكتبة هائلة مليئة بآلاف الكتب والدوريات القديمة التي تعكس تاريخ مدينة أسطنبول، لكنه يصاب بصدمة كبرى عندما يصبح مطلوبا منه مغادرة ذلك المكان الذي يضم مكتبته التي عاش معها منذ شبابه.

كان هذا الفيلم الذي برعت مخرجته في إدارة الممثلين فيه، كما أجادت في الانتقال بين الخاص (الحالة النفسية للرجل وكيف يتأثر بفاجعة التخلي عن تاريخه) وبين العام (مدينة أسطنبول الحديثة وما يحدث لها من تغيرات الآن تلقي بظلالها على البشر بقسوة)، وكان تركيزها منصبا على تصوير الشخصية أكثر من اهتمامها بالإدانة الاجتماعية أو السياسية.

بيلين أسمر تعود في فيلمها الثاني "برج المراقبة" لكي تمد تجربتها الأولى على استقامتها من خلال موضوع يتميز أولا بالجرأة، كونه يطرح كيف تعامل المرأة في الريف التركي، وكيف يمكن أن تؤدي المعاملة السيئة والضغوط الاجتماعية القاسية والقمع البطريركية والسيطرة الذكورية داخل العائلة، إلى عكس ما يرمي إليه عادة ذلك "التزمت" في المعاملة. لكن هذا الجانب لا يعالج على نحو مباشر ولا يتم التركيز عليه كثيرا من جانب المخرجة. إنه قائم هناك طوال الوقت، نلمحه في كثير من المواقف والشذرات وأساسا من خلال شخصية "العم" القهرية التي تلجأ إليه ابنة شقيقه بعد أن تركت تعليمها الجامعي لكي تكسب عيشها بنفسها بعد أن عجزت أسرتها عن الإنفاق عليها، فتذهب للعمل كمرشدة للسياح لدى شركة تسيير حافلات سياحية في منطقة جبلية بتركيا، وتقيم عند هذا العم الذي يطلب منها أن تكف عن العمل كمرشدة سياحية بعد أن يلمح تعرضها لمطاردة السائق الذي يبدو أنه يجدها كفتاة وحيدة، لقمة سائغة، لكنه ليس أفضل حالا من السائق- كما سنعرف فيما بعد.

نحن أمام فتاة تمردت على التقاليد: إنها تخفي عن أسرتها طبيعة عملها. وعندما تعلم أمها يجن جنونها (المرأة التقليدية ليست أقل سوءا من الرجل هنا!).. كما يرغمها عمها على ترك العمل في الحافلات والبقاء لمساعدته في إدارة المطعم الذي يستأجره ونعرف أيضا أنه متأخر عن سداد قيمة إيجاره لصاحبه.. هذا العم الذي يبدو وكأنه يقدم مساعدة جليلة لإبنة أخيه، سرعان ما نعرف أنه وغد حقيقي، فقد استغل وجود الفتاة (ساهر) في منزله في غرفة تقع في الطابق السفلي (تحت الأرض)، وقام باغتصابها مما أدى إلى ما أصبحت عليه الآن.

إنها تختبيء عن العيون بعد أن أصبح حملها ظاهرا للعيان. أمها التي لجأت إليها لا تستطيع تحمل وقع الصدمة فتلفظها، لكي تعود وتضع وليدها الذي تعتبره (الطفل الحرام) غير المرغوب فيه، فتتخلى عنه وتتركه في الغابة ذات ليلة من تلك الليالي المظلمة العاصفة.

من جهة أخرى هناك (نيهات) الحارس الذي يقيم في كوخ بالغابة لمراقبة الحالة هناك ورصد أي حريق قد يشتعل فجأة بين الأشجار والإبلاغ عنه. لقد اختار نيهات العمل في هذا المكان المنغزل ورضي به راغبا في اعتزال الحياة والأهل والأصدقاء والصحبة والمدينة بعد أن تسبب في حادث أثناء قيادة سيارته مما أودى بحياة زوجته وولده (وهو ما سنعرفه فيما بعد). إنه يهبط من حين إلى آخر، إلى ساحة البلدة، قرب المحطة لكي يتناول الطعام أو يشرب الشاي في المطعم الذي تشرف عليه (ساهر).. وتلفت الفتاة نظره بسلوكها الغريب بل إنها تصاب ذات مرة بآلام مفاجئة لا تستطيع إخفائها وتهرع إلى حيث تضع مولودها بنفسها في غرفتها السرية.. وبعد قليل يراها تتسلل إلى الغابة القريبة فيتبعها ويرى ما يصيبه بالصدمة: لقد تركت طفلا رضيعا تحت شجرة وهجرته وسارت إلى حيث لا ندري.

يجد بيهات نفسه مشدودا إلى تلك الشخصية الحزينة الوحيدة الضائعة، يلتقط الطفل ويتابع الفتاة ويقنعها بأن تأتي للإقامة عنده في كوخه حيث يوفر لها الأمان والدفء ويتركها مع وليدها الذي تنفر منه وترفض أن تمنحه مشاعر الأم.

تدريجيا وبالدفع المباشر والرجاء والإغراء تقترب ساهر من وليدها.. إلى أن ترضى بأن تمنحه دور الأم لكن هذا لا يأتي سوى بعد مواجهات عنيفة مع بيهات: من أنت؟ ما شأنك؟ ولماذا تصر على ما تفعله؟ إنني لا أريده بل ولا أريد له أن يكبر ليعرف أنه طفل الحرام!

تفاصيل تلك العلاقة الغربية التي تنشأ بين شخصين معزولين يعانيان من الوحدة كأنهما ولدا اليوم ورمى بهما القدر في تلك البيئة الأولى البدائية: الغابة بأشجارها الباسقة، وأجوائها الغامضة، هي أكثر ما تبرع في وصفه وتقديمه المخرجة بيلين أسمر: اللقطات الصامتة (في الغابة الطبيعة هي التي تتكلم.. الطيور وأصوات الليل، الريح واهتزازات الأشجار).. وهي كما في فيلمها الأول، تنجح في استخراج أفضل ما لدى الممثلين: أولجون سمسك (نيهات) ونيللي إيردونمز (سهر).

الشخصيتان الحزينتان تقتربان تدريجيا، من فهم أزمة بعضهما البعض.. من التعايش معا بعد أن وحدت الأزمة بينهما. ربما تكون أيضا قد تولدت بعض المشاعر العاطفية بعد كل تلك المشاجرات والتشنجات من جانب ساهر التي كانت ترفض القبول بالحقيقة: حقيقة أنها أصبحت أما وأن عليها واجبا عليها القيام به

ليس هناك صراخ في الفيلم يحوله من مجال بصري للتأمل، إلى "ميلودراما" مليئة بالمبالغات والثرثرة، بل تأمل من بعيد، من خلال كاميرا تترك دائما مسافة بينها وبين الهدف المقصود في الصورة، وتتركنا كمشاهدين في لحظات تأمل للمأزق الإنساني، وليس كمتابعين لتطور الأحداث من الخارج، فلا توجد هنا "أحداث"، بل تصوير دقيق لـ"حالة" إنسانية ذات طبيعة خاصة، ترتبط بمجتمع لايزال يرزح تحت عبء قرون من التخلف، لكنه يسعى لتجاوزها بجدية. ولولا أن هناك محاولات للتجاوز لما أمكن أن يجتمع رجل مثل نيهات، مع إمرأة مثل ساهر في مكان من هذا النوع. من الطبيعي أنهما يتظاهران بأنهما قد أصبحا زوجين خصوصا عندما يأتي أحد زملاء نيهات في العمل لتفقد كيفية مسار الأمور في "برج المراقبة".

عنوان الفيلم يشير إلى ذلك الكوخ الواقع أعلى ربوة جبلية وسط الغابة، حيث يقضي نيهات معظم وقته. إن كل صلته بالعالم تتم من خلال شيئين: المنظار الذي يتطلع من خلاله إلى الغابة الممتدة إلى ما لا نهاية أمامه، وجهاز الاتصال اللاسلكي الذي يتواصل من خلاله مع رئيسه في العمل ويوالي تزويده بالتقارير الموجزة عما يراه.

هذه العزلة أعلى الجبل، توازيها عزلة سهر أسفل منزل العم، في الطابق تحت الأرضي حيث تخفي حملها المحظور

هناك لقطات شديدة الجمال للغابة، للحظات اللهاث وسط الأشجار، لليال تستيقظ فيها الذئاب لتعوي ولا يمكن للمرء أن ينام إلا بعد إشعال النار في الحطب من شدة البرد. ومن معالم أسلوب الإخراج عند بيلين أسمر أنها تربط دائما بين المكان بطبيعته الخاصة، وبين الشخصيات، بحيث لا ينحرف المتفرج بعيدا عن تلك الحالة الإنسانية التي يرقبها على خلفية من المكان أو في قلب المكان. إن الغابة مرادف للمكان الذي يخفي في جوفه الأسرار، مكان يتخفى فيه الإنسان لكي يخفي ما لا يرغب في البوح به: فهل كان من الممكن أن تقوم علاقة بين نيهات وسهر في مكان آخر مفتوح في المدينة!

في فيلم كهذا تطغى اللقطات المتوسطة والبعيدة مع ندرة من اللقطات القريبة. إننا لا نقترب كثيرا من الشخصيات إلا في لقطات معدودة مثلما نرى في اللقطة التي تقوم فيها ساهر بإرضاع وليدها للمرة الأولى أمامنا مباشرة. هنا نصل إلى ذروة الإحساس بالجمال، بجمال المشاعر الإنسانية في تبدلها وتغيرها وإتساقها مع الطبيعة.

وفي فيلم "برج المراقبة" الكثير من الدروس الأخرى لكل من يريد أن يرى ويتعلم!

جنيف وجديد السينما العربية بمهرجان الفيلم الشرقي

ضـاويـة خـلـيفة 

على مدار عشرة أيام كاملة ستتجلى مظاهر التنوع الثقافي والحضاري للعديد من الدول ليكتشف الجمهور -على مختلف توجهاته و انتماءاته- ومن بوابة جنيف السويسرية جديد السينما العربية والعالمية في مهرجان جنيف الدولي للفيلم الشرقي وذلك في الفترة الممتدة من 12 أبريل إلى 21 من نفس الشهر، إذ ستضاء سماء جنيف اعتبارا من سهرة الغد بنجوم السينما الشرقية وبأحدث الأفلام العربية بعدما تميزت في عديد المهرجانات، فمن المرتقب أن يعرض حوالي 60 فيلما في كل الأصناف في دورة ترتكز على لبنان كضيف شرف ليكون الاحتفاء هذه السنة بالموجة الجديدة من سينمائييها، حيث سيتم إبراز مدى هيمنة وتأثير الحرب على السينما اللبنانية مرورا بالاتجاهات أو التوجهات الجديدة التي ظهرت وهو ما سيتجلى في الأفلام المختارة لتعرض على الجمهور في هذه الطبعة التي تقدم واقع واحد برؤى مختلفة بكثير من الدقة والجمالية.

المهرجان الدولي للفيلم الشرقي الذي ستتوزع نشاطاته على بعض المدن الفرنسية والسويسرية على غرار لوزان و فيرسوا يأتي بتنظيم من جمعية المهرجان الدولي للفيلم الشرقي ومديرية الثقافة لمدينة جنيف بالتعاون مع العديد من الشركاء والمؤسسات التي تسعى لترقية الفعل السينمائي، واطلاع كل الأطرف على مستجدات الساحة السينمائية باستعراض التجارب الناجحة لتحقيق هدف واحد والوصول إلى طموح مشترك وهو الارتقاء بالفعل والصناعة السينمائية.

و قد أكد المخرج الجزائري والمدير الفني للتظاهرة "طاهر حوشي" أن فلسفة المهرجان هي جعل جنيف قطب سينمائي وملتقى سنوي للمبدعين والمخرجين الذين بإمكانهم منح الأخر فرصة التعرف والإبحار في قلب المجتمعات الشرقية بطريقة فنية وجمالية وهذا لن يكون إلا بعرض أهم وأحسن الأفلام العربية المنتجة حديثا والتي أثبتت تميزها وتألقها على كل الأصعدة بحضور متميز ومشرف للسينما العربية من أقصى المحيط إلى أقصى الخليج، كما تحدث حوشي في تصريح للجزيرة الوثائقية عن الأهمية التي توليها محافظة المهرجان لصنف الوثائقي باعتباره وسيلة للتفكير والتحليل خاصة في الوقت الراهن أين تشهد العديد من دول العالم صراعات وأزمات على نطاق واسع، وبالتالي يسمح هذا الجنس الإبداعي للمخرجين من تقديم رؤى وتحاليل مختلفة لواقع أو موضوع واحد، كما يمنح للجمهور مساحة لفهم تلك الوضعيات المتداولة يوميا على مسمعه ومرآه والتي يستحيل عليه تجاهلها، ولهذا تم برمجة عشرة أفلام وثائقية هذا العام يقول -طاهر حوشي- نذكر منها "القوسطو" لصافيناز بوزبية (الجزائر)، "ديقاج" لمحمد زران (تونس)، "مرسيديس" لمارك زكاك (لبنان)، "الأزهار السوداء" لهيلان ميلانو (فرنسا)، "الشاي و الكهرباء" لجيروم لومار (فرنسا بلجيكا)، "نكتة على الهامش" لفانيسا روسيلوت (فلطسين-فرنسا)، أما في صنف الأفلام الطويلة فستعرض في الدورة الثامنة من المهرجان تسعة أفلام من بينها "فضل الليل على النهار" للمخرج الفرنسي "ألكسندر أركادي" المأخوذ عن رواية الأديب الجزائري ياسمينة خضرا الحاملة لنفس العنوان، "المعلم" للمخرج التونسي محمود بن محمود، "وقت الثانية" للارا سابا و"تنورة ماكسي" لجو بوعيد من لبنان، "يما" لجميلة صحراوي و"التائب" لمرزاق علواش من الجزائر، "شتاء السخط" للمصري إبراهيم البطوط، "يوم و ليلة" للمغربي "نوفل براوي"، "وجدة" لهيفاء المنصور من السعودية، "المغترب" للوتشينو فيسكونتي (فرنسا- ايطاليا)، "مغربي في باريس" لسعيد ناصيري، و"الطريق إلى كابول" لابراهيم شقيري من المغرب، "الشام" لماسي مرقان من مصر "طاكسي البلد" لدانيال جوزيف،  "كل يوم عيد" لديما الحر من لبنان، كما سيعرض بالمناسبة أزيد من 12 فيلم قصير "استرخاء في صبيحة السبت" لصوفيا جما،"سكوار بورسعيد" لفوزي بوجمعة و"الجزيرة" لأمين سيدي بومدين من الجزائر، "لماذا أنا" لأمين شيبوب و"أزهار تويليت" لوسيم القربي من تونس، "الى بعلبك" لسمير سيرياني من لبنان..، هذا وتضم لجنة تحكيم الأفلام الطويلة  كل من الإعلامية والكاتبة السويسرية "لورانس ديونا" رئيسا، الكاتب الجزائري "زيدان مريبوط"، المنتجة والمخرجة التونسية "نجوى سلامة"، "عمر زهران" مدير قناة نيل سينما المصرية، والممثل الفرنسي "غوينول دولوز" أعضاءا، أما لجنة تحكيم الفيلم الوثائقي فتتكون من المخرج السويسري "لورون غراينيشار" رئيسا، الموريتاني "محمد محمود ولد محمدو" والإعلامية السويسرية "ماريون موصادق"، في حين يترأس لجنة تحكيم الأفلام القصيرة الممثل والمنتج الجزائري "فوزي صايشي"، وتضم لجنته كل من "بادية الكوتيت" رئيسة جمعية ترقية حقوق الإنسان بالمغرب، و كذا المخرج "صالح غامكين"، بينما تترأس لجنة تحكيم مسابقة الشباب "عايدة حمودة". 

كما تم برمجة بالموازاة مع العروض السينمائية عدد من اللقاءات والندوات من بينها ندوة بعنوان "دور المرأة في الثورات الشرقية" والتي ستتبع بعرض الفيلم التسجيلي "ليلى وهالة وكريمة عام في القاهرة الثائرة" للمخرجين المصري أحمد عبد المحسن و السويسري ادوارد ارنه، وكذا مائدة مستديرة بعنوان "ذاكرة العنف، عنف الذاكرة" يديرها كل من مخرج "الصين لا تزال بعيدة" الجزائري "مالك بن إسماعيل"، والمخرج اللبناني "لقمان سليم"، أما ثالث لقاء فسيكون مع "عمر زهران" مدير قناة النيل تي في سينما و سيخصص لموضوع "الثورة، الديمقراطية والإعلام بمصر"، في حين سيتمحور صلب الورشة التي ستخصص للنقد السينمائي، أين سيتم الحديث عن تاريخ النقد وأنماطه مع تحاليل و نماذج نقدية فيلمية تحت إشراف "طاهر حوشي"، وبما أن السينما اللبنانية ستكون هذا العام ضيف شرف المهرجان بعد تألقها في السنوات الأخيرة وبروز موجة جديدة من المخرجين الذين قدموا أعمال سينمائية مميزة حققت في ظرف قياسي خطوات متقدمة كالقادمة من عالم الفيديو كليب "نادين لبكي" التي سبق و أن شاركت بفيلم هلأ لوين بالمهرجان ذاته السنة الماضية، ولأجل كل ذلك تم برمجة لقاء بعنوان "السينمائيين اللبنانيين الشباب" بحضور كل من "جود بوعيد"، "لارا سابا"، و"دانيال جوزيف".

 للإشارة فانه تم برمجة العديد من الأنشطة الموسيقية والفنية والمعارض على هامش المهرجان الدولي للفيلم الشرقي كتأكيد على أن السينما فن يشتمل ويحوي كل الفنون الأخرى دون إهمال الأهداف الرئيسية للمهرجان والمتمثلة في ترقية السينما وتجسيد حوار الحضارات من جنيف السويسرية.

الجزيرة الوثائقية في

11/04/2013

 

«مين بيقول الحق» لا ينافس هانى رمزى وأحمد آدم لأنهما رجلان وأنا امرأة

دوللى شاهين: التمثيل أصعب من تقديم البرامج

احمد فاروق 

تخوض الفنانه اللبنانية دوللى شاهين لأول مرة تجربة التقديم التليفزيونى من خلال برنامج «مين بيقول الحق» الذى يعرض حاليا على قناة «القاهره والناس»، لتلحق بذلك زملاءها الفنانين الذين امتهنوا مؤخرا التقديم التليفزيونى.. ورغم أن الموسم الأول لم ينته إلا أنها بدأت فى تسجيل حلقات الموسم الجديد.

وعن هذه التجربة تقول دوللى: أنا لست مذيعة، ولم أفكر أبدا أن أخوض تجربة تقديم برنامج تليفزيونى، ولكن عندما عرضت على الفكرة وشاهدت الموسم الأول للبرنامج الذى قدمه الفنان أمير كرارة، وجدت الفكرة خفيفة جدا فهو حتى ليس برنامجا فنيا وإنما تعتمد فكرته بشكل أساسى على الألعاب والدم الخفيف.

فقررت أن أخوض التجربة، واذا أحبنى المشاهدون فى هذه المنطقة سأستمر، ولأن ردود الأفعال جاءت مبشرة قررت إدارة القناة انتاج موسم ثان للبرنامج وبالفعل أقوم بتصويره حاليا.

·     < البعض قد يفسر تقديمك برنامج تليفزيونى بأنه هروب من حالة الركود التى أصابت الوسط الفنى؟

ــ هذا ليس صحيحا، وأجزم أننى كنت سأرفض البرنامج إذا لم تعجبنى فكرته، وليس هناك فنان عاقل يمكن أن يقدم تجربة يمكن أن تفشل وتؤثر عليه بالسلب لمجرد أن هناك حالة من الركود اصابت السينما، فأنا أبدا لا أفكر بهذا المنطق، ولولا أن فكرة البرنامج أعجبتنى لما وافقت عليها.

والحمد لله أننى بعد أن انتهيت من تسجيل الموسم الأول، تم ترشيحى للبطولة أمام الفنان محمد سعد فى فيلم «تتح» الذى يتبقى لنا فيه يوم تصوير واحد بالإضافة إلى الأغنية الدعائية للفيلم التى سيتم تصويرها بالغردقة الأسبوع القادم.

·        < ما الذى استفدته من تجربة «مين بيقول الحق»؟

ــ الحقيقة أننى لم أشعر برهبة الوقوف أمام الكاميرا لأنى ممثلة ومطربة واعتدت ذلك، ولم أجد فرقا كبيرا بين التمثيل وتقديم البرنامج الا فى التفاعل مع الضيوف وإدارة الحوار معهم.

أنا شخصيا أرى أن من يستطيع التمثيل وينجح فيه، يسهل عليه تقديم أى شيء، لأن التمثيل أصعب مهنة فى نظرى، لأنه يتطلب دائما أن أقدم شخصية غريبة ومختلفة عنى، لكن فى البرنامج ظهرت بشخصية دوللى شاهين الحقيقية وهذا أسهل كثيرا.

·     < هل تشعرين انك فى منافسة مع الممثلين الذين يقدمون برامج مثل هانى رمزى وأحمد آدم ومايا دياب أم فى منافسة مع مقدمى البرامج بشكل عام؟

ــ لا أرى أن هناك منافسة بينى وبين أحمد آدم وهانى رمزى لأنهما رجلان وأنا امرأة، أما فيما يتعلق بمايا دياب فكانت شهرتها من البداية كمذيعة ثم بعد ذلك كفنانة، وفى هذه الحالة أيضا لا تجوز المنافسة أو المقارنة لأننى فنانة قبل أن أكون مذيعة.

وبشكل عام أنا لم أفكر فى المنافسة، فأنا فكرت فى نفسى فقط وأن أصنع برنامجا مختلفا يعجب الجمهور.

·        < هل تجربة التقديم قاصرة على «مين بيقول الحق» أم ستستمرين فى هذا المجال؟

ــ تقديم البرامج ليست وظيفتى، لذلك لا أشغل نفسى بتقديم برامج أخرى بعد «مين بيقول الحق»، لكن إذا عرضت على فكرة برنامج افضل من «مين بيقول الحق» مؤكد أننى لن أرفضها.

الشروق المصرية في

11/04/2013

 

قال إن الحكومة تشعل البلاد

خليل مرسي: مصر علي وشك الانهيار

حوار : علاء عادل: 

تعلق عشقه للمسرح منذ صغره حين كان يقلد أساتذته وزملاءه في المدرسة الابتدائية، وبالرغم من التحاقه بكلية الزراعة إلا أن حلمه ظل يراوده، وسار معه كظلة ينتظر اللحظة المناسبة حتي يخرج إلي النور،

فقدم العديد من المسرحيات علي مسرح الجامعة، وبعد تخرجه وتجنيده في القوات المسلحة لمدة 7 سنوات لم يتنازل عن حلمه فدرس المسرح في إيطاليا أثناء سفره ضمن فريق منظمة الفاو حينما كان يعمل كمهندس زراعي، وبعد مرور 16 عاما قرر تحويل مساره الي ممثل وأستاذ تمثيل وإخراج حيث التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ومن بعدها الي ممثل بالمسرح القومي حيث تنوعت أدواره بين الخير والشر وتقديم العديد من المسرحيات المهمة منها «أهلا يا بكوات» و«الزير سالم» و«مصرع جيفارا» وغيرها من المسرحيات التي اشترك فيها مع الفنان محمد صبحي مثل: «لعبة الست» و«سكة السلامة» و«كارمن و«ماما أمريكا»، وفي التليفزيون شارك كبار النجوم مثل الفخراني ونور الشريف في «أبوالعلا البشري» و«لن أعيش في جلباب أبي» و«الفنار» و«المجهول» و«رجل الأقدار» و«فارس بلا جواد» فارتبط اسمه بالأعمال المهمة والمائدة الرمضانية كل عام.

وعن آخر أعماله وأحوال المسرح والبلد تحدث الفنان خليل مرسي وزير الثقافة والفنون بحكومة الوفد الموازية وكان معه هذا الحوار:

·        < ما الجديد الذي تقدمه في دراما رمضان هذا العام؟

- أشارك هذا العام في أكثر من عمل درامي حيث اشترك مع المخرج محمد فاضل في مسلسل «ويأتي النهار» وأقدم فيه شخصية صحفي يتعرض للتعذيب من قبل النظام السابق علي أيدى أمن الدولة، وينتهي العمل بقيام الثورة، ويشارك في البطولة عزت العلايلي وفردوس عبدالحميد. كما انتهينا من تصوير الجزء الأخير من «ونيس والعباد وأحوال البلاد»، وأصور حاليا مسلسلين هما: «خلف الله» مع الفنان نور الشريف والمخرج حسني صالح وتأليف زكريا السيلي، وأجسد دور رجل ابنه يمرض ويذهب لخلف الله «نور الشريف» ليشفي له ابنه حيث معروف أنه رجل صالح يشفي المرضي، كما أصر مسلسل «خيبر» تأليف يسري الجندي وإخراج محمد عزيزية وأجسد شخصية سعد بن عبادة أحد الشخصيات الإسلامية المهمة والمعروفة.

·        < ما الفرق بين مسلسل «خيبر» عن نظيره من الأعمال التاريخية؟

- هذا العمل سوف يعيد مصر مرة أخري الي صدارة الأعمال التاريخية، بعد أن أصبحت متراجعة كثيرا فيشارك في البطولة أكثر من 180 فنانا، ورصد ميزانية ضخمة وتوفير الامكانيات اللازمة والديكورات فهو في مجمله عمل محترم له رسالة وهي توضيح الفرق بين الإسلام الحقيقي وما نشاهده الآن.

·        < هل يمكن أخونة الفن؟

- أخشي علي الدولة من خطر الأخونة ولكن الفن لا يمكن أخونته، وهذا ليس معناه أن نقدم أعمالا مبتذلة، فمصر دولة مدنية والأخونة أمر جديد علينا، فالفن يدعو الي كل ما هو جيد وراق ويدعو الي الأخلاق وأنا أعلم الطلبة الأخلاق قبل الفن فالأخونة ليست من أجل إصلاح المجتمع لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح والعمل الجيد سوف يثبت نفسه والأعمال المبتذلة ستتراجع.

·        < كيف تقيم دور وزارة الثقافة في مساندتها للفن؟

- دور وزارة الثقافة به «ميوع»، وهذا واضح في الأحداث الأخيرة من منع عروض أو مساندة فنانين، والمسئولون يمسكون بالعصا من النصف لينضموا الي الجهة الرابحة فالمسرح القومي لم يكتمل حتي الآن ولا أعرف من له المصلحة في ذلك؟ ولو بحثنا عن أسباب حريقه سنكتشف الكثير فالفاعل مازال مجهولا بعد سنوات عديدة من حرقه.

·        < وهل الوضع الحالي يسمح بمسرح جيد؟

- الظروف العامة لا تساعد علي وجود مسرح فهو أخطر منبر موجود، ولكنه يظهر علي استحياء ففي فترة من الفترات كنا نقدم مع الفنان محمد صبحي 4 روايات ومن ضمنها مسرحية «ماما أمريكا»، فكان ضمن أحد المشاهد يقوم بتقليد حسني مبارك ولكن عند سافرنا الي إحدي الدول العربية لم يقدم هذا المشهد حتي لا يسيء الي مصر.

·        < وما رأيك في تقييد الحريات في عهد الإخوان؟

- إنهم يضعون النار بجانب البنزين، والإسلام لم يقل ذلك، فهم يريدون إشعال نار حرب أهلية ولتكن إذن، حتي نقضي علي نظرات الاستعلاء التي أصبحوا ينظرون بها الي الشعب، وكأنهم هم فقط من يفهمون في الدين، لقد قمت بالصلاة في 4 أركان الكعبة وحججت بيت الله الحرام مرتين وقمت بـ10 عمرات فما الذي يعرفونه عن ديننا ولا نعرفه؟ ألم يقل الرئيس قوموني إذا أخطأت أم أن السلطة والكرسي تغير الأشخاص، أنا أتعجب من استدعاء الإعلاميين وفرض القيود التي أصبحت موجودة.

·        < كيف نعبر بمصر إلي بر الأمان؟

- لابد أن تجتمع القوي الوطنية مع النظام الحاكم ليتوصلوا الي حل لمصلحة البلد، لأننا لو استمررنا علي تلك الحال سوف تنهار مصر خلال 3 شهور وحينها يكون الخلاص في القوات المسلحة التي إذا نزلت الشارع ستجلس المواطنين في بيوتهم، ونحن نريد لهذا الوطن أن يظل رافع رأسه فأتمني أن تكون الورقة الأخيرة هي تدخل الجيش.

الوفد المصرية في

11/04/2013

 

ينتظر عرض فيلمه «أسوار القمر»

آسر ياسين لـ «النهار»: الشعب المصري العاشق للفنون.. كان وسيظل داعماً للمبدعين

القاهرة - أحمد الجندي 

بعد إجازة زواج قصيرة لم تستمر سوى أيام قليلة عاد النجم الشاب آسر ياسين لاستكمال تصوير فيلمه السينمائي الجديد «فرش وغطا» مع المخرج أحمد عبد الله، ومن المنتظر أن يستغرق التصوير الذي يتم بأحد أحياء القاهرة القديمة عدة أيام، يعود بعدها المخرج ليستأنف تصوير بعض المشاهد داخل الاستديو، وبعد الانتهاء تماماً من هذه المشاهد تبدأ العمليات الفنية الأخرى للفيلم حتى يكون جاهزا للعرض خلال موسم إجازة منتصف العام الدراسي في نهاية شهر يناير المقبل.

وحول تفاصيل أكثر عن الفيلم قال آسر ياسين في تصريحات خاصة لـ «النهار»: أوشكنا على الانتهاء تماماً من التصوير ولم يتبق لنا سوى مشاهد قليلة بعدها تبدأ مرحلة المونتاج وباقي العمليات الفنية الأخرى، والفيلم كما هو معروف من تأليف وإخراج أحمد عبد الله وإنتاج السيناريست والمنتج محمد حفظي، ويشاركني بطولته يارا جبران وعمرو عابد وعدد كبير من الفنانين الشباب والكبار، أما موعد عرض الفيلم جماهيرياً فهو لم يتأكد بشكل قاطع إذا كان في موسم منتصف العام الدراسي أو سيتم تأجيل عرضه إلى موسم الصيف، وهي بالطبع أمور تسويقية ترجع أكثر إلى جهة الإنتاج والتوزيع.

ورفض آسر الكشف عن تفاصيل دقيقة خاصة بالفيلم وموضوعه غير أنه أشار إلى أنه يدور حول أحد الهاربين في موجة الانفلات الأمني عقب جمعة الغضب أثناء ثورة يناير، وأكد آسر على أن الفيلم يختلف تماماً عن الأفلام السابقة للمخرج والمؤلف أحمد عبد الله والتي لا تعتمد على سيناريو مكتوب بالكامل وكانت تعتمد على الارتجال الحر للممثلين أمام الكاميرا في إطار عام للقصة، ولكن في هذا الفيلم «فرش وغطا» كان لدينا سيناريو كامل مكتوب مسبقاً، وهذا بالطبع لا يمنع من أنه فيلم مختلف أيضاً في كثير من النواحي، حيث قمنا بتصوير المشاهد بطريقة مختلفة بعض الشيء وفي النهاية سيقوم أحمد عبد الله بتجميعها ومونتاجها وفقاً لرؤيته الخاصة كمخرج ومؤلف.

وأضاف آسر مشيراً إلى أن الفيلم أقرب إلى إنتاجات السينما المستقلة، عنه إلى الأفلام التجارية التي تحتاج إلى ميزانيات كبيرة، فالفيلم ميزانيته الإنتاجية غير مرتفعة ويعتمد أكثر على جودة الشريط السينمائي والقيمة الفنية أو السينما الخالصة بعيداً عن بعض توابل السينما التجارية. وحول الأزمة والضجة الهائلة التي أثيرت حول الفيلم عندما رفضت وزارة الأوقاف إعطاء تصريحات لفريق الفيلم لكي يتم تصوير بعض مشاهده داخل أحد المساجد وهو أمر عادي كان يحدث من قبل في أفلام كثيرة صورت داخل المساجد بلا أزمات، قال ياسين: هذه الأزمة انتهت الآن وأوشكنا على الانتهاء من تصوير الفيلم ولا أحب الحديث عنها لأنه كان أمرا محزنا أن تتغير المواقف والتوجهات من جانب بعض الجهات الرسمية ناحية الفن والإبداع، وعموماً نحن كفنانين لن نتوقف وسنظل نمارس مهنتنا وسنظل نمارس إبداعنا ونحن بكامل وعينا تجاه بلدنا ومشاكله وقضاياه التي لابد وأن نطرحها ونشير إليها، والشيء الوحيد الذي يجعلنا نتوقف ونبتعد عن هذا الطريق وعن مهنتنا هو أن يرفضنا الشعب أو الجمهور ويقول لنا إنه لا يريد فناً ولا إبداعاً ولا أعتقد أن هذا سيحدث يوماً لأن الشعب المصري عاشق للفن والإبداع منذ تاريخه القديم وسيظل هكذا شعباً واعياً مشجعاً للفنانين والمبدعين. وحول فيلمه «أسوار القمر» الذي تحول إلى لغز بالنسبة لجمهور السينما بسبب تأجيل عرضه أكثر من مرة قال آسر ياسين: بالفعل هذا الفيلم عانى العديد من التأجيلات أثناء تصويره وتجهيزه وعلى مدى 3 سنوات، وهو من الأفلام الكبيرة ذات الميزانيات الضخمة واحتاج عملاً كبيراً في مجال عمليات ما بعد التصوير والمؤثرات الخاصة ببعض المشاهد، فضلاً عن بعض الصعوبات التي واجهناها أثناء تصويرها بسبب الثورة وتوابعها ومن هنا احتاج الفيلم لوقت طويل حتى يخرج للنور، وأنا شديد الشوق لعرض هذا الفيلم الذي بذلت فيه مجهوداً كبيراً أنا وفريق العمل المنتج محمد حفظي والمخرج طارق العريان وزملائي النجوم منى زكي وعمرو سعد وأتمنى أن يحوز رضا جمهور ونقاد السينما عند عرضه لأنه من الأفلام ذات المستوى الفني المرتفع والتي اعتز بمشاركتي فيه.

النهار الكويتية في

11/04/2013

 

فيلم يعالج مسألة التطرف ونتائجه المأساوية

«الماء»: النساء ضحايا جهل المجتــمع

علا الشيخ - دبي 

أسباب عدة تجعل من العودة إلى الفيلم الهندي «الماء» الذي أنتج في عام 2005 مبررة، الفيلم للمخرجة الهندية الأصل الكندية الجنسية، ديبا مهتا، التي أعلنت على حسابها على «تويتر» انها ارادت زيارة الهند، لكن محبين لها حذروها من أن متطرفين هندوساً مازالوا يرغبون في جز عنقها، والسبب الآخر هو اختراع لطلاب وطالبات من جامعة مومباي «صدرية» تعمل على الكهرباء لمنع اي محاولة تحرش تتعرض لها الفتيات ، وستباع بثمن زهيد يتلاءم مع الجميع بعد حادثة تعرض فتاة هندية لاغتصاب جماعي قبل شهرين، اضافة الى موضوع التطرف الذي صار مادة دسمة للبرامج الفكاهية، ومع كل الذي سبق ستشهد الهند هذا الشهر الاحتفال بمرور 100 عام على انتاج أول فيلم هندي الذي حمل عنوان «راجا هاريششاندرا» لمؤسس الفن السابع في مدينة بومباي الهندية دهونديراج بهالكي الذي انتج في 21 أبريل 1913.

موضوع فيلم «الماء» الذي رشح للأوسكار ضمن فئة افضل فيلم أجنبي عام 2006، وهو من بطولة ليزا راي، وجون آبراشام، وسيما بيسواس، يتناول الأرامل من النساء المنتميات للديانة الهندوسية اللاتي يضطررن، بناء على عقيدتهن، الى حلق شعورهن مدى الحياة والاختباء في دار عبادة والخدمة فيها، ومبني على فكرة أن الناس يسيؤون استخدام الأديان في تحقيق مآربهم الشخصية والانغلاق عن حقائق الحياة الواقعية التي تحيط بهم، والأولى فهم روح الدين الصحيح واللجوء إليه لإصلاح الحال وتحقيق الخير للجميع، هذا النوع من التطرف حسب المخرجة لا يختلف عن التطرف في جميع الديانات، جميعها يلغي العقل.

الحيرة

يبدأ الفيلم بنص مقتبس من الديانة الهندوسية «الأرملة يجب أن تعاني لفترة طويلة حتى الموت، رابطة الجأش وعفيفة، الزوجة الفاضلة المتعففة منذ وفاة زوجها تذهب إلى الجنة، أما من لا تكون وفية له فستخلق من جديد في رحم ابن آوى».

تظهر بعدها شويا أول أرملة في الفيلم، طفلة صغيرة لم يتجاوز عمرها تسع سنوات، بريئة كانت تلعب مع أقرانها أمام المنزل، لتجد نفسها بين ليلة وضحاها عروساً مزينة بالحلي لعريس في عمر والدها، لم تعِ ذلك فهي فرحة بالثوب المطرز والطعام والحلويات الموجودة أمامها، وفي هذه الليلة وضحاها أيضاً تأتي والدتها إليها وهي نائمة، توقظها فتقول: «هل تذكرين تلك الليلة التي كنت فيها عروساً، لقد مات زوجك وآن لك الرحيل الى مكان آخر»، لم تفهم، لكنها وافقت على مرافقة والديها، وهي تلعب برجليها في الهواء، لتبدأ رحلة الحيرة في عقلها الصغير، منذ جز شعرها الطويل، وإقفال الباب منذ دخولها، تصيح أنها تريد العودة إلى المنزل هي خائفة، وقد استطاعت المخرجة فعلا تجسيد صورة الخوف عندما يكون طفلاً.

هذا المشهد تحديداً يدور في عام 1938، وهو العام الذي بدأ يبرز فيه حزب غاندي الذي كان من ضمن دستوره الدفاع عن حقوق المرأة ، ففي هذا الفيلم لا توجد لوحات راقصة كما حال اغلبية الأفلام الهندية، بل هو قصة وجود لكائن اسمه امرأة، عانى، ولايزال، الظلم الاجتماعي والتطرف الديني.

استغلال

دار الأرامل، وجدت في مدينة فارانسي الواقعة على نهر الكانج المقدس، هدفها إعطاء فرصة للأرملة للتكفير عن ذنب سبب موت زوجها، فوفاة الزوج حسب ديانتهم نتيجة لخطايا الزوجة، فالدار اذن هي خلاصها من هذا الذنب، وما يحدث في الدار لا يعرفه أحد من العائلة، حتى لو قررت مديرة الدار تحويلهن إلى غانيات لكسب المال إلى جيبها، وهذا الذي يحدث فعلاً في الفيلم، تشعر مديرة الدار البدينة والشريرة في ملامحها، بالسعادة عند وصول الأرملة الصغيرة، تشعر بأنها ستجني من خلالها مالاً وفيراً، لكن هذه الطفلة الصغيرة ببراءتها وشعورها الخفي بحقها في اللعب على الأقل تبدأ التمرد، لتظهر معها قصة الأرامل الأخريات اللاتي يحتضنها في البداية كي لا تعيش حياتهن.

فالأرملة حسب تعاليم هذه الديانة لديها ثلاثة خيارات «إما أن تدفن مع زوجها، أو تتزوج بأخيه إن قبل هو وقبلت العائلة، أو توضع في دار للأرامل تقضي فيه ما تبقى من عمرها». وهذا ما رفضته الأرامل الثلاث المتمردات، الطفلة شويا، والشابة الجميلة كاياني، الوحيدة غير المحلوق شعرها لأن مديرة الدار استغلتها منذ طفولتها، وشاكونتالا التي تذهب خلسة إلى واعظ ديني شاب تفهم منه الصحيح من الخطأ، وبناء عليه تحاول تمرير التفسيرات الظالمة للنساء.

مشاهد فقر الحيلة

نحن أمام عدد كبير من النساء الأرامل،المختلفة أعمارهن، بين الـ70 والتسع سنوات، حليقات الشعر، يرتدين قطعة قماش بيضاء خالية من أي تبرج، يمشين على خطوات واحدة ضمن قوانين الدار، يأكلن سوياً، ويتعبدن سوياً، ويطلبن كل ليلة الغفران على خطاياهن التي تسببت في مقتل أزواجهن، خطايا يحاولن قدر الإمكان تذكرها كي يشعرن بالراحة، وهذا هو العذاب الفعلي، كلهن أمام المديرة ماد هومالي، وصديقتها الوحيدة غولابي التي تساعدها على تسهيل عملها في الدعارة في اختيار الأرملة المناسبة، وهي تحلم دائماً بإجبار شاكونتالا الجميلة المرغوبة لدى زبائنها من الرجال الأغنياء، لكن شاكونتالا لفهمها لديانتها بشكل صحيح غير مبني على آراء المتطرفين، كانت تقاوم قدر استطاعتها.

رتم بطيء

نسق الفيلم بمشاهده وحواراته بطيء جدا، وكأن هذا مقصود من قبل مخرجته، فهي تحكي قصة نسوة يعشن في مكان واحد لا يغادرنه إلا لقبورهن، فمن الطبيعي أن تكون حياتهن بطيئة ومليئة بالقصص التي تروى بتأني لكسب وقت اضافي ربما لأمل قد يلوح، فترى امرأة تجلس في الزاوية تروي قصتها كل يوم، بأنها لم تكن تعلم نفسها خاطئة، لأن زوجها الذي مات كان يضربها كل يوم، لتصل الى نتيجة أنها بسبب حزنها من ضربه وعدم مغفرتها له عاقبها الله بموته، وكان يجب عليها ان تتحمل، لتأتي شويا، الأرملة الحديثة في الدار، وتجلس إلى جانبها لتؤكد لها أنها ستعود إلى حضن أمها ولن تكون مثلها، فهي لم تفعل شيئاً يستحق أن تبتعد عن حضن عائلتها، لكنها بعد مرور الأيام تصبح معتادة الدار وتنسى رويداً رويداً أن لها عائلة في الشارع القريب منها.

ماء وغاندي

مع كل هذا الحزن والعذاب النفسي والاستغلال الجسدي لهن من قبل تجار الدعارة وعلى رأسهم مديرة الدار، تظهر ملامح أمل لدى انتشار خبر وصول غاندي، وكأن في وصوله الهند خلاصهن، هن بعيدات جدا عما يحدث خلف سور الدار، لكن صيت غاندي استطاع اختراق كل الجدران، هن لا يفهمن معنى الحرية والعدالة والمساواة، لكن وقع الكلمات عليهن كان عذباً، أحببنه من دون شروط، ولم يخجلن بالبوح بهذا الحب، خصوصاً في العيد الوحيد الذي يسمح للأرامل في الهند الاحتفال بهن وهو عيد الألوان، يضحكن هذه المرة بشكل مختلف يتراشقن الصبغات على بعضهن بحب وفرح وأمل في غد يحررهن من هذا السجن، يرقصن وشويا الصغيرة ترقص معهن، و«الماء» عنوان الفيلم لم يختفِ لحظة عن الكاميرا، فهو يحيط بهن من كل صوب وجانب وكأنه املهن أو خلاصهن، ففكرة الماء في حد ذاتها هي فكرة الاستمرار، حتى لو تلوث هذا الماء أو نضب، بالعمل والأمل سيعود نقياً ووافراً، فسوء استخدام الفرد له ليس عيباً في ماهية الماء بل عيب في مستخدمه، هكذا هي الحكاية ببساطة.

التطرف قاتل

ظهور فكر غاندي وأتباعه كان في آخر الفيلم، ومع بداية نشوء علاقة بين كالياني، وناريان العضو في حزب غاندي، الذي يلتقيها مصادفة بعد هروب كلب شويا، فتذهب كالياني وشويا للبحث عنه لتجدانه في حضن ناريان، لأول مرة تشعر كالياني بالدم وقد تدفق في عروقها، لأول مرة تشعر بدفء من لمسة يديه وهو يسلمها الكلب، وهو بدوره أعجب بها من النظرة الأولى، مع شعرها المحلوق وقوامها التعب من شدة استغلاله جنسياً، وتبدأ معه نهاية الفيلم علاقة الحب بينهما، التي تكون شويا شاهدة على تفاصيلها، وأرامل الدار التعبات يدعمنها، لكن بوجود مديرة الدار الاستغلالية تسقط كل الأحاسيس التي لها علاقة بالأمل والحب، في حضرة التلويح فقط، وليس التنفيذ، بإخبار زعيم القبيلة الهندوسية بهذا التصرف المرفوض دينياً، حيث كانت بينها وبين الزواج من حبيبها خطوة، لكن الأعراف المتطرفة التي لا تتحاور إلا بلغة القتل والدم تقف عائقاً هذه المرة، ليس خوفاً على حياتها بل على حياة حبيبها، لتضع كالياني بعد ذلك حداً لكل هذا العذاب وتغرق نفسها، وصورة غاندي تلوح لها في الأفق، أن الحب سينتصر عاجلاً أو آجلاً مع أخريات لم يستسلمن للموت هرباً مثلها.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

11/04/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)